الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف

ابن المنذر

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة

ذكر كتاب فرض الطهارة قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري رحمه الله: أوجب الله تعالى الطهارة للصلاة في كتابه فقال جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين الآية

ذِكْرُ كِتَابِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ النَّيْسَابُورِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} الْآيَةَ، وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] الْآيَةَ، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ. وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِي إِلَّا بِهَا إِذَا وُجِدَ السَّبِيلُ إِلَيْهَا.

1 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ»

2 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا عَفَّانُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، ثنا سِمَاكٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ فَقَالَ: مَالَكَ لَا تَدْعُو لِي؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» وَقَدْ كُنْتُ عَلَى الْبَصْرَةِ

3 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّجَّارُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ إِذَا أَحْدَثَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمُ} [المائدة: 6] الْآيَةِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ فَدَلَّ قِيَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ وَصَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الطَّهَارَةِ عَلَى مَنْ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثًا دُونَ مَنْ قَامَ إِلَيْهَا طَاهِرًا

4 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَقَدْ -[109]- صَنَعْتَ شَيْئًا مَا كُنْتَ تَصْنَعُهُ. قَالَ: «عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ»

5 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ قَالَا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: قُرِّبَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزٌ وَلَحْمٌ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَيْءٍ فَوَاللهِ مَا وَجَدُوا، فَقَالَ: «أَيْنَ شَاتُكُمْ؟» فَأُتِيَ بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا فَحَلَبَهَا فَصَنَعَ لَنَا لَبَأً فَأَكَلْنَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، ثُمَّ دَخَلْتُ مَعَ عُمَرَ فَوَضَعْتُ هَاهُنَا جَفْنَةً فِيهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ وَهَاهُنَا جَفْنَةً فِيهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ فَأَكَلَ عُمَرُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَلَمْ تَزَلِ الْأَئِمَّةُ تَفْعَلُ ذَلِكَ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ إِلَى الْعَصْرِ وَإِلَى الْعِشَاءِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّهُ أَحْدَثَ لِذَلِكَ طَهَارَةً، وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى تَكْثُرُ فَدَلَّ كُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالطَّهَارَةِ مَنْ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثًا دُونَ مَنْ قَامَ إِلَيْهَا طَاهِرًا. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ تَطَهَّرَ لِلصَّلَاةِ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ -[110]- بِطَهَارَتِهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ حَدَثًا يَنْقُضُ طَهَارَتَهُ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يَقُولُ: نَزَلَتِ الْآيَةُ يَعْنِي قَوْلَهُ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] يَعْنِي إِذَا قُمْتُمْ مِنَ الْمَضَاجِعِ يَعْنِي النَّوْمَ

جماع أبواب الأحداث التي يدل على وجوب الطهارة منها الكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة قال أبو بكر: حمل فرض الطهارة مأخوذ إما من كتاب وإما من سنة وإما من اتفاق علماء الأمة. فأما ما علمته مأخوذا من الكتاب فهو يفترق على ثلاثة أوجه: فوجه منها يوجب الاغتسال،

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَحْدَاثِ الَّتِي يدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتِّفَاقُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُمِلَ فَرْضُ الطَّهَارَةِ مَأْخُوذٌ إِمَّا مِنْ كِتَابٍ وَإِمَّا مِنْ سُنَّةٍ وَإِمَّا مِنَ اتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ. فَأَمَّا مَا عَلِمْتُهُ مَأْخُوذًا مِنَ الْكِتَابِ فَهُوَ يَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فَوَجْهٌ مِنْهَا يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ، وَوَجْهٌ مِنْهَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الطَّهَارَةِ الَّتِي تَجِبُ فِيهِ. وَأَمَّا مَا عَلِمْتُهُ مَأْخُوذًا مِنَ السُّنَّةِ فَهُوَ يَفْتَرِقُ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَجْهٌ مِنْهُ يُوجِبُ

الِاغْتِسَالَ، وَوَجْهٌ مِنْهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، فَالْوَجْهُ الَّذِي يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْهُ يَفْتَرِقُ عَلَى أَوْجُهٍ ثَلَاثٍ: فَمِنْهَا مَا يَجِبُ بِخَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْ جَسَدِ الْمَرْءِ، وَمِنْهَا مَا يَجِبُ بِالطَّعَامِ يَنَالُهُ دُونَ سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ، وَمِنْهَا مَا يُوجِبُهُ زَوَالُ الْعَقْلِ بِالنَّوْمِ. وَأَمَّا مَا عَلِمْتُهُ مَأْخُوذًا مِنَ اتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فَهُوَ يَفْتَرِقُ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَجْهٌ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ، وَوَجْهٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَيَبْقَى نَوْعَانِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ جَسَدِ ابْنِ آدَمَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَرْكِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي. وَتَبْقَى أَبْوَابٌ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ يَدْفَعُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ تَكُونَ أَحْدَاثًا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ، وَيَدِّعِي آخَرُونَ أَنَّهَا أَحْدَاثٌ تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ، وَأَنَا ذَاكِرٌ تِلْكَ الْأَبْوَابِ بَعْدَ فَرَاغِي مِمَّا ابْتَدَأْتُ بِذِكْرِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.

ذكر وجوب الاغتسال المأخوذ فرضه من الكتاب قال الله جل ذكره: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا. قال أبو بكر: فأوجب الله عز وجل الاغتسال من الجنابة ودلت السنن الثابتة على مثل ما دل عليه الكتاب. واتفق أهل العلم على القول به قال: وأخبرني الربيع قال:

ذِكْرُ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ الْمَأْخُوذِ فَرْضُهُ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَدَلَّتِ السُّنَنُ الثَّابِتَةُ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ. وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ مَعْرُوفًا فِي لِسَانِ -[112]- الْعَرَبِ أَنَّ الْجَنَابَةَ الْجِمَاعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجِمَاعِ مَاءٌ دَافِقٌ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي حَدِّ الزِّنَا وَإِيجَابِ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ، وَكُلُّ مَنْ خُوطِبَ بِأَنَّ فُلَانًا أَجْنَبَ مِنْ فُلَانَةٍ عَقَلَ أَنَّهُ أَصَابَهَا.

ذكر وجوب الاغتسال من المحيض قال الله جل ذكره: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن الآية، وجاءت الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجوب الاغتسال على الحائض إذا طهرت. وأجمع أهل العلم على ذلك وسأذكر

ذِكْرُ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْمَحِيضِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] الْآيَةَ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ عَلَى الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ وَسَأَذْكُرُ الْأَخْبَارَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ إِنْ شَاءَ اللهُ.

ذكر ما يوجب الوضوء مما علمته مأخوذا من ظاهر الكتاب قال الله عز وجل: أو جاء أحد منكم من الغائط. وأجمع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدبر حدث ينقض الوضوء. أخبرني علي بن عبد العزيز قال: ثنا الأثرم عن أبي عبيدة: أو جاء أحد منكم من الغائط: كناية عن

ذِكْرُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِمَّا عَلِمْتُهُ مَأْخُوذًا مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] .

وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْغَائِطِ مِنَ الدُّبُرِ حَدَثٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا الْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] : كِنَايَةٌ عَنْ حَاجَةِ ذِي الْبَطْنِ، وَالْغَائِطِ: الْفَيْحُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُتَصَوِّبُ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْوَادِي. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَصْلُ الْغَائِطِ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا طَالَتِ صُحْبَةُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ سَمَّتْهُ بِاسْمِهِ، مِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَتُهُمْ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ تَيَمُّمًا وَإِنَّمَا التَّيَمُّمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ التَّعَمُّدُ لِلشَّيْءِ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] يَعْنِي تَعَمَّدُوا الصَّعِيدَ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] فَكَثُرَ فِي هَذَا الْكَلَامِ حَتَّى صَارَ عِنْدَ النَّاسِ التَّيَمُّمُ هُوَ التَّمَسُّحُ نَفْسُهُ وَكَذَلِكَ الْغَائِطُ لَمَّا كَثُرَ قَوْلُهُمْ ذَهَبْتُ إِلَى الْغَائِطِ وَذَهَبَ فُلَانٌ إِلَى الْغَائِطِ وَجَاءَ مِنَ الْغَائِطِ سَمُّوا رَجِيعَ الْإِنْسَانِ الْغَائِطَ.

ذكر الوجه الثالث الذي أجمع أهل العلم على وجوب الطهارة منه وهو الملامسة واختلفوا في كيفية الطهارة التي يجب فيه قال الله جل ذكره: أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا الآية. أجمع أهل العلم على أن الملامسة حدث ينقض الوضوء. واختلفوا في اللمس وفيما

ذِكْرُ الْوَجْهِ الثَّالِثِ الَّذِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهُ وَهُوَ الْمُلَامَسَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الطَّهَارَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: 43] الْآيَةَ. -[114]- أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ حَدَثٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْلَمَسِ وَفِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمَسَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُلَامَسَةُ الْجِمَاعُ، كَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمُلَامَسَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْإِفْضَاءُ وَالرَّفَثُ وَالْجِمَاعُ نِكَاحٌ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى كَنَّى. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: اللَّمْسُ الْجِمَاعُ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى -[115]- كَنَّى عَنْهُ. وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.

6 - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: اللَّمْسُ هُوَ الْجِمَاعُ وَلَكِنَّ اللهَ كَنَّى -[116]- عَنْهُ

7 - قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمُلَامَسَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْإِفْضَاءُ وَالرَّفَثُ وَالْجِمَاعُ نِكَاحٌ وَلَكِنَّ اللهَ كَنَّى

8 - قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ هُوَ الْجِمَاعُ»

9 - قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] قَالَ: «هُوَ الْجِمَاعُ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: اللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، كَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ -[117]- وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ

10 - قَالَ: أنا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مُلَامَسَةٌ، فَمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ

11 - قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «الْقُبْلَةُ مِنَ اللَّمْسِ فِيهَا الْوُضُوءُ»

12 - قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «الْمُلَامَسَةُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ» وَاخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيهَا الْوُضُوءُ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

13 - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: مَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ أَعَادَ الْوُضُوءَ

14 - قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ وَمِنَ اللَّمْسِ بِيَدِهِ وَمِنَ الْقُبْلَةِ إِذَا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ»

وَكَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] قَالَ: «هُوَ الْغَمْزُ» . وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ فِيَ الْقُبْلَةِ الْوُضُوءَ الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ -[119]- وَمَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ -[120]- وَالنَّخَعِيُّ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي -[121]- عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّافِعِيُّ. -[122]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ فِي الْقُبْلَةِ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَمَسْرُوقٌ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ. -[123]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ إِيجَابَ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ قَبَّلَ لِشَهْوَةٍ وَإِسْقَاطُهُ عَمَّنْ قَبَّلَ لِرَحْمَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، -[124]- وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -[125]- وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ لِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا لِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَ فَرْجَهَا لِشَهْوَةٍ لَمْ يَنْقُضْ وُضُوءُهُ فَإِنْ بَاشَرَهَا لِشَهْوَةٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ نَقَضَ وُضُوءُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ -[126]- وَيَعْقُوبَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ مَذْيٌ أَوْ غَيْرُهُ. -[127]- وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ: إِنْ قَبَّلَ حَلَالًا فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَبَّلَ حَرَامًا أَعَادَ الْوُضُوءَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُوجِبُ مِنَ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ الْوُضُوءَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] . قَالَ: جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ لَمَسَهَا بِيَدِهِ قَدْ لَمَسَ فُلَانٌ زَوْجَتُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ قَدْ يَكُونُ بِالْيَدِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} [الأنعام: 7] وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ لَمْسُ الرَّجُلِ الثَّوْبَ بِيَدِهِ، فَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاللُّغَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ يَكُونُ بِالْيَدِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ تَلَا الْآيَةَ قَالَ: فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنَ الْغَائِطِ وَأَوْجَبَهُ مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا مَوْصُولَةً بِالْغَائِطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ بِالْجَنَابَةِ فَأَشْبَهْتِ الْمُلَامَسَةُ أَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَالْقُبْلَةِ غَيْرَ الْجَنَابَةَ. وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُهُمْ فَقَالَ: جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَمَسَ امْرَأَتَهُ بِيَدِهِ قَدْ لَمَسَهَا وَلَكِنَّ الْمُلَامَسَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] الْجِمَاعُ الْمُوجِبُ لِلْجَنَابَةِ دُونَ غَيْرِهِ، اسْتَدْلَلْنَا عَلَى ذَلِكَ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالنَّظَرِ -[128]- فَأَمَّا الْكِتَابُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى مَاذَكَرْنَاهُ فَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] يَعْنِي وَقَدْ أَحْدَثْتُمْ قَبْلَ ذَلِكَ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] فَأَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ غَسَلَ الْأَعْضَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ قَالَ: {وَإِنَّ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] يُرِيدُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ فَأَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ مِنَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] يُرِيدُ الْجِمَاعَ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَابَةَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً تَتَوَضَّئُونَ بِهِ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ تَغْتَسِلُونَ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ كَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] فَإِنَّمَا أَوْجَبَ فِي آخِرِ الْآيَةِ التَّيَمُّمَ عَلَى مَا كَانَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ فِي أَوَّلِهَا. فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ طَهَارَةَ الْجُنُبِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُلَامَسَةَ فِي آخِرِ الْآيَةِ مَوْصُولًا بِالْغَائِطِ اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْجَنَابَةِ فَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ مَا قَالُوا دَلِيلًا لَوْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُلَامِسِ فِي آخِرِ الْآيَةِ الطَّهَارَةَ الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى الْجُنُبِ فِي أَوَّلِهَا فَكَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْلَمْسَ غَيْرُ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ الطَّهَارَةَ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ فَلَمْ يَكُنْ إِعَادَةُ إِيجَابِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا فِي آخِرِهَا مَعْنَى يَصِحُّ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي آخِرِهَا التَّيَمُّمَ بَدَلًا مِنَ الْمَاءِ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا لَا يَجِدُ الْمَاءَ أَوْ مَرِيضًا فَهَذَا الْمَعْنَى أَصَحُّ وَأَبَيْنُ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ

15 - قَالَ: حَدَّثَنَا عَلَى بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ قَالَ: قُلْتُ: مَا هِيَ إِلَّا -[129]- أَنْتِ فَضَحِكَتْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُقَالُ إِنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ شَيْئًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِلْمُلَامَسَةِ نَظَائِرُ فِي الْكِتَابِ مِنْ ذَلِكَ الْمُبَاشَرَةُ وَاللَّمْسُ وَالْمَسُّ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236] الْآيَةَ وَقَالَ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَقَالَ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 237] فَذَكَرَ جَلَّ ذِكْرُهُ الْمَسِيسَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَاللَّمْسَ وَالْمَسَّ وَالْمُلَامَسَةَ وَالْمُمَاسَّةَ. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ مَسَّهَا بِيَدِهِ أَوْ قَبَّلَهَا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَخْلُ بِهَا فَطَلَّقَهَا أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا وَالْمُتْعَةَ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللهَ إِنَّمَا أَرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْجِمَاعَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَكَمْنَا اللَّمْسَ بِحُكْمِ الْمَسِّ إِذَا كَانَا فِي الْمَعْنَى وَاحِدًا. -[130]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ حُفِظَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا قَبَّلَ أُمَّهُ أَوِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ إِكْرَامًا لَهُنَّ وَبِرًّا عِنْدَ قَدُومٍِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَسَّ بَعْضُ بَدَنِهِ بَعْضَ بَدَنِهَا عِنْدَ مُنَاوَلَةِ شَيْءٍ إِنْ نَاوَلَهَا إِلَّا مَا ذُكِرَ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ بَعْضَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَكَى عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا إِيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَالْآخَرُ كَقَوْلِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كُتُبِهِ الْمِصْرِيَّةِ الَّتِي قَرَأْنَاهَا عَلَى الرَّبِيعِ وَلَسْتُ أَدْرِي أَيَثْبُتُ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَمْ لَا لِأَنَّ الَّذِي حَكَاهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ لَكَانَ قَوْلُهُ الَّذِي يُوَافِقُ فِيهِ الْمَدَنِيَّ وَالْكُوفِيَّ وَسَائِرَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْلَى بِهِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ

16 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: حَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمْلَهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَمْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ دَلِيلٌ عَلَى -[131]- صِحَّةِ قَوْلِ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذْ مَعْلُومٌ مُتَعَارَفٌ أَنَّ مَنَ حَمَلَ صَبِيَّةً صَغِيرَةً لَا يَكَادُ يَخْلُو أَنْ يَمَسَّ بَدَنُهُ بَدَنَهَا وَاللهُ أَعْلَمُ مَعَ إِيجَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ ذَلِكَ فَرْضٌ وَالْفَرَائِضُ لَا يَجُوزُ إِيجَابُهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ وَمَا زَالَ النَّاسُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ يَتَعَارَفُونَ أَنْ يُعَانِقَ الرَّجُلُ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ وَيُقَبِّلَ ابْنَتَهُ فِي حَالِ الصِّغَرِ قُبْلَةَ الرَّحْمَةِ وَلَايَرَوْنَ ذَلِكَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا عِنْدَهُمْ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَدَثًا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ لَتَكَلَّمَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ كَمَا تَكَلَّمُوا فِي مُلَامَسَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَقُبْلَتِهِ إِيَّاهَا

مس الزوجة من وراء الثوب واختلفوا فيمن مس زوجته من وراء ثوب فقالت طائفة: إن كان ثوبا رقيقا فعليه الوضوء، كذلك قال مالك. وقال ربيعة في متوضئ قبل امرأته وغمزها من تحت الثوب أو من ورائه: يعيد الوضوء. وفيه قول ثان وهو أن لا وضوء عليه كذلك قال الشافعي

مَسُّ الزَّوْجَةِ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ زَوْجَتَهُ مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ كَانَ ثَوْبًا رَقِيقًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي مُتَوَضِّئٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَغَمَزَهَا مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ وَرَائِهِ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَذَلِكَ أَقُولُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمِسٍّ لَهَا وَلَا مُلَامِسٍ.

جماع أبواب الأحداث التي تدل على وجوب الطهارة

جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْأَحْدَاثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ

ذكر وجوب الاغتسال بالتقاء الختانين من غير إنزال ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أوجب الاغتسال بالتزاق الختان بالختان.

ذِكْرُ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ إِنْزَالٍ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ بِالْتِزَاقِ الْخِتَانِ -[132]- بِالْخِتَانِ.

17 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ فَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا قَالَ عَوَامُّ الْمُفْتِينَ. وَأَنَا ذَاكِرٌ هَذَا الْبَابَ فِي أَبْوَابِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ بِتَمَامِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ

جماع أبواب الأحداث التي تدل على وجوب الطهارة منها السنن وهي الأحداث الخارجة من القبل والدبر

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَحْدَاثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا السُّنَنُ وَهِيَ الْأَحْدَاثُ الْخَارِجَةُ مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ

الوضوء من البول قال أبو بكر: وجوب الوضوء من البول مأخوذ من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا.

الْوُضُوءُ مِنَ الْبَوْلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنَ الْبَوْلِ مَأْخُوذٌ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا وَفِعْلًا.

18 - قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: لَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَسْحِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَنَوْمٍ

19 - قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ صَاحِبُ الدَّسْتُوَائِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَدَّ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحُكِيَ لِي عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ: الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ دَاخِلَانِ فِي قَوْلِهِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] لِأَنَّ ذَهَابَ الْقَوْمِ إِلَى تِلْكَ الْمَذَاهِبِ كَانَ ذَهَابًا وَاحِدًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْغَائِطَ غَيْرُ الْبَوْلِ لِتَفْرِيقِ السُّنَّةِ بَيْنَهُمَا بِوَاوٍ وَكَمَا فَرَّقَتْ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالنَّوْمِ

ذكر الوضوء من المذي ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيجابه الوضوء من المذي.

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ ثَبُتَتِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيجَابِهِ الْوُضُوءَ مِنَ الْمَذْيِ.

20 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَحَدِنَا إِذَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ مَاذَا عَلَيْهِ فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ وَأَنَا أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ، قَالَ الْمِقْدَادُ: فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»

21 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً وَكَانَتْ عِنْدِي بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْوُضُوءَ مِنَ الْمَذْيِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الشَّامِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَلَسْتُ أَعْلَمُ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْهُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ

22 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، سُئِلَ عَنِ الْمَذْيِ، فَقَالَ: «ذَلِكَ الْقَطْرُ وَفِيهِ الْوُضُوءُ»

23 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَذْيِ وَالْمَنِيِّ وَالْوَدْيِ: فَالْمَنِيُّ فِيهِ الْغُسْلُ وَمِنْ هَذَيْنِ الْوُضُوءُ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ

24 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، رَوْحِ بْنِ جَنَاحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بَيْنَمَا نَحْنُ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ طَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَائِمٌ يُصَلِّي إِذْ وَقَفَ عَلَيْنَا يَعْنِي وَاقِفًا فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُفْتٍ فَقُلْنَا: سَلْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ إِذَا بَالَ أَتْبَعَهُ الْمَاءَ الدَّافِقَ. قُلْنَا الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: عَلَيْهِ الْغُسْلُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ يُرَجِّعُ وَخَفَّفَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لِعِكْرِمَةَ: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَفْتَيْتُمْ بِهِ هَذَا الرَّجُلَ أَعَنْ كِتَابِ اللهِ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَعَنْ رَسُولِ اللهِ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَعَمَّنْ؟ قُلْنَا: عَنْ رَأْيِنَا، قَالَ: لِذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» . فَلَمَّا جَاءَ الرَّجُلُ أَقْبَلَ عَلَيْهِ ابْنُ -[136]- عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْكَ شَهْوَةً فِي قَلْبِكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَخَدَرًا؟ يَعْنِي فِي جَسَدِكَ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذِهِ أَبْرَدَةٌ يُجْزِيكَ فِيهَا الْوُضُوءُ

25 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا عِكْرِمَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنِ الْمَذْيِ، فَقَالَتْ: «إِنَّ كُلَّ فَحْلٍ يَمْذِي، وَإِنَّهُ الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ، فَأَمَّا الْمَذْيُ فَالرَّجُلُ يُلَاعِبُ امْرَأَتَهُ فَيَظْهَرُ عَلَى ذَكَرِهِ الشَّيْءُ فَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ، وَأَمَّا الْوَدْيُ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْبَوْلِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ، وَأَمَّا الْمَنِيُّ الْأَعْظَمُ مِنْهُ الشَّهْوَةُ وَفِيهِ الْغُسْلُ»

26 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ جُنْدُبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْمَذْيِ، فَقَالَ: إِذَا وَجَدْتَهُ فَاغْسِلْ فَرْجَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا الْوَدْيُ فَهُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنَ الذَّكَرِ عَلَى أَثَرِ الْبَوْلِ وَالْوُضُوءُ يَجِبُ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ، وَلَيْسَ يُوجَبُ بِخُرُوجِهِ شَيْءٌ إِلَّا الْوُضُوءُ الَّذِي وَجَبَ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ

ذكر الوضوء بخروج الريح قال أبو بكر: وجوب الوضوء بخروج الريح من الدبر مأخوذ من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأجمع أهل العلم على أن خروج الريح من الدبر حدث ينقض الوضوء.

ذِكْرُ الْوُضُوْءِ بِخُرُوجِ الرِّيحِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وُجُوبُ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ الرِّيحِ مِنَ الدُّبُرِ مَأْخُوذٌ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. -[137]- وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الرِّيحِ مِنَ الدُّبُرِ حَدَثٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.

27 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» . قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ

28 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَحَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: وَإِنْ خَرَجَ رِيحٌ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ تَوَضَّأَ. قَالَ: هَذَا قَوْلُ -[138]- مَالِكٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ وَبَعْضُ النَّاسِ

ذكر الوضوء من لحوم الإبل ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالوضوء من لحوم الإبل.

ذَكَرَ الْوُضُوءَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ.

29 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّازَّقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَنُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا» . قَالَ: أَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»

30 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْهُ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْهُ» قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ تَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» قَالَ: أَفَأُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْوُضُوءُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ يَجِبُ لِثُبُوتِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَجَوْدَةِ إِسْنَادِهِمَا. -[139]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَمَا قُلْنَا. رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ

31 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَنْبَأَنِي مَنْ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ كُنَّا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا نَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ

32 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، ثنا عُمَرُ، ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ الْمُحَارِبِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَلَا تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ صَاحِبِ الْمَغَازِي، وَبِهِ -[140]- قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَيَحْيَى، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فِيهِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ. وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ الْوُضُوءَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا مَالِكُ -[141]- بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ -[142]- وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

33 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ، أنا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَكَلَ لَحْمَ جَزُورٍ وَشَرِبَ لَبَنَ إِبِلٍ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

ذكر الوضوء من النوم قال أبو بكر: وجوب الوضوء من النوم مأخوذ من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ مَأْخُوذٌ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

34 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّازَّقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَلَت: جِئْتُ ابْتِغَاءَ الْعِلْم قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَّا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً بِمَا يَصْنَعُ» . قَالَ: قُلْتُ جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ: نَعَمْ كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهُورٍ ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا أَقَمْنَا، وَلَا نَخْلَعَهُمَا مِنْ غَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ -[143]- وَلَا نَوْمٍ وَلَا نَخْلَعَهُمَا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ

35 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ نَائِمًا عَلَى حَالٍ دُونَ حَالٍ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَرَنَ النَّوْمَ إِلَى الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ حَدَثَانِ يُوجِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الطَّهَارَةَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ ذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْرُونُ إِلَيْهِمَا وَهُوَ النَّوْمُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ النَّوْمُ، وَالْأَخْبَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا عَلَى الْعُمُومِ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ إِلَى بَاطِنِهِ وَلَا عَنْ عُمُومِهِ إِلَى خُصُوصِهِ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَا حُجَّةٍ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا مَعَ مَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ عَلَى النَّائِمِ فِي حَالٍ وَأَسْقَطَهُ عَنْهُ فِي حَالٍ أُخْرَى. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ مَذْهَبُهُ إِيجَابُ الْوُضُوءِ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ بِأَنْ قَالَ: لَا يَخْلُو النَّوْمُ فِي نَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَدَثًا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ، أَوْ غَيْرَ حَدَثٍ فَإِنْ كَانَ النَّوْمُ حَدَثًا كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَعَلَى النَّائِمِ الْوُضُوءُ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَ النَّوْمُ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ أَوْ لَا يَكُونُ النَّوْمُ حَدَثًا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَى نَائِمٍ الطَّهَارَةُ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ -[144]- كَانَ النَّوْمُ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ حَدَثٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ. وَاحْتَجَّ بِجِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ أُغْمِيَ بِمَرَضٍ إِذَا أَفَاقَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ: فَكَذَلِكَ النَّائِمُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ زَائِلُ الْعَقْلِ. مَعَ أَنَّ الْأَخْبَارَ مُسْتَغْنًى بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ»

36 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ عنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَوْلَهُ السَّهِ يَعْنِي حَلْقَةَ الدُّبُرِ، وَالْوِكَاءُ أَصْلُهُ الْخَيْطُ أَوِ السَّيْرُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْقِرْبَةِ فَجَعَلَ الْيَقَظَةَ لِلْعَيْنِ مِثْلَ الْوِكَاءِ لِلْقِرْبَةِ، يَقُولُ: فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ اسْتَطْلَقَ ذَلِكَ الْوِكَاءُ وَكَانَ مِنْهُ الْحَدَثُ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَافْتَرَقُوا فِي الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ سِتَّ فِرَقٍ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فَأَوْجَبَتِ الْوُضُوءَ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ. رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -[145]- أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ طَعْمَ النَّوْمِ جَالِسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً

37 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ نَائِمٍ إِلَّا مَنْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً»

38 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ سَعِيدِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ غَلَّاقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «إِذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُكُمْ نَوْمًا فَلْيَتَوَضَّأْ»

39 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّازَّقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِ عَنْ سَعِيدِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ هِلَالٍ الْعَيْشِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَنِ اسْتَحَقَّ النَّوْمَ فَعَلَيْهِ -[146]- الْوُضُوءُ

40 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: إِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ طَعْمَ النَّوْمِ جَالِسًا كَانَ أَوْ غَيرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا خَالَطَ النَّوْمُ قَلْبَ أَحَدِكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو رَافِعٍ. -[147]- وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: إِذَا مَلَكَكَ النَّوْمُ فَتَوَضَّأْ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا. وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ نَامَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَتَوَضَّأْ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلَّمَا نَامَ حَتَّى غَلَبَهُ عَلَى عَقْلِهِ تَوَضَّأَ. وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ. -[148]- وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِنْ نَامَ قَلِيلًا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ تَوَضَّأْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا اسْتَثْقَلَ نَوْمًا قَاعِدًا تَوَضَّأَ فَأَمَّا مَنْ كَانَ نَوْمُهُ غِرَارًا كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ يَنَامُ وَيَسْتَيْقِظُ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: النَّائِمُ قَاعِدًا إِذَا أَطَالَ النَّوْمَ تَوَضَّأَ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا يَجِبُ عَلَى النَّائِمِ الْوُضُوءُ حَتَّى يَضَعَ جَنْبَهُ، هَذَا قَوْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِنْ نَامَ قَائِمًا أَمْ قَاعِدًا لَمْ يُعِدْ وُضُوءَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي النَّوْمِ إِذَا كَانَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ قَاعِدًا فَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ الْوُضُوءُ، فَأَمَّا إِذَا نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَّكِئًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ كَذَلِكَ إِلَّا فِي السَّاجِدِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ إِنْ -[149]- تَعَمَّدَ النَّوْمَ وَهُوَ سَاجِدٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَثْبُتُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ وَعِلَلَهُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ قَاعِدًا وَلَا يَتَوَضَّأُ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ -[150]- وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ -[151]- عَلِيٍّ وَنَافِعً، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ نَامَ وَهُوَ قَاعِدٌ مُسْتَنِدٌ: لَا وُضَوْءَ عَلَيْهِ

41 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا نَامَ قَاعِدًا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَإِذَا اضْطَجَعَ فَنَامَ يَتَوَضَّأُ

42 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَنَامَ قَاعِدًا حَتَّى يَمِيلَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ

43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زياد عْن يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَيْسَ عَلَى النَّائِمِ وَلَا عَلَى الْمُحْتَبِي وَلَا عَلَى السَّاجِدِ النَّائِمِ الْوُضُوءُ

44 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنِي ابْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، كَانَ يُفْتِي مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا يَأْمُرُ مَنْ نَامَ قَائِمًا بِالْوُضُوءِ. وَفَرَقَتْ فِرْقَةٌ رَابِعَةٌ بَيْنَ مَنْ نَامَ سَاجِدًا فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ صَلَاةٍ فَقَالَتْ: إِذَا نَامَ رَجُلٌ سَاجِدًا فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِذَا نَامَ سَاجِدًا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ تَعَمَّدَ لِلنَّوْمِ سَاجِدًا فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ يَعْقُوبَ قَوْلَهُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: وَأَمَّا الْقَائِمُ وَالْقَاعِدُ وَالرَّاكِعُ فَإِنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ أَوْ تَعَمَّدَ لَهُ لَمْ تُنْقَضِ الصَّلَاةُ غَيْرَ أَنَّهُ مُسِيءٌ فِي التَّعَمُّدِ. -[153]- وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ: إِنَّمَا سَقَطَ الْوُضُوءُ عَنِ النَّائِمِ جَالِسًا بِالْأَثَرِ وَعَنِ النَّائِمِ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ كَانَ لِلْأَثَرِ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ الرَّاكِبُ السَّفِينَةً والْبَعِيرَ وَالدَّابَّةَ وَالْمُسْتَوِي بِالْأَرْضِ مَتَى زَالَ عَنْ حَدِّ الِاسْتِوَاءِ، فَغَطَّ أَوْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ النَّائِمَ جَالِسًا يَكِلُّ لِلْأَرْضِ فَلَا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا انْتَبَهَ بِهِ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِنْ نَامَ جَالِسًا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا تَوَضَّأَ. وَذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيعَ إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَ أَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا يَجِبُ أَنْ تُنْقَضَ طَهَارَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِجْمَاعٍ مِثْلِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهُوَ كَثِيرٌ مِمَّا نَدَعُ هَذَا الْمِثَالَ، وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِهَذَا الْقَوْلِ مَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا وُضُوءٌ حَتَّى يُوقِنَ بِحُدُوثِ غَيْرِ النَّوْمَ وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا مَعَ غَيْرِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

45 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ يَنْعُسُونَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يُعِيدُونَ الْوُضُوءَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ سَادِسٌ رُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى -[154]- الظُّهْرَ ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ فَنَامَ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ: هَلْ وَجَدْتُمْ رِيحًا أَوْ سَمِعْتُمْ صَوْتًا؟ قَالُوا: لَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

46 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ فَنَامَ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ فَقَالَ: «هَلْ وَجَدْتُمْ رِيحًا أَوْ سَمِعْتُمْ صَوْتًا؟» قَالُوا: لَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

47 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَيَتَلَفَّتُ كَأَنَّهُ يُبَادِرُ الْفَجْرَ ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ مَعَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ نَامَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى

48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ فَيَنَامُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ. -[155]- وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يُصَلِّي، فَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَمِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّهُ نَامَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى

ذكر الطهارة التي معرفة وجوبها مأخوذ من اتفاق الأمة أجمع أهل العلم على أن على النفساء الاغتسال عند خروجها من النفاس، وأجمعوا على إيجاب الطهارة على من زال عقله بجنون أو إغماء. وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد ثابت أنه أغمي عليه فاغتسل حين

ذِكْرُ الطَّهَارَةِ الَّتِي مَعْرِفَةُ وُجُوبِهَا مَأْخُوذٌ مِنِ اتِّفَاقِ الْأُمَّةِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى النُّفَسَاءِ الِاغْتِسَالَ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنَ النِّفَاسِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِيجَابِ الطَّهَارَةِ عَلَى مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَاغْتَسَلَ حِينَ أَفَاقَ.

49 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: بَلَى ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» قُلْنَا: لَا، وَهُمُ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَنَا: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» -[156]- فَقُلْتُ: لَا وَهُمُ يَنْتَظِرُونَكَ قَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» فَقُلْنَا: لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ فِي اغْتِسَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ إِذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لِأَمَرَ بِهِ فَالْوُضُوءُ وَاجِبٌ لِإِجِمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ، وَالِاغْتِسَالُ يُسْتَحَبُّ لِفِعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ إِذَا أَفَاقَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: قَلَّمَا جُنَّ إِنْسَانٌ إِلَّا أَنْزَلْ، فَإِنْ كَانَ هَكَذَا -[157]- اغْتَسَلَ وَإِنْ شَكَّ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ احْتِيَاطًا. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ اغْتَسَلَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الطَّهَارَةُ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاجِبَةٌ إِمَّا بِكِتَابٍ أَوْ بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَلَيْسَ فِيمَا بَقِيَ مِمَّا أَنَا ذَاكِرٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَبْوَابِ الْأَحْدَاثِ شَيْءٌ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ تَجِبُ مِنْهُ

ذكر أحد النوعين الخارج من الجسد على أنه لا ينقض طهارة أجمع أهل العلم على أن خروج اللبن من ثدي المرأة لا ينقض الوضوء، وكذلك البزاق والمخاط والدمع الذي يسيل من العين والعرق الذي يخرج من سائر الجسد والجشاء المتغير الذي يخرج من الفم والنفس الخارج من الأنف

ذِكْرُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ الْخَارِجِ مِنَ الْجَسَدِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ اللَّبَنِ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَكَذَلِكَ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ وَالدَّمْعُ الَّذِي يَسِيلُ مِنَ الْعَيْنِ وَالْعَرَقُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ وَالْجُشَاءُ الْمُتَغَيِّرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ وَالنَّفَسُ الْخَارِجُ مِنَ الْأَنْفِ وَالدُّودُ السَّاقِطُ مِنَ الْقَرْحِ كُلُّ هَذَا لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً وَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا.

ذكر النوع الثاني الخارج عن الجسد المختلف في وجوب الطهارة منه

ذِكْرُ النَّوْعِ الثَّانِي الْخَارِجِ عَنِ الْجَسَدِ الْمُخْتَلَفِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهُ

ذكر دم الاستحاضة افترق أهل العلم فيما يجب على المستحاضة من الطهارة خمس فرق , فقالت فرقة: توضأ لكل صلاة. روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعائشة وعروة.

ذِكْرُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ افْتَرَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ مِنَ الطَّهَارَةِ خَمْسَ فِرَقٍ , فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَعُرْوَةَ.

50 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ مَا يُرِيبُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ مِثْلَ غُسَالَةِ اللَّحْمِ أَوْ مِثْلَ غُسَالَةِ السَّمَكِ أَوْ مِثْلَ قَطْرَةِ الدَّمِ مِنَ الرُّعَافِ فَإِنَّمَا تِلْكَ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ فِي الرَّحِمِ، فَلْتَنْضَحْ بِالْمَاءِ وَلَتَتَوَضَّأْ»

51 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنِ الِاسْتِحَاضَةِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ عَانِدٌ أَوْ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْتَدَعِ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلْ وَتَوَضَّأْ لِكُلِّ صَلَاةٍ» ، قِيلَ وَإِنْ سَالَ؟ قَالَ: «وَإِنْ سَالَ مِثْلَ هَذَا الشِّعْبِ»

52 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ -[160]- وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَبُو مُصْعَبٍ. وَهَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ -[161]- وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ اخْتَارَا لَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ جَمَعَتْ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَجْزَأَهَا. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: تَغْتَسِلُ لِكُلِّ يَوْمٍ غُسْلًا وَاحِدًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ رِوَايَةً ثَانِيَةً أَنَّهَا قَالَتْ: تَغْتَسِلُ لِكُلِّ يَوْمٍ غُسْلًا وَتُصَلِّي. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا اغْتَسَلَتْ كُلَّ يَوْمٍ غُسْلًا أَجْزَأَهَا

53 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ دَاوُدَ، وَعَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قُمَيْرَ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا -[162]- قَالَتْ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ يَوْمٍ غُسْلًا وَتُصَلِّي وَقَالَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ: تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ

54 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: " أَرْسَلَتِ امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ غُلَامًا لَهَا أَوْ مَوْلًى لَهَا أَنِّي مُبْتَلَاةٌ لَمْ أُصَلِّ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ سَنَتَيْنِ، وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللهَ إِلَّا مَا بَيَّنْتَ لِي فِي دِينِي. قَالَ: وَكَتَبْتُ إِلَيْهِ أَنِّي أَفْتَيْتُ أَنِ اغْتَسَلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا أَجِدُ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَا: مَا نَجِدُ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ "

55 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنِّي اسْتُحِضْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أَجِدُ لَهَا إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ رَابِعَةٌ: تَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلًا، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَنْهُ

56 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَتَبَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كِتَابًا فَإِذَا فِي الْكِتَابِ: إِنِّي امْرَأَةٌ أَصَابَنِي بَلَاءٌ وَضُرٌّ وَإِنِّي أَدَعُ الصَّلَاةَ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي أَنْ أَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلَّ صَلَاةٍ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللهُمَّ لَا أَجِدُ لَهَا إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ غَيْرَ أَنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلًا وَاحِدًا وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَوْلُ فَإِنْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَا تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ، وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَنْ يُصِيبَهَا حَدَثٌ تُعِيدُ وُضُوءَهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْبَارٍ يُوَافِقُ كُلُّ خَبَرٍ مِنْهَا قَوْلًا مِنْ هَذِهِ -[164]- الْأَقَاوِيلِ غَيْرَ قَوْلِ رَبِيعَةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي أَسَانِيدِهَا. وَالنَّظَرُ دَالٌّ عَلَى مَا قَالَ رَبِيعَةُ إِلَّا أَنَّهُ قَوْلٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْتُ النَّظَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْمُسْتَحَاضَةِ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَالَّذِي يَخْرُجُ فِي أَضْعَافِ الْوُضُوءِ، وَالدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ إِنْ كَانَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَقَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَابْتَدَأَتَّ الْمُسْتَحَاضَةُ فِي الْوُضُوءِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ بَعْدَ غَسْلِهَا بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجَبَ أَنْ يُنْتَقَضَ مَا غَسَلَتْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الدَّمَ الَّذِي يُوجِبُ الطَّهَارَةَ فِي قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الطَّهَارَةَ قَائِمٌ وَإِنْ كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا بَيْنَ أَضْعَافِ الْوُضُوءِ، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ الصَّلَاةَ وَمَا حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ مِنْهُ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً وَجَبَ كَذَلِكَ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنَ الصَّلَاةِ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً إِلَّا بِحَدَثٍ غَيْرَ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ هَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّظَرُ. وَمَعَ أَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ لِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَرْدُ يُؤْذِيهِ فَإِذَا أَذَاهُ قَالَ: رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ الضِّيقُ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ. وَقَدْ زَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي الْجُرْحِ السَّايِلِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ لَا تَتَوَضَّأَ قَالَ: وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْمُخْتَصَرِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْهُ الْآثَارَ الَّتِي رُوِيَتْ فِي هَذَا الْبَابِ وَعِلَلَهَا فَمَنْ أَرَادَ أَخْذَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يجب على من به سلس البول من الطهارة واختلفوا فيما يجب على من به سلس البول من الطهارة. فروينا عن زيد بن ثابت أنه كان به سلس البول فكان يداويه ما استطاع فإذا غلبه توضأ ثم صلى.

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ مِنَ الطَّهَارَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ مِنَ الطَّهَارَةِ. فَرُوِّينَا -[165]- عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ فَكَانَ يُدَاوِيهِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا غَلَبَهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى.

57 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَبِرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ حَتَّى سَلِسَ مِنْهُ الْبَوْلُ فَكَانَ يُدَاوِيهِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا غَلَبَهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا -[166]- كَانَ بَوْلُهُ لَا يُحْبَسُ فَلْيَضَعْ كِيسًا أَوْ شَيْئًا يَجْعَلُهُ فِيهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ صَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الدَّمِ لَا يَرْقَأُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ: يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ إِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْجُرْحِ السَّائِلِ لَا يَنْقَطِعُ: يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَيُصَلِّي. وَقَدِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عُمَرَ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنْ لَا وُضُوءَ فِي الدَّمِ يَخْرُجُ مِنَ الْجُرْحِ وَالْقَرْحِ سِوَى الْقُبُلِ وَالدَّبْرِ، قَالَ: صَلَّى عُمَرُ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرِ الْوُضُوءِ، فَدُلَّ عَلَى أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ سَالَ مِنْ جُرْحِهِ دَمٌ. وَاحْتَجَّ آخَرُ بِحَدِيثِ عُمَرَ وَقَالَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: إِنَّ عُمَرَ تَوَضَّأَ، وَقَالَ آخَرُ: لَيْسَ فِي وُضُوءِ عُمَرَ لِهَذَا حُجَّةٌ لِأَنَّ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ لِذَلِكَ. وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ عَلَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ. وَفِي الَّذِي بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ قَالَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَرْدُ يُؤْذِيهِ فَإِذَا آذَاهُ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ ضِيقٌ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ إِنْ شَاءَ اللهُ يَكُفُّ ذَلِكَ عَنْهُ بِخِرْقَةٍ وَيَدْخُلُ الْمَسَاجِدَ. -[167]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ حَدَّثَهُ دَائِمٌ وَلَا مَعْنَى لِوُضُوئِهِ لِدَوَامِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ رَبِيعَةَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ. وَقَدْ حَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي سَلِسَ بَوْلُهُ وَهُوَ يَقْطُرُ أَبَدًا لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَغْلِبُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ إِلَّا إِذَا عَمَدَ الْبَوْلَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ إِذَا عَمَدَ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَبَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ. وَالْجَوَابُ عِنْدِي فِي هَذَا كَالْجَوَابِ فِي ذَلِكَ

58 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِذْ طُعِنَ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ أَفْزَعُوهُ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يجب على الراعف واختلفوا فيما يجب على الراعف فأوجبت طائفة عليه الوضوء، فممن روينا عنه أنه رأى عليه الوضوء عمر وعلي وسلمان وكان ابن عمر إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع وبنى، وكذلك فعل ابن المسيب وعلقمة بن قيس وهو مذهب إبراهيم وقتادة

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّاعِفِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّاعِفِ فَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الْوُضُوءَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَسَلْمَانُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -[168]- إِذَا رَعَفَ انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ وَبَنَى، وَكَذَلِكَ فَعَلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ مَذْهَبُ إِبْرَاهِيمَ وَقَتَادَةَ -[169]- وَعَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ فِي الْجُرْحِ لَا يَرْقَأُ أَنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي الرُّعَافِ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

59 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ عنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي الضِّرَارِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَرُعِفَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ ثُمَّ ذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ

60 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ رِزًّا فِي بَطْنِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ قَيْءٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رُعَافٍ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَرْجِعْ فَلْيُصَلِّ مَا لَمْ يُصَلِّهْ

61 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ شِهَابٍ أَنَّ نَافِعًا، حَدَّثَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَانَ إِذَا رَعَفَ انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى مَا مَضَى وَلَمْ يَتَكَلَّمْ

62 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ أَبِي تِحْيَى، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ رِزًّا أَوْ قَيْئًا أَوْ رُعَافًا فَلْيَنْصَرِفْ غَيْرَ رَاعٍ لِصَنِيعَتِهِ ثُمَّ لِيَتَوَضَّأْ وَلْيَعُدْ إِلَى بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ وَفِي الرُّعَافِ وَالدَّمِ السَّائِلِ يَخْرُجُ مِنَ الْبَدَنِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ فِي الرُّعَافِ هَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ مَكْحُولٌ: لَا وُضُوءَ مِنْ دَمٍ إِلَّا مَا خَرَجَ مِنْ جَوْفٍ أَوْ دُبُرٍ. وَحُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ رُعِفْتُ مِلَاءَ طَشْتٍ مَا أَعَدْتُ مِنْهُ الْوُضُوءَ. وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ لَا وُضُوءَ فِي الرُّعَافِ وَلَا فِي شَيْءٍ يَخْرُجُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الْحَدَثِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ -[171]- عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ رُعَافٍ وَلَا مِنْ دَمٍ وَلَا مِنْ قَيْحٍ يَسِيلُ مِنَ الْجَسَدِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَأَسْقَطَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ عَنِ الْقَلِيلِ مِنْهُ الْوُضُوءَ. رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: أَنَّهُ بَزَقَ دَمًا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ الدَّمُ فَاحِشًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَصَرَ بَثْرَةً كَانَتْ بِجَبْهَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ وَقَيْحٌ فَمَسَحَهَا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ أَدْخَلَ إِصْبَعَهُ فِي أَنْفِهِ فَخَرَجَ فِيهَا دَمٌ فَفَتَّهُ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَدْخَلْتُ أُصْبُعِي -[172]- فِي أَنْفِي ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ لَدَلَكْتُهُ بِالْبَطْحَاءِ وَمَا تَوَضَّأْتُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ مِنَ الْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ أَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي أَنْفِهِ فَخَضَّبَهُنَّ فِي الدِّمَاءِ ثُمَّ قَالَ بِهِنَّ فِي التُّرَابِ فَفَتَّهُنَّ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ

63 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى بَزَقَ دَمًا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى

64 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا كَانَ الدَّمُ فَاحِشًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ

65 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، عَصَرَ بَثْرَةً كَانَتْ بِجَبْهَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ وَقَيْحٌ فَمَسَحَهَا فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَرَأَى رَجُلًا قَدِ احْتَجَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَحَاجِمِهِ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ عَصَاهُ فَسَلَتَ الدَّمَ ثُمَّ وَقْتِهَا فِي الْمَسْجِدِ

66 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي أَنْفِهِ فَخَرَجَ فِيهَا دَمٌ فَفَتَّهُ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

67 - وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ، يَذْكُرُ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَوْ أَدْخَلْتُ إِصْبَعَيَّ فِي أَنْفِي ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ لَدَلَكْتُهُ بِالْبَطْحَاءِ وَمَا تَوَضَّأْتُ

68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ رَجُلٍ أَحْسَبُهُ جُوَيْبِرٌ عَنْ جَوَابِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، أَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي أَنْفِهِ فَخَضَبَهُنَّ فِي الدِّمَاءِ ثُمَّ قَالَ بِهِنَّ فِي التُّرَابِ فَفَتَّهُنَّ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ

69 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، ثنا الْأَصْبَهَانِيِّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَرَى أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ مِنَ الْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ، قَالَ: لَا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَبُولَ أَوْ يَضْرِطَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَعْنِي حَدِيثَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ قَلِيلٌ فَلَا إِعَادَةَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَصَرَ بَثْرَةً كَانَتْ بِجَبْهَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ وَقَيْحٌ فَمَسَحَهَا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الدَّمِ مَا سَالَ مِنَ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ فِي الثَّوْبِ فَقَالَ سَوَاءٌ، أَيْ حَتَّى تَفَحَّشَ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْجُرْحِ، وَفِيمَا يَكُونُ فِي الثَّوْبِ مِنْهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فَمَسَحَهُ وَصَلَّى وَلَمْ -[174]- يَتَوَضَّأْ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ فَاحِشًا أَعَادَ. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُوجِبُ عَلَى الرَّاعِفِ وَالْمُحْتَجِمِ وَعَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ دَمٌ الْوُضُوءَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيجَابَهِ الْوُضُوءَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَقَدِ اتَّفَقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ. قَالَ: فَجَعَلْنَا سَائِرَ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْجَسَدِ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، احْتَجَّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ يَعْقُوبُ وَابْنُ الْحَسَنِ. وَاحْتَجَّ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرَائِضَ إِنَّمَا تَجِبُ بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَلَيْسَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا بَلْ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ طَاهِرٌ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي نَقْضِ طَهَارَتِهِ بَعْدَ حُدُوثِ الرُّعَافِ وَالْحِجَامَةِ وَخُرُوجِ الدِّمَاءِ مِنْ غَيْرِ الْقَرْحِ وَالْقَيْءِ وَالْقَلْسِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: انْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ تُنْقَضْ قَالَ: فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تُنْقَضَ طَهَارَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِجْمَاعِ مِثْلِهِ أَوْ خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهَ مَا يَخْرُجُ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْقُبُلِ أَوِ الدُّبُرِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ رِيحٍ تَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ وَبَيْنَ الْجُشَاءِ الْمُتَغَيِّرُ يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ الرِّيحُ الْخَارِجُ مِنَ الدُّبُرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجُشَاءَ لَا وُضُوءَ فِيهِ، فَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَبَيْنَ مَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَاسَ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ. مَعَ أَنَّ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الدُّودَةِ تَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَبَيْنَ الدُّودَةِ تَسْقُطُ مِنَ الْجُرْحِ فَيُوجِبُ الْوُضُوءَ فِي الدُّودَةِ الْخَارِجَةِ مِنَ -[175]- الدُّبُرِ وَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنَ الدُّودَةِ السَّاقِطَةِ مِنَ الْجُرْحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدُّودَتَيْنِ وَبَيْنَ الدَّمَيْنِ الْخَارِجِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَالْآخَرُ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ، وَيَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ شَيْءٌ آخَرُ زَعَمُوا أَنَّ بِظُهُورِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ يَجِبُ الْوُضُوءُ وَتَرَكُوا أَنْ يُوجِبُوا الْوُضُوءَ مِنَ الدَّمِ يَخْرُجُ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ حَتَّى يَسِيلَ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُحْكَمَ لِأَحَدِهِمَا بِحُكْمِ الْآخَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي أَحَدِهِمَا كَالْجَوَابِ فِي الْآخَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ وُجُوبُ الطَّهَارَاتِ مِنْ أَبْوَابِ النَّجَاسَاتِ بِسَبِيلٍ وَلَكِنَّهَا عِبَادَاتٌ قَدْ يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ الرِّيحِ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ غَسْلُ الْأَطْرَافِ وَالْمَسْحُ بِالرَّأْسِ وَتَرْكُ أَنْ يَمَسَّ مَوْضِعَ الْحَدَثِ بِمَاءٍ أَوْ حِجَارَةٍ، وَقَدْ يَجِبُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَهُوَ طَاهِرٌ غَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَيَجِبُ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالْبَوْلُ نَجِسٌ وَيَجِبُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ الِاغْتِسَالُ وَكُلُّ ذَلِكَ عِبَادَاتٌ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الطَّهَارَاتِ إِنَّمَا تَجِبُ لِنَجَاسَةٍ تَخْرُجُ فَنَجْعَلُ النَّجَاسَاتِ قِيَاسًا عَلَيْهَا بَلْ هِيَ عِبَادَاتٌ لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْأَسَانِيدِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ وَسَلْمَانَ وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَلَهَا مَعَ حُجَجٍ تَدْخُلُ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الَّذِي أَوْجَبُوا مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ الْوُضُوءَ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِظُهُورِ الدَّمِ حَتَّى يَسِيلَ، هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ الْكُوفِيُّ إِلَّا أَنَّ حَمَّادًا قَالَ: لَا وُضُوءَ -[176]- فِيهِ حَتَّى يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الدُّمَّلِ وَالْقَرْحِ يَخْرُجُ مِنْهُ الدَّمُ. قَالَ: إِذَا كَانَ قَلِيلًا لَمْ يَسِلْ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الرَّجُلِ يُدْخِلُ إِصْبَعَهُ فِي أَنْفِهِ فَيَخْرُجُ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ: مَا لَمْ يَكُنْ سَائِلًا فَلَا بَأْسَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْخَدْشِ يَظْهَرُ مِنْهُ الدَّمُ لَا يَتَوَضَّأُ حَتَّى يَسِيلَ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: يَتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ

ذكر ما يجب على المحتجم من الطهارة قال أبو بكر: حكم الحجامة كحكم الرعاف والدم الخارج من غير مواضع الحدث، والوضوء منه غير واجب في مذهب مالك وأهل المدينة، والشافعي وأصحابه وأبي ثور وغيره لا ينقض ذلك عندهم طهارة ولا يوجب وضوءا غير أن المحتجم يؤمر بأن يغسل

ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَجِمِ مِنَ الطَّهَارَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُكْمُ الْحِجَامَةِ كَحُكْمِ الرُّعَافِ وَالدَّمُ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ مَوَاضِعِ الْحَدَثِ، وَالْوُضُوءُ مِنْهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ لَا يَنْقُضُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ طَهَارَةً وَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا غَيْرَ أَنَّ الْمُحْتَجِمَ يَؤْمَرُ بِأَنْ يَغْسِلَ أَثَرَ مَحَاجِمِهِ ثُمَّ يُصَلِّي، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا احْتَجَمَ غَسَلَ أَثَرَ مَحَاجِمِهِ. وَرُوِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ.

70 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا احْتَجَمَ غَسَلَ أَثَرَ مَحَاجِمِهِ

71 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَلَا غَسْلَ أَثَرِ الْمَحَاجِمِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ، قَالَ الْحَسَنُ: مَا أَزِيدُ عَلَى تَنْقِيَةِ الْحَجَّامِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يَتَوَضَّأُ مِنْهَا وَمِنَ الرُّعَافِ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ، وَقَالَ: حَدِيثُ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَرَوْنَ مِنْهَا الْوُضُوءَ وَيَغْسِلُ مَوْضِعَ الْمِحْجَمَةِ

72 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا احْتَجَمَ يَغْسِلُ أَثَرَ مَحَاجِمِهِ وَيَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُمُ كَانُوا يَرَوْنَ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْحِجَامَةِ، رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْحِجَامَةِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا احْتَجَمَ الرَّجُلُ فَلْيَغْتَسِلْ، وَلَمْ يَرَهُ وَاجِبًا. وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَغْتَسِلَ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْمُوسَى وَالْحَمَّامِ وَالْجَنَابَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ يَأْمُرُنَا بِالِاغْتِسَالِ مِنَ الْحِجَامَةِ. وَكَانَ -[180]- مُجَاهِدٌ يَغْتَسِلُ مِنْهَا

73 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَغْتَسِلَ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْحِجَامَةِ وَالْمُوسَى وَالْحَمَّامِ وَالْجَنَابَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ

74 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْحِجَامَةِ

75 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا احْتَجَمَ الرَّجُلُ فَلْيَغْتَسِلْ» . وَلَمْ يَرَهُ وَاجِبًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ إِلَّا أَنْ يَنْقُضَ طَهَارَتَهُ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ وَالْجَوَابُ فِي الْحِجَامَةِ كَالْجَوَابِ فِي الرُّعَافِ وَلَكِنْ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ لِأَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنِ الْبَدَنِ يَجِبُ إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " الْغُسْلُ مِنْ أَرْبَعَةٍ: -[181]- الْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ وَالْحِجَامَةِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ ".

76 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ فَهَذَا غَيْرَ ثَابِتٍ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ مِنْ وَجْهِ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ وَلَيْسَ بِذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُمَا ضَعَّفَا الْحَدِيثَيْنِ حَدِيثَ مُصْعَبٍ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ

ذكر اختلاف أهل العلم في القيح والصديد وماء القرح اختلف أهل العلم في القيح والصديد فقالت طائفة: هما بمنزلة الدم. روينا هذا القول عن النخعي وبه قال مجاهد وعطاء وعروة بن الزبير والزهري وقتادة والشعبي والحكم، وقال الليث بن سعد: القيح بمنزلة الدم، وقال

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَمَاءِ الْقَرْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُمَا بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ النَّخَعِيِّ وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ

وَعَطَاءٌ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: الْقَيْحُ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ، وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: كُلُّ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنَ الْإِنْسَانِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ فِي خُرُوجِ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وُضُوءٌ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ

الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْقَرْحِ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَكَانَ أَبُو مِجْلَزٍ لَا يَرَى فِي الْقَيْحِ شَيْئًا وَقَالَ: إِنَّمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ عَزَّ وَجَلَّ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي قُرْحَةٍ سَالَ مِنْهَا كَغُسَالَةِ اللَّحْمِ لَيْسَ بِدَمٍ وَلَا قَيْحٍ لَا وُضُوءَ فِيهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ هَذَا كُلُّهُ أَيْسَرُ عِنْدِي مِنَ الدَّمِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلُّ مَا كَانَ سِوَى الدَّمِ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ فِي الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَمَاءِ الْقَرْحِ الْوُضُوءَ حُجَّةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ -[184]- وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي النَّفْطَةِ يَسِيلُ مِنْهَا مَاءٌ أَوْ دَمٌ أَوْ قَيْحٌ أَوْ صَدِيدٌ: إِنْ سَالَ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ لَمْ يَنْقُضْ.

ذكر الوضوء من القيء قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الوضوء من القيء فأوجبت طائفة منه الوضوء، فممن روينا عنه أنه رأى الوضوء علي بن أبي طالب وأبو هريرة، وكان ابن عمر يأمر بالوضوء منه. وروينا عن ابن عباس أنه قال: الحدث حدثان حدث من فيك وحدث من أسفل منك

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقَيْءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْقَيْءِ فَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُ الْوُضُوءَ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى الْوُضُوءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْمُرُ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَدَثُ حَدَثَانِ حَدَثٌ مِنْ فِيكَ وَحَدَثٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْإِفْطَارُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ.

77 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ وَجَدَ رِزًّا فِي بَطْنِهِ أَوْ رُعَافًا أَوْ قَيْئًا فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ فَإِنْ تَكَلَّمَ اسْتَقْبَلَ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ

78 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِذَا رَعَفَ الرَّجُلُ أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ وَجَدَ مَذْيًا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَبْنِي مَا بَقِيَ عَلَى مَا مَضَى إِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ

79 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: يُعَادُ الْوُضُوءُ مِنَ الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ

80 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ثنا إِسْحَاقَ، أنا عَلِيٌّ الرَّازِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْحَدَثُ حَدَثَانِ حَدَثٌ مِنْ فِيكَ، وَحَدَثٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكَ

81 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْإِفْطَارُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، وَالْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ وَمِمَّنْ رَأَى مِنْهُ الْوُضُوءَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيُّ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا تَقَيَّأَ مُتَعَمِّدًا أَوْ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ أَوْ قَلَسَ مِلْءَ فِيهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْسُ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ فِيهِ لَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ إِذَا تَقَيَّأَ مِلْءَ فِيهِ بَلْغَمًا فَقَالَ النُّعْمَانُ وَمُحَمَّدٌ: لَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: الْبَلْغَمُ كَغَيْرِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذَا كَانَ مِلْءَ فِيهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ، -[186]- وَكَانَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لَا يَرَوْنَ فِي الْقَيْءِ وُضُوءًا وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُ رَبِيعَةَ يَقْلِسُ ثُمَّ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُصَلِّيَ

ذكر الوضوء من القلس واختلفوا في الوضوء من القلس فرأت طائفة فيه الوضوء، فممن رأى أن فيه الوضوء عطاء وقتادة والنخعي والشعبي والحكم وحماد وروي ذلك عن مجاهد والقاسم وسالم، وسئل الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز عن القلس فقالا: إذا قلست فظهر على لسانك استأنفت

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقَلْسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْقَلْسِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ الْوُضُوءَ، فَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ فِيهِ الْوُضُوءَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ

وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْقَلْسِ فَقَالَا: إِذَا قَلَسْتَ فَظَهَرَ عَلَى لِسَانِكَ اسْتَأْنَفْتَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الْقَلْسِ وُضُوءٌ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِي عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَيْسَ فِي الْقَلْسِ وُضُوءٌ.

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ فِي قَلِيلِهِ وَإِذَا كَانَ كَثِيرًا تَوَضَّأَ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْقَيْءِ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَلْسِ إِذَا كَانَ قَلِيلًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَثُرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْقَيْءِ فَنَعَمْ، وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَلْسِ مِثْلَ مَا خَرَجَ مِنْ سَبِيلَيْنِ. وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْقَلْسِ: إِذَا ازْدَرَدَهُ فَلَا يَتَوَضَّأُ وَإِنْ لَفِظَهُ يَتَوَضَّأُ، وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الْقَلْسِ الْحَبَّةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وُضُوءًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سَائِرِ الْأَحْدَاثِ مِثْلَ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ

وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ أَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ مِنْ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ وَالْقَلْسُ فِي نَفْسِهِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ حَدَثًا كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ أَوْ لَا يَكُونُ حَدَثًا فَلَا مَعْنَى لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَقَدِ احْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي إِيجَابِهِمِ الْوُضُوءَ مِنَ الْقَيْءِ بِحَدِيثِ ثَوْبَانَ

82 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثنا أَبِي، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ قَالَ: فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وُضُوءًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ يَخْلُوا هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْهُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ كَمَا أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ سَائِرِ الْأَحْدَاثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٌ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَجِبَ فِيهِ فَرْضٌ. وَكَانَ أَحْمَدُ يُثْبِتُ الْحَدِيثَ , وَقَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنْ ثَبَتَ اشْتِهَارُ يَعِيشَ وَأَبِيهِ بِالْعَدَالَةِ جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهَمَا، قَالَ: وَلَمْ يَثْبُتْ -[190]- ذَلِكَ عِنْدَنَا بَعْدُ، وَاسْتَحَبَّ هَذَا الْقَائِلُ الْوُضُوءَ فِيهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ لَمْ يُوجِبْ فَرْضًا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِيمَا نَعْلَمُ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الدود يخرج من دبر المرء واختلفوا في الدود يخرج من الدبر فأوجب كثير منهم الوضوء، فممن قال عليه الوضوء عطاء والحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وأبو مجلز والحكم بن عتيبة، وكان الأوزاعي وسفيان الثوري وابن المبارك والشافعي والنعمان وأصحابه يرون منه

ذِكْرُ الدُّودِ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِ الْمَرْءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الدُّودِ يَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ فَأَوْجَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ الْوُضُوءَ، فَمِمَّنْ قَالَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَالنُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَرَوْنَ مِنْهُ الْوُضُوءَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا خَرَجَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ دُبُرِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ الَّذِي

هُوَ سَبِيلُ الْحَدَثِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَكَذَلِكَ الدُّودَةُ وَالْحَصَاةُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ كَقَوْلِ عَطَاءٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ أَيْضًا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ قَالَ: مَا خَرَجَ مِنَ النِّصْفِ الْأَعْلَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ وَمَا خَرَجَ مِنَ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الدُّودِ يَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ الْوُضُوءُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ،

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدَّمُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كُلُّ مَنْ تَطَهَّرَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ حَدَثٌ يُوجِبُ عَلَيْهِ الطَّهَارَةَ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، فَمِمَّا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ الْغَائِطُ وَالرِّيحُ يَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ وَالْمَذْيُ وَالْبَوْلُ الْخَارِجَانِ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَقَالَ آخَرُ: وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ فَأَمَّا وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنَ الْغَائِطِ فِي الْكِتَابِ وَوُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنَ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالرِّيحِ تَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ فَبِالسُّنَّةِ، وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَبَرٌ ثَابِتٌ يُوجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءَ فَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَمَّا سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا أَوْجَبَ فَرِيقٌ مِنْهُ الْوُضُوءَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْقُبَلِ وَالدَّبْرِ وَأَسْقَطَ آخَرُونَ مِنْهُ الْوُضُؤَءَ فَغَيْرُ جَائِزٍ نَقْضُ طَهَارَةٍ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهَا بِحَدَثٍ مُخْتَلِفٍ فِي انْتِقَاضِ طَهَارَةِ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لِمَ لَمْ يُجْعَلْ حُكْمُ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مَنْ هَذَا حُكْمَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ؟ قِيلَ: لِأَنَّ الطَّهَارَاتِ عِبَادَاتٌ يُعْبَدُ اللهُ بِهَا خَلْقَهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ عِلَلُهَا وَقَدْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَخْرَجِ الْوَاحِدِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ وَهُوَ الْمَنِيُّ، وَالْآخَرُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَهُوَ الْمَذْيُ، وَدَمَانِ يَخْرُجَانِ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ وَهُوَ دَمُ الْمَحِيضِ وَدَمٌ آخَرُ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمَخْرَجِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَهُوَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ، وَيُوجِبُ أَحَدُهُمَا تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مَعَ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِالدَّمِ الْآخَرِ وَمَخْرَجُهُمَا وَاحِدٌ، فَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَاتُ تَجِبُ لِلْخَارِجِ وَالْمَخْرَجِ لَاسْتَوَتْ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَخَارِجِ وَقَدْ أَوْجَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُضُوءَ بِأَسْبَابٍ غَيْرِ مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ وَنَحْنُ ذَاكِرُوهَا إِنْ شَاءَ اللهُ فِيمَا بَعْدُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلٌ يَحْتَمِلُ النَّظَرَ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَوْلَا أَنَّ الدُّودَةَ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِنَدْوَةٍ مِنْ غَائِطٍ وَكَذَلِكَ الْحَصَى لَا يَكَادُ يَخْرُجُ إِلَّا بِنَدْوَةٍ مِنْ بَوْلٍ لَكَانَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّظَرِ قَوْلُ مَنْ لَا يَرَى فِي ذَلِكَ وُضُوءًا، فَأَيُّ ذَلِكَ خَرَجَ وَمَعَهُ نَدْوَةٌ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فَفِيهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّ قَلِيلَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَكَثِيرُ ذَلِكَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَاللهُ أَعْلَمُ.

ذكر الأشياء التي اختلف في وجوب الطهارة منها

ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا

ذكر الوضوء من مس الذكر اختلف أهل العلم في وجوب الطهارة من مس الذكر فقالت طائفة: إذا مس ذكره توضأ، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وابن عباس وكان ابن عمر يتوضأ من مس الذكر.

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذِّكْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مَنْ مَسَّ الذَّكَرَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا مَسَّ ذَكَرَهُ تَوَضَّأَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ.

83 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: -[194]- حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ طُعْمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ

84 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَةِ: أَمَا يُجْزِيكَ الْغُسْلُ مِنَ الْوُضُوءِ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنِّي أَحْيَانًا أَمَسُّ ذَكَرِي فَأَتَوَضَّأُ

85 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ فَرْجَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ

86 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ فَاحْتَكَكْتُ فَقَالَ: «لَعَلَّكَ مَسِسْتَ ذَكَرَكَ» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَقُمْ فَتَوَضَّأْ» ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ

87 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا عَمْرِو بْنِ أَبِي وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَمَنْ مَسَّ فَوْقَ الثَّوْبِ فَلَا يَتَوَضَّأُ»

88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَتَّابُ بْنُ بِشْرٍ، أنا خُصَيْفٌ، -[195]- عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ: «إِنْ عَرَكْتَهُ عَرْكَ الْأَدِيمِ فَتَوَضَّأْ، وَإِلَّا فَلَا» وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ -[196]- عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إِذَا مَسَّهُ مُتَعَمِّدًا أَعَادَ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ يُوجِبُونَ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فَحَكَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ شَرْجٍ وَلَا رِفْغٍ إِلَّا مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَحْدَهُ. -[197]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَحَكَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ صَلَّى وَقَدْ مَسَّ ذَكَرَهُ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي إِيجَابِهِمُ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِحَدِيثِ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ

89 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ: مَنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ، فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ عُرْوَةَ فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ، أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، -[198]- وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ بُسْرَةَ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شُرَيْحٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَرْوَى بِنْتِ أُنَيْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ آخَرُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وُضُوءٌ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةَ -[199]- وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَأَلُ رَجُلٌ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ -[200]- مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ مِنْكَ بَضْعَةً نَجِسَةً فَاقْطَعْهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَجْمَعَ لِي رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا أُبَالِي إِيَّاهُ مَسِسْتُهُ أَوْ مَسِسْتُ أُذُنِي أَوْ رُكْبَتِي أَوْ فَخِذِي

90 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَا أُبَالِي إِيَّاهُ مَسِسْتُ أَوْ أُذُنِي إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْمَدُ لِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ 91 - بُنْدَارٌ عَنْ يَحْيَى، وَسُفْيَانَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ أَحَدُهُمَا: مَا أُبَالِي إِيَّاهُ مَسِسْتُ أَوْ أَنْفِي، وَقَالَ آخَرُ: أَوْ أُذُنِي

92 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ حَكَّنِي بَعْضُ جَسَدِي فِي الصَّلَاةِ فَأَفْضَيْتُ إِلَى ذَكَرِي، قَالَ: فَقَالَ: «فَاقْطَعْهُ فَاطْرَحْهُ هَلْ هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ»

93 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ -[201]- بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي مَسِّ الذَّكَرِ وُضُوءًا

94 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ فِيكَ بَضْعَةً فَاقْطَعْهَا

95 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي مَجْلِسِ عَمَّارٍ فَتَذَاكَرُوا مَسَّ الذَّكَرِ، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ مِثْلُ أَنْفِي أَوْ أَنْفِكَ، وَإِنَّ لِكَفِّكَ مَوْضِعٌ غَيْرُهُ

96 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ السَّدُوسِيُّ، ثنا الْبَرَاءُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «مَا أُبَالِي إِيَّاهُ مَسِسْتُ أَمْ أَنْفِي»

97 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: «مَا أُبَالِي إِيَّاهُ مَسِسْتُ أَمْ فَخِذِي»

98 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حَرِيزِ -[202]- بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ

99 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَجْمَعَ لِي رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا أُبَالِي إِيَّاهُ مَسِسْتُ أَوْ مَسِسْتُ أُذُنِي أَوْ رُكْبَتِي أَوْ فَخِذِي وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَرَاهُ كَبَعْضِ جَسَدِهِ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِيهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ لَا يَرَيَانِ مِنْهُ وُضُوءًا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ. وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، -[203]- وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ

100 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا مُحَاضِرُ بْنُ مُوَرِّعٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ طَلْقٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَوَضَّأْتُ فَمَسِسْتُ ذَكَرِي أَوْ أَتَوَضَّأُ فَأَمَسُّ ذَكَرِي، قَالَ: «هُوَ مِنْكَ»

101 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، أَنَّ طَلْقًا، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَمِسُّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إِنَّمَا هُوَ كَبَعْضِ جَسَدِكَ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ: وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا أَوْ دَمًا فَمَسِّ الذَّكَرِ أَوْلَى أَنْ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا , وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الذَّكَرَ إِذَا مَسَّ الْفَخِذَ لَا يُوجِبُ وُضُوءًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَدِ وَالْفَخِذِ، وَتَكَلَّمُوا فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ. وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ قَالَ: وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ، وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ» وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ فِيهِمَا شَيْءٌ إِلَّا أَنِّي أَذْهَبُ إِلَى الْوُضُوءِ. -[204]- وَحَكَى رَجَاءٌ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فَتَذَاكَرَا الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَكَانَ أَحْمَدُ يَرَى مِنْهُ الْوُضُوءَ وَيَحْيَى لَا يَرَى ذَلِكَ وَتَكَلَّمَا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ فَحَصَلَ أَمْرُهُمَا عَلَى أَنِ اتَّفَقَا عَلَى إِسْقَاطِ الِاحْتِجَاجِ بِالْخَبَرَيْنِ مَعًا خَبَرِ بُسْرَةَ وَخَبَرِ قَيْسٍ، ثُمَّ صَارَا إِلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ الصَّحَابَةِ فَصَارَ أَمْرُهُمَا إِلَى أَنِ احْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يُمْكِنْ يَحْيَى دَفْعُهُ، وَاحْتَجَّ يَحْيَى فِي الرُّخْصَةِ بِبَعْضِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ. وَحَكَى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ مَسِّ ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَوَضَّأَ فَهُوَ طَاهِرٌ وَاخْتَلَفُوا فِي انْتِقَاضِ طَهَارَةِ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِيهِ فَلَا -[205]- وَجْهَ لِنَقْضِ الطَّهَارَةِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهَا إِلَّا بِخَبَرٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ. 102 - وَحَكَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ وَضَعْتُ يَدِي فِي دَمِ خِنْزِيرٍ أَوْ جِيفَةٍ مَا نُقِضَ وُضُوئِي، فَمَسُّ الذَّكَرِ أَيْسَرُ مِنَ الدَّمِ. قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: وَيْحَكُمْ مِثْلُ هَذَا يَأْخُذُ بِهِ أَحَدٌ أَوْ يَعْمَلُ بِهِ بِحَدِيثِ بُسْرَةَ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ بُسْرَةَ شَهِدَتْ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ مَا أَجَزْتُ شَهَادَتَهَا إِنَّمَا قِوَامُ الدِّينِ الصَّلَاةُ وَقِوَامُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ فَلَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُقِيمُ هَذَا الدِّينَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بُسْرَةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُ بُسْرَةَ فَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَوْ تَوَضَّأَ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ احْتِيَاطًا كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

مسألة من هذا الباب واختلفوا فيمن مس الذكر مخطئا غير قاصد لمسه فقالت طائفة: إن مسه متعمدا توضأ وإن لم يتعمد ذلك فلا وضوء عليه. هكذا قال مكحول. وقال جابر بن زيد: إذا مسه متعمدا توضأ، وكان طاوس وسعيد بن جبير يقولان: من مسه وهو لا يريد وضوءا فليس عليه

مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ الذَّكَرَ مُخْطِئًا غَيْرَ قَاصِدٍ لَمَسَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ مَسَّهُ مُتَعَمِّدًا تَوَضَّأَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. هَكَذَا قَالَ مَكْحُولٌ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إِذَا مَسَّهُ مُتَعَمِّدًا تَوَضَّأَ، وَكَانَ طَاوُسٌ -[206]- وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولَانِ: مَنْ مَسَّهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ وُضُوءًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ. كَذَلِكَ قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَقُولُونَ: خَطَؤُهُ وَعَمْدُهُ سَوَاءٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ , وَأَبُو أَيُّوبَ , سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ , وَأَبُو خَيْثَمَةَ. -[207]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ مَسَّ الذَّكَرِ بِمَعْنَى الْحَدَثِ الَّذِي يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَنْ يَجْعَلَ خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ سَوَاءً كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ.

ذكر مس الذكر بالساعد أو بظهر الكف أجمع الذين أوجبوا الوضوء من مس الذكر على إيجاب الوضوء على من مس ذكره ببطن كفه عامدا. واختلفوا فيمن مس ذكره بظهر كفه أو بساعده فقالت طائفة: عليه الوضوء. قيل لعطاء: إن مست الذراع الذكر أيتوضأ؟ قال: نعم. وكان

ذِكْرُ مَسِّ الذَّكَرِ بِالسَّاعِدِ أَوْ بِظَهْرِ الْكَفِّ أَجْمَعَ الَّذِينَ أَوْجَبُوا الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِبَطْنِ كَفِّهِ عَامِدًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِظَهْرِ كَفِّهِ أَوْ بِسَاعِدِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. قِيلَ لِعَطَاءٍ: إِنْ مَسَّتِ الذِّرَاعُ الذَّكَرَ أَيَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِسَاعِدِهِ قَالَ: السَّاعِدُ يَدٌ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا مَسَّهُ بِسَاعِدِهِ أَوْ ظَهْرِ كَفِّهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: «إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» . يُوجِبُ الْوُضُوءَ إِذْ لَمْ يَقُلْ بِظَهْرِ كَفِّهِ وَلَا بِبَطْنِهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِبَطْنِ كَفِّهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ،

وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِذِرَاعَيْهِ أَوْ بِقَدَمَيْهِ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

103 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ: قَدْ أَدْخَلُوا بَيْنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَيْنَ الْمَقْبُرِيِّ فِيهِ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ أَبُو مُوسَى الْخَيَّاطُ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ يَزِيدَ فَقَالَ: يَرْوِي أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ

ذكر المرأة تمس فرج زوجها أو الزوج يمس فرجها كان الزهري يقول: إذا مس الرجل فرج امرأته ووضع يده على كفلها أو مس محاسرها توضأ. وقال الأوزاعي: إذا مس فرج امرأته عليه الوضوء. وكذلك قال الشافعي. وكان الأوزاعي يقول: إذا مست فرج زوجها فعليها الوضوء ولا

ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَمَسُّ فَرْجَ زَوْجِهَا أَوِ الزَّوْجُ يَمَسُّ فَرْجَهَا كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى

كَفَلِهَا أَوْ مَسَّ مَحَاسِرَهَا تَوَضَّأَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا مَسَّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا مَسَّتْ فَرْجَ زَوْجِهَا فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا مَسَّتْ فَرْجَ زَوْجِهَا أَرَى أَنْ تَتَوَضَّأَ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَتْ مَسَّتْهُ لِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ، وَإِنْ كَانَتْ مَسَّتْهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا لَمَسَتْهُ الْوُضُوءُ. وَفِي قَوْلِ إِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ إِذَا مَسَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا تَوَضَّأَتْ. وَكَانَ جَابِرُ بْنُ زَيدِ يَقُولُ: إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ قُبُلَ امْرَأَتِهِ أَوِ امْرَأَةٌ مَسَّتْ فَرْجَ زَوْجِهَا عَلَيْهِمَا الطُّهُورُ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إِذَا مَسَّتِ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا تَوَضَّأَتْ. وَلَا أَحْسَبُهُ ثَابِتًا وَحَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا» لَا يَثْبُتُ.

104 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى، قَالَا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أنا بَقِيَّةُ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ

ذكر مس الصبي وغيره واختلفوا فيما يجب على من مس ذكر صبي فقالت طائفة: عليه الوضوء. كذلك قال عطاء والشافعي، وقال أبو ثور: إذا مس ذكر غيره توضأ. وقال إسحاق: أحب إلي أن يتوضأ. وقالت طائفة: ليس في مس ذكر الصبي وضوء. كذلك قال الزهري والأوزاعي ومالك.

ذِكْرُ مَسِّ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَ صَبِيٍّ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا مَسَّ ذَكَرَ غَيْرِهِ تَوَضَّأَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي مَسِّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ وُضُوءٌ. كَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ. وَكَانَ رَبِيعَةُ لَا يَرَى بِمَسِّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ بَأْسًا إِذَا كَانَ صَغِيرًا.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنْ مَيِّتٍ فَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ إِسْحَاقَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَتْ: طَائِفَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنَ الْبَهَائِمِ الْوُضُوءَ هَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ عَطَاءٌ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَسِسْتُ قُنْبَ حِمَارٍ أَوْ ثَوْلَ جَمَلٍ قَالَ: أَمَّا قُنْبُ الْحِمَارِ فَكُنْتُ مُتَوَضِّئًا، وَأَمَّا مِنْ ثَوْلِ الْجَمَلِ فَلَا، قُلْتُ: فَمَاذَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْحِمَارَ هُوَ نَجِسٌ قَالَ: وَأَقُولُ أَنَا كُلُّ شَيْءٍ نَجِسٌ كَهَيْئَةِ الْحِمَارِ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَمَسَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَهَيْئَةِ الْبَعِيرِ مَسَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وُضُوءَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

ذكر مس الأنثيين واختلفوا فيمن مس أنثييه فروي عن عروة بن الزبير، أنه قال: يتوضأ. وقال الزهري: أحب إلي أن يتوضأ. وفيه قول ثان وهو أن لا وضوء عليه، كذلك قال عطاء بن أبي رباح والشعبي وإسحاق وهو قول عوام أهل العلم، وقال مالك: لا وضوء على من مس عانته.

ذِكْرُ مَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ فَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: يَتَوَضَّأُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّعْبِيُّ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ عَانَتُهُ.

ذكر مس الدبر واختلفوا في الوضوء من مس الدبر فقالت طائفة: عليه الوضوء. هكذا قال عطاء بن أبي رباح والزهري، وقال الأوزاعي: بلغني ذلك. وكان الشافعي وإسحاق يقولان: عليه الوضوء. وقالت طائفة: لا وضوء عليه، هذا قول مالك بن أنس وسفيان الثوري وأصحاب الرأي

ذِكْرُ مَسِّ الدُّبُرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الدُّبُرِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. هَكَذَا قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنِي ذَلِكَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ: عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ -[213]- الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ.

الوضوء مما مست النار اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في الوضوء مما مست النار فممن روي عنه أنه توضأ أو أمر بالوضوء منه عبد الله بن عمر وأبو طلحة عم أنس وأنس بن مالك وأبو موسى الأشعري وعائشة وزيد بن ثابت وأبو هريرة وأبو عزة رجل يقال أن

الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ أَوْ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو طَلْحَةَ عَمُّ أَنَسٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَائِشَةُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو عَزَّةَ رَجُلٌ يُقَالُ أَنَّ لَهُ صُحْبَةٌ.

105 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ

106 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، وثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

107 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ، أنا سُلَيْمَانُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: مَا أُبَالِي أَكَلْتُ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ صَلَّيْتُ وَلَمْ أَتَوَضَّأْ أَوْ لَوَّثْتُ يَدِي بِفَرْثِهَا وَدَمِهَا ثُمَّ صَلَّيْتُ وَلَمْ أَتَوَضَّأْ

108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ

109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ: تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ

110 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ، أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ جَاءَ وَهُوَ خَبِيثُ النَّفْسِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْقَصْرِ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: «وَمَالِي لَا أَكُونُ خَبِيثَ النَّفْسِ وَقَدْ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ هَؤُلَاءِ آنِفًا وَقَدْ أَكَلُوا خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّئُوا» قُلْتُ: وَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَهُ؟ قَالَ: «لَا» وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَأَبِي قِلَابَةَ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ -[216]- وَأَبِي مَيْسَرَةَ وَالزُّهْرِيِّ. وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ

111 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ -[217]- أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَجَدَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّمَا أَتَوَضَّأُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ أَكَلْتُهَا، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَوْلُهُ ثَوْرٌ الْقِطْعَةُ مِنَ الْأَقِطِ وَجَمْعُهَا أَثْوَارٌ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو مُوسَى -[218]- الْأَشْعَرِيُّ وَسَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ وَسَلَمَةُ بْنُ وَقْشٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ. وَقَدْ ذَكَرْتُ -[219]- أَسَانِيدَهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ. وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ -[220]- بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ

112 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، أَكَلَا خُبْزًا وَلَحْمًا وَصَلَّيَا وَلَمْ يَتَوَضَّيَا

113 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: أَكَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ كَتِفَ لَحْمٍ أَوْ ذِرَاعًا ثُمَّ قَامَ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

114 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكِ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، «أَكَلَ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»

115 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو الْحُسَيْنِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ ثُوَيْرٍ مَوْلَى أَبِي جَعْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: أَكَلْتُ مَعَ عَلِيٍّ ثَرِيدًا وَلَحْمًا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

116 - حَدَّثَنَا نَبِيلُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللهِ بِقَصْعَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ مَضْمَضَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ

117 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ -[222]- سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنَّمَا النَّارُ بَرَكَةٌ، وَالنَّارُ مَا تُحِلُّ مِنْ شَيْءٍ وَلَا تُحَرِّمُهُ، وَلَا وُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَلَا وُضُوءَ مِمَّا دَخَلَ، إِنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْإِنْسَانِ

118 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا يَحْيَى، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ وَقَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ هَلْ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَبِي يَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ. وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ

119 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ آكُلُ مَعَ أَبِي أُمَامَةَ الثَّرِيدَ وَاللَّحْمَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ

120 - وَفِي حَدِيثٍ مَعْنٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْأَخْبَارِيِّ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ «فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ فَقَامَ أَبُو طَلْحَةَ وَأُبَيٌّ فَصَلَّيَا وَلَمْ يَتَوَضَّيَا»

121 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ قُرَيْعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: مَا أُبَالِي أَنْ آكُلَ لَحْمًا وَخَلًّا وَأُصَلِّي وَلَا أَتَوَضَّأُ

122 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، ثنا مَيْسَرَةُ، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ لَا يَتَوَضَّأُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

123 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، ثنا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْمَدِينِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ يَزِيدَ، قَالَ: كَانَ سَلَمَةُ صَائِمًا فَأَكَلَ حَيْسًا قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

124 - وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، ثنا حَمْدَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ أَيُّوبُ: «إِذَا بَلَغَكَ اخْتِلَافٌ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتَ فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَشُدَّ يَدَكَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ وَهُوَ السُّنَّةُ»

125 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الثَّقَفِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هِشَامٍ الرِّفَاعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ آدَمَ، يَقُولُ: لَيْسَ يُحْتَاجُ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ قَوْلٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ عَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لِيُعْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِيمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ -[224]- وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَلَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ إِلَّا الْوُضُوءَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ بِأَخْبَارٍ ثَابِتَةٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ

126 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

127 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَا: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَرَّبَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبْنًا مَشْوِيًّا فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ تَكْثُرُ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ

128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَبَشِيُّ، قَالَ: ثنا قُرَيْشُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي خَالِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[225]- أَكَلَ آخِرَ أَمْرَيْهِ خُبْزًا وَلَحْمًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

129 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ النَّاسِخَةُ اتِّفَاقَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُمْ جَمِيعًا عِلْمُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ مِمَّا لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَلَوْ كَانَ الْأَكْلُ حَدَثًا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ لَمْ يَخْفَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةً وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَجْهَلُوا ذَلِكَ فَإِذَا تَطَهَّرَ الْمَرْءُ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ لَا مُعَارِضَ لَهَا أَوْ إِجْمَاعٌ عَلَى أَنَّ طَهَارَتَهُ قَدِ انْتُقِضَتْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْحُجَجِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا شَيْءٌ لَكَانَ الْوَاجِبُ إِذَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ وَتَضَادَّتِ الْوُقُوفَ عَنِ اسْتِعْمَالِهَا. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا جَاءَكَ عَنْ رَجُلٍ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ -[226]- لَا تَدْرِي النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَلَا الْأَوَّلُ مِنَ الْآخَرِ فَلَمْ يَجِئْكَ عَنْهُ شَيْءٌ

ذكر الوضوء من الضحك في الصلاة أجمع أهل العلم على أن الضحك في غير الصلاة لا ينقض طهارة ولا يوجب وضوءا. وأجمعوا على أن الضحك في الصلاة ينقض الصلاة. واختلفوا في نقض الطهارة من ضحك في الصلاة فأوجبت طائفة عليه الوضوء، وممن روي ذلك عنه الحسن البصري والنخعي

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الضَّحِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً وَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الضَّحِكَ فِي الصَّلَاةِ يَنْقُضُ الصَّلَاةَ. وَاخْتَلَفُوا فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ مِنْ ضَحِكٍ فِي الصَّلَاةِ فَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ لَا يَثْبُتُ.

130 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، ثنا هِشَامٌ، عَنْ -[227]- حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ جَاءَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَتَرَدَّى فِي حُفْرَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَضَحِكَ طَوَائِفُ مِنَ الْقَوْمِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَيُعِيدَ الصَّلَاةَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى مَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ وُضُوءٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَانَ -[228]- الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ كَقَوْلِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ كَمَا قَالَ الثَّوْرِيُّ

131 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ

132 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: صَلَّى أَبُو مُوسَى بِأَصْحَابِهِ فَزَادَ شَيْئًا فَضَحِكُوا مِنْهُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى حَيْثُ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ: مَنْ كَانَ ضَحِكَ مِنْهُمْ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا تَطَهَّرَ الْمَرْءُ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ طَهَارَةٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهَا إِلَّا بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ نَقَضَ طَهَارَتَهُ لَمَّا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ وَحَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ مُرْسَلٌ وَالْمُرْسَلُ مِنَ الْحَدِيثِ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. -[229]- وَإِذَا كَانَتِ الْأَحْدَاثُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا مِثْلُ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالنَّوْمِ وَخُرُوجِ الْمَذْيِ وَالرِّيحِ تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلَاةِ؛ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ؛ فَالضَّحِكُ لَا يَخْلُو فِي نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ حَدَثًا كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ فَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ حَدَثًا أَنْ يَنْقُضَ طَهَارَةَ الْمَرْءِ إِذَا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ حَدَثًا فَغَيْرُ جَائِزٍ إِيجَابُ الطَّهَارَةِ مِنْهُ، فَأَمَّا أَنْ يَجْعَلَهُ مَرَّةً حَدَثًا وَمَرَّةً لَيْسَ بِحَدَثٍ فَذَلِكَ تَحَكُّمٌ مِنْ فَاعِلِهِ، وَمِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَنَّ الْمُحْدِثَ فِي صَلَاتِهِ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا وَأَوْجَبُوا عَلَى الضَّاحِكِ فِي الصَّلَاةِ حُكْمًا ثَالِثًا جَعَلُوا عَلَيْهِ إِعَادَةَ الْوُضُوءِ وَإِعَادَةَ الصَّلَاةِ فَلَا هُمْ جَعَلُوهُ كَحُكْمِ الَّذِي هُوَ بِهِ أَشْبَهُ وَلَا كَحُكْمِ سَائِرِ الْأَحْدَاثِ الَّتِي مَنْ أَصَابَ ذَلِكَ بَنَى إِذَا تَطَهَّرَ عَلَى صَلَاتِهِ. وَقَالُوا: إِذَا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ مِنْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ -[230]- ضَحِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ هَذِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِصَلَاةٍ أُخْرَى وَلَيْسَ يَخْلُو الضَّاحِكُ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا، أَوْ لَا يَكُونُ فِي صَلَاةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِمْ. فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَيْسَ فِي صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فَهَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنَ قَذَفَ فِي صَلَاتِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فَجَعَلُوا حُكْمَ الضَّحِكِ أَعْظَمَ مِنْ حُكْمِ الْقَذْفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ بِالرَّحْمَةِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] وَخَبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ خَيْرَ النَّاسِ الْقَرْنُ الَّذِي هُوَ فِيهِمْ بِأَنَّهُمْ ضَحِكُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِمْ وَلَوْ وَصَفُوهُمْ بِضِدِّ مَا وَصَفُوهُمْ بِهِ كَانَ أَوْلَى بِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الوضوء من الكذب والغيبة وأذى المسلم قال أبو بكر: إذا تطهر الرجل فهو على طهارته إلا أن تدل حجة على نقض طهارته. وأجمع كل من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف وقول الكذب والغيبة لا تنقض طهارة ولا توجب وضوءا كذلك مذهب أهل المدينة وأهل الكوفة من

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَأَذَى الْمُسْلِمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا تَطَهَّرَ الرَّجُلُ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ إِلَّا أَنْ تَدُلَّ حُجَّةٌ عَلَى نَقْضِ طَهَارَتِهِ. وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ قَوْلَهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْقَذْفَ وَقَوْلَ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةَ لَا تَنْقُضُ طَهَارَةً وَلَا تُوجِبُ وُضُوءًا كَذَلِكَ مَذْهَبُ أَهْلِ -[231]- الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: السَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْكَذِبُ وَالْفُجُورُ وَالنَّظَرُ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ أَيُوجِبُ الْوُضُوءَ؟ قَالَ: لَا الْحَدَثُ حَدَثَانِ: حَدَثٌ مِنْ فَوْقَ وَحَدَثٌ مِنْ أَسْفَلَ.

133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أنا السَّيْنَانِيُّ، أنا السُّكَّرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: السَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْكَذِبُ وَالْفُجُورُ وَالنَّظَرُ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ أَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ؟ قَالَ: «لَا، الْحَدَثُ حَدَثَانِ حَدَثٌ مِنْ فَوْقَ وَحَدَثٌ مِنْ أَسْفَلَ» وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: هَلْ تَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ وُضُوءًا؟ سِبَابٌ أَوْ غَيْرُ فَقَالَ: لَا. وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِسْقَاطِ الْوُضُوءِ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِمَا يَعْظُمُ مِنَ الْقَوْلِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

134 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: اللَّاتِ فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: -[232]- تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى قَائِلِهِ وُضُوءًا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِالْوُضُوءِ مِنَ الْكَلَامِ الْخَبِيثِ وَأَذَى الْمُسْلِمِ، وَرُوِّينَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: لَأَنْ أَتَوَضَّأَ مِنْ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَوَضَّأَ مِنَ الطَّعَامِ الطِّيبِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَدَثُ حَدَثَانِ: حَدَثُ اللِّسَانِ وَحَدَثُ الْفَرْجِ، وَأَشَدُّهُمَا حَدَثُ اللِّسَانِ

135 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لِأَنْ أَتَوَضَّأَ مِنْ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ» نَحْوَ مَا أَتَقَدَّمُ

136 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الْكَلِمَةِ الْعَوْرَاءِ يَقُولُهَا»

137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ حَاجِبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْحَدَثُ حَدَثَانِ حَدَثُ اللِّسَانِ، وَحَدَثُ الْفَرْجِ، وَأَشَدُّهُمَا حَدَثُ اللِّسَانِ» -[233]- وَقِيلَ لِعَبِيدَةَ مِمَّا يُعَادُ الْوُضُوءُ، قَالَ: مِنَ الْحَدَثِ وَأَذَى الْمُسْلِمِ. وَرُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ حَدِيثٍ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعَ. وَلَا أَحْسَبُ مَنْ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا اسْتِحْسَانًا بَيْنَ ذَلِكَ فِي أَلْفَاظِ حَدِيثِهِمْ

ذكر الوضوء من مس الإبطين والرفغين روينا عن عمر بن الخطاب، وابن عمر أنهما قالا: فيمن مس إبطه عليه الوضوء. ولا يثبت ذلك عن أحد منهما، وعن عكرمة أنه قال: من مس مغابنه فليتوضأ. وعن عروة أنه قال: إذا مس أنثييه أو رفغيه توضأ.

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مَنْ مَسَّ الْإِبِطَيْنِ وَالرُّفْغَيْنِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: فِيمَنْ مَسَّ إِبْطَهُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمَا، وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: -[234]- مَنْ مَسَّ مَغَابِنَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا مَسَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ رُفْغَيْهِ تَوَضَّأَ.

138 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُتْبَةَ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «مَنْ مَسَّ إِبْطَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ»

139 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِيمَنْ مَسَّ إِبْطَهُ قَالَ: «عَلَيْهِ الْوُضُوءُ»

140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ إِبْطَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ»

141 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى الْبَكَّاءُ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى إِبْطِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُكْمُ مَسِّ الْإِبْطِ وَالْأَرْفَاغِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ حُكْمٌ وَاحِدٌ، فَلَا يَجُوزُ إِيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْهُ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا حَجَّةَ مَعَ مَنْ قَالَ: أَنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ. -[236]- مَسْأَلَةٌ وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ ثُمَّ ذَبَحَ ذَبِيحَةً قَالَ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَلَا أَحْسَبُ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ ثَابِتًا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ فَلْيَتَوَضَّأْ أَيْ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ الذَّبْحِ لِيَكُونَ عَلَى الطَّهَارَةِ إِذَا ذَبَحَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى وَعَلَى بَطْنِهِ فَرْثٌ وَدَمٌ مِنْ جَزُورٍ نَحَرَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

142 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَحْيَى الْجَزَّارِ، قَالَ: صَلَّى ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَلَى بَطْنِهِ فَرْثٌ وَدَمٌ مِنْ جَزُورٍ نَحَرَهَا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى عَلَى مَنْ ذَبَحَ وُضُوءًا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ بِمِنًى فِي حَجَّتِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَابِرٌ وَلَا غَيْرُهُ أَنَّهُ أَحْدَثَ لِذَلِكَ وُضُوءًا -[237]- وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، وَمَنْ تَطَهَّرَ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ حَدَثًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوِ اتِّفَاقٌ

ذكر من ارتد، ثم رجع إلى الإسلام واختلفوا فيمن ارتد عن الإسلام، وهو طاهر ثم رجع إليه فكان الأوزاعي يقول إذا تاب استأنف الوضوء، وكذلك إن كان حج حجة الإسلام، ثم رجع إليه بعد الحج يستأنف العمل وقال أصحاب الرأي مثل قول الأوزاعي في الحج، وقالوا: لا إعادة

ذِكْرُ مَنِ ارْتَدَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ طَاهِرٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ إِذَا تَابَ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْحَجِّ يُسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مِثْلَ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الْحَجِّ، وَقَالُوا: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ تَيَمَّمَ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ، وَوَافَقَ مَالِكٌ الْأَوْزَاعِيَّ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِذَا ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَتَيَمَّمَ، وَيَغْتَسِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ.

ذكر الوضوء من قص الأظفار وأخذ الشارب والشعر واختلفوا فيمن توضأ ثم أخذ من شعره وأظفاره، فقالت طائفة: لا شيء عليه وهو على طهارته، هذا قول الحسن البصري وعطاء والحكم والزهري، وبه قال مالك، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق بن راهويه،

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ وَالشَّعْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ -[238]- وَالْحَكَمِ وَالزُّهْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالنُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ. وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ وُضُوءًا وَقَدْ ذَكَرْتُ فِيمَا مَضَى أَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ حَدَثًا يَدُلُّ عَلَى انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ كِتَابٌ أَوْ سَنَةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ؛ بَلِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أَخْذَ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ مِنَ الْفِطْرَةِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِقَصِّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ.

143 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الِاخْتِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ -[239]- الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ " حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: فَأَمَّا الِاسْتِحْدَادُ: فَهُوَ حَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَرَى وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَخْذَ الِاسْتِحْدَادِ إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِفْعَالُ مِنَ الْحَدِيدَةِ يَعْنِي الِاسْتِحْلَاقِ بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ النُّورَةِ

144 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، ثنا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْفِطْرَةُ قَصُّ الْأَظْفَارِ، وَأَخْذُ الشَّارِبِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ»

145 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالصَّحِيحُ إِنَّمَا هُوَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ نَافِعٍ

146 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ، وَإِعْفَاءِ اللِّحَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ كَثِيرٌ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الدِّينِ. -[240]- وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَتَوَضَّأُ، قَالَ: وَمِمَّ أَتَوَضَّأُ لَأَنْتَ أَكْيَسُ مِنَ الَّذِي سَمَّتْهُ أُمُّهُ كَيْسَانَ. وَقَالَ طَائِفَةٌ: مَنْ قَصَّ أَظْفَارَهُ، أَوْ جَذَّ شَارِبَهُ تَوَضَّأَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ: آخَرُونَ يَمَسُّهُ الْمَاءُ. كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ

ذكر الوضوء من الغضب

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مِنَ الْغَضَبِ

147 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ أَغْضَبَهُ، فَلَمَّا أَنْ -[241]- غَضِبَ قَامَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْنَا، وَقَدْ تَوَضَّأَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنَّمَا الْأَمْرُ بِهِ نَدْبًا لِيَسْكُنَ الْغَضَبُ. وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْهُ

ذكر المتطهر يشك في الحدث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة، فقال: " لا ينتقل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ". قال أبو بكر: فكل من كان عليه تعين الطهارة، وشك في الحدث فهو على أصل ما أيقن به من طهارته حتى يوقن

ذِكْرُ الْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «لَا يَنْتَقِلُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدُ رِيحًا» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ تَعَيُّنُ الطَّهَارَةِ، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ مَا أَيْقَنَ بِهِ مِنْ طَهَارَتِهِ حَتَّى يُوقِنَ بِالْحَدَثِ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالْحَدَثِ.

148 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَحَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «لَا يَنْتَقِلُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»

149 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ رِيحًا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يَجِدَ رِيحًا أَوْ يَسْمَعَ صَوْتًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابُهُ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا شَكَّ فِي وُضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ، وَإِنْ شَكَّ بَعْدَمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ فِي الَّذِي يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ يَسْتَنْكِحُهُ كَثِيرًا فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَسْتَنْكِحُهُ فَلْيُعِدِ الْوُضُوءَ

ذكر استحباب نضح الفرج بعد الوضوء ليدفع به وساوس الشيطان وينزع الشك به

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ نَضْحِ الْفَرَجِ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِيَدْفَعَ بِهِ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ وَيَنْزِعَ الشَّكَّ بِهِ

150 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ، أَوْ سُفْيَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ، ثُمَّ نَضَحَ عَلَى فَرْجِهِ

151 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثنا الرَّمَادِيُّ، ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، 152 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيَّ فَعَلَّمَنِي الْوُضُوءَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَنَضَحَ بِهَا فَرْجَهُ»

153 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: تَذَاكَرَ عَلِيٌّ، وَعَمَّارٌ، وَالْمِقْدَادُ الْمَذْيَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: فَاسْأَلُوا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ عَمَّارٌ أَوِ الْمِقْدَادُ فَسَمَّى لَنَا عَائِشٌ -[244]- الَّذِي سَأَلَ مِنْهُمَا فَنَسِيتُهُ، فَقَالَ: «ذَاكُمُ الْمَذْيُ إِذَا وَجَدَهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ لِيَتَوَضَّأْ فَيُحْسِنِ وُضُوءَهُ، ثُمَّ لِيَنَضَحْ فِي فَرْجِهِ»

154 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ نَضَحَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَجِدُ الْبِلَّةَ، قَالَ: " يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ يَنْضَحُ فَرْجَهُ فَيُوسِعُهُ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا وَجَدَ شَيْئًا، قَالَ: هَذَا مِنَ الْمَاءِ فَيُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ.

155 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ سَوَاءً

156 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُولِي ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ يَخْرُجُ مِنِّي الْبَوْلُ قَالَ: انْضَحْهُ، قُلْتُ: يَخْرُجُ مِنِّي الْبَوْلُ، قَالَ: انْضَحْهُ وَدَعْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعْتَرِيهِ كَثْرَةُ خُرُوجِ الْبَوْلِ مِنْهُ أَوْ كَثْرَةُ الْمَذْيِ، انْتَضَحَ بِالْمَاءِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طُهُورِهِ لِيَدْفَعَ بِذَلِكَ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَا عِلَّةَ بِهِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

كتاب المياه

كِتَابُ الْمِيَاهِ

قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] إِلَى قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] الْآيَةَ، وَقَالَ: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] ، وَقَالَ: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] ، وَقَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: 22] . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ: فَكَانَ بَيِّنًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ أَنَّ غُسْلَهُمْ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَاءِ، ثُمَّ أَبَانَ اللهُ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ، وَكَانَ مَعْقُولًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ أَنَّ الْمَاءَ مَا خَلَقَ اللهُ مِمَّا لَا صَنْعَةَ فِيهِ لِلْآدَمِيِّينَ. وَذَكَرَ الْمَاءَ عَامًّا فَكَانَ مَاءُ السَّمَاءِ، وَمَاءُ الْأَنْهَارِ، وَالْآبَارُ، وَالْقِلَاتِ، وَالْبِحَارِ الْعَذْبِ مِنْ جَمِيعِهِ، وَالْآجَاجِ سَوَاءً فِي أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَوِ اغْتَسَلَ بِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حَمْلُ الْمِيَاهِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ كُلِّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ وَلَقِيتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُتَطَهَّرَ بِهِ يَجْزِي إِلَّا مَاءَ الْبَحْرِ، فَإِنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَأَخْبَارًا عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

ذكر اختلاف أهل العلم في الوضوء بماء البحر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: في ماء البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ".

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: فِي مَاءِ الْبَحْرِ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» .

157 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، 158 - وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَاءُ الْبَحْرِ طَهُورٌ؛ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ

159 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أنا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: نا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»

160 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عُمَرَ، سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: «وَأَيُّ مَاءٍ أَطْهُرُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ»

161 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَاءُ الْبَحْرِ طَهُورٌ»

162 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَمَّاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ -[249]- أَنَسٍ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَبِهِ نَقُولُ لِظَاهِرِ نَصِّ الْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] وَمَاءُ الْبَحْرِ مِنَ الْمِيَاهِ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] وَلِلثَّابِتِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَلِلْرِوَايَةِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِ ذَلِكَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ التَّيَمُّمُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ. وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ تَحْتَ بَحْرِكُمْ هَذَا نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرٌ، وَتَحْتَ الْبَحْرِ نَارٌ، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرٌ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةَ أَبْحُرٍ وَسَبْعَةَ أَنْوُرٍ، لَا يَجْزِي مِنْهُ الْوُضُوءُ وَلَا الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالتَّيَمُّمِ أَعْجَبُ إِلَيَّ

163 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ: «التَّيَمُّمُ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْهُ» -[250]- 164 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثَنَا هُدْبَةُ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَذَكَرَ نَحْوًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَلْجَيْتَ إِلَى الْبَحْرِ فَتَوَضَّأْ مِنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَفِي قَوْلِهِ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ مَاءِ الْبَحْرِ

ذكر الوضوء بالماء الحميم قال الله جل ذكره فلم تجدوا ماء فتيمموا الآية فالماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها. وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء

ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] الْآيَةَ فَالْمَاءُ الْمُسَخَّنُ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْمِيَاهِ الَّتِي أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَتَطَهَّرُوا بِهَا. وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ لِبَشْرَتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» . -[251]- وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.

165 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ يَتَوَضَّأُ وَيَغْتَسِلُ بِالْحَمِيمِ

166 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ طَالُوتَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ قُمْقُمٌ يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ فَيَتَوَضَّأُ

167 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ

168 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِالْمَاءِ الْحَمِيمِ وَيَتَوَضَّأُ»

169 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ أَنَّ سَلَمَةَ كَانَ يُسَخَّنُ لَهُ الْمَاءُ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ

170 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، -[252]- ثنا رَاشِدُ بْنُ مَعْبَدٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ الْمَاءَ يُسَخَّنُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي الشِّتَاءِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَكَذَا قَالَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ جَمِيعًا. وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَرِهَ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ السَّاخِنِ، وَالَّذِي رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ لَيْثٌ، وَلَيْسَ لِكَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ مَعْنًى. -[253]- وَقَدْ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ غَيْرُ جَائِزٍ بِمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ مَاءِ الشَّجَرِ وَمَاءِ الْعُصْفُرِ، وَلَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ إِلَّا بِمَاءٍ مُطْلَقٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ

ذكر الوضوء بالنبيذ أجمع أهل العلم على أن الطهارة بالماء جائز، وأجمعوا على أن الاغتسال والوضوء لا يجوز بشيء من الأشربة سوى النبيذ. فإنهم اختلفوا في الطهارة به عند فقد الماء، فقالت طائفة: لا يجوز الوضوء إلا بالماء خاصة، وإن لم يجد الماء تيمم لا يجزيه

ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ جَائِزٌ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الِاغْتِسَالَ وَالْوُضُوءَ لَا يَجُوزُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ سِوَى النَّبِيذِ. فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الطَّهَارَةِ بِهِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ إِلَّا بِالْمَاءِ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّمَ لَا يَجْزِيهِ غَيْرَ ذَلِكَ. هَذَا مَذْهَبُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَوَضَّأُ بِالنَّبِيذِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَالَ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَعْقُوبُ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَا يُتَوَضَّأُ بِلَبَنٍ وَلَا بِنَبِيذٍ.

وَفِيهِ لِلْحَسَنِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَرِهَ عَطَاءٌ الْوُضُوءَ بِاللَّبِنِ، وَكَرِهَ أَبُو الْعَالِيَةِ الِاغْتِسَالَ بِالنَّبِيذِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْوُضُوءِ بِاللَّبِنِ، فَقَالَ: لَا تَوَضَّئُوا بِاللَّبِنِ، إِذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمُ الْمَاءَ فَلْيَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ. 171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شَرِيكٍ عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادٍ لَا يَثْبُتُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: النَّبِيذُ وُضُوءٌ لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عِكْرِمَةَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: إِنِ ابْتُلِيَ وَتَوَضَّأَ بِالنَّبِيذِ جَازَ. كَمَا

وَصَفَ أَبُو الْعَالِيَةِ تَمَرَاتٍ أُلْقِيَتْ فِي الْمَاءِ حَتَّى غَيَّرَ اللَّوْنِ، فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّيَمُّمِ وَجَمْعُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ.

172 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ النُّعْمَانُ: لَا يَجْزِي أَنْ يَتَوَضَّأَ حَتَّى مِنَ الْأَشْرِبَةِ إِلَّا نَبِيذَ التَّمْرِ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنَبِيذِ الزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَلَا لِسَائِرِ الْأَنْبِذَةِ. وَوَافَقَهُ زُفَرُ عَلَى مَقَالَتِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَتَوَضَّأُ بِهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ هَذَا قَوْلٌ خَامِسٌ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضٌ مَنْ يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي إِسْنَادِهِ -[256]- مَقَالٌ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ فَسَأَلَنِي، فَقَالَ: «أَمَعَكَ وَضُوءٌ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَعِي إِدَاوَةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ نَبِيذٍ. فَقَالَ: «تَمْرَةٌ طَيْبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» . فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْفَجْرَ.

173 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ الْعَبْسِيِّ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَرَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالُوا: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ بِصُحْبَةِ عَبْدِ اللهِ، وَلَا بِالسَّمَاعِ مِنْهُ. وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَأَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِوَايَةِ رَجُلٍ مَجْهُولٍ مَعَ أَنَّ عَلْقَمَةَ قَدْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللهِ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ

174 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ» -[257]- وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ لَا يُجِيزُ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] افْتَرَضَ اللهُ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ، وَفَرَضَ عَلَى مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ مِنَ الْمَرْضَى وَالْمُسَافِرِينَ التَّيَمُّمَ بِالصَّعِيدِ فَلَيْسَ يَجُوزُ طَهَارَةٌ إِلَّا بِالْمَاءِ أَوِ الصَّعِيدِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ

175 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمْسِسْهُ بَشَرَتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ»

176 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، ثنا عَوْفٌ، ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَدَعَا بِوَضُوءٍ، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَانْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلَا مَاءَ قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَةُ تَجْزِي بِغَيْرِ الْمَاءِ لَأَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلَا مَاءَ اطْلُب نَبِيذَ كَذَا، أَوْ شَرَابَ كَذَا، فَدَلَّ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجْزِي إِلَّا بِالْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَالتَّيَمُّمُ

ذكر الماء يخالطه الحلال من الطعام والشراب وغير ذلك اختلف أهل العلم في الوضوء بالماء الذي يخالطه الطعام والشراب، فقالت طائفة: إذا كان الماء مستهلكا فيه لم يتوضأ به. كذلك قال الشافعي وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق، وقال الشافعي: إذا لم يكن الماء مستهلكا

ذِكْرُ الْمَاءِ يُخَالِطُهُ الْحَلَالُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الَّذِي يُخَالِطُهُ الطَّعَامُ

وَالشَّرَابُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ الْمَاءُ مُسْتَهْلَكًا فِيهِ لَمْ يُتَوَضَّأْ بِهِ. كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَاءُ مُسْتَهْلَكًا فِيهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهُ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَاءِ أَلْبَانٌ أَوِ الْقَطْرَانُ. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنْ ظَهَرَ رِيحُ الْقَطْرَانِ فِي الْمَاءِ لَمْ يُتَوَضَّأْ بِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْمَمْزُوجِ بِالْعَسَلِ، وَلَا بِالْمَاءِ الَّذِي يُبَلُّ فِيهِ الْخُبْزُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، قَالَهُ الزُّهْرِيُّ فِي كِسَرٍ بُلَّتْ فِي مَاءٍ غَيَّرَتْ لَوْنَهُ، أَوْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، قَالَ: يُتَوَضَّأُ بِهِ. وَذُكِرَ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَاءٍ غُلِيَ بِأُشْنَانٍ، أَوْ بَأْسٍ أَوْ

بِشَيْءٍ مِمَّا يَتَعَالَجُ بِهِ النَّاسُ فَيَغْتَسِلُونَ وَيَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْبَابُونَجِ وَشِبْهِهِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ يَجْزِي بِذَلِكَ مَا لَمْ يَغْلِبْ ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَخِينًا، فَإِذَا ثَخُنَ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِي، وَلَيْسَ يَجْزِي الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمِيَاهِ تُطْبَخُ حَتَّى تَتَحَوَّلَ عَنْ حَالِهَا إِلَى حَالٍ غَيْرِهَا وَيُسَمَّى بِغَيْرِ اسْمِ الْمَاءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَرَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ بِالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَمَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَلَمْ يُغَيِّرِ الْمَاءَ لَوْنًا، وَلَا طَعْمًا، وَلَا رِيحًا، فَالطَّهَارَةُ بِهِ جَائِزَةٌ، وَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَمَا غَيَّرَ الْمَاءَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ حَتَّى لَا يُقَالَ لَهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ فَالْوُضُوءُ بِهِ غَيْرُ جَائِزٌ، وَذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَاءِ مَا اخْتَلَطَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يُسَمَّى مَاءٌ مُطْلَقٌ.

ذكر الوضوء بالماء الآجن أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوضوء بالماء الآجن الذي قد طال مكثه في الموضع من غير نجاسة حلت فيه جائز إلا شيئا روي عن ابن سيرين، وممن كان لا يرى بالوضوء بالماء الآجن بأسا الحسن البصري وعبد الله بن المبارك، ومالك بن

ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْآجِنِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْآجِنِ الَّذِي قَدْ طَالَ مُكْثُهُ فِي الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ جَائِزٌ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْآجِنِ بَأْسًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمَعْنَى الْآجِنِ الَّذِي يَطُولُ مُكْثُهُ وَرُكُودُهُ بِالْمَكَانِ حَتَّى -[260]- يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ تُخَالِطُهُ. وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ.

177 - قَالَ إِسْحَاقُ: أنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعِدِينَ فِي أُحُدٍ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَتَى الْمِهْرَاسَ، فَأَتَى بِمَاءٍ فِي دَرِقَتِهِ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ فَوَجَدَ لَهُ رِيحًا فَعَافَهُ فَغَسَلَ بِهِ الدِّمَاءَ الَّتِي فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَكَانَ الَّذِي دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ إِسْحَاقُ: فَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ عَلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَغْسِلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّمَ بِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْآجِنِ

ذكر الماء القليل يخالطه النجاسة أجمع أهل العلم على أن الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت النجاسة الماء طعما، أو لونا، أو ريحا أنه نجس ما دام كذلك، ولا يجزي الوضوء والاغتسال به. وأجمعوا على أن الماء الكثير مثل الرجل من البحر أو نحو ذلك

ذِكْرُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ يُخَالِطُهُ النَّجَاسَةُ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ أَوِ الْكَثِيرَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتِ النَّجَاسَةُ الْمَاءَ طَعْمًا، أَوْ لَوْنًا، أَوْ رِيحًا أَنَّهُ نَجَسٌ مَا دَامَ كَذَلِكَ، وَلَا يَجْزِي الْوُضُوءُ وَالِاغْتِسَالُ بِهِ. -[261]- وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ مِثْلُ الرَّجُلِ مِنَ الْبَحْرِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَلَمْ تُغَيِّرْ لَهُ لَوْنًا، وَلَا طَعْمًا، وَلَا رِيحًا أَنَّهُ بِحَالِهِ فِي الطَّهَارَةِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ تَحِلُّ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْ لِلْمَاءِ طَعْمًا، وَلَا لَوْنًا، وَلَا رِيحًا؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

178 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْقُلَّتَيْنِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ، فَإِذَا الْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَكُونَ الْقُلَّةَ قِرْبَتَيْنِ وَنِصْفًا، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ خَمْسَ قِرَبٍ لَمْ يَحْمِلْ نَجِسًا فِي جَرٍّ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، -[262]- وَقِرَبُ الْحِجَازِ كِبَارٌ، وَلَا يَكُونُ الْمَاءُ الَّذِي لَا يَحْمِلُ النَّجَاسَةَ إِلَّا بِقِرَبٍ كِبَارٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ حُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقُلَّةَ قِرْبَتَانِ، وَالْآخَرُ: أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ خَمْسُ قِرَبٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِأَيِّ قِرَبٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، قَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَمَّا الَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَهُمَا نَحْوُ سِتِّ قِرَبٍ؛ لِأَنَّ الْقُلَّةَ نَحْوُ الْخَابِيَةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ خَمْسُ قِرَبٍ لَيْسَ بِأَكْبَرِ الْقِرَبِ وَلَا بِأَصْغَرِهَا. هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: وَهُوَ أَنَّهَا الْحُبَابُ، وَهِيَ قِلَالُ هَجَرَ مَعْرُوفَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ، وَسَمِعْنَا ذَلِكَ فِي أَشْعَارِهِمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِذَلِكَ حَدًّا. هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ، وَهُوَ أَنَّ الْقُلَّةَ الْجَرَّةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيعٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ حَدًّا -[263]- يُوقَفُ عَلَيْهِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهُوَ أَنَّ الْقُلَّةَ قَدْ يُقَالُ لِلْكُوزِ حَكَى قَبِيصَةُ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ صَلَّى خَلْفَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَخَذَ نَعْلَهُ وَقُلَّةً مَعَهُ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا. وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ، قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ: وَالْقُلَّةُ الَّتِي جُعِلَتْ مِقْدَارًا بَيْنَ مَا يَنْجُسُ مِنَ الْمَاءِ، وَمَا لَا يَنْجُسُ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ اسْتَقَلَّ فُلَانٌ بِحَمْلِهِ وَأَقَلَّهُ إِذَا أَطَاقَهُ وَحَمَلَهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْكِيزَانُ قِلَالًا؛ لِأَنَّهَا تُقَلُّ بِالْأَيْدِي وَتُحْمَلُ فَيُشْرَبُ فِيهَا، قَالَ: وَالْقُلَّةُ تَقَعُ عَلَى الْكُوزِ الصَّغِيرِ، وَالْجَرَّةِ اللَّطِيفَةِ وَالْعَظِيمَةِ، وَالْجَرُّ اللَّطِيفُ إِذَا كَانَ الْقَوِيُّ مِنَ الرِّجَالِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِلُّهُ قَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ: [البحر الخفيف] فَظَلِلْنَا بِنِعْمَةٍ وَاتَّكَأْنَا ... وَشَرِبْنَا الْحَلَالَ مِنْ قُلَلِهِ -[264]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْأَوَائِلِ مِمَّنْ قَالَ: بِالتَّحْدِيدِ فِي الْمَاءِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ: أَحَدُهَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً فَلَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ

179 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً فَلَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ. رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مَسْرُوقٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ كُرٍّ، فَإِنَّهُ لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ. -[265]- وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدِيثَ ابْنِ سِيرِينَ هَذَا، قَالَ: وَبِهِ يَأْخُذُ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ الْمَاءُ ذَنُوبَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ

180 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ زَمْعَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ ذَنُوبَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» . وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا كَانَ أَرْبَعِينَ دَلْوًا لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ

181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ دَلْوًا لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» وَقَالَتْ فِرْقَةٌ خِلَافَ كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَالَتْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ: إِذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ إِذَا حُرِّكَ مِنْهُ جَانِبٌ اضْطَرَبَ الْمَاءُ، وَخَلَصَ اضْطَرَابُهُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ نَجَاسَةٍ نُجِّسَ لِوُقُوعِهَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَتَبَيَّنِ النَّجَاسَةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي غَدِيرٍ وَاسِعٍ أَوْ مَصْنَعَةٍ وَاسِعَةٍ وَعَظِيمَةٍ إِذَا حُرِّكَ طَرْفُهُ لَمْ يَتَحَرَّكِ الطَّرْفُ الْآخَرُ، وَلَمْ يَخْلُصْ بَعْضُ الْمَاءِ إِلَى بَعْضٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ. حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. -[266]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: قَلِيلُ الْمَاءِ وَكَثِيرُهُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، هَذَا قَوْلُ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ. وَقَدْ رُوِّينَا أَخْبَارًا عَنِ الْأَوَائِلِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَاءُ لَا يَنْجَسُ. وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. -[267]- وَرُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ السُّورَةَ فِي الْحَوْضِ يَصْدُرُ عَنْهَا الْإِبِلُ، وَيَرِدُهَا السِّبَاعُ وَيَلِغُ فِيهَا الْكِلَابُ وَيَشْرَبُ مِنْهَا الْحِمَارُ هَلْ نَتَطَهَّرُ مِنْهُ قَالَ: لَا يُحَرِّمُ الْمَاءَ شَيْءٌ

182 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَطَهَّرُ مِنْ مَاءِ الْحَمَّامِ، فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْجُنُبُ وَغَيْرُ الطَّاهِرِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجَسُ»

183 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو غَسَّانَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَرَجْنَا أَوْ كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى غَدِيرٍ تُطْرَحُ فِيهِ الْمَيْتَةُ وَتَغْتَسِلُ فِيهِ الْحَائِضُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «تَوَضَّئُوا مِنْهُ، فَإِنَّ الْمَاءَ لَا يَخْبُثُ»

184 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شِهَابٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: السُّورَةُ فِي الْحَوْضِ تَصْدُرَ عَنْهَا الْإِبِلُ، وَتَرِدُهَا السِّبَاعُ وَتَلِغُ فِيهَا الْكِلَابُ، وَيَشْرَبُ مِنْهَا الْحِمَارُ، قَالَ: «لَا يُحَرِّمُ الْمَاءَ -[268]- شَيْءٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضٌ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِحُجَجٍ سِتٍّ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] قَالَ: فَالطَّهَارَةُ عَلَى ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ بِكُلِّ مَاءٍ إِلَّا مَاءً مَنَعَ مِنْهُ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، وَالْمَاءُ الَّذِي مَنَعَ الْإِجْمَاعَ مِنَ الطَّهَارَةِ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي يَغْلُبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ بِلَوْنٍ، أَوْ طَعْمٍ، أَوْ رِيحٍ. وَمِنْهَا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِّ ذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ

185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا يَحْيَى، 186 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ، أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَبَالَ فِيهِ فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، فَكَفَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَغَ الْأَعْرَابِيُّ، ثُمَّ أَمَرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ

187 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنَابَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِمُّ مِنْ فَضْلِهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ

188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَخْزُومِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ تُطْرَحُ فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ وَالْحُيَّضِ؟ فَقَالَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ، لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» فَهَذَا جَوَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاءِ جَوَابٌ عَامٌّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَاءٍ، وَإِنْ قَلَّ. وَمِنْهَا أَنَّهُمْ مَجْمُوعُونَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ طَاهِرٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ وَلَمْ تُغَيِّرِ الْمَاءَ لَوْنًا، وَلَا طَعْمًا، وَلَا رِيحًا أَنَّهُ نَجَسٌ، فَالْمَاءُ الْمَحْكُومُ لَهُ بِالطَّهَارَةِ طَاهِرٌ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ بِخَبَرٍ أَوْ إِجْمَاعٍ. وَمِنْهَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ إِذَا اخْتَلَطَ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ غَالِبٌ عَلَيْهَا نَجَسًا مَا طَهُرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ثَوْبٌ أَبَدًا، إِلَّا أَنْ يُغْسَلَ فِي قَصْعَةٍ عَظِيمَةٍ أَوْ مَاءٍ جَارٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَ إِذَا طُرِحَ فِي إِنَاءٍ وَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ اخْتَلَفَتِ النَّجَاسَةُ الَّتِي فِي الثَّوْبِ بِالْمَاءِ الْمَصْبُوبُ فِي الْإِنَاءِ، فَإِذَا عُصِرَ بَقِيَ الثَّوْبُ نَجِسًا عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ إِنْ طُرِحَ الثَّوْبُ النَّجَسُ الَّذِي هَذَا سَبِيلُهُ فِي الْإِنَاءِ ثَانِيًا اخْتَلَطَ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ فِي الْإِنَاءِ بِالنَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا، وَلَا يَطْهُرُ ثَوْبٌ فِي قَوْلِ مَنْ نَجَّسَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ -[270]- أَبَدًا، وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ يَطْهُرُ بِالْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ، إِذًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَثَرٌ لَمْ يُذْهِبْهُ الْمَاءُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا غَلَبَ عَلَى النَّجَاسَةِ كَانَ طَاهِرًا بِكُلِّ حَالٍ. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَائِلِينَ بِالْقُلَّتَيْنِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ

189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: كُنَّا فِي بُسْتَانٍ لَهُ أَوْ لِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ إِلَى نَهَرِ الْبُسْتَانِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَفِيهِ جِلْدُ بَعِيرٍ، فَقُلْتُ: أَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَفِيهِ جِلْدُ هَذَا الْبَعِيرِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِالْقُلَّتَيْنِ، وَقَدْ دَفَعَ بَعضُ أَصْحَابِنَا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ وَاقِعًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ؛ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» يَأْتِي عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، وَعَلَى مَا فَوْقَهُمَا، وَخُصُوصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْفِي النَّجَاسَةَ عَنْهُمَا، وَإِثْبَاتُ الطَّهَارَةِ لَهُمَا زِيَادَةٌ زَادَهَا، الْقُلَّتَيْنِ، وَمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، وَمَا فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» قَالَ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] فَأَمَرَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَوَاتُ دَاخِلَةٌ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] ثُمَّ خَصَّ الْوُسْطَى بِالْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، فَقَالَ: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَلَمْ تَكُنْ خُصُوصِيَّةُ الْوُسْطَى بِالْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مُخْرِجًا سَائِرَ الصَّلَوَاتِ مِنَ الْأَمْرِ الْعَامِّ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَقَعَ عَلَى جَمِيعِ الْمِيَاهِ، كَمَا كَانَ قَوْلُهُ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَاقِعًا عَلَى جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. ثُمَّ قَالَ: إِذَا -[271]- كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا، فَكَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ زِيَادَةً زَادَهَا الْقُلَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُخْرِجًا لِمَا دُونَهَا مَعَ أَنَّ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ يَدْفَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَقُولُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ عَلَى كُلِّ قُلَّةٍ صَغُرَتْ أَوْ كَبِرَتْ، فَأَمَّا تَحْدِيدُ مَنْ حَدَّدَ الْقُلَّتَيْنِ بِخَمْسِ قِرَبٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ قِرَبٍ وَشَيْءٍ، أَوْ بِكِبَارِ الْقِرَبِ أَوْ بِأَوْسَاطِهَا، أَوْ سِتِّ قِرَبٍ، أَوْ قَوْلِ مَنْ قَالَهَا: َ: أَنَّهَا الْحِبَابُ، أَوْ أَنَّهَا الْجَرَّةُ، أَوْ مَا يُقِلُّهُ الْمَرْءُ مِنَ الْأَرْضِ، فَتِلْكَ تَحْدِيدَاتٌ، وَاسْتِحْسَانَاتٌ مِنْ قَائِلِهَا، لَا يَرْجِعُ الْقَائِلُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى حُجَّةٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ مُرْسَلٌ لَا يَثْبُتُ

190 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا، وَلَا بَأْسًا» . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ. فَالْحَدِيثُ فِي نَفْسِهِ مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَقَدْ فَصَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ بَيْنَ -[272]- الْحَدِيثَيْنِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ بِرَأْيِهِ حَيْثُ قَالَ: زَعَمُوا، وَقَوْلُهُ: زَعَمُوا حِكَايَةً عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ، وَلَوْ سَمَّاهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَصِرَهِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ ثِقَةً. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ، قَالَ الَّذِي أَخْبَرَنِي عَنِ الْقِلَالِ: فَرَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ بَعْدُ فَأَظُنُّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ. فَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ الَّذِيَ أَخْبَرَهُ ظَنَّ أَنَّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ فَالظَّنُّ غَيْرُ وَاجِبٍ قَبُولُهُ، وَقَوْلُهُ: قِرْبَتَيْنِ لَيْسَ بِلَازِمٍ الْأَخْذُ بِهِ، وَنَقْلُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُجْعَلَ قِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ كُلٌّ قُلَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ بِكِبَارِ الْقِرَبِ أَوْ بِصِغَارِهَا أَوْ بِأَوْسَاطِهَا أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِثْبَاتُ أَنْ تُجْعَلَ الْقُلَّةُ قَرْبَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَالشَّيْءُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلَوْ ثَبَتَ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْتَاطَ، فَيُجْعَلُ نِصْفًا، ثُمَّ يُفْرَضُ عَلَى النَّاسِ مَا سُمِّيَ احْتِيَاطًا، وَالْقُلَلُ مُحِيطَةٌ بِهَذَا التَّحْدِيدِ،. وَلُزُومُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ وَالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِبُ، وَتَرْكُ الِانْتِقَالِ إِلَى الْقَوْلِ بِالْمَرَاسِيلِ، وَدَفْعُ الْقَوْمِ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي هَذَا الْبَابِ كَلَامًا كَثِيرًا، وَمُعَارَضَاتٍ وَحُجَجًا، وَهُوَ مُثْبَتٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا حَضَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْمَاءِ بِالتَّحْدِيدِ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، حَكَى عَبْدُ الْمَلِكِ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الْمَاءِ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ مِنْ مَالِكٍ كَأَنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يُتَبَيَّنُ، وَيَفْتِي بِهِ النَّاسُ بَعْدَ مَا يَقَعُ فَيَجِدُهُ -[273]- مَعْرُوفًا بِعَيْنِهِ، فَأَمَّا أَنْ يُوضَعَ فِيهِ أَصْلٌ وَيُفْتِي بِهِ النَّاسُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِيُكْتَفَى بِهِ فِيمَا يَحْدُثُ وَيَكُونُ، فَلَمْ أَرَ مَالِكًا يُرِيدُهُ، وَلَا يُرَخِّصُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، وَحَكَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ قَدْ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَيْتَةُ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَغْتَسِلَ، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ، فَلَا يُعِيدُ صَلَاةً صَلَّاهَا إِلَّا فِي الْوَقْتِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ مِنْ قُلَّةٍ فِيهَا فَارَةٌ مَيْتَةٌ، لَا يَعْلَمُ بِهَا، ثُمَّ عَلِمَ، وَلَمْ يَجِدْ رَائِحَةً، وَلَا طَعْمًا، قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الْجِيفَةِ تَقَعُ فِي الْمَاءِ، قَالَ: مَا لَمْ يُغَيِّرْ رِيحًا، وَلَا طَعْمًا يَتَوَضَّأُ بِهِ. وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ نَجِدْ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ نَرَ فِي الْمَاءِ إِلَّا الرُّخْصَةَ

ذكر البئر تقع فيها النجاسة اختلف أهل العلم في البئر تحل فيها النجاسة فروينا عن علي بن أبي طالب أنه أمر بنزحها حتى يغلبهم. وروي ذلك عن ابن الزبير.

ذِكْرُ الْبِئْرِ تَقَعُ فِيهَا النَّجَاسَةُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْبِئْرِ تَحِلُّ فِيهَا النَّجَاسَةُ فَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِنَزْحِهَا حَتَّى يَغْلِبَهُمْ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

191 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ فِي بِئْرٍ وَقَعَتْ فِيهِ فَارَةٌ فَمَاتَتْ: «يِنْزَحُ مَاءَهَا»

192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مَيْسَرَةَ وَأَصْحَابِ عَلِيٍّ، قَالُوا: قَالَ عَلِيٌّ: «إِذَا وَقَعَتِ الْفَارَةُ فِي الْبِئْرِ فَمَاتَتْ، فَانْتَزِحُوهَا حَتَّى تَغْلِبَكُمْ»

193 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا مَنْصُورٌ بن زَاذَانُ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ زِنْجِيًّا مَاتَ فِي زَمْزَمَ فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يُنْزَحَ مِنْهَا حَتَّى يَغْلِبَهُمُ الْمَاءُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي الْإِنْسَانِ يَمُوتُ فِي الْبِئْرِ: يُنْزَحُ كُلُّهَا. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الرَّأْيِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَرَوْنَ نَزْحَهَا، وَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ فِي الْجِرْوِ قَالَ: يَنْزِحُونَ مِنْهَا -[275]- عِشْرِينَ دَلْوًا، وَإِنْ تَفَسَّخَتْ نَزَحُوا مِنْهَا أَرْبَعِينَ دَلْوًا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يُسْتَقَى مِنْهَا أَرْبَعُونَ دَلْوًا أَوْ نَحْوُهُ، هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْفَارَةِ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ، وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّجَاجَةِ تَمُوتُ فِي الْبِئْرِ: يُسْتَقَى مِنْهَا سَبْعُونَ دَلْوًا. وَقَدْ رُوِّينَا عَمَّنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً، سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَاءٍ مَعِينٍ وُجِدَ فِيهِ مَيْتَةٌ لَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَاءُ، قَالَ: يُنْزَحُ مِنْهَا دِلَاءِ وَلَا يُوَقِّتُ مَا يُنْزَحُ مِنْهُ وَإِنْ غَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ، أَوْ طَعْمُهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْحِهِ حَتَّى يَصْفُوَ، وَلَا يُوَقِّتُ أَبُو عَمْرٍو مَا يُنْزَحُ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: فِيهَا إِذَا غُيِّرَ رِيحُ الْمَاءِ، أَوْ طَعْمُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي بَغْلٍ رَاثَ فِي بِئْرٍ، قَالَ: يُنْزَحُ مِنْهَا دِلَاءٌ حَتَّى يَطِيبَ قِيلَ لَهُ فَمَا صَلُّوا؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَجْزِيَهُمْ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْعُصْفُورِ وَالْفَارَةِ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ فَتَخْرُجُ حِينَ مَاتَتْ، قَالَ: يُسْتَقَى مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا أَوْ ثَلَاثُونَ دَلْوًا، فَإِنْ كَانَتْ دَجَاجَةً أَوْ سِنَّوْرًا فَاسْتُخْرِجَتْ حِينَ مَاتَتْ فَأَرْبَعُونَ دَلْوًا، أَوْ خَمْسُونَ دَلْوًا، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً فَانْزَحْهَا -[276]- حَتَّى يَغْلِبَكَ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَدِ انْتَفَخَ أَوْ تَفَسَّخَ فَانْزَحْهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْوَزَغِ يَقَعُ فِي الْبِئْرِ قَالَ: يُسْتَقَى مِنْهَا أَدْلَاءٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِالْقُلَّتَيْنِ، فَالْمَاءُ السَّاقِطَةُ فِيهِ الْفَارَةُ الْمَيْتَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي بِئْرٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرُهُ، إِذْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَلَيْسَ يُنَجِّسُ ذَلِكَ الْمَاءَ إِلَّا أَنْ تُغَيِّرَ النَّجَاسَةُ طَعْمَ الْمَاءِ، أَوْ لَوْنَهُ، أَوْ رِيحَهُ، إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَسْتَثْنِي الْبَوْلَ وَالْعَذِرَةَ الرَّطْبَةَ، قِيلَ: لِأَحْمَدَ فِي الدَّابَّةِ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ، قَالَ: كُلُّ شَيْءِ لَا يُغَيِّرُ رِيحَهُ، وَلَا طَعْمَهُ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا الْبَوْلَ وَالْعَذِرَةَ الرَّطْبَةَ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ: وَالْبَوْلُ وَالْعَذِرَةُ لَا يَنْجَسَانِ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْمَاءِ أَقَلَّ مِنَ الْقُلَّتَيْنِ. فَأَمَّا مَذْهَبُ مَنْ يَرَى أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ وَكَثِيرَهُ لَا يَنْجُسُ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ، أَوْ رِيحُهُ، أَوْ لَوْنُهُ، فَالْبِئْرُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَاءِ أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ وَكَثِيرَهُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ فِي نَهَرٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ سَقَطَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ إِلَّا أَنْ يُغَيِّرَ لِلْمَاءِ طَعْمًا، أَوْ لَوْنًا، أَوْ رِيحًا، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحُجَّةَ فِيهِ فِي بَابِ ذِكْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ يُخَالِطُهُ النَّجَاسَةُ

ذكر الوضوء بالماء النجس لا يعلم به المصلي إلا بعد الصلاة قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الرجل يتطهر بماء نجس لا يعلم به ويصلي، ثم يعلم به بعد الصلاة، فقالت طائفة: يعيد ما دام في الوقت، وليس عليه أن يعيد إذا مضى الوقت. هذا قول مالك بن القاسم عنه،

ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُصَلِّي إِلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَتَطَهَّرُ بِمَاءٍ نَجَسٍ

لَا يَعْلَمُ بِهِ وَيُصَلِّي، ثُمَّ يَعْلَمُ بِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ إِذَا مَضَى الْوَقْتُ. هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ، وَحَكَى عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا تَغَيَّرَتْ فِي الْبِئْرِ، وَتَفَسَّخَتْ يَعْنِي الدَّابَّةَ الَّتِي تُنَجِّسُ الْبِئْرَ، فَإِنَّهُمْ يُعِيدُونَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلُّوهَا بِذَلِكَ الْمَاءِ، وَيَغْسِلُونَ الثِّيَابَ الَّتِي أَصَابَهَا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ، وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَايُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَوَضَّأَ بِمَاءٍ وَقَعَ فِيهِ بَوْلٌ أَوْ نَجَاسَةٌ مَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ وَصَلَّى، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَوَاتِ كُلَّهَا إِذَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِذَلِكَ الْمَاءِ مِنْ بَعْدِ أَنْ حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ، فَإِنْ هُوَ تَوَضَّأَ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ وَصَلَّى، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا فَارَةً أَوْ دَجَاجَةً مَيْتَةً، قَدِ انْتَفَخَتْ أَوْ تَفَسَّخَتْ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى وَقَعَتْ فِيهَا، فَإِنَّ النُّعْمَانَ قَالَ: عَلَى مَنْ تَوَضَّأَ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ وَصَلَّى أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَيُعِيدَ صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَإِذَا كَانَ قَدْ غَسَلَ بِذَلِكَ الْمَاءِ ثَوْبًا أُعِيدَ يُغْسَلُ بِمَاءٍ نَظِيفٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ الثَّوْبُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ، وَصَلَّى فِيهِ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ مَا صَلَّى، فَإِنْ وَجَدَ الدَّجَاجَةَ أَوِ الْفَارَةَ لَمْ تَتَفَسَّخْ أَوْ لَمْ تَنْتَفِخْ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَتَى وَقَعَتْ فِيهَا، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَيُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ وَزُفَرَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: وُضُوءُهُ وَصَلَاتُهُ جَائِزٌ ثَابِتٌ عَنْهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ شَيْئًا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَلَا بَأْسَ بِالْعَجِينِ الَّذِي خُبِزَ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَنْ تَأْكُلَهُ، وَلَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَانَ بَعْدَ وُقُوعِ الْفَارَةِ

الْمَيْتَةِ فِي الْبِئْرِ؛ لِأَنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ صَبِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ أَلْقَاهَا فِي الْبِئْرِ مِنْ بَعْدِ أَنْ تَوَضَّأَ مِنْهَا هَذَا الرَّجُلُ، وَهِيَ مُتَغَيِّرَةٌ. وَحَكَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَصَابَهُ دَمٌ فَلَمْ يَدْرِ مَتَى أَصَابَهُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ سُفْيَانَ يَتَحَرَّى، وَالتَّحَرِّي أَنْ يَشُكَّ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَيَأْخُذُ بِيَوْمَيْنِ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ: الْحَدُّ عِنْدَنَا إِذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَزِيدُ عَلَى الْقُلَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ غَلَبَتْ نَجَاسَةٌ بِطَعْمٍ أَوْ رِيحٍ، فَعَلَيْهِمْ إِعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ صَلُّوهَا مُنْذُ يَوْمَئِذٍ، وَكَذَلِكَ يَغْسِلُونَ كُلَّ ثَوْبٍ أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْءٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي نَقُولُ بِهِ أَنَّنَا نَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ الْمُتَوَضِّئُ وَصَلَّى فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ غَيَّرَتْ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَغَسْلُ كُلِّ ثَوْبٍ وَبَدَنٍ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ شَيْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ النَّجَاسَةُ غَيَّرَتْ لِلْمَاءِ طَعْمًا، وَلَا لَوْنًا، وَلَا رِيحًا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَكَّ، فَلَمْ يَدْرِ هَلْ غَيَّرَتِ الْمَاءَ أَمْ لَا؟ فَالْمَاءُ عَلَى أَصْلِ طَهَارَتِهِ.

ذكر العجين الذي عجن بالماء النجس واختلفوا في الماء النجس يعجن به فقالت طائفة: يطعمه الدجاج، روي هذا القول عن مجاهد وعطاء، وبه قال سفيان الثوري وأبو عبيد. وفي قول ثان، وهو أن يطعم ما لا يؤكل لحمه. هكذا قال الحسن بن صالح , وقال أحمد بن حنبل: لا

ذِكْرُ الْعَجِينِ الَّذِي عُجِنَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَاءِ النَّجِسِ يُعْجَنُ بِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُطْعِمُهُ -[279]- الدَّجَاجَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ يُطْعِمَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ , وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُطْعِمهُ شَيْئًا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَيُشْرَبُ لَبَنُهُ. وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُطْعِمُهُ الْبَهَائِمَ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا أَيْقَنَ أَنَّهُ عُجِنَ بِمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ مِنْ نَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ، وَلَا يُطْعِمُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ شُحُومِ الْمَيْتَةِ أَيُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ، قَالَ: «لَا، هِيَ حَرَامٌ» .

194 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ -[280]- وَالْأَصْنَامِ» . فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ قَالَ: «لَا، هُوَ حَرَامٌ» . ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ لَمَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ شُحُومُهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهَ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِذَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِانْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ النَّجَسَ حُرِّمَ الِانْتِفَاعُ بِكُلِّ نَجَسٍ، وَذَلِكَ مَعْنَى السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا، وَلَا الْعُدُولُ عَنْهَا

ذكر الإناءين يسقط في أحدهما نجاسة ثم يشكل ذلك اختلف أهل العلم في الإناءين يسقط في أحدهما نجاسة، ثم يشكل ذلك، فقالت طائفة: يتوضأ بالأغلب منهما أنه طاهر عنده، هذا قول الشافعي. وقالت طائفة في البول يقع في إحدى جرتين: لا يتوضأ بواحدة. هذا قول أحمد،

ذِكْرُ الْإِنَاءَيْنِ يَسْقُطُ فِي أَحَدِهِمَا نَجَاسَةٌ ثُمَّ يُشْكِلُ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِنَاءَيْنِ يَسْقُطُ فِي أَحَدِهِمَا نَجَاسَةٌ، ثُمَّ يُشْكِلُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ بِالْأَغْلَبِ مِنْهُمَا أَنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَهُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي الْبَوْلِ يَقَعُ فِي إِحْدَى جَرَّتَيْنِ: لَا يَتَوَضَّأُ بِوَاحِدَةٍ. هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَتَيَمَّمُ: وَكَانَ الْمُزَنِيُّ يَقُولُ

لَا يَتَوَضَّأُ بِأَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ. قَالَ: وَلَوْ جَازَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِأَحَدِهِمَا لَجَازَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ وَلَجَازَ أَنْ يَأْكُلَ بِالتَّحَرِّي أَحَدُ بَضْعَتَيْنِ طُبِخَتْ إِحْدَاهُمَا بِنَجَسٍ، وَالْأُخْرَى بِمَاءٍ طَاهِرٍ، وَيَطَأُ إِحْدَى امْرَأَتَيْنِ مُطْلَقَةً وَغَيْرَ مُطْلَقَةٍ، وَيَبِيعُ أَحَدَ غُلَامَيْنِ مُعْتَقٌ وَعَبْدٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ قَالَ: يَتَوَضَّأُ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ يُصَلِّي، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِالْآخَرِ ثُمَّ يُصَلِّي، وَهَكَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ بِالَّذِي يَلِي الْأَوَّلَ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْأَوَّلِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَاحِدٌ مِنَ الْإِنَاءَيْنِ تَطَهَّرَ بِهِمَا، وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ هَذَا مَذْهَبُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ يَصِحُّ فِي النَّظَرِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

ذكر ما لا ينجس الماء من الهوام وما أشبهها مما لا نفس له سائلة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ".

ذِكْرُ مَا لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ مِنَ الْهَوَامِّ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلُّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ» .

195 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا مُحَمَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي -[282]- إِحْدَى جَنَاحَيْهِ سُمًّا وَبِالْآخَرِ شِفَاءٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ عَنِ الْأَوَائِلِ مُوَافِقَةٌ لِهَذِهِ السُّنَّةِ. وَقَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْمَاءَ لَا يَفْسُدُ بِمَوْتِ الذُّبَابِ وَالْخُنْفِسَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِيهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَرُوِي مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عَنِ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أَعْلَمُ الْعُلَمَاءَ تَوَسَّعَتْ فِي هَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ إِلَّا وَأَنَّ هَذِهِ لَا تَرَوَّحُ فِي مَوْتِهَا وَلَا تُنْتِنَ كَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهَا فَاسْتَوَتْ حَيَاتُهَا وَمَوْتُهَا وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِهَا كَالْجَنَادِبِ وَالصَّرَاصِرِ وَالْعَنَاكِبِ -[283]- وَالْعَقَارِبِ وَجَمِيعِ هَوَامِّ الْأَرْضِ عِنْدِي مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ غَيْرَ مَا ذَكَرْتُ إِلَّا الشَّافِعِيَّ فَإِنَّ الرَّبِيعَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَالَ فِيهَا قَوْلَانِ، هَذَا الَّذِي حَكَيْتُهُ عَنْ جُمَلِ النَّاسِ أَحَدُهُمَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَنْجُسُ الْمَاءُ بِمَوْتِهِ فِيهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْقَوْلُ الَّذِي يُوَافِقُ السُّنَّةَ وَقَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْلَى بِهِ

ذكر موت الدواب التي مساكنها الماء فيه مثل السمك والسرطان وغير ذلك اختلف أهل العلم في السمك والضفدع والسرطان وما أشبه ذلك يموت في الماء، فكان مالك لا يرى ذلك يفسده وهو قول أبي عبيد، وكذلك قال الشافعي في الحوت والجراد يموت في الماء: إن ذلك لا ينجسه.

ذِكْرُ مَوْتِ الدَّوَابِّ الَّتِي مَسَاكِنُهَا الْمَاءُ فِيهِ مِثْلُ السَّمَكِ وَالسَّرَطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّمَكِ وَالضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ، فَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى ذَلِكَ يُفْسِدُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحُوتِ وَالْجَرَادِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يُنَجِّسُهُ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ فِيهِمَا وَفِي السَّمَكِ يَمُوتُ فِي الْمَاءِ،

وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ فِي الضِّفْدَعِ يَمُوتُ فِي مَاءِ الْبِئْرِ: يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي الضِّفْدَعِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِذَا مَاتَ فِي الْبِئْرِ نَجَّسَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ الطُّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى كُلِّ مَا مَاتَ فِي الْبَحْرِ مِنْ دَوَابٍّ الَّتِي تَكُونُ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي الدَّابَّةِ الَّتِي وُجِدَتْ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مَيْتَةً فَأَكَلَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ؟» قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَابَّ الْبَحْرِ كُلَّهَا حِلٌّ مِنَ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ.

ذكر البئر يكون إلى جنبها بالوعة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الماء لا ينجسه شيء "، فإذا كان البئر بجنبها البالوعة قريبة كانت منها أو بعيدة لم يضر ذلك البئر إلا أن يتغير الماء بطعم أو لون أو ريح من نجاسة حلت فيها فإن تغير ماء البئر

ذِكْرُ الْبِئْرِ يَكُونُ إِلَى جَنْبِهَا بَالُوعَةٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ، فَإِذَا كَانَ الْبِئْرُ بِجَنْبِهَا الْبَالُوعَةُ قَرِيبَةٌ كَانَتْ مِنْهَا أَوْ بَعِيدَةً لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْبِئْرَ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مِنْ نَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهَا فَإِنْ تَغَيَّرَ مَاءُ الْبِئْرِ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَدَ وَإِلَّا فَالْمَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ النُّعْمَانِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فَلَا

بَأْسَ بِمَائِهَا إِذْ لَا حُجَّةَ مَعَهُ تَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، قِيلَ لِلنُّعْمَانِ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَهِيَ تُؤْذِي فَتَرَكَ الذَّرْعَ وَقَالَ: إِذَا كَانَتْ تُؤْذِي فَإِنِّي أَكْرَهُهُ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: الْأَرْضُونَ تَخْتَلِفُ، تَكُونُ الْأَرْضُ غِلَاظًا وَالْأُخْرَى رِقَاقًا، فَإِنْ تَخَوَّفَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا، فَقِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ لَهَا رَائِحَةٌ وَالْمَاءُ تَغَيَّرَ قَالَ: لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا.

ذكر اختلاف أهل العلم في الطهارة بالماء المستعمل في الوضوء والاغتسال اختلف أهل العلم في الوضوء والاغتسال بالماء المستعمل، فقالت طائفة: لا يجوز الوضوء به كان مالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي: لا يرون الوضوء بالماء الذي توضئ به واختلف فيه عن الثوري

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ كَانَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَرَوْنَ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الَّذِي تُوُضِّئَ بِهِ

وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَحَكَى عَنْهُ الْفَارِيَابِيُّ أَنَّهُ قَالَ كَقَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَشْجَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا نَسِيتَ أَنْ تَمْسَحَ بِرَأْسِكَ وَقَدْ تَوَضَّأْتَ وَفِي لِحْيَتِكَ بَلَلٌ أَجْزَأَكَ أَنْ تَمْسَحَ مِمَّا فِي لِحْيَتِكَ أَوْ يَدِكَ، وَأَنْ تَأْخُذَ مَاءً لِرَأْسِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي جُنُبٍ اغْتَسَلَ فِي بِئْرٍ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ أَقَلَّ مِنْ قُلَّتَيْنِ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ، قَدْ أَنْجَسَ ذَلِكَ الْمَاءَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ. وَلَيْسَ مَعَ مَنْ أَبْطَلَ الطَّهَارَةَ بِهَذَا الْمَاءِ حُجَّةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَهُوَ يَجِدُ الْمَاءَ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ أَوْ وَجَدَ بَلَلًا فِي لِحْيَتِهِ أَجْزَأَهُ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ الْبَلَلِ.

196 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ، فِيمَا يَحْسِبُ حَمَّادٌ وَقَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي الَّذِي يَنْسَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ حَتَّى صَلَّى قَالَ: «إِنْ وَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا فَلْيَأْخُذْ بِرَأْسِهِ وَلْيَسْتَقْبِلِ الصَّلَاةَ»

197 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا أَبُو شَيْبَةَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَنْعَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَلْيَمْسَحْ بِفَضْلِ لِحْيَتِهِ»

198 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «إِنْ نَسِيَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ -[287]- حَتَّى يَدْخُلَ الصَّلَاةَ فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا فَلْيَأْخُذْ مِنْ لِحْيَتِهِ فَلْيَمْسَحْ رَأْسَهُ» وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَعَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ إِذَا كَانَ نَظِيفًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ يَرَى الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ قَوْلُهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] قَالَ: فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَمَاءٌ طَاهِرٌ مَوْجُودٌ وَهَذَا يَلْزَمُ مَنْ أَوْجَبَ الْقَوْلَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَتَرَكَ الْخُرُوجَ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَاحْتَجَّ فِي إِثْبَاتِ الطَّهَارَةِ لِلْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ

199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ قَالَ: فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ

200 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ فِي يَدِهِ فَبَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ ثُمَّ جَرَّهُ إِلَى مُؤَخَّرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُحْدِثَ الَّذِي لَا نَجَاسَةَ عَلَى أَعْضَائِهِ لَوْ صَبَّ مَاءً عَلَى وَجْهِهِ أَوْ ذِرَاعَيْهِ فَسَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى ثِيَابِهِ أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ مَاءً طَاهِرًا لَاقَى بَدَنًا طَاهِرًا، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مَاءٌ طَاهِرٌ لَاقَى بَدَنًا طَاهِرًا وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَوَضَّأَ بِهِ طَاهِرٌ وَجَبَ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِهِ مَنْ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى مَاءٍ غَيْرِهِ وَلَا يَتَيَمَّمَ وَمَاءٌ طَاهِرٌ مَوْجُودٌ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ بَشْرَتَكَ» . فَأَوْجَبَ اللهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ وَالِاغْتِسَالَ بِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ وَاجِدًا لَهُ لَيْسَ بِمَرِيضٍ، وَفِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّدَى الْبَاقِي عَلَى أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ وَمَا قَطَرَ مِنْهُ عَلَى ثِيَابِهِمَا طَاهِرٌ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَإِذَا كَانَ طَاهِرًا فَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ الْوُضُوءِ بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ يَرْجِعُ إِلَيْهَا مَنْ خَالَفَ الْقَوْلَ. فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِذَا اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الَّذِي غَسَلَ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ جَوَابَ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُ: بَلَى قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَغَسَلَ يَدَيْهِ أَيْضًا كَذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَإِذَا أَجَازَ مِنْ يُخَالِفُنَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي ظَاهِرِ الذِّرَاعِ فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ جَازَ كَذَلِكَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. -[289]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَضِحُ فِي إِنَائِهِ مِنْ وَضُوئِهِ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ لَايَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَكُلُّ هَذَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ إِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ قِرَبٍ بِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ بِهِ وَفِي اغْتِسَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ دَلِيلٌ عَلَى إِغْفَالِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ. فَأَمَّا اعْتِلَالُ مَنِ اعْتَلَّ بِأَنَّ هَذَا قَدْ أَدَّى بِهِ الْفَرْضَ مَرَّةً فَكَأَنَّهُ قَدْ أَعَابَ بَعْضَ قَوْلِهِ وَدَعْوَاهُ الَّذِي لَوْ كَانَ جَعَلَ مَكَانَهُ حُجَّةً يُدْلِي بِهَا كَانَ أَحْسَنَ مَعَ أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ يُجِيزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ قَدْ أَدَّى بِهِ الْفَرْضَ مَرَّةً وَيُجِيزُ أَنْ يَرْمِيَ بِحَصًا قَدْ رَمَى بِهِ، وَيَقْطَعَ سَارِقٌ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ سَرَقَهُ مَرَّةً فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيًا فَوَجَبَ قَطْعُ رِجْلِهِ مُنْكَرًا عَلَى الْكُوفِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. -[290]- مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ حَدَثَ فَفِيهَا لِمَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الْمَاءَ وَالْمَاءَ الْمُتَوَضَّأَ بِهِ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِوَاحِدٍ مِنَ الْمَاءَيْنِ، هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِالْمَاءِ الْمَغْسُولِ بِهِ الثَّوْبُ الطَّاهِرُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَاءٍ غُسِلَ بِهِ ثَوْبٌ طَاهِرٌ وَمَاءٍ غُسِلَ بِهِ بَدَنٌ طَاهِرٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ إِنْسَانٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي سَالَ فِيهِ مِنَ وَضُوئِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوُضُوءٍ مِنْ حَدَثٍ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِوَضُوءٍ مِنْ حَدَثٍ لَمْ يُجْزِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ

ذكر نفي النجاسة عن الجنب والدليل على أن إدخال الجنب يده في الماء لا يفسد الماء

ذِكْرُ نَفْيِ النَّجَاسَةِ عَنِ الْجُنُبِ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِدْخَالَ الْجُنُبِ يَدَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ

201 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، أنا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقٍ مِنْ -[291]- طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَأَنَا جُنُبٌ فَانْخَنَسْتُ فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ» ، فَقَدْ دَلَّ عَلَى طَهَارَتِهِ وَالطَّاهِرُ إِذَا لَاقَى مَاءً طَاهِرًا لَمْ يُنَجِّسِ الْمَاءَ

ذكر تطهر كل واحد من الرجل والمرأة بفضل طهور صاحبه اختلف أهل العلم في هذا الباب فنهت طائفة أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، روي هذا القول عن أبي هريرة.

ذِكْرُ تَطَهُّرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِفَضْلِ طَهُورِ صَاحِبِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَنَهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

202 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ، أنا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ الرُّخْصَةُ أَنْ تَتَوَضَّأَ الْمَرْأَةُ وَتَغْتَسِلَ بِفَضْلِ طَهُورِ الرَّجُلِ، وَكَرَاهِيَةُ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ. رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّهُ -[292]- قَالَ: تَتَوَضَّأُ الْمَرْأَةُ وَتَغْتَسِلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الرَّجُلِ، وَلَا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ وَغُسْلِهَا. وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْعَالِيَةِ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا بَأْسَ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تُخِلَّ بِهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ وَغُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، وَرُوِيَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ -[293]- تَوَضَّأَتْ فَأَرَادَ كُلْثُومُ بْنُ عَامِرٍ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِفَضْلِهَا فَنَهَتْهُ عَنْ ذَلِكَ

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْ فَضْلِ شَرَابِ الْمَرْأَةِ وَفَضْلِ وُضُوئِهَا مَا لَمْ تَكُنْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا فَإِذَا خَلَتْ بِهِ فَلَا يَقْرَبْهُ» . 203 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ سَوَاءً. وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: إِذَا خَلَتْ بِهِ فَلَا يَتَوَضَّأْ بِهِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاقَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَهَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفَضْلِ طَهُورِ صَاحِبِهِ شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا أَوْ خَلَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمَاءِ مَا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ جُنُبًا أَوِ الْمَرْأَةُ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا

رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا» . -[294]- 204 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ وَرُوِي عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ فَضْلَ طَهُورِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ. وَهَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يَتَوَضَّأُ بِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَا يَتَيَمَّمْ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ إِبَاحَةُ اغْتِسَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، ثَبَتَ أَنَّ ابْنُ عُمَرَ قَالَ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ، وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ الْحَجَّاجِ أَنَّهَا قَالَتْ: رُبَّمَا نَازَعْتُ عَبْدَ اللهِ الْوُضُوءَ. وَرُوِّينَا عَنْ أُمِّ سَعْدٍ امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَزَيْدُ -[295]- بْنُ ثَابِتٍ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنَ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ

205 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أُمِّ الْحَجَّاجِ، قَالَتْ: «رُبَّمَا نَازَعْتُ عَبْدَ اللهِ الْوُضُوءَ»

206 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنَ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ»

207 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: «لَا بَأْسَ بِاغْتِسَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ»

208 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدٍ، امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي نَقُولُ بِهِ الرُّخْصَةُ فِي أَنْ يَغْتَسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَتَوَضَّأُ بِفَضْلِ طَهُورِ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَا جُنُبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا، وَسَوَاءٌ ذَلِكَ خَلَتْ بِهِ أَوْ لَمْ تَخْلُ بِهِ، لِثُبُوتِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ

209 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِيهِ قَدْرُ الْفَرَقِ

210 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ، ثنا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ تَكْثُرُ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَحَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى إِغْفَالِ مَنْ قَالَ: إِذَا خَلَتِ الْمَرْأَةُ بِهِ فَلَا يَتَوَضَّأْ مِنْهُ

212 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنَابَةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِمُّ مِنْ فَضْلِهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»

ذكر الوضوء بسؤر الحائض والجنب اختلف أهل العلم في الوضوء بسؤر الحائض والجنب فرخصت فيه فرقة وكره ذلك آخرون، وممن كان لا يرى بسؤرهما بأسا الحسن البصري ومجاهد والزهري ومالك والأوزاعي وسفيان والشافعي وأحمد وأبو عبيد والنعمان ويعقوب ومحمد وهو قول عوام أهل

ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ فَرَخَّصَتْ

فِيهِ فِرْقَةٌ وَكَرِهَ ذَلِكَ آخَرُونَ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِسُؤْرِهِمَا بَأْسًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالنُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَخَّصَ فِي سُؤْرِهِمَا أَنْ يُشْرَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَرُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ فَضْلَ شَرَابِ الْحَائِضِ وَلَا يَرَى بِفَضْلِ وُضُوئِهَا بَأْسًا، وَيَكْرَهُ فَضْلَ شَرَابِ الْجُنُبِ وَوُضُوئِهِ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: إِذَا وَقَعَ الْبُزَاقُ فِي الْمَاءِ أُهَرِيقَ الْمَاءُ. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سُؤْرِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ هَلْ يُتَوَضَّأُ مِنْهُ لِلصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: لَا. -[298]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ نَقُولُ.

213 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَشْرَبُ فِي إِنَاءٍ وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَأْخُذُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِي فَيَشْرَبُ وَكُنْتُ آخُذُ الْعَرْقَ فَأَنْتَهِشُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ مِنِّي ثُمَّ يَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِي فَيَنْتَهِشُ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى طَهَارَةِ الْبُزَاقِ وَعَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِ الْحَائِضِ، وَدَلَّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» لَمَّا أَهْوَى إِلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجِسٍ» عَلَى طَهَارَةِ الْجُنُبِ وَطَهَارَةِ سُؤْرِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْحَائِضِ سِوَى مَوْضِعِ الْأَذَى قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ»

214 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» وَثَابِتٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَكَانَ يَضَعُ -[299]- رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيَقْرَأُ الْقُرْآَنَ، فَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِ الْحَائِضِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارًا ثَابِتَةً تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْبُزَاقِ وَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ النَّخَعِيُّ، وَأَنَا ذَاكِرٌ الْأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللهُ

ذكر سؤر الهر قال أبو بكر: أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن سؤر ما يؤكل لحمه طاهر يجوز شربه والتطهر به. واختلفوا في سؤر ما لا يؤكل لحمه فمن ذلك سؤر الهر، كان عبد الله بن عمر يكره أن يتوضأ بسؤر الهر، وكره ذلك يحيى الأنصاري وابن أبي ليلى.

ذِكْرُ سُؤْرِ الْهِرِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ سُؤْرَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ شُرْبُهُ وَالتَّطَهُّرُ بِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي سُؤْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَمِنْ ذَلِكَ سُؤْرُ الْهِرِّ، كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْهِرِّ، وَكَرِهَ ذَلِكَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى.

215 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بِسُؤْرِ السِّنَّوْرِ أَنْ يُتَوَضَّأَ بِهِ -[300]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْهِرُّ يُغْسَلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، هَكَذَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ قَالَا: يُغْسَلُ مَرَّةً

216 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا قُرَّةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي الْهِرِّ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ قَالَ: «يُغْسَلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ»

217 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي الْهِرِّ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ قَالَ: «اغْسِلْهُ مَرَّةً وَأَهْرِيقَهُ» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ هَكَذَا. قَالَ طَاوُسٌ، وَقَالَ عَطَاءٌ: بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

218 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي السِّنَّوْرِ إِذَا وَلَغَ فِي الْإِنَاءِ قَالَ: «يُغْسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» -[301]- وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَبِهِ قَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ الرُّخْصَةُ فِي سُؤْرِ الْهِرِّ وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْهِرُّ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا هِيَ رَبِيطَةٌ مِنْ رَبَائِطِ الْبَيْتِ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ

219 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ وُلُوغِ الْهِرِّ فِي الْإِنَاءِ يُغْسَلُ؟ قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ»

220 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، أنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الرُّكَيْنِ، عَنْ عَمَّتِهِ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا سُئِلَ عَنِ الْهِرِّ يَشْرَبُ مِنَ الْإِنَاءِ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِسُؤْرِهَا»

221 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْر، ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ ابْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، يَقُولُ: «الْهِرُّ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ»

222 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، نا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ وَاسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفَزَارِيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سُؤْرِ السِّنَّوْرِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا وَرُبَّمَا كَفَأَ لَهُ الْإِنَاءَ وَقَالَ: «هُوَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ»

223 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ رَبِيطَةٌ مِنْ رَبَائِطِ الْبَيْتِ»

224 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثنا ابْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: أُهْدِيَتْ لَنَا صَفْحَةُ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَقُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ فَخَالَفَتِ الْهِرَّةُ فَأَكَلَتْ مِنَ الصَّحْفَةِ فَلَمَّا فَرَغَتْ دَوَّرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ الصَّحْفَةَ إِلَيْهَا حَتَّى كَانَ حَيْثُ أَكَلَتِ الْهِرَّةُ أَوْ نَحْوَهُ فَأَكَلَتْ مِنْهُ

225 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ أَبِي جَمِيلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، «فَعَلَتْ بِطَعَامٍ أُتِيَتْ بِهِ كَمَا فَعَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِي سُؤْرِ الْهِرَّةِ» -[303]- وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَمٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَّا النُّعْمَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بِسُؤْرِهِ وَقَالَ: فَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ، وَيَقُولُ جَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ نَقُولُ وَذَلِكَ لِثُبُوتِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالِّ عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِهِ

226 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، ح. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وُضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَكِ أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» -[304]- وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَوْلُهُ: إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا جَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَمَالِيكِ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور: 58] إِلَى قَوْلِهِ: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} [النور: 58] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ

ذكر سؤر الكلب ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ".

ذِكْرُ سُؤْرِ الْكَلْبِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» .

227 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ

228 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ»

229 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، -[305]- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ مَا يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَطَاوُسٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولُونَ: يُغْسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ

230 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ -[306]- ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ»

231 - وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلْهُ فَإِنَّهُ رِجْسٌ، ثُمَّ اشْرَبْ فِيهِ وَتَوَضَّأْ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ سَمِعْتُ سَبْعًا أَوْ خَمْسًا وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ قَائِلٌ: يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ كَمَا يُغْسَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَاءُ طَاهِرٌ يُتَطَهَّرُ بِهِ لِلصَّلَاةِ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ ثُمَّ يَتَيَمَّمْ بَعْدَهُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ -[307]- الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ نَجِسٌ يُهَرَاقُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ النَّجَاسَةِ لِلْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ غَيْرَ مَوْجُودٌ فَلَيْسَ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُغْسَلَ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ سَبْعًا دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ قَدْ يَتَعَبَّدُ عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ فَمِمَّا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ أَنْ أَمَرَهُمْ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهَا غَسْلُ عِبَادَةٍ لَا لِنَجَاسَةٍ. وَكَذَلِكَ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالِاغْتِسَالِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ جُنُبٍ: «الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجَسٍ» وَقَوْلُهُ: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ» يَحْتَمِلُ هَذَا الْمَعْنَى أَنْ تَكُونَ طَهَارَةَ عِبَادَةٍ، لَا طَهَارَةَ نَجَاسَةٍ، وَإِذَا احْتَمَلَ الشَّيْءُ مَعْنَيَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآَخَرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّجَاسَاتِ تُزَالُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ تُزَالُ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَالدَّمِ وَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَالْخَمْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَاءِ الْمُخْتَلِطِ بِهِ لُعَابُ الْكَلْبِ أَكْبَرَ فِي النَّجَاسَةِ مِنْ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ لُعَابَ الْكَلْبِ أَكْبَرُ فِي النَّجَاسَةِ -[308]- لَوَجَبَ أَنْ يُطَهَّرَ الْإِنَاءُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ أَوْ بِغَسْلَةٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْغَسَلَاتُ الْأَرْبَعُ بَعْدَ الثَّلَاثِ عِبَادَةً إِذْ لَيْسَ بِمَعْقُولٍ أَنَّ النَّجَاسَةَ بَاقِيَةٌ فِيهِ بَعْدَ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا فِي أَنَّهَا عُبَادَةٌ حُكْمَ الْغَسَلَاتِ الْأَرْبَعِ، وَلَا أَعْلَمُ مَعَ مَنْ أَثْبَتِ نَجَاسَةَ لُعَابِ الْكَلْبِ حُجَّةً، وَقَدْ كَتَبْتُ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَتَمَّ مِنْ هَذَا

ذكر سؤر الحمار والبغل وما لا يؤكل لحمه من الدواب اختلف أهل العلم في سؤر الحمار والبغل فكرهت طائفة الوضوء بسؤر الحمار، وممن يرى ذلك ابن عمر والنخعي والشعبي والحسن وابن سيرين، وبه قال الأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي وأحمد.

ذِكْرُ سُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الدَّوَابِّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْوُضُوءَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ، وَمِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ.

232 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ -[309]- عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَرِهَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ أَنْ يُتَوَضَّأَ

233 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ سُؤْرَ الْحِمَارِ وَالْكَلْبِ وَالْهِرِّ أَنْ يُتَوَضَّأَ بِفَضْلِهِنَّ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ فَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَتَوَضَّأُ مِنْ سُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ إِذَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةٍ وَلَا يَتَيَمَّمُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ إِذَا تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ، وَقَالَ الْحَكَمُ: لَا يُعِيدُ. وَكَرِهَ بِسُؤْرِ الْبَغْلِ النَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالسِّبَاعِ

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ -[310]- بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُمَا مَرَّا مِنَ الْحَوْضِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ أَلَا تُخْبِرُنَا عَنْ حَوْضِكَ، هَلْ تَرِدُهُ السِّبَاعُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «لَا تُخْبِرْنَا عَنْ حَوْضِكَ نَرُدُّ عَلَى السِّبَاعِ وَتَرُدُّ عَلَيْنَا» . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ السُّؤْرَةَ فِي الْحَوْضِ يَصْدُرُ عَنْهَا الْإِبِلُ وَتَرِدُهَا السِّبَاعُ وَيَلَغُ فِيهَا الْكِلَابُ وَيَشْرَبُ مِنْهَا الْحِمَارُ هَلْ أَتَطَهَّرُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: لَا يُحَرِّمُ الْمَاءَ شَيْءٌ. 234 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، مَرَّا مِنَ الْحَوْضِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

235 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَرَأَيْتَ السُّؤْرَةَ مِنَ الْحَوْضِ تَصْدُرُ عَنْهَا الْإِبِلُ وَتَرِدُهَا السِّبَاعُ وَيَلَغُ فِيهَا الْكِلَابُ وَيَشْرَبُ مِنْهَا الْحِمَارُ هَلْ أَتَطَهَّرُ مِنْهُ؟ قَالَ: «لَا يُحَرِّمُ الْمَاءَ شَيْءٌ» وَمِمَّنْ رَخَّصَ الْوُضُوءَ بِفَضْلِ الْحِمَارِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ -[311]- وَالزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَبُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا بَأْسَ بِأَسْوَارِ الدَّوَابِّ كُلِّهَا مَا خَلَا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ. -[312]- وَرَخَّصَ فِي الْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْبِغَالِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَبُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ وَعُثْمَانُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا سُؤْرَ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ فَإِنْ أَحَبَّ إِلَيْنَا أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ فَيَكُونُ قَدِ اسْتَوْثَقَ، هَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: جَمِيعُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ وَالطَّيْرِ فَسُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ، وَقَالَ فِي سُؤْرٍ الْكَلْبِ وَجَمِيعِ السِّبَاعِ: إِذَا تَوَضَّأَ بِهِ مُتَوَضِّئٌ وَصَلَّى لَمْ يُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُتَوَضِّئُ مَاءً غَيْرَ سُؤْرِهِمَا تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ إِلَّا السِّنَّوْرَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ سُؤْرُهَا وَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ مُتَوَضِّئٌ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ الْفَأْرَةُ وَالْوَزَغَةُ يُكْرَهُ سُؤْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ، وَقَالَ فِي سُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ: إِنْ تَوَضَّأَ بِهِ رَجُلٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً غَيْرَ سُؤْرِهِمَا تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ يَجْمَعُهُمَا احْتِيَاطًا، وَحُكِيَ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ قَالَ: يَتَوَضَّأُ بِهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ، وَإِنْ بَدَأَ بِالتَّيَمُّمِ قَبْلَ الْوُضُوءِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنْ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ تَيَمَّمَ أَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ تَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْهِرَّةِ: «لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» فَحُكْمُ أَسْوَارِ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ -[313]- لُحُومُهَا حُكْمُ سُؤْرِ الْهِرِّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَاءٍ عَلَى الطَّهَارَةِ إِلَّا مَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَجِسٌ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ. وَكُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ أَسْوَارَ الدَّوَابِّ الَّتِي تُؤْكَلُ لُحُومُهَا طَاهِرٌ وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ لَا يَرَونَ بِسُؤْرِ الْفَرَسِ بَأْسًا

236 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِسُؤْرِ الْفَرَسِ

ذكر فضل ماء المشرك روينا عن عمر بن الخطاب أنه توضأ من ماء نصرانية في جرة نصرانية. وممن كان لا يرى بسؤر النصراني بأسا الأوزاعي والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وكل من نحفظ عنه من أهل العلم هذا مذهبه إلا أحمد وإسحاق فإنهما قالا: لا ندري ماء سؤر

ذِكْرُ فَضْلِ مَاءِ الْمُشْرِكِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ مَاءِ نَصْرَانِيَّةٍ فِي جَرَّةٍ نَصْرَانِيَّةٍ. -[314]- وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِسُؤْرِ النَّصْرَانِيِّ بَأْسًا الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَكُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا مَذْهَبَهُ إِلَّا أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا نَدْرِي مَاءُ سُؤْرِ الْمُشْرِكِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْمَاءُ حَيْثُ كَانَ وَفِي أَيِّ إِنَاءٍ كَانَ طَاهِرٌ لَا يَنْقُلُهُ عَنِ الطَّهَارَةِ إِلَّا نَجَاسَةٌ تُغَيِّرُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ.

237 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ، تَوَضَّأَ مِنْ مَاءِ نَصْرَانِيَّةٍ فِي جَرَّةٍ نَصْرَانِيَّةٍ

ذكر الوضوء في آنية الصفر والنحاس وغير ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل في مخضب قيل من نحاس. وروي عنه أنه توضأ في مخضب من صفر.

ذِكْرُ الْوُضُوءِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اغْتَسَلَ فِي مِخْضَبٍ قِيلَ مِنْ نُحَاسٍ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي مِخْضَبٍ مِنْ صَفْرٍ.

238 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: بَلَى، ثَقُلَ -[315]- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» فَقُلْنَا: لَا وَهُمُ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ مِنْ نُحَاسٍ

239 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ: تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِخْضَبِي هَذَا مِخْضَبٌ مِنْ صُفْرٍ وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي طَسْتٍ. وَقَالَ: الْحَسَنُ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ إِبْرِيقٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ. وَرُئِيَ أَنَسٌ يَتَوَضَّأُ فِي طَسْتٍ. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالْخُلَفَاءُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ تَوَضَّأَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ دَعَا بِالطَّسْتِ

240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ إِبْرِيقٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ»

241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا يَتَوَضَّأُ مِنْ رَكْوَةٍ فِي طَسْتٍ»

242 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسًا يَتَوَضَّأُ مِنْ طَسْتٍ»

243 - وَمَنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالْخُلَفَاءُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ تَوَضَّأَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ دَعَا بِالطَّسْتِ» وَرُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَكُلُّ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَكْرَهُ الْوُضُوءَ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ نَقُولُ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْأَشْيَاءُ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى تُحَرِّمَ بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ الْوُضُوءَ فِي الصُّفْرِ إِلَّا ابْنَ عُمَرَ، رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الصُّفْرِ، -[317]- وَيَكْرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي النُّحَاسِ. وَالشَّيْءُ إِذَا كَانَ مُبَاحًا لَمْ يُحَرَّمْ بِوُقُوفِ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ

244 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنِ مُوسَى، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي النُّحَاسِ

245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ مِنْ صُفْرٍ وَيَتَوَضَّأُ فِيهِ

ذكر النهي عن الشراب في آنية الذهب والفضة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ".

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الشَّرَابِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» .

246 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَحَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا أَبُو فَرْوَةَ الْجُهَنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُكَيْمٍ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بِالْمَدَائِنِ فَاسْتَسْقَى دَهْقَانًا، فَجَاءَ بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَحَذَفَهُ بِهِ حُذَيْفَةُ، وَكَانَ فِيهِ حِدَّةٌ فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: أَعْتَذِرُ إِلَيْكُمْ؛ إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَامَ فِينَا خَطِيبًا، فَقَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَلْبَسُوا الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ»

247 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، ثنا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُحَرَّمٌ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَكَرِهَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُضُوءَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَرَّمَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ اسْتِعْمَالِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا، كَانَ كَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزِ الْوُضُوءِ فِيهَا لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ فِيهَا مُسْتَعْمِلٌ لَهَا وَمُنْتَفِعٌ بِهَا. وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَلَوْ تَوَضَّأَ مُتَوَضِّئٌ فِيهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، وَفِعْلُهُ مَعْصِيَةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالِادِّهَانِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَلَا يَرَى بَأْسًا بِالْمُفَضَّضِ، وَكَانَ لَا يَرَى بِالْوُضُوءِ مِنْهُ بَأْسًا

ذكر تغطية الماء للوضوء

ذِكْرُ تَغْطِيَةِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ

248 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، وَوَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَا: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَغْطِيَةِ -[319]- الْوُضُوءِ وَإِيكَاءِ السِّقَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ لِلْوُضُوءِ تَأْدِيبًا لَا فَرْضًا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُوجِبُ ذَلِكَ. قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغَطَّى، يَعْنِي الْإِنَاءَ، لَمْ يَقُلْ: لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ

كتاب آداب الوضوء

كِتَابُ آدَابِ الْوُضُوءِ

ذكر تباعد من أراد الغائط عن الناس قال أبو بكر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد حاجته أبعد في المذهب، وثبت عنه أنه أراد البول فلم يتباعد عنهم، والذي يستحب أن يتباعد من أراد الغائط عن الناس، وله أن يبول بالقرب منهم.

ذِكْرُ تَبَاعُدِ مَنْ أَرَادَ الْغَائِطَ عَنِ النَّاسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَتَهُ أَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الْبَوْلَ فَلَمْ يَتَبَاعَدْ عَنْهُمْ، وَالَّذِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَبَاعَدَ مَنْ أَرَادَ الْغَائِطَ عَنِ النَّاسِ، وَلَهُ أَنْ يَبُولَ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ.

249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ 250 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ أَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ

251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ وَهْبٍ الثَّقَفِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَبَرَّزَ تَبَاعَدَ

ذكر ترك التباعد عن الناس عند البول

ذِكْرُ تَرْكِ التَّبَاعُدِ عَنِ النَّاسِ عِنْدَ الْبَوْلِ

252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، -[322]- فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: «ادْنُهُ» فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفِّهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَنْ بَالَ قَاعِدًا أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنِ النَّاسِ، وَلَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَبُولَ بِقُرْبِ النَّاسِ مَنْ بَالَ قَائِمًا، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الْبَوْلَ قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ وَأَسْلَمُ لِلْحَدَثِ. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ

253 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَنُ لِلدُّبُرِ»

ذكر الاستتار عن الناس عند البول والغائط

ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ عَنِ النَّاسِ عِنْدَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ

254 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَيْسَرَةَ، ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ: «حَائِشُ نَخْلٍ» يَعْنِي: جَمَاعَةَ نَخْلٍ مِثْلَ الصُّوَرِ

255 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ -[323]- عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَإِذَا هُوَ بِشَجَرَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُ أَذْرُعٍ، فَقَالَ: " يَا جَابِرُ انْطَلِقْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَقُلْ: يَقُولُ لَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا ". فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30] الْآيَةَ وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» . فَالَّذِي يَجِبُ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنِ النَّاسِ وَيَسْتَتَرَ عَنْهُمْ كَيْلَا تُرَى لَهُ عَوْرَةٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّغْلِيظَ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ

256 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَأْتِي مِنْ عَوْرَاتِنَا مِمَّا نَذَرُ؟ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»

257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَيْنِ أَنْ يَقْعُدَا جَمِيعًا، فَيَتَبَرَّزَانِ يَنْظُرُ أَحَدُهُمَا إِلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَمْقُتُ عَلَى هَذَا

ذكر القول عند دخول الخلاء ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا دخل الخلاء: " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "، وروي عنه أنه قال: " لا يعجزن أحدكم أن يقول إذا دخل مرفقه: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان

ذِكْرُ الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبَثِ وَالْخَبَائِثِ» ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَعْجِزَنَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقُولَ إِذَا دَخَلَ مِرْفَقَهُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجَسِ الْخَبِيثِ الْمُخَبَّثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ.

258 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ، قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبَثِ وَالْخَبَائِثِ» حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنِ أَبَي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْخَبِيثُ هُوَ ذُو الْخَبَثِ فِي نَفْسِهِ، وَالْمُخَبَّثُ هُوَ الَّذِي أَصْحَابُهُ وَأَعْوَانُهُ خُبَثَاءُ، وَقَوْلُهُ: الْخَبَثُ وَالْخَبَائِثُ، يَعْنِي الشَّرَّ، وَالْخَبَائِثُ الشَّيَاطِينُ

ذكر النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا، أو غربوا ".

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا، أَوْ غَرِّبُوا» .

259 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا، وَلَكِنْ لِيُشَرِّقْ، أَوْ لِيُغَرِّبْ» . قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا الشَّامَ وَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ جُعِلَتْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ. حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ مَرَاحِيضَ، وَأَحَدُهَا مِرْحَاضٌ، وَهِيَ الْمَذَاهِبُ بِبِنَاءٍ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَرَافِقَ، يَعْنِي الْكُنُفَ، وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ نُزُلٌ، وَأَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ، كُلُّ هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ مَوْضِعِ الْغَائِطِ

260 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ أَوِ الْبَوْلَ فَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِفَرْجِهِ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَقَالَتْ: طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ قَالَتْ: لَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ فِي الْبَرَارِي وَالْمَنَازِلِ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَقَّى فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُيُوتِ، وَكَرِهَ مُجَاهِدٌ -[326]- وَالنَّخَعِيُّ ذَلِكَ. وَحُجَّةُ هَذِهِ الْفِرْقَةِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا النَّهْيُ عَنِ الْعُمُومِ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ. هَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يَقُولُ: وَأَيْنَ أَنْتَ مِنْهَا، وَقَدْ حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ

261 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنِي خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَذَكَرُوا اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِالْفُرُوجِ، فَقَالَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلُوهَا اسْتَقْبَلُوا بِمِقْعَدِي إِلَى الْقِبْلَةِ» وَبِأَحَادِيثَ قَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْأَشْيَاءُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَا يُعْرَفُ نَاسِخُهَا مِنْ مَنْسُوخِهَا، فَوَجَبَ إِيقَافُ الْخَبَرَيْنِ وَحَمْلُ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْإِبَاحَةِ الَّتِي كَانَتْ لَمَّا خَفِيَ النَّاسِخُ مِنَ الْخَبَرَيْنِ. وَفَرَّقَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الصَّحَارِي وَالْمَنَازِلِ فَنَهَتْ عَنْ ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي، وَرَخَّصَتْ فِيهِ فِي الْمَنَازِلِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ -[327]- الشَّعْبِيِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْمَعْنَى. حُكِيَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلْغَائِطِ أَتَرَى الْبُيُوتَ مِثْلَ الصَّحَارِي؟ قَالَ: لَا، وَلَا أَرَى فِي الْبُيُوتِ شَيْئًا. وَحُكِيَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبُيُوتِ: أَحَبُّ عِنْدِي، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي بِخَبَرِ أَبِي أَيُّوبَ، وَاحْتَجَّ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ

262 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا يَحْيَى، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّهُ وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَيَقُولُ نَاسٌ: إِذَا قَعَدْتَ لِلْغَائِطِ فَلَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدْ ظَهَرْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَدَفَعَ أَبُو ثَوْرٍ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِأَنْ قَالَ: خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. -[328]- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ، فَإِنَّ مَخْرَجَهُ حَسَنٌ وَقَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ: خَالِدٌ مَعْرُوفٌ، قَدْ رَوَى عَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَوَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصَحُّ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ مَذْهَبُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّحَارِي وَالْمَنَازِلِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعُمُومِ إِلَّا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ، فَيَكُونُ مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ النَّهْيِ. وَإِنَّمَا تَكُونُ الْأَخْبَارُ مُتَضَادَّةً إِذَا جَاءَتْ جُمْلَةً فِيهَا ذِكْرُ النَّهْيِ، يُقَابِلُ جُمْلَةَ مَا فِيهَا ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ، فَلَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِطَرْحِ مَا ضَادَّهَا، وَسَبِيلُ هَذَا كَسَبِيلِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ جُمْلَةً، ثُمَّ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا، فَبَيْعُ الْعَرِيَّةِ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ، وَكَذَلِكَ نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمَرْءِ وَإِذْنُهُ فِي السَّلَمِ، وَهَذَا الْوَجْهُ مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ السُّنَنِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فَلَمَّا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ نَهْيًا عَامًّا وَاسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرًا الْكَعْبَةَ، كَانَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ مَخْصُوصٌ مِنْ جُمْلَةِ النَّهْيِ

ذكر الارتياد للبول مكانا سهلا لئلا يتقطر على البائل منه جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله ".

ذِكْرُ الِارْتِيَادِ لِلْبَوْلِ مَكَانًا سَهْلًا لِئَلَّا يَتَقَطَّرَ عَلَى الْبَائِلِ مِنْهُ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ» .

263 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْمُقْرِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْبَصْرَةَ حَدَّثُوهُ بِأَشْيَاءَ عَنْ أَبِي مُوسَى فَكَتَبَ بِهَا ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي مُوسَى، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنِّي كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَأَتَى دَمِثًا مِنْ أَهْلِ الْحَائِطِ فَبَالَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَبَوَّأُ لِبَوْلِهِ كَمَا يَتَبَوَّأُ لِمَنْزِلِهِ، وَفِي الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا مَقَالٌ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ: دَمْثًا، يَعْنِي الْمَكَانَ اللَّيِّنَ السَّهْلَ، وَقَوْلُهُ: فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ، يَعْنِي أَنْ يَرْتَادَ مَكانًا لَيِّنًا مُنْحَدِرًا لَيْسَ بِصَلْبٍ، فَيَنْتَضِحُ عَلَيْهِ أَوْ مُرْتَفِعٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ

ذكر المواضع التي نهي الناس عن البول والغائط فيها ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن البول في الماء الراكد، وجاء الحديث عنه أنه قال: " اتقوا اللعنتين ".

ذِكْرُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ النَّاسُ عَنِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِيهَا ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعْنَتَيْنِ» .

264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ

265 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ؟

266 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْتَنِبُوا اللَّعْنَتَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعْنَتَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَغَوَّطُ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي مَجْلِسِ قَوْمٍ»

ذكر النهي عن البول في الجحر

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ

267 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا نَصْرُ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَبُولُ أَحَدُكُمْ فِي الْجُحْرِ» . قَالُوا لِقَتَادَةَ: وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ

ذكر النهي عن البول في المغتسل

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ

268 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَخْبَرَنِي الْأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ»

269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مُغْتَسَلِهِ وَرُوِّينَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَالَ فِي مُغْتَسَلِهِ لَمْ يَتَطَهَّرْ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ

270 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَالَ فِي مُغْتَسَلِهِ لَمْ يَتَطَهَّرْ»

271 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا طَهَّرَ اللهُ رَجُلًا يَبُولُ فِي مُغْتَسَلِهِ» . قَالَ لَيْثٌ: قَالَ عَطَاءٌ: إِذَا كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ

272 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قُلْتُ: لِمَ يُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْمُغْتَسَلِ؟ قَالَ: «يَأْخُذُ مِنْهُ اللَّمَمُ»

273 - وَحُدِّثْتُ عَنْ إِسْحَاقَ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، وَأَصْحَابِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مُغْتَسَلِهِ وَفَرَّقَ عَطَاءٌ بَيْنَ الْمُغْتَسَلِ الْمُشَيَّدِ، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ بِمُشَيَّدٍ مِنْهُ مِثْلَ الْبَطْحَاءِ، فَقَالَ: أَمَّا الْمُشَيَّدُ فَلَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَا أُبَالِي أَنْ أَبُولَ فِيهِ، وَهُوَ زَعَمَ يَبُولُ فِيهِ وَكَرِهَ أَنْ يَبُولَ فِيمَا كَانَ فِي بَطْحَاءَ مِنْهُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُبَالُ فِيهِ إِذَا كَانَ يَجْرِي. وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَكْرَهُ الْبَوْلَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَجْرِي لِلْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي قَالَهُ عَطَاءٌ حَسَنٌ. وَقَدْ دَفَعَ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ أَشْعَثُ الْحُدَّانِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، وَوَقَفَهُ سَائِرُ مَنْ رَوَاهُ، وَحَدِيثُ دَاوُدَ الْأَوْدِيِّ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَلَا يُدْرَى مَحْفُوظٌ أَمْ لَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.

الرخصة في البول في الآنية ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بال في طست. وقد روينا عنه أنه كان له قدح من عيدان يبول فيه بالليل، يوضع تحت سريره. وروينا عنه أنه كانت له فخارة يبول فيها.

الرُّخْصَةُ فِي الْبَوْلِ فِي الْآنِيَةِ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَالَ فِي طَسْتٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَدَحٌ مِنْ -[333]- عِيدَانٍ يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ، يُوضَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ. وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ فَخَّارَةٌ يَبُولُ فِيهَا.

274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، وَلَقَدْ دَعَا بِطَسْتٍ فَبَالَ فِيهَا، وَأَنَّهُ لَعَلَى صَدْرِي فَانْخَنَثَ، فَمَاتَ، وَمَا أَشْعُرُ بِهِ، وَمَا أَوْصَى وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر اختلاف أهل العلم في البول قائما اختلف أهل العلم في البول قائما فثبت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم بالوا قياما، وممن ثبت ذلك عنه عمر بن الخطاب، وروي ذلك عن علي، وثبت ذلك عن زيد بن ثابت، وابن عمر، وسهل بن سعد، وروي ذلك عن

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا فَثَبَتَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا، وَمِمَّنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عُمَرَ، -[334]- وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ.

275 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ عُمَرَ بَالَ قَائِمًا، فَفَرَجَ رِجْلَيْهِ حَتَّى قُلْتُ: السَّائِمَةُ تَخِرُّ "

276 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ -[335]- أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّ بِالرَّحْبَةِ بَالَ قَائِمًا حَتَّى أَرْغَى»

277 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بَعْدَ مَا كَبِرَ يَبُولُ قَائِمًا حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ عَلَى قَدَمَيْهِ مِثْلَ نَضْحِ الدَّوَاءِ، قَالَ: فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ تَوَضَّأَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ "

278 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَبُولُ قَائِمًا» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ تَبُولَ، وَأَنْتَ قَائِمٌ. وَرَوَى ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ -[336]- بَالَ قَائِمًا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَبُولُ قَائِمًا، فَقَالَ: وَيْحَكَ، أَفَلَا قَاعِدًا، بَنُو إِسْرَائِيلَ كَانُوا فِي شَأْنِ الْبَوْلِ أَشَدُّ مِنْكُمْ، إِنَّمَا كَانَ مَعَ أَحَدِهِمْ شَفْرَتُهُ أَوْ مِقْرَاضُهُ لَا يُصِيبُ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا قِطْعَهُ

279 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " أَرْبَعٌ مِنَ الْجَفَاءِ: أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا "

280 - وَمِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «مِنَ الْجَفَاءِ الْبَوْلُ قَائِمًا» . 281 - وَحُدِّثْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى وَرَأَى رَجُلًا يَبُولُ قَائِمًا، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ الْبَوْلَ إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ رَمْلٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَتَطَايَرُ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ صَفًّا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَأَكْرَهُ ذَلِكَ وَلْيَبُلْ جَالِسًا، هَكَذَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَخْبَارٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَبَرَانِ ثَابِتَانِ وَخَبَرٌ مَعْلُولٌ فَأَمَّا الْخَبَرَانِ الثَّابِتَانِ، فَفِي أَحَدِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ قَائِمًا

282 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي، فَفِي الْبَوْلِ فِي حَالِ الْجُلُوسِ

283 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَالِسَيْنِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ دَرَقَةٌ، فَبَالَ وَهُوَ جَالِسٌ وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَعْلُولُ

284 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابن جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُولُ قَائِمًا، فَقَالَ: «يَا عُمَرُ، لَا تَبُلْ قَائِمًا» . قَالَ: فَمَا بُلْتُ قَائِمًا بَعْدُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الْكَرِيمِ بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ، قَالَ أَيُّوبُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَيُّوبُ: عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ غَيْرُ ثِقَةٍ، فَلَا تَحْمِلْ -[338]- عَنْهُ. وَحُدِّثْتُ عَنِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، قَدْ ضَرَبْتُ عَلَيْهِ فَاضْرِبْ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعَهُ مِنْ حَدِيثِهِ شَاهِدٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَبُولُ جَالِسًا أَحَبُّ إِلَيَّ لِلثَّابِتِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَالَ جَالِسًا؛ وَلَأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَلَا أَنْهِي عَنِ الْبَوْلِ قَائِمًا لِثُبُوتِ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا بُلْتُ قَائِمًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ. فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَكُنْ بَالَ قَائِمًا، ثُمَّ بَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِمًا، فَرَآهُ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، فَلَا يَكُونُ حَدِيثَاهُ مُتَضَادَّيْنِ

285 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «مَا بُلْتُ قَائِمًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ»

ذكر مس الذكر باليمين ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه ". فينبغي للمرء أن يحرص أن لا يمس ذكره بيمينه إلا لعذر يكون من أن يكون بيساره علة، ذلك من أبواب العذر، وقال عثمان بن عفان: ما تغنيت، ولا تمنيت،

ذِكْرُ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ» . فَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَحْرِصَ أَنْ لَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِلَّا لِعُذْرٍ يَكُونُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِيَسَارِهِ عِلَّةٌ، ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْعُذْرِ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: مَا تَغَنَّيْتُ، وَلَا تَمَنَّيْتُ، وَلَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَتْ يَمِينُهُ لِطَعَامِهِ، وَكَانَتْ شِمَالُهُ سِوَى ذَلِكَ.

286 - حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ يُونُسَ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادِ ثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّلْتَ بْنَ دِينَارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ أَرَ عِنْدَهُ شُرْطِيًّا، وَلَا جِلْوَازًا فسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ. 287 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْهُمْ، أَوْ قَالَ: سَمِعْتَهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَهُ. 288 - وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ فَذَكَرَهُ.

289 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ»

ذكر صفة القعود على الخلاء والنهي عن الحديث عليه روينا عن سراقة بن مالك أنه قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال رجل كالمستهزئ: أما علمكم كيف تخرءون، فقال: بلى، والذي بعثه بالحق، لقد أمرنا أن نتوكأ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى.

ذِكْرُ صِفَةِ الْقُعُودِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ رُوِّينَا عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَجُلٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ: أَمَا عَلَّمَكُمْ كَيْفَ تَخْرَءُونَ، فَقَالَ: بَلَى، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، لَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَتَوَكَّأَ عَلَى الْيُسْرَى، وَأَنْ نَنْصِبَ الْيُمْنَى. -[340]- وَرُوِّينَا عَنْ لُقْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لِمَوْلَاهُ: إِنَّ طُولَ الْقُعُودِ عَلَى الْخَلَاءِ يُجْمَعُ مِنْهُ الْكَبِدُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ النَّاسُورُ، فَاقْعُدْ هُوَيْنًا وَاخْرُجْ.

290 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو مُوسَى، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يُرِيدَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَانِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَادَثَانِ، فَإِنَّ اللهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ»

النهي عن ذكر الله على الخلاء اختلف أهل العلم في ذكر الله عند الجماع، وعند الغائط، فكرهت طائفة ذكر الله في هذين الموضعين.

النَّهْيُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ عَلَى الْخَلَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذِكْرِ اللهِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَعِنْدَ الْغَائِطِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذِكْرَ اللهِ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ.

رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " يُكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ عَلَى حَالَتَيْنِ: الرَّجُلُ عَلَى خَلَائِهِ، وَالرَّجُلُ يُوَاقِعُ امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يُجَلُّ عَلَى ذَلِكَ ". 291 - حَدَّثُونَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، أنا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ

292 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا سُوَيْدٌ، أنا عَبْدُ اللهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّ مُوسَى قَالَ: يَا رَبِّ، مَا الشُّكْرُ الَّذِي يَنْبَغِي لَكَ؟ قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِي» . قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ فِي الْمَوَاطِنِ مَوَاطِنَ أُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرَكَ فِيهَا. قَالَ: «مَا هِيَ؟» قَالَ: إِذَا كُنْتُ جُنُبًا، أَوْ جِئْتُ مِنَ الْغَائِطِ وَلَمْ أَتَوَضَّأْ، وَأَهْرَقْتُ الْمَاءَ. قَالَ: «بَلَى» . قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ. قَالَ: تَقُولُ «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» حَتَّى الْأَذَى -[341]- وَمِمَّنْ كَرِهَ ذِكْرَ اللهِ فِي هَذَيْنِ الْمَوْطِنَيْنِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَجْتَنِبُ الْمَلِكَ الْإِنْسَانُ عِنْدَ غَائِطِهِ، وَعِنْدَ جِمَاعِهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَا يُذْكَرُ اللهُ وَهُوَ عَلَى الْخَلَاءِ بِلِسَانِهِ، وَلَكِنْ بِقَلْبِهِ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي ذِكْرِ اللهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. رُوِّينَا عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: " قَالَ مُوسَى: أَنَا أَكُونُ عَلَى حَالٍ مِنَ الْحَالِ أُجِلُّكَ أَنْ أَذْكُرَكَ عِنْدَ الْغَائِطِ وَالْجَنَابَةِ، قَالَ: اذْكُرْنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ ". وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا بَأْسَ بِذِكْرِ اللهِ فِي الْخَلَاءِ. وَسُئِلَ ابْنُ سِيرِينَ عَنِ الرَّجُلِ يَعْطِسُ فِي الْخَلَاءِ، قَالَ: لَا أَعْلَمُ بَأْسًا. -[342]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوُقُوفُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَحَبُّ إِلَى تَعْظِيمًا لِلَّهِ، وَالْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَوْثَمَ مَنْ ذَكَرِ اللهِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ

293 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، صَاحِبُ الدَّسْتُوَائِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَدَّ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِي الْأَخْبَارِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

ذكر دخول الخلاء بالخاتم فيه ذكر الله عز وجل اختلف أهل العلم في الرجل يكون في أصبعه خاتم، فيه ذكر الله عز وجل يدخل به الخلاء، فرخصت طائفة في ذلك، وممن روي عنه الرخصة سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين. واستحبت طائفة أن يجعل ذلك في باطن

ذِكْرُ دُخُولِ الْخَلَاءِ بِالْخَاتَمِ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ، فِيهِ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدْخُلُ بِهِ الْخَلَاءَ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ الرُّخْصَةُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. وَاسْتَحَبَّتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، قَالَ عِكْرِمَةُ: خَلِّ بِهِ هَكَذَا فِي كَفِّكَ فَاقْبِضْ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ شَاءَ جَعَلَهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. -[343]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ الْمَرْءُ الْخَاتَمَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ اللهِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ جَعَلَ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ حَدِيثًا

294 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ ابن جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَمًا، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَهُ

ذكر الاستبراء من البول روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات ". وروينا عن الحسن البصري، أن الرجل كان يشكو إليه الإبردة والتقطير من البول، فكان الحسن يقول له: إذا بلت فامسح ما بين المقعدة والذكر، ثم اغسل

ذِكْرُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْثُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» . وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَشْكُو إِلَيْهِ الْإِبْرَدَةَ وَالتَّقْطِيرَ مِنَ الْبَوْلِ، فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ لَهُ: إِذَا بُلْتَ فَامْسَحْ مَا بَيْنَ الْمَقْعَدَةِ وَالذَّكَرِ، ثُمَّ اغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ تَوَضَّأْ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ وُضُوئِكَ، فَخُذْ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَانْضَحْهُ فِي إِزَارَكَ، ثُمَّ احْمِلْ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ تَجِدْهُ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إِذَا بُلْتَ فَامْسَحْ ذَكَرَكَ مِنْ أَسْفَلَ. قَالَ ابْنُ -[344]- عُيَيْنَةَ: يَنْقَطِعُ عَنْكَ.

جماع أبواب الاستنجاء ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بثلاثة أحجار.

جِمَاعُ أَبْوَابِ الِاسْتِنْجَاءِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ.

295 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، بِمِصْرَ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمُ مِثْلُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ، وَكَانَ يَأْمُرُنَا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ»

296 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَائِطَ وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

297 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، -[345]- عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَسَّرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَوْلَهُ: اسْتَجْمِرُوا أَنَّهُ الِاسْتِنْجَاءُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ: الْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْأَحْجَارِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ بَالَ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا فَمَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ. -[346]- وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ حُذَيْفَةُ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ

298 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا شُعَيْبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَسَارَ بْنَ نُمَيْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بَالَ ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا فَمَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ»

299 - حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: «كَانَ لِعُمَرَ مَكَانٌ قَدِ اعْتَادَهُ يَبُولُ فِيهِ، وَكَانَ لَهُ حُجْرٌ أَوْ عَظْمٌ فِي حُجْرٍ فَكَانَ إِذَا بَالَ مَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا، وَلَمْ يُمِسَّهُ مَاءً»

300 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: سُئِلَ حُذَيْفَةُ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، فَقَالَ: «إِذَنْ لَا يَزَالُ فِي يَدِي نَتَنٌ»

301 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا سُهَيْلُ بْنُ ذَكْوَانَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، قَالَ: «لَعَنَ اللهُ غَاسِلَ اسْتَهِ»

302 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ حَمَّادٌ , عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

303 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا عَامِرٌ، قَالَ: مَرَّ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ بِرَجُلٍ يَبُولُ فَغَسَلَ أَثَرَ الْبَوْلِ، فَقَالَ سَعْدٌ: «لِمَ تَزِيدُونَ فِي دِينِكُمْ مَا لَيْسَ مِنْهُ؟»

304 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَوَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا النِّسَاءُ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، لَا يَغْسِلُ بِالْمَاءِ. وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: غَسْلُ الدُّبُرِ مُحْدَثٌ. وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحِجَارَةِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنِ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ، وَلَمْ يَسْتَنْجِ بِالْمَاءِ وَصَلَّى، قَالَ: لَا يُعِيدُ. وَرَأَتْ طَائِفَةٌ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ، فَمِمَّنْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ أَنْ لَمْ -[348]- يَكُنْ يَرَاهُ، قَالَ لِنَافِعٍ: جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ صَالِحًا. وَهَذَا مَذْهَبُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْخَرْصِ

305 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَلَغَ ابْنَ عُمَرُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَغْسِلُ عَنْهُ أَثَرَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَعْجَبُ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَهُ بَعْدُ، فَقَالَ: «يَا نَافِعُ، جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ صَالِحًا»

306 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ، قَالَ: «صَحِبْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ سَبْعَ سِنِينَ، فَكَانَ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ»

307 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

308 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا سُوَيْدٌ، أنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، رَأَى عُمَرَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا بِمَاءٍ تَحْتَ إِزَارِهِ

309 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ

310 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، كَانَ أَنَسٌ يَسْتَنْجِي بِالْخَرْصِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ تَجْزِي مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَبِذَلِكَ قَالَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِذَا أَنْقَى وَدَلَّ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَا يَجْزِي بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ

311 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ عَلَّمَكُمْ صَاحِبُكُمْ حَتَّى يُوشِكَ أَنْ يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ، قَالَ: أَجَلْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْعِظَامِ وَبِالرَّجِيعِ وَقَالَ: «لَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ: «لَا يَجْزِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» يَدُلُّ عَلَى إِغْفَالِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَعْنَى مِنْهُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ تَجْزِي إِذَا نَقِيٍّ، وَيَلْزَمُ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ طَرْحُ الِاسْتِنْجَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِطِ -[350]- أَثَرٌ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النَّاسِ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَعَ حَدِيثِ سَلْمَانَ يَدُلُّ أَنَّ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَا تَجْزِي

312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، فَأَمَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَجَاءَهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: «إِنَّهَا رِجْسٌ، ائْتِنِي بِحَجَرٍ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَإِذَا اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ»

313 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَمَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ»

314 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ. 315 - وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ» . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اسْمَ الْوِتْرِ يَقَعُ عَلَى وَاحِدٍ، فَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ حَيْثُ قَالَ: «لَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «مَنِ -[351]- اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ» وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخْبَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيَدُلُّ بَعْضُهَا عَلَى مَعْنَى بَعْضٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَعْدُ الْأَذَى مَخْرَجَهُ، فَإِنْ عَدَا الْمَخْرَجَ فَفِيهِ خِلَافٌ. قَالَ طَائِفَةٌ: إِذَا عَدَا الْأَذَى الْمَخْرَجَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا الْغُسْلُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا انْتَشَرَ الْبَوْلُ عَلَى الْحَشَفَةِ فَاغْسِلْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فَلَا بَأْسَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ غَيْرَ الْمَخْرَجِ، وَمَا لَا بُدَّ لَهُ مِمَّا قَارَبَ ذَلِكَ، رَأَيْتُ أَنْ يَغْسِلَهُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَقَالَ قَائِلٌ: فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ مَا أَصَابَ مِنْهُ غَيْرُ مَوْضِعِهِ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الْمَاءُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: إِنَّ كُلَّ مَا أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ يَجْزِي، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ مَنَعَ إِزَالَتَهُ بِغَيْرِ الْمَاءِ حُجَّةٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلٌ قَلَّ مَنْ يَقُولُهُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الَّذِي أُزِيلَ بِهِ الدَّمُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُرِحَ بِأُحُدٍ الْمَاءُ، وَقَدِ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِ دَمِ الْحَيْضَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ بِالْمَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِزَالَتِهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ، -[352]- وَلَا يَطْهُرُ مَوْضِعٌ أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ إِلَّا بِمَاءٍ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، فَأَمَّا أَنْ يَزُولَ بِاخْتِلَافٍ لَيْسَ مَعَ قَائِلِهِ حُجَّةٌ فَلَا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: رَجُلٌ صَلَّى بِقَوْمٍ، وَلَمْ يَسْتَجْمِرْ، قَالَ: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ كَانَ أَرَادَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ غَائِطٌ فَهُوَ قَوْلٌ شَاذُّ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ، فَقَوْلُهُ صَحِيحٌ

الاستنجاء من البول قال أبو بكر: يستنجي من البول بالأحجار كما يستنجي من الغائط، روينا عن عمر بن الخطاب أنه بال، ثم أخذ حجرا فمسح به ذكره، وقد ذكرناه فيما مضى، وممن رأى أن الاستنجاء من البول يجزي مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكل من لقيناه من أهل

الِاسْتِنْجَاءُ مِنَ الْبَوْلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَسْتَنْجِي مِنَ الْبَوْلِ بِالْأَحْجَارِ كَمَا يَسْتَنْجِي مِنَ الْغَائِطِ، رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ بَالَ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا فَمَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى، وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مِنَ الْبَوْلِ يَجْزِي مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكُلٌّ مَنْ لَقِينَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

ذكر الاستنجاء بغير الحجارة قال أبو بكر: لا نحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الأخبار أنه أمر بالاستنجاء بغير حجارة، ومن استنجى بالحجارة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أتى بما عليه، وإن استنجى بغير الحجارة، فالذين نحفظ عن جماعة

ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا نَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ أَمَرَ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ حِجَارَةِ، وَمَنِ اسْتَنْجَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَإِنِ اسْتَنْجَى بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ، فَالَّذِينَ نَحْفَظُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ أَحْوَطُ، كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَنْجِي بِالْإِذْخَرِ، وَقَالَ طَاوُسٌ: ثَلَاثَةٌ أَحْجَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ حَثَيَاتٍ مِنْ تُرَابٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَعْوَادٍ، وَيُجْزِي كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ آجُرَّاتٍ أَوْ مَقَابِسَ أَوْ خَزَفٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ إِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَجَازَ مَالِكٌ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَدَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَرْجُو أَنْ يَجْزِيَ مَا قَالُوا، وَلَيْسَ فِي النَّفْسِ شَيْءٌ إِذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَأَنْقَى، فَإِنِ اسْتَنْجَى بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَلَمْ يُنْقِ زَادَ حَتَّى يُنْقِيَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الِامْتِسَاحِ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُبْقِ أَثَرًا قَائِمٌا، فَأَمَّا أَثَرٌ لَاصِقٌ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْمَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِنْقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَهَدَ لَمْ يُنْقِهِ بِغَيْرِ مَاءٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ.

ذكر من استنجى بحجر واحد له ثلاثة أوجه كان الشافعي يقول: وإن وجد حجرا له ثلاثة وجوه، فامتسح بكل واحد امتساحة كانت كثلاثة أحجار، وكذلك قال أبو ثور، وإسحاق، وقد عارض بعض الناس الشافعي، وقال: ليس يخلو الأمر بثلاثة أحجار من أحد أمرين: إما أن يكون أريد

ذِكْرُ مَنِ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ وَاحِدٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ وَجَدَ حَجَرًا لَهُ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ، فَامْتَسَحَ بِكُلِّ وَاحِدٍ امْتِسَاحَةً كَانَتْ كَثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَقَدْ عَارَضَ بَعْضُ النَّاسِ الشَّافِعِيَّ، وَقَالَ: لَيْسَ يَخْلُو الْأَمْرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهَا إِزَالَةُ نَجَاسَةٍ، فَإِنْ كَانَ هَكَذَا، فَبِمَا أُزِيلَتِ النَّجَاسَةُ يَجْزِي بِحَجَرٍ وَغَيْرِ حَجَرٍ، وَلَوْ أُزِيلَتْ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ، أَوْ يَكُونُ عِبَادَةً، فَلَا يَجْزِي أَقَلُّ مِنَ الْعَدَدِ أَوْ مَعْنَى ثَالِثًا، فَيُقَالُ أُرِيدَ بِهَا إِزَالَةُ نَجَاسَةٍ وَعِبَادَةٍ، فَلَمَّا بَطَلَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، لَمْ يَبْقَ إِلَّا هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ، وَلَا يَجْزِي فِي وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْتَقَصَ عَدَدُهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ: «لَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَكُلُّ مَا أُمِرَ النَّاسُ بِعَدَدِ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلَا يَجْزِي أَنْ تُرْمَى الْجَمْرَةُ بِأَقّلِّ مِنْ سَبْعِ حَصَيَاتٍ مَعَ أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَغْنًى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا تَأْوِيلَ لِمَا قَالَ: «لَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» لِمُتَأَوِّلٍ مَعَهُ

ذكر الأشياء المنهي عن الاستنجاء بها ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الاستنجاء بالروث والعظام

ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَا ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثِ وَالْعِظَامِ

316 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، -[355]- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَيُعَلِّمُكُمْ حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ، قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، إِنَّهُ نَهَانَا عَنِ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ

317 - حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمُ مِثْلُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ» ، وَكَانَ يَنْهَانَا عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَيْءٍ مِمَّا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، وَلَا بِمَا قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ مَرَّةً إِلَّا أَنْ يُطَهَّرَ بِالْمَاءِ، وَيَرْجِعُ إِلَى حَالَةِ الطَّهَارَةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا يُسْتَنْجَى، لَا يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، وَلَا رَجِيعٍ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْتَنْجَى بِمَاءٍ قَدِ اسْتُنْجِيَ بِهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِعَظْمٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُسْتَنْجَى بِعَظْمِ ذَكِيٍّ، وَلَا مَيِّتٍ؛ لِلنَّهْىِ عَنِ الْعَظْمِ مُطْلَقًا، وَلَا بِحِمَمِهِ

318 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ وَقَالَ: «ائْتِنِي بِشَيْءٍ أَسْتَنْجِي بِهِ، وَلَا تَقْرَبَنَّ حَائِلًا، وَلَا رَجِيعًا» ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى -[356]- وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: أَمَّا الرَّوْثُ فَرَوْثُ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الرِّمَّةُ فَإِنَّهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالرَّمِيمُ مِثْلُ الرِّمَّةُ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {قَالْ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] فَأَمَّا الرَّجِيعُ فَقَدْ يَكُونُ الرَّوْثُ وَالْعَذِرَةُ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ رَجِيعًا؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ كَانَ طَعَامًا، أَوْ عَلَفًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ

ذكر الاستنجاء بالماء

ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

319 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْمُقْرِئُ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَغْسِلُوا أَثَرَ الْخَلَاءِ وَالْبَوْلِ، فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ آمُرُهُمْ بِذَلِكَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ

320 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا، وَقَضَى حَاجَتَهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْغَرِنَا بِدَلْوِهِ أَوْ مَيْضَاةٍ، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ جَاءَ وَقَدِ اسْتَنْجَا بِالْمَاءِ

ذكر خبر دل على فضل الاستنجاء بالماء

ذِكْرُ خَبَرٍ دَلَّ عَلَى فَضْلِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

321 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ -[357]- مَالِكٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ الثَّنَاءَ فِي الطُّهُورِ، فَمَا تَصْنَعُونَ؟» قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَنَغْتَسِلُ لِلْجَنَابَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ غَيْرُ هَذَا؟، قَالُوا: لَا إِلَّا أَنَّ أَحَدَنَا إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ ذَلِكَ فَعَلَيْكُمْ بِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّهُ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَثْنَى عَلَى فَاعِلِيهِ، قَالَ اللهُ: {لِمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] وَلَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ، وَلَوْ جَمَعَهُمَا فَاعِلٌ فَبَدَأَ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ الْمَاءَ كَانَ حَسَنًا، وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ يَجْزِيهِ

ذكر مسح اليدين بالأرض بعد الاستنجاء

ذِكْرُ مَسْحِ الْيَدَيْنِ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ

322 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَغَسَلَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ صَبَّ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَغَسَلَهَا -[358]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ لَهُ الْأُشْنَانَ

323 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، ثنا مُعَاذٌ، ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كَانَ أَنَسٌ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وُضِعَ لَهُ الْأُشْنَانُ» فَالَّذِي اسْتُحِبَّ لِمَنِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ بِأُشْنَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ يَضْرِبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ لِلنَّظَافَةِ وَلِإِزَالَةِ الرِّيحِ إِنْ بَقِيَتْ فِي الْيَدِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ، وَلَا مَآثِمَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَقَوْلُ مَيْمُونَةَ «فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ» يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ "

ذكر النهي عن الاستنجاء باليمين

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

324 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ

ذكر القول عند الخروج من الخلاء

ذِكْرُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ

325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو النَّصْرِ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، ثنا عَائِشَةُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ: «غُفْرَانَكَ» -[359]- وَرُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ: «الْحَمْدُ اللهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي، وَأَمْسَكَ عَلَى مَا يَنْفَعُنِي»

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ: «الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» 326 - حَدَّثَنَا، إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ

ذكر مقدار الماء للطهور جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغسله الصاع من الماء ويوضئه المد.

ذِكْرُ مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلطَّهُورِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ الْمَاءِ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ.

327 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَبُو -[360]- رَيْحَانَةَ، ثنا سَفِينَةُ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ الْمَاءِ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ أَخْبَارًا سِوَى هَذَا الْخَبَرِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ، وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

ذكر إباحة الوضوء والاغتسال بأقل من المد من الماء والصاع وأكثر من ذلك

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِأَقَلَّ مِنَ الْمُدِّ مِنَ الْمَاءِ وَالصَّاعِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

328 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَضَرِتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى أَهْلِهِ فَتَوَضَّأَ، وَبَقِيَ قَوْمٌ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ، فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ، فَصَغُرَ أَنْ يَبْسُطَ كَفَّهُ فِيهِ فَضَمَّ أَصَابِعَهُ، فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كُلُّهُمْ، قَالَ: قُلْنَا: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانِينَ رَجُلًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي اغْتِسَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّئُونَ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ، دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْوُضُوءِ، وَالِاغْتِسَالِ بِأَقَلَّ مِنَ الصَّاعِ وَالْمُدِّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ إِذَا كَانَ هَكَذَا فَأَخْذُهُمُ الْمَاءَ يَخْتَلِفُ وَإِذَا اخْتَلَفَ أَخْذُهُمُ الْمَاءَ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا حَدَّ فِيمَا يُطَهِّرُ الْمُتَوَضِّئَ وَالْمُغْتَسِلَ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا الْإِتْيَانُ عَلَى مَا يَجِبُ مِنَ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ أَخْذُ النَّاسِ لِلْمَاءِ. -[361]- وَقَدِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّ مِنَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ، وَالصَّاعَ فِي الِاغْتِسَالِ غَيْرُ لَازِمٌ لِلنَّاسِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَقَدْ يَرْفُقُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ فَيَكْفِي، وَيُخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي، وَصَدَّقَ الشَّافِعِيُّ هَذَا النَّصَّ، قَالَ: مَوْجُودٌ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ

الاقتصاد في الوضوء وترك التعدي فيه

الِاقْتِصَادُ فِي الْوُضُوءِ وَتَرْكُ التَّعَدِّي فِيهِ

329 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا يَعْلَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، قَالَ: «هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ، أَوْ تَعَدَّى وَظَلَمَ»

استعانة الرجل بغيره في الوضوء

اسْتِعَانَةُ الرَّجُلِ بِغَيْرِهِ فِي الْوُضُوءِ

330 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ حَتَّى عَدَلَ إِلَى الشِّعْبِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، فَجَعَلَ أُسَامَةُ يَصُبُّ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: أَلَا تُصَلِّي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الْمُصَلَّى أَمَامَكَ»

331 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، -[362]- أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَتَبِعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ فَلَمَّا أَقْبَلَ تَلَقَّيْتُهُ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يُصَبُّ عَلَيْهِ إِذَا تَوَضَّأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ , وَابْنُ عُمَرَ , وَأَبُو هُرَيْرَةَ

332 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: «وَضَّأْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُمْتُ عَنْ يَمِينِهِ» ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ فَقُلْتُ: مِنْ رِفَاعَةَ، فَقَالَ: مِنْ عِنْدِكِ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَضَّأْتُ أَنَا الثَّوْرِيَّ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ

333 - كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «حَجَّ يَعْنِي عُمَرَ وَحَجَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدِهِ فَتَوَضَّأَ» وَرُوِّينَا عَنْ رَبِيعَ بِنْتِ مُعَوِّذٍ أَنَّهَا سَكَبَتِ الْمَاءَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ جَائِزٌ فِي الْوُضُوءِ

334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ شُعَيْبٍ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ رَبِيعَ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينَا فِي مَنْزِلِنَا فَأَخَذَ مَضَاةً لَنَا قَدْرَ مُدٍّ وَنِصْفٍ أَوْ مُدٍّ وَثُلُثٍ فَأَسْكُبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ

جماع أبواب السواك

جِمَاعُ أَبْوَابِ السِّوَاكِ

ذكر الترغيب في السواك

ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي السِّوَاكِ

335 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا رَوْحٌ، ثنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ»

336 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ فَرَأَيْتُهُ يَسْتَاكُ عَلَى لِسَانِهِ. 337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثَنَا حَمَّادُ، بِإِسْنَادِهِ وَزَادَ فِيهِ عَلَى: طَرْفِ لِسَانِهِ، وَيَقُولُ: «آهْ آهْ» يَعْنِي يَتَهَوَّعُ

ذكر فضل السواك

ذِكْرُ فَضْلِ السِّوَاكِ

338 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا مُسْلِمٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَتِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «-[364]- السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»

339 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِسْحَاقُ، أنا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الْأَظَافِرِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ» وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: السِّوَاكُ جَلَاءٌ لِلْعَيْنِ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ

ذكر الأوقات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك فيها

ذِكْرُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَسَوَّكُ فِيهَا

340 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مِسْعَرٌ، -[365]- 341 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: بِالسِّوَاكِ

342 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَّ بَهْزَ بْنَ حَكِيمٍ، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَضَعُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاكَهُ وَوَضُوءَهُ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا قَامَ اسْتَاكَ وَتَوَضَّأَ

كتاب صفة الوضوء

كِتَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ -[367]- ثَبُتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ»

343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ»

ذكر التسمية عند الوضوء جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه "

ذِكْرُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ»

344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ثِغَالَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَبَاحَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ فَاسْتَحَبَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُسَمِّيَ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ كَمَا اسْتَحَبُّوا أَنْ يُسَمِّيَ اللهَ عِنْدَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالنَّوْمَ وَغَيْرَ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا لَا إِيجَابًا، وَقَالَ أَكْثَرَهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَى مِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ فِي الْوُضُوءِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ -[368]- وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاغْتَسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَيَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ

345 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ يَغْتَسِلُ إِلَى بَعِيرٍ وَأَنَا أَسْتَرُ، عَلَيْهِ بِثَوْبِ يَعْلَى السَّاتِرِ قَالَ: «بِسْمِ اللهِ» وَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا لَهُ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَضَعَّفَ حَدِيثَ ابْنِ حَرْمَلَةَ وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا حَدِيثٌ أَحْكُمُ بِهِ وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ فِي التَّسْمِيَةِ إِذَا نَسِيَ: أَجْزَأَهُ وَإِذَا تَعَمَّدَ أَعَادَ لِمَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَكَى آخَرُ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ: الِاحْتِيَاطُ الْإِعَادَةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ إِيجَابَ الْإِعَادَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرٌ ثَابِتٌ يُوجِبُ إِبْطَالَ وُضُوءِ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُسَمِّيَ اللهَ مَنْ أَرَادَ الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ

ذكر إيجاب النية في الطهارات والاغتسال والوضوء والتيمم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الأعمال بالنية ".

ذِكْرُ إِيجَابِ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَاتِ وَالِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ ثابَتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» .

346 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ , فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَهُوَ لَا يَنْوِي بَوُضُوئِهِ الطَّهَارَةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُجْزِيهِ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرْقٌ، -[370]- وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَقَالَتْ: يَجْزِي الْوُضُوءُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا يُجْزِي التَّيَمُّمُ إِلَّا بِنِيَّةٍ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا عَلَّمْتَ رَجُلًا التَّيَمُّمَ فَلَا يُجْزِيكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ نَوَيْتَ أَنَّكَ تَيَمَّمُ لِنَفْسِكَ، فَإِذَا عَلَّمْتَهُ الْوُضُوءَ أَجْزَأَكَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ حُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُعَلِّمُ الرَّجُلَ التَّيَمُّمَ وَهُوَ لَا يَنْوِي أَنْ يَتَيَمَّمَ لِنَفْسِهِ إِنَّمَا عَلَّمَهُ ثُمَّ حَضَرِتِ الصَّلَاةُ، قَالَ: يُصَلِّي عَلَى تَيَمُّمِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ كَانَ طَاهِرًا، هَذِهِ حِكَايَةُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ فِي التَّيَمُّمِ وَيُجْزِيهِ فِي الْوُضُوءِ، وَحَكَى الْوَلِيدُ مِثْلَهُ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حِكَايَتُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَكَمَا حَكَى لِمُوَافَقَتِهِ حِكَايَةَ الْأَشْجَعِيِّ وَالْعَدَنِيِّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالْفَارِيَابِيِّ عَنْهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ فَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَصَحُّ وَاللهُ أَعْلَمُ. -[371]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» لَمَّا عَمَّ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ وَلَمْ يَخُصَّ مِنْهَا شَيْئًا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ ثُمَّ بَيَّنَ تَصَرُّفَ الْإِرَادَاتِ، فَقَالَ: «مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا إِلَى اللهِ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ، مَنْ دَخَلَ الْمَاءَ يُعَلِّمُ آخَرَ السَّبَّاحَةَ بِدِرْهَمٍ أَخَذَهُ أَوْ مَرِيدًا لِلتَّبْرِيدِ وَالتَّلَذُّذِ غَيْرَ مُرِيدٍ لِتَأْدِيَةِ فَرْضٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدِ اللهَ قَطُّ بِعَمَلِهِ قَالَ اللهُ: {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [الشورى: 20] قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ مَنْ قَصَدَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا يَأْخُذُهُ لِيُعَلِّمَ آخَرَ السَّبَّاحَةَ لَا يَقْصِدُ غَيْرَ ذَلِكَ مُؤْدِيًا فَرْضًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِي الطَّهَارَةِ يُخَالِفُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ مَعَ أَنَّ الْمُنَاقَضَةَ لَا تُفَارِقُهُ حَيْثُ أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي التَّيَمُّمِ وَأَبْطَلَهَا فِي الْوُضُوءِ وَالْخَبَرُ الَّذِي بِهِ يُوجِبُ النِّيَّةَ فِي التَّيَمُّمِ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ بَاقِي الْحُجَجِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَوَضَّأَ يَنْوِي طَهَارَةً مِنْ حَدَثٍ أَوْ، طَهَارَةً لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْمَكْتُوبَةَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ , وَإِسْحَاقَ , وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر النهي عن إدخال اليد في الإناء قبل غسلها عند الانتباه من النوم

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْيَدِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا عِنْدَ الِانْتِبَاهُ مِنَ النَّوْمِ

ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَغْسِلْ -[372]- يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» 347 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَذَكَرَهُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَغْمِسُ فِيهِ الْمَرْءُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا إِذَا انْتَبَهَ مِنَ النَّوْمِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُهْرِيقُ ذَلِكَ الْمَاءَ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يُهْرِيقَ ذَلِكَ الْمَاءَ إِذَا كَانَ مِنْ مَنَامِ اللَّيْلِ لَا مِنْ مَنَامِ النَّهَارِ، لِأَنَّ نَوْمَ النَّهَارِ لَا يُقَالُ: مِنْ مَنَامِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَاءُ طَاهِرٌ وَالْوُضُوءُ بِهِ جَائِزٌ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ بَاتَ وَعَلِيُّهُ سَرَاوِيلُ لَا بَأْسَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ غَسْلِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ -[373]- قَبْلَ غَسْلِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: نَوْمُ النَّهَارِ وَنَوْمُ اللَّيْلِ وَاحِدٌ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحَالَتَيْنِ حَتَّى يَغْسِلَهَا، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَرُوِي عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: نَوْمُ النَّهَارِ وَنَوْمُ اللَّيْلِ وَاحِدٌ فِي غَمْسِ الْيَدِ، وَسَهَّلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي ذَلِكَ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ إِذَا قَامَ مِنَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الْمَبِيتَ إِنَّمَا هُوَ بِاللَّيْلِ

ذكر غسل الكفين إذا ابتدأ الوضوء قال الله جل ذكره: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق الآية فبدأ جل ذكره بالأمر بغسل الوجه في الآية وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل الكفين قبل غسل الوجه.

ذِكْرُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ إِذَا ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ فَبَدَأَ جَلَّ ذِكْرُهُ بِالْأَمْرِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ فِي الْآيَةِ وَبَيَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ.

348 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِلَى الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ أَسْأَلُهَا عَنْ وُضُوءِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ إِنَاءً يَكُونُ مُدًّا أَوْ مُدًّا وَرُبُعًا فَقَالَتْ: فِي هَذَا كُنْتُ أُخْرِجُ الْوُضُوءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ذكر غسل الكفين مرة واحدة في ابتداء الوضوء

ذِكْرُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ

349 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، -[374]- عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَازِنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَيْسِيُّ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ قَالَ: فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَقَالَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِنَاءِ فَغَسَلَهُمَا مَرَّةً

ذكر غسل الكفين مرتين عند ابتداء الوضوء

ذِكْرُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ

350 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ: نَعَمْ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ذكر غسل اليدين ثلاثا

ذِكْرُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ ثَلَاثًا

351 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَاسْتَوْكَفَ ثَلَاثًا قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَاءَ أَيِّ شَيْءٍ أسْتَوْكَفَ؟ قَالَ: غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا

ذكر صفة غسل اليدين في ابتداء الوضوء

ذِكْرُ صِفَةِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ

352 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ، ثنا -[375]- خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: صَلَّى عَلِيٌّ الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ الرَّحَبَةَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَتَاهُ الْغُلَامُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ فَأَخَذَ الْإِنَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى الْإِنَاءَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ هَكَذَا فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَطَهَّرَ إِلَى وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ يُسْتَحَبُّ اسْتِعْمَالَهَا وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ غَسَلَهُمَا مَرَّةً وَإِنْ شَاءَ غَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ ثَلَاثًا أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ وَغَسْلُهُمَا ثَلَاثًا أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ الْإِنَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَاهِيًا تَرَكَ ذَلِكَ أَمْ عَامِدًا، إِذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ الْإِنَاءَ وَفِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُغَيِّرْ لِلْمَاءِ طَعْمًا وَلَا لَوْنًا وَلَا رِيحًا فَالْمَاءُ طَاهِرٌ بِحَالِهِ وَالْوُضُوءُ بِهِ جَائِزً

ذكر الأمر بالمضمضة والاستنشاق

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

353 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرْ»

354 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَلْتَنْثِرْ»

355 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ»

ذكر المبالغة في الاستنشاق إلا في حال الصوم

ذِكْرُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا فِي حَالِ الصَّوْمِ

356 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ. 357 - وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَوْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغْ وَخَلِّلِ الْأَصَابِعَ وَإِذَا اسْتَنْثَرْتَ فَأَبْلِغْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»

ذكر المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة

ذِكْرُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

358 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَرَفَ غَرْفَةً فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ

ذكر الحث على فعل ذلك مرتين

ذِكْرُ الْحَثِّ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ

359 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ بِنْتِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ قَارِظٍ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْثَرَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ

صفة المضمضة والاستنشاق

صِفَةُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

360 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَنَثَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: فِي آخِرِ حَدِيثِهِ هَذَا طَهُورُ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَافْتَرَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى تَارِكِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ أَرْبَعَ فِرَقٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا تَرَكَهُمَا فِي الْوُضُوءِ يُعِيدُهُمَا، هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ وَحَمَّادٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالزُّهْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، -[378]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ رَجَعَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَكَمُ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ يُعِيدُ إِذَا تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ خَاصَّةً وَلَيْسَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ -[379]- شَيْءٌ هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ رَابِعَةٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إِذَا تَرَكَهُمَا فِي الْجَنَابَةِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُمَا فِي الْوُضُوءِ شَيْءٌ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: هُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِيَاسِ غَيْرَ أَنَّا نَدَعُ الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ الَّذِي جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ ثَابِتٍ 361 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا سَعِيدٌ عَنْ حَفْصٍ بْنِ غِيَاثٍ، وَهُشَيْمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ عَجْرَدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالَّذِي بِهِ نَقُولُ إِيجَابُ الِاسْتِنْشَاقِ خَاصَّةً دُونَ الْمَضْمَضَةِ لِثُبُوتِ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالِاسْتِنْشَاقِ وَلَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ -[380]- الْأَخْبَارِ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْمَضْمَضَةِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرْ» وَأَمْرُهُ عَلَى الْفَرْضِ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْقَوْلِ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْأَمْرَ فَرْضًا وَاعْتَلَّ الشَّافِعِيُّ فِي وُقُوفِهِ عَنْ إِيجَابِ الِاسْتِنْشَاقِ أَنَّهُ ذَكَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافًا فِي أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى تَارِكِهِمَا وَلَوْ عَلِمَ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا لَرَجَعَ إِلَى أُصُولِهِ، أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفَرْضِ أَلَا تَرَاهُ إِنَّمَا اعْتَلَّ فِي تُخَلِّفِهِ عَنْ إِيجَابِ السِّوَاكِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ كَانَ السِّوَاكُ وَاجِبًا أَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَشُقْ

مسح الماقين في الوضوء أحب أن يعهد المتوضئ مسح الماقين ليصل الماء إلى البشرة ويغسل عنها الغمص أو شيء إن اجتمع فيهما من الكحل لأن ذلك مما دخل في جملة قوله: ما يجب غسله من الوجه، وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح الماقين.

مَسْحُ الْمَاقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ أُحِبُّ أَنْ يَعْهَدَ الْمُتَوَضِّئُ مَسْحَ الْمَاقَيْنِ لِيَصِلَ الْمَاءُ إِلَى الْبَشَرَةِ وَيَغْسِلُ عَنْهَا الْغَمْصَ أَوْ شَيْءٍ إِنِ اجْتَمَعَ فِيهِمَا مِنَ الْكُحْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا دَخَلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ: مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنَ الْوَجْهِ، -[381]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ الْمَاقَيْنِ.

362 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً، وَكَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْمَاقَيْنِ وَقَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ»

ذكر تخليل اللحية مع غسل الوجه اختلف أهل العلم في تخليل اللحية وغسل باطنها فروي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم كانوا يخللون لحاهم، فممن روي ذلك عنه علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن بن علي وابن عمر وأنس.

ذِكْرُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ مَعَ غَسْلِ الْوَجْهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَغَسْلِ بَاطِنِهَا فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخَلِّلُونَ لِحَاهُمْ، فَمِمَّنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ.

363 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْجُدِّيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ وَيَنْضَحُ فِيهَا الْمَاءَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ

364 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتِهِ

365 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ إِذَا تَوَضَّأَ مِنْ بَاطِنِهَا وَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِيهَا وَيَحُكُّ وَيُخَلِّلُ عَارِضَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى طُولِ لِحْيَتِهِ فَيَمْسَحُهَا إِلَى أَسْفَلَ

366 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي مَعِينٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسًا تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَأَبِي مَيْسَرَةَ وَمُجَاهِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. وَرُوِي عَنْ غَيْرِ وَاحِدٌ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي تَرْكِ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ

367 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْجُدِّيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ , أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَتَوَضَّأُ وَلَا يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ وَهَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُجَاهِدٍ وَالْقَاسِمِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَيْسَ عَرْكُ الْعَارِضَيْنِ وَتَشْبِيكُ اللِّحْيَةِ بِوَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ لَا يَرَوْنَ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ وَاجِبًا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ -[384]- الرَّأْيِ وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ مَا مَرَّ عَلَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ مِنَ الْمَاءِ يَكْفِي وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ بَلَّ أُصُولِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ، وَأَوْجَبَ بَعْضُهُمْ غَسْلَ بَشْرَةِ مَوْضِعِ اللِّحْيَةِ، كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَرَى بَلَّ أُصُولِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا بَالُ الرَّجُلِ يَغْسِلُ لِحْيَتَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْبُتَ، فَإِذَا نَبَتَتْ تَرَكَهَا وَلَمْ يَغْسِلْهَا وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ غَسْلَ أُصُولِ الشَّعْرِ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: إِذَا تَرَكَ التَّخْلِيلَ عَامِدًا أَعَادَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: غَسْلٌ مِنْ تَحْتِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ وَاجِبٍ، إِذْ لَا حُجَّةَ تَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ ذَلِكَ بَلِ الْخَبَرُ وَالنَّظَرُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرَ وَاجِبٍ فَأَمَّا الْخَبَرُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً يَغْرِفُ غَرْفَةً لِكُلِّ عُضْوٍ

368 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: -[385]- تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ

369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبِي , وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَعَتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ ضَخْمَ الْهَامَةِ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ رَجْلَةً، أَبْيَضَ مُشَرَّبًا حُمْرَةً، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ , وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعْلُومٌ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَنَّ غَسْلَ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ غَيْرُ مُمْكِنٌ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَالْمُتَوَضِّئُ بِالْمُدِّ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى غَسْلِ أُصُولِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ، وَفِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِمْسَاسُ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْغُبَارَ، دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أُمِرَ الْمُتَيَمِّمُ أَنْ يَمْسَحَهُ بِالصَّعِيدِ هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي أُمِرَ الْمُتَوَضِّئُ أَنْ يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ قَدْ تُكُلِّمَ فِي أَسَانِيدِهَا، وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ

370 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ عَامِرٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّ عُثْمَانَ، تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ. -[386]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى وُجُوبُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ بَلْ يَكُونُ نَدْبًا كَسَائِرِ السُّنَنِ فِي الْوُضُوءِ

ذكر البدء بالميامن في الوضوء ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه التيمن ما استطاع في ترجله ونعله ووضوئه

ذِكْرُ الْبَدْءِ بِالْمَيَامِنِ فِي الْوُضُوءِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ مَا اسْتَطَاعَ فِي تَرَجُّلِهِ وَنَعْلِهِ وَوُضُوئِهِ

371 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ مَا اسْتَطَاعَ فِي تَرَجُّلِهِ وَنَعْلِهِ وَوُضُوئِهِ , وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَأُوا بِمَيَامِنِكُمْ»

372 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَأُوا بِمَيَامِنِكُمْ، أَوْ بِأَيَامِنِكُمْ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ الْيُسْرَى فِي وُضُوئِهِ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الْمُتَوَضِّئُ إِذَا أَرَادَ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ

373 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا. وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ قَبْلَ يَسَارِهِ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِيَسَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا تُبَالِي بِأَيِّ يَدَيْكَ بَدَأْتَ

374 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي -[388]- إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا يَضُرُّكُ بِأَيِّ يَدَيْكَ بَدَأْتَ وَلَا بِأَيِّ رِجْلَيْكَ بَدَأْتَ وَلَا عَلَى أَيِّ جَانِبَيْكَ انْصَرَفْتَ

375 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا بَدَأْتُ بِالْيُمْنَى أَوِ الْيُسْرَى

ذكر تحريك الخاتم في الوضوء اختلف أهل العلم في تحريك الخاتم في الوضوء فممن روي عنه أنه حرك خاتمه في الوضوء علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو , ومحمد بن سيرين , وعمرو بن دينار وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز والحسن وهذا قول ابن عيينة وأبي ثور.

ذِكْرُ تَحْرِيكِ الْخَاتَمِ فِي الْوُضُوءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيكِ الْخَاتَمِ فِي الْوُضُوءِ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ حَرَّكَ خَاتَمَهُ فِي الْوُضُوءِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو , وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ , وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ.

376 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْحُبْشَانِيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ حَرَّكَ خَاتَمَهُ. وَأَبَا تَمِيمٍ كَانَ يَفْعَلُهُ وَابْنُ هُبَيْرَةَ كَانَ يَفْعَلُهُ

377 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «وَضَّأْتُ عَلِيًّا فَحَرَّكَ خَاتَمَهُ» وَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ، فَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَتَوَضَّأُ وَخَاتَمُهُ فِي يَدِهِ فَلَا يُحَرِّكُهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يُحِيلُهُ بِحَرَكَةٍ إِنْ كَانَ ضَيِّقًا وَيَدَعُهُ إِنْ كَانَ وَاسِعًا سَلِسًا هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر اختلاف أهل العلم في غسل المرفقين مع الذراعين قال الله جل ثناؤه وأيديكم إلى المرافق فاختلف أهل العلم في وجوب غسل المرفقين مع الذراعين، فقالت طائفة: يجب غسلهما مع الذراعين، كذلك قال عطاء والشافعي وإسحاق، وحكى أشهب عن مالك أنه سئل عن قول الله

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي غَسْلِ الْمِرْفَقَيْنِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْمِرْفَقَيْنِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعَ الذِّرَاعَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ، وَحَكَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] أَتَرَى أَنْ يُخَلِّفَ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ؟ فَقَالَ: الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَنْ يَبْلُغَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَيَذْهَبُ هَذَا فَيَغْسِلُ خَلْفَهُ، وَحُكِيَ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَرَافِقِ، وَقَالَ قَائِلٌ: إِذَا اخْتَلَفُوا فِي غَسْلِهِمَا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَقَالَ: قَالَ اللهُ {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَقَالَ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] فَجَعَلَ اللَّيْلَ حَدَّ الصِّيَامِ كَمَا جَعَلَ الْمِرْفَقَيْنِ حَدًّا لِمَوْضِعِ الْغُسْلِ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: قَوْلُهُ: إِلَى يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا وَالْآخَرُ

أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إِلَى بِمَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] يَقُولُ: مَعَ أَمْوَالِكُمْ، فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] مَعَ الْمَرَافِقِ.

ذكر تجديد أخذ الماء لمسح الرأس

ذِكْرُ تَجْدِيدِ أَخْذِ الْمَاءِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ

378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: صَلَّى عَلِيٌّ الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ الرَّحَبَةَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ فَغَرَفَ مِنْهُ فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى الْإِنَاءَ فَأَخْرَجَهَا بِمَا حَمَلَتْ مِنَ الْمَاءِ قَالَ: فَمَسَحَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ مَرَّةً، وَذَكَرَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ هَكَذَا فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَطَهَّرَ إِلَى وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَكَذَا كَانَ يَتَوَضَّأُ. وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَأْخُذَ لِرَأْسِهِ مَاءً ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ ذِرَاعَيْهِ

379 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُجَدِّدُ لِرَأْسِهِ مَاءً

380 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا الْأَزْرَقُ، عَنْ أَيُّوبَ أَبِي -[392]- الْعَلَاءِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الرَّأْسِ ثَلَاثًا يَأْخُذُ لِكُلِّ مَسْحَةٍ مَاءً عَلَى حِدَةٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَمْسَحُ رَأْسَهُ بِمَا يَفْضُلُ فِي يَدِهِ مِنْ بَلَلِ الْمَاءِ عَنْ فَضْلِ الذِّرَاعِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَسْحُ بِهِ جَائِزٌ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَيُجْزِئُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَيُشْبِهُ هَذَا قَوْلَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِئُ أَنْ يَمْسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ بَلَلِ ذِرَاعَيْهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ لِمَسْحِ رَأْسِهِ مَاءً جَدِيدًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ فَضْلِ الْمَاءِ الَّذِي غَسَلَ بِهِ ذِرَاعَيْهِ رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِئُهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا

381 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ بَقِيَ مِنَ وَضُوئِهِ

ذكر صفة مسح الرأس

ذِكْرُ صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ

382 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِنَاءِ فَغَسَلَهُمَا، وَأَنَّهُ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَأَنَّهُ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً جَدِيدًا فَبَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِيَدِهِ إِلَى مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى مُقَدَّمِهِ

ذكر صفة أخرى

ذِكْرُ صِفَةٍ أُخْرَى

383 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: ثنا الْمُقْرِئُ، عَنْ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ فَمَسَحَ مَا أَقْبَلَ مِنْ رَأْسِهِ وَمَا أَدْبَرَ وَمَسَحَ صُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا

384 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عِنْدَهَا فَمَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ كُلَّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ لَا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ أَمْكِنَتِهِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَقُولُونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ -[394]- ابْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ ثُمَّ يَمْسَحُ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ

385 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِي أَنْ تَمْسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِكَ وَتَعُمَّ رَأْسَكَ بِالْمَسْحِ إِلَى الْقَفَا أَحَبُّ إِلَيَّ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَفْعَلُ بِيَدَيْهِ مِنْ وَسَطِ رَأْسَهُ إِلَى مُقَدَّمِهِ ثُمَّ يَرُدُّ يَدَيْهِ إِلَى قَفَاهُ وَيَمْسَحُ أُذُنَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ أَقُولُ لِأَنَّهُ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ وَيُجْزِي مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ

ذكر عدد مسح الرأس اختلف أهل العلم في عدد مسح الرأس فقالت طائفة: يمسح برأسه مرة، هذا قول ابن عمر

ذِكْرُ عَدَدِ مَسْحِ الرَّأْسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ مَرَّةً، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ

386 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ رَبِهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ مَرَّةً

387 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءِ فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَرَأَيْتُهُ يَنْحَدِرُ عَلَى نَوَاحِي رَأْسِهِ كُلِّهِ» وَبِهِ قَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالنَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ -[396]- وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُجْزِي مَسْحُ مَرَّةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثًا، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأُذُنَيْهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسَهِ مَسْحَتَيْنِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

388 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَزَاذَانُ وَمَيْسَرَةُ، -[397]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَالثَّابِتُ عَنْهُ أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، لَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ

389 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا زَائِدَةُ، أنا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: صَلَّى عَلِيٌّ الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ الرَّحَبَةَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ مَرَّةً، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ هَكَذَا. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ مَسْحَ الرَّأْسِ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا، وَالَّذِي أُحِبُّ أَنْ يَمْسَحَ الْمَرْءَ رَأْسَهُ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ مَسَحَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَالْمَسْحُ بِالْيَدَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ بِأُصْبُعِهِ أَوْ بِمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِي الْمَسْحُ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، هَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْمَسْحِ بِأُصْبُعَيْنِ، -[398]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُجْزِي الْمَسْحُ بِأُصْبُعٍ أَوْ بَعْضِ أُصْبُعٍ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَوْ لَمْ تُصِبِ الْمَرْأَةُ إِلَّا شَعْرَةً وَاحِدَةً أَجْزَأَهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ: تُجْزِي الْمَرْأَةَ أَنْ تَمْسَحَ بِمِفْصَلٍ مِنْ رَأْسِهَا، وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِنِ اقْتَصَرَتْ عَلَى ذَلِكَ رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِيَ بِهَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِي مَسْحُ مُقَدَّمِ رَأْسِكَ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُجْزِي مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِهِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: أَيَّ رَأْسِكَ أَمْسَسْتَ الْمَاءَ أَجْزَأَكَ، وَمَسَحَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ الْيَافُوخَ فَقَطْ

390 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ " يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ بِهَا مَسْحَةً وَاحِدَةً فِي الْيَافُوخِ فَقَطْ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ مَالِكٌ فِيمَنْ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ قَالَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ غَسَلَ بَعْضَ وَجْهِهِ أَوْ ذِرَاعَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ. -[399]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَظَاهِرُ تَشْبِيهِهِ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ بِغَسْلِ بَعْضِ الْوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يُجْزِي إِلَّا مَسْحُ جَمِيعٍ الرَّأْسِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ يُوَافِقُ حَدِيثَ الرَّبِيعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَصَاعِدًا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ مَسَحَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ، هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِأُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ فَمَسَحَ قَدْرَ ثُلُثِ رَأْسِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِي، وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ وَزُفَرَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ رَأْسِهِ، فَإِنْ مَسَحَ أَقَلَّ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: وَمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضًا، نَظَرْنَا فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا أَوْ كَانَ مَا مَسَحَ أَكْثَرَهُ، قَالَ: وَنَحْنُ نَرَى الْخَفِيفَ الثُّلُثَ أَوْ شَبِيهًا بِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَسْتَوْعِبُ الرَّأْسَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي مَسَحَ خَفِيفًا أَقَلَّ مِمَّا ذَكَرْنَا فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ بِرَأْسِهِ فَلْيَمْسَحْ رَأْسَهُ وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ إِنْ كَانَ صَلَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ يَجُوزُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إِمَّا أَنْ يَجِبَ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَوْ يُجْزِي مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْحٍ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ أَمَّا تَحْدِيدُ مَنْ حَدَّدَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ أَوْ ثُلُثِ أَصَابِعٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ هَذَا إِلَّا مِمَّنْ فَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ -[400]- وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ يُجْزِي بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ كُلِّهِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَجَائِزٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَسَحَ بِالْكَعْبَةِ وَهُوَ يُرِيدُ بَعْضَ الْكَعْبَةِ وَيُقَالُ لِمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِ يَتِيمٍ هُوَ مَاسِحُ رَأْسِ يَتِيمٍ كَذَلِكَ يُقَالُ لِمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ. وَلَا يُجْزِي فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ الْمَسْحُ عَلَى الشَّعْرِ السَّاقِطِ مِنَ الرَّأْسِ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَأَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ

ذكر المسح على الأذنين في مسح الرأس جاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فمسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْأُذُنَيْنِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا

391 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأُذُنَيْنِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى

392 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ح -[401]- 393 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَائِذٍ سَيْفٍ السَّعْدِيِّ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا , عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَكَانَ، أَمِيرًا بِعُمَانَ، وَكَانَ كَخَيْرِ الْأُمَرَاءِ قَالَ: قَالَ أَبِي: اجْتَمَعُوا فَلَأُرِيَنَّكُمْ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَكَيْفَ كَانَ يُصَلِّي فَإِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ صُحْبَتِي إِيَّاكُمْ، قَالَ: فَجَمَعَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , قَالَ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا

394 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ عَنْ حَمَّادِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

395 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ مَرْجَانَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

396 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» . وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَعُمَرَ -[402]- بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالنَّخَعِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَتَادَةُ وَالنُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُمَا مِنَ الْوَجْهِ، هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

397 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً عَلَى الْيَافُوخِ فَقَطْ ثُمَّ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا فِي أُذُنَيْهِ , ثُمَّ يَرُدُّ إِبْهَامَيْهِ إِلَى خَلْفِ أُذُنَيْهِ

398 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَغْسِلُ ظُهُورَ أُذُنَيْهِ وَبُطُونَهُمَا إِلَّا الصِّمَاخَ مِنَ الْوَجْهِ -[403]- مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَيَدْخُلُ أُصْبُعَيْهِ بَعْدَمَا يَمْسَحُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا فِي الصِّمَاخِ مَرَّةً، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَهُوَ يَمُوتُ، تَوَضَّأَ ثُمَّ أَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي الْمَاءِ فَجَعَلَ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي صِمَاخِهِ فَلَا يَهْتَدِيَانِ حَتَّى أَدْخَلْتُ أَنَا أُصْبُعَيَّ فِي الْمَاءِ فَأَدْخَلْتُهُمَا فِي صِمَاخِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَا اسْتَقْبَلَ الْوَجْهَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ، يَقُولُ: يَغْسِلُهُ وَظَاهِرُهُمَا مِنَ الرَّأْسِ، هَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ وَيَمْسَحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَمِيلُ إِلَى هَذَا وَيَخْتَارُهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَلَوْ تَرَكَ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ لَمْ يُعِدْ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَتَا مِنَ الْوَجْهِ غُسِلَتَا مَعَهُ أَوْ مِنَ الرَّأْسِ مُسِحَتَا مَعَهُ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْفَرْضِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَيْسَتَا مِنَ الْوَجْهِ وَلَا مِنَ الرَّأْسِ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُمَا

ذكر صفة مسح الأذنين مع الرأس

ذِكْرُ صِفَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ

399 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[404]- مَسَحَ أُذُنَيْهِ دَاخِلَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ وَخَالَفَ بِإِبْهَامَيْهِ إِلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ بَاطِنَهُمَا وَظَاهِرَهُمَا. وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا تَوَضَّأَ أَدْخَلَ الْأُصْبُعَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ بَاطِنَهُمَا وَخَالَفَ بِالْإِبْهَامَيْنِ إِلَى ظَاهِرِهِمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ مَنْ مَسَحَ أُذُنَيْهِ

ذكر تجديد أخذ الماء للأذنين روينا عن ابن عمر: أنه كان يدخل أصبعيه بعدما يمسح برأسه في الماء ثم يدخلهما في الصماخ. وكان مالك والشافعي يريان أن يأخذ المتوضئ ماء جديدا لأذنيه، وكذلك قال أحمد قال أبو بكر: وغير موجود في الأخبار الثابتة التي فيها صفة وضوء

ذِكْرُ تَجْدِيدِ أَخْذِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ بَعْدَمَا يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا فِي الصِّمَاخِ. وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَرَيَانِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُتَوَضِّئُ مَاءً جَدِيدًا لِأُذُنَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَغَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي فِيهَا صِفَةُ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذُهُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً جَدِيدًا.

بَلْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ غَرَفَ غَرْفَةً فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ دَاخِلَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ وَخالَفَ بِإِبْهَامَيْهِ إِلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا. 400 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[405]- الْحَدِيثَ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ فِي أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ وَضُوئِهِ مِنْ ذَلِكَ أَخْذُهُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً جَدِيدًا وَنَضْحُهُ الْمَاءَ فِي عَيْنَيْهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ سَبْعًا سَبْعًا وَلَيْسَ عَلَى النَّاسِ ذَلِكَ

401 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ سَبْعًا سَبْعًا

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن ترك مسح أذنيه اختلف أهل العلم فيمن ترك مسح الأذنين فقالت طائفة: لا إعادة عليه، كذلك قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وقال إسحاق بن راهويه: وإن مسحت رأسك ولم تمسح أذنيك عمدا لم يجزك، وقال أحمد: إذا

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَرَكَ مَسْحَ أُذُنَيْهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَرَكَ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: وَإِنْ مَسَحْتَ رَأْسَكَ وَلَمْ تَمْسَحْ أُذُنَيْكَ عَمْدًا لَمْ يُجْزِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا تَرَكَهُ مُتَعَمِّدًا أَخْشَى أَنْ يُعِيدَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذْ لَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ يُوجِبُ ذَلِكَ.

ذكر وجوب غسل الأقدام مع الأعقاب ونفي المسح على الرجلين ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ويل للأعقاب من النار "

ذِكْرُ وُجُوبِ غَسْلِ الْأَقْدَامِ مَعَ الْأَعْقَابِ وَنَفْيِ الْمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ ثَبُتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»

402 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو جَابِرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَيَقُولُ: أَحْسِنُوا الْوُضُوءَ فَإِنَّهُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»

403 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقِ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»

404 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَرِيكُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي كَرِبٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدَمِ رَجُلٍ لُمْعَةً لَمْ يَغْسِلْهَا فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»

ذكر تخليل أصابع اليدين والرجلين

ذِكْرُ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ

405 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ لَقِيطٍ قَالَ: -[407]- قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ»

ذكر الأخبار في عدد وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن من توضأ مرة مرة فأسبغ الوضوء أن ذلك يجزيه لأن الله جل ذكره قال: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فأمر بغسل الوجه ومن غسله مرة يقع عليه اسم غاسل، ومن وقع عليه

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ فِي عَدَدِ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ قَالَ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] فَأَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَمَنْ غَسَلَهُ مَرَّةً يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ غَاسِلٍ، وَمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ غَاسِلٍ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

ذكر الوضوء مرة مرة

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

406 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِوُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً

ذكر الوضوء مرتين مرتين

ذِكْرُ الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

407 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حُبَابٍ، عَنْ -[408]- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

ذكر الوضوء ثلاثا ثلاثا

ذِكْرُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

408 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ عُثْمَانَ، تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: «الْوُضُوءُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَثِنْتَانِ تُجْزِيَانِ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ مَرَّتَيْنِ مِرَارًا وَمِرَارًا ثَلَاثًا 409 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ عَنْ عُمَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ

410 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَلَمْ أَرَهُ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ»

411 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ

412 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «كُنْتُ أُوَضِّي ابْنَ عُمَرَ مِرَارًا مَرَّتَيْنِ وَمِرَارًا ثَلَاثًا» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولَانِ: غَسْلُ الْأَعْضَاءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إِلَّا غَسْلَ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّهُ يُنَقَّيهِمَا، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَسْتَحِبُّ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَوَاحِدَةٌ تُجْزِي عِنْدَهُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إِلَّا الْمَسْحَ بِالرَّأْسِ فَإِنَّهُ مَرَّةً وَيُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ سَابِغَةٌ عِنْدَهُمْ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يُؤَقِّتُ فِي ذَلِكَ مَرَّةً وَلَا ثَلَاثًا، قَالَ: إِنَّمَا قَالَ اللهُ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمُ} [المائدة: 6] الْآيَةَ

ذكر الخبر الدال على الترغيب في الوضوء ثلاثا ثلاثا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

413 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَيْسَرَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، أَخُو عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَرَادَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ: «هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ، وُضُوءٌ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ لَمْ -[410]- يَقْبَلِ اللهُ لَهُ صَلَاةً» ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا وُضُوءٌ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ جَعَلَ اللهُ لَهُ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُتَوَضِّئِ يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ الْمُتَوَضِّئُ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ فِي الْوُضُوءِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَكْرَهُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ بِإِسْنَادِهِ فِي بَابِ الِاقْتِصَادِ فِي الْوُضُوءِ

ذكر اختلاف أهل العلم في قراءة قوله وأرجلكم اختلف أهل العلم في قراءة قوله وأرجلكم فقرأت طائفة ذلك نصبا وأرجلكم ورويت هذه القراءة عن علي وابن مسعود

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] فَقَرَأْتُ طَائِفَةٌ ذَلِكَ نَصْبًا {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ

414 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَرَأَ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] يَعْنِي رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى الْغُسْلِ -[411]- 415 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ 416 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، مَوْلَى قُرَيْشٍ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا كَذَلِكَ. 417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي نَاجِيَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا هَكَذَا. وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ , وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ، وَالْكِسَائِيُّ , وَبِهِ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: عَلَى مَعْنَى غَسْلَ الْأَقْدَامِ، لِأَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا مَضَتْ عَلَى غَسْلِهَا إِذَا كَانَتِ الْأَقْدَامُ بَادِيَةً لَا خِفَافَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ وَكَذَلِكَ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقْرَأُهَا، وَقَرَأَهَا بَعْضُهُمْ (وَأَرْجُلِكُمْ) بِالْخَفْضِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَعِكْرِمَةُ، -[412]- قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي جَعْفَرٍ , وَعَاصِمٍ , وَالْأَعْمَشِ , وَأَبِي عَمْرٍو وَحَمْزَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمَنْ قَرَأَهَا خَفْضًا لَزِمَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ خُفٍّ

418 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا (وَأَرْجُلِكُمْ) عَلَى الْخَفْضِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقِرَاءَةِ الْأُولَى نَقْرَأُهَا {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَفِي غَسْلِهِ رِجْلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ الْمُبِينُ عَنِ اللهِ وَعَنْ مَعْنَى مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ (وَأَرْجُلِكُمْ)

419 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ الْجُنْدَعِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ يَقُولُ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ وَأَهْرَاقَ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُحَدِّثْ فِيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» -[413]- وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَكْثُرُ وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ. وَقَدِ أَجْمَعَ عَوَّامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا خُفَّ عَلَيْهِ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ , وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَكُلِّ مَنْ حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَمَّا مَنْ قَرَأَهَا بِالنَّصْبِ {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَعْنَاهُ الْغُسْلُ -[414]- وَقَدِ اخْتَلَفَ الَّذِينَ قَرَءُوهَا بِالْخَفْضِ (وَأَرْجُلِكُمْ) فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ وَأَوْجَبَ غَسْلَهَا بِالسُّنَّةِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقْرَأُ (وَأَرْجُلِكُمْ) بِالْخَفْضِ وَيَرَى الْغُسْلُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْمَسْحِ وَسَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ

420 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَنَسًا، كَانَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ حَتَّى يَسِيلَ

421 - وَحَدَّثُونَا عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْمَسْحِ وَسَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ» . وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالْمَسْحِ وَالسُّنَّةُ الْغُسْلُ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَيْسَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (وَأَرْجُلِكُمْ) عَلَى الْخَفْضِ مَا يُوجِبُ الْمَسْحَ دُونَ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْعَرَبَ رُبَّمَا نَسَقَتِ الْحَرْفَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُجَاوِرِ لَهُ، قَالَ الْأَعْشَى: لَقَدْ كَانَ فِي حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُهُ ... تُقَضِّي لُبَانَاتٍ وَيَسْأَمُ سَائِمُ قَالَ: فَخَفَضَ الثُّوا لِمُجَاوَرَتِهِ الْحَوْلَ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ قَالَ: وَلُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِتَمِيمٍ قَوْلُهُمْ جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ قَالَ: وَالْخَرِبُ صِفَةٌ لِلْجُحْرِ فَخَفَضُوهُ لِمُجَاوَرَتِهِ الضَّبَّ -[415]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَغَسْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجْلَيْهِ وَقَوْلُهُ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» كِفَايَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ لِلصَّوَابِ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ لَا الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ الْمُبِينُ عَنِ اللهِ مَعْنَى مَا أَرَادَ مِمَّا فَرَضَ فِي كِتَابِهِ

ذكر اختلاف أهل العلم في التمسح بالمنديل بعد الوضوء والغسل اختلف أهل العلم في التمسح بالمنديل بعد الوضوء والاغتسال، فممن روينا عنه أنه أخذ المنديل بعد الوضوء عثمان بن عفان والحسين بن علي وأنس بن مالك وبشير بن أبي مسعود

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّمَسُّحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّمَسُّحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ أَخْذَ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَبَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ

422 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ

423 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عُمَرُ بْنُ يَعْلَى الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ

424 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ وَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ، يَمْسَحُ بِالْمِنْدِيلِ

425 - وَمِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، أنا وَكِيعُ، عَنْ أُمِّ غُرَابٍ، عَنْ بُنَانَةَ، أَنَّ عُثْمَانَ «تَوَضَّأَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِالْمِنْدِيلِ» . وَرَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَمَسْرُوقٌ وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ -[417]- وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا تَوَضَّأْتَ فَلَا تُمَنْدِلْ، وَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ -[418]- يَمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ مِنَ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَكْرَهْهُ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ. وَكَانَ سُفْيَانُ يُرَخِّصُ فِيهِمَا جَمِيعًا الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ

426 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَلَا تُمَنْدِلْ»

427 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْجُمَحِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ أَرَهُ يَمَسُّ مَنْدِيلًا

428 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَمْسَحَ، بِالْمِنْدِيلِ مِنَ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَكْرَهْ هَذَا فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَعْلَى شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرَانِ: خَبَرٌ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ أَخْذِ الثَّوْبِ يُنَشِّفُ بِهِ، وَالْخَبَرُ الْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ، فَأَمَّا الْخَبَرُ الْأَوَّلُ

429 - فَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْنَا لَهُ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ فَالْتَحَفَ بِهَا فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ

وَالْخَبَرُ الثَّانِي: 430 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: وُضِعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا فَلَمَّا فَرَغَ نَاوَلْتُهُ مَنْدِيلًا، فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْخَبَرُ لَا يُوجِبُ حَظْرَ ذَلِكَ وَلَا الْمَنْعَ مِنْهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَدَعُ الشَّيْءَ الْمُبَاحَ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: «لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ وَقَالَ بَعْدَ دُخُولِهِ: «لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ دَخَلْتُهَا أَخْشَى أَنْ أَكُونَ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي» وَحَدِيثُ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ فَأَخْذُ الْمِنْدِيلِ مُبَاحٌ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ

ذكر تفريق الوضوء والغسل اختلف أهل العلم في تفريق الوضوء والغسل فقالت طائفة: لا يجوز ذلك حتى يتبع بعضه بعضا، روينا عن عمر بن الخطاب أنه رأى رجلا يصلي وقد ترك في قدميه مثل موضع الظفر فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وكان قتادة والأوزاعي يقولان: إذا ترك

ذِكْرُ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ:

لَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يَتْبَعَ بَعْضُهُ بَعْضًا، رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَقَدْ تَرَكَ فِي قَدَمَيْهِ مِثْلَ مَوْضِعِ الظُّفُرِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، وَكَانَ قَتَادَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ: إِذَا تَرَكَ غَسْلَ عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ حَتَّى جَفَّ الْوُضُوءُ أَعَادَ الْوُضُوءَ، وَكَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: تَفْرِيقُ الْغُسْلِ مِمَّا يُكْرَهُ وَإِنَّهُ لَا يَكُونُ غُسْلًا حَتَّى يَتْبَعَ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَرَى عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْغُسْلَ وَقَالَ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مُخْتَلِفٌ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ قَامَ لِأَخْذِ الْمَاءِ وَكَانَ قَرِيبًا بَنَى عَلَى وُضُوئِهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَتَبَاعَدَ فَأَرَى أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ إِذَا جَفَّ وَضُوءُهُ يُعِيدُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ، وَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ تَفْرِيقَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.

ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ بِالسُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا -[421]- 431 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِالسُّوقِ فَذَكَرَهُ. وَكَانَ عَطَاءٌ لَا يَرَى بِتَفْرِيقِ الْوُضُوءِ بَأْسًا، وَأَبَاحَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ فِي الْغُسْلِ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ لَا يَرَيَانِ بَأْسًا لِلْجُنُبِ أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُؤَخِّرُ غَسْلَ جَسَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الثَّوْرِيِّ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ جَائِزًا الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَوْجَبَ فِي كِتَابِهِ غَسْلَ أَعْضَاءِ فَمَنْ أَتَى بِغَسْلِهَا فَقَدْ أَتَى بِالَّذِي عَلَيْهِ، فَرَّقَهَا أَوْ أَتَى بِهَا نَسَقًا مُتَتَابِعًا، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ جَعَلَ حَدَّ ذَلِكَ الْجُفُوفَ حُجَّةٌ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ

ذكر تقديم الأعضاء بعضها على بعض في الوضوء اختلف أهل العلم في رجل توضأ فبدأ فغسل يديه أو رجليه قبل وجهه، أو قدم عضوا على عضو، فقالت طائفة: وضوءه تام، وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت، وعن عبد الله بن مسعود

ذِكْرُ تَقْدِيمِ الْأَعْضَاءِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْوُضُوءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَبَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ، أَوْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: وُضُوءُهُ تَامٌّ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أُبَالِي إِذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلَيْكَ قَبْلَ يَدَيْكَ فِي الْوُضُوءِ.

432 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا مُعْتَمِرٌ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ هِنْدَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ «مَا أُبَالِي إِذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ»

433 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «لَا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلَيْكَ» فَذَكَرَهُ. وَمِمَّنْ رَأَى تَقْدِيمَ الْأَعْضَاءِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ جَائِزًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا، قَالُوا: يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِإِعَادَةِ غَسْلِ -[423]- الرِّجْلَيْنِ، وَفِي قَوْلِ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِذَا نَسِيَ الْمَسْحَ مَسَحَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِيمَنْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ، ثُمَّ صَلَّى: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ حَتَّى يَغْسِلَهُ فِي مَوْضِعِهِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} [البقرة: 158] وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ الصَّفَا، قَالَ: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّهُ إِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا أَلْغَى طَوَافًا حَتَّى يَكُونَ بَدْؤُهُ بِالصَّفَا، قَالَ: وَكَمَا قُلْنَا فِي الْجِمَارِ إِنْ بَدَأَ بِالْآخِرَةِ قَبْلَ الْأُولَى أَعَادَ فَكَانَ الْوُضُوءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَأَوْكَدَ مِنْ بَعْضِهِ عِنْدِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ عَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: أَمَّا الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ فَلْيَشْتَغِلْ مَنْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ بِإِثْبَاتِ -[424]- فَرْضِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مَنَعَهُ قَوْلُهُ لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ، فَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَ مَا لَمْ يَثْبُتْ فَرْضُهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهِ، أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ، فَغَيْرُ جَائِزكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٌ لَا يَرَوْنَهُ فَرْضًا، قَالُوا: بَلْ هُوَ تَطَوُّعٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ جَمْرَةٍ عَلَى جَمْرَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَى قَبْلَ الْجَمْرَتَيْنِ، ثُمَّ رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ بَعْدَهَا أَجْزَأَهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي رَجُلٍ رَمَى جَمْرَةً قَبْلَ الْأُخْرَى لَا يُعِيدُ رَمْيَهَا، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِأَصْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ، وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ مَسَائِلَ الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى مَسَائِلِ الْمَنَاسِكِ، فَكَيْفَ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ فِيهِ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ غَسْلَ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ فُلَانًا غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَدْعُوَ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، فَبَدَأَ بِعَمْرٍو فَدَعَاهُ، ثُمَّ دَعَا زَيْدًا أَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ، وَقَدْ بَدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ إِذْ سَهَا الْمَرْءُ فَقَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ سَاهِيًا أَنْ يَبْطُلَ عَمَلُهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ رُفِعَ السَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ عَنْ بَنِي آدَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُ إِبْطَالِ صَوْمِ مَنْ أَكَلَ فِيهِ نَاسِيًا وَصَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا، وَهُوَ سَاهٍ، فَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ لَا يُرَى عَلَى مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ شَيْئًا مَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

كتاب المسح على الخفين

كِتَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ -[426]- ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ

434 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ

435 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: سَلْ عَلِيًّا، فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُ عَلِيًّا، فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثُ أَيَّامٍ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»

436 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ، أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

437 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ، فَبَالَ وَهُوَ قَائِمٌ فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ، فَقَالَ «ادْنُهُ» فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ

438 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرًا بَالَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ سَائِرَ الْأَخْبَارِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى -[427]- الْخُفَّيْنِ، وَأَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ -[428]- بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ -[429]- وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَخَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ -[430]- عَمْرٍو، وَبِلَالٍ، وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ

439 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا أَدْخَلَ الرَّجُلُ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ، وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «أَمَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ»

440 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «الْمُسَافِرُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً»

441 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَنْكَرْتُ عَلَى سَعْدٍ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ثُمَّ الْتَقَيْنَا عِنْدَ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ أَحَدَنَا إِذَا تَوَضَّأَ وَفِي رِجْلَيْهِ الْخُفَّانِ -[431]- عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، قَالَ عُمَرُ: «لَيْسَ لَهُ بَأْسٌ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا»

442 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ، فَكَانَ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثًا

443 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَسْحِ، عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»

444 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ رَأَى جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

445 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرًا بَالَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ

446 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسًا يَتَوَضَّأُ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ «ابْنُ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ كَانَ يَأْمُرُنَا بِذَلِكَ»

447 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: -[432]- سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: «امْسَحْ عَلَيْهِمَا»

448 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، ثنا الْمَقْبُرِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَجَعَ مِنْ جَنَازَةٍ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْنِ

449 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَفْلَحَ، مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

450 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ

451 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَرِيمَ بْنِ أَسْعَدَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ سِنِينَ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَأَمَّنَا وَنَحْنُ عَشَرَةُ آلَافٍ

452 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى فِي بَعْضِ الْبَسَاتِينَ، فَأَتَى عَلَيَّ أَبُو مُوسَى، وَأَنَا أُرِيدُ، أَنْ أَخْلَعَ خُفِّي، فَقَالَ: أَقْرِهِمَا وَامْسَحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى تَضَعَهُمَا حَيْثُ تَنَامُ

453 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ -[433]- عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيِّ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ»

454 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي جُوَيْلٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا الصَّامِتِ، أَنَّهُ سَافَرَ مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي سَعِيدٍ، فَكَانَا يَمْسَحَانِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

455 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ فُلَانٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَمَّارٍ، وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ

456 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَطَنٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»

457 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةِ يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانُ -[434]- بْنُ يَسَارٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَكْحُولٌ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكُلُّ مَنْ لَقِيتُ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ اخْتِلَافُ أَنَّهُ جَائِزٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَنْ أَنْكَرَ الرَّجْمَ وَأَبَاحَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا، وَأَبَاحَ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا الرُّجُوعَ إِلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ إِذَا نَكَحَهَا الثَّانِي، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَأَسْقَطَ الْجَلْدَ عَمَّنْ قَذَفَ مُحْصَنًا مِنَ الرِّجَالِ، وَإِذَا ثَبَتَ الشَّيْءُ بِالسُّنَّةِ وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عُذْرٌ فِي تَرْكِهِ، وَلَا التَّخَلُّفُ عَنْهُ

ذكر المدة التي للمقيم والمسافر أن يمسح فيها على الخفين اختلف أهل العلم في المدة التي للمسافر والمقيم أن يمسح فيها على الخفين، فقالت طائفة: يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن على خفيه، وللمقيم يوم وليلة، هكذا قال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد

ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ أَنْ يَمْسَحَ فِيهَا عَلَى الْخُفَّيْنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ أَنْ يَمْسَحَ فِيهَا عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ عَلَى خُفَّيْهِ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، هَكَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ -[435]- مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَشُرَيْحٌ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَهُوَ آخِرُ قَوْلِ لِلشَّافِعِيِّ، وَكَانَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَقَوْلِ مَالِكٍ

458 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَأَمَرْنَا نُبَاتَةَ الْوَالِبِيَّ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرَ، وَكَانَ أَجْرَأَنَا عَلَيْهِ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «يَوْمٌ إِلَى اللَّيْلِ لِلْمُقِيمِ فِي أَهْلِهِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ»

459 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «الْمُسَافِرُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»

460 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَا لَمْ يَخْلَعْهُمَا لَيْسَ لِذَلِكَ وَقْتٌ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ، فَرُوِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ كَالْقَوْلِ -[437]- الثَّانِي، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يُؤَقِّتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقْتًا، لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ فِي الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ، وَقَدْ أَخْبَرَ ابْنُ بُكَيْرٍ مُذْهَبَهُ الْأَوَّلَ وَالْآخَرَ، قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِلَى الْعَامِ الَّذِي قَالَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، قِيلَ لَهُ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ الْحِكَايَاتِ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. وَحُكِيَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْمَسْحَ، وَيَقُولُ: يَمْسَحُ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ مَا بَدَا لَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ مَنْ بَلَغَنِي عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٌ يَرَوْنَ أَنْ يَمْسَحَ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ كَمَا يَشَاءُ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ غَازٍ صَلَّى فِي خُفَّيْهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً لِثَلَاثِ لَيَالٍ وَأَيَّامِهِنَّ لَمْ يَنْزِعْ خُفَّيْهِ، قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُ لِمَا جَاءَ مِنَ الْقَوْلِ فِي سَلْمَانَ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقْتًا

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ هَذَا مَذْهَبُهُ بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَخَرَجْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَدَخَلْتُ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: «مَتَى أَوْلَجْتَ خُفَّيْكَ فِي رِجْلَيْكَ؟» قُلْتُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: «وَهَلْ نَزَعْتَهُمَا؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ» ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَى أَنَّهُ قَالَ: أَصَبْتَ وَلَمْ يَقُلِ السُّنَّةَ 461 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا -[438]- مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فَذَكَرَهُ

462 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «امْسَحْ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَا لَمْ تَخْلَعْهُمَا» وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا اسْتَتَمَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، إِذْ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَذِنَ أَنْ يَمْسَحَ الْمُقِيمُ يَوْمًا، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثًا

463 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا لِلْمُقِيمِ، وَلَوْ مَضَى السَّائِلُ فِي مَسْأَلَتِهِ لَجَعَلَهُ خَمْسًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ -[439]- عَسَّالٍ، وَأَبُو بَكَرَةَ، وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ

ذكر المستحب من الغسل أو المسح اختلف أهل العلم في الغسل والمسح أي ذلك أفضل، فقالت طائفة: الغسل أفضل؛ لأنه المفترض في كتاب الله، والمسح رخصة فالغاسل لرجليه مؤد لما افترض الله عليه، والماسح على خفيه فاعل لما أبيح له، روينا عن عمر بن الخطاب أنه أمرهم

ذِكْرُ الْمُسْتَحَبِّ مِنَ الْغُسْلِ أَوِ الْمَسْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْغُسْلُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْمُفْتَرَضُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ فَالْغَاسِلُ لِرِجْلَيْهِ مُؤَدٍ لِمَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ، وَالْمَاسِحُ عَلَى خُفَّيْهِ فَاعِلٌ لِمَا أُبِيحَ لَهُ، رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى خِفَافِهِمْ، وَخَلَعَ هُوَ خُفَّيْهِ وَتَوَضَّأَ، وَقَالَ: إِنَّمَا خَلَعْتُ؛ لِأَنَّهُ حُبِّبَ إِلَيَّ الطُّهُورُ، وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ يَأْمُرُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، وَيَقُولُ: أَحَبُّ إِلَيَّ الْوُضُوءُ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَمُولَعٌ بِغَسْلِ قَدَمَيَّ، فَلَا تَقْتَدُوا بِي

464 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ جَبْرَ بْنَ حَبِيبٍ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُمَرَ، نَزَلَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي الْعَقَارِبِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا، وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ

465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنا مَنْصُورٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَفْلَحَ، مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَأْمُرُنَا بِالْمَسْحِ وَأَنْتَ تَغْسِلُ، قَالَ: بِئْسَ مَالِي أَنْ -[440]- كَانَ مَهْنَاهُ لَكُمْ وَمَأْثَمُهُ عَلَيَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ، وَيَأْمُرُ بِهِ، وَلَكِنْ حُبِّبَ إِلَيَّ الْوُضُوءُ

466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: إِنِّي لَمُولَعٌ بِغَسْلِ قَدَمَيَّ فَلَا تَقْتَدُوا بِي. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ مِنْ غَسْلِ الرَّجُلَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ طَعَنَ فِيهَا طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَكَانَ إِحْيَاءُ مَا طَعَنَ فِيهِ الْمُخَالِفُونَ مِنَ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنْ إِمَاتَتِهِ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِالَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ» وَتَقُولُ عَائِشَةُ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، وَمِمَّنْ رَوَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ الشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالنُّعْمَانُ يَقُولَانِ: إِنَّا لَنُرِيدُ الْوُضُوءَ فَنَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ حَتَّى نَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، وَرُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ رَغِبَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ رَغِبَ عَنْ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ شَبَّهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ وَأَحْدَثَ بِالْحَانِثِ فِي يَمِينِهِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْحَانِثُ فِي يَمِينِهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَطْعَمَ، وَإِنْ شَاءَ كَسَا، وَيَكُونُ -[441]- مُؤْدِيًا لِلْفَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ الَّذِي أَحْدَثَ، وَقَدْ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةِ إِنْ مَسَحَ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ مُؤَدٍ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَحْدَثَ، وَلَا خُفَّ عَلَيْهِ إِلَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ

ذكر الطهارة التي من لبس خفيه على تلك الحال أبيح له المسح ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للمغيرة بن شعبة لما أهوى إليه لينزع خفيه: " دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين " فمسح عليهما

ذِكْرُ الطَّهَارَةِ الَّتِي مَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لَمَّا أَهْوَى إِلَيْهِ لِيَنْزِعَ خُفَّيْهِ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا

467 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، أنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، 468 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالْحَدِيثُ لَهُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ، فَذَكَرَ الْوُضُوءَ قَالَ: ثُمَّ أَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَطَهَّرَ فَأَكْمَلَ طُهُورَهُ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ، ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ غَسْلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ، فَأَدْخَلَ الرَّجُلُ الْمَغْسُولَةَ فِي الْخُفِّ، ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى، وَأَدْخَلَهُمَا الْخُفَّ أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِنْ أَحْدَثَ وَهَذِهِ حَالَتُهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ لَهُ -[442]- أَنْ يَمْسَحَ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ الْخُفَّ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الطَّهَارَةَ، وَيَحِلُّ لَهُ الصَّلَاةُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَنْ أَدْخَلَهُمَا، وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ لِمَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، هَذَا قَوْلُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالْمُزَنِيُّ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ، بِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَّ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ، فَقَدْ طَهُرَتْ رِجْلَهُ الَّتِي غَسَلَهَا، فَإِذَا أَدْخَلَهَا الْخُفَّ فَقَدْ أَدْخَلَهَا وَهِيَ طَاهِرَةٌ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ الْأُخْرَى مِنْ سَاعَتِهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفِّ، فَقَدْ أَدْخَلَهَا وَهِيَ طَاهِرَةٌ، فَقَدْ أَدْخَلَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ رِجْلَيْهِ الْخُفَّ، وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْخَلَ قَدَمَيْهِ، وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، قَالَ وَالْقَائِلُ بِخِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ قَائِلٌ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ يَخْلَعَ هَذَا خُفَّيْهِ، ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا مَعْنًى

ذكر الوقت الذي يستحب به لابس الخفين إلى الوقت الذي أبيح له المسح عليهما اختلف أهل العلم في الوقت الذي يحتسب به من مسح على خفيه، فقالت طائفة: يحتسب به من وقت مسحه على خفيه تمام يوم وليلة للمقيم، وإلى تمام ثلاثة أيام ولياليهن من وقت مسحه في السفر. هذا

ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي يُسْتَحَبُّ بِهِ لَابِسُ الْخُفَّيْنِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحْتَسِبُ بِهِ مَنْ مَسَحَ عَلَى

خُفَّيْهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَحْتَسِبُ بِهِ مَنْ وَقَّتَ مَسْحَهُ عَلَى خُفَّيْهِ تَمَامَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ، وَإِلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ مَنْ وَقَّتَ مَسْحَهُ فِي السَّفَرِ. هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ ظَاهِرُ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً» فَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ وَقْتُ الْمَسْحِ، لَا وَقْتُ الْحَدَثِ، ثُمَّ لَيْسَ لِلْحَدَثِ ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَيْرِ قَوْلِهِ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ الرَّسُولِ أَوْ إِجْمَاعٍ يَدُلُّ عَلَى خُصُوصٍ، وَمِمَّا يَزِيدُ هَذَا الْقَوْلَ وُضُوحًا وَبَيَانًا

قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ: «يَمْسَحُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَوَضَّأَ فِيهَا» 469 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عُمَرَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَمَوْضِعَهُ مِنَ الدِّينِ مَوْضِعَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدِي» وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الْحَدَثِ. هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. -[444]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَى هَذَا بَنَى الشَّافِعِيُّ مَسَائِلَهُ إِلَّا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ تَرَكَ أَصْلَهُ فِيهَا، وَأَجَابَ بِمَا يُوجِبُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَحْدَثَ فِي الْحَضَرِ فَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى خَرَجَ إِلَى السَّفَرِ صَلَّى بِمَسْحِهِ فِي السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَمَنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ إِذَا لَزِمَهُ مَسْحُ الْحَضَرِ، فَسَافَرَ لَمْ يُصَلِّ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ يَخْلَعُ وَهَذَا قَدْ لَزِمَهُ حُكْمُ مَسْحِ الْحَضَرِ بِوَقْتِ الْحَدَثِ قَبْلَ أَنْ يُسَافِرَ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى خُفَّيْهِ يَسْتَتِمُّ بِالْمَسْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لَا يَمْسَحُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَهُمْ فِي بَابٍ قَبْلُ. وَتَفْسِيرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَمْسَحُ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الْحَدَثِ أَنْ يَلْبَسَ الرَّجُلُ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُمَّ يُحْدِثُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَّا مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ غَدٍ، وَإِذَا زَالَتِ -[445]- الشَّمْسُ مِنْ غَدٍ وَجَبَ خَلْعُ الْخُفِّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِذَا كَانَ مُقِيمًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ، فَلَمَّا أَحْدَثَ هَذَا فَأُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ، وَلَمْ يَمْسَحْ وَتَرَكَ مَا أُبِيحَ لَهُ إِلَى أَنْ جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ فَقَدْ تَمَّ الْوَقْتُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ فِيهِ الْمَسْحُ، وَجَبَ خَلْعُ الْخُفِّ، وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي مَسَحَ، وَهُوَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولِ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ لَمَّا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ نَظَرْنَا إِلَى أَقَلِّ مَا قِيلَ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَقُلْنَا بِهِ، وَتَرَكْنَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا اخْتَلَفُوا لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إِلَّا أَقَلُّ مَا قِيلَ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْأَصْلِ وَهُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ

ذكر من مسح مقيما، ثم سافر أو مسافرا، ثم أقام اختلف أهل العلم فيمن مسح على خفيه وهو مقيم أقل من يوم وليلة، ثم سافر، فقالت طائفة: له أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن يحتسب في ذلك ما مسح وهو مقيم، هذا قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وفي قول الشافعي،

ذِكْرُ مَنْ مَسَحَ مُقِيمًا، ثُمَّ سَافَرَ أَوْ مُسَافِرًا، ثُمَّ أَقَامَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَهُوَ مُقِيمٌ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ سَافَرَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَهُ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَحْتَسِبُ فِي ذَلِكَ مَا مَسَحَ وَهُوَ مُقِيمٌ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِذَا مَسَحَ وَهُوَ مُقِيمٌ يَوْمًا

وَلَيْلَةً، ثُمَّ سَافَرَ انْتَقَضَ الْمَسْحُ وَلَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا مَسَحَ الْمُقِيمُ عِنْدَ الزَّوَالِ، ثُمَّ سَافَرَ صَلَّى بِالْمَسْحِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَقُولُ بِالتَّحْدِيدِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَسَحَ، ثُمَّ قَدِمَ الْحَضَرَ خَلَعَ خُفَّيْهِ، إِنْ كَانَ مَسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُسَافِرًا، ثُمَّ قَدِمَ فَأَقَامَ فَإِنَّ لَهُ مَا لِلْمُقِيمِ، وَإِنْ كَانَ مَسَحَ فِي السَّفَرِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. مَسَحَ بَعْدَ قُدُومِهِ تَمَامَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ،.

ذكر حد السفر الذي يمسح فيه مسح السفر اختلف أهل العلم في حد السفر الذي يمسح فيه المسافر مسح السفر، فقالت طائفة: إذا كان سفره ذلك ثلاثة أيام ولياليهن مسح مسح المسافر، فإن كان سفرا أقل من ثلاثة أيام، فهذا والمقيم سواء هذا قول أصحاب الرأي، وفيه قول ثان

ذِكْرُ حَدِّ السَّفَرِ الَّذِي يَمْسَحُ فِيهِ مَسْحَ السَّفَرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حَدِّ السَّفَرِ الَّذِي يَمْسَحُ فِيهِ الْمُسَافِرُ مَسْحَ السَّفَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ سَفَرُهُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ وَلَيَالِيهِنَّ مَسَحَ مَسْحَ الْمُسَافِرِ، فَإِنْ كَانَ سَفَرًا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَهَذَا وَالْمُقِيمُ سَوَاءٌ هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ لِكُلَّ مُسَافِرٍ أَنْ يَمْسَحَ مَسْحَ السَّفَرِ إِلَّا مُسَافِرًا مَنَعَ مِنْهُ حُجَّةٌ،

وَالْحُجَّةُ لِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ» وَلَمْ يَقُلْ يَمْسَحُ مُسَافِرٌ دُونَ مُسَافِرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ الْمُقِيمِ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَيَنْتَقِضُ وَقْتُ مَسْحِهِ، فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقَاوِيلُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ: أَحَدُهَا أَنَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَخْلَعَ خُفَّيْهِ وَيَسْتَأْنِفَ الْوُضُوءَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى خُفَّيْهِ إِذَا خَلَعَهُمَا تَوَضَّأَ، وَفِي قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ يَخْلَعُ خُفَّيْهِ، وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، فَأَمَّا فِي مَذْهَبِ رَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ خَلْعُهُمَا، وَذَلِكَ أَنْ تُصِيبَهُ جَنَابَةٌ، أَوْ يَخْلَعَ الْخُفَّ، فَأَمَّا فِي قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى عَلَى مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ وُضُوءًا، وَلَا غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَلَهُمْ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْمَسْحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَلْعُ الْخُفِّ، وَهَذَا أَقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَخْلَعَ خُفَّيْهِ، وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ. مَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْمَسْحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ فِي زَوَالِهَا لَمْ يَجِبْ إِعَادَتُهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ.

ذكر المسح على الخف الصغير كان الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، يقولون: إذا وارى الخف الكعبين وجاوز ذلك مسح عليه، وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال: لا يمسح حتى يكون فوق موضع الوضوء بثلاث أصابع، وأنكر بعض أصحابنا حكاية أبي ثور هذه عنهم، وذكر أن

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الصَّغِيرِ كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو -[448]- ثَوْرٍ، يَقُولُونَ: إِذَا وَارَى الْخُفُّ الْكَعْبَيْنِ وَجَاوَزَ ذَلِكَ مَسَحَ عَلَيْهِ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَمْسَحُ حَتَّى يَكُونَ فَوْقَ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حِكَايَةَ أَبِي ثَوْرٍ هَذِهِ عَنْهُمْ، وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ حَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّهُمَا قَالَا: يَمْسَحُ الْمُحْرِمُ عَلَى الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَيُمِرُّ الْمَاءَ عَلَى مَا بَدَا مِنْ كَعْبِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ حِكَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ.

ذكر المسح على الخف المتخرق اختلف أهل العلم في المسح على الخف المتخرق، فقالت طائفة: يمسح على جميع الخفاف ما أمكن المشي فيهما لدخولهما في ظاهر أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا قول سفيان الثوري، وإسحاق، وذكر ذلك إسحاق عن ابن المبارك، وحكي ذلك

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَخَرِّقِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَخَرِّقِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ عَلَى جَمِيعِ الْخِفَافِ مَا أَمْكَنَ الْمَشْيُ فِيهِمَا لِدُخُولِهِمَا فِي ظَاهِرِ أَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَذَكَرَ ذَلِكَ إِسْحَاقُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ

عُيَيْنَةَ، وَبِهِ قَالَ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَلَوْ كَانَ الْخَرْقُ يَمْنَعُ عَنِ الْمَسْحِ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ فِي الْخُفِّ خَرْقٌ بَدَا شَيْءٌ مِنْ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَمَعْمَرٍ صَاحِبِ عَبْدِ

الرَّزَّاقِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ إِنْ كَانَ الْخَرْقُ قَدْ بَدَتْ أُصْبُعَهُ أَوْ كُلُّهَا أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ رِجْلِهِ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَغَسَلَ مَا بَدَا مِنْ رِجْلِهِ. هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنَّ الْخَرْقَ إِذَا كَانَ يَسِيرًا فَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَرْقُهُ كَثِيرًا فَأَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ إِنْ كَانَ فِي خُفَّيْهِ خَرْقٌ تَخْرُجُ مِنْهُ أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ أَجْزَأَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ ثَلَاثُ أَصَابِعَ لَمْ يُجِزْهُ، هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ لَمْ يُجْزِهِ الْمَسْحُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَذِنَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا إِذْنًا عَامًّا مُطْلَقًا دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الْخِفَافِ، فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ خُفٍّ فَالْمَسْحُ عَلَيْهِ جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ السُّنَنِ إِلَّا بِسُنَّةٍ مِثْلَهَا، أَوْ إِجْمَاعٌ، وَهَذَا يَلْزَمُ أَصْحَابَنَا الْقَائِلِينَ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَالْمُنْكِرِينَ عَلَى مَنْ عَدَلَ عَنْهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ

ذكر المسح على الجرموقين واختلفوا في المسح على الجرموقين فرأت طائفة المسح عليهما، روي هذا القول عن النخعي وقال مالك فيمن لبس زوجي خفاف: إن احتاج فالأعلى أحب إلي أن يمسح عليهما، وكان سفيان الثوري يرى أن يمسح على خفين قد لبسهما على خفين، وقال أحمد:

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا،

رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ لَبِسَ زَوْجَيْ خِفَافٍ: إِنِ احْتَاجَ فَالْأَعْلَى أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْنِ قَدْ لَبِسَهِمَا عَلَى خُفَّيْنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يَمْسَحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ فَوْقَ الْخُفَّيْنِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْنِ قَدْ لَبِسَ أَحَدَهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ لَا يَجُوزَ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ، فَإِنْ كَانَ الْجُرْمُوقَانِ يُسَمَّيَانِ خُفَّيْنِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّيَا خُفَّيْنِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمَرَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَأَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَلَيْسَ يَجُوزُ إِلَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ، أَوِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

ذكر المسح على ظاهر الخفين وباطنهما اختلف أهل العلم في المسح على باطن الخفين، فقالت طائفة: يمسح على ظاهر الخفين وباطنهما، هذا قول ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وإسحاق بن راهويه. وروي هذا القول عن سعد بن أبي

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى بَاطِنِ الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: -[452]- يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ وَبَاطِنَهِمَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمَكْحُولٍ

470 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي نَافِعٌ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، يَعْنِي مَسْحَةً وَاحِدَةً بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا

471 - حَدَّثَنَا هُشَامٌ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ظَاهِرًا، وَبَاطِنًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِهِمَا، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ

472 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: رَأَيْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ بَالَ، ثُمَّ أَتَى دِجْلَةَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ

473 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدِيُّ مِحْرَاقُ الْمَدِينِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، قُلْتُ: كَيْفَ مَسَحَ عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: مَسَحَ ظَاهِرَهُمَا بِكَفَّيْهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً. وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْأَحَادِيثُ عَلَى أَعْلَى الْخُفِّ

وَضَعَّفَ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ الَّذِي 474 - حَدَّثَنَاهُ عَبْدُوسُ بْنُ دِيزَوَيْهِ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، -[454]- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَمْسَحُ بِكَفَّيْهِ عَلَى ظُهُورِ خُفَّيْهِ مَسْحَةً جَرًّا إِلَى السَّاقِ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ: لَا يَمْسَحُ عَلَى غُضُونِهِمَا، قَالَ: وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ، وَاحْتَجَّ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ

475 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ

476 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ زَحْمَوَيْهِ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكَّائِيُّ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ عَلَى ظُهُورِهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً إِلَى فَوْقُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا، قَالَ: وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ، فَأَنَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَرَى أَنَّ مَسْحَ أَسْفَلَ الْخُفِّ وَحْدَهُ يُجْزِي مِنَ الْمَسْحِ، وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ

صفة المسح على الخفين روي عن عمر بن الخطاب، أنه مسح على خفيه حتى رئي آثار أصابعه على خفيه خطوطا كما رئي آثار أصابع قيس بن سعد على الخف، وقال الحسن: خطوطا بالأصابع، وقال عبد الرزاق: أرانا الثوري كيف المسح، فوضع أصابعه على مقدم خفه، وفرج بينهما، ثم

صِفَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ حَتَّى رُئِيَ آثَارُ أَصَابِعِهِ عَلَى خُفَّيْهِ خُطُوطًا كَمَا رُئِيَ آثَارُ أَصَابِعِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَلَى الْخُفِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَرَانَا الثَّوْرِيُّ كَيْفَ الْمَسْحُ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى مُقَدَّمِ خُفِّهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ حَتَّى أَتَى عَلَى أَصْلِ السَّاقِ

ذكر عدد المسح على الخفين قال أبو بكر: يجزي للماسح على خفيه أن يمسح عليهما مرة واحدة، وقد اختلفوا فيه فكان ابن عمر يمسح عليهما مسحة واحدة، وروي عن ابن عباس أنه قال: مرة واحدة.

ذِكْرُ عَدَدِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجْزِي لِلْمَاسِحِ عَلَى خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً.

477 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي نَافِعٌ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا يَعْنِي مَسْحَةً وَاحِدَةً بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا، وَقَدْ أَهْرَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَاءَ فَتَوَضَّأَ هَذَا لِجَنَازَةٍ دُعِيَ إِلَيْهَا

478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، قَالَ: «مَرَّةً وَاحِدَةً» . -[456]- وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: كَيْفَ الْمَسْحُ؟ فَقَالَ: هَكَذَا، وَخَطَّ بِأَصَابِعِهِ عَلَى ظَهْرِ رِجْلَيْهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا ثَلَاثًا أَحَبُّ إِلَيَّ

ذكر ما يجزي من المسح واختلفوا فيما يجزئ من المسح، فكان الشافعي يقول: كيف ما أتى بالمسح على ظهر القدم بكل اليد أو ببعضها أجزأه، وهذا قول أبي ثور، وإذا مسح بأصبع، أو بما وقع عليه اسم المسح أجزأه، وقال الثوري: اليسير من المسح يجزئ قال أبو بكر: لا

ذِكْرُ مَا يَجْزِي مِنَ الْمَسْحِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَسْحِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: كَيْفَ مَا أَتَى بِالْمَسْحِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ بِكُلِّ الْيَدِ أَوْ بِبَعْضِهَا أَجْزَأَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَإِذَا مَسَحَ بِأُصْبُعٍ، أَوْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ أَجْزَأَهُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: الْيَسِيرُ مِنَ الْمَسْحِ يُجْزِئُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا أَدْرِي أَرَادَ الْمَسْحَ عَلَى الرَّأْسِ أَوِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْزِي أَنْ يَمْسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَمْسَحَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْحَسَنِ لَا يَجْزِيهِ أَنْ يَمْسَحَ بِأُصْبُعٍ أَوْ بِأُصْبُعَيْنِ، فَإِنْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، أَوْ أَكْثَرَ يَجْزِيهِ إِذَا مَسَحَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَكَى ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ النُّعْمَانِ، وَزُفَرَ، وَيَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَجْزِيهِ حَتَّى يَمْسَحَ مِنَ الْخُفِّ الْأَكْثَرَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ، فَإِنْ مَسَحَ النِّصْفَ، أَوْ أَقَلَّ لَمْ يُجْزِهِ. وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، يَقُولُ: إِنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ

بِأَنْصَافِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ لَمْ يُجْزَ ذَلِكَ حَتَّى يَمْسَحَ بِكَفَّيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِحْدَى كَفَّيْهِ عِلَّةٌ، فَحِينَئِذٍ يَجْزِي عَنْهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَمْسَحَ بِمَا أَمْكَنَهُ مِنَ الْكَفِّ.

ذكر الخف يصيبه بلل المطر واختلفوا في الخف يصيبه البلل من المطر أو ينضح عليهما ماء، فكان سفيان الثوري، والحسن بن صالح يقولان: يجزئه ذلك، وقال أصحاب الرأي: إذا توضأ إلا المسح، ثم خاض الماء فأصاب الماء ظاهر الخفين يجزئه من المسح، وقالوا: إن مسح خفيه

ذِكْرُ الْخُفِّ يُصِيبُهُ بَلَلُ الْمَطَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الْبَلَلُ مِنَ الْمَطَرِ أَوْ يَنْضَحُ عَلَيْهِمَا مَاءً، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يَقُولَانِ: يُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا تَوَضَّأَ إِلَّا الْمَسْحَ، ثُمَّ خَاضَ الْمَاءَ فَأَصَابَ الْمَاءُ ظَاهِرَ الْخُفَّيْنِ يُجْزِئُهُ مِنَ الْمَسْحِ، وَقَالُوا: إِنْ مَسَحَ خُفَّيْهِ بِبَلَلٌ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ، فَإِنْ مَسْحَهُمَا بِبَلَلٌ فِي يَدَيْهِ يُجْزِئُهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ الْمَطَرُ حَتَّى يَنْوِيَ بِذَلِكَ الْمَسْحَ، هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَمْسَحَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَقْيَسُ

ذكر خلع الخفين بعد المسح عليهما اختلف أهل العلم فيما يجب على من خلع خفيه بعد أن مسح عليهما، فقالت طائفة: يعيد الوضوء، كذلك قال النخعي، والزهري، ومكحول، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وحكي عن أحمد أنه قال: احتياطا.

ذِكْرُ خَلْعِ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ بَعْدَ أَنْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ،

وَالزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: احْتِيَاطًا. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْمَزَنِيُّ،

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: إِذَا خَلَعَهُمَا صَلَّى، وَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ، وَلَا غَسْلُ قَدَمٍ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةَ، وَقَتَادَةَ، وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ مَكَانَهُ، فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُمَا أَعَادَ الْوُضُوءَ، حَكَى ابْنُ وَهْبٍ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَتَوَضَّأُ إِذَا انْتَقَضَتِ الطَّهَارَةُ عَنْ عُضْوٍ انْتَقَضَتْ عَنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَقَالَ بِمِصْرَ: عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَفي الْمُخْتَصَرِ الْمَنْسُوبِ إِلَى الْبُوَيْطِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ،

فَإِنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَقَطْ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى عَلَيْهِ إِعَادَةَ الْوُضُوءِ، وَلَا غَسْلَ قَدَمٍ بِأَنَّهُ وَالْخُفُّ عَلَيْهِ طَاهِرٌ كَامِلُ الطَّهَارَةِ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ ذَلِكَ إِذَا خَلَعَ خُفَّهُ إِلَّا بِحُجَّةٍ مِنْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ أَوْ يَغْسِلَ الرِّجْلَيْنِ حُجَّةً.

ذكر من مسح على خفيه، ثم زالت قدمه أو بعضها من موضعها إلى الساق اختلف أهل العلم في الرجل يلبس خفيه على طهر، ثم تزول قدمه أو بعضها من موضع المسح، فقالت طائفة: يغسل قدميه، كذلك قال الثوري، وقال الأوزاعي: هو على مسحه ما لم يخرج القدم من الساق، وقال

ذِكْرُ مَنْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ زَالَتْ قَدَمُهُ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ مَوْضِعَهَا إِلَى السَّاقِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَلْبَسُ خُفَّيْهِ عَلَى طُهْرٍ، ثُمَّ تَزُولُ قَدَمُهُ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ مَوْضِعِ الْمَسْحِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هُوَ عَلَى مَسْحِهِ مَا لَمْ يُخْرِجِ الْقَدَمَ مِنَ السَّاقِ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَخْرَجَ قَدَمَهُ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ خُرُوجًا بَيِّنًا غَسَلَ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِذَا أُخْرِجَتْ إِلَى سَاقِ الْخُفِّ فَقَدِ انْتَقَضَتِ الطَّهَارَةُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِذَا نَزَعَ الْقَدَمَ مِنْ الْخُفِّ غَيْرَ أَنَّهَا فِي السَّاقِ عَلَيْهِ غَسَلَ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا أَزَالَ إِحْدَى قَدَمَيْهِ، أَوْ بَعْضَهَا مِنْ مَوْضِعَهَا مِنَ الْخُفِّ حَتَّى يَظْهَرَ بَعْضُ مَا عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنْهَا انْتُقِضَ الْمَسْحُ، وَإِذَا أَزَالَهَا مِنْ مَوْضِعِ قَدَمِ الْخُفِّ، وَلَمْ يَبْرُزْ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا مِنْ شَيْءٍ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنَ الْقَدَمَيْنِ شَيْئًا أَحْبَبْتُ

أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ، وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ وَهُوَ بِالْعِرَاقِ: إِذَا خَرَجَتْ قَدَمُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السَّاقِ كُلِّهِ مَسَحَ عَلَيْهِ

ذكر خلع الرجل أحد خفيه بعد المسح اختلف أهل العلم فيمن خلع أحد خفيه بعد المسح، فقال كثير من أهل العلم ينزع الآخر، ويغسل قدميه هذا قول سفيان الثوري، ومالك، والأوزاعي، وابن المبارك، وبه قال الشافعي، وأصحاب الرأي، النعمان، وصاحباه، وقد ذكرت اختلاف

ذِكْرُ خَلْعِ الرَّجُلِ أَحَدَ خُفَّيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ خَلَعَ أَحَدَ خُفَّيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَنْزَعُ الْآخَرَ، وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، النُّعْمَانُ، وَصَاحِبَاهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ الَّذِي نَزَعَ وَيَمْسَحَ عَلَى الَّذِي لَمْ يَنْزِعْ، هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاعْتَلَّ أَبُو ثَوْرٍ بِأَنَّ هَذَيْنِ عُضْوَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ، وَقَدْ

يَكُونُ بِالرَّجُلِ عِلَّةٌ فِي إِحْدَى رِجْلَيْهِ، فَيَلْبِسُ خُفًّا أَوْ يَكُونُ جُبَارٌ عَلَى إِحْدَى الرَّجُلَيْنِ، فَيَمْسَحُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَغْسِلُ الْأُخْرَى، كَمَا أَطْلَقُوا لَهُ الْمَسْحَ عَلَى الْعَلِيلَةِ وَغَسْلِ الصَّحِيحَةِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدَةٍ غَيْرُ حُكْمِ صَاحِبَتُهَا، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِمِثْلِ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ، وَاعْتَلَّ بِمِثْلِ عِلَّتِهِ.

ذكر المسح على الجوربين والنعلين اختلف أهل العلم في المسح على الجوربين فقالت طائفة: يمسح على الجوربين، روي إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود، وأنس بن مالك، وابن عمر،

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، رُوِيَ إِبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي مَسْعُودِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَبِلَالٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

479 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانَبَةَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ سَرِيعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

480 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

481 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

482 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ -[463]- يَحْيَى الْبَكَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ»

483 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ

484 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أنا يَعْلَى، ثنا أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: رَأَيْتُ بِلَالًا قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَخُفَّيْهِ

485 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ

486 - وَحُدِّثْتُ عَنِ الدَّارِمِيِّ، ثنا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعْتَقٍ الَحَرْثِيِّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَمَّارٍ فَرَأَيْتُهُ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

487 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَهْلًا يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ -[464]- الْمُسَيِّبِ، كَذَلِكَ قَالَا: إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزُفَرُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ فَعَلَهُ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ -[465]- بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَا يَمْشِي فِيهِمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ، إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ لَا يَشِفَّانِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى الْمَسْحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ

488 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ. وَأَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ الْمَسْحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَكَرِهَتْهُ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَهَذَا مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ

ذكر المسح على العمامة ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على العمامة.

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ ثُبِّتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ.

489 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ

490 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ

491 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ

492 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْمُوقَيْنِ

ذكر اختلاف أهل العلم في المسح على العمامة واختلفوا في المسح على العمامة فأجازت طائفة المسح على العمامة، وممن فعل ذلك أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وأبي الدرداء، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ -[467]- وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَتَادَةَ

493 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثنا يَعْلَى، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ

494 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ مَهْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، عَنْ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَامْسَحْ عَلَيْهَا، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا»

495 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِنْ شِئْتَ فَامْسَحْ عَلَى الْعِمَامَةَ وَإِنْ شِئْتَ فَانْزِعْهَا»

496 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا عَاصِمٌ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسًا تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ، وَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ

497 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا مُوسَى خَرَجَ مِنْ مَوْضِعٍ ذَكَرَهُ، يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْقَلَنْسُوَةِ

498 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ نُمَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ

499 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادُ عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ مِنْ خَمْسِ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الْفُرْقَةُ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَالَتْ: وَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ لَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ , لِقَوْلِ -[469]- النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» وَلِقَوْلِهِ «إِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَدْ رَشَدُوا» ، وَلِقَوْلِهِ «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي» قَالَتْ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْهَلَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ فَرْضَ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ اللهِ، فَلَوْلَا بَيَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِجَازَتُهُ مَا تَرَكُوا ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالُوا: وَلَيْسَ فِي اعْتِلَالِ مَنِ اعْتَلَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ دَفْعًا لِمَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ لَا يَجْزِي غَيْرُهُ، وَلَكِنَّ الْمُتَطَهِّرَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى عِمَامَتِهِ كَالْمَاسِحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ الْمُتَطَهِّرِ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، وَلَيْسَ فِي إِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ السُّنَنِ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَنْكَرَ ذَلِكَ لَوْ عَلِمَ بِالسُّنَّةِ لَرَجَعَ إِلَيْهَا بَلْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَظُنَّ مُسْلِمٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ ذَلِكَ , فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ بِالْقَوْمِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَمَا لَمْ يَضُرَّ إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ولم يُوهِنُ تَخَلُّفُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ إِذَا أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، كَذَلِكَ لَا يُوهِنُ تَخَلُّفُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِإِبَاحَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

المسح على العمامة وأنكرت طائفة المسح على العمامة، وروي عن علي أنه حسر العمامة فمسح على رأسه، وقال جابر أمس الماء الشعر، وكان ابن عمر لا يمسح على العمامة

الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَأَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ حَسَرَ الْعِمَامَةَ فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ جَابِرٌ أَمِسَّ الْمَاءَ الشَّعْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ

500 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ -[470]- أَبِي لَبِيدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَحَسَرَ الْعِمَامَةَ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ

501 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ، قَالَ: أَمِسَّ الْمَاءَ الشَّعْرَ

502 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ. وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْقَاسِمُ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. -[471]- وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْحِ الْمَرْأَةِ عَلَى خِمَارِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَمْسَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خِمَارِهَا، وَلَكِنَّهَا تَمْسَحُ بِرَأْسِهَا، هَذَا قَوْلُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَطَاءٌ، تُدْخِلُ يَدَهَا مِنْ تَحْتِ الْخِمَارِ، فَتَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهَا، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: فِي الْمَرْأَةِ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا، رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى قَلَنْسُوَتِهِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ 503 - مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضِرَارٍ، عَنْ أَنَسٍ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَإِسْحَاقُ، وَكُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، ثُمَّ نَزَعَهَا، فَفِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ: يَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ، وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَزَعَ عِمَامَتِهِ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَالْعِمَامَةِ سَوَاءٌ، إِذَا مَسَحَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ نَزَعَهُمَا بَعْدُ، إِنَّ، عَلَيْهِ الْوُضُوءُ

كتاب التيمم

كِتَابُ التَّيَمُّمِ

ذكر بدء نزول التيمم

ذِكْرُ بَدْءِ نُزُولِ التَّيَمُّمِ

504 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ

ذكر تصيير الله تعالى الأرض طهورا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا الآية

ذِكْرُ تَصْيِيرِ اللهِ تَعَالَى الْأَرْضَ طَهُورًا لَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] الْآيَةَ

505 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، وَجُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأُوتِيتُ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ -[12]- تَحْتَ الْعَرْشِ، لَمْ يُعْطَ مِنْهُ أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يُعْطَى مِنْهُ بَعْدِي

506 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ

الدليل على أن الذي جعل من الأرض طهورا الطاهر منها دون النجس

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الَّذِي جُعِلَ مِنَ الْأَرْضِ طَهُورًا الطَّاهِرُ مِنْهَا دُونَ النَّجَسِ

507 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَجُعِلَتْ لِي كُلُّ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ مَسْجِدًا وَطَهُورًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يُتَيَمَّمَ بِهِ مِنَ الْأَرْضِ الطَّيِّبُ دُونَ مَا هُوَ مِنْهَا نَجَسٌ

ذكر إثبات التيمم للجنب المسافر الذي لا يجد الماء

ذِكْرُ إِثْبَاتِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ الْمُسَافِرِ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ

508 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: تَمَارَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٌ فِي الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَلَا يَجِدُ الْمَاءَ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ قَالَ: وَقَالَ عَمَّارٌ: كُنْتُ فِي الْإِبِلِ فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ، فَتَمَعَّكْتُ كَمَا يَتَمَعَّكُ الْحِمَارُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى الْمَاءِ اغْتَسَلْتَ

509 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هَوْذَةُ، ثنا عَوْفٌ، ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَانْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِذَا بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ قَالَ: وَقَدِ احْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْجُنُبِ بِقَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] ، كَانَ مَعْنَاهُ: لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ جُنُبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَابِرَ سَبِيلٍ مُسَافِرًا لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، وَرُوِّينَا مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَابْنِ -[14]- جُبَيْرٍ، وَالْحَكَمِ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ نِيَافٍ، وَقَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ

510 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ، قَالَ: هُوَ الْمُسَافِرُ

511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا يَزِيدُ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ وَهُوَ أَبُو مِجْلَزٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَتَأَوَّلُهَا: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] ، قَالَ: يُحَرِّمُهَا أَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ وَهُوَ جُنُبٌ إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي

512 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] ، قَالَ: لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ الْجُنُبَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، عَلِيٌّ

513 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا أَجْنَبْتَ فَسَلْ عَنِ الْمَاءِ جَهْدَكَ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ فَتَيَمَّمْ وَصَلِّ، فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسِلْ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ -[15]- الرَّأْيِ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلًا مَعْنَاهُ مَنْعُ الْجُنُبِ التَّيَمُّمَ

514 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّا نَمْكُثُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لَا نَجْدُ الْمَاءُ فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَكُنْ أُصَلِّي حَتَّى أَجِدَ الْمَاءَ

515 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَجْنَبْتُ ثُمَّ لَمْ أَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا مَا صَلَّيْتُ قَالَ سُفْيَانُ: لَا نَأْخُذُ بِهَذَا وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يُصَلِّي، وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ اغْتَسَلَ وَصَلَّى الصَّلَوَاتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ

ذكر جماع المسافر الذي لا يجد الماء وأهل البادية الذين ليس معهم ماء اختلف أهل العلم في غشيان من لا ماء معه من المسافرين وغيرهم، فكرهت طائفة لمن هذه صفته أن يجامع، وممن روينا عنه أنه كره ذلك علي، وابن مسعود، وابن عمر، وبه قال الزهري وقال مالك: لا أحب

ذِكْرُ جِمَاعِ الْمُسَافِرِ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَأَهْلِ الْبَادِيَةِ الَّذِينَ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي غَشَيَانَ مَنْ لَا مَاءَ مَعَهُ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَغَيْرِهِمْ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ أَنْ يُجَامِعَ، وَمِمَّنْ رَوَيْنَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُصِيبَ أَهْلَهُ إِلَّا وَمَعَهُ مَاءٌ

516 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، وَمَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا كَانَ الْمُسَافِرُ سَائِرًا يَرِدُ الْمَاءَ كُلَّ يَوْمٍ وَكُلَّ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ، فَلَا يَغْشَى أَهْلَهُ حَتَّى يَرِدَ الْمَاءَ

517 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، ثنا الْمُقْرِئُ، ثنا حَيْوَةُ، ثنا أَبُو صَخْرٍ، أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِذَا أَعْزَبَ الْأَعْرَابِيُّ عَنِ الْمَاءِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجَامِعَ

518 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَكُنْ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَاتَّقِ اللهَ وَاغْتَسِلْ إِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ

519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، أنا خُصَيْفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ وَهُوَ لَا يَجِدُ الْمَاءَ -[17]- وَأَبَاحَتْ لَهُ طَائِفَةٌ غَشَيَانَ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ، فَقَالَتْ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَقَالَ: قَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ فِي مَكَانٍ آخَرَ يَتَوَقَّاهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ قَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي ذَرٍّ وَعَمَّارٍ، وَفَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَطَؤُهَا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]

520 - حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، أنا الْمُعْتَمِرُ، سَمِعْتُ لَيْثًا يُحَدِّثُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ مَعَ أَهْلِهِ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَلَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَغْشَى أَهْلَهُ وَيَتَيَمَّمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا الْقَوْلِ نَقُولُ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَبَاحَ وَطْءَ الزَّوْجَةِ وَمِلْكَ الْيَمِينِ، فَمَا أَبَاحَ فَهُوَ عَلَى الْإِبَاحَةِ، لَا يَجُوزُ حَظْرُ ذَلِكَ وَلَا الْمَنْعُ مِنْهُ إِلَّا بِسُنَّةٍ أَوْ -[18]- إِجْمَاعٍ، وَالْمَمْنَوعَ مِنْهُ حَالَ الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ، وَحَالَ الْمُظَاهِرِ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، وَمَا وَقَعَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ مِنْهُ بِحُجَّةٍ، فَأَمَّا كُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي ذَلِكَ، فَمَرْدُودٌ إِلَى أَصْلِ إِبَاحَةِ الْكِتَابِ الْوَطْءُ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} [البقرة: 222] الْآيَةَ وَقَدْ جَعَلَ التَّيَمُّمَ طَهَارَةً لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى بِوُضُوءٍ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءَ، وَبَيْنَ مَنْ صَلَّى بِتَيَمُّمٍ حَيْثُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ؛ إِذْ كُلٌّ مُؤَدٍّ مِمَّا فُرِضَ عَلَيْهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ عَطَاءٌ، قَالَ فِي الْمُسَافِرِ لَا يَجِدُ الْمَاءَ: إِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَرْبَعُ لَيَالٍ فَصَاعِدًا فَلْيُصِبْ أَهْلَهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثُ لَيَالٍ فَمَا دُونَهَا لَمْ يُصِبْ أَهْلَهُ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَا يَقْرَبْهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ مُعْزِبًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ إِثْبَاتِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ الْمُسَافِرِ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ حَدِيثًا

521 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُعْزِبُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، يُجَامِعُ أَهْلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ

ذكر المريض الذي له أن يتيمم اختلف أهل العلم في التيمم للمريض الواجد للماء، فقال كثير منهم: لمن به القروح أو الجروح أو الجدري، وخاف على نفسه أن يتيمم وإن وجد الماء

ذِكْرُ الْمَرِيضِ الَّذِي لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ الْوَاجِدِ لِلْمَاءِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: لِمَنْ بِهِ الْقُرُوحُ أَوِ الْجُرُوحُ أَوِ الْجُدَرِيُّ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ

رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رَفْعَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] الْآيَةَ وَقَالَ: إِذَا كَانَتْ بِالرَّجُلِ جِرَاحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ قُرُوحٌ أَوْ جُدَرِيٌّ، فَجَنُبَ، فَخَافَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَيَمُوتَ، يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ. 522 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ مِثْلَهُ

523 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رُخِّصَ لِلْمَرِيضِ فِي الْوُضُوءِ التَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ مُجَدَّرًا كَأَنَّهُ صَمْغَةٌ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟

524 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبَانُ، عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ بِهِ جُدَرِيٌّ، فَأَمَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَبُ تُرَابًا فِي طَشْتٍ أَوْ تَوْرٍ فَيَتَمَسَّحُ بِالتُّرَابِ -[20]- وَرَخَّصَ مُجَاهِدٌ فِي التَّيَمُّمِ لِلْمَجْدُورِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَتَيَمَّمُ الَّذِي بِهِ الْقُرُوحُ أَوِ الْجُرُوحُ وَرَخَّصَ طَاوُسٌ فِي ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ الشَّدِيدَ الْمَرَضَ، وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَإِبْرَاهِيمُ: الَّذِي بِهِ الْجُدَرِيُّ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْدُورِ وَالْمَحْصُوبِ إِذَا خَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ فِي الْحَضَرِ إِلَّا لِوَاحِدٍ مِنَ اثْنَيْنِ: مَنْ بِهِ قَرْحٌ أَوْ ضَنْأٌ يَخَافُ إِنْ تَوَضَّأَ أَوِ اغْتَسَلَ التَّلَفَ أَوْ شِدَّةَ الضَّنَأِ وَقَالَ بِمِصْرَ الَّذِي سَمِعْتُ أَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِي الْجِرَاحِ، وَالْقُرُوحِ ذَا الْغَوْرِ كُلَّهُ مِثْلُ الْجِرَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ فِي كُلِّهِ إِذَا مَسَّهُ الْمَاءُ أَنْ يَنْطِفَ فَيَكُونَ مِنَ النَّطْفِ التَّلَفُ وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ، وَأَقَلُّهُ مَا يَخَافُ هَذَا مِنْهُ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَالْمَرِيضُ فِي الْحَضَرِ إِذَا كَانَ مَرَضُهُ الْجُدَرِيَّ أَوِ الْجُرُوحَ يَخَافُ إِنْ مَسَّ الْمَاءَ مَاتَ، أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا رُخِّصَ فِي التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَأَمَّا -[21]- مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ فَلَيْسَ يُجْزِيهِ إِلَّا الِاغْتِسَالُ وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَرِيضَ وَغَيْرَهُ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] الْآيَةَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، قَالَ عَطَاءٌ: وَقَدِ احْتَلَمْتُ مَرَّةً وَأَنَا مَجْدُورٌ فَاغْتَسَلْتُ، هِيَ لَهُمْ كُلِّهِمْ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي الْمَجْدُورِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ: يُسَخَّنُ لَهُ الْمَاءُ فَيَغْتَسِلُ بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْغُسْلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] الْآيَةَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ احْتَلَمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَأَشْفَقَ إِنِ اغْتَسَلَ أَنْ يَهْلِكَ، فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَلَيْسَ بَيْنَ مَنْ خَافَ إِنِ اغْتَسَلَ أَنْ يَتْلَفَ مِنَ الْبَرْدِ وَبَيْنَ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ يَخَافُ الْمَوْتَ إِنِ اغْتَسَلَ مِنْ أَجَلِهَا فَرْقٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللهِ تَعَالَى مَعْنَى مَا أَرَادَ، وَلَوْ كَانَ مَا فَعَلَ عَمْرٌو غَيْرَ جَائِزٍ لَعَلَّمَهُ ذَلِكَ، وَلَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ، فَفِي إِقْرَارِهِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ وَتَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ، دَلِيلٌ عَلَى إِجَازَةِ مَا فَعَلَهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي رَجُلٍ أَصَابَهُ جِرَاحٌ عَلَى عَهْدِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ، فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ؟ -[22]- وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ حُجَّةً لِقَوْلِنَا، فَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَدْخَلَ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ عَطَاءٍ رَجُلًا وَقَالَ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَطَاءً قَالَ إِنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَفِي ظَاهِرِ الْآيَةِ وَخَبَرِ عَمْرٍو كِفَايَةٌ عَنْ كُلِّ قَوْلٍ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ يَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ، يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمَرِيضِ الْمُقِيمِ فِي الْمِصْرِ لَا يَسْتَطِيعُ الْوُضُوءَ لِمَا بِهِ مِنَ الْمَرَضِ: يُجْزِيهِ التَّيَمُّمُ وَقَالُوا فِي الْمَرِيضِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْدُورِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ

ذكر المسح على الجبائر والعصائب اختلف أهل العلم في المسح على الجبائر والعصائب، فأجاز كثير منهم المسح عليها، فممن رأى المسح على العصائب تكون على الجروح، ابن عمر، وعطاء، وعبيد بن عمير وكان إبراهيم والحسن ومالك وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وأبو ثور والمزني

ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالْعَصَائِبِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالْعَصَائِبِ، فَأَجَازَ كَثِيرٌ مِنْهُمُ الْمَسْحَ عَلَيْهَا، فَمِمَّنْ رَأَى الْمَسْحَ عَلَى الْعَصَائِبِ تَكُونُ عَلَى الْجُرُوحِ، ابْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءٌ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ -[24]- وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ إِبْهَامَ رِجْلِهِ جُرِحَتْ فَأَلْقَمَهَا مَرَارَةً وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: امْسَحْ عَلَى الْجُرُوحِ

525 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ الْغَازِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِذَا كَانَ عَلَيْهِ عِصَابٌ مَسَحَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِصَابٌ غَسَلَ مَا حَوْلَهُ وَلَمْ يُمِسَّهُ الْمَاءَ

526 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا الْوَلِيدُ، نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: جُرِحَتْ إِبْهَامُ رِجْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَأَلْقَمَهَا مَرَارَةً، فَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَيْهَا

527 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحَنْظَلِيِّ إِسْحَاقَ، أنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: امْسَحْ عَلَى الْجُرْحِ إِذَا خَشِيتَ عَلَى نَفْسِكَ فِي الْوُضُوءِ

قَالَ لَيْثٌ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ عَلَيْهَا وَمَسَحَ أَبُو الْعَالِيَةِ عَلَى قَدَمِهِ مِنْ وَرَمٍ كَانَ بِهَا، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ ضَمَّدَ صُدْغَيْهِ مِنْ وَجَعٍ: يَمْسَحُ عَلَى الضِّمَادِ -[25]- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الظُّفُرِ يَسْقُطُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَكْسُوَهُ مَصْطَكًا ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ: مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ جَبَائِرُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ فِيهَا قَوْلَاْنِ، هَذَا أَحَدُهُمَا، وَالثَّانِي أَنْ يَمْسَحَ بِالْمَاءِ عَلَى الْجَبَائِرِ، وَيُعِيدَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا إِذَا قَدَرَ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيزُونَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ، وَلَسْتُ أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَحَدٍ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَشَيْءٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ دَوَاءٍ وُضِعَ عَلَى جُرْحٍ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إِلَّا الْوُضُوءَ، وَقَالَ: مَا نَرَى إِلَّا الْوُضُوءَ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْجَبَائِرَ لَا تُوضَعُ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] الْآيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ النَّاسَ لَمْ يُكَلَّفُوا غَيْرَ طَاقَتِهِمْ، وَهَذِهِ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ، إِلَّا مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، فَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ جَائِزٌ

ذكر تيمم الجنب إذا خشي على نفسه البرد واختلفوا في الجنب يخشى على نفسه من البرد إن اغتسل، فقالت طائفة: يغتسل وإن مات، لم يجعل الله له عذرا هذا قول عطاء، واحتج بقوله: وإن كنتم جنبا فاطهروا الآية وهو قول الحسن، وفيه قول ثان، وهو إذا كان الأغلب عنده

ذِكْرُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَرْدَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْبَرْدِ إِنِ اغْتَسَلَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْتَسِلُ وَإِنْ مَاتَ، لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ عُذْرًا هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] الْآيَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ إِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ أَنْ يَتْلَفَ إِنِ اغْتَسَلَ، تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَيُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ يَتَيَمَّمَ كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ وَمَالِكٌ وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ فِي أَرْضٍ بَارِدَةٍ فَأَجْنَبَ، فَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْتَ تَيَمَّمَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُلِ الصَّحِيحِ فِي الْمِصْرِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، فَخَافَ إِنِ اغْتَسَلَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ، تَيَمَّمَ وَكَذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ يُجْزِيَهُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، وَلَا يُجْزِيهِ إِذَا كَانَ مُقِيمًا فِي الْمِصْرِ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُ يَعْقُوبَ وَمُحَمَّدٍ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَبِقَوْلِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ أَقُولُ؛ وَذَلِكَ لِحُجَجٍ ثَلَاثٍ: أَحَدُهَا الْكِتَابُ، وَهُوَ

قَوْلُهُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] الْآيَةَ وَالثَّانِيَةُ خَبَرُ عَمْرٍو

528 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاؤُدَ، ثنا حَرْمَلَةُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ، قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، وَذَلِكَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ جُنُبًا؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ وَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] الْآيَةَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَفِي تَرْكِ إِنْكَارِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا فَعَلَ عَمْرٌو عَلَيْهِ أَكْبَرُ الْحُجَجِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَعَلَّمَهُ وَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسِرُّ إِلَّا بِالْحَقِّ وَحُجَّةٌ ثَالِثَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ إِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ، أَنْ يَتَيَمَّمَ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلتَّلَفِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْعَطَشِ وَالْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْبَرْدِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَهْلِكَ مِنَ الْبَرْدِ إِنِ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ

ذكر المسافر الخائف على نفسه العطش إن اغتسل بما معه من الماء أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا خشي على نفسه العطش ومعه مقدار ما يتطهر به من الماء أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم روي هذا القول عن علي، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعطاء،

ذِكْرُ الْمُسَافِرِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ إِنِ اغْتَسَلَ بِمَا مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ وَمَعَهُ مِقْدَارُ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ مِنَ الْمَاءِ أَنَّهُ يُبْقِي مَاءَهُ لِلشُّرْبِ وَيَتَيَمَّمُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: مَنْ سَافَرَ فَكَانُوا فِي أَرْضٍ يَخْشَوْنَ عَلَى أَنْفِسِهِمُ الْعَطَشَ، وَمَعَهُمْ مَاءٌ يَسِيرٌ، فَاسْتَبْقَوْا مَاءَهُمْ لِشُرْبِهِمْ وَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ

529 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، وَمَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي الْمُسَافِرِ إِنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَمَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ، وَهُوَ يَخَافُ الْعَطَشَ، أَنْ يُؤْثِرَ نَفْسَهُ وَلْيَتَيَمَّمْ

530 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُ مِنَ الْمَاءِ بِقَدْرِ سَقْيِهِ فَتُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَيُبْقِي مَاءَهُ لِسَقْيِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ

ذكر تيمم الحاضر الذي يخاف ذهاب الوقت إن صار إلى الماء أو اشتغل بالاغتسال. اختلف أهل العلم في التيمم في الحضر لغير المريض وللمريض لا ماء بحضرته، ولو وصل إلى الماء لتوضأ فقالت طائفة: إذا خاف فوات الصلاة تيمم وصلى، وحكى ابن القاسم عن مالك أنه سئل عمن في

ذِكْرُ تَيَمُّمِ الْحَاضِرِ الَّذِي يَخَافُ ذَهَابَ الْوَقْتِ إِنْ صَارَ إِلَى الْمَاءِ أَوِ اشْتَغَلَ بِالِاغْتِسَالِ. اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ الْمَرِيضِ وَلِلْمَرِيضِ لَا مَاءَ بِحَضْرَتِهِ، وَلَوْ وَصَلَ إِلَى الْمَاءِ لَتَوَضَّأَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا خَافَ فَوَاتَ الصَّلَاةِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ فِي الْقَبَائِلِ مِنْ أَطْرَافِ الْفُسْطَاطِ فَخَشِيَ إِنْ تَوَضَّأَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءَ، قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، قَالَ: وَقَدْ كَانَ مَرَّةً مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَضَرِ يُعِيدُ إِذَا تَوَضَّأَ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَمَّنِ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمَتِهِ وَغَفَلْتِهِ وَهُوَ جُنُبٌ فَأَشْفَقَ إِنِ اغْتَسَلَ وَتَوَضَّأَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ غَابَتْ قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِهَا، قَالَ الْوَلِيدُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيَّ فَأَخْبَرَنِي عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي قَالَ الْوَلِيدُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَالُوا: بَلْ يَغْتَسِلُ وَإِنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ

الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] الْآيَةَ فَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ وَكَانَ فِي عُذْرٍ مِنْ نَوْمِهِ وَغَفَلْتِهِ وَنِسْيَانِهِ مَعْذُورٌ بِهَا وَحَكَى الْوَلِيدُ ذَلِكَ عَنِ اللَّيْثِ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي مَرِيضٍ بِحَضْرَتِهِ مَاءٌ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُنَاوِلُهُ وَخَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَقَالَ الْوَلِيدُ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُقِيمُ مَاءً تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْوَقْتِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الْجُرُفِ فَلَمَّا كَانَ بِالْمِرْبَدِ حَضَرَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَنَزَلَ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ غَيْرِ الْمَرِيضِ التَّيَمُّمُ بِحَالٍ فَإِنْ فَعَلَ كَانَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: قَضَيْتُ الْحَاجَةَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الشِّعَابِ أَتَمَسَّحُ بِالتُّرَابِ وَأُصَلِّي؟ قَالَ: لَا

ذكر الجنب المسافر لا يجد من الماء إلا قدر ما يتوضأ به اختلف أهل العلم في المسافر الجنب لا يجد من الماء إلا قدر ما يتوضأ به، فقالت طائفة: يتيمم وليس عليه أن يغسل أعضاء الوضوء هذا قول عطاء والحسن والزهري وحماد ومالك وعبد العزيز بن أبي سلمة، وقال مالك

ذِكْرُ الْجُنُبِ الْمُسَافِرِ لَا يَجِدُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُسَافِرِ الْجُنُبِ لَا يَجِدُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَحَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: يَغْسِلُ بِذَلِكَ الْمَاءِ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ الْأَذَى ثُمَّ يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، كَمَا قَالَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْمَعُهُما جَمِيعًا هَكَذَا قَالَ عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَمَعْمَرٌ فِي الْجُنُبِ لَا يَجِدُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ -[33]- وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحْمَدَ الْأَثْرَمِ، وَأَبِي دَاؤُدَ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ حَكَاهُ صَالِحٌ ابْنُهُ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ قَوْلٌ ثَالِثٌ خِلَافُ رِوَايَةِ الْأَشْعَثِ عَنْهُ.

رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْجُنُبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ غَسْلُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَيُصَلِّي وَلَا يَتَيَمَّمُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَفَرْجَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِقْدَارُ مَا يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَفَرْجَهُ غَسَلَ وَجْهَهُ وَفَرْجَهُ وَمَسَحَ كَفَّيْهِ بِالتُّرَابِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ: قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمُسَافِرِ الْجُنُبِ عِنْدَهُ مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِذَلِكَ الْمَاءِ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ تَيَمَّمَ الصَّعِيدَ وَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَذَلِكَ الْمَاءُ عِنْدَهُ قَدْرَ مَا يُوَضِّيهِ قَالَ: يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ، قُلْتُ: وَإِنْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ بِذَلِكَ الْمَاءِ؟ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَعِنْدَهُ مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، قُلْتُ: إِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ مَرَّ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَا صَلَّى الْعَصْرَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ وَحَضَرَتِ الْمَغْرِبُ وَقَدْ أَحْدَثْ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ وَعِنْدَهُ مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَغْتَسِلَ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَتَيَمَّمُ؟ قَالَ: بَلْ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حِينَ أَبْصَرَ الْمَاءَ عَادَ جُنُبًا كَمَا كَانَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] الْآيَةَ -[34]- فَأَوْجَبَ عَلَى الْجُنُبِ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَيَمَّمَ وَأَوْجَبَ عَلَى الْمُظَاهِرِ رَقَبَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ الْوَاجِدُ بَعْضَ رَقَبَةٍ فِي مَعْنَى مَنْ لَا يَجِدُ وَفَرْضُهُ الصَّوْمُ كَانَ الْوَاجِدُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُ بِهِ بَعْضَ بَدَنِهِ فِي مَعْنَى مَنْ لَا يَجِدُ وَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ، وَالْجَوَابُ فِي الْمُتَمَتِّعِ يَجِدُ بَعْضَ ثَمَنِ الْهَدْيِ وَالْحَانِثِ فِي يَمِينِهِ يَجِدُ مَا يُطْعِمُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ حُكْمُ مَنْ ذَكَرْنَا، فَأَمَّا أَنْ يَفْرِضَ عَلَى بَعْضِ مَنْ ذَكَرْنَا فَرْضَيْنِ فَغَيْرُ جَائِزٍ

باب السفر الذي يجوز لمن سافر أن يتيمم ثابت عن ابن عمر، أنه أقبل هو ونافع من الجرف حتى إذا كانوا بالمربد نزل فتيمم صعيدا طيبا فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين

بَابُ السَّفَرِ الَّذِي يُجَوِّزُ لِمَنْ سَافَرَ أَنْ يَتَيَمَّمَ ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَنَافِعٌ مِنَ الْجُرُفِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ نَزَلَ فَتَيَمَّمَ صَعِيدًا طَيِّبًا فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ

531 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْ أَرْضِهِ الَّتِي بِالْجُرُفِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَتَيَمَّمَ وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى بُيُوتِ الْمَدِينَةِ. وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ يُرِيدُ أُخْرَى وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلَيْسَ بِمُسَافِرٍ، قَالَ: إِنْ طَمَعَ أَنْ يُدْرِكَ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ مَضَى إِلَى الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يَطْمَعُ بِذَلِكَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ سَفَرًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا تَيَمَّمَ -[35]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا فِي سَفَرٍ يَقْصُرُ فِي مِثْلَهُ الصَّلَاةَ

حد طلب الماء روينا عن ابن عمر: أنه كان يكون في السفر فتحضر الصلاة والماء على غلوتين ونحو ذلك فلا يعدل إليه

حَدُّ طَلَبِ الْمَاءِ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَالْمَاءُ عَلَى غَلْوَتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَعْدِلُ إِلَيْهِ

532 - كَتَبَ إِلَيَّ الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ يَذْكُرُ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَهُمْ: ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ قُلْتُ: حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَالْمَاءُ حَائِزٌ عَلَى الطَّرِيقِ أَيَجِبُ أَنْ أَعْدِلَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ فِي السَّفَرِ وَالْمَاءُ عَلَى غَلْوَتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَعْدِلُ إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَنْتَابُ الْمَاءَ فِي السَّفَرِ عَلَى غَلْوَةٍ مِنْ طَرِيقِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: كُلَّمَا شَقَّ عَلَى الْمُسَافِرِ مِنْ طَلَبِ مَاءٍ إِنْ عَدَلَ إِلَيْهِ فَاتَهُ أَصْحَابُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ دُونَهُ وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ إِلَّا فِي مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ دُلَّ عَلَى مَاءٍ قَرِيبٍ مِنْ حَيْثُ -[36]- تَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْطَعُ بِهِ صُحْبَةَ أَصْحَابِهِ وَلَا يَخَافُ عَلَى رَحْلِهِ إِذَا وَجَّهَ إِلَيْهِ وَلَا فِي طَرِيقِهِ إِلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْوَقْتِ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَإِنْ خَافَ بَعْضَ مَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ لِطَلَبِ الْمَاءِ إِنَّمَا الطَّلَبُ بِالْبَصَرِ وَالْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعِهِ ذَلِكَ

ذكر النية للتيمم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الأعمال بالنيات، وقد ذكرت الحديث في باب صفة الوضوء. وممن هذا مذهبه بأن الأعمال بالنية ربيعة ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد ولا أحسب مذهب الثوري والنعمان في التيمم

ذِكْرُ النِّيَّةِ لِلتَّيَمُّمِ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ. وَمِمَّنْ هَذَا مَذْهَبُهُ بِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَلَا أَحْسَبُ مَذْهَبَ الثَّوْرِيِّ وَالنُّعْمَانِ فِي التَّيَمُّمِ خَاصَّةً إِلَّا كَمَذْهَبِ هَؤُلَاءِ وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُمَا وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ عَلَّمَ رَجُلًا التَّيَمُّمَ لَا يُجْزِيهِ لِصَلَاتِهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَيَمَّمَا وَتَعْلِيمًا وَإِنْ عَلَّمَهُ الْوُضُوءَ فَتَوَضَّأَ أَجْزَأَهُ لِنَفْسِهِ، -[37]- وَقَالَ سُفْيَانُ: لَا يُجْزِيُ إِذَا عَلَّمْتَ رَجُلًا التَّيَمُّمَ حَتَّى تَنْوِيَ أَنْتَ بِهِ التَّيَمُّمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ وَلَا أَدَاءُ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَّا بِنِيَّةٍ

ذكر الصعيد قال الله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا الآية كان سفيان يقول: فتيمموا صعيدا: تحروا تعمدوا، وقال أبو عبيدة: أي فتعمدوا لذلك في قوله فتيمموا صعيدا وأجمع أهل العلم أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز إلا من شذ عنهم، وكان ابن عباس يقول: أطيب الصعيد

ذِكْرُ الصَّعِيدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] الْآيَةَ كَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا: تَحَرَّوْا تَعَمَّدُوا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ فَتَعَمَّدُوا لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: 43] وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ التَّيَمُّمَ بِالتُّرَابِ ذِي الْغُبَارِ جَائِزٌ إِلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَطْيَبُ الصَّعِيدِ أَرْضُ الْحَرْثِ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: كُلُّ شَيْءٍ ضَرَبْتَ عَلَيْهِ يَدَكَ فَهُوَ صَعِيدٌ حَتَّى غُبَارٍ لِيَدِكَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَتَتْ عَلَيْهِ الْأَمْطَارُ فَطَهَّرَتْهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَقَعُ اسْمُ صَعِيدٍ إِلَّا عَلَى تُرَابٍ ذِي غُبَارٍ، -[38]- وَقَالَ أَحْمَدُ: الصَّعِيدُ: التُّرَابُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجُعِلَتِ الْأَرْضُ لَنَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ بِكُلِّ تُرَابٍ جَائِزٌ إِذَا كَانَ طَاهِرًا

ذكر التيمم بتراب السبخة قال تعالى فتيمموا صعيدا طيبا الآية وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت تربتها لنا طهورا، فالتيمم بكل تراب جائز سباخا كان أو غيره. وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي، وقال الوليد بن مسلم: ومما يبين ذلك أن مسجد رسول الله

ذِكْرُ التَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ السَّبَخَةِ قَالَ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] الْآَيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، فَالتَّيَمُّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ جَائِزٌ سِبَاخًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[39]- بِالْمَدِينَةِ وَبِقُبَاءٍ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ مَسَاجِدِهِ فِي سَبَخَةٍ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ مِثْلَ الْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَتُرَابِ السَّبَخَةِ لَا يُتَيَمَّمُ بِهِ، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ لِأَنَّ تُرَابَ السَّبَخَةِ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، غَيْرُ خَارِجٍ مِنْهُ بِحُجَّةٍ

ذكر التيمم بالحصى والرمل اختلف أهل العلم في التيمم بالحصى والرمل فقالت طائفة: التيمم بذلك جائز روينا عن حماد أنه قال: لا بأس أن يتيمم بالرخام وقال الأوزاعي: الرمل هو من الصعيد فليتيمم به، وقال مالك: يتيمم بالحصى، وقال أبو ثور: لا يتيمم إلا بتراب

ذِكْرُ التَّيَمُّمِ بِالْحَصَى وَالرَّمْلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّيَمُّمِ بِالْحَصَى وَالرَّمْلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ جَائِزٌ رُوِّينَا عَنْ حَمَّادٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالرُّخَامِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الرَّمْلُ هُوَ مِنَ الصَّعِيدِ فَلْيَتَيَمَّمْ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَيَمَّمُ بِالْحَصَى، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: كُلُّ شَيْءٍ يَتَيَمَّمُ بِهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ أَوْ جَصٍّ أَوْ نُورَةٍ أَوْ زَرْنِيخٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ مِنَ الْأَرْضِ يُجْزِيهِ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى حَائِطٍ أَوْ حَصَى أَوْ عَلَى حِجَارَةٍ فَتَيَمَّمَ بِذَلِكَ يُجْزِيهِ، وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِشَيْءٍ لَيْسَ مِنَ الْأَرْضِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: فَأَمَّا الْبَطْحَاءُ الْغَلِيظَةُ وَالرَّقِيقَةُ وَالْكَثِيبُ

الْغَلِيظُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى التَّيَمُّمَ جَائِزًا بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَمَا جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لَجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِتُرَابٍ أَنْ يَقُولَ: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، مُجْمَلٌ، وَقَوْلُهُ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، مُفَسَّرٌ وَالْمُفَسَّرُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْلَى مِنَ الْمُجْمَلِ فَالتَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، وَمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ تُرَابٍ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا

ذكر التيمم بالتراب النجس اختلف أهل العلم في التيمم بالتراب النجس فقال كثير منهم: لا يجوز التيمم به هذا قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وحكى أبو ثور عن الكوفي في أنه قال: إن صلى على ذلك الموضع أجزأه وإن تيمم به لم يجزه، وقد كان الأوزاعي يقول: التيمم

ذِكْرُ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ النَّجَسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ النَّجَسِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ فِي أَنَّهُ قَالَ: إِنْ صَلَّى عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِهِ لَمْ يُجْزِهِ، وَقَدْ كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: التَّيَمُّمُ بِتُرَابِ الْمَقْبَرَةِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِهِ وَصَلَّى مَضَتْ صَلَاتُهُ -[41]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَجُعِلَتْ لِي كُلُّ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُجْزِي إِلَّا بِالطَّيِّبِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ

ذكر احتيال التراب من الأندية والأمطار روينا عن ابن عباس، أنه قال في رجل في طين لا يستطيع أن يخرج منه: يأخذ من الطين فيطلي به بعض جسده فإذا جف تيمم به، وكان الحسن يقول: يضرب بيده على قربوس سرجه وجوالقه، وقال الثوري: يلتمس غبارا في جواليق أو برذعة أو

ذِكْرُ احْتِيَالِ التُّرَابِ مِنَ الْأَنْدِيَةِ وَالْأَمْطَارِ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ فِي طِينٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ: يَأْخُذُ مِنَ الطِّينِ فَيُطْلِي بِهِ بَعْضَ جَسَدِهِ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى قَرْبُوسِ سَرْجِهِ وَجَوَالِقِهِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَلْتَمِسُ غُبَارًا فِي جَوَالِيقَ أَوْ بَرْذَعَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ -[42]- وَقَالَ أَحْمَدُ: يَتَيَمَّمُ بِاللِّبْدِ إِذَا عَلِقَهَا غُبَارٌ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا كَانَ مَعَهُ لِبْدٌ أَوْ سِرْجٌ نَفَضَهُ وَيَتَيَمَّمَ بِغُبَارِهِ أَوْ يُجَفِّفُ طِينًا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ كُلُّهَا قَرِيبَةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَكَذَلِكَ نَقُولُ: يَحْتَالُ لِلْغُبَارِ كَيْفَ قَدَرَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَيَمَّمَ بِهِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى اللِّبْدِ إِذَا كَانَ الثَّلْجُ

533 - حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، وَأَحْمَدَ بْنَ عَمْرَ، قَالَا: ثنا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ فِي طِينٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ قَالَ: يَأْخُذُ مِنْهُ، قَالَ: يَأْخُذُ مِنَ الطِّينِ فَيُطْلِي بِهِ بَعْضَ جَسَدِهِ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ

ذكر التيمم على الثلج واختلفوا في التيمم على الثلج فكان الثوري وإسحاق لا يريان التيمم عليه وكذا قول قتادة والشافعي إلا أن يقدر على أن يذيبه فيتوضأ به وحكي عن مالك أنه سئل عن التيمم على الحجارة أو على الثلج أو على الماء الجامد إذا لم يجد الصعيد قال: فلا

ذِكْرُ التَّيَمُّمِ عَلَى الثَّلْجِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الثَّلْجِ فَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ لَا يَرَيَانِ التَّيَمُّمَ عَلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالشَّافِعِيِّ إِلَّا -[43]- أَنْ يَقْدِرَ عَلَى أَنْ يُذِيبَهُ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّيَمُّمِ عَلَى الْحِجَارَةِ أَوْ عَلَى الثَّلْجِ أَوْ عَلَى الْمَاءِ الْجَامِدِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الصَّعِيدَ قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا وَجَدَ الصَّعِيدَ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِهِ مِمَّا ذَكَرْتُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ لِمَا ذَكَرْتُ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ دَلِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

ذكر البئر لا يوجد السبيل إلى مائها أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا وجد بئرا لا يمكنه الوصول إلى مائها أنه في معنى من لا يجد الماء وله أن يتيمم، كذلك قال سفيان والشافعي والنعمان ومن معهم من أهل العلم وكذلك نقول

ذِكْرُ الْبِئْرِ لَا يُوجَدُ السَّبِيلُ إِلَى مَائِهَا أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا وَجَدَ بِئْرًا لَا يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ إِلَى مَائِهَا أَنَّهُ فِي مَعْنَى مَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ، كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ وَالشَّافِعِيُّ وَالنُّعْمَانُ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر الماء لا يوجد السبيل إليه إلا بالثمن واختلفوا في الماء لا يوجد إلا بالثمن ففي مذهب كثير من أهل العلم يشتريه بثمن مثله وليس عليه أن يشتريه بأكثر من ذلك فإن لم يبع بثمن مثله تيمم، هذا قول الشافعي والأوزاعي، وإسحاق غير أن الشافعي قال: إذا كان واجد

ذِكْرُ الْمَاءِ لَا يُوجَدُ السَّبِيلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِالثَّمَنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَاءِ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِالثَّمَنِ فَفِي مَذْهَبِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَشْتَرِيهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُبَعْ

بِثَمَنِ مِثْلِهِ تَيَمَّمَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: إِذَا كَانَ وَاجِدَ الثَّمَنِ مِثْلِهِ غَيْرَ خَائِفٍ إِنِ اشْتَرَاهَ الْجُوعَ فِي سَفَرِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَشْتَرِيهِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ إِنْ شَاءَ فَإِنْ وَجَدَ بِثَمَنٍ رَخِيصٍ كَمَا يَشْتَرِي النَّاسُ اشْتَرَاهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَحَكَى الْعَدَنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُبَاعَ بِقَدْرِ مَا يَبْتَاعُ النَّاسُ وَحَكَى الْأَشْجَعِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ مَعَكَ مَا تَشْتَرِي بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَتَيَمَّمَ وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَ: إِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ إِلَّا بِمَالِكَ كُلِّهِ فَاشْتَرِهِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: فِي الْجُنُبِ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إِلَّا بِثَمَنٍ غَالٍّ إِنْ كَانَ قَلِيلَ الدَّرَاهِمِ رَأَيْتُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا يَقْدِرُ رَأَيْتُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا لَمْ يَشْتَطُّوا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَإِنْ رَفَعُوا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَاءِ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِثَمَنٍ غَالٍّ يَكُونُ عَلَى: قَدْرِ نَفَقَتِهِ إِنْ كَانَ مُتَّسِعًا اشْتَرَى وَإِنْ خَافَ عَلَى نَفَقَتِهِ فَلَا بَأْسَ

ذكر من لا يجد ماء ولا صعيدا اختلف أهل العلم فيمن حضرت الصلاة وهو لا يجد ماء ولا صعيدا فقالت طائفة: لا يصلي حتى يقدر على الوضوء أو التيمم وإن ذهب الوقت لأن الصلاة لا تجزي إلا بطهارة، هذا قول الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي وفيه قول ثان، وهو أن يصلي كما

ذِكْرُ مَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا صَعِيدًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا صَعِيدًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْوُضُوءِ أَوِ التَّيَمُّمِ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِي إِلَّا بِطَهَارَةٍ، هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَتَيَمَّمٍ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيُّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا كَقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الصَّلَاةَ تُؤَدَّى بِآلَاتٍ لَا يُجْزِي مَنْ وَجَدَ ثَوْبًا أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا مُسْتَتِرًا وَلَا يُجْزِي مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِي مَنْ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَتَوَضَّأُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَيَمَّمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي ثَوْبًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ وَلَا عَلَى الطَّهَارَةِ صَلَّى كَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ أَوِ التُّرَابَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا مَعْنَى لِأَنْ يُصَلِّيَ مَنْ لَا يَجِدُ مَاءً يَتَطَهَّرُ بِهِ وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: يُجْزِيهِ أَنْ يُصَلِّيَ إِذَا لَمْ يَجِدِ السَّبِيلَ إِلَى الطَّهَارَةِ قَوْلُهُ

تَعَالَى {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَقَوْلُهُ {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] فَيَقُولُ: سَقَطَ فَرْضُ الطَّهَارَةِ عَمَّنْ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَيْهَا كَمَا سَقَطَ فَرْضُ الْقِيَامِ عَنِ الْمَرِيضِ وَفَرْضُ الثَّوْبِ عَنِ الْعَارِي، وَنَظِيرُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ تَحِيضُ إِلَّا بِخِمَارٍ، وَيُجْزِيهَا عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ تَجِدْ ثَوْبًا أَنْ تُصَلِّيَ عُرْيَانَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالطَّهَارَةِ وَالِاسْتِتَارِ مَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَمَرُهُ بِالصَّلَاةِ احْتِيَاطًا وَيَكُونُ فَرْضُهُ الَّذِي يُؤَدِّيهِ إِذَا وَجَدَ إِلَى الطَّهَارَةِ سَبِيلًا مَعَ أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ فِي حَدِيثٍ

534 - حُدِّثْتُهُ عَنْ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهَا رِجَالًا فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً وَلَمْ يَكُونُوا عَلَى وُضُوءٍ فَصَلُّوا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا قَوْلُهُ: صَلُّوا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَقَدْ حَفِظَهُ عَبْدَةُ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِهِ، -[47]- فَفِيهٍ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ لِأَنَّ فَرْضَ أُولَئِكَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ كَانَ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ فَإِذَا كَانُوا صَلُّوا فِي تِلْكَ الْحَالِ بِغَيْرِ طَهُورٍ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْإِعَادَةِ كَانَ كَذَلِكَ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِمْ وَقَدْ أَعْوَزَهُ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ فَصَلَّى فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ هَذَا إِذَا كَانَ الْحَرْفُ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَبْدَةَ مَحْفُوظًا

ذكر صفة التيمم قال الله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه اختلف أهل العلم في كيفية التيمم فقالت طائفة: يبلغ به الوجه واليدين إلى الآباط هكذا قال الزهري ومن حجة الزهري حديثه الذي حدث به عن عبيد الله عن عمار

ذِكْرُ صِفَةِ التَّيَمُّمِ قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْلُغُ بِهِ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْآبَاطِ هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَمِنْ حُجَّةِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثُهُ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ عَمَّارٍ

535 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَنَّ عَمَّارًا كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ عَائِشَةُ فَهَلَكَ عِقْدُهَا فَاحْتَبَسَ النَّاسَ فِي ابْتِغَائِهِ حَتَّى أَصْبَحُوا وَلَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ، قَالَ عَمَّارٌ: فَقَامُوا فَمَسَحُوا فَضَرَبُوا أَيْدِيَهُمْ فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ ثُمَّ عَادُوا فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ ثَانِيَةً فَمَسَحُوا بِهَا أَيْدِيَهُمْ إِلَى الْإِبِطَيْنِ أَوْ قَالَ إِلَى الْمَنَاكِبِ

536 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: تَيَمَّمْنَا إِلَى الْمَنَاكِبِ، -[48]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَالِمٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَسُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: ضَرْبَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ

537 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَيَمَّمَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى التُّرَابِ وَمَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ مِنَ التُّرَابِ

538 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ -[49]- اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ

539 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أنا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَتَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ فَقَالَ: أَحْسَبُكَ تَحَوَّلْتَ حِمَارًا ثُمَّ وَضَعَ جَابِرٌ يَدَيْهِ فِي الْأَرْضِ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ وَضَعَهُمَا فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَحَادِيثُ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ

540 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَاجَةٍ فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ يَوْمَئِذٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ، قَالَ: فَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ حَتَّى ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ "

وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ -[50]- الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي الصِّمَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ 541 - الرَّبِيعُ أَخْبَرَنِي عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،

وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثٌ رَوَاهُ الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَسْلَعَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَقَالَ: يَا أَسْلَعُ قُمْ فَارْحَلْ لِي، فَقُلْتُ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَسَكَتَ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَأَرَانِي التَّيَمُّمَ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهُمَا فَمَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ثَانِيَةً فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا 542 - حُدِّثْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الرَّبِيعِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ

543 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ فِي التَّيَمُّمِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَالشَّعْبِيِّ -[51]- وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالنَّخَعِيِّ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ بِحُجَجٍ فَأَعْلَى مَا احْتَجَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ

544 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ أَنَّهُ أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فَقَالَ عَمَّارٌ: إِنَّا كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ وَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالتُّرَابِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَذَا، فَضَرَبَ عَمَّارٌ بِيَدَيْهِ وَنَفَخَ فِيهِمَا وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَظَهْرَ كَفَّيْهِ

545 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا أَبَانُ الْعَطَّارُ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ عَمَّارٍ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اخْتِلَافِ -[52]- أَفْعَالِهِمْ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعَلِّمَهُمْ صِفَةَ التَّيَمُّمِ مِمَّا فَعَلُوهُ عِنْدَ نُزُولُ الْآيَةِ احْتِيَاطًا قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعَلِّمَهُمْ صِفَةَ التَّيَمُّمِ فَلَمَّا جَاءُوهُ عَلَّمَهُمْ فَقَالَ لِعَمَّارٍ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَذَا، وَفِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَذَا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ عَمَّارًا عَلَّمَهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وِلَايَتِهِ أَيَّامَ عُمَرَ عَلَى الْكُوفَةِ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ

546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: وَضَعَ عَمَّارٌ كَفَّيْهِ فِي التُّرَابِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا فَنَفَضَهُمَا فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ

547 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّارًا، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: التَّيَمُّمُ هَكَذَا وَضَرَبَ ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَمِمَّا احْتَجَّتْ بِهِ هَذِهِ الْفِرْقَةُ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يَمْسَحَ بِوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَثَبَتَ فَرْضُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَلَا يَجِبُ الْفَرْضُ بِاخْتِلَافٍ وَلَا حُجَّةَ مَعَ قَائِلِهِ وَفِي تَعْلِيمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْحَابَهُ صِفَةَ التَّيَمُّمِ دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَى مَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللهِ مَعْنَى مَا -[53]- أَرَادَ، قَالَ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَقَدْ بَيَّنَ لَمَّا قَالَ لِعَمَّارٍ: إِنَّمَا يَكْفِيكَ هَذَا، أَنَّ الَّذِي فَرَضَ اللهُ مَسَحَ الْوَجْهَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ، وَقَدِ احْتَجَّ مَكْحُولٌ بِحُجَّةٍ أُخْرَى قَالَ: لَمَّا قَالَ تَعَالَى فِي الْوُضُوءِ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] وَقَالَ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43] وَلَمْ يَسْتَثْنِ إِلَى الْمَرَافِقِ ثُمَّ قَالَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] قَالَ مَكْحُولٌ: فَإِنَّمَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ الْكَفُ مِنَ الْمِفْصَلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا مَعَانِيَ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ تَيَمُّمِهِمْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْلِيمِهِ إِيَّاهُمْ، فَأَمَّا الْأَخْبَارُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ رَأَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَيْنِ ضَرْبَةً لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةً لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَمَعْلُولَةٌ كُلُّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَمِنْهَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ دَفَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَدِيثَهُ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الضَّرْبَتَيْنِ، يُضَعَّفُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّيَمُّمِ خَالَفَهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ -[54]- ابْنِ عُمَرَ فَعَلَهُ. فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً لِضَعْفِ مُحَمَّدٍ فِي نَفْسِهِ وَمُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ لَهُ حَيْثُ جَعَلُوهُ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى فَقَدْ دَفَعَهُ جَمَاعَةٌ، نَهَى عَنْهُ مَالِكٌ وَشَهِدَ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَابْنُ مَرْيَمَ بِالْكَذِبِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: كُنَّا نَتَّهِمُهُ بِالْكَذِبِ، وَتَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، قَالَ: كَانَ يَأْخُذُ حَدِيثَ النَّاسِ فَيَجْعَلُهُ فِي كُتُبِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ بِثِقَةٍ كَذَّابٌ رَافِضٌ. وَقَدْ كَثُرَ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَخْبَارَهُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ مَعَ بَاقِي مَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْكَلَامِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ فَهُوَ إِسْنَادٌ مَجْهُولٌ لِأَنَّ الرَّبِيعَ لَا يُعْرَفُ بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَلَا أَبُوهُ وَلَا جَدُّهُ، وَالْأَسْلَعُ غَيْرُ مَعْرُوفٌ، فَالِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَسْقُطُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

ذكر نفخ الكفين من التراب عند التيمم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضرب بيده الأرض للتيمم ثم نفخ فيها

ذِكْرُ نَفْخِ الْكَفَّيْنِ مِنَ التُّرَابِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ لِلتَّيَمُّمِ ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا

548 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، أنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَذَا، وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ أَدْنَاهُمَا إِلَى فِيهِ فَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي نَفْضِ الْيَدَيْنِ أَوِ النَّفْخِ فِيهِمَا إِذَا ضَرَبَ بِهِمَا الْأَرْضَ لِلتَّيَمُّمِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُنْفِضُهُمَا كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ يُنْفِضُهُمَا نَفْضًا خَفِيفًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا عَلَقَهُمَا شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْغُبَارِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْفُضَ مِنْهُ إِذَا بَقِيَ فِي يَدِهِ غُبَارٌ يَمَاسُّ الْوَجْهَ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي نَفْضِ الْيَدَيْنِ: لَا يَضُرُّهُ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ إِسْحَاقُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَنْفُضُهُمَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَمَا قَالَ أَحْمَدُ أَقُولُ، غَيْرَ أَنَّ النَّفْخَ فِي الْيَدَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَخَ فِيهِمَا

549 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَيَمَّمَ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى التُّرَابِ ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ

ذكر المتيمم يبقى عليه من وجهه شيء لم يصبه غبار واختلفوا في المتيمم يبقى عليه من وجهه شيء لم يصبه الغبار فقالت طائفة: لا يجزيه إلا أن يأتي بالغبار على ما يأتي عليه الوضوء من وجهه ويديه إلى المرفقين فإن ترك من هذا شيئا لم يمر عليه التراب قل أو كثر فصلى

ذِكْرُ الْمُتَيَمِّمِ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ وَجْهِهِ شَيْءٌ لَمْ يُصِبْهُ غُبَارٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَيَمِّمِ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ وَجْهِهِ شَيْءٌ لَمْ يُصِبْهُ الْغُبَارُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْغُبَارِ عَلَى مَا يَأْتِي عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ قُلَّ أَوْ كَثُرَ فَصَلَّى قَبْلَ تَيَمُّمِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ الطَّرْفُ مِنْهُ أَوْ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ تَرَكَهُ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا قَبْلَ أَنْ يُعِيدَهُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ يُجْزِيهِ إِنْ لَمْ يُصِبْ بَعْضَ وَجْهِهِ أَوْ لِبَعْضِ كَفِّهِ هَذَا قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاؤُدَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ بِأُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ لَا يُجْزِيهِ فَإِنْ تَيَمَّمَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ يُجْزِيهِ

ذكر التيمم لكل صلاة واختلاف أهل العلم فيه اختلف أهل العلم في الرجل يصلي الصلاتين أو الصلوات بتيمم واحد فقالت طائفة: يتيمم لكل صلاة روي هذا القول عن علي وابن عمر وابن عباس والنخعي وقتادة والشعبي وبه قال ربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والليث والشافعي وأحمد

ذِكْرُ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي الصَّلَاتَيْنِ أَوِ الصَّلَوَاتِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ -[57]- وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

550 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: التَّيَمُّمُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

551 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا الْأَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

552 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ الْأُخْرَى

553 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، قَالَ: تُحْدِثُ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمَّمَا، قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ قَتَادَةُ يُفْتِي بِهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ الصَّلَوَاتِ مَا لَمْ يُحْدِثْ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ

554 - وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يُجْزِي الْمُتَيَمِّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا بِتَيَمُّمٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ يَتَيَمَّمُ وَصَلَّاهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَغَيْرُ ثَابِتٍ عَنْهُمَا وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَحْسَنُهَا إِسْنَادًا وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ مَا شَاءَ مِنَ الصَّلَوَاتِ أَنَّ الطَّهَارَةَ إِذَا كَمُلَتْ وَجَازَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ -[59]- بِهَا مَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا مَا شَاءَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ إِذْ لَيْسَ بَيْنَ طَهَارَتِهِ لِلْمَكْتُوبَةِ وَطَهَارَتِهِ لِلنَّافِلَةِ فَرْقٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ لَهُ إِذَا صَلَّى نَافِلَةً: أَنْتَ طَاهِرٌ وَيُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ فَالَّذِينَ خُوطِبُوا بِالتَّيَمُّمِ فِي قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] الْآيَةَ: الْمُحْدِثُونَ الَّذِينَ خُوطِبُوا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ طَاهِرًا فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ الطَّهَارَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ نَقْضُهَا إِلَّا بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْأَحْدَاثَ الَّتِي تَنْقُضُ طَهَارَةَ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمَاءِ تَنْقُضُ طَهَارَةَ الْمُتَوَضِّئِ بِالصَّعِيدِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ طَهَارَتَهُ تَنْتَقِضُ فَوَجَبَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ لِإِجْمَاعِهِمْ إِلَّا حَرْفٌ شَاذٌّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ لَا مَعْنَى لَهُ

التيمم للصلاة النافلة ولسجود القرآن والشكر اختلف أهل العلم في التيمم لصلاة النافلة ولسجود القرآن فقالت طائفة: له أن يتيمم ويصلي نافلة هذا قول عطاء ومكحول والزهري وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والشافعي والثوري وأصحاب الرأي ويتيمم ويقرأ حزبه من القرآن ويسجد

التَّيَمُّمُ لِلصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَلِسُجُودِ الْقُرْآنِ وَالشُّكْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَلِسُجُودِ الْقُرْآنِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ نَافِلَةً هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ -[60]- وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَيَتَيَمَّمُ وَيَقْرَأُ حِزْبَهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَسْجُدُ سُجُودَ الْقُرْآنِ وَيَسْجُدُ لِلشُّكْرِ وَقَالَ أَحْمَدُ: يَتَيَمَّمُ وَيَقْرَأُ حِزْبَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَيَمَّمَ إِلَّا لِمَكْتُوبَةٍ هَذَا قَوْلُ أَبِي مَخْرَمَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَكَرِهَ الْأَوْزَاعِيُّ أَنْ يَمَسَّ الْمُتَيَمِّمُ مُصْحَفًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَتِ السُّنَّةُ وَمَا لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ يُوجِبُ أَنَّ التَّيَمُّمَ فِي مَوْضِعِهِ طَهَارَةٌ لِلنَّوَافِلِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَبْوَابِ الطَّهَارَاتِ

ذكر المتيمم يصلي النوافل قبل المكتوبات وبعدها واختلفوا في المتيمم يصلي النوافل قبل الصلاة المكتوبة فقالت طائفة: لا يتنفل قبل المكتوبة ويتنفل بعدها فإن تنفل قبلها انتقض تيممه هذا قول مالك وفيه قول ثان وهو: أن له أن يتنفل قبل المكتوبة وبعدها هذا قول

ذِكْرُ الْمُتَيَمِّمِ يُصَلِّي النَّوَافِلَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَيَمِّمِ يُصَلِّي النَّوَافِلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَيَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا فَإِنْ تَنَفَّلَ قَبْلَهَا انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر تيمم المسافر في أول الوقت أجمع أهل العلم على أن من تطهر بالماء للصلاة قبل دخول وقتها أن طهارته كاملة وله أن يصلي بها ما لم يحدث واختلفوا في الوقت الذي يجزي للمسافر أن يتيمم فيه فقالت طائفة: لمن لا يجد الماء أن يتيمم في أول الوقت ويصلي هذا قول

ذِكْرُ تَيَمُّمِ الْمُسَافِرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا أَنَّ طَهَارَتَهُ كَامِلَةٌ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا مَا لَمْ يُحْدِثْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُجْزِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُصَلِّيَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهَا وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَتَيَمَّمُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَمَعٌ فِي وُجُودِ الْمَاءِ مِنْ قَرِيبٍ

555 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَتَلَوَّمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسُفْيَانُ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ -[62]- وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَتَيَمَّمُ حَتَّى يَخَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ لَا يَرْجُو أَنْ يُصِيبَ فِيهِ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى مَا كَانَ يُصَلِّي لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: أَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ وَسِعَهُ وَقَدْ ثَبُتَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَرَّسَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ قَرِيبًا مِنْ بَعْضِ الْمِيَاهِ فَاحْتَلَمَ فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أَتَرُونَا نُدْرِكُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَدْرَكَ الْمَاءَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى

556 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حَاطِبٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ عُمَرَ وَأَنَّ عُمَرَ عَرَّسَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ قَرِيبًا مِنْ بَعْضِ الْمِيَاهِ، فَذَكَرَهُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَكَانَ الرَّفْعُ حَتَّى أَدْرَكَ الْمَاءَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى

557 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى، ثنا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْجُنُبِ لَا يَجِدُ الْمَاءَ قَالَ: يَتَلَوَّمُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ اغْتَسَلَ وَلَمْ يُعِدْ مَا مَضَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ إِلَّا صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ -[63]- وَفِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ بَيْنَ مِنْ يَتَطَهَّرُ بِالْمَاءِ أَوِ بِالتُّرَابِ فَكُلُّ مُصَلٍّ بِأَيِّ طَهَارَةٍ صَلَّاهَا دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا مَا اسْتَثْنَتْهُ السُّنَّةُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ

إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء قبل خروج الوقت أجمع أهل العلم على أن من تيمم صعيدا طيبا كما أمر الله وصلى ثم وجد الماء بعد خروج وقت الصلاة لا إعادة عليه واختلفوا فيمن صلى بالتيمم ثم وجد الماء قبل خروج الوقت فقالت طائفة: يعيد الصلاة هذا قول عطاء، وطاوس،

إِذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ صَعِيدًا طَيِّبًا كَمَا أَمَرَ اللهُ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْقَاسِمِ، وَمَكْحُولٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ، وَاسْتَحَبَّ الْأَوْزَاعِيُّ إِعَادَتَهَا وَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ -[64]- وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ فَرَوَى يُونُسُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَرَوَى يَزِيدُ التُّسْتَرِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ اغْتَسَلَ وَأَعَادَ وَإِلَّا فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يُعِدْ

558 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ تَيَمَّمَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى رَأْسٍ يَعْنِي مِيلًا أَوْ مِيلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَصَلَّى الْعَصْرَ فَقَدِمَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ -[65]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ وَقَدْ أَدَّى هَذَا فَرْضَهُ كَمَا أُمِرَ فَمَنِ ادَّعَى نَقْضَ ذَلِكَ وَإِيجَابَ الْإِعَادَةَ عَلَيْهِ فَلْيَأْتِ بِحُجَّةٍ وَلَا حُجَّةَ نَعْلَمُهَا مَعَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَالِسًا لِعِلَّةٍ ثُمَّ أَفَاقَ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا لَا يَقْدِرُ عَلَى ثَوْبٍ ثُمَّ وَجَدَ الثَّوْبَ فِي الْوَقْتِ وَبَيْنَ مَنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ

ذكر المتيمم يجد الماء بعد أن يدخل في الصلاة أجمع عوام أهل العلم على أن من تيمم ثم وجد الماء قبل دخوله في الصلاة أن طهارته تنقض وعليه أن يتطهر ويصلي إلا حرف روي عن أبي سلمة فإنه فيما بلغني عنه أنه قال في الجنب يتيمم ثم يجد الماء قال: لا يغتسل واختلفوا

ذِكْرُ الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ طَهَارَتَهُ تُنْقَضُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيُصَلِّيَ إِلَّا حَرْفٌ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فَإِنَّهُ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ ثُمَّ يَجِدُ الْمَاءَ قَالَ: لَا يَغْتَسِلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَيَمَّمَ فَدَخَلَ الصَّلَاةَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَيُتِمُّهَا وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ

وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: أَعْجَبُ إِلَيَّ إِلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْصَرِفُ فَيَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ وَقَدْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ فَيَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَفِي قَوْلِ يَعْقُوبَ وَمُحَمَّدٍ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ إِذَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ قَوْلًا ثَالِثًا سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ رَجُلٍ تَيَمَّمَ وَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَالَ: يَنْصَرِفُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُضِيفُ إِلَى رَكْعَتِهِ الَّتِي صَلَّى رَكْعَةً فَتَكُونَا لَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْمَكْتُوبَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: جَعَلَ اللهُ لِلطَّهَارَةِ وَقْتًا وَجَعَلَ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا غَيْرَهُ فَوَقْتُ الطَّهَارَةِ هُوَ وَقْتُ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَوَقْتُ الصَّلَاةِ هُوَ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي أَدَائِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَعَبَّدٍ بِفَرْضِ الطَّهَارَةِ إِذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الصَّلَاةَ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طَهَارَتِهَا فَإِذَا تَيَمَّمَ كَمَا أُمِرَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَإِذَا كَبَّرَ فَقَدْ دَخَلَ فِي فَرْضِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ طَهَارَةٍ قَدْ مَضَى وَقْتُهَا وَإِبْطَالُ مَا صَلَّى مِنَ الصَّلَاةِ كَمَا فُرِضَ عَلَيْهِ وَأُمِرَ بِهِ إِلَّا بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ

ذكر إمامة المتيمم المتوضئين أجمع أهل العلم أن لمن تطهر بالماء أن يؤم المتيممين واختلفوا في إمامة المتيمم المتطهرين بالماء فقالت طائفة: ذلك جائز إذ لا فرق بين الطهارتين في أن كل واحد منهما طهارة كاملة وفعل ذلك ابن عباس وهو جنب متيمم وخلفه عمار بن ياسر في

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمُتَيَمِّمِ الْمُتَوَضِّئِينَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِمَنْ تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ أَنْ يَؤُمَّ الْمُتَيَمِّمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الْمُتَيَمِّمِ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ جُنُبٌ مُتَيَمِّمٌ وَخَلْفَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَحَمَّادٌ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالنُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ -[68]- وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَؤُمَّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئَ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ

559 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَفْصٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُتَيَمِّمُ بِالْمُتَوَضِّئِ

560 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فِيهِمْ عَمَّارٌ وَكَانُوا يُقَدِّمُونَهُ يُصَلِّي بِهِمْ لِقَرَابَتِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ مُتَيَمِّمٌ "

561 - حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَاضِي الْأَنْدَلُسِ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَتِ ابْنَ عُمَرَ جَنَابَةٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَاءٍ فَتَيَمَّمَ وَأَمَرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ بِهِمْ وَكَانَ مَاءٌ مَعَنَا وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: إِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ جَاءَ مِنَ الْغَائِطِ لَمْ يَؤُمَّ أَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانَ إِمَامَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي الْجَنَابَةِ مِثْلَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: -[69]- لَا يَؤُمُّهُمْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا قَالَ: لَا يَؤُمُّهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي التَّيَمُّمِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمِيرًا مُؤَمَّرًا فَإِنْ كَانَتْ إِمَامَتُهُ عَلَى غَيْرِ تَأْمِيرٍ أَمَّهُمُ الْمُتَوَضِّئُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَؤُمُّهُمُ الْمُتَيَمِّمُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ لَا يَثْبُتُ وَلَوْ ثَبَتَ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ أَجْزَأَهُ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ

ذكر الرجل يصيبه الجنابة فلم يعلم بها فتيمم يريد به الوضوء وصلى ثم علم بالجنابة بعد ذلك اختلف أهل العلم في هذه المسألة فقالت طائفة: لا يجزيه وعليه أن يتيمم ويعيد الصلاة لأن تيممه كان للوضوء لا للغسل هذا قول مالك وأبي ثور وقالت طائفة: يجزيه لأنه لو ذكر

ذِكْرُ الرَّجُلِ يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَتَيَمَّمَ يُرِيدُ بِهِ الْوُضُوءَ وَصَلَّى ثُمَّ عَلِمَ بِالْجَنَابَةِ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ كَانَ لِلْوُضُوءِ لَا لِلْغُسْلِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الْجَنَابَةَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ التَّيَمُّمِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ صَاحِبُ مَالِكٍ -[70]- قَالَ: لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ جُعِلَ حَدًّا وَاحِدًا بَدَلَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَجَمِيعًا فَرِيضَةٌ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ

ذكر تيمم من خشي أن تفوته الصلاة على الجنازة اختلف أهل العلم في الحاضر تحضره الجنازة وهو على غير طهارة فقالت طائفة يتيمم ويصلي عليها روينا هذا القول عن ابن عمر وابن عباس

ذِكْرُ تَيَمُّمِ مَنْ خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَاضِرِ تَحْضُرُهُ الْجَنَازَةُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي عَلَيْهَا رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ

562 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، ثنا الْمُعَافَى، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الرَّجُلِ تَفْجَؤُهُ الْجَنَازَةُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، قَالَ: يَتَيَمَّمُ

563 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى عَلَيْهَا وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، -[71]- وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَسُفْيَانُ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، كَذَا قَالُوا فِي الْجَنَازَةِ وَالْعِيدِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْعِيدِ مِثْلَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَتَيَمَّمُ لِلْجَنَازَةِ فِي الْمِصْرِ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَحْدَثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَخَافَ فَوْتَهَا أَنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ فَإِذَا كَانَ هَذَا مِنَ الْقَوْمِ إِجْمَاعًا لِوُجُودِ الْمَاءِ كَانَ كُلُّ مُحْدِثٍ فِي مَوْضِعٍ يَجِدُ فِيهِ الْمَاءَ مِثْلَهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الشَّعْبِيُّ قَالَ: يُصَلِّي عَلَيْهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الثَّانِي أَقُولُ

ذكر من نسي ماء معه وتيمم ثم تذكر الماء بعد الصلاة واختلفوا فيمن كان معه ماء فنسيه ثم ذكره بعد أن صلى فقالت طائفة: يعيد ما كان في الوقت فإذا فات الوقت لم يعد، هكذا قال مالك، وأجازت طائفة صلاته وقالت: نسيانه كالعدم كذلك قال أبو ثور وذكر هذا القول أبو

ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ مَاءً مَعَهُ وَتَيَمَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَنَسِيَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ فَإِذَا فَاتَ الْوَقْتُ لَمْ يُعِدْ، هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ صَلَاتَهُ وَقَالَتْ: نِسْيَانُهُ كَالْعَدَمِ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النُّعْمَانِ وَمُحَمَّدٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِمِصْرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ فِي رَحْلِهِ مَاءٌ فَأَخْطَأَ رَحْلَهُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي النَّاسِي مَاءً فِي رَحْلِهِ لَا يُجْزِيهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي النَّاسِي أَخْشَى أَنْ لَا يُجْزِيَهُ هَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَعَلَ بَعْضُ مَنْ يَرَى عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَسِيَ الْحَدَثَ فَصَلَّى، وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْمُحْدِثَ مَأْمُورٌ بِطَلَبِ الْمَاءِ فَإِنْ عَدِمَهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَالصَّائِمُ مَأْمُورٌ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ وَلَا يَشْرَبَ فَإِنْ نَسِيَ الصَّائِمُ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ نَسِيَ مَاءً فِي رَحْلِهِ وَبَيْنَ مَنْ أَخْطَأَ رَحْلَهُ إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحَالٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ بِخَطَأٍ أَوْ نِسْيَانٍ

ذكر المتيمم يمر بالماء قال أبو بكر: إذا تيمم الرجل للمكتوبة أول الوقت وذلك بعد أن طلب الماء فلم يجده ثم مر بالماء فلم يتوضأ ثم صار إلى مكان لا ماء به فعليه أن يعيد التيمم ولا يجزيه غير ذلك لأنه حين وصل إلى الماء انتقضت طهارته وهذا قول سفيان والشافعي

ذِكْرُ الْمُتَيَمِّمِ يَمُرُّ بِالْمَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا تَيَمَّمَ الرَّجُلُ لِلْمَكْتُوبَةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ مَرَّ بِالْمَاءِ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَارَ إِلَى مَكَانٍ لَا مَاءَ بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ التَّيَمُّمَ وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ وَصَلَ إِلَى الْمَاءِ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَمُرُّ بِالْمَاءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ ثُمَّ تُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِنْ مَرَّ بِالْمَاءِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ سَيُدْرِكُ الْمَاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَعْرِفُهُ ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَإِنْ مَرَّ بِالْمَاءِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَاءً وَتَرَكَ الْوُضُوءَ ثُمَّ تُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ ثُمَّ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ يَتَوَضَّأُ وَأَعَادَ مَا صَلَّى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ مُسِيءٌ حَيْثُ عَمَدَ تَرْكَ الْوُضُوءِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَا مَاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر مسائل من باب التيمم واختلفوا فيمن تيمم ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام، فقال أصحاب الرأي هو على تيممه ما لم يجد الماء أو يحدث، وكذلك لو توضأ ثم ارتد ثم أسلم ولو توضأ النصراني أو اغتسل ثم أسلم فهو على وضوئه وغسله، وإن تيمم ثم أسلم لم يجزه لأن التيمم لا

ذِكْرُ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ التَّيَمُّمِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ هُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ مَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَوْ يُحْدِثْ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَوْ تَوَضَّأَ النَّصْرَانِيُّ أَوِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ، وَإِنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِنِيَّةٍ، هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُجْزِيهِ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَتَيَمَّمَ، وَإِنِ اغْتَسَلَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] الْآيَةَ وَكَانَ النُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُ مَاءٌ قَدْرَ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ قَالُوا: يَغْسِلُ بِذَلِكَ الْمَاءِ الدَّمَ وَيَتَيَمَّمُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَحَكَى النُّعْمَانُ عَنْ حَمَّادٍ أَنَّهُ قَالَ: يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْسِلُ الدَّمَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَغْسِلُ الدَّمَ وَيَتَيَمَّمُ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَلَا مَاءَ مَعَهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُهُ بِتُرَابٍ وَيُصَلِّي، هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ بِمِصْرَ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُجْزِي مِنْ نَجَاسَةٍ تَكُونُ عَلَى الْبَدَنِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا لَبِسَ الْمُتَيَمِّمُ خُفَّيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَخْلَعُ خُفَّيْهِ وَيَتَوَضَّأُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَأَدْخَلَهُمَا مَغْسُولَتَيْنِ بِالْمَاءِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ قَائِلٍ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

كتاب الاغتسال من الجنابة

كِتَابُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ

ذكر إسقاط الاغتسال عمن جامع إذا لم ينزل وإيجاب غسل ما مس المرأة منه

ذِكْرُ إِسْقَاطِ الِاغْتِسَالِ عَمَّنْ جَامَعَ إِذَا لَمْ يُنْزِلْ وَإِيجَابِ غَسْلِ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ

564 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا جَامِعَ أَحَدُنَا فَأَكْسَلَ وَلَمْ يُمْنِ فَلْيَغْسِلْ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ وَلْيَتَوَضَّأْ

565 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَعْجَلَ أَحَدُكُمْ أَوْ أَقْحَطَ فَلَا يَغْتَسِلْ قَوْلُهُ أَقْحَطَ لَا يُنْزِلُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَحَطَ الْمَطَرُ إِذَا انْقَطَعَ أَوْ قَلَّ، وَقَوْلُهُ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ أَيْ أَنَّ الْغُسْلَ مِنَ الْمَنِيِّ، وَقَوْلُهُ: أَكْسَلَ هُوَ أَنْ يُجَامِعَ فَيُدْرِكَهُ فُتُورٌ وَلَا يُنْزِلُ -[77]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا غُسْلَ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيٌّ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ: سَأَلْتُ خَمْسَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَكُلُّهُمْ قَالُوا: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ

566 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ إِسَافٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ لَهُ: الرَّجُلُ يَأْتِي أَهْلَهُ فَلَا يُنْزِلُ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ

567 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ

568 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ

569 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ -[78]- ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَأَعْجَزَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا يَغْتَسِلْ

570 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ خَمْسَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كُلُّهُمْ قَالُوا: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ

571 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ، أنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ ثُمَّ يَكْسَلُ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ فَقَالَ زَيْدٌ: يَغْتَسِلُ، قَالَ مَحْمُودٌ: فَقُلْتُ لِزَيْدٍ: إِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ لَا يَرَى عَلَيْهِ غُسْلًا، قَالَ: إِنَّ أُبَيًّا قَدْ نَزَلَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ

572 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَّهُ خَلَّفَ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَافِعٍ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَافِعًا كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا مِنْ أَجْلِ جِرَاحٍ كَانَ بِهَا لِئَلَّا تَغْتَسِلَ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَنَّ رَافِعًا كَانَ يَقُولُ لَهَا: أَنْتِ أَعْلَمُ يَقُولُ إِنْ أَنْزَلْتِ فَاغْتَسِلِي

573 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: تَعْزِلُ عَنِ امْرَأَةٍ، فَإِذَا لَمْ تُنْزِلْ لَمْ تَغْتَسِلْ

574 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا شُعْبَةُ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ نَافِعٍ، يُحَدِّثُ -[79]- عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِي أَيُّوبَ، فَحَدَّثْتُهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَانَ يَأْتِيهَا فَإِذَا لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَغْتَسِلْ، وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ الِاغْتِسَالَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَقَالَتْ: قَدْ كَانَ مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيٍّ وَغَيْرِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ أُمِرَ النَّاسُ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ

575 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مِنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ ابْنُ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيُّ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَفْتُونَ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةٌ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِيهَا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الِاغْتِسَالَ يَجِبُ إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ أَوْ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَشُرَيْحٌ وَعُبَيْدَةُ وَالشَّعْبِيُّ

576 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَائِشَةُ، وَالْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ: «إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ»

577 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ -[80]- بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا أَجِدُ أَحَدًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَغْتَسِلْ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِلَّا عَاقَبْتُهُ

578 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ

579 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَمَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالُوا: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ، قَالَ مَسْرُوقٌ: وَكَانَتْ أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ 580 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِذَا بَلَغْتُ ذَلِكَ اغْتَسَلْتُ، قَالَ سُفْيَانُ: وَالْجَمَاعَةُ عَلَى الْغُسْلِ

581 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا خَالَفَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ 582 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ، قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُهُ

583 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِذَا خَالَطْتُ أَهْلِي اغْتَسَلْتُ

584 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَحُمَيْدٌ، وَحَبِيبٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا غَشِيَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَقَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ اجْتَهَدَ بِهَا نَفْسَهُ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ

585 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَلَسْتُ أَعْلَمُ الْيَوْمَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتِلَافًا، وَكَذَلِكَ نَقُولُ لِلْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ

586 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ

587 - حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، -[82]- وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] الْآيَةَ فَكَانَ مَعْرُوفًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الْجَنَابَةَ الْجِمَاعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجِمَاعِ مَاءٌ دَافِقٌ وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي حَدِّ الزِّنَا وَإِيجَابِ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ

ذكر إيجاب الغسل من الاحتلام قال أبو بكر: دلت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بإيجاب الاغتسال على من احتلم

ذِكْرُ إِيجَابِ الْغُسْلِ مِنَ الِاحْتِلَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيجَابِ الِاغْتِسَالِ عَلَى مَنِ احْتَلَمَ

588 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِالِاحْتِلَامِ عَلِيٌّ وَذَرٌّ الْهَمْدَانِيُّ

589 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي الْمَنَامِ فَأَنْزَلَتِ الْمَاءَ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلَا أَعْلَمُ أَنِّي حَفِظْتُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا الْحَيْضُ عَلَى النِّسَاءِ وَالْحُلْمُ عَلَى الرِّجَالِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُولُ

ذكر النائم ينتبه فيجد بللا ولا يتذكر احتلاما أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا رأى في نومه أنه احتلم أو جامع ولم يجد بللا أنه لا غسل عليه

ذِكْرُ النَّائِمِ يَنْتَبِهُ فَيَجِدُ بَلَلًا وَلَا يَتَذَكَّرُ احْتِلَامًا أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ

590 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا رَأَى الرَّجُلُ أَنَّهُ نَكَحَ وَلَمْ يَجِدْ بِلَّةً فَلَا يَغْتَسِلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ رَأَى بِلَّةً وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلَامًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْتَسِلُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ

591 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الرَّجُلِ يَنَامُ وَيَقُومُ وَعَلَى طَرَفِ ذَكَرِهِ بَلَلٌ، قَالَ: يَغْتَسِلُ

592 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أنبا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ فَيَجِدُ الْبِلَّةَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَلَوْ وَجَدْتُ ذَلِكَ اغْتَسَلْتُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إِلَيَّ أَنْ يَغْتَسِلَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ أَبْرِدَةٌ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَغْتَسِلُ إِذَا كَانَتْ بِلَّةَ نُطْفَةٍ، وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ انْتَشَرَ إِلَى أَهْلِهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَوَجَدَ بِلَّةً فَهُوَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَغْتَسِلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ انْتَشَرَ إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ بِلَّةً فَلْيَغْتَسِلْ، وَقَوْلُ الْحَسَنِ هَذَا قَوْلٌ ثَانٍ، -[85]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَغْتَسِلُ حَتَّى يُوقِنَ بِالْمَاءِ الدَّافِقِ، هَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَالَ الْحَكَمُ: لَا يَغْتَسِلُ، وَقَالَ قَتَادَةُ إِذَا كَانَ مَاءً دَافِقًا اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ كَيْفَ يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: يَشُمُّهُ

593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ بَيْنَمَا أَنَا عَلَى رَاحِلَتِي وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ وَجَدْتُ شَهْوَةً وَانْكَسَرَتْ نَفْسِي فَخَرَجَ مِنِّي مَاءٌ بَلَّ حَاذَّيَّ وَمَا هُنَاكَ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اغْسِلْ فَرْجَكَ وَمَا أَصَابَكَ مِنْهُ وَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَأْمُرْنِي بِالْغُسْلِ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا وَجَدَ بِلَّةً لَا يَغْتَسِلُ إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْمَاءَ الدَّافِقَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا شَكَّ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غُسْلٌ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ الْإِنْزَالَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ.، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ

594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ نَافِعٍ، عَنْ -[86]- عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَنَا يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي النَّوْمِ وَلَا يَجِدُ بَلَلًا، قَالَ: لَا يَغْتَسِلُ، وَقَالَ: إِنْ وَجَدَ مَاءً وَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَلْيَغْتَسِلْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَبْدُ اللهِ كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يُضَعِّفُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ رَأَى بَلَلًا فَإِنْ أَيْقَنَ أَنَّهُ بِلَّةُ نُطْفَةٍ اغْتَسَلَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَذْيٌ أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْبِلَّةَ لَيْسَتْ بِبِلَّةِ نُطْفَةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ، وَالْأَحْوَطُ لَهُ إِذَا شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ بِلَّةُ نُطْفَةٍ أَوْ مَذْيٌ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا بِشَمٍّ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ فَعَلَ، فَإِنَّ رَائِحَةَ نُطْفَةِ الرَّجُلِ يُشْبِهُ رَائِحَةَ الطَّلْعِ مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَرْأَةَ دُونَ الْفَرْجِ فَيَدْخُلُ مِنْ مَائِهِ فِي فَرْجِهَا قَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهَا الْغُسْلُ، قَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَالزُّهْرِيُّ كَذَلِكَ، -[87]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَجِدُ دَلَالَةً أُوجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلَ؛ لِدُخُولِ مَاءِ الرَّجُلِ فِي فَرْجِهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِهَا مَاءُ الرَّجُلِ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: تَتَوَضَّأُ، وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: تَغْتَسِلُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَتَوَضَّأُ

ذكر الرخصة في نوم الجنب

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي نَوْمِ الْجُنُبِ

595 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ بُرْدِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ وَيَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً

ذكر وضوء الجنب إذا أراد النوم

ذِكْرُ وُضُوءِ الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ

596 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ يَنَامُ أَحَدُنَا أَوْ يَطْعَمُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الَّذِي يُرِيدُ النَّوْمَ وَهُوَ جُنُبٌ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَالنَّخَعِيُّ -[89]- وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

598 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا مُحَاضِرٌ، ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ جَنَابَةٌ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَغْتَسِلْ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُصَابُ فِي مَنَامِهِ

599 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: «إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُلَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»

600 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ جَنَابَةٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ

601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: الْجُنُبُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُلَ فَلْيَتَوَضَّأْ

602 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنبا أَبُو حَمْزَةَ الْأَسَدِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عَنِ الْجُنُبِ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، أَوْ يَطْعَمَ قَالَ: فَلْيَتَوَضَّأْ -[90]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إِلَّا غَسْلَ قَدَمَيْهِ وَذَلِكَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ

603 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ صَبَّ عَلَى يَدِهِ مَاءً ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ الشِّمَالِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الَّتِي غَسَلَ بِهَا فَرْجَهُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ وَنَضَحَ فِي عَيْنَيْهِ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ نَامَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ شَيْئًا وَهُوَ جُنُبٌ فَعَلَ ذَلِكَ

604 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَجْنَبَ فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ غَسَلَ كَفَّيْهِ وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَلَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إِنْ شَاءَ الْجُنُبُ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِنْ شَاءَ تَوَضَّأَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَمَضْمَضَ ثُمَّ يَأْكُلُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، وَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي قَوْلِهِ: يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي يَتَوَضَّؤُهُ مَنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَهُوَ جُنُبٌ وُضُوءٌ كَامِلٌ تَامٌّ وُضُوءٌ لَوْ لَمْ -[91]- يَكُنْ جُنُبًا كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِسْنَادِهِ

605 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ جُنُبًا لَا يَمَسُّ مَاءً، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي، وَقَالَ: هُوَ وَهْمٌ يَعْنِي حَدِيثَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ

6 - ذِكْرُ وُضُوءِ الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ

606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثنا أَبُو أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُنُبِ هَلْ يَنَامُ أَوْ يَأْكُلُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي بَابِ ذِكْرِ وُضُوءِ الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ -[92]- النَّوْمَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو

607 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أَوْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

608 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، أَوْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

609 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ خَلِيفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: آكُلُ وَأَنَا جُنُبٌ، قَالَ: تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إِلَّا غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ

610 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ طَعِمَ أَوْ نَامَ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى غَسْلِ كَفَّيْهِ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ

611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنْ حِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَجْنَبَ فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ مَاءً لَمْ يَزِدْ عَلَى غَسْلِ كَفَّيْهِ وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: يَغْسِلُ كَفَّيْهِ وَيُمَضْمِضُ ثُمَّ يَأْكُلُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ الْجُنُبُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِذَا كَانَ الْأَذَى قَدْ أَصَابَهُمَا، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يَغْسِلُ يَدَهُ وَفَاهُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ يَغْسِلُ يَدَهُ وَيُمَضْمِضُ ثُمَّ يَأْكُلُ، وَلَا يَضُرُّهُ إِنْ كَانَتْ يَدَاهُ نَظِيفَتَيْنِ أَنْ يَأْكُلَ وَلَمْ يَغْسِلْهُمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُحِبُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ فَرْجِهِ وَتَمَضْمَضَ طَعِمَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْسِلَ كَفَّيْهِ إِنْ كَانَ بِهِمَا أَذًى

612 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَمَضْمَضَ ثُمَّ طَعِمَ

إباحة وطء الرجل أزواجه في غسل واحد

إِبَاحَةُ وَطْءِ الرَّجُلِ أَزْوَاجَهُ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ

613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، وَإِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ

614 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ جَمَعَ، وَرُبَّمَا قَالَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ

615 - وَحَدَّثُونَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيِّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَعُودَ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْغُسْلَ ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا جَامِعَ وَاحِدَةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ

616 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ بَنَى عَلِيٌّ فَسَأَلْتُ عُمَرَ فَقَالَ: -[95]- إِذَا جَامَعْتَ ثُمَّ أَرَدْتَ أَنْ تَعُودَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ

617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنا حُصَيْنٌ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْجُنُبِ، فَقَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، أَوْ يَطْعَمَ أَوْ يُعَاوِدَ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنْ تَوَضَّأَ أَعْجَبُ إِلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ فَرْجِهِ إِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ تَوَضَّأَ مَنْ يُرِيدُ الْعَوْدَ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ وَلَيْسَ لِلْوُضُوءِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ ذِكْرٌ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيْنِ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي إِسْنَادِهِمَا مَقَالٌ وَقَدْ ذَكَرْتُهُمَا مَعَ عِلَّتِهِمَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

ذكر قراءة الجنب والحائض القرآن اختلف أهل العلم في قراءة الجنب والحائض القرآن فكرهت طائفة أن يقرأ الجنب شيئا من القرآن وممن روي عنه أنه كره ذلك عمر وعلي والحسن وإبراهيم والزهري وقتادة، وروي عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن المرأة الحائض والنفساء هل تقرأ

ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْقُرْآنَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْقُرْآنَ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ هَلْ تَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَا

618 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ دَاسَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبيدة، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ

619 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا خَلَفٌ، أنا خَالِدٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ أَبِي الْغَرِيفِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَأَمَّا إِذَا كَانَ جُنُبًا فَلَا يَقْرَأِ الْقُرْآنَ وَلَا حَرْفًا

620 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَامِرٍ السَّعْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْغَرِيفِ الْهَمْدَانِيَّ، يَقُولُ: شَهِدْتُ عَلِيًّا بَالَ ثُمَّ قَالَ: اقْرَأِ الْقُرْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُكُمْ جُنُبًا فَإِذَا كَانَ جُنُبًا فَلَا وَلَا حَرْفًا وَاحِدًا

621 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرًا عَنِ الْمَرْأَةَ الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، هَلْ تَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: لَا. وَقَالَ عُبَيْدَةُ: الْجُنُبُ مِثْلُ الْحَائِضِ وَقَالَ عَطَاءٌ: الْحَائِضُ لَا تَقْرَأُ شَيْئًا وَالْجُنُبُ الْآيَةُ يُنْفِذُهَا وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَإِبْرَاهِيمُ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ: الْحَائِضُ لَا تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: الْحَائِضُ لَا تَتِمُّ الْآيَةَ، وَاخْتَلَفَ فِي قِرَاءَةِ الْحَائِضِ عَنِ الشَّافِعِيِّ فَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ، وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ وَلَا يَحْمِلَانِ الْمُصْحَفَ. وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ أَنْ تَقْرَأَ الْحَائِضُ وَذَكَرَ الْجُنُبَ فَقَالَ: أَمَّا حَدِيثُ -[98]- عَلِيٍّ فَقَالَ: وَلَا حَرْفَ، الْأَثْرَمُ عَنْهُ. وَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَقْرَأُ طَرَفَ الْآيَةِ وَالشَّيْءَ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ الْقُرْآنَ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ لِلْجُنُبِ فِي الْقُرْآنِ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وِرْدَهُ وَهُوَ جُنُبٌ

622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، مِنْ بَنِي عَبَّابٍ النَّاجِيِّ قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَا فِي جَوْفِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

623 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، أنا بَقِيَّةُ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُكْمِلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا

624 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مَحْمُودِ بْنِ آدَمَ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُسَيْنُ يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وِرْدَهُ وَهُوَ جُنُبٌ

625 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا أَبُو غَانِمٍ وَهُوَ يُونُسُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: دَخَلْتَ عَلَيَّ وَقَدْ قَرَأْتُ سُبُعَ الْقُرْآنِ وَأَنَا جُنُبٌ -[99]- وَكَانَ عِكْرِمَةُ لَا يَرَى بَأْسًا لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ، وَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَيَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَلَيْسَ فِي جَوْفِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ إِلَّا أَنْ يَتَعَوَّذَ بِالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ عِنْدَ مَنَامِهِ وَلَا يَدْخُلِ الْمَسْجِدَ إِلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا آيَةَ الرُّكُوبِ إِذَا رَكِبَ قَالَ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] إِلَى قَوْلِهِ {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14] وَآيَةَ النُّزُولِ {رَبِّ أَنْزَلَنِي مُنْزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: 29] وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ كَرِهَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى يَغْتَسِلَ، قَالَ: وَقَدْ أُرْخِصَ فِي الشَّيْءِ الْخَفِيفِ مِثْلِ الْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ يَتَعَوَّذُ بِهِمَا وَأَمَّا الْحَائِضُ وَمَنْ سِوَاهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ لِأَنَّ أَمْرَهَا يَطُولُ فَلَا تَدَعِ الْقُرْآنَ وَالْجُنُبُ لَيْسَ كَحَالِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ الَّذِينَ كَرِهُوا لِلْجُنُبِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ

626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي الْحَاجَةَ ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ عَنِ -[100]- الْقُرْآنِ شَيْءٌ مَا خَلَا الْجَنَابَةَ وَاحْتَجَّ مَنْ سَهَّلَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ

627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الذِّكْرُ قَدْ يَكُونُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ ذِكْرِ اللهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ أَحَدًا إِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ لَا يُثْبَتُ إِسْنَادُهُ لِأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ تَفَرَّدَ بِهِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَمَةَ وَإِنَّا لَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ فَإِذَا كَانَ هُوَ النَّاقِلُ بِخَبَرِهِ فَجَرْحُهُ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَوْ ثَبَتَ خَبَرُ عَلِيٍّ لَمْ يَجِبِ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مِنْ أَجْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ الْجُنُبُ مَمْنُوعًا مِنْهُ

628 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَمَةَ، وَإِنَّا لَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يَنْصَرِفُ مِنَ الْجُمُعَةِ ضُحًى وَيَقُولُ: إِنَّمَا عَجَّلْتُ بِكُمْ خَشْيَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ

باب ذكر مس الجنب والحائض المصحف والدنانير والدراهم اختلف أهل العلم في مس الحائض والجنب المصحف فكره كثير منهم ذلك منهم ابن عمر

بَابُ ذِكْرِ مَسِّ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الْمُصْحَفَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسِّ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ الْمُصْحَفَ فَكَرِهَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ

629 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ» . وَكَرِهَ الْحَسَنُ لِلْجُنُبِ مَسَّ الْمُصْحَفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَاقَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَالْقَاسِمِ وَعَطَاءٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْحَائِضُ بِالْمُصْحَفِ بِعِلَاقَتِهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ فِي الرَّجُلِ يَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَلَيْسَ بِطَاهِرٍ قَالَا: إِذَا كَانَ فِي عِلَاقَةٍ فَلَا بَأْسَ. وَكَرِهَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالْقَاسِمُ وَالنَّخَعِيُّ مَسَّ -[102]- الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَحْمِلَ الْمُصْحَفَ بِعِلَاقَتِهِ أَوْ عَلَى وِسَادَةٍ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي الْخُرْجِ وَالتَّابُوتِ وَالْغَرَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ. وَيَحْمِلُ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ الْمُصْحَفَ فِي الْغِرَارَةِ وَالتَّابُوتِ فِي مَذْهَبِهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَا يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ. قَالَ إِسْحَاقُ: لَمَّا صَحَّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» ، وَكَذَلِكَ كَانَ فِعْلُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ إِلَّا أَنْ يَتَصَفَّحَهُ بِعُودٍ أَوْ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ جُنُبٌ وَلَا حَائِضٌ وَلَا غَيْرُ مُتَوَضِّئٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ، وَحَكَى يَعْقُوبُ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ الْجُنُبِ يَأْخُذُ الصُّرَّةَ فِيهَا دَرَاهِمُ فِيهَا السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الْمُصْحَفُ بِعِلَاقَتِهِ، قَالَ: لَا بَأْسَ، وَقَالَ: لَا يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ إِذَا كَانَ جُنُبًا وَفِيهَا السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ صُرَّةً، وَكَذَلِكَ الْمُصْحَفُ فِي غَيْرِ عِلَاقَتِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَأْخُذُ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إِلَّا فِي -[103]- صُرَّةٍ أَوْ فِي عِلَاقَةٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَعْلَى مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ غَيْرُ طَاهِرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ

630 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرٍو: «لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا عَلَى طَهُورٍ» وَرَخَّصَ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِي عَصْرِنَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ وَلُبْسِ التَّعْوِيذِ وَمَسِّ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] الْمَلَائِكَةُ كَذَلِكَ قَالَ أَنَسٌ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَقَالَ: وَقَوْلُهُ {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] خَبَرٌ بِضَمِّ السِّينِ وَلَوْ كَانَ نَهْيًا لَقَالَ: لَا يَمَسَّنَّهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ إِلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ الْمُصْحَفَ. -[104]- وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا أَنْ يَمَسَّ الدَّرَاهِمَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَيَقُولَانِ: جُبِلُوا عَلَى ذَلِكَ. وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ: " أَعْطِنِي الْخُمْرَةَ، قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ قَالَ: إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ بِيَدِكِ "، وَبِقُولِ عَائِشَةَ: كُنْتُ أَغْسِلُ رَأْسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ، قَالَ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَنَّجَّسُ مَا تَمَسُّ إِذْ لَيْسَ جَمِيعُ بَدَنِهَا نَجِسٌ وَإِذَا ثَبَتَ أَنْ بَدَنَهَا غَيْرُ نَجِسٍ إِلَّا الْفَرْجُ ثَبَتَ أَنَّ النَّجَسَ فِي الْفَرْجِ لِكَوْنِ الدَّمِ فِيهِ وَسَائِرُ الْبَدَنِ طَاهِرٌ

ذكر المرأة تجنب ثم تحيض قبل أن تغتسل اختلف أهل العلم في المرأة تجنب فلا تغتسل حتى تحيض فقالت طائفة: تغتسل فإن لم تفعل فغسلان عند طهرها هذا قول الحسن والنخعي وعطاء وجابر بن زيد، وقال أبو ثور في الجنب عليه أن ينوي بغسله الطهارة والجنابة فإن اغتسل للجنابة

ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَجْنَبُ ثُمَّ تَحِيضُ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ تَجْنَبُ فَلَا تَغْتَسِلُ حَتَّى تَحِيضَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَغْتَسِلُ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَغُسْلَانِ عِنْدَ طُهْرِهَا هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ،

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْجُنُبِ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ بِغُسْلِهِ الطَّهَارَةَ وَالْجَنَابَةَ فَإِنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْوُضُوءَ أَجْزَأَهُ لِلْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا بِوَضُوءٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةُ: يُجْزِيهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَتُقِيمُ عَلَى الْحَيْضَةِ وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ تَرَكَتِ الْغُسْلَ فَلَا حَرَجَ وَإِنِ اغْتَسَلَتْ فَحَسَنٌ وَاسْتَحَبَّ الِاغْتِسَالَ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا لِلْجَنَابَةِ غُسْلًا وَلِلْحَيْضِ غُسْلًا بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَأَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْحَيْضِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُ أَحَدِ الْغُسْلَيْنِ عَنْهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوِ اتِّفَاقٍ، وَمَعْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ فَدَلَّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى أَنْ يُجْزِئَ الْمَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ بَعْدَ جَنَابَتِهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ نَظِيرَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْمُجَامِعَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ إِذَا جَامَعَ فَإِذَا عَاوَدَهُ أَجْزَأَهُ الِاغْتِسَالُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَجْنَبَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا

الْغُسْلُ فَلَمَّا حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ أَجْزَأَهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ كَمَا أَجْزَأَ مَنْ جَامَعَ ثُمَّ عَادَ فَجَامَعَ غُسْلٌ وَاحِدٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ نَعْلَمُ أَنَّ مَنْ بَالَ فَلَمْ يُحْدِثْ وُضُوءًا حَتَّى أَتَى الْغَائِطَ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ أَوْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْهُ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ أَنَّ وُضُوءً وَاحِدًا يُجْزِئُ عَنْهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْجُنُبُ الَّتِي لَمْ تَغْتَسِلْ حَتَّى حَاضَتْ يُجْزِيهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ

ذكر دخول الجنب المسجد اختلف أهل العلم في دخول الجنب المسجد فكرهت طائفة ذلك ورخص بعضهم أن يمر في المسجد فممن رخص للجنب أن يمر فيه ابن عباس وابن مسعود وابن المسيب والحسن وابن جبير وقال جابر: كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب

ذِكْرُ دُخُولِ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي دُخُولِ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ فَمِمَّنْ رَخَّصَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ

631 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ

632 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قَالَ: إِلَّا -[107]- وَأَنْتَ مَارٌّ فِيهِ

633 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ مُجْتَازًا وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا غَيْرَهُ مَرَّ فِيهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَدْخُلُ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الْحَسَنُ: تَمُرُّ الْحَائِضُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تَقْعُدُ فِيهِ وَقَالَ مَالِكٌ: الْحَائِضُ لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدًّا فَيَتَيَمَّمُ وَيَمُرُّ فِيهِ هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْجُنُبِ الْمُسَافِرِ يَمُرُّ عَلَى مَسْجِدٍ فِيهِ عَيْنُ مَاءٍ يَتَيَمَّمُ الصَّعِيدَ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَسْتَقِي ثُمَّ يُخْرِجُ الْمَاءُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ لِلْجُنُبِ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَذَهَبَتْ إِلَى أَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً فَتَيَمَّمُوا، رُوِيَ -[108]- هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَنَافٍ وَقَتَادَةَ

634 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ

635 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا يَزِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ وَهُوَ أَبُو مِجْلَزٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَتَأَوَّلُهَا {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَقُولُ: أَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ وَهُوَ جُنُبٌ إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْنَبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْجُنُبِ إِذَا تَوَضَّأَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَتَأَوَّلَانِ قَوْلَهُ {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي -[109]- سَبِيلٍ} [النساء: 43] أَنَّهُ مَعْنَاهُ: لَا تَقْرَبُوا الْمُصَلَّى يَعْنِيَانِ الْمَسْجِدَ وَأَنْكَرَ غَيْرُهُمَا ذَلِكَ وَقَالَ: الْمَسْجِدُ لَمْ يُذْكَرْ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ فَيَكُونُ آخِرُهَا عَائِدًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ الصَّلَاةُ وَالصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَاءً فَيَتَيَمَّمُ صَعِيدًا فَفِي هَذَا الْقَوْلِ لِلْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ وَيَبِيتُ فِيهِ وَيُقِيمُ فِيهِ مَا شَاءَ وَتَكُونُ أَحْوَالُهُ فِيهِ كَأَحْوَالِ غَيْرِ الْجُنُبِ، وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُبُوتُ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجِسٍ»

636 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ قَالَ: إِنِّي جُنُبٌ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجِسٍ» وَثَبَتَ مِثْلُ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا -[110]- الْمَوْضِعِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ لَيْسَ بِنَجِسٍ» ، وَكَانَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَجَبَ أَنْ لَا يُمْنَعَ مَنْ لَيْسَ بِنَجَسٍ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً تَمْنَعُ الْجُنُبَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّ أَفْلَتَ مَجْهُولٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ

ذكر الجنب يغتمس في الماء ولا يمر يديه على بدنه اختلف أهل العلم في الجنب والمحدث حدثا يوجب الطهارة يغتمسان في الماء حتى تغمر أبدانهما ولا يمران أيديهما على أبدانهما فقالت طائفة: يجزيهما ذلك من الاغتسال والوضوء فممن قال أن الجنب يجزيه أن يغتمس في الماء

ذِكْرُ الْجُنُبِ يَغْتَمِسُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى بَدَنِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثُ حَدَثًا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ يَغْتَمِسَانِ فِي الْمَاءِ حَتَّى تَغْمُرَ أَبْدَانَهُمَا وَلَا يُمِرَّانِ أَيْدِيَهُمَا عَلَى أَبْدَانِهِمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهُمَا ذَلِكَ مِنَ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فَمِمَّنْ قَالَ أَنَّ الْجُنُبَ يُجْزِيهِ أَنْ يَغْتَمِسَ فِي الْمَاءِ اغْتِمَاسَةً الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَحَمَّادٌ الْكُوفِيُّ

وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا قَامَ فِي الْمَطَرِ وَاغْتَسَلَ بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ فَرْجَهُ يُجْزِيهِ غُسْلُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةُ: لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى جَسَدِهِ أَوْ عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَغْمِسُ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ لِلْوُضُوءِ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ حَتَّى يُمِرَّ يَدَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ أَوْ عَلَى جَسَدِهِ وَقَالَ رَجُلٌ لِعَطَاءٍ أَيُفِيضُ الْجُنُبُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا بَلْ يَغْتَسِلُ غُسْلًا، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: يُجْزِي الرَّجُلَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَنْ يَغُوصَ غَوْصَةً فِي الْمَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى جِلْدِهِ

ذكر الجنب يحدث بين ظهراني غسله اختلف أهل العلم في المغتسل من الجنابة يحدث قبل أن يتم غسله فقالت طائفة: يتم غسله ويتوضأ هذا قول عطاء وعمرو بن دينار وسفيان الثوري وهو يشبه مذهب الشافعي وقال ابن سيرين: الغسل من الجنابة والوضوء من الحدث، وقد روينا عن

ذِكْرُ الْجُنُبِ يُحْدِثُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ غُسْلِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُغْتَسِلِ مِنَ الْجَنَابَةِ يُحْدِثُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ غُسْلَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتِمُّ غُسْلَهُ وَيَتَوَضَّأَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ -[112]- وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ مِنَ الْحَدَثِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يَسْتَأْنِفُ الْغُسْلَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ

ذكر الجنب يخرج منه المني بعد الغسل واختلفوا في الجنب يخرج منه المني بعد الغسل فقالت طائفة: يتوضأ روي هذا القول عن علي وابن عباس وعطاء

ذِكْرُ الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ

637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ حَبَّانَ الْحَرَمِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ قَالَ: يَتَوَضَّأُ "

638 - وَحَدَّثُونَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، قَالَ قَرَأْتُ عَلَى شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: " فِي الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرِهِ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ قَالَ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ " -[113]- وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَسُفْيَانُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: «لَا غُسْلَ إِلَّا عَنْ شَهْوَةٍ» ، وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَبُلْ حَتَّى اغْتَسَلَ أَعَادَ الْغُسْلَ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ

639 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَقُولُ: " إِذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إِذَا كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبُلْ حَتَّى اغْتَسَلَ أَعَادَ "، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: هَلْ بَالَ هَلْ بَالَ، وَهَذَا مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَطَاءً لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ يَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَبُولَ أَوْ -[114]- بَعْدَمَا بَالَ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ

ذكر النصرانية تكون تحت المسلم واختلفوا في النصرانية تكون تحت المسلم تجنب فكان مالك يقول: " لا تجبر على الاغتسال من الجنابة " وقال الشافعي كذلك في كتاب سير الواقدي، وقال في كتاب الجمع بين الأختين: تجبر عليه وقالا جميعا تجبر على الاغتسال من الحيضة،

ذِكْرُ النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ تَجْنَبُ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «لَا تُجْبَرُ عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَذَلِكَ فِي كِتَابِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ: تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَقَالَا جَمِيعًا تُجْبَرُ عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضَةِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «يَأْمُرُهَا بِالِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْمَحِيضِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ فَلِلْجُنُبِ أَنْ يَطَأَ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ جُنُبٌ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَجْبُرَهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَهُ أَنْ يَجْبُرَهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْمَحِيضِ

ذكر الكافر يسلم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر رجلا أسلم أن يغتسل

ذِكْرُ الْكَافِرِ يُسْلِمُ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ

640 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمْتُ فَأَمَرَنِي -[115]- أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ فَاغْتَسَلْتُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»

641 - أَخْبَرَنَا النَّجَّارُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ ابْنَا عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أُسِرَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَأَمْرُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنَ الْجَنَابَةِ فِي كُفْرِهِ مِنِ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ وَلَا يَغْتَسِلُ وَلَوِ اغْتَسَلَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ مِنَ الْفَرَائِضِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا إِلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَدَاءُ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ مِثْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ إِلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَالِكٌ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: «إِذَا أَسْلَمَ الْمُشْرِكُ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَكُنْ جُنُبًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ كَانَ تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ -[116]- فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ هَكَذَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَكَذَلِكَ قَالَ: لَوْ كَانَ حَجَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ يُعِيدُ حَجَّهُ لَمَّا حَبِطَ عَمَلُهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَقَالُوا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ «فِيمَنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ إِنَّ ذَلِكَ التَّيَمُّمَ لَا يُجْزِيهِ» وَكَانَ الَّذِي ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ يَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ فِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ كُفْرِهِ وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] الْآيَةَ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ إِنْ مُتَّ عَلَى شِرْكِكَ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْخَاسِرَ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنْ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ دُونَ مَنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] الْآيَةَ فَهَذِهِ الْآيَةُ مُفَسِّرَةٌ لِتِلْكَ الْآيَةِ وَمُبَيِّنَةٌ لِمَعْنَاهَا عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] الْآيَةَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ مَاتَ عَلَى ارْتِدَادِهِ

جماع أبواب آداب الاغتسال من الجنابة

جُمَّاعُ أَبْوَابِ آدَابِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ

ذكر مقدار الماء للغسل من الجنابة

ذِكْرُ مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

642 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٍ، ثنا يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: جَاءُوا بِعُسٍّ فِي رَمَضَانَ فَحَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ أَوْ تِسْعَةً أَوْ عَشَرَةً فَقَالَ مُجَاهِدٌ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ فِي مِثْلِ هَذَا»

643 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِقْدَارَ الْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِقَدْرِ الصَّاعِ»

ذكر إباحة الاغتسال بأقل من ذلك وأكثر منه

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاغْتِسَالِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ مِنْهُ

644 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى أَهْلِهِ فَتَوَضَّأَ وَبَقِيَ قَوْمٌ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ فَصَغُرَ أَنْ -[118]- يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كُلُّهُمْ قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانِينَ رَجُلًا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ التَّوْقِيتِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا الْمَاءَ بِكَيْلٍ وَلَا كَانَ مَا أَخَذَهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعْلُومًا وَفِي هَذَا الْمَعْنَى اغْتِسَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

645 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، وَغَيْرُهُ، ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِيمَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ الْمُغْتَسِلُ وَالْمُتَوَضِّئُ مِنَ الْمَاءِ حَدٌّ لَا يُجَاوِزُهُ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ. وَأَخْذُ النَّاسُ لِلْمَاءِ مُخْتَلَفٌ عَلَى قَدْرِ رِفْقِ الْإِنْسَانِ وَخَرَقِهِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «لَيْسَ لِلْوُضُوءِ وَلَا لِلْغُسْلِ عِنْدَنَا وَقْتٌ وَلَا قَدْرٌ وَلَا كَيْلٌ مِنَ الْمَاءِ إِنَّمَا هُوَ مَا طَهَّرَهُ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَدْنَى مَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ صَاعٌ وَأَدْنَى مَا يَكْفِي مِنَ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَاءِ مُدٌّ

ذكر الاستتار عند الاغتسال

ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ

646 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مَرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ، تَقُولُ: «ذَهَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ»

647 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: «سَتَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ»

ذكر النهي عن دخول الماء إلا بمئزر

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ

648 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخَلَ الْمَاءُ إِلَّا بِمِئْزَرٍ»

ذكر الرخصة في ذلك

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

649 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا: مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ فَذَهَبَ مُوسَى مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ مُوسَى ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ قَالَ فَجَمَحَ فِي أَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرٌ ثَوْبِي حَجَرٌ حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَتِهِ فَقَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدَمَا نَظَرُوا إِلَيْهِ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: 69] الْآيَةَ فِيهِ نَزَلَتْ

ذكر النهي عن دخول الحمام إلا بمئزر

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ

650 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي عُذْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخَلَ الْحَمَّامُ ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْمَيَازِرِ» وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ «أَنَّهُ نَهَى أَنْ نَدْخُلَ الْحَمَّامَ إِلَّا وَعَلَيْنَا الْأُزُرُ»

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُذْهِبُ الْوَسَخَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ» 651 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ

652 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدُ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ، قَالَ: نَهَى عُمَرُ أَنْ نَدْخُلَ الْحَمَّامَ إِلَّا وَعَلَيْنَا الْأُزُرُ "

653 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا قُرَّةُ، ثنا عَطِيَّةُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يَنْفِي الْوَسَخَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ»

654 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ الْكِلَابِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: " أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَيَقُولُ: نِعْمَ الْبَيْتُ -[122]- يَذْهَبُ بِالضَّبِيَّةِ أَوْ بِالضَّبَّةِ وَيُذَكِّرُ بِالنَّارِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دُخُولُ الْحَمَّامِ مُبَاحٌ وَنَظَرُ الْمَرْءِ إِلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ مُحَرَّمٌ فَإِذَا اسْتَتَرَ الْمَرْءُ وَتَحَفَّظَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْفَرِدَ الرَّجُلُ لِئَلَّا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانُوا مُسْتَتِرِينَ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ صَاحِبَ الْحَمَّامِ إِذَا تَرَكَ أَحَدًا يَدْخُلُ بِغَيْرِ إِزَارٍ» . وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ دَخَلَ الْحَمَّامَ مَرَّةً وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فَلَمَّا دَخَلَ إِذَا هُوَ بِهِمْ عُرَاةً فَجَعَلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْجِدَارِ وَغَطَّى وَجْهَهُ وَنَاوَلَ نَافِعًا يَدَهُ فَقَادَهُ حَتَّى خَرَجَ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ إِلَّا وَحْدَهُ وَكَانَ لَا يُدْخِلُهُ إِلَّا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ صَفِيقٌ وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللهِ أَنْ يَرَانِيَ مُتَجَرِّدًا فِي الْحَمَّامِ

655 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: «لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَلَا لِمُؤْمِنَةٍ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ»

656 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فَلَمَّا دَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِهِمْ عُرَاةً قَالَ: فَجَعَلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْجِدَارِ ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي يَا نَافِعُ بِثَوْبِي قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَالْتَفَّ بِهِ وَغَطَّى عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ نَاوَلَنِي يَدَهُ فَقَدْتَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْهُ بَعْدَ ذَلِكَ "

657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُهُ إِلَّا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ صَفِيقٌ وَيَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللهِ أَنْ يَرَانِيَ وَأَنَا مُتَجَرِّدٌ فِي الْحَمَّامِ "

658 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا شُرَيْحٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ «يَطْلِيهِ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَإِذَا بَلَغَ عَوْرَتَهُ وَلِيَهَا بِيَدِهِ»

ذكر كراهية دخول النساء الحمامات إلا من علة

ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ دُخُولِ النِّسَاءِ الْحَمَّامَاتِ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ

659 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْمَقْبُرِيُّ، وَيَعْلَى، قَالَا: ثنا الْإِفْرِيقِيُّ، وَاللَّفْظُ لِيَعْلَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ بُيُوتًا فِيهَا يُقَالُ لَهَا: الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلْهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِالْأُزُرُ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إِلَّا النُّفَسَاءَ أَوْ مَرِيضَةً "

660 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَتَتْهَا نِسَاءٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَوْرَةِ الَّتِي تَدْخُلُ نِسَاؤُهَا الْحَمَّامَاتِ قَالَتْ: قُلْنَ: -[124]- نَعَمْ قَالَتْ: فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ أَوْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ»

ذكر القراءة في الحمام اختلفوا في القراءة في الحمام فكرهت طائفة القراءة في الحمام كره ذلك أبو وائل والشعبي والحسن ومكحول وقبيصة بن ذؤيب

ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي الْحَمَّامِ اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْحَمَّامِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْقِرَاءَةَ فِي الْحَمَّامِ كَرِهَ ذَلِكَ أَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَمَكْحُولٌ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: «بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُنْزَعُ فِيهِ الْحَيَاءُ وَلَا تُقْرَأُ فِيهِ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ» 661 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا شُرَيْحٌ، قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ فَذَكَرَهُ. -[125]- وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْحَمَّامِ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ الضَّحَّاكُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: " لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْحَمَّامِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا بَأْسَ بِهِ»

جماع أبواب صفة الاغتسال من الجنابة

جُمَّاعُ أَبْوَابِ صِفَةِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ

ذكر بداية الجنب يغسل يديه إذا أراد الاغتسال

ذِكْرُ بِدَايَةِ الْجُنُبِ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ الِاغْتِسَالَ

662 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ»

ذكر غسل الفرج بعد غسل اليدين عند الاغتسال من الجنابة

ذِكْرُ غَسْلِ الْفَرَجِ بَعْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ

663 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ بَدَأَ بِيَمِينِهِ فَصَبَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ فَغَسَلَهَا ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الْأَذَى الَّذِي بِهِ بِيَمِينِهِ وَغَسَلَ عَنْهُ بِشِمَالِهِ»

ذكر دلك الجنب يده بالحائط أو بالأرض بعد غسله فرجه

ذِكْرُ دَلْكِ الْجُنُبِ يَدَهُ بِالْحَائِطِ أَوْ بِالْأَرْضِ بَعْدَ غَسْلِهِ فَرْجَهُ

664 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: «وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَغَسَلَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ صَبَّ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَغَسَلَهَا»

ذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن غسل فرجه قبل اغتساله

ذِكْرُ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ غَسَلَ فَرْجَهُ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ

665 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ هِشَامًا، حَدَّثَهُمْ , عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْبَشَرَةَ وَأُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدِهِ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ يُفِيضُ بِيَدِهِ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ»

ذكر مضمضة الجنب واستنشاقه عند وضوئه وعدد مضمضته واستنشاقه

ذِكْرُ مَضْمَضَةِ الْجُنُبِ وَاسْتِنْشَاقِهِ عِنْدَ وُضُوئِهِ وَعَدَدَ مَضْمَضَتِهِ وَاسْتِنْشَاقِهِ

666 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَأْخُذُ بِيَمِينِهِ فَيُصَبُّ عَلَى يَسَارِهِ فَيَغْسِلُ بِهَا فَرْجَهُ حَتَّى يُنْقِيَهُ ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ غُسْلًا حَسَنًا ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَغْسِلُ جَسَدَهُ غُسْلًا فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مُغْتَسَلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ»

ذكر تشريب الماء أصول شعر رأسه ولحيته

ذِكْرُ تَشْرِيبِ الْمَاءِ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ

667 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ أَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُخَلِّلُ شَعْرَهُ بِالْمَاءِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْبَشَرَةَ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْإِنَاءَ فَيَكْفَأَهُ عَلَيْهِ»

668 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ سُهَيْلٍ، عَنْ أُمِّ النُّعْمَانِ الْكِنْدِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْغُسْلِ فَقَالَ: «بَلُّ الشَّعْرَةِ وَإِنْقَاءُ الْبَشَرَةِ»

ذكر عدد ما يصب الجنب الماء على رأسه بعدما يشرب الماء أصول شعره

ذِكْرُ عَدَدِ مَا يَصُبُّ الْجُنُبُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ بَعْدَمَا يُشَرِّبُ الْمَاءَ أُصُولَ شَعْرِهِ

669 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: " ذَكَرُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَنَابَةَ فَقَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا»

670 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: كَيْفَ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي؟ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، قَالَ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ، قَالَ: شَعْرُ رَسُولِ اللهِ أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبُ "

ذكر صفة غسل الرأس

ذِكْرُ صِفَةِ غَسْلِ الرَّأْسِ

671 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَالْمِسْوَرَ، اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ أَسْأَلُهُ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ فَقُلْتُ: " أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ "

ذكر ترك الوضوء بعد الغسل

ذِكْرُ تَرْكِ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ

672 - حَدَّثَنَا الْكَيْسَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ» -[130]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ وَعَائِشَةَ ذِكْرُ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ

ذكر الوضوء قبل الاغتسال

ذِكْرُ الْوُضُوءِ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ

673 - حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يُجْزِي صَاحِبَهُ مِنَ الْوُضُوءِ»

674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ: قَالَ: سُئِلَ جَابِرٌ عَنِ الْجُنُبِ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَقَالَ: لَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ يَكْفِيهِ الْغُسْلُ "

ذكر غسل القدمين بعد الفراغ من الاغتسال

ذِكْرُ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الِاغْتِسَالِ

675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: «سَتَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَذَكَرَ وُضُوءَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ -[131]- أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ نَحَّى قَدَمَيْهِ فَغَسَلَهُمَا»

676 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ: «اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ»

ذكر صفة اغتسال المرأة من الحيض

ذِكْرُ صِفَةِ اغْتِسَالِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَيْضِ

677 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ. 678 - وَثنا إِسْحَاقُ وَهَذَا حَدِيثُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ وَأَنْ يَسْأَلْنَ عَنْهُ، وَلَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النُّورِ شَقَّقْنَ حَوَاجِزَ أَوْ حُجُورَ مَنَاطِقِهِنَّ فَاتَّخَذْنَهَا خُمُرًا، وَجَاءَتْ فُلَانَةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ، كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: «لِتَأْخُذْ إِحْدَاكُنَّ سِدْرَتَهَا وَمَاءَهَا، ثُمَّ لِتُطَهِّرْ فَلْتُحْسِنِ الطُّهُورَ، ثُمَّ لِتَفْيِضْ عَلَى رَأْسِهَا، وَلْتُلْصِقْ بِشُؤُونِ رَأْسِهَا، ثُمَّ لِتُفِيضْ عَلَى جَسَدِهَا، وَلْتَأْخُذْ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً» أَوْ قِرْصَةً، قَالَ يَحْيَى: فِرْصَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، «فَلْتَطَّهَّرْ بِهَا» ، -[132]- يَعْنِي الْفِرْصَةَ الْمُمَسَّكَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنَ الذَّرِيرَةِ، قَالَتْ: " كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ فَاسْتَحَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَتَرَ مِنْهَا، وَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِي بِهَا» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَحْتُ الَّذِي قَالَ فَأَخَذْتُ بِجَيْبِ دِرْعِهَا فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا آثَارَ الدَّمِ "

ذكر اغتسال التي ضفرت رأسها

ذِكْرُ اغْتِسَالِ الَّتِي ضَفَّرَتْ رَأْسَهَا

679 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشَدُّ ضُفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «لَا إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطَهَّرِي» ، أَوْ قَالَ: «فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ نَقْضَ رَأْسِهَا فِي الِاغْتِسَالِ مِنَ الْمَحِيضِ وَالْجَنَابَةِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ نَافِعٌ: «كُنَّ نِسَاءَ ابْنِ عُمَرَ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ إِذَا اغْتَسَلْنَ لَمْ يَنْقُضْنَ عِقَصَهُمْ مِنْ حِيَضٍ وَلَا جَنَابَةٍ» وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ وَالزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ -[133]- وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ 680 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ نِسَاءَ ابْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ

681 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَادَوَيْهِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: " عَنِ الْمَرْأَةِ إِذَا اغْتَسَلَتْ أَتَنْقُضُ شَعْرَهَا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَإِنْ كَانَتْ أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ أُوقِيَّةً إِذَا أَفْرَغَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَقَدْ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهَا "

682 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «لَا تَنْتَقِضُ عِقَصَهُنَّ مِنْ حِيَضٍ وَلَا جَنَابَةٍ»

683 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثًا وَلَا تَنْقُضْ شَعْرَهَا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا حِيَضٍ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهَا تَنْقُضُ شَعْرَهَا كُلَّهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْعَرُوسِ

وَرُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: «خَلِّلِي شَعْرَكِ بِالْمَاءِ لَا تَخَلَّلُهُ نَارٌ قَلِيلٌ تَفْنَاهَا عَلَيْهِ» 684 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، أنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لِامْرَأَتِهِ فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ تَفْنَاهَا عَلَيْكِ. -[134]- وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: «إِنْ كَانَتْ تَرَى أَنَّ الْمَاءَ أَصَابَ أُصُولَ شَعْرِهَا فَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ تَرَى أَنَّ الْمَاءَ لَمْ تُصِبْهُ فَلْتَنْقُضْهُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فَقَالَا فِي الْحَائِضِ: تَنْقُضُ شَعْرَهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ فَأَمَّا مِنَ الْجَنَابَةِ فَلَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ لِلْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ

كتاب طهارات الأبدان والثياب

كِتَابُ طَهَارَاتِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ

جماع أبواب إزالة النجاسة عن الأبدان والثياب وإيجاب تطهيرها قال الله تعالى يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر فاختلف أهل العلم في معنى قوله تعالى وثيابك فطهر فقالت طائفة: من الإثم كذلك قال ابن عباس والنخعي وعطاء وروينا عن ابن عباس أنه قال: "

جُمَّاعُ أَبْوَابِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ وَإِيَجَابِ تَطْهِيرِهَا قَالَ اللهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 2] فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مِنَ الْإِثْمِ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالنَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَلْبَسْهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا عَلَى غَدْرَةٍ ثُمَّ قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانَ: [البحر الطويل] إِنِّي بِحَمْدِ اللهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ

685 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، نا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] قَالَ: مِنَ الْإِثْمِ " 686 - حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ يُونُسَ، نا مُوسَى بْنُ السِّنْدِيُّ، نا أَبُو زُهَيْرٍ، نا الْأَجْلَحُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَذَكَرَ الْأَوَّلَ -[136]- الَّذِي فِيهِ قَوْلُ حَسَّانَ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَ غَدَّارًا قَالُوا: فُلَانُ دَنَسُ الثِّيَابِ " وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو رَزِينٍ: «عَمَلُكَ فَأَصْلِحْهُ» وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: «خُلُقُكَ فَحَسِّنْهُ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ " فِي قَوْلِهِ -[137]- {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] قَالَ: اغْسِلْهَا بِالْمَاءِ

وَأَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " قَالَ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] فَقِيلَ فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ " وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُغْسَلَ دَمُ الْحَيْضِ مِنَ الثَّوْبِ

ذكر إثبات نجاسة البول والتنزه منه وإيجاب تطهير البدن منه

ذِكْرُ إِثْبَاتِ نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَالتَّنَزُّهِ مِنْهُ وَإِيَجَابِ تَطْهِيرِ الْبَدَنِ مِنْهُ

687 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، نا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: " كُنْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، جَالِسَيْنِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ وَرَقَةٌ فَبَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فَتَكَلَّمَنَا بَيْنَنَا شَيْئًا، فَقُلْنَا: يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَأَتَانَا، فَقَالَ: «أَوَ مَا تَدْرُونَ مَا لَقِيَ صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَهُمْ بَوْلٌ قَرَضُوهُ فَنَهَاهُمْ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ»

688 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ، نا وَكِيعٌ، نا الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ»

689 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ الطَّحَّانُ، نا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي الْبَوْلِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَبِهِ يَقُولُ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَسُفْيَانُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَغَيْرُهُمْ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَبِهِ قَالَ كُلُّ مَنْ حَفِظْنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَوْلِ الْيَسِيرِ مِثْلُ رُءُوسِ الْإِبَرِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجِبُ غَسْلُ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ: يُغْسَلُ قَلِيلُ الْبَوْلِ وَكَثِيرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ فِي الثَّوْبِ يَنْتَضِحُ عَلَى الْبَوْلِ مِثْلُ رُءُوسِ الْإِبَرِ قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، يَعْقُوبُ عَنْهُ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيمَنْ يَنْتَضِحُ عَلَيْهِ مِثْلَ رُءُوسِ الْإِبَرِ وَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بَوْلٌ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَدْخُلُ الْمَخْرَجَ فَيَقَعُ الذُّبَابُ عَلَى الْعَذِرَةِ وَالْبَوْلِ ثُمَّ يَقَعْنَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ غَسْلٌ -[139]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَغْفَلَ هَذَا الْقَائِلُ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْبَوْلَ الَّذِي يُرَشَّشُ عَلَيْهِ قَدِ اسْتَيْقَنَ بِوُصُولِهِ إِلَى ثَوْبِهِ وَأَرْجُلُ الذُّبَابِ رِقَاقٌ قَدْ يَجِفَّ فِيمَا بَيْنَ الْبَوْلِ وَوُصُولِهَا إِلَى ثَوْبِ الْإِنْسَانِ وَقَدْ لَا يَجِفُّ فَهَذَا بَابُ شَكٍّ فَمَا وَصَلَ إِلَى ثَوْبِهِ مِمَّا يُرَشَّشُ عَلَيْهِ يَجِبُ غُسْلُهُ وَمَا هُوَ فِي شَكٍّ مِنْ وُصُولِهِ إِلَى ثَوْبِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلُهُ لِأَنَّ الثَّوْبَ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ وَهُوَ فِي شَكٍّ مِنْ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ قِيلَ لِمِسْعَرٍ: إِنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِالْبَوْلِ إِذَا كَانَ مِثْلَ عَيْنِ الْجَرَادِ وَرُءُوسِ الْإِبَرِ فَجَعَلَ يَسْتَحْسِنُهُ

ذكر إيجاب غسل البدن والثوب يصيبه المذي ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بغسل المذي من البدن

ذِكْرُ إِيجَابِ غَسْلِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ يُصِيبُهُ الْمَذْيُ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ الْمَذْيِ مِنَ الْبَدَنِ

690 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، نا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً -[140]- وَكَانَتْ عِنْدِي ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرْتُ رَجُلًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْهُ»

691 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ قَيْسٌ لِعَطَاءٍ: " أَرَأَيْتَ الْمَذْيَ أَكُنْتَ مَاسِحَهُ مَسْحًا؟ قَالَ: لَا، الْمَذْيُ أَشَدُّ مِنَ الْبَوْلِ يُغْسَلُ غَسْلًا أَخْبَرَنِي عَائِشُ بْنُ أَنَسٍ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ قَالَ: تَذَاكَرَ عَلِيٌّ وَعَمَّارٌ وَالْمِقْدَادُ الْمَذْيَ فَقَالَ عَلِيٌّ: " إِنِّي رَجُلٌ مَذَّاءٌ فَاسْأَلُوا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي، وَلَوْلَا مَكَانُ ابْنَتِهِ لَسَأَلْتُهُ قَالَ عَائِشٌ: فَسَأَلَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ عَمَّارٌ أَوِ الْمِقْدَادُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكُمُ الْمَذْيُ إِذَا وَجَدَهُ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْسِلْ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ لِيَتَوَضَّأْ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ لِيَنْضَحْ فِي فَرْجِهِ» وَمِمَّنْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْمَذْيِ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ

692 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: " بَيْنَمَا أَنَا عَلَى رَاحِلَتِي بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ أَخَذَتْنِي شَهْوَةٌ فَخَرَجَ مِنْ ذَكَرِي مَا مَلَأَ حَاذَّيَّ وَمَا حَوْلَهُ قَالَ: اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَمَا أَصَابَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ "

693 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ، مِنَ الْمَنِيِّ الْغُسْلُ وَمِنَ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ الْوُضُوءُ يَغْسِلُ حَشَفَتَهُ وَيَتَوَضَّأُ»

694 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِنَّهُ لِيَخْرُجُ مِنْ أَحَدِنَا مِثْلُ الْجُمَانَةِ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ»

695 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ: " أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَاعَبَهَا فَخَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ شَيْءٌ قَالَ: فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ عُمَرَ فَسَأَلْتُهُ أَوْ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ إِنَّمَا ذَلِكَ أَيْسَرُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ لَا يَجْزِي عِنْدِي فِي الْمَذْيِ إِلَّا الْغَسْلُ مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ وَالْبَدَنِ. وَمِمَّنْ هَذَا مَذْهَبُهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَكَثِيرٌ مِمَّنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، غَيْرَ أَحْمَدَ فَإِنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَكَى عَنْهُ فِي الْمَذْيِ أَنَّهُ قَالَ: أَرْجُو أَنَّ النَّضْحَ يُجْزِيهِ وَالْغُسْلُ أَعْجَبُ إِلَيَّ وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يُخَالِفُهُ وَقَالَ مَرَّةً: لَوْ كَانَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إِسْحَاقَ، مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ

696 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، نا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: " أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَذْيِ فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ» ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا أَصَابَ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَالَ: «تَنْضَحْ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ بِكَفٍّ مِنَ الْمَاءِ»

ذكر تطهير الثياب من بول الغلام قبل أن يطعم

ذِكْرُ تَطْهِيرِ الثِّيَابِ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ

697 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُ سَمْعَانَ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ: «أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ»

698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالصَّبِيِّ فَيَبُولُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ لَمْ يَطْعَمِ الطَّعَامَ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَأُمِّ -[143]- سَلَمَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

699 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُسَدَّدٌ، نا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَيُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ»

700 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، نا سَعِيدٌ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ: «تَغْسِلُ بَوْلَ الْجَارِيَةِ فِي ذَلِكَ وَلَا تَغْسِلُ بَوْلَ الْغُلَامِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا فَرْقَ بَيْنَ بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ فِي ذَلِكَ هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَكَانَ يَرَى أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ قَالَ: يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: يُغْسَلُ بَوْلُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ الرَّشِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الرَّشُّ جَائِزًا فِي بَوْلِ الْغُلَامِ -[144]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّ بَوْلَ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ يُنْضَحَانِ جَمِيعًا مَا لَمْ يَطْعَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ رَشُّ بَوْلِ الْغُلَامِ بِحَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ وَغَسْلِ بَوْلِ الْجَارِيَةِ

701 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّةِ، أُخْتِ عُكَاشَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيَّهَا فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَكُنِ الصَّبِيُّ بَلَغَ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُرَشَّ بَوْلُ الصَّبِيِّ وَيَغْسِلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مُفَسَّرًا وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِسْنَادِهِ

702 - حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ رُزَيْقٍ النَّيْسَابُورِيُّ، نا أَبُو قُدَامَةَ، نا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي حَرْبُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَوْلِ الرَّضِيعِ: «يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَيُنْضَحُ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ» قَالَ قَتَادَةُ: «هَذَا إِذَا لَمْ يَطْعَمْ فَإِذَا طَعِمَ غُسِلَا جَمِيعًا» . وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَحَدِيثُ قَتَادَةَ لَمْ يَرْفَعْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ -[145]- 703 - رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر النجاسة من البول والمذي وغير ذلك يصيب الثوب ويخفى مكانه اختلف أهل العلم في الثوب يصيبه النجاسة ويخفى مكانه فقالت طائفة: ينضحه كذلك قال عطاء وقال الحكم وحماد في الرجل يحتلم في الثوب يخفى مكانه ينضحه وإن رآه غسله وقال أحمد في المذي: ينضحه وفيه قول

ذَكَرَ النَّجَاسَةَ مِنَ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُصِيبُ الثَّوْبَ وَيَخْفَى مَكَانُهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الثَّوْبِ يُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ وَيَخْفَى مَكَانُهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْضَحُهُ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ فِي الرَّجُلِ يَحْتَلِمُ فِي الثَّوْبِ يَخْفَى مَكَانُهُ يَنْضَحُهُ وَإِنْ رَآهُ غَسَلَهُ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَذْيِ: يَنْضَحُهُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَتَحَرَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيَغْسِلُهُ هَكَذَا قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ فِي الْبَوْلِ يَخْفَى مَكَانُهُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ الثَّوْبَ كُلَّهُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ -[146]- النَّخَعِيِّ وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ غَسْلَ الْمَنِيِّ مِنَ الثَّوْبِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَنِيِّ أَوِ الْوَدْيِ أَوِ الْبَوْلِ يُصِيبُ الثَّوْبَ لَا يُصِيبُ مَوْضِعَهُ قَالَ: يَغْسِلُ تِلْكَ الْجِهَةَ مِنَ الثَّوْبِ فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ غَسَلَ الثَّوْبَ كُلَّهَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَغْسِلُ الثَّوْبَ كُلَّهُ

وجوب تطهير الثوب من الدم إذا أراد الصلاة فيه

وُجُوبُ تَطْهِيرِ الثَّوْبِ مِنَ الدَّمِ إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ

704 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، وَمَالِكٌ، وَعَمْرٌو، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ , فَقَالَ: «لِتَحُتَّهُ , ثُمَّ لِتَقْرُضْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ»

705 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنِي ثَابِتٌ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ -[147]- رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ. قَالَ: «حُكِّيهِ بِضِلَعٍ , وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُمَا أُمِرَتَا بِغَسْلٍ دَمِ الْمَحِيضِ مِنَ الثَّوْبِ

706 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، نا مُصْعَبٌ، نا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِذَا تَطَهَّرَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضَتِهَا فَإِنْ كَانَ ثَوْبُهَا أَصَابَهُ أَذًى غَسَلَتْ مَا أَصَابَهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ صَلَّتْ فِيهِ»

707 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الدَّوْرَقِيِّ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَدَّتِهِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي قَالَتُ: " دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ , فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ , فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَدْ كَانَ يُصِيبُنَا الْحَيْضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَلْبَثُ إِحْدَانَا أَيَّامَ حَيْضَتِهَا , ثُمَّ تَطْهُرُ , فَتَنْظُرُ الثَّوْبَ الَّذِي كَانَتْ تَمْكُثُ فِيهِ فَإِنْ أَصَابَهُ دَمٌ غَسَلْنَاهُ وَصَلَّيْنَا فِيهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَرَكْنَاهُ , وَلَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنَا ذَلِكَ أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَغَسْلُ دَمِ الْحَيْضَةِ يَجِبُ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِهِ , وَحُكْمِ سَائِرِ الدِّمَاءِ كَحُكْمِ دَمِ الْحَيْضِ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ , وَلَيْسَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِذَا كَانَ مَا أَدْرَكَهُ الطَّرْفُ مِنْهُ لَا تَكُونُ لُمْعَةً لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مَعْنَى لِأَنَّ الْأَخْبَارَ عَلَى الْعُمُومِ وَيَدْخُلُ فِيهَا قَلِيلُ الدَّمِ وَكَثِيرُهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَسْلِ دَمِ الْحَيْضَةِ , وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بِغَيْرِ حُجَّةٍ

ذكر الدم يغسل فيبقى أثره في الثوب اختلفوا في الدم يغسل فيبقى أثره في الثوب , فرخصت فيه فرقة وممن رخص فيه عائشة. وصلى علقمة في ثوب فيه أثر دم وقد غسل , وهذا قول الشافعي , وروي عن عائشة أنها أمرت أن تلطخ بشيء من زعفران , وكان ابن عمر إذا وجد في ثوبه دما

ذِكْرُ الدَّمِ يُغْسَلُ فَيَبْقَى أَثَرُهُ فِي الثَّوْبِ اخْتَلَفُوا فِي الدَّمِ يُغْسَلُ فَيَبْقَى أَثَرُهُ فِي الثَّوْبِ , فَرَخَّصَتْ فِيهِ فِرْقَةٌ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ عَائِشَةُ. وَصَلَّى عَلْقَمَةُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ أَثَرُ دَمٍ وَقَدْ غُسِلَ , وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تُلَطِّخَ بِشَيْءٍ مِنْ زَعْفَرَانِ , وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ دَمًا يَغْسِلُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ دَعَا بِجَلَمَيْنِ فَقَطَعَ مَكَانَهُ

708 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَبُو الرَّبِيعِ، نا حَمَّادٌ، نا عَاصِمٌ، عَنْ مُعَاذَةَ، أَنَّهَا: سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ، يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَتِ: اغْسِلِيهِ. قُلْتُ: إِنَّهُ لَا يَذْهَبُ. قَالَتْ: فَلْطَخِيهِ بِشَيْءٍ مِنَ الزَّعْفَرَانِ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ

709 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ دَمٌ غَسَلَهُ , فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ قَرَضَهُ بِالْمِقْرَاضِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ وَهُوَ قَوْلُ عَوَّامِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ: وَإِذَا غَسَلَ مَنْ فِي ثَوْبِهِ دَمٌ الدَّمَ مِنْ ثَوْبِهِ فَقَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ -[149]- أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ , وَلَمَّا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَثَرَهُ قَدْ يَذْهَبُ بِالْغُسْلِ وَقَدْ لَا يَذْهَبُ , وَلَمْ يُفَرَّقِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي فِيهِ دَمُ الْمَحِيضِ يُطَهَّرُ بِالْغُسْلِ عَلَى ظَاهَرِ أَمْرِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مُفَسِّرًا غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ

710 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ، قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَخْرُجِ الدَّمُ مِنَ الثَّوْبِ. قَالَ: «يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ»

ذكر تطهير البدن من الدم

ذِكْرُ تَطْهِيرِ الْبَدَنِ مِنَ الدَّمِ

711 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، نا يَحْيَى، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ: " سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: جُرِحَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ , وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ , فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْسِلُ الدَّمَ , وَكَانَ عَلِيٌّ يَسْكُبُ عَلَيْهِ بِالْمِجَنِّ , فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ , فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ بِالدَّمِ "

ذكر دم البراغيث والذباب اختلف أهل العلم في دم البعوض والبراغيث وما أشبه ذلك , فرخصت فيه طائفة , ولم يروا به بأسا. فممن رخص في دم البراغيث ولم ير به بأسا. عطاء والحسن والشعبي والحكم وحماد وحبيب بن أبي ثابت وطاوس , وكذلك قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب

ذِكْرُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَالذُّبَابِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي دَمِ الْبَعُوضِ وَالْبَرَاغِيثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ , وَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا. فَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَطَاوُسٌ ,

وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هُوَ دَمٌ مَسْفُوحٌ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَحَبِيبٌ: لَا بَأْسَ بِدَمِ الْخَفَافِيشِ وَدَمِ الْبَقِّ وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ فِي دَمِ الذُّبَابِ: لَا يَضُرُّكُ. وَقَالَ الْحَسَنُ كَذَلِكَ فِي دَمِ السَّمَكِ , وَقَالَ مَالِكٌ فِي الثَّوْبِ يُصِيبُهُ مِنْ مَاءِ الْخُنْفُسَاءِ وَمَا يُصِيبُهَا مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ: لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ إِذَا رَآهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ , وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ؛ رُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي دَمِ الْبَرَاغِيثِ: اغْسِلْ مَا اسْتَطَعْتَ , وَقَالَ أَحْمَدُ فِي دَمِ الْبَرَاغِيثِ إِذَا كَثُرَ: إِنِّي لَأَفْزَعُ مِنْهُ , وَقَالَ مَالِكٌ فِي دَمِ الْبَرَاغِيثِ إِنْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ: إِنِّي أَرَى أَنْ يُغْسَلَ , وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يُغْسَلُ قَلِيلُ الدَّمِ مِنَ الدَّمِ كُلِّهِ , وَإِنْ كَانَ دَمَ الذُّبَابِ رَأَيْتُ أَنْ يُغْسَلَ ,

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي دَمِ السَّمَكِ إِذَا كَثُرَ وَفَحُشَ: لَا يُصَلَّى فِيهِ. قَالَ وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنْ دَمِ السَّمَكِ , فَقَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ. إِنْ كَانَ فَحُشَ اغْسِلْهُ , وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي دَمِ الْحُلُمَ: إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ , وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَمْ يُعِدْ وَلَكِنْ أَفْضَلُ ذَلِكَ أَنْ يَغْسِلَهُ , وَقَالُوا: لَيْسَ دَمُ السَّمَكِ بِشَيْءٍ , وَلَا يُفْسِدُ شَيْئًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ الدَّمَ فَقَالَ {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [البقرة: 173] فَالدَّمُ حَرَامٌ وَغَسْلُهُ يَجِبُ مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ , وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِ دَمِ الْحَيْضَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الدَّمِ وَكَثِيرِهِ إِذْ لَيْسَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا سُنَّةٌ وَلَا إِجْمَاعٌ , فَيُسَلَّمُ لَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر اختلاف أهل العلم في المقدار من الدم الذي يجب منه إعادة الصلاة اختلف أهل العلم في المقدار من الدم الذي يعاد منه الصلاة؛ فقالت طائفة: إذا كان فاحشا يعيد , هكذا قال ابن عباس

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمِقْدَارِ مِنَ الدَّمِ الَّذِي يَجِبُ مِنْهُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمِقْدَارِ مِنَ الدَّمِ الَّذِي يُعَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ فَاحِشًا يُعِيدُ , هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

712 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، نا سُلَيْمَانُ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الدَّمُ فَاحِشًا , فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ» -[153]- وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ , وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَ كَثِيرًا فَلْيُلْقِ الثَّوْبَ عَنْهُ , وَإِذَا كَانَ قَلِيلًا فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ , وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ فَاحِشًا كَثِيرًا أَعَادَ , وَهَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ , وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُصَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ الدَّمُ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَاحِشًا , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا فِي قَلِيلِ الدَّمِ إِنْ صَلَّى فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ , ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْكَثِيرِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يُجْمِعُوا عَلَى قَدْرٍ يَمْنَعُونَهُ مِنْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ مِنَ الدَّمِ الَّذِي يَكُونُ فَاحِشًا فَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْكَثِيرِ , فَقَالَ: نِصْفُ الثَّوْبِ وَأَكْثَرُ , وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ , فَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْكَثِيرِ , فَقَالَ: إِذَا كَانَ شِبْرًا فِي شِبْرٍ , وَحَكَى يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ شِبْرٌ، فَقَالَ: هَذَا كَثِيرٌ , وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْفَاحِشِ وَقْتًا , وَلَكِنَّهُ قَالَ عَلَى مَا تَسْتَفْحِشُهُ فِي نَفْسِكَ , وَقَالَ قَتَادَةُ مَرَّةً: مَوْضِعُ الدِّرْهَمِ فَاحِشٌ , وَقَالَ مَرَّةً: مِثْلُ الظُّفُرِ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ الدَّمُ مِقْدَارَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ. رُوِيَ -[154]- هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ , وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا كَانَ مَوْضِعُ الدِّرْهَمِ فِي ثَوْبِكَ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ , وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا يَضُرُّهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَعَادَ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ , وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَانْصَرِفْ , وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ يُعِيدُ صَلَاتَهُ , وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَعَادَ. قَالَ بَلَغَنِي عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَدْرَ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمُ قَدْ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الدِّرْهَمِ , فَوَضَعْنَاهُ عَلَى أَكْثَرِ مَا يَكُونُ فِيهَا اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مِثْقَالٍ. قَالَ: لَا يُعِيدُ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْصَرِفُ مِنْ قَلِيلِ الدَّمِ وَكَثِيرِهِ. ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْصَرِفُ مِنْ قَلِيلِ الدَّمِ وَكَثِيرِهِ , ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ , فَيُعِيدَ

713 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: الرَّجُلُ يَرَى فِي ثَوْبِهِ الدَّمَ الْقَلِيلَ أَوِ الْكَثِيرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَنْصَرِفُ لِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ صَلَّى إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيُعِيدَ» -[155]- وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: قَلِيلُ الدَّمِ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: يُغْسَلُ قَلِيلُ الدَّمِ وَكَثِيرُهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى فِي الثِّيَابِ الَّتِي فِيهَا الدَّمُ وَالْقَيْحُ مَا لَمْ يَرْقَأِ الْجَرْحُ أَوِ الْقَرْحُ فَإِذَا رَقَأَ فَاغْسِلْ ثِيَابَكَ، هَكَذَا قَالَ عُرْوَةُ، وَسَأَلَ رَجُلٌ عَطَاءً فَقَالَ: فِي ظَهْرِي قُرُوحٌ قَدْ مَلَأَ قَيْحُهَا ثِيَابِي وَعَنَانِي الْغُسْلُ؟ فَقَالَ أَمَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْهِ ذَرُورًا تُجِفُّهَا؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَصَلِّ وَلَا تَغْسِلْ ثِيَابَكَ فَإِنَّ اللهَ أَعْذَرَ بِالْعُذْرِ. وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الثَّوْبِ وَالنَّجَاسَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَدَنِ فَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ وَفِي ثَوْبِهِ بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ دَمٌ أَعَادَ الصَّلَاةَ مَا كَانَ فِي وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَإِنْ صَلَّى وَشَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي جَسَدِهِ أَعَادَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا صَلَّيْتَ وَفِي ثَوْبِكَ دَمٌ أَوْ مَنِيٌّ فَلَمْ تَرَهُ حَتَّى فَرَغْتَ مِنْ صَلَاتِكَ أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ كَانَ فِي جَسَدِكَ غَسَلْتَهُ وَأَعَدْتَ الصَّلَاةَ وَإِذَا -[156]- كَانَتِ الْعَذِرَةُ وَالْبَوْلُ فِي ثَوْبِكَ أَوْ جِلْدِكَ فَرَأَيْتَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَدْتَ. وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ غَسْلَ النَّجَاسَاتِ عَنِ الثِّيَابِ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ نَحَرَ جَزُورًا فَأَصَابَهُ مِنْ قَرْشِهَا وَدَمِهَا فَصَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مِجْلَزٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَيْسَ عَلَى ثَوْبٍ جَنَابَةٌ

714 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، أنبا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ: «نَحَرَ جَزُورًا فَأَصَابَهُ مِنْ قَرْشِهَا وَدَمِهَا فَصَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْهُ»

715 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الثَّوْبِ جَنَابَةٌ» وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيُّ، وَقَالَ الْحَارِثُ الْعَلَّكِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ فِي ثَوْبٍ إِعَادَةٌ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: رَأَى طَاوُسٌ دَمًا فِي ثَوْبِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يُبَالِهِ، وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى فِي ثَوْبِهِ الْأَذَى وَقَدْ صَلَّى فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا غَسْلُ الثِّيَابِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ مَضَى الْجَوَابُ فِي هَذَا

ذكر اختلاف أهل العلم في المني يصيب الثوب اختلف أهل العلم في طهارة المني فأوجبت طائفة غسله من الثوب فممن غسله من ثوبه عمر بن الخطاب، وأمر بغسله جابر بن سمرة وابن عمر وعائشة وابن المسيب

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي طَهَارَةِ الْمَنِيِّ فَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ غَسْلَهُ مِنَ الثَّوْبِ فَمِمَّنْ غَسَلَهُ مِنْ ثَوْبِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَمَرَ بِغَسْلِهِ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ

716 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ: " أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: أَتَرَوْنَ أَنْ نُدْرِكَ الْمَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَدْرَكَ فَاغْتَسَلَ وَجَعَلَ يَغْسِلُ مَا رُئِيَ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي ثَوْبِهِ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَوْ لَبِسْتَ ثَوْبًا غَيْرَ هَذَا وَصَلَّيْتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنْ وَجَدْتُ ثَوْبًا وَجَدَهُ كُلُّ إِنْسَانٍ إِنِّي لَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً وَلَكِنِّي أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ وَأَنْضِحُ مَا لَمْ أَرَ "

717 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: " فِي الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ قَالَتْ: إِنْ رَأَيْتَهُ فَاغْسِلْهُ وَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَانْضَحْهُ "

718 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: " سَأَلَهُ رَجُلٌ أُجَامِعُ فِي الثَّوْبِ وَأُصَلِّي فِيهِ؟ قَالَ: «إِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ فَاغْسِلْهُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ»

719 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ أَهْلِهِ ثُمَّ يَحْتَلِمُ فِي الثَّوْبِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ فِيهِ شَيْئًا فَاغْسِلُوهُ وَإِنْ لَمْ تَرَوْا فِيهِ شَيْئًا فَانْضَحُوا فِيهِ بِالْمَاءِ» وَقَالَ مَالِكٌ: غَسْلُ الِاحْتِلَامِ مِنَ الثَّوْبِ أَمْرٌ وَاجِبٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ بِمِقْدَارِ الدِّرْهَمِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثٍ

720 - حَدَّثَنَا سَلْمَانُ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْسِلُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَاحْتَجَّ آخَرُ بِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ

721 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُهَا فِيهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى " -[159]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَنِيُّ طَاهِرٌ لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُفْرَكُ مِنَ الثَّوْبِ فَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِهِ سَعْدٌ وَابْنُ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: امْسَحْهُ بِإِذْخِرَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَلَا تَغْسِلْهُ إِنْ شِئْتَ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ كَهَيْئَةِ النُّخَامِ أَوِ الْبُزَاقِ أَوِ الْمُخَاطِ فَحُتَّهُ أَوِ امْسَحْهُ بِخِرْقَةٍ وَقَالَ عَطَاءٌ: أَمِطْهُ بِإِذْخِرَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إِذَا صَلَّيْتَ وَفِي ثَوْبِكَ جَنَابَةٌ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْكَ

722 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «إِنِ احْتَلَمْتَ فِي ثَوْبِكَ فَامْسَحْهُ بِإِذْخِرَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَلَا تَغْسِلْهُ إِنْ شِئْتَ إِلَّا أَنْ تَقْذُرَهُ أَوْ تَكْرَهَ أَنْ يُرَى فِي ثَوْبِكَ»

723 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ: «أَنَّهُ كَانَ يَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنَ الثَّوْبِ»

724 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، نا أَبُو نُعَيْمٍ، نا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: إِنِّي بِجَالِسٍ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ نَظَرَ إِلَى ثَوْبِهِ فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا لَأَثَرُ احْتِلَامٍ طَلَبَتُهُ الْبَارِحَةَ فَلَمْ أَجِدْهُ ثُمَّ بِهِ هَكَذَا فَفَرَكَهُ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: الْمَنِيُّ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو -[160]- ثَوْرٍ وَقَالَ أَحْمَدُ: يُجْزِيهِ أَنْ يَفْرُكَهُ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمَنِيِّ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ فَيَجِفُّ فَحَتَّهُ الرَّجُلُ يُجْزِيهِ ذَلِكَ، وَفِي الْعَذِرَةِ وَالدَّمِ لَا يُجْزِيهِ الْحَتُّ وَهُمَا فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَ فِي الْمَنِيِّ أَثَرٌ فَأَخَذْنَا بِهِ وَاحْتَجَّ الَّذِينَ قَالُوا بِالْفَرْكِ بِأَخْبَارٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ

725 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: أَضَافَ عَائِشَةَ ضَيْفٌ فَلَبَّسَتْهُ مِلْحَفَةً جَدِيدَةً فَاحْتَلَمَ فِيهَا فَجَاءَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ وَقَدْ غَسَلَهَا فَرَجَعَ فَأَخَذَهَا فَلَمَّا أَتَاهَا قَالَ: إِنِّي احْتَلَمْتُ فِيهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «رُبَّمَا رَأَيْتَ مِنْهُ الشَّيْءَ فِي ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَكْتُهُ يَابِسًا»

726 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، نا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَنِيُّ طَاهِرٌ وَلَا أَعْلَمُ دَلَالَةً مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ يُوجِبُ غَسْلَهُ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ

ذكر الثوب الذي يصيبه المني ويخفى مكانه اختلف أهل العلم في الثوب يصيبه المني ويخفى موضعه من الثوب فقالت طائفة يغسل ما رأى وينضح ما لم يره هكذا قال عمر وقال ابن عباس: ينضح الثوب

ذِكْرُ الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْمَنِيُّ وَيَخْفَى مَكَانُهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الْمَنِيُّ وَيَخْفَى مَوْضِعُهُ مِنَ الثَّوْبِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَغْسِلُ مَا رَأَى وَيَنْضَحُ مَا لَمْ يَرَهُ هَكَذَا قَالَ عُمَرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَنْضَحُ الثَّوْبَ

727 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَ: " أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ عُمَرَ مِنْ رَكْبٍ فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَنَّ عُمَرَ عَرَّسَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ قَرِيبًا مِنْ بَعْضِ الْمِيَاهِ فَاحْتَلَمَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ كَادَ يُصْبِحُ فَرَكِبَ وَكَانَ الرَّفْعُ حَتَّى جَاءَ الْمَاءَ فَجَلَسَ عَلَى الْمَاءِ فَغَسَلَ مَا رَأَى مِنَ الِاحْتِلَامِ حَتَّى أَسْفَرَ، فَقَالَ عَمْرٌو أَصْبَحْتَ وَمَعَنَا ثِيَابٌ الْبَسْهَا وَدَعْ ثَوْبَكَ يُغْسَلُ فَقَالَ عُمَرُ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا عَمْرُو، إِنْ كُنْتَ تَجِدُ ثِيَابًا أَفْكَلُ الْمُسْلِمِينَ يَجِدُ ثِيَابًا؟ وَاللهِ لَوْ جَعَلْتُهَا لَكَانَتْ سُنَّةً بَلْ أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَ "

728 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ وَلَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ: قَالَ يُنْضَحُ الثَّوْبُ " وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: انْضَحْهُ وَقَالَ -[162]- عَطَاءٌ: ارْشُشْهُ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ رَأَيْتَهُ فَاغْسِلْهُ، وَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَانْضَحْهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا خَفِيَ مَكَانُهُ غُسِلَ الثَّوْبُ كُلُّهُ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنُ

729 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «إِذَا عَلِمْتَ أَنَّكَ احْتَلَمْتَ فِي ثَوْبِكَ وَلَمْ تَجِدْهُ فَاغْسِلِ الثَّوْبَ كُلَّهُ فَإِنْ شَكَكْتَ أَصَابَهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَارْشُشِ الثَّوْبَ»

730 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ شَيْءٌ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرَأَى أَثَرَهُ فِي ثَوْبِهِ فَلْيَغْسِلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ ثَوْبِهِ وَلَا يَغْسِلْ سَائِرَ ثَوْبِهِ فَإِذَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَهُ فَلْيَغْسِلِ الثَّوْبَ كُلَّهُ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْفَرْكَ يُجْزِيهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي مَكَانَهُ فَرَكَ الثَّوْبَ كُلَّهُ هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ

ذكر المرء يصلي في الثوب النجس ثم يعلم به بعد الصلاة واختلفوا في الثوب يصلي فيه المرء ثم يعلم بعد الصلاة بنجاسة كانت فيه فقالت طائفة: لا إعادة عليه هذا قول ابن عمر وعطاء وابن المسيب وطاوس وسالم ومجاهد والشعبي والزهري والنخعي والحسن ويحيى الأنصاري

ذِكْرُ الْمَرْءِ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ النَّجَسِ ثُمَّ يَعْلَمُ بِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الثَّوْبِ يُصَلِّي فِيهِ الْمَرْءُ ثُمَّ يَعْلَمُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ كَانَتْ فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٍ وَسَالِمٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ

731 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، نا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، نا الْأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ انْصَرَفَ حَتَّى يَغْسِلَهُ ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ» -[164]- وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ وَمِمَّنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ أَبُو قِلَابَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ الْحَكَمُ: يُعِيدُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ أَنْ يُعِيدَ هَكَذَا قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ: يُعِيدُ. وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْبَارِ خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

732 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، نا أَبُو الْوَلِيدِ، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ» ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا: قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا فَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا وَلْيُصَلِّي فِيهِمَا»

733 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، أنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ -[165]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَعْلَيْهِ فَخَلَعَهُمَا فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: «أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ فِيهِمَا نَتِنًا فَخَلَعَتْهُمَا فَلَا تَفْعَلُوا» وَحُجَّتُهُمْ مِنَ النَّظَرِ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الثَّوْبِ عَلَى طَاهِرِ مَا هُوَ عِنْدَهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَلَمْ يُكَلَّفْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلِمَ مَا غَابَ عَنْهُ فَإِذَا صَلَّى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُجَزْ أَنْ يُوجِبَ بِالِاخْتِلَافِ فَرْضٌ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا يُعِيدُ إِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَيْسَ يَخْلُو فَاعِلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُؤْدِيًا مَا فُرِضَ عَلَيْهِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، أَوْ يَكُونُ غَيْرَ مُصَلٍّ كَمَا أُمِرَ فَلَا بُدَّ لِمَنْ حَالَتُهُ هَذِهِ مِنَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ ثُمَّ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهَا أَلْقَى الثَّوْبَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعِدْ مِمَّا مَضَى مِنَ الصَّلَاةِ

مسائل من هذا الباب واختلفوا في الرجل لا يجد إلا ثوبا نجسا فقالت طائفة: يصلي فيه ولا يصلي عريانا هذا قول مالك ومال إلى هذا القول المزني وقالت طائفة: يصلي عريانا ولا يصلي في الثوب النجس هذا قول الشافعي وأبي ثور وقال أصحاب الرأي في رجل صلى عريانا لا يقدر

مَسَائِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ إِلَّا ثَوْبًا نَجِسًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي فِيهِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُزَنِيُّ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي عُرْيَانًا وَلَا يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ صَلَّى عُرْيَانًا لَا يَقْدِرُ عَلَى ثَوْبٍ نَظِيفٍ وَمَعَهُ ثَوْبٌ فِي بَعْضِهِ دَمٌ قَالَ: يُصَلِّي فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوءًا دَمًا قَالَ: وَإِنَّ صَلَّى عُرْيَانًا يُجْزِيهِ وَإِنَّ صَلَّى فِي الثَّوْبِ يُجْزِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُجْزِيهِ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ مَمْلُوءًا دَمًا إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ مَعَهُ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجَسٌ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي الثَّوْبَيْنِ وَالْإِنَاءَيْنِ النَّجَسِ أَحَدُهُمَا يَتَحَرَّى وَيُجْزِيهِ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ وَفِي قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ وَالْمُزَنِّيِّ: لَا يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ يُعِيدُهَا فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ فِي بَعْضِهِ نَجَاسَةٌ وَالنَّجَسُ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ وَالَّذِي عَلَى الْمُصَلَّى مِنْهُ طَاهِرٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاعْتَلَّ بِأَنْ يَزُولَ فَيَزَولَ الثَّوْبُ بِزَوَالِهِ وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: يُجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْبِسَاطِ الَّذِي فِي طَرَفٍ مِنْهُ نَجَاسَةٌ أَنَّ الصَّلَاةَ تُجْزِي عَلَى الطَّاهِرِ مِنْهُ

وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ الْمُسَافِرِ لَا يَجِدُ ثَوْبًا فَصَلَّى عُرْيَانًا رَكْعَتَيْنِ قَعَدَ فِيهِمَا قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الصَّلَاةَ وَهَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يَسْتَتِرُ ثُمَّ يُتِمُّ صَلَاتَهُ

ذكر تطهير الخفاف والنعال من النجاسات اختلف أهل العلم في الرجل يطأ بنعله أو خفه القذر الرطب فقالت طائفة: يجزيه أن يمسح بذلك بالتراب ويصلي فيه هذا قول الأوزاعي وفرق بين أن يطأ بقدميه أو بخفه ونعله فقال في الخف والنعل: التراب لهما طهور، وقال في القدمين:

ذِكْرُ تَطْهِيرِ الْخِفَافِ وَالنِّعَالِ مِنَ النَّجَاسَاتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَطَأُ بِنَعْلِهِ أَوْ خُفِّهِ الْقَذِرَ الرَّطِبَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ بِالتُّرَابِ وَيُصَلِّي فِيهِ هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَطَأَ بِقَدَمَيْهِ أَوْ بِخُفِّهِ وَنَعْلِهِ فَقَالَ فِي الْخُفِّ وَالنَّعْلِ: التُّرَابُ لَهُمَا طَهُورٌ، وَقَالَ فِي الْقَدَمَيْنِ: لَا يُجْزِي إِلَّا غَسْلُهُمَا بِالْمَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي السَّيْفِ يُصِيبُهُ الدَّمُ يَمْسَحُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ حَارٌّ يُصَلِّي فِيهِ إِذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَثَرٌ وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ فِي الْأَقْذَارِ: جَائِزٌ مَسْحُهُمَا بِالْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِطًا أَوْ بَوْلًا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْخُفِّ وَالنَّعْلِ: إِذَا مَسَحَهُ بِالْأَرْضِ، حَتَّى لَا يَجِدَ لَهُ رِيحًا وَلَا أَثَرًا رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِيهِ وَالْغُسْلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَمْسَحُ النَّعْلَ أَوِ الْخُفَّ يَكُونُ فِي السَّاقَيْنِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي بِالْقَوْمِ. وَهَكَذَا قَالَ عُرْوَةٌ فِي النَّعْلِ يُصِيبُهَا الرَّوْثُ يَمْسَحُهَا وَيُصَلِّي فِيهَا،

وَقَالَ سُفْيَانُ فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ ثُمَّ انْغَمَسَتْ رِجْلُهُ فِي نَتْنٍ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً قَالَ: يَتَيَمَّمُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ لَمْ يُتِمَّ وُضُوءَهُ قَالَ: وَإِذَا أَصَابَ شَيْئًا مِنْ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ نَتْنٌ مَسَحَهُ بِالتُّرَابِ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ بِإِسْنَادٍ فِي بَابٍ قَبْلُ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

734 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْحُسْنِيُّ، قَالَا: ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلَيْهِ فِي الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طَهُورٌ»

735 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا خَارِجَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلَيْهِ فِي الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طَهُورٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النَّجَاسَاتِ لَا تَطْهُرُ إِلَّا بِالْمَاءِ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وَقَالَ {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] الْآيَةَ وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِصَبِّ دَلْوٍ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَلِأَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ دَمِ الْحَيْضَةِ فَوَجَبَ إِزَالَةُ النَّجَاسَاتِ بِالْمَاءِ لَا تَقَعُ طَهَارَةٌ لِشَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ إِلَّا بِالْمَاءِ إِلَّا مَوْضِعٌ دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فَإِنَّ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ يَطْهُرُ بِغَيْرِ الْمَاءِ وَذَلِكَ: الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ -[169]- ذَلِكَ طَهُورًا لِمَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ وَلِلْخِفَافِ وَالنِّعَالِ فَإِنَّ طَهَارَةَ مَا يُصِيبُهَا مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فَأَمَّا سَائِرُ النَّجَاسَاتِ فَلَا تَطْهُرُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَمِنْ حَيْثُ وَجَبَ أَنْ نَجْعَلَ الْأَحْجَارَ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ مُطَهِّرَةً لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَجِبُ كَذَلِكَ أَنْ نَجْعَلَ طَهَارَةَ الْخِفَافِ وَالنِّعَالِ مَسْحَهَا بِالتُّرَابِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَكُونُ سَائِرُ الْأَنْجَاسِ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: النَّجَاسَاتُ كُلُّهَا تَطْهُرُ بِالْمَاءِ لَا تَطْهُرُ بِغَيْرِهِ كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الْبَوْلِ فِي النَّعْلِ وَالثَّوْبِ سَوَاءٌ وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الرَّوْثُ أَوِ الْعَذِرَةُ أَوِ الدَّمُ أَوِ الْمَنِيُّ فَيَبِسَ فَحَكَّهُ قَالَ: يُجْزِيهِ وَإِنْ كَانَ رَطْبًا لَمْ يُجِزْهُ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَالثَّوْبُ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَإِنْ يَبِسَ إِلَّا فِي الْمَنِيِّ خَاصَّةً. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُجْزِيهِ فِي الْيَبْسِ أَيْضًا حَتَّى يَغْسِلَ مَوْضِعَهُ فِي الْخُفِّ وَغَيْرِهِ إِلَّا فِي الْمَنِيِّ خَاصَّةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الْبَوْلُ: لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَإِنْ يَبِسَ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الْعَذِرَةُ أَوِ الدَّمُ فَيَحِتُّهُ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رَوْثُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ مِثْلُ الْعَذِرَةِ فَإِنْ أَصَابَ النَّعْلَ أَوِ الْخُفَّ الدَّمُ أَوِ الْعَذِرَةُ أَوِ الرَّوْثُ فَجَفَّ فَمَسَحَهُ الرَّجُلُ بِالْأَرْضِ يُجْزِيهِ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَمِنْ أَيْنَ اخْتَلَفَ النَّعْلُ وَالثَّوْبُ؟ قَالَ: لِأَنَّ النَّعْلَ جِلْدٌ فَإِذَا مَسَحَهُ بِالْأَرْضِ ذَهَبَ الْقَذَرُ مِنْهُ وَالثَّوْبُ لَيْسَ هَكَذَا لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنَشِّفُهُ فَيَبْقَى فِيهِ. -[170]- وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الدَّمِ وَالْعَذِرَةِ: إِذَا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ لَا يُجْزِيهِ أَنْ يَمْسَحَهُ مِنَ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ حَتَّى يَغْسِلَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إِذَا أَصَابَ الْخُفَّ أَوِ النَّعْلَ أَوِ الثَّوْبَ الرَّوْثُ فَصَلَّى فِيهِ وَهُوَ رَطْبٌ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إِنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا فَصَلَّى فِيهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَنِ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ أُمِّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ

736 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: " كُنْتُ أُطِيلُ ذَيْلِي فَأَمُرُّ فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ وَالْمَكَانِ الطَّيِّبِ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلْتُهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَاهُ فَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ: لَيْسَ مَعْنَاهُ إِذَا أَصَابَهُ بَوْلٌ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهَا تُطَهِّرُهُ وَلَكِنَّهُ يَمُرُّ بِالْمَكَانِ فَيُقَذِّرُهُ فَيَمُرُّ بِمَكَانِ أَطْيَبَ مِنْهُ فَيُطَهَّرُ هَذَا ذَاكَ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ يُصِيبُهُ شَيْءٌ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: فِي قَوْلِهِ: " الْأَرْضُ تُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ الْقَذِرَةَ ثُمَّ يَطَأَ الْأَرْضَ الْيَابِسَةَ النَّظِيفَةَ قَالَ: يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَأَمَّا النَّجَاسَةُ الرَّطْبَةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ بَعْضِ الْجَسَدِ حَتَّى يُرَطِّبَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ وَلَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْغُسْلُ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ " -[171]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» . إِنَّمَا هُوَ مَا جَرَّ عَلَى مَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلُقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَمَّا إِذَا جَرَّ عَلَى رَطْبٍ فَلَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالْغُسْلِ وَلَوْ ذَهَبَ رِيحُهُ وَلَوْنُهُ وَأَثَرُهُ

ذكر المتطهر يمشي في الأرض القذرة روينا عن علي أنه خاض طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه، وعن ابن مسعود وابن عباس أنهما قالا: لا يتوضأ من موطئ ورئي ابن عمر بمنى توضأ ثم خرج وهو حاف فوطئ ما وطئ، ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ

ذِكْرُ الْمُتَطَهِّرِ يَمْشِي فِي الْأَرْضِ الْقَذِرَةِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ خَاضَ طِينَ الْمَطَرِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يَتَوَضَّأُ مَنْ مَوْطِئٍ وَرُئِيَ ابْنُ عُمَرَ بِمِنًى تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ حَافٍ فَوَطِئَ مَا وَطِئَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

737 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيْنَيْةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كُنَّا لَا نَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطِئٍ»

738 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُجَاشِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كُهَيْلٍ أَوْ كُمَيْلٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا «يَخُوضُ طِينَ الْمَطَرِ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ»

739 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا مُجَاشِعٌ أَبُو الرَّبِيعِ الثَّعْلَبِيُّ، ثنا كُهَيْلٌ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ وَكَانَتْ تُمْطَرُ الرَّحَبَةُ وَهُوَ رَمِلٌ فَيَخْرُجُ فَيَطَأُ الْمَاءَ فَيُصَلِّي، وَلَا يُعِيدُ وُضُوءًا، وَلَا يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ "

740 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ -[172]- يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطِئٍ»

741 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بِمِنًى يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَخْرُجُ وَهُوَ حَافٍ فَيَطَأُ مَا يَطَأُ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَلَا غَسْلَ الرَّجُلَيْنِ إِذَا خَاضَ طِينَ الْمَطَرِ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ قَالَ الْحَسَنُ: امْسَحْهَا وَصَلِّ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَبِهِ قَالَ عَوَامُّ -[173]- أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَالْأَشْيَاءُ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يُوجَدَ نَجِسًا بِعَيْنِهِ عَيْنًا قَائِمًا فَيُزَالُ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطِّينَ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَخَالَطَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَوْلٌ لَمْ يَضُرُّهُ وَطَهَّرَهُ الْمَاءُ

742 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا يَحْيَى، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَخْبَرَهُ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَبَالَ فِيهِ فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ فَكَفَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَغَ الْأَعْرَابِيُّ ثُمَّ أَمَرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ لَمَّا جَعَلَ الدَّلْوَ مِنَ الْمَاءِ يُطَهِّرُ الْبَوْلَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا غَلَبَ عَلَى النَّجَاسَةِ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْمَاءِ فَكَذَلِكَ مَاءُ الْمَطَرِ إِذَا كَثُرَ غَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ النَّجِسَةِ فَطَهَّرَ الْمَوْضِعَ وَإِذَا طَهُرَ الْمَوْضِعُ كَانَ حُكْمُ طِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حُكْمُ الطَّهَارَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الصلاة في ثياب المشركين واختلفوا في الصلاة في ثياب المشركين فقالت طائفة: ثياب المشركين وغير ثيابهم على الطهارة حتى تعلم نجاسة والصلاة فيها جائزة هذا قول سفيان، والشافعي، والنعمان، وصاحبيه يعقوب، ومحمد غير أن الشافعي أحب لو توقى ثيابهم ثم الأزر

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الْمُشْرِكِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ثِيَابُ الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرُ ثِيَابِهِمْ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تَعْلَمَ نَجَاسَةً وَالصَّلَاةُ فِيهَا جَائِزَةٌ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالنُّعْمَانِ، وَصَاحِبَيْهِ يَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدٍ غَيْرَ أَنَّ

الشَّافِعِيَّ أَحَبَّ لَوْ تَوَقَّى ثِيَابَهُمْ ثُمَّ الْأُزُرُ وَالسَّرَاوِيلُ وَكَرِهَ النُّعْمَانُ الْأُزُرَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبَاهُ إِلَّا أَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: إِنْ صَلَّى فِي الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ أَجْزَأَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةً وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي عَلَى جِلْدُ الْكَافِرِ كَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَرَخَّصَ فِي الَّذِي فَوْقَ ثِيَابِهِ مِثْلِ الطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: أَرَى تَطْهِيرَ جَمِيعَ ثِيَابِهِمْ وَكَذَلِكَ إِنْ صَلَّى الْمُسْلِمُ فِي ثِيَابِهِمْ مِمَّا يَشْتَرُونَهَا مِنْهُمْ يُطَهِّرُونَهَا، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ كَانَ لِكَافِرٍ يَلْبَسُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَعَادَ مِنَ الصَّلَوَاتِ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ مَا مَضَى وَقْتُهُ وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي رِدَاءِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الثِّيَابُ كُلُّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يُوقِنَ الْمَرْءُ بِنَجَاسَةٍ أَصَابَتْهَا، وَسَوَاءٌ ثَوْبُ مُشْرِكٍ وَغَيْرِ مُشْرِكٍ سَوَاءً مَنْ نَسَجَ الثَّوْبَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يَرَى بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ الَّتِي يَنْسُجُهَا الْمَجُوسُ السَّابِرِيِّ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا نَسَجَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ: لَا بَأْسَ بِهِ

وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْجَوَابُ فِي ثِيَابِ الصِّبْيَانِ كَالْجَوَابِ فِي سَائِرِ الثِّيَابِ وَالصَّلَاةُ فِيهَا كُلِّهَا جَائِزٌ إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ نَجَاسَةً وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ

743 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، ثنا الشَّافِعِيُّ، أنا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ ابْنَةَ أَبِي الْعَاصِ»

ذكر تطهير الأرض من البول

ذِكْرُ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ مِنَ الْبَوْلِ

744 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْمُقْرِئُ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ» ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ "

745 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا يَحْيَى، أَنَّ أَنَسًا، أَخْبَرَهُ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَبَالَ فِيهِ فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ فَكَفَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَغَ الْأَعْرَابِيُّ ثُمَّ أَمَرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ -[176]- فَصُبَّ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ» وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ يَقُولُ: إِذَا كَانَ غَالِبًا عَلَى الْبَوْلِ طَهُرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَخْبَارَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ الْبَوْلِ تُصِيبُهُ الشَّمْسُ أَوْ يَجِفُّ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا بِالْمَاءِ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: إِنْ أَتَى عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَطَرٌ فَأَصَابَهُ مِنَ الْمَاءِ بِقَدْرِ ذَلِكَ يُرِيدَانِ قَدْرَ الدَّلْوِ فَذَلِكَ يُطَهِّرُهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا جَفَّ وَذَهَبَ أَثَرُهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ فَجَائِزٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى بِسَاطٍ وَذَهَبٍ أَثَرُهُ وَجَفَّ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: وَقَالَا: الشَّمْسُ تُزِيلُ النَّجَاسَةَ إِذَا ذَهَبَ الْأَثَرُ عَنِ الْأَرْضِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ: جُفُوفُ الْأَرْضِ طَهُورٌ

ذكر عرق الجنب والحائض أجمع عوام أهل العلم على أن عرق الجنب طاهر فممن ثبت عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عرق الجنب طاهر ابن عمر وابن عباس وعائشة وبه قال عطاء وابن جبير والشعبي والحسن وكانت عائشة والحسن وغيرهما يقولون: عرق الحائض كذلك

ذِكْرُ عَرَقِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَرَقَ الْجُنُبِ طَاهِرٌ فَمِمَّنْ ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: عَرَقُ الْجُنُبِ طَاهِرٌ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا يَقُولُونَ: عَرَقُ الْحَائِضِ كَذَلِكَ طَاهِرٌ

746 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ»

747 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، -[178]- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَعْرَقُ فِيهِ الْجُنُبُ»

748 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ: " فِي الْجُنُبِ يَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ: لَا بَأْسَ بِهِ "

749 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " أَضَعُ الْمُصْحَفَ عَلَى فِرَاشِي أُجَامِعُ عَلَيْهِ وَأَحْتَلِمُ عَلَيْهِ وَأَعْرَقُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ "

750 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ عَائِشَةَ: " سُئِلَتْ عَنِ الْجُنُبِ، يَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ أَيُنَجِّسُهُ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا "

751 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ: " فِي الْحَائِضِ تَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ: لَا بَأْسَ بِهِ " وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ عُرُوقَ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ طَاهِرٌ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهَذَا قَوْلُ كُلِّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَرَقُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ كَذَلِكَ طَاهِرٌ وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَجِسٌ وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدَلَّتِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَهَارَةِ الْجُنُبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ»

752 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبْتُ ثُمَّ جَنَبْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتُ جُنُبًا قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» ، قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ قَالَ: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» ، وَكَانَتْ تَرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ عَرَقِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا عَرَقُ الْحِمَارِ فَقَدْ حُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ أَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا بِعَرَقِ الْحِمَارِ بَأْسًا وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ نَقُولُ إِذْ لَا دَلَالَةَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِنَجَسٍ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ أَيُّوبَ عَنْ لُعَابِ الْحِمَارِ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا وَقَدْ حُكِيَ -[180]- عَنْ يَعْقُوبَ عَنِ النُّعْمَانِ فِي عَرَقِ الْحِمَارِ خِلَافَ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْهُ قَالَ فِي عَرَقِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَلُعَابِهِمَا إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ الدِّرْهَمِ فَصَلَّى فِيهِ أَعَادَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: لَا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي لُعَابِ الْحِمَارِ: لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يَتَوَقَّى

جماع أبواب المواضع التي تجوز الصلاة عليها والمواضع المنهي عن الصلاة فيها

جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَالْمَوَاضِعِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا

ذكر الأخبار التي يدل ظاهرها على أن الأرض كلها مسجد وطهور

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ وَطَهُورٌ

753 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا حَبَّانُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلًا؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» . ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةَ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ»

754 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا»

ذكر الخبر الدال على أن المراد من قوله: " جعلت الأرض لي مسجدا " كل أرض طيبة دون النجس منها

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: «جُعِلَتِ الْأَرْضُ لِي مَسْجِدًا» كُلُّ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ دُونَ النَّجِسِ مِنْهَا

755 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَجُعِلَتْ لِي كُلُّ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»

ذكر النهي عن اتخاذ القبور مساجد

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ

756 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَاهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَلْقِي عَلَى وَجْهِهِ طَرَفَ خَمِيصَةٍ لَهُ فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» قَالَ: تَقُولُ عَائِشَةُ: يُحَذِّرُ مِثْلَ الَّذِي صَنَعُوا

757 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، وَسُلَيْمَانُ، قَالَا: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»

ذكر النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ

758 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةُ وَالْحَمَّامُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ كَرِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ مُتَّصِلًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَوَى الْحَدِيثَ ثِقَةٌ أَوْ ثِقَاتٌ مَرْفُوعًا مُتَّصِلًا وَأَرْسَلَهُ بَعْضُهُمْ يُثْبِتُ الْحَدِيثَ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى مَوْصُولًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُوَهِّنِ الْحَدِيثَ تَخَلَّفَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ إِيصَالِهِ وَهَذَا السَّبِيلُ فِي الزِّيَادَاتِ فِي الْأَسَانِيدِ وَالزِّيَادَاتِ فِي الْأَخْبَارِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الشَّهَادَاتِ وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَوُضُوحًا الثَّابِتُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ»

759 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي قَوْلِهِ: «وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْبَرَةَ لَيْسَتْ بِمَوْضِعِ صَلَاةٍ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ» ، حَثٌّ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي الْبُيُوتِ وَقَوْلِهِ: «وَلَا تَجْعَلُوهَا قُبُورًا» ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي الْمَقْبَرَةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ

760 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَأَحْسَبُ، مَعْمَرًا رَفَعَهُ قَالَ: «مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»

761 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تُصَلِّيَنَّ إِلَى حَشٍّ وَلَا فِي حَمَّامٍ وَلَا فِي مَقْبَرَةٍ»

762 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، -[184]- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «تُكْرَهُ الصَّلَاةُ إِلَى حَشٍّ وَفِي حَمَّامٍ وَفِي مَقْبَرَةٍ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ وَذَكَرَ الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: لِأَنَّ الْمَقْبَرَةَ مُخْتَلِطَةُ التُّرَابِ بِلُحُومِ الْمَوْتَى وَصَدِيدِهِمْ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ قَالَ: وَلَوْ صَلَّى رَجُلٌ إِلَى جَنْبِ قَبْرٍ لَمْ يُنْبَشْ أَوْ فَوْقَهُ كُرِهَتْ لَهُ وَلَمْ آمُرْهُ أَنْ يُعِيدَ وَكَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَكْرَهَانِ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَشِّ وَكُلِّ أَرْضٍ قَذِرَةٍ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يُصَلِّي فِي حَمَّامٍ وَلَا مَقْبَرَةٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَظِيفٍ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ قَالَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسَطَ الْبَقِيعِ وَالْإِمَامُ يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَرُوِّينَا أَنَّ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَقْبَرَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَتِرُ بِقَبْرٍ

763 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: " أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَسَطَ الْقُبُورِ؟ قَالَ: لَقَدْ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسَطَ الْبَقِيعِ وَالْإِمَامُ يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ "

764 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ وَاثِلَةُ: «يُصَلِّي بِنَا صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَتِرُ بِقَبْرٍ» وَصَلَّى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي الْمَقَابِرِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ مَالِكٍ فَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُحِبُّ الصَّلَاةَ فِي الْمَقَابِرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرَاهِيَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَقَالَ قَائِلٌ: كُلُّ مَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ وَكُلُّ مَنْ صَلَّى عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ عَلَى فَسَادِ صَلَاتِهِ وَذَكَرَ نَهْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَحَدِيثَهُ الَّذِي فِيهِ: «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ» وَقَوْلَهُ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . وَقَالَ: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مُتَعَارِضَةٌ فَالصَّلَاةُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يُدْرَى طَاهِرٌ هُوَ أَوْ نَجِسٌ جَائِزٌ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِالنَّجَاسَةِ. -[186]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْقُبُورِ

765 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا» وَكَرِهَ الصَّلَاةَ إِلَى الْقُبُورِ عُمَرُ وَأَنَسٌ

766 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " رَآنِي عُمَرُ وَأَنَا أُصَلِّي، عِنْدَ قَبْرٍ فَجَعَلَ يَقُولُ: الْقَبْرُ فَحَسَبْتُ أَنَّهُ يَقُولُ: الْقَمَرُ فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، فَأَنْظُرُ قَالَ: إِنَّمَا أَقُولُ: الْقَبْرُ لَا تُصَلِّ إِلَيْهِ " قَالَ ثَابِتٌ: فَكَانَ أَنَسٌ يَأْخُذُ بِيَدِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَيَتَنَحَّى عَنِ الْقُبُورِ

ذكر النهي عن الصلاة في معاطن الإبل وإباحة الصلاة في مرابض الغنم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة في معاطن الإبل وأذن في الصلاة في مراح الغنم

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَأَذِنَ فِي الصَّلَاةِ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ

767 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، -[187]- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: " كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: " أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: نُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مَكَانٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ جَائِزَةٌ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهِ شَرْطًا لَا أَحْفَظُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَأَنَا ذَاكِرٌ ذَلِكَ عَنْهُ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُصَلَّى فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ دَخَلَ دَرْبَ غَنْمٍ فَصَلَّى فِيهِ وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ صَلَّى فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ فِي دِمَنِ الْغَنَمِ وَرَخَّصَ ابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ فِي ذَلِكَ

768 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَلَا نُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ»

769 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ مَاعِزِ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: أَتَانَا أَبُو ذَرٍّ فَدَخَلَ دَرْبَ غَنْمٍ لَنَا فَصَلَّى فِيهِ "

770 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ: " سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو عَنِ الصَّلَاةِ، فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ قَالَ: فَنَهَاهُ وَقَالَ: صَلِّ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ "

771 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَصَلَّى بِنَا فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَهُوَ يَجِدُ أَمْكِنَةً سِوَاهَا لَوْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا وَمَا رَأَيْتُهُ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا لِيُرِيَنَا "

772 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «صَلَّى فِي مَكَانٍ فِيهِ دِمَنٌ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَسْتُ أَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ إِذَا كَانَ سَلِيمًا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَبْعَارِهَا لِإِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ شَيْءٌ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَبْعَارِهَا فَصَلَّى فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ -[189]- وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا لَا نُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُمَا وَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ وَقَالَ مَكْحُولٌ: كَانَ الْعُلَمَاءُ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يُصَلَّى فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَيَكْرَهُونَ أَنْ يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ وَرَخَّصَ أَحْمَدُ أَنْ يُصَلَّى فِي مَوْضِعٍ فِيهِ أَبْوَالُ الْإِبِلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَاطِنُ الْإِبِلِ الَّتِي نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ وَكَانَ يَقُولُ: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إِذَا صَلَّى فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ. وَحُكِيَ عَنْ وَكِيعٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ قَالَ: يُجْزِيهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ: مَا صَنَعَ شَيْئًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ -[190]- جُنْدُبٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا يُثْبَتُ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَا يُصَلَّى فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ قِيَامِهِ وَلَا سُجُودِهِ وَلَا مَوْضِعِ رُكْبَتَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَبْعَارِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَأَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ نَهْيُهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالصَّلَاةُ فِي مُرَاحِ الْبَقَرِ جَائِزَةٌ إِذْ لَا خَبَرَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَيْنَ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ» ، غَيْرُ خَارِجٍ مِنْهُ بِخَبَرٍ وَلَا إِجْمَاعٍ فَمِمَّنْ رَأَى الصَّلَاةَ فِي مُرَاحِ الْبَقَرِ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ الْمَقْبَرَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْحَمَّامِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ وَظَهْرِ بَيْتِ اللهِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَهَذَا -[191]- الْحَدِيثُ غَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ جَبِيرَةَ. وَحَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ الْعُمَرِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يُضَعِّفُهُ وَقَدْ ذَكَرْتُهُمَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَعَاطِنُ الْإِبِلِ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَأَمَّا الْمَوَاضِعُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ نَجَاسَةٌ فَسَوَاءٌ هِيَ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَاضِعِ النَّجِسَةِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَأَمَّا ظَهْرُ بَيْتِ اللهِ فَقَدْ قِيلَ لِي: إِنَّ فَوْقَ الْبَيْتِ مِنَ الْبِنَاءِ مِقْدَارَ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ فَإِنْ يَكُ فَوْقَهُ مِنَ الْبِنَاءِ قَدْرَ الذِّرَاعِ فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ لِأَنَّ قَدْرَ الذِّرَاعِ يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَكُلِّ مَكَانٍ لَيْسَ بِطَاهِرٍ. وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ مَكَانٍ لَيْسَ بِطَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ لِعِلَّةِ النَّجَاسَةِ لَمَّا قَرَنَ إِلَيْهِمَا: وَكُلِّ مَكَانٍ لَيْسَ بِطَاهِرٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَقَالَ مَالِكٌ: يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجِسٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ. -[192]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا شَكَّ فِي مَوْضِعٍ هَلْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا؟ صَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يُوقِنَ بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يُوقِنَ بِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ فَتُحَرَّمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ

ذكر الأرض النجسة يبسط عليها بساط وإذا كانت الأرض نجسة فبسط عليها بساطا صلى عليه وهذا قول طاوس والأوزاعي ومالك والشافعي وإسحاق وقال أحمد: إذا بسط عليه وكان لا يعلق بالثوب ولا يرى بولا ولا عذرة بعينه فجائز. قال أبو بكر: ولا أعلم أحدا يمنع أن يصلى على

ذِكْرُ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ يُبْسَطُ عَلَيْهَا بِسَاطٌ وَإِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ نَجِسَةً فَبَسَطَ عَلَيْهَا بِسَاطًا صَلَّى عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا بَسَطَ عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَعْلُقُ بِالثَّوْبِ وَلَا يَرَى بَوْلًا وَلَا عِذِرَةً بِعَيْنِهِ فَجَائِزٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَمْنَعُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى مَوْضِعِ نَجَاسَةٍ بَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ صَيَّرَ عَلَيْهِ تُرَابًا يَمْنَعُ النَّجَاسَةَ أَنْ يُصِيبَ الْمُصَلَّى. وَحُكْمُ قَلِيلِ الْحَائِلِ الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ وَحُكْمُ كَثِيرَهِ سَوَاءٌ

ذكر الصلاة في البيع والكنائس واختلفوا في الصلاة في الكنائس والبيع فكرهت طائفة الصلاة فيها إذا كان فيها تماثيل قال عمر لرجل من النصارى: إنا لا ندخل بيعكم من أجل الصور التي فيها وكره ابن عباس ومالك الصلاة فيها من أجل الصور التي فيها ورخصت طائفة أن يصلى في

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ فِيهَا إِذَا كَانَ فِيهَا تَمَاثِيلُ قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ مِنَ النَّصَارَى: إِنَّا لَا نَدْخُلُ بِيَعَكُمْ مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا وَكَرِهَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَالِكٌ الصَّلَاةَ فِيهَا مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى فِي الْكَنَائِسِ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي كَنِيسَةٍ أَبُو مُوسَى وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَخَّصَ أَنْ يُصَلَّى فِي الْبِيَعِ إِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ

773 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ: " حِينَ قَدِمَ الشَّامَ صَنَعَ رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى طَعَامًا وَقَالَ لِعُمَرَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَجِيئَنِي وَتُكْرِمَنِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ النَّصَارَى فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّا لَا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ، يَعْنِي مِنْ أَجْلِ الصُّوَرِ الَّتِي فِيهَا التَّمَاثِيلُ»

774 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي فِي كَنِيسَةٍ فِيهَا تَمَاثِيلُ وَإِنْ صَارَ إِلَى ذَلِكَ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي فِي الْمَطَرِ»

775 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالصَّلَاةِ فِي الْبِيَعِ إِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»

776 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَرَازِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: " وَصَلَّى بِحِمْصَ فِي كَنِيسَةٍ تُدْعَى نَحْيَا ثُمَّ خَطَبَهُمْ وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ لِعَامِلِ اللهِ فِيهِ أَجْرٌ وَاحِدٌ وَسَيَكُونُ مِنْ بَعْدَكُمْ زَمَانٌ يَكُونُ لِعَامِلِ اللهِ فِيهِ أَجْرَانِ " وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْبِيَعِ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالنَّخَعِيُّ وَرَخَّصَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يُصَلَّى فِي كَنَائِسِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ فِي الْكَنَائِسِ جَائِزٌ لِدُخُولِهَا فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» . وَيُكْرَهُ الدُّخُولُ لِوَضْعٍ فِيهِ صُوَرٌ مِنَ الْكَنَائِسِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا صَلَّى رَجُلٌ عَلَى مَكَانٍ تَقَعُ أَطْرَافُهُ الَّتِي يَسْجُدُ عَلَيْهَا عَلَى الطَّهَارَةِ وَبِإِزَاءِ صَدْرِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ وَلَا ثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ

ذكر اختلاف أهل العلم في الأبوال والأرواث الطاهر منها والنجس قال أبو بكر: دلت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن أبوال بني آدم نجسة يجب غسلها من البدن ومن الثوب الذي يصلى فيه إلا ما روي عنه في بول الغلام الذي لم يطعم الطعام وقد ذكرنا هذا

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ الطَّاهِرِ مِنْهَا وَالنَّجَسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ أَبْوَالَ بَنِي آدَمَ نَجِسَةٌ يَجِبُ غَسْلُهَا مِنَ الْبَدَنِ وَمِنَ الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَطْعَمِ الطَّعَامَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ فِيمَا مَضَى وَاخْتَلَفُوا فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، طَاهِرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَهَا أَبْوَالُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَمِمَّنْ قَالَ: مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَرَخَّصَ فِي أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ الزُّهْرِيُّ، وَقَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ فِي الْأَبْوَالِ: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَرَخَّصَ الشَّعْبِيُّ فِي بَوْلِ

التَّيْسِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِيمَنْ وَطِئَ عَلَى الرَّوْثِ الرَّطْبِ: يَمْسَحُ قَدَمَيْهِ، وَيُصَلِّي وَرَخَّصَ الْحَكَمُ فِي أَبْوَالِ الشِّيَاهِ قَالَ: لَا تَغْسِلْهُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ صَلَّى عَلَى التُّرَابِ وَالسِّرْقِينِ

777 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى يُصَلِّي فِي دَارِ الْبَرِيدِ عَلَى التُّرَابِ وَالسِّرْقِينِ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ مِنْ هَهُنَا قَالَ: هَهُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ " وَرَخَّصَ فِي ذَرْقِ الطَّيْرِ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ. وَقَالَ حَمَّادٌ فِي خُرْءِ الدَّجَاجِ: إِذَا يَبِسَ فَافْرُكْهُ وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يَرَى عَلَى مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ خُرْءُ الدَّجَاجِ إِعَادَةً. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَرْوَاثُ وَالْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ وَكَذَلِكَ ذَرْقُ الطَّيْرِ كُلُّهَا نَجِسٌ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ بَوْلَ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ وَأَمَرَ بِالرَّشِّ عَلَيْهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَذِرَةِ وَلَا الرَّوْثِ وَلَا الْبَوْلِ كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ أَوْ مِنَ الدَّوَابِّ -[197]- وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ أَنَّهَا كُلَّهَا نَجِسَةٌ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَوْلُ كُلُّهُ يُغْسَلُ وَكَانَ يَكْرَهُ أَبْوَالَ الْبَهَائِمِ كُلَّهَا يَقُولُ: اغْسِلْ مَا أَصَابَكَ مِنْهَا وَقَالَ حَمَّادٌ فِي بَوْلِ الشَّاةِ: اغْسِلْهُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: لَا يَرَى أَهْلُ الْعِلْمِ أَبْوَالَ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَشُرِبَ لَبَنُهُ مِنَ الْأَنْعَامِ نَجِسًا وَكَذَلِكَ أَبْعَارَهَا وَهُمْ يَسْتَحْسِنُونَ مَعَ ذَلِكَ غَسْلَهَا وَلَا يَرَوْنَ بِالِاسْتِشْفَاءِ بِشُرْبِ أَبْوَالِهَا بَأْسًا وَيَكْرَهُونَ أَبْوَالَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَأَرْوَاثَهَا الرَّطْبَةَ أَنْ يُعِيدَ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ وَيَكْرَهُونَ شُرْبَ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا هَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِأَبْوَالِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ مِمَّا لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَأَرْوَاثَهَا إِنْ وَقَعَ فِي الثَّوْبِ، وَقَالَ فِي الطَّيْرِ الَّتِي تَأْكُلُ الْجِيَفَ وَالْأَذَى: يُعِيدُ مَنْ كَانَ فِي ثَوْبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ قَالَ: فَإِذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَوَقَفَ أَحْمَدُ عَنِ الْجَوَابِ فِي أَبْوَالِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مَرَّةً، وَقَالَ مَرَّةً: يُنَزَّهُ عَنْ بَوْلِ الدَّوَابِّ كُلِّهَا أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَكِنِ الْبَغْلُ وَالْحِمَارُ أَشَدُّ وَقَالَ إِسْحَاقُ كَذَلِكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَبْوَالُ كُلُّهَا سِوَى بَوْلِ بَنِي آدَمَ طَاهِرٌ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا -[198]- نَضْحُهُ إِلَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ بَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَرْقٌ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَقَدْ ذَكَرَ مُغِيرَةُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ أَنَّهُ قَالَ: بَالَ بَغْلٌ قَرِيبَ مِنِّي فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: مَا عَلَيْكَ لَوْ أَصَابَكَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا أَمَرَا بِالرَّشِّ عَلَى بَوْلِ الْإِبِلِ وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي رَوْثِ الْفَرَسِ وَرَوْثِ الْحِمَارِ وَالرَّوْثِ كُلِّهِ سَوَاءٌ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ الدِّرْهَمِ لَمْ تُجَزِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي بَوْلِ الْفَرَسِ: لَا يُفْسِدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَبَوْلُ الْحِمَارِ يُفْسِدُ إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدِّرْهَمِ وَهُوَ قَوْلُ النُّعْمَانِ وَيَعْقُوبَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُفْسِدُ بَوْلُ الْفَرَسِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا لِأَنَّهُ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي أَخْثَاءِ الْبَقَرِ وَخُرْءِ الدَّجَاجِ مِثْلُ السَّرْقَيْنِ يُفْسِدُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ فِي خُرْءِ الدَّجَاجِ خَاصَّةً وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ الرُّبُعُ فَصَاعِدًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ مَنْ جَعَلَ الْأَبْوَالَ كُلَّهَا نَجِسَةً بِأَنَّ أَبْوَالَ بَنِي آدَمَ لَمَّا كَانَتْ نَجِسَةً فَأَبْوَالُ الْبَهَائِمِ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ مَأْكُولَ الْآدَمِيِّينَ وَمَشْرُوبَهُمْ يَدْخُلُ حَلَالًا ثُمَّ يَتَغَيَّرُ فِي الْجَوْفِ حَتَّى يَخْرُجُ نَجِسًا، فَكَانَ مَا كَانَ تَعْتَلِفُ الْبَهَائِمُ وَتَأْكُلُ السِّبَاعُ أَوْلَى بِهَذَا لِأَنَّهَا لَا تَتَوَقَّى مَا تَأْكُلُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَلْزَمُ مَنْ جَعَلَ أَبْوَالَ الْبَهَائِمِ قِيَاسًا عَلَى أَبْوَالِ بَنِي آدَمَ أَنْ يَجْعَلَ شَعْرَ بَنِي آدَمَ قِيَاسًا عَلَى أَصْوَافِ الْغَنَمِ وَأَوْبَارِ الْإِبِلِ وَأَشْعَارِ الْأَنْعَامِ هَذَا إِذَا -[199]- جَازَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدٌ الصِّنْفَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ فَإِذَا فَرَّقَ مُفَرِّقٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْأَنْعَامِ بِفُرُوقٍ كَثِيرَةٍ وَمَنَعَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ وَجَبَ كَذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يَجْعَلَ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ، وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى طَهَارَةِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَبَيْنَ أَبْوَالِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ

778 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ أُنَاسًا، مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَأَرْسَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَقَالَ لَهُمُ: «اشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْوَالِهَا وَأَبْوَالِ سَائِرِ الْأَنْعَامِ وَمَعَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى تَثْبُتَ نَجَاسَةُ شَيْءٍ مِنْهَا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلْعُرَنِيِّينَ خَاصَّةً قِيلَ لَهُ: لَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ خَاصَّةً بِغَيْرِ حُجَّةٍ لَجَازَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ فِيمَا لَا يُوَافِقُ مِنَ السُّنَنِ مَذَاهِبَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَقُولَ: ذَلِكَ خَاصٌّ، وَظَاهِرُ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مُسْتَغْنًى بِهِ عَنْ كُلِّ قَوْلٍ، وَاسْتِعْمَالُ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ أَبْوَالَ الْإِبِلِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَبَيْعِ النَّاسِ ذَلِكَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَكَذَلِكَ الْأَبْعَارِ تُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَمَرَابِضِ الْغَنَمِ يُصَلَّى فِيهَا وَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بَيْعُ ذَلِكَ مُحَرَّمًا لَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَفِي تَرْكِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنْكَارَ بَيْعِ ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وَاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ مُعْتَمِدِينَ فِيهَا عَلَى السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ بَيَانٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ يَجِبُ عَلَى مَنْ مَنَعَ أَنْ يَجْعَلَ الْأُصُولَ بَعْضَهَا قِيَاسًا عَلَى بَعْضٍ أَنْ يَمْنَعَ أَنْ يَجْعَلَ مَا قَدْ ثَبَتَ لَهُ الطَّهَارَةُ بِالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَاسًا عَلَى -[200]- بَوْلِ بَنِي آدَمَ لِأَنَّ الَّذِي أَمَرَ بِغَسْلِ بَوْلِ بَنِي آدَمَ هُوَ الَّذِي أَبَاحَ شُرْبَ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَحَدُهَا تَحْرِيمُ مَا أَبَاحَتْهُ السُّنَّةُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَالثَّانِي دَعْوَى الْخُصُوصِ فِي شَيْءٍ لَيْسَ مَعَ مُدَّعِيهِ حُجَّةٌ بِذَلِكَ، وَالثَّالِثُ تُشَبَّهُ أَبْوَالُ بَنِي آدَمَ بِالْبَهَائِمِ، وَصَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يَقُولُ: لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ وَلَوْ جَازَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْبَابِ لَكَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْقِيَاسِ أَنْ يَجْعَلَ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ قِيَاسًا عَلَى أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَيَجْعَلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ قِيَاسًا عَلَى بَوْلِ بَنِي آدَمَ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَى الْقِيَاسِ مِنْ غَيْرِهِ

كتاب الحيض

كِتَابُ الْحَيْضِ

ذكر الذنب الذي من أجله أعقب بنات آدم بالحيض

ذِكْرُ الذَّنْبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَعْقَبَ بَنَاتَ آدَمَ بِالْحَيْضِ

779 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَالَ آدَمُ: رَبِّ زَيَّنَتْهُ لِي حَوَّاءُ قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ أَعْقَبْتُهَا أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا كُرْهًا، وَلَا تَضَعَ إِلَّا كُرْهًا، وَدَمَّيْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ» ، فَرَنَّتْ حَوَّاءُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهَا: الرَّنَّةُ عَلَيْكِ وَعَلَى بَنَاتِكِ "

ذكر كتبه الحيض على بنات آدم

ذِكْرُ كَتْبِهِ الْحَيْضَ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ

780 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ حَتَّى نَزَلْنَا سَرَفًا قَالَتْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ وَأَمَّا مَنْ -[202]- كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا قَالَتْ: وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوِي قُوَّةٍ كَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً قَالَتْ: فَالْأَخْذُ بِالْأَوَّلِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَالتَّارِكُ بِهَا قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ، قَالَ: «وَمَا شَأْنُكِ؟» قُلْتُ: لَا أُصَلِّي قَالَ: «فَلَا يَضُرُّكِ إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ فَكُونِي فِي حَجِّكِ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ذكر إسقاط فرض الصلاة عن الحائض أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على إسقاط فرض الصلاة عن الحائض في أيام حيضها وإذا سقط فرض الصلاة عنها فغير جائز أن يلزمها قضاء ما لم يجب عليها في أيام الحيض من الصلاة بعد طهرها وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر دال على ذلك

ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرَضِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا وَإِذَا سَقَطَ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَنْهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُلْزِمَهَا قَضَاءُ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ طُهْرِهَا وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ

781 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى وَانْصَرَفَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ» فَقُلْنَ لَهُ: مَا نُقْصَانُ عَقْلِنَا وَدِينِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ -[203]- قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: " فَذَاكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، وَأَلَيْسَتْ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، قَالَ: فَذَاكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَخْبَرَ أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ لَهَا الصَّوْمُ فِي حَالِ الْحَيْضِ ثُمَّ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا الصَّوْمُ بَعْدَ الطُّهْرِ وَنَفَى الْجَمِيعُ عَنْهَا وُجُوبَ الصَّلَاةِ فَثَبَتَ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَيْهَا بِإِجْمَاعِهِمْ وَسَقَطَ عَنْهَا فَرْضُ الصَّلَاةِ لِاتِّفَاقِهِمْ

782 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللهُ فَقُلْتُ: " مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ: قَدْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ "

ذكر الدليل على أن الحائض ليست بنجس

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ

783 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» ، -[204]- فَقَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ فَقَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»

784 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، أنبأ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ»

785 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنبا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَغَيْرُ، وَاحِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَحِمَهَا اللهُ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: «كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا حَائِضٌ»

ذكر مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها

ذِكْرُ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَالشُّرْبِ مِنْ سُؤْرِهَا

786 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ الْيَهُودَ، كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ فَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فَسَأَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] الْآيَةَ وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ "

787 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَشْرَبُ فِي إِنَاءٍ وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَأْخُذُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ وَكُنْتُ آخِذُ الْعَرْقَ فَأَنْتَهِشُ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنِّي فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَنْتَهِشُ مِنْهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ قَبْلُ دَالَّةٌ عَلَى طَهَارَةِ الْحَائِضِ وَطَهَارَةِ سُؤْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ

ذكر مباشرة الحائض والنوم معها ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض

ذِكْرُ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ وَالنَّوْمِ مَعَهَا ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

788 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ»

789 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: سَمِعْنَا مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: " كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمِيلَةِ فَحِضْتُ فَانْسَلَلْتُ مِنَ الْخَمِيلَةِ فَقَالَ لِي: «أَنَفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ فَلَبِسْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي وَدَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمِيلَةِ " -[206]- وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِيمَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ لَا يَطَّلِعَنَّ إِلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى تَطْهُرَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: تَشُدُّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، وَبِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٌ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَقَتَادَةُ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: تَشُدُّ إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى اعْتِزَالِ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَإِبَاحَةِ مَا فَوْقَهُ وَرَخَّصَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ فِي مُبَاشَرَتِهَا، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَا: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَبَاحَتْ مُضَاجَعَةَ -[207]- الْحَائِضِ إِذَا كَانَ عَلَى فَرْجِهَا خِرْقَةٌ

790 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا: " هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَتْ: تَشُدُّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا إِنْ شَاءَ "

791 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ الْبَجَلِيِّ: " أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا قَالَ: فَأَمَّا مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا قَالَ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ لَا يَطَّلِعَنَّ عَلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى تَطْهُرَ "

792 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «فِي مُضَاجَعَةِ الْحَائِضِ إِذَا كَانَ عَلَى فَرْجِهَا خِرْقَةٌ» 793 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ بُرْدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» 794 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ لِزَوْجِ الْحَائِضِ إِتْيَانَهَا دُونَ الْفَرَجِ وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَطَاءٍ، وَقَالَ الْحَكَمُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَهُ -[208]- عَلَى الْفَرْجِ وَلَا يُدْخِلُهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: أَنْ يَلْعَبَ عَلَى بَطْنِهَا وَبَيْنَ فَخِذَيْهَا وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُبَاشِرَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَنْقَى مَوْضِعَ الدَّمِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا دُونَ الْجِمَاعِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَوْ جَامَعَهَا دُونَ الْفَرَجِ فَأَنْزَلَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنَّ أُمَّ عِمْرَانَ لَتَعْلَمُ أَنِّي أَطْعَنُ بَيْنَ ألْيَتَيْهَا وَهِيَ حَائِضٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَعْلَى وَالْأَفْضَلُ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَاسْتِعْمَالِهَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللهُ أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا وَهِيَ حَائِضٌ وَلَا يُحَرَّمُ وَعِنْدِي أَنْ يَأْتِيَهَا دُونَ الْفَرَجِ إِذَا أَنْقَى مَوْضِعَ الْأَذَى، وَالْفَرْجُ بِالْكِتَابِ وَبِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ مُحَرَّمٌ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ إِذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ تَحْرِيُم غَيْرَ الْفَرْجِ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] إِلَى قَوْلِهِ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} [البقرة: 222] فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ أَنْ يَعْتَزِلُوهُنَّ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَالْمُبَاحُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْهَا قَبْلَ الطَّهَارَةِ وَالْفَرْجُ مُحَرَّمٌ فِي حَالِ الْحَيْضِ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ، وَسَائِرُ الْبَدَنِ عَلَى الْإِبَاحَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْحَيْضِ

ذكر التغليظ فيمن أتى امرأته حائضا

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِيمَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ حَائِضًا

795 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا رَوْحٌ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا حَكِيمٌ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ أَوْ أَتَى امْرَأَةً حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

ذكر كفارة من أتى زوجته حائضا اختلف أهل العلم فيما على من أتى زوجته حائضا فقالت طائفة: يتصدق بدينار أو بنصف دينار روينا هذا القول عن ابن عباس وبه قال أحمد بن حنبل وقال: هو مخير في الدينار والنصف دينار

ذِكْرُ كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى زَوْجَتَهُ حَائِضًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا عَلَى مَنْ أَتَى زَوْجَتَهُ حَائِضًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ: هُوَ مُخَيَّرٌ فِي الدِّينَارِ وَالنِّصْفِ دِينَارٍ

796 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي فَوْرِ الدَّمِ فَدِينَارٌ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ -[210]- فَنِصْفُ دِينَارٍ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّابِتَةُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ

797 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَصْلَحِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي الَّذِي يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ فِي فَوْرِ الدَّمِ فَدِينَارٌ وَإِذَا كَانَ فِي آخِرِهِ فَنِصْفُ دِينَارٍ " قَالَ: وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ الدَّمُ عَبِيطًا فَدِينَارٌ وَإِنْ كَانَ صُفْرَةً فَنِصْفُ دِينَارٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ إِنْ كَانَ وَطَأَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ وَإِنْ وَطَأَهَا وَقَدْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَنِصْفٌ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ قَتَادَةُ: دِينَارٌ لِلْحَائِضِ وَنِصْفُ دِينَارٍ إِذَا أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ رَقَبَةً هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى الَّذِي يَقَعُ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ وَهُوَ أَنْ لَا غَرْمَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللهَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمَكْحُولٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ -[211]- وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَالنُّعْمَانِ وَيَعْقُوبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ دِينَارًا إِذَا أَتَاهَا فِي حَيْضِهَا وَنِصْفَ دِينَارٍ إِذَا أَتَاهَا وَقَدْ أَدْبَرَ الدَّمُ عَنْهَا بِحَدِيثٍ

798 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ قَالَا: -[212]- أنبا عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ حَائِضًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَمَنْ أَتَاهَا وَقَدْ أَدْبَرَ الدَّمُ عَنْهَا وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» وَكُلُّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

799 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عِنِ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: «يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا خَبَرٌ قَدْ تُكِلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 800 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُسَدَّدٍ، قَالَ ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، وَخُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ. فَإِنْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَيْنَ قَبُولِنَا مِنْهُ مَا أَوْجَبُ عَلَى الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَرْقٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ إِذَا ثَبَتَ وَجَبَ التَّسْلِيمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبُتِ الْخَبَرُ وَلَا أَحْسَبُهُ يُثْبَتُ فَالْكَفَّارَةُ لَا يَجُوزُ إِيجَابُهَا إِلَّا أَنْ يُوجِبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا وَلَا نَعْلَمُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ حُجَّةً تُوجِبُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر اختلاف أهل العلم في وطئ الرجل زوجته بعد أن تطهر قبل الاغتسال اختلف أهل العلم في وطئ الرجل زوجته بعد انقطاع دمها قبل أن تغتسل فمنعت من ذلك طائفة وممن منع منه أو كره سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار، والزهري وربيعة ومالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وَطْئِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَطْئِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ فَمَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ طَائِفَةٌ وَمِمَّنْ مَنَعَ مِنْهُ أَوْ كَرِهَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِذَا أَدْرَكَ الزَّوْجَ الشَّبَقُ أَمَرَهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا إِنْ شَاءَ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ

{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] الْآيَةَ وَبِمَنْعِ الْجَمِيعِ الزَّوْجَ وَطْأَهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ مِنْ مَنْعِ وَطْئِهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ قَائِمًا حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَى الْإِبَاحَةِ وَلَمْ يَتَّفِقُوا قَطُّ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ بِالْمَاءِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ ثَبَتَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْحَائِضِ أَنَّهَا تَرَى الطُّهْرَ وَلَمْ تَغْتَسِلْ أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا؟ فَقَالَ: لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ

801 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْهُ وَعَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: «لَا يَأْتِيهَا حَتَّى تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ» 802 - حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى، عَنِ الْحَجَبِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذَا ثَابِتٌ عَنْهُمَا وَالَّذِي رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ الرُّخْصَةَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَلَيْثٌ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابَلَ بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَلَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ لَمْ تَثْبُتْ رِوَايَةُ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِذَا بَطَلَتِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ وَطْئِ مَنْ قَدْ طَهُرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ وَلَمَّا تَطْهُرْ بِالْمَاءِ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ وَلَا نَجْدُ أَحَدًا مِمَّنْ يُعَدُّ قَوْلُهُ خِلَافًا قَابَلَهُمْ إِلَّا بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا مِمَّنْ لَا -[215]- أَنْ يُقَابَلُ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَا مِمَّنْ يُخَالِفُ مَا عَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ: نَهَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ وَطْئِ الْحَائِضِ وَأَبَاحَ وَطْءَ الطَّاهِرِ بِقَوْلِهِ {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] الْآيَةَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ لِلزَّوْجِ وَطْأً زَوْجَتِهِ الطَّاهِرِ وَلَوْ كَانَتْ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا إِنَّمَا تَطْهُرُ بِاغْتِسَالِهَا وَجَبَ مَا لَمْ يَكُنِ الْغُسْلُ مِنْهَا أَنَّهَا حَائِضٌ وَلَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ عِنْدَ الْجَمِيعِ غُسْلٌ وَالْحَيْضُ مَعْنًى وَالطُّهْرُ ضِدُّهُ وَلَمَّا حَظَرَ اللهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَطْأَ الْحَائِضِ وَأَبَاحَ وَطْأَ الطَّاهِرِ وَلَزِمَ الْحَائِضَ الِاسْمُ لِطُهُورِ الدَّمِ وَجَبَ أَنَّهَا طَاهِرٌ لِانْقِطَاعِهِ وَطَهُورِ النَّقَاءِ. وَقَالَ آخَرُ: حَرَّمَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَطْأَ الْحَائِضِ حَتَّى تَطْهُرَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] الْآيَةَ قَالَ: وَكَانَ وَطْؤُهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ بِالْمَاءِ مُبَاحًا لِأَنَّ النَّهْيَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَانَ دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَقَالَ آخَرُ: وَقَوْلُهُ {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَإِذَا يَطْهُرْنَ يَحْتَمِلُ غَسْلَهُنَّ فُرُوجَهُنَّ وَيُحْتَمَلُ: اغْتَسَلْنَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي بِهِ أَقُولُ مَا عَلَيْهِ جُمْلَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ لَا يَطَأَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ حَتَّى تَطْهُرَ بِالْمَاءِ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر وطئ المستحاضة اختلف أهل العلم في وطئ زوج المستحاضة إياها فأباحت طائفة وطأها للزوج فممن أباح لزوجها وطأها ابن عباس

ذِكْرُ وَطْئِ الْمُسْتَحَاضَةِ اخْتَلِفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَطْئِ زَوْجِ الْمُسْتَحَاضَةِ إِيَّاهَا فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ وَطْأَهَا لِلزَّوْجِ فَمِمَّنْ أَبَاحَ لِزَوْجِهَا وَطْأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ

803 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ شَرْوُسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: " يُسْأَلُ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ، أَيُصِيبُهَا زَوْجُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَإِنْ سَالَ دَمُهَا عَلَى عَقِبِهَا "

804 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا بَأْسُ أَنْ يُجَامِعَهَا، زَوْجِهَا» وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ -[217]- الْمُزَنِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا، وَقَدِ اعْتَلَّ بَعْضُ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: دَمُ الْحَيْضِ الْأَذَى وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ مِثْلُهُ وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ بِاعْتِزَالِ الْحَائِضِ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ {هُوَ -[218]- أَذًى} [البقرة: 222] وَكَذَلِكَ وُجُودُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ أَذًى فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا وَأَنْكَر غَيْرَهُ، هَذَا الْقَوْلُ وَقَالَ: غَيْرُ جَائِزٍ يُشَبِّهُ دَمَ الْحَيْضَةِ بِدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ فِي الْحَيْضِ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ» ، وَقَالَ فِي الِاسْتِحَاضَةِ: «إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضِ» . وَالْمُسَوِّي بَيْنَهُمَا بَعْدَ تَفْرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا غيرمِنْصَفٌ فِي تَشْبِيههِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا قَالُوا: دَمُ الْحَيْضِ مَانِعٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَدَمُ الْحَيْضِ يَمْنَعُ الصِّيَامَ وَالْوَطْأَ وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَصُومُ وَتُصَلِّي وَأَحْكَامُهَا أَحْكَامُ الطَّاهِرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ وَطْؤُهَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ لَا يَجِبَانِ إِلَّا عَلَى الطَّاهِرِ مِنَ الْحَيْضِ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر اختلاف الأخبار في المستحاضة المستمر بها الدم واختلاف أهل العلم في أمرها قال أبو بكر: روينا في هذا الباب ثلاثة أخبار أجمع أهل العلم على القول بأحدها وتثبيته واختلفوا في الخبرين الآخرين فأثبتت القول بهما فرقة ونفت فرقة القول بهما ونفت فرقة القول

ذِكْرُ اخْتِلَافِ الْأَخْبَارِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الْمُسْتَمِرِّ بِهَا الدَّمُ وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَمْرِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةُ أَخْبَارٍ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَحَدِهَا وَتَثْبِيتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَبَرَيْنِ الْآخَرِينَ فَأَثْبَتَتِ الْقَوْلَ بِهِمَا فِرْقَةٌ وَنَفَتْ فِرْقَةٌ الْقَوْلَ بِهِمَا وَنَفَتْ فِرْقَةٌ الْقَوْلَ بِأَحَدِهِمَا وَأَثْبَتَتِ الْقَوْلَ بِالْآخَرِ

ذكر الخبر الذي أجمع أهل العلم على القول به وتثبيته

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَتَثْبِيتِهِ

805 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: " إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ وَأَمْرُهُ إِيَّاهَا بِالصَّلَاةِ عِنْدَ إِدْبَارِهَا فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يَدُلُّ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا عَلَى أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَ دَمُ اسْتِحَاضَتِهَا مُنْفَصِلًا مِنْ دَمِ حَيْضِهَا لِجَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» . فَنَقُولُ: إِذَا كَانَ الدَّمُ يَنْفَصِلُ فَيَكُونُ فِي أَيَّامٍ قَانِئًا ثَخِينًا مُحْتَدِمًا يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ لَهُ رَائِحَةٌ فَتِلْكَ الْحَيْضَةُ نَفْسُهَا فَلْتَدَعِ الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ الدَّمُ وَجَاءَهَا الدَّمُ الْأَحْمَرُ الرَّقِيقُ الْمَشْرِقُ فَهُوَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَهُوَ الطُّهُورُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ: وَإِذَا كَانَتْ فِي مَعْنَى فَاطِمَةَ -[220]- كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَمَا أَجَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَهَذِهِ إِذَا كَانَ دَمُهَا يَنْفَصِلُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: لَا يُوَقَّتُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ وَقْتُ نِسَائِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَيَّامٌ تُعْرَفُ فِيمَا مَضَى أَخَذْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَإِقْبَالُهَا سَوَادُ الدَّمِ وَنَتْنُهُ وَتَغَيُّرُهُ لَا يَدُومُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَوْ دَامَ عَلَيْهَا قَتَلَهَا فَإِذَا اسْوَدَّ الدَّمُ فَهُوَ حَيْضٌ فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَصَارَتْ صُفْرَةً أَوْ كِدْرَةً فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَحْسَبُ أَنَّ مِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثًا

806 - حَدَّثَنَاهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ: " كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ دَمَ الْحَيْضَةِ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا إِلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى وَقَالَ: إِنَّمَا أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَيَّامِهَا الْمَعْرُوفَةِ كَانَ عِنْدَهَا قَبْلَ أَنْ تُسْتَحَاضَ، قَالَ: وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَّصِلَةِ يُسْتَغْنَى بِظَاهِرٍ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ

807 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ -[221]- الْحَارِثِ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ: " جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي وَاللهِ مَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ أَبَدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتِ الْحَيْضَةُ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» قَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَقَوْلُهُ: «فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا» ، يُرِيدُ قَدْرَ الْحَيْضَةِ الْمَعْلُومَةِ قَبْلَ أَنْ تُسْتَحَاضَ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى بِهِ عَمَّا سِوَاهُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو أُسَامَةَ وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: «وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي»

808 - وَحَدَّثَنَا خَشْنَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «لَا إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي»

ذكر أحد الخبرين المختلف في ثبوته

ذِكْرُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ الْمُخْتَلَفِ فِي ثُبُوتِهِ

809 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أنبا الشَّافِعِيُّ، أنبا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: " أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لِتَنْظُرْ عَدَدَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي الَّتِي كَانَتْ -[222]- تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبُهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ فَإِذَا خَلَّفَتْ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ تُصَلِّي»

ذكر الخبر الثالث المختلف في ثبوته

ذِكْرُ الْخَبَرِ الثَّالِثِ الْمُخْتَلَفِ فِي ثُبُوتِهِ

810 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ. 811 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ، عَنْ شُعْبَةَ وَالْحَدِيثُ لَهُ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ بِنْتِ جَحْشٍ يَعْنِي حَمْنَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً كَثِيرَةً، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: «مَا هِيَ يَا هَنَاهْ؟» قُلْتُ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْكَ، وَإِنَّهُ لِحَدِيثٌ مَا مِنْهُ بُدٌّ، وَإِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً، فَمَا تَرَى تَقُولُ فِيهَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ مَنَعَنِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ، قَالَ: «أَنْعَتُ لَكَ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالدَّمِ» ، قَالَتْ: فَإِنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: «فَتَلَجَّمِي» ، قَالَتْ: فَإِنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنِّي أَثُجُّ ثَجًّا قَالَ: «آمُرُكَ -[223]- بِأَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَكِ مِنَ الْآخَرِ، إِنْ قَوَيْتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ، إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ، فَتَحِيضُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ فِي عِلْمِ اللهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، حَتَّى إِذَا اسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيكَ، كَذَلِكَ فَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ، وَإِنْ قَوَيْتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا، وَتُؤَخِّرِي الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِي الْعِشَاءَ ثُمَّ تَغْتَسِلِي وَتَجْمَعِي بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، ثُمَّ تَغْتَسِلِي مَعَ الْفَجْرِ ثُمَّ تُصَلِّي كَذَلِكَ فَافْعَلِي، وَصُومِي وَصَلِّي إِنْ قَوَيْتِ عَلَى ذَلِكَ» قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا: أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ " حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: الْكُرْسُفُ الْقُطْنُ وَقَوْلُهَا أَثُجُّهُ ثَجًّا هُوَ مِنَ الْمَاءِ الثَّجَّاجِ وَهُوَ السَّائِلُ وَقَوْلُهُ: «تَلَجَّمِي» ، يَقُولُ: شُدِّي لِجَامًا وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: " اسْتَثْفِرِي وَالِاسْتِثْفَارُ يَكُونُ مِنْ ثَفْرِ الدَّابَّةِ شُبِّهَ هَذَا اللِّجَامُ بِالثَّفْرِ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَحْتَ ذَنْبِةِ الدَّابَّةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا الْفِرْقَةُ الَّتِي نَفَتِ الْقَوْلَ بِخَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ وَخَبَرِ بِنْتِ جَحْشٍ فَإِنَّهُمْ دَفَعُوا خَبَرَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: خَبَرُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ خَبَرٌ غَيْرَ مُتَّصِلٍ لَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَدْخَلَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ رَجُلًا اسْمُهُ مَجْهُولٌ وَالْمَجْهُولُ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ إِذْ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُنْقَطِعِ الَّذِي لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ 812 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ امْرَأَةٌ، كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى -[224]- عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا، أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ فِي قِصَّةِ حَمْنَةَ فَلَيْسَ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ قَالَ: الدَّافِعُ لِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ وَفِي مَتْنِ الْحَدِيثِ كَلَامٌ مُسْتَنْكَرٌ زَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: «تَحِيضُ فِي عِلْمِ اللهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا» ، قَالُوا: وَلَيْسَ يَخْلُو الْيَوْمُ السَّابِعُ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ طَاهِرًا فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فِيهِ وَاخْتَارَتْ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا فَقَدْ أَلْزَمَتْ نَفْسَهَا الصَّلَاةَ فِي يَوْمٍ هِيَ فِيهِ حَائِضٌ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا اخْتَارَتْ أَنْ تَكُونَ حَائِضًا فَقَدْ أَسْقَطَتْ عَنْ نَفْسِهَا فَرْضَ اللهِ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَحَرَّمَتْ نَفْسَهَا عَلَى زَوْجِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهِيَ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تُخَيَّرَ مَرَّةً بَيْنَ أَنْ تُلْزِمَ نَفْسَهَا الْفَرْضُ فِي حَالٍ وَتُسْقُطُ الْفَرْضَ عَنْ نَفْسِهَا إِنْ شَاءَتْ فِي تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ فَأَمَّا فِرْقَةٌ فَنَفَتِ الْقَوْلَ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ وَخَبَرِ بِنْتِ جَحْشٍ، وَقَالَتْ فِرْقَةُ بِهَا كُلِّهَا وَمِمَّنْ قَالَ -[225]- بِهَا كُلِّهَا: أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ النَّاسَ تَكَلَّمُوا فِي الْحَيْضِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَوَقَّتُوا فِيهِ أَوْقَاتًا مُخْتَلِفَةً فَلَمَّا رَأَيْنَا الْأَوْقَاتَ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ رَدَدْنَا عِلْمَ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرَدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] فَنَظَرْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ بَيَّنَ فِيهِ ثَلَاثَ سُنَنٍ تَبَيَّنَ فِيهَا كُلُّ مُشْكِلٍ لِمَنْ سَمِعَهَا وَفَهِمَهَا حَتَّى لَا يَدَعَ لِأَحَدٍ فِيهَا مَقَالًا بِالرَّأْيِ أَمَّا أَحَدُ السُّنَنِ الثَّلَاثِ فَهِيَ الْحَائِضُ الَّتِي لَهَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ قَدِ أُحِيضَتْهَا بِلَا اخْتِلَاطٍ عَلَيْهَا ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَهِيَ فِي ذَلِكَ تَعْرِفُ أَيَّامَهَا وَمَبْلَغَ عَدَدِهَا فَذَكَرَ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنْ عَائِشَةَ

813 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، اسْتُحِيضَتْ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَإِنْ قَطَرَ عَلَى الْحَصِيرِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ فَفِي الْحَائِضِ الَّتِي لَهَا أَيَّامٌ مُتَقَدِّمَةٌ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا وَعَرَفَتْهَا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَطَالَ حَتَّى اخْتَلَطَتْ عَلَيْهَا أَيَّامُهَا وَزَادَتْ وَنَقَصَتْ وَتَقَدَّمَتْ وَتَأَخَّرَتْ حَتَّى صَارَتْ لَا تَعْرِفُ عَدَدَهَا وَلَا وَقْتَهَا مِنَ الشُّهُورِ فَاحْتَجَّ لِمَنْ هَذِهِ قِصَّتُهَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ وَهُوَ الْخَبَرُ الثَّابِتُ خَبَرُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، -[226]- وَأَمَّا السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَيَّامٌ مُتَقَدِّمَةٌ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ قَطُّ ثُمَّ رَأَتْهُ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَتْ فَاسْتَمَرَّ بِهَا فَإِنَّ سُنَّةَ هَذِهِ غَيْرُ سُنَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَذَكَرَ حَدِيثَ بِنْتِ جَحْشٍ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ خِلَافَ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَا: إِذَا اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَهِيَ غَيْرُ عَارِفَةٍ بِأَيَّامِهَا فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ يَنْفَصِلُ دَمُهَا فَتَعْرِفُ إِقْبَالَهُ مِنْ إِدْبَارِهِ وَوَصَفَتْ مِنْ كَثْرَةِ دَمِهَا وَغَلَبَتِهِ نَحْوًا مِمَّا وَصَفَتْ حَمْنَةُ فَإِنَّهَا تَجْلِسُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ عَلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ وَذَلِكَ وَسَطٌ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ هَذَا وَتَأْوِيلُهُمَا لِحَدِيثِ حَمْنَةَ خِلَافَ تَأْوِيلِ أَبِي عُبَيْدٍ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ إِنَّمَا تَأَوَّلَ حَدِيثَ حَمْنَةَ فِيمَنْ لَيْسَتْ لَهَا أَيَّامٌ مُتَقَدِّمَةٌ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ، وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ لِمَنْ هِيَ غَيْرُ عَارِفَةٍ بِأَيَّامِهَا فِيمَا مَضَى ضِدُّ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ حَمْنَةَ عَلَى غَيْرِ مَا تَأَوَّلَهُ هَؤُلَاءِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِحَدِيثِ حَمْنَةَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضِهَا سِتًّا أَوْ سَبْعًا فَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ قَوَيْتِ أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ وَتَغْتَسِلِي حِينَ تَطْهُرِينَ وَتُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ تُؤَخِّرِي الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِي الْعِشَاءَ ثُمَّ تَغْتَسِلِي وَتَجْمَعِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَافْعَلِي وَتَغْتَسِلِينَ عِنْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ تُصَلِّيَنَّ الصُّبْحَ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي وَصُومِي إِنْ قَوَيْتِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا سِتًّا أَوْ سَبْعًا، فَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[227]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثَ حَمْنَةَ يَقُولُ: وَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ نَأْخُذُ وَهِيَ عِنْدَنَا مُتَّفِقَةٌ فِيمَا فِيهِ وَفِي بَعْضِهَا زِيَادَةٌ عَلَى بَعْضٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ فِيهِ فِيمَا مَضَى وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ حَمْنَةَ قَالَ: وَجَوَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمُسْتَحَاضَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي سَأَلَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ كَانَتْ لَا يَنْفَصِلُ دَمُهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبُهَا الَّذِي أَصَابَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر أقل الحيض وأكثره اختلف أهل العلم في أقل الحيض وأكثره فقالت طائفة: أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمس عشرة هذا قول عطاء بن أبي رباح والشافعي وأحمد وأبي ثور، وقالت طائفة: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام كذلك قال سفيان الثوري والنعمان ويعقوب ومحمد

ذِكْرُ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ،

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالنُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ قَالَ: الْحَيْضُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ نِسَاءِ آلِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحِضْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ قِيلَ لِأَحْمَدَ الْحَيْضُ عِشْرِينَ يَوْمًا؟ قَالَ: لَا فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا سَمِعْنَاهُ سَبْعَةَ عَشْرَةَ يَوْمًا، وَحَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا أَنَّهُ يَعْرِفُ أَنَّ امْرَأَةً تَحِيضُ سَبْعَ عَشْرَةَ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ عَشِيَّةً قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَرَوْنَ أَنَّهُ حَيْضٌ تُدَعُ لَهُ الصَّلَاةُ، مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيُّ عَنْهُ، وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَحِيضُ يَوْمًا وَتَنْفَسُ ثَلَاثًا وَحَكَى الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ تَحِيضُ يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَيْسَ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ بِالْأَيَّامِ حَدٌّ وَلَا لِأَكْثَرِهِ وَقْتٌ، وَالْحُيَّضُ إِقْبَالُ

الدَّمِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَالطُّهْرُ إِدْبَارُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا أَصْحَابُ الرَّأْيِ فَإِنَّ حَجَّتَهُمْ فِيمَا وَقَّتُوهُ وَقَالُوا بِهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ دَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: أَفَيَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَحَدِيثُ أَنَسٍ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ قَالَ: لَيْسَ يَصِحُّ قُلْتُ: فَأَعْلَى شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَذَكَرَ حَدِيثَ مَعْقِلٍ عَنْ عَطَاءٍ: الْحَيْضُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: حَدِيثٌ مُحْدَثٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْجَلْدُ لَا يُعْرَفُ بِالْحَدِيثِ وَوَهَّنَ حَدِيثَهُ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا كَانَ الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ يُسَوِّي فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا وَاحْتَجَّ آخَرُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَةٍ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» ، وَإِنَّ أَقَلَّ الْأَيَّامِ ثَلَاثَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ لِقَائِلٍ هَذَا الْقَوْلُ فِيهِ حُجَّةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: «أَيَّامُ أَقْرَائِكِ» ، فَأَضَافَ الْأَيَّامَ إِلَى الْأَقْرَاءِ وَالْأَقْرَاءُ جَمَعَ قُرْءٍ وَقَدْ يَقَعُ اسْمُ أَيَّامٍ عَلَى يَوْمَيْنِ فَإِذَا جُمِعَتْ أَيَّامٌ مِنْ عِدَّةِ أَقْرَاءٍ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ يُقَالُ لِرَجُلَيْنِ

رِجَالٌ وَلِيَوْمَيْنِ أَيَّامٌ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ بِأَخَوَيْنِ

ذكر البكر يستمر بها الدم واختلفوا في البكر يستمر بها الدم فقالت طائفة: تقعد كما تقعد نساؤها هذا قول عطاء بن أبي رباح وبه قال سفيان الثوري وقال الأوزاعي في البكر لا تعلم لها قروء وتستحاض قال: لتنظر قروء نسائها أمها وخالتها وعمتها، ثم هي تعد مستحاضة فإن

ذِكْرُ الْبِكْرِ يَسْتَمِرُّ بِهَا الدَّمُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبِكْرِ يَسْتَمِرُّ بِهَا الدَّمُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَقْعُدُ كَمَا تَقْعُدُ نِسَاؤُهَا هَذَا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْبِكْرِ لَا تُعْلَمُ لَهَا قُرُوءٌ وَتُسْتَحَاضُ قَالَ: لِتَنْظُرْ قُرُوءَ نِسَائِهَا أُمِّهَا وَخَالَتِهَا وَعَمَّتِهَا، ثُمَّ هِيَ تُعَدُّ مُسْتَحَاضَةً فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ أَقْرَاءَ نِسَائِهَا فَلْتَمْكُثْ عَلَى أَقْرَاءِ النِّسَاءِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي كَمَا تَفْعَلُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ وَقْتَ الْأُمِّ أَوِ الْخَالَةِ أَوِ الْعَمَّةِ فَإِنَّهَا تَجْلِسُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْنَةَ وَتُصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَا مَعْرِفَةَ لَهَا أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِذَا جَاوَزَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اسْتَيْقَنَتْ أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ وَأُشْكِلَ وَقْتُ الْحَيْضِ عَلَيْهَا مِنَ الِاسْتِحَاضَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ إِلَّا لِأَقَلِّ مَا تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءُ وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَعَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَقْضِي صَلَاةَ أَرْبَعَةَ عَشْرَةَ يَوْمًا هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَإِذَا ابْتَدَيَتِ الْمَرْأَةُ فَحَاضَتْ فَطَبَقَ عَلَيْهَا الدَّمُ فَإِنَّ

دَمَهَا يَنْفَصِلُ لِأَيَّامِ حَيْضِهَا أَيَّامَ الْحَيْضِ الثَّخِينِ الْقَانِي الْمُحْتَدِمِ، وَأَيَّامُ اسْتِحَاضَتِهَا أَيَّامُ الدَّمِ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْفَصِلُ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي كَمَا يَكُونُ الْأَغْلَبُ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ وَمَنْ قَالَ هَذَا ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَقَلَّ مَا عَلِمَ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَلِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: تَدَعُ الصَّلَاةَ أَقَلَّ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَحِيضِ وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الْفُرُوضَ لَا تَزُولُ إِلَّا بِإِحَاطَةٍ وَكَانَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ فَأَمَرْنَاهَا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْفِطْرِ فَلَمَّا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَكْثَرِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَمَرْنَاهَا بِلُزُومِ الْفَرْضِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ قَطُّ ثُمَّ حَاضَتْ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ إِلَى أَنْ تُوَفِّيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنِ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ ذَلِكَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَجَعَلَتْ ذَلِكَ وَقْتًا لَهَا فَإِنِ انْقَطَعَ لِخَمْسَ عَشْرَةَ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَهِيَ حَيْضَةٌ قَائِمَةٌ يَصِيرُ وَقْتًا لَهَا فَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِضَاءِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ وَكَانَ مَا بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ دَمِهَا اسْتِحَاضَةٌ يَغْشَاهَا فِيهَا زَوْجُهَا وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَلَا تَزَالُ بِمَنْزِلَةِ الطَّاهِرِ حَتَّى تَرَى دَمَهَا قَدْ أَقْبَلَ غَيْرَ الدَّمِ الَّذِي كَانَ بِهَا، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوَّلَ مَا تَرَى الدَّمَ حَتَّى يَمُرَّ بِهَا حَيْضُ لِذَاتِهَا مِنَ النِّسَاءِ ثُمَّ تَحْتَاطُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهَا ذَلِكَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي حَتَّى تَرَى دَمًا تَسْتَنْكِرُهُ يُشْبِهُ دَمَ الْحَيْضِ لَيْسَ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ عَلَيْهِ دَمُهَا فَإِنْ رَأَتْ ذَلِكَ تَرَكْتِ الصَّلَاةَ حَتَّى

يَنْقَطِعَ عَنْهَا ذَلِكَ الدَّمُ إِلَّا أَنْ تَرَاهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَيْضُ وَلَا تَدَعُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الِاحْتِيَاطُ لَهَا أَنْ تَجْلِسَ أَقَلَّ مَا تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ثُمَّ تُصَلِّي وَتَصُومُ وَلَا يَغْشَاهَا زَوْجُهَا فَإِذَا اسْتَمَرَّتْ بِهَا الْحَيْضَةُ وَقَامَتْ عَلَى شَيْءٍ تَعْرِفُهُ أَعَادَتْ صَوْمًا إِنْ كَانَتْ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ لِلِاحْتِيَاطِ الَّذِي احْتَاطَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهَا أَنْ تَصُومَ وَهِيَ حَائِضٌ، وَالصَّلَاةُ لَمْ يَضُرَّهَا قَالَ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِذَا رَأَتِ الدَّمَ وَمِثْلُهَا تَحِيضُ فَجَلَسَتْ مَا تَعْرِفُ النِّسَاءُ مِنْ حَيْضِهِنَّ وَهُوَ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ فَلَمْ تَصُمْ وَلَمْ تُصَلِّ وَلَمْ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَعْرِفَ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا إِلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْوَطُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَدَعُ الصَّلَاةَ عَشْرًا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِذَا مَضَتْ عِشْرُونَ يَوْمًا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ عَشْرًا ثُمَّ اغْتَسَلَتْ وَكَانَ هَذَا حَالُهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ وَيَعْقُوبَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ تَدَعُ الصَّلَاةَ وَتُجْلِسُ نَحْوَ قُرُوءِ نِسَائِهَا فَلَيْسَ يُثْبَتُ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّظَرُ، وَأَمَّا مَنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِ صَّلَاةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عِنْدَهُ فَلَوْ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: تُعِيدُ الصَّلَاةَ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءِ كَانَ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ أَنْ يَزُولَ إِلَّا بِالْإِجْمَاعِ وَلَأَنْ تُصَلِّيَ وَلَيْسَ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ أَحْسَنُ فِي بَابِ الِاحْتِيَاطِ مِنْ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهَا فِي وَقْتِ تَرْكِهَا الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي بِهِ أَقُولُ أَنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِذَا جَاوَزَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَأَعَادَتْ صَلَاةَ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تُعِيدُ صَلَاةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ فِيمَا تَفْعَلُهُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ مَا دَامَ هَذِهِ حَالُهَا إِلَّا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ إِمَّا أَنْ يُقَالَ لَهَا لَا تَدَعِي الصَّلَاةَ فِيمَا تَسْتَقْبِلِي أَبَدًا لِأَنَّكَ

لَا تَعْلَمِينَ بِوَقْتِ الْحَيْضِ مِنْ وَقْتِ الطُّهْرِ فَإِذَا شَكَكْتِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ لَمْ يُجْزِيكَ تَرْكُكِ الصَّلَاةَ بِالشَّكِّ تُصَلِّي فِيمَا تَسْتَقْبِلِي أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكِ وَقْتُ حَيْضَتِكِ مِنْ وَقْتِ طُهْرِكِ هَذَا يُوَافِقُ أَحَدَ قُولِي مَالِكٍ، أَوْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَذِهِ الدَّمُ بَعْدَ أَنْ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتِ الدَّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَحُكْمُهَا أَنْ تَدَعَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الصَّلَاةَ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي فِي بَاقِي الشَّهْرِ وَتَصُومُ فَتَكُونُ أَحْكَامُهَا فِيهِ أَحْكَامُ الطَّاهِرِ وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَمِيلُ

ذكر اختلاف أهل العلم في الكدرة والصفرة اختلف أهل العلم في الكدرة والصفرة تراهما المرأة في أيام الحيض، فقالت طائفة: الكدرة والصفرة في أيام الحيض تترك لها الصلاة والصوم روينا عن عائشة أنها قالت للنساء: لا تصلين حتى ترين القصة البيضاء وروينا عن أسماء بنت

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْكُدْرَةِ وَالصُّفْرَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكُدْرَةِ وَالصُّفْرَةِ تَرَاهُمَا الْمَرْأَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْكُدْرَةُ وَالصُّفْرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ تُتْرَكُ لَهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنِّسَاءِ: لَا تُصَلِّيَنَّ حَتَّى تَرَيْنَ الْقِصَّةَ الْبَيْضَاءَ وَرُوِّينَا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ ثُمَّ تَرَى الصُّفْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَتْ: -[234]- تَتْرُكُ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتْهَا حَتَّى لَا تَرَى إِلَّا الْبَيَاضَ

814 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أَرَى النِّسَاءَ يُرْسِلْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَيَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: «لَا تُصَلِّيَنَّ حَتَّى تَرَيْنَ الْقِصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضِ» قَالَ مَالِكٌ: سَأَلْتُ إِنْسَانًا عَنِ الْقِصَّةِ الْبَيْضَاءِ فَإِذَا ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النِّسَاءِ يَرَيْنَهُ عِنْدَ الطُّهْرِ

815 - حَدَّثَنَا ابْنُ صَالِحٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ أَبُو الْأَشْعَثِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَتْ تَنْهَى النِّسَاءَ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى أَنْفُسِهِنَّ مِنَ الْحَيْضِ لَيْلًا تَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ تَكُونُ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ "

816 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، قَالَتْ: «كُنَّا فِي حُجْرِ أَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ إِحْدَانَا تَطْهُرُ ثُمَّ تَرَى الصُّفْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَأْمُرُهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتْهَا حَتَّى لَا تَرَى إِلَّا الْبَيَاضَ» -[235]- وَقَالَ عَطَاءٌ فِي الطُّهْرِ هُوَ الْأَبْيَضُ الْخَفُوفُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ صُفْرَةٌ، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ إِذَا كَانَتْ وَاصِلَةً بِالْحَيْضِ بَقِيَّةٌ مِنَ الْحَيْضِ لَا تُصَلِّي حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ الْأَبْيَضَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ تَرَى دَمًا وَبَيْنَ أَنْ تَرَى الدَّمَ ثُمَّ تَرَى بَعْدَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا بِهِ صُفْرَةٌ أَوْ كُدْرَةً فَقَالَ إِذَا رَأَتْ كُدْرَةً أَوْ صُفْرَةً قَبْلَ أَنْ تَرَى قَبْلَهَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ وَإِنَّمَا الدَّمُ الَّذِي يُعْتَدُّ بِهِ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ» ، وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي آخِرِ الدَّمِ مِنَ الدَّمِ لِأَنَّ الدَّمَ إِذَا كَانَ دَمًا سَائِلًا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّمِ حَتَّى تَرَى النَّقَاءَ وَاللهُ أَعْلَمُ، هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعُدُّونَ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ وَخُرُوجِ أَيَّامِ الْحَيْضِ شَيْئًا وَلَا يَرَوْنَ تَرْكَ الصَّلَاةِ لِذَلِكَ، وَرَأَى أَكْثَرُهُمْ عَلَيْهَا الْوُضُوءَ وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ مَا يُرِيبُهَا مِثْلَ غُسَالَةِ اللَّحْمِ أَوْ مِثْلَ غُسَالَةِ السَّمَكِ أَوْ مِثْلَ الْقَطْرَةِ مِنَ الرُّعَافِ -[236]- فَإِنَّمَا ذَلِكَ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ فِي الرَّحِمِ فَلْتَنْضَحْ بِالْمَاءِ وَلْتَتَوَضَّأْ وَلْتُصَلِّي وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: كُنَّا لَا نَعُدُّ التَّرِيَّةَ شَيْئًا الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الْغُسْلِ

817 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ مَا يُرِيبُهَا مِثْلَ غُسَالَةِ اللَّحْمِ أَوْ مِثْلَ غُسَالَةِ السَّمَكِ أَوْ مِثْلَ قَطْرَةِ الدَّمِ مِنَ الرُّعَافِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ فِي الرَّحِمِ فَلْتَنْضَحْ بِالْمَاءِ وَلْتَتَوَضَّأْ وَلْتُصَلِّي» زَادَ إِسْرَائِيلُ فِي حَدِيثِهِ: فَإِنْ كَانَ دَمًا عَبِيطًا لَا خِفَاءَ بِهِ فَلْتَدَعِ الصَّلَاةَ

818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «كُنَّا لَا نَعُدُّ التَّرِيَّةَ شَيْئًا الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ»

819 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ: " وَقَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعْتَدُّ بِالْكُدْرَةِ -[237]- وَالصُّفْرَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْئًا " وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ تَتَوَضَّأَ وَتُصَلِّي: النَّخَعِيُّ، وَحَمَّادٌ وَقَالَ عَطَاءٌ: كَذَلِكَ إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ حَيْضَةٍ وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الصُّفْرَةِ تَرَاهَا بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا يَكْفِيهَا مِنْهُ الْوُضُوءُ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ قَالَ: إِذَا رَأَتْ بَعْدَ الْحَيْضِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ الْحُمْرَةَ أَوِ الصُّفْرَةَ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ مَا يُجَاوِزُ الْعَشْرَ فَهُوَ مِنْ حَيْضِهَا وَكَذَلِكَ الْكُدْرَةُ وَلَا تَطْهُرُ حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ خَالِصًا وَإِنْ لَمْ تَرَ دَمًا أَيَّامَ الْحَيْضِ وَرَأَتِ الصُّفْرَةَ وَالْحُمْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فَهُوَ حَيْضٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ حَيْضٌ إِلَّا الْكُدْرَةَ فَلَا أَرَاهَا حَيْضًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ حُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ دَمٍ فَهِيَ مِنَ الْحَيْضِ وَإِذَا كَانَتِ ابْتِدَاءً لَمْ أَرَهَا حَيْضًا وَكَذَلِكَ النِّفَاسُ لَيْسَ يَخْتَلِفُ النِّفَاسُ وَالْحَيْضُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي عَدَدِ الْأَيَّامِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ حَسَنٌ

ذكر الحامل ترى الدم اختلف أهل العلم في الحامل ترى الدم فقالت طائفة: لا تدع الصلاة كذلك قال عطاء وابن المسيب والحسن وحماد والحكم وجابر بن زيد ومحمد بن المنكدر وعكرمة والشعبي ومكحول والزهري وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وأبو عبيد والنعمان

ذِكْرُ الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَحَمَّادٌ وَالْحَكَمُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَعِكْرِمَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالنُّعْمَانُ

وَيَعْقُوبُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ غَيْرُ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَيْهَا مِنَ الطَّهَارَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَأَمَرَهَا بَعْضُهُمْ بِالِاغْتِسَالِ وَأَمَرَهَا بَعْضُهُمْ بِالْوُضُوءِ فَمِمَّنْ أَمَرَهَا بِالِاغْتِسَالِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيُّ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يَقُولَانِ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي هَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَالشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَرُوِّينَا عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: الْحَامِلُ لَا تَحِيضُ لِتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي وَرُوِّينَا عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: لَا تُصَلِّي حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهَا

820 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ: " فِي الْحُبْلَى تَرَى الدَّمَ قَالَ: قَالَتْ: إِنَّ الْحُبْلَى تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي "

821 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِذَا رَأَتِ الْحَامِلُ الصُّفْرَةَ تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ وَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَلَا تَدَعِ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ»

822 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " -[240]- أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ أَتُصَلِّي؟ قَالَتْ: لَا تُصَلِّي حَتَّى يَذْهَبَ الدَّمُ " قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ مِثْلَهُ، وَاخْتَلَفَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ، فَرُوِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحَامِلُ تَحِيضُ فَتَدَعُ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ. هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ: امْرَأَتِي تَحِيضُ وَهِيَ حَامِلٌ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِاسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَ يَكُونُ حِيضٌ وَحَمْلٌ مَا كَانَ لِلْاسْتِبْرَاءِ مَعْنًى. وَقَالَ آخَرُ فِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا حَاضَتْ حَلَّ وَطْؤُهَا مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ مُحَالٌ وُجُودُ الْحَيْضِ فِيهَا، إِذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَبَطَلَ -[241]- مَعْنَى مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأَمَةُ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تُوطَأُ، وَلَوْ كَانَ يَكُونُ حَيْضًا، وَهِيَ حَامِلٌ لَمَا كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا حَمْلَ بِهَا

وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثٍ 823 - حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُطَلِّقْهَا، وَهِيَ طَاهِرٌ أَوْ حَامِلٌ» قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فَأَقَامَ الطُّهْرَ مَقَامَ الْحَمْلِ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَاهُ وَكِيعٌ، قَالَ: وَقَدْ تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَيْهِ أَيْضًا، قَالَ: طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا. وَاحْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ، فَقَالَ: أَقْرَبُ الْقَوْلَيْنِ إِلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَكُونُ حَائِضًا، أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ جَعَلَ عِدَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ بِحَامِلٍ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فِي الطَّلَاقِ، وَجَعَلَ عِدَّةَ الْحَامِلِ أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] الْآيَةَ، أَوَ لَا تَرَاهُ جَعَلَ عِدَّتَهَا أَنْ تَضَعَ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا بِالْأَقْرَاءِ وَيَلْزَمُ مَنْ جَعَلَ الْحَامِلَ تَحِيضُ أَنْ يَجْعَلَهَا تَنْقَضِي بِالْأَقْرَاءِ، وَهَذَا عَلَى غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَكَذَا أَقُولُ

ذكر المرأة ترى الدم وهي تطلق واختلفوا في المرأة ترى الدم وهي تمخض، فقالت طائفة: هو حيض لا تصلي، روي هذا القول عن النخعي، وقال الحسن: إذا رأت الدم على الولد أمسكت عن الصلاة، وقال مالك في الماء الأبيض الذي يخرج من فرج المرأة حين يضربها الطلق حضرة

ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ وَهِيَ تَطْلِقُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ وَهِيَ تَمْخَضُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ حِيَضٌ لَا تُصَلِّي، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا رَأَتِ الدَّمَ عَلَى الْوَلَدِ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَاءِ الْأَبْيَضِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ حِينَ يَضْرِبُهَا الطَّلْقُ حَضْرَةَ الْوِلَادَةِ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي حَتَّى تَرَى دَمَ النِّفَاسِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِذَا ظَهَرَ الدَّمُ تَرَكَتِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى تَلِدَ فَيَكُونَ حُكْمُهَا حِينَئِذٍ حُكْمَ النُّفَسَاءِ

ذكر الحائض تطهر قبل غروب الشمس أو قبل طلوع الفجر اختلف أهل العلم في الحائض تطهر قبل غروب الشمس أو قبل طلوع الفجر، فقالت طائفة: عليها إذا طهرت قبل غروب الشمس أن تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر أن تصلي المغرب والعشاء. وروينا هذا القول عن

ذِكْرُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَنْ تُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ

824 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ أَخْبَرَتْنِي جَدَّتِي، عَنْ مَوْلَاةٍ، لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ»

825 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ -[244]- يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْمَغْرِبِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ» وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ الْحَكَمُ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ: إِذَا طَهُرَتْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ فِي حَالٍ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ وَقْتَ الظُّهْرِ فِي حَالٍ، فَطَهُرَتِ امْرَأَةٌ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ كَانَ عَلَيْهَا الصَّلَاتَانِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي حَالٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَقْتُ الَّذِي جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِيهِ خِلَافَ الْوَقْتِ الَّذِي يَبْقَى مِنَ النَّهَارِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الْمَرْءُ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَبَاحَتِ السُّنَّةُ أَنْ تَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ هُمَا إِذَا صَلَّاهُمَا فِي وَقْتِهَا كَجُمُعَةٍ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبِالْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ أَسْفَارٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، إِذْ فَاعِلُهُ مُتَّبِعٌ لِلسُّنَّةِ، وَالْوَقْتُ -[245]- الَّذِي طَهُرَتْ فِيهِ الْحَائِضُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ وَقْتٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ التَّارِكَ لِلصَّلَاتَيْنِ حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ ذَهَبَ لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَصَلَّى رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَسَبْعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَاصٍ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَذْمُومٌ إِذَا كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ فِي غَيْرِ حَالِ عُذْرِهِ، إِذَا كَانَ هَكَذَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَجْعَلَ حُكْمَ الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ حُكْمَ الْوَقْتِ الَّذِي حُظِرَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَى الْحَائِضِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِذَا طَهُرَتْ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَيْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهَا بِاخْتِلَافٍ صَلَاةً لَا حُجَّةَ مَعَ مُوجِبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْعَصْرِ لَا لِلظُّهْرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا طَهُرَتْ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ صَلَّتِ الْعَصْرَ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، إِنْ شَاءَتْ إِنْ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا الْعَصْرُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَلَيْسَ الْمَغْرِبُ عَلَيْهَا بِوَاجِبٍ إِذَا طَهُرَتْ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِلَّا الصَّلَاةُ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا رَأَتِ الْحَائِضُ طُهْرَهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَاغْتَسَلَتْ -[246]- صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ إِلَّا مَا يُصَلِّي فِيهِ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّتِ الْعَصْرَ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا رَأَتْ طُهْرَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَاغْتَسَلَتْ صَلَّتِ الْعِشَاءَ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ اللَّيْلِ مَا يُصَلَّى مَا فِيهِ الْمَغْرِبُ وَرَكْعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: فَإِنْ هِيَ رَأَتِ الطُّهْرَ وَفَرَغَتْ مِنْ غُسْلِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ قَدْرَ مَا تُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتِ الْعَصْرَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فِي الظُّهْرِ

ذكر المرأة تحيض بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها اختلف أهل العلم في المرأة تحيض بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها، فقالت طائفة: عليها القضاء كذلك قال الشعبي، والنخعي، وقتادة، وقال أحمد: يعجبني أن تعيد، وقال إسحاق: تعيد، وقال الشافعي، تقضيها

ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهَا الْقَضَاءُ كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي أَنْ تُعِيدَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: تُعِيدُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، تَقْضِيهَا إِذَا كَانَ أَمْكَنَهَا أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا،

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تُفَرِّطَ وَتَدَعَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا صَلَّتْ رَكْعَةً مِنَ الظُّهْرِ أَوْ بَعْضَ الظُّهْرِ، ثُمَّ حَاضَتْ لَا تَقْضِي هَذِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي حَاضَتْ فِيهَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا حَاضَتْ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ، لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا إِذَا هِيَ طَهُرَتْ، فَإِنْ أَخَّرَتِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، ثُمَّ حَاضَتْ أَعَادَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ، وَهِيَ طَاهِرٌ وَلَمْ تُصَلِّ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَهَا إِذَا طَهُرَتْ

ذكر الحائض تطهر في وقت لا يمكنها فيه الاغتسال، والصلاة حتى يخرج الوقت اختلف أهل العلم في الحائض تطهر في وقت لا يمكنها فيه الاغتسال والصلاة حتى يخرج الوقت، فقالت طائفة إذا أخذت في الغسل فلم تفرغ منه حتى خرج الوقت فلا شيء عليها، وذلك في طلوع الشمس

ذِكْرُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهَا فِيهِ الِاغْتِسَالُ، وَالصَّلَاةُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهَا فِيهِ الِاغْتِسَالُ وَالصَّلَاةُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ إِذَا أَخَذَتْ فِي الْغُسْلِ فَلَمْ تَفْرُغْ مِنْهُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنَ النَّهَارِ قَدْرُ رَكْعَةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ رَكْعَةٍ قَبْلَ اطِّلَاعِ الشَّمْسِ حِينَ رَأَتِ الطُّهْرَ فَلَمْ

تَفْرُغْ مِنْ غُسْلِهَا إِلَّا بَعْدَمَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلَّتْ كَمَا وَصَفْتُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَإِنَّمَا وَقْتُهَا حِينَ تَرَى الطُّهْرَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِمَّنْ عَلَيْهَا فَرْضُ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ الْغُسْلُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَلَمْ تَغْتَسِلْ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا فَلْتُعِدْ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَإِنْ لَمْ تَفْرُغْ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ

ذكر النفساء أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن على النفساء الاغتسال عند خروجها من النفاس واختلفوا في أقصى حد النفاس فقالت طائفة: حد ذلك أربعون ليلة إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعن ابن عباس، وعثمان بن أبي العاص،

ذِكْرُ النُّفَسَاءِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى النُّفَسَاءِ الِاغْتِسَالَ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنَ النِّفَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَقْصَى حَدِّ النِّفَاسِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حَدُّ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأُمِّ -[249]- سَلَمَةَ

826 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: «النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي»

827 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «النُّفَسَاءُ تَنْتَظِرُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ نَحْوَهُ»

828 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: «تَمْكُثُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ»

829 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: " أَنَّ امْرَأَةً لِعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو نُفِسَتْ، فَرَأَتِ الطُّهْرَ فِي عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَتَطَهَّرَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ فَدَخَلَتْ فِي لِحَافِهَا، فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: لَا تُعْزِبِينِي مِنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِيَ الْأَرْبَعُونَ "

830 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «تَنْتَظِرُ الْبِكْرُ إِذَا وَلَدَتْ وَتَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَغْتَسِلُ»

831 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ مُسَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وَجْهِهَا الْوَرْسَ مِنَ الْكَلَفِ» وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالنُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَقْصَاهُ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْحَيْضِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: النُّفَسَاءُ لَا تَكَادُ تُجَاوِزُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ جَاوَزَتْ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ، فَإِنْ جَاوَزَتِ الْخَمْسِينَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقْصَى النِّفَاسِ شَهْرَانِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، -[251]- وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ آخِرَ مَا لَقِينَاهُ، فَقَالَ: يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ النِّسَاءُ، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، فَتَجْلِسُ أَبْعَدَ ذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَجْلِسُ كَامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا، وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: تَرَبُّصُ شَهْرَيْنِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِوَى ذَلِكَ قَوْلَانِ شَاذَّانِ، أَحَدُهُمَا أَنْ تَنْتَظِرَ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَ لَيَالٍ، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. يُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَهْلِ دِمَشْقَ يَقُولُونَ: إِنَّ أَجَلَ النُّفَسَاءِ مِنَ الْغُلَامِ ثَلَاثُونَ لَيْلَةً، وَمِنَ الْجَارِيَةِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، وَقَالَ قَائِلٌ: إِذَا اسْتَمَرَّ بِالنُّفَسَاءِ الدَّمُ حَتَّى تَجَاوَزَ سِتِّينَ يَوْمًا، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَغْتَسِلُ عِنْدَ السِّتِّينِ، وَتُصَلِّي، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَقْضِي الصَّلَاةَ الَّتِي تَرَكَتْهَا فِي السِّتِّينَ يَوْمًا كُلَّهَا، إِذْ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ النِّفَاسُ لَمْ يَأْتِ فِيهَا وَقْتُ صَلَاةٍ، وَسَائِرُ الدَّمِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ، فَلَمَّا جَازَ وَصْفُنَا، كَانَ الِاحْتِيَاطُ لِلصَّلَاةِ لَا عَلَيْهَا، هَذَا إِذَا أَشْكَلَ دَمُ نِفَاسِهَا مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَتِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَلْزَمُ عِنْدِي مِنْ أَمْرِ الْبِكْرِ الْمُبْدَأَةِ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتِ -[252]- الدَّمَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ مَا تَرَاهُ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا أَنْ تُعِيدَ صَلَاةَ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ تَنْفَسُ أَوَّلَ نِفَاسِهَا دَعِي الصَّلَاةَ إِلَى أَقْصَى نِفَاسِهَا، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَقْصَى النِّفَاسِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِإِعَادَةِ صَلَاةِ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْوَقْتِ الْمَوْجُودِ مِنْ نِفَاسِ النِّسَاءِ، وَيَجِبُ كَذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَهَا إِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا قَدْ جَرَتْ فِيمَا مَضَى بِأَنْ تَقْعُدَ أَيَّامًا مَعْلُومَةً فِي النِّفَاسِ، فَزَادَ الدَّمُ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى عَادَتِهَا فِيمَا مَضَى كَمَا يَأْمُرُ مَنْ لَهَا وَقْتٌ مَعْلُومٌ تَحِيضُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ذَلِكَ الْوَقْتَ، فَزَادَ عَلَى أَيَّامِهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى وَقْتِهَا الْمَعْلُومِ، فِيمَا مَضَى وَتَجْعَلُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ اسْتِحَاضَةً، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر اختلافهم في أقل النفاس واختلفوا في أقل النفاس، فقالت طائفة: إذا وضعت الحامل حملها فرأت دما فهي نفساء، وإذا رأت الطهر وجب عليها الاغتسال والصلاة هذا قول الشافعي، وقال محمد بن الحسن: أقل النفاس ساعة، أبو ثور عنه، وبه قال أبو ثور، وحكى أبو ثور

ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا وَضَعَتِ الْحَامِلُ حَمْلَهَا فَرَأَتْ دَمًا فَهِيَ نُفَسَاءُ، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ وَالصَّلَاةُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَقَلُّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ، أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَقَلُّ النِّفَاسِ سَاعَةٌ، وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْمًا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ وَلَدًا فَلَمْ تَرَ عَلَيْهِ دَمًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، قَالَ: تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَقَالَ مَالِكٌ كَذَلِكَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو

عُبَيْدٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: أَقَلُّ النِّفَاسِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَدْنَى مَا تَقْعُدُ النُّفَسَاءُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ أَدْنَى النِّفَاسِ أَكْثَرَ مِنْ أَقْصَى الْحَيْضِ بِيَوْمٍ، وَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ تَحْدِيدَاتٌ وَاسْتِحْسَانَاتٌ لَا يَرْجِعُ قَائِلُهَا فِيمَا قَالَ إِلَى حُجَّةٍ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا رَأَتِ النُّفَسَاءُ الطُّهْرَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِنَّهَا طَاهِرٌ فَلْتُصَلِّ. وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ اغْتَسَلَتْ يَوْمَ السَّابِعِ، وَصَلَّتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، وَذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ دَمِ النِّفَاسِ هُوَ الْمُوجِبُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الدَّمُ عَادَ الْفَرْضُ بِحَالَهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ وُجُودِ دَمِ النِّفَاسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر اختلاف أهل العلم في النفساء تطهر وتغتسل وتصلي، ثم يعاودها الدم قبل مضي أقصى أيام النفاس اختلف أهل العلم في النفساء تطهر وتغتسل وتصلي، ثم يعاودها الدم قبل مضي أقصى أيام النفاس، فقالت طائفة: إذا طهرت صلت، وإذا رأت الدم أمسكت ما بينها وبين شهرين،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النُّفَسَاءِ تَطْهُرُ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، ثُمَّ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقْصَى أَيَّامِ النِّفَاسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النُّفَسَاءِ تَطْهُرُ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، ثُمَّ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقْصَى أَيَّامِ النِّفَاسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا طَهُرَتْ صَلَّتْ، وَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ أَمْسَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَهْرَيْنِ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَقْصَى النِّفَاسِ عِنْدَهُ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: مَتَى رَأَتِ الطُّهْرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ قَرُبَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دَمًا هُوَ قَرِيبُ مِنَ دَمِ النِّفَاسِ، كَانَ مُضَافًا إِلَى دَمِ النِّفَاسِ، وَأَلْغَتْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَيَّامِ مِمَّا لَمْ تَرَ فِيهِ دَمًا، وَإِنْ تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ كَانَ الدَّمُ الْمُسْتَقِلُّ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ رَأَتِ الدَّمَ قُرْبَ دَمِ النِّفَاسِ كَانَتْ نُفَسَاءَ، فَإِنْ تَمَادَى بِهَا أَقْصَى مَا تَقُولُ النِّسَاءُ أَنَّهُ نِفَاسٌ، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ كَانَتْ إِلَى ذَلِكَ نُفَسَاءَ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: وَإِذَا رَأَتِ النُّفَسَاءُ لِلطُّهْرِ وَالنَّقَاءِ فَهُوَ طُهْرٌ، وَإِنْ عَاوَدَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ دَمُ فَسَادٍ، وَلَا يَكُونُ يَعُودُ دَمُ حِيَضٍ، وَلَا نِفَاسٌ بَعْدَ النَّقَاءِ إِلَى خَمْسَ

عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ دَمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَأَكْثَرَ فَهُوَ حَيْضٌ، تَدَعُ الصَّلَاةَ، فَإِذَا رَأَتِ النَّقَاءَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، وَهِيَ بَعْدَ النَّقَاءِ الْأَوَّلِ مِنَ النِّفَاسِ حُكْمُهَا حُكْمُ الطَّاهِرِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْغَشَيَانِ حَتَّى تَرَى دَمَ الْحَيْضِ

ذكر حد أقل الطهر واختلفوا في حد أقل الطهر يكون بين الحيضتين، فقالت طائفة: أقل ذلك خمسة عشر يوما، هكذا قال سفيان الثوري، وزعم أبو ثور أنهم لا يختلفون فيما نعلم أن أقل الطهر خمسة عشر يوما، وحكى ذلك أبو ثور عن النعمان وصاحبيه، وأنكرت طائفة هذا التحديد

ذِكْرُ حَدِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ يَكُونُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَزَعَمَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَا نَعْلَمُ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَحَكَى ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ النُّعْمَانِ وَصَاحِبَيْهِ، وَأَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ هَذَا التَّحْدِيدَ، وَمِمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ عَلَى مَا يَكُونُ، قَالَ إِسْحَاقُ: لَيْسَ فِي الطُّهْرِ وَقْتٌ، وَتَوْقِيتُ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ بَاطِلٌ

ذكر سن المرأة الذي إذا بلغته كانت من الموئسات روينا عن عطاء بن رباح، أنه قال في المرأة بتركها الحيض ثلاثين سنة، ثم رأت الدم، فأمرها فيه شأن المستحاضة، وعن الحسن في المرأة التي قد قعدت ترى الدم، قال: بمنزلة المستحاضة، وقال أحمد بن حنبل في المرأة

ذِكْرُ سَنِّ الْمَرْأَةِ الَّذِي إِذَا بَلَغَتْهُ كَانَتْ مِنَ الْمُوئِسَاتِ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ بِتَرْكِهَا الْحَيْضَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ، فَأَمْرُهَا فِيهِ شَأْنُ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَعَنِ الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ قَعَدَتْ تَرَى الدَّمَ، قَالَ: بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي قَعَدَتْ بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَةً مِنَ الْحَيْضِ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ، قَالَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَيْضًا

مسألة واختلفوا في الحائض تطهر وتصلي، ثم يعاودها الدم بعد يوم أو أيام فقالت طائفة: لا تدع الصلاة وتفعل ما تفعله المستحاضة، هذا مذهب عطاء، وأحمد بن حنبل، وأبي ثور غير أن أحمد قال: حتى يتبين لها أنه حيض منتقل، ولا ينقلها إلا أن ترى الدم في ذلك الوقت

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَتُصَلِّي، ثُمَّ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ وَتَفْعَلُ مَا تَفْعَلُهُ الْمُسْتَحَاضَةُ، هَذَا مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهَا أَنَّهُ حَيْضٌ مُنْتَقِلٌ، وَلَا يَنْقُلُهَا إِلَّا أَنْ تَرَى الدَّمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى يُتِمَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَكُونُ حَيْضًا مُنْتَقِلًا،

فَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ حَيْضًا مَا دَامَتْ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى أَيَّامِ الْحَيْضِ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً عِنْدَهُمْ إِلَى أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ ثُمَّ تَرْتَفِعُ عَنْهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ تُصَلِّي، ثُمَّ تَرَاهُ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ عَنْهَا، ثُمَّ تَرَاهُ مَرَّةً، وَيَذْهَبُ أُخْرَى، قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اخْتَلَطَتْ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَتْ، فَإِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ، فَإِذَا ذَهَبَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، فَإِذَا بَلَغَتِ الْأَيَّامَ الَّتِي تَرَى الدَّمَ فِيهَا قَدْرَ أَيَّامِ حَيْضِهَا وَزِيَادَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اغْتَسَلَتْ، ثُمَّ صَلَّتْ وَصَنَعَتْ مَا تَصْنَعُهُ الْمُسْتَحَاضَةُ، هَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قُرُوئِهَا، فَإِنَّهَا تُمْسِكُ أَيَّامَ الدَّمِ، وَإِنْ كَانَتْ ذَلِكَ فَرَجًا مِنْ طُهْرٍ، فَإِذَا أَكْمَلَتْ أَيَّامَ الدَّمِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَا أَعْلَمُ

ذكر قول من رأى أن تستطهر المستحاضة بعد مضي أيام الحيض ثلاثا اختلف أهل العلم في المرأة يكون لها أيام معلومة، ثم تستحاض، فقالت طائفة: تمكث المستحاضة بعد مضي ليالي حيضها ثلاث ليال، ثم تغتسل وتصلي هذا قول مالك ذكر معن أنه آخر قوله الذي مات عليه، وحكى

ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنْ تَسْتَطْهِرَ الْمُسْتَحَاضَةُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْحَيْضِ ثَلَاثًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ يَكُونُ لَهَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ، ثُمَّ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَمْكُثُ الْمُسْتَحَاضَةُ بَعْدَ مُضِيِّ لَيَالِي حَيْضِهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي

هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ذَكَرَ مَعْنٌ أَنَّهُ آخِرُ قَوْلِهِ الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِأَنْ تَسْتَطْهِرَ إِذَا كَانَ حَيْضُهَا اثْنَى عَشَرَ يَوْمًا، فَإِذَا كَانَ حَيْضُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ تَسْتَطْهِرُ بِيَوْمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ تَسْتَطْهِرُ بِيَوْمٍ وَالَّتِي أَيَّامُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ لَا تَسْتَطْهِرُ بِشَيْءٍ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي امْرَأَةٍ قَامَتْ حَيْضُهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَيَّامًا عَرَفَتْهَا وَعَرَفَتْ أَيَّامَ أَطْهَارِهَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ فَزَادَتْ عَلَى أَيَّامِهَا تِلْكَ قَالَ: فَلْتَسْتَطْهِرْ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ فِي الْحَائِضِ تَسْتَطْهِرُ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ فَلْتَقْعُدْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ ثُمَّ تَقْعُدُ بَعْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ تُصَلِّي قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ الِاسْتِطْهَارَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا تَسْتَطْهِرُ بِأَنْ تُصَلِّيَ، إِذَا شَكَّتْ لَا تَسْتَطْهِرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الِاسْتِطْهَارِ بَعْدَ الْحَيْضِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: تَدَعُ الصَّلَاةَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ، فَتَرَكَ مَالِكٌ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَأَسْقَطَ عَنْهَا صَلَاةَ أَيَّامٍ بِرَأْيِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَكْثَرَ أَصْحَابِنَا أَنْ تَدَعَ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَهَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ الصَّلَاةَ تِلْكَ الْأَيَّامَ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَوَضَّأُ بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي، وَاللهُ أَعْلَمُ

كتاب الدباغ

كِتَابُ الدِّبَاغِ

ذكر الخبر المختص المبيح أن يستمتع بأهب الميتة

ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُخْتَصِّ الْمُبِيحِ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِأُهُبِ الْمَيْتَةِ

832 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَاةٍ لِمَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ مَيْتَةٍ، قَالَ: «أَفَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟» قَالُوا: وَكَيْفَ، وَهِيَ مَيْتَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «إِنَّمَا حُرِّمَ لَحْمُهَا» قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُنْكِرُ الدِّبَاغَ، وَيَقُولُ: يُسْتَمْتَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ

833 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " كَانَتْ شَاةٌ أَوْ دَاجِنَةٌ لِإِحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَاتَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا»

ذكر الأخبار المفسرة للخبر الذي ذكرناه

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُفَسِّرَةِ لِلْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ

834 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ لِمَوْلَاةٍ لَهَا قَدْ أُعْطِيتَهَا مِنَ الصَّدَقَةِ مَيْتَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ لَوْ أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ وَانْتَفِعُوا بِهِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «إِنَّمَا حُرِّمَ مِنَ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: فَقِيلَ لِسُفْيَانَ: إِنَّ مَعْمَرًا لَا يَقُولُ فِيهِ، فَدَبَغُوهُ، وَيَقُولُ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يُنْكِرُ الدِّبَاغَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لَكِنِّي قَدْ حَفِظْتُهُ أَنَا، وَإِنَّمَا أَرَدْنَا مِنْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، وَلَمْ يَقُلْهَا غَيْرُهُ إِنَّمَا حَرَّمَ أَكْلَهَا

835 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ: " أَنَّ شَاةً، مَاتَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا دَبَغْتُمْ إِهَابَهَا»

836 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَالَ اللهُ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} الْآيَةَ، وَإِنَّكُمْ لَا تَطْعَمُونَهُ أَنْ تَدْبُغُوهُ فَتَنْتَفِعُونَ -[261]- بِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَسَلَخَتْ مَسْكَهَا فَدَبَغَتْهُ، وَاتَّخَذَتْ مِنْهُ قِرْبَةً حَتَّى تَخَرَّقَتْ عِنْدَهَا "

837 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ»

838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا أَبُو غَسَّانَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دِبَاغُ الْمَيْتَةِ ذَكَاتُهُ»

ذكر إثبات الطهارة بجلود الميتة بالدباغ

ذِكْرُ إِثْبَاتِ الطَّهَارَةِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ

839 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُذَافَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ الْعَالِيَةِ بِنْتِ سُبَيْعٍ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا» فَقَالُوا: يَا -[262]- رَسُولَ اللهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ»

840 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ: دِبَاغُهَا طَهُورُهَا "

ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن دباغ الأديم طهوره

ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِبَاغَ الْأَدِيمِ طُهُورُهُ

841 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامٌ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَرَّ بِقِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ، فَاسْتَسْقَى فَقِيلَ: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «دِبَاغُ الْأَدِيمِ طُهُورُهُ»

ذكر خبر مجمل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الطهارة للأهب بالدباغ

ذِكْرُ خَبَرٍ مُجْمَلٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِثْبَاتِ الطَّهَارَةِ لِلْأُهُبِ بِالدِّبَاغِ

842 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ. 843 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " -[263]- قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَغْزُو فَنُؤْتَى بِالْأَسْقِيَةِ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ: إِلَّا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»

844 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ»

845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّا نَغْزُو هَذَا الْغَرْبَ وَعَامَّةُ أَسْقِيَتِهِمُ الْمَيْتَةُ، وَرُبَّمَا قَالَ حَمَّادٌ: وَأَكْثَرُ أَسْقِيَتِهِمُ الْمَيْتَةُ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دِبَاغُهَا طَهُورُهَا»

ذكر الخبر الذي احتج به من كره الانتفاع بجلود الميتة قبل الدباغ وبعده

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَرِهَ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ

846 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: " أُقْرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ: أَنْ لَا تَسْتَمْتِعُوا أَوْ تَسْتَنْفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ "

قَالَ أَبُو بَكَرٍ: وَفِي حَدِيثِ 847 - الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى، قَالَ ثنا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُكَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَشْيَخَةٌ، لَنَا مِنْ جُهَيْنَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ»

ذكر اختلاف أهل العلم في الانتفاع بجلود الميتة مما يقع عليه الذكاة من الأنعام والحيوان قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الانتفاع بجلود الميتة قبل الدباغ وبعده، فنهت طائفة عن الانتفاع به قبل الدباغ وبعده، وممن قال بهذا القول أحمد بن حنبل

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ الذَّكَاةُ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْحَيَوَانِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ، فَنَهَتْ طَائِفَةٌ عَنِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ: «كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ بِأَرْضٍ تَلْبَسُونَ ثِيَابًا، يُقَالُ لَهَا الْفِرَاءُ، فَانْظُرُوا مَا مِنْ مَيْتَةٍ» 848 - مِنْ حَدِيثِ بُنْدَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ

849 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي مَوْلًى، لِابْنِ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ: " كَلَّمَ عَائِشَةَ فِي أَنْ يَتَّخِذَ، لَهَا لِحَافًا مِنَ الْفِرَاءِ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَلَسْتُ بِلَابِسَةِ -[265]- شَيْءٍ مِنَ الْمَيِّتِ، قَالَ: فَنَحْنُ نَصْنَعُ لَكِ لِحَافًا مِمَّا يُدْبَغُ، وَكَرِهَتْ أَنْ تَلْبَسَ مِنَ الْمَيْتَةِ "

850 - كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «كَانَ مِمَّنْ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الْجِلْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَكِيًّا عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَابْنُ جَابِرٍ»

851 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو النُّعْمَانِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " رَأَى عَلَى رَجُلٍ فَرْوًا، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا ذَكِيٌّ لَسَرَّنِي أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُهُ قَالَ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فِي كِتَابِهِ تَحْرِيمًا عَامًّا لَمْ يَخُصْ مِنْهَا شَيْئًا دُونَ شَيْءِ، فَقَالَ: جَلَّ وَعَزَّ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] الْآيَةَ، وَكَانَ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ يَقَعُ عَلَى اللَّحْمِ وَالْجَلْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا، وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَسَانِيدِهَا وَمُتُونِهَا فَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى شَاةٍ لِمَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ، فَقَالَ: " أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ فِي حَدِيثِهِ. وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: «هَلَّا اسْتَنْفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا» وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، -[266]- عَنْ مَيْمُونَةَ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ، فَلَمَّا اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي مَتْنِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ حُجَّةٌ، ثُمَّ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْحَدِيثُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ حَدِيثًا وَاحِدًا لَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عُكَيْمٍ نَاسِخًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: جَاءَنَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ. احْتَجَّ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحُجَّةٍ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَقَالَ: لَيْسَ يَخْلُو بِجَلْدٍ أَنْ يَكُونَ حَيًّا بِحَيَاةِ الشَّاةِ، أَوْ مَيِّتًا بِمَوْتِهَا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ اللَّحْمِ لَا سَبِيلَ أَوْ يَكُونُ لَا حَيَاةَ فِيهِ، وَلَا مَوْتَ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَأَكْلُهُ مُبَاحٌ، وَلَا مَعْنَى لِرُخْصَةٍ، وَفِي امْتِنَاعِ الْجَمِيعِ أَنْ يُبِيحُوا أَكْلَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَيِّتٌ بِمَوْتِ الشَّاةِ، وَكَمَا أَبَاحُوا أَكْلَ جَلْدِ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ إِذَا أَشْرَفَتْ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجِلْدَ يَحْيَى بِحَيَاةِ الشَّاةِ، وَيَمُوتُ بِمَوْتِهَا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ تُبَاحَ الْمَيْتَةُ نَصْرًا لِمُضْطَرٍّ غَالٍّ وَإِنْ عُولِجَ بِكُلِّ عِلَاجٍ وَطِيبٍ وَكُلِّ حِيلَةٍ، فَإِنَّ الْجِلْدَ كَذَلِكَ لَا سَبِيلَ إِلَى نَقْلِهِ عَنْ حَالِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، وَحَرَّمَتِ الِانْتِفَاعَ بِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَذَلِكَ مِثْلَ جُلُودِ الْأَنْعَامِ، وَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذَّكَاةُ وَهِيَ حَيَّةٌ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ

852 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عُمَرَ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُسْتُقَةٍ، فَقَالَ: طَهُورُهَا دِبَاغُهَا "

853 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: " سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنِ الْمَسَاتِقِ، فَقَالَتْ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ دِبَاغَهَا طَهُورُهَا "

854 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ الْكُوفِيُّ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَشْتَرُوا أَلْبَانَ الْغَنَمِ فِي ضُرُوعِهَا، وَلَا أَصْوَافَهَا عَلَى ظُهُورِهَا، وَإِذَا مَاتَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَا تُعْطُوا الْأَجِيرَ مِنْهَا شَيْئًا، وَاكْسُوا مِنْهَا عَبَاءً لَكُمْ، فَإِنَّ دِبَاغَهَا طَهُورُهَا، وَبِيعُوا إِنْ شِئْتُمْ»

855 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا يَعْلَى، ثنا صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ " يَقْرِي نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ فَدَعَا لَهُمْ بِشَرَابٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا فِي سِقَاءٍ فِي مَنِيحَةٍ كَانَتْ لَنَا، فَمَاتَتْ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ أَتَسْقِينَا فِي الْمَيْتَةِ، فَقَالَ: ذَكَاتُهَا دِبَاغُهَا "

856 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا جَعْفَرٌ، أَنْبَأَ مُسْلِمٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «ذَكَاةُ الْجُلُودِ دِبَاغُهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ جُلُودَ، مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذَّكَاةُ إِذَا مَاتَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يُذَكَّى وَيُدْبَغُ أَنَّ الدِّبَاغَ يُطَهِّرُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، -[268]- وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَدْ رُوِّينَا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقَاوِيلَ غَيْرَهَا خِلَافَ مَا ذَكَرْنَاهُ

فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «يُنْتَفَعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ، وَلَا تُبَاعُ» وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ النَّخَعِيَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُصَلَّى فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَ، قَالَ: لَا، وَقَالَ: إِنَّمَا أَذِنَ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ يُصَلَّى فِيهِ

وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ: «أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالصَّلَاةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ دُبِغَ بَأْسًا» 857 - حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْحَسَنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ يَلْزَمُ أَنْ يُصَلِّي فِي جُلُودِ الْخَنَازِيرِ وَالْكِلَابِ إِذَا دُبِغَتْ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ ذَلِكَ فِي جُلُودِ الْخَنَازِيرِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الدِّبَاغَ، وَيَقُولُ: يُسْتَمْتَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَعَ أَنَّا قَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيِّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ دِبَاغَهَا طَهُورُهَا

وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ رِوَايَةً غَيْرَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَمُوتُ -[269]- لَهُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَيَدْبِغُ جُلُودَهَا، قَالَ: يَبِيعُهَا وَيَلْبَسُهَا إِذَا دَبَغَهَا " 858 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَقُولُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جُمْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فِي كِتَابِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا عَلَى اللَّحْمِ، وَالْجِلْدِ جَمِيعًا إِلَّا أَنْ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِيَّةِ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَمَّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، وَجَبَ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الْجِلْدُ قَبْلَ الدِّبَاغِ عَلَى جُمْلَةِ التَّحْرِيمِ، وَذَكَرَ هَذَا الْقَائِلُ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ حَدِيثَ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثَ الشَّعْبِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، وَقَالَ: هَذِهِ الْأَخْبَارُ ثَابِتَةٌ فَإِنْ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قِيلَ: لَيْسَ الِاخْتِلَافُ مِمَّا يُوهِنُ الْخَبَرَ، وَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ مَيْمُونَةَ وَسَوْدَةَ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ رَوَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ أَوْ سَوْدَةَ ثِقَةٌ يَجِبُ قَبُولُ حَدِيثِهِ، فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يُدْفَعُ، لَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ثَابِتًا عَنْ أَحَدِهِمَا، فَأَيُّهُمَا كَانَ فَهُوَ مَقْبُولٌ لَا مَعْنَى لِرَدِّهِ، وَأَيُّهُمَا كَانَ غَيْرَهُ يَجِبُ قَبُولُهُ، وَقَالَ: فَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَيْسَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُقَابِلَ بِهِ خَبَرَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَلَا عَطَاءٍ، وَلَا عِكْرِمَةَ إِذَا خَالَفُوهُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ حُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ وَعْلَةَ لَيْسَتْ بِخِلَافٍ لِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ، قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» مُخْتَصَرًا، وَيَكُونُ قَدْ سَمِعَ مِنَ مَيْمُونَةَ وَسَوْدَةَ أَوْ إِحْدَاهُمَا قِصَّةَ الشَّاةِ، وَلَيْسَ فِي -[270]- رِوَايَةِ ابْنِ وَعْلَةَ قِصَّةُ الشَّاةِ، وَلَا فِي حَدِيثِ هَؤُلَاءِ اللَّفْظُ الَّذِي فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَعْلَةَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَدِيثَيْنِ مَحْفُوظَيْنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَاحِبِهِ فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ذِكْرُ الدِّبَاغِ، قِيلَ لَهُ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعُقَيْلٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ ذَكَرُوا الدِّبَاغَ فِي حَدِيثِهِمْ، وَالْحَافِظُ إِذَا زَادَ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدِّبَاغُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ يُرَخِّصُ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ، قِيلَ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَالْكَرَاهِيَةُ ثَبَتَتْ عِنْدَنَا عَنْهُ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَتَانِ مُتَكَافِئَتَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا سَقَطَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا اخْتَلَفَ فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا جَاءَكَ عَنْ رَجُلٍ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ لَا تَدْرِي النَّاسِخُ مِنْهُمَا مِنَ الْمَنْسُوخِ، وَلَا الْأَوَّلَ مِنَ الْآخِرِ فَلَمْ يَجِئْكَ عَنْهُ شَيْءٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْ لَمْ يُرْوَ عَنِ الزُّهْرِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ وَحَدِيثِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كِفَايَةٌ، وَمَقْنَعٌ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَحَدِيثُ ابْنِ عُكَيْمٍ نَاسِخٌ لَهُ، قِيلَ إِنَّ ابْنَ عُكَيْمٍ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ إِنَّمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَشْيَخَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ لَمْ يُسَمِّهِمْ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ هُمْ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ خَبَرِ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَشْيَخَةٍ لَا يُعْرَفُونَ، وَذَكَرَ حَدِيثَ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَلَوْ كَانَ خَبَرُ ابْنِ عُكَيْمٍ ثَابِتًا لَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؛ -[271]- لِأَنَّ تِلْكَ الْأَخْبَارِ فِيهَا إِذْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَإِذَا أَمْكَنَ لَنَا أَنْ تَكُونَ الْأَخْبَارُ مُخْتَلِفَةً، وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهَا فَاسْتِعْمَالُهَا أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْ نَجْعَلَهَا مُتَضَادَّةً، فَيُسْتَعْمَلُ خَبَرُ ابْنِ عُكَيْمٍ فِي النَّهْيِ عَنِ اسْتِعْمَالِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَيُسْتَعْمَلُ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، وَقَالَ آخَرُ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ دِبَاغَ الْمَيْتَةِ طَهُورَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ، وَلَا يَكُونُ خَبَرُ ابْنِ عُكَيْمٍ لَوْ ثَبَتَ نَاسِخًا لَهُ عَلَى أَنَّ خَبَرَ ابْنِ عُكَيْمٍ غَيْرُ ثَابِتٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ مِنْ حَامِلِ الْكِتَابِ إِلَيْهِمْ، وَلَا مَنْ قَرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ، وَالْحَدِيثُ مِنْ مَشْيَخَةٍ لَا يُعْرَفُونَ، وَاعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ مَنِ احْتَجُّوا بِهَا، فَزَعَمَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ جَائِزٌ، بِافْتِرَاشٍ، وَجُلُوسٍ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعْمَلُ مِنْ ذَلِكَ يَابِسًا، لَا يَكُونُ رَطْبًا يَنْجُسُ الطَّاهِرُ بِمَمَاسَّةِ الرَّطْبِ مِنْهُ، وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ خَبَرِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا» وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ مَا لَمْ يُحَرَّمْ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَذَكَرَ قَوْلَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] إِلَى قَوْلِهِ {عَفَا اللهُ عَنْهَا} [المائدة: 101] الْآيَةَ، قَالَ: فَمَنْ حَظَرَ وَمَنَعَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ فِي غَيْرِ بَابِ الْأَكْلِ فَقَدْ حَظَرَ مَا هُوَ مُبَاحٌ، قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ بِأَنْ يُلْبَسَ أَشَدُّ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَفِي إِجَازَتِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْأُهُبِ النَّجِسَةِ، وَأَنَّ الَّذِي حُرِّمَ مِنْهُ الْأَكْلُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ عَارَضَ هَذَا الْقَائِلَ: لَوْ وَجَبَ اسْتِعْمَالُ ظَاهِرِ خَبَرِ الزُّهْرِيِّ، إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا لَجَازَ بَيْعُ جِلْدِ الشَّاةِ قَبْلَ أَنْ يُدْبَغَ، أَوْ جَازَتْ هِبَتُهُ، فَلَمَّا مُنِعَ الْجَمِيعُ مِنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الزُّهْرِيِّ إِنَّمَا رُوِيَ عَلَى الِاخْتِصَارِ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مُفَسِّرَةٌ لِذَلِكَ الْخَبَرِ وَمُبَيِّنَةٌ مَعْنَاهُ

ذكر اختلاف أهل العلم في الانتفاع بشعور الميتة وأصوافها وأوبارها قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الانتفاع بشعور الميتة وأصوافها وأوبارها فأباحت طائفة الانتفاع بذلك كله، وممن أباح ذلك الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وبه قال حماد بن أبي سليمان: إذا غسل،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِشُعُورِ الْمَيْتَةِ وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِشُعُورِ الْمَيْتَةِ وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَمِمَّنْ أَبَاحَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا غُسِلَ، وَقَالَ الْأَعْمَشُ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يَرَوْنَ أَنَّ غَسْلَ صُوفِ الْمَيْتَةِ طَهُورُهُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالُوا: يُغْسَلُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الرِّيشِ، وَالْعَصَبُ، وَالصُّوفُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ،

وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ صُوفِ الْمَيْتَةِ فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ يُرَخَّصُ إِلَّا فِي إِهَابِهَا إِذَا دُبِغَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي إِهَابِ الْمَيْتَةِ: إِذَا دُبِغَ وَلُدِكَ عَلَيْهِ شَعْرُهُ، فَمَاسَّ الْمَاءَ شَعْرُهُ نَجِسَ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي بَاطِنِهِ، وَكَانَ شَعْرُهُ طَاهِرًا لَمْ يَنْجَسِ الْمَاءُ إِذَا لَمْ يَمَاسَّ شَعْرَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ أَوِ الْبَعِيرَ أَوِ الْبَقَرَةَ إِذَا قُطِعَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ عُضْوٌ وَهُوَ حَيٌّ، أَنَّ الْمَقْطُوعَ مِنْهُ نَجِسٌ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِأَشْعَارِهَا، وَأَوْبَارِهَا، وَأَصْوَافِهَا جَائِزٌ، إِذَا أُخِذَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَهِيَ أَحْيَاءٌ، فَفِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ وَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ بَيَانٌ عَلَى افْتِرَاقِ أَحْوَالِهَا، وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ هُوَ الَّذِي إِذَا فَاتَ أَنْ يُذَكَّى حَرَامٌ، وَأَنَّ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ وَلَا حَيَاةَ فِيهِ طَاهِرٌ أُخِذَ مِنْهَا ذَلِكَ وَهِيَ أَحْيَاءٌ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا، إِذْ لَا حَيَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِيهَا حَيَاةٌ كَانَتْ كَالْأَعْضَاءِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ، فَلَا بَأْسَ بِشَعْرِ الْمَيْتَةِ وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، فَأَمَّا عَطَاءٌ، فَإِنَّمَا كَرِهَهُ، وَقَدْ يُكْرَهُ الشَّيْءُ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى التَّحْرِيمِ لَمْ يُحَرِّمْهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ حَرَّمَهُ، وَلَوْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْهُ لَكَانَ خِلَافًا لِقَوْلِ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ

859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو النَّصْرِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: «قَدِمَ -[274]- النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّاسُ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ، وَيَقْطَعُونَ أَلْيَةَ الْغَنَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الشَّعْرَ، وَلَا الصُّوفَ، وَلَا الْوَبَرَ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يُوَافِقِ مَذْهَبَنَا: يُقَالُ لِمَنْ يُخَالِفُ مَا قُلْنَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ» وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَلِمَ أَبَحْتَ الِانْتِفَاعَ بِشَعْرِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا جُزَّ وَهُوَ حَيٌّ؟، فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا يَمُوتُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ قِيلَ: وَكَذَلِكَ هُوَ بَعْدَ مَوْتِ الشَّاةِ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ بِمَوْتِ الشَّاةِ مَا يَمُوتُ بِمَوْتِهَا، وَمَا كَانَ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَمُوَافَقَتِكَ إِيَّانَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَيَاةِ الشَّاةِ تُوجِبُ عَلَيْكَ الْقَوْلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ

ذكر الأخبار الدالة على طهارة شعور بني آدم قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه، ثم ناوله أبا طلحة فقسمه بين الناس

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى طَهَارَةِ شُعُورِ بَنِي آدَمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ

860 - أَخْبَرَنَا حَاتِمٌ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ الْقُرْدُوسِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ -[275]- مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَذَبَحَ نُسُكَهُ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ»

861 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَلَّاقُ يَحْلِقُهُ، وَقَدْ أَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَقَعَ شَعْرُهُ إِلَّا فِي يَدِ رَجُلٍ»

862 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَهُ: " أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَ النَّحْرِ هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَايَا فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ، وَلَا صَاحِبَهُ فَحَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبِهِ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ وَقَلَّمَ أَظْافَرَهُ، وَأَعْطَى صَاحِبَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ مَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شُعُورِ بَنِي آدَمَ، فَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُنْتَفَعَ بِشُعُورِ النَّاسِ الَّتِي تَحْلِقُ بِمِنًى، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: كُلُّ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ يَجُوزُ مِلْكُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِشَعْرِهِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا يَمُوتُ، وَذَلِكَ كَالْإِنْسَانِ، وَهُوَ طَاهِرٌ وَشَعْرُهُ طَاهِرٌ، فَإِذَا جُزَّ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا ذَكَاةَ عَلَيْهِ، وَلَا حَيَاةَ فِيهِ، وَهُوَ بَعْدَ الْجَزِّ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَ مَوْتِ الْإِنْسَانِ وَقَبْلَهُ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لَا يَتَغَيَّرُ، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَالسِّنَّوْرُ، وَكُلُّ مَا مَلِكَهُ وَكَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَجُزْ مِلْكُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالِ -[276]- حَيَاتِهِ، فَكَذَلِكَ شَعْرُهُ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَذَلِكَ كَالْخِنْزِيرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا ذَاكِرٌ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْخِنْزِيرِ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَقَالَ آخَرُ: مِمَّا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يُصَلِّي وَعَلَى ثَوْبَهُ بَعْضُ الشَّعْرِ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَفِيمَا يَجِدُونَهُ فِي أَطْعِمَتِهِمْ وَأَشْرِبَتِهِمْ مِنَ الشَّعْرِ، لَا يَتَعَافُونَ ذَلِكَ بَيَانٌ عَلَى أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ، وَلَيْسَ مَعَ مَنِ ادَّعَى أَنَّ شُعُورَ بَنِي آدَمَ نَجِسَةٌ حُجَّةٌ تَلْزَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَسْمٍ مِنْ قَسْمِ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ النَّاسِ بَيَانٌ عَلَى طَهَارَةِ الشَّعْرِ، وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: شَعْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَقْصُرُ فَهْمُهُ يَقُولُهُ: وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ شُعُورُ سَائِرِ النَّاسِ كَشَعْرِهِ نَبَيِّنُ لَهُ لَيْسَ يَدْخُلُ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ شَيْئًا إِلَّا دَخَلَ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَجُّ فِي طَهَارَتِهِ بِفَرْكِ عَائِشَةَ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَنْ يَدْخُلَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْءٌ إِلَّا دَخَلَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ، وَالتَّحَكُّمُ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْقَوْلِ لَا يُفَارِقُ بَعْضَ مَنْ خَالَفَ مَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَسَّ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ زَوْجَتِهِ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ، وَإِنْ مَسَّ شَعْرَهَا لَمْ تُنْتَقَضْ طَهَارَتُهُ، وَقَوْلُهُ: لَهَا شَعْرُكِ طَالِقٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: لَهَا رِجْلُكِ طَالِقٌ، فَقَدْ جَعَلَ الشَّعْرَ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا فِي بَابِ الطَّهَارَةِ، قَالَ: شُعُورُ بَنِي آدَمَ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِهِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ مَا قُطِعَ مِنَ الْحَيِّ هُوَ مَيِّتٌ فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي شُعُورِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَيْسَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُصَلِّي الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَاصِلَيْنِ شَعْرَ إِنْسَانٍ بِشُعُورِهِمَا، وَلَا شُعُورَهُمَا بِشَيْءٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا شَعْرُ شَيْءٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَعْرُهُ، وَهُوَ حَيٌّ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الذَّكِيِّ كَمَا يَكُونُ اللَّبَنُ فِي مَعْنَى الذَّكِيِّ أَوْ يُؤْخَذُ بَعْدَمَا يُذَكَّى مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَتَقَعُ الزَّكَاةُ عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْهُ وَمَيْتٍ، -[277]- وَإِنْ سَقَطَ مِنْ شُعُورِهِمَا شَيْءٌ فَوَصَلَا بِشَعْرِ إِنْسَانٍ أَوْ شُعُورِهِمَا لَمْ يُصَلِّيَا فِيهِ، فَإِنْ فَعَلَا أَعَادَا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ مِثْلَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِخَبَرِ أَسْمَاءَ

863 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: " أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَةً لِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَتَمَزَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُ بِهِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ لَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمَوْصُولَةِ لَمْ يَخُصَّ شَعْرَ مَيِّتٍ دُونَ شَعْرِ حَيٍّ وَلَا شَعْرَ حَيٍّ دُونَ شَعْرِ مَيِّتٍ وَلَا شَعْرَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ دُونَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بَلْ أَجَابَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَوَابًا عَامًّا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» فَذَلِكَ عَامٌّ مُطْلَقٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُوصِلَ شَعْرَهَا بِشَعْرِ شَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا مِمَّا لَا يُؤْكَلُ حَيًّا، وَلَا مَيِّتًا عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِنَجَاسَةٍ فِي الشَّعْرِ الْمَوْصُولِ، وَلَكِنَّهُ تَعْبُدٌ تَعَبَّدُ بِهِ النِّسَاءُ، وَذَلِكَ كَلَعْنَةِ النَّامِصَةِ، وَالْمُتَنَمِّصَةِ، وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ، وَالْمُتَفَلِّجَةِ لِلْحُسْنِ

864 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْوَاصِلَةَ -[278]- وَالْمُسْتَوْصِلَةَ»

865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " لَعَنَ عَبْدُ اللهِ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمَوْشُومَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ: إِنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، قَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَتْ قَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَتَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ، فَقَالَ لَهَا: أَقْرَأَتِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] الْآيَةَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهُ، فَقَالَتْ: إِنْ أَهْلَكَ أَظُنُّهُ مُفَصَّلَةً، قَالَ: فَاذْهَبِي وَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا "

866 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «زَجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ فِي شَعْرِهَا شَيْئًا» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْفَرَّاءُ: النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ وَالْمُتَنَمِّصَةُ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُ الْفَرَّاءُ: الْوَاشِرَةُ الَّتِي تَشِرُ أَسْنَانِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُفْلِجُهَا وَتُحَدِّدُهَا حَتَّى يَكُونَ لَهَا أَشَرٌ، وَالْأَشَرُ مُحَدَّدٌ وَرِقَّةٌ فِي أَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي أَسْنَانِ الْأَحْدَاثِ تَفْعَلُهُ الْكَبِيرَةُ لِتَتَشَبَّهَ بِأُولَئِكَ، -[279]- وَأَمَّا الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، فَإِنَّهُ فِي الشَّعْرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَصِلُهُ بِشَعْرٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، فَإِنَّ الْوَشْمَ فِي الْيَدِ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَغْرِزُ كَفَّهَا أَوْ مِعْصَمَهَا بِإِبْرَةٍ أَوْ مَسَلَّةٍ حَتَّى تُؤَثِّرَ فِيهِ، ثُمَّ تَحْشُوهُ بِالْكُحْلِ فَيَخْضَرُّ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِدَارَاتٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاللَّازِمُ لِمَنْ يَقُولُ بِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشُعُورِ بَنِي آدَمَ أَوْ شُعُورِ الْبَهَائِمِ، وَهِيَ عَالِمَةٌ بِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَلْحَقُهَا إِلَّا أَنْ تَدُلَّ حُجَّةٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى إِبَاحَةِ بَعْضِ ذَلِكَ فَيَسْتَثْنِي مِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَجَّةَ، وَلَا نَعْلَمَ خَبَرًا يُوجِبَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بِهِ النَّهْيُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ شَعْرِ بَنِي آدَمَ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِالصُّوفِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر شعر الخنزير قال الله تبارك وتعالى: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير الآية وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الخنزير

ذِكْرُ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [البقرة: 173] الْآَيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ

867 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: وَهُوَ بِمَكَّةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ -[280]- وَالْأَصْنَامِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهِ الْجُلُودُ، وَيَسْتَنْفِعُ بِهَا النَّاسُ، قَالَ: لَا هِيَ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَّلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْخِنْزِيرُ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ شَعْرِهِ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُخْرَزَ بِهِ رَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جَرَبٍ مِنْ جُلُودِ الْخَنَازِيرِ يُحْمَلُ فِيهَا مَدِيدٌ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَرَخَّصَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي شِرَائِهِ، وَكَرِهَ بَيْعُهُ، وَكَرِهَ النُّعْمَانُ شِرَاءَهُ وَبَيْعَهُ، وَكَرِهَ اسْتِعْمَالَ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ يُخْرَزُ بِاللِّيفِ أَحَبُّ إِلَيْنَا. -[281]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمُحَرَّمِ بِحَالٍ اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا قِيلَ فِي شُحُومٍ أَنَّهُ يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَنْفِعُ بِهَا النَّاسُ، قَالَ: لَا، هِيَ حَرَامٌ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الْيَهُودِ، فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ دَلِيلٌ أَنَّ مَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرَّمٌ اسْتِعْمَالُهُ، وَمُحَرَّمٌ بَيْعُهُ، وَشِرَاؤُهُ، وَيَدُلُّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ

868 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ بَرَكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عِنْدَ الرُّكْنِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، ثَلَاثًا، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ شَيْئًا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ»

ذكر اختلاف أهل العلم في عظام الميتة والعاج اختلف أهل العلم في الانتفاع بعظام الميتة وأنياب الفيلة فكرهت طائفة ذلك، قال عطاء: زعموا أنه لا يصاب عظامها إلا وهي ميتة، قال: فلا يستمتع بها، قيل: وعظام الميتة كذلك؟ قال: نعم، قيل: ويجعل في عظام الميتة

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَالْعَاجِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِعِظَامِ الْمَيْتَةِ وَأَنْيَابِ الْفِيَلَةِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، قَالَ عَطَاءٌ: زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يُصَابُ عِظَامُهَا إِلَّا وَهِيَ مَيْتَةٌ، قَالَ: فَلَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا، قِيلَ: وَعِظَامُ الْمَيْتَةِ كَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: وَيُجْعَلُ فِي عِظَامِ الْمَيْتَةِ يَحْنَا فِيهِ؟ قَالَ: لَا، وَكَرِهَ طَاوُسٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَاجَ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَمْشَاطِ الْعَاجِ: مَا كَانَ فِيهِ ذَكِيٌّ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مَيِّتٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ مَعْمَرٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُبَاعُ عِظَامُ الْمَيْتَةِ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الْعَاجِ، هَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ هِشَامٌ: كَانَ لِأَبِي مُشْطٌ وَمِدْهَنٌ مِنْ عِظَامِ الْفِيلِ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَرَى فِي التِّجَارَةِ بِهِ بَأْسًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَوْلًا ثَانِيًا، وَهُوَ أَنْ لَا بَأْسَ بِأَنْيَابِ الْفِيَلَةِ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَاجِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْعِظَامِ وَالْقُرُونِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَيْتَةٍ وَكَذَلِكَ الرِّيشُ وَالْوَبَرُ وَالشَّعْرُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَحْمِ الْفِيلِ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ لَا أَرَى بِالْقَرْنِ وَالظِّلْفِ بَأْسًا، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ حَيٌّ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْعَظْمِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ بِعَظْمِ الْمَيِّتِ إِذَا غُسِّلَ، وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِعِظَامِ الْمَيْتَةِ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا الْأَمْشَاطَ وَالْمَدَاهِنَ وَغَيْرَ ذَلِكَ إِذَا أُغْلِيَتْ عَلَى النَّارِ بِالْمَاءِ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِيهَا مِنَ الدَّسَمِ وَهُوَ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَرَّمَ اللهُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جُمَلِ أَقَاوِيلِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي

عِظَامِ الْمَيْتَةِ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فَالْمَيْتَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ. وَمِنَ الدَّلِيلِ الْبَيِّنِ عَلَى أَنَّ الْعَظْمَ يَحْيَى بِحَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَيَمُوتُ بِمَوْتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالْ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] الْآيَةَ، فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ يُحْيِي الْعِظَامَ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فِيَ الْعَظْمِ حَيَاةً، وَلَيْسَ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ، كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِمَا. وَدَلَّ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى طَهَارَةِ الصُّوفِ إِذَا جُزَّ مِنَ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَأَنَّ عُضْوًا لَوْ قُطِعَ مِنْهَا وَهِيَ حَيَّةٌ أَنَّ ذَلِكَ نَجِسٌ ". فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَحْيَى بِحَيَاةِ ذِي الرُّوحِ وَيَمُوتُ بِمَوْتِهِ، وَأَنَّ الْآخَرَ لَا حَيَاةَ فِيهِ فَيَمُوتُ كَمَوْتِ ذِي الرُّوحِ وَأَمَّا الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ فَيُسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَةِ الْمَيْتَةِ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَيْتَةِ، وَلَوْ وَجَدْنَا فِي الْعَظْمِ سُنَّةً عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوجِبُ اسْتِثْنَاءَهُ كَمَا تُوجِبُ اسْتِثْنَاءَ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ لَأَخْرَجْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَيِّتِ، كَمَا أَخْرَجْنَا الْجِلْدَ الْمَدْبُوغَ، وَقَدْ ذَكَرَ رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ أَنَّ ضِرْسًا لِلْحَسَنِ سَقَطَ قَالَ: فَقَالَ لِي الْحَسَنُ يَا رَبِيعَةُ أَشَعَرْتَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْضِي الْيَوْمَ، فَأَمَّا إِبَاحَةُ الْكُوفِيِّ فِي الِانْتِفَاعِ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَمَنْعُهُ الِانْتِفَاعَ بِشُعُورِ بَنِي آدَمَ وَبَيْعِهَا فَمِنْ أَعْجَبِ مَا حُكِيَ وَأَقْبَحِهِ إِذْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ بَابِ النَّظَرِ وَالْمَعْقُولِ

ذكر الميتة تقع في الزيت والسمن

ذِكْرُ الْمَيْتَةِ تَقَعُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ

869 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ مَيْمُونَةَ: " أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا، -[284]- فَقَالَ: أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ " فَقِيلَ لِسُفْيَانَ كَانَ مَعْمَرٌ يُحَدِّثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ سُفْيَانُ مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ إِلَّا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مِرَارًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفَ عَنْ مَالِكِ فِيهِ

870 - فَحَدَّثْنَاهُ عَلِيٌّ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ: «خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ وَاطْرَحُوهُ» وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ، فَقَالَ: عَنْ مَيْمُونَةَ

871 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ، قَالَ: «إِذَا كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا -[285]- تَقْرَبُوهُ» وَقَدْ كَانَ مَعْمَرٌ يَذْكُرُهُ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، وَكَذَلِكَ أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ

ذكر الاختلاف في الانتفاع بالسمن المائع الذي سقطت فيه الفأرة اختلف أهل العلم في السمن المائع الذي سقطت فيه الفأرة، فقالت طائفة ينتفع به

ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالسَّمْنِ الْمَائِعِ الَّذِي سَقَطَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّمْنِ الْمَائِعِ الَّذِي سَقَطَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُنْتَفَعُ بِهِ

872 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ، وَزَاذَانَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا رَمَى بِهَا وَمَا حَوْلَهَا وَأَكَلَ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا اسْتَصْبَحَ بِهِ» 873 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى، ثنا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهُ -[286]- 874 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا يَحْيَى، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ

875 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: " سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّمَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الْمَيْتَةِ لَحْمَهَا وَدَمَهَا»

876 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ أَوِ الزَّيْتِ، قَالَ: انْتَفِعُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ "

877 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: " وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: بِيعُوهُ وَبَيِّنُوا، وَلَا تَبِيعُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ "

878 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ فَأْرَةً، وَقَعَتْ، فِي زَيْتٍ عِشْرِينَ فَرَقًا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: اسْتَسْرِجُوا بِهِ وَادْهِنُوا بِهِ الْأُدُمَ " وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَى أَنْ يُسْتَثْقَبَ بِهِ وَلَا يُؤْكَلَ، وَقَالَ فِي الدُّهْنِ: -[287]- يُنَشُّ فَيُدَّهَنُ بِهِ إِذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ وَقَالَ فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ تُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَا يُؤْكَلُ وَلَكِنْ يُسْتَصْبَحُ بِهِ، وَلْيَتَوَقَّ الَّذِي يَسْتَصْبِحُ أَنْ يَمَسَّ بِهِ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الدَّجَاجَةِ تَقَعُ فِي قِدْرِ اللَّحْمِ وَهِيَ تُطْبَخُ: لَا أَرَى أَنْ يُؤْكَلَ ذَلِكَ الْقِدْرُ إِلَّا أَنْ يُغْسَلَ ذَلِكَ مِرَارًا وَيُغْلَى عَلَى النَّارِ حَتَّى يَذْهَبَ كُلُّ مَا كَانَ فِيهَا، وَكَالدَّمِ، وَالزَّيْتُونِ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ قَدْ خَلَطَتْهَا مَا كَانَ فِي الْقِدْرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي الطَّيْرِ يَقَعُ فِي الْقِدْرِ: يُصَبُّ الْمَرَقُ، وَيُؤْكَلُ اللَّحْمُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الزَّيْتِ تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ: يُسْتَصْبَحُ بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: أُهْرِيقُهُ، أَوْ أُسَرِّجُ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِمَّا يُسْتَصْبَحُ بِهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ السَّمْنِ الَّذِي سَقَطَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بِيعُوهُ وَبَيِّنُوا وَلَا تَبِيعُوا مِنْ مُسْلِمٍ. وَسُئِلَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْتٍ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ يُبَاعُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ، قَالَ: إِذَا بُيِّنَ ذَلِكَ لَهُ لَمْ نَرَ بِهِ بَأْسًا، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ بَعْدَ أَنْ يُبَيَّنَ لِئَلَّا يَجْعَلَهُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي مِصْبَاحِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ لِئَلَّا يَغُرَّ بِهِ مُسْلِمًا. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي بَيْعِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ مِنَ الدِّبَاغَيْنِ إِذَا بُيِّنَتْ أَنَّهَا مَيْتَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: إِنْ -[288]- بَاعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُبَيِّنُ وَلَا يَبِيعُهُ مِنْ مُسْلِمٍ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ تَحْرِيمِ اللهِ مَا حَلَّ بَيْعُهُ أَصْلًا، وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَيْعِهِ وَمِمَّنْ مَنَعَ مِنْ بَيْعِ السَّمْنِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ بَيْعَهُ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ

879 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا مَاتَتِ الْفَأْرَةُ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ وَكُلُوا مَا بَقِيَ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي ذَائِبٍ فَلَا تَأْكُلُوهُ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي خَلٍّ فَلَا تَأْكُلُوهُ، وَإِنْ مَاتَتْ فِي بِئْرِ فَانْتَزِعُوا مَاءَهَا»

880 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «إِذَا مَاتَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَلَا تَأْكُلُوهُ فَإِنَّهَا فَاسِقَةٌ» وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنْ كَانَ ذَائِبًا يَغْلِي فَلَا تَأْكُلُوهُ، وَإِنْ كَانَ بَارِدًا فَخُذُوهُ حِينَ تَقَعُ مِنْ تَحْتِهَا غَرْفَةً وَكُلُوا مَا بَقِيَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ إِذَا مَاتَتِ الْفَأْرَةُ فِي الدُّهْنِ وَهُوَ يَابِسٌ أَيُدَّهَنُ بِهِ، قَالَ: لَا أُحِبُّهُ. وَرُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سَامِ أَبْرَصَ وَهُوَ الْوَزَغُ وَقَعَ فِي إِنَاءٍ -[289]- فِيهِ دُهْنٌ فَمَاتَ فِيهِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُهْرِيقُوهُ. وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُتَّخَذَ مِنَ الزَّيْتِ الَّذِي سَقَطَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ صَابُونًا أَوْ يُبَاعُ لِيُغْسَلَ بِالصَّابُونِ، وَقَالَ إِنِّي لَأَكْرَهُ ذَلِكَ وَمَا يُعْجِبُنِي وَاخْتَلَفُوا فِي الشَّاةِ تَمُوتُ وَفِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي شُرْبِ ذَلِكَ اللَّبَنِ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْأَنْفَحَةِ وَاللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ فِي ضَرْعِ شَاةٍ مَيِّتَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ

881 - مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَرَظَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ» وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ فِي اللَّبَنِ فِي ضَرْعِ شَاةٍ مَيِّتَةٍ، قَالَ: أَمَّا اللَّبَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنَّهُ فِي ظَرْفِ مَيِّتٍ وَعُرِضَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ: لَا يُعْجِبُنِي؛ لِأَنَّهُ فِي ظَرْفِ مَيِّتٍ، عَلَى أَحْمَدَ، فَقَالَ: صَدَقَ. قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ: إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَفِي ثَدْيَيْهَا لَبَنٌ فَسُقِيَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ صَبِيٌّ فَيَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ فِي الْحَيَاةِ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا مَاتَتِ الشَّاةُ وَفِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَكْرَهُ الْأَنْفَحَةَ، وَاللَّبَنَ إِذَا كَانَا فِي ضَرْعِ شَاةٍ مَيِّتَةٍ مِنْ قِبَلِ الْوِعَاءِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَنْفَحَةُ جَامِدَةً، فَتَكُونُ كَالْبَيْضَةِ مِنَ الْمَيْتَةِ لَا بَأْسَ بِهَا -[290]- وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَيْضَةِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّجَاجَةِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ. فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَهَا، قِيلَ لَهُ: إِنَّهَا فَرَّخَتْ دَجَاجَةً، فَقَالَ لِلْقَائِلِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ أَهْلَ الْعِرَاقِ

882 - مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جَمْهَانَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: " سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ وَرَوَى أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ قَامَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: إِنِّي وَطِئْتُ دَجَاجَةً مَيِّتَةً فَخَرَجَتْ مِنْهَا بَيْضَةٌ آكُلُهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا، قَالَ: فَإِنِّي اسْتَحْضَنْتُهَا تَحْتَ دَجَاجَتِي فَخَرَجَ مِنْهَا فَرُّوجٌ آكُلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَيٌّ يَخْرُجُ مِنْ مَيِّتٍ " 883 - مِنْ حَدِيثِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ فِيمَا مَضَى عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّيْثِ، نَحْوًا مِنْ هَذَا الْقَوْلِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَكْلَهَا، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا بَأْسَ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْضَةِ الَّتِي قَدِ اشْتَدَّتْ وَصَلُبَتْ تَقَعُ فِي الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَبَيْنَ كَوْنِهَا فِي بَطْنِ الدَّجَاجَةِ الْمَيِّتَةِ أَنَّهَا إِذَا غُسِلَتْ تُؤْكَلُ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ غَيْرُ وَاصِلَةٍ إِلَيْهَا فِي وَاحِدٍ مِنَ الْحَالَيْنِ لِصَلَابَتِهَا، وَالْحَائِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ مِنَ الْقِشْرِ الصَّحِيحِ الَّذِي يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنْ لَا سَبِيلَ لِوُصُولِ شَيْءٍ إِلَى دَاخِلِهَا فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ صُلْبَةٍ لِيِّنَةِ فَهِيَ نَجِسَةٌ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا. -[291]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ: إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى ظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعُ ذَلِكَ وَشِرَاؤُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ بِاسْتِصْبَاحٍ بِهِ أَوِ اسْتِعْمَالٍ فِي الدِّبَاغِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ قَدْ نَجِسَ بِوُقُوعِ الْمَيْتَةِ فِيهِ، وَلِمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرْحِ مَوْضِعِ الْفَأْرَةِ مِنَ السَّمْنِ الْجَامِدِ مِنْهُ، وَكَانَ حُكْمُ الْمَائِعِ مِنْهُ فِي النَّجَاسَةِ حُكْمَ مَا حَوْلَ السَّمْنِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ مِنَ الْجَامِدِ مِنْهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِطَرْحِ مَا إِلَى اسْتِعْمَالِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ سَبِيلٌ، وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ كَرِهَ لَنَا إِضَاعَةَ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَائِزًا مَا أَمَرَنَا بِطَرْحِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: «فَلَا تَقْرَبُوهُ» بَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِيمَا مَضَى لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَنْفِعُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ: «لَا» أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ السَّمْنَ الْمَائِعَ إِذَا سَقَطَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ غَيْرُ جَائِزٍ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنَاهُ نَجِسٌ حَرَامٌ مِثْلُهُ

884 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتَبِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْمَنْعِ مِنْ ثَمَنِ مَا هُوَ حَرَامٌ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ

885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا خَالِدٌ -[292]- الْحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ عُرْيَانَ الْمُجَاشِعِيِّ، قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ أَجْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا، وَأَعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ، وَقَدَ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ السَّمْنَ الَّذِي سَقَطَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ، وَمَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَحْرِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِحَجَّةٍ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ وَجَدْنَا أَشْيَاءَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَيَحِلُّ أَثْمَانُهَا وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهَا، وَذَلِكَ كَالرَّقِيقِ وَلُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. قِيلَ: ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي إِبَاحَةِ بَيْعِ الْحُمُرِ، مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَكْلُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ لُحُومِ بَنِي آدَمَ وَجَبَ تَحْرِيمُهُ وَلَمَّا أَبَاحُوا بَيْعَ الرَّقِيقِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، وَلَوِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ حُكْمُهُ فِي التَّحْرِيمِ حُكْمَ مَا أَجْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا يُحَرِّمُ ثَمَنَهُ»

886 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَتَاهُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ الْأَوْدَاكَ مِنَ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلسُّفُنِ وَلِلْأَدَاةِ، فَقَالَ: " قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا ثَمَنَهَا، قَالَ: فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ "

887 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ -[293]- الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ لَهُمْ فَقَالَ: «أَجَامِدٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اطْرَحُوهَا، وَاطْرَحُوا مَا حَوْلَهَا وَكُلُوا وَدَكَهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ مائعٌ، قَالَ: «انْتَفَعُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ» 888 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يُقَابَلَ هَذَا الْخَبَرُ خَبَرَ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ هَذَا ضَعِيفٌ وَاهِي الْحَدِيثِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ ضَعِيفٌ يَرْوِي عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَبْدُ الْجَبَّارِ الْأَيْلِيُّ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ مَنَاكِيرَ، وَقَدْ رَوَى بَعْضُ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ الْوَهْمُ، كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَذَكَرَ لَهُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ -[294]- يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ، فَقَالَ: هُنَا مَنْ يَحْتَمِلُ هَذَا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ، وَلَوْ عَلِمَ مَنْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ لَرَجَعَ إِلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظُنَّ بِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ

ذكر اختلاف أهل العلم في الانتفاع بالمسك وطهارته اختلف أهل العلم في الانتفاع بالمسك فأباحت طائفة الانتفاع به وممن رآه طاهرا ابن عمر، وأنس بن مالك، وروي ذلك عن علي، وسلمان

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمِسْكِ وَطَهَارَتِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمِسْكِ فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَمِمَّنْ رَآهُ طَاهِرًا ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ

889 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُطَيِّبُ الْمَيِّتَ بِالْمِسْكِ يَذْرُ عَلَيْهِ ذَرُورًا»

890 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ -[295]- الْمُبَارَكِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ جَعَلَ فِي حَنُوطِهِ صُرَّةً مِنْ مِسْكٍ أَوْ مِسْكٍ فِيهِ شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

891 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَسَنٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا: " أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ، قَالَ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

892 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ: " أَصَابَ مِسْكًا مِنْ بَلْنَجَرَ فَأَعْطَاهُ امْرَأَتَهُ تَرْفَعُهُ، فَلَمَّا حُضِرَ قَالَ لَهَا: أَيْنَ الَّذِي اسْتَوْدَعْتُكِ قَالَتْ هُوَ هَذَا فَأَتَتْهُ قَالَ رُشِّيهِ حَوْلِي فَإِنَّهُ يَأْتِي خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَلَا يَشْرَبُونَ الشَّرَابَ يَجِدُونَ الرِّيحَ " وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الْمِسْكِ لِلْمَيِّتِ ابْنُ سِيرِينَ، وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَنَّطَ الْمَيِّتُ بِالْمِسْكِ وَأَنْ يُطَيَّبَ بِهِ الْحَيُّ، وَرَخَّصَ فِي الطِّيبِ بِالْمِسْكِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ -[296]- وَأَحْمَدَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ يَسْتَعْمِلُهُ الْحَيُّ وَيُجْعَلُ فِي حَنُوطِ الْمَيِّتِ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

893 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَطْيَبَ الطِّيبِ الْمِسْكُ»

894 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَعْقُوبُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو عُبَيْدِ اللهِ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِسْكٌ يَتَطَيَّبُ بِهِ»

895 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، قَالَتْ: " لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَ لَهَا: «إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةٍ وَإِنِّي لَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَهْدَيْنَا لَا تُرَدُّ عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ» فَكَانَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ وَرُدَّتْ عَلَيْهِ الْهَدِيَّةُ، فَلَمَّا رَدَّتْ عَلَيْهِ الْهَدِيَّةَ أَعْطَى لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ سَائِرَهَا وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ " -[297]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ أَنَسٍ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَاسْتِعْمَالُ الْمِسْكِ جَائِزٌ يَسْتَعْمِلُهُ الْحَيُّ، وَيُجْعَلُ فِي حَنُوطِ الْمَيِّتِ، وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَأْخُذَ بَعْدَ اغْتِسَالِهَا مِنَ الْمَحِيضِ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً تَتَبَّعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمِسْكِ. وَقَدْ رُوِّينَا عِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ، وَإِذَا ثَبَتَ الشَّيْءُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَضُرَّهُ مَا خَالَفَهُ مِنَ الْأَخْبَارِ مِنْ دُونِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ لَا أَحْسَبُهُ يَصِحُّ وَلَا تَعْلَمُ الْكَرَاهِيَةَ لِاسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ عَنْهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

896 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، أَنَّ عُمَرَ: «أَوْصَى فِي غُسْلِهِ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُ بِمِسْكٍ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوا الْمِسْكَ، وَلَا نَعْلَمُ تَصِحُّ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ عَطَاءٍ، وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْمِسْكَ وَيُعْجِبُهُ وَيَكْرَهُهُ لِلْمَيِّتِ، وَيُرْوَى عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: الْمِسْكُ مَيْتَةٌ وَدَمٌ

جماع أبواب جلود السباع

جُمَّاعُ أَبْوَابِ جُلُودِ السِّبَاعِ

897 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تَفْرَشُ»

898 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: " لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْلَمُونَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ سُرُوجِ النُّمُورِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ "

899 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ. 900 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا هَمَّامٌ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ، قَالَ كُنْتُ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: " أَنْشُدُكُمُ اللهَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى رُكُوبَ صَفَفِ النُّمُورِ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ "

901 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقْرَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ وَلَا جَلْدُ نَمِرٍ»

902 - وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بُنْدَارٌ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جِلْدُ نَمِرٍ» وَاخْتَلَفُوا فِي جُلُودِ الْهِرِّ وَالنُّمُورِ وَالثَّعَالِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ السِّبَاعِ

903 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عُمَرَ: " رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ بِطَانَتُهَا مِنْ جُلُودِ الثَّعَالِبِ، قَالَ: فَأَكْفَاهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَقَالَ: مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنْ جُلُودِ السَّنَانِيرِ أَوْ يُؤْكَلُ لُحُومَهَا وَأَثْمَانُهَا، وَكَرِهَ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ جُلُودَ الْهِرِّ وَإِنْ دُبِغَ، وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ جُلُودَ السِّبَاعِ وَكَرِهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَنْ يُرْكَبَ عَلَى سَرْجٍ بِنَمِرٍ أَوْ بِفَرْشِ النُّمُورِ، أَوْ يُقْعَدَ عَلَيْهَا، -[300]- وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ تُشَقَّ سُرُجٌ بِنُمُرٍ، وَشَقَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِفِرَاءٍ، وَأَلْقَى عَنْهُ جِلْدَ النَّمِرِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: نَهَى عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ وَجُلُودِهَا، وَرُخِّصَتْ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ إِذَا دُبِغَتْ طَائِفَةٌ

904 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «لَا بَأْسَ بِجُلُودِ السِّبَاعِ إِذَا دُبِغَتْ» وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي جُلُودِ النُّمُورِ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي جُلُودِ النُّمُورِ تُدْبَغَ بِالرَّمَادِ وَالْمِلْحِ ذَلِكَ دِبَاغُهَا وَلَمْ يَرَ بِبَيْعِهَا بَأْسًا، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ -[301]- الْمُنَمَّرَةِ، وَرَخَّصَ الزُّهْرِيُّ فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَرُئِيَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَلَنْسُوَةٌ فِيهَا ثَعَالِبُ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَا بَأْسَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ أَوْ مُلِّحَتْ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ، فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا كَرِهَا الصَّلَاةَ فِيهَا، فَأَمَّا إِسْنَادُ حَدِيثِ عُمَرَ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ قَبْلُ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ 905 - فَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَلِيًّا: «كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ» وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يَقُولُ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ فَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ إِبَاحَةُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إِذَا دُبِغَتْ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي لُبْسِهَا وَكَرِهَتِ الصَّلَاةَ فِيهَا، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَمَكْحُولٍ، وَرُوِّينَا مَعْنَى ذَلِكَ -[302]- عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الأخبار التي فيها تحريم كل ذي ناب من السباع على العموم

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا تَحْرِيمُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ عَلَى الْعُمُومِ

906 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»

907 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الصَّائِغِ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ -[303]- ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»

908 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»

909 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»

ذكر الأخبار التي خصت بالنهي عن أكل كل ذي ناب من السباع

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي خُصَّتْ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكَلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ

910 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»

911 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا مَا حَضَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي -[304]- الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ مَيْتَةً وَمَذْبُوحَةً وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ يَتَوَضَّأُ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ كُلِّهَا إِذَا دُبِغَتْ جُلُودُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ السِّبَاعِ قِيَاسًا عَلَيْهَا إِلَّا جِلْدُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِيهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ قَائِمَةٌ، وَإِنَّمَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ مَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا حَيًّا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَوَافَقَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ الشَّافِعِيَّ فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ، فَقَالُوا لَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ كُلَّهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ مَا خَلَا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَاحْتَجُّوا أَوْ مَنِ احْتَجَّ مِنْهُمْ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ، وَجَعَلَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيِّتَةِ الَّتِي رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ أَنْ يُدْبَغَ وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ مَذْبُوحَةٌ وَمِيِّتَةٌ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ وَأَبِي ثَوْرٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ السِّبَاعِ الْمَيِّتَةِ، وَكَرِهَ الصَّلَاةَ فِيهَا وَإِنْ دُبِغَتْ وَحَكَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَالَ: لَا يُبَاعُ وَلَا يَأْخُذُهَا أَحَدٌ لِنَفْسِهِ. وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ وَيَكْرَهُ بَيْعَهَا وَشِرَائِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِحُجَجٍ خَمْسٍ أَحَدُهَا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] الْآيَةَ. وَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا وَاقِعًا عَلَى جَمِيعِ الْمَيْتَةِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِخَبَرٍ -[305]- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، فَأَبَحْنَا ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ خَبَرًا يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الْمَيْتَةِ فَبَقِيَتْ جُلُودُ السِّبَاعِ مُحَرَّمَةً بِالتَّحْرِيمِ الْعَامِّ، وَحُجَّةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي تَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَأَنَّهَا نَجَسَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَلَا يَحِلُّ مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ إِلَّا بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُعَارِضَ لَهُ، أَوْ إِجماعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ مَوْجُودٌ ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَلَا يُزِيلُ إِجْمَاعَهُمْ إِلَّا إِجْمَاعُ مِثْلِهِ وَحُجَّةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَرَاهِيَةِ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْخِنْزِيرِ، وَالْخِنْزِيرُ سَبُعٌ، قَالَ: فَجَعَلْنَا سَائِرَ السِّبَاعِ قِيَاسًا عَلَيْهِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْنَعُ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بَلْ مَوْجُودٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ، وَحُجَّةٌ رَابِعَةٌ: وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ عَامٌّ وَاقِعٌ عَلَى اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحُجَّةٌ خَامِسَةٌ: وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكَلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَخَصَّ الْأَكْلَ قِيلَ لَهُ فَنَحْنُ نَنْهَى عَنْ أَكْلِهَا وَنَنْهَى عَنْهَا جُمْلَةً كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَنْهَى عَنِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ لِتُسْتَعْمَلَ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا كَالْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي بَعْضِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فَالْقَوْلُ بِهَا كُلِّهَا يَجِبُ، كَذَلِكَ الْقَوْلُ -[306]- بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي النَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ يَجِبُ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يُخَالِفُ شَيْئًا

912 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ»

913 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلَّا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»

914 - حَدَّثَنَا، يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ سَفَرًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»

915 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ قَالَ بِالْأَخْبَارِ كُلِّهَا إِذَا وَجَدَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا سَبِيلًا، قَالَ: -[307]- فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ، وَبِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَالنَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالنَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَمَّ بِالنَّهْيِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَإِذَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجُمْلَةِ شَيْئًا وَجَبَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ، وَيَبْقَى كُلُّ مُخْتَلِفٍ فِيهِ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ جَائِزٍ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي جُمَلِ مَا قَالُوهُ: وَقَالَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» قِيلَ لَهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ بِهَذَا الْخَبَرِ أَخْبَارٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ، وَذَلِكَ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ ابْنَ وَعْلَةَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثَيْنِ، أَحَدُهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ وَالْآخَرُ حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَقَدْ خَالَفَهُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ حُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، فَخَالِفُوا ابْنَ وَعْلَةَ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ، فَزَعَمَ ابْنُ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، وَجَعَلَ أُولَئِكَ الْخَبَرَ مَخْصُوصًا فِي جِلْدِ شَاةٍ مَيِّتَةٍ، وَجَعَلَهُ ابْنُ وَعْلَةَ عَامًّا فَفِي مُخَالَفَةِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ إِيَّاهُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ مَا تَبَيَّنَ غَلَطُهُ، وَدَلَّ عَلَى سُوءِ حِفْظِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى غَلَطِ الْمُحَدِّثِ بِمُخَالَفَةِ الْحُفَّاظِ إِيَّاهُ مَا عُرِفَ غَلَطُهُ فِي حَدِيثٍ أَبَدًا وَلَوْ كَانَ خَبَرُهُ يُثْبِتُ مَا جَازَ أَنْ يُدْفَعَ بِهِ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ خَبَرَهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[308]- قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى جُلُودُ السِّبَاعِ أُهُبًا، فَحَكَى النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُسَمِّي جُلُودَ السِّبَاعِ أُهُبًا وَأَنَّ الْأُهُبَ عِنْدَهَا فِي جُلُودِ الْأَنْعَامِ خَاصَّةً، فَإِنِ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَحْتَجُّ بِبَيْتِ شِعْرٍ قَالَهُ عَنْتَرَةُ الْعَبْسِيُّ، فَرَوَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَجِبُ وَهُوَ قَوْلُهُ: [البحر الكامل] فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ إِهَابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ فَقَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَقَالُوا: الْمَعْرُوفُ فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ، فَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْطُلَ بِغَلَطِ مَنْ غَلِطَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَنْ أُسَمِّيَ الْجُلُودَ أُهُبًا، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِمُدَّعٍ فِي خَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ حُجَّةَ، قَالَتْ: وَلَوْ سَمَحْنَا بِأَنْ يَثْبُتَ خَبَرُ ابْنُ وَعْلَةَ، وَسَمَحْنَا بِأَنْ يُوقَعَ اسْمُ الْإِهَابِ عَلَى الْجِلْدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُدْفَعَ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَلَوْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ، أَيْ أُهُبِ مَا تُؤْكَلُ لُحُومَهَا وَيَكُونُ نَهْيَهُ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ مَنْصُوصًا مُفَسِّرًا فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَا يَكُونُ قَدْ دُفِعَ بِالْخَبَرِ الْعَامِّ الْمُبْهَمِ الْخَبَرَ الْمَنْصُوصَ الْمُفَسَّرَ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَوَامُّ مَنِ احْتَجَّ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْخِنْزِيرِ، وَإِنْ دُبِغَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِرَأْيِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ خَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَهْيهِ -[309]- عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَوْلَى وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَجَبَ أَنْ يُمْضَى كُلُّ خَبَرٍ فِيمَا جَاءَ، وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا خَبَرُ ابْنِ وَعْلَةَ فِي الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي أُصُولِ أَصْحَابِنَا أَنَّ كُلَّ خَبَرَيْنِ جَازَ إِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهَمَا، أَنْ لَا يُعَطَّلَ أَحَدُهُمَا وَأَنْ يُسْتَعْمَلَا جَمِيعًا مَا وُجِدَ السَّبِيلُ إِلَى اسْتِعْمَالِهِمَا فَمِمَّا هَذَا مِثَالُهُ فِي مَذْهَبِهِمْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا، قَالُوا: ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتَعْمَلْنَا كُلَّ خَبَرٍ فِي مَوْضِعِهِ، فَاسْتَعْمَلْنَا خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَنَازِلِ، وَخَبَرَ أَبِي أَيُّوبَ فِي الصَّحَارِي إِذْ لَمْ نُعَطِّلْ وَاحِدًا مِنَ الْخَبَرَيْنِ لِإِمْكَانِ أَنْ يُوَجَّهَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهًا غَيْرَ وَجْهِ الْآخَرِ، وَفَعَلُوا مِثْلَ هَذَا فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَاسْتَعْمَلُوا الْأَخْبَارَ فِيهَا، وَوَجَّهُوا لِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا وَجْهًا عَلَى سَبِيلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَمَنْ كَانَ هَذِهِ مَذْهَبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا، وَلَا أَحْسِبُ الشَّافِعِيَّ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ خَبَرَ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ لَقَالَ بِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ، كَمَا قَالَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعِهَا، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُ بَعْضَ مَا قُلْنَاهُ بِخَبَرِ عَائِشَةَ وَبِخَبَرِ ابْنِ الْمُحَبِّقِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ. فَأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ فَإِنَّمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ -[310]- مُحَمَّدٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْهَا غَيْرُ ابْنِهَا وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ طَعَنَ فِيهِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ، قَالَ مَالِكٌ صَاحِبُنَا يَعْنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ لَيْسَ بِذَلِكَ وَجَوْنُ بْنُ قَتَادَةَ لَا نَعْلَمُ وَاحِدًا رَوَى عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ وَحَدِيثُ شَرِيكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدْ رَوَى جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الْمَسَاتِقِ فَقَالَتْ: لَعَلَّ دِبَاغُهَا أَنْ يَكُونَ ذَكَاءَهَا، وَهَذَا أَجْوَدُ مِنْ إِسْنَادِ حَدِيثِ شَرِيكٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَرِهَتْ جُلُودَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ مَا خَالَفَتْهُ

ذكر الضبع

ذِكْرُ الضَّبُعِ

916 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْحٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: " سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الضَّبُعِ، قُلْتُ: آكُلُهَا، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَصِيدُهَا، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ "

917 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «-[311]- جَعَلَ الضَّبُعَ صَيْدًا وَقَضَى فِيهَا إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا» وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا بِخَبَرِ جَابِرٍ هَذَا وَجَعَلُوا الضَّبُعَ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَبِي عَمَّارٍ مِنْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ؟ قِيلَ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ حَدِيثَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] الْآيَةَ، رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَرْمِي غُرَابًا عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ الضَّبُعِ فَرَخَّصَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ

918 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَمَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ: «حَكَمَ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا»

919 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُهَا عَلَى مَائِدَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ»

920 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ»

921 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ ابْنَ جُرَيْجٍ نَافِعٌ: أَنَّ رَجُلًا، أَخْبَرَ ابْنَ عُمَرَ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَأْكُلُ الضَّبُعَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ ابْنُ عُمَرَ "

922 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا نَضْرُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ أَبُو الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: " قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَسْأَلُكَ عَنِ الصَّيْدِ قَالَ عَنْ أَيِّهِ، تَسْأَلُهُ؟ قُلْتُ: أَسْأَلُكَ عَنِ الضَّبُعِ قَالَ: وَمَا الضَّبُعُ فَوَصَفْتُهُ لَهُ، قَالَ، ذَلِكَ الْفُرْعُلُ نَعْجَةٌ مِنَ الْغَنَمِ "

923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ عَلِيًّا: «كَانَ يَرَى الضَّبُعَ صَيْدًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ عِكْرِمَةُ نَعْجَةٌ سَمِينَةٌ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: مَا زَالَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُهَا، وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَرَوْنَ فِيهِ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَرَخَّصَ فِي أَكْلِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: رِجَالٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ لَا يَرَوْنَ بِأَكْلِ الضَّبُعِ بَأْسًا؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَدِيهِ. -[313]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالضَّبُعُ مُبَاحٌ أَكْلُهَا وَذَلِكَ لِخَبَرِ جَابِرٍ؛ وَلَأَنَّ كُلَّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا رَآهَا صَيْدًا وَإِمَّا لَمْ يَكُنْ يَرَى بِأَكْلِهَا بَأْسًا، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ مِنْهُمْ غَيْرُهُمْ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَرِهُوهَا عَلَى ظَاهِرِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ بَلْ لَا أَحْسَبُهُمْ كَرِهُوهَا إِلَّا لِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الثعلب ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وقال بظاهر هذا الخبر جماعة من أهل العلم

ذِكْرُ الثَّعْلَبِ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَقَالَ بِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

924 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا نَضْرُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ أَبُو الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: " قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَفْتِنِي عَنِ الصَّيْدِ , قَالَ: عَنْ أَيِّ صَيْدٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: الثَّعْلَبُ، قَالَ: حَرَامٌ " وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ الثَّعْلَبُ سَبُعٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا عَلِمْنَا أَنَّ الثَّعْلَبَ يُفَدِّي، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ -[314]- عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَكْلَ الثَّعْلَبِ وَلَا يَرَى عَلَى قَاتِلِهِ فِي الْحَرَمِ جَزَاءً، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: مَا كُنَّا نَعُدُّهُ إِلَّا سَبُعًا، وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي أَكْلِ الثَّعْلَبِ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا قَتَلَهُ الْجَزَاءَ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي أَكْلِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَطَاوُسٌ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ، وَكَانَ عَطَاءٌ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ يَرَيَانِ فِيهِ شَاةً. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَفْدِيهِ الْمُحْرِمُ. -[315]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ بِظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِبُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ظَاهِرِ السُّنَّةِ إِلَّا بِسُنَّةٍ مِثْلِهَا أَوْ بِإِجْمَاعٍ، فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي يَجِبُ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَعْدُومٌ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنِ الِاخْتِلَافِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الثَّعْلَبِ شَيْءٌ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَعْلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ أَبَاحَ أَكْلَ الثَّعْلَبِ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ السُّنَّةِ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ، وَلَوْ عَلِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَرَجَعَ إِلَيْهَا كَمَا رَجَعَ إِلَى مَا أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ حِينَ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى لِامْرَأَةِ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

ذكر الكيمخت واختلفوا في الكيمخت، فكان مالك فيما قال ابن القاسم يقف عن الجواب فيه، وقال أحمد بن حنبل هو ميتة لا يصلى فيه، وقال قائل: هو يختلف منه ما هو ميتة ومنه ما هو من جلود ما يؤكل لحمها، فإذا اشترى الرجل منه شيئا وخفي عليه ذلك جاز أن يصلي فيه،

ذِكْرُ الْكَيْمَخْتِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكِيمَخْتِ، فَكَانَ مَالِكٌ فِيمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقِفُ عَنِ الْجَوَابِ فِيهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هُوَ مَيْتَةٌ لَا يُصَلَّى فِيهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: هُوَ يَخْتَلِفُ مِنْهُ مَا هُوَ مَيْتَةٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مِنْ جُلُودِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا، فَإِذَا

اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْهُ شَيْئًا وَخَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَحَلَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ بِالْبَلَدِ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنَ الْمَيْتَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ الْكَيْمَخْتُ يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَيُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ مُذَكًّى جَازَ شِرَاؤُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جُلُودِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ حَرُمَ شِرَاؤُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِذَا أَشْكَلَ ذَلِكَ وَغَابَ فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ الصِّنْفَيْنِ هُوَ فَالْوَرَعُ أَنْ يُوقَفَ عَنْ شِرَائِهِ وَعَنِ اسْتِعْمَالِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَرَّمَ مِنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَإِنَّمَا أَشَرْتُ إِذَا كَانَ هَكَذَا أَنْ يُوقَفَ عَنْ شِرَائِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى فَيُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلَكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ»

925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا السِّنْجَابُ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ: يُقَالُ إِنَّهُ لَيْسَ بِسَبُعٍ، وَإِنَّمَا يَرْعَى النَّبَاتَ، وَلَا يُصْطَادُ وَكَذَلِكَ الْأَرْنَبُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ لُحُومِهِمَا وَالِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهِمَا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ السِّنْجَابِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي صَائِدُهُ أَنَّهُ يَصِيدَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ مُخْبِرَهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ يَصِيدُونَ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَكْلُهُ إِذَا ذُكِّيَ؛ لِأَنَّهُ فِي جُمَلِ مَا عُفِيَ لِلنَّاسِ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ

كتاب الصلاة

كِتَابُ الصَّلَاةِ

ذكر ابتداء فرض الصلوات الخمس

ذِكْرُ ابْتِدَاءِ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ

926 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسِينَ، ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِينَ»

927 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: " جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»

928 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو النَّضْرِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كُنَّا نُهِينَا -[318]- أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ، فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَكَ، قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا، قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ اللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»

ذكر عدد ركعات الصلوات الخمس قال أبو بكر: أجمع أهل العلم على أن صلاة الظهر أربع ركعات يخافت فيها بالقراءة، ويجلس فيها جلستين في كل مثنى جلسة للتشهد، وأن عدد صلاة العصر أربعا كصلاة الظهر لا يجهر فيها بالقراءة، ويجلس فيها جلستين في كل مثنى جلسة للتشهد،

ذِكْرُ عَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يُخَافَتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَيُجْلَسُ فِيهَا جَلْسَتَيْنِ فِي كُلِّ مَثْنَى جِلْسَةٌ لِلتَّشَهُّدِ، وَأَنَّ عَدَدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَرْبَعًا كَصَلَاةِ الظُّهْرِ لَا يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَيُجْلَسُ فِيهَا جَلْسَتَيْنِ فِي كُلِّ مَثْنَى جِلْسَةٌ لِلتَّشَهُّدِ، وَأَنَّ عَدَدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ثَلَاثًا يُجْهَرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مِنْهَا بِالْقِرَاءَةِ وَيُخَافَتُ فِي الثَّالِثَةِ، وَيُجْلَسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ جِلْسَةٌ لِلتَّشَهُّدِ وَفِي الْآخِرَةِ جِلْسَةٌ، وَأَنَّ عَدَدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا، يُجْهَرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مِنْهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَيُخَافَتُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَيُجْلَسُ فِيهَا جَلْسَتَيْنِ كُلَّ مَثْنَى جِلْسَةٌ لِلتَّشَهُّدِ، وَأَنَّ عَدَدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ يُجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ وَيُجْلَسُ فِيهَا جَلْسَةً وَاحِدَةً لِلتَّشَهُّدِ هَذَا فَرْضُ الْمُقِيمِ، فَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَفَرْضُهُ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَفَرْضِ الْمُقِيمِ 929 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ أَنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ح وَ. . . . . . . . . . .

930 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ , فَزِيدَتْ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ كَمَا هِيَ»

931 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً»

كتاب المواقيت

كِتَابُ الْمَوَاقِيتِ

ذكر مواقيت الصلوات الخمس من كتاب الله جل ثناؤه قال الله جل ذكره فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون الآية , وقال جل ذكره أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا الآية. وقد

ذِكْرُ مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ كِتَابِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} الْآيَةَ , وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] الْآيَةَ. وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ؛ {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] الْمَغْرِبُ , {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] الْفَجْرُ , {وَعَشِيًّا} [مريم: 11] الْعَصْرُ , {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] الظُّهْرُ , {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58] , وَرُوِّينَا أَنَّهُ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] إِلَى {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] الْآيَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا حِينَ افْتَرَضَ اللهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ»

932 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: خَاصَمَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ ابْنَ عَبَّاسٍ , فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ , ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] الْمَغْرِبُ , {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] الْفَجْرُ , {وَعَشِيًّا} [مريم: 11] الْعَصْرُ , {وَحِينَ تُظْهِرُونَ -[322]-} [الروم: 18] الظُّهْرُ , {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58]

933 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ , {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] الْفَجْرُ , {وَعَشِيًّا} [مريم: 11] الْعَصْرُ , {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] الظُّهْرُ

934 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] إِلَى {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا حِينَ افْتُرِضَتْ وَقْتُ الصَّلَاةِ» وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] دُلُوكُهَا مَيْلُهَا , وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دُلُوكُهَا زَوَالُهَا , وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ دُلُوكِ الشَّمْسِ؟ دُلُوكُهَا: إِذَا مَالَتْ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ يُصَلَّى الظُّهْرُ حِينَئِذٍ

935 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دُلُوكُ الشَّمْسِ زَيَاغُهَا بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ , فَذَلِكَ وَقْتُ الظُّهْرِ

936 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَوْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: دُلُوكُهَا مَيْلُهَا

937 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ -[323]- الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دُلُوكُهَا زَوَالُهَا

938 - وَأَخْبَرَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أنبا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنبا مَعْمَرٌ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيبَةَ قَالَ: جِئْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ , فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُولُ {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] قَالَ: تَدْرِي مَا دُلُوكُهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ؛ إِذَا مَالَتْ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَوْ كَبِدِ السَّمَاءِ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ. قَالَ: نَعَمْ , فَصَلِّ الظُّهْرَ حِينَئِذٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: دُلُوكُهَا غُرُوبُهَا

939 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: دُلُوكُهَا غُرُوبُهَا

940 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دُلُوكُ الشَّمْسِ غُرُوبُهَا

941 - وَأَخْبَرَنَا النَّجَّارُ، قَالَ: أنبا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] قَالَ: دُلُوكُهَا غُرُوبُهَا , وَقَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]

942 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَجْتَمِعُ فِيكُمْ -[324]- مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ» قَالَ: يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] . قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ قَتَادَةُ: يَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قُرْآنُ الْفَجْرِ صَلَاةُ الْفَجْرِ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] قَالَ: صَلَاةُ الْمَكْتُوبَةِ

943 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] , وَقَالَ: «صَلَاةُ الْمَكْتُوبَةِ» . وَرُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: 130] قَالَ: هِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] صَلَاةُ الْعَصْرِ , {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} [طه: 130] , صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ , {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] الظُّهْرُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] قَالَ: صَلَاةَ الْفَجْرِ وَصَلَاتَيِ الْعَشِيِّ؛ يَعْنِي بِقَوْلِهِ صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ , وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ وَقَرَأَ {وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] , وَقَدْ ذَكَرْتُ تَمَامَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ , وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

ذكر مواقيت الصلوات من السنة

ذِكْرُ مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ مِنَ السُّنَّةِ

944 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ , فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ مَالَتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بِقَدْرِ الشِّرَاكِ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَلَى الصَّائِمِ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْغَدَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ , ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ , ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ , فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ , هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَوْلِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ , فَقَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ , وَانْتَقَلَ آخَرُونَ عَنِ الْقَوْلِ بِبَعْضِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى سُنَنٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ , وَزَادَ أَنَّ مَا سَنَّهَ بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ نَاسِخٌ لَمَّا كَانَ مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ. قَالُوا: وَالْآخَرُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى وَأَنَا مُبَيِّنٌ تِلْكَ السُّنَنَ فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

ذكر أول وقت الظهر قال أبو بكر: ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر حين زالت الشمس وأجمع أهل العلم على أن أول وقت الظهر زوال الشمس

ذِكْرُ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ زَوَالُ الشَّمْسِ

945 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ , فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا قَالَ: فَأَمَرَ بِلَالًا , فَأَقَامَ حِينَ أَزَالَتِ الشَّمْسُ , وَالْقَائِلُ يَقُولُ: انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ لَمْ يَنْتَصِفْ وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ بِهِ

946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ

ذكر اختلاف أهل العلم في آخر وقت الظهر اختلف أهل العلم في آخر وقت الظهر , فقال كثير منهم: آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد الزوال , فإذا جاوز ذلك فقد خرج وقت الظهر. هذا قول مالك بن أنس وسفيان الثوري , والشافعي , وأبي ثور , وقال يعقوب , ومحمد:

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ , فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ , فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ. هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَقَالَ يَعْقُوبُ , وَمُحَمَّدٌ: وَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظِّلُّ قَامَةً , وَاحْتَجُّوا أَوْ مَنِ احْتَجَّ مِنْهُمْ بِخَبَرِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ , وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ عَطَاءٌ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَتَى تَفْرِيطُ الظُّهْرِ؟ قَالَ: لَا تَفْرِيطَ لَهَا حَتَّى تَدْخُلَ الشَّمْسُ صُفْرَةً. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَكَانَ طَاوُسٌ يَقُولُ: لَا يُفَوَّتُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ حَتَّى اللَّيْلِ , وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَصِرِ الظِّلُّ قَامَتَيْنِ , فَإِذَا صَارَ الظِّلُّ قَامَتَيْنِ , فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ هَذَا قَوْلُ

النُّعْمَانِ , وَأَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو , وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُمَا , وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ

947 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى "

948 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ الظِّلُّ ذِرَاعًا إِلَى أَنْ يَسْتَوِيَ أَحَدُكُمْ بِظِلِّهِ

ذكر معرفة الزوال قال أبو بكر: إذا أراد الرجل معرفة الزوال في كل وقت وكل بلد , فلينصب عودا مستويا في مستوى من الأرض قبل الزوال للشمس , فإن الظل يتقلص إلى العود , فيتفقد نقصانه , فإن نقصانه إذا تناهى زاد , فإذا زاد بعد تناهي نقصانه فذلك الزوال وهو أول وقت

ذِكْرُ مَعْرِفَةِ الزَّوَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ مَعْرِفَةَ الزَّوَالِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَكُلِّ بَلَدٍ , فَلْيَنْصِبْ عُودًا مُسْتَوِيًا فِي مُسْتَوًى مِنَ الْأَرْضِ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلشَّمْسِ , فَإِنَّ الظِّلَّ يَتَقَلَّصُ إِلَى الْعُودِ , فَيَتَفَقَّدُ نُقْصَانَهُ , فَإِنَّ نُقْصَانَهُ إِذَا تَنَاهَى زَادَ , فَإِذَا زَادَ بَعْدَ -[329]- تَنَاهِي نُقْصَانِهِ فَذَلِكَ الزَّوَالُ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ , وَهَذَا الْمَعْنَى مَحْفُوظٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ , وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ , وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ , وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

ذكر أول وقت العصر اختلف أهل العلم في أول وقت العصر , فقالت طائفة: أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله كذلك قال مالك وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وحجتهم في ذلك حديث ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمني جبريل عليه

ذِكْرُ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ» . ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَ قَصْدِهِمُ الْقَوْلَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ: أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَهُوَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَامَا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَيُصَلِّي الْوَاحِدَ الظُّهْرَ وَيُصَلِّي الْآخَرُ الْعَصْرَ كَانَا مُصَلِّينَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِهِمَا قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ إِسْحَاقُ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ بِهِ، قَالَ: وَقِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: كَيْفَ يَكُونُ وَقْتًا وَاحِدًا لِلصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ وَلَا عُذْرٍ؟ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَيَسُوءُكَ ذَلِكَ إِنَّمَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ هَكَذَا وَلَوْ جَاءَ وَقْتًا وَاحِدًا لِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ لَجَعَلْنَاهُ لِثَلَاثٍ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا يَفُوتُ الظُّهْرُ حَتَّى يُجَاوِزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، فَإِذَا جَاوَزَهُ فَقَدْ فَاتَتْ وَوَقْتُ الْعَصْرِ إِذَا جَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَذَلِكَ حِينَ

يَنْفَصِلُ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَدْ حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَوْلُهُ: «وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ» ، وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ: «إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى» ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ قَامَتَيْنِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَنْ صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ هَذَا قَوْلِ النُّعْمَانِ وَهُوَ قَوْلٌ خَالَفَ صَاحِبُهُ الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّظَرُ غَيْرُ دَالٍّ عَلَيْهِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى مَقَالَتِهِ وَعَدَلَ أَصْحَابُهُ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ فَبَقِيَ قَوْلُهُ مُنْفَرِدًا لَا مَعْنَى لَهُ

ذكر آخر وقت العصر اختلف أهل العلم في آخر وقت العصر فقالت طائفة: أول وقت العصر إذا كان ظلك مثلك إلى أن يكون ظلك مثليك وإن صلى ما لم تتغير الشمس أجزأه هكذا قال سفيان الثوري وقال الشافعي: ومن أخر وقت العصر حتى جاوز ظل كل شيء مثليه فقد فاته وقت الاختيار

ذِكْرُ آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّكَ مِثْلَيْكَ وَإِنْ صَلَّى مَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ أَجْزَأَهُ هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ أَخَّرَ وَقْتَ الْعَصْرِ حَتَّى جَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَقَدْ فَاتَهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ

يَقُولَ: فَاتَهُ وَقْتُ الْعَصْرِ مُطْلَقًا وَحُجَّةُ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِمَامَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرِّ الشَّمْسُ هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَحْمَدُ مَرَّةً: مَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ، وَقِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ مَتَى تَدْخُلُ الشَّمْسَ صُفْرَةٌ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ أَنْ تَصْفَرَّ، قَالَ: لَا وَلَكِنْ تَرَى عَلَى الْأَرْضِ صُفْرَةَ الشَّمْسِ فَذَلِكَ فَوَاتُ الْعَصْرِ وَخُرُوجُ وَقْتِهَا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ وَقْتَ الْعَصْرِ مَتَى هُوَ؟ قَالَ: مِنْ حِينِ يَكُونُ الظِّلُّ قَامَةً فَيَزِيدُ عَلَى قَامَةٍ إِلَى أَنْ تَتَغَيَّرَ الشَّمْسُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

949 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبَى بُكَيْرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَزْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ لَمْ يَرْفَعْهُ مَرَّتَيْنِ وَسَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ , فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» , وَقَدْ ذَكَرْتُ حَدِيثَ أَبَى هُرَيْرَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ , وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبَى مُوسَى -[332]- الْأَشْعَرِيِّ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا أَنْ تَحْمَرَّ الشَّمْسُ

950 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَاهُ سَائِلٌ , فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ , فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ: احْمَرَّتِ الشَّمْسُ وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ مِنْهَا رَكْعَةً هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَصْحَابِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَاتِ، وَحُجَّةُ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

951 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا هُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعِكْرِمَةَ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْتَجَّ قَائِلُهُ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[333]- أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُفَوِّتْ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى»

952 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَقْتٌ وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ وَهُوَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلنَّائِمِ وَالنَّاسِي رَكْعَةٌ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ , وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ وَبَيْنَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ , فَجَعَلَ وَقْتَ مَنْ لَمْ يُعَذَّرْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَنْ يُدْرِكَ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَجَعَلَ قَوْلَهُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ لِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ , وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ يَخْلُو الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ وَيَكُونَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ خَارِجًا مِنْ ذَلِكَ آثِمًا مُفْرِطًا أَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَامِدًا حَتَّى إِذَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ قَامَ فَصَلَّاهَا , أَوْ يَقُولَ قَائِلٌ: إِنَّ قَوْلَهُ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسِ عَلَى الْعُمُومِ , فَلِمَنْ لَهُ عُذْرٌ وَلِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى إِذَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ قَامَ , فَصَلَّاهَا , وَلَا مَأْثَمَ عَلَيْهِ , وَهَذَا قَوْلٌ يَقِلُّ الْقَائِلُ بِهِ وَإِذَا بَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ ثَبَتَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ

953 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ حَفْصَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِصَلَاةِ الْمُنَافِقِينَ يَدَعُ الْعَصْرَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ أَوْ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهُنَّ كَنَقَرَاتِ الدِّيكِ لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهِنَّ إِلَّا قَلِيلًا»

ذكر وقت المغرب ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمني جبريل عند البيت مرتين , فصلى بي المغرب حين أفطر الصائم " وأجمع أهل العلم على أن صلاة المغرب تجب إذا غربت الشمس واختلفوا في آخر وقت المغرب، فقالت طائفة: لا وقت للمغرب إلا وقتا واحدا.

ذِكْرُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ , فَصَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ تَجِبُ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا وَقْتَ لِلْمَغْرِبِ إِلَّا وَقْتًا وَاحِدًا. كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ؛ قَالَ: مَا سَمِعْتُ لَهَا إِلَّا وَقْتًا وَاحِدًا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ , وَاحْتَجَّ آخِرُ بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ» . وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ وَإِسْنَادَ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: صَلُّوا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَالْفِجَاجُ مُسْفِرَةٌ يَعْنِي: الْمَغْرِبَ , وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ اشْتَغَلَ

فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى اطَّلَعَ نَجْمَانِ , فَأَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ لِتَأْخِيرِهِ الْمَغْرِبَ حَتَّى طَلَعَ النَّجْمَانِ

954 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: صَلُّوا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَالْفِجَاجُ مُسْفِرَةٌ يَعْنِي الْمَغْرِبَ

955 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ آنَاءَ اللَّيْلِ

956 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: مَا صَلَاةٌ أَخْوَفُ عِنْدِي فَوَاتًا مِنَ الْمَغْرِبِ

957 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أنا نَافِعٌ، عَنْ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَسَّانِيَّ ثُمَّ الْأَسَدِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَّرَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ عَنْ شُغْلٍ، اشْتَغَلَ بِهِ غَيْرُ نَاسٍ حَتَّى طَلَعَ نَجْمَانِ فَأَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ لِتَأْخِيرِهِ الْمَغْرِبَ حَتَّى طَلَعَ النَّجْمَانِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّفَقُ. هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَإِسْحَاقَ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ , وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهِ بِأَخْبَارٍ مِنْهَا -[336]- حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو

958 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْعَتَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ»

959 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَأَوَّلُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ» وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ , وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْمَغْرِبِ وَقْتَيْنِ وَذَلِكَ بَعْدَ قُدُومِهِ لِلْمَدِينَةِ بِزَمَانٍ , وَإِنَّمَا صَلَّى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ , فَلَمَّا جَعَلَ لِلْمَغْرِبِ وَقْتَيْنِ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ وَجَبَ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا يَجِبُ قَبُولُ سَائِرِ السُّنَنِ , وَكَمَا كَانَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ فَوَجَبَ قَبُولُ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَمَا كَانَ لِلْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا , ثُمَّ زَادَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَوَجَبَ قَبُولُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى» , وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ وَقْتٌ مَمْدُودٌ لَا وَقْتَ وَاحِدٌ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَابْدَأُوا بِالْعَشَاءِ»

960 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، -[337]- عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَابْدَأُوا بِالْعَشَاءِ» . وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُمَرَ , وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ , وَأُمُّ سَلَمَةَ تَرَكْتُ ذِكْرَ إِسْنَادِهَا هَاهُنَا مَعَ كَثِيرٍ مِنْ أَسَانِيدِ أَخْبَارِ هَذَا الْكِتَابِ لِلِاخْتِصَارِ , وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ وَقْتٌ مَمْدُودٌ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

961 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ مَرْوَانَ، أَخْبَرَهُ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ ‍‍ قَالَ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: وَمَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ قَالَ: الْأَعْرَافُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنَةً وَحَرْفًا حَرْفًا بِتَرْتِيلٍ مَعَ إِتْمَامِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ , فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَيْسَ كَمَا زَعَمَ مَنْ قَالَ: وَقْتُهُ وَقْتٌ وَاحِدٌ، قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ دُخُولَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَاخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ الْمُجْمَعُ عَلَى دُخُولِهِ -[338]- إِلَّا بِإِجْمَاعٍ مِثْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ أَوْلَى النَّاسِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُذْهَبُهُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُفِيقِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ يُسْلِمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْغُلَامُ يَبْلُغُ، فَكَمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ ذَكَرْتُ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مِثْلُ إِيجَابِهِ عَلَى الْغُلَامِ إِذَا بَلَغَ أَوْ طَهُرَتِ الْحَائِضُ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَذَلِكَ لِاتِّصَالِ وَقْتِ الظُّهْرِ بِوَقْتِ الْعَصْرِ وَدَلَّ كَذَلِكَ لَمَّا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ ذَكَرَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ فِي هَذِهِ مُتَّصِلٌ بِوَقْتِ الْعِشَاءِ إِذْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ لَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ إِلَّا صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ دُونَ الْمَغْرِبِ وَيَلْزَمُ هَذَا الْقَائِلَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ يَرَى أَنْ يَجْمَعَ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْمُقِيمِ فِي حَالِ الْفِطْرِ كَمَا يَرَى ذَلِكَ لِلْجَامِعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَوْ كَانَ وَقْتًا وَاحِدًا بَيْنَ وَقْتِهِ وَوَقْتِ الْعِشَاءِ فَصْلٌ لَمَا جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ أَحَدِهِمَا وَلَأَوْجَبَ عَلَى الْمُفِيقِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ الْعِشَاءَ دُونَ الْمَغْرِبِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ لَا تَفُوتَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَتَّى النَّهَارِ وَقَالَ طَاوُسٌ: لَا تَفُوتُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ حَتَّى الْفَجْرِ

ذكر أول وقت العشاء ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه صلى العشاء حين غاب الشفق وذكر ذلك في حديث ابن عباس وأجمع أهل العلم إلا من شذ عنهم على أن أول وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق

ذِكْرُ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَذُكِرَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ -[339]- إِذَا غَابَ الشَّفَقُ

962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ أنا عَبْدُ اللهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذْ ذَهَبَ الشَّفَقُ جَاءَهُ فَقَالَ: «قُمْ فَصَلِّ الْعِشَاءَ»

ذكر اختلاف أهل العلم في الشفق اختلف أهل العلم في الشفق فقالت طائفة: الشفق الحمرة روي هذا القول عن ابن عمر وابن عباس

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الشَّفَقِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الشَّفَقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ

963 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا، يَقُولُ: كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ يُصَلِّيَانِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ، قَالَ مَكْحُولٌ: هُوَ الشَّفَقُ

964 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ

965 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، -[340]- قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبِي حَبَلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ وَكَانَ طَاوُسٌ يُصَلِّي الْعِشَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الْبَيَاضُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ الشَّفَقَ الْحُمْرَةُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الشَّفَقُ: الْبَيَاضُ رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ أَوْ لِمَوْلًى لَهُ: انْظُرِ اسْتِوَاءَ الْأُفُقَيْنِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: صَلِّ الْعِشَاءَ إِذَا ذَهَبَ الْأُفُقُ وَادْلَأَمَّ اللَّيْلُ مِنْ هُنَا وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ الْأُفُقِ فَهَذَا أَفْضَلُ

966 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ أَوْ لِمَوْلَاةٍ لَهُ: انْظُرِ اسْتِوَاءَ الْأُفُقَيْنِ

967 - وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا سَمَاعٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسًا، كَانَ يُصْعِدُ الْجَارِيَةَ فَوْقَ الْبَيْتِ فَيَقُولُ لَهَا: إِذَا اسْتَوَى الْأُفُقُ نَادِينِي

968 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا سُرَيْجٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبِي حَبَلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الشَّفَقُ: الْبَيَاضُ

969 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيبَةَ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: صَلِّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ وَادْلَأَمَّ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ بَيَاضِ الْأُفُقِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: صَلُّوا صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِذَا ذَهَبَ بَيَاضُ الْأُفُقِ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ: لَا إِلَّا أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَذَهَابُ بَقِيَّةِ بَيَاضِ الْأُفُقِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِذَا اجْتَمَعَ الْبَيَاضُ مِنَ الْأُفُقِ فَسَطَعَ فَصَلِّ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ زُفَرَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا فِي الْحَضَرِ فَيُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ إِذَا ذَهَبَ الْبَيَاضُ وَفِي السَّفَرِ يُجْزِيهِ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ وَيُجْزِيهِ عِنْدَهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: الشَّفَقُ اسْمٌ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَهِيَ الْحُمْرَةُ -[342]- وَالْبَيَاضُ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا ذَلِكَ عَلَى الْحُمْرَةِ دُونَ الْبَيَاضِ لِثُبُوتِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اسْمُ الشَّفَقِ فَلَمَّا كَانَتِ الْحُمْرَةُ تُسَمَّى شَفَقًا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ ذَلِكَ الشَّفَقُ الَّذِي عَنَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ عَلَى الْعُمُومِ وَالظَّاهِرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الشَّفَقَ الْبَيَاضُ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ

970 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ , فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ» , وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ , وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ قَالَ: وَإِنَّمَا يَسْوَدُّ الْأُفُقُ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ وَالْبَيَاضُ جَمِيعًا , وَقَالَ قَائِلٌ: قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِذَا غَابَ الْبَيَاضُ وَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ فِي دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ , فَلَا يَجِبُ فَرْضُ الْعِشَاءِ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ , وَلَوْ لَمْ يَجْمَعُوا قَطُّ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْبَيَاضِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقِيَاسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ الْبَيَاضُ، قَالَ: لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ الشَّمْسُ بِمَجِيئِهَا وَيَذْهَبُ بِذَهَابِهَا فَكَمَا كَانَ الصُّبْحُ يَجِبُ بِمَجِيءِ بَيَاضٍ فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْعِشَاءُ بِذَهَابِ الْبَيَاضِ

ذكر آخر وقت العشاء اختلف أهل العلم في آخر وقت العشاء , فقال بعضهم: آخر وقتها إلى ربع الليل هذا قول النخعي ولا نعلم مع قائله حجة , وقالت طائفة أخرى: وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل , كذلك قال عمر بن الخطاب , وأبو هريرة , وعمر بن عبد العزيز

ذِكْرُ آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: آخِرُ وَقْتِهَا إِلَى رُبْعِ اللَّيْلِ هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَلَا نَعْلَمُ مَعَ قَائِلِهِ حُجَّةً , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ , كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَأَبُو هُرَيْرَةَ , وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

971 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ، كَتَبَ أَنَّ وَقْتَ، الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخَرِ , وَلَا تُؤَخِّرُوا ذَلِكَ إِلَّا مَنْ شُغِلَ

972 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ جَالِسٌ، قَالَ: وَصَلِّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ , وَادْلَأَمَّ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا , وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ، فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ , وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ بَيَاضِ الْأُفُقِ فَهُوَ أَفْضَلُ ". وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: وَقْتُهَا نِصْفُ اللَّيْلِ , -[344]- وَلَا يَفُوتُ إِلَى الْفَجْرِ. وَهَذَا أَصَحُّ قَوْلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ عَلَى الْمَفِيقِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ , وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ فَائِتًا مَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بَعْدَ الْفَوَاتِ , وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي فِيهِ ذَكَرَ إِمَامَةَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: وَقْتُهَا إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

973 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَنْ صَلِّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ أَيْ حِينَ تَبِيتَ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ , وَابْنُ الْمُبَارَكِ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو ثَوْرٍ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: وَمَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ مَا مَضَى نِصْفُ اللَّيْلِ يُجْزِيهِ وَنَكْرَهُهُ لَهُ , وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو

974 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْعَتَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ»

975 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرُ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ , وَهَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ , هَلْ مِنْ دَاعٍ -[345]- فَأَسْتَجِيبَ لَهُ , هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ "

976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ: هَلِ اتَّخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا؟ قَالَ: نَعَمْ , أَخَّرَ لَيْلَةً صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ بَعْدَمَا صَلَّى , فَقَالَ: «صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا وَمَا تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مُنْذُ انْتَظَرْتُمُوهَا» ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: التَّفْرِيطُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ تُؤَخِّرُوهَا إِلَى وَقْتِ الَّتِي بَعْدَهَا , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّطَ

977 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ , وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ

978 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَأَلَهُ، رَجُلٌ عَنِ التَّفْرِيطِ، فِي الصَّلَاةِ , فَقَالَ: أَنْ تُؤَخِّرُوهَا، إِلَى وَقْتِ الَّتِي بَعْدَهَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّطَ. وَرُوِّينَا عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُفَوِّتْ صَلَاةً حَتَّى يُنَادَى -[346]- بِالْأُخْرَى , وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا تُفَوِّتْ صَلَاةَ اللَّيْلِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ حَتَّى النَّهَارِ , وَقَالَ طَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ: وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ، قَالَ أَحَدُهُمَا: إِلَى الصُّبْحِ , وَقَالَ الْآخَرُ: إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ , وَمِنْ حُجَّةِ الْقَائِلِ لِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ» . دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ أَخَّرَهَا إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ , وَإِذَا كَانَ خُرُوجُهُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ فَصَلَاتُهُ بَعْدَ شَطْرِ اللَّيْلِ , وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ وَقْتَهَا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ , وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ مَعَ أَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَعْتَمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْعَشَاءِ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ

979 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: -[347]- أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ , وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى , فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» . وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا عَلَى الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ , وَيَجِبُ عَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ , وَقَالَ بِمِثْلِ قَوْلِهِمْ أَنْ لَا يَجْعَلَ آخِرَ وَقْتِهَا ثُلُثَ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرَ اللَّيْلِ , وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ

ذكر أول وقت الفجر وآخره ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الفجر حين طلع الفجر وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر

ذِكْرُ أَوَّلِ وَقْتِ الْفَجْرِ وَآخِرِهِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ وَأَجْمَعُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ

980 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَأَلَهُ وَقْتَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ , فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ أَمَرَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى بِنَا فَلمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَّرَهَا حَتَّى أَسْفَرَ , ثُمَّ أَمَرَ , فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى بِنَا , ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ» -[348]- وَقَدْ ذَكَرْنَا سَائِرَ الْأَخْبَارِ الْمُوَافَقَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي غَْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى وَلَمْ تَفُتْهُ الصَّلَاةُ , وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

981 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنِ الْأَعْرَجِ، يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» . وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَهَا حَتَّى صَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ , فَكَانَ هَذَا عُذْرًا , فَلَوْ عَهِدَ ذَلِكَ رَجُلٌ لَكَانَ مَخْطِئًا مَذْمُومًا , عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَفْرِيطِهِ فِي الصَّلَاةِ , فَأَمَّا أَصْحَابُ الرَّأْيِ فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ مَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةٌ وَبَيْنَ مَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةٌ , فَأَفْسَدُوا صَلَاةَ مَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةٌ. قَالُوا: عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْفَجْرَ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ , فَإِنْ نَسِيَ الْعَصْرَ , فَذَكَرَهَا حِينَ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ , فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ غَرَبَتِ الشَّمْسُ. قَالُوا: يُتِمُّ عَلَى صَلَاتِهِ , فَيُصَلِّي -[349]- مَا بَقِيَ؛ قَالُوا: لِأَنَّ الَّذِي صَلَّى الْفَجْرَ , فَطَلَعَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ بِسَاعَةٍ يُصَلَّى فِيهَا , وَالَّذِي غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ دَخَلَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ , وَالصَّلَاةُ لَا تَكْرَهُ تِلْكَ السَّاعَةَ , فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مُدْرِكًا لِلصَّلَاتَيْنِ , وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا , فَلَا مَعْنَى لِتَفْرِيقِ مَنْ فَرَّقَ شَيْئَيْنِ جَمَعْتِ السُّنَّةُ بَيْنَهُمَا , وَلَوْ جَازَ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ مَنْ جَاءَ إِلَى وَقْتٍ لَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ فِيهِ أَلْزَمُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ مَنِ ابْتَدَأَهَا فِي وَقْتٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا , وَلَيْسَ فِيمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا التَّسْلِيمُ لَهُ , وَتَرْكُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ

ذكر وقت الجمعة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الجمعة بعد زوال الشمس

ذِكْرُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الْجُمُعَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ

982 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ يَمِيلُ الْفَيْءُ

983 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ أنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا -[350]- زَالَتِ الشَّمْسُ , ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ

984 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: مَتَى كَانَ يُصَلِّي بِكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ؟ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي , ثُمَّ أَذْهَبُ إِلَى جِمَالِنَا فَأَرِيحُهَا , يَعْنِي النَّوَاضِحَ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجْزِي إِذَا صُلِّيَتْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ , فَقَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا تَجْزِي الْجُمُعَةُ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ , وَمِمَّنْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ , وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ , وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

985 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هَجَّرْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ عُمَرُ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ

986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عَلِيٍّ الْجُمُعَةَ , فَصَلَّاهَا بِالْهَاجِرَةِ بَعْدَ مَا زَالَتِ الشَّمْسُ

987 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْجُمُعَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ

988 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: أنا أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَقِيلُ

989 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، عَنْ بِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَانْصَرَفَ وَالنَّاسُ فِرْقَانِ فَرِقٌ يَقُولُونَ: زَالَتِ الشَّمْسُ وَفَرِقٌ يَقُولُونَ: لَمْ تَزَلْ

990 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ، قَالَ: قَدِمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ -[352]- وَهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْفَيْءُ فِي الْحِجْرِ , فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا حَتَّى تَفِيءَ الْكَعْبَةُ مِنْ وَجْهِهَا

991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ مَعَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ صَاحِبِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزِيغُ الشَّمْسُ وَيَرْجِعُونَ , فَيَقِيلُونَ

992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عِيسَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَزَّارِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ إِمَامًا أَحْسَنَ صَلَاةً لِلْجُمُعَةِ مِنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. قَالَ: كَانَ يُصَلِّيهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ

993 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: ثنا حَسَنٌ عَنَ سِمَاكٍ قَالَ: كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ يُصَلِّي بِنَا الْجُمُعَةَ بَعْدَ مَا تَزُولُ الشَّمْسُ

994 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ: «لَا يَرُوحُ إِلَى الْجُمُعَةِ حَتَّى تَزِيغَ الشَّمْسُ» . وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ , وَإِبْرَاهِيمُ -[353]- النَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ , وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ , وَمَالِكٍ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالشَّافِعِيِّ , وَأَبِي ثَوْرٍ , وَقَالَ أَحْمَدُ: يُتْرَكُ الشِّرا وَالْبَيْعُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ حُرِّمَ الْبَيْعُ وَالشِّرَا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ , رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِيدَانَ الْمَطْرُودِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ , ثُمَّ صَلَّيْتُهَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ انْتَصَفَ النَّهَارُ , ثُمَّ صَلَّيْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ , فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ زَالَ النَّهَارُ , فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْصَرِفُ مِنَ الْجُمُعَةِ ضُحًى وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّمَا عَجَّلْتُ بِكُمْ خَشْيَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الْجُمُعَةَ ضُحًى. وَقَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ عِيدٍ حِينَ -[354]- يَمِيدُ الضُّحَى: الْجُمُعَةُ وَالْأَضْحَى وَالْفِطْرُ

995 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ، وَكَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا: ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِيدَانَ الْمَطْرُودِيِّ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ , ثُمَّ صَلَّيْتُهَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ انْتَصَفَ النَّهَارُ , ثُمَّ صَلَّيْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ زَالَ النَّهَارُ , فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ»

996 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِيطٍ، قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ عُثْمَانَ الْجُمُعَةَ , ثُمَّ آتِي بَنِي دِينَارٍ , وَمَا أَجِدُ شَيْئًا يُظِلُّنِي»

997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَمَةَ، وَإِنَّا، لَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ. قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يَنْصَرِفُ مِنَ الْجُمُعَةِ ضُحًى , وَيَقُولُ: «إِنَّمَا عَجَّلْتُ بِكُمْ خَشْيَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ»

998 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الْجُمُعَةَ فِي الضُّحَى» وَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ الْجُمُعَةُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ. قَالَ: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَعْنِي قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا أَعِيبُهُ , وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَيْسَ فِيهِ شَكٌّ , -[355]- وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ , وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا قَدْ عَلِمْتَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ وَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ , وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا , فَقَالَ: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْفَرْضِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ , وَسُقُوطِ الْفَرْضِ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّاهَا بَعْدَ الزَّوَالِ , وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَفِي سُقُوطِ مَا وَجَبَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ. قَالَ: فَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ , وَالِاخْتِلَافُ فَلَا يَجِبُ بِهِ فَرَضٌ وَلَا يَزُولُ , كَذَلِكَ مَا وَجَبَ بِاخْتِلَافٍ , فَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِيدَانَ فَغَيْرُ ثَابِتٍ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ , وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ عُمَرَ , وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ خَبَّرَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يُحَدِّثُهُمْ , فَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَمَةَ , وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِي الْحُجَجِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْكَبِيرِ

ذكر استحباب تعجيل الصلاة في أوائل أوقاتها

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا

999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ ثنا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا» . قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «أَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِكَ» . -[356]- قَالَ: ثُمَّ سَكَتُّ , وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي

1000 - حَدَّثَنَا عَلَّانٌ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ غَنَّامٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ الدُّنْيَا، عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، جَدَّةِ أَبِيهِ , وَكَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْأَعْمَالَ , فَقَالَ: «إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» وَرُوِّينَا عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ , وَمَا فَاتَتْهُ , وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا خَيْرٌ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ تَعْجِيلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهَا , وَكَذَلِكَ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ حَالِ شِدَّةِ الْحَرِّ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ وَاخْتَلَفُوا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَعْجِيلُ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهَا , وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] الْآيَةِ , وَبِقَوْلِهِ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] الْآيَةِ. قَالَ: فَالْمُصَلَّى لَهَا فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِمَّنْ يُعَرِّضُهَا بِالتَّأْخِيرِ بِالنِّسْيَانِ , وَلَكَثِيرُ مِمَّا يُؤَخِّرُ مِنَ الْأَشْغَالِ الَّتِي تَحَوَّلُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ تَأْدِيَتِهَا , -[357]- وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» . يَعُمُّ الصَّلَوَاتِ وَلَمْ يُخَصِّصْ. قَالَ: وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ تَعْجِيلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَفْضَلُ كَانَ حُكْمُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ حُكْمَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ الْمُجْمَعِ عَلَى أَنَّ تَعْجِيلَهَا أَفْضَلُ , وَاحْتَجَّ آخِرُ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الَّذِي فِيهِ ذَكَرَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. قَالَ: فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» ؛ يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. قَالَ: أَفَلَا تَرَاهُ حَسَنٌ لَهُمْ تَعْجِيلُهُمُ الصَّلَاةَ وَتَرْكَهُمُ انْتِظَارَهُ حَتَّى غَبَطَهُمْ بِهِ يُرَغِّبُهُمْ بِذَلِكَ فِي تَعْجِيلِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ

1001 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَلَمَّا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا خَيْرٌ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ "

ذكر التعجيل بصلاة الظهر

ذِكْرُ التَّعْجِيلِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ

1002 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: ثنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: «كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ»

1003 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ»

1004 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ»

1005 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا وَقَالَ: «إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا» وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ إِنْسَانًا قَطُّ أَشَدَّ تَعْجِيلًا بِالظُّهْرِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَثْنَتْ أَبَاهَا وَلَا عُمَرَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَأَنَّ الْجَنَادِبَ لَتَنْفُرُ مِنَ الرَّمْضَاءِ

1006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ عَبْدُ اللهِ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَأَنَّ الْجَنَادِبَ لَتَنْفُرُ مِنَ الرَّمْضَاءِ»

1007 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَكِيمٍ، -[359]- عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ إِنْسَانًا قَطُّ أَشَدَّ تَعْجِيلًا بِالظُّهْرِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا اسْتَثْنَتْ أَبَاهَا وَلَا عُمَرَ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّعْجِيلِ بِالظُّهْرِ فِي حَالِ الْحَرِّ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ صَلِّ صَلَاةَ الظُّهْرِ حِينَ تَزِيغُ أَوْ تَزُولُ الشَّمْسُ وَقَالَ مَسْرُوقٌ: صَلَّى بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَقَالَ: هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَقْتُ هَذِهِ الصَّلَاةِ. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: الظُّهْرُ كَاسْمِهَا، يَقُولُ: بِالظَّهِيرَةِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: أَحَبُّ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِلَيَّ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ يُصَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَرًّا يُؤْذِي، وَاللهُ أَعْلَمُ

1008 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى " أَنْ صَلِّ صَلَاةَ الظُّهْرِ حِينَ تَزِيغُ الشَّمْسُ أَوْ قَالَ: حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ "

1009 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا حَبْسُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ، كَانَ يُؤَذِّنُ بِالْهَاجِرَةِ فَسَمِعَهُ الْحَجَّاجُ، وَهُوَ بِالدَّيْرِ فَقَالَ: ائْتُونِي بِهَذَا الْمُؤَذِّنِ فَأُتِيَ بِسُوَيْدٍ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْهَاجِرَةِ؟ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «لَا تُؤَذِّنْ لِقَوْمِكَ وَلَا تَؤُمَّهُمْ»

1010 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَقَالَ: «هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَقْتُ هَذِهِ الصَّلَاةِ»

1011 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " الظُّهْرُ كَاسْمِهَا يَقُولُ: الظَّهِيرَةَ " وَاسْتَحَبَّتْ طَائِفَةٌ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: فِي الصَّيْفِ يَجِبُ أَنْ يُؤَخِّرُهَا وَيَبْرِدُ بِهَا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: يُعَجِّلُ الْحَاضِرُ الظُّهْرَ إِمَامًا وَمُنْفَرِدًا فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِنِ اشْتَدَّ الْحَرُّ أَخَّرَ إِمَامُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تَنْتَابُ مِنَ الْبُعْدِ الظُّهْرَ حَتَّى يُبْرِدَ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا مَنْ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ وَفِي جَمَاعَةٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ وَلَا يَحْضُرُهَا إِلَّا مَنْ بِحَضْرَتِهِ فَيُصَلِّهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ لَا أَذًى عَلَيْهِمْ فِي حَرِّهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا فِي الشِّتَاءِ بِحَالٍ. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ تَعْجِيلَهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَفْضَلُ بِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: إِنَّ تَعْجِيلَهَا فِي الشِّتَاءِ أَفْضَلُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْجِيلِهَا فِي الصَّيْفِ كَانَ حُكْمُ الصَّيْفِ حُكْمُ الشِّتَاءِ وَكَانَ الثَّوَابُ فِي تَعْجِيلِهَا فِي الصَّيْفِ أَعْظَمُ إِذْ هُوَ عَلَى الْبَدَنِ أَشُقُّ، وَقَالَ آخِرُ: لَمَّا اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَجَعْنَا إِلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا تَعْجِيلُ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا فَقُلْنَا بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَعْجِيلُ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ إِلَّا صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ -[361]- مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» وَالْقَائِلُ بِهَذَا الْقَوْلِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ أَوْ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي تَنْتَابُ مِنَ الْبُعْدِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ وَلَوْ كَانَ لَهُ مُرَادٌ لَبَيَّنَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ، وَهَذَا يُلْزِمُ الْقَائِلِينَ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فَإِنَّ دَفْعَ بَعْضِ النَّاسِ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» ، بِخَبَرِ خَبَّابٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا فَقَدْ يَكُونُ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَأْخِيرِ الظُّهْرِ وَأَمَرَهُمْ بِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا مُفَسَّرًا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ

1012 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: أنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ فَقَالَ لَنَا: «أَبْرِدُوهَا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ خَبَّرَ الْمُغِيرَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرَهُ خَبَّابٌ مِنْ تَعْجِيلِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «أَبْرِدُوهَا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ، فَوَافَقَ خَبَّابًا فِي تَعْجِيلِ الظُّهْرِ وَزَادَ مَا لَيْسَ فِي خَبَرِ خَبَّابٍ مِمَّا نَقَلَهُمْ إِلَيْهِ فِي تَأْخِيرِ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ

1013 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» -[362]- 1014 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِثْلَهُ. 1015 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ

1016 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»

ذكر اختلاف أهل العلم في التعجيل بصلاة العصر وتأخيرها اختلف أهل العلم في تعجيل العصر وتأخيرها فقالت طائفة: تعجيلها أفضل كتب عمر بن الخطاب أن وقت العصر والشمس بيضاء نقية بقدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة. وقال جابر بن عبد الله: صلى أبو بكر العصر ثم

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّعْجِيلِ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ وَتَأْخِيرِهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ وَتَأْخِيرِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ بِقَدْرِ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الْعَصْرَ ثُمَّ جَاءَنَا وَنَحْنُ فِي دُورِ بَنِي سَلَمَةَ وَعِنْدَنَا جَزُورٌ وَقَدْ تَشَرَّكْنَا عَلَيْهَا فَنَحَرْنَاهَا وَجَزَّيْنَاهَا وَصَنَعْنَا لَهُ فَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ لَمْ تَتَغَيَّرْ مَنْ أَسْرَعَ السَّيْرَ سَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ خَمْسَةَ أَمْيَالٍ

1017 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ «أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ -[363]- بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ بِقَدْرِ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبِ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً»

1018 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ ثنا: أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهَنِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَقَدْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الْعَصْرَ بِالنَّاسِ ثُمَّ جَاءَنَا وَنَحْنُ فِي دُورِ بَنِي سَلِمَةَ وَعِنْدَنَا جَزُورٌ وَقَدْ تَشَرَّكْنَا عَلَيْهَا فَنَحَرْنَاهَا وَجَزَّيْنَاهَا وَصَنَعْنَا لَهُ فَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ»

1019 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى قُبَاءٍ فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ»

1020 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: " قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَتَى كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الْعَصْرَ؟ قَالَ: وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ لَمْ تَتَغَيَّرْ مَنْ أَسْرَعَ السَّيْرَ سَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ خَمْسَةَ أَمْيَالٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ

1021 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ -[364]- أَنْ يَظْهَرَ وَلَمْ يَظْهَرْ الْفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا»

1022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ سَائِرَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. وَرَأَتْ طَائِفَةٌ تَأْخِيرَ الْعَصْرِ أَفْضَلُ وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا كَانَ يُؤَخَّرَانِ الْعَصْرَ

1023 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، «كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ»

1024 - وَحَدَّثُونَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الْمُنَبِّهِ السَّعْدِيِّ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ» وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ، وَأَبِي قِلَابَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَحُكِيَ -[365]- عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْعَصْرُ لِتَعْصُرَ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَهَمَّامٍ وَعَلْقَمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْعَصْرَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلَّى الْعَصْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ لَمْ تَغَيَّرْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّكَ مِثْلَيْكَ وَإِنْ صَلَّى مَا لَمْ تَغَيَّرِ الشَّمْسُ أَجْزَتْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ تَعْجِيلَ الْعَصْرَ أَفْضَلُ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَبِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللهَ خَصَّهَا مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ فَأَمَرَنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا فَقَالَ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] الْآيَةَ وَقَدْ دَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا الْعَصْرُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّغْلِيظِ عَلَى مُؤَخِّرِ الْعَصْرِ وَأَمْرُ تَعْظِيمِ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ الْعَصْرُ فَكَأَنَّمَا وَتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» ، وَقَوْلُهُ: «عَجِّلُوا بِالْعَصْرِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الْعَصْرَ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ»

1025 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ -[366]- الْعَصْرُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ»

1026 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا خَلَّادٌ، قَالَ: ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَجِّلُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرُ يَوْمُ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. -[367]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الظُّهْرِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهَا الصُّبْحُ وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَطَاوُسٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ

1027 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكْلٍ الْعَبْسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ -[368]- الْأَحْزَابِ صَلَّيْنَا الْعَصْرَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةَ الْعَصْرِ مَلَأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا»

1028 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ احْمَرَّتْ فَقَالَ: «مَا لَهُمْ مَلَأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا أَوْ حَشَا اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُقَالُ: إِنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ وَسَطِي لِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي اللَّيْلِ وَصَلَاتَيْنِ فِي النَّهَارِ

ذكر التعجيل بصلاة المغرب

ذِكْرُ التَّعْجِيلِ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ

1029 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَنَاضَلُ حَتَّى نَبْلُغَ مَنَازِلَنَا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَنَنْظُرُ إِلَى مَوَاقِعِ نَبْلِنَا مِنَ الْأَسْفَارِ»

1030 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا الْعَيْشِيُّ يَعْنِي عُبَيْدَ اللهِ قَالَ: -[369]- ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ نَرْمِي فَيَرَى أَحَدُنَا مَوْضِعَ نَبْلِهِ»

1031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسِ إِذَا غَابَ حَاجِبُهَا» وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّعْجِيلَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبَ أَفْضَلُ وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر اختلاف أهل العلم في التعجيل بصلاة العشاء وتأخيرها أيهما أفضل اختلف أهل العلم في تعجيل العشاء وتأخيرها فقالت طائفة: تأخيرها أفضل كان ابن عباس يرى أن تأخيرها أفضل ويقرأ وزلفا من الليل الآية وروينا عن ابن مسعود أنه كان يؤخر العشاء وقال مالك: أما

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّعْجِيلِ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا أَيُّهُمَا أَفْضَلُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَعْجِيلِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى أَنْ تَأْخِيرَهَا أَفْضَلُ وَيَقْرَأُ {وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] الْآيَةَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ وَقَالَ -[370]- مَالِكٌ: أَمَّا الْعِشَاءُ فَتُؤَخَّرُ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ أَحَبُّ إِلَيَّ

1032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ وَيَقْرَأُ {وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] الْآيَةَ

1033 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «لَيْسَ بِتَأْخِيرِ الْعَتَمَةِ بَأْسٌ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَأَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهَا الْإِمَامُ سَاعَةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا الْمَشَقَّةَ عَلَى النَّاسِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُؤَخِّرَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَنَحْوِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ

1034 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: ثنا سِمَاكٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ»

1035 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا هَوْذَةُ، قَالَ: ثنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، قَالَ: قَالَ أَبِي: انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ أَبِي: حَدِّثْنَا كَيْفَ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: «كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ»

1036 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَقَالَ آخَرُونَ: تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ، وَقَالَ قَائِلٌ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الْبَيَاضُ لِأَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ إِذَا غَابَ الْبَيَاضُ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى تَعْجِيلَ الْعِشَاءِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ اخْتِيَارِ تَعْجِيلِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا

1037 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْعِشَاءَ، قَالَ: «كَانَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ» وَقَالَ: إِنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لَيْلَةً وَاحِدَةً لِعَارِضٍ عَرَضَ لَهُ شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْهُ فَأَخَّرَ الْعِشَاءَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَذَكَرَ أَخْبَارًا تَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ فَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ

1038 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ رَقَدْنَا ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ -[372]- الْأَرْضِ يَنْتَظِرُ اللَّيْلَةَ هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ»

قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا هَكَذَا تَرْغِيبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي تَعْجِيلِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَكِتَابُهُ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ بِذَلِكَ وَقَدْ كَانَ حَاضِرَ اللَّيْلَةِ الَّتِي أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَلَوْلَا أَنَّ تَأْوِيلَهُ كَانَ عِنْدَهُ كَذَلِكَ مَا خَالَفَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى حُضُورِهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِيهَا أَنَّ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ عُمَرُ: «نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ» . 1039 - أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

1040 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، قَالَ عُمَرُ: «عَجِّلُوا الْعِشَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ عَنْهَا الْمَرِيضُ وَيَكْسَلَ الْعَامِلُ»

1041 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ «أَنْ صَلُّوا الْعِشَاءَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَلَا تَشَاغَلُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ» . 1042 - وَحُدِّثْنَا، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ فَذَكَّرْتُمُوهُ

1043 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ -[373]- عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: «صَلِّ الْعِشَاءَ إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ وَادْلَأَمَّ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ بَيَاضِ الْأُفُقِ فَهُوَ أَفْضَلُ»

ذكر كراهية تسمية العشاء بالعتمة

ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ

1044 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، هِيَ الْعِشَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ الْعَتَمَةُ، صَاحَ وَغَضِبَ

1045 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ الْعَتَمَةُ، غَضِبَ وَصَاحَ عَلَيْهِمْ» وَقَالَ مَالِكٌ: الصَّوَابُ كَمَا قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58] الْآيَةَ فَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعَلِّمَهَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ فَإِنِ اضْطُرَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا أَحَدٌ مِمَّا لَا يُظَنُّ أَنَّهُ يُفْهَمُ عَنْهُ وَيَمُوتُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي سَعَةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: -[374]- أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا تُسَمَّى إِلَّا الْعِشَاءُ كَمَا سَمَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تُسَمَّى فَإِنْ سَمَّاهَا مُسَمَّى الْعَتَمَةِ لَمْ يُحْرِجَ لِأَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ أَنَّهُ سَمَّاهَا الْعَتَمَةَ إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ

1046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، قَالَ ثنا سُمَيٌّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي شُهُودِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا»

ذكر اختلاف أهل العلم في التغليس بصلاة الفجر والإسفار بها اختلف أهل العلم في التغليس بصلاة الفجر والإسفار بها، فقالت طائفة: التغليس بها أفضل، قال أنس بن مالك: صليت خلف أبي بكر الصديق فاستفتح بسورة البقرة فقرأها في ركعتين وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّغْلِيسِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْإِسْفَارِ بِهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّغْلِيسِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْإِسْفَارِ بِهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: التَّغْلِيسُ بِهَا أَفْضَلُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَرَأَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى أَنْ صَلِّ الصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ الْفَجْرَ بِسَوَادٍ أَوْ بِغَلَسٍ وَأَطِلِ الْقِرَاءَةَ وَذَكَرَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مَا عَرَفْتُهُ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِغَلَسٍ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ عُمَرَ الْفَجْرَ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَمَا يَعْرِفُ صَاحِبَهُ،

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَكَلَ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّوْمَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ لِابْنِ التَّيَّاحِ: أَقِمِ الصَّلَاةَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُغَلِّسُ بِالصُّبْحِ، وَكَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِسَوَادٍ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَلِّ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِغَلَسٍ

1047 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنْ صَلِّ الصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ وَاقْرَأْ فِيهَا بِسُورَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ مِنَ الْمُفَصَّلِ»

1048 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَرَأَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ عُمَرُ حِينَ فَرَغَ فَقَالَ: " يَغْفِرُ اللهُ لَكَ لَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ، قَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَأَلْفَتْنَا غَيْرَ غَافِلِينَ "

1049 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى «أَنْ صَلِّ الْفَجْرَ بِسَوَادٍ أَوْ بِغَلَسٍ وَأَطِلِ الْقِرَاءَةَ»

1050 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مَا عَرَفْتُهُ

1051 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ -[376]- دِينَارٍ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِغَلَسٍ، ثُمَّ نَأْتِي جِيَادَ فَنَقْضِي حَاجَتَنَا، ثُمَّ نَرْجِعُ» قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ عُمَرَ الْفَجْرَ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَلَا يُعْرَفُ صَاحِبَهُ

1052 - أَخْبَرَنَا حَاتِمٌ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ حَيَّانَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: " أَتَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ مُعَسْكِرٌ بِدَيْرِ أَبِي مُوسَى، فَوَجَدْتُهُ يَطْعَمُ فَقَالَ: أَذِّنْ فَكُلْ، قُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ، قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ لِابْنِ التَّيَّاحِ: أَقِمِ الصَّلَاةَ "

1053 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُغَلِّسُ بِالصُّبْحِ كَمَا يُغَلِّسُ بِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ»

1054 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا حَبِيبُ بْنُ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِسَوَادٍ»

1055 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: «صَلِّ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ»

1056 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، -[377]- قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، يَقُولُ: «صَلَّى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِغَلَسٍ»

1057 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِيَاسٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ فِي نَعْلَيْهِ وَيَنْصَرِفُ وَمَا يَعْرِفُ بَعْضُنَا بَعْضًا» وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَفْجُرُ الْفَجْرُ الْآخِرُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ غَلِّسْ بِالْفَجْرِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَيَنْصَرِفُ وَمَا يَعْرِفُ بَعْضُنَا بَعْضًا. وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاسْتَحَبَّتْ طَائِفَةٌ الْإِسْفَارَ بِالْفَجْرِ وَمِمَّنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَرَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِقُنْبُرٍ يَا قُنْبُرُ أَسْفِرْ يَا قُنْبُرُ أَسْفِرْ يَعْنِي بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ وَابْنِ -[378]- سِيرِينَ وَالنَّخَعِيِّ

1058 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُغَلِّسُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُسْفِرُ وَيُصَلِّيهَا بَيْنَ ذَلِكَ»

1059 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ لِقُنْبُرٍ: «أَسْفِرْ أَسْفِرْ يَعْنِي بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ»

1060 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ»

1061 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيْسَىَ، قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَهِيكِ ابْنِ يَرِيمٍ، عَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ» قَالَ ابْنُ مُغِيثٍ: «وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ»

1062 - وَمِنْ حَدِيثِ بُنْدَارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: صَلَّى مُعَاوِيَةُ بِغَلَسٍ فَقَالَ أَبُو -[379]- الدَّرْدَاءِ: «أَسْفِرُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْقَهُ عَلَيْكُمْ» وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

1063 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، فَقَالَ: أنا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفَهُمْ وَرَأَى أَنَّ التَّغْلِيسَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَفْضَلُ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ الْفَجْرَ كَانَ بِغَلَسٍ

1064 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: ثنا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ كَمَا أُخْبِرُكَ الْآنَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنَّا نِسَاءً مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ وَهُنَّ مُتَلَفِّفَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ» وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي الْغَلَسَ

1065 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَهِيكِ بْنِ يَرِيمَ، قَالَ: ثنا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ، قَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ غَلَّسَ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْتَفَتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: مَا هِيَ الصَّلَاةُ، قَالَ: «هَذِهِ صَلَاتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ -[380]- أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتِ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، وَدَلَّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي بَابِ ذِكْرِ اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالتَّغْلِيسُ بِالصُّبْحِ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، فَالْمُصَلِّي فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَحْرَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِمَّنْ أَخَّرَهَا وَعَرَّضَهَا لِلنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ مَعَ أَنَّا قَدْ رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرًا مُفَسَّرًا يَدُلُّ عَلَى آخِرِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْلَى عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا فِي جُمَلِ مَا نَعْتَمِدُ نَحْنُ وَهُمْ عَلَيْهِ

1066 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ عُرْوَةُ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَلَسِ، حَتَّى مَاتَ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَّا أَنْ يُسْفِرَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَثُبُوتُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّغْلِيسِ دَالٌّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى الْأَسْفَارِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ الْآخِرُ، مَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَقَالَ -[381]- بَعْضُهُمْ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُهُمْ أَسْفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا وَأَسْفِرِي عَنْ وَجْهِكِ أَيِ اكْشِفِي، وَقَالَ آخَرُ: فَلَمَّا احْتَمَلَ الْإِسْفَارُ الْمَعْنَيَيْنِ كَانَتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدًا أَوْلَى. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُحْتَاجُ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِيُعْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهَا

ذكر الصلاة في اليوم المتغيم

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الْمُتَغَيِّمِ

1067 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، لَعَلَّهُ قَالَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم: «بِكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» 1068 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ فَعَجِّلُوا الْعَصْرَ وَأَخِّرُوا الظُّهْرَ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ فَعَجِّلُوا -[382]- الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَأَخِّرُوا الْمَغْرِبَ، وَعَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا: إِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ فَعَجِّلِ الْعَصْرَ وَأَخِّرِ الْمَغْرِبَ، وَكَانَ الْحَسَنُ يُعْجِبُهُ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى لَا يَشُكَّ فِي مَغِيبِهَا

1069 - وَحَدَّثُونَا عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ عَنِ الْفَرَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ فَعَجِّلُوا الْعَصْرَ وَأَخِّرُوا الظُّهْرَ»

1070 - وَحَدَّثُونَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «إِذَا كَانَ بِيَوْمِ غَيْمٍ فَعَجِّلُوا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ , وَأَجِّلُوا الْمَغْرِبَ» . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي (بَابُ صَلَاةِ الظُّهْرِ) : فَإِذَا كَانَ الْغَيْمُ مُطْبَقًا رَاعِيَ الشَّمْسِ وَاحْتَاطَ؛ فَإِنْ بَرَزَ لَهُ مِنْهَا مَا يَدُلُّهُ وَإِلَّا تَآخَى حَتَّى يَرَى أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ الْوَقْتِ , وَاحْتَاطَ بِتَأْخِيرِهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ يَخَافُ دُخُولَ الْعَصْرِ , فَإِذَا تَآخَى فَصَلَّى عَلَى الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ فَصَلَاتُهُ مَجْزِيَّةٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ , وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ يُؤَخِّرُ الظُّهْرُ , وَيُعَجَّلُ الْعِشَاءُ , وَيُنَوَّرُ بِالْفَجْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِمُؤَذِّنِهِ: إِذَا رَأَيْتَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ قَدْ زَادُوا لِلظُّهْرِ , فَأَذِّنِ الظُّهْرَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ حَسَنٌ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن صلى قبل دخول الوقت وهو لا يعلم ثم علم اختلف أهل العلم في المصلي قبل دخول وقت الصلاة , فقال أكثرهم: عليه الإعادة؛ أعاد ابن عمر الصبح بالمزدلفة ثلاث مرات حيث صلى وهو يصلي يظن أنه قد أصبح , وروي عن أبي موسى الأشعري أنه أعاد الصبح

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ , فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ أَعَادَ ابْنُ عُمَرَ الصُّبْحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَيْثُ صَلَّى وَهُوَ يُصَلِّي يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ , وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ أَعَادَ الصُّبْحَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

1071 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَعَادَ الصُّبْحَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا بِلَيْلٍ

1072 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ , عَنْ حُمَيْدٍ , عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ , فَعَرَفَ اللَّيْلَ فِي الْقِبْلَةِ فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ , فَرَكَعَ وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ»

1073 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، أَعَادَ الْفَجْرَ ثَلَاثَ مِرَارٍ

1074 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيدٌ , وَأَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «صَلَّى الْفَجْرَ بِلَيْلٍ , فَأَعَادَ الصَّلَاةَ» وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ , وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ فِي السَّفَرِ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَالَ: تَجْزِيهُ؛ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ دَيْنٌ إِلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ قَبْلَ مَحِلَّهُ أَلَيْسَ قَدْ كَانَ قَضَاهُ

1075 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ فِي السَّفَرِ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ. قَالَ: «تَجْزِيهُ , ثُمَّ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ دَيْنٌ إِلَى أَجَلٍ , فَقَضَاهُ قَبْلَ مَحِلَّهُ , أَلَيْسَ ذَلِكَ قَدْ قَضَيْنَاهُ»

1076 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ الْمُؤَذِّنَ، أَقَامَ بِلَيْلٍ , فَرَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ لَيْلًا , فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ , فَرَكَعَ بَعْدَ مَا طَلَعَ الْفَجْرَ , ثُمَّ قَامَ , فَقَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ , فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ , فَقَرَأَ {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] الْآيَةَ

1077 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ , ثُمَّ مَا أَطُوفُ إِلَّا سَبْعًا أَوْ سَبْعِينَ حَتَّى يَخْرُجَ , فَيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ وَلَوْ لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ " قَالَ: وَكَانَ عَطَاءُ يَقُولُ: «صَلِّ الْعِشَاءَ إِنْ شِئْتَ قَبْلَ -[385]- أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ» قَالَ عَطَاءٌ: «إِنِّي لَأَطُوفُ أَحْيَانًا سَبْعًا بَعْدَ الْمَغْرِبِ , ثُمَّ أُصَلِّي الْعِشَاءَ» وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُ , وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ بِغَيْرِ الْوَقْتِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ الْوَقْتُ أَجْزَأَ عَنْهُ , وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي السَّفَرِ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ جَاهِلًا أَوْ سَاهِيًا. قَالَ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتٍ , فَإِذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَذْكُرَ , فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ , فَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ رَأَى أَنَّ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ الْوَقْتُ , فَصَلَّى فِي الظَّاهِرِ , عِنْدَ نَفْسِهِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفَهُ بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ غَيْرُ مُؤَدٍّ فَرْضًا لِأَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ إِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ دُخُولِ أَوْقَاتِهَا فَكَأَنَّهُ رَجُلٌ صَلَّى مَا لَيْسَ عَلَيْهِ وَهَذَا بِالرَّجُلِ يُصَلِّي وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ طَاهِرٌ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ يُشْبِهُ إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُؤَدِّ فَرْضًا كَمَا يَجِبُ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الترغيب في المحافظة على مواقيت الصلاة

ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ

1078 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا، قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ " -[386]- وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يُكْثِرُ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34] فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا

1079 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا الْمَقْبُرِيُّ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ أَكْثَرَ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] ، وَ {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: " ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، فَقَالُوا: مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا تَرَكَهَا قَالَ: تَرْكُهَا كُفْرٌ "

1080 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا الْيَسَعُ بْنُ سَعْدَانَ، قَالَ: ثنا عِصَامٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِ اللهِ {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] الْآيَةِ. قَالَ: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا كَوَقْتِ الْحَجِّ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: {كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] قَالَ: مُنَجَّمًا كُلَّمَا مَضَى نَجْمٌ جَاءَ نَجْمٌ آخَرُ. يَقُولُ: كُلَّمَا مَضَى وَقْتٌ جَاءَ وَقْتٌ آخَرُ وَقَالَ غَيْرُهُمَا فِي قَوْلِهِ {مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَاجِبًا مَفْرُوضًا

ذكر التغليظ على مؤخر الصلاة عن وقتها

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مُؤَخِّرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا

1081 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا شَيْبَانُ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] الْآيَةِ. قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا»

ذكر النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس , وبعد الصبح حتى تطلع الشمس

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ

1082 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَانُ، قَالَ ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ: بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ "

1083 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى -[388]- بْنِ حِبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»

1084 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَكَانَ الَّذِي يُوجِبُهُ ظَاهِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوُقُوفَ عَنْ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسِ , وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَوَقْتِ غُرُوبِهَا , فَمِمَّا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَهِيَ أَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهَا

1085 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ»

1086 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ قَالَ ثنا مُحَاضِرٌ قَالَ ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ»

1087 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: أوَهِمَ عُمَرُ: «إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَحَرَّوْا بِالصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

1088 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: " ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ يَنْهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ , وَحِينَ تَقُومُ الظَّهِيرَةُ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ , وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ حَتَّى تَغْرُبَ " وَيَدُلُّ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَعَلَى إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا حَدِيثُ أَنَسٍ

1089 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَشِيرٍ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا؛ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ , وَصَلُّوا بَيْنَ ذَلِكَ مَا شِئْتُمْ» -[390]- وَقَدْ ذَكَرْتُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى في غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر الأخبار الدالة على إباحة صلاة التطوع بعد صلاة العصر

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى إِبَاحَةِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ

1090 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ هَذِهِ صَلَاةً مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا. قَالَ: «قَدِمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ , فَحَبَسُونِي عَنْ رَكْعَتَيْنِ كُنْتُ أَرْكَعُهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ صَلَاةً كَانَ يُصَلِّيهَا بَعْدَ الظُّهْرِ , شُغِلَ عَنْهَا , وَهِيَ صَلَاةُ تَطَوَّعٍ , فَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ الْعَصْرِ بِرَكْعَتَيْنِ جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَرْءُ مَا شَاءَ مِنَ التَّطَوُّعِ إِذَا اتَّقَى الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّطَوُّعِ فِيهَا مَعَ أَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ لَا أَعْلَمُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ مَقَالًا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ

1091 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «وَاللهِ , مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدِي بَعْدَ الْعَصْرِ قَطُّ» -[391]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ , وَيَحْيَى الْقَطَّانُ , عَنْ هِشَامٍ. كَمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ

1092 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أنا مِسْعَرٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ ابْنَةُ الصِّدِّيقِ، حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَرَّأَةُ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا بَعْدَ الْعَصْرِ» فَلَمْ أُكَذِّبْهَا

1093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ، وَمَسْرُوقًا، يَقُولَانِ: نَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي فِي يَوْمِي إِلَّا صَلَّاهَا» تَعْنِي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ

ذكر الخبر الدال على إباحة صلاة التطوع بعد صلاة الصبح

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ

1094 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ فَهْدٍ «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرَ , فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ مَعَهُ , ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ»

ذكر اختلاف أهل العلم في صلاة التطوع بعد صلاة العصر اختلف أهل العلم في صلاة التطوع بعد صلاة العصر , فرخصت طائفة أن يصلى بعد صلاة العصر , وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها , وروينا عن علي أنه دخل فسطاطا بعد العصر ,

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ , فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ , وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا , وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ فُسْطَاطًا بَعْدَ الْعَصْرِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ , وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ , وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ , وَعَائِشَةَ , وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ

1095 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ: أَنَّ عَلِيًّا، صَلَّى وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ دَخَلَ فُسْطَاطَهُ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , فَلَمْ أَرَهُ صَلَّاهَا بَعْدُ

1096 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا»

1097 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حِمْيَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَائِدٍ أَوْ يَزِيدُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ يَنْهَى النَّاسَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ , فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «أَمَّا أَنَا فَلَا أَدَعُهُمَا»

1098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، " أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ , وَزَعَمَ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَا يُصَلِّيَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ

1099 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ , فَقَالَ: «إِنْ لَمْ تَنْفَعَا لَمْ تَضُرَّا»

1100 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ حَنَّةَ بِنْتِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَتْ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ قَائِمَةٌ , وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَهِيَ قَاعِدَةٌ , فَقِيلَ -[394]- لَهَا: إِنَّ عَائِشَةَ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ قَائِمَةٌ , فَقَالَتْ: «إِنَّ عَائِشَةَ شَابَّةٌ , فَتُصَلِّي وَهِيَ قَائِمَةٌ , وَأَنَا عَجُوزٌ فَأُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَمَامَ رَكْعَتَيْهَا» 1101 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَائِشَةَ تُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَهِيَ قَائِمَةٌ , وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُصَلِّي أَرْبَعًا وَهِيَ قَاعِدَةٌ , فَذَكَرَ نَحْوَهُ

1102 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الرَّمَادِيِّ، قَالَ: ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ حَبِيبٍ، كَاتِبِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ

1103 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ، كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ خِلَافَةِ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ , فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ تَرَكَهُمَا , فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَكَعَهُمَا

1104 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ , وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ غَيْرَ أَنِّي لَا أَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ» وَفَعَلَ ذَلِكَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ , -[395]- وَمَسْرُوقٌ , وَشُرَيْحٌ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ , وَأَبُو -[396]- بُرْدَةَ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ , وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ. -[397]- قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا نَفْعَلُهُ , وَلَا نَعِيبُ فَاعِلًا , وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ , وَأَبُو أَيُّوبَ , وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ مُضِيِّ آخِرِ وَقْتِهِ , وَآخِرُ وَقْتِهِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَطَوَّعُوا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا دَامُوا فِي وَقْتِهَا , فَإِذَا خَشُوا فَوَاتَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَتَشَاغَلُوا بِغَيْرِ الْفَرْضِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمُ الْوَاجِبُ , فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّى أَحَدُهُمَا الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَخَّرَهَا الْآخَرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ يُكْرَهُ لِلَّذِي صَلَّى الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا لِلْمَعْنَى الَّذِي كَرِهَهَا لَهُ عُمَرُ؛ وَذَلِكَ لِئَلَّا يُدَاوِمَ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الْمَنْهِيُّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ , وَلَمْ يَكْرَهْ لِلَّذِي لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَهَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ , فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا لَكَرِهَ ذَلِكَ لِلرَّجُلَيْنِ وَاللهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عَلَى مَا وَصَفْتُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ لَا يَلْزَمُ , وَكُلُّ صَلَاةٍ كَانَ صَاحِبُهَا يُصَلِّيهَا فَأَغْفَلَهَا , وَكُلُّ صَلَاةٍ أُكِّدَتْ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ , وَذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ , وَذِكْرِ الصَّلَاةِ لِلطَوَافِ , وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ النَّهْيَ فِيمَا سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ , وَكَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ: لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى الْجَنَازَةِ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ الشَّمْسُ لِلْغَيْبُوبَةِ , وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يُصَلِّي رَجُلٌ تَطَوُّعًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَلَا إِذَا قَامَتِ -[398]- الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَزُولَ , وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى جَنَازَةٍ أَوْ عَلَى أَثَرِ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ لِبَعْضِ الْآيَاتِ , وَكُلَّمَا يَلْزَمُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ , وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلِّي كُلَّ الْوَقْتِ مَا خَلَا الْأَرْبَعَ سَاعَاتٍ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ , وَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَإِذَا احْمَرَّتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ , وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ مِمَّنْ كَانَ يُشَدِّدُ وَيَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا يَحْتَجُّ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ , وَلَا غُرُوبَهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ

1105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأَعْمَى، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ، يُقَالُ لَهُ السَّائِبُ مَوْلَى الْفَارِسِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ رَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ , فَمَشَى إِلَيْهِ حَتَّى ضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا هُوَ , فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: زِدْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَوَاللهِ لَا أَدَعُهُمَا بَعْدُ إِذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا , فَجَلَسَ إِلَيْهِ عُمَرُ , فَقَالَ: «يَا زَيْدُ بْنَ خَالِدٍ , لَوْلَا أَنْ أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي هَذَا بَيَانُ مَعْنَى نَهْيِ عُمَرَ وَأَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ , وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْهُ مِنْ نَهْيِهِ أَنْ يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا بِالصَّلَاةِ

ذكر اختلاف أهل العلم في التطوع بعد طلوع الفجر سوى ركعتي الفجر واختلفوا في التطوع بعد طلوع الفجر سوى ركعتي الفجر , فكرهت طائفة ذلك وممن روي عنه أنه كره ذلك عبد الله بن عمرو , وابن عمر , وفي إسنادهما مقال

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو , وَابْنُ عُمَرَ , وَفِي إِسْنَادِهِمَا مَقَالٌ

1106 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ أَنْ مَضَى الْفَجْرُ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ»

1107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلَّى الْفَجْرُ» وَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ , وَقَالَ: مَا سَمِعْتُ فِيهِ بِشَيْءٍ , وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ. وَكَرِهَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ -[400]- وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ , وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي ذَلِكَ , وَمِمَّنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ , وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ. وَرُوِّينَا عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَّا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ

1108 - حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: «لَمْ يُنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ، إِلَّا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ»

ذكر المرء يصلي وحده المكتوبة , ثم يدرك الجماعة اختلف أهل العلم في المرء يصلي وحده المكتوبة , ثم يدرك الجماعة , فقالت طائفة: يصلي مع الإمام: أي صلاة كانت. قال أنس بن مالك: قدمنا مع أبي موسى الأشعري , فصلى بنا الفجر , ثم جئنا المسجد؛ فإذا المغيرة بن

ذِكْرُ الْمَرْءِ يُصَلِّي وَحْدَهُ الْمَكْتُوبَةَ , ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُصَلِّي وَحْدَهُ الْمَكْتُوبَةَ , ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ: أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ. قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَدِمْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , فَصَلَّى بِنَا الْفَجْرَ , ثُمَّ جِئْنَا الْمَسْجِدَ؛ فَإِذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ , فَصَلَّيْنَا مَعَهُ , وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَحُذَيْفَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا أَعَادَ الْمَغْرِبَ شَفَعَ بِرَكْعَةٍ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ صَلُّوا الْعَصْرَ , ثُمَّ مَرُّوا بِمَسْجِدٍ , فَدَخَلَ أَحَدُهُمْ فَصَلَّى , وَمَضَى وَاحِدٌ , وَجَلَسَ وَاحِدٌ عَلَى الْبَابِ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا الَّذِي صَلَّى فَزَادَ خَيْرًا , وَأَمَّا الَّذِي مَضَى فَمَضَى لِحَاجَتِهِ , وَأَمَّا الَّذِي جَلَسَ عَلَى الْبَابِ فَأَحْسَنُهُمْ

1109 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «قَدِمْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ , فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ فِي الْمِرْبَدِ , ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَى مَسْجِدِ الْجَامِعِ , فَإِذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مُخْتَلِطُونَ , فَصَلَّيْنَا مَعَهُ»

1110 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ صِلَةِ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، «أَنَّهُ صَلَّى الصَّلَوَاتِ , ثُمَّ مَرَّ بِمَسَاجِدَ , فَصَلَّى فِيهَا , ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ , فَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ»

1111 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُشْفِعُ بِرَكْعَةٍ» يَعْنِي إِذَا أَعَادَ -[402]- الْمَغْرِبَ

1112 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ، صَلَّوَا الْعَصْرَ ثُمَّ مَرُّوا بِمَسْجِدٍ فَدَخَلَ أَحَدُهُمْ فَصَلَّى وَمَضَى الْآخَرُ وَجَلَسَ وَاحِدٌ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَمَّا الَّذِي صَلَّى فَزَادَ خَيْرًا وَأَمَّا الَّذِي مَضَى فَمَضَى لِحَاجَتِهِ وَأَمَّا الَّذِي جَلَسَ عَلَى الْبَابِ فَأَحْسَنُهُمْ» وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَرَى أَنْ يُعِيدَ الْعَصْرَ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ صَلِّ مَعَهُمْ أَيَّ الصَّلَوَاتِ كَانَتْ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَالزُّهْرِيِّ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: صَلِّ مَعَهُمْ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُعِيدُهَا كُلَّهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ كَذَلِكَ، وَقَالَ يُضِيفُ الْمَغْرِبَ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ يُتِمُّ وَيُشَفِّعُ وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ يُتِمُّ وَيُشَفِّعُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا إِلَّا الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالنَّخَعِيُّ قَالَ النَّخَعِيُّ فَإِنْ أَعَدْتَ الْمَغْرِبَ فَأَشْفِعْ بِرَكْعَةٍ حَتَّى تَكُونَ أَرْبَعَةً

1113 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أنا نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «إِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ فِي أَهْلِكَ ثُمَّ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ -[403]- الْإِمَامِ فَصَلِّ مَعَهُ غَيْرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا صَلَاةُ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُمَا لَا تُصَلِّيَانِ مَرَّتَيْنِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا إِلَّا الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدٍ قَاعِدًا فَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَيُصَلِّي مَعَهُمْ وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا إِلَّا الْفَجْرَ، هَكَذَا قَالَ الْحَكَمُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ خَامِسَةٌ: يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا إِلَّا الْمَغْرِبَ، هَذَا قَوْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

1114 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنِ أبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْتُ الْفَجْرَ ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا مُوسَى فَوَجَدْتُهُ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَلَسْتُ نَاحِيَةً فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ مَا لَكَ لَمْ تُصَلِّ؟ قُلْتُ: فَإِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ، قَالَ: فَإِنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا تُعَادُ إِلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا وِتْرٌ

1115 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهَا مَعَهُمْ فَصَلُّوا إِلَّا الْمَغْرِبَ " -[404]- وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ وَكَانَ أَبُو قِلَابَةَ يَكْرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْمَغْرِبَ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُعَادُ كُلُّ صَلَاةٍ إِلَّا الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ، قَالَ: فَإِنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَغْرِبِ فَيَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ، وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ قَالَهُ النُّعْمَانُ، كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُعِيدَ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْفَجْرَ إِذَا كَانَ قَدْ صَلَّاهُنَّ وَإِنْ أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، إِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَخْرُجُ وَلَا يُصَلِّي مَعَهُمُ وَيُصَلِّي مَعَهُمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ، وَيَجْعَلُهَا نَافِلَةً وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ تُعَادُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا وَلَا تُعَادُ الْفَجْرُ وَالْعَصْرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنْ يُصَلِّيَا جَمَاعَةً، وَإِنْ كَانَا قَدْ صَلَّيَا أَمْرًا عَامًّا لَمْ يَخُصَّ صَلَاةً دُونَ صَلَاةٍ وَأَمْرُهُ عَلَى الْعُمُومِ

1116 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَمَّا سَلَّمَ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي -[405]- نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ لَمْ يُصَلِّيَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» قَالَا: كُنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَكَرِهْنَا أَنْ نُعِيدَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلَا إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ النَّاسَ يُصَلُّونَ فَيُصَلِّي مَعَهُمْ تَكُونُ صَلَاتُهُ الْأُولَى وَصَلَاتُهُمْ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ الرَّجُلَيْنِ بِأَنْ يُصَلِّيَا مَعَ النَّاسِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ لِئَلَّا يَقُولَ قَائِلٌ إِنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ 1117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، ثنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يَتَطَوَّعَا بَعْدَ أَنْ صَلَّيَا الصُّبْحَ بِأَنْ يُصَلِّيَا مَعَ الْإِمَامِ وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي كَرَاهِيَةِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

1118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: ثنا أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَا أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . -[406]- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا أَعَادَهَا مَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَيُّهُمَا يَكُونُ الْمَكْتُوبَةَ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأُولَى مِنْهَا فَرِيضَةٌ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

1119 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «صَلَاتُهُ الْأُولَى»

1120 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: أنا التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَالَ نَافِعٌ جَاءَ الْمُحَرَّرُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ لَا أُدْرِكَ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ فِي أَهْلِي الظُّهْرَ ثُمَّ جِئْتُ فَإِذَا هُمْ لَمْ يُصَلُّوا بَعْدُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ فِي الْجَمَاعَةِ، أَيَّهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ قَالَ الْأُولَى مِنْهُمَا» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الَّتِي صَلَّى مَعَهُمْ هِيَ الْمَكْتُوبَةُ، كَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَعِدْ مَعَهُمْ وَاجْعَلْ صَلَاتَكَ مَعَهُمْ هِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَصَلَاتُكَ فِي بَيْتِكَ تَطَوُّعًا، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الَّتِي صَلَّاهَا وَحْدَهُ هِيَ الْفَرِيضَةُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ذَاكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجْعَلُ الْمَكْتُوبَةَ أَيَّهُمَا شَاءَ، رُوِيَ ذَلِكَ -[407]- عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ خِلَافَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ

1121 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: " إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: نَعَمْ فَصَلَّى مَعَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَيَّتَهُمَا أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَوَ ذَلِكَ إِلَيْكَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللهِ يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا مَا شَاءَ "

1122 - وَحَدَّثُونَا عَنْ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُنَيْدَةَ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الرَّجُلِ، يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يُدْرِكُ الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ «فَرَضَ اللهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَمَا بَالُ السَّادِسَةِ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَلَّى صَلَاةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ»

1123 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُصَلَّى صَلَاةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» وَقَدْ كَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْ لَمْ يَفْرِضِ اللهُ صَلَاةً فِي يَوْمٍ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا لِغَيْرِ مَعْنَى قَضَاءِ الْفَرْضِ وَلَكِنْ لَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَالَ غَيْرُ إِسْحَاقُ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْإِعَادَةِ عَلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ أَيْ فَلَا بَأْسَ إِذْ يُصَلِّيهَا عَلَى غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن نسي صلاة فذكرها في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها اختلف أهل العلم فيمن نسي الصلاة فذكرها في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، فقالت طائفة: لا يقضي الفوات في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها وروي عن أبي بكرة أنه نام في دالية

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَذَكَرَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَقْضِي الْفَوَاتَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكَرَةَ أَنَّهُ نَامَ فِي دَالِيَةٍ فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَانْتَظَرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّاهَا، وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُجْرَةَ أَنَّ ابْنًا لَهُ نَامَ عَنِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَ قَرْنُ الشَّمْسِ -[409]- فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَلَمَّا أَنْ تَعَلَّتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ فَأَتَتِ السَّبَخَةَ قَالَ لَهُ: صَلِّ الْآنَ

1124 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " نِمْتُ عَنِ الْفَجْرِ، حَتَّى طَلَعَ قَرْنُ الشَّمْسِ فَقُمْتُ أَتَوَضَّأُ فَبَصَرَنِي أَبِي قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قُلْتُ: أُصَلِّي قَدْ تَوَضَّأْتُ، فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي إِلَى جَنْبِهِ، فَلَمَّا أَنْ تَعَلَّتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ فَأَتَتِ السَّبَخَةَ أَوْ قَالَ رَأَيْتُ السَّبَخَةَ ضَرَبَنِي قَبْلَ أَنْ أَقُومَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ: صَلِّ الْآنَ "

1125 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ بَعْضِ بَنِي أَبِي بَكَرَةَ، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ، «أَنَّهُ نَامَ فِي دَالِيَةٍ لَهُمْ فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَانْتَظَرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى» 1126 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي بَكَرَةَ، عَنْ أَبِي بَكَرَةَ، مِثْلَهُ وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِهَذَا الْقَوْلِ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اسْتَيْقَظَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّاهَا

1127 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: «سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ، فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ عَرَّسْنَا، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا حَتَّى أَيْقَظَنَا حَرُّ الشَّمْسِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَثِبُ فَزِعًا دَهِشًا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا فَارْتَحَلْنَا ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَزَلْنَا فَقَضَى الْقَوْمُ حَوَائِجَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فَصَلَّيْنَا -[410]- رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ» . وَقَالَ آخَرُونَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَاقِعًا عَلَى التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ، وَلِلْمَرْءِ أَنْ يَقْضِيَ الْوَاجِبَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ ذَكَرَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» ، وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا» ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ مَنْ قَصَدَ التَّطَوُّعَ دُونَ الْفَرْضِ لِأَنَّ مَنْ نَسِيَ الْفَرْضَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ إِلَّا وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَوَقْتَ غُرُوبِهَا لَمْ يَتَحَرَّ الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، إِنَّمَا أَدْرَكَهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَ ارْتِحَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي انْتَبَهُوا فِيهِ فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَبِهُوا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا ارْتَحَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا قَالَ: إِنَّ هَذَا مَكَانٌ حَضَرَنَا فِيهِ شَيْطَانٌ فَارْتَحِلُوا مِنْهُ، بَيَّنَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

1128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» ، قَالَ: فَفَعَلْنَا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» -[411]- وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَلَا {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] الْآيَةَ

1129 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا صَلَّاهَا مَتَى اسْتَيْقَظَ أَوْ ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةً يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَتَلَا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] ، وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَسَمُرَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ -[412]- وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ

1130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، «إِذَا نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ مَتَى مَا اسْتَيْقَظَ أَوْ ذَكَرَ»

1131 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: نَسِيتُ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَهْلِهِ فَقُلْتُ: إِنِّي نَسِيتُ الصَّلَاةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، فَقَالَ: " قُمْ فَصَلِّهَا، ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ نَجَفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ 1132 - وَحَدَّثَنِيهِ مُوسَى، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ

1133 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ، اخْتَلَفَا فِي الَّذِي يَنْسَى صَلَاتَهُ فَقَالَ عِمْرَانُ: يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا، وَقَالَ سَمُرَةُ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَفِي وَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ

1134 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَلِيحٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فِي الصَّلَاةِ تُنْسَى قَالَا: «يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةً، فَذَكَرَهَا حِينَ -[413]- طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ حِينَ انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ ذَكَرَهَا حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ قَالَ: لَا يُصَلِّيهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثِ، وَالْوِتْرُ كَذَلِكَ مَا خَلَا الْعَصْرَ فَإِنَّهُ إِذَا ذَكَرَ الْعَصْرَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّاهَا وَإِنْ كَانَتِ الْعَصْرُ قَدْ نَسِيَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ بِأَيَّامٍ لَمْ يُصَلِّهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالْوِتْرِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ لَا تُقْضَى فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَاتِ الثَّلَاثِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ مَذْهَبُ أَهْلِ الرَّأْيِ أَنْ يَجْعَلُوا نَهْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَاقِعًا عَلَى التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ فَاللَّازِمُ أَنْ يَجْعَلُوا نَهْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَعِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ وَاقِعًا عَلَى التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ ثُمَّ لَيْسَ بَيْنَ عَصْرِ يَوْمِهِ وَبَيْنَ عَصْرٍ قَدْ نَسِيَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَرْقٌ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر خبرين رويا أجمع عوام أهل العلم على القول بأحدهما

ذِكْرُ خَبَرَيْنِ رُوِيَا أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَحَدِهِمَا

1135 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا، يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيُصلِّهَا حِينَ يَسْتَيْقِظُ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا» وَالْخَبَرُ الثَّانِي خَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ

1136 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: -[414]- ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَرَى بِنَا فَعَرَّسَ بِنَا مِنَ السَّحَرِ، فَمَا اسْتَيْقَظْنَا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ قَالَ: فَقَامَ الْقَوْمُ فَزِعِينَ دَهِشِينَ لِمَا فَاتَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْكَبُوا» فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَزَلَ وَنَزَلْنَا فَقَضَى الْقَوْمُ حَوَائِجَهُمْ وَتَوَضَّئُوا فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى بِنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا، قَالَ: «لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَبِهَذَا يَقُولُ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِمَا ذَكَرَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ أَمْرَ فَضِيلَةٍ لَا أَمْرَ عَزِيمَةٍ وَفَرِيضَةٍ، وَاسْتَدَلَّ قَائِلُهُ فِيهِ بِحَدِيثٍ أَنَا ذَاكِرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

1137 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَرْقُدُ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ يَغْفُلُ عَنْهَا قَالَ: «كَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا»

ذكر الرجل ينسى الصلاة ثم يذكرها وقد حضرت صلاة أخرى اختلف أهل العلم في الرجل ينسى الصلاة فيذكرها وقد حضرت صلاة أخرى فقالت طائفة: يبدأ بالذي ينسى إلا أن يخاف فوات التي قد حضر وقتها فإن خاف فوات التي قد حضر وقتها صلاها ثم صلى التي نسي، هذا قول سعيد بن

ذِكْرُ الرَّجُلِ يَنْسَى الصَّلَاةَ ثُمَّ يَذْكُرُهَا وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى الصَّلَاةَ فَيَذْكُرُهَا وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ بِالَّذِي يَنْسَى إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الَّتِي قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الَّتِي قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا صَلَّاهَا ثُمَّ صَلَّى الَّتِي نَسِيَ، هَذَا قَوْلُ

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ بِالَّتِي ذَكَرَ فَيُصَلِّيهَا وَإِنْ فَاتَتْهُ هَذِهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لِيَبْتَدِئْ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ إِذْ كُنَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَبْدَأُ بِهِنَّ وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ وَقْتِهَا ثُمَّ صَلَّاهَا بَعْدَهُنَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّاهَا لِوَقْتِهَا ثُمَّ قَضَاهَا بَعْدُ، وَقَدْ تَرَكْتُ حِكَايَاتٍ لِمَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَلَيْسَ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَرْءُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَرْقٌ فِي خَبَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَهُ، وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ لَا يَرَى عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً فَصَلَّى صَلَاةً بَعْدَهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ الصَّلَاةَ الَّتِي فَاتَتْهُ أَعَادَ مَا صَلَّى وَإِنَّمَا يُصَلِّي الْفَائِتَةَ لَا غَيْرَ حِجَجٍ، فَمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عَنِ الصُّبْحِ فَارْتَحَلَ عَنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَّرَ الْفَائِتَةَ، وَصَلَاتُهَا مُمْكِنَةٌ لَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ «فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» بِأَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةِ الْفَرْضِ عَنْهُ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ وَقْتَ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا وَقْتُهَا

لَا وَقْتَ لَهَا غَيْرُ، وَلِأَنَّهُ لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَحَنِثَ فِي يَمِينٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ ظِهَارٍ فَأَدَّى ذَلِكَ قَبْلَ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ قَضَاءِ الْأَيَّامِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ بَدَأَ بِأَيِّ ذَلِكَ بِدَايَةً أَنَّ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَانَ مُسِيئًا فِي تَأْخِيرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ

ذكر الرجل يذكر صلاة فائتة وهو في أخرى اختلف أهل العلم في الرجل يكون في الصلاة فيذكر أن عليه صلاة قبلها فقالت طائفة: يفسد عليه صلاته التي هو فيها ولكن يصلي الصلاة التي ذكرها ثم يصلي الصلاة التي كان فيها، هذا قول النخعي والزهري وربيعة ويحيى بن سعيد،

ذِكْرُ الرَّجُلِ يَذْكُرُ صَلَاةً فَائِتَةً وَهُوَ فِي أُخْرَى اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَيَذْكُرُ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً قَبْلَهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَفْسُدُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَكِنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعَصْرِ فَذَكَرَ الظُّهْرَ يَجْعَلُ صَلَاتَهُ مَعَهُ سُبْحَةً ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ الْفَائِتَةَ، هَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ،

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ قَالَا: إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ أَوْ يَجْلِسَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ تَرَكَ هَذِهِ وَعَادَ إِلَى تِلْكَ وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اعْتَدَّ بِهَذِهِ وَعَادَ إِلَى تِلْكَ، وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ

1138 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتِهِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُصَلِّ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى»

1139 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَلْيَبْدَأْ بِالَّذِي بَدَأَ اللهُ بِهِ» -[418]- وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا فَاتَهُ الظُّهْرُ وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعَصْرِ فَذَكَرَهَا قَالَ: يُتِمُّ وَيُعِيدُهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى قَالَ: يُتِمُّ تِلْكَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُعِيدُ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهُوَ فِيهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ تَرَكَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا فَرَّطَ فِيهَا فِي نِسْيَانِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فَقَالَ: يَقْضِيهَا وَمَا بَعْدَهَا وَهُوَ لَهَا ذَاكِرٌ، قِيلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَذَكَرَ صَلَاةً فَائِتَةً، فَإِنْ كَانَ فَائِتُهُ صَلَاةً وَاحِدَةً إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَوَاتِ فَإِنْ هُوَ صَلَّى صَلَاةً فِي وَقْتِهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَوَائِتِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ الْفَوَائِتَ بَعْدَمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ ذَكَرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا ثُمَّ دَخَلَهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا إِلَّا أَنْ يَذْكُرَهَا فِي آخِرِ وَقْتِ صَلَاةٍ إِنْ هُوَ بَدَأَ بِالْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ وَقْتُ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ حِينَئِذٍ بِهَذِهِ الَّتِي يَخَافُ فَوْتَهَا ثُمَّ يُصَلِّي الْفَوَائِتَ وَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتُهُ سِتَّ صَلَوَاتٍ فَصَاعِدًا فَذَكَرَهَا فِي وَقْتِ صَلَاةٍ وَقَدْ دَخَلَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بَدَأَ بِالَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ الْفَوَائِتِ ثُمَّ قَضَى الْفَوَائِتَ جَازَتْ صَلَاتُهُ كُلُّهَا وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَذَكَرَهَا وَقَدْ دَخَلَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ يَرَى الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَهَا وَبَيْنَ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا وَبَدَأَ بِالَّتِي نَسِيَهَا فَصَلَّاهَا ثُمَّ صَلَّى هَذِهِ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَهَا وَهُوَ فِي أُخْرَى فَيُتِمُّهَا ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا سِتَّ صَلَوَاتٍ فَصَاعِدًا لَمْ تَفْسُدْ هَذِهِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا فَيُتِمُّهَا ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي نَسِيَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفَوَائِتُ خَمْسًا أَوْ سِتًّا فَرْقٌ وَلَا مَعْنَى لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ مَا لَا يَفْتَرِقُ بِحُجَّةٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَخْلُو مَنْ صَلَّى صَلَاةً وَعَلَيْهِ غَيْرُهَا مِنْ إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ إِمَّا أَنْ لَا يُجْزِيَهِ إِلَّا عَلَى الْمَوْلَى الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، أَوْ يُجْزِيهِ فِي أَيِّ حَالٍ صَلَّى صَلَاةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِنْ صَلَّى -[419]- صَلَاةً فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَجْزَأَهُ وَقَضَى ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا تَبْطَلَ صَلَاةٌ صُلِّيَتْ فِي وَقْتٍ لِفَوَاتِ أُخْرَى قَبْلَهَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا ذَكَرَ رَجُلٌ صَلَاةً فَائِتَةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ بَعْدَهَا لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِذِكْرِهِ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ، وَلَوْ عَمَدَ فَدَخَلَ فِي صَلَاةٍ وَهُوَ ذَاكِرٌ عِنْدَ دُخُولِهِ فِيهَا أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً قَبْلَهَا لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ هَذِهِ وَأَجْزَأَتْهُ هَذِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الَّتِي ذَكَرَهَا وَقَدْ رَكَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَرَجُوا عَنِ الْوَادِي بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِمْ فَرْضٌ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ وَعَلَيْهِ فَرْضٌ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا وَعَلَيْهِ فَرْضٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ

جماع أبواب الجمع بين الصلاتين ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جمع في حجته بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر وجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة في وقت العشاء

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي حَجَّتِهِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ

1140 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِّلَتْ بِهِ ثُمَّ أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ وَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَدَفَعَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا -[420]- الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا "

1141 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا»

ذكر الرخصة في الجمع بين المغرب والعشاء في السفر

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ

1142 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا عَجِلَ فِي السَّيْرِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَّسِعْ فِي الْعِلْمِ يَحْسِبُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْحَالِ الَّتِي يَجِدُّ بِالْمُسَافِرِ السَّيْرُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ

1143 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي -[421]- غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ لَا يَرُوحُ حَتَّى يُبْرِدَ وَيَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَإِذَا أَمْسَى جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» فَدَلَّ قَوْلُهُ فَكَانَ لَا يَرُوحُ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَأَنَا ذَاكِرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ وَلَيْسَ هَذَا خِلَافٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا جَائِزٌ نَازِلًا وَسَائِرًا، حَكَى ابْنُ عُمَرَ مَا رَأَى مِنْ فِعْلِهِ وَذَكَرَ مُعَاذٌ مَا فَعَلَ فَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا رَأَى، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ نَازِلًا وَسَائِرًا، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيُوقَفُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى جَمْعِهِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَذَكَرْنَا جَمْعَهُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ أَسْفَارِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ بِسَائِرِهَا فَمَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَتَوَارَثَتْهُ الْأَئِمَّةُ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ وَتَبِعَهُمُ النَّاسُ عَلَيْهِ مُنْذُ زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ، الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَجْمَعَ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ -[422]- أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ

1144 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، -[423]- عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: «اصْطَحَبْتُ أَنَا وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى مَكَّةَ وَخَرَجْنَا مُوَافَدَيْنِ فَجَعَلَ سَعْدٌ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، يُقَدِّمُ مِنْ هَذِهِ قَلِيلًا وَيُؤَخِّرُ مِنْ هَذِهِ قَلِيلًا حَتَّى جِئْنَا مَكَّةَ»

1145 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: خَرَجَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأُسَامَةُ فَكَانَا يُجْمَعَانِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

1146 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا كُنْتُمْ سَائِرِينَ فَنَابَكُمُ الْمَنْزِلُ فَسِيرُوا حَتَّى تُصِيبُوا مَنْزِلًا فَتَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كُنْتُمْ نُزُولًا فَعَجِلَ بِكُمْ أَمْرٌ فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا ثُمَّ ارْتَحِلُوا»

1147 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: صَحِبْتُ أَبَا مُوسَى فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

1148 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ -[424]- وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَلَيْلَةَ جَمْعٍ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا مَا خَلَا عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ كَرَاهِيَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ رَوَاهُ أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ جَمْعًا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا

1149 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: «اعْلَمْ أَنَّ جَمْعًا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ»

1150 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا» وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: صَلُّوا كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا، وَكَرِهَ مَكْحُولٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يَنْزِلُ لِوَقْتِ كُلِّ -[425]- صَلَاةٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا لَا يَجْمَعُونَ فِي السَّفَرِ وَلَا يُصَلُّونَ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْهُ لِانْقِطَاعِ إِسْنَادِهِ، وَلَيْسَ يَخْلُو خَبَرُ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَالٍ وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي حَالٍ، فَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا خِلَافًا لِجَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذْ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ جَائِزٌ فِعْلُهُ أَوْ يَتَحَامَلُ مُتَحَامِلٌ فَيَقُولُ: إِنَّ فِي رِوَايَةِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَقِيًّا لِأَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ جَمَعَ فِي حَالٍ، وَهَذَا يَبْعُدُ لِأَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَتْقَنُ مِنْ عَبْدِ اللهِ وَأَحْفَظُ مِنْهُ لِلرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ إِذَا انْفَرَدَ بِرِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، فَإِذَا انْفَرَدَ غَيْرُهُ مِمَّنْ رَوَوْا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَرِوَايَتُهُ حُجَّةٌ وَالَّذِينَ رَوَوْا ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ كُلُّهُمْ مُتْقِنٌ لِحَدِيثِ نَافِعٍ ضَابِطٌ لَهُ مِنْهُمْ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ طَبَقَةٌ ثَانِيَةٌ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ مَعَ أَنَّ عَبْدَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ خَالَفَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُولُ وَلَا مَعْنَى لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ إِذْ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ خِلَافُ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَالسُّنَّةُ إِذَا ثَبَتَتِ اسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ

ذكر اختلاف الذين رأوا الجمع بين الصلاتين في السفر في الوقت الذي يجمع فيه بين الصلاتين في السفر اختلف أهل العلم في الوقت الذي يجوز لمن أراد الجمع بين الصلاتين أن يجمع بينهما فيه، فقالت طائفة: من كان له أن يقصر فله أن يجمع في وقت الأولى منهما وإن شاء ففي

ذِكْرُ اخْتِلَافِ الَّذِينَ رَأَوَا الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ فَفِي وَقْتِ الْآخِرَةِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَوْ لَمْ يَجِدَّ سَائِرًا كَانَ أَوْ نَازِلًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِعَرَفَةَ غَيْرَ سَائِرٍ إِلَّا إِلَى الْمَوْقِفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ نَازِلًا ثَابِتًا، وَحَكَى عَنْهُ مُعَاذٌ أَنَّهُ جَمَعَ فَدَلَّتْ حِكَايَتُهُ عَلَى أَنَّ جَمْعَهُ وَهُوَ نَازِلٌ فِي سِفَرِهِ غَيْرُ سَائِرٍ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ

1151 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ، " فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا ". -[427]- وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ: لَا يَضُرُّهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ أَحَدِهِمَا. وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ لِأَنَّ سَالِمًا سُئِلَ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى جَمْعِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ وَإِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسُ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَمَا غَابَ الشَّفَقُ

1152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مَا غَابَ الشَّفَقُ وَجَاءَ مِنَ الطَّائِفِ» وَصَلَّى مُجَاهِدٌ الظُّهْرَ بَعْدَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ: أَلَا أُرِيحُكُمْ مِنَ الْعَصْرِ؟ فَنَقُولُ: بَلَى فَيُصَلِّي الْعَصْرَ، وَقَالَ طَاوُسٌ كَنَحْوٍ مِمَّا قَالَهُ سَالِمٌ. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تُصَلَّى الصَّلَوَاتُ فِي أَوْقَاتِهَا، فَلَمَّا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ حَالَ الْجَمْعِ غَيْرُ حَالِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْأُولَى مِنْهُمَا يُصَلَّى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مَعْنَى لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ فِي الْحَضَرِ وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَرَادَ الْمُسَافِرُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، رُوِي هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعِكْرِمَةَ

1153 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا -[428]- عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَعْدٍ إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ مُوَافَدُونَ فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَيُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا

1154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَافَرَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُؤَخِّرُ مِنْ هَذِهِ وَيُعَجِّلُ مِنْ هَذِهِ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجْهُ الْجَمْعِ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَدَّمَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسًا، وَقَالَ إِسْحَاقُ: كَمَا قَالَ بِلَا رَجَاءٍ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إِلَى الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الرَّأْيِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنْ يُصَلَّى الظُّهْرُ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، فَأَمَّا أَنْ يُصَلِّيَ وَاحِدَةً فِي وَقْتِ الْأُخْرَى فَلَا إِلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِمَا فَلَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اسْمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ يَقَعُ عَلَى مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا، وَعَلَى مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا إِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّكَ إِذَا تَدَبَّرْتَ الْأَخْبَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمْتَ أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِنَّمَا رُخِّصَ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ كُلِّفَ إِذَا أَرَادَ -[429]- الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْأُخْرَى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لَكَانَ ذَلِكَ إِلَى التَّشْدِيدِ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ أَقْرَبَ، مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى مَا شَرَطَهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْجَمْعَ لَا يَجُوزُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ هَذِهِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْأُخْرَى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ مُسْتَغْنًى بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ، فَمِمَّا دَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ جَمْعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَجَمْعُهُ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ

1155 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: " أُخْبِرَ ابْنُ عُمَرَ بِوَجَعِ امْرَأَتِهِ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، فَقِيلَ لَهُ: الصَّلَاةُ، فَسَكَتَ وَأَخَّرَهَا بَعْدَ ذَهَابِ الشَّفَقِ حَتَّى ذَهَبَ هَوًى مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ نَزَلَ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ إِذَا جَدَّ فِي السَّيْرِ أَوْ إِذَا جَدَّ بِهِ الْمَسِيرُ "

1156 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا: ثنا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا»

ذكر الجمع بين الصلاتين في الحضر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمني جبريل عند البيت مرتين فخبر أنه صلى به الصلوات في مواقيتها وهو مقيم إذ ذاك بمكة ثم ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه شتى أنه صلى بعد أن هاجر إلى

ذِكْرُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَخَبَّرَ أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الصَّلَوَاتِ فِي مَوَاقِيتِهَا وَهُوَ مُقِيمٌ إِذْ ذَاكَ بِمَكَّةَ ثُمَّ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ الصَّلَوَاتِ فِي مَوَاقِيتِهَا وَقَدْ ذَكَرَتِ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهَا وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَفِي الْحَالِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَضَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي حَالِ الْمَطَرِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ: وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ إِذَا كَانَ طِينًا وَظُلْمَةً، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَرَيَانِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي حَالِ الْمَطَرِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

1157 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ مَطِيرَةٌ كَانَتْ أُمَرَاؤُهُمْ يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ وَيُصَلُّونَ الْعِشَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَيُصَلِّي مَعَهُمُ ابْنُ -[431]- عُمَرَ لَا يَعِيبُ ذَلِكَ» وَفَعَلَ ذَلِكَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَعُمَرُ بْنُ عبد -[432]- الْعَزِيزِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي حَالِ الْمَطَرِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا، وَالْمَطَرُ قَائِمٌ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا فِي حَالِ الْمَطَرِ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، فَقَالَ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَزَلْ مِنْ قَبْلِنَا يُصَلُّونَ كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، قَالَ: وَسَأَلْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَا مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرَى الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي حَالِ الرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي حَالِ الطِّينِ وَالظُّلْمَةِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ مُبَاحٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِلَّةٌ قَالَ: لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ ثَبَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَطَرِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْمَطَرِ لِأُدِّيَ إِلَيْنَا ذَلِكَ كَمَا أُدِّيَ إِلَيْنَا جَمْعَهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الرَّاوِي بِحَدِيثِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ لَمَّا سُئِلَ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ ثُمَّ قَدْ رُوِّينَا مَعَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي تَوَهَّمَهَا بَعْضُ النَّاسِ

1158 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَمَعَ -[433]- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِكَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ

1159 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ أنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ سَفَرٍ وَلَا خَوْفٍ» قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: وَلِمَ تَرَاهُ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ تَكَلَّمَ مُتَكَلِّمٌ فِي حَدِيثِ حَبِيبٍ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ يَعْنِي الْمَطَرُ قِيلَ قَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ مَطَرٌ مِنْ أَجْلِهِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ جَمْعَهُ كَانَ فِي غَيْرِ حَالِ الْمَطَرِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ دَفْعُ يَقِينِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ حُضُورِهِ بِشَكِّ مَالِكٍ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَدْ جَمَعُوا فِي حَالِ الْمَطَرِ، قِيلَ: إِذَا ثَبَتَتِ الرُّخْصَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ جُمِعَ بَيْنَهُمَا لِلْمَطَرِ وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَسَائِرِ الْعِلَلِ، وَأَحَقُّ النَّاسِ بِأَنْ يَقْبَلَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِغَيْرِ شَكٍّ مَنْ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى -[434]- عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُقْبَضَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَهُ حُجَّةً بُنِيَ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ فَمَنِ اسْتَعْمَلَ شَكَّ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَنَى عَلَيْهِ الْمَسَائِلَ وَامْتَنَعَ أَنْ يَقْبَلَ يَقِينَهُ لَمَّا خَبَّرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ بَعِيدٌ مِنَ الْإِنْصَافِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا كَانَتْ حَاجَةٌ أَوْ شَيْءٌ مَا لَمْ يَتَّخِذْهُ عَادَةً، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ كَلَامًا فِي هَذَا الْبَابِ تَرَكْتُ ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِلِاخْتِصَارِ

ذكر الجمع بين الصلاتين للمريض اختلف أهل العلم في جمع المريض بين الصلاتين في الحضر والسفر فأباحت طائفة للمريض أن يجمع بين الصلاتين، وممن رخص في ذلك عطاء بن أبي رباح، وقال مالك في المريض إذا كان أرفق به أن يجمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر إلا أن

ذِكْرُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْمَرِيضِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَمْعِ الْمَرِيضِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ إِذَا كَانَ أَرْفَقَ بِهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطٍ وَقْتَ الظُّهْرِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعُ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ

الزَّوَالِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ فَيَجْمَعُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبَطْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْمَرْضَى أَوْ صَاحِبِ الْعِلَّةِ الشَّدِيدَةِ يَكُونُ هَذَا أَرْفَقَ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ جَمَعَ الْمَرِيضُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إِلَى ذَلِكَ فَيُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ وَمَا كَانَ ذَهَبَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ غَيْرَ حَالِ الْمَطَرِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَالْجَمْعُ فِي الْمَطَرِ رُخْصَةٌ لِعُذْرٍ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ غَيْرَهُ لَمْ يَجْمَعْ فِيهِ وَذَلِكَ كَالْمَرَضِ وَالْخَوْفِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، قَالُوا فِي الْمَرِيضِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَالَ: فَلْيَدَعِ الظُّهْرَ حَتَّى يَجِيءَ آخِرُ وَقْتِهَا وَيُقَدِّمُ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَلَا يَجْمَعُ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا

كتاب الأذان والإقامة

كِتَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

ذكر بدء الأذان

ذِكْرُ بَدْءِ الْأَذَانِ

1160 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَغْدَادِيُّ، بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ لِلصَّلَوَاتِ وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ يَا بِلَالُ، فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَدْءَ الْأَذَانِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ بِمَكَّةَ إِنَّمَا كَانَتْ بِغَيْرِ نِدَاءٍ وَلَا إِقَامَةٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ يُصَلِّي أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلَى أَنْ رَأَى عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ النِّدَاءَ فِي الْمَنَامِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. -[12]- وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ قَائِمًا قَوْلُهُ: «قُمْ يَا بِلَالُ» ، إِذِ الْأَذَانُ قَائِمًا أَحْرَى أَنْ يَسْمَعَهُ مَنْ يَبْعُدُ عَنِ الْمُؤَذِّنِ مِمَّنْ يُؤَذِّنُ قَاعِدًا. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَمَرَ بِلَالًا بِالْأَذَانِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر الخبر الدال على أن الذي أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا

1161 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا أَنْ يَجْعَلُوا وَقْتًا لِلصَّلَاةِ شَيْئًا يَعْرِفُونَ مِنْهُ، فَذَكَرُوا أَنْ يُنَوِّرُوا نَارًا، أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا، فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ»

ذكر الخبر الدال على أن بلالا إنما أمر بأن يشفع بعض الأذان، وإنما أمر بأن يوتر بعض الإقامة لا كلها، وهذا من الإخبار الذي لفظه عام ومراده خاص، وفيه كيفية أذان بلال وإقامته

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ بِلَالًا إِنَّمَا أُمِرَ بِأَنْ يَشْفَعَ بَعْضَ الْأَذَانِ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَنْ يُوتِرَ بَعْضَ الْإِقَامَةِ لَا كُلَّهَا، وَهَذَا مِنَ الْإِخْبَارِ الَّذِي لَفْظُهُ عَامٌّ وَمُرَادُهُ خَاصٌّ، وَفِيهِ كَيْفِيَّةُ أَذَانِ بِلَالٍ وَإِقَامَتِهِ

1162 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ قَالَ: ثنا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا: " فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ أَطَافَ بِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ طَائِفٌ مَرَّتَيْنِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْتُ يَا عَبْدَ اللهِ أَتَبِيعَ هَذَا النَّاقُوسَ؟ فَقَال وَما تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُوا بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، -[13]- اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ كَثِيرٍ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ وَجَعَلَهَا وِتْرًا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَأَخْبَرْتُهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالُ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» ، فَلَمَّا أَذَّنَ بِهَا بِلَالٌ سَمِعَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْأَذَانِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وِتْرًا» ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، إِنَّمَا أَرَادَ بَعْضَ الْأَذَانِ دُونَ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ، إِنَّمَا أُرِيدَ بَعْضُ الْإِقَامَةِ دُونَ بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمُقِيمَ يُثْنِي التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِ الْإِقَامَةِ فَيَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ، وَيَقُولُ فِي آخِرِ الْإِقَامَةِ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ. وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَرْفَعَ صَوْتًا أَحَقُّ بِالْأَذَانِ، لِأَنَّ النِّدَاءَ إِنَّمَا جُعِلَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ، بُيِّنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: «أَلْقِهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» ، وَلَيْسَ فِي أَسَانِيدِ أَخْبَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ إِسْنَادًا أَصَحَّ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَسَائِرُ الْأَسَانِيدِ فِيهَا مَقَالٌ

ذكر الترجيع في الأذان مع التثنية في الإقامة وكيفية أذان أبي محذورة

ذِكْرُ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ مَعَ التَّثْنِيَةِ فِي الْإِقَامَةِ وَكَيْفِيَّةِ أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ

1163 - حَدَّثنا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: ثنا مَكْحُولٌ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ حَدَّثَهُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَةَ عَشَرَ كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَةَ عَشَرَ كَلِمَةً: الْأَذَانُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَالْإِقَامَةُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ "

ذكر أذان سعد القرظ

ذِكْرُ أَذَانِ سَعْدِ الْقَرَظِ

1164 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَائِذٍ الْقَرَظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، وَعَمَّارٌ، وَعُمَرُ ابْنَا حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ الْقَرَظِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: " إِنَّ هَذَا الْأَذَانَ أَذَانَ بِلَالٍ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِقَامَتَهُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ -[15]- أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَالْإِقَامَةُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَيَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً، قَالَ: وَكَانَ إِذَا جَاءَ قُبَا يُؤَذِّنُ لَهُ بِلَالٌ، فَجَاءَ يَوْمًا لَيْسَ مَعَهُ بِلَالٌ، قَالَ سَعْدُ بْنُ عَائِذٍ: فَرَقَيْتُ فِي عَذْقٍ، فَأَذَّنْتُ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَبْتَ يَا سَعْدُ إِذَا لَمْ تَرَ بِلَالًا مَعِي فَأَذِّنْ» ، فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: «بَارَكَ اللهُ فِيكَ يَا سَعْدُ» ، فَأَذَّنَ سَعْدٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ، يَعْنِي لِبِلَالٍ: فَإِلَى مَنْ أَدْفَعُ الْأَذَانَ، قَالَ: إِلَى سَعْدٍ، فَإِنَّهُ قَدْ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءَ، فَدَعَا عُمَرُ سَعْدًا، فَقَالَ: الْأَذَانُ إِلَيْكَ وَإِلَى عَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَأَعْطَاهُ عُمَرُ الْعَنَزَةَ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُ بِلَالٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: امْشِ بَيْنَ يَدَيَّ كَمَا كَانَ بِلَالٌ يَمْشِي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَرْكُزَهَا بِالْمُصَلَّى حَيْثُ أُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَفَعَلَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَوْلَادُنَا حَتَّى الْيَوْمِ "

ذكر اختلاف أهل العلم في سنة الأذان اختلف أهل العلم في سنة الأذان، فقال مالك، والشافعي، ومن تبعهما من أهل الحجاز: الأذان أذان أبي محذورة، لم يختلفا في ذلك إلا في أول الأذان، فإن مالكا كان يرى أن يقال: الله أكبر الله أكبر مرتين، والشافعي يرى أن

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي سُنَّةِ الْأَذَانِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُنَّةِ الْأَذَانِ، فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَنْ تَبِعْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ: الْأَذَانُ أَذَانُ أَبِي مَحْذُورَةَ، لَمْ يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ إِلَّا فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ، فَإِنَّ مَالِكًا كَانَ يَرَى أَنْ يُقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ، وَالشَّافِعِيَّ يَرَى أَنْ يُكَبِّرَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعًا، يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَاتَّفَقَا فِي سَائِرِ الْأَذَانِ.

وَحُجَّتُهُمَا فِي ذَلِكَ الْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيمِهِ أَبَا مَحْذُورَةَ الْأَذَانَ، وَقَالَ قَائِلُهُمْ: أَمْرُ الْأَذَانِ مِنَ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهَا بِالْحِجَازِ يَتَوَارَثُونَهُ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ، يَأْخُذُهُ الْأَصَاغِرُ عَنِ الْأَكَابِرِ، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَذَانِ، وَهُوَ يُنَادَى بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِمْ فِي مَعْرِفَةِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمِنًى وَعَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ وَمَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُجْعَلَ اعْتِرَاضُ مَنِ اعْتَرَضَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ الْحِجَازِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْآخِرُ حُجَّةً عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَنْهُ أَخَذَ الْعِلْمَ، وَقَدْ كَانَ الْأَذَانُ بِالْحِجَازِ، وَلَا إِسْلَامَ بِالْعِرَاقِ، وَحِكَايَةُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ خَبَرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ بِزَمَانٍ، لِأَنَّهُ يُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ إِيَّاهُ عَامَ حُنَيْنٍ، وَالْمُتَأَخِّرُ هُوَ النَّاسِخُ لَمَّا تَقَدَّمَ، وَالْآخِرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَمِيلُ إِلَى أَذَانِ بِلَالٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ؟ . وَقَالَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِنَا: هَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْإِبَاحَةِ إِنْ شَاءَ الْمُؤَذِّنُ أَذَّنَ كَأَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَثَنَّى الْإِقَامَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُثْنِيَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ فَعَلَ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ ثَبَتَتْ بِذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُ كَمَا قَالَ، وَقَالَ: كَمَا مَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَنْ شَاءَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ أَجَابَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ. ثَبَتَ عَنْ بِلَالٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ أَذَانُهُمَا، وَكُلٌّ سُنَّةٌ فَهُمَا مُسْتَعْمَلَانِ جَمِيعًا، وَالَّذِي نَخْتَارُ أَذَانُ بِلَالٍ.

فَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فَمَذْهَبُهُمْ فِي الْأَذَانِ أَنَّهُ مَثْنَى مَثْنَى عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْإِقَامَةِ إِنَّهَا مَثْنَى مَثْنَى

ذكر اختلاف أهل العلم في تثنية الإقامة وإفرادها اختلف أهل العلم في تثنية الإقامة وإفرادها، ففي مذهب مالك وأهل الحجاز، والأوزاعي وأهل الشام، والشافعي وأصحابه، ويحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور الإقامة فرادى. واحتجوا بحديث أنس

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ وَإِفْرَادِهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ وَإِفْرَادِهَا، فَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَهْلِ الشَّامِ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ الْإِقَامَةُ فُرَادَى. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ

1165 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ»

1166 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، -[18]- قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ»

1167 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي الْفَرَّاءَ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى، أَوْ قَالَ: وَاحِدَةٌ " وَمِمَّنْ رَأَى الْأَذَانَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةَ وَاحِدَةً عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَمَكْحُولٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْإِقَامَةِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَقَدْ ذُكِرَتِ -[19]- اخْتِلَافُ الْأَخْبَارِ فِيهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ قَائِلٌ: مِنْ حَيْثُ أَلْزَمْتُمُ الْكُوفِيَّ أَنَّ خَبَرَ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ خَبَرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ فِي مَعْنَى زِيَادَةِ الْأَذَانِ فَاللَّازِمُ لَكُمْ أَنْ تُلْزِمُوا أَنْفُسَكُمْ فِي الْإِقَامَةِ وَالزِّيَادَةِ فِيهَا مَا أَلْزَمْتُمْ مُخَالِفَكُمْ فِي الْأَذَانِ هَذَا قَوْلٌ مَالَ إِلَيْهِ الْمُزَنِيُّ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: أَمَّا الْأَذَانُ فَعَلَى حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ يُؤَذَّنُ بِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَرَمَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ يُؤَذَّنُ بِمَكَّةَ إِلَى الْيَوْمِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَزَلْ وَلَدُ سَعْدِ الْقَرَظِ يُؤَذِّنُونَ بِهِ وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ أَذَانُ بِلَالٍ وَسَعْدٍ، فَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنْهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُفْرِدُ الْإِقَامَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُوِيَ أَنَّ إِقَامَتَهُ كَانَتْ مَثْنَى مَثْنَى، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ أَبُو مَحْذُورَةَ انْتَقَلَ عَنْ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ إِلَى إِفْرَادِهَا، وَإِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ، أَوْ رَأَى بِلَالًا بَعْدَ ذَلِكَ يُفْرِدُ الْإِقَامَةَ، -[20]- فَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَقَلَ إِلَيْهِ ثُمَّ اتِّفَاقُ وَلَدِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَوَلَدِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَلَيْهِ، وَحِكَايَتُهُمْ ذَلِكَ عَنْ جَدَّيْهِمَا سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ بِلَالٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ حَادِثٌ بَعْدَ التَّثْنِيَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَؤُلَاءِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إِفْرَادِ الْإِقَامَةِ فِي قَوْلِهِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَوَلَدُ أَبِي مَحْذُورَةَ وَسَائِرُ مُؤَذِّنِي مَكَّةَ يَقُولُونَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، وَوَلَدُ سَعْدِ الْقَرَظِ يَقُولُونَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ أَهْلِ مَكَّةَ أثْبَتُ

1168 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا الْإِقَامَةَ» قَالَ سُلَيْمَانُ: يَعْنِي قَوْلَهُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ

1169 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: " كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ وَاحِدَةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، مَرَّتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، -[21]- وَالشَّافِعِيِّ، وَيَحْيَى، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ

ذكر التثويب في أذان الفجر

ذِكْرُ التَّثْوِيبِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ

1170 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، مَوْلَاهُمْ عَنْ أَبِيهِ الشَّيْخِ مَوْلَى أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَتْ: قَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذْهَبْ فَأَذِّنْ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَقُلْ لِعَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُؤَذِّنَ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ، وَقَالَ: قُلِ: اللهُ أَكْبَرُ "، فَذَكَرَ الْأَذَانَ، وَقَالَ: " وَإِذَا أَذَّنْتَ بِالْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ، فَقُلِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ "

1171 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: " مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ " وَمِمَّنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ

1172 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ سُوَيْدٍ، عَنْ بِلَالٍ: " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ "

1173 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلْمَانَ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: " كُنْتُ أُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَأَقُولُ إِذَا قُلْتُ فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ "

1174 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ مَرَّتَيْنِ، يَعْنِي فِي الصُّبْحِ» وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتُ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِ أَبِي عَمْرٍو يَقُولُهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِهِ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ. قَالَ: وَهُوَ مِنَ الظَّاهِرِ الْمَعْمُولِ بِهِ فِي مَسْجِدِ اللهِ، وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. -[23]- وَحَكَى عَنْهُ الْبُوَيْطِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِهِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: وَلَا أُحِبُّ التَّثْوِيبَ فِي الصُّبْحِ، وَلَا فِي غَيْرِ هَذَا لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ لَمْ يَحْكِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالتَّثْوِيبِ، فَأَكْرَهُ الزِّيَادَةَ فِي الْأَذَانِ، وَأَكْرَهُ التَّثْوِيبَ بَعْدَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هَذَا إِلَّا سَهْوًا مِنْهُ وَنِسْيَانًا حَيْثُ كَتَبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، لِأَنَّهُ حَكَى ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْعِرَاقِيِّ عَنْ سَعْدٍ الْقَرَظِ، وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَخَالَفَ النُّعْمَانُ كُلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَحَكَى يَعْقُوبُ عَنْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ قَالَ: التَّثْوِيبُ الَّذِي يُثَوِّبُ النَّاسُ فِي صُبْحِ الْفَجْرِ بَيْنِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةَ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنٍ، وَكَانَ كَرِهَ التَّثْوِيبَ فِي الْعِشَاءِ وَفِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخَالَفَ مَا قَدْ ثَبَتَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ، عَنْ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالٍ، وَأَبِي مَحْذُورَةَ، ثُمَّ جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، يَتَوَارَثُونَهُ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ يَعْمَلُونَ بِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ ظَاهِرًا فِي أَذَانِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، ثُمَّ لَمْ يَرْضَ خِلَافُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ حَتَّى اسْتَحْسَنَ بِدْعَةً مُحْدَثَةً لَمْ تُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عُمِلَ بِهِ عَلَى عَهْدِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْحَسَنِ: كَانَ التَّثْوِيبُ الْأَوَّلُ بَعْدَ الْأَذَانِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَحْدَثَ النَّاسُ هَذَا التَّثْوِيبَ وَهُوَ حَسَنٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ -[24]- ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ التَّثْوِيبَ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَكَانَ مَا قَالَ: أَنَّ التَّثْوِيبَ الْأَوَّلَ كَانَ بَعْدَ الْأَذَانِ مُحَالًا لَا مَعْنَى لَهُ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ هُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَخِلَافُ قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، ثُمَّ اسْتُحْسِنَ أَقَرَّ أَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَكُلُّ مُحْدَثٍ بِدْعَةٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ بِلَالٍ، وَأَبِي مَحْذُورَةَ نَقُولُ: وَلَا أَرَى التَّثْوِيبَ إِلَّا فِي أَذَانِ الْفَجْرِ خَاصَّةً، يَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ

ذكر الأمر بالأذان ووجوبه قال الله عز وجل: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية. وقال تعالى: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا الآية. قال أبو بكر: ولا نعلم أذانا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا للصلاة المكتوبة

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْأَذَانِ وَوُجُوبِهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} [المائدة: 58] الْآيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا نَعْلَمُ أَذَانًا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلْمُسَافِرِ وَإِنْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ

1175 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: " أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَصَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ: «إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَاجِبَانِ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْأَذَانِ، وَأَمْرُهُ عَلَى الْفَرْضِ، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ أَنْ يُؤَذِّنَ بِمَكَّةَ، وَأَمَرَ بِلَالًا بِالْأَذَانِ، وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْأَذَانِ -[25]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، فَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ نَسِيَ الْإِقَامَةَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، ثُمَّ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ نَسِيَ الْأَذَانَ: يُعِيدُ مَادَامَ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ مَضَى الْوَقْتُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ: يَجْزِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِيَ الْإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ أَعَادَ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا يَجِبُ النِّدَاءُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا الصَّلَاةُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِيَ الْإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: مَنْ نَسِيَ الْإِقَامَةَ لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّى بِغَيْرِ إِقَامَةٍ، وَإِنْ عَمَدَ يَسْتَغْفِرُ اللهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالنُّعْمَانُ، وَصَاحِبَاهُ فِي قَوْمٍ صَلُّوا بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، قَالُوا: صَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ

ذكر الانحراف في الأذان عند قول المؤذن حي على الصلاة، حي على الفلاح، والدليل على أن الانحراف إنما هو بوجهه لا ببدنه كله

ذِكْرُ الِانْحِرَافِ فِي الْأَذَانَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِانْحِرَافَ إِنَّمَا هُوَ بِوَجْهِهِ لَا بِبَدَنِهِ كُلِّهِ

1176 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ. 1177 - وَحَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَيَدُورُ، فَأَتْبَعَ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا، وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ ". وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اسْتِدَارَةِ الْمُؤَذِّنِ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ، فَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، كَانَ يَقُولُ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَدَارَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: اللهُ أَكْبَرُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَدَارَ عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يُحَرِّكُ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُثَبِّتُ قَدَمَيْهِ مَكَانَهُمَا إِذَا أَذَّنَ، ثُمَّ يَنْحَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ بِحَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرِ، وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ وَصَاحِبَاهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فَإِذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ اسْتَدَارَ إِنْ شَاءَ عَنْ يَمِينِهِ، فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَدِيرُ عَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ، فَإِذَا فَرَغَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُؤَذِّنُ قَائِمًا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي أَذَانِهِ كُلِّهِ، وَيَلْوِي رَأْسَهُ فِي حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ، -[27]- حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَبَدَنُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الِاسْتِدَارَةَ فِي الْأَذَانِ، كَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يَسْتَدِيرَ فِي الْمَنَارَةِ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ اسْتِدَارَةَ الْمُؤَذِّنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَدُورُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَنَارَةٍ يُرِيدُ أَنْ يُسْمِعَ النَّاسَ. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ

ذكر إدخال المؤذن أصبعه في أذنه روينا عن بلال، وأبي محذورة أنهما كانا يجعلان أصابعهما في آذانهما، وممن رأى أن يجعل المؤذن سبابتيه في أذنيه الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وابن الحسن، وقال مالك:

ذِكْرُ إِدْخَالِ الْمُؤَذِّنِ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنِهِ رُوِّينَا عَنْ بِلَالٍ، وَأَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْعَلَانِ أَصَابِعَهُمَا فِي آذَانِهِمَا، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ الْمُؤَذِّنُ سَبَّابَتَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالنُّعْمَانُ، وَابْنُ الْحَسَنِ، وَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ وَاسِعٌ إِنْ وَضَعَ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ، وَسُئِلَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لِمَ أُمِرَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يَجْعَلَ أُصْبَعَيْهِ فِي أُذُنِهِ؟ قَالَ: لِشِدَّةِ الصَّوْتِ

1178 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ طَلْحَةَ -[28]- بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: كَانَ بِلَالٌ وَأَبُو مَحْذُورَةَ يَجْعَلَانِ أَصَابِعَهُمَا فِي آذَانِهِمَا لِلْأَذَانِ "

ذكر الأذان على المكان المرتفع

ذِكْرُ الْأَذَانِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ

1179 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: ثنا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ: " جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَائِمًا وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ عَلَى جِذْمَةِ حَائِطٍ، فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى "

1180 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: «لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ: «يَنْزِلُ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَذَانَهُمَا كَانَ عَلَى مَنَارَةٍ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ

ذكر استقبال القبلة بالأذان أجمع أهل العلم على أن من السنة أن تستقبل القبلة بالأذان. وقد روينا فيه حديثين في إسنادهما مقال، وقد ذكرناهما في غير هذا الموضع، وكان الشافعي والنعمان، وصاحباه يقولون: إن زال ببدنه كله وهو يؤذن عن القبلة، فهو مكروه، ولا

ذِكْرُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةَ بِالْأَذَانِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِالْأَذَانِ. وَقَدْ رُوِّينَا فِيهِ حَدِيثَيْنِ فِي إِسْنَادِهِمَا مَقَالٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي غَيْرِ هَذَا -[29]- الْمَوْضِعِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَالنُّعْمَانُ، وَصَاحِبَاهُ يَقُولُونَ: إِنْ زَالَ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ وَهُوَ يُؤَذِّنُ عَنِ الْقِبْلَةِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

ذكر الأذان للصلوات قبل دخولها أجمع أهل العلم على أن من السنة أن يؤذن للصلوات بعد دخول أوقاتها إلا الفجر , فإنهم اختلفوا في الأذان لصلاة الفجر قبل دخول وقتها، فقالت طائفة: يجوز الأذان للصبح من بين الصلوات قبل طلوع الفجر، هذا قول مالك، والشافعي،

ذِكْرُ الْأَذَانِ لِلصَّلَوَاتِ قَبْلَ دُخُولِهَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلصَّلَوَاتِ بَعْدَ دُخُولِ أَوْقَاتِهَا إِلَّا الْفَجْرَ , فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجُوزُ الْأَذَانُ لِلصُّبْحِ مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ»

1181 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُؤَذَّنُ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ أَوْقَاتِهَا، هَذَا -[30]- قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالنُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَجَعَ يَعْقُوبُ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلْفَجْرِ خَاصَّةً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، قَالَتْ: وَالْأَذَانُ مَعْنَاهُ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَدُعَاءٌ إِلَيْهَا، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهَا وَيُؤْمَرَ بِحُضُورِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمُ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ، وَالْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَتِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ الْأَخْبَارُ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ النَّاقُوسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا جُعِلَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا، وَوَجَبَ فَرْضُهَا، وَحُجَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ الْخَامِسَةُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَقَالُوا: وَنَحْنُ نَقُولُ بِالْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أَذَانِ بِلَالٍ بِلَيْلٍ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِيَتَنَبَّهُ النَّائِمُ بِأَذَانِهِ وَيَرْجِعَ الْقَائِمُ فَيَسْتَعِدَّانِ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَكُونُ أَذَانُهُ دُعَاءً إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِعْلَامًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا لِيَشْهَدَهَا النَّاسُ، وَفِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَيَانُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا كَانَ أَذَانُ بِلَالٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ بَاقِيَ حُجَجِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَعَلَّ أَذَانَهُ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، حَيْثُ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَذَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، -[31]- وَفِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَعْنَى أَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ

1182 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، أَخَّرَ حَتَّى أَسْفَرَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ، فَأَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ دَعَا الرَّجُلَ، فَقَالَ: «أَشَهِدْتَ الصَّلَاةَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا وَقْتٌ»

1183 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ سُوَيْدٍ، عَنْ بِلَالٍ: «أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَنْشَقَّ الْفَجْرُ» وَقَالَ قَائِلٌ: لَمَّا جَاءَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ الَّتِي فِيهَا أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ لَمْ تَكُنْ لِهَذِهِ مُخَالَفَةً لِتِلْكَ، إِذْ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلَالًا لَمْ يَكُنْ يُؤَذِّنُ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمَّا كَانَ وَحْدَهُ، وَإِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ أَذَّنَ بِلَيْلٍ لِاسْتِيقَاظِ النُّوَّامُ وَرُجُوعِ الْقُوَّامِ، ثُمَّ يَتْلُوهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ بِالْأَذَانِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ دَاعِيًا إِلَى الصَّلَاةِ، كَأَذَانِ بِلَالٍ دَاعِيًا إِلَى الصَّلَاةِ حَيْثُ كَانَ مُؤَذِّنًا وَحْدَهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ

1184 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَمْنَعُكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنَ السَّحُورِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُؤَذِّنُ لِيُوقِظَ النَّائِمَ وَيُرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلَا إِذَا كَانَ الْفَجْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا، حَتَّى يَكُونَ هَكَذَا يَعْنِي مُعْتَرِضًا»

ذكر الأذان للصلاة بعد خروج وقتها

ذِكْرُ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا

1185 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، -[32]- عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، أَوْ قَالَ: فِي سَرِيَّةٍ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ السَّحَرِ عَرَّسْنَا فَمَا اسْتَيْقَظْنَا حَتَّى أَيْقَظَنَا حَرُّ الشَّمْسِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَثِبُ فَزِعًا دَهِشًا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظْنَا أُمِرْنَا فَارْتَحَلْنَا، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَزَلْنَا فَقَضَى الْقَوْمُ حَوَائِجَهُمْ، ثُمَّ أُمِرَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ الْغَائِبَةِ إِذَا نَامَ عَنْهَا الْمَرْءُ أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَتُقَامُ، وَقَدْ رُوِيَ فِي أَذَانِ مَنْ قَدْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ بِعُذْرٍ خَبَرَانِ أَحَدُهُمَا

1186 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ» وَمِمَّنْ مَالَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةً فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا مِنَ الْغَدِ: يُؤَذِّنُ لَهَا وَيُقِيمُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ

1187 - وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي فَإِنَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا بِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ -[33]- يَهْوِي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] ، الْآيَةَ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا، فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَأَقَامَهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا، قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] " وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَقَدْ ذَهَبَ وَقْتُ الْأُولَى مِنْهُمَا أَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِلَا أَذَانٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا كَمَا وَصَفْتُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا مِنْهُ غَلَطٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَنَّ لِلْجَامِعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَمْ فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ، أَنْ يُؤَذِّنَ لِلْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ وَيُقِيمُ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُقِيمُ لِلْآخِرَةِ فَيُصَلِّيهَا، كَذَلِكَ فَعَلَ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ حِينَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبُمُزْدَلِفَةَ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، ثَابِتٌ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ، -[34]- عَنْ أبيهِ فَغَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْقَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَالسُّنَّةُ لِمَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى مِنْهُنَّ وَيُقِيمَ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُقِيمُ لِمَا بَعْدَهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِقَامَةً، وَالزِّيَادَةُ فِي الْأَخْبَارِ إِذَا ثَبَتَتْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهَا إِذِ الزِّيَادَةُ فِي الْخَبَرِ فِي مَعْنَى حَدِيثٍ تَفَرَّدَ بِهِ الرَّاوِي، فَكَمَا يَجِبُ قَبُولُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ الثِّقَةُ مِنَ الْأَخْبَارِ كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ مِنْهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الأمر بأن يقال ما يقوله المؤذن إذا سمعه ينادي بالصلاة بلفظ عام مراده خاص

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يُقَالَ مَا يَقُولُهُ الْمُؤَذِّنُ إِذَا سَمِعَهُ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ

1188 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»

1189 - حَدَّثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ أَبِي مَلِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ حَبِيبَةَ ابْنَةِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ عِنْدِي فَسَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ، حَتَّى يَسْكُتَ»

ذكر الخبر المفسر لهذين الخبرين

ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ

1190 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، -[35]- عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ، فَلَمَّا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ» ، فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ» ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى خَبَرِ أُمِّ حَبِيبَةَ، يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَسْكُتَ، يَعْنِي إِلَّا قَوْلَهُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ خَبَرُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ إِنْ شَاءَ قَالَ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ كَمَا يَقُولُ فِي خَبَرِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَيَّ ذَلِكَ قَالَ فَهُوَ مُصِيبٌ

ذكر فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغ السامع للأذان ومسألة الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة

ذِكْرُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَرَاغِ السَّامِعِ لِلْأَذَانِ وَمَسْأَلَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَسِيلَةَ

1191 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثنا حَيْوَةُ، قَالَ: ثنا كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَهُ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ» قَالَ: وَرَأَيْتُ فِي مَكَانٍ آخَرَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي أَيُّوبَ الصَّائِغَ لَهُ

ذكر استحباب الدعاء عند الأذان ورجاء الإجابة للدعوة عنده

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْأَذَانِ وَرَجَاءِ الْإِجَابَةِ لِلدَّعْوَةِ عِنْدَهُ

1192 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «سَاعَتَانِ -[36]- تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَكُلَّ دَاعٍ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ بِحَضْرَةِ النِّدَاءِ بِالصَّلَاةِ، وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللهِ»

1193 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، عِنْدَ النِّدَاءِ بِالصَّلَاةِ، وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللهِ»

ذكر صفة الدعاء عند مسألة الله للنبي صلى الله عليه وسلم الوسيلة

ذِكْرُ صِفَةِ الدُّعَاءِ عِنْدَ مَسْأَلَةِ اللهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَسِيلَةَ

1194 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ حِينَ سَمِعَ النِّدَاءَ: اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "

ذكر فضيلة الشهادة لله بوحدانيته وللنبي صلى الله عليه وسلم برسالته وعبوديته وبالرضاء بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا عند سماع الأذان، وما يرجى من مغفرة الذنوب بذلك

ذِكْرُ فَضِيلَةِ الشَّهَادَةِ لِلَّهِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِسَالَتِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ وَبِالرِّضَاءِ بِاللهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ، وَمَا يُرْجَى مِنْ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ بِذَلِكَ

1195 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ الْحَكِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ -[37]- رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ " قَالَ: فَقَالَ الْحَكِيمُ: فَقُلْتُ لِعَامِرٍ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَالَ: وَلَكِنْ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ، قَالَ: فَرَاوَدْتُهُ فِي ذَلِكَ فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ كُلُّهُ

ذكر استحباب الدعاء بين الأذان والإقامة رجاء أن تكون الدعوة غير مردودة بينهما

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ رَجَاءً أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ غَيْرَ مَرْدُودَةٍ بَيْنَهُمَا

1196 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ ثنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا»

ذكر الأذان على غير طهارة اختلف أهل العلم في الأذان على غير طهارة، فكرهت طائفة أن يؤذن المؤذن إلا طاهرا، فممن قال: لا يؤذن المؤذن إلا متوضئا عطاء بن أبي رباح، وروي ذلك عن مجاهد، وهو قول الأوزاعي. وكان الشافعي يكره ذلك ويقول: يجزيه إن فعل، وبه قال

ذِكْرُ الْأَذَانِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَذَانِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ إِلَّا طَاهِرًا، فَمِمَّنْ قَالَ: لَا يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: يُجْزِيهِ إِنْ فَعَلَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ،

وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُؤَذِّنُ الْجُنُبُ، وَإِنْ أَذَّنَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا أَذَّنَ الْجُنُبُ أَعَادَ الْأَذَانَ، وَقَالَ: لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئًا. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الْأَذَانِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْجُنُبُ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُؤَذِّنُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلَا يُقِيمُ إِلَّا عَلَى وُضُوءٍ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِيمَنْ أَذَّنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَأَقَامَ: يَجْزِيهِمْ وَلَا يُعِيدُوا الْأَذَانَ وَلَا الْإِقَامَةَ، وَإِنْ أَذَّنَ وَهُوَ جُنُبٌ أُحِبُّ أَنْ يُعِيدُوا، وَإِنْ صَلُّوا أَجْزَأَهُمْ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَامَ وَهُوَ جُنُبٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ عَلَى مَنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَهُوَ جُنُبٌ إِعَادَةٌ، لِأَنَّ الْجُنُبَ لَيْسَ بِنَجَسٍ، لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَهْوَى إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ وَالْأَذَانُ عَلَى الطَّهَارَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ جُنُبًا لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِفَوَاتِ الصَّلَاةِ

ذكر الترغيب في رفع الصوت بالأذان

ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ

1197 - حَدَّثنا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ لَهُ: " إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةِ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِكَ جِنٌّ، وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا يَشْهَدُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

ذكر الاستهام على الأذان إذا تشاح الناس عليه

ذِكْرُ الِاسْتِهَامِ عَلَى الْأَذَانِ إِذَا تَشَاحَّ النَّاسُ عَلَيْهِ

1198 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِمَا» وَرُوِّينَا أَنَّ النَّاسَ تَشَاجَرُوا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فِي الْأَذَانِ فَاخْتَصَمُوا إِلَى سَعْدٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا تَسَاوَوْا وَتَشَاحَّوْا اسْتَهَمُوا فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ بِالْمَعْرِفَةِ -[40]- بِالْأَوْقَاتِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صَيِّتًا، حَسَنُ الصَّوْتِ، أَمِينًا فَهُوَ أَحَقُّهُمْ بِالْأَذَانِ، اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَحْذُورَةَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فِي الْأَذَانِ، فَقَضَى لِأَحَدِهِمْ بِالْفَجْرِ، وَقَضَى لِأَحَدِهِمْ بِالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَقَضَى لِأَحَدِهِمْ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

ذكر أذان الصبي اختلف أهل العلم في أذان الصبي فرخصت طائفة فيه، وممن رخص فيه: عطاء بن أبي رباح، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والشعبي، وأبو ثور، وقال الشافعي: لا أحب أن يؤذن إلا بعد البلوغ، وإن أذن قبل البلوغ أجزأ. وقال أحمد: يؤذن إذا راهق، وقال

ذِكْرُ أَذَانِ الصَّبِيِّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ أَذَّنَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَجْزَأَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يُؤَذِّنُ إِذَا رَاهَقَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: يُؤَذِّنُ إِذَا جَاوَزَ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ النُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَدْ رَاهَقَ الْحُلُمَ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُؤَذِّنَ لَهُمْ رَجُلٌ، وَإِنْ صَلُّوا بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ أَجْزَأَهُمْ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَذَانَ الْغُلَامِ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: يُكْرَهُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يُؤَذِّنَ حَتَّى يَحْتَلِمَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُجْزِئُ أَذَانُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ إِذَا عَقَلَ الْأَذَانَ، وَأَذَانُ الْبَالِغِ أَحَبُّ إِلَيَّ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: كَانَ عُمُومَتِي يَأْمُرُونِي أَنْ أُؤَذِّنَ لَهُمْ وَأَنَا غُلَامٌ لَمْ أَحْتَلِمْ، وَأَنَسٌ شَاهِدٌ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ

ذكر أذان العبد روينا عن عمر بن الخطاب، أنه قال لجلسائه: " من مؤذنكم؟ قالوا عبيدنا وموالينا، قال: إن ذلك لنقصا كثيرا "

ذِكْرُ أَذَانِ الْعَبْدِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِجُلَسَائِهِ: " مَنْ مُؤَذِّنُكُمْ؟ قَالُوا عَبِيدُنَا وَمَوَالِينَا، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَنَقْصًا كَثِيرًا "

1199 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ شِبْلِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: " مَنْ مُؤَذِّنُكُمْ؟ قَالُوا: عَبِيدُنَا وَمَوَالِينَا، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَنَقْصًا كَثِيرًا "

1200 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي -[42]- ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «لَوْ أَطَلَّقْتُ التَّأْذِينَ مَعَ الْخَلِيفَةِ لَأَذَّنَتْ يَعْنِي الْخِلَافَةَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يُقَدِّمَ أَهْلَ الْفَضْلِ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الْأَذَانِ، فَإِنْ أَذَّنَ عَبْدٌ، أَوْ مُكَاتِبٌ، أَوْ مُدَبِّرٌ أَجْزَأَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقِ، وَالنُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ كُلِّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

ذكر أذان الأعمى ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم " وقد ذكرته في باب الأذان للصلوات قبل دخول أوقاتها , وقد اختلف أهل العلم في أذان الأعمى، فرخصت طائفة في أذانه إذا كان له من

ذِكْرُ أَذَانِ الْأَعْمَى ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي بَابِ الْأَذَانِ لِلصَّلَوَاتِ قَبْلَ دُخُولِ أَوْقَاتِهَا , وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَذَانِ الْأَعْمَى، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي أَذَانِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُعَرِّفُهُ الْوَقْتَ، وَمِمَّنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبُهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو الثَّوْرِ، وَقَالَ النُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: يُجْزِيهِمْ أَذَانُهُ، وَأَذَانُ الْبَصِيرِ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَذَانُ الْأَعْمَى، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُمْ كَرِهُوا أَذَانَ الْأَعْمَى , وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنُوكُمْ عُمْيَانَكُمْ»

1201 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَرِهَ إِقَامَةَ الْأَعْمَى»

1202 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ بُرْمَةَ الْأَسَدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنُوكُمْ عُمْيَانَكُمْ، حَسَبْتُهُ قَالَ: وَلَا قُرَّاؤُكُمْ "

1203 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي عَرُوبَةَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ: «كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ أَعْمَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ لِلْأَعْمَى مَنْ يَدُلُّهُ عَلَى الْوَقْتِ لَمْ يَكْرَهْ أَذَانُهُ، إِذْ فِي إِذْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنْ يُؤَذِّنَ وَهُوَ أَعْمَى أَكْبَرُ الْحُجَّةِ فِي إِجَازَةِ أَذَانِ الْأَعْمَى

ذكر الكلام في الأذان اختلف أهل العلم في الكلام في الأذان فرخصت فيه طائفة، وممن رخص فيه الحسن البصري، وعطاء، وقتادة وروينا عن سلمان بن صرد، وكانت له صحبة أنه كان يأمر بالحاجة له وهو في أذانه، وكان عروة بن الزبير يتكلم في أذانه. واحتج بعض من رخص في

ذِكْرُ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ فَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ وَرُوِّينَا عَنْ سَلْمَانَ بْنِ صُرَدَ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْحَاجَةِ لَهُ وَهُوَ فِي أَذَانِهِ، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَتَكَلَّمُ فِي أَذَانِهِ. -[44]- وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَخَّصَ فِي الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

1204 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: " أَمَرَ مُنَادِيَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فَقَالَ: إِذَا بَلَغْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُلْ: أَلَا فَصَلُّوا فِي الرِّحَالِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا فَقَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي " وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُرَخِّصُ فِي الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ

1205 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدَ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ: «كَانَ يُؤَذِّنُ فِي الْعَسْكَرِ فَيَأْمُرُ غُلَامَهُ بِالْحَاجَةِ لَهُ وَهُوَ فِي أَذَانِهِ» وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ -[45]- سِيرِينَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ تَكَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَذَانِهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: وَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ فَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِمَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أُحِبُّ أَلَّا يَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ فَلَا يُعِيدُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ، إِلَّا كَلَامًا مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ نَحْوَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. وَقَالَ النُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَتَكَلَّمُ فِي أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ فِي أَذَانِهو وَصَلَّى الْقَوْمُ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ فِي الْإِقَامَةِ أَعَادَ الْإِقَامَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ الرُّخْصَةُ فِي الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ مِمَّا هُوَ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ إِسْحَاقُ، وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنْ تَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْطُلَ أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ، إِذْ لَا حُجَّةَ تَدُلُّ عَلَى إِبْطَالِ أَذَانِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ

ذكر الأذان قاعدا وقد ذكرنا فيما مضى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قم يا بلال فناد بالصلاة " وذكرنا فيما مضى أن عبد الله بن زيد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قائما وعليه ثوبان أخضران على

ذِكْرُ الْأَذَانِ قَاعِدًا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قُمْ يَا بِلَالُ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» وَذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَائِمًا وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ عَلَى جِذْمَةِ حَائِطٍ، فَأَذَّنَ مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى , وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَهُوَ قَائِمٌ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ فَلَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ جَالِسًا، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ رِجْلُهُ أُصِيبَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَنَّهُ أَذَّنَ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُؤَذِّنُ جَالِسًا إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ. وَكَرِهَ الْأَذَانَ قَاعِدًا مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: يُؤَذِّنُ وَهُوَ جَالِسٌ مِنْ عِلَّةٍ وَغَيْرِ عِلَّةٍ، وَالْقِيَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ

ذكر الأمر بالأذان والإقامة في السفر للصلوات كلها، خلاف قول من قال: لا يؤذن في السفر إلا في الفجر خاصة

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ لِلصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، خِلَافَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يُؤَذَّنُ فِي السَّفَرِ إِلَّا فِي الْفَجْرِ خَاصَّةً

1206 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسِيرِ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْرِدْ» ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْرِدْ» ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم «أَبْرِدْ» ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ ابْرِدْ حَتَّى رَأَيْنَا فَيءَ التُّلُولِ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا -[47]- اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ وَصَاحِبَهُ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ، وَأَمَرَ بِلَالًا يَوْمَ خَرَجُوا مِنَ الْوَادِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا كَانُوا فِي جَمَاعَةٍ فِي السَّفَرِ وَيُقِيمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ , فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ سَلْمَانُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ

1207 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَكُونُ بِفَيءٍ مِنَ الْأَرْضِ فَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَتَيَمَّمُ فَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ إِلَّا أَمَّ جُنُودًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يَرَى طَرَفَاهُمْ أَوْ أَطْرَافَهُمْ»

1208 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا الْجُدِّيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فِي سَفَرٍ فَقُلْتُ لَهُ: " أَأُؤَذِّنُ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَارْفَعْ صَوْتَكَ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ: تُجْزِيكَ إِقَامَةٌ فِي السَّفَرِ إِلَّا لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ فِي -[48]- السَّفَرِ وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ فِي السَّفَرِ إِقَامَةٌ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُقِيمُ فِي السَّفَرِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ لَهَا وَيُقِيمُ

1209 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ فِي السَّفَرِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِقَامَةً إِلَّا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ لَهَا وَيُقِيمُ»

1210 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخٌ لِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «فِي الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ لِمَنْ تُؤَذِّنُ لِلْفَارَةِ» وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: تُجْزِيكَ إِقَامَةٌ إِلَّا فِي الْفَجْرِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: تُجْزِيكَ إِقَامَةٌ إِقَامَةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: تُجْزِيكَ إِقَامَةٌ

1211 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي -[49]- إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسَافِرُ إِنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا نَسِيَ الْإِقَامَةَ فِي السَّفَرِ أَعَادَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ أَرَادَ الْمُسَافِرُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَذَّنَ لِلْأُولَى مِنَ الصَّلَاتَيْنِ ثُمَّ أَقَامَ لِلْأُخْرَى كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا أَنْ يَفْعَلَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةِ فِي حَجَّتِهِ

1212 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَى فَرُحِّلَتْ، ثُمَّ أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَمْرَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ

ذكر الأذان راكبا في السفر

ذِكْرُ الْأَذَانِ رَاكِبًا فِي السَّفَرِ

ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى الْبَعِيرِ وَيَنْزِلُ فَيُقِيمُ» 1213 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، -[50]- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُؤَذِّنَ رَاكِبًا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَرِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، وَبِهِ قَالَ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ النُّعْمَانِ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُقِيمُ وَهُوَ رَاكِبٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ، فَإِذَا أَتَى بِالْأَذَانِ فَقَدْ أَتَى بِهِ رَاكِبًا أَذَّنَ أَوْ نَازِلًا، وَلَا نَحْفَظُ مَنْعَ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يُؤَذِّنَ رَاكِبًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

ذكر الترسل في الأذان روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لمؤذن بيت المقدس: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر " وروينا عن ابن عمر: " أنه كان يرتل الأذان ويحدر الإقامة "

ذِكْرُ التَّرَسُّلِ فِي الْأَذَانِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ " وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُرَتِّلُ الْأَذَانَ وَيَحْدُرُ الْإِقَامَةَ»

1214 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: جَاءَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: «إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ»

1215 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يُرَتِّلُ الْأَذَانَ وَيَحْدُرُ الْإِقَامَةَ» وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالنُّعْمَانِ وَصَاحِبَيْهِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَكَيْفَمَا جَاءَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يَجْزِي

ذكر المؤذن يجيء وقد سبق بالأذان اختلف أهل العلم في الرجل يؤذن ويقيم غيره، فقالت طائفة: يعيد الأذان ثم يقيم روينا عن أبي محذورة: أنه جاء وقد أذن إنسان، فأذن هو وأقام "

ذِكْرُ الْمُؤَذِّنِ يَجِيءُ وَقَدْ سُبِقَ بِالْأَذَانِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ غَيْرُهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ الْأَذَانَ ثُمَّ يُقِيمُ رُوِّينَا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ: أَنَّهُ جَاءَ وَقَدْ أَذَّنَ إِنْسَانٌ، فَأَذَّنَ هُوَ وَأَقَامَ "

1216 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا مَحْذُورَةَ جَاءَ وَقَدْ أَذَّنَ إِنْسَانٌ، -[52]- فَأَذَّنَ هُوَ وَأَقَامَ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: إِذَا جَاءَ الْمُؤَذِّنُ وَقَدْ أُذِّنَ غَيْرُهُ يُعِيدُ الْأَذَانَ وَيُقِيمُ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ غَابَ أَوِ اعْتَلَّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقِيمَ حَتَّى يُؤَذِّنَ آخَرُ أَوْ يَحْضُرَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ فَيُقِيمُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ

وَهُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي 1217 - حَدَّثناهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ، قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَخَا صُدَا هُوَ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " كَانَ يُقَالُ: مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ " وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «أُحِبُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ الَّذِي أَذَّنَ، وَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ أَجْزَأَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الرَّجُلُ وَيُقِيمَ غَيْرُهُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَرُوِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا. -[53]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ ذَلِكَ يَجْزِيءُ، وَحَدِيثُ الْأَفْرِيقِيِّ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَأَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُقِيمَ مَنْ أَذَّنَ

ذكر أذان النساء وإقامتهن واختلفوا في أذان النساء وإقامتهن فروينا عن عائشة: " أنها كانت تؤذن وتقيم "

ذِكْرُ أَذَانِ النِّسَاءِ وَإِقَامَتِهِنَّ وَاخْتَلَفُوا فِي أَذَانِ النِّسَاءِ وَإِقَامَتِهِنَّ فَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ»

1218 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ»

1219 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ؟ " فَغَضِبَ وَقَالَ: أَنَا أَنْهَى عَنْ ذِكْرُ اللهِ " وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كُلَّمَا صَلَّيْنَ أَذَّنَّ وَأَقَمْنَ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ، وَلَأَنْ تُقِيمَ أَحَبُّ إِلَيْنَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِنَّ إِقَامَةٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَيْسَ عَلَيْهِنَّ أَذَانٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سُئِلَ أَتُقِيمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ

1220 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا ابْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ أَتُقِيمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ، كَذَلِكَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ أَنَسٌ: إِنْ فَعَلْنَ فَهُوَ ذِكْرٌ

1221 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مَعتْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ " هَلْ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ؟ قَالَ: لَا، وَإِنْ فَعَلْنَ فَهُوَ ذِكْرُ "

1222 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَا: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ» -[55]- 1223 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ وَمِمَّنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالنُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَقَامَتْ فَحَسَنٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ جَمَعَنْ وَأَذَّنَّ وَأَقَمْنَ فَلَا بَأْسَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَذَانُ ذِكْرٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُؤَذِّنَ الْمَرْأَةُ وَتُقِيمَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فِي هَذَا الْبَابِ

1224 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ ابْنَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ: «وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا وَيُسَمِّيهَا الشَّهِيدةَ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ فِي دَارِهَا، وَكَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ»

ذكر الصلاة بين الأذان والإقامة

ذِكْرُ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ

1225 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَيْسَرَّةَ، قَالَ: ثنا الْمُقْرِيُّ، قَالَ: ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ كُلُّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ»

ذكر الصلاة بين أذان المغرب وإقامته

ذِكْرُ الصَّلَاةِ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَإِقَامَتِهِ

1226 - حَدَّثنا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو حِسَابٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ ثَلَاثًا لِمَنْ شَاءَ خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً» وَفِي هَذَا الْبَابِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ

ذكر انتظار المؤذن الإمام بالإقامة

ذِكْرُ انْتِظَارِ الْمُؤَذِّنِ الْإِمَامَ بِالْإِقَامَةِ

1227 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سَمَّاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: «كَانَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُ ثُمَّ يُمْهِلُ، حَتَّى إِذَا رَأَى النَّبِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ أَقَامَ الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ»

ذكر دعاء المؤذن الإمام إلى الصلاة قرب الإقامة

ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤَذِّنِ الْإِمَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قُرْبَ الْإِقَامَةِ

1228 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ»

1229 - وَحُدِّثْتُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: «إِنَّا لَنَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ دُعَاءَهُ إِيَّاهُ إِلَى الصَّلَاةِ

1230 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ مَكَّةَ، أَتَاهُ أَبُو مَحْذُورَةَ، وَقَدْ أَذَّنَ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ أَمَجْنُونٌ أَنْتَ، أَمَا كَانَ فِي دُعَائِكَ الَّذِي دَعَوْتَنَا مَا نَأْتِيكَ، حَتَّى تَأْتِيَنَا " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَسُئِلَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَمِيرِ، فَقَالَ: أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ مُعَاوِيَةُ، وَأَقَرَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِنِّي لَأَكْرَهُهُ لِأَنَّهُ مَفْسَدَةٌ لِقُلُوبِهِمْ، وَكَانَ الْمُؤَذِّنُونَ يَأْتُونَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَيَقُولُونَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، الصَّلَاةَ يَرْحَمُكُ اللهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ التَّسْلِيمَ كَانَ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ

ذكر اختلاف أهل العلم في الأذان والإقامة لمن صلى في بيته اختلف أهل العلم فيمن صلى في منزله منفردا، فقالت طائفة: له أن يصلي بغير أذان ولا إقامة، قال الأسود، وعلقمة: أتينا عبد الله في داره، فقال: قوموا فصلوا، قال: فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ مُنْفَرِدًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، قَالَ الْأَسْوَدُ، وَعَلْقَمَةُ: أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: قُومُوا فَصَلُّوا، قَالَ: فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، وَرُوِّينا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ يُؤَذَّنُ بِهَا وَيُقَامُ أَجْزَأَكَ ذَلِكَ

1231 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، قَالَا: " أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ فِي دَارِهِ فَقَالَ: أَصَلَّى هَؤُلَاءِ؟ قُلْنَا: لَا، فَقَالَ: قُومُوا فَصَلُّوا، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ "

1232 - وَحَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ يُؤَذَّنُ بِهَا وَيُقَامُ أَجْزَأَ ذَلِكَ»

1233 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا صَلَّى بِأَرْضٍ تُقَامُ بِهَا الصَّلَاةُ صَلَّى بِإِقَامَتِهِمْ وَلَمْ يُقِمْ لِنَفْسِهِ» وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّعْبِيِّ، وَالْأَسْوَدِ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَمُجَاهِدٍ، -[59]- وَالنَّخَعِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا كَانَ فِي مِصْرَ أَجْزَأَهُ أَذَانُ أَهْلِ مِصْرَ، وَقَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمُصَلِّي فِي الْمِصْرِ وَحْدَهُ: إِنَّ أَذَّنَ وَأَقَامَ فَحَسَنٌ، وَإِنِ اكْتَفَى بِأَذَانِ النَّاسِ وَإِقَامَتِهِمْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكْفِيهِ الْإِقَامَةُ، كَذَلِكَ قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَقَامَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِئُ الْمُصَلِّيَ وَحْدَهُ الْإِقَامَةُ، وَالْأَذَانُ أَفْضَلُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ: إِنْ شَاءَ أَقَامَ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْمٍ حُضُورٍ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، فَأَقَامُوا وَلَمْ يُؤَذِّنُوا، قَالَ: ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا يَجِبُ النِّدَاءُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا الصَّلَاةُ، -[60]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُجْزِئُ الْإِقَامَةُ إِلَّا فِي الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيِّ. وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ قَوْلًا خَامِسًا: وَهُوَ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَيُجْزِيهِ الْإِقَامَةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ، وَيُجْزِيهِ إِنْ أَقَامَ وَإِنْ لَمْ يُؤَذِّنْ وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَإِنَّمَا أَحْبَبْتُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ لِلْمُصَلِّي وَحْدَهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ: ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ، لِفَضِيلَةِ الْأَذَانِ، لِئَلَّا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ الْأَذَانَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَا غَيْرَ، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ وَابْنَ عَمِّهِ بِالْأَذَانِ وَلَا جَمَاعَةَ مَعَهَا لِأَذَانِهِمَا وَإِقَامَتِهِمَا

1234 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: «فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ»

ذكر الأذان والإقامة لمن صلى في مسجد قد صلى فيه أهله اختلف أهل العلم في الرجل يأتي إلى مسجد قد صلى فيه أهله، فقالت طائفة: يؤذن ويقيم، كذلك فعل أنس بن مالك، دخل مسجدا قد صلي فيه فأذن وأقام وصلى في جماعة، وروينا عن سلمة بن الأكوع أنه كان إذا فاتته

ذِكْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ أَهْلُهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ أَهْلُهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، كَذَلِكَ فَعَلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَ فِيهِ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، وَرُوِّينَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْقَوْمِ أَذَّنَ وَأَقَامَ

1235 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَدْ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ»

1236 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْجَعْدِيُّ أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: أَتَانَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي مَسْجِدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: " قَدْ صَلَّيْتُمُ وَذَلِكَ صَلَاةُ الْغَدَاةِ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَذِّنْ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ "

1237 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْقَوْمِ أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَيَبْنِي الْإِقَامَةَ» وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: يُؤَذِّنُونَ وَيُقِيمُونَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَأْتِيكَ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ إِلَّا خَيْرًا وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ، فَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَذَانُ الْمُؤَذِّنِينَ وَإِقَامَتُهُمْ كَافِيَةٌ وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلَ مَسْجِدًا أُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ فِي نَفْسِهِ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ كَذَا فَعَلَ أَنَسٌ؟ . -[62]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقِيمُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ طَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَلَا يُقِيمَ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَبِهِ قَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَذَانِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَفُوتَهُ فَضْلُ الْأَذَانِ

ذكر النهي عن أخذ الأجر على الأذان ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعثمان بن أبي العاص: واتخذ مؤذنا: " لا يأخذ على أذانه أجرا "

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى الْأَذَانِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: وَاتَّخَذَ مُؤَذِّنًا: «لَا يَأْخُذْ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا»

1238 - حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسَ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَمَمْتَ النَّاسَ فَاقْدِرِ النَّاسَ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» -[63]- وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى الْأَذَانِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَخْذَ الْأَجْرِ عَلَى الْأَذَانِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَقَتَادَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنٍ: إِنِّي أُبْغِضُكَ فِي اللهِ إِنَّكَ تَأْخُذُ عَلَى أَذَانِكَ أَجْرًا

1239 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ، أَنَّ ابْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا أُبْغِضُكَ فِي اللهِ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ أُحِبُّكَ فِي اللهِ وَتُبْغِضُنِي فِي اللهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّكَ تَأْخُذُ عَلَى أَذَانِكَ أَجْرًا " وَكَرِهَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا، وَرَخَّصَ مَالِكٌ فِي الْأَجْرِ عَلَى الْأَذَانِ، وَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الْإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ مَكْرُوهَةٌ، وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْمَعُونَةِ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ. -[64]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يُرْزَقَ الْمُؤَذِّنُ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُرْزَقُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْفَيْءِ وَلَا مِنَ الصَّدَقَاتِ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ لِلْمُؤَذِّنِ أَخْذَ الْأَجْرِ عَلَى أَذَانِهِ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ فَإِنْ أَخَذَ مُؤَذِّنٌ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا لَمْ يَسِعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ السُّنَّةَ مَنَعَتْ مِنْهُ، فَإِنْ صَلُّوا بِأَذَانِ مَنْ أَخَذَ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا فَصَلَاتُهُمْ مُجْزِيَةٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ الْأَذَانِ وَلَيْسَتِ الْإِمَامَةُ كَذَلِكَ، أَخْشَى أَنْ لَا تُجْزِئَ صَلَاةُ مَنْ أَمَّ بِجُعْلٍ، كَمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: أَخْشَى أَنْ لَا تَكُونَ صَلَاتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ

ذكر ائتمان المؤذن على مواقيت الصلوات

ذِكْرُ ائْتِمَانِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ

1240 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ أَمِينٌ، اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ»

ذكر هرب الشيطان من الأذان إذا سمعه

ذِكْرُ هَرَبِ الشَّيْطَانِ مِنَ الْأَذَانِ إِذَا سَمِعَهُ

1241 - حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا نَادَى الْمُنَادِي أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، فَإِذَا قَضَى أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ "

مسائل في أبواب الأذان اختلف أهل العلم فيمن أذن بعض الأذان ثم غلب على عقله قبل أن يكمل الأذان، فكان الشافعي يقول: أحب أن يستأنف، وإن أفاق بنى على أذانه أجزأه، ولا يجوز أن يبني غيره على أذانه بل يستأنف قرب ذلك أو بعد. وقال أبو ثور: يبنى على أذانه،

مَسَائِلُ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ أَذَّنَ بَعْضَ الْأَذَانِ ثُمَّ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الْأَذَانَ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ يُسْتَأْنِفَ، وَإِنْ أَفَاقَ بَنَى عَلَى أَذَانِهِ أَجْزَأَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ غَيْرُهُ عَلَى أَذَانِهِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ قَرُبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُبْنَى عَلَى أَذَانِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْإِقَامَةِ: إِذَا أَفَاقَ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَبْتَدِيَهَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَبْنِي هُوَ عَلَى أَذَانِهِ، وَيَبْنِي غَيْرُهُ عَلَى أَذَانِهِ، وَقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُ مَا سَبَقَهُ مِنْ فَرْضِ الْأَذَانِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُؤْتَى بِمَا بَقِيَ، فَسَوَاءٌ أَتَى بِهِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُكْمِلُ الْأَذَانَ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ عَلَى الْوَلَاءِ، وَلَوْ تَرَكَ مِنَ الْأَذَانِ شَيْئًا عَادَ إِلَى مَا تَرَكَ، ثُمَّ بَنَى مِنْ حَيْثُ تَرَكَ، لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِي مَذْهَبِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ: يَفْعَلُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى أَذَانِهِ يُجْزِيهِ , وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَابْنُ الْحَسَنِ: لَيْسَ فِي الْعِيدَيْنِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ

كتاب صفة الصلاة

كِتَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

ذكر الأمر باستقبال القبلة قال الله جل ذكره: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامَ} [البقرة: 144] الْآيَةَ

1242 - حَدَّثنا حَامِدُ بْنُ أَبِي حَامِدٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمٍّ لَهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ: " أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَدْتَ صَلَاةً فَأَحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ»

ذكر الدليل على أن القبلة التي يجب استقبالها الكعبة لا جميع المسجد الحرام

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي يَجِبُ اسْتِقَبَالُهَا الْكَعْبَةُ لَا جَمِيعَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

1243 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قِبَلِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: «هَذِهِ الْقِبْلَةُ»

1244 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ أَتَاهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ "

ذكر الدعاء عند الخروج من البيت إلى الصلاة

ذِكْرُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الصَّلَاةِ

1245 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: «بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ»

1246 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ فَأَخَذَ سِوَاكَهُ فَاسْتَاكَ بِهِ فَتَوَضَّأَ، وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} الْآيَةَ، حَتَّى انْتَهَى عِنْدَ آخِرِ السُّورَةِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَأَتَاهُ بِلَالٌ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، -[69]- وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي قَلْبِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ عَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، اللهُمَّ وَأَعْطِنِي نُورًا»

ذكر فضل المشي إلى المساجد

ذِكْرُ فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ

1247 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ يُصَلِّي الْقِبْلَةَ أَبْعَدَ مَنْزِلًا مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ يَحْضُرُ الصَّلَوَاتِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ ابْتَعْتَ حِمَارًا فَرَكِبْتَهُ مِنَ الرَّمْضَاءِ وَالظَّلْمَاءِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مَنْزِلِي يَلْزَقُ الْمَسْجِدَ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ بِذَلِكَ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْمَا يُكْتَبُ أَثَرِي، وَخُطَايَ، وَرُجُوعِي إِلَى أَهْلِي، وَإِقْبَالِي، وَإِدْبَارِي أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْطَاكَ اللهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَعْطَاكَ مَا احْتَسَبْتَ أَجْمَعَ» أَوْ كَمَا قَالَ

1248 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: " أَرَدْنَا أَنْ نَبِيعَ دُورَنَا وَنَتَحَوَّلَ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ، قَالَ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا فُلَانُ، لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، دِيَارَكُمْ فَإِنَّهَا تُكْتَبُ آثَارُكُمْ»

ذكر السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألة الله فتح أبواب الرحمة عند دخول المسجد

ذِكْرُ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْأَلَةِ اللهِ فَتْحَ أَبْوَابِ الرَّحْمَةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ

1249 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " أَخَذَ كَعْبٌ بِيَدِي، وَقَالَ: احْفَظْ مِنِّي ثِنْتَيْنِ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُلِ: اللهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ الرَّحْمَةِ، وَإِذَا خَرَجْتَ فَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُلِ: اللهُمَّ احْفَظْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ

1250 - مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلْيَقُلِ اللهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلِ: اللهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "

ذكر القول عند الانتهاء إلى الصف قبل تكبيرة الافتتاح

ذِكْرُ الْقَوْلِ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الصَّفِّ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ

1251 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى يَعْنِي الْحِمَّانِيَّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَايِذٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ، قَالَ: اللهُمَّ ائْتِنِي أَفْضَلَ مَا تُؤْتِي أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ، فَلَمَّا قَضَى -[71]- النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا؟» ، قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، فَقَالَ: «إِذًا تَعْقِرُ جَوَادَكَ وَتَسْتَشْهِدُ»

ذكر إحداث النية عند دخول كل صلاة يريدها المرء فريضة كانت أو نافلة أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الصلاة لا تجزئ إلا بالنية، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى "

ذِكْرُ إِحْدَاثِ النِّيَّةِ عِنْدَ دُخُولِ كُلِّ صَلَاةٍ يُرِيدُهَا الْمَرْءُ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِئُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى»

1252 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى» وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ النِّيَّةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعَ التَّكْبِيرِ لَا تَقْدُمُ التَّكْبِيرَ وَلَا بَعْدَهُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَبَّرَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ إِلَّا أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ فَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَنْوِيَ، ثُمَّ يُكَبِّرَ بِلَا فَصْلٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَقُولُ وَذَلِكَ؛ لِمُوَافَقَتِهِ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ، وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ»

ذكر البدء برفع اليدين عند افتتاح الصلاة قبل التكبير لم يختلف أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند افتتاح الصلاة، واختلفوا في رفع اليدين عند الركوع، وعند رفع الرأس من الركوع، وأنا ذاكر اختلافهم فيه في موضعه إن شاء الله

ذِكْرُ الْبَدْءِ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَنَا ذَاكِرٌ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ

1253 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ»

ذكر الحد الذي ترفع اليد في افتتاح الصلاة، واختلاف الأخبار فيه

ذِكْرُ الْحَدِّ الَّذِي تُرْفَعُ الْيَدُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَاخْتِلَافِ الْأَخْبَارِ فِيهِ

ذكر رفع اليدين إلى المنكبين

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ

1254 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابن عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَهُمَا، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ رَفَعَهُمَا، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ»

ذكر رفع اليدين إلى الأذنين

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْأُذُنَيْنِ

1255 - حَدَّثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَى بِأُذُنَيْهِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي أَرَى أَنْ يَرْفَعَ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى حِذَاءِ أُذُنَيْهِ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَإِنْ شَاءَ إِلَى الْأُذُنَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا مَذْهَبٌ، إِذْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ اخْتِلَافِ الْمُبَاحِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، رُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى الَّتِي لِلِاسْتِفْتَاحِ بِالْيَدَيْنِ أَرْفَعُ مِمَّا سِوَاهَا مِنَ التَّكْبِيرِ، قَالَ: حَتَّى يَخْلُفَ الرَّأْسَ

ذكر الرخصة في رفع اليدين تحت الثياب من البرد، وترك إخراجهما من الثياب عند رفعهما

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ تَحْتَ الثِّيَابِ مِنَ الْبَرْدِ، وَتَرْكِ إِخْرَاجِهِمَا مِنَ الثِّيَابِ عِنْدَ رَفْعِهِمَا

1256 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِهِ، قَالَ: «أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّتَاءِ وَهُمْ -[74]- يُصَلُّونَ فِي الْبَرَانِسِ وَالْأَكْسِيَةِ، يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهَا»

1257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ سُفْيَانُ: عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِمْ فَرَآهُمء يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الْبَرَانِسِ "

ذكر مد اليدين عند رفعهما

ذِكْرُ مَدِّ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رَفْعِهِمَا

1258 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَدًّا» 1259 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ: كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ نَشَرَ أَصَابِعَهُ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَمِيلُ إِلَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ

ذكر التكبير لافتتاح الصلاة والأمر به ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر "، وجاء الحديث عنه أنه قال: مفتاح الصلاة الطهور، وإحرامها التكبير

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَالْأَمْرِ بِهِ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ» ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَإِحْرَامُهَا التَّكْبِيرُ

1260 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ»

1261 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَإِحْرَامُهَا التَّكْبِيرُ، وَإِحْلَالُهَا التَّسْلِيمُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ لِلصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا، وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ التَّكْبِيرَ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَطَاوُسٌ، -[76]- وَأَيُّوبُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تُفْتَتَحَ الصَّلَاةُ بِالتَّكْبِيرِ

1262 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» وَكَانَ الْحَكَمُ يَقُولُ: «إِذَا ذَكَرَ اللهَ مَكَانَ التَّكْبِيرِ يُجْزِيهِ» وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَحَكَى يَعْقُوبُ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ: يُجْزِيهِ، وَإِنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِاللهُمَّ اغْفِرْ لِي، لَمْ يُجْزِهِ الصَّلَاةَ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُجْيزُهُ إِذَا كَانَ يُحْسِنُ التَّكْبِيرَ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا افْتَتَحَ بِالتَّهْلِيلِ، أَوْ بِالتَّحْمِيدِ، أَوْ بِالتَّسْبِيحِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِدُخُولٍ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لَهُ: لِمَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَالَ: اللهُ جَلَّ، أَوِ اللهُ أَعْلَمُ، أَكَانَ هَذَا دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَذَا وَذَاكَ سَوَاءٌ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالْحَكَمِ. -[77]- وَقَالَ يَعْقُوبُ: لَا يُجْزِيهِ إِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ الصَّلَاةَ تُفْتَتَحُ بِالتَّكْبِيرِ، وَكَانَ يُحْسِنُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ أَجْزَأَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ الْقِرَاءَةَ فَهَلَّلَ وَكَبَّرَ وَلَمْ يَقْرَأْ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ فَاللَّازِمُ لِمَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا يُجْزِئُ مَكَانَ التَّكْبِيرِ غَيْرُهَا. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالنِّيَّةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: يُجْزِيهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مُسْتَغْنًى عَمَّا سِوَاهَا، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلٍ أَحْدَثَ مُخَالِفًا لِلسُّنَنِ الثَّانِيَةِ، وَلِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ، وَسَائِرُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ مُتَّبِعًا لِلسُّنَّةِ إِذَا كَبَّرَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَبَّحَ مَكَانَ التَّكْبِيرِ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَنْعَقِدَ صَلَاةٌ عَقَدَهَا مُصَلِّيهَا بِخِلَافِ السُّنَّةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ , وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالْفَارِسِيَّةِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، يَقُولُونَ: لَا يُجْزِئُ أَنْ يُكَبِّرَ بِالْفَارِسِيَّةِ إِذَا أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، وَهَكَذَا قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَقَرَأَ بِهَا وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَجْزَأَهُ. -[78]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَخِلَافُ مَا عَلَّمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ، وَمَا عَلَيْهِ جَمَاعَاتُ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى مَقَالَتِهِ هَذِهِ، وَلَا يَكُونُ قَارِيًا بِالْفَارِسِيَّةِ الْقُرْآنَ أَبَدًا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقْرَأَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ

ذكر من نسي تكبيرة الافتتاح حتى صلى أو ذكرها وهو في الصلاة اختلف أهل العلم في الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح فقالت طائفة: لا يجزيه وعليه الإعادة، كذلك قال النخعي، وسفيان الثوري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن أنس، والشافعي، وأصحابه، وأحمد بن حنبل

ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ حَتَّى صَلَّى أَوْ ذَكَرَهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ، قَالَ: لَا يُجْزِيهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ وَيُكَبِّرَ ثُمَّ يَقْرَأَ ثُمَّ يَرْكَعَ، وَاخْتُلِفَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَحَكَى عَنْهُ مَعْمَرٌ أَنَّهُ قَالَ: يُعِيدُ صَلَاتَهُ، وَحَكَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِيهِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ: لَا تُعِيدُ أَنْتَ تُكَبِّرُ إِذَا جَلَسْتَ وَبَيْنَ ذَلِكَ، إِنَّمَا تَعُودُ إِذَا نَسِيتَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَنَرَى أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ تَمَّتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَبَّرَ فِي الرُّكُوعِ، فَنَرَى أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي لَمْ يُكْمِلْهَا، وَاعْتَدَّ مِنْ صَلَاتِهِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ , الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْهُ. وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ وَحْدَهُ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ، وَكَانَ كَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةَ الْإِمَامِ فَكَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَأَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَقَدْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ، فَقَدْ أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، وَيُكَبِّرُ لِلْأُخْرَى إِذَا ذَكَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي عَلَّمَهُ الصَّلَاةَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ» ، وَعَلَّمَهُ الصَّلَاةَ ثُمَّ قَالَ: «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ»

ذكر من كبر تكبيرة ينوي بها تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع اختلف أهل العلم في الرجل يدرك القوم ركوعا فكبر تكبيرة واحدة فقالت طائفة: تجزيه تكبيرة واحدة، روي ذلك عن ابن عمر، وزيد بن ثابت

ذِكْرُ مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً يَنْوِي بِهَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْقَوْمَ رُكُوعًا فَكَبَّرَ تَكْبِيرَةً -[80]- وَاحِدَةً فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُجْزِيهِ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

1263 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَا: «إِذَا أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا فَإِنَّمَا تُجْزِيهِ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ» وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَقَتَادَةُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَقَالَ الْحَكَمُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: تُجْزِيهِ تَكْبِيرَةٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تُجْزِيهِ إِلَّا تَكْبِيرَتَانِ، تَكْبِيرَةٌ يَفْتَحُ بِهَا، وَتَكْبِيرَةٌ يَرْكَعُ بِهَا، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً يَنْوِي بِهَا الِافْتِتَاحَ، وَالرُّكُوعَ لَمْ يَجْزِئْ عَنْهُ عَنِ الْمَكْتُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْرِدِ النِّيَّةَ لِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَجَعَلَ النِّيَّةَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ التَّكْبِيرِ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الصَّلَاةَ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ

ذكر الدعاء بين تكبيرة الافتتاح والقراءة

ذِكْرُ الدُّعَاءِ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ

1264 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الْآيَةَ، {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163] الْآيَةَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، إِنَّا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدْخُلُ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ سَائِرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي أَنَا ذَاكِرُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ

وجه ثان مما يدعا به بعد التكبير قبل القراءة

18 - وَجْهٌ ثَانٍ مِمَّا يُدْعَا بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ

1265 - حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ -[82]- الصَّلَاةَ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» وَمِمَّنْ رَوِينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ

1266 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الشُّعَيْثِيُّ، قَالَ: ثنا مَكْحُولٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ: " كَانَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»

1267 - حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»

1268 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» 1269 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مِثْلَهُ -[83]- وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ: " أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور: 48] الْآيَةَ، قَالَ: حِينَ تَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ تَقُولُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»

وجه ثالث مما يدعا به بعد التكبير قبل القراءة

وَجْهٌ ثَالِثٌ مِمَّا يُدْعَا بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ

1270 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بَشِيرٌ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ قَالَ بَعْدَمَا يُكَبِّرُ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ، وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»

وجه رابع مما يدعا به بعد التكبير قبل القراءة

وَجْهٌ رَابِعٌ مِمَّا يُدْعَا بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ

1271 - حَدَّثنا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا تَقُولُ فِي سَكْتَتِكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؟، قَالَ: " أَقُولُ: اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ -[84]- خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ، وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ "

وجه خامس مما يدعا به في الصلاة بعد التكبير قبل القراءة

وَجْهٌ خَامِسٌ مِمَّا يُدْعَا بِهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ

1272 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ: «اللهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»

وجه سادس مما يدعا به بعد التكبير قبل القراءة

وَجْهٌ سَادِسٌ مِمَّا يُدْعَا بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ

1273 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ الْجِرَشِيُّ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ؟، وَبِمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ؟، فَقَالَتْ: كَانَ يُكَبِّرُ عَشْرًا، وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا، وَيَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي» عَشْرًا، وَيَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضِّيقِ يَوْمَ الْحِسَابِ» عَشْرًا

وجه سابع مما يقال به بعد التكبير

وَجْهٌ سَابِعٌ مِمَّا يُقَالُ بِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ

1274 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، -[85]- عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ فِي حُجْرَةٍ مِنْ جَرِيدَةِ النَّخْلِ قَالَ: فَقَامَ فَكَبَّرَ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، ذَا الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» ثُمَّ افْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وجه ثامن مما يقال بعد التكبير

وَجْهٌ ثَامِنٌ مِمَّا يُقَالُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ

1275 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَ، يَعْنِي: رَجُلٌ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَملْءَ الْأَرْضِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟» قَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ يَتَلَقَّى بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا» وَرَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَخْبَارًا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَبَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ بَعْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِدَعَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ , وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، -[86]- وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ بِالَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: أَيُّ ذَلِكَ قَالَ يُجْزِيهِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَمِثْلَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ، وَمِثْلَ قَوْلِهِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُقَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُسْتَعْمَلَ مِنْهَا شَيْءٌ إِنَّمَا يُكَبِّرُ وَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ الَّذِي مَنْ عَمِلَ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ، مَا كَانَتْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَلَا سُجُودُ سَهْو، وَأَصَحُّ ذَلِكَ إِسْنَادًا حَدِيثُ عَلِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ فَكَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ

ذكر الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة قال الله تبارك وتعالى: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم

ذِكْرُ الِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]

1276 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، -[87]- عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ» قَالَ: فَهَمْزُهُ الْمُوتَةُ، وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ

وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ: " يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَمْزُهُ وَنَفْثُهُ؟ قَالَ: أَمَّا هَمْزُهُ فَالْمُوتَةُ، وَأَمَّا نَفْثُهُ فَالشِّعْرُ، وَأَمَّا نَفْخُهُ فَالْكِبْرُ " فَهَذَا تَفْسِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِتَفْسِيرِهِ تَفْسِيرٌ فَالْمُوتَةُ الْجُنُونُ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ هَمْزًا؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَهُ مِنَ النَّخْسِ وَالْغَمْزِ، وَكُلُّ شَيْءٍ دَفَعْتَهُ فَقَدْ هَمَزْتَهُ، وَأَمَّا الشِّعْرُ فَإِنَّمَا سَمَّاهُ نَفْثًا؛ لِأَنَّهُ كَالشَّيْءِ يَنْفُثُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ فِيهِ مِثْلَ الرُّقْيَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الشِّعْرَ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ الْمُشْرِكُونَ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَمَّا الْكِبْرُ فَإِنَّمَا سُمِّيَ نَفْخًا لِمَا يُوَسْوِسُ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِهِ فَيُعَظِّمُهَا عِنْدَهُ وَيَحْقِرُ النَّاسَ فِي عَيْنَيْهِ حَتَّى يُدْخِلَهَ لِذَلِكَ الْكِبْرِ، وَالتَّجَبُّرِ وَالزَّهْوِ

1277 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»

1278 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ هَلْ تَدْرِي كَيْفَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْتَعِيذُ؟ قَالَ: " كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "

1279 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، -[88]- عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «هَمْزُهُ الْمُوتَةُ يَعْنِي الْجُنُونَ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ، وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ» وَقَالَ عَطَاءٌ: أَقُولُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 98] أَوْ يَدْخُلُوا بَيْتِي الَّذِي يُؤْوِينِي، وَقَلَّ مَا أَبْلَغُ هَذَا الْقَوْلَ كُلَّهُ كَثِيرًا مِمَّا أَدَعُ أَكْثَرَهُ، وَيُجزِيكَ أَلَّا تَزِيدَ عَلَى أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الِاسْتِعَاذَةَ فِي الصَّلَاةِ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ كَالَّذِي رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ثَلَاثًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ثَلَاثًا، سُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثًا، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، رَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ عَاصِمٍ، وَعَاصِمٌ الْعَنَزِيُّ، وَهُمَا -[89]- مَجْهُولَانِ لَا يَدْرِي مَنْ هُمَا، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَمَا اسْتَعَاذَ الْمَرْءُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ , وَاخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِعَاذَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَسْتَعِيذَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ هَكَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ: إِنْ قَالَهُ يَعْنِي الِاسْتِعَاذَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فَحَسَنٌ، وَلَا آمُرُ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ، أَمْرِي بِهِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَا يَرَى خَلْفَ الْإِمَامِ تَعَوُّذًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى خَلْفَ الْإِمَامِ قِرَاءَةً، فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَسْتَعِيذُ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى أَنْ يَفْتَتِحَ الْقِرَاءَةَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتُهُ، وَلَا يَأْمُرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ، قَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْرَأُ

ذكر سؤال العبد ربه جل ثناؤه من فضله بين التكبير والقراءة في الصلاة المفروضة

ذِكْرُ سُؤَالِ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ ثناؤُهُ مِنْ فَضْلِهِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ

1280 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، -[90]- عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُنَّ تَرَكَهُنَّ النَّاسُ، كَانَ يَقِفُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ هُنَيْهَةً يَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ذكر التغليظ في النظر إلى السماء في الصلاة

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي النَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ

1281 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ؟» ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: «لَيُنْتَهَيَنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ»

ذكر وضع اليمين على الشمال في الصلاة

ذِكْرُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ

1282 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا خَلَّادٌ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ يَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: " أَنَّهُ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ: بِكَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى لَازِقًا بِالْكُوعِ " وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ -[91]-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] الْآَيَةَ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى سَاعِدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ " وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ مِنْ مَنَاقِبِ الْخَيْرِ، التَّبْكِيرُ بِالْإِفْطَارِ، وَالتَّبْلِيغُ فِي السَّحُورِ، وَوَضْعُ الْأَيْدِي عَلَى الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ»

1283 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى آلِ دَرَّاجٍ قَالَ: «أَمَّا مَا رَأَيْتُ فَنَسِيتُ فَإِنِّي لَمْ أَنْسَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ قَامَ هَكَذَا، وَأَخَذَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى لَازِقًا بِالْكُوعِ»

1284 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُقْبَةَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ: " أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى سَاعِدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهِ "

1285 - وَحَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجُ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: «ثَلَاثٌ مِنْ مَنَاقِبِ الْخَيْرِ، التَّكْبِيرُ بِالْإِفْطَارِ، وَالتَّبْلِيغُ بِالسَّحُورِ، وَوَضْعُ الْأَيْدِي عَلَى الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ»

1286 - حَدَّثنا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ»

1287 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «ثَلَاثٌ مِنَ النُّبُوَّةِ، تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ، وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ، وَوَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّدْرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَا نَقُولُ. وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ تُوضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْتَمِدَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ إِرْسَالًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ إِغْفَالُ مَنْ أَغْفَلَ اسْتِعْمَالَ السُّنَّةِ، أَوْ نَسِيَهَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْهَا حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَهَا وَعَمِلَ بِهَا، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُرْسِلُ يَدَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَرُوِيَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَاضِعًا إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَذَهَبَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا

1288 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا صَلَّى يُرْسِلُ يَدَيْهِ "

ذكر وضع بطن كف اليمنى على ظهر كف اليسرى والرسغ والساعد جميعا

ذِكْرُ وَضْعِ بَطْنِ كَفِّ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ جَمِيعًا

1289 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامٌ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيَّ أَخْبَرَهُ، قَالَ: " قُلْتُ: لَأُبْصِرَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى قَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفَّهُ الْيُسْرَى، وَالرُّسْغِ، وَالسَّاعِدِ " وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تُوضَعُ عَلَيْهِ الْيَدُ مِنَ السُّرَّةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَكُونَانِ فَوْقَ السُّرَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ، وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: فَوْقَ السُّرَّةِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فَوْقَ السُّرَّةِ قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ السُّرَّةِ فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ آخَرُونَ: وَضْعُ الْأَيْدِي عَلَى الْأَيْدِي تَحْتَ السُّرَّةِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي مِجْلَزٍ

1290 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ زِيَادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ وَضْعُ الْأَيْدِي عَلَى الْأَيْدِي تَحْتَ السُّرَّةِ»

1291 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ السُّرَّةَ فِي الصَّلَاةِ» وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: تَحْتَ السُّرَّةِ أَقْوَى فِي الْحَدِيثِ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ. وَقَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ الْيَدَ خَبَرٌ يَثْبُتُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ شَاءَ وَضَعَهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ، وَإِنْ شَاءَ فَوْقَهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُهَاجِرٍ النَّبَّالِ أَنَّهُ قَالَ: وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الشِّمَالِ ذُلٌّ بَيْنَ يَدَيْ عِزٍّ

ذكر الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفاف فيها للخبر الذي فيه أن الله عز وجل يصرف وجهه عن وجه المصلي إذا التفت في صلاته

ذِكْرُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَافِ فِيهَا لِلْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِ الْمُصَلِّي إِذَا الْتَفَتَ فِي صَلَاتِهِ

1292 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ قَالَ: ثنا مُوسَى -[95]- بْنُ خَلَفٍ أَبُو خَلَفٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. 1293 - وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا رَيَّانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ، أَنَّ الْحَارِثَ الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَعْمَلُ بِهِنَّ وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَوَعَظَهُمْ وَقَالَ: إِنَّ اللهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ "

ذكر الدليل على أن الالتفات في الصلاة ينقص الصلاة لا أن الإعادة تجب على من التفت فيها

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ يُنْقِصُ الصَّلَاةَ لَا أَنَّ الْإِعَادَةَ تَجِبُ عَلَى مَنِ الْتَفَتَ فِيهَا

1294 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الِالْتِفَافِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانَ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ»

ذكر الخبر الذي يستدل به بعض من قال: إن الالتفات المنهي عنه في الصلاة هو أن يلوي المتلفت عنقه لا أن يلحظ بعينه يمينا وشمالا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي يَسْتَدِلُّ بِهِ بَعْضُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ أَنْ يَلْوِيَ الْمُتَلَفِّتُ عُنُقَهُ لَا أَنْ يَلْحَظَ بِعَيْنِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا

1295 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ هَدِيَّةُ، وَمَحْمُودُ بْنُ -[96]- غَيْلَانَ قَالَا: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ»

الدليل على أن الالتفات المنهي عنه هو أن يلتفت بغير حاجة يحتاج إليه المصلي أن يتعرف أفعال المأمومين ليأمر بفعل أو ينهى عن شيء بالإيماء إليهم

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ أَنْ يَلْتَفِتَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُصَلِّي أَنْ يَتَعَرَّفَ أَفْعَالَ الْمَأْمُومِينَ لَيَأْمُرَ بِفِعْلٍ أَوْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ بِالْإِيمَاءِ إِلَيْهِمْ

1296 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا، فَلَمَّا سَلَّمْنَا قَالَ: إِنْ كِدْتُمْ إِنَّمَا تَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا إِمَامَكُمْ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا "

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يوجب الإلتفات في الصلاة اختلف أهل العلم فيما يوجب على الملتفت في صلاته، فقالت طائفة: ينقص صلاته ولا إعادة عليه , روينا عن نافع: " أنه سأل أكان ابن عمر يرى الالتفات يقطع الصلاة؟ قال: " قد كان يتغيظ منه غيظا شديدا " وروينا عن

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يُوجَبُ الْإِلْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يُوجَبُ عَلَى الْمُلْتَفِتِ فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُنْقِصُ صَلَاتَهُ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ , رُوِّينَا عَنْ نَافِعٍ: " أَنَّهُ سَأَلَ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى الِالْتِفَاتَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «قَدْ كَانَ يَتَغَيَّظَ مِنْهُ غَيْظًا شَدِيدًا» وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ أُنَاسًا يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنْقُوصِينَ الَّذِي يَنْقُصُ مِنْ

صَلَاتِهِ فِي وُضُوئِهِ وَالْتِفَاتِهِ " وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «الِالْتِفَافُ فِي الصَّلَاةِ نَقْصٌ» وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: " قُلْتُ لِعَطَاءٍ: هَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الِالْتِفَاتُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ؟ قَالَ: لَا " وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ قَالَ: هُوَ يَنْقُصُ الصَّلَاةَ " وَسُئِلَ مَالِكٌ: " عَمَّنِ الْتَفَتَ فِي صَلَاتِهِ أَيَكُونُ ذَلِكَ قَطْعًا لِصَلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا " وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُلْتُ: " هَلْ يَقْطَعُهَا يَعْنِي الصَّلَاةَ الِالْتِفَاتُ؟ قَالَ: لَا " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: " فِي الرَّجُلِ يَنْتَابُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يَتَمَطَّى، أَوْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ، أَوْ يُفَقِّعُ أَصَابِعَهُ، أَوْ يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ، أَوْ بِالْحَصَى، أَوْ يَلْتَفِتُ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ سِيِّئٌ وَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: رُوِّينَا عَنِ الْحَكَمِ: أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَأَمَّلَ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاةٌ " وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُفْسِدًا لِصَلَاتِهِ وَاسْتَقْبَلَ» وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا اسْتَدْبَرَ الرَّجُلُ الْقِبْلَةَ، وَإِنِ الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مَضَى فِي صَلَاتِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا الْتَفَتَ حَتَّى اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِصَلَاتِهِ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِي الْتِفَاتِهِ، أَعَادَ صَلَاتَهُ، فَإِنِ الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بَيَّنَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْمَرْءِ»

جماع أبواب القراءة في الصلاة

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ

ذكر إيجاب القراءة في الصلاة بفاتحة الكتاب وإبطال صلاة من لم يقرأ بها

ذِكْرُ إِيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِبْطَالِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا

1297 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ رَبِيعٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَصَاعِدًا»

ذكر خبر يحتج به بعض من يرى أن الصلاة ناقصة، إن لم يقرأ فيها المصلي بفاتحة الكتاب، ولا إعادة عليه

ذِكْرُ خَبَرٍ يَحْتَجُّ بِهِ بَعْضُ مَنْ يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ نَاقِصَةٌ، إِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا الْمُصَلِّي بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ

1298 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَهِيَ خِدَاجٌ، هِيَ خِدَاجٌ، هِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» وَقَالَ أَبُو السَّائِبِ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ، وَقَالَ أَبُو السَّائِبِ: فَغَمَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ ذِرَاعِي وَقَالَ: يَا فَارِسِيُّ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ. -[99]- وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْخِدَاجُ النُّقْصَانُ، مِثْلُ خِدَاجِ النَّاقَةِ إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا نَاقِصَ الْخَلْقِ، أَوْ لِغَيْرِ تَمَامٍ

1299 - وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ كَنْتَ خَلْفَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي وَقَالَ: اقْرَأْ فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهِيَ خِدَاجٌ» أَنَّهُ النَّقْصُ الَّذِي لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ مَعَهُ، لَا النَّقْصُ الَّذِي يَجُوزُ مَعَهُ الصَّلَاةُ، وَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فَإِنَّ جَمَاعَةً رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ

ذكر فضل قراءة فاتحة الكتاب

ذِكْرُ فَضْلِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

1300 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَةً مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهَا؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ، قَالَ: لَعَلَّكَ لَا تَخْرُجُ مِنَ الْبَابِ حَتَّى أُخْبِرَكَ بِهَا، فَقُمْتُ مَعَهُ فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي وَيَدِي فِي يَدِهِ، فَجَعَلْتُ أَتَبَاطَأُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهَا فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنَ الْبَابِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِيهَا؟ قَالَ: «كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ؟» فَقَرَأْتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَقَالَ: " هِيَ هِيَ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِي قَالَ اللهُ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87] ، وَالَّتِي هِيَ أُوتِيتُهُ " -[100]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَخَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَشَيْءٍ مَعَهَا، وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: وَثَلَاثِ آيَاتٍ فَصَاعِدًا، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ

1301 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: " جَلَسْتُ إِلَى رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَكَرُوا الصَّلَاةَ، فَقَالُوا: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، قُلْتُ: أَسَمَّى مِنْهُمْ أَحَدًا؟ قَالَ: خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ "

1302 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: «اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ»

1303 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: " إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْ رَبِّ هَذِهِ الْبِنْيَةِ أَنْ أُصَلِّيَ صَلَاةً لَا أَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَشَيْءٍ مَعَهَا، قَالَ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اقْرَأْ مِنْهُ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ قَلِيلٌ "

1304 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَإِنْ زَادَ مَعَهَا شَيْئًا فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ»

1305 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجُ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أنا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: «لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَثَلَاثِ آيَاتٍ فَصَاعِدًا»

1306 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا الْجُدِّيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ صَلَاةً إِلَّا قَرَأَ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَشَيْءٍ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلَا يَدَعْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ»

1307 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَشَيْءٍ مَعَهَا» وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُونَ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَإِنَّمَا مَنْ صَلَّى وَرَاءَ -[102]- إِمَامٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ، وَاحْتَجُّوا بِأَخْبَارٍ لَا تَثْبُتُ فَمِنْ ذَلِكَ

1308 - حَدِيثٌ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ مُرْسَلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»

1309 - وَبِحَدِيثٍ رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَبِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَفِي بَعْضِ أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ

1310 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا، وَيَكْفِيكَ ذَاكَ الْإِمَامُ "

1311 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِسُورَةٍ»

1312 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، -[103]- عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ عَلِيًّا: «كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ»

1313 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ قَالَا: «اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُخَافِتُ بِهِ»

1314 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ»

1315 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: «يُنْصِتُ لِلْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ»

1316 - وَحَدَّثُونَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سُحَيْمٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَأْمُرُنَا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ لَا يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَاقْرَءُوا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ " وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ لَا يَقْرَءُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ الَّذِي قَالَ: «لَا صَلَاةَ إِنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» إِذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ. -[104]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» عَلَى الْعُمُومِ إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ، وَسَمِعَ قِرَاءَتَهُ، فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ مَسْتَثْنًى بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] الْآيَةَ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ، أَقَرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ؟، قَالَ: أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ: فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَرَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا خَافَتَ فِيهِ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يُنْصِتُ لِلْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] الْآَيَةَ إِنَّهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ

1317 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ، يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ "

1318 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " فِي هَذِهِ الْآَيَةِ {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] ، قَالَ: فِي الصَّلَاةِ " وَقَالَ آخَرُونَ: فِي الْخُطْبَةِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ: لَوْلَا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي الصَّلَاةِ أَوِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ لَوَجَبَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ أَنْ يَسْتَمِعَ لِقِرَأتَهِ؛ لِقَوْلِهِ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى إِسْقَاطِ وُجُوبِ الِاسْتِمَاعِ عَنْ كُلِّ سَامِعٍ قَارِئًا يَقْرَأُ إِلَّا عَنِ السَّامِعِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ خَلْفَهُ، وَالسَّامِعِ لِخُطْبَةِ الْإِمَامِ، خَرَجَ ذَلِكَ عَنْ عُمُومِ الْكِتَابِ وَظَاهِرِهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْآيَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ السَّامِعِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَاحْتَجُّوا مَعَ ظَاهِرِ الْكِتَابِ بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»

1319 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»

1320 - وَحَدَّثنا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَدَّمِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي عَلَّابٍ، عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ -[106]- أَنَّهُمْ صَلَّوْا مَعَ أَبِي مُوسَى، قَالَ أَبُو مُوسَى: " إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ لَا يُقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ، سَمِعَ الْمَأْمُومُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ، وَيَقْرَأُ خَلْفَهُ فِيمَا لَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ سِرًّا فِي نَفْسِ الْمَأْمُومِ: الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ: وَمَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] الْآَيَةَ، فَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي يَسْمَعُ خَاصَّةً، فَكَيْفَ يُنْصِتُ لِمَا لَا يَسْمَعُ؟ . ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ: فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُ مَنْ صَلَّى مَعَهُ إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأَ إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِي يُجْزِيهِ أَنْ لَا يَقْرَأَ وَيَكْتَفِي بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ. وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ بِهِ وَمَا جَهَرَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ مُتَكَلِّمٌ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَقَالَ: -[107]- قَوْلُهُ: «فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» ، إِنَّمَا قَالَهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا زَادَ الْحَافِظُ فِي الْحَدِيثِ حَرْفًا وَجَبَ قَبُولُهُ، وَتَكُونُ زِيَادَةً كَحَدِيثٍ يَتَفَرَّدُ بِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الشَّهَادَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ أُسَامَةُ، وَبِلَالٌ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ، فَحَكَمَ النَّاسُ لِبِلَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ أَمْرًا نَفَاهُ أُسَامَةُ، كَانَتْ كَذَلِكَ رِوَايَةُ التَّيْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: قَوْلُهُ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» عَلَى الْعُمُومِ، يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِرَاءَةٌ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا، أَوْ كَانَ إِمَامًا أَوْ كَانَ مَأْمُومًا خَلْفَ الْإِمَامِ، فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَفِيمَا لَا يَجْهَرُ بِهِ؛ لِظَاهِرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] ، خَاصٌّ وَاقِعٌ عَلَى مَا سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» بَعْدَ قِرَاءَةٍ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ، وَبِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ الصَّحَابَةِ

فَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ 1321 - فَحَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ رَبِيعٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَدَاةَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنِّي لَأَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ» ، قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا لَنَفْعَلُ هَكَذَا قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» -[108]- وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ هَذَا الْمَذْهَبُ، ابْنُ عَوْنٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ , وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَالَ: «اقْرَأْ» , قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ كُنْتُ خَلْفَكَ؟، قَالَ: «وَإِنْ كُنْتَ خَلْفِي» ، قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ قَرَأْتَ؟ قَالَ: «وَإِنْ قَرَأْتُ» وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَجُوزُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَشَيْءٍ مَعَهَا» ، وَقَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَأَيْتَ لَوْ كُنْتُ خَلْفَ الْإِمَامِ؟، قَالَ: اقْرَأْ فِي نَفْسِكَ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَدَعْ أَنْ تَقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، جَهَرَ أَوْ لَمْ يَجْهَرْ» وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: «اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ» وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا»

1322 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ جَوَّابِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: اقْرَأْ قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ كُنْتُ خَلْفَكَ؟ قَالَ: وَإِنْ كُنْتَ خَلْفِي، قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ قَرَأْتَ؟ قَالَ: وَإِنْ قَرَأْتُ "

1323 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَدَّادٍ، قَالَ: " كُنَّا نَسِيرُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا تَجُوزُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَشَيْءٍ مَعَهَا قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ خَلْفَ إِمَامٍ، أَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيَّ إِمَامٌ؟، قَالَ: اقْرَأْ فِي نَفْسِكَ "

1324 - حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ:: ثنا الْعَيْزَارُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»

1325 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَدَعُ أَنْ تَقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ جَهَرَ أَوْ لَمْ يَجْهَرْ»

1326 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: " قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ "

1327 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ رَبِيعٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ وَإِلَى جَنْبِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، تَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؟، قَالَ: نَعَمْ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِهَا " وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي نَفْسِكَ» وَقَالَ مَكْحُولٌ: «تَقْرَأُ فِيمَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَا تَقْرَأْ مَعَهَا غَيْرَهَا، وَمَا لَمْ يَجْهَرْ بِهِ فَبِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مَعَهَا» وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «اقْرَءُوا مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ بِالْقُرَّاءِ فِيهِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ سِرًّا» وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ: «يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَالْإِمَامُ يَجْهَرُ» وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «لَا تُجْزِئُ رَكْعَةٌ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا وَيَقْرَأُ فِي سَكَتَاتِ الْإِمَامِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي بِهِ أَقُولُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ -[111]- مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، والرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ إِنْ كَانَتْ لِلْإِمَامِ سَكَتَاتٌ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْهَا بَقِيَّةٌ قَرَأَ بِهَا عِنْدَ وَقَفَاتِ الْإِمَامِ، فَإِنْ بَقِيَتْ مِنْهَا قَرَأَهَا إِذَا رَكَعَ الْإِمَامُ. وَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَقْرَأَ وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ، وَالَّذِي يَجِبُ عَلَيْنَا إِذَا جَاءَنَا خَبَرَانِ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُمَا جَمِيعًا أَنْ نَقُولَ بِهِمَا وَنَسْتَعْمِلَهُمَا، وَذَلِكَ أَنْ نَقُولَ: لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، إِلَّا صَلَاةً أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُومَ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ بِقِرَاءَتِهِ أَنْ يَسْتَمِعَ لِقِرَاءَتِهِ، فَيَكُونَ فَاعِلُ ذَلِكَ مُسْتَعْمِلًا لِلْحَدِيثَيْنِ جَمِعيًا، وَلَا يَعْدِلُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ أَحَدٌ إِلَّا عَطَّلَ أَحَدَ الْحَدِيثَيْنِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ مِذَاهِبِ أَصْحَابِنَا اسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ إِذَا وَجَدَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِاخْتِلَافِهَا، إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي حَالَةِ كَذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ كَذَا، وَأَنَا ذَاكِرٌ ذَلِكَ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَمِنْ ذَلِكَ تَفْرِيقُهُمْ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فِي الْبَرَارِي، وَالْمَنَازِلِ

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يقرأ به في الركعتين الأخريين من صلاة الظهر، أو العصر، أو العشاء الآخرة، أو الآخرة من المغرب، وما على من ترك قراءة فاتحة الكتاب في ركعة أو ركعتين ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يُقْرَأُ بِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، أَوِ الْعَصْرِ، أَوِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، أَوِ الْآخِرَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَمَا عَلَى مَنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ

1328 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ -[112]- فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَكَانَ يُسْمِعُنَا الْأَحْيَانَ الْآيَةَ، وَكَانَ يُطِيلُ فِي الْأُولَى مَا لَا يُطِيلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ " وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: فِي صَّلَاةِ الْمَغْرِبَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، فَسُمِعَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَذِهِ الْآيَةِ، {رَبَّنَا لَا تَزِغُ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الْآيَةَ " وَرُوِّينَا عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: " كَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ: اقَرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْآخَرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ

1329 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّنَابِحِيّ: " أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَصَلِّي وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَذِهِ الْآيَةِ {رَبَّنَا لَا تَزِغُ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الْآيَةَ "

1330 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: كَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ اقْرَأْ، فِي -[113]- الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ "

1331 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، وَابْنَ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»

1332 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ "

1333 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»

1334 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ ذَكْوَانَ، وَعَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالْقِرَاءَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَتَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ " تَعْنِي قَوْلَهُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ -[114]- جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامًا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ إِنْ شَاءَ سَبَّحَ، وَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ جَازَتْ صَلَاتُهُ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، احْتَجَّ مَنِ احْتَجَّ مِنْهُمْ بِخَبَرٍ رَوَاهُ الْحَارِثُ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: اقْرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَسَبِّحْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ

1335 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، وَخَدِيجٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «اقْرَأْ بِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَسَبِّحْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ» وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " فِيمَنْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ: يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ " فَأَمَّا حَدِيثُ الْحَارِثِ فَغَيْرُ ثَابِتٍ، كَانَ الشَّعْبِيُّ يُكَذِّبُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ وَلَمْ أَقَرَأْ قَالَ: أَتْمَمْتَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: تَمَّتْ صَلَاتُكَ، -[115]- وَكَانَ اللَّازِمُ لِمَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَيُسَبِّحُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَنْ يَقُولَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَإِنْ وَجَبَ تَرْكُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَارِثَ رَوَاهَا وَجَبَ تَرْكُ الْأُولَى، وَإِلَّا فَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ رِوَايَةَ الْحَارِثِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالتَّسْبِيحِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ حُجَّةً أَنْ يَقُولَ بِهَذِهِ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِيمَنْ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَنَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُ مَنْ قَرَأَ فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ مَضَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنَ الْمَغْرِبِ، أَوِ الْعِشَاءِ، أَوِ الظُّهْرِ، أَوِ الْعَصْرِ، وَنَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ قَالَ: يُعِيدُ صَلَاتَهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيمَنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ: فَإِنْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ سَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ إِلَّا الصُّبْحَ فَإِنَّهُ إِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا اسْتَأْنَفَ، هَكَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلَّمَا قَرَأَ فِي ثَلَاثٍ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ؛ لِمَا أَجْمَعَ الْخَلْقُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَرَكَعَ مَعَهُ أَدْرَكَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَقِرَاءَتَهَا، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: إِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَى أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ سُفْيَانُ: إِنْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الثَّلَاثِ مِنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ أَعَادَ. فِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ الْحَسَنُ قَالَ: إِذَا قَرَأْتَ فِي الصَّلَاةِ فِي رَكْعَةٍ أَجْزَاكَ

1336 - حَدَّثناهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا خَلَفٌ، قَالَ: ثنا جَعْدٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ فِي الصَّلَاةِ فِي رَكْعَةٍ أَجْزَاكَ» وَلَعَلَّ مَنْ حُجَّتُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فَإِنَّ الظُّهْرَ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا قَدْ قَرَأَ فِيهَا، وَحُكْمُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ حُكْمُهَا، -[116]- وَلَعَلَّ مَنْ حُجَّةُ غَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ: لِكُلِّ رَكْعَةٍ حُكْمُهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ، فَكَمَا إِذَا تَرَكَ رُكُوعًا فِي رَكْعَةٍ لَمْ تُجْزِهِ، أَوْ تَرَكَ سَجْدَةً فِيهَا لَمْ تُجْزِهِ، فَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ لَا تُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، مَعَ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى وَلَمْ يَقْرَأْ قَالَ: يُجْزِيهِ " وَهَذِهِ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ جَمِيعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ أَحْيَانًا بِالِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ "

1337 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ وَلَمْ أَقْرَأْ؟، قَالَ: أَتْمَمْتَ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: تَمَّتْ صَلَاتُكَ "

1338 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ جَمِيعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، كَانَ أَحْيَانًا بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ»

مسألة اختلفوا فيمن قرأ في صلاته بالفارسية وهو يحسن العربية، ففي مذهب الشافعي لا يجوز. وكذلك نقول. وكذلك قال يعقوب، ومحمد: إذا كان يحسن العربية، وإن كان لا يحسن العربية أجزأ في قول النعمان، ويعقوب، ومحمد، وقال النعمان: تجزيه القراءة بالفارسية

مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، فَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ. -[117]- وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: إِذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَجْزَأَ فِي قَوْلِ النُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: تُجْزِيهِ الْقِرَاءَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: لَا يَكُونُ الْمَرْءُ قَارِئًا إِلَّا أَنْ يَقْرَأَ كَمَا أَنْزَلَهُ اللهُ جَلَّ ثناؤُهُ، فَمَنْ قَرَأَ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ، فَغَيْرُ مُجْزِئٍ عَنْهُ صَلَاتُهُ، إِذْ قَارِئُهُ قَارِئٌ خِلَافَ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر استحباب سكوت الإمام قبل القراءة؛ ليقرأ من خلفه في سكوته

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ سُكُوتِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ؛ لَيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ فِي سُكُوتِهِ

1339 - حَدَّثنا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا تَقُولُ فِي سَكْتَتِكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؟، قَالَ: أَقُولُ «اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ، وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لَيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ، وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِمَا شَاءَ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَ خَلْفِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ، خِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ إِلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَكْتَتَانِ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَمُرَةَ

1340 - حَدَّثنا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ، وَأَبُو سَلَمَةَ قَالُوا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ لَهُ سَكْتَتَانِ سَكْتَةٌ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ، وَسَكْتَةٌ إِذَا فَرَغَ» . زَادَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ: إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَكَتَبُوا فِيهِ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَكَتَبَ أُبَيٌّ: أَنْ صَدَقَ سَمُرَةُ. وَقَالَ الْأَعْرَجُ: " صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَلَمَّا كَبَّرَ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] "

1341 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا كَبَّرَ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] " وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «لِلْإِمَامِ سَكْتَتَانِ فَاغْتَنِمُوا فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ» وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «أَنَّهُ كَانَ لَهُ وَقْفَتَانِ، كَانَ إِذَا كَبَّرَ وَقَفَ ثُمَّ يَقْرَأُ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ وَقَفَ» . وَكَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا كَبَّرَ فِي صَلَاةٍ الْجَهْرُ فِيهَا سَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَرَأَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مِنْ فِقْهِ الْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يَسْكُتُ؛ لِيَقْرَأَهَا مَنْ خَلْفَهُ، وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثُ سَمُرَةَ فَقِيلَ لَهُ: يُعْجِبُكَ أَنْ يَسْكُتَ بَعْدِ الْقِرَاءَةِ سَكْتَةً؟، قَالَ: نَعَمْ

ذكر افتتاح القراءة ب الحمد لله رب العالمين

ذِكْرُ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]

1342 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] "

1343 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] "

ذكر الخبر الذي يحتج به من جعل بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ جَعَلَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

1344 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سعيد الْأُمَوِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} "

وَرَوَى أَصْحَابُنَا 1345 - عَنِ الصَّغَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فَعَدَّهَا آيَةً، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] اثْنَتَيْنِ -[120]-، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ثَلَاثَ آيَاتٍ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} أَرْبَعًا، وَقَالَ: هَكَذَا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وَجَمَعَ خَمْسَ أَصَابِعِهِ "

ذكر خبر احتج به من توهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة في فاتحة الكتاب

ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْرَأْ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

1346 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو جَابِرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَيَقْرَأُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "

ذكر الدليل على أن أنسا إنما أراد بقوله: لم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وأنهم كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَنَسًا إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1347 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَلَمْ يَجْهَرُوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1348 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَلِيلٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْجَوَّابِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «-[121]- صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَلَمْ يَجْهَرُوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَرَوَى أَصْحَابُنَا عَنْ 1349 - أَحْمَدَ بْنِ شُرَيْحٍ الرَّازِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ الْقَصِيرُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسِرُّ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِهَذَا قَالَ: هَذَا صَرِيحٌ بِخِلَافِ مَا تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَسْعَ فِي الْعِلْمِ فَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ فِي الصَّلَاةِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ذكر اختلاف أهل العلم في القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، وهي آية من كتاب الله أم لا؟ اختلف أهل العلم في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة، فقالت طائفة: لا يقرأ بها سرا ولا جهرا، كذلك قال مالك، والأوزاعي، وقال عبد الله بن معبد الزماني،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقِرَاءَةِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَهِيَ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: مَا أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَّا فِي النمْلِ: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30] ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ اسْتَفْتَحَ فِي السُّورَةِ

بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا ابْتَدَأَ فَوَاتِحَهَا، وَلَا يَسْتَفْتِحُ بِهَا فِي أُمِّ الْقُرْآنِ. وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، وَلَوْ كَانَتْ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَبَدَءُوا بِهَا، فَإِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قِيلَ: هَذِهِ دَعْوَى غَيْبٍ، وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ خِلَافِ ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا بِخَبَرٍ مِثْلِهِ. وَقَالَ آخَرُ: لَوْ كَانَتْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً فِي كُلِّ سُورَةٍ لَعُدَّتْ فِي آيِ السُّوَرِ، فَقَدْ كَتَبَ النَّاسُ الْمَصَاحِفَ، وَكَتَبُوا عَدَدَ آيِ كُلِّ سُورَةٍ فَلَمْ يَعُدُّوهَا فِي عَدَدِ آيِ السُّوَرِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَتَبُوا سُورَةَ الْكَوْثَرِ ثَلَاثَ آيَاتٍ، وَلَوْ عَدُّوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْهَا لَكَتَبُوا عَدَدَهَا أَرْبَعَ آيَاتٍ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السُّوَرِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ، وَاخْتَلَفُوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَهِيَ آيَةٌ مِنْهَا أَمْ لَا، فَعَدَّهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ سَبْعَ آيَاتٍ، جَعَلُوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً مِنْهَا، وَفِي عَدَدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَبْعُ آيَاتٍ، لَيْسَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْهَا. وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: كُنَّا لَا نَعْرِفُ انْتِهَاءَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ

الرَّحِيمِ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا جُعِلَتْ عَلَمًا بَيْنَ السُّورَةِ وَالَّتِي بَعْدَهَا، لَا أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ إِحْدَى السُّورَتَيْنِ، كَمَا كُتِبَتْ فِي أَوَّلِ كُلِّ كِتَابٍ

1350 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَايَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقْرَأُ فِي صَلَاتِي بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَدَثَ: " فَإِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُهَا، إِذَا قَرَأْتَ فَقُلْ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ مِنْهَا، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ فِي مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ، مُدْرَجًا فِيهَا، مَكْتُوبًا بِالسَّوَادِ مَعَ سَائِرِ آيِ الْقُرْآنِ غَيْرَ مُمَيَّزٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْقُرْآنِ، كَمَا مَيَّزُوا بَيْنَ عَدَدِ الْآيِ الْمُثْبَتَةِ بِغَيْرِ السَّوَادِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، لِأَنَّهُمْ كَتَبُوا عَدَدَ الْآيِ بِالْخُضْرَةِ، أَوِ بِالْحُمْرَةِ، وَبِغَيْرِ السَّوَادِ. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ

رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] : أُمَّ الْقُرْآنِ ". وَقَالَ: وَقَرَأَهَا -[124]- عَلَيَّ سَعِيدٌ كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] الْآيَةُ السَّابِعَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَقَدْ أَخْرَجَهَا اللهُ لَكُمْ، فَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ»

1351 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: " {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] : أُمَّ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَقَرَأَ عَلَيَّ سَعِيدٌ كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْآيَةُ السَّابِعَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ أَخْرَجَهَا اللهُ لَكُمْ، فَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ "

1352 - حَدَّثنا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عُبَيْدٍ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] الْآيَةُ السَّادِسَةُ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٌ: وَقَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي هَذَا أَعْجَبُ إِلَيَّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: " {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] قَالَ: هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَكْتُوبَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ". وَاحْتَجَّ آخَرُ بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ رَأَى الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ

1353 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا أَبِي وَشُعَيْبٌ، عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ: " صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَرَأَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ -[125]- حَتَّى بَلَغَ {غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ، قَالَ: آمِينَ، وَقَالَ النَّاسُ: آمِينَ، وَيَقُولُ: كُلَّمَا سَجَدَ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الْجُلُوسِ فِي اثْنَتَيْنِ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، وَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَفْتَتِحُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَيَقُولُ: آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَرَكَهَا النَّاسُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدَعُ أَبَدًا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي مَكْتُوبَةٍ وَتَطَوُّعٍ إِلَّا نَاسِيًا لِأُمِّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةِ الَّتِي أَقْرَأُ بَعْدَهَا، هِيَ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ تَرَكَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَقَدْ تَرَكَ مِائَةَ آيَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ آيَةً

ذكر اختلاف أهل العلم في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم اختلف أهل العلم في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فقالت طائفة: يجهر بها، كذلك قال الشافعي، واحتج بحديث رواه عن معاوية أنه: قرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجَهْرِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجَهْرِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْهَرُ بِهَا، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ: قَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَقْرَأْ بِهَا لِلسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى قَضَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ، وَلَمْ يُكَبِّرْ حِينَ يَهْوِي حَتَّى قَضَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ نَادَاهُ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ: يَا مُعَاوِيَةُ أَسَرَقْتَ الصَّلَاةَ أَمْ نَسِيتَ؟ فَلَمَّا صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ قَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِلسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَكَبَّرَ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَسْتَفْتِحَانِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ: يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَقُولُ: مَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهَا إِلَّا الْكِبَرُ. وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1354 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: " صَلَّى مُعَاوِيَةُ بِالْمَدِينَةِ صَلَاةً فَجَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَقْرَأْ بِهَا لِلسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى قَضَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ، وَلَمْ يُكَبِّرْ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا حَتَّى قَضَى تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ نَادَاهُ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ: يَا مُعَاوِيَةُ أَسَرَقْتَ الصَّلَاةَ أَمْ نَسِيتَ؟ فَلَمَّا صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ قَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِلسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَكَبَّرَ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا "

1355 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1356 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ -[127]- بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: " كَانَ يَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ اسْتَرَقَّهُ الشَّيْطَانُ مِنَ النَّاسِ "

1357 - حَدَّثنا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَاسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَلَمَّا قَرَأَ: {غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "

1358 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ: «كَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1359 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قِرَاءَةُ الْأَعْرَابِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَيَقْرَأُهَا الْإِمَامُ فِي أَوَّلِ الْحَمْدِ وَيُخْفِيهَا، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَانَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ لَا يَرَيَانِ الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ

1360 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَسْأَلُ عَاصِمَ بْنَ أَبِي النَّجُودِ: مَا سَمِعْتَ مِنْ قِرَاءَةِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو وَائِلٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: " يَفْتَتِحُ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] "

1361 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ سَبْعِينَ صَلَاةً، فَلَمْ يَجْهَرْ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1362 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، أَنَّ عَلِيًّا وَعَمَّارًا: «كَانَا لَا يَجْهَرَانِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1363 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: «أَنَّهُ كَانَ يُخْفِي بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

1364 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَجْهَرَانِ» وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ: اقْرَأْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي نَفْسِكَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: جَهْرُ الْإِمَامِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِدْعَةٌ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: خَمْسٌ يُخْفِيهُنَّ الْإِمَامُ، فَذَكَرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. -[129]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الْحَكَمِ قَوْلًا ثَالِثًا، وَهُوَ: إِنْ شَاءَ جَهَرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْفَاهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى الْجَهْرِ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُخْفُونَهَا، هَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ. وَفِي قَوْلِ بَعْضِ مَنْ يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِهَا، وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُمْ قَرَءُوهَا سِرًّا، فَلَا يُقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا. وَفِي قَوْلِ مَنْ يَرَى الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مَعْنَى قَوْلِهِ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَيْ يَفْتَتِحُونَ بِقِرَاءَةِ الْحَمْدُ، يَعْنِي بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْحَمْدُ، كَمَا يُقَالُ: افْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِلسُّورَةِ، لَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَثَبَتَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ جَهَرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَانَ الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ جَهَرَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْفَاهَا، وَهَذَا مُوَافِقٌ مَذْهَبَ الْحَكَمِ وَإِسْحَاقَ، وَفِي هَذَا الْبَابِ حِجَجٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا غَيْرَ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر الجهر بآمين عند الفراغ من قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة التي يجهر فيها الإمام بالقراءة ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أمن القارئ فأمنوا "

ذِكْرُ الْجَهْرِ بِآمِينَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا»

1365 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

1366 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَوْلِهِ «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِالنَّاسِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَسَرَّ التَّأْمِينَ لَمْ يُعْلِمْ بِذَلِكَ الْمَأْمُومَ فَيُؤَمِّنُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ، وَهَذَا بَيِّنٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ لِلْفَهْمِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُومَ أَنْ يُؤَمِّنَ إِذَا أَمَّنَ إِمَامُهُ

1367 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: {غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: «آمِينَ» حَتَّى يُسْمِعَنَا "

ذكر الدليل على أن الإمام إذا جهل فلم يقل آمين أو نسيه؛ فعلى المأموم أن يؤمن إذا قال إمامه: غير المغضوب عليهم ولا الضالين

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا جَهِلَ فَلَمْ يَقُلْ آمِينَ أَوْ نَسِيَهُ؛ فَعَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يُؤَمِّنَ إِذَا قَالَ إِمَامُهُ: {غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]

1368 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: " {غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ، فَقَولُوا: آمِينَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ: آمِينَ، وَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ: آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "

ذكر مد الصوت بآمين

ذِكْرُ مَدِّ الصَّوْتِ بِآمِينَ

1369 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قَالَ: «آمِينَ» يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ الْجَهْرُ بِالتَّأْمِينِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ، وَمِمَّنْ كَانَ يُؤَمِّنُ عَلَى أَثْرِ الْقِرَاءَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَيُؤَمِّنُ مِنْ خَلْفِهِ حَتَّى أَنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً. ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا آمِينَ دُعَاءٌ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا خَتَمَ أُمَّ الْقُرْآنِ قَالَ: آمِينَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

1370 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " قُلْتُ لَهُ: أَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُؤَمِّنُ عَلَى أَثْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا آمِينَ دُعَاءٌ " وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْجَهْرَ بِآمِينَ، وَحَكَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: خَمْسٌ يُخْفِيهُنَّ الْإِمَامُ، فَذَكَرَ آمِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يُجْهَرُ بِآمِينَ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهِلَالُ بْنُ يَسَافٍ: آمِينَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ. وَكَانَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يَرَوْنَ أَنْ يُخْفِيَ الْإِمَامُ آمِينَ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَقُلْ: آمِينَ تُخْفِيهَا

ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة بلفظ عام، تدل الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن المراد منه خاص

ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّكْبِيرِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظٍ عَامٍ، تَدُلُّ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ خَاصٌّ

1371 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، -[133]- قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعٌ: " أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا وَضَعَ وَكُلَّمَا رَفَعَ "

1372 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ»

ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يكبر في بعض الرفع لا في كل رفع، لأنه كان يقول: إذا رفع رأسه من الركوع قال: " سمع الله لمن حمده "

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يُكَبِّرُ فِي بَعْضِ الرَّفْعِ لَا فِي كُلِّ رَفْعٍ، لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»

1373 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْمَثْنَى بَعْدَ الْجُلُوسِ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

1374 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي -[134]- سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " يُصَلِّي بِنَا فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ، وَإِذَا جَلَسَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ يُكَبِّرُ، ويُكَبِّرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَتَيْنِ، وَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي صَلَاتَهُ، وَمَا زَالَتْ هَذِهِ صَلَاتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا "

1375 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ، فَكَبَّرَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: إِنِّي صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخٍ أَحْمَقَ، فَكَبَّرَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، تِلْكَ صَلَاةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ، وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَقَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ

1376 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فَكَانَا يُتِمَّانِ التَّكْبِيرَ»

1377 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: «كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ»

1378 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ عُمَرَ: «كَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ» وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ جَابِرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، وَفِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ وَكِفَايَةٌ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ نَقَصُوا التَّكْبِيرَ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَعَلَّ مَنْ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ نَقَصُوا التَّكْبِيرَ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا أَغْفَلُوا، أَوْ كَبَّرُوا، فَلَمْ يُؤَدِّ عَنْهُمْ، أَوْ يَكُونُوا دَفَعُوا ذَلِكَ، -[136]- فَغَيْرُ جَائِزٍ دَفْعُ مَا قَدْ ثَبَتَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَّنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِقَوْلِ أَحَدٍ. فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ الْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

1379 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ فَلَمْ يُكَبِّرْ هَذَا التَّكْبِيرَ بِالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ»

1380 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ: يُنْقِصُ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ " قَالَ مِسْعَرٌ: إِذَا انْحَطَّ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِلسُّجُودِ لَمْ يُكَبِّرْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ لَمْ يُكَبِّرْ

ذكر رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

1381 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: -[137]- أَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ لِلصَّلَاةِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَهَا كَذَلِكَ، وَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ "

1382 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَيَصْنَعُ إِذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَإِذَا قَامَ مِنْ سَجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَرْفَعَ الْمَرْءُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ , وَاخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عَرْمٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إِذَا كَبَّرُوا، وَإِذَا رَكَعُوا، وَإِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ مِنَ الرُّكُوعِ، كَأَنَّهَا الْمَرَاوِحُ

1383 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إِذَا كَبَّرُوا، وَإِذَا رَكَعُوا، وَإِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ مِنَ الرُّكُوعِ، كَأَنَّهَا الْمَرَاوِحُ»

1384 - وَحَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، وَابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَمْرٍو، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ» نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، يَعْنِي عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ

1385 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُسًا: " وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ وَعَبْدَ اللهِ، وَعَبْدَ اللهِ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ» أَيْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ "

1386 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ»

1387 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: عَلَّمَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: " قَامَ كَأَنَّهُ يُصَلِّي بِنَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى أَطْرَافِ أُذُنَيْهِ فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ، هَكَذَا فَاصْنَعُوا» ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ، فَقَالَ: «هَكَذَا فَاصْنَعُوا» ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا فَاصْنَعُوا» -[139]- وَرُوِي ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَنَافِعٍ، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمَكْحُولٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، -[140]- وَسَالِمٍ، وَنَافِعٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ -[141]- الْعَنْبَرِيِّ، وَعَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ عِيسَى، وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعُمَرِ بْنِ -[142]- عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مِقْدَامٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الصَّبَّاحِ، وَزُهَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ الْبَابِ، وَحَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ، وَأَزْهَرَ السَّمَّانِ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيِّ، وَوَهْبِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَبَهْزٍ، وَالْمُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ، وَأَبِي قُتَيْبَةَ، -[144]- وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ، وَيَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِنْقَرِيِّ، -[145]- وَأَيُّوبَ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ الْمُقْرِئِ، وَيَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُقْرِئِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ -[146]- عَوْنٍ الْوَاسِطِيِّ، وَالْحُمَيْدِيِّ، وَمُسَدَّدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ.

وَحَكَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ: وَبَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَهَذَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، قَالَ يُونُسُ: وَهِيَ آخِرُ سَنَةٍ فَارَقَ فِيهَا ابْنَ وَهْبٍ مَالِكٌ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ حَتَّى يُكَبِّرَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ. وَمِمَّنْ قَالَ بِمِثْلِ مَا ذَكْرْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ

1388 - وَحَدَّثنا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولُ: «أَخَذَ أَهْلُ مَكَّةَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي الِافْتِتَاحْ وَالرُّكُوعِ، وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ» عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخَذَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَأَخَذَهُ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخَذَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[148]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَلَا يَرْفَعُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَخْبَارٍ رُوُّوهَا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَخَيْثَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى

1389 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، يَعْنِي النَّهْشَلِيَّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ، قَالَ: «فَكَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْأُولَى، وَلَا يَرْفَعُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ»

1390 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَا يَفْتَتِحُ»

1391 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ -[149]- حَسَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ» وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَرَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ لَا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَّا حِينَ يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْقَوْلِ بِحَدِيثٍ

1392 - حَدَّثناهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، هُوَ ابْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً» وَحَكَى الْأَثْرَمُ، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذَكَرَ وَكِيعًا فَقَالَ: كَانَ يَرْوِي الْأَحَادِيثَ عَلَى غَيْرِ أَلْفَاظِهَا وَيَسْتَعْمِلُ يَعْنِي كَثِيرًا وَيُلْحِقُهَا فِي الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عَاصِمِ بْنَ كُلَيْبٍ فِي الرَّفْعِ وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَكِيعِيُّ: كَانَ وَكِيعٌ يَقُولُ فِيهِ، يَعْنِي: ثُمَّ لَمْ يُعِدْ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيسَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَلَيْسَ فِيهِ: ثُمَّ لَمْ يُعِدْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ، -[150]- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ بِالْأَسَانِيدِ الْجِيَادِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعٍ كَفِعْلِ أَصْحَابِهِ، رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ سَالِمٌ، وَنَافِعٌ، وَهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، وَهُمَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَفِي ثُبُوتِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مُسْتَغْنًى عَنْ قَوْلِ مَنْ سِوَاهُ، فَإِنِ اعْتَلَّ مُعْتَلٌّ بِخَبَرٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، فَلَوْ ثَبَتَ هَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، لِأَنَّ عَبْدَ اللهِ إِذَا مَا حَفِظَ، وَحَفِظَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمَا، وَأَبُو حُمَيْدٍ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْهُمْ، فَغَيْرُ جَائِزٍ تَرْكُ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَفِظَهَا هَؤُلَاءِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَحْفَظْهَا، خَفِيَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ كَمَا خُفِيَ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فِي وَضَعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، وَكَانَ يُطْبِقُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، وَالسُّنَّةُ الَّتِي نَقَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ. فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَخْفَى مِثْلُ هَذِهِ السُّنَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ الْيَوْمَ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُهُمُ الْيَوْمَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، لَيَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا حَفِظَهُ -[151]- أُولَئِكَ، وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ أَنْ يُنْزِلَ هَذَا الْبَابَ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ أُسَامَةَ وَبِلَالٍ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ، وَأَثْبَتَ بِلَالٌ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ، وَنَفَى ذَلِكَ أُسَامَةُ، وَحَكَمَ النَّاسُ لِبِلَالٍ لِأَنَّهُ شَاهَدَ، وَلَمْ يَحْكُمُوا لِأُسَامَةَ لِأَنَّهُ نَفَى شَيْئًا حَفِظَهُ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا حَفِظَهُ، وَحَالَ مَنْ حَفِظَهُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، إِنْ تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ الَّتِي زَادُوهَا، لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا مَا لَمْ يَحْفَظْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ لِلْقَوْلِ بِالصَّوَابِ وَاتِّبَاعِ السُّنَنِ

ذكر وضع الكفين على الركبتين في الركوع والتفريج بين الأصابع

ذِكْرُ وَضْعِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّفْرِيجِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ

1393 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ الْبَرَّادُ، وَكَانَ عِنْدِي أَوْثَقَ مِنْ نَفْسِي قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: " أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَلَمَّا رَكَعَ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَجَافَى عَنْ إِبْطَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ "

ذكر التطبيق بين الكفين وتصييرهما من الركبتين في الركوع

ذِكْرُ التَّطْبِيقِ بَيْنَ الْكَفَّيْنِ وَتَصْيِيرِهِمَا مِنَ الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ

1394 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «عَلَّمَنَا -[152]- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ وَطَبَّقَ يَدَيْهِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ»

ذكر نسخ ذلك والأمر بوضع اليدين على الركبتين

ذِكْرُ نَسْخِ ذَلِكَ وَالْأَمْرِ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ

1395 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: " رَكَعْتُ فَطَبَّقْتُ فَجَعَلْتُ يَدِي بَيْنَ رُكْبَتَيَّ، فَنَهَانِي أَبِي وَقَالَ: إِنَّا قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا فَنُهِينَا عَنْهُ "

1396 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ الْأَزْرَقَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةٌ يَعْنِي التَّطْبِيقَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَدَلَّ خَبَرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى نَسْخِ التَّطْبِيقِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: إِنَّ الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ طَبَّقَ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، لِأَنَّ فِي خَبَرِ سَعْدٍ النَّهْيَ عَنْهُ , وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَرَ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ

1397 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ رَاكِعًا قَدْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ»

1398 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَكَعَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ»

1399 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا رَكَعْتَ فَضَعْ كَفَّيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ وَابْسُطْ ظَهْرَكَ، وَلَا تُقْنِعْ رَأْسَكَ، وَلَا تُصَوِّبْهُ وَلَا تَمُدَّ وَلَا تَقْبِضْ» وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكُلُّ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَالْأَسْوَدُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ يُطَبِّقُونَ أَيْدِيَهُمْ بَيْنَ رُكَبِهِمْ إِذَا رَكَعُوا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَوْلًا ثَالِثًا مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، -[154]- عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَكَعْتَ فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هَكَذَا، وَإِنْ شِئْتَ وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هَكَذَا طَبَّقَتْ

1400 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ شَيْخًا كَبِيرًا عَلَيْهِ بُرْنُسٌ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: يَعْنِي الْأَسْوَدَ بْنَ زَيْدٍ، إِذَا رَكَعَ ضَمَّ يَدَيْهِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَأَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، فَأَخْبَرَنَاهُ، فَقَالَ: نَعَمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودِ وَلَكِنْ عُمَرُ قَدْ سَنَّ لَكُمُ الرُّكَبَ فَخُذُوا بِالرُّكَبِ "

1401 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ قَطَنٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا رَكَعْتَ فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هَكَذَا، وَإِنْ شِئْتَ وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هَكَذَا طَبَّقْتَ»

ذكر المجافاة بالمرفقين عن الجنبين وبسط الظهر وتسوية الرأس بالظهر في الركوع

ذِكْرُ الْمُجَافَاةِ بِالْمَرْفِقَيْنِ عَنِ الْجَنْبَيْنِ وَبَسْطِ الظَّهْرِ وَتَسْوِيَةِ الرَّأْسِ بِالظَّهْرِ فِي الرُّكُوعِ

1402 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: ثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: اجْتَمَعَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حُمَيْدٍ، وَأَبُو أُسَيْدٍ، كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ، فَتَذَاكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: «دَعُونِي أُحَدِّثُكُمْ عَنْهَا، فَأَنَا أَعْلَمُكُمْ بِهَا، رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَكَعَ، فَأَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ كَالْقَابِضِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُقْنِعْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ»

1403 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، -[155]- قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: " سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا، وَإِذَا رَكَعَ اعْتَدَلَ فَلَمْ يَصُبَّ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ " وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنٍعْهُ

ذكر الدليل على أن صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود غير مجزية

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ غَيْرُ مُجْزِيَةٍ

1404 - حَدَّثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»

1405 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ، أَرَاهُ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ فِي الْوَفْدِ، قَالَ: " صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَحَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنِهِ إِلَى رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ‍ لَا صَلَاةَ لِامْرِئٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»

الأمر بتعظيم الرب تبارك وتعالى في الركوع قال الله جل ذكره: فسبح باسم ربك العظيم الآية، وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أما الركوع فعظموا فيه الرب "

الْأَمْرُ بِتَعْظِيمِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الرُّكُوعِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] الْآيَةَ، وَثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ»

1406 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: فَإِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثنا أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: «أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»

1407 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] الْآيَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ» ، فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآَيَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» . وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَوْلُهُ: قَمِنٌ: جَدِيرٌ وَحَرِىٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ

ذكر التسبيح في الركوع

ذِكْرُ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ

1408 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: سَأَلْتُ الْأَعْمَشَ فَحَدَّثَنِي عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: " أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ»

1409 - حَدَّثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ» ثَلَاثًا

ذكر التحميد مع التسبيح ومسألة الله جل ذكره الغفران في الركوع

ذِكْرُ التَّحْمِيدِ مَعَ التَّسْبِيحِ وَمَسْأَلَةِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ الْغُفْرَانَ فِي الرُّكُوعِ

1410 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي» وَيَتَأَوُّلُ الْقُرْآنَ، يَعْنِي إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ " الْآَيَةَ

ذكر التقديس في الركوع

ذِكْرُ التَّقْدِيسِ فِي الرُّكُوعِ

1411 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» فَذَكَرْتُهُ لِهِشَامٍ، فَقَالَ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

وجه غير الذي ذكرناه مما يقال في الركوع

وَجْهٌ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ

1412 - حَدَّثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ، فَإِذَا رَكَعَ كَانَ كَلَامُهُ فِي رُكُوعِهِ: «اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، أَنْتَ رَبِّي، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَعَصَبِي، وَعَظْمِي، وَمُخِّي مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِلْمَرْءِ أَنْ يَقُولَ بِأَيِّ خَبَرٍ شَاءَ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، إِذِ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ، فَأَيُّ تَسْبِيحٍ أَوْ تَعْظِيمٍ، أَوْ ذِكْرٍ، أَتَى بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَقْوَالًا غَيْرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ , وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: وَقَدْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ فِي كُلِّ الرُّكُوعِ أَنْ يُسَبِّحُوا ثَلَاثًا، سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، وَقَالَ أَصْحَابُ -[159]- الرَّأْيِ: يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ الرَّاكِعُ فِي رُكُوعِهِ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ مَا حُكِّيتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ، يَعْنِي: «اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، أَنْتَ رَبِّي، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» . وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: نَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُولُ بِحَمْدِهِ

ذكر النهي عن القراءة في الركوع والسجود

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

1413 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا»

قول المصلي سمع الله لمن حمده مع رفع الرأس من الركوع

قَوْلُ الْمُصَلِّي سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَعَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

1414 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ "

ذكر التحميد والدعاء بعد رفع الرأس من الركوع

ذِكْرُ التَّحْمِيدِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

1415 - حَدَّثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، ثُمَّ يُتْبِعُهَا: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ بَعْدَهُ»

1416 - وَأَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» قَالَ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ أَهْلِ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، حَقٌّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، كُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ، مِنْكَ الْجَدُّ» 1417 - وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر فضل التحميد بعد رفع الرأس من الركوع

ذِكْرُ فَضْلِ التَّحْمِيدِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

1418 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، -[161]- عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " كُنَّا يَوْمًا وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا؟» قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلَ "

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يقوله المأموم إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده اختلف أهل العلم في قول المأموم إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقالت طائفة: يقول سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، كذلك قال محمد بن سيرين، وأبو بردة، وقال عطاء:

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَقُولُهُ الْمَأْمُومُ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ الْمَأْمُومِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُولُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو بُرْدَةَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يَجْمَعُهُمَا مَعَ الْإِمَامِ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَلْيَقُلْ مَنْ خَلْفَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ

1419 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَلْيَقُلْ مَنْ خَلْفَهُ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ "

1420 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: كَانَ يَقُولُ: " إِذَا كَانَ مَأْمُومًا، فَقَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ "

1421 - وَحَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " إِذَا كَانَ مَأْمُومًا، فَقَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ "

1422 - وَحَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزٍ الْأَعْرَجَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " إِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُلْ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَقَطَ مِنْ كِتَابِي «فَقُلْ» وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَى هَذَا انْتُهِيَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَالُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ "، فَالِاخْتِصَارُ عَلَى مَا عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُومَ أَنْ يَقُولَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمَأْمُومِ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ؛ أَوْكَدَ مِنَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْفَرْضِ، وَمِمَّا يَزِيدُ مَا قُلْنَاهُ تَوْكِيدًا قَوْلُ الرَّجُلِ وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ لَمَّا سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ

1422 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي -[163]- أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ "

ذكر فضل قول اللهم ربنا لك الحمد

ذِكْرُ فَضْلِ قَوْلِ اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ

1423 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "

ذكر الاعتدال وطول القيام بعد رفع الرأس من الركوع

ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ وَطُولِ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

1424 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: ثنا سَالِمُ الْبَرَّادُ، وَكَانَ عِنْدِي أَوْثَقَ مِنْ نَفْسِي، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: " أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَكَعَ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمَعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَاسْتَوَى قَائِمًا حَتَّى اسْتَقَرَ كُلُّ شَيْءٍ، وَكَبَّرَ وَسَجَدَ "

1425 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ: " يَنْعَتُ لَنَا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ نَسِيَ "

ذكر التسوية بين الركوع وبين القيام بعد رفع الرأس من الركوع

ذِكْرُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

1426 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سُجُودُهُ وَرُكُوعُهُ وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ»

ذكر التكبير مع الإهواء للسجود

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ مَعَ الْإِهْوَاءِ لِلسُّجُودِ

1427 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ يَقُولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ وَهُوَ مُنْحَطُّ

ذكر التجافي بالأيدي عند الإهواء إلى السجود

ذِكْرُ التَّجَافِي بِالْأَيْدِي عِنْدَ الْإِهْوَاءِ إِلَى السُّجُودِ

1428 - وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: " أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَذَكَرَ بَعْضَ -[165]- الْحَدِيثِ، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: «اللهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ مُجَافِيًا يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ "

ذكر البدء بوضع الركبتين قبل اليدين في السجود

ذِكْرُ الْبَدْءِ بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ

1429 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو سَهْلٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ وَضَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ»

ذكر وضع اليدين قبل الركبتين

ذِكْرُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ

1430 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا أَصْبَغُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " كَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

1431 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ: «إِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ وَهُوَ مُنْحَطٌّ، وَيَقَعُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ» -[166]- وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَضَعُ يَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ إِذَا سَجَدَ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ قَبْلَ رُكَبِهِمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قِيلَ: إِنَّ الَّذِي يَصِحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ، وَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ ثَابِتٌ وَبِهِ نَقُولُ

1432 - حَدَّثنا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ -[167]- أَنْ يَسْجُدَ وَقَعَتْ رُكْبَتَاهُ قَبْلَ يَدَيْهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ مَنْسُوخٌ

وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ 1433 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: «كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ»

ذكر وضع اليدين في السجود على الأرض إذ هما يسجدان كسجود الوجه

ذِكْرُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ إِذْ هُمَا يَسْجُدَانِ كَسُجُودِ الْوَجْهِ

1434 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ فَكَبَّرَ مَعَهُمَا، فَإِنَّ الْيَدَيْنِ يَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ»

ذكر عدد الأعضاء التي تسجد مع المصلي في صلاته إذا سجد المصلي

ذِكْرُ عَدَدِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تَسْجُدُ مَعَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ إِذَا سَجَدَ الْمُصَلِّي

1435 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ثنا -[168]- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ فَسَجَدَ مَعَهُ سَبْعُ آرَابٍ: وَجْهُهُ، وَكَفَّاهُ، وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاهُ "

ذكر الأمر بالسجود على الآراب السبعة اللواتي يسجدن مع المصلي إذا سجد، وتسمية الأعضاء التي أمر المصلي بالسجود عليهن

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ عَلَى الْآرَابِ السَّبْعَةِ اللَّوَاتِي يَسْجُدْنَ مَعَ الْمُصَلِّي إِذَا سَجَدَ، وَتَسْمِيَةِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي أُمِرَ الْمُصَلِّي بِالسُّجُودِ عَلَيْهِنَّ

1436 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ، وَلَا أَكُفَّ الشَّعْرَ، وَلَا الثِّيَابَ، الْجَبْهَةِ، وَالْأَنْفِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ»

ذكر إمكان الجبهة والأنف من الأرض ووضع اليدين حذو المنكبين في السجود

ذِكْرُ إِمْكَانِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ فِي السُّجُودِ

1437 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: نا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: اجْتَمَعَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حُمَيْدٍ، وَأَبُو أُسَيْدٍ كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ فَتَذَاكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: " دَعُونِي أُحَدِّثُكُمْ عَنْهَا فَأَنَا أَعْلَمُكُمْ بِهَا، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ جَبْهَتَهُ -[169]- رَافِعَةً مِنَ الْأَرْضِ، وَنَحَّى مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَجَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ "

ذكر إباحة وضع اليدين والسجود حذاء الأذنين

ذِكْرُ إِبَاحَةِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ وَالسُّجُودِ حِذَاءَ الْأُذُنَيْنِ

1438 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: السَّاجِدُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ وَضَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ

ذكر ضم أصابع اليدين في السجود واستقبال القبلة بها ثبت أن ابن عمر كان إذا سجد ضم يديه، ولم يفرجهما، وقال بذلك الثوري، والأوزاعي،

ذِكْرُ ضَمِّ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِهَا ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَجَدَ ضَمَّ يَدَيْهِ، وَلَمْ يُفَرِّجْهُمَا، وَقَالَ بِذَلِكَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ،

وَحَدَّثَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ 1439 - هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَزَّازِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ الْخَازِنِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ»

1440 - وَحُدِّثْتُ عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ تِجَاهَ الْقِبْلَةِ» -[170]- وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى اسْتَقْبَلَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ الْقِبْلَةَ، حَتَّى أَصَابِعِهِ يَعْدِلُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ

ذكر الاعتدال في السجود والنهي عن افتراش الذراعين

ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ فِي السُّجُودِ وَالنَّهْيِ عَنِ افْتِرَاشِ الذِّرَاعَيْنِ

1441 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ، وَلَا يَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ»

ذكر رفع العجيزة عن العقبين في السجود

ذِكْرُ رَفْعِ الْعَجِيزَةِ عَنِ الْعَقِبَيْنِ فِي السُّجُودِ

1442 - حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: " وَصَفَ لَنَا السُّجُودَ فَأَوْعَمَ عَلَى رَاحَتَيْهِ وَرَفَعَ عَجِيزَتَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ "

ذكر ترك التمدد في السجود

ذِكْرُ تَرْكِ التَّمَدُّدِ فِي السُّجُودِ

1443 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الدَّارِمِيُّ، قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ -[171]- شُمَيْلٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْبَرَاءِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى جَخَّ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُكِيَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، قَالَ: جَخَّ الَّذِي لَا يَتَمَدَّدُ فِي رُكُوعِهِ وَلَا فِي سُجُودِهِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: جَخَّى

ذكر التجافي في السجود

ذِكْرُ التَّجَافِي فِي السُّجُودِ

1444 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ جَافَى حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ»

1445 - حَدَّثنا عَلَّانُ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ يَدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ، حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ»

ذكر فتح أصابع الرجلين في السجود واستقبال القبلة بأطرافها

ذِكْرُ فَتْحِ أَصَابِعِ الرَّجُلَيْنِ فِي السُّجُودِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِأَطْرَافِهَا

1446 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، -[172]- قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا، قَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَفَتَحَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ " وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى الْقَحْطَانُ: أَنَّهُ كَانَ يَنْصِبُ قَدَمَيْهِ فِي السُّجُودِ نَصْبًا، وَلَوْلَا نَصْبُهُ إِيَّاهُمَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَتْحٌ، وَكَانَتِ الْأَصَابِعُ مُنْحَنِيَةً

ضم العقبين في السجود وضم الفخذين كذلك

ضَمُّ الْعَقِبَيْنِ فِي السُّجُودِ وَضَمُّ الْفَخِذَيْنِ كَذَلِكَ

1447 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ كَانَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي، فَكَانَ سَاجِدًا رَاصًّا عَقِبَيْهِ، مُسْتَقْبِلًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ»

1448 - حَدَّثُونَا عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الدَّرَّاجُ، عَنْ أَبِي حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَفْتَرِشْ يَدَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ، وَلْيَضُمَّ فَخِذَيْهِ»

ذكر رفع المرفقين في السجود

ذِكْرُ رَفْعِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّجُودِ

1449 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ -[173]- عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ يُجَافِي حَتَّى لَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَرَّتْ»

ذكر طول السجود والتسوية بينه وبين الركوع وبين القيام بعد رفع الرأس من الركوع وقد ذكرنا هذا الحديث في باب التسوية بين الركوع وبين القيام بعد رفع الرأس من الركوع

ذِكْرُ طُولِ السُّجُودِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ

ذكر النهي عن نقرة الغراب في السجود

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ فِي السُّجُودِ

1450 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَكَمِ أَخْبَرَهُ عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَلَاثٍ، عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السِّبْعِ، وَأَنْ يُوَاطِنَ الرَّجُلُ الْمَقَامَ الْوَاحِدَ كَإِيطَانِ الْبَعِيرِ»

ذكر الرخصة في الاعتماد بالمرفقين على الركبتين إذا طال السجود واعيا المصلي

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الِاعْتِمَادِ بِالْمِرْفَقَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ إِذَا طَالَ السُّجُودُ وَاعِيًا الْمُصَلِّي

1451 - حَدَّثنا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، -[174]- عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " اشْتَكَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَقَّةَ السُّجُودِ عَلَيْهِمْ إِذَا انْفَرَجُوا، فَقَالَ: «اسْتَعِينُوا بِالرُّكَبِ»

ذكر إتمام السجود والنهي عن انتقاصه، وتسمية المنقص عن ركوعه وسجوده سارقا، إذ هو سارق في صلاته

ذِكْرُ إِتْمَامِ السُّجُودِ وَالنَّهْيِ عَنِ انْتِقَاصِهِ، وَتَسْمِيَةِ الْمُنْقِصِ عَنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سَارِقًا، إِذْ هُوَ سَارِقٌ فِي صَلَاتِهِ

1452 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ» ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: «لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا، وَلَا سُجُودَهَا»

ذكر اختلاف أهل العلم في الساجد على الجبهة دون الأنف، وعلى الأنف دون الجبهة اختلف أهل العلم في الساجد على الجبهة دون الأنف، فممن أمر بالسجود على الأنف: ابن عباس، وعكرمة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن جبير

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي السَّاجِدِ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ، وَعَلَى الْأَنْفِ دُونَ الْجَبْهَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّاجِدِ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ، فَمِمَّنْ أَمَرَ بِالسُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

1453 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا سَجَدْتَ فَالْصَقْ أَنْفَكَ بِالْأَرْضِ»

1454 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَلْصَقْ أَنْفَهُ بِالْحَضِيضِ، فَإِنَّ اللهَ قَدِ ابْتَغَى ذَلِكَ بَيْنَكُمْ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنْ لَمْ يَضَعْ أَنْفَهُ عَلَى الْأَرْضِ فِي سُجُودِهِ لَمْ تَتِمَّ صَلَاتُهُ. وَقَالَ طَاوُسٌ: الْأَنْفُ مِنَ الْجَبِينِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ، وَكَقَوْلِ النَّخَعِيِّ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُجْزِيهِ السُّجُودُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ

وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْسَانًا لَا يَمَسُّ أَنْفُهُ الْأَرْضَ، فَقَالَ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لَا يَمَسُّ الْأَنْفُ مَا يَمَسُّ الْجَبِينُ» -[176]- 1455 - حَدَّثَنِيهِ أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، عَنْ عَاصِمٍ وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا سَجَدَ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ عَمْدًا فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ. وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: لَا يُجْزِيهِ السُّجُودُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَسْجُدُ عَلَى سَبْعٍ، وَأَشَارَا بِأَيْدِيهِمَا الْجَبْهَةَ إِلَى مَا دُونَ الْأَنْفِ، وَقَالَا: هَذَا مِنَ الْجَبْهَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْزِي عَلَى جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: رُخِّصَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُجْزِيهِ وَلَا أَرَى لَهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ مَا أَجْتَرِي أَنْ أَحْكُمَ. -[177]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ وَلَمْ يَضَعْ أَنْفَهُ، أَوْ وَضَعَ أَنْفَهُ وَلَمْ يَضَعْ جَبْهَتَهُ، فَقَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ، وَهُوَ قَوْلٌ لَا أَحْسِبُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ، وَلَا تَبِعَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: إِنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ عَلَى جَبْهَتِهِ، لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ

1456 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلمة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: " فَأَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَرَأَيْتُ عَلَى أَرْنَبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْصَرَفَ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ، وَأَرْنَبَتِهِ "

ذكر سجود المرء على ثوبه من الحر والبرد اختلف أهل العلم في سجود المرء على ثوبه في الحر والبرد، فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقول: إذا اشتد الحر فليسجد على ثوبه، وقال عباس بن سهل: أدركت الناس في زمن عثمان بن عفان يضعون أيديهم على الثياب يتقون بها

ذِكْرُ سُجُودِ الْمَرْءِ عَلَى ثَوْبِهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُجُودِ الْمَرْءِ عَلَى ثَوْبِهِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، فَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ثَوْبِهِ، وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الثِّيَابِ يَتَّقُونَ بِهَا حَرَّ الْحَصَى

1457 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَلْيَسْجُدْ -[178]- عَلَى ثَوْبِهِ»

1458 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: أنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: «أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّاسَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الثِّيَابِ يَتَّقُونَ بِهَا حَرَّ الْحَصَى» وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَرَخَّصَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ فِي السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي الْحَرِّ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِالسُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَوْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، وَدُونِهَا ثَوْبٌ لَمْ يُجِزْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرِيحًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا، وَأُحِبُّ أَنْ يُبَاشِرَ بِرَاحَتَيْهِ الْأَرْضَ، فَإِنْ سَتَرَهُمَا مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، فَسَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَقُولُ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

1459 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: ثنا غَالِبٌ الْقَطَّانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ» -[179]- وَاخْتَلَفُوا فِي السُّجُودِ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لِيَرْفَعَهَا عَنْ جَبْهَتِهِ وَيَسْجُدْ عَلَى الْأَرْضِ، وَحَسَرَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الْعِمَامَةَ عَنْ جَبْهَتِهِ، وَكَرِهَ السُّجُودَ عَلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ

1460 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ الْعِمَامَةُ، فَإِذَا سَجَدَ فَلْيَرْفَعْهَا عَنْ جَبْهَتِهِ، وَيَسْجُدْ عَلَى الْأَرْضِ»

1461 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ حَتَّى يَكْشِفَهَا»

1462 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ جَبْهَتِهِ» وَقَالَ مَالِكٌ: أُحِبُّ أَنْ يَرْفَعَهَا عَنْ بَعْضِ جَبْهَتِهِ، حَتَّى يَمَسَّ بَعْضُ جَبْهَتِهِ الْأَرْضَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَيْهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السُّجُودِ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ -[180]- الْبَصْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، وَكَانَ شُرَيْحٌ يَسْجُدُ عَلَى بُرْنُسِهِ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن صلى وترك السجود على سائر الأعضاء غير الجبهة والأنف اختلف أهل العلم في المصلي يدع السجود على سائر الأعضاء غير الجبهة والأنف، فروينا عن مسروق أنه رأى رجلا ساجدا رافعا رجليه، فقال: ما تمت صلاة هذا، وقال أحمد بن حنبل: إذا وضع

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى وَتَرَكَ السُّجُودَ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي يَدَعُ السُّجُودَ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ، فَرُوِّينَا عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا سَاجِدًا رَافِعًا رِجْلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَمَّتْ صَلَاةُ هَذَا، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا وَضَعَ الْيَدَيْنِ بِقَدْرِ الْجَبْهَةِ أَجْزَأَهُ، وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: إِذَا وَضَعَ الْأَكْثَرَ مِنْ كَفِّهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ. وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ، وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: وَضَعَ النَّبٍيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَكَفَّيْهِ فِي السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ، فَهَذَا عِنْدَنَا نُقْصَانٌ مِنْ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَهُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلَّمَا تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ، لَمْ

يُجِزْهُ، وَيُجْزِيهِ تَغْطِيَتُهَا، إِلَّا أَنَّ اسْمَ السُّجُودِ وَاقِعًا عَلَيْهَا، وَإِنْ حَالَ دُونَهُمَا حَائِلٌ، وَكُلَّمَا لَمْ يَضَعْ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عُضْوًا عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِيقَاعِهِ لَمْ يُجِزْهُ. إِلَّا مَا بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الزِّحَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبُرْنُسِ، وَلَا يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَدْرَكْتُ الْقَوْمَ يَسْجُدُونَ عَلَى عَمَائِمِهِمْ، وَيَسْجُدُ أَحَدُهُمْ وَيَدَاهُ فِي قَمِيصِهِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْبَرَانِسِ وَالطَّيَالِسَةِ: رَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ فِيهَا، وَلَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ , وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَأُحِبُّ أَنْ يُبَاشِرَ بِرَاحَتَيْهِ الْأَرْضَ فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَتَرَهُمَا مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ: وَفِي هَذَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْجُدَ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ إِذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا، دُونَ مَا سِوَاهَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِالسُّجُودِ قَصْدَ الْوَجْهِ تَعَبُّدًا لِلَّهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» ، وَأَنَّهُ أُمِرَ بِكَشْفِ الْوَجْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِكَشْفِ رُكْبَةٍ وَلَا قَدَمٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْجُدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَهُمَا مَسْتُورَانِ بِالثِّيَابِ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ وَقَدَمَاهُ فِي الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ، فَهَذِهِ أَعْضَاءُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّتِي قَالَ النَّبٍيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ

أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ " وَإِذَا كَانُوا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَاللَّازِمُ فِي الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَائِلٌ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ، قَالَ: لَوْ لَمْ يَجُزِ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ لِلْحَائِلِ بَيْنَ الْجَبْهَةِ وَالْأَرْضِ، لَكَانَ السُّجُودُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَصِيرَةٍ، وَلَا خُمْرَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ سَجَدُوا عَلَى الْبُسَاطِ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَمَّنْ كَرِهَ السُّجُودَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

1463 - حَدَّثنا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَجَدَ يَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ جَبْهَتَهُ، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ بُرْنُسٍ "

ذكر النهي عن كف الشعر والثياب

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ

1464 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، وَأَنْ لَا يَكُفُّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا» فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ عَاقِصٌ شَعْرَهُ -[183]- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَكُفُّ الشَّعْرَ عَنِ الْأَرْضِ. وَكَرِهَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سَجَدَ يَقَعُ شَعْرُهُ عَلَى الْأَرْضِ

1465 - حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللهِ عَلَى رَجُلٍ سَاجِدًا عَاقِصَ شَعْرِهِ، فَحَلَّهُ، قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فَلَا تَعْقِصْ شَعْرَكَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّ شَعْرَكَ يَسْجُدُ مَعَكَ، وَإِنَّ لَكَ عَلَى سُجُودِهِ أَجْرًا. قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَتَرَّبَ، قَالَ: يَتَتَرَّبُ خَيْرٌ لَكَ "

1466 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَرَّ حُذَيْفَةُ بِابْنٍ لَهُ قَدْ عَقَصَ شَعْرَهُ، وَلَهُ ضَفْرَانِ إِذَا سَجَدَ وَقَاهُمَا مِنَ التُّرَابِ، فَأَخَذَ بِشَفْرَةٍ فَقَطَعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ قَالَ: اصْنَعْ بِالْآخَرِ إِنْ شِئْتَ كَذَا أَوْ دَعْ " قَالَ: وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَجُلٍ قَائِمٍ وَهُوَ عَاقِصٌ شَعْرَهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَجَبَذَهُ حَتَّى صَرَعَهُ "

1467 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ»

1468 - حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَامَنَا طَوِيلَ الشَّعْرِ، إِذَا سَجَدَ وَقَعَ شَعْرُهُ عَلَى الْأَرْضِ " -[184]- وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَعَطَاءٌ يَقُولَانِ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَحْفَظُ عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، غَيْرَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَإِنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: عَلَيْهِ إِعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ

ذكر الأمر بالتسبيح في السجود

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ

1469 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآيَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ»

1470 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانَ مُوسَى سَمَّاهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: " أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] الْآيَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، وَلَمَّا نَزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآيَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» . قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "

1471 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[185]- كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ، وَفِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ثَلَاثًا، قُلْتُ: بِالْخَفْضِ وَبِحَمْدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللهُ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا، وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا فَزِيَادَةً وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبٍحَمْدِهٍ ثَلَاثًا فَزِيَادَةُ

1472 - حَدَّثنا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا، وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا»

1473 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ: " كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا فَزِيَادَةً، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا فَزِيَادَةً " قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَكَانَ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ

1474 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «ارْكَعْ حَتَّى تَسْتَمْكِنَ كَفَّاكَ مِنْ رُكْبَتَيْكَ قَدْرَ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ، ثُمَّ ارْفَعْ صُلْبَكَ حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ عَظْمٍ مِنْكَ مَوْضِعَهُ» وَقَالَ طَاوُسٌ: فِي وِقَاءِ السُّجُودِ أَشَارَ بِيَدِهِ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: التَّامُّ مِنَ السُّجُودِ سَبْعًا، وَالْمُجْزِي ثَلَاثٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ ثَلَاثًا فَإِنَّمَا صَلَاتُهُ النَّقْرُ , -[186]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا عَلَى مَنْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُجْزِي ثَلَاثٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا تَتِمُّ صَلَاتُهُ إِلَّا بِالتَّكْبِيرَاتِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالتَّشَهُّدِ، وَالْقِرَاءَةِ، فِيمَا تَرَكَهَا تَارِكٌ عَمْدًا كَانَ تَارِكًا لِمَا أُمِرَ بِهِ، فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا. وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَبَّحَ فِي سُجُودِهِ وَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآيَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] الْآيَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ» ، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْكَدَ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلَيْسَ بِدُونِهِ، فَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ التَّشَهُّدَ فَرْضًا وَجَعَلَ عَلَى تَارِكِهِ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ فِي تَارِكِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، إِذْ هُوَ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِثْلُهُ أَوْ أَوْكَدُ مِنْهُ، وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ فَرْضَ التَّسْبِيحِ عَنِ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ وَقَالَتْ: لَا إِعَادَةَ عَلَى تَارِكِهِ، فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَدْ أَتَمَّ، وَإِذَا أَمْكَنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَدْ أَتَمَّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَقَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ نَحْوَهُ، وَقِيلَ لِابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: أَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: يُجْزِيهِ إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ؟ قَالَ: فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا تَرَكَ التَّكْبِيرَ سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَقَوْلَهُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالذِّكْرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ -[187]- أَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ، وَلَعَمْرِي لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى حَدِيثِ رِفَاعَةَ فَلَمْ يَفْرِضْ غَيْرَ مَا فِيهِ مِثْلَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ، لَكَانَ قَدْ ذَهَبَ مَذْهَبًا، فَإِنَّهُ قَالَ قَائِلٌ: التَّشَهُّدُ وَجَبَ بِحَدِيثٍ آخَرَ، قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَجَبَ بِحَدِيثٍ آخَرَ، وَلَنْ يَدْخُلَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْءٌ إِلَّا دَخَلَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَةً فِي سُجُودِهِ: يُجْزِيهِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَوْلٌ مَحْدُودٌ، وَلَا تَسْبِيحٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ الْمُصَلِّي فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ حَتَّى يَطْمَئِنَّ. ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ. وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَمِيرَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ، يَعْنِي التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَمْكَنَ جَبْهَتَهُ فِي سُجُودِهِ، وَيَدَيْهِ فِي رُكُوعِهِ، فَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ، قَالَ: وَيَضَعُ الْأَنْفَ مَعَ الْجَبْهَةِ

ذكر نوع ثان مما يقال في السجود

ذِكْرُ نَوْعٍ ثَانٍ مِمَّا يُقَالُ فِي السُّجُودِ

1475 - حَدَّثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ إِذَا سَجَدَ قَالَ فِي سُجُودِهِ: اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "

نوع ثالث مما يقال في السجود

نَوْعٌ ثَالِثٌ مِمَّا يُقَالُ فِي السُّجُودِ

1476 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، سَبَقَتْ رَحْمَةُ رَبِّي غَضَبَهُ»

ذكر الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ

1477 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَآخَرُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ -[189]- فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا» ، قَالَ أَحَدُهُمَا: «فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ» ، وَقَالَ الْآخَرُ: «فَاجْتَهِدُوا الدُّعَاءَ؛ فَإِنَّهُ قَمِنَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»

ذكر الدعاء في السجود

ذِكْرُ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ

1478 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ»

1479 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَبَكْرٌ، قَالَا: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُهُ سَاجِدًا وَقَدِ اسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ، وَهُوَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، أَوْ عِقَابِكَ، وَأَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثناءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»

1480 - وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَسِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ»

ذكر القول بين السجدتين

ذِكْرُ الْقَوْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

1481 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: ثنا كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي» وَرُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي» ، «رَبِّ اغْفِرْ لِي» وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاحْمِنِي، وَارْزُقْنِي، وَاجْبُرْنِي

1482 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْزُقْنِي "

1483 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ فِي سُجُودِهَا، أَوْ فِي صَلَاتِهَا: «اللهُمَّ اغْفِرْ، وَارْحَمْ، وَاهْدِ السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ»

ذكر السنة في الجلوس بين السجدتين

ذِكْرُ السُّنَّةِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

1484 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلِكَ الْيُسْرَى، وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى»

ذكر إباحة الإقعاء على القدمين بين السجدتين

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

1485 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: " قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ، قَالَ: هِيَ السُّنَّةُ، قَالَ: فَقُلْنَا: إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَمَسَّ عَقِبَيْكَ أَلْيَتُكَ. قَالَ طَاوُسٌ: رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يَفْعَلُونَهُ: ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ سَالِمٌ، وَنَافِعٌ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ

1486 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَابْنَ عَبَّاسٍ يَقْعَوْنَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ»

1487 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «مِنَ السُّنَّةِ تَمَسُّ عَقِبَيْكَ أَلْيَتُكَ» قَالَ طَاوُسٌ: رَأَيْتُ الْعَبَادِلَةَ يَفْعَلُونَهُ: ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ

1488 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: " أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنَ الْوِتْرِ وَالشَّفْعِ خَصْلَتَيْنِ، قَالَ: رَأَيْتُهُ مَرَّةً يُقْعِي إِقْعَاءً جَاثِيًا عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ جَمِيعًا، وَمَرَّةً يُثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَبْسِطُهَا جَالِسًا عَلَيْهَا، وَالْيُمْنَى يَقُومُ عَلَيْهَا يَحُدُّ بِهَا عَلَى أَطْرَافِهَا، وَأَرَاهُ قَالَ: وَرَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْوِتْرِ، ثُمَّ يَثْبُتُ فَيَقُومُ "

وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: «الْإِقْعَاءُ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ مِثْلَ إِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالسَّبُعِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الْإِقْعَاءَ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَتَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَشْبَهُ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ إِنَّمَا يُقْعِي كَمَا قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مُقْعِيًا؛ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْإِقْعَاءَ هُوَ هَذَا، وَعَلَيْهِ تَأْوِيلُ كَلَامِ الْعَرَبِ.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْإِقْعَاءِ: أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَنْ يَقُومَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَيَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، كَأَنَّهُ قَاعِدٌ عَلَيْهَا، كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ. قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْإِقْعَاءَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَلِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِبَنِيهِ: لَا تَقْتَدُوا بِي فِي الْإِقْعَاءِ؛ فَإِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا حِينَ كَبِرْتُ

1489 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ عُقْبَةُ الشَّيْطَانِ»

1490 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَسْبَاطٌ قَالَ: ثنا بَكْرٌ، عَنْ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يُقْعِي فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ لِبَنِيهِ: لَا تَقْتَدُوا بِي فِي الْإِقْعَاءِ؛ فَإِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا حِينَ كَبِرْتُ "

1491 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِيَّاكَ وَالْحُبْوَةَ وَالْإِقْعَاءَ، وَتَحَفَّظْ مِنَ السَّهْوِ حَتَّى تَفْرُغَ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ»

1492 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أنا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى، وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى» وَكَرِهَ ذَلِكَ قَتَادَةُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْإِقْعَاءَ فِي الصَّلَاةِ، -[194]- وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَضْجَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ مُقْعِيًا

ذكر طول الجلوس بين السجدتين

ذِكْرُ طُولِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

1493 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ وَالرَّكْعَةِ فَيَمْكُثُ بَيْنَهُمَا، حَتَّى نَقُولَ: قَدْ نَسِيَ " وَقَدْ رُوِّينَا فِيمَا مَضَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سُجُودُهُ وَرُكُوعُهُ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجُلُوسِ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ قَبْلَ الْقِيَامِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَلَا يَجْلِسُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ: أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ -[195]- النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَالثَّالِثَةِ، قَامَ كَمَا هُوَ وَلَمْ يَجْلِسْ

1494 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: " رَمَقْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي الصَّلَاةِ فَرَأَيْتُهُ يَنْهَضُ وَلَا يَجْلِسُ، قَالَ: يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ " 1495 - وَحَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ

1496 - حَدَّثنا مُوسَى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَنَهَضَ قَائِمًا»

1497 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَالثَّالِثَةِ، قَامَ كَمَا هُوَ وَلَمْ يَجْلِسْ»

1498 - حَدَّثنا ابْنُ عَفَّانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، -[196]- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيْدٍ: «أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ»

1499 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ قَالَ: " رَأَيْتُ عُمَارَةَ يُصَلِّي مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ كِنْدَةَ فَرَأَيْتُهُ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ، فَلَمَّا قَامَ مِنَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ قَامَ كَمَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ " قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَحَدَّثْتُ بِهِ خَيْثَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، فَحَدَّثْتُ بِهِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ، فَقَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُومُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ

1500 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ يَقُومَانِ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمَا»

1501 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ»

1502 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عِيسَى -[197]- بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: «أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَنْهَضُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ»

1503 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ قَامَ كَمَا هُوَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: السُّنَّةُ أَنْ يُعَجِّلَ الْإِمَامُ الْوُثُوبَ مِنْ كُلِّ سَجْدَةٍ، وَلَا يَجْلِسُ فِي الْوَاحِدَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ عُمَرُ، وَعَلِيُّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَضُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ، وَقَالَ: عَامَّةُ الْأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَعَبْدَ اللهِ، وَحَدِيثَ ابْنِ عَجْلَانَ، فَذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُهُ، ذَاكَ أَكْثَرُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدِيثُ ابْنِ عَجْلَانَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ 1504 - رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ قُمْ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْعُدُ، فَإِذَا اسْتَوَى قَاعِدًا قَامَ فَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ

1505 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: " جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِنَا وَقَالَ: وَاللهِ إِنِّي لِأُصَلِّي وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُورِيكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي؟ فَذَكَرَ أَنَّهُ يَقُومُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: مِثْلَ صَلَاتِي هَكَذَا " 1506 - وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَكَانَ مَالِكٌ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَاسْتَوَى قَاعِدًا، قَامَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَعَ حَدِيثِ مَالِكٍ، حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ

1507 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، يَقُولُ: " أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ أَهْوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا وَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَقَعَدَ عَلَيْهَا وَاعْتَدَلَ، ثُمَّ أَهْوَى سَاجِدًا فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ وَاعْتَدَلَ، ثُمَّ نَهَضَ " وَاخْتَلَفُوا فِي اعْتِمَادِ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيْهِ عِنْدَ الْقِيَامِ، فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ

1508 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ " وَهَكَذَا فَعَلَ مَكْحُولٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيرِ، وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو مَخْرَمَةَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَرَأَتْ طَائِفَةٌ: أَنْ لَا يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ

1509 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زِيَادٍ السُّوَائِيِّ، عَنْ أَبِي حُجَيْفَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ الْمَكْتُوبَةِ إِذَا نَهَضَ الرَّجُلُ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَلَّا يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ» وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِ الرَّجُلِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عِنْدَ النُّهُوضِ، فَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَقَالَ: هَذِهِ الْخُطْوَةُ الْمَلْعُونَةُ. وَكَرِهَ ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ. وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا

ذكر نهي الجالس في الصلاة أن يعتمد على يديه

ذِكْرُ نَهْيِ الْجَالِسِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ

1510 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ»

ذكر رفع اليدين عند القيام من الجلسة في الركعتين الأوليين من التشهد قد ذكرنا حديث علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما مضى، أنه كان إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه، كذلك وذكرنا ذلك عن أبي حميد الساعدي، وهذا باب أغفله كثير من أصحابنا، واعتل بعضهم

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْجِلْسَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ التَّشَهُّدِ قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا مَضَى، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، كَذَلِكَ وَذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَهَذَا بَابٌ أَغْفَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَاعْتَلَّ بَعْضُهُمْ بِمِثْلِ الْعِلَّةِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا عَلَى الْكُوفِيِّينَ، فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: لَيْسَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، كَقَوْلِ الْكُوفِيِّ: لَيْسَ ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. فَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ يَقُولُ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ قَالَ: يُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: حَفِظَ عَبْدُ اللهِ شَيْئًا وَحَفِظَ ذَلِكَ مَعَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ، وَحَفِظَ ابْنُ عُمَرَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ عَبْدُ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُ مِثْلُ مَا قَالَ الْكُوفِيُّ، وَحَفِظَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو حُمَيْدٍ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُمَرَ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي حُمَيْدٍ وَمَنْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا مَا لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُمَرَ، وَكُلُّ مَا أَلْزَمُوهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ مِنْ قِصَّةِ بِلَالٍ وَأُسَامَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَدْخَلُوهُ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَفِظَهَا عَلِيُّ وَأَبُو حُمَيْدٍ وَمَنْ مَعَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا

ذكر الأمر بالتشهد في كل ركعتين

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّشَهُّدِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ

1511 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، وَمَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، وَالْأَعْمَشِ، وَأَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: " كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ، فَعَلَّمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا جَلَسْتُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ذكر كيفية الجلوس في التشهد الأول والثاني، واختلاف أهل العلم فيه قال أبو بكر: افترق أهل العلم في صفة الجلوس في التشهد الأول والآخر ثلاث فرق، فسوت فرقة بين الجلسة الأولى والأخيرة، فرأت أن ينصب الجالس رجله اليمنى ويفترش اليسرى فيجلس على بطن قدمه، هذا

ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: افْتَرَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَسَوَّتْ فِرْقَةٌ بَيْنَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ، فَرَأَتْ أَنْ يَنْصِبَ الْجَالِسُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَفْتَرِشَ الْيُسْرَى فَيَجْلِسَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا قَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَجْعَلُهَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى نَصْبًا وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى نَحْوَ الْقِبْلَةِ -[203]- وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ هَذَا مَذْهَبُهُ بِحَدِيثٍ

1512 - حَدَّثناهُ يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاتِهِ كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَلَمَّا جَلَسَ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ حَدَّ مِرْفَقِهِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى " وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى» . وَرَأَتْ فِرْقَةٌ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا يَجْلِسُ فِي التَّشَهُّدِ، يَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُثْنِي الْيُسْرَى وَيَقْعُدُ عَلَى وَرِكِهِ الْأَيْسَرِ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا وَيَعْتَدِلَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، وَقَالَ مَالِكٌ: «إِذَا نَصَبَ الْيُمْنَى جَعَلَ بَطْنَ الْإِبْهَامِ عَلَى الْأَرْضِ لَا ظَهْرَ الْإِبْهَامِ» وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ

1513 - حَدَّثناهُ عَلِيُّ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ: " أَرَاهُمُ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ، فَنَصَبَ الْيُمْنَى وَثَنَى الْيُسْرَى وَجَلَسَ عَلَى وَرِكِهِ الْيُسْرَى، وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَى قَدَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَانِي هَذَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ " وَرَأَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ أَنْ يَجْلِسَ الْجِلْسَةَ الْأُولَى كَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَيَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نَحْوِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي مَثْنَى جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى مَثْنِيَّةً يَمَاسُّ ظَهْرُهَا الْأَرْضَ، وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَانِيًا أَطْرَافَ أَصَابِعِهَا، وَإِذَا جَلَسَ -[204]- فِي الرَّابِعَةِ أَخْرَجَ رِجْلَيْهِ مِمَّا مِنْ تَحْتِهِ فَأَفْضَى بِأَلْيَتَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَفِي الصُّبْحِ جِلْسَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَجْلِسُهَا الْجِلْسَةَ الْأَخِيرَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ

1514 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، يَقُولُ: " أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَاعْرِضْ، قَالَ: كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا فَقَالَ: «اللهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَقَعَدَ عَلَيْهَا وَاعْتَدَلَ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ هَوَى سَاجِدًا ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ فَاعْتَدَلَ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا الصَّلَاةُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا ثُمَّ سَلَّمَ " وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ تَذْهَبُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ تُسَلِّمُ فِيهِ أَمْ فِي الْأَرْبَعِ خَاصَّةً؟ قَالَ: فِي الْأَرْبَعِ خَاصَّةً. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَتَوَرَّكُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ أَيْضًا، قَالَ: فَقَالَ: فَإِنْ شَاءَ تَوَرَّكَ، أَيْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ جِلْسَةِ التَّشَهُّدِ، فَقَالَ: تَنْصِبُ الْيُمْنَى وَتُضْجِعُ الْيُسْرَى، وَإِنْ شِئْتَ جَلَسْتَ عَلَى رِجْلِكَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى ثَنَيْتَهُمَا جَمِيعًا تَحْتَكَ، وَكِلْتَاهُمَا جِلْسَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ

جماع أبواب التشهد

جِمَاعُ أَبْوَابِ التَّشَهُّدِ

ذكر تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس التشهد

ذِكْرُ تَعْلِيمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ التَّشَهُّدَ

1515 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُكَتِّبُ الْغِلْمَانَ»

ذكر التشهد

ذِكْرُ التَّشَهُّدِ

1516 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدِ اللهِ: " كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللهِ دُونَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "

نوع ثان من التشهد

نَوْعٌ ثَانٍ مِنَ التَّشَهُّدِ

1517 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: أنا قَتَادَةُ قَالَ: أنا أَبُو غَلَّابٍ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّ حِطَّانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا الْأَشْعَرِيُّ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَعَلَّمَنَا سُنَنًا، وَبَيَّنَ لَنَا صَلَاتَنَا، وَقَالَ: " فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ وَالصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ بِهِ جَالِسُ التَّشَهُّدِ التَّحِيَّاتُ وَدِيعًا، لِأَنَّ الَّذِي يُفْتَتَحُ بِهِ التَّشَهُّدُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَمَا يَفْتَتِحُ أُمَّ الْقُرْآنِ

نوع ثالث

نَوْعٌ ثَالِثٌ

1518 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ، فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا سَائِرَ الْأَخْبَارِ فِي التَّشَهُّدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ -[207]- أَصْحَابِهِ بِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ , وَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي الْقَوْلِ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ التَّحِيَّاتُ وَالزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

ذكر إخفاء التشهد

ذِكْرُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

1519 - حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أنا أَبُو سَعِيدٍ، يَعْنِي الْأَشَجَّ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخْفَى التَّشَهُّدُ» -[208]- وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى التَّحِيَّاتِ، فَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: التَّحِيَّةُ الْمُلْكُ. وَأَنْشَدَ لِزُهَيْرٍ الْكَلْبِيِّ: [البحر الكامل] وَلِكُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى ... قَدْ نُلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةَ يَعْنِي الْمُلْكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّحِيَّاتُ، الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ: الْأَعْمَالُ الزَّاكِيَةُ

1520 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " التَّحِيَّاتُ قَالَ: الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ: الْأَعْمَالُ الزَّاكِيَةُ " وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ تَفْسِيرِ التَّحِيَّاتِ، فَقَالَ: سَلَامُ الْخَلْقِ لِلَّهِ، وَصَلَوَاتُهُمْ لِلَّهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، يَعْنِي الطَّيِّبَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ. -[209]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكُلُّ مَا ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا تَرَكْتُ ذِكْرَهُ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ، مِنْ أَنْوَاعِ التَّشَهُّدِ، فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْإِبَاحَةِ، فَأَيُّ تَشَهُّدٍ تَشَهَّدَ بِهِ الْمُصَلِّي مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي آخُذُ بِهِ التَّشَهُّدُ الَّذِي بَدَأْتُ بِذِكْرِهِ

ذكر الزيادة على التشهد الأول من الدعاء والذكر جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف

ذِكْرُ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مِنَ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ

1521 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ، قَالَ: قُلْنَا: حَتَّى يَقُومَ؟ قَالَ: حَتَّى يَقُومَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَرِهَ بَعْضُهُمُ الزِّيَادَةَ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ فِي الْمَثْنَى الْأَوَّلِ: إِنَّمَا هُوَ لِلتَّشَهُّدِ، وَقَالَ طَاوُسٌ فِي الْمَثْنَى الْأَوَّلِ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا التَّشَهُّدَ قَطُّ، وَهَذَا مَذْهَبُ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِنَا. -[210]- وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: مَنْ زَادَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى التَّشَهُّدِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا تُزِدْ فِي الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ أَنْ يَدْعُوَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بِمَا بَدَا لَهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: ذَاكَ وَاسِعٌ، وَدِينُ اللهِ يُسْرٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ

1522 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثنا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَشَهَّدُ يَقُولُ: «بِسْمِ اللهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّشَهُّدِ، كَانَ يَقُولُ هَكَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَيَدْعُو إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بِمَا بَدَا لَهُ»

ذكر التسمية قبل التشهد روينا عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا تشهد قال: بسم الله خير الأسماء، التحيات. وروينا عن علي أنه قال: بسم الله، التحيات لله. وكان ابن عمر يقول ذلك

ذِكْرُ التَّسْمِيَةِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: بِسْمِ اللهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ، التَّحِيَّاتُ. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ ذَلِكَ

1523 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّشَهُّدِ: بِسْمِ اللهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ "

1524 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ -[211]- الْقَارِيِّ، رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: «بِسْمِ اللهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ، التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ»

1525 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: كَيْفَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَشَهَّدُ؟ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ " وَكَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَهِشَامٌ، يَقُولُونَ: بِسْمِ اللهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ. وَكَانَ طَاوُسٌ يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، التَّحِيَّاتُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. فَانْتَهَرَهُ

1526 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: " سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. فَانْتَهَرَهُ "

1527 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلًا يَقُولُ: " حِينَ جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَبْلَ التَّشَهُّدِ، فَانْتَهَرَهُ، يَقُولُ: ابْدَأْ بِالتَّشَهُّدِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرُ التَّسْمِيَةِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَمَا أَعْلَمُ ذُكِرَ ذَلِكَ إِلَّا فِي -[212]- 1528 - حَدِيثِ أَيْمَنَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَيْمَنَ غَلَطَ فِيهِ، وَلَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ، فَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ. وَكُلُّ مَنْ لَقِينَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنْ يُبْدَأَ بِالتَّشَهُّدِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ، وَلَوْ سَمَّى اللهَ مَنْ أَرَادَ التَّشَهُّدَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1529 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ قَالَ: ثنا حَيْوَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعُ رَسُولُ -[213]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَزَ هَذَا» ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاحْتَمَلَ إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ وَاجِبًا، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ نَدْبًا، فَلَمَّا احْتَمَلَ الْمَعْنَيَيْنِ وَجَبَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ طَلَبُ الدَّلَالَةِ عَلَى أَصَحِّ الْمَعْنَيَيْنِ، فَوَجَدْنَا الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ نَدْبٌ لَا فَرْضَ

1530 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنْ نُسَبِّحَ وَنُكَبِّرَ، حَتَّى عَلِمَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَامِعَ الْخَيْرِ وَمَفَاتِحَهُ، قَالَ: " قُولُوا بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ: «التَّحِيَّاتُ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا شَاءَ» يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَاجِبَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، إِذْ لَوْ كَانَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَاجِبًا لَعَلَّمَهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يُخَيِّرْهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ نَخْتَارُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدٌ صَلَاةً إِلَّا صَلَّى فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ نُوجِبَهُ وَنَجْعَلَ عَلَى تَارِكِهِ الْإِعَادَةَ، وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلِ جُمْلَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِلَّا -[214]- الشَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ كَانَ يُوجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إِذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ الْإِعَادَةَ. وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: إِذَا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَاسِيًا رَجَوْنَا أَنْ يُجْزِيَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا عِنْدَهُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، لَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَوْلُهُ: رَجَوْنَا أَنْ يُجْزِيَهُ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ رُجُوعًا مِنْهُ عَنِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَوِ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْقَوْلِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ الَّذِي أَغْفَلَ بِهِ الشَّافِعِيَّ، وَأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ، فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ

ذكر الأمر بالتعوذ بعد التشهد قبل السلام

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّعَوِّذِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ

1531 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: ثنا الْمُعَافَى قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ أَرْبَعٍ، مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، ثُمَّ لِيَدْعُ لِنَفْسِهِ بِمَا بَدَا لَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْلَا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَكَانَ هَذَا يَجِبُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: أَقُلْتَهُنَّ فِي صَلَاتِكَ؟ قَالَ: لَا، يَعْنِي هَذَا الْقَوْلَ، قَالَ: فَأَعِدْ صَلَاتَكَ

ذكر كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1532 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "

ذكر وضع اليدين على الركبتين في التشهد الأول والثاني، والإشارة بالسبابة من اليد اليمنى، مع ضم الأصابع سواها، وذكر بسطه يده اليسرى عند وضعه على الركبة اليسرى في الصلاة

ذِكْرُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَالْإِشَارَةِ بِالسَّبَّابَةِ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى، مَعَ ضَمِّ الْأَصَابِعِ سِوَاهَا، وَذِكْرُ بَسْطِهِ يَدَهُ الْيُسْرَى عِنْدَ وَضْعِهِ عَلَى الرُّكْبَةِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ

1533 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَاوِيِّ قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى، فَلَمَّا انْصَرَفْتُ نَهَانِي وَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ يَصْنَعُ، قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى

1534 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرَفَعَ أُصْبُعَهُ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَدَعَا بِهَا، وَيَدُهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ بَاسِطًا عَلَيْهَا»

ذكر التحلق بالوسطى والإبهام عند الإشارة بالسبابة

ذِكْرُ التَّحَلُّقِ بِالْوُسْطَى وَالْإِبْهَامِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ بِالسَّبَّابَةِ

1535 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاتِهِ كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرَ، فَلَمَّا جَلَسَ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ حَدَّ مِرْفَقِهِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَعَقَدَ ثِنْتَيْنِ، وَحَلَقَ وَاحِدَةً، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي: تَحْرِيكُ الرَّجُلِ أُصْبُعَهُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: «ذَاكَ الْإِخْلَاصُ»

ذكر حد الأصبع إذا أشار به المصلي

ذِكْرُ حَدِّ الْأُصْبُعِ إِذَا أَشَارَ بِهِ الْمُصَلِّي

1536 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا عِصَامُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَدَلِيُّ قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيُّ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا فِي الصَّلَاةِ، وَاضِعًا ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ رَافِعًا أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ قَدْ حَنَاهَا شَيْئًا وَهُوَ يَدْعُو»

ذكر النظر إلى السبابة عند الإشارة بها في التشهد

ذِكْرُ النَّظَرِ إِلَى السَّبَّابَةِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ بِهَا فِي التَّشَهُّدِ

1537 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ، يَضَعُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَيَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ بِالسَّبَّابَةِ، وَلَا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إِشَارَتَهُ»

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن ترك التشهد عامدا أو ناسيا اختلف أهل العلم فيمن ترك التشهد عامدا أو ساهيا: فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: من لم يتشهد فلا صلاة له "

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا: فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ "

1538 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ النَّضْرِ، عَنْ جُلَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» وَقَالَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: مَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالتَّحِيَّةِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا أَحْدَثَ الرَّجُلُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَرُوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ نَاسِيًا مَضَتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِيمَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ: إِنْ كَانَ وَحْدَهُ، وَكَانَ قَرِيبًا يَحْضُرُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقِضْ وُضُوءَهُ، وَإِنْ كَانَ تَكَلَّمَ مَا لَمْ يُطِلْ ذَلِكَ فَلْيُكَبِّرْ ثُمَّ يَجْلِسْ -[218]- فَيَتَشَهَّدِ الَّذِي نَسِيَ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدْ فِيهِمَا وَيُسَلِّمْ، وَإِنْ كَانَ طَالَ ذَلِكَ أَوْ تَبَاعَدَ أَوِ انْتَقَضَ بِهِ الْوُضُوءُ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ: يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ قَالَ: إِذَا أَحْدَثَ حِينَ فَرَغَ مِنَ السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ مَضَتْ صَلَاتُهُ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ فِيمَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ حَتَّى انْصَرَفَ: تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ:

حَكَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَفْصٍ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ السَّجْدَةِ، ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: حَتَّى يَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: حَتَّى يُسَلِّمَ " وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَمَّنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَيْنِ كِلْتَاهُمَا؟ فَقَالَ: يَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى التَّشَهُّدَ قَالَ: إِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ تَشَهَّدَ تَشَهُّدًا آخَرَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِسَهْوِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ نَسِيَ ذَلِكَ حَتَّى يَنْصَرِفَ سَجَدَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا نَسِيَ التَّشَهُّدَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَنْهُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَالتَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كُلِّ صَلَاةٍ غَيْرَ الصُّبْحِ تَشَهُّدَانِ، فِيمَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سَاهِيًا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِتَرْكِهِ، وَمَنْ تَرَكَ

التَّشَهُّدَ الْآخِرَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ إِيَّاهُ قَرِيبًا فَيَتَشَهَّدُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: فَإِنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ سَاهِيًا قَالَ: اسْتَحْسَنَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِنْ كَانَ تَرَكَ ذَلِكَ عَامِدًا، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا فَتَرَكَ تَشَهُّدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ

ذكر التسليم من الصلاة عند انقضائها

ذِكْرُ التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَ انْقِضَائِهَا

1539 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ»

ذكر صفة السلام من الصلاة

ذِكْرُ صِفَةِ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ

1540 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» ، وَعَنْ شِمَالِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ»

ذكر الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم تسليمة واحدة

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً

1541 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يَمِيلُ إِلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ شَيْئًا» وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي عَدَدِ التَّسْلِيمِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي -[221]- عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

1542 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ «كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ»

1543 - وَحَدَّثنا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عَلِيٍّ، فَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعَنْ شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، وَصَلَّى خَلْفَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَصَنَعَ مِثْلَ صَنِيعِ عَلِيٍّ سَوَاءً "

1544 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ "

1545 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: أَنَا رَأَيْتُ عَمَّارًا -[222]- يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فِي كِلْتَيْهِمَا، حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ فِيهَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، وَالْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

1546 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسٍ فَكَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ

1547 - حَدَّثنا الرَّبِيعُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ " كَانَ إِذَا أَمَّ أَحَدًا ثُمَّ سَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَعَلَ ذَلِكَ "

1548 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، وَسَأَلْتُهُ كَيْفَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ إِذَا كَانَ إِمَامَكُمْ؟ قَالَ: «عَنْ يَمِينِهِ وَاحِدَةً، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»

1549 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ " أَنَّهَا كَانَتْ تُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً قُبَالَةَ وَجْهِهَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ "

1550 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَلَمَةَ وَهُوَ ابْنُ الْأَكْوَعِ، يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ: «كَانَ مَسْجِدُ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَتَيْنِ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُ الْمُهَاجِرِينَ يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ هَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَالْمُصَلِّي مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ، قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: تَسْلِيمَةٌ تُجْزِئُ، وَتَسْلِيمَتَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ. وَدَفَعَ آخَرُونَ حَدِيثَ زُهَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ، وَقَالُوا: لَا يَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ زُهَيْرٍ لَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ التَّسْلِيمَتَيْنِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الَّذِينَ رَوَوْهُ أَكْثَرُ عَدَدًا، وَأَشْبَهُ بِأَنْ يَكُونُوا حَفِظُوا مَا أَغْفَلَهُ الْآخَرُونَ؛ لِأَنَّهُمْ زَائِدُونَ، وَالزَّائِدُ أَوْلَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيزُ صَلَاةَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ، وَأُحِبُّ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُجْزِيهِ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً

ذكر الثناء على الله جل ثناؤه بعد التسليم من الصلاة

ذِكْرُ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ جَلَّ ثناؤُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلَاةِ

1551 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَوْسَجَةَ بْنِ الرَّمَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»

ذكر الاستغفار ثلاثا مع الثناء على الله جل ثناؤه بعد السلام

ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ ثَلَاثًا مَعَ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ جَلَّ ثناؤُهُ بَعْدَ السَّلَامِ

1552 - حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ ثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»

ذكر التهليل والثناء على الله بعد التسليم من الصلاة

ذِكْرُ التَّهْلِيلِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلَاةِ

1553 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ أَوِ الصَّلَوَاتِ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لَا نَعْبُدُ -[225]- إِلَّا إِيَّاهُ، أَهْلُ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»

1554 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَوْلُهُ: «الْجَدِّ» بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا غَيْرَ، وَهُوَ الْغِنَى وَالْحَظُّ فِي الرِّزْقِ، وَمِنْهُ: قِيلَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ جَدٌّ، إِذَا كَانَ مَرْزُوقًا، فَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ، إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ بِطَاعَتِكَ "

ذكر جامع الدعاء بعد التسليم

ذِكْرُ جَامِعِ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

1555 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ابْنُ أَخِي الْمَاجِشُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَاجِشُونُ عَمِّي، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ، يَعْنِي مِنَ الصَّلَاةِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»

1556 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: " إِنَّا لَنَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَاوُدَ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ عِصْمَةً لِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ، مِنْكَ الْجَدُّ ". قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: أَخْبَرَنِي صُهَيْبٌ، أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْصَرِفُ بِهَذَا الدُّعَاءِ مِنْ صَلَاتِهِ

1557 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ: ثنا شَيْبَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَا: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُكْتِبُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

ذكر فضل التسبيح والتحميد والتكبير بعد التسليم

ذِكْرُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَكْبِيرِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ

1558 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ ثَنَا الْحُمًيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، سَبَقَ أَهْلُ الْأَمْوَالِ الدَّثْرِ بِالْأَجْرِ، يَقُولُونَ كَمَا نَقُولُ، وَيُنْفِقُونَ وَلَا نُنْفِقُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَدْرَكْتَ مَنْ قَبْلَكَ، وَفُقْتَ مَنْ بَعْدَكَ، إِلَّا مَنْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِكَ؟ تُسَبِّحُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ -[227]- ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ» قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلَاثِينَ، وَتَقُولُ عِنْدَ مَنَامِكَ مِثْلَ ذَلِكَ

ذكر استحباب زيادة التهليل في التسبيح مع التسبيح والتكبير والتحميد تمام المائة، وأن يجعل من كل واحدة خمسا وعشرين

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ التَّهْلِيلِ فِي التَّسْبِيحِ مَعَ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ تَمَامَ الْمِائَةِ، وَأَنْ يَجْعَلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدةٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ

1559 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ حَلَبٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نُسَبِّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ. فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: نَعَمْ، فِي مَنَامِهِ، قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَافْعَلُوا ذَلِكَ»

ذكر الأمر بقراءة المعوذتين دبر كل صلاة

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقِرَاءَةِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ

1560 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ حُنَيْنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اقْرَءُوا الْمُعَوِّذَتَيْنِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ»

ذكر الأمر بمسألة الرب جل وعز المعونة على ذكره وشكره وحسن عبادته والوصية بذلك

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمَسْأَلَةِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَزَّ الْمَعُونَةَ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ

1561 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ قَالَ: ثنا حَيْوَةُ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، عَنِ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لَا تَدَعْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى شُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ "

ذكر فضل الجلوس في المسجد بعد الصلاة متطهرا

ذِكْرُ فَضْلِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مُتَطَهِّرًا

1562 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أنا يَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَقُمْ "

ذكر الجلوس في المسجد بعد الصبح حتى تطلع الشمس

ذِكْرُ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ

1563 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ قَعَدَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»

جماع أبواب الكلام المباح في الصلاة من الدعاء والذكر ومساءلة الله تبارك وتعالى وما هو في معنى ذلك

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَمُسَاءَلَةِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَا هُوَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ

ذكر نسخ الكلام في الصلاة والمنع منه بعد أن كان مباحا

ذِكْرُ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُبَاحًا

1564 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنِ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، سَلَّمْتُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي فَلَمْ تُرَدَّ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُهُ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ»

1565 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: " كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، فَكَلَّمَ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى نَزَلَتْ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] الْآيَةَ

1566 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ هُشَيْمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: " كُنَّا نَتَكَلَّمُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا -[230]- صَاحِبَهُ إِلَى جَنْبِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] الْآيَةَ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ " وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] الْآيَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مُطِيعِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ

1567 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {قَانِتِينَ} [البقرة: 238] ، يَقُولُ: «مُطِيعِينَ»

ذكر الدليل على أن كلام الجاهل الذي لا يعلم أن الكلام محظور في الصلاة لا يقطع الصلاة

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْجَاهِلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ مَحْظُورٌ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

1568 - حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي الصَّلَاةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، قَالَ: فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يَنْظُرُونَ قُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ قَالَ: فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونِي، قَالَ: لَكِنِّي سَكَتُّ، قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، وَاللهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَلَا ضَرَبَنِي، قَالَ: «-[231]- إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ»

وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ: «وَلَا كَهَرَنِي» ، قَالَ: الْكَهْرُ الِانْتِهَارُ، يُقَالُ مِنْهُ: كَهَرْتُ الرَّجُلَ، وَأَنَا أَكْهَرُهُ كَهْرًا وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ» الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْكَلَامِ الَّذِي يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْكَلَامِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهَا، فَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ فَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الدُّعَاءُ، وَمِمَّا لَا يَجُوزُ مِنَ الْقَوْلِ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ مَا كَانَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْآدَمَيِّينَ مِثْلُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَرَدِّ السَّلَامِ بِاللِّسَانِ دُونَ الْإِشَارَةِ، وَكُلُّ كَلَامٍ يُخَاطِبُ بِهِ الْآدَمَيِّينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى

ذكر الكلام في الصلاة والمصلي غير عالم بأن عليه بقية من صلاته، وإجازة صلاة من تكلم وهذه صفته

ذِكْرُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُصَلِّي غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ صَلَاتِهِ، وَإِجَازَةِ صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ وَهَذِهِ صِفَتُهُ

1569 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ» فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ

ذكر ما خص الله به نبيه صلى الله عليه وسلم وأبان به بينه وبين أمته مما أوجب على الناس إجابته إذا دعاهم لما يحييهم

ذِكْرُ مَا خَصَّ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَانَ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ مِمَّا أَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ إِجَابَتَهُ إِذَا دَعَاهُمْ لِمَا يُحْيِيهِمْ

1570 - حَدَّثنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ: ثنا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أُبَيُّ» ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ إِنَّ أُبَيًّا خَفَّفَ الصَّلَاةَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللهِ، فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ، وَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ: " أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] الْآيَةَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَعُودُ "

ذكر إباحة التحميد والثناء على الله عز وجل في الصلاة المكتوبة عندما يرى المصلي ما يجب به عليه شكر ربه على ذلك

ذِكْرُ إِبَاحَةِ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عِنْدَمَا يَرَى الْمُصَلِّي مَا يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ شُكْرُ رَبِّهِ عَلَى ذَلِكَ

1571 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: ثنا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُمْ بَعْدَ الظُّهْرِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: «يَا بِلَالُ، إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَمْ آتِ، فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ يَتَقَدَّمْ بِهِمْ» ، وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ صَفَّحُوا، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشُقُّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يُمْسِكُ عَنْهُ الْتَفَتَ فَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنِ امْضِهْ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيْهَةً فَحَمِدَ اللهَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[233]- فَصَلَّى بِالنَّاسِ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لَا تَكُونَ مَضَيْتَ؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَكُنْ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَقَالَ لِلنَّاسِ: «إِذَا نَابَكُمْ فِي صَلَاتِكُمْ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْتُصَفِّحِ النِّسَاءُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى وُجُوهٍ مِنَ السُّنَنِ، فَمِنْ ذَلِكَ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَالَ عَنِ التَّصْفِيقِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَعَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ لِلرِّجَالِ إِذَا نَابَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ شَيْءٌ أَنْ يُسَبِّحُوا، وَتُصَفِّقَ النِّسَاءُ. وَمِنْهَا إِسْقَاطُ الْإِعَادَةِ عَمَّنْ صَفَّقَ فِي الصَّلَاةِ، إِذْ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْإِعَادَةِ، وَهَذَا يُشْبِهُ ضَرْبَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَلَمْ يَأْمُرْ أُولَئِكَ بِالْإِعَادَةِ. وَمِنْهَا الرُّخْصَةُ فِي تَقَدُّمِ الْمُصَلِّي عَنْ مُصَلَّاهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةُ صَلَاةٍ. وَمِنْهَا إِبَاحَةُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَمَا يَرَى الْمَرْءُ مَا يَجِبُ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ عَلَيْهِ، إِذْ مَوْجُودٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَقَفَ هُنَيْهَةً يَحْمَدُ اللهَ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْهَا الِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ الِالْتِفَاتَ لَا يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمَرْءِ إِذَا لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنِ الْقِبْلَةِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ الِالْتِفَاتِ إِلَّا عِنْدَ النَّازِلَةِ تَنْزِلُ، أَوْ عِنْدَ حَاجَةِ الْإِمَامِ إِلَى إِرْشَادِ الْمَأْمُومِينَ لِمَا يُصْلِحُهُمْ مِنْ أَمْرِ صَلَاتِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضُوعِ. -[234]- وَمِنْهَا إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بِإِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّى أَبُو بَكْرٍ أَوَّلَهَا بِالْقَوْمِ، أَتَمُّوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ مَضَى مِنْ صَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ بِهِمْ بَعْضُهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ جَائِزَةٌ بِإِمَامَيْنِ، بِإِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن تكلم في صلاته عامدا وهو يريد إصلاح صلاته أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامدا لكلامه، وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها، أن صلاته فاسدة واختلفوا فيمن تكلم في صلاته عامدا يريد به إصلاح صلاته، فقالت طائفة: عليه الإعادة،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا وَهُوَ يُرِيدُ إِصْلَاحَ صَلَاتِهِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا لِكَلَامِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ إِصْلَاحَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا، أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا يُرِيدُ بِهِ إِصْلَاحَ صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَمِمَّنْ هَذَا قَوْلُهُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: نَقُولُ حَتْمًا أَلَّا يَعْمِدَ أَحَدٌ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِأَنَّهُ فِيهَا، فَإِنْ فَعَلَ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاةً غَيْرَهَا لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا مِمَّنْ لَقِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ فِي أَمْرِ عُذْرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلْإِمَامِ وَقَدْ جَهَرَ بِالصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ: إِنَّهَا الْعَصْرُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَوْ نَظَرَ إِلَى غُلَامٍ يُرِيدُ أَنْ يَسْقُطَ فِي بِئْرٍ أَوْ مَكَانٍ فَصَاحَ بِهِ، أَوِ انْصَرَفَ إِلَيْهِ، أَوِ انْتَهَرَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ،

وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ قَدْ تَكَلَّمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ صَنَعَ فِي صَلَاتِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ ذِي الْيَدَيْنِ حِينَ كَلَّمَ النَّاسَ وَكَلَّمُوهُ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَصْنَعَ فِي ذَلِكَ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُخَالِفُ فِيمَنْ سَنَّ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا أَنْسَى لِأَسُنَّ» ، فَقَدْ سَنَّ فَأَرَى أَنْ يَبْنِيَ هُوَ وَمَنْ كَلَّمَهُ عَلَى مَا صَلَّوْا، وَلَا يَنْبِذُوا صَلَاتَهُمْ، وَلَا يُخَالِفُوا مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الْإِمَامُ فَإِذَا تَكَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَكْمَلَهَا، فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ إِذَا أَكْمَلَهَا، وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَإِنْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا أَنَّ إِمَامَهُمْ لَمْ يُكْمِلْ صَلَاتَهُ فَكَلَّمُوهُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ صَلَاتِهِمْ، فَعَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ، لِأَنَّ حَالَهُمْ خِلَافُ حَالِ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَرَائِضَ قَدْ كَانَ يُزَادُ وَيُنْقَصُ مِنْهَا، وَيُنْقَلُونَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُسْتَيْقِنًا أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ فِي الصَّلَاةِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قَصُرَتْ، وَلَيْسَتِ الْحَالُ الْيَوْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ قَدْ تَنَاهَتْ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيُّ فِيهِمْ، قَدْ أَوْجَبَ

عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاهُمْ لِمَا يُحْيِيهِمْ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَدْ ذَكَرْتُهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى:

1572 - فَحَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جِئْتُهُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ: " أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24] الْآيَةَ؟ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجِيبَ إِمَامًا يَدْعُوهُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ عَلَى مَنْ أَجَابَ إِمَامَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ صَلَاتِهِ الْإِعَادَةُ

ذكر اختلاف أهل العلم في الكلام في الصلاة ساهيا اختلف أهل العلم في المصلي يتكلم في صلاته ساهيا، أو سلم قبل يكمل الصلاة وهو ساهي. فقالت طائفة: يبني على صلاته ولا إعادة عليه، وممن صلى فسلم في ركعتين وبنى عليها وسجد سجدتي السهو عبد الله بن الزبير، وقال

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي يَتَكَلَّمُ فِي صَلَاتِهِ سَاهِيًا، أَوْ سَلَّمَ قَبْلَ يُكْمِلُ الصَّلَاةَ وَهُوَ سَاهِي. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ صَلَّى فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهَا وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَصَابَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

1573 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: " صَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ ذَاتَ لَيْلَةٍ الْمَغْرِبَ، قُلْتُ: وَحَضَرْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ فَقَامَ فَصَلَّى الثَّالِثَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ. قَالَ: فَدَخَلَ أَصْحَابٌ لَنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ لَهُ بَعْضَ ذَلِكَ، كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعِيبَ بِذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَصَابَ وَأَصَابُوا "

1574 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ «أَنَّهُ سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ وَأَتَمَّ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ»

1575 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ سَلَّمَ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَسَلَّمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَهَذَا قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، مِنْهُمْ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ بَنَى عَلَى مَا مَضَى، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهِ إِذَا تَكَلَّمَ -[238]- سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا تَكَلَّمَ سَاهِيًا يَسْتَقْبِلُ صَلَاتَهُ. كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالنُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ وَفَرَّقَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ، وَبَيْنَ أَنْ يَتَكَلَّمَ سَاهِيًا، فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ إِذَا تَكَلَّمَ سَاهِيًا، وَقَالُوا: يَبْنِي إِذَا سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْمَرْءُ عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي ثِنْتَيْنِ عَامِدًا، فِي أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْإِعَادَةَ، فَكَانَ قِيَاسُ مَذْهَبِهِمْ هَذَا إِذَا كَانَ السَّلَامُ مِنْ ثِنْتَيْنِ يَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ عَامِدًا عِنْدَهُمْ، أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ سَاهِيًا مِثْلَ السَّلَامِ فِي ثِنْتَيْنِ سَاهِيًا وَقَدْ رَوِينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، رَوِينَا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مَكْتُوبَةً، فَسَهَى، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: «اسْتَأْنِفْ صَلَاةً أُخْرَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ الَّذِينَ قَالُوا: لَا إِعَادَةَ، عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ، وَأَمَّا مَا ادَّعَى بَعْضُهُمْ مِنْ نَسْخِ الْكَلَامِ، فَإِنَّمَا نُسِخَ مِنْهُ عَمْدُ الْكَلَامِ، وَكَانَ النَّسْخُ بِمَكَّةَ، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْكَلَامُ سَاهِيًا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِسَبِيلٍ. فَلَوْ أَنَّ إِمَامًا سَأَلَ النَّاسَ الْيَوْمَ وَهُوَ عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ -[239]- تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهَا، بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، وَإِنْ سَأَلَ أَصْحَابَهُ فَكَانُوا فِي السَّهْوِ مِثْلَهُ، فَسَبِيلُهُمْ سَبِيلُهُ، وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُكْمِلُوا صَلَاتَهُمْ فَأَجَابُوا إِمَامَهُمْ، كَانُوا مُفْسِدِينَ لِصَلَاتِهِمْ وَعَلَيْهِمُ الْإِعَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ مَنْ يُجِيبُ إِمَامَهُ الْيَوْمَ فِي بَابٍ قَبْلُ

مسألة قال النعمان: إذا سبح المرء في صلاته أو حمد الله، فإن كان ذلك منه ابتداء، فليس بكلام، وإن كان ذلك منه جوابا فهو كلام، وإن وطى على حصاة فقال: بسم الله، أراد بذلك الوجع فهو كلام، وكذلك إذا لسعته عقرب. وقال يعقوب في الأمرين جميعا: ليس كلاما.

مَسْأَلَةٌ قَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا سَبَّحَ الْمَرْءُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ حَمِدَ اللهَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ ابْتِدَاءً، فَلَيْسَ بِكَلَامٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ جَوَابًا فَهُوَ كَلَامٌ، وَإِنْ وَطَّى عَلَى حَصَاةٍ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، أَرَادَ بِذَلِكَ الْوَجَعَ فَهُوَ كَلَامٌ، وَكَذَلِكَ إِذَا لَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا: لَيْسَ كَلَامًا. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلِ يُجِيبُ الرَّجُلَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ قَالَ: هَذَا كَلَامٌ، وَفِي قَوْلِ يَعْقُوبَ: لَا يَكُونُ كَلَامًا. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الَّذِي يَسْتَفْتِحُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، قَالَ: هَذَا كَلَامٌ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ فَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَلَّمَهُمْ فِيمَا يَنُوبُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ أَنْ يُسَبِّحَ الرِّجَالُ وَتُصَفِّقُ النِّسَاءُ

1576 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» -[240]- وَقَالَ بِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِلْمُصَلِّي؛ لِيُفْهَمَ بِهِ مَكَانَ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

1577 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُجَيٍّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: «كَانَتْ لِي سَاعَةٌ مِنَ السَّحَرِ أَدْخُلُ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ سَبَّحَ فَكَانَ ذَلِكَ إِذْنُهُ لِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ أَذِنَ لِي» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ، وَالتَّكْبِيرَ، وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ، لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، فَإِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ جَوَابًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُصَلِّي، مَعَ إِقْرَارِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ ابْتِدَاءً لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ، طُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَلَنْ يَجِدَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا سَبِيلًا، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِبْطَالُ صَلَاةِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ذَكَرَ اللهَ فِيهَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا اشْتَكَى شَيْئًا، أَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، مَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا، وَحُكِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ رَمَى فِي صَلَاتِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، إِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ، وَشَبَّهَ مَالِكٌ بِرَجُلٍ عَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فَحَمِدَ اللهَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ سَاهِيًا وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ إِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَإِنْ طَالَ مَسِيرُهُ، هَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فِيمَنْ سَافَرَ وَصَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا سَارَ يَوْمًا ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: يُصَلِّي إِلَيْهِمَا رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: إِنْ -[241]- سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَذَكَرَهَا فِي الْعَصْرِ، قَالَ: يَمْضِي فِي الْعَصْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنَ الظُّهْرِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ طَالَ بِهِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءَهُ الَّذِي صَلَّى بِهِ تِلْكَ الصَّلَاةَ، هَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ إِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَصْرَهُ وَلَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءَهُ، صَلَّى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى يَطُولَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ قَرِيبًا مِثْلَ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ فَيَرْجِعُ فَيَبْنِي وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ بِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ

ذكر الدعاء في الصلاة قال الله جل ذكره: ادعوني أستجب لكم الآية، وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فإنه قمن أن يستجاب لكم "، فقد ندب الله جل ذكره عباده إلى دعائه، وأمر النبي

ذِكْرُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] الْآيَةَ، وَثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» ، فَقَدْ نَدَبَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاجِدَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ، وَلَمْ يَخُصَّ دُعَاءً دُونَ دُعَاءٍ، فَلِلْمَرْءِ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ فِي صَلَاتِهِ بِمَا أَحَبَّ، مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةً عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ

1578 - حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالُوا: أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ: " قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ -[242]- إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " وَقَدْ ذَكَرْنَا سَائِرَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ فِي أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ أَرْبَعٍ، ثُمَّ لَيَدْعُو لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ» . وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ فِي أَبْوَابِ التَّشَهُّدِ، وَفِي قَوْلِهِ: «ثُمَّ لَيَدْعُو مَا بَدَا لَهُ» ، إِبَاحَةُ الدُّعَاءِ مِمَّا فِي الْقُرْآنِ، وَمِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُخَاطِبُ بِهِ الْعَبْدُ رَبَّهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، غَيْرُ جَائِزٍ حَظْرُ شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَقَدْ رَوِينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَدْعُو السَّبْعِينَ أَخًا مِنْ إِخْوَانِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، أُسَمِّيَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ» وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِلزُّبَيْرِ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْمَاءَ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: ادْعُ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ حَاجَةٍ لَكَ، وَدَعَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي قُنُوتِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى قَوْمٍ سَمَّاهُمْ، وَدَعَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَلَى قَطَرِيٍّ

ذكر ما في الدعاء في الصلاة قال أبو بكر: ندب الله جل ذكره إلى الدعاء في كتابه، وثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا في صلاته، وعلمهم الدعاء في الصلاة، وثبت عنه أنه قنت فدعا لقوم وعلى قوم بالدعاء، فالدعاء بالخير مباح في الصلاة، بما

ذِكْرُ مَا فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَدَبَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَى الدُّعَاءِ فِي كِتَابِهِ، وَثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَعَا فِي صَلَاتِهِ، وَعَلَّمَهُمُ الدُّعَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَنَتَ فَدَعَا لِقَوْمٍ وَعَلَى قَوْمٍ بِالدُّعَاءِ، فَالدُّعَاءُ بِالْخَيْرِ مُبَاحٌ فِي الصَّلَاةِ، بِمَا أَحَبَّ الْمَرْءُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَيَدْعُو لِوَالِدَيْهِ، وَلِمَنْ أَحَبَّ مِنْ إِخْوَانِهِ، يُسَمِّيهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَالسُّنَنُ الثَّابِتَةُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ

1581 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، اللهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ»

1582 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبِي، وَالْحَسَنُ، وَعَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، قَالُوا: أنا يَزِيدُ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءِ بْنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ: «اللهُمَّ الْعَنْ رِعْلًا، وَلِحْيَانَ، وَذِكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا» ثُمَّ وَقَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَسْتُ أَنَا قُلْتُ، وَلَكِنَّ اللهَ قَالَهُ "

1579 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «إِنِّي لَأَدْعُو السَّبْعِينَ أَخًا مِنْ إِخْوَانِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، أُسَمِّيهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ»

1580 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أنا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْغَدَاةَ، فَقَنَتَ، فَقَالَ فِي قُنُوتِهِ: «اللهُمَّ عَلَيْكَ بِفُلَانٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَشْيَاعِهِ أَبِي الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ فُلَانٍ وَأَشْيَاعِهِ» وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بَأْسًا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ، حَوَائِجِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَدْ رَوِينَا عَنْ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ «أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ» وَقَالَ طَاوُسٌ: ادْعُوا فِي الْفَرِيضَةِ بِمَا فِي الْقُرْآنِ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: ادْعُوا فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ، وَبِمَا أَشْبَهَ الدُّعَاءَ بِمَا لَا يُشْبِهُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ الْحَسَنِ: إِذَا دَعَا فِي صَلَاتِهِ فَسَأَلَهُ الرِّزْقَ، وَالْعَافِيَةَ لَمْ يَقْطَعِ الصَّلَاةَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ دُعَاءٍ فِي الْقُرْآنِ أَوْ يُشْبِهُ الْقُرْآنَ، فَإِنْ قَالَ: اللهُمَّ اكْسُنِي ثَوْبًا، اللهُمَّ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ، قَالَ: هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ

يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَقَدْ رَوِينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا: «كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالدُّعَاءِ فِي التَّطَوُّعِ، وَيَكْرَهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ»

ذكر النفخ في الصلاة اختلف أهل العلم في الرجل ينفخ في صلاته، فكرهت ذلك طائفة، ولم توجب على من نفخ إعادة روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " لأن أسجد على جمرة أحب إلي أن أنفخ ثم أسجد " وروينا عن ابن عباس أنه قال: " لا تمسح جبهتك وأنت في الصلاة، ولا

ذِكْرُ النَّفْخِ فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَنْفُخُ فِي صَلَاتِهِ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ طَائِفَةٌ، وَلَمْ تُوجِبْ عَلَى مَنْ نَفَخَ إِعَادَةً رَوِينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ أَسْجُدَ عَلَى جَمْرَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَنْفُخَ ثُمَّ أَسْجُدُ» وَرَوِينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَمْسَحْ جَبْهَتَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَنْفُخْ حَتَّى تَفْرَغَ»

1583 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَأَنْ أَسْجُدَ عَلَى جَمْرَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَنْفُخَ ثُمَّ أَسْجُدُ»

1584 - وَحَدَّثنا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا تَمْسَحْ جَبْهَتَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَنْفُخْ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِكَ» وَمِمَّنْ كَرِهَ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُوجِبْ إِعَادَةً النَّخَعِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، -[246]- وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنَّمَا أَكْرَهُ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَ مَنْ إِلَى جَانِبِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

1585 - حَدَّثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ»

1586 - حَدَّثنا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ»

1587 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَلَامٌ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّ النَّفْخَ إِنْ كَانَ نَفْخًا يُسْمَعُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ، وَهُوَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ، وَمُحَمَّدٍ، وَكَانَ يَعْقُوبُ يَقُولُ: لَا يَقْطَعُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّأْفِيفَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ -[247]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ نَفَخَ فِي صَلَاتِهِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو

1588 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: ثنا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: " كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ، وَقُمْنَا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، حَتَّى لَمَّا كَانَ آخِرُ سَجْدَةٍ جَعَلَ يَنْفُخُ فِي الْأَرْضِ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: «اللهُمَّ لَمْ تَعِدْنِي بِهَذَا وَأَنَا فِيهِمْ، وَلَمْ تَعِدْنِي هَذَا وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ» ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ

1589 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا رَأَتْ نَسِيبًا لَهَا يَنْفُخُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ، فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِغُلَامٍ لَنَا، يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ: «يَا رَبَاحُ، تَرِّبْ وَجْهَكَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مَنْ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ رَخَّصَ فِي النَّفْخِ عِنْدَ الْحَادِثَةِ تَحْدُثُ فِي الصَّلَاةِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَنْ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ نَفَخَ فِي سُجُودِهِ، وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ أَنَّ النَّفْخَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا، وَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُ صَلَاةِ مَنْ نَفَخَ فِي سُجُودِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ نَفَخَ فِي سُجُودِهِ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ الْأَوَائِلِ فِي كَرَاهِيَةِ النَّفْخِ إِنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ مِنْهُمْ لِلسُّجُودِ عَلَى التُّرَابِ، كَالَّذِي رُوِيَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي نَفَخَ: «تَرِّبْ وَجْهَكَ» ، وَلَا يَثْبُتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّفْخَ بِمَنْزِلَةِ -[248]- الْكَلَامِ، وَلَيْسَ لِتَفَرُّقِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ نَفْخٍ يُسْمَعُ، وَبَيْنَ نَفْخٍ لَا يُسْمَعُ مَعْنًى، وَذَلِكَ أَنَّ النَّفْخَ إِنْ كَانَ كَلَامًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا فَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ نَفَخَ فِي صَلَاتِهِ

ذكر الأكل والشرب في الصلاة أجمع أهل العلم على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب. وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن على من أكل أو شرب في الصلاة عامدا الإعادة. واختلفوا فيمن أكل أو شرب في الصلاة ناسيا: فكان عطاء يقول: إذا شرب في الصلاة ناسيا أتم صلاته

ذِكْرُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الصَّلَاةِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ مَمْنُوعٌ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَلَى مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا الْإِعَادَةَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا: فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: إِذَا شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَإِنْ شَرِبَ عَامِدًا أَعَادَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْآكِلِ وَالشَّارِبِ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا: يَسْتَأْنِفُ، وَيُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مَا قَالَ عَطَاءٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّائِمَ وَالْمُصَلِّيَ مَمْنُوعَانِ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَا دَامَا فِي صَلَاتِهِمَا وَصِيَامِهِمَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِمَا إِنْ عَمِدَا، فَأَكَلَا أَوْ شَرِبَا الْقَضَاءَ، وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَهُوَ صَائِمٌ نَاسِيًا فَلْيَمْضِ فِي صَوْمِهِ، فَإِنَّ اللهَ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ» . فَإِذَا دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَى الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ نَاسِيًا فِي صَوْمِهِ، وَكَانَ الصَّائِمُ وَالْمُصَلِّي فِي مَعْنًى وَاحِدٍ فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَيْهِمَا، كَانَ حُكْمُ الْأَكْلِ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَدَلَّ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ عَلَى أَنْ

لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا، وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ نَاسِيًا فِي مَعْنَى الْكَلَامِ، إِذْ عَلَى الْآكِلِ وَالشَّارِبِ وَالْمُتَكَلِّمِ عَامِدًا الْإِعَادَةُ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الشُّرْبِ فِي التَّطَوُّعِ: فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا شَرِبَا فِي الصَّلَاةِ التَّطَوُّعِ

1590 - حَدَّثُونَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الْحَكَمِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» وَرُوِيَ عَنْ طَاؤُسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ» وَقَالَ إِسْحَاقُ: «إِنْ فَعَلَهُ فِي التَّطَوُّعِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَتَرْكُهُ أَسْلَمُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا شَرِبَ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ التَّطَوُّعِ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَكُلُّ مَنْ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ شَرِبَ فِي التَّطَوُّعِ كَانَ شُرْبُهُ سَاهِيًا إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ طَاؤُسٍ، وَمَا ذَكَرَهُ لَيْثٌ

ذكر السلام على المصلي ثبت عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا، فلما رجعنا سلمت عليه فلم يرد علي. وقد ذكرت هذا الحديث، فالكلام في الصلاة لا يجوز، وقد سن رسول الله صلى الله عليه

ذِكْرُ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ. وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَالْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَرُدُّ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ

1591 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَصَلَّى -[250]- فِيهِ، وَدَخَلَ مَعَهُ صُهَيْبٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يُشِيرُ بِيَدِهِ " فَحَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُ صُهَيْبٍ يَدُلَّانِ عَلَى إِبَاحَةِ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي، إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَدَلَّ حَدِيثُ صُهَيْبٍ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ رَدَّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِإِشَارَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: لَوْ دَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ مَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي، وَمِمَّنْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى الْمُصَلِّي ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَكْرَهُ السَّلَامَ عَلَى الْمُصَلِّي، وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْجِبُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الْمُصَلِّي، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ مَسْجِدَهُ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا مُصَلٍّ فَسَلَّمَ

1592 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَوْ دَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ مَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ»

1593 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ حَتَّى إِذَا دَخَلَا الْمَسْجِدَ مِنْ قِبَلِ دَارِ مَرْوَانَ، فَمَرَّ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَعَدَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي السَّلَامَ، وَرَجَعَ الدَّارَ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يَتَكَلَّمُ فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكَ أَحَدٌ وَأَنْتَ تُصَلِّي فَأَشِرْ بِيَدِكَ وَلَا تَتَكَلَّمُ»

ذكر المصلي يسلم عليه اختلف أهل العلم في رد المصلي السلام إذا سلم عليه، فرخصت طائفة في ذلك، وممن كان لا يرى بأسا سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وقتادة، وقال إسحاق: إن رد السلام متأولا يرى أن ذلك جائز فصلاته مجزية وروينا عن أبي هريرة أنه قال: " إذا

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ الْمُصَلِّي السَّلَامَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِنْ رَدَّ السَّلَامِ مُتَأَوَّلًا يَرَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ وَرَوِينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا سُلِّمَ عَلَيْكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَرُدَّ»

1594 - حَدَّثنا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِذَا سُلِّمَ عَلَيْكُ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَرُدَّ»

1595 - وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ رَدَّهُ حَتَّى يَسْمَعَ

1596 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو -[252]- عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَوْ سُلِّمَ عَلَيَّ وَأَنَا أُصَلِّي لَرَدَدْتُ» وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ رَدَّ الْمُصَلِّي السَّلَامَ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ

1597 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُوسَى بْنَ جَمِيلٍ وَكَانَ مُصَلِّيًا، وَابْنَ عَبَّاسٍ يُصَلِّي لَيْلًا إِلَى قِبَلِ الْكَعْبَةِ قَالَ: فرَأَيْتُ مُوسَى صَلَّى ثُمَّ يَعُودُ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَمَرَّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَبَضَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى يَدِ مُوسَى هَكَذَا، وَقَبَضَ عَطَاءٌ بِكَفِّهِ عَلَى كَفِّهِ، قَالَ عَطَاءٌ: وَكَانَ بِذَلِكَ مِنْهُ تَحِيَّةٌ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ تَكَلَّمَ

1598 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَرَدَّ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ: «إِذَا سُلِّمَ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي فَرُدَّ بِإِشَارَةٍ»

1599 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «كَانَ يَجِيءُ الرَّجُلَانِ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَشْهَدُ أَنَّهُ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَيُصْغِي لَهُمَا بِسَمْعِهِ، فَإِذَا فَرَغَا يُومِئُ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ»

1600 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَطَاءً قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنِ الرَّجُلِ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي؟ قَالَ: «لَا تُرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُكَ»

1601 - وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ -[253]- أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «سَلَّمْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، إِذَا انْصَرَفْتَ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَارْدُدْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَاتْبِعْهُ السَّلَامَ، وَكَرِهَ الْأَوْزَاعِيُّ الْمُصَافَحَةَ وَعَمِلَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ قَوْلًا رَابِعًا: وَهُوَ أَنْ يَرُدَّ فِي نَفْسِهِ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: لَا يَرُدُّ السَّلَامَ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُشِيرَ. فَاسْتَحَبَّ خِلَافَ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ بِإِشَارَةٍ، وَقَدْ سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، مِنْ ذَلِكَ إِشَارَتُهُ إِلَى الَّذِينَ صَلُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا أَنِ اجْلِسُوا، وَأَوْمَأَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ خَرَجَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَنِ امْضِهِ

ذكر الضحك في الصلاة أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، غير ابن سيرين، على أن التبسم في الصلاة لا يفسدها. وروينا عن ابن سيرين أنه قرأ: فتبسم ضاحكا من قولها الآية، وقال: لا أعلم التبسم إلا ضحكا. وممن روينا عنه أنه قال: لا يقطع التبسم الصلاة جابر بن

ذِكْرُ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، غَيْرَ ابْنِ سِيرِينَ، عَلَى أَنَّ التَّبَسُّمَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا. -[254]- وَرَوِينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَرَأَ: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلُهَا} [النمل: 19] الْآيَةَ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ التَّبَسُّمَ إِلَّا ضَحِكًا. وَمِمَّنْ رَوِينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقْطَعُ التَّبَسُّمُ الصَّلَاةَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمُجَاهِدٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَأَجْمَعُوا أَنَّ الضَّحِكَ فِي الصَّلَاةِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ

1602 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ التَّبَسُّمُ»

ذكر البكاء في الصلاة قال أبو بكر: البكاء في الصلاة مباح، يدل على إباحته غير خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك حديث علي

ذِكْرُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْبُكَاءُ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحٌ، يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَتِهِ غَيْرُ خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ

1603 - حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا بُنْدَارٌ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ -[255]- شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «مَا كَانَ فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَادِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ» وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي بَابِ النَّفْخِ فِي الصَّلَاةِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ

1604 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ» . حَدَّثَنِي عَلِيٌّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ: الْأَزِيزُ يَعْنِي: غَلَيَانَ جَوْفِهِ بِالْبُكَاءِ، وَأَصْلُ الْأَزِيزِ الِالْتَهَابُ وَالْحَرَكَةُ، وَكَانَ قَوْلُهُ: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] الْآيَةَ، مِنْ هَذَا، أَيْ تَدْفَعُهُمْ وَتَسُوقُهُمْ، وَهُوَ مِنَ التَّحَرُّكِ. وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، -[256]- وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ: سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} [يوسف: 86] الْآيَةَ. وَقَدْ مَدَحَ اللهُ الْبَكَّائِينَ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 107] إِلَى قَوْلِهِ: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: 109] الْآيَةَ، وَقَالَ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] الْآيَةَ.

1605 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ، فَتَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ»

1606 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} [يوسف: 86]

1607 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -[257]- صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَرَأَهَا حَتَّى بَلَغَ: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] الْآيَةَ، بَكَى حَتَّى انْقَطَعَ، فَرَكَعَ

1608 - حَدَّثنا عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عُمَرَ وَهُوَ يَتَرَجَّحُ، وَيَتَمَايَلُ، وَيَتَأَوَّهُ، حَتَّى لَوْ رَأَهُ غَيْرُنَا مِمَّنْ يَجْهَلُهُ لَقَالَ: أُصِيبَ الرَّجُلُ؛ وَذَلِكَ لِذِكْرِ النَّارِ، إِذَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13] الْآيَةَ، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ

ذكر الأنين والتأوه في الصلاة اختلف أهل العلم في الأنين في الصلاة: فقالت طائفة: من أن في صلاته يعيد، روي هذا القول عن الشعبي، والنخعي، ومغيرة، وبه قال سفيان الثوري. وحكي عن الشافعي أنه قال: لا بأس به إذا لم يكن كلاما، وقال ابن المبارك: إن كان

ذِكْرُ الْأَنِينَ وَالتَّأَوُّهِ فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَنِينِ فِي الصَّلَاةِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ أَنَّ فِي صَلَاتِهِ يُعِيدُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُغِيرَةَ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامًا، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِنْ كَانَ عَالِيًا لَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَفْهُومًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْأَنِينَ إِذَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَلَيْسَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ قَطَعَ الصَّلَاةَ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ

ذكر مس الحصى في الصلاة اختلف أهل العلم في مس الحصى في الصلاة: فرخصت فيه طائفة: كان ابن عمر يصلي فيمسح الحصى برجله، وروي عن ابن مسعود أنه كان يسوي الحصى بيده مرة واحدة إذا أراد أن يسجد

ذِكْرُ مَسِّ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسِّ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ: فَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فَيَمْسَحُ الْحَصَى بِرِجْلِهِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي الْحَصَى بِيَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ

1609 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ «كَانَ يُصَلِّي فَيَمْسَحُ الْحَصَى بِرِجْلِهِ»

1610 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا هَوَى لِيَسْجُدَ يَمْسَحُ الْحَصَى بِقَدْرِ جَبْهَتِهِ مَسْحَةً خَفِيفَةً

1611 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «كَانَ عَبْدُ اللهِ يُسَوِّي الْحَصَى بِيَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي صَلَاةٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ» وَكَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، قَالَ: وَكَانَ لَا يَرَى بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ مِنْهُ بَأْسًا عِنْدَ الْعُذْرِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِمَسِّهِ بَأْسًا مَرَّةً وَاحِدَةً أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو ذَرٍّ

1612 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «امْسَحْ وَاحِدَةً»

1613 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ -[259]- دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ: مَرَّ بِي أَبُو ذَرٍّ وَأَنَا أُصَلِّي، فَقَالَ: «إِنَّ الْأَرْضَ لَا تُمْسَحْ إِلَّا مَسْحَةً وَاحِدَةً» وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ مَسْحَ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ

1614 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنا جَابِرٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، صَلَّى إِلَى جَنْبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَمَسَحَ الْحَصَى فَأَمْسَكَ بِيَدِهِ

1615 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَعْبِثَ، بِالْحَصَى»

1616 - حَدَّثنا قَطَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا تَمْسَحْ جَبْهَتَكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تُحَرِّكِ الْحَصَى» وَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: فَإِنْ كَانَ الْحَصَى لَا يُمَكِّنُهُ مِنَ السُّجُودِ، فَإِنْ سَوَّاهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أُحِبُّ مَسْحَ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ

1617 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» وَلَا يَخْرُجُ عِنْدِي إِنْ مَسَحَ الْحَصَى مَرَّةً؛ لِحَدِيثِ مُعَيْقِيبٍ

1618 - حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَمَرَّةً» يَعْنِي مَسْحَ الْحَصَى، وَتَرْكُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَفْضَلُ

1619 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ قَالَ: ثنا أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ يُمْسِكَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ، كُلُّهَا سُودُ الْحَدَقَةِ، فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُكُمُ الشَّيْطَانَ فَلْيَمْسَحْ مَسْحَةً وَاحِدَةً» -[261]- وَأُحِبُّ أَنْ يَمْسَحَ الْحَصَى لِمَوْضِعِ سُجُودِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عُمَرَ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ

1620 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنَا أُكَلِّمُهُ فِي أَنْ يَفْرِضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ أُكَلِّمُهُ وَهُوَ يُسَوِّيَ الْحَصَى بِنَعْلِهِ، حَتَّى جَاءَهُ رِجَالٌ كَانَ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهَا قَدِ اسْتَوَتْ، فَقَالَ لِي: «اسْتَوِ فِي الصَّفِّ ثُمَّ كَبَّرَ»

1621 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَوِّيَ الْحَصَى قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ»

ذكر حديث دل على أن حديث النفس لا يقطع الصلاة

ذِكْرُ حَدِيثٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ

1622 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ أَوْ يَعْمَلُوا»

ذكر الرخصة في إصلاح الثوب في الصلاة

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي إِصْلَاحِ الثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ

1623 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ -[262]- النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ، ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ»

ذكر الخبر الدال على أن النعاس لا يفسد الصلاة

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النُّعَاسَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ

1624 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ»

ذكر النهي عن الاختصار في الصلاة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ

1625 - حَدَّثنا أَبُو بِشْرٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نُهِيَ عَنِ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ ذَلِكَ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَرَوَوْا فِيهِ حَدِيثًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -[263]- وَمِمَّنْ كَرِهَ الِاخْتِصَارَ فِي الصَّلَاةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

1626 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عَائِشَةَ " نَهَتْ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ أَصَابِعَهُ فِي خَاصِرَتِهِ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا يَضَعُ الْيَهُودُ قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَإِنَّهُ مَعْشَرُ الْيَهُودِ

1627 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: ثنا صَالِحٌ مَوْلَى التوأمة قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: " إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَجْعَلُ يَدَيْهِ فِي خَاصِرَتِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ ذَلِكَ

ذكر النهي عن غرز الضفائر في القفا في الصلاة إذ هو مقعد الشيطان

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ غَرْزِ الضَّفَائِرِ فِي الْقَفَا فِي الصَّلَاةِ إِذْ هُوَ مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ

1628 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَسَنٌ يُصَلِّي قَائِمًا قَدْ غَرَزَ ضَفْرَيْهِ -[264]- فِي قَفَاهُ فَحَلَّهُمَا، فَالْتَفَتَ الْحَسَنُ مُغْضَبًا، فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ: أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِكَ وَلَا تَغْضَبْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " ذَلِكَ كِفْلُ الشَّيْطَانِ يَقُولُ: مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ يَعْنِي مَغْرَزَ ضَفْرَيْهِ "

ذكر النهي عن تغطية الفم في الصلاة بلفظ مجمل

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ تَغْطِيَةِ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظٍ مُجْمِلٍ

1629 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ تَغْطِيَةَ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالنَّخَعِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْأَشْعَثُ أَنَّهُ -[265]- كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا

ذكر الدليل على أنه إنما نهى عن تغطية الفم في الصلاة في غير حال التثاؤب؛ لأنه أمر بتغطيته إذا تثاءب

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَغْطِيَةِ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ حَالِ التَّثَاؤُبِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِتَغْطِيَتِهِ إِذَا تَثَاءَبَ

1630 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ عَلَى فِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ»

ذكر النهي عن قول التثاؤب في الصلاة وغير الصلاة آه آه فإن الشيطان يضحك منه

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ آهْ آهْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ

1631 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: بِشْرٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُولُ: آهْ آهْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ ". أَوْ قَالَ: «يَلْعَبُ مِنْهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ التَّلَثُّمَ وَتَغْطِيَةَ الْفَمِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ كَرِهَ التَّلَثُّمَ وَرَخَّصَ فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ، -[266]- وَمِمَّنْ كَرِهَ تَغْطِيَةَ الْفَمِ عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ التَّلَثُّمَ فِي الصَّلَاةِ

1632 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وَهُوَ مُخَمَّرٌ فَاهُ؟ قَالَ: «أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تَنْزِعَهُ مِنْ فِيكَ» إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «إِذَا صَلَّيْتَ فَإِنَّكَ تُنَاجِي رَبَّكَ»

ذكر النهي عن بزق المصلي أمامه إذ الله عز وجل قبل وجه المصلي ما دام في صلاته مقبلا عليه

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ بَزْقِ الْمُصَلِّي أَمَامَهُ إِذِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي مَا دَامَ فِي صَلَاتِهِ مُقْبِلًا عَلَيْهِ

1633 - حَدَّثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَتَّهَا، -[267]- وَقَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَتَنَخَّمُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِ أَحَدِكُمْ فِي الصَّلَاةِ»

1634 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ بَزَقَ فِي قِبْلَتِهِ، فَقَعَدَ لَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِحُذَيْفَةَ: مَا يُقْعِدُكَ يَا حُذَيْفَةُ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ بَزَقْتَ فِي قِبْلَتِكَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ أَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ حَدَثَ سُوءٍ»

ذكر الرخصة في دلك المصلي البزاق بنعله

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي دَلْكِ الْمُصَلِّي الْبُزَاقَ بِنَعْلِهِ

1635 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، ثُمَّ تَنَخَّمَ تَحْتَ قَدَمِهِ ثُمَّ دَلَكَهَا بِنَعْلِهِ وَهِيَ فِي رِجْلِهِ»

ذكر النهي عن أن يبزق المصلي بين يديه، والرخصة في بزق المصلي عن يساره أو تحت قدمه

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَبْزُقَ الْمُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالرُّخْصَةُ فِي بَزْقِ الْمُصَلِّي عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ

1636 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدٍ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ -[268]- عَصَاهُ فَحَتَّهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمْ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى»

ذكر الرخصة في بزق المصلي في ثوبه ودلك الثوب بعضه ببعض

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي بَزْقِ الْمُصَلِّي فِي ثَوْبِهِ وَدَلْكِ الثَّوْبِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ

1637 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ الْعَرَاجِينَ، وَيُمْسِكُهَا بِيَدِهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَفِي يَدِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، فَرَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَحَكَّهُنَّ بِهِ حَتَّى أَنْقَاهُنَّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ مُغْضَبًا، فَقَالَ: «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ رَجُلٌ فَيَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ؟ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ، وَالْمَلِكُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَا يَبْصُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى، وَعَنْ يَسَارِهِ، فَإِنْ بَدَرَتْ مِنْهُ بَادِرَةٌ فَيَجْعَلْهَا فِي ثَوْبِهِ، وَيُدَلِّكْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ»

ذكر كراهية نظر المصلي إلى ما يشغله عن صلاته

ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ نَظَرِ الْمُصَلِّي إِلَى مَا يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ

1638 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ ذَاتِ عَلَمٍ، فَلَمَّا قَضَى -[269]- صَلَاتَهُ قَالَ: «اذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ إِلَى أَبِي الْجَهْمِ، وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي»

ذكر النهي عن مدافعة الغائط، والبول، في الصلاة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ مُدَافَعَةِ الْغَائِطِ، وَالْبَوْلِ، فِي الصَّلَاةِ

1639 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرْزَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَتِيقٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ»

ذكر الأمر ببدء العشاء قبل الصلاة عند حضورهما

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِبِدْءِ الْعَشَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عِنْدَ حُضُورِهِمَا

1640 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ»

ذكر نفي قبول صلاة المرائي بها

ذِكْرُ نَفْيِ قَبُولِ صَلَاةِ الْمُرَائِي بِهَا

1641 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا خَيْرُ الشُّرَكَاءِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَهُ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ "

ذكر الأمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ

1642 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ضَمْضَمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحٌ، وَبِهِ يَقُولُ عَوَامُ أَهْلِ الْعِلْمِ، رَأَى ابْنُ عُمَرَ رِيشَةً وَهُوَ يُصَلِّي فَحَسِبَ أَنَّهَا عَقْرَبٌ فَضَرَبَهَا بِنَعْلِهِ

1643 - حَدَّثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ: «رَأَى ابْنُ عُمَرَ رِيشَةً وَهُوَ يُصَلِّي فَحَسِبَ أَنَّهَا عَقْرَبٌ فَضَرَبَهَا بِنَعْلِهِ» -[271]- وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي قَتْلِ الْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرَخَّصَ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالنُّعْمَانُ، وَأَصْحَابُهُ. وَكَرِهَ قَتْلَ الْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ النَّخَعِيُّ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ مَعَ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ هُوَ بِنَفْسِهِ قَوْلٌ شَاذُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ

ذكر عدد الآي في الصلاة اختلف أهل العلم في عدد الآي في الصلاة: فرخصت فيه فرقة، وممن رخص في عدد الآي في الصلاة النخعي، وابن أبي مليكة، وأبو عبد الرحمن، وطاوس، والمغيرة بن حكيم، والشعبي، ومحمد بن سيرين، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وحكي إباحة ذلك

ذِكْرُ عَدَدِ الْآيِ فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ الْآيِ فِي الصَّلَاةِ: فَرَخَّصَتْ فِيهِ فِرْقَةٌ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي عَدَدِ الْآيِ فِي الصَّلَاةِ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَاوُسٌ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيِّ وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَقَلُّ مَا يَكُونُ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ» . وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِعَدَّةٍ. -[272]- وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: إِنِّي لَأَدْعُو لِسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ إِخْوَانِي، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِعَدَدٍ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَكْرَهُ عَدَدَ الْآيِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَكْرَهُ عَدَدَ التَّسْبِيحِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالَ: يَشْتَغِلُ مِنَ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ

ذكر العاطس يحمد الله في الصلاة اختلف أهل العلم في العاطس يحمد الله وهو في الصلاة، فقالت طائفة: يحمد الله، كذلك قال النخعي ومكحول، وأحمد بن حنبل. وروينا عن ابن عمر أنه قال: " العاطس في الصلاة يجهر بالحمد، فإن عطس رجل فشمته وهو ذاكر أنه في صلاته،

ذِكْرُ الْعَاطِسِ يَحْمَدُ اللهَ فِي الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعَاطِسِ يَحْمَدُ اللهَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَحْمَدُ اللهَ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَرَوِينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «الْعَاطِسُ فِي الصَّلَاةِ يَجْهَرُ بِالْحَمْدِ، فَإِنْ عَطَسَ رَجُلٌ فَشَمَّتَهُ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ فِي صَلَاتِهِ، فَسَدَتْ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتُهُ»

1644 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: ثنا مَلِيحِ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «الْعَاطِسُ فِي الصَّلَاةِ يَجْهَرُ بِالْحَمْدِ» وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ

ذكر الخشوع في الصلاة قال الله جل ذكره: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون الآية وروينا عن ابن سيرين أنه قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره إلى السماء فأمر بالخشوع، فرمى بصره نحو مسجده ". وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: " الخشوع

ذِكْرُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] الْآَيَةَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأُمِرَ بِالْخُشُوعِ، فَرَمَى بَصَرَهُ نَحْوَ مَسْجِدِهِ» . وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَأَنْ تَلِينَ كَنَفَكَ لِلْمَرْءِ، الْمُسْلِمِ، وَأَنْ لَا تَلْتَفِتَ فِي صَلَاتِكَ» . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: {خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] : «خَائِفُونَ سَاكِتُونَ»

1645 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] الْآَيَةَ قَالَ: «خَائِفُونَ سَاكِتُونَ» وَقَالَ قَتَادَةُ: الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَهُوَ الْخَوْفُ وَغَضُّ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُئِلَ عَنِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَخَفْضُ الْجَنَاحِ، وَلِينُ الْقَلْبِ، وَهُوَ الْحُزْنُ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ -[274]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالنَّظَرُ إِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ أَسْلَمُ وَأَحْرَى أَنْ لَا يَلْهُوَ الْمُصَلِّي بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَوَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ مَا يَصْنَعُ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِمْ وَهُمْ قِيَامٌ فِي صَلَاتِهِمْ، وَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، وَهُوَ شَيْءٌ أُحْدِثَ، وَصَنْعَةٌ صَنَعَهَا النَّاسُ، وَذَلِكَ مُسْتَنْكَرٌ، وَلَا أَرَى بَأْسًا لَوْ مَدَّ بَصَرَهُ أَمَامَهُ، وَصَفَحَ سَجْدَةً قَلِيلًا مَا لَمْ يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ، اسْتَحَبَّ بِمَا كَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَكَرِهَ مَا اسْتَحَبُّوهُ مِمَّا هُوَ أَسْلَمُ لِلْمُصَلِّي، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ تَحَفُّظِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صَلَاتِهِمْ وَحِفْظِهِمْ لِأَبْصَارِهِمْ أَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: يَضَعُ بَصَرَهُ بِحِذَاءِ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْجُدُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُغْمِضْ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ يُؤْمَرُ إِذَا كَانَ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ. وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ تَغْمِيضَ الْعَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِ الصَّلَاةِ

ذكر التروح في الصلاة واختلفوا في التروح في الصلاة، فكرهت طائفة ذلك، وممن كره ذلك عطاء بن أبي رباح، والنخعي، وأبو عبد الرحمن، ومسلم بن يسار، وقال مالك: لا أرى ذلك، وروينا عن ابن مسعود أنه سئل عن ذلك؟ فقال: أرأيتم لو أن الناس كلهم فعلوا ذلك كان

ذِكْرُ التَّرَوُّحِ فِي الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرَوُّحِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ -[275]- ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ كَانَ قَبِيحًا قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا قَبُحَ لِلْعَامَّةِ قَبُحَ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ

1646 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْهَجَنَّعِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ الرَّجُلِ يُرَوِّحُ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ كَانَ قَبِيحًا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا قَبُحَ لِلْعَامَّةِ قَبُحَ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ "

1647 - حَدَّثنا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مَعَنْ بْنُ عِيسَى، عَنْ عُبَيْدَةَ ابْنَةِ نَابِلٍ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ قَالَتْ: «رَأَيْتُ عَائِشَةَ ابْنَةَ سَعْدٍ تَنْفُضُ دِرْعًا فِي الصَّلَاةِ، أَيْ تُرَوِّحُ بِهِ» وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكْرَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْأَمْرُ الشَّدِيدُ أَوِ الْغَمِّ الشَّدِيدِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ آذَاهُ الْحَرُّ أَوِ الْبَرْدُ سَجَدَ عَلَى ثَوْبِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ

مسائل كان مالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق: لا يرون بأسا أن يراوح المصلي بين قدميه. وكذلك نقول، وأكره أن يمسح الرجل جبهته وهو يصلي، وإن فعل فلا شيء عليه روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " أربع من الجفاء، فذكر مسح الرجل أثر سجوده وهو يصلي " وكره ذلك

مَسَائِلُ كَانَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ: لَا يَرَوْنَ بَأْسًا أَنْ يُرَاوِحَ الْمُصَلِّي بَيْنَ قَدَمَيْهِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَأَكْرَهُ أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلَ جَبْهَتَهُ وَهُوَ يُصَلِّي، وَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ رَوِينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَرْبَعٌ مِنَ الْجَفَاءِ، فَذَكَرَ مَسْحَ الرَّجُلِ أَثَرَ سُجُودِهِ وَهُوَ يُصَلِّي» وَكَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ تَرَكَ مَسْحَ وَجْهِهِ مِنَ التُّرَابِ حَتَّى يُسَلِّمَ كَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا كَثُرَ التُّرَابُ فِي جَبْهَتِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْسَحَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كَفَّيْهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ

1648 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «أَرْبَعٌ مِنَ الْجَفَاءِ، وَمِنَ الْجَفَاءِ أَنْ يَمْسَحَ -[277]- الرَّجُلُ أَثَرَ السُّجُودِ مِنَ التُّرَابِ وَهُوَ يُصَلِّي» وَاخْتَلَفُوا فِي قَتْلِ الْقَمْلِ، وَالْبَرَاغِيثِ فِي الصَّلَاةِ فَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ، رَوِينَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْقَمْلَ، وَالْبَرَاغِيثَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقْتُلُ الْقَمْلَ فِي الصَّلَاةِ

1649 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ تَوْبَةَ أَبِي صَدَقَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ «كَانَ يَقْتُلُ الْقَمْلَ وَالْبَرَاغِيثَ فِي الصَّلَاةِ» وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: تَرْكُ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْقَمْلِ، وَمَا نُحِبُّ الْعَبَثَ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلِلْمَرْءِ أَنْ يَحْمِلَ الصَّبِيَّ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَالتَّطَوُّعِ، ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَ أُمَامَةَ ابْنَةَ أَبِي الْعَاصِ فِي الصَّلَاةِ

1650 - حَدَّثنا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ وَعَلَى عُنُقِهِ أُمَامَةُ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُصَلِّي يَحْمِلُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يَفْتَحَ بَابًا، أَوْ مَضَى خَلْفَ دَابَّةٍ قَالَ: صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ -[278]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالسُّنَّةُ مُسْتَغْنًى بِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تُرْضِعُ صَبِيَّهَا وَهِيَ تُصَلِّي: فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَرَّةً: قُطِعَتْ صَلَاتُهَا، وَقَالَ مَرَّةً: إِنْ كَانَ مِنْ ضَرُورَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ لَمْ يَنْكَشِفْ ثَدْيُهَا فَصَلَاتُهَا تَامَّةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ تَفُوتُهُ الْعِشَاءُ فَلَمْ يُصَلِّهَا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا صَلَّاهَا بِالنَّهَارِ يُسِرُّ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ صَلَّاهَا بِاللَّيْلِ إِنْ شَاءَ يُسِرُّ وَإِنْ شَاءَ يُعْلِنُ. وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجْهَرُ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجْهَرُ وَحُكِيَ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَمَّ قَوْمًا فِيمَا جَهَرَ جَهَرَ، وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ خَافَتَ

جماع أبواب السهو

جُمَّاعُ أَبْوَابِ السَّهْوِ

ذكر المصلي يشك بشك في صلاته والأمر بأن يسجد من أصابه ذلك سجدتين

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَشُكُّ بِشَكٍّ فِي صَلَاتِهِ وَالْأَمْرُ بِأَنْ يَسْجُدَ مَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ سَجْدَتَيْنِ

1651 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَلْبِسُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ، فَلَا يَدْرِي أَزَادَ أَوْ نَقَصَ، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا خَبَرٌ رُوِيَ عَلَى الِاخْتِصَارِ، يَدُلُّ عَلَى تَفْسِيرِهِ الْحَدِيثُ الَّذِي يَلِيهِ

ذكر الأخبار الدالة على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشاك أن يسجد سجدتين إنما يسجدهما بعد أن يبني على الأصل حتى يتم صلاته

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّاكَّ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ إِنَّمَا يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْأَصْلِ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ

1652 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ؟، فَقَالَ: «أَلْقِ الشَّكَّ وَابْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنْتَ التَّمَامَ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ»

1653 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا ابْنُ قَعْنَبٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ -[280]- بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً، شَفَعْتَهَا بِهَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً، فَالسَّجْدَتَيْنِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ الشَّاكَّ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْيَقِينِ، فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ، وَلَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ خَبَرًا ثَابِتًا فِيهِ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ إِلَّا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا، وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ إِمَّا مُخْتَلَفٌ فِي أَسَانِيدِهَا، وَإِمَّا ثَابِتُ الْإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسُجُودِ السَّهْوِ، إِنَّمَا فِيهَا أَنَّهُ سَجَدَ سُجُودَ السَّهْوِ

ذكر اختلاف أهل العلم في المصلي يشك في صلاته ما يفعل؟ اختلف أهل العلم في المصلي يشك في صلاته: فقالت طائفة: يبني على اليقين، ويسجد سجدتي السهو. هذا قول عبد الله بن مسعود، وبه قال سالم بن عبد الله، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن أنس، وعبد

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي يَشُكُّ فِي صَلَاتِهِ مَا يَفْعَلُ؟ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي يَشُكُّ فِي صَلَاتِهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ -[281]- وَرَوِينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: " تَوَخَّ الصَّوَابَ، ثُمَّ قُمْ فَارْكَعْ، ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ عَلَى الزِّيَادَةِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَتَوَخَّى حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَتَمَّ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ

1654 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَوَخَّ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ نَسَى مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّهِ، وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ»

1655 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «إِذَا شَكَّ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَمْ ثِنْتَيْنِ فَلْيَبْنِ عَلَى أَوْثَقِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ»

1656 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «إِذَا أَنْتَ لَا تَدْرِي أَرْبَعًا صَلَّيْتَ أَمْ ثَلَاثًا فَتَوَخَّ الصَّوَابَ، ثُمَّ قُمْ فَارْكَعْ، ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ عَلَى الزِّيَادَةِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، أَعَادَ حَتَّى يَحْفَظَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَشُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، -[282]- وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَيْمُونٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ سَهَى فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى

1657 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيُعِدْ حَتَّى يَحْفَظَ»

1658 - حَدَّثنا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيُعِدْ حَتَّى يَحْفَظَ»

1659 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قُلْتُ: شَكَكْتُ فِي صَلَاتِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: «تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَأَنْتَ جَالِسٌ» قَالَ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالَ: «عُدْ لِصَلَاتِكَ حَتَّى تَحْفَظَ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ الْمَكْتُوبَةَ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ لِلتَّطَوِّعِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، خِلَافُ الرِّوَايَةِ الَّتِي وَافَقَ فِيهَا شُرَيْحًا وَالشَّعْبِيَّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ رَابِعَةٌ: بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِذَا خَطَرَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ قَلْبِ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ. -[283]- وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِذَا شَكَّ فِي ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ

1660 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا خَطَرَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ قَلْبِ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، سَجَدَ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ»

1661 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: شَكَكْتُ فِي صَلَاتِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: «تَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ»

1662 - حَدَّثنا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالْحَسَنِ، أَنَّهُمَا قَالَا: «إِذَا شَكَّ فِي ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ» وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنْ نَسِيتَ الْمَكْتُوبَةَ فَعُدْ لِصَلَاتِكَ، قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْهُ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: فَإِنْ نَسِيتَ الثَّانِيَةَ فَلَا تَعُدْ لَهَا، وَصَلِّ عَلَى أَحْرَزِ ذَلِكَ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا تُسَلِّمُ وَأَنْتَ جَالِسٌ

1663 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِنْ نَسِيتَ الْمَكْتُوبَةَ فَعُدْ لِصَلَاتِكَ. . قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: «فَإِنْ نَسِيتَ الثَّانِيَةَ فَلَا تَعُدْ لَهَا وَصَلِّ عَلَى أَحْرَزِ ذَلِكَ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ تَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا تُسَلِّمُ وَأَنْتَ جَالِسٌ» . وَرُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا لَمْ تَدْرِ كَمْ صَلَّيْتَ فَعُدْ لِصَلَاتِكَ كُلِّهَا، فَإِنْ أَثْبَتَّ أَنَّكَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ تَدْرِ فِيمَا سِوَاهُمَا كَمْ صَلَّيْتَ فَعُدْ لِلَّذِي -[284]- شَكَكْتَ فِيهِ، وَلَا تَعُدْ لِلرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَدْ أَثْبَتَّ، وَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَإِنْ شَكَكْتَ ثَانِيَةً فَلَا تَعُدْ، فَإِنَّمَا الْعَوْدَةُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا شَكُّوا فِي الصَّلَاةِ أَعَادُوهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يُعِيدُوا. وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: فِي الْإِمَامِ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ قَالَ: يَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ مَنْ وَرَاءَهُ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يُوشِكُ أَنْ يُعْلِمَهُ مَنْ وَرَاءَهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: قَالَهُ مَكْحُولٌ، فِيمَنْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا قَالَ: فَلْيَرْكَعْ رَكْعَةً حَتَّى تَكُونَ صَلَاتُهُ إِلَى الزِّيَادَةِ أَقْرَبَ مِنْهَا إِلَى النُّقْصَانِ، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالسَّهْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ إِثْبَاتُ سُجُودِ السَّهْوِ عَلَى الشَّاكِّ فِي صَلَاتِهِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّاكَّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ يَسْجُدُ السَّهْوَ، فَقَبُولُ الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُمَا حَفِظَا مَا لَمْ يَحْفَظْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَوَجَبَ قَبُولُ مَا حُفِظَ مِنَ الزِّيَادَةِ مِمَّا لَمْ يَحْفَظْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، كَمَا يَجِبُ قَبُولُ خَبَرٍ لَوْ تَفَرَّدَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا شَكَّ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ -[285]- لَهُ تَحَرٍّ، وَلَمْ يَمِلْ قَلْبُهُ إِلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى فَيَحْتَسِبْ بِهِ، وَيُلْقِ الشَّكَّ، وَيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنْ مَالَ قَلْبُهُ إِلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ

ذكر المصلي يشك في صلاته، وله تحر، والأمر بالبناء على التحري إذا كان قلبه إلى أحد العددين أميل، وكان أكثر ظنه أنه صلى العدد الذي مال إليه قلبه

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَشُكُّ فِي صَلَاتِهِ، وَلَهُ تَحَرٍّ، وَالْأَمْرُ بِالْبِنَاءِ عَلَى التَّحَرِّي إِذَا كَانَ قَلْبُهُ إِلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ أَمَيْلَ، وَكَانَ أَكْثَرُ ظَنِّهِ أَنَّهُ صَلَّى الْعَدَدَ الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ قَلْبُهُ

1664 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ: ثنا زَائِدَةُ قَالَ: ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ 0 قَالَ مَنْصُورٌ: فَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ النَّاسِي ذَلِكَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَوْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: «وَمَا ذَلِكَ؟» ، فَذَكَرْنَا لَهُ الَّذِي صَنَعَ، فَثَنَى رِجْلَهُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ نَبَّأْتُكُمْ، وَلَكِنِّي بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَأَيُّكُمْ مَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ أَحْرَى ذَلِكَ الصَّوَابِ، فَلْيَبْنِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمْ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِسْنَادُ خَبَرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ هَذَا إِسْنَادٌ ثَابِتٌ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا دَفَعَهُ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا، وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ثَابِتَةٌ كُلُّهَا، يَجِبُ الْقَبُولُ بِهَا فِي مَوَاضِعِهَا، فَإِذَا شَكَّ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ وَلَهُ تَحَرٍّ، وَالتَّحَرِّي أَنْ يَمِيلَ قَلْبُهُ إِلَى أَحَدِ -[286]- الْعَدَدَيْنِ، وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ، وَيَبْنِي عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ قَلْبُهُ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحَرٍّ، وَلَا يَمِيلُ قَلْبُهُ إِلَى أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا شَكَّ فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى أَصَوْبَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ. وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: يَنْظُرُ أَقْرَبَ ذَلِكَ مِنَ الصَّوَابِ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ

1665 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ شَكَكْتَ فِيهِ مِنْ صَلَاتِكَ مِنْ نُقْصَانٍ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَاسْتَقْبِلْ أَكْبَرَ ظَنِّكَ، وَاجْعَلْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ مِنْ هَذَا النَّحْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ السَّهْوِ كُلِّهِ فَاجْعَلْهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ»

1666 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «إِذَا شَكَّ فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى أَصَوْبَ ذَلِكَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا صَلَّى فَسَهَا فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا، وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا سَهَا، قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الصَّلَاةَ، فَإِنْ لَقِيَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ تَحَرَّى الصَّوَابَ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا، أَتَمَّ الرَّابِعَةَ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَيُسَلِّمُ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: الشَّكُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْيَقِينُ وَالتَّحَرِّي، فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ فَهُوَ أَنْ بَلَغَ الشَّكَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي، وَهُوَ أَكْبَرُ الْوَهْمِ -[287]- سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَعْنَى التَّحَرِّي الرُّجُوعُ إِلَى الْيَقِينِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَتَحَرَّى الصَّوَابَ، وَالصَّوَابُ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْيَقِينِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يَرْجِعَ مَنْ شَكَّ إِلَى الْيَقِينِ، وَلَمْ يَأْمُرْ أَنْ يَرْجِعَ مَنْ شَكَّ إِلَى شَكٍّ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا أَنْ يَقُولَ: لَمَّا كَانَ عَلَيَّ إِذَا شَكَكْتُ، أَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ أَمْ لَا؟ أَنْ أُصَلِّيَهَا بِتَمَامِهَا حَتَّى أَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَدَائِهَا، فَكَذَلِكَ إِذَا شَكَكْتُ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا، أَنَّ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ بِهَا حَتَّى أَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَدَائِهَا. وَمَنْ قَالَ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَوْضِعِهِمَا، وَبِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ: عَلَيْنَا إِذَا ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ أَنْ نَمْضِيَهَا كُلَّهَا، وَنَسْتَعْمِلَ كُلَّ خَبَرٍ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْخَبَرُ ارْتَفَعَ النَّظَرُ، وَمَعْنَى خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ غَيْرُ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتْرَكَ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ الْآخَرَ أَشْبَهُ بِالنَّظَرِ

ذكر القيام من الركعتين قبل الجلوس ساهيا والمضي في الصلاة إذا استوى المصلي قائما، ووجوب سجود السهو على من فعل ذلك

ذِكْرُ الْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْجُلُوسِ سَاهِيًا وَالْمِضِيِّ فِي الصَّلَاةِ إِذَا اسْتَوَى الْمُصَلِّي قَائِمًا، وَوُجُوبِ سُجُودِ السَّهْوِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ

1667 - حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ ابْنَ بُحَيْنَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الثِّنْتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَلَمْ يَسْتَرِحْ، فَلَمَّا اعْتَدَلَ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ اتِّبَاعُ ظَاهَرِ خَبَرِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، يَقُولُونَ: إِذَا قَامَ الْمُصَلِّي مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْجُلُوسِ، وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ

1668 - حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أبي مَرْيَمَ قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شَمَاسَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَلَّى لَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَامَ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَقَالَ النَّاسُ وَرَاءَهُ: سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا فَرَغَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: " إِنِّي سَمِعْتُ حِينَ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ؛ كَيْمَا أَجْلِسُ، وَإِنَّهُ لَيْسَ تِلْكَ السُّنَّةَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ الَّتِي صَنَعْتُ " وَمِمَّنْ رَوِينَا عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ

1669 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ فِي الرَّابِعَةِ، فَسَبَّحَ بِهِ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنْ قُومُوا، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ»

1670 - حَدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: «صَلَّى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرِ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ»

1671 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا مِسْعَرٌ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَامَ -[289]- فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا فَرَغَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ»

1672 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «صَلَّى الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، فَلَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَلَمَّا سَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ»

1673 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الْعَبَّاسِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيُّ، «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَامَ فِي الرَّابِعَةِ، فَسَبَّحَ بِهِ الْقَوْمُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنْ قُومُوا، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ»

1674 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ «صَلَّى فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَسَبَّحُوا فَمَضَى فِيهَا، فَلَمَّا فَرَغَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ الْوَهْمِ وَهُوَ جَالِسٌ»

1675 - وَمَنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: «أَمَّنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى قَدَمَيْهِ ثُمَّ مَضَى وَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا ذَكَرَ وَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا جَلَسَ، هَذَا قَوْلُ عَلْقَمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، -[290]- وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْعَزِيزِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى إِذَا رَجَعَ إِلَى الْجُلُوسِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَفِي قَوْلِ عَلْقَمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ: لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ ذَكَرَ سَاعَةَ يَقُومُ جَلَسَ، كَذَلِكَ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: يَقْعُدُ مَا لَمْ يَسْتَفْتِحِ الْقِرَاءَةَ. . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا فَارَقَتْ إِلْيَتُهُ الْأَرْضَ وَنَأَى لِلْقِيَامِ، مَضَى كَمَا هُوَ وَلَا يَرْجِعْ حَتَّى يَجْلِسَ فِي الرَّابِعِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ: إِذَا تَجَافَتْ رُكْبَتَاهُ عَنِ الْأَرْضِ مَضَى. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ وَإِنْ قَرَأَ مَا لَمْ يَرْكَعْ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: يَقْعُدُ وَإِنْ قَرَأَ ثَمَانِينَ آيَةً مَا لَمْ يَرْكَعْ. وَقَدْ رَوِينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ

1676 - مِنْ حَدِيثِ الْفَارَيَابِيِّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ، وَقَدْ خَالَفَ شُعْبَةُ الثَّوْرِيَّ فِي إِسْنَادِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ ذَكَرَ وَقَدْ نَهَضَ لِلْقِيَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَجَلَسَ: فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَسْجُدَ سُجُودَ السَّهْوِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

1677 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانُ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «صَلَّى بِنَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَسَبَّحَ الْقَوْمُ فَجَلَسَ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ الصَّلَاةِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ»

1678 - حَدَّثنا عَلِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «رَأَيْتُهُ تَحَرَّكَ لِلْقِيَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ، فَسَبَّحُوا بِهِ، فَجَلَسَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ عَنْهُ سُجُودَ السَّهْوِ، كَانَ عَلْقَمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَرَوْنَ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ

ذكر التسليم من الركعتين ساهيا في الظهر أو العصر، والبناء على ما صلى المصلي قبل تسليمه

ذِكْرُ التَّسْلِيمِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ سَاهِيًا فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، وَالْبِنَاءِ عَلَى مَا صَلَّى الْمُصَلِّي قَبْلَ تَسْلِيمِهِ

1679 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، إِمَّا الظُّهْرِ وَإِمَّا الْعَصْرِ، وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهَا الْعَصْرُ، رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُغْضَبٌ، وَخَرَجَ سُرْعَانُ النَّاسِ يَقُولُونَ: قَصُرَتِ الصَّلَاةُ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» ، قَالُوا: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ كَسِجُودِهِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ "

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ وَالْقَوْلُ بِهِ يَجِبُ، وَسَجْدَتَيِ السَّهْوِ يَسْجُدُهُمَا الْمُصَلِّي فِي هَذِهِ الْحَالِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلَيْسَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ، وَإِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَبَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، وَعَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ، وَذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ نَاسِخًا وَالْآخَرُ مَنْسُوخًا، وَالْكَلَامُ عَامِدًا فِي الصَّلَاةِ كَانَ مُبَاحًا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ وَقَعَ النَّسْخُ عَلَى عَمْدِ الْكَلَامِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. -[293]- فَأَمَّا الْكَلَامُ سَاهِيًا فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْكَلَامِ سَاهِيًا فِي الصَّلَاةِ النَّهْيُ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَدَّعِي أَحَدٌ أَنَّ اللهَ نَهَى مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا فِي الْحَالِ الَّتِي هُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَكَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ فِي الصَّلَاةِ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى فَرْضَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهِ. بَيَّنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: «مَا قَصُرَتْ وَلَا نَسِيتُ»

ذكر المصلي يصلي خمس ركعات ساهيا والأمر بسجدتي السهو إذا صلى خمسا من غير أن يضيف إليها سادسة

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ سَاهِيًا وَالْأَمْرُ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ إِذَا صَلَّى خَمْسًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا سَادِسَةً

1680 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , 1681 - وَحَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» ، قَالَ: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ " وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ عَلْقَمَةُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي -[294]- رَبَاحٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ قَتَادَةُ: قَالَ فِي رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، قَالَ: يَزِيدُ فِيهَا رَكْعَةً، فَتَكُونُ صَلَاتُهُ لِلظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ ثَلَاثًا صَلَّى إِلَيْهَا رَابِعَةً فَتَكُونُ رَكْعَتَانِ تَطَوُّعًا، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَهُوَ جَالِسٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَلَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّابِعَةِ، فَإِنَّهُ يَزِيدُ السَّادِسَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ صَلَاتَهُ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَلَمْ يَجْلِسْ فِي رَابِعَةٍ، قَالَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، قَالَ: يُضِيفُ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا سَاهِيًا إِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الظُّهْرَ، وَإِنْ ذَكَرَ حِينَ تَمَّتِ الْخَامِسَةُ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى خَمْسًا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَشْفَعَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يُسَلِّمَ وَيَسْتَقْبِلَ الظُّهْرَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا الظُّهْرَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتِ الظُّهْرُ وَالْخَامِسَةُ تَطَوُّعٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا -[295]- رَكْعَةً، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُمْ هَذَا خِلَافُ خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُخْبِرَ أَنَّهُ صَلَّى خَمْسًا لَمْ يَشْفَعْ بِرَكْعَةٍ، وَلَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ، وَهُمْ يُظْهِرُونَ اتِّبَاعَ أَخْبَارِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ جِيَادِ أَسَانِيدِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ خَالَفُوهُ، وَخَالِفُوا عَلْقَمَةَ، وَالنَّخَعِيَّ، وَخَالَفُوا خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «أَلْقِ الشَّكَّ، وَابْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنْتَ التَّمَامَ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعْتَهَا بِهَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَيْنِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ، فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مُتَّفِقَةٌ كُلُّهَا، وَقَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ خِلَافُهَا، وَلَيْسَ مَعَهُمْ لِقَوْلِهِمْ حُجَّةٌ

ذكر من صلى المغرب أرباعا اختلف أهل العلم فيمن صلى المغرب أربعا ساهيا، فقالت طائفة: يسجد سجدتي السهو، كذلك قال الحسن البصري، وهو قول الشافعي، وأحمد، وقال الزهري: هي صلاته. وقالت طائفة: يصلي إليها ركعة فتكون ركعتان تطوعا، هذا قول قتادة،

ذِكْرُ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَاعًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا سَاهِيًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هِيَ صَلَاتُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي إِلَيْهَا رَكْعَةً فَتَكُونُ رَكْعَتَانِ تَطَوُّعًا، هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْجَوَابُ فِيمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا كَالْجَوَابِ فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ جَعَلَ الْوِتْرَ مِنَ الصَّلَاةِ شَفْعًا وَبَيْنَ مَنْ جَعَلَ الشَّفْعَ وِتْرًا، إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَائِدٌ فِي عَمِلِ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الظَّهْرَ خَمْسًا سَاهِيًا وَلَمْ يُعِدْ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، كَانَ كَذَلِكَ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ أَرْبَعًا زَائِدًا فِي صَلَاتِهِ رَكْعَةً، وَكَانَ حُكْمُهَا كَحُكْمِ مُصَلِّي الظُّهْرِ خَمْسًا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَائِدٌ فِي صَلَاتِهِ رَكْعَةً

ذكر من ترك من الصلاة سجدة أو أكثر منها ثم ذكرها قبل أن يفرغ من صلاته قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الرجل يصلي أربع ركعات ونسي من كل ركعة سجدة، ثم يذكرها في آخر صلاته، فقالت طائفة: يسجد أربع سجدات وقد تمت صلاته، هكذا قال الحسن البصري، وسفيان

ذِكْرُ مَنْ تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ سَجْدَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَنَسِيَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً، ثُمَّ يَذْكُرُهَا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاتِهِ فَذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: يَسْجُدُهَا مَتَى مَا ذَكَرَ، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي وَهُوَ رَاكِعٌ فَيَذْكُرُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً فَانْحَطَّ فَسَجَدَ، أَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ سَاجِدٌ، قَالَ: يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَسْجُدُ، ثُمَّ يُعِيدُ الرَّكْعَةَ

الَّتِي انْحَطَّ مِنْهَا أَوِ السَّجْدَةَ الَّتِي رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَأَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ فِي رَجُلٍ صَلَّى رَكْعَةً فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا إِلَّا سَجْدَةً، قَالَ: إِنْ ذَكَرَ السَّجْدَةَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، أَوْ ذَكَرَهَا بَعْدَمَا رَكَعَ، خَرَّ سَاجِدًا فَقَضَاهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى قِيَامِهِ فَقَرَأَ بِآيَاتٍ ثُمَّ رَكَعَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعَ اللهَ لِمَنْ حَمِدَهُ، سَجَدَ فِيهَا ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ، سَجْدَةً لِلَّتِي نَسِيَ، وَسَجْدَتَيْنِ لِرَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ السَّجْدَةَ الَّتِي نَسِيَ حَتَّى يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ لِرَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ سَجْدَةً فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ سَجْدَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، ثُمَّ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الَّتِي نَسِيَ، ثُمَّ يَرْجِعُ لِيَسْجُدَ سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ. وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ ثُمَّ ذَكَرَهَا وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، قَالَ: يَمْضِي فَإِذَا فَرَغَ سَجَدَهَا، وَرَوَى مَكْحُولٌ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي فَيَنْسَى مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً، قَالَ: يُصَلِّيهَا مَتَى ذَكَرَهَا، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ سُجُودَ السَّهْوِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: فِيمَنْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ نَاسٍ لِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً، فَقَدْ تَمَّتْ لَهُ اثْنَتَانِ، وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ

مَعَ سُجُودِهِمَا وَسُجُودِ السَّهْوِ، كُلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنْ نَسِيَ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهِنَّ هِيَ، نَزَّلْنَاهَا عَلَى الْأَشَدِّ فَجَعَلْنَاهُ نَاسِيًا السَّجْدَةَ مِنَ الْأُولَى وَسَجْدَتَيْنِ مِنَ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةُ فَقَدْ تَمَّتْ، وَالرَّابِعَةُ نَسِيَ مِنْهَا سَجْدَةً فَأَضَفْنَا إِلَى الْأُولَى مِنَ الثَّالِثَةِ سَجْدَةً فَتَمَّتْ لَهُ رَكْعَةً وَبَطَلَتِ السَّجْدَةُ الَّتِي بَقِيَتْ فِي الثَّالِثَةِ، لِأَنَّهُ سُجُودٌ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَيُضِيفُ إِلَى الرَّابِعَةِ سَجْدَةً يَسْجُدُهَا السَّاعَةَ فَيَتِمُّ لَهُ الثَّانِيَةُ وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِسُجُودِهِمَا وَالسَّهْوِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، قَالَهُ مَالِكٌ، قَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَهَا عَنْ سَجْدَةٍ مِنْهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إِذْ هُوَ رَاكِعٌ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ: سَجَدَهَا وَاعْتَدَّ بِرَكْعَتِهَا الْأُولَى، ثُمَّ قَامَ فَابْتَدَأَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِقِرَاءَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، أَلْغَى الرَّكْعَةَ الْأُولَى الَّتِي نَسِيَ سَجْدَتَهَا، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِهَا فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ لَمْ يُتِمَّ بِسَجْدَتَيْهَا إِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَدْ قَرَأَ، فَلْيَسْجُدِ الَّتِي نَسِيَ، ثُمَّ يَبْتَدِي الَّتِي قَرَأَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، فِي الرَّجُلِ يَسْهُو فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فِي صَلَاتِهِ لَا يَسْجُدُ لِكُلِّ رَكْعَةٍ إِلَّا سَجْدَةً: أَنَّهُ يُعِيدُ تِلْكَ الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثِ بِسُجُودِهَا كَامِلًا، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، قَالَا: كُلُّ رَكْعَةٍ لَا يَأْتِي فِيهَا بِسَجْدَتَيْنِ حَتَّى يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الْأُخْرَى لَمْ تُجِزْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ، لِأَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَانِ فَإِذَا ذَكَرَ سَجْدَةً وَهُوَ سَاجِدٌ مِنْ رَكْعَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاعْتَدَّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ وَرَكْعَتِهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ: يُعِيدُ الرَّكْعَةَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْهَا.

وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ قَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ الْحَسَنُ فِي رَجُلٍ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَسْهُو أَنْ يَسْجُدَ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ: يَسْجُدُ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ وُيُجْزِيهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَاهِلًا مُتَعَمِّدًا فَإِذَا رَكَعَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلْأُولَى فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَقْبَلَ، قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَالَّذِي تَرَكَهَا سَاهِيًا ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنَّهُ يَقُومُ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا انْحَطَّ لِسَجْدَتَيِ الْأُولَى فَسَجَدَهُمَا ثُمَّ قَامَ فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا انْحَطَّ لِسَجْدَتَيِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ حَسَنٌ

ذكر المصلي يجهر فيما يخافت فيه، أو يخافت فيما يجهر فيه اختلف أهل العلم في المصلى يجهر فيما يخافت فيه أو يخافت فيما يجهر فيه، فقالت طائفة: يسجد سجدتي السهو إذا فعل ذلك ساهيا، هكذا قال النخعي، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وقالوا: إن فعل ذلك عامدا

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَجْهَرُ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ، أَوْ يُخَافِتُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلَّى يَجْهَرُ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ أَوْ يُخَافِتُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا، هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالُوا: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، وَلَمْ يَذْكُرَا سَهْوًا وَلَا عَمْدًا، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فِيمَنْ جَهَرَ فِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ، قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ سُجُودُ السَّهْوِ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، -[300]- وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَسَالِمٍ، وَالْقَاسِمِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الرَّجُلِ يَجْهَرُ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ: لَيْسَ عَلَيْهِ سَهْوٌ، وَاحْتَجَّ مُحْتَجُّهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ

1682 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ يُحْيِي بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِنَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا»

وَرُوِيَ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: " صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَهَذِهِ الْآيَةِ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الْآيَةُ

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ عُمَرَ نَغَمَةً فِي «ق» فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَرُوِّينَا عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّهُمَا جَهَرَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ»

1683 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ، " أَنَّهُ صَلَّى وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ، قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَهَذِهِ الْآيَةِ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الْآيَةُ

1684 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَلَيَّةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: «سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ نَغَمَةً -[301]- مِنْ» قِ «فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ»

1685 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: «كَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ»

1686 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «أَنَّ أَنَسًا جَهَرَ فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، فَلَمْ يَسْجُدْ»

1687 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، جَهَرَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، أَوِ الْعَصْرِ، فَمَضَى فِي جَهْرِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْفِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَمَا جَهَرْتُ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ مَالِكٍ، فَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ، أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ جَهَرَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِالْقِرَاءَةِ؟ قَالَ: إِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا. -[302]- وَحَكَى الْهُدَيْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، فِي الَّذِي يَجْهَرُ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي يُسَرُّ فِيهَا، قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ. وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ فِيهَا، فَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ، قَالَ: إِنْ سَجَدَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ. وَحَكَى عَنْهُ حَمْدَانُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَجْهَرُ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ، قَالَ: إِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَرْجُو أَنْ لَا يَضُرَّهُ، يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ، وَيُرْوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ: يَسْجُدُ. وَحَكَى أَبُو دَاوُدَ، أَنَّهُ قَالَ: فِيمَنْ خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ: يَسْجُدُ، فَإِنْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ، قَالَ: يَسْكُتُ وَيَمْضِي مِنْ حَيْثِ أَتَى. وَحَكَى الشَّالَنْجِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِمَامِ يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ الْآيَةَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ: لَا يَرَى عَلَيْهِ سَهْوًا فِي ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ

ذكر المصلي يقعد فيما يقام فيه، أو يقوم فيما يقعد فيه اختلف أهل العلم في المصلي يجلس فيما يقام فيه، أو يقوم فيما يجلس فيه، فقال كثير منهم: يسجد سجدتي السهو، روي هذا القول عن ابن مسعود

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَقْعُدُ فِيمَا يُقَامُ فِيهِ، أَوْ يَقُومُ فِيمَا يُقْعَدُ فِيهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي يَجْلِسُ فِيمَا يُقَامُ فِيهِ، أَوْ يَقُومُ فِيمَا يُجْلَسُ فِيهِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

1688 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «السَّهْوُ إِذَا قَامَ فِيمَا يُجْلَسُ فِيهِ، أَوْ قَعَدَ فِيمَا يُقَامُ فِيهِ، أَوْ سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ يَتَشَهَّدُ فِيهَا» وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا قَامَ فِي قُعُودٍ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَتَشَهَّدَ تَشْهِيدَتَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا كَانَا يَقْعُدَانِ فِي الشَّيْءِ يُقَامُ فِيهِ، وَيَقُومَانِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يُقْعَدُ فِيهِ، فَلَا يَسْجُدَانِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى فَجَلَسَ فِي صَلَاتِهِ ثَلَاثَ جَلَسَاتٍ؟، قَالَ: أَرَى أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَسْهُوَ فَيَجْلِسُ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ، ثُمَّ يَذْكُرُ فَيَقُومُ، قَالَ: إِنْ ذَكَرَ وَلَمْ يَجْلِسْ قَدْرَ مَا يَتَشَهَّدُ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ سَهْوًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَلَسَ قَدْرَ مَا يَتَشَهَّدُ فَعَلَيْهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ. وَاسْتَحْسَنَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ بَعْضُ النَّاسِ، قَالَ: لِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَرَى -[304]- أَنْ يَجْلِسَ الْمُصَلِّي، إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ الشَّافِعِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ، وَلَمْ يَجْلِسْ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَجَلَسَ فِي ثَلَاثٍ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَسْجُدَ السَّهْوَ

ذكر ما على من ترك التكبيرات سوى تكبيرة الافتتاح، أو ترك التسبيح في الركوع، والسجود، وقول سمع الله لمن حمده قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الرجل يريد يقول: سمع الله لمن حمده، فيقول: الله أكبر، فكان النخعي، يقول: لا سهو عليه، وروي ذلك عن الشعبي

ذِكْرُ مَا عَلَى مَنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَاتِ سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، أَوْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَقَوْلَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَيَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، فَكَانَ النَّخَعِيُّ، يَقُولُ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالْقَاسِمِ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: فِيمَنْ نَسِيَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ، لَا يُعِيدُ، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيمَنْ نَسِيَ تَكْبِيرَةً يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، هَكَذَا قَالَ الْحَكَمُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ إِذَا جَعَلَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللهُ أَكْبَرُ، وَمَوْضِعَ اللهُ أَكْبَرُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَرْجِعَ، فَيَقُولُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَمْضِيَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، قَالَهُ قَتَادَةُ، قَالَ: مَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ، أَوْ سَمِعَ

اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ حِينَ يَذْكُرُهُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ سَهَا عَنِ التَّكْبِيرِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُ، وَيَقْضِي مَا سَهَا عَنْهُ مِنَ التَّكْبِيرِ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ، قَالَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، قَالُوا: فِيمَنْ سَهَا عَنْ تَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَقَالُوا فِيمَنْ سَهَا عَنْ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَتَكْبِيرُ الْعِيدَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ وَالتَّشَهُّدِ، فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ سَهْوٌ، وَقَالُوا: فِيمَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ سَاهِيًا: نَسْتَحْسِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا حُجَّةَ مَعَ قَائِلِهِ فِيهِ، لَوْ خَالَفَهُمْ فِيمَا قَالُوا مُخَالِفٌ، فَقَالَ: إِذَا تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ، وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَمَا كَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إِلَّا كَهِيَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا أَقْرَبَ إِلَى الصَّوَابِ مِنْ قَوْلِهِمْ

ذكر اختلاف أهل العلم في الرجل يدرك وترا من صلاة الإمام اختلف أهل العلم في المرء يدرك وترا من صلاة الإمام، فقالت طائفة: يسجد إذا فرغ من صلاته سجدتي السهو، كان ابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري يفعلون ذلك

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُدْرِكُ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ

1689 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ سَجْدَةً سَجَدَ إِلَيْهَا أُخْرَى، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ»

1690 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ فَيَجْلِسُ فِي وِتْرِهِ وَالْإِمَامُ فِي شَفْعٍ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ فَأَوْفَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ»

1691 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ مُصَبِّحِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: «فَاتَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَكْعَةٌ مِنَ الظُّهْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَتَمَّ الرَّكْعَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» 1692 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأُخْبِرْتُ بَعْدَمَا مَاتَ عَطَاءٌ أَنَّهُ يَأْثُرُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ذُوَيْبٍ الْأَسَدِيِّ وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: نَرَى أَنْ يُفْعَلَ بِهَذَا اتِّبَاعًا لِهَؤُلَاءِ وَقَالَ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَيْسَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَاحْتَجَّ مُحْتَجُّهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

1693 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَلَكِنِ ائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ صَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»

1694 - حَدَّثنا يُحْيِي بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ: عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «تَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيَّ الْقَوْمِ وَقَدْ قَامُوا إِلَيَّ الصَّلَاةِ، وَصَلِّي بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فَصَلِّي بِهِمْ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْتُ فَرَكَعْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقَتْنَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُمْ سَجَدُوا سُجُودَ السَّهْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدَلَّ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِ إِذَا جَاءَ إِلَى الْإِمَامِ فَدَخَلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ، أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ وَيَفْعَلَ كَفِعْلِهِ، وَمَنْ أَلْزَمَ مَنْ فَعَلَ هَذَا الْفِعْلَ سُجُودَ السَّهْوِ إِنَّمَا يُلْزِمُهُ سُجُودَ الْعَمْدِ، لِأَنَّ فَاعِلَهُ قَاصِدٌ إِلَى دُخُولِهِ مَعَهُ، لَا سَاهِيًا لِفِعْلٍ فَعَلَهُ

ذكر اختلاف أهل العلم في سجدتي السهو قبل التسليم أو بعده قال أبو بكر: افترق أهل العلم في سجود السهو قبل التسليم أو بعده أربع فرق: فقالت فرقة: سجود السهو كله قبل التسليم، روي هذا القول عن أبي هريرة

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: افْتَرَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ بَعْدَهُ أَرْبَعَ فِرَقٍ: -[308]- فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: سُجُودُ السَّهْوِ كُلُّهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

1695 - مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَرَبِيعَةَ , وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: السَّهْوُ قَبْلَ السَّلَامِ خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ بُحَيْنَةَ

1696 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ السَّلَامِ، فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى -[309]- خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَيْنِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ»

1697 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُحَيْنَةَ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتِي الْعَشِيُّ، فَقَامَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ انْتَظَرْنَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ سَلَّمَ» وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: سُجُودُ السَّهْوِ كُلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَمِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ

1698 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: «صَلَّى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَسَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَسَبَّحَ بِهِ الْقَوْمُ مِنْ خَلْفِهِ، فَمَضَى حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَمَا سَلَّمَ»

1699 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ، «سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ»

1700 - حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرَّجُلِ يَشُكُّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَادَ أَوْ نَقَصَ: «فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ»

1701 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ سَعْدًا، وَعَمَّارًا، سَجَدَاهُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ»

1702 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَالسَّائِبَ الْقَارِيَّ، كَانَا يَقُولَانِ: «السَّجْدَتَانِ قَبْلَ الْكَلَامِ وَبَعْدَ السَّلَامِ»

1703 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: «سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ»

1704 - حَدَّثنا عَلَّانُ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ»

1705 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، قَالَ: «صَلَّى بِهِمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبَّحُوا بِهِ فَسَبَّحَ بِهِمْ، وَمَضَى بِهِمْ حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ مَا سَلَّمَ» وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَصْحَابُ -[311]- الرَّأْيِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَجْزِيهِ أَنْ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا الْقَائِلِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بَعْدَمَا سَلَّمَ

1706 - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَهُمَا بَعْدَمَا سَلَّمَ وَكَلَّمَ» وَقَالَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ: كُلُّ سَهْو كَانَ نُقْصَانًا مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ سُجُودَهُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَكُلُّ سَهْو هُوَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ سُجُودَهُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ مِنَ السَّهْوِ يَعْنِي فِي الزِّيَادَةِ، أَنْ يَنْسَى الرَّجُلُ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَيَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ، أَوْ يَسْهُوَ فَيَزِيدُ عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ أَنْ يُتِمَّهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيَجْلِسُ مَوْضِعَ الْقِيَامِ، وَتَفْسِيرُ النُّقْصَانِ مِنَ السَّهْوِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ نَحْوَ مَا جَاءَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِيهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَبِي مُصْعَبٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. -[312]- وَمِنْ حُجَّةِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ فِيمَا كَانَ مِنَ الزِّيَادَةِ حَدِيثُ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَحُجَّتُهُ فِيمَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ سُجُودٍ فِي النُّقْصَانِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ رَابِعَةٌ: سُجُودُ السَّهْوِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ إِذَا نَهَضَ مِنْ ثِنْتَيْنِ سَجَدَهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَلَا تَشَهُّدَ فِيهَا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَإِذَا شَكَّ فَرَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ سَجَدَهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ سَجَدَهُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، وَإِذَا شَكَّ فَكَانَ مِمَّنْ يَرْجِعُ إِلَى التَّحَرِّي سَجَدَهُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكُلُّ سَهْو يَدْخُلُ عَلَيْهِ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، سِوَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَهَكَذَا مَذْهَبُ أَبِي أَيُّوبَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَزُهَيْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ بُحَيْنَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَهَا فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ، وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَأَخْبَرْنَا بِأَحَدِهِمَا

1707 - الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، قَالَ: " سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ الْخِرْبَاقُ، رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ، فَنَادَى يَا رَسُولَ اللهِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ فَخَرَجَ مُغْضَبًا يَجُرُّ -[313]- رِدَاءَهُ، قَالَ: فَأُخْبِرَ فَصَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ "

وَحَدَّثنا بِالْخَبَرِ الثَّانِي: 1708 - عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، يُحَدِّثُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً وَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَإِنَّ لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَجْعَلْهَا ثَلَاثًا وَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ، وَلْيَجْعَلِ السَّهْوَ فِي الزِّيَادَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصَحُّ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ قَالَ بِالْأَخْبَارِ كُلِّهَا فِي مَوَاضِعِهَا، وَقَدْ كَانَ اللَّازِمُ لِمَنْ مَذْهَبُهُ اسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا إِذَا وَجَدَ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا سَبِيلًا أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِ مَا قَالَ أَحْمَدُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ خَبَرَ أَيُّوبَ فِي النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الصَّحَارَى، وَالْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ ذَلِكَ فِي الْمَنَازِلِ اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَإِمْضَاءُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى وَجْهِهَا، وَالْقَوْلُ بِهَا فِي مَوَاضِعِهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُوُلُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ

ذكر التسليم في سجود السهو قال أبو بكر: ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سلم في سجدتي السهو، فمن ذلك خبر ذي اليدين، وحديث ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه صلى الظهر خمسا، وخبر عمران بن حصين، وقد ذكرنا أسانيدها في مواضعها

ذِكْرُ التَّسْلِيمِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَمِنْ ذَلِكَ خَبَرُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ -[314]- صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، وَخَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَهَا فِي مَوَاضِعِهَا , وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّسْلِيمِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَكَانَ النَّخَعِيُّ، يَقُولُ: تَسْلِيمُ السَّهْوِ وَالْجَنَازَةِ وَاحِدَةٌ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّسْلِيمَةِ وَالثِّنْتَيْنِ

ذكر التشهد في سجدتي السهو والتسليم فيهما اختلف أهل العلم في التشهد في سجدتي السهو، فقالت طائفة: ليس فيهما تشهد ولا تسليم، كذلك قال أنس بن مالك، والحسن البصري، وعطاء

ذِكْرُ التَّشَهُّدِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَالتَّسْلِيمِ فِيهِمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّشَهُّدِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَلَا تَسْلِيمٌ، كَذَلِكَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءٌ

1709 - حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ، «أَنَّهُمَا كَانَا لَا يُسَلِّمَانِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِيهِمَا تَشَهُّدٌ، هَكَذَا قَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَيَزِيدُ بْنُ -[315]- عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَشَهَّدَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ فِيهِمَا تَسْلِيمٌ وَتَشَهُّدٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِنِّي لَأَسْتَحْسِنُ أَنْ يُتَشَهَّدَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَيُسَلَّمَ فِيهِمَا

1710 - حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، «أَنَّهُ تَشَهَّدَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ -[316]- وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يُسَلَّمَ فِيهِمَا وَلَا يُتَشَهَّدُ فِيهِ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَمِنْ حُجَّةِ قَائِلِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ مِنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَلَا يَثْبُتُ التَّشَهُّدُ عَنْهُ، فَالَّذِي ثَبَتَ عَنْهُ يَفْعَلُ وَتَوَقَّفَ عَنِ التَّشَهُّدِ، لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْهُ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ: إِنْ شَاءَ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: إِنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَتَشَهَّدْ، وَإِنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا التَّسْلِيمُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَهُوَ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَثَبَتْ مَعَ ثُبُوتِ التَّسْلِيمِ فِيهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِيهِمَا أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ

1711 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ ابْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ذَكَرَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ، قَالَ: «فَرَجَعَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ. . . . قُلَابَةَ» فَأَمَّا التَّشَهُّدُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَقَدْ رُوِيَ فِيهَا أَخْبَارٌ ثَلَاثَةٌ، فَتَكَلَّمَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا كُلِّهَا، وَأَحْسَنُهَا إِسْنَادًا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ

1712 - حَدَّثنا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: ثنا الْأَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا فِي صَلَاتِهِ فَسَجَدَ -[317]- سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ» وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الثِّقَاتِ، عَنْ خَالِدٍ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ: ثُمَّ تَشَهَّدَ، وَأَمَّا الْخَبَرَانِ الْآخَرَانِ فَغَيْرُ ثَابِتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُمَا مَعَ عِلَلِهِمَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا التَّسْلِيمُ مِنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَوَاجِبٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ فِيهِمَا، وَالتَّشَهُّدُ إِنْ ثَبَتَ خَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَتَشَهَّدَ مَنْ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ، وَلَا أَحْسِبُ يَثْبُتُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر المصلي يسهو مرارا قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في المرء يسهو في صلاته مرارا، فقالت طائفة: يجزيه بجميع سهوه سجدتان، كذلك قال النخعي، ومالك، والليث بن سعد، وسفيان بن سعيد الثوري، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن الحسن وفيه قول ثان

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَسْهُو مِرَارًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يَسْهُو فِي صَلَاتِهِ مِرَارًا، -[318]- فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ بِجَمِيعِ سَهْوِهِ سَجْدَتَانِ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ سَهْوَانِ مُخْتَلِفَانِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ: إِذَا اجْتَمَعَ عَلَى الرَّجُلِ سَهْوَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، مِنْهُ مَا يَسْجُدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ، فَلْيَسْجُدْ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ

ذكر الرجل ينسى سجود السهو حتى يخرج من المسجد أو يتكلم قال أبو بكر: واختلفوا في الرجل ينسى سجدتي السهو حتى يتكلم أو يخرج من المسجد، فحكي عن الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، أنهما قالا: إذا صرف وجهه عن الصلاة لم يبن ولم يسجد سجدتي السهو، وقال الحسن: إن

ذِكْرُ الرَّجُلِ يَنْسَى سُجُودَ السَّهْوِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ يَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَنْسَى سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى

يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْنِ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ ذَكَرَهَا وَهُوَ قَاعِدٌ سَجَدَهُمَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُمَا عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْحَكَمُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ: إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعَادَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا دَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ أَرْجُو يَعْنِي يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَسْجُدُهُمَا إِذَا ذَكَرَهُمَا، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَقَتَادَةَ وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: قَالَهُ مَالِكٌ، قَالَ مَالِكٌ: يَسْجُدُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مَتَى مَا ذَكَرَ ذَلِكَ، وَلَا يُعِيدُ لَهُمَا الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ فَنَسِيَ ذَلِكَ حَتَّى قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَتَبَاعَدَ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ، وَهَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ. وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ: أَرَى أَنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا حَتَّى يَنْتَقِضَ وُضُوءُهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّلَاةَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ، أَوْ عَمَدَ تَرَكَهُمَا فَفِيهِمَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْجُدَهُمَا مَتَى ذَكَرَهُمَا، وَالْآخَرُ: أَنْ لَا يَعُودَ لَهُمَا، وَحَكَى

الرَّبِيعُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى إِمَامٍ وَلَا مَأْمُومٍ وَلَا أَحَدٍ صَلَّى مُنْفَرِدًا مَنْزِلَةُ سُجُودِ السَّهْوِ مَا كَانَ السَّهْوُ نَقْصًا مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ زِيَادَةً، إِعَادَةُ صَلَاةٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا شَيْءَ عَلَى تَارِكِهِمَا، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِنْ كَانَ سَهْوُهُ نُقْصَانَ مِنَ الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ، وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ، وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ الْكَلَامِ فَخِلَافُ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَهُمَا بَعْدَ الْكَلَامِ، قَالَ لِذِي الْيَدَيْنِ: «مَا قَصُرَتْ وَلَا نَسِيتُ» ، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «لَوْ حَدَثَ لَأَنْبَأْتُكُمْ» ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ يَسْجُدْهُمَا، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ الْخِرْبَاقُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا أَقْبَلَ الْإِمَامُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فَقَدِ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ

ذكر المأموم يسهو خلف الإمام قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في المأموم يسهو خلف الإمام، فقال كثير منهم: ليس على من سها خلف الإمام سهو، روي هذا القول عن ابن عباس، وبه قال النخعي، والشعبي، ومكحول، والزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري، ومالك، وسفيان

ذِكْرُ الْمَأْمُومِ يَسْهُو خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَأْمُومِ يَسْهُو خَلْفَ الْإِمَامِ،

فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: لَيْسَ عَلَى مَنْ سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَذَكَرَ إِسْحَاقُ أَنَّ هَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّهُ قَامَ عَنْ قُعُودِ الْإِمَامِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: فِيمَنْ أَدْرَكَ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَقَضَى مَا عَلَيْهِ، أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» ، يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ سُجُودَ السَّهْوِ

ذكر الإمام يسهو فلا يسجد السهو أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المأموم إذا سها الإمام في صلاته وسجد أن يسجد معه. وحجتهم فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الإمام ليؤتم به "، قال الزهري: وإن سها الإمام فسجد فعليك أن تسجد معه،

ذِكْرُ الْإِمَامِ يَسْهُوَ فَلَا يَسْجُدِ السَّهْوَ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِ إِذَا سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ وَسَجَدَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ. وَحُجَّتُهُمْ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَ فَعَلَيْكَ أَنْ تَسْجُدَ مَعَهُ، لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» , وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يَسْهُو فَلَا يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسْجُدُوا كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْقَاسِمُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَوْهَمَ الْإِمَامُ فَلَمْ يَسْجُدْ سَجَدَ الْقَوْمُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَكَمِ، وَقَتَادَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا شَيْءٌ وَجَبَ

عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُمْ تَرْكُهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُؤَدٍّ فَرِيضَةً وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَا يَزُولُ عَنْهُ إِلَّا بِأَدَائِهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ، فَحَكَى عَنْهُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا

ذكر الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى الإمام سجود السهو واختلفوا في الرجل يدرك بعض صلاة الإمام وعلى الإمام سجود السهو، فقالت طائفة: يسجد مع الإمام، ثم يقوم ليقضي ما عليه، روي هذا القول عن الشعبي، وعطاء، والنخعي، والحسن، والضحاك، وبه قال أحمد،

ذِكْرُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ السَّهْوِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ لِيَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي ثُمَّ يَسْجُدُ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَخْلِطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ. وَفَرَّقَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ بَيْنَ السُّجُودِ الَّذِي يَسْجُدُهُ الْإِمَامُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَبَيْنَ مَا يَسْجُدُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، فَقَالَتْ: إِذَا سَجَدَهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ سَجَدَهُمَا مَعَهُ، وَإِنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ قَامَ فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُهُمَا، هَكَذَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي، ثُمَّ يَسْجُدُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتُجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، مَنْ قَالَ: يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْضِي، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ مَنَ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ يَفْعَلُ مُتَّبِعًا لِلْإِمَامِ مِنْ جُلُوسٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ، خِلَافٌ مِمَّا يَفْعَلُهُ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَكَذَلِكَ يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ سُجُودَ السَّهْوِ، ثُمَّ يَقْضِي اتِّبَاعًا لِلْإِمَامِ. وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: يَقْضِي ثُمَّ يَسْجُدُ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَكَذَلِكَ هَذَا يَفْعَلُ لِفِعْلِ إِمَامِهِ فَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، كَالتَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَبَّرُ الْمَأْمُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِذَا فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ

ذكر من فاته بعض صلاة الإمام فأغفل القضاء حتى دخل في صلاة تطوع اختلف أهل العلم في المسبوق ببعض الصلاة يغفل القضاء حتى يدخل في صلاة تطوع، فقالت طائفة: يلغي ما صلى من التطوع ويتم ما في صلاته ويسجد سجدتي السهو، نسي أنس ركعة من صلاة الفريضة حتى دخل في

ذِكْرُ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَأَغْفَلَ الْقَضَاءَ حَتَّى دَخَلَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ يُغْفِلُ الْقَضَاءَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُلْغِي مَا صَلَّى مِنَ التَّطَوُّعِ وَيُتِمُّ مَا فِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، نَسِيَ أَنَسٌ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ حَتَّى دَخَلَ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ ذَكَرَ، فَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَوْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، أَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَتَيِ التَّطَوُّعِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا دَخَلَ فِي تَطَوُّعٍ بَطَلَتْ عَنْهُ الْمَكْتُوبَةُ وَيَسْتَأْنِفُ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ

وَقَدْ تَنَفَّلَ بِرَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْتَدِيَ إِذَا تَطَوَّعَ بَيْنَ فَرِيضَتِهِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ مَا عُمِلَ فِي النَّافِلَةِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا رَجَعَ إِلَى الْمَكْتُوبَةِ، فَأَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَرَكَعَ فِيهَا رَكْعَةً بَطَلَتِ الْمَكْتُوبَةُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ جَعَلَهَا تَمَامَ صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ صَلَاتَهُ

ذكر السهو في التطوع واختلفوا فيمن صلى تطوعا فسها في صلاته، فروي عن ابن عباس، أنه قال: إذا أوهمت في التطوع فاسجد سجدتين

ذِكْرُ السَّهْوِ فِي التَّطَوُّعِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فَسَهَا فِي صَلَاتِهِ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَوْهَمْتَ فِي التَّطَوُّعِ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ

1713 - حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا أَوْهَمْتَ فِي التَّطَوُّعِ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةَ، -[326]- وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «إِذَا أَوْهَمَ فِي التَّطَوُّعِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ»

ذكر السهو في سجدتي السهو اختلف أهل العلم فيمن سها في سجدتي السهو، فقالت طائفة: ليس عليه سهو، كذلك قال النخعي، والحسن، ومغيرة، وابن أبي ليلى، والبتي، ومنصور بن زاذان، ومالك، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق

ذِكْرُ السَّهْوِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ سَهَا فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ سَهْوٌ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَمُغِيرَةُ، وَابْنُ أَبِي -[327]- لَيْلَى، وَالْبَتِّيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يُعِيدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، يَعْنِي فِي رَجُلٍ سَهَا فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ

مسألة قال أبو بكر: واختلفوا فيمن صلى ركعتين تطوعا، فقام في التي أراد أن يسلم فيها، فكان الأوزاعي يقول: يمضي فإذا صلى أربع ركعات وتشهد سجد سجدتين وهو جالس، فإن كان متطوعا في صلاة الليل فقام عن التشهد، فذكر قبل أن يركع الثالثة، رجع فتشهد وسلم، ولم

مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا، فَقَامَ فِي الَّتِي أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ فِيهَا، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: يَمْضِي فَإِذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ -[328]- وَتَشَهَّدَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَامَ عَنِ التَّشَهُّدِ، فَذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الثَّالِثَةَ، رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَسْجُدْ لِأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى يَقِينِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» . وَقَالَ مَالِكٌ: يَمْضِي إِذَا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ حَتَّى يُتِمَّ الرَّابِعَةَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: وَإِنَّ تَطَوَّعَ بِرَكْعَتَيْنِ فَوَصَلَهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى»

جماع أبواب فضائل الجمعة

جِمَاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْجُمُعَةِ

ذكر فضل يوم الجمعة وأنها أفضل الأيام وأن الله جعل فيها ساعة يستجيب فيها دعاء المصلي

ذِكْرُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَأَنَّ اللهَ جَعَلَ فِيهَا سَاعَةً يَسْتَجِيبُ فِيهَا دُعَاءَ الْمُصَلِّي

1714 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَيَسْأَلَ اللهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»

1715 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: «يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُسْتَجَابُ مِنَ الدُّعَاءِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِالْخَيْرِ دُونَ الْمَأْثَمِ

ذكر الخبر الدال على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعلم أن دعاء المصلي القائم يستجاب في تلك الساعة، دون دعاء غير المصلي، ودون دعاء المصلي غير القائم.

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَعْلَمَ أَنَّ دُعَاءَ الْمُصَلِّي الْقَائِمِ يُسْتَجَابُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، دُونَ دُعَاءِ غَيْرِ الْمُصَلِّي، وَدُونَ دُعَاءِ الْمُصَلِّي غَيْرِ الْقَائِمِ.

1716 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا إِنْسَانٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا»

ذكر وقت تلك الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة

ذِكْرُ وَقْتِ تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1717 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ هُوَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هُوَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُصَلٍّ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ رَبَّهُ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. قَالَ: وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ

ذكر اختلاف أهل العلم في وقت الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة. اختلف أهل العلم في وقت الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة، فقالت طائفة: هي من بعد طلوع الفجر إلي طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، روي هذا القول عن أبي

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وَقْتِ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَقْتِ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَيَّ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

1718 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي السَّاعَةِ الَّتِي يُنْتَظَرُ فِيهَا مَا يُنْتَظَرُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ»

1719 - وَحَدَّثَنَا عَنْ مُحَمَّدٍ الزُّنْبُورِ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «السَّاعَةُ الَّتِي تُرْجَى فِي الْجُمُعَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَمِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، هَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «هِيَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ -[10]- الْجُمُعَةِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَائِشَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ أَحَدَ هَذِهِ السَّاعَاتِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، أَوْ رَقِيَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَوْ عِنْدَ الْإِقَامَةِ»

1720 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ نَبْلِ ابْنَةِ بَدْرٍ، عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ أَفْعَى، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِثْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللهَ الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قِيلَ: وَأَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَتْ: إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ "

1721 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ وَهْبٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمْلُوكِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ إِحْدَى هَذِهِ السَّاعَاتِ، إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، أَوْ رَقِيَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، أَوْ عِنْدَ الْإِقَامَةِ» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّهَا مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ إِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى يَفْرُغَ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنَّهُ عِنْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ يَعْنِي السَّاعَةَ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ -[11]- عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي اخْتَارَ اللهُ وَقْتَهَا لِلصَّلَاةِ، قَالَ: فَمَسَحَ رَأْسِي وَبَرَّكَ عَلَيَّ وَأَعْجَبَهُ مَا قُلْتُ

1722 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: «عِنْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ يَعْنِي السَّاعَةَ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ»

1723 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي، فِي الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي اخْتَارَ اللهُ وَقْتَهَا لِلصَّلَاةِ، قَالَ: فَمَسَحَ رَأْسِي وَبَرَّكَ عَلَيَّ وَأَعْجَبَهُ مَا قُلْتُ وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: قَالَهُ أَبُو السَّوَّارِ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ مَا بَيْنَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ امْرَأَتَهَ سَأَلَتْهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي يَسْتَجِيبُ اللهُ فِيهَا لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ فَقَالَ: إِنَّهَا بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ، يُشِيرُ إِلَى ذِرَاعٍ يَعْنِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1724 - حَدَّثُونَا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى الصَّغَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، ثنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي يَسْتَجِيبُ اللهُ فِيهَا لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ، فَقَالَ: " إِنَّهَا بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ يُشِيرُ إِلَى ذِرَاعٍ، فَإِنْ سَأَلْتِينِي بَعْدَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، يَعْنِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهُوَ أَنَّهَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رِوَايَةً غَيْرَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَهِيَ أَثْبَتُ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ.

1725 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «السَّاعَةُ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ»

1726 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي -[13]- مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ، يَقُولُ: «النَّهَارُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَالسَّاعَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَا يُذْكَرُ آخِرَ سَاعَاتِ النَّهَارِ»

1727 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، «أَنَّ نَاسًا، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعُوا، فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ» . وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ وَيُدَاوِمُ عَلَى الدُّعَاءِ يَوْمَهُ لَيَمُرُّ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ، وَحُكِيَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ قَسَمَ إِنْسَانٌ جُمَعَهُ فِي جُمَعٍ أَتَى عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ مَعْنَاهُ أَنْ يَبْدَأَ فَيَدْعُوَ فِي جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَقْطَعُ الدُّعَاءَ، فَإِذَا كَانَتْ جُمُعَةٌ أُخْرَى ابْتَدَأَ فِي الدُّعَاءِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ قَطَعَ دُعَاءَهُ فِي الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، ثُمَّ كَذَلِكَ يَفْعَلُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِ النَّهَارِ فِي آخِرِ الْأَيَّامِ

ذكر ما من الله به على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن هداهم ليوم الجمعة وضل عنه أهل الكتاب قبلهم

ذِكْرُ مَا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ هَدَاهُمْ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَضَلَّ عَنْهُ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَهُمْ

1728 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلَا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ خَيْرٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، هَدَانَا اللهُ لَهُ وَضَلَّ النَّاسُ عَنْهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ فَهُوَ لَنَا وَلِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَلِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ»

أبواب التغليظ في التخلف عن شهود الجمعة

أَبْوَابُ التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ شُهُودِ الْجُمُعَةِ

1729 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقُ فَأُحَرِّقُ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ»

ذكر الختم على قلوب التاركين للجمعات وكونهم من الغافلين

ذِكْرُ الْخَتْمِ عَلَى قُلُوبِ التَّارِكِينَ لِلْجُمُعَاتِ وَكَوْنِهِمْ مِنَ الْغَافِلِينَ

1730 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبَانُ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنِ الْحَضْرَمِيِّ بْنِ لَاحِقٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِينَا، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ قَالَا: إِنَّهُمَا -[15]- سَمِعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ تَرْكِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيُكْتَبُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ»

ذكر الخبر الدال على أن الوعيد لتارك الجمعة إنما هو لتاركها ثلاثا من غير عذر

ذِكْرَ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْوَعِيدَ لِتَارِكِ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا هُوَ لِتَارِكِهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ

1731 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْبَرَّادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ»

جماع أبواب من تجب عليه الجمعة ومن يسقط عنه

جِمَاعُ أَبْوَابِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَمَنْ يَسْقُطُ عَنْهُ

ذكر إسقاط فرض الجمعة عن غير البالغ وإيجابها على البالغ

ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَنْ غَيْرِ الْبَالِغِ وَإِيجَابِهَا عَلَى الْبَالِغِ

1732 - حَدَّثَنَا يَاسِينُ بْنُ عَبْدِ الْأَحَدِ، قَالَ: ثنا فَضَالَةُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَبِيهِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَغْتَسِلَ» . وَثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى -[16]- يَحْتَلِمَ "، وَالْجُمُعَةُ وَالصَّلَوَاتُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالِاتِّفَاقِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْبَابَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر إسقاط فرض الجمعة عن النساء أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا جمعة على النساء. وأجمعوا على أنهن إن حضرن الإمام فصلين معه أن ذلك مجز عنهن. وممن حفظنا عنه أنه قال: لا جمعة على النساء: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز،

ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَنِ النِّسَاءِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لَا جُمُعَةَ عَلَى النِّسَاءِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُنَّ إِنْ حَضَرْنَ الْإِمَامَ فَصَلَّيْنَ مَعَهُ أَنَّ ذَلِكَ مُجْزٍ عَنْهُنَّ. وَمِمَّنْ حَفِظْنَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ عَلَى النِّسَاءِ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، -[17]- وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُخْرِجُ النِّسَاءَ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَقُولُ: اخْرُجْنَ إِلَى بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ.

1733 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، " أَنَّهُ رَأَى ابْنَ مَسْعُودٍ يُخْرِجُ النِّسَاءَ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَقُولُ: اخْرُجْنَ إِلَى بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ " وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، أَلَيْسَتِ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: لَا

ذكر اختلافهم في وجوب الجمعة على العبيد أجمع أهل العلم على أن الجمعة على الأحرار البالغين الذين لا عذر لهم. واختلفوا في وجوب الجمعة على العبيد فقالت طائفة: الجمعة واجبة على العبد الذي يؤدي الضريبة، كذلك قال الحسن البصري، وقتادة، وقال الأوزاعي: إذا

ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبِيدِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ عَلَى الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبِيدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي يُؤَدِّي الضَّرِيبَةَ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ،

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا كَانَ مُجَارِحًا فَأَدَّى ضَرِيبَتَهُ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ. وَقَالَ قَائِلٌ: الْجُمُعَةُ عَلَى الْعَبِيدِ كَهِيَ عَلَى الْأَحْرَارِ لِدُخُولِهِمْ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى مَعَ النَّاسِ الْجُمُعَةَ صَلَّى فَرْضًا لَا تَطَوُّعًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَرْضًا مَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ غَيْرُ جَائِزٍ عَنِ الْفَرْضِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَوْلَاهُ إِذَا مَنَعَهُ مِنْ حُضُورِهَا أَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهَا، وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا إِذَا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي حُضُورِهَا، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى الْعَبِيدِ جُمُعَةٌ، كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءٌ، وَرُوِيَ عَنْ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ كَحُكْمِ سَائِرِ الْعَبِيدِ

ذكر وجوب الجمعة على المسافر واختلفوا في وجوب الجمعة على المسافر، فقال كثير من أهل العلم: ليس على المسافر جمعة، كذلك قال ابن عمر وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، وطاوس، وروينا عن علي أنه قال: ليس على المسافر جمعة، وروي عن أنس أنه أقام بنيسابور سنة أو

ذِكْرُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، -[19]- وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ، وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَقَامَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ فَكَانَ لَا يُجَمِّعُ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ شَتَا بِكَابُلَ شَتْوَةً أَوْ شَتْوَتَيْنِ فَكَانَ لَا يُجَمِّعُ.

1734 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمُسَافِرِ»

1735 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ»

1736 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ «أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَقَامَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَجْمَعُ» وَمِمَّنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَةٌ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ فَلْيَشْهَدِ الْجُمُعَةَ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ لِمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ عُذْرٌ، إِلَّا خَائِفٌ أَوْ مَرِيضٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ: عَلَى الْمُسَافِرِ الْجُمُعَةُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، فَيَقُولُ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ بَالِغٍ الْجُمُعَةُ، إِلَّا حُرًّا أَزَالَ عَنْهُ الْجُمُعَةَ كِتَابٌ، أَوْ سُنَّةٌ، أَوْ إِجْمَاعٌ، وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي إِسْقَاطِ الْجُمُعَةِ عَنِ الْمُسَافِرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَرَّ بِهِ فِي أَسْفَارِهِ جُمَعٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ جَمَعَ وَهُوَ مُسَافِرٌ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِعَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى أَنَّ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَيَّنُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ بِكِتَابِهِ، فَسَقَطَتِ الْجُمُعَةُ عَنِ الْمُسَافِرِ -[21]- اسْتِدْلَالًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَإِنْ سَمِعَ الْمُسَافِرُ أَذَانَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ فِي بَلَدِ جُمُعَةٍ فَلْيَحْضِرْ مَعَهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ: فَلْيَحْضِرْ مَعَهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ اسْتِحْبَابًا، وَلَوْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ قَوْلًا شَاذًّا خِلَافَ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَخِلَافَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ

ذكر المقيم يسافر يوم الجمعة اختلف أهل العلم في المقيم يريد الخروج إلى السفر في يوم الجمعة فقالت طائفة: لا بأس بالسفر يوم الجمعة ما لم يحضر الوقت، وكذلك قال الحسن البصري، وابن سيرين، وهو قول مالك، وقد روينا أن عمر بن الخطاب رأى رجلا يريد السفر يوم

ذِكْرُ الْمُقِيمِ يُسَافِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُقِيمِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْسَّفَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْتُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلًا يُرِيدُ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَكْرَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الصَّلَاةَ

1737 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلًا يُرِيدُ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ»

1738 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ -[22]- عَمْرٍو، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: «خَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَكْرَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الصَّلَاةَ» وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْخُرُوجَ إِلَى السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِوَاقِدٍ: لَا تَرُحْ حَتَّى تَجْمَعَ ثُمَّ تُسَافِرَ حَيْثُ شِئْتَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إِذَا أَدْرَكْتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا تَخْرُجْ حَتَّى تُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ

1739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: «لَا تَرُحْ حَتَّى تُجَمِّعَ ثُمَّ تُسَافِرَ إِنْ شِئْتَ»

1740 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِذَا أَدْرَكْتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا تَخْرُجْ حَتَّى تُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ» وَرَوِيَتْ أَخْبَارٌ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِمَا تَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْخُرُوجِ فِي الْأَسْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: قَلَّ مَا خَرَجَ رَجُلٌ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا رَأَى مَا يَكْرَهُ، فَلَوْ نَظَرْتَ كَذَلِكَ وَجَدْتَهُ كَذَلِكَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ لَمْ أُحِبَّ لَهُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَقَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَلَا يُسَافِرْ أَحَدٌ حَتَّى يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، وَسُئِلَ -[23]- الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مُسَافِرٍ سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ أَسْرَجَ دَابَّتِهِ وَحَمَلَ ثِقَلَهُ قَالَ: فَلْيَمْضٍ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: تُسَافِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ فِي تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا أَعْلَمُ خَبَرًا ثَابِتًا يَمْنَعُ مِنَ السَّفَرِ أَوَّلَ نَهَارِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ، وَيُنَادِيَ الْمُنَادِي، فَإِذَا نَادَى الْمُنَادِي وَجَبَ السَّعْيُ إِلَى الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، وَلَمْ يَسَعْهُ الْخُرُوجُ عَنْ فَرْضٍ لَزِمَهُ، فَلَوْ أَبْقَى الْخُرُوجَ فٍي يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ الْوَقْتُ كَانَ حَسَنًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْتُ

1741 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَجَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَتَخَلَّفَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا خَلَّفَكَ؟ قَالَ: الْجُمُعَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، أُجَمِّعُ ثُمَّ أَرُوحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَرَاحَ مُنْطَلِقًا»

ذكر من له عذر في التخلف عن الجمعة ثابت عن ابن عمر، أنه استصرخ على سعيد بن زيد بعدما ارتفع الضحى، فأتى ابن عمر بالعقيق وترك الجمعة حينئذ.

ذِكْرُ مَنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ الضُّحَى، فَأتَى ابْنُ عُمَرَ بِالْعَقِيقِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ حِينَئِذٍ.

1742 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ -[24]- الضُّحَى، فَأَتَاهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْعَقِيقِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ حِينَئِذٍ»

1743 - وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ نَجِيحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ «أَنَّ ابْنَ عُمَرِ دُعِيَ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يَمُوتُ، فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ» وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَيْتُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَاسْتَصْرَخْتُ عَلَى وَالِدِي، أَكُنْتُ قَائِمًا إِلَيْهِ وَتَارِكًا لِلْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَوَلَدٌ وَابْنُ عَمٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ أَقُمْ إِلَّا فِي خَيْرٍ وَصِلَةٍ لَمْ تُلْهِنِي عَنِ الْجُمُعَةِ الدُّنْيَا، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَا رُخْصَةَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ صَاحِبَ جِنَازَةٍ يَخْشَى عَلَيْهَا. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي صَاحِبِ الْجِنَازَةِ الَّتِي يَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَغَيَّرَ؟ قَالَ: يُعْذَرُ فِي تَخَلُّفِهِ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا لِمَنْ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيمَنْ مَرِضَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَرَآهُ مَنْزُولًا بِهِ، وَخَافَ فَوْتَ نَفْسِهِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ، وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِهِ وَكَانَ ضَائِعًا لَا قَيِّمَ لَهُ، أَوْ لَهُ قَيِّمٌ غَيْرَهُ، لَهُ شُغُلٌ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ

ذكر الرخصة في التخلف عن الجمعة في الأمطار إذا كان وابلا

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ فِي الْأَمْطَارِ إِذَا كَانَ وَابِلًا

1744 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا نَاصِحُ بْنُ الْعَلَاءِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الْقُرَشِيِّ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى نَهَرٍ أُمِّ عَبْدِ اللهِ، وَهُوَ يَسِيلُ الْمَاءُ مَعَ غِلْمَتِهِ وَمَوَالِيهِ، فَقَالَ لَهُ: الْجُمُعَةُ يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا كَانَ مَطَرٌ وَابِلٌ فَلْيُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ»

ذكر أمر الإمام المؤذن أن يقول في أذان الجمعة إن الصلاة في البيوت، ليعلم السامع أن التخلف عن الجمعة مباح في حال المطر

ذِكْرُ أَمْرِ الْإِمَامِ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ إِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْبُيُوتِ، لِيَعْلَمَ السَّامِعُ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنِ الْجُمُعَةِ مُبَاحٌ فِي حَالِ الْمَطَرِ

1745 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَمَرَ مُنَادِيَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فَقَالَ: إِذَا بَلَغْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُلْ " الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي " وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجُمُعَةِ: نَحْنُ نَقُولُ: هِيَ عَلَى مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَاجِبَةٌ، قَالَ: وَإِنَّهُمْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ، قَالَ: لَا يُعْتَدُّ الْمَطَرُ عُذْرًا، قَالَ: فَقُلْتُ: أَوَ لَمْ يَجِئْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِ مَطَرٍ «الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ» قَالَ: تِلْكَ جُمُعَةٌ كَانَتْ فِي سَفَرٍ، وَلَيْسَتْ جُمُعَةُ السَّفَرِ وَاجِبَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ " فِي الْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَمَّا -[26]- الْجَمَاعَةُ فَعَلَى حَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: عَلَى كِلَا الْحَدِيثَيْنِ الْعَمَلُ، لِأَنَّهُ عُذْرٌ

ذكر اختلاف أهل العلم في القرى التي يجب على أهلها الجمعة اختلف أهل العلم في الأمصار والقرى التي يجب على أهلها الجمعة فقالت طائفة: كل قرية فيها جماعة فعليهم أن يصلوا الجمعة، روينا عن ابن عباس أنه، قال: إن أول جمعة جمعت بعد جمعة بالمدينة، لجمعة جمعت

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقُرَى الَّتِي يَجِبُ عَلَى أَهْلهَاِ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الَّتِي يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا الْجُمُعَةُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا جَمَاعَةٌ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ بِالْمَدِينَةِ، لَجُمُعَةٌ جُمِعَتْ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُرِي أَهْلَ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُجَمِّعُونَ وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ

1746 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ بِالْمَدِينَةِ لَجُمُعَةٌ جُمِّعَتْ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ»

1747 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَهْلَ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُجَمِّعُونَ فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ -[27]- أَنْ يُجَمِّعُوا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ يَجْمَعُ فِيهَا، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ: أَيُّمَا قَرْيَةٍ فِيهَا أَمِيرٌ يَقْضِي وَيُقِيمُ الْحُدُودَ فَإِنَّهُ يُجَمِّعُ فِيهَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ عَلَيْهَا أَمِيرٌ أُمِرُوا بِالْجُمُعَةِ فَلْيُجَمِّعْ بِهِمْ أَمِيرُهُمْ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: كُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَعَلَيْهِمْ أَمِيرٌ أُمِرُوا بِالْجُمُعَةِ فَلْيُجَمِّعْ بِهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، يُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ

1748 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَقُولَانِ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي مِصْرٍ، أَوْ قَالَ: فِي الْأَمْصَارِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ عُمَرَ مَصَّرَ سَبْعَةَ أَمْصَارٍ أَوْ قَالَ: مَصَّرَ الْأَمْصَارَ سَبْعَةً: الْمَدِينَةَ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَالْبَصْرَةَ، وَالْكُوفَةَ، وَالْجَزِيرَةَ، وَالشَّامَ، وَمِصْرَ، -[28]- وَقَالَ النُّعْمَانُ، وَابْنُ الْحَسَنِ: لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَالْمَدَائِنِ، وَحُكِيَ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ: تَفْسِيرُ الْمِصْرِ الْجَامِعِ وَالْمَدِينَةِ، كُلُّ مِصْرٍ وَمَدِينَةٍ فِيهَا مِنْبَرٌ وَقَاضٍ يُنْفِذُ الْأَحْكَامَ، وَيَجُوزُ حُكْمُهُ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ قَالَ: فَهَذَا مِصْرٌ جَامِعٌ فِيهِ الْجُمُعَةُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: (كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَالْقَرْيَةُ الْبِنَاءُ بِالْحِجَارَةِ، وَاللَّبِنِ، وَالْجَرِيدِ، وَالشَّجَرَةِ، وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً، وَيَكُونُ أَهْلُهَا لَا يَظْعَنُونُ عَنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إِلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ، فَإِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا أَحْرَارًا بِالْغَيْنِ، رَأَيْتُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِمُ الْجُمُعَةَ، فَإِذَا صَلَّوَا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْ) ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَلَمْ يَشْتَرِطَا الشُّرُوطَ الَّتِي اشْتَرَطَهَا الشَّافِعِيُّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ فَصَاعِدًا عَلَيْهِمْ إِمَامٌ يَقْضِي بَيْنَهُمْ فَلْيَخْطُبْ، وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ إِمَامًا يَقْضِي بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ شُرُوطًا لَمْ يَذْكُرْهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ عُمَرُ أَيُّمَا قَرْيَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا خَمْسُونَ رَجُلًا فَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَلْيَخْطُبْ عَلَيْهِمْ، وَلْيُصَلِّ بِهِمُ الْجُمُعَةَ، وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: وَهُوَ إِذَا لَمْ يَحْضُرِ الْإِمَامَ إِلَّا ثَلَاثَةٌ صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ، -[29]- قَالَ الْوَلِيدُ: سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ إِمَامِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَحْضُرْهُ جَمَاعَةٌ؟ قَالَ: فَلْيُجَمِّعْ بِهِمْ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا، قِيلَ لَهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحَكَى غَيْرُ الْوَلِيدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيُجَمِّعُوا إِذَا كَانَ فِيهِمْ أَمِيرُهُمْ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: الْجُمُعَةُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ إِلَّا أَنَّ فِيهَا خِطْبَةً وَقَصْرًا مِنَ الْأَرْبَعِ، فَمَتَى كَانَ إِمَامٌ وَخَطَبَ بِهِمْ صَلَّى الْجُمُعَةَ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِالْبَحْرَيْنِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ أَجْمِعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَتِ الْقَرْيَةُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ صَلَّوَا الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ مَالِكٌ: إِنَّا نَقُولُ: إِذَا كَانَ فِيهَا مَسْجِدٌ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ يُجَمِّعُونَ فِيهِ، وَأَسْوَاقُهَا قَائِمَةٌ وَبُيُوتُهَا مُتَّصِلَةٌ لَيْسَ كَبُيُوتِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَأَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي اتَّصَلَ دُورُهَا: فَأَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا الْجُمُعَةَ، كَانَ عَلَيْهِمْ وَالِي أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَأَيْتُ فِي حِكَايَاتِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ: إِذَا كَانُوا سَبْعَةً جَمَّعُوا، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يُعْجِبُهُ، وَحِكَايَةُ أَحْمَدَ قَوْلَ عِكْرِمَةَ قَوْلٌ سَابِعٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوْجَبَ اللهُ عَلَى الْخَلْقِ اتِّبَاعَ كِتَابِهِ وَسُنَنِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ. .} [النساء: 59] الْآيَةَ، وَقَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ. .} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، فَاتِّبَاعُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجِبُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ جَمَاعَةٌ دُونَ عَدَدِ جَمَاعَةٍ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَوْ كَانَ اللهُ فِي عَدَدٍ دُونَ -[30]- عَدَدٍ مُرَادٍ لَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ كَانَتْ الجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ فِي دَارِ إِقَامَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَ عُمُومِ الْكِتَابِ أَنْ يُخْرِجَ قَوْمًا مِنْ جُمْلَتِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ يَفْزَعُ إِلَيْهَا، وَهَذَا يَلْزَمُ مِنْ مَذْهَبِهِ الْقَوْلُ بِعُمُومِ الْكِتَابِ، وَأَنْ لَا يُحَالَ ظَاهَرٌ مِنْهُ إِلَى بَاطِنٍ، وَلَا عَامٌّ إِلَى خَاصٍّ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوِ اتِّفَاقٍ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ مَا وَجَبَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ، وَلَيْسَ لِاحْتِجَاجِ مَنِ احْتَجَّ بِقِصَّةِ أَسْعَدَ فِي أَنْ لَا تُجْزِئَ جُمُعَةٌ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ حَجَّةً، إِذْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ إِذَا كَانَ عَدَدُهُمْ كَذَا أَنْ يُصَلُّوا، أَوْ إِنْ نَقَصُوا مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ لَمْ يُصَلُّوا، إِنَّمَا كَتَبَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَنْ مَعَهُ، وَلَوْ وَرَدَ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَدُهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَرَكَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ، لَكَانَ تَارِكًا لِمَا أَمَرَهُ بِهِ، وَدَفَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْجُمُعَةَ إِنَّمَا تُصَلَّى فِي مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ تَكُونُ فِيهَا قَاضِي يُنْفِذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، بِأَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ قَدْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الْجُمُعَةَ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْبَرٌ وَلَا قَاضِي وَلَا كَانَتِ الْحُدُودُ تُقَامُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ

1749 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُنْتُ قَائِدًا لِأَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَدَعَا لَهُ، فَمَكَثْتُ أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ ذَا لَعَجْزٌ، إِنِّي أَسْمَعُهُ كُلَّمَا سَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَمَّا أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَ هُوَ؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ: أَرَأَيْتَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ كُلَّمَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ لِمَ هُوَ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ -[31]- كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ فِي هَزْمٍ مِنْ حِرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ، قَالَ: فَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ رَجُلًا " وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْبَرٌ، وَلَيْسَ الْمِنْبَرُ وَالْقَاضِي وَالْحُدُودُ مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ بِسَبِيلٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فِي قَوْلِ عَلِيٍّ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ: الْأَعْمَشُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَعْدٍ

ذكر الإمام يكون في سفر من الأسفار فيحضر يوم الجمعة اختلف أهل العلم في الإمام يسافر فيوافق في سفره يوم الجمعة، فقالت طائفة: يصلي بهم الجمعة ويصليها الحاضر بخطبة، واحتج قائله بكتاب عمر بن الخطاب أن جمعوا حيث ما كنتم، وذلك حين كتب إليه أبو هريرة يسأله

ذِكْرُ الْإِمَامِ يَكُونُ فِي سَفَرٍ مِنَ الْأَسْفَارِ فَيَحْضُرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ يُسَافِرُ فَيُوَافِقُ فِي سَفَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ وَيُصَلِّيهَا الْحَاضِرُ بِخُطْبَةٍ، وَاحْتَجَّ قَائِلُهُ بِكِتَابِ -[32]- عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنْ جَمِّعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، وَذَلِكَ حِينَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِالْبَحْرَيْنِ

1750 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجُمُعَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ جَمِّعُوا، حَيْثُ مَا كُنْتُمْ»

1751 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ لَا يُجَمِّعُ فِي السَّفَرِ»

1752 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ شَتَا بِكَابُلَ شَتْوَةً أَوْ شَتْوَتَيْنِ لَا يُجَمِّعُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

1753 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، «أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَقَامَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يُجَمِّعُ» -[33]- وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: لَيْسَ بِمِنًى جُمُعَةٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ: لَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، كُلُّهُمْ قَالُوا: لَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِعَرَفَةَ كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا جُمُعَةَ بِمِنًى. وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْجُمُعَةِ بِمِنًى: إِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ جَمَّعَ، وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا، وَأَمَّا الْإِمَامُ إِذَا كَانَ غَيْرَ الْخَلِيفَةِ وَغَيْرَ أَمِيرِ الْحِصَارِ وَهُوَ مُسَافِرٌ، فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ فِيهَا. وَقَالَ: لَيْسَ فِي عَرَفَاتٍ جُمُعَةٌ، وَلَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ بِعَرَفَةَ جُمُعَةٌ، كَانَ الْإِمَامُ خَلِيفَةً أَوْ وَالِيًا دُونَهُ؛ اسْتِدْلَالًا بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَالظُّهْرُ غَيْرُ الْجُمُعَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ جُمُعَةٍ

1754 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أنا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَقْرَؤُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. .} [المائدة: 3] الْآيَةَ. قَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِعَرَفَةَ، بَيَانٌ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا جُمُعَةَ بِمِنًى وَلَا عَرَفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُجَمِّعُ الْإِمَامُ وَهُوَ مُسَافِرٌ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ

ذكر من يجب عليه حضور الجمعات ممن يسكن المصر اختلف أهل العلم في من يجب عليه حضور الجمعة ممن يسكن المصر وخارج المصر ممن يسمع النداء أو لا يسمعه، فقالت طائفة: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله. روي هذا القول عن ابن عمر، وأنس، وأبي هريرة، والحسن،

ذِكْرُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَاتِ مِمَّنْ يَسْكُنُ الْمِصْرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ يَسْكُنُ الْمِصْرَ وَخَارِجَ الْمِصْرِ مِمَّنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَوْ لَا يَسْمَعُهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنِ، وَنَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَرُوِي عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَرِيبًا مِنَ هذا الْمَعْنِيِّ

1755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَا: «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى رَحْلِهِ»

1756 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ»

1757 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ»

1758 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: " سَأَلْتُ الْحَكَمَ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ فِي يَوْمٍ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ "

1759 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَخْطُبُ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَقُولُ: «أَلَا إِنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى قَرْدَا وَرَاكِيَةَ وَأَبْطِيعَةَ، وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ حَوْلَهَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا» وَكَذَلِكَ قَالَ عِكْرِمَةُ، وَالْحَكَمُ، وَعَطَاءٌ. وَقَالَ بِمِثْلِ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ الْجُمُعَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ. -[36]- هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَانَ أَنَسٌ يَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ

1760 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: «كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَكُونُ فِي أَرْضِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، فَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ بِالْبَصْرَةِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ

1761 - وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «إِنَّمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَمَنْ سَمِعَهُ فَلَمْ يَأْتِهِ فَقَدْ عَصَى رَبَّهُ» وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا كَانَ قَوْمٌ بِبَلَدٍ يُجَمِّعُ أَهْلُهَا، وَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ سَاكِنَ الْمِصْرِ وَقَرِيبًا بِدِلَالَةِ الْآيَةِ، وَتَجِبُ الْجُمُعَةُ عِنْدَنَا عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَإِنْ كَثُرَ أَهْلُهُ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ أَكْثَرُهُمُ النِّدَاءَ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَتَبَيَّنُ عِنْدِي أَنْ يُحْرَجَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ إِلَّا مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُحْرَجَ أَنَّ الْمِصْرَ وَإِنْ عَظُمَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ. وَقَدْ كَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ إِذَا كَانَ مَنْزِلُهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْأَذَانَ. -[37]- وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: وَهُوَ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُمُ النِّدَاءَ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَمَنْ كَانَ خَارِجًا مِنَ الْمِصْرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حُضُورُهَا وَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ. هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْجُمُعَةُ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: تُؤْتَى الْجُمُعَةُ مِنْ فَرْسَخَيْنِ وَرُوِّينَا عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ إِذَا نُودِيَ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مَاشِيًا أَدْرَكَ الصَّلَاةَ

ذكر فضل صلاة الجمعة

ذِكْرُ فَضْلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

1762 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ»

جماع أبواب الغسل للجمعة

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ

1763 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»

ذكر خبر ثان في معناه وفيه زيادة بيان ودلالة أن الغسل ليس بفرض

ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ فِي مَعْنَاهُ وَفِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَدِلَالَةٌ أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِفَرْضٍ

1764 - حَدَّثَنَا يَاسِينُ بْنُ عَبْدِ الْأَحَدِ، قَالَ: ثنا فَضَالَةُ، عَنْ أَبِيهِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الرُّومِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا قَرَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى إِمْسَاسِ الطِّيبِ، وَكَانَ إِمْسَاسُ الطِّيبِ لَيْسَ بِفَرْضٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ الْمَقْرُونَ إِلَيْهِ مِثْلُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَدُلُّ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى خَبَرٌ آخَرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

1765 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ، وَبُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ، حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَالسِّوَاكُ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ لَهُ» . إِلَّا أَنَّ بُكَيْرًا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. قَالَ فِي الطِّيبِ: «وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ لَمَّا قَرَنَ الْغُسْلَ إِلَى السِّوَاكِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِفَرْضٍ

ذكر أمر الخاطب في خطبته بالغسل والدليل على أن الخطبة ليست بصلاة، مع الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالغسل من أتى الجمعة دون من لم يأتها

ذِكْرُ أَمْرِ الْخَاطِبِ فِي خُطْبَتِهِ بِالْغُسْلِ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِالْغُسْلِ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ دُونَ مَنْ لَمْ يَأْتِهَا

1766 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ»

ذكر دلالة أخرى تدل على أن غسل الجمعة غير واجب وجوب فرض، ويدل هذا الحديث على فضيلة المنصت والإمام يخطب

ذِكْرُ دَلَالَةٍ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وُجُوبَ فَرْضٍ، وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى فَضِيلَةِ الْمُنْصِتِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

1767 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَدَنَا وَأَنْصَتَ وَاسْتَمَعَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا»

ذكر اختلاف أهل العلم في وجوب غسل يوم الجمعة اختلف أهل العلم في وجوب الغسل يوم الجمعة، فقالت طائفة: غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم محتلم. كذلك قال أبو هريرة. وروينا عن عمر أنه قال في شيء: لأنا إذا أعجز ممن لا يغتسل يوم الجمعة. وعن أبي سعيد الخدري

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُحْتَلِمٍ. كَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ. وَرُوِّينَا -[40]- عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي شَيْءٍ: لَأَنَا إِذًا أَعْجَزُ مِمَّنْ لَا يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثٌ حَقٌّ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: الْغُسْلُ، وَالسِّوَاكُ، وَيَمَسُّ طِيبًا إِنْ وَجَدَهُ. وَتَأَوَّلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَجُلًا، فَقَالَ: أَنَا إِذًا أَشَرُّ مِنَ الَّذِي لَا يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا يَرَى أَنَّ لَهُ طَهُورًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ الْغُسْلِ، حَتَّى قَدِمْتُ هَذَا الْبَلَدَ. يَعْنِي الْبَصْرَةَ

1768 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ»

1769 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «لِلَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، فَيَغْسِلُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَيَمَسُّ طِيبًا إِنْ كَانَ لِأَهْلِهِ»

1770 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ فِي شَيْءٍ: «لَأَنَا أَعْجَزُ مِمَّنْ لَا يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ»

1771 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: " ثَلَاثٌ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: الْغُسْلُ، وَالسِّوَاكُ، وَيَمَسُّ طِيبًا إِنْ وَجَدَهُ "

1772 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: -[41]- ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: " قَاوَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَجُلًا فَاسْتَطَالَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا إِذًا أَشَرُّ مِنَ الَّذِي لَا يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ "

1773 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «مَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا يَرَى أَنَّهُ لَهُ طَهُورٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ الْغُسْلِ، حَتَّى قَدِمْتُ هَذَا الْبَلَدَ , يَعْنِي الْبَصْرَةَ» وَكَانَ الْحَسَنُ يَرَى الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا وَيَأْمُرُ بِهِ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ نَهَارِهِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ بِهِ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَا يُجْزِي عَنْهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِرَوَاحِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْغُسْلُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ فَرْضًا، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ. قَالَ عَطَاءٌ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْثَمَ مَنْ تَرَكَهُ. وَهُوَ الرَّاوِي بِالْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ الْغُسْلُ بِمَحْتُومٍ

1774 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ»

1775 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُسْأَلُ عَنِ الْغُسْلِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: " اغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ -[42]- أَهْلِكَ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّكَ أَنْ تُصِيبَ مِنْهُ. قَالَ عَطَاءٌ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْثَمَ مِنْ تَرْكِهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَتَكْرَهُ أَنْ تَدَعَهُ يَوْمَئِذٍ إِذَا وَجَدْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ "

1776 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ الْمَلَاحِقِيُّ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْخَلَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَوُضِعَ لَهُ مَاءٌ، فَلَمَّا خَرَجَ تَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: أَلَا تَغْتَسِلُ؛ فَإِنَّ الْيَوْمَ الْجُمُعَةُ؟ فَقَالَ: عَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ الْجُمُعَةُ، وَلَيْسَ الْغُسْلُ بِمَحْتُومٍ. وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى الْغُسْلَ فَرْضًا لَازِمًا الْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَالنُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ لِعُثْمَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

1777 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا زِدْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ. قَالَ: وَالْوُضُوءُ أَيْضًا؟ أَوَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» -[43]- فَمِمَّنِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَدَلَّ، فَقَالَ الْغُسْلُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ الشَّافِعِيُّ، كَانَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَرَجَعَ عُثْمَانُ حِينَ كَلَّمَهُ عُمَرُ، أَوْ لَرَدَّهُ عُمَرُ، حَيْثُ لَمْ يَرْجِعْ، فَلَمَّا لَمْ يَرْجِعْ عُثْمَانُ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالرُّجُوعِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِفَرْضٍ. وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي تَأْكِيدِ إِيجَابِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: قَوْلُ عُمَرَ إِلَى الْإِيجَابِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الرُّخْصَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَعُ الْخُطْبَةَ وَيَشْتَغِلُ بِمُعَاتَبَةِ مِثْلِ عُثْمَانَ وَتَوْبِيخِهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ بِالشَّيْءِ الَّذِي تَرْكُهُ مُبَاحٌ، لَا إِثْمَ عَلَى تَارِكِهِ، وَقَدْ كَانَ ضَاقَ الْوَقْتُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَفَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ فِي الرُّخْصَةِ بِتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذُكِرَ الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ الِاغْتِسَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَأَنَّ ذَلِكَ نَدْبٌ، وَبِهَا نَقُولُ

ذكر المغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا قال أبو بكر: قال أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم: إن المغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا يجزيه. وروينا هذا القول عن ابن عمر، ومجاهد، ومكحول، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور، وقال أحمد بن حنبل:

ذِكْرُ الْمُغْتَسِلِ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْمُغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ غُسْلًا وَاحِدًا يُجْزِيهِ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَكْحُولٍ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، -[44]- وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ

1778 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ غُسْلًا وَاحِدًا» وَرُوِّينَا أَنَّ بَعْضَ وَلَدِ أَبِي قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مُغْتَسِلًا، فَقَالَ: لِلْجُمُعَةِ اغْتَسَلْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لِلْجَنَابَةِ. قَالَ: فَأَعِدْ غُسْلًا لِلْجُمُعَةِ

ذكر الاغتسال بعد طلوع الفجر للجمعة اختلف أهل العلم في الرجل يغتسل بعد الفجر للجمعة، فقالت طائفة: يجزيه من غسل يوم الجمعة. كذلك قال مجاهد، والحسن، والنخعي، وروي ذلك عن عطاء، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقال الأوزاعي:

ذِكْرُ الِاغْتِسَالِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِلْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ لِلْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ مِنْ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، -[45]- وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِيهِ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اغْتَسَلَ فِي أَوَّلِ نَهَارِهِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِرَوَاحِهِ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُحْدِثَ غُسْلًا يُصَلِّي بِهِ الْجُمُعَةَ

ذكر المغتسل للجمعة يحدث بعد اغتساله واختلفوا في الرجل يغتسل للجمعة ثم يحدث، فاستحبت طائفة أن يعيد الاغتسال له. وبه قال طاوس، والزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير. وقال الحسن البصري: يعيد الغسل. وقال إبراهيم التيمي: كانوا يقولون: إذا أحدث بعد

ذِكْرُ الْمُغْتَسِلِ لِلْجُمُعَةِ يُحْدِثُ بَعْدَ اغْتِسَالِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ ثُمَّ يُحْدِثُ، فَاسْتَحَبَّتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُعِيدَ الِاغْتِسَالَ لَهُ. وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُعِيدُ الْغُسْلَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ -[46]- التَّيْمِيُّ: كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ الْغُسْلِ عَادَ إِلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ الْوُضُوءُ. كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِيهِ الْوُضُوءُ. -[47]- وَكَذَلِكَ نَقُولُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» . وَقَدْ أَتَى مَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ بِالْغُسْلِ

ذكر الاغتسال في السفر يوم الجمعة اختلف أهل العلم في اغتسال المسافر يوم الجمعة، فقالت طائفة: ليس على المسافر يوم الجمعة غسل. هكذا قال عطاء: وكان ابن عمر وعلقمة لا يغتسلان في السفر يوم الجمعة

ذِكْرُ الِاغْتِسَالِ فِي السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اغْتِسَالِ الْمُسَافِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلٌ. هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَعَلْقَمَةُ لَا يَغْتَسِلَانِ فِي السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1779 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ لَا يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْتَسِلُ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا. رُوِّينَا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَنَّهُ اغْتَسَلَ فِي السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1780 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَمَرَنِي فَسَتَرْتُهُ فَاغْتَسَلَ، وَقَالَ: اسْتُرْنِي مِنْ نَحْوِ الْقِبْلَةِ. قَالَ: ثُمَّ سَتَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ " -[48]- وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا كَانَ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: وَلَا يَجِبُ تَرْكُ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ الِاغْتِسَالُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالِاغْتِسَالِ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يَأْتِيهَا

ذكر اغتسال النساء والصبيان في يوم الجمعة واختلفوا في اغتسال النساء والصبيان والعبيد إذا حضروا الصلاة، فكان مالك يقول: من حضر الجمعة من النساء والعبيد فليغتسل. وقال الشافعي في النساء والعبيد والمسافرين وغير المحتلمين: إن شهدوا الجمعة أجزأتهم،

ذِكْرُ اغْتِسَالِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي اغْتِسَالِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ إِذَا حَضَرُوا الصَّلَاةَ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: مَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ مِنَ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ فَلْيَغْتَسِلْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ وَغَيْرِ الْمُحْتَلِمِينَ: إِنْ شَهِدُوا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُمْ، وَلْيَغْتَسِلُوا كَمَا يُفْعَلُ بِهِمْ إِذَا شَهِدُوهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا الْغُسْلُ عَلَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ظَاهِرُ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» يَدُلُّ عَلَى أَََّن الْأَمْرَ بِالِاغْتِسَالِ لِمَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَلَا مَعْنَى لِاغْتِسَالِ مَنْ لَا يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَسَائِرِ مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» ، فَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ لِلْيَوْمِ أَتَى أَوْ لَمْ يَأْتِهَا، وَقَوْلُ مَنْ أَمَرَ الْمُسَافِرَ بِالِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُوَافِقُ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ: «وَاجِبٌ» يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ: «وَاجِبٌ» وُجُوبَ فَرْضٍ، وَاحْتَمَلَ وُجُوبَ تَطَوُّعٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُلْزِمَ أَحَدًا فَرْضًا إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَالدَّلَائِلُ مَوْجُودَةٌ عَلَى سُقُوطِ فَرْضِ الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ

أبواب الطيب والسواك واللبس يوم الجمعة

أَبْوَابُ الطِّيبِ وَالسِّوَاكِ وَاللِّبْسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

الأمر بالتطيب يوم الجمعة إذا كان واجدا له

الْأَمْرُ بِالتَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لَهُ

1781 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَهُ»

ذكر فضيلة الطيب والسواك، والإنصات والإمام يخطب، ولبس أحسن ما يجد المرء من الثياب بعد الاغتسال يوم الجمعة، وترك تخطي رقاب الناس

ذِكْرُ فَضِيلَةِ الطِّيبِ وَالسِّوَاكِ، وَالْإِنْصَاتِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَلُبْسِ أَحْسَنِ مَا يَجِدُ الْمَرْءُ مِنَ الثِّيَابِ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَرْكِ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ

1782 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ -[50]- وَاسْتَاكَ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْكَعَ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ، كَانَ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا» قَالَ: يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ اللهَ جَعَلَ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَدْحُ مَنْ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي الْخُطْبَةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّمَا يَعْنِي مَنْ أَنْصَتَ عَلَى تَكْلِيمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ مَكْرُوهٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ

1783 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاسْتَاكَ، وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ، وَتَطَيَّبَ بِطِيبٍ، ثُمَّ جَاءَ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ وَصَلَّى مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَذَلِكَ لَهُ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَصَلَّى مَا شَاءَ اللهُ» إِبَاحَةٌ أَنْ يُصَلِّي الْمَرْءُ مَا شَاءَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ

ذكر لبس الحلل يوم الجمعة

ذِكْرُ لُبْسِ الْحُلَلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1784 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلِلْوُفُودِ إِذَا قَدِمُوا -[51]- عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ»

ذكر تمثيل المهجرين إلى الجمعة بالمهدين، والدليل على أن السابق بالتهجير أفضل

ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُهَجِّرِينَ إِلَى الْجُمُعَةِ بِالْمُهْدِينَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السَّابِقَ بِالتَّهْجِيرِ أَفْضَلُ

1785 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَغَرُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوَا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَالَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَةَ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَقْتِ الرَّوَاحِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْخُرُوجُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْغُدُوُّ إِلَى الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: كُلَّمَا قَدَّمَ التَّبْكِيرَ كَانَ أَفْضَلَ؛ لِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ بِأَنَّ مَنْ زَادَ فِي التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ كَانَ أَفْضَلَ. وَهَذَا مَذْهَبُ -[52]- الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ قَوْلَ مَالِكٍ: لَا يَنْبَغِي التَّهْجِيرُ إِلَى الْجُمُعَةِ بَاكِرًا، فَقَالَ: هَذَا خِلَافُ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَكُونُ الرَّوَاحُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهَذِهِ السَّاعَاتُ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَاحَ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ، ثُمَّ فِي الرَّابِعَةِ» ، هِيَ كُلُّهَا فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: تَرَوَّحْتُ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ أَوْ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: إِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ مُسَافِرًا، فَاخْرُجْ مَا لَمْ يَحِنِ الرَّوَاحُ

1786 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَبْصَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَخَرَجْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ مُسَافِرًا، فَاخْرُجْ مَا لَمْ يَحِنِ الرَّوَاحُ» وَاحْتَجَّ آخَرُ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَرَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . قَالَ: فَالْغَدْوَةُ بِالْغَدَاةِ، وَالرَّوَاحُ بَعْدَ الزَّوَالِ

ذكر الأمر بالسكينة في المشي إلى الجمعة قال الله جل ذكره: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية. فاختلف أهل العلم في تأويل هذه الآية وفي قراءتها، فكان عمر بن الخطاب يقرأها: (فامضوا إلى ذكر الله) . وذكر قتادة أن

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قِرَاءَتِهَا، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ -[53]- الْخَطَّابِ يَقْرَأهَا: (فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) . وَذَكَرَ قَتَادَةُ أَنَّ فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (فَاقْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ

1787 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " لَقَدْ تُوُفِّيَ عُمَرُ وَمَا يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْجُمُعَةِ إِلَّا: (فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ)

1788 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ لِعَاصِمِ بْنِ الْبَدْرِ بْنِ الزُّبَيْرِ: " {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] ، فَقَالَ: كَانَ عَمُّكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقْرَؤُهَا: (فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي فِي الْمَصَاحِفِ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] . وَمِمَّنْ كَانَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعَوَامُّ الْقُرَّاءِ، وَهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ، فَلَا أَحْسَبُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي مَعْنَاهَا؛ لِأَنِّي لَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ السَّعْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَالْعَدْوُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى ثُبُوتُ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ السَّعْيِ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الصَّلَوَاتِ، وَدَخَلَتِ الْجُمُعَةُ فِي جُمَلِ الصَّلَوَاتِ وَعُمُومِهَا

1789 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَلَكِنِ ائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: السَّعْيُ يَا ابْنَ آدَمَ أَنْ تَسْعَى بِقَلْبِكَ وَعَمَلِكَ، -[54]- وَهُوَ الْمُضِيُّ. وَقَالَ عَطَاءٌ: السَّعْيُ الذَّهَابُ الْمَشْيُ. وَقَالَ مَالِكٌ: السَّعْيُ فِي كِتَابِ اللهِ الْعَمَلُ، قَالَ اللهُ: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4] الْآيَةَ. وَذَكَرَ مَالِكٌ آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَخْبَارًا تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ يُقَالُ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ السَّاعِي عَلَى الصَّدَقَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالسَّعْيُ الَّذِي أَمَرَ اللهُ غَيْرُ السَّعْيِ الَّذِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى فَدَنَا، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَذَكَرَ الْمَشْيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَنَهَى عَنِ السَّعْيِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

جماع أبواب الأذان والخطبة في الجمعة وما يجب على المأمومين في ذلك وما أبيح لهم في ذلك وما نهوا عنه

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فِي ذَلِكَ وَمَا أُبِيحَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَمَا نُهُوا عَنْهُ

ذكر الأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر الله بالسعي إلى الجمعة إذا نودي به وذكر من أحدث الأذان الذي يؤذن به قبل خروج الإمام

ذِكْرُ الْأَذَانِ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا نُودِيَ بِهِ وَذِكْرُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ الَّذِي يُؤَذَّنُ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ

1790 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، «أَنَّ النِّدَاءَ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي زَمَانِ عُمَرَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، وَإِذَا قَامَتِ الصَّلَاةُ، حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُثْمَانَ، فَكَثُرَ النَّاسُ؛ فَزَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ حَتَّى السَّاعَةِ» وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا قَامَتِ الصَّلَاةُ، أَرَادَ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي الْإِقَامَةَ، وَقَدْ يُقَالُ لِلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أَذَانَانِ، أَلَمْ تَسْمَعِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» ، وَقَالَ اللهُ: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11] الْآيَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبٌ وَأُمٌّ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: الْأَذَانُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[56]- أَحَبُّ إِلَيَّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا صَعِدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أُذِّنَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ بِالنِّدَاءِ الثَّالِثِ فِي الْعَدَدِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ الَّذِي بَدَأَ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَلَمْ يَكْرَهْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلِمْنَاهُ، ثُمَّ مَضَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا

ذكر ما يقول الرجل إذا خرج من منزله إلى الجمعة

ذِكْرُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ

1791 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا فُضَيْلٌ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَائِيَ هَذَا، لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا، وَلَا رِيَاءً أَوْ سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُبْعِدَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، إِلَّا وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا جِئْتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقِفْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَقُلِ: اللهُمَّ اجْعَلْنِي الْيَوْمَ مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهِ إِلَيْكَ، وَأَقْرَبِ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ، وَأَنْجَحِ مَنْ دَعَاكَ وَطَلَبَ إِلَيْكَ

ذكر اعتماد الإمام على القوس أو العصي في الخطبة

ذِكْرُ اعْتِمَادِ الْإِمَامِ عَلَى الْقَوْسِ أَوِ الْعِصِيِّ فِي الْخُطْبَةِ

1792 - حَدَّثَنَا أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ زُرَيْقٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِيُّ، قَالَ: قَدِمْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِعَ سَبْعَةٍ نَشْهَدُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًى أَوْ قَوْسٍ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَنْ تُطِيقُوا، وَلَنْ تَفْعَلُوا كَمَا أُمِرْتُمْ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا»

ذكر عدد الخطبة يوم الجمعة والجلسة بين الخطبتين والخطبة قائما قال الله جل ذكره: وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما الآية

ذِكْرُ عَدَدِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَالْخُطْبَةِ قَائِمًا قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] الْآيَةَ

1793 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنِ، وَيُذَكِّرُ النَّاسَ»

1794 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ» -[58]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ، فَفِي قَوْلِهِ: يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ فِي حَالِ الْقُعُودِ بَيْنَهُمَا وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ: فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى مَاتَ، مَا كَانَ يَخْطُبُ إِلَّا قَائِمًا، قِيلَ لِعَطَاءٍ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ فِي الْخُطْبَةِ جُلُوسًا؟ قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي آخِرِ زَمَانِهِ، حِينَ كَبِرَ، وَأَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ، فَكَانَ يَجْلِسُ هُنَيْهَةً، ثُمَّ يَقُومُ، وَرُوِيَ أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا، فَقَالَ: تَخْطُبُ قَاعِدًا وَاللهُ يَقُولُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] الْآيَةَ

1795 - حَدَّثُونَا عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا، قَالَ: فَقَالَ: " أَتَخْطُبُ قَاعِدًا وَاللهُ يَقُولُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] " وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيُؤَذِّنُ لَهُ ابْنُ -[59]- التَّيَّاحِ وَحْدَهُ، فَإِذَا فَرَغَ قَامَ الْمُغِيرَةُ فَخَطَبَ قَائِمًا، ثُمَّ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَنْزِلَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مَا يَفْعَلُهُ الْأَئِمَّةُ، وَهُوَ جُلُوسُ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوَّلَ مَا يَرْقِي إِلَيْهِ، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ قَامَ الْإِمَامُ فَخَطَبَ خُطْبَةً، ثُمَّ جَلَسَ وَهُوَ فِي حَالِ جُلُوسِهِ غَيْرُ خَاطِبٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِنْدَ فَرَاغِهِ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن صلى يوم الجمعة بغير خطبة أو خطب خطبة واحدة أو صلى مع الإمام ولم يدرك الخطبة اختلف أهل العلم في الجمعة تصلى ولم يخطب لها: فقالت طائفة: يجزيهم جمعتهم خطب الإمام أو لم يخطب، هكذا قال الحسن البصري قال أبو بكر: ولعل من حجة قائل

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَوْ خَطَبَ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجُمُعَةِ تُصَلَّى وَلَمْ يُخْطَبْ لَهَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْزِيهُمْ جُمُعَتُهُمْ خَطَبَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَخْطُبْ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ حَدِيثَ عُمَرَ: «صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَخْطُبِ الْإِمَامُ صَلَّى أَرْبَعًا، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، -[60]- وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَرَوَيْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتِ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا، فَجُعِلَتِ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ

ذكر استحباب تقصير الخطبة وترك تطويلها

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِ الْخُطْبَةِ وَتَرْكِ تَطْوِيلِهَا

1796 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، قَالَ: ثنا سِمَاكٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا»

1797 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: ثنا سَعْدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «طُولُ الصَّلَاةِ وَقِصَرُ الْخُطْبَةِ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَقَصِّرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»

ذكر صفة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وبدئه فيها بحمد الله والثناء عليه

ذكْرُ صِفَةِ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَدْئِهِ فِيهَا بِحَمْدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ

1798 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: خُطْبَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ أَوْ مَسَّاكُمْ، ثُمَّ يَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، ثُمَّ يَقُولُ: «إِنَّ أَفْضَلَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ»

ذكر ما تجزي الخطبة من الجمعة اختلف أهل العلم فيما تجزي من الخطبة للجمعة: فقالت طائفة: تجزي ما يقع عليه اسم خطبة، روينا عن الشعبي: أنه كان يخطب يوم الجمعة ما قل أو كثر، وكان عطاء بن أبي رباح يقول: ما جلس النبي صلى الله عليه وسلم على منبر قط. ومن

ذِكْرُ مَا تَجْزِي الْخُطْبَةُ مِنَ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا تَجْزِي مِنَ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَجْزِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ، رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ: مَا جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرٍ قَطُّ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ خُطْبَةً تُجْزِي مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجْزِي مَا يَكُونُ

كَلَامًا مُجْتَمِعًا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: إِحْدَاهُمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَصَلِّي الْجُمُعَةَ، عَادَ فَخَطَبَ ثَانِيَةً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا. وَقَالَ: فَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَتَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ، أَعَادَ خُطْبَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّى أَرْبَعًا، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُوصِي بِتَقْوَى اللهِ، وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَى، وَيَحْمَدُ اللهَ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُوصِي بِتَقْوَى اللهِ وَيَدْعُو فِي الْآخِرَةِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ قَوْلُ النُّعْمَانِ: هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَا قَالَ النُّعْمَانُ فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ، وَغَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللُّغَةِ بِأَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ قَدْ خَطَبَ، وَإِذَا كَانَ الْمَقُولُ هَذَا سَبِيلُهُ، فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَلَسْتُ أَجِدُ دَلَالَةً تُوجِبُ مَا قَالَ، وَقَدْ عَارِضَ الشَّافِعِيُّ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: يُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: مِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتَ الْجِلْسَةَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَرْضًا؟ أَبَطَلَتِ الْجُمُعَةُ بِتَرْكِهَا وَقَدْ أَتَى بِالْجُمُعَةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَلَيْسَتِ الْجِلْسَةُ مِنَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةِ فَرْضُهَا رَكْعَتَانِ، كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَالْخُطْبَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَالْجِلْسَةُ غَيْرُ هَذَا، وَلَوْ كَانَتِ الْجِلْسَةُ وَاجِبَةٌ لَمْ يُجِزْ أَنْ تَبْطُلَ الْجُمُعَةُ بِتَرْكِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ هَذَا، فَإِنِ اعْتَلَّ بِجُلُوسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَالْفِعْلُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ فَرْضًا، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إِبْطَالِ الْجُمُعَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ؟ فَإِنِ اعْتَلَّ بِأَنَّ الْجِلْسَةَ

بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَذَلِكَ الْجِلْسَةُ الْأُولَى مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ كَلَامًا تَرَكْتُ ذِكْرَهُ هَهُنَا كَرَاهِيَةَ التَّطْوِيلِ

ذكر سلام الإمام على المنبر إذا استقبل الناس

ذِكْرُ سَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ

1799 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ مِنْبَرِهِ مِنَ الْجُلُوسِ ثُمَّ يَصْعَدُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ سَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ» وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا صَعِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامَ عَلَى النَّاسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ

1800 - حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ نَشِيطٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا قَامَ عَلَيْهِ سَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ»

ذكر قراءة القرآن في الخطبة

ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ

1801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ، وَيَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ -[64]- قَصْدًا»

1802 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى، قَالَ: " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] الْآيَةَ "

ذكر قدر القراءة في خطبة يوم الجمعة

ذِكْرُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

1803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنِ ابْنَةِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَتْ: «لَقَدْ حَفِظْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ق وَهُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْجُمَعِ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي قِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنْ قَرَأَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ تَرَكَ فَلَا حَرَجَ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَا تُجْزِي خُطْبَةٌ إِلَّا أَنْ يُقْرَأَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَى

ذكر النهي عن الكلام يوم الجمعة عند خطبة الإمام

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ خُطْبَةِ الْإِمَامِ

1804 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَكَلَّمْتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ -[65]- فَقَدْ لَغَوْتَ وَأَلْغَيْتَ» . يَعْنِي وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

ذكر النهي عن إنصات الناس بالكلام والإمام يخطب

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِنْصَاتِ النَّاسِ بِالْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

1805 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَدْ لَغَوْتَ " 1806 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

ذكر الأمر بإنصات المتكلم والإمام يخطب بالإشارة إليه

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِنْصَاتِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ

1807 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ أَبِي يَرْقَانَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَائِمًا يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَشَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَنِ اجْلِسْ فَأَبَى، فَقَالَ الثَّانِيَةَ: مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَقِيَامِ السَّاعَةِ» ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ وَاللهِ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» -[66]- وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَمِمَّنْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا رَأَيْتَهُ يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا. وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَوَامُّ أَهْلِ الْفُتْيَا

1808 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، حَصَبَ رَجُلَيْنِ كَانَا يَتَكَلَّمَانِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ»

1809 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ «أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُشِيرُ إِلَى رَجُلٍ فِي الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ»

1810 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ -[67]- النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ، يَتَكَلَّمُونَ وَالْحَجَّاجُ يَخْطُبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نُنْصِتَ لِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَكَلَّمْتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ وَأَلْغَيْتَ» يَعْنِي وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

ذكر اختلاف أهل العلم في الإشارة وتحصيب من يتكلم والإمام يخطب واختلفوا في الإشارة إلى من يتكلم والإمام يخطب بالإنصات، فكان ابن عمر يحصب من تكلم والإمام يخطب، وربما أشار إليه، وممن رأى أن يشير إلى من يتكلم والإمام يخطب عبد الرحمن بن أبي ليلى، وزيد بن

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْإِشَارَةِ وَتَحْصِيبِ مَنْ يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَنْ يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ بِالْإِنْصَاتِ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْصِبُ مَنْ تَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَرُبَّمَا أَشَارَ إِلَيْهِ، وَمِمَّنْ

رَأَى أَنْ يُشِيرَ إِلَى مَنْ يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْإِشَارَةَ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ الرَّمْيَ بِالْحَصَاءِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ الْإِشَارَةَ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ طَاوُسٌ، وَكَرِهَ الرَّمْيَ بِالْحَصَا زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَعَلْقَمَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا تَكَلَّمَ امْرُؤٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أُشِيرَ إِلَيْهِ؛ اسْتِدْلَالًا بِإِشَارَةِ مَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ، مَعَ أَنَّ حَالَ الْخُطْبَةِ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ حَالِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ

رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ دَخَلُوا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ، وَالْإِشَارَةُ تَحْسُنُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ سَبَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَمَّا جَازَ فِي الصَّلَاةِ يَفْهَمُ بِهِ الْمُصَلِّي مَنْ سَبَّحَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ أَجَوْزَ، يَفْهَمُ بِهِ مَنْ سَبَّحَ بِهِ، فَأَمَّا الرَّمْيُ بِالْحَصَا وَمَسُّهُ، فَلَسْتُ أَرَاهُ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ؛ لِأَنَّ فِي الرَّمْيِ بِهِ أَذًى لِلْمَرْمِيِّ بِهِ، وَمَسُّهُ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَا فَقَدْ لَغَا» ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى

ذكر إنصات من لا يسمع الخطبة اختلف أهل العلم في الكلام والمتكلم لا يسمع الخطبة، فرأت طائفة الإنصات سمع الخطبة أو لم يسمعها، كان عثمان بن عفان يقول: للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت. ورأى ابن عمر رجلا يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة،

ذِكْرُ إِنْصَاتِ مَنْ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَلَامِ وَالْمُتَكَلِّمُ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ الْإِنْصَاتَ سَمِعَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا، كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَقُولُ: لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ مِنَ الْحَظِّ مِثْلُ مَا لِلسَّامِعِ الْمُنْصِتِ. وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَمَاهُ بِحَصًى، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ

1811 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، قَلَّ مَا يَدَعُ ذَلِكَ إِذَا خَطَبَ: «إِذَا قَامَ الْإِمَامُ فَخَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْمَعُوا وَأَنْصِتُوا، فَإِنَّ لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ مِنَ الْحَظِّ -[70]- مِثْلَ مَا لِلسَّامِعِ الْمُنْصِتِ»

1812 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَمَاهُ بِحَصَاةٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ فِي الْكَلَامِ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ حَتَّى يَقْطَعَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ الْآخِرَةَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْكَلَامِ إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي بُرْدَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نُنْصِتَ لِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ؛ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَكَلَّمْتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ» . وَالْكَلَامُ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ

ذكر قراءة القرآن والذكر في نفس القارئ وهو لا يسمع خطبة الإمام اختلف أهل العلم في المرء يذكر الله في نفسه وهو لا يسمع الخطبة أو يقرأ، فرخصت طائفة فيه، فممن رخص في القراءة النخعي، وسعيد بن جبير، وقال علقمة: لعل ذلك لا يضره. ورخص عطاء في الذكر والإمام

ذِكْرُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فِي نَفْسِ الْقَارِئِ وَهُوَ لَا يَسْمَعُ خُطْبَةَ الْإِمَامِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يَذْكُرُ اللهَ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ أَوْ يَقْرَأُ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ، فَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الْقِرَاءَةِ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ: لَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ. وَرَخَّصَ عَطَاءٌ فِي الذِّكْرِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ لَا يَرَوْنَ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ بَأْسًا إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْعَاطِسِ: يَحْمَدُ اللهَ فِي نَفْسِهِ قَدْرَ مَا يُسْمِعُ أُذُنَيْهِ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: كَانَ يُؤْمَرُ بِالصَّمْتِ. وَقَالَ طَاوُسٌ: لَا يَدْعُو أَحَدٌ بِشَيْءٍ وَلَا يَذْكُرُ، إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ اللهَ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَأْمُرُ بِالصَّمْتِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَسْتَمِعَ وَيُنْصِتَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَذْكُرُ اللهَ فِي نَفْسِهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ إِنْ شَاءَ

ذكر تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب، فرخصت طائفة في تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب، وممن رخص في ذلك الحسن البصري، والنخعي، والشعبي، والحكم، وحماد، وسفيان الثوري،

ذِكْرُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: يَرُدُّ السَّلَامَ وَيُسْمِعُهُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ، فَكَانَ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ: وَلَا يُشَمِّتُونَ عَاطِسًا، وَلَا يَرُدُّونَ سَلَامًا إِلَّا بِإِيمَاءٍ. وَكَانَ يَقُولُ بَعْدُ بِمِصْرَ: وَإِنْ سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَرِهْتُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ، وَلَوْ عَطَسَ رَجُلٌ فَشَمَّتَهُ رَجُلٌ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ؛ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ.

وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَا يُشَمِّتُهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ يَمْنَعُهُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَسْتَمِعُوا وَيُنْصِتُوا. وَفَرَّقَ عَطَاءٌ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا كُنْتَ تَسْمَعُ الْخُطْبَةَ فَارْدُدْ عَلَيْهِ السَّلَامَ فِي نَفْسِكَ، وَإِذَا كُنْتَ لَا تَسْمَعُهَا فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَأَسْمِعْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ شَمَّتَ وَرَدَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ ". فَالْإِنْصَاتُ يَجِبُ عَلَى ظَاهِرِ السُّنَّةِ، وَإِبَاحَةُ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ غَيْرُ مَوْجُودٍ بِحُجَّةٍ، وَالَّذِي أَرَى أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ إِشَارَةً، وَيُشَمِّتَ الْعَاطِسَ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ

ذكر شرب الماء والإمام يخطب قال أبو بكر: واختلفوا في الشرب والإمام يخطب، فرخص فيه طاوس، ومجاهد، والشافعي، ونهى عنه مالك، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وقال الأوزاعي: إن شرب فسدت جمعته قال أبو بكر: لا بأس به؛ لأن الأشياء على الإباحة، ولا حجة تمنع

ذِكْرُ شُرْبِ الْمَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الشُّرْبِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَرَخَّصَ فِيهِ طَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَنَهَى عَنْهُ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ -[74]- حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ شَرِبَ فَسَدَتْ جُمْعَتُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَلَا حُجَّةَ تَمْنَعُ مِنْهُ، وَالْوُقُوفُ عَنْهُ أَحْسَنُ فِي الْأَدَبِ

ذكر استقبال الناس الإمام إذا خطب قال أبو بكر: كل من أحفظ عنه من أهل العلم يرى أن يستقبل الإمام يوم الجمعة إذا خطب، فممن رأى ذلك ابن عمر، وأنس بن مالك، وشريح، وعطاء

ذِكْرُ اسْتِقْبَالِ النَّاسِ الْإِمَامَ إِذَا خَطَبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنْ يُسْتَقْبَلَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا خَطَبَ، فَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَشُرَيْحٌ، وَعَطَاءٌ

1813 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ»

1814 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَاسْتَنَدَ إِلَى الْحَائِطِ وَاسْتَقْبَلَ الْإِمَامَ» . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ. وَقَالَ أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ: رَأَيْتُ -[75]- الْفُقَهَاءَ يَسْتَقْبِلُونَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانُوا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنِ جَابِرٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لَا أَعْلَمُهُمُ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " أَنَّهُ قَالَ: جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ "

ذكر اختلاف أهل العلم في الإمام يخطب ويصلي غيره قال أبو بكر: واختلفوا في الإمام يخطب ويصلي غيره، فقالت طائفة: لا يصلي إلا من شهد الخطبة. هذا قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: إن خطب الإمام ثم عزل فجاء آخر، فليس له أن يصلي بخطبة الأول.

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ يَخْطُبُ وَيُصَلِّي غَيْرُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يَخْطُبُ وَيُصَلِّي غَيْرُهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلِّي إِلَّا مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ. هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ خَطَبَ الْإِمَامُ ثُمَّ عُزِلَ فَجَاءَ آخَرُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِخُطْبَةِ الْأَوَّلِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْخُطْبَةَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ. هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ إِمَامٍ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَدِمَ إِمَامٌ بِعَزْلِهِ حِينَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ الْقَادِمُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، قَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَ، وَهِيَ لَهُمْ جُمُعَةٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ، قَالَ أَحْمَدُ: إِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَشَهَدْ إِذَا كَانَ عُذْرٌ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ رَجُلٌ وَيَخْطُبَ آخَرُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَعَفَ فَقَدَّمَ رَجُلًا، فَإِنْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَكُونُ لَهُ وَلَهُمْ جُمُعَةً

ذكر نزول الإمام عن المنبر إذا قرأ سورة فيها سجدة قال أبو بكر: " اختلف أهل العلم في نزول الإمام عن المنبر للسجدة يقرؤها، فقالت طائفة: ينزل فيسجد ثم يرجع إلى موضعه. فممن روينا عنه أنه نزل فسجد ثم عاد إلى موضعه عثمان بن عفان، وأبو موسى الأشعري، وعمار

ذِكْرُ نُزُولِ الْإِمَامِ عَنِ الْمِنْبَرِ إِذَا قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي نُزُولِ الْإِمَامِ عَنِ الْمِنْبَرِ لِلسَّجْدَةِ يَقْرَؤُهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْزِلُ فَيَسْجُدُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِهِ. فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ نَزَلَ فَسَجَدَ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَوْضِعِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَبِهِ قَالَ -[77]- أَصْحَابُ الرَّأْيِ "

1815 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ: " أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْلِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ إِلَى السَّجْدَةِ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ " وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَزَادَ نَافِعٌ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تُفْرَضْ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ

1816 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: " بَيْنَمَا الْأَشْعَرِيُّ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَرَأَ السَّجْدَةَ الْآخِرَةَ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ. قَالَ: فَنَزَلَ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ "

1817 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَسَجَدَ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ»

1818 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قَرَأَ عَمَّارٌ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، ثُمَّ نَزَلَ الْقَرَارَ فَسَجَدَ بِهَا "

1819 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حُبَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَاهِبٌ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ أُوَيْسِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ السَّجْدَةَ، فَنَزَلَ فَسَجَدَ»

1820 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَقْرَأُ سُورَةَ دَاوُدَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَسْجُدُ " وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَيَسْجُدَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سَجْدَةً لَمْ يَنْزِلْ وَلَمْ يَسْجُدْ، وَإِنْ فَعَلَ وَسَجَدَ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ أَحْبَبْتُ أَنْ يَنْزِلَ فَيَسْجُدَ؛ لِمَا فِي ثَوَابِ مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً؛ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ ص وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ، وَلِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَقَدْ قَرَأَ عُمَرُ السَّجْدَةَ فِي جُمُعَةٍ بَعْدَ الْجُمُعَةِ الَّتِي نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ لِلسَّجْدَةِ فَلَمْ يَسْجُدْ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ "

ذكر الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل دخوله في الصلاة قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل أن يدخل في الصلاة، فرخصت طائفة في ذلك، وممن كان لا يرى به بأسا طاوس، وعطاء، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد

ذِكْرُ الْكَلَامِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُطْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدٍ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ إِذَا نَزَلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يُكَبِّرَ "

1821 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ إِذَا نَزَلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يُكَبِّرَ» وَكَانَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ رِوَايَةٌ -[80]- تُوَافِقُ قَوْلَ الْحَكَمِ خِلَافُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كَانَ الْكَلَامُ مُبَاحًا قَبْلَ خُطْبَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ أُمِرَ النَّاسُ بِالْإِنْصَاتِ لِإِمَامِهِمْ إِذَا خَطَبَ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْخُطْبَةُ رَجَعَتِ الْإِبَاحَةُ، وَالْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ " وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ

1822 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الْمِنْبَرِ، فَيَقُومُ مَعَهُ الرَّجُلُ فَيُكَلِّمُهُ فِي الْحَاجَةِ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إِلَى مُصَلَّاهُ فَيُصَلِّي» . وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلَامِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْكَلَامَ بَيْنَهُمَا، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَإِذَا نَزَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْمِنْبَرِ. وَكَانَ حَسَنٌ يَكْرَهُهُ

مسألة واختلفوا فيما يفعله المستمع للخطبة إذا قرأ الإمام: إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية، فقالت طائفة: يصلون عليه في أنفسهم ويسلمون تسليما، ولا يرفعون بذلك أصواتهم. هذا قول مالك. وقال أحمد وإسحاق: ما بأس أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَمِعُ لِلْخُطْبَةِ إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الْآيَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلُّونَ عَلَيْهِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَيُسَلِّمُونَ تَسْلِيمًا، وَلَا يَرْفَعُونَ بِذَلِكَ أَصْوَاتَهُمْ. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: مَا بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَرَوْنَ السُّكُوتَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَسْتَمِعُوا وَيُنْصِتُوا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُنْصِتُ لِلْإِمَامِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ

ذكر الحبوة والإمام يخطب يوم الجمعة اختلف أهل العلم في الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب، فرخص فيه أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم، وممن كان يفعل ذلك ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وابن سيرين، وأبو الزبير، وعكرمة بن خالد، وشريح،

ذِكْرُ الْحَبْوَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِاحْتِبَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَرَخَّصَ فِيهِ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ -[82]- سِيرِينَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشُرَيْحٌ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَنَافِعٌ

1823 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَثِيرًا مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْتَبِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ» . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا، قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ، وَرُوِّينَا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَلَا أَرَاهُ ثَابِتًا؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْإِسْنَادِ

1824 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا الْمُقْرِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ، فَالْقَوْلُ بِهِ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، فَلَا بَأْسَ بِالْحَبْوَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

ذكر النهي عن تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، والإمام يخطب، وإباحة نهي الإمام عن ذلك في خطبته

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَإِبَاحَةِ نَهْيِ الْإِمَامِ عَنْ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ

1825 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، بِمِصْرَ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: «اجْلِسْ، فَقَدْ آذيْتَ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَنَهَتْ طَائِفَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَكَرِهَتْهُ، وَمِمَّنْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ

1826 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ -[85]- أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنِّي تَرَكْتُ الْجُمُعَةَ، وَلِي حُمْرُ النَّعَمِ، وَلَأَنْ أُصَلِّيَ بِالْحَرَّةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُمْهِلَ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، وَجَلَسَ النَّاسُ مَجَالِسَهُمْ، حَيْثُ أَتَخَطَّى رِقَابَهُمْ»

1827 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ وَكَانَ يُسَمَّى الْمَسِيحَ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ، يَقُولُ: «إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَا تَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، وَلَا تَكَلَّمْ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسُئِلَ عَنِ التَّخَطِّي إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ، قَالَ: لَا تُخَطَّى رِقَابُ النَّاسِ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى مَجْلِسِهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي قَوْمٍ جُلُوسٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَخَلْفَهُمْ مُتَّسَعٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَطَّاهُمْ إِلَى السَّعَةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ التَّخَطِّيَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، وَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَمَنْ تَخَطَّى حِينَئِذٍ، فَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْحَدِيثُ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرَجٌ، وَلْيَرْفُقْ فِي ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ رَخَّصَ أَنْ يَتَخَطَّى إِلَى مَجْلِسِهِ، إِنْ كَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ، فَإِذَا خَرَجَ، فَلْيَجْلِسْ فِي أَدْنَى مَجْلِسٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَكْرَهُ تَخَطِّيَ رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ وَبَعْدُ؛ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْأَذَى لَهُمْ، وَسُوءِ الْأَدَبِ، فَإِنْ كَانَتْ -[86]- خَطْوُهُ إِلَى الْفُرْجَةِ بِوَاحِدٍ، أَوِ اثْنَيْنِ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ التَّخَطِّي، وَإِنْ كَثُرَ كَرِهْتُهُ لَهُ، إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ السَّبِيلَ إِلَى مُصَلًّى يُصَلِّي فِيهِ الْجُمُعَةَ، إِلَّا أَنْ يَتَخَطَّى فَيَسَعَهُ التَّخَطِّي، إِنْ شَاءَ اللهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنْ يَتَخَطَّى بِإِذْنِ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَتَخَطَّاهُمْ، رُوِّينَا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعُوا، فَيَقُولُ: أَتَأْذَنُونَ لِي أَنْ أَتَخَطَّاكُمْ؟، فَيَتَخَطَّا إِلَى مَجْلِسِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَذَى لَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ أَصْلًا، وَإِذَا جَاءَ فَوَسَّعُوا لَهُ، فَتَخَلَّلَهُمْ، وَلَمْ يَتَخَطَّاهُمْ، فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر تحويل الناعس من موضعه إلى غيره، والدليل على أن النعاس غير النوم

ذِكْرُ تَحْوِيلِ النَّاعِسِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النُّعَاسَ غَيْرُ النَّوْمِ

1828 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ -[87]- فِي مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلْيَتَحَوَّلْ إِلَى غَيْرِهِ»

ذكر النهي عن إقامة الرجل أخاه من مجلسه يوم الجمعة ليخلفه فيه

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الرَّجُلِ أَخَاهُ مِنْ مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِيَخْلِفَهُ فِيهِ

1829 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُقِمْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسْ فِيهِ» ، قُلْتُ أَنَا لَهُ: أَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: «فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَغَيْرِهَا» قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُومُ لَهُ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَا يَجْلِسُ فِيهِ

ذكر الأمر بالتفسح، والتوسع إذا ضاق المكان قال الله جل ذكره يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم الآية. فكان مجاهد، وقتادة، وغيرهما يقولون: كان ذلك مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وذهب غيرهم إلى أن ذلك، وإن

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّفَسُّحِ، وَالتَّوَسُّعِ إِذَا ضَاقَ الْمَكَانُ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمُ} [المجادلة: 11] الْآيَةَ. فَكَانَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا يَقُولُونَ: كَانَ ذَلِكَ مَجْلِسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً. -[88]- وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَتْ، فَهُوَ عَامٌّ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

1830 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يُجْلِسُهُ فِيهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا، وَتَوَسَّعُوا»

ذكر قيام الرجل من مجلسه يوم الجمعة، ثم يرجع إليه، وقد خلفه فيه غيره، وبيان أنه أحق بمجلسه ممن جلس مكانه

ذِكْرُ قِيَامِ الرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَقَدْ خَلَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَبَيَانِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ مِمَّنْ جَلَسَ مَكَانَهُ

1831 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يُرْسِلُ غُلَامَهُ إِلَى مَجْلِسِهِ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَيَجْلِسُ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ مُحَمَّدً، قَامَ الْغُلَامُ، وَجَلَسَ مُحَمَّدٌ مَوْضِعَ الْغُلَامِ

جماع أبواب الصلاة قبل صلاة الجمعة

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

ذكر الصلاة نصف النهار يوم الجمعة ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في ثلاثة أوقات، وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، وقبل الزوال، وقد ذكرت أسانيد هذه الأخبار في غير هذا الموضع

ذِكْرُ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ، وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتِ غُرُوبِهَا، وَقَبْلَ الزَّوَالِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

1832 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ الْأَعْيَنُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْخَبَائِرِيِّ، وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ نُعَيْمِ بْنِ زِيَادٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ، قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ، فَدَعِ الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ، وَيَذْهَبَ شُعَاعُهَا، ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَعْتَدِلَ الشَّمْسُ اعْتِدَالَ الرُّمْحِ بِنِصْفِ النَّهَارِ، فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَتُسْجَرُ، فَدَعِ الصَّلَاةَ، حَتَّى يَفِيءَ الْفَيْءُ، ثُمَّ الصَّلَاةُ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغِيبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَهِيَ سَاعَةُ صَلَاةِ الْكُفَّارِ»

1833 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الحَكَمِ، كَتَبَ إِلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ -[90]- الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ، حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ الْخُرُوجُ عَنْ عُمُومِهَا إِلَّا بِسُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَا نَعْلَمُ مَنْ خَرَجَ عَنْ عُمُومِهَا، وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حُجَّةً مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا، مَعَ أَنَّ إِبَاحَةَ مَنْ أَبَاحَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَخَطَفَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ كَالتَّحَكُّمِ مِنْ فَاعِلِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كُنَّا نُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يَتَّقُونَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1834 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ ". قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: إِنَّ جَهَنَّمَ تُسَعَّرُ نِصْفَ النَّهَارِ

1835 - وَحَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، -[91]- قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَنِصْفَ النَّهَارِ»

1836 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّاسَ، وَهُمْ يَتَّقُونَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نِصْفَ النَّهَارِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَطَاؤُسٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَدْرَكْنَا النَّاسَ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَبْلَهُ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَنَا لَا أَنْهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِلَّذِي أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَلَسْتُ أُحِبُّهَا؛ لِلَّذِي بَلَغَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْجُمُعَةُ وَغَيْرُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَيَّامِ سَوَاءٌ. وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، وَابْنُ جَابِرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ

1837 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ: «أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ، حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، فَإِذَا خَرَجَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، حَتَّى إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ عُمَرُ سَكَتُوا، فَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ عَطَاءٌ: وَهُوَ إِبَاحَةُ ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ فِي الصَّيْفِ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَكْرَهُ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ إِذَا عَلِمْتُ بِانْتِصَافِ النَّهَارِ، وَإِذَا كُنْتُ فِي مَوْضِعٍ لَا أَعْلَمُ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ، فَإِنِّي أَرَاهُ وَاسِعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيًا عَامًّا يَدْخُلُ فِيهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَسَائِرُ الْأَيَّامِ

ذكر الأمر بأن يتطوع الرجل بركعتين عند دخول المسجد، والنهي عن الجلوس، حتى يصليهما

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْجُلُوسِ، حَتَّى يُصَلِّيَهُمَا

1838 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»

1839 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي سُلَيْمَانَ، سَمِعَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، إنَّ -[93]- النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي خَبَرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَخْبَارِ أَنَسٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَمْرُ نَدْبٍ لَا إِيجَابٍ، إِذْ لَا فَرْضَ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا الْخَمْسَ

ذكر الأمر بأن يتطوع بركعتين عند دخول المسجد إذا كان الإمام يخطب

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يُتَطَوَّعَ بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ

1840 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: " جَاءَ رَجُلٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: «أَرَكَعْتَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ سُؤَالِ الْإِمَامِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ رَكْعَتَيْنِ لِيَأْمُرَ بِأَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّاهُمَا

ذكر الأمر بالتجوز فيهما

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّجَوُّزِ فِيهِمَا

1841 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: سُلَيْكٌ مِنْ غَطَفَانَ، -[94]- وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ يَا سُلَيْكُ، فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ»

ذكر اختلاف أهل العلم في صلاة من يدخل، والإمام يخطب اختلف أهل العلم في المرء يدخل المسجد يوم الجمعة، والإمام على المنبر، فقالت طائفة: يركع ركعتين، ويجلس، كذلك قال الحسن البصري، وفعل ذلك مكحول، وهو قول ابن عيينة، والمقري، والشافعي، والحميدي،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ مَنْ يَدْخُلُ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مَكْحُولٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَالْمُقْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْحُمَيْدِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَنَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ طَائِفَةٌ: يَجْلِسُ، وَلَا يُصَلِّي، هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ،

وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَيْحٍ، وَقَتَادَةَ، وَالنَّخْعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنُّعْمَانِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ أَبُو مِجْلَزٍ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ رَكَعْتَ، وَإِنْ شِئْتَ جَلَسْتَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّاسِ أَنْ يَرْكَعَ الرَّجُلُ فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَمَتَى رَكَعَهُمَا، ثُمَّ جَاءَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ الْإِمَامَ يَخْطُبُ قَعَدَ، وَلَمْ يَرْكَعْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَلَا يَجْلِسْ حِينَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، حَتَّى يَرْكَعَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّي إِذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ لَمْ يُصَلِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ الدَّاخِلَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَهُ -[96]- عَلَى الْعُمُومِ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، وَلَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ بِهِمَا سُلَيْكًا

1842 - لَأَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، قَالَ: " جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» ثُمَّ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» حَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ ثَبَاتًا فِعْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ذَلِكَ، وَهُوَ الرَّاوِي بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، دَخَلَ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ، فَقَامَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الْأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: مَا كُنْتُ أَدَعُهُمَا لِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِكْرُ الْحَدِيثَ

1843 - حَدَّثَنَاهُ حَاتِمٌ قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عِيَاضَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» بَعْدَ أَنْ عَلَّمَ سُلَيْكًا أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ لِلنَّاسِ

ذكر الصلاة قبل صلاة الجمعة ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر الذي دخل المسجد، وهو يخطب أن يصلي ركعتين، وثبتت الأخبار عنه أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وليس في الباب شيء يثبت غير الذي ذكرت، وقد روينا في هذا الباب حديثين، وقد

ذِكْرُ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ يَثْبُتُ غَيْرَ الَّذِي ذَكَرْتُ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُمَا مَعَ عِلَلِهِمَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً

1844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ حَجْلٍ الْعَيْشِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ، فَلَا يُصَلِّي شَيْئًا، حَتَّى يَنْصَرِفَ»

1845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ»

1846 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا»

ذكر عدد صلاة الجمعة قال أبو بكر: أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن صلاة الجمعة ركعتان، ودل حديث عمر بن الخطاب على ذلك

ذِكْرُ عَدَدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَدَلَّ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى ذَلِكَ

1847 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادَةَ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «صَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى»

ذكر القراءة في صلاة الجمعة

ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

1848 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، وَكَانَ كَاتِبَ عَلِيٍّ، قَالَ: " كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَاسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً، فَصَلَّى الْجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ: وَإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ، قَرَأَهُمَا عَلِيٌّ؟، قَالَ: قَرَأَهُمَا حِبِّي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

ذكر نوع ثان مما يقرأ في صلاة الجمعة

ذِكْرُ نَوْعٍ ثَانٍ مِمَّا يُقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

1849 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ: " -[99]- سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَثَرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: " كَانَ يَقْرَأُ بـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] "

ذكر نوع ثالث

ذِكْرُ نَوْعٍ ثَالِثٍ

1850 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْبَدَ بْنَ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عُقْبَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الْآيَةَ، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» . وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ الْآيَةَ، يَعْنِي مَعَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولَانِ بِحَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُكْرَهُ أَنْ يُوَقِّتَ فِي ذَلِكَ وَقْتًا، مَا قَرَأَ فِي الْجُمُعَةِ فَحَسَنٌ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن أدرك من الجمعة ركعة، أو فاتته الخطبة، وإدراك الإمام يتشهد قال أبو بكر: اختلف أهل العلم فيمن أدرك من الجمعة ركعة مع الإمام، فقالت طائفة: من لم يدرك الخطبة صلى أربعا، روي هذا القول عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، ومكحول. وقالت

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، أَوْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ، وَإِدْرَاكِ الْإِمَامِ يَتَشَهَّدُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ صَلَّى أَرْبَعًا، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَكْحُولٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا، كَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالنَّخْعِيُّ، -[101]- وَالزُّهْرِيُّ

1851 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى، وَإِنْ وَجَدَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا»

1852 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، فَقَدْ أَرْدَكَ الْجُمُعَةَ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكِ الْجُمُعَةَ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا»

1853 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ قَالُوا: «إِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا» وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا أَدْرَكَ -[102]- التَّشَهُّدَ صَلَّى أَرْبَعًا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَبِهِ قَالَ النُّعْمَانُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»

1854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهِلٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْجُمُعَةُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى» وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي أَسَانِيدِهَا، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فِيهِ خَبَرٌ ثَابِتٌ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَسْتَدِلَّ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» ، بِأَنَّ الْجُمُعَةَ مِنَ الصَّلَاةِ، إِذْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ خَبَرٌ ثَابِتٌ لَاسْتَغْنَى بِهِ غَيْرَ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، وَمِنْ أَحْسَنِهَا إِسْنَادًا حَدِيثُ ابْنِ أَيُّوبَ

1855 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُنَا مُوَافِقٌ لِلثَّابِتِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَسَائِرِ التَّابِعِينَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَرُوِّينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ كَمَا قُلْنَا بِأَنَّ فِي إِجْمَاعَهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ لَمْ يُعْتَدَّ بِالسُّجُودِ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يُصَلِّي جُمُعَةً دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَالنَّاسُ جُلُوسٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ سَجْدَةً، وَأَدْرَكَ التَّشَهُّدَ، حُكْمُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنَ الصَّلَاةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ غَيْرِنَا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ، إِذْ لَا حُكْمَ لِمَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ جُمُعَةً، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُدْرِكًا لِبَعْضِ الصَّلَاةِ فِي حَالٍ غَيْرَ مُدْرِكٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ

ذكر سجود المرء على ظهر أخيه في حال الزحام قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في المرء لا يقدر على السجود على الأرض من الزحام، فقالت طائفة: يسجد على ظهر أخيه، كذلك قال عمر بن الخطاب أمير المؤمنين

ذِكْرُ سُجُودِ الْمَرْءِ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ فِي حَالِ الزِّحَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الزِّحَامِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، كَذَلِكَ قَالَ -[104]- عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ

1856 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ، فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ»

1857 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ زِحَامُ الْحَرِّ، فَلْيَسْجُدْ عَلَى ثَوْبِهِ، وَإِذَا زُحِمَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَسْجُدُ عَلَى فَخِذِ أَخِيهِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مِنَ الزِّحَامِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ بِالْأَرْضِ مِنَ الزِّحَامِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَاسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ الرَّجُلِ، وَإِنْ شِئْتَ فَإِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ فَاسْجُدْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُمْسِكُ عَنِ السُّجُودِ، فَإِذَا رَفَعُوا سَجَدَ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، -[105]- وَالزُّهْرِيُّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ إِنْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ جُمُعَةً أَعَادَهَا أَرْبَعًا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُومِئَ إِيمَاءً إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ، هَذَا قَوْلُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَقُولُ؛ لِأَنَّهُ سُجُودٌ فِي حَالِ ضَرُورَةٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ السَّاجِدِ، وَلَمْ يُكَلَّفِ الْمُصَلِّي إِلَّا قَدْرَ طَاقَتِهِ

ذكر المرء يزحم فلا يقدر على ركوع، ولا سجود بحال قال أبو بكر: اختلف أهل العلم فيمن دخل مع الإمام في صلاة الجمعة، فلم يقدر على ركوع، ولا سجود بحال، حتى فرغ الإمام من صلاته، فقالت طائفة: يصلي ركعتين، كذلك قال الحسن البصري، والنخعي، والأوزاعي،

ذِكْرُ الْمَرْءِ يُزْحَمُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى رُكُوعٍ، وَلَا سُجُودٍ بِحَالٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رُكُوعٍ، وَلَا سُجُودٍ بِحَالٍ، حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ، -[106]- فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخْعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي أَرْبَعًا، كَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَيُونُسُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ، حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ فَإِنْ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَبْتَدِيَ الصَّلَاةَ يُصَلِّي أَرْبَعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّي أَرْبَعًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» ، وَهَذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً يَسْجُدُ فِيهَا

ذكر المسافر يدرك من صلاة الجمعة التشهد واختلفوا في المسافر يدرك مع الإمام من صلاة الجمعة التشهد، فقالت طائفة: يصلي أربعا، كذلك قال الأوزاعي، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، ويشبه ذلك مذهب الشافعي. وقالت طائفة: يصلي ركعتين، كذلك قال إسحاق بن راهويه

ذِكْرُ الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ التَّشَهُّدَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ التَّشَهُّدَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي أَرْبَعًا، كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ.

مسألة واختلفوا فيمن أدرك من صلاة الجمعة ركعة، ثم ذكر أن عليه منها سجدة، فكان الشافعي يقول: يسجد سجدة، ويأتي بثلاث ركعات. وفي قول أحمد: يسجد سجدة إن لم يكن أخذ في عمل الثانية، ثم يضيف إليها ركعة أخرى

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْهَا سَجْدَةً، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يَسْجُدُ سَجْدَةً، وَيَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. وَفِي قَوْلِ أَحْمَدَ: يَسْجُدُ سَجْدَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ فِي عَمَلِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يُضِيفُ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى

ذكر القوم تفوتهم الجمعة قال أبو بكر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من فاتته الجمعة أن يصلي أربعا. واختلفوا في القوم تفوتهم الجمعة، فقالت طائفة: يصلون جماعة، روي هذا القول عن عبد الله بن مسعود، وفعله الحسن بن عبيد الله، وزر، وقال الثوري

ذِكْرُ الْقَوْمِ تَفُوتُهُمُ الْجُمُعَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْمِ تَفُوتُهُمُ الْجُمُعَةُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلُّونَ جَمَاعَةً، -[108]- رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَزِرٌّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: رُبَّمَا فَعَلْتُهُ أَنَا، وَالْأَعْمَشُ

1858 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: " صَلَّيْتُ أَنَا وَزِرٌّ، فَأَمَّنِي وَفَاتَتْنَا الْجُمُعَةُ، فَسَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدُ، قَالَ سُفْيَانُ: رُبَّمَا فَعَلْتُهُ أَنَا، -[109]- وَالْأَعْمَشُ " وَبِهِ قَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا أَكْرَهُ جَمْعَهَا إِلَّا أَنْ يَجْمَعَهَا اسْتِخْفَافًا بِالْجُمُعَةِ، أَوْ رَغْبَةً عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ، وَآمُرُ أَهْلَ السِّجْنِ، وَأَهْلَ الصِّنَاعَاتِ مِنَ الْعَبِيدِ أَنْ يُجَمِّعُوا، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَرَى الْقَوْمَ يَفُوتُهُمُ الْجُمُعَةُ، أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً. وَقَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ فِيمَنْ حُبِسَ، وَالْمَرْضَى: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً الظُّهْرَ، وَكَانَ مَالِكٌ يُرَخِّصُ لِأَهْلِ السِّجْنِ، وَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرْضَى أَنْ يُجَمِّعُوا، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْقَوْمِ تَفُوتُهُمُ الْجُمُعَةُ، فَحَكَى بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شَاءُوا صَلَّوْا فُرَادَى، وَإِنْ شَاءُوا جَمَاعَةً، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَلُّونَ إِلَّا أَفْذَاذًا. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلِّيَ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ جَمَاعَةً، وَمِمَّنْ رُوِيَ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالنُّعْمَانِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا مَعْنَى لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَيُرْجَى لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ، فَضْلُ الْجَمَاعَةِ

1859 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءً»

ذكر الرجل يصلي الظهر، وعليه فرض الجمعة قبل صلاة الإمام قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الذي لا عذر له يصلي الظهر قبل صلاة الإمام يوم الجمعة، فقالت طائفة: لا يجزيه، وعليه إن لم يأت الجمعة أن يعيدها ظهرا، هذا قول الثوري، والشافعي، وقال أحمد: آمره

ذِكْرُ الرَّجُلِ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَعَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيِهِ، وَعَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ الْجُمُعَةَ أَنْ يُعِيدَهَا ظُهْرًا، هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: آمُرُهُ يُعِيدُ، وَالْفَرْضُ الَّذِي صَلَّى فِي بَيْتِهِ إِذَا كَانَ إِمَامٌ يُؤَخِّرُ الْجُمُعَةَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يُعَجِّلُ الْجُمُعَةَ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ، وَكَانَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ يَقُولُ فِيمَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ انْتَهَى الْإِمَامُ، فَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا، أَوْ هُمْ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: يُصَلِّي مَعَهُمْ، يَصْنَعُ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ النُّعْمَانُ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي الظُّهْرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ يُرِيدُ الْجُمُعَةَ، قَالَ: قَدِ انْتَقَضَتْ جُمُعَةُ الظُّهْرِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ، وَيَعْقُوبِ: لَا تِنْتَقَضُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي الْجُمُعَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَيَعْقُوبَ قَوْلٌ رَابِعٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ، قَالَ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ

بَعْدَ الزَّوَالِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ، وَكَانَتْ لَهُ نَافِلَةً، وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ آخِرُ قَوْلَيْهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَلَّى الظُّهْرَ صَلَّى مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْجُمُعَةُ، لَا الظُّهْرُ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِذَا فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ صَلَّى حِينَئِذٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَكُلُّ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مِنَ الْمَرْضَى، وَالْمُسَافِرِينَ، وَالنِّسَاءِ، وَالْعَبِيدِ الَّذِينَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ، وَصَلَّى مَعَهُ، فَهِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ

ذكر الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة، ثم يفترقون عنه اختلف أهل العلم في الإمام يفتتح بالجماعة الجمعة، ثم يفترقون عنه، فقالت طائفة: إذا خطب الإمام، ثم نزل فكبر ففزع الناس خلفه، فذهبوا إلا رجلين صلى ركعتين، وإن بقي معه رجل واحد صلى أربعا، هكذا قال

ذِكْرُ الْإِمَامِ يَفْتَتِحُ بِالْجَمَاعَةِ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ يَفْتَرِقُونَ عَنْهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ يَفْتَتِحُ بِالْجَمَاعَةِ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ يَفْتَرِقُونَ عَنْهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا خَطَبَ الْإِمَامُ، ثُمَّ نَزَلَ فَكَبَّرَ فَفَزِعَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَذَهَبُوا إِلَّا رَجُلَيْنِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ صَلَّى أَرْبَعًا، هَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ إِذَا كَانَ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي 1860 - حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، -[112]- وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْفَتَلَ النَّاسُ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] الْآيَةَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إِخْبَارِهِ أَنْ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ إِذَا خَطَبَ بِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ الصَّلَاةَ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْهُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا وَاحِدٌ، أَوْ كَانَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهِيَ لَهُ وَلَهُمْ جُمُعَةٌ، هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: وَإِنِ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ، وَذَلِكَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا صَلَّى الْجُمُعَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا خَطَبَ بِأَرْبَعِينَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا إِنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ، فَصَلَّى الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُجْزِيهِ بِحَالٍ، حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ حِينَ يَدْخُلُ، وَحِينَ يُكْمِلُ الصَّلَاةَ. وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَفِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ، وَإِنِ انْفَضُّوا عَنْهُ إِلَّا رَجُلَيْنِ، وَهُوَ الثَّالِثُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ وَآخَرُ لَمْ يُجْزِهِ. وَكَانَ الْمُزَنِيُّ يَقُولُ: وَالَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بِهِ عِنْدِي إِنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ انْفَضُّوا عَنْهُ صَلَّى أُخْرَى مُنْفَرِدًا، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّهُ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ أَحْدَثَ، بَنَوْا وُحْدَانًا رَكْعَةً، وَأَجْزَأَتْهُمْ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، فَنَفَرَ النَّاسُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ، قَالَ: يَسْتَقْبِلُ الظُّهْرَ، وَإِنْ نَفَرَ النَّاسُ عَنْهُ بَعْدَمَا رَكَعَ، وَسَجَدَ سَجْدَةً بَنَى عَلَى -[113]- الْجُمُعَةِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: إِذَا افْتَتَحَ الْجُمُعَةَ، وَهُمْ مَعَهُ، ثُمَّ نَفَرَ النَّاسُ وَذَهَبُوا صَلَّى الْجُمُعَةَ عَلَى حَالِهِ

ذكر أهل القرية لا يحضرهم، أو غاب الأمير، أو استقبل وقت الصلاة، فصلوا الجمعة بغير أمير قال أبو بكر: مضت السنة بأن الذي يقيم الجمعة السلطان، أو من قام بها بأمر السلطان. واختلفوا في الجمعة تحضر، وليس بحضرتهم وال، فقالت طائفة: يصلون ظهرا أربعا هذا

ذِكْرُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَحْضُرُهُمْ، أَوْ غَابَ الْأَمِيرُ، أَوِ اسْتُقْبِلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَصَلَّوَا الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ أَمِيرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَضَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْجُمُعَةَ السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ قَامَ بِهَا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُمُعَةِ تَحْضُرُ، وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِمْ وَالٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلُّونَ ظُهْرًا أَرْبَعًا هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يَقُولُ: لَا يُقِيمُ الْجُمُعَةَ إِلَّا مَنْ أَقَامَ الْحُدُودَ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَرْبَعٌ إِلَى السُّلْطَانِ الْحُدُودُ، وَالْجُمُعَةُ، وَالزَّكَاةُ، وَنَسِيَ الرَّاوِيُّ الْحَدِيثَ الرَّابِعَ، وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: لَا تَكُونُ الْجُمُعَةُ إِلَّا بِأَمِيرٍ وَخُطْبَةٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي بِهِمْ بَعْضُهُمْ، وَتُجْزِيهِمْ جُمُعَتُهُمْ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَقَدْ صَلَّى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بِالنَّاسِ حِينَ أَخْرَجُوا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَصَلَّى ابْنُ مَسْعُودٍ بِالنَّاسِ لَمَّا أَبْطَأَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ الْخُرُوجَ، وَصَلَّى عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، وَأَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدٌ حِينَ قُتِلَ الْأُمَرَاءُ، وَلَمْ يَكُنْ أَمِيرًا يَقُومُ لِلنَّاسِ بِأَمْرِهِمْ

ذكر وجوب حضور الجمعة مع الأئمة الجورة، والصلاة خلفهم قال الله جل ذكره: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية. فظاهر هذه الآية توجب السعي إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة في كل وقت وزمان، ليس لأحد أن يستثني وقتا دون

ذِكْرُ وُجُوبِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْأَئِمَّةِ الْجَوَرَةِ، وَالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ.

فَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ تُوجِبُ السَّعْيَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، وَلَا إِمَامًا دُونَ إِمَامٍ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: إِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْسَنِ مَا عَمِلَ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنُوا، فَأَحْسِنْ، وَإِذَا أَسَاءُوا، فَلَا تُسِئْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، وَاعْتَزَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنًى فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَصَلَّى مَعَ الْحُجَّاجِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصَّلَاةُ حَسَنَةٌ لَا أُبَالِي مَنْ يُشَارِكُنِي فِيهَا، وَالْأَخْبَارُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ تَكْثُرُ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ كُلِّ إِمَامٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ، بَرًّا كَانَ، أَوْ فَاجِرًا، مَا دَامُوا يُصَلُّونَهَا لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْنَا الْجُمُعَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْ يُصَلِّي بِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، فَنَحْنُ نَسْعَى كَمَا أَمَرَنَا اللهُ

1861 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، قَالَ: " أَتَيْتُ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ، وَتَقَدَّمَ رَجُلٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ وَقَعُوا فِي فِتْنَةٍ، فَأُصَلِّي مَعَهُمْ؟، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْسَنِ مَا عَمِلَ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنُوا فَأَحْسِنْ، وَإِنْ أَسَاءُوا، فَلَا تُسِئْ "

1862 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى أَزْهَرَ، قَالَ: «شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ»

1863 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «اعْتَزَلَ بِمِنًى فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَجَّاجُ بِمِنًى فَصَلَّى مَعَ الْحَجَّاجِ»

1864 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «الصَّلَاةُ حَسَنَةٌ لَا أُبَالِي مَنْ شَارَكَنِي فِيهَا»

1865 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَدِيٍّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا أَبُو الْمُثَنَّى، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَنْ مُسْلِمٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَجَّاجُ يُحَاصِرُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ عَبْدِ اللهِ سَمِعَ أَذَانَ مُؤَذِّنِ الْحَجَّاجِ، انْطَلَقَ فَصَلَّى مَعَ الْحَجَّاجِ، فَقِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: تُصَلِّي مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: إِذَا دَعَوْنَا إِلَى اللهِ أَجَبْنَاهُمْ، وَإِذَا دَعَوْنَا إِلَى الشَّيْطَانِ تَرَكْنَاهُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، وَمَا تَعْنِي الشَّيْطَانَ؟ قَالَ: الْقِتَالُ "

ذكر صلاة الجمعة في مكانين من المصر اختلف أهل العلم في الجمعة تصلى في مكانين من المصر، فقالت طائفة: لا جمعة إلا في المسجد الأكبر، كان ابن عمر يقول: لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي يصلي فيه الإمام

ذِكْرُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي مَكَانَيْنِ مِنَ الْمِصْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجُمُعَةِ تُصَلَّى فِي مَكَانَيْنِ مِنَ الْمِصْرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ، كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْإِمَامُ

1866 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْإِمَامُ» وَسُئِلَ مَالِكٍ، عَنْ إِمَامِ بَلَدٍ نَزَلَ فِيهَا فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، فَصَلَّى بِمَكَانِهِ الْجُمُعَةَ، وَاسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً عَلَى الْعَصَبَةِ، فَصَلَّى بِهِمْ، فَتَكُونُ جُمْعَتَانِ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى الْجُمُعَةَ إِلَّا لِأَهْلِ الْعَصَبَةِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي مَوْضِعِهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ جَمَعَ أَوَّلًا بَعْدَ الزَّوَالِ، فَهِيَ الْجُمُعَةُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: الِاحْتِيَاطُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَ مَنْ جَمَعَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ إِنْ جَمَعَ مَعَ الثَّانِي لَمْ يُجْزِهِ فِي قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى فِي الْمِصْرِ إِلَّا جُمُعَةً. وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُجَمَّعُ فِي مَكَانَيْنِ فِي مِصْرٍ، وَحُكِيَ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ بَغْدَادَ، وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَمْصَارِ بِالنَّهَرِ الَّذِي يَشُقُّهَا، فَأَجَازَ أَنْ يُجَمَّعَ بِبَغْدَادَ فِي الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا، وَأَبَى أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمُدُنِ. وَأَنْكَرَ غَيْرُهُ مَا قَالَ، وَقَالَ: بَغْدَادَ مِصْرٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ إِحْدَى الْجَانِبَيْنِ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، حَتَّى يُفَارِقَ بُيُوتَ بَغْدَادَ؟، وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ فِي إِحْدَى الْجَانِبَيْنِ أَنْ لَا يَبِيتَ بِبَغْدَادَ حَنِثَ إِنْ بَاتَ فِي أَيِ الْجَانِبَيْنِ بَاتَ مِنْهَا؟ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلَّى إِلَّا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمْ تَكُنْ تُصَلَّى فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، إِلَّا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُعَطَّلُ سَائِرُ الْمَسَاجِدِ، وَفِي تَعْطِيلِ النَّاسِ الصَّلَاةَ فِي مَسَاجِدِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَاجِتِمَاعِهِمْ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ خِلَافُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلَّى إِلَّا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَوْلٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ، أَرَأَيْتَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ لَا يَسَعُهُمُ الْمَسْجِدُ الْأَكْبَرُ، كَيْفَ يَصْنَعُونَ؟، قَالَ: لِكُلِّ قَوْمٍ مَسْجِدٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، قُلْتُ: الْحَقُّ عَلَيْهِمُ التَّجْمِيعُ فِي مَسَاجِدِهِمْ، ثُمَّ يُجْزِي ذَلِكَ -[117]- عَنْهُمْ مِنَ التَّجْمِيعِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ إِذَا لَمْ يُسْعْهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ حَسَنٌ

ذكر صلاة الجمعة بعد خروج الوقت اختلف أهل العلم في إمام دخل في صلاة الجمعة، فلم يكملها حتى دخل وقت العصر، فكان الشافعي يقول: يجعلها ظهرا، ولا يجزيه أن يتمها جمعة، وقال النعمان: لو قعد في الثانية، وتشهد ثم دخل وقت العصر، فعليهم أن يستقبلوا الظهر

ذِكْرُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِمَامٍ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَلَمْ يُكْمِلْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يَجْعَلُهَا ظُهْرًا، وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً، وَقَالَ النُّعْمَانُ: لَوْ قَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ، وَتَشَهَّدَ ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الظُّهْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: صَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ إِذَا كَانَ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِالنَّاسِ، حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْجُمُعَةَ، مَا لَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ، هَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ صَاحِبِ مَالِكٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي إِمَامٍ صَلَّى الْجُمُعَةَ، فَلَمَّا تَشَهَّدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، قَالَ: تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْمَقْصُورَةِ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَسَالِمٌ، وَنَافِعٌ يَرَوْنَ ذَلِكَ.

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَقْصُورَةِ يَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْصُورَةِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَابْنُ مُحَيْرِيزٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، إِلَّا أَنَّ إِسْحَاقَ، قَالَ: إِنْ صَلَّى فِيهَا جَازَ

1867 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي الْمَقْصُورَةِ الْمَكْتُوبَةَ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثُمَّ يَخْرُجُ عَلَيْنَا مِنْهَا»

1868 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عِيسَى، عَنْ -[119]- نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ «كَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ فِي الْمَقْصُورَةِ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ فِيهَا جَائِزَةٌ، وَلَيْسَ فِي خُرُوجِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الْمَقْصُورَةِ، وَلَا فِي كَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُصَلِّيًا لَوْ صَلَّى فِيهَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُمْ، وَلَا حُجَّةَ تُوجَدُ تُبْطِلُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى فِيهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد اختلف أهل العلم في الصلاة في الرحاب المتصلة بالمسجد، فقالت طائفة: لا جمعة إن لم يصل في المسجد، كذلك قال أبو هريرة، وقيس بن عباد

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الرِّحَابِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ فِي الرِّحَابِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا جُمُعَةَ إِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ

1869 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ لِمْ يُصَلِّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا جُمُعَةَ لَهُ»

1870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: «لَا جُمُعَةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الصَّلَاةُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ، رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي الْبَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَرَى رُكُوعَهُمْ وَسُجُودَهُمْ، وَجَمَّعَ أَنَسٌ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ فِي دَارِ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، بَيْتٌ يُشْرِفُ عَلَى الْمَسْجِدِ لَهُ بَابٌ إِلَى الْمَسْجِدِ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ

1871 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَبَلَةُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ فِي الْبَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَرَى رُكُوعَهُمْ، وَسُجُودَهُمْ»

1872 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَبَلَةُ بْنُ أَبِي سَلْمَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، يُشْرِفُ عَلَى الْمَسْجِدِ لَهُ بَابٌ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَكَانَ يُجْمِعُ فِيهِ وَيَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ» وَمِمَّنْ رَأَى الصَّلَاةَ فِي السُّدَّةِ عُرْوَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ الصَّلَاةَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الصَّلَاةِ فِي -[121]- مَجَالِسِ حَوَانِيتِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَوُصِفَتْ لَهُ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَرَآَهَا مِثْلَ أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ، إِذَا صَلَّى فِيهَا مِنْ ضِيقِ الْمَسْجِدِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرَى الصَّلَاةَ جَائِزَةً إِذَا صَلَّوْا فِي بُيُوتٍ مُشْرِفِينَ عَلَى الْمَسْجِدِ نَحْوَ بُيُوتِ مَكَّةَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ طَرِيقٌ، وَرَخَّصَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي الصَّلَاةِ فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ أَبُو مِجْلَزٍ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِمَامِ حَائِطٌ: إِذَا كَانَتْ تَسْمَعُ التَّكْبِيرَ أَجْزَأَهَا. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ الْإِمَامِ جَائِزَةً إِذَا صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ رَحْبَةٍ، أَوْ طَرِيقٍ يَتَّصِلُ بِهِ، أَوْ بِرَحْبَتِهِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ، أَوْ مُنْقَطِعَةٌ، فَصَلَاتُهُ تُجْزِيهِ إِذَا عَقَلَ صَلَاةَ الْإِمَامِ، بِأَحَدِ مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ تَكْبِيرَهُ، أَوْ يَرَى رُكُوعَهُ، وَسُجُودَهُ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْمُصَلِّي عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْإِمَامِ حَائِلٌ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، إِلَّا أَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ حَائِطٌ، قَالَ: يُجْزِيهِ، فَإِنْ كَانَ طَرِيقًا رَفِيعَ النَّاسِ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ قَوْمٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، صُفُوفًا مُتَّصِلَةً، فَإِنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: فِي أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ يُرِيدُ أَهْلُ إِحْدَى تِلْكَ السَّفِينَتَيْنِ أَنْ يَأْتَمُّوا بِإِمَامِ الْأُخْرَى، فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ السَّفِينَتَيْنِ فُرْجَةٌ قَدْرُ مَوْضِعِ فُرْجَةٍ أُخْرَى إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَمَامَ الْأُخْرَى، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، فَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ، -[122]- وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَفْعَلَانِهِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَمَامَ الْإِمَامِ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِيمَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ: يُعِيدُ إِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ

1873 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِظَهْرِ الْبِنَاءِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ، فَيُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ مَعَنَا "

ذكر القنوت في الجمعة اختلف أهل العلم في القنوت في الجمعة، فكرهت طائفة القنوت في الجمعة، وممن كان لا يقنت في صلاة الجمعة علي بن أبي طالب، والمغيرة بن شعبة، والنعمان بن بشير، وبه قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق

ذِكْرُ الْقُنُوتِ فِي الْجُمُعَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ فِي الْجُمُعَةِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْقُنُوتَ فِي الْجُمُعَةِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: بَنُو أُمَيَّةَ -[123]- كَانَتْ تَقْنُتُ

1874 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيٍّ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، فَلَمْ يَكُونُوا يَقْنُتُونَ فِي الْجُمُعَةِ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: قَنَتَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ حِينَ قَضَى الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ، وَالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَكُلِّ صَلَاةٍ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ

جماع أبواب الصلاة بعد صلاة الجمعة

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

ذكر الفصل بين صلاة الجمعة، وبين التطوع بعدها بكلام، أو خروج

ذِكْرُ الْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بَعْدَهَا بِكَلَامٍ، أَوْ خُرُوجٍ

1875 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: " صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُمْتُ فِي مَقَامِي، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: لَا تَعُدْ لِمِثْلِ مَا فَعَلْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ، فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ، أَوْ تَخْرُجَ؛ فَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فَدَفَعَهُ، وَقَالَ: أَتُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا؟ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَ: -[124]- هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فَدَفَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا؟، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ صَلَّى فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

ذكر استحباب تطوع الإمام بعد الجمعة بركعتين في بيته

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَطَوُّعِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ

1877 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ مِثْلَهَا فِي الْعَدَدِ

ذكر الأمر بأن يتطوع المرء بعد الجمعة بأربع ركعات

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَرْءُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ

1878 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا»

ذكر الدليل على أن الأمر بأن يصلي بعد الجمعة أربعا، إنما هو لمن أراد ذلك، وعلى أن ذلك غير واجب

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَعَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ

1879 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ

1880 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ، قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَرْبَعًا، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا

1881 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا، حَتَّى جَاءَنَا عَلِيٌّ، فَأَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَرْبَعًا، وَبِهِ نَأْخُذُ

1882 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ مَرَّةٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ الْجُمُعَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ، قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ»

1883 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ سِتًّا» وَرُوِّينَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّكَ تُصَلِّي إِلَى الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَتَجَعَلُهُمَا أَرْبَعًا، قَالَ: لَأَنْ يَخْتَلِفَ التَّنَازُلُ بَيْنَ أَضْلَاعِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْمُقْبِلَةُ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ احْتَبَى، فَلَمْ يَقُمْ لِلصَّلَاةِ، حَتَّى نُودِيَ لِلْعَصْرِ

1884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: تَدْرِي مَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَ: وَمَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُصَلِّي إِلَى الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَتَجْعَلُهُمَا أَرْبَعًا، فَقَالَ: لَأَنْ يَخْتَلِفَ التَّنَازُلُ بَيْنَ أَضْلَاعِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْمُقْبِلَةُ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ احْتَبَى، فَلَمْ يَقُمْ لِلصَّلَاةِ، حَتَّى نُودِيَ بِالْعَصْرِ "

1885 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ دِعْلُوقٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ: " سَأَلْتُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَنْ رَكْعَتَيِ الْجُمُعَةِ، -[127]- أَقَاضِيَتَيْنِ مِمَّا سِوَاهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ " وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ هَكَذَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا، وَيُصَلِّي أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، بِتَسْلِيمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ

ذكر ما يقرأ به في صلاة الفجر يوم الجمعة

ذِكْرُ مَا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

1886 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ»

مسائل اختلف أهل العلم في إمامة العبد، فقالت طائفة: للعبد أن يؤم في الجمعة، هذا قول الشافعي، وأبي ثور، ويجزي عند الكوفيين أن يأمر الإمام عبدا، أو مسافرا أن يؤم في الجمعة. وقال مالك: العبد لا يؤم في العيد، والجمعة. قال أبو بكر: قول الشافعي حسن.

مَسَائِلُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِمَامَةِ الْعَبْدِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لِلْعَبْدِ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمُعَةِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَيُجْزِي عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ عَبْدًا، أَوْ مُسَافِرًا أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمُعَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْعَبْدُ لَا يَؤُمُّ فِي الْعِيدِ، وَالْجُمُعَةِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ حَسَنٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي رَجُلٍ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَدْرِ أَهِيَ الْجُمُعَةُ أَمِ الظُّهْرُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا هِيَ الْجُمُعَةُ، أَوْ إِذَا هِيَ الظُّهْرُ؟، فَفِي قَوْلِ النُّعْمَانِ، وَأَصْحَابِهِ: يُجْزِي ذَلِكَ عَنِ الْمَأْمُومِ إِذَا نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ. وَلَا يُجْزِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، حَتَّى يَنْوِيَهَا بِعَيْنِهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَذْكُرُ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَفِي قَوْلِ النُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ: يَنْصَرِفُ فَيُصَلِّي الْغَدَاةَ، فَإِذَا فَرَغَ بِهَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، إِنْ أَدْرَكَهَا، وَإِلَّا صَلَّى ظُهْرًا أَرْبَعًا. وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إِذَا خَافَ فَوْتَهَا، ثُمَّ يَقْضِي الصَّلَاةَ الَّتِي ذَكَرَ، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ , وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يُتِمُّ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ

كتاب الإمامة

كِتَابُ الْإِمَامَةِ

ذكر فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ

ذِكْرُ فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ

1887 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»

1888 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، إِذْ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَفْيُ الْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي الْجَمِيعِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً» ، بِخِلَافٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ يَقَعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ، وَهَذَا مُجْمَلٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُفَسِّرٌ

ذكر فضل صلاة العشاء، والفجر في جماعة

ذِكْرُ فَضْلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ

1889 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: -[132]- قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ»

ذكر الحث على شهود العشاء، والصبح، ولو حبوا على الركب

ذِكْرُ الْحَثِّ عَلَى شُهُودِ الْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ، وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الرُّكَبِ

1890 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، قَالَ: ثنا سُمَيٌّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي شُهُودِ الْعَتَمَةِ، وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا، وَلَوْ حَبْوًا»

ذكر إيجاب حضور الجماعة على العميان، وإن بعدت منازلهم عن المسجد، ويدل ذلك على أن شهود الجماعة فرض لا ندب

ذِكْرُ إِيجَابِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْعِمْيَانِ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَنَازِلُهُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ فَرْضٌ لَا نَدَبٌ

1891 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَ: " خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَى فِي النَّاسِ قِلَّةً، فَقَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقُ، فَلَا أَجِدُ رَجُلًا مُتَخَلِّفًا فِي بَيْتِهِ إِلَّا أَحْرَقْتُهُ عَلَيْهِ» ، فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ نَخْلٌ، وَشَجَرٌ، فَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي؟، قَالَ: «تَسْمَعُ الْإِقَامَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَائْتِهَا»

1892 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، أَنَّهُ قَالَ: " يَا رَسُولَ اللهِ: هَلْ لِي مِنْ رُخْصَةٍ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي؟، قَالَ: «تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَلَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً»

1893 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ أَعْمَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ، وَقَالَ: لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَفَعَلَ لَهُ، وَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى رَدَّهُ، قَالَ: " هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ: " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ»

ذكر التغليظ في ترك شهود العشاء

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ شُهُودِ الْعِشَاءِ

1894 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ، فَيَحْتَطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا، فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يُجِدُ عَظْمًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ»

ذكر تخوف النفاق على تارك شهود العشاء، والصبح في جماعة، وأن هاتين الصلاتين أثقل الصلاة على المنافقين

ذِكْرُ تَخَوُّفِ النِّفَاقِ عَلَى تَارِكِ شُهُودِ الْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، وَأَنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ

1895 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا عَنْتَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا صَلَاةٌ أَثْقَلُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا، وَلَوْ حَبْوًا» . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا الظَّنَّ بِهِ

1896 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، فَمِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهُوَ ضَرِيرٌ: «لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» ، فَإِذَا كَانَ الْأَعْمَى كَذَلِكَ، لَا رُخْصَةَ لَهُ، فَالْبَصِيرُ أَوْلَى بِأَنْ لَا تَكُونَ لَهُ رُخْصَةٌ، وَفِي اهْتِمَامِهِ بِأَنْ يُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ تَخَلَّفُوا عَنِ الصَّلَاةِ بُيُوتَهُمْ أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحَرِّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَخَلَّفَ عَلَى نَدْبٍ، وَعَمَّا لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

1897 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا -[135]- شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ: " أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَمَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَوْ كَانَ الْمَرْءُ مُخَيَّرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ إِتْيَانِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْضِيَ مَنْ تَخَلَّفَ عَمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَهُ، وَلَمَّا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبُ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] الْآيَةَ، فَفِي أَمْرِ اللهِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبِ، وَالْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَبْوَابِ الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ لِأَصْحَابِ الْعُذْرِ تَدُلُّ عَلَى فَرْضِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، إِذْ لَوْ كَانَ حَالُ الْعُذْرِ، وَغَيْرُ حَالِ الْعُذْرِ سَوَاءً، لَمْ يَكُنْ لِلتَّرْخِيصِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا فِي أَبْوَابِ الْعُذْرِ مَعْنًى، وَدَلَّ عَلَى تَأْكِيدِ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ»

1898 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ مَرْفُوعٍ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمَّنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ تَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ، وَذَمِّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا. -[136]- رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُ رَأْسَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يُجِبْ لَمْ يُرِدْ خَيْرًا، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ تَمْتَلِئَ أُذُنَا ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا عَذَابًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَا يُجِيبَهُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ لَا يَشْهَدُ جُمُعَةً، وَلَا جَمَاعَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي النَّارِ

1899 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ»

1900 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ»

1901 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ، لَمْ تُجَاوِزْ صَلَاتُهُ رَأْسَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ»

1902 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، أَظُنُّهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ»

1903 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طِهْمَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يُجِبْ، فَلَمْ يُرِدْ خَيْرًا، وَلَمْ يُرَدْ لَهُ»

1904 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يُجِبْ، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ»

1905 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُضَيْرٍ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ أُذُنَا ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا عَذَابًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَا يُجِيبَهُ»

1906 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: رَجُلٌ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، لَا يَشْهَدُ جُمُعَةً، وَلَا جَمَاعَةً أَيْنَ هُوَ؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي النَّارِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُوَ فِي النَّارِ، قَالَ: فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ لَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي النَّارِ "

1907 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ فِي الْحَضَرِ، وَالْقَرْيَةِ رُخْصَةٌ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فِي أَنْ يَدَعَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا طَاعَةَ لِلْوَالِدَيْنِ فِي -[138]- تَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَاتِ، سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ عُلِمَ يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ، أَيْ: رَجُلُ سُوءٍ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ، لَا يَسَعُ أَحَدًا تَرْكُهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ تَعَذَّرَ بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَكَرَ اللهُ الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 58] الْآيَةَ، وَقَالَ: وَ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، وَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، فَأَشْبَهَ مَا وَصَفْتُ أَنْ لَا يَحِلُّ تَرْكُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ، حَتَّى لَا يُخَلَّى جَمَاعَةٌ مُقِيمُونَ، وَلَا مُسَافِرُونَ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِمْ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، فَلَا أُرَخِّصُ لِمَنْ قَدُرُ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي تَرْكِ إِتْيَانِهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَإِنْ تَخَلَّفَ أَحَدٌ، فَصَلَّاهَا مُنْفَرِدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا صَلَّاهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَهَا، إِلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ عَلَى مَنْ صَلَّاهَا ظُهْرًا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَعَادَهَا؛ لِأَنَّ إِتْيَانَهَا فَرْضٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي ذَمِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَغَيْرِهِمُ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ، وَقَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا، وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ، بَيَانُ مَا قُلْنَاهُ، وَلَوْ كَانَ حُضُورُ الْجَمَاعَاتِ نَدْبًا مَا لَحِقَ الْمُتَخَلِّفَ عَنْهَا ذَمٌّ، وَاللهُ أَعْلَمُ

جماع الخصال التي من أجلها يسع التخلف عن الجماعات قال أبو بكر: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتخلف عن الجماعة ولا اختلاف أعلمه بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعة من أجل المرض.

جِمَاعُ الْخِصَالِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يُسَعُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَاتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَلَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ.

1908 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى خَلْفَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَجْمَعَ فِي مَنْزِلِهِ جَمَاعَةً إِذَا لَمْ يَجِدِ السَّبِيلَ إِلَى حُضُورِ الْمَسْجِدِ، وَعَلَى أَنَّ الْإِيمَاءَ إِذَا فُهِمَ عَنِ الْمُوِمِئِ يَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْهَمَ النَّاسَ بِالْإِيمَاءِ لِلْجُلُوسِ، فَفَهِمُوا عَنْهُ مَا أَرَادَ، وَجَلَسُوا، وَكُلُّ مَنْ أَوْمَى بِإِيمَاءٍ فَفُهِمَ عَنْهُ لَزِمَهُ مَا أَوْمَى بِهِ، وَفُهِمَ عَنْهُ، وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

الرخصة في ترك الجماعة عند حضور العشاء

الرُّخْصَةُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ حُضُورِ الْعَشَاءِ

1909 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، -[140]- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَمِمَّنْ كَانَ مَذْهَبُهُ الْقَوْلَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كُنْتُ مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَرِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى طَعَامٍ، فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَقُمْتُ، فَقَالُوا: أَفُتْيَا عِرَاقِيَّةٌ؟ وَمَنَعُونِي. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ لِلْمُؤَذِّنِ: لَا تُعَجِّلْ بِالْإِقَامَةِ، لَا نقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَفِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْءٌ.

1910 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَرِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى طَعَامٍ، فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَقُمْتُ، فَقَالُوا: أَفُتْيَا عِرَاقِيَّةٌ؟ وَمَنَعُونِي

1911 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبْسِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَسَارُ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْمُرُنَا: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَالطَّعَامُ، فَابْدَءُوا بِالطَّعَامِ

1912 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عِيَاضٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ يُقَرَّبُ إِلَيْهِ عَشَاؤُهُ، فَيَسْمَعُ الْإِقَامَةَ، وَهُوَ يَتَعَشَّى، فَلَا يُعَجِّلُ عَنْ عَشَائِهِ، حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ

1913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ زِيَادٍ، أَوْ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكِلَاهُمَا يَأْكُلَانِ طَعَامًا فِي التَّنُّورِ سَوَاءً، فَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تُعَجِّلْ بِالْإِقَامَةِ، لَا نَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَفِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْءٌ. وَمِمَّنْ كَانَ مَذْهَبُهُ الْقَوْلَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ: أَمَّا إِذَا لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا، فَلَا يَقُومُ، وَإِمَّا إِذَا أَصَابَ مِنْهُ، فَعَلَى حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دُعِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَلْقَى السِّكِّينَ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: أَكْرَهُ أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ فِي طَعَامِهِ بِحَضْرَةِ الصَّلَاةِ، وَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا خَفِيفًا مِثْلَ شُرْبَةِ السَّوِيقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِذَا حَضَرَ عَشَاءُ الصَّائِمِ، أَوِ الْمُفْطِرِ، أَوْ طَعَامُهُ، وَبِهِ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، أَرْخَصْتُ لَهُ فِي تَرْكِ إِتْيَانِ الْجَمَاعَةِ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِطَعَامِهِ إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إِلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إِلَيْهِ تَرَكَ الْعَشَاءَ، وَإِتْيَانُ الصَّلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِظَاهِرِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ يَسْتَعْمِلُهُ

1914 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، -[142]- قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ أَحْيَانًا نَلْقَاهُ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَيُقَدَّمُ لَهُ الْعَشَاءُ، وَقَدْ نُودِيَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ تُقَامُ، وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَا يَتْرُكُ عَشَاءَهُ، وَلَا يُعَجِّلُ، حَتَّى يَقْضِيَ عَشَاءَهُ، ثُمَّ يَخْرُجَ، فَيُصَلِّيَ، وَيَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا تُعَجِّلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ، إِذَا قُدِّمَ إِلَيْكُمْ»

ذكر الرخصة للعميان في ترك الجماعة

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ لِلْعُمْيَانِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ

1915 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ رَبِيعٍ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ، وَهُوَ أَعْمَى، وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ، وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا اتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ؟» فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر الرخصة في التخلف عن الجماعة إذا كان المرء حاقنا

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ الْمَرْءُ حَاقِنًا

1916 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَرْقَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ، فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ»

إباحة ترك الجماعة في السفر، والأمر بالصلاة في الرحال في الليلة المطيرة أو الباردة

إِبَاحَةُ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي السَّفَرِ، وَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ أَوِ الْبَارِدَةِ

1917 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ، أَذَّنَ لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ بِضُجْنَانِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا فَيُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، أَوِ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ

ذكر النهي عن إتيان الجماعة لآكل الثوم

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْجَمَاعَةِ لِآكِلِ الثُّومِ

1918 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، يَعْنِي الثُّومَ، فَلَا يُؤْذِنَا فِي مَسْجِدِنَا»

ذكر النهي عن إتيان الجمعة لآكل البصل

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ لِآكِلِ الْبَصَلِ

1919 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي -[144]- عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا، أَوْ ثُومًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ»

1920 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، قَالَ مَرَّةً: الثُّومِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ الثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ فِي مَسْجِدِنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى بَنُو آدَمَ أَوْ قَالَ: الْإِنْسُ "

الدليل على أن المنهي عنه النيئ غير المطبوخ

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ النَّيِّئُ غَيْرُ الْمَطْبُوخِ

1921 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ، قَدْ كُنْتُ أَرَى الرَّجُلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجَدُ رِيحُهَا مِنْهُ، فَيُؤْخَذُ بِيَدِهِ، فَيَخْرُجُ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ كَانَ آكِلَهَا لَابُدَّ، فَلْيُمِتْهَا طَبْخًا: الثُّومُ وَالْبَصَلُ

أبواب فضل المشي إلى المساجد

أَبْوَابُ فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ

ذكر فضل المشي إلى الجماعة متوضيا وما يرجى فيه من المغفرة

ذِكْرُ فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْجَمَاعَةِ مُتَوَضِّيًا وَمَا يُرْجَى فِيهِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ

1922 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو رَجَاءٍ، قَالَا: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ فَصَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ»

ذكر حط الخطايا، ورفع الدرجات بالمشي إلى الصلاة متوضيا، وفضل الجلوس في المسجد، ودعاء الملائكة له ما لم يؤذ أو يحدث

ذِكْرُ حَطِّ الْخَطَايَا، وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ بِالْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ مُتَوَضِّيًا، وَفَضْلِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ، وَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يُحْدِثْ

1923 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، وَأَتَى الْمَسْجِدَ، لَا يَأْتِيهِ إِلَّا لِلصَّلَاةِ، لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، أَوْ حُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ، فَإِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي -[146]- صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُؤْذِ، أَوْ يُحْدِثْ "

ذكر الأمر بالسكينة في المشي إلى الصلاة، والنهي عن السعي إليها

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَالنَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ إِلَيْهَا

1924 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ، فَامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»

1925 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَلَكِنِ ائْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَرُئِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ اشْتَدَّ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: بَادَرْتُ حَدَّ الصَّلَاةِ يَعْنِي التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى

1926 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، يَقُولُ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيَّ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَهَابُهُ أَنْ أَرْفَعَ يَدَهُ عَنِّي، وَجَعَلَ يُقَارِبُ بَيْنَ الْخَطْوِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقَدْ سُبِقْنَا بِرَكْعَةٍ، فَصَلَّيْنَا مَعَ الْإِمَامِ، وَقَضَيْنَا مَا فَاتَنَا، فَقَالَ لِي أَنَسٌ: اعْمَلِ الَّذِي -[147]- صَنَعْتُ بِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَعَلَهُ بِي أَخِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ

1927 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيَمْشِ إِلَيْهَا أَحَدُكُمْ، كَمَا كَانَ يَمْشِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَمَا أَدْرَكَ فَلْيُصَلِّ، وَمَا فَاتَهُ فَلْيُتِمَّهُ

1928 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ إِلَى الْمَسْجِدِ

1929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ طَيِّئٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يَنْهَانَا عَنِ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَخَرَجْتُ لَيْلَةً، فَرَأَيْتُهُ يَشْتَدُّ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتَ تَنْهَانَا عَنِ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَرَأَيْتُكَ اللَّيْلَةَ اشْتَدَدْتَ إِلَيْهَا؟ قَالَ: إِنِّي بَادَرْتُ حَدَّ الصَّلَاةِ. يَعْنِي التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى وَكَانَ الْأَسْوَدُ يُهَرْوِلُ إِذَا ذَهَبَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَسْرَعَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَعَى إِذَا خَافَ فَوَاتَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَمْشِي الْمَرْءُ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى عَادَتِهِ الَّتِي يَمْشِي فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، وَأَغْفَلَ مَنْ قَالَ: يَسْعَى إِذَا خَافَ فَوَاتَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، جَائِزٌ أَنْ يَسْعَى إِذَا خَافَ فَوَاتَ الرُّكُوعِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ ظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ جَائِزٍ

ذكر من أحق بالإمامة

ذِكْرُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ

1930 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَحَقُّ الْقَوْمِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانَ فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا»

ذكر استحقاق الإمامة بكبر السن، إذا استووا في القراءة، والهجرة، والسنة

ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ بِكِبَرِ السِّنِّ، إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالسُّنَّةِ

1931 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا الثَّوْرِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ وَصَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ: «إِذَا سَافَرْتُمَا، فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا»

ذكر إمامة المولى القرشيين إذا كان المولى أكثر جمعا للقرآن منهم

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمَوْلَى الْقُرَشِيِّينَ إِذَا كَانَ الْمَوْلَى أَكْثَرَ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ مِنْهُمْ

1932 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَيْسِيُّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَا: ثنا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ قَبْلَ مَقْدِمِ -[149]- رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» وَكَانَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ فَقَدَّمَ غُلَامًا، فَقِيلَ لَهُ: تُقَدِّمُ غُلَامًا، وَأَنْتَ أَمِيرٌ؟ قَالَ: إِنَّمَا أُقَدِّمُ الْقُرْآنَ

1933 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْأَشْعَثَ، كَانَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، فَقَدَّمَ غُلَامًا وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ، قَالَهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، كَانَ يُقَالُ: يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ، فَإِنْ كَانُوا -[150]- فِي الْفِقْهِ سَوَاءٌ فَأَقْرَؤُهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ فَأَسَنُّهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ أَعْلَمُهُمْ، إِذَا كَانَتْ حَالَتُهُ حَسَنَةٌ؛ وَإِنَّ لِلسِّنِّ لَحَقًّا. قُلْتُ لَهُ: فَأَقْرَؤُهُمْ؟ قَالَ: قَدْ يَقْرَأُ مَنْ لَا يُرِيدُ. أَيْ مَنْ لَا يَرْضَى. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: نَأْمُرُ الْقَوْمَ إِذَا اجْتَمَعُوا أَنْ يُقَدِّمُوا أَفْقَهَهُمْ وَأَقْرَأَهُمْ وَأَسَنَّهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ ذَلِكَ فِي وَاحِدٍ فَإِنْ قَدَّمُوا أَفْقَهَهُمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا يَكْتَفِي فِي الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ قَدَّمُوا أَقْرَأَهُمْ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ مِنَ الْفِقْهِ مَا يَلْزَمُهُ فِي الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَؤُمُّهُمْ أَفْقَهُهُمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْرَؤُهُ كُلَّهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ بِظَاهِرِ خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَجِبُ؛ فَيُقَدِّمُ النَّاسُ عَلَى سَبِيلِ مَا قَدَّمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُجَاوِزُ ذَلِكَ، وَلَوْ قُدِّمَ إِمَامٌ غَيْرُ هَذَا الْمِثَالِ، كَانَتِ الصَّلَاةُ مُجْزِيَةً، وَيُكْرَهُ خِلَافُ السُّنَّةِ

ذكر إباحة إمامة غير المدرك إذا كان أكثر أخذا للقرآن من أصحابه

ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِمَامَةِ غَيْرِ الْمُدْرِكِ إِذَا كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ مِنْ أَصْحَابِهِ

1934 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ تَجُوزُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَقْرِئُ بِهِمْ، فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» . قَالَ: فَكُنْتُ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِمَامَةِ غَيْرِ الْبَالِغِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ -[151]- بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، وَقَدَّمَ الْأَشْعَثَ غُلَامًا فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: إِنَّمَا أُقَدِّمُ الْقُرْآنَ وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ فُنُقَدِّمُهُمْ يُصَلُّونَ لَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَنَعْمَلُ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ وَالْخُشْكَنَانَ

1935 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْأَشْعَثَ، قَدَّمَ غُلَامًا فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ

1936 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ، وَعَبْدُ السَّلَامِ الْعُرَنِيُّ وَغَيْرُهُمَا، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ فَنُقَدِّمُهُمْ، يُصَلُّونَ لَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ وَنَعْمَلُ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ وَالْخُشْكَنَانَ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ جَائِزًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنِ اضْطُرُّوا إِلَيْهِ أَمَّهُمْ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ إِمَامَةَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ كَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ؟ فَقَالَ: دَعْهُ لَيْسَ هُوَ شَيْءٌ بَيِّنٌ حَيْثُ أَنْ نَقُولَ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَوْمًا لَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَؤُمُّهُمُ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ -[152]- عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ

1937 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا تَجْزِيَ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ، وَيَؤُمُّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ آخِرُ قَوْلِهِ، وَكَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: وَمَنْ أَجْزَأَتْ إِمَامَتُهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَجْزَأَتْ إِمَامَتُهُ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ، غَيْرَ أَنِّي أَكْرَهُ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إِمَامَةَ غَيْرِ الْوَالِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِمَامَةُ غَيْرُ الْبَالِغِ جَائِزَةٌ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ وَقَامَ بِهَا لِدُخُولِهِ فِي جُمْلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» لَمْ يَذْكُرْ بَالِغًا وَلَا غَيْرَ بَالِغٍ، وَالْأَخْبَارُ عَلَى الْعُمُومِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا إِلَّا بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ إِجْمَاعٍ، لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يُوجَبُ بِدَفْعِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ» تَقْدِيمُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ إِذَا كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ

ذكر إمامة الأعمى اختلف أهل العلم في إمامة الأعمى فقال كثير منهم: يؤم الأعمى. فممن كان يؤم وهو أعمى ابن عباس، وعتبان بن مالك، وقتادة.

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِمَامَةِ الْأَعْمَى فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: يَؤُمُّ الْأَعْمَى. فَمِمَّنْ كَانَ يَؤُمُّ وَهُوَ أَعْمَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَتَادَةُ.

1938 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى

1939 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي ثوْبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَعْمَى، عَلَى بِسَاطٍ قَدْ طَبَّقَ الْبَيْتَ

1940 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أُصِيبَ أَبْصَارُهُمْ يَؤُمُّونَ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ -[154]- أَهْلِ بَدْرٍ أُصِيبَ أَبْصَارُهُمْ يَؤُمُّونَ , وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ أَؤُمُّهُمْ وَهُمْ يَعْدِلُونِي إِلَى الْقِبْلَةِ، حِينَ عَمِيَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: مَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ؟

1941 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَيْفَ أَؤُمُّهُمْ، وَهُمْ يَعْدِلُونِي إِلَى الْقِبْلَةِ حِينَ عَمِيَ

1942 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ: ثنا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، أَنَّهُ أَتَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ الضَّرِيرِ يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ؟ قَالَ: وَمَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ ‍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِمَامَةُ الْأَعْمَى كَإِمَامَةِ الْبَصِيرِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُمَا دَاخِلَانِ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ» . فَأَيُّهُمْ كَانَ أَقْرَأَ كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ حَدِيثًا

1943 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِبَاحَةُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَمَّهُمْ وَهُوَ أَعْمَى، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: وَمَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ، نَهْيٌّ عَنْ إِمَامَةِ الْأَعْمَى فَيَكُونُ اخْتِلَافًا

ذكر إمامة العبد واختلفوا في إمامة العبد فأجازت طائفة إمامة العبد، كانت عائشة يؤمها غلام لها يقال له: ذكوان، وأم أبو سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد وخلفه نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم حذيفة، وأبو مسعود.

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الْعَبْدِ فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ إِمَامَةَ الْعَبْدِ، كَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ: ذَكْوَانُ، وَأَمَّ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ وَهُوَ عَبْدٌ وَخَلْفَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ.

1944 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا عَلَا الْوَادِي هُوَ وَأَبُوهُ، وَعُبَيْدِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِسْوَرُ بْنُ مَخْزَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ، فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ، وَأَبُو عَمْرٍو غُلَامٌ لَمْ يُعْتَقْ. قَالَ: فَكَانَ إِمَامَ أَهْلِهَا بَنِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُرْوَةَ وَأَهْلِهَا، إِلَّا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ يَسْتَأْخِرُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا غَيَّبَنِي أَبُو عَمْرٍو وَوَلَّانِي فِي حُفْرَتِي فَهُوَ حُرٌّ

1945 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ

1946 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَكَانَ عِنْدِي لَيْلَةَ زِفَافِ امْرَأَتِي نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ أَرَادَ أَبُو ذَرٍّ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّيَ فَجَبَذَهُ حُذَيْفَةُ وَقَالَ: رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ. فَقَالَ لِأَبِي مَسْعُودٍ: أَكَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَتَقَدَّمْتُ فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ عَبْدٌ، وَأَمَرَانِي إِذَا أَتَيْتُ بِامْرَأَتِي أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْ تُصَلِّيَ خَلْفِي إِنْ فَعَلَتْ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي إِمَامَةِ الْعَبْدِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ إِمَامَةَ الْعَبْدِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو مِجْلَزٍ، وَرُوِيَ عَنِ -[157]- الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْمَمْلُوكُ وَفِيهِمْ حُرٌّ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَارِئًا وَمَعَهُ مِنَ الْأَحْرَارِ لَا يَقْرَءُونَ، فَيَؤُمُّهُمْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِمَامًا حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عِيدٍ أَوْ جُمُعَةٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَؤُمُّ فِيهِمَا. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ أَرْبَعَةً لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ فَذَكَرَ الْعَبْدَ إِلَّا أَنْ يَؤُمَّ أَهْلَهُ، وَيُجْزِي عِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ صَلَاتُهُمْ إِنْ صَلَّوْا وَرَاءَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِمَامَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ، وَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ فَالْحُرُّ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَقْرَأَ فَهُوَ أَوْلَى بِإِمَامَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

1947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» وَلَمْ يَذْكُرْ حُرًّا وَلَا عَبْدًا، وَيَدُلُّ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الصلاة خلف الأعرابي واختلفوا في الصلاة خلف الأعرابي؛ فكان أبو مجلز يكره إمامته، وقال مالك: لا يؤم الأعرابي مسافرين ولا حضريين وإن كان أقرأهم وقال الأوزاعي: بلغنا أن أربعة لا يؤمون الناس فذكر الأعرابي، إلا أن يغشاه مهاجر في منزله فيؤمه الأعرابي.

ذِكْرُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَعْرَابِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَعْرَابِيِّ؛ فَكَانَ أَبُو مِجْلَزٍ يَكْرَهُ إِمَامَتَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَؤُمُّ الْأَعْرَابِيُّ مُسَافِرِينَ وَلَا حَضَرِيِّينَ وَإِنْ كَانَ أَقْرَأَهُمْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ أَرْبَعَةً لَا يَؤُمُّونَ النَّاسَ فَذَكَرَ الْأَعْرَابِيَّ، إِلَّا أَنْ يَغْشَاهُ مُهَاجِرٌ فِي مَنْزِلِهِ فَيَؤُمُّهُ الْأَعْرَابِيُّ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي مُهَاجِرٍ -[158]- صَلَّى خَلْفَ أَعْرَابِيٍّ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. وَفِي قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ: الصَّلَاةُ خَلْفَ الْأَعْرَابِيِّ جَائِزَةٌ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ إِذَا قَامَ الْأَعْرَابِيُّ بِحُدُودِ الصَّلَاةِ.

ذكر إمامة الأمي واختلفوا في إمامة الأمي فكان عطاء يقول في رجل أمي لا يحسن من القرآن شيئا وامرأته تقرأ قال: يكبر زوجها وتقرأ هي، فإذا فرغت من القراءة كبر وركع وسجد، وهي خلفه تصلي بصلاته، إنما هي تقرأ. وروي هذا المعنى عن قتادة. وقالت طائفة: إذا أم

ذِكْرُ إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الْأُمِّيِّ فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ فِي رَجُلٍ أُمِّيٍّ لَا يُحْسِنُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا وَامْرَأَتُهُ تَقْرَأُ قَالَ: يُكَبِّرُ زَوْجُهَا وَتَقْرَأُ هِيَ، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَهِيَ خَلْفَهُ تُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، إِنَّمَا هِيَ تَقْرَأُ. وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ أَوْ مَنْ لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَإِنْ أَحْسَنَ غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُحْسِنْ أُمَّ الْقُرْآنِ لَمْ يَجْزِ الَّذِي يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ أَمَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ أَجْزَأَتْ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ صَلَاتُهُ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَا يُحْسِنُ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيُحْسِنُ يَقْرَأُ سَبْعَ آيَاتٍ أَوْ ثَمَانٍ، وَمَنْ خَلْفَهُ لَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ، وَالْإِمَامُ يُحْسِنُ مَا تَجْزِي بِهِ صَلَاتُهُ، إِذَا لَمْ يُحْسِنْ أُمَّ الْقُرْآنِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي أُمِّيٍّ صَلَّى بِقَوْمٍ يَقْرَءُونَ وَبِقَوْمٍ أُمِّيِّينَ صَلَاتُهُمْ كُلُّهُمْ فَاسِدَةٌ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: صَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ تَامَّةٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ مَنْ يُحْسِنُ يَقْرَأُ فَقَرَءُوا خَلْفَهُ فِيمَا لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ، كَانَتْ صَلَاتُهُمْ تَامَّةً وَصَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةٌ يُجْهَرُ فِيهَا

بِالْقِرَاءَةِ فَقَرَءُوا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ، وَإِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ بِقَوْمٍ يَقْرَءُونَ وَبِقَوْمٍ لَا يَقْرَءُونَ فَإِنْ قَرَأَ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ كَانَتْ صَلَاتُهُمْ جَائِزَةً، وَكَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْأُمِّيِّينَ جَائِزَةً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرْضُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنُ، وَفَرْضُ مَنْ لَا يَقْرَأُ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّكْبِيرُ، فَإِذَا أَمَّ الْأُمِّيُّ الَّذِي فَرْضُهُ الذِّكْرُ مَنْ فَرْضُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَ الَّذِي فَرْضُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ اللهَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ أَنْ أَدَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ، فَأَيُّهُمَا أَمَّ الْآخَرَ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُؤَدٍّ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَؤُمَّ مَنْ يُصَلِّي قَائِمًا عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا وَيُؤَدِّي كُلٌّ فَرْضَهُ، وَيُصَلِّي الْمُتَيَمِّمُ بِالْمُتَوَضِّئِينَ، فَمَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ أُمِّيٍّ وَقَدْ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فُرِضَ عَلَيْهِ؟ وَقَدْ أَجَازَ مَنْ هَذَا مَذْهَبُهُ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْجُنُبِ وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي صَلَاةٍ وَلَا مُؤَدٍّ فَرْضًا، فَقِيَاسُ هَذِهِ أَنْ يَكُونَ الْأُمِّيُّ الَّذِي يُؤَدِّي فَرْضَهُ أَوْلَى بِأَنْ تَجُوزَ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ

1948 - حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ يُجْزِي مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ» . قَالَ سُفْيَانُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» . قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَدًا عَلَى هَذَا، ثُمَّ حَدَّثَنَا مَرَّةً فَزَادَ فِيهِ قَالَ: فَضَمَّ الرَّجُلُ عَلَيْهَا يَدَهُ، وَقَالَ: هَذَا لِرَبِّي فَمَاذَا لِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي» . قَالَ: فَضَمَّ عَلَيْهَا الْأُخَرَى، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ خَمْسٌ لِرَبِّي وَخَمْسٌ لِي

ذكر إمامة ولد الزنا اختلف أهل العلم في إمامة ولد الزنا؛ فقالت طائفة: يؤم إذا كان رضيا، هكذا قال عطاء، وسليمان بن موسى، وممن كان يرى إمامة ولد الزنا جائزة إبراهيم النخعي، والحسن البصري، والزهري، وعمرو بن دينار، وحماد بن أبي سليمان، وهو قول سفيان

ذِكْرُ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَؤُمُّ إِذَا كَانَ رَضِيًّا، هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى إِمَامَةَ وَلَدِ الزِّنَا جَائِزَةً إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمُ اشْتَرَطَ إِذَا كَانَ مَرْضِيًّا، وَتَجْزِي عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ الصَّلَاةُ خَلْفَ وَلَدِ الزِّنَا، وَكَانَتْ عَائِشَةٌ تَقُولُ:

مَا عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ اللهُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] الْآَيَةَ تَعْنِي وَلَدَ الزِّنَا. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ، رُوِّينَا: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَؤُمُّ نَاسًا بِالْعَقِيقِ فَنَهَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ. وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ وَلَدُ الزِّنَا إِمَامًا رَاتِبًا، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَؤُمُّ إِذَا كَانَ مَرْضِيًّا وَلَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ غَيْرِهِ

1949 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ اللهُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الْآَيَةَ تَعْنِي وَلَدَ الزِّنَا

ذكر إمامة الخنثى قال أبو بكر: وإذا أم الخنثى الذي كان رجلا الرجال أجزأتهم صلاتهم خلفه، وإذا كان بأنه امرأة، لم يجز أن يؤم الرجال، فإذا كان مشكلا فصار رجالا ونساء لم يجز من صلى خلفه من الرجال، وأجزأ ذلك النساء، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْخُنْثَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا أَمَّ الْخُنْثَى الَّذِي كَانَ رَجُلًا الرِّجَالَ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُ، وَإِذَا كَانَ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ الرِّجَالَ، فَإِذَا كَانَ مُشْكَلًا فَصَارَ رِجَالًا وَنِسَاءً لَمْ يَجْزِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ مِنَ الرِّجَالِ، وَأَجْزَأَ ذَلِكَ النِّسَاءَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ

ذكر الصلاة خلف الكافر والمأموم لا يعلم بكفره والصلاة خلف المرأة قال أبو بكر: واختلفوا في رجل كافر أم قوما مسلمين ولم يعلموا بكفره حتى صلوا ثم علموا به فقالت طائفة: عليهم الإعادة. حكي هذا القول عن الأوزاعي، وبه قال الشافعي، وأحمد، وقال الأوزاعي ,

ذِكْرُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْكَافِرِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَعْلَمُ بِكُفْرِهِ وَالصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَرْأَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي رَجُلٍ كَافِرٍ أَمَّ قَوْمًا مُسْلِمِينَ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِكُفْرِهِ حَتَّى صَلُّوا ثُمَّ عَلِمُوا بِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ. حُكِيَ -[162]- هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَكُونُ صَلَاتُهُ إِسْلَامًا إِذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، هَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيِّ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَوْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ، فَصَلَاةُ النِّسَاءِ مُجْزِيَةٌ، وَصَلَاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِيَةٍ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: صَلَاتُهُمْ مُجْزِيَةٌ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْمُزَنِيِّ

ذكر الرجل يؤم أباه اختلف أهل العلم في الرجل يؤم أباه، فروي عن عطاء أنه قال: لا يؤم الرجل أباه ولا أخاه أكبر منه قال أبو بكر: وأحسن ما نطق به أنه أراد التعظيم لأمر الأب، فإن يكن أراد هذا المعنى فهو حسن، وإن أراد أن لا تجزي صلاة الرجل خلف ابنه فليس له

ذِكْرُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ أَبَاهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ أَبَاهُ، فَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَلَا أَخَاهُ أَكْبَرَ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَحْسَنُ مَا نَطَقَ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْظِيمَ لِأَمْرِ الْأَبِ، فَإِنْ يَكُنْ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لْا تَجْزِيَ صَلَاةُ الرَّجُلِ خَلْفَ ابْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» يَدْخُلُ فِي -[163]- ذَلِكَ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ ابْنِهِ، وَعَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ

1950 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنَسٍ فَقَامَ ابْنٌ لَهُ وَخَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ يُرِيدُ الْبَصْرَةَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ ابْنٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ تَبَارَكَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ: طَوَّلْتَ عَلَيْنَا

1951 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَمَادِينَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ

1952 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَؤُمُّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ أَبَاهُ

ذكر التغليظ على الأئمة في تركهم إتمام الصلاة وتأخيرهم الصلاة

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى الْأَئِمَّةِ فِي تَرْكِهِمْ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرِهِمُ الصَّلَاةَ

1953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ» -[164]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ، إِذَا أَتَى هُوَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا، إِذْ كُلٌّ مُؤَدٍّ فَرْضًا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَضُرُّهُ تَقْصِيرُ غَيْرِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إِغْفَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ إِذَا فَسَدَتْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ

ذكر ترك انتظار الإمام إذا أبطأ والأمر بمن يتقدم فيصلي

ذِكْرُ تَرْكِ انْتِظَارِ الْإِمَامِ إِذَا أَبْطَأَ وَالْأَمْرِ بِمَنْ يَتَقَدَّمُ فَيُصَلِّي

1954 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَسُئِلَ: هَلْ أَمَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ رَكِبْنَا فَأَدْرَكْنَا النَّاسَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَتَقَدَّمَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ فَذَهَبْتُ أُوذِنُهُ فَنَهَانِي فَصَلَّيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكْنَا وَقَضَيْنَا مَا سُبِقْنَا

ذكر الرخصة في أن يصلي الإمام على مكان أرفع من مكان المأمومين ليعلمهم الصلاة

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِينَ لِيُعَلِّمَهُمُ الصَّلَاةَ

1955 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، يَقُولُ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمًا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، فجَعَلَ يُصَلَّى وَيَرْكَعُ، ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَرْجَعُ الْقَهْقَرَى وَيَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَرْتَقِي عَلَيْهِ وَكُلَّمَا سَجَدَ نَزَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَلَّيْتُ -[165]- بِكُمْ هَكَذَا كَيْمَا تَرَوْنِي فَتَأْتَمُّوا بِي» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَكَذَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَمْ يَرُدْ يُعَلِّمُهُمْ فَمَكْرُوهٌ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِينَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الْمَأْمُومِينَ

1956 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا حُذَيْفَةُ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ فَسَجَدَ، فَجَبَذَهُ أَبُو مَسْعُودٍ فَتَابَعَهُ حُذَيْفَةُ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ لَهُ أَبُو مَسْعُودٍ: أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَلَمْ تَرَ أَنِّي قَدْ تَابَعْتُكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَأَخْتَارُ لِلْإِمَامِ الَّذِي يُعَلِّمُ مَنْ خَلْفَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الشَّيْءِ الْمُرْتَفِعِ لِيَرَاهُ مَنْ وَرَاءَهُ فَيَقْتَدُوا بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ فِي مَكَانٍ عَلِيٍّ، وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْأَرْضِ، قَالُوا: يُكْرَهُ ذَلِكَ لَهُمْ وَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى شَيْءٍ هُوَ أَرْفَعُ مِمَّا يُصَلِّي عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ. وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ عَلَى مَكَانٍ وَهُمْ دُونَهُ: لَا يَجْزِي ذَلِكَ، لِيَسْتَوِ مَعَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ

ذكر وقت قيام المأمومين إلى الصلاة روينا عن أنس بن مالك، أنه إذا قيل: قد قامت الصلاة وثب. فقام

ذِكْرُ وَقْتِ قِيَامِ الْمَأْمُومِينَ إِلَى الصَّلَاةِ رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ إِذَا قِيلَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَثَبَ. فَقَامَ

1957 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي حَوْضِ زَمْزَمَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُشْجَرُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ بَعْضِ النَّاسِ شَيْءٌ، وَنَادَى الْمُنَادِي: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: اجْلِسْ فَيَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: اجْلِسْ فَيَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ

1958 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِذَا قِيلَ: قِدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَثَبَ فَقَامَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَالزُّهْرِيُّ، -[167]- وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ يَقُومُونَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ بَدْئِهِ مِنَ الْإِقَامَةِ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يُوَقِّتُ بِهِ وَقْتًا يَقُولُ: ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ فِيهِمُ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ وَمُحَمَّدٌ: يَجِبُ أَنْ يَقُومُوا فِي الصَّفِّ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِذَا قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَكَبَّرَ الْقَوْمُ مَعَهُ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ مَعَهُمْ، فَإِنِّي أَكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَقُومُوا فِي الصُّفُوفِ وَالْإِمَامُ غَائِبٌ عَنْهُمْ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ. -[168]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ قَامُوا إِذَا قَامَ، وَإِنْ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ وَمَجِيئَهُ قَامُوا إِذَا رَأَوْهُ وَلَا يَقُومُوا حَتَّى يَرَوْهُ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ

1959 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ»

ذكر الأمر بالسكينة في القيام إلى الصلاة إذا أقيمت

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ فِي الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا أُقِيمَتْ

1960 - حَدَّثَنَا حَامِدٌ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْبَانَ، يَذْكُرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ»

ذكر وقت تكبير الإمام قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في وقت تكبير الإمام؛ فقالت طائفة: يكبر الإمام إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قال أبو إسحاق: كان أصحاب عبد الله يكبرون إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، وكان إبراهيم النخعي، وسويد بن غفلة،

ذِكْرُ وَقْتِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَقْتِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يُكَبِّرُونَ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ يُكَبِّرُونَ كَذَلِكَ، -[169]- وَكَانَ النُّعْمَانُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولَانِ: إِذَا قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَكَبَّرَ الْقَوْمُ مَعَهُ.

1961 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي دلِاَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كُنْتُ مُؤَذِّنًا بِالْبَحْرَيْنِ، فَاشْتَرَطْتُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْبِقَنِي بِآمِينَ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُكَبِّرُ الْإِمَامُ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، -[170]- وَإِسْحَاقُ، وَيَعْقُوبُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَى هَذَا جُمْلَةُ النَّاسِ وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ كَلَّمَ رَجُلًا، وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْمُرُ قَوْمًا بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِ كَبَّرَ

1962 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ق‍َالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدِ أُقِيمَتْ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ، فَحَدَّثَهُ حَتَّى كَادَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَنْعُسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا يُثْبَتُ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوَفِي، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ بِلَالٌ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ. نَهَضَ فَكَبَّرَ، لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ فَرُّوخَ، وَهُوَ شَيْخٌ مَجْهُولٌ، وَالْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى

ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة بالرشاد

ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَئِمَّةِ بِالرَّشَادِ

1963 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، -[171]- وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ؛ اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ»

جماع أبواب قيام المأمومين خلف الإمام

جِمَاعُ أَبْوَابِ قِيَامِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ

ذكر قيام المأموم الواحد عن يمين الإمام

ذِكْرُ قِيَامِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ

1964 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَحَوَّلَنِي عَنْ يَمِينِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يَقُومَ الْمَأْمُومُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ، -[172]- وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: يُقِيمُهُ عَنْ يَسَارِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: عَنِ النَّخَعِيِّ وَهُوَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ خَلْفَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَلْيَقُمْ مِنْ خَلْفِهِ مَا بَيْنَ وَبَيْنَ أَنْ يَرْكَعَ، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ وَإِلَّا قَامَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا كَانَ اثْنَانِ قَامَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَبِهِ نَقُولُ

ذكر قيام الاثنين خلف الإمام

ذِكْرُ قِيَامِ الِاثْنَيْنِ خَلْفَ الْإِمَامِ

1965 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخَطْمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِي وَبِجَبَّارِ بْنِ صَخْرٍ فَأَقَامَنَا خَلْفَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ؛ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً يَقْدُمُهُمْ أَحَدُهُمْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، -[173]- وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

1966 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْهَاجِرَةِ تَطَوُّعًا فَأَقَامَنِي حِذْوَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى دَخَلَ يَرْفَأُ مَوْلَاهُ، فَتَأَخَّرْتُ وَصَفَفْنَا خَلْفَ عُمَرَ

1967 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ حَمَّادٍ وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ خُوَارٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً تَقَدَّمَهُمْ أَحَدُهُمْ»

1968 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «يُصَلِّيَانِ وَرَاءَهُ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثانٍ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَصُفُّوا جَمِيعًا وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدِّمُوا أَحَدَكُمْ , وَكَذَلِكَ فَعَلَ عَبْدُ اللهِ بِعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، جَعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ

1969 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَلْقَمَةُ، عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: قَدْ صَلَّى هَؤُلَاءِ , وَأَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا. قَالَ: فَقُومُوا فَصَلُّوا. قَالَ: فَذَهَبْنَا لِنَتَأَخَّرَ فَجَعَلَ وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ، وَقَالَ: إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَصُفُّوا جَمِيعًا وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدِّمُوا أَحَدَكُمْ

1970 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ، صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ، فَقَامَ هَذَا عَنْ يَمِينِهِ وَهَذَا عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ قَامَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَقُولُ

ذكر تقديم الإمام عند مجيء الثالث

ذِكْرُ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ عِنْدَ مَجِيءِ الثَّالِثِ

1971 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أنا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالسُّقْيَا أَوْ بِالْقَاحَةِ قَالَ: فَخَرَجَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَصَبَبْتُ لَهُ وُضُوءًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ فَالْتَحَفَ بِإِزَارِهِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ أَتَى آخَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِنَا

ذكر تأخير الرجلين إذا صاروا مع الإمام ثلاثة حتى يصيرا من ورائه

ذِكْرُ تَأْخِيرِ الرَّجُلَيْنِ إِذَا صَارُوا مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةً حَتَّى يَصِيرَا مِنْ وَرَائِهِ

1972 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حِرْزَةَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: رَأَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَالَ: وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَجِئْتُ حَتَّى أَقُومَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَجَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ، فَدَفَعَنَا حَتَّى جَعَلَنَا مِنْ خَلْفِهِ

ذكر إمامة الرجل الرجل الواحد والمرأتين

ذِكْرُ إِمَامَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ

1973 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى أُمَّ حَرَامٍ فَقَامَ فَصَلِّي تَطَوُّعًا فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ حَرَامٍ خَلْفَنَا قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: وَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ

إمامة الرجل الرجل والغلام غير المدرك والمرأة الواحدة

إِمَامَةُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ وَالْغُلَامَ غَيْرَ الْمُدْرِكِ وَالْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ

1974 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[176]- فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَاءِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ

ذكر إمامة الرجل الرجل الواحد والمرأة

ذِكْرُ إِمَامَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ وَالْمَرْأَةَ

1975 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّهُ وَالْمَرْأَةَ مِنْهُمْ فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالْمَرْأَةَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ فَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ

1976 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَقَامَتْ جَمِيلَةُ أُمُّ وَلَدِهِ خَلْفَهُ -[177]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ وَرَجُلٌ وَامْرَأَةٌ صَلُّوا مُتَوَاتِرِينَ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضِهِمْ. وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ

جماع أبواب الصفوف

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصُّفُوفِ

ذكر الأمر بتسوية الصفوف قبل تكبير الإمام

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ

1977 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ»

ذكر فضل تسوية الصفوف والإعلام بأنها من تمام الصلاة

ذِكْرُ فَضْلِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّهَا مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ

1978 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا الْجُدِّيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ»

ذكر الأمر بإتمام الصفوف الأولى اقتداء بفعل الملائكة عند ربهم

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِتْمَامِ الصُّفُوفِ الْأُولَى اقْتِدَاءً بِفِعْلِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ رَبِّهِمْ

1979 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصُّفُوفِ فَقَالَ: " أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ قَالَ: تُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ " حَكَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: التَّرَاصُّ أَنْ يَلْتَصِقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ خَلَلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] الْآَيَةَ

1980 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَقِيمُوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ، فَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ فَفِي الْمُؤَخَّرِ»

ذكر الأمر بالمحاذاة بين المناكب والأعناق في الصف الأول

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْمُحَاذَاةِ بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَالْأَعْنَاقِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ

1981 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيَاطِينَ تَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ -[179]- الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ» حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: «بَنَاتُ حَذَفٍ» . هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَهِيَ الْغَنَمُ الصِّغَارُ الْحِجَازِيَّةُ وَاحِدَتُهَا حَذَفَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ لَا يَتَخَلَّلُكُمُ الشَّيَاطِينُ كَأَوْلَادِ الْحَذَفِ» قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: مَا أَوْلَادُ الْحَذَفِ؟ قَالَ: «ضَأْنٌ جُرْدٌ سُودٌ صِغَارٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ

ذكر الأمر بسد الفرج في الصفوف

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسَدِّ الْفُرَجِ فِي الصُّفُوفِ

1982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاعْدِلُوا صُفُوفَكُمْ وَأَقِيمُوهَا، وَسُدُّوا الْفُرَجَ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي»

ذكر ثواب وصول الصف وصلاة الرب جل ثناؤه على واصل الصف

ذِكْرُ ثَوَابِ وُصُولِ الصَّفِّ وَصَلَاةِ الرَّبِّ جَلَّ ثناؤُهُ عَلَى وَاصِلِ الصَّفِّ

1983 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ -[180]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ»

ذكر فضل الصف الأول والمبادرة إليه

ذِكْرُ فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ

1984 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَا: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَإِنَّ الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ فَضِيلَتَهُ لَابْتَدَرْتُمُوهُ»

ذكر الاستهام على الصف الأول

ذِكْرُ الِاسْتِهَامِ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ

1985 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهْلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، قَالَ: ثنا سُمِّيٌّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ لَاسْتَهَمْتُمْ عَلَيْهِمَا»

ذكر التغليظ في التخلف عن الصف الأول

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ

1986 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ فِي النَّارِ»

ذكر خير صفوف الرجال وصفوف النساء وشر ذلك

ذِكْرُ خَيْرِ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَصُفُوفِ النِّسَاءِ وَشَرِّ ذَلِكَ

1987 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»

ذكر فضل تليين المناكب في الصلاة وفضل توسيع الرجل للداخل في الصلاة

ذِكْرُ فَضْلِ تَلْيِينِ الْمَنَاكِبِ فِي الصَّلَاةِ وَفَضْلِ تَوْسِيعِ الرِّجْلِ لِلدَّاخِلِ فِي الصَّلَاةِ

1988 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا بِنْدَارُ قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مِنْكَبًا فِي الصَّلَاةِ»

ذكر النهي عن الاصطفاف بين السواري

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الِاصْطِفَافِ بَيْنَ السَّوَارِي

1989 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَقَفْنَا بَيْنَ السَّوَارِي لِتَأْخِيرٍ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا، قَالَ أَنَسٌ: إِنَّا كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[182]- وَقَالَ أَحْمَدُ: يَتَقَدَّمُ أَوْ يَتَأَخَّرُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّفِّ بَيْنَ السَّوَارِي فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّفَّ بَيْنَ السَّوَارِي، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَرِهَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ

1990 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَا تَصُفُّوا بَيْنَ السَّوَارِي، وَلَا تَأْتَمُّوا بِالْقَوْمِ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ»

1991 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، فَأَمَّا إِذَا كَثُرُوا فَلَا بَأْسَ

1992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , قَالَ: ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , وَهُشَيْمٌ , وَخَالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الصَّفَّ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ

1993 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْيُمْنَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالصَّفَ بَيْنَ السَّوَارِي» وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ؛ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِيهِ: ابْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. -[183]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرٌ يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ، وَأَعْلَى مَا فِيهِ قَوْلُ أَنَسٍ: كُنَّا نَتَّقِيهِ. وَلَوِ اتَّقَى مُتَّقٍ كَانَ حَسَنًا، وَلَا مَأْثَمَ عِنْدِي عَلَى فَاعِلِهِ

ذكر اختلاف أهل العلم في صلاة المأموم خلف الصف وحده اختلف أهل العلم فيما يجب على من صلى خلف الصف وحده فقالت طائفة: لا يجزيه، هذا قول النخعي، والحكم، والحسن بن صالح، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر بن أبي شيبة، وقد روينا عن أبي هريرة أنه

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَرْكَعْ حَتَّى تَأْخُذَ مَكَانَكَ مِنَ الصَّفِّ.

1994 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «لَا تَرْكَعْ حَتَّى تَأْخُذَ مَكَانَكَ مِنَ الصَّفِّ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: صَلَاةُ الْفَرْدِ فِي الصَّفِّ وَحْدَهُ جَائِزَةٌ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ جَائِزًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. -[184]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَلَاةُ الْفَرْدِ خَلْفَ الصَّفِّ بَاطِلٌ لِثُبُوتِ خَبَرِ وَابِصَةَ، وَخَبَرِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ شَيْبَانَ

1995 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلَّى خَلْفَ الْقَوْمِ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ

1996 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: أَبْصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ثَبَّتَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَهُمَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُدْفَعَانِ عَنْهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ يُقَوِّيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُعِدْ» وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابِ

ذكر اختلافهم في جبذ الرجل من الصف قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الرجل يدخل المسجد وقد اتصلت الصفوف واستوت، هل يجبذ إليه رجلا يقوم معه أم لا؟ قالت طائفة: يجبذ إليه رجلا يقوم معه روي هذا القول عن عطاء، والنخعي وحكي ذلك عن الشافعي. وكرهت طائفة ذلك،

ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي جَبْذِ الرَّجُلِ مِنَ الصَّفِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدِ اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ وَاسْتَوَتْ، هَلْ يَجْبِذُ إِلَيْهِ رَجُلًا يَقُومُ مَعَهُ أَمْ لَا؟ قَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْبِذُ إِلَيْهِ رَجُلًا يَقُومُ مَعَهُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَبْذُ الرَّجُلِ مِنَ الصَّفِّ ظُلْمٌ. وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِاجْتِبَاذِهِ رَجُلًا مِنَ الصَّفِّ يُحْدِثُ فِيهِ خَلَلًا، وَقَدْ أُمِرَ النَّاسُ بِسَدِّ الْخَلَلِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاسْتَقْبَحَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

ذكر اختلاف أهل العلم في ركوع المرء قبل دخوله إلى الصف قال أبو بكر: روينا عن أبي هريرة، أنه قال: لا تركع حتى تأخذ مكانك من الصف , وروينا عن زيد بن ثابت أنه دخل المسجد فوجد الناس ركوعا فركع فدب حتى وصل إلى الصف وقال زيد بن وهب: دخلت أنا وابن مسعود

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي رُكُوعِ الْمَرْءِ قَبْلَ دُخُولِهِ إِلَى الصَّفِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا تَرْكَعْ حَتَّى تَأْخُذَ مَكَانَكَ مِنَ الصَّفِّ , وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ رُكُوعًا فَرَكَعَ فَدَبَّ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الصَّفِّ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ: دَخَلْتُ -[186]- أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَرَكَعْنَا ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى اسْتَوَيْنَا بِالصَّفِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ، وَأَجَازَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

1997 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَهُمْ رُكُوعٌ قَالَ: «لَا حَتَّى تَأْخُذَ مَكَانَكَ مِنَ الصَّفِّ»

1998 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ النَّاسَ رُكُوعًا، فَرَكَعَ ثُمَّ دَبَّ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الصَّفِّ

1999 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَاسْتَقْبَلَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ دَبَّ رَاكِعًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى الصَّفِّ

2000 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، فَرَكَعْنَا ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى اسْتَوَيْنَا بِالصَّفِّ، فَلَمَّا فَرَغَ قُمْتُ أَقْضِي، قَالَ: قَدْ أَدْرَكْتَهُ "

2001 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ عَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «لِيَرْكَعْ ثُمَّ لِيَمْشِ رَاكِعًا، وَأَنَّهُ رَأَى ابْنَ الزُّبَيْرِ يَفْعَلُهُ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثانٍ: قَالَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّفُوفِ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يَفْعَلْ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ

ذكر الخبر الدال على أن أولي الأحلام والنهى أولى بالصف الأول

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أُولِي الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى أَوْلَى بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ

2002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ»

2003 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِيَحْفَظُوا عَنْهُ

ذكر أمر المأموم بالاقتداء بالإمام والنهي عن مخالفته

ذِكْرُ أَمْرِ الْمَأْمُومِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَالنَّهْيِ عَنْ مُخَالَفَتِهِ

2004 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ، فَصَلَّى لَنَا صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ جُلُوسًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: " إِنَّمَا الْإِمَامُ، أَوْ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ " حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي: «جُحِشَ» : هُوَ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ فَيَنْسَحِجُ مِنْهُ جِلْدُهُ، وَهُوَ كَالْخَدْشِ أَوْ أَكَبْرُ مِنْ ذَلِكَ، يُقَالُ مِنْهُ: جَحَشَ يَجْحَشُ وَهُوَ مَجْحُوشٌ

ذكر النهي عن مبادرة المأموم إمامه بالركوع والسجود

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ مُبَادَرَةِ الْمَأْمُومِ إِمَامَهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

2005 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ فَإِنِّي مَا أَسْبِقْكُمْ -[189]- بِهِ حِينَ أَرْكَعُ تُذَكِّرُونِي بِهِ حِينَ أَرْفَعُ إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ» . حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْأُمَوِيُّ: هُوَ بَدَّنْتُ يَعْنِي كَبُرْتُ وَأَسْنَنْتُ، يُقَالُ: بَدَنَ الرَّجُلُ تَبْدِينًا إِذَا أَسَنَّ، وَأَنْشَدَ: [البحر الرجز] وَكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ وَالتَّبْدِينَا ... وَالْهَمَّ مِمَّا يُزْهِلُ الْقَرِينَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي أَحْفَظُ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا: بَدَّنْتُ

ذكر مبادرة الإمام المأموم بالسجود وثبوت المأموم قائما حتى يسجد إمامه

ذِكْرُ مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ الْمَأْمُومَ بِالسُّجُودِ وَثُبُوتِ الْمَأْمُومِ قَائِمًا حَتَّى يَسْجُدَ إِمَامُهُ

2006 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، 2007 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، 2008 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، -[190]- عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ، وَكَانَ غَيْرَ مَكْذُوبٍ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْهَتَهُ. وَقَالَ الْعَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ: كُنَّا إِذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ مِنَّا رَجُلٌ ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا ثُمَّ نَسْجُدُ مَعَهُ

ذكر التغليظ في رفع المأموم رأسه قبل الإمام

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي رَفْعِ الْمَأْمُومِ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ

2009 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يَخَافُ أَحَدُكُمْ أَوْ يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوَّلَ رَأْسُهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ صُورَتُهُ صُورَةَ حِمَارٍ»

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن خالف الإمام في صلاته اختلف أهل العلم في صلاة من خالف الإمام في صلاته؛ فقالت طائفة: لا صلاة له وروي هذا القول عن ابن عمر.

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ خَالَفَ الْإِمَامَ فِي صَلَاتِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ مَنْ خَالَفَ الْإِمَامَ فِي صَلَاتِهِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا صَلَاةَ لَهُ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

2010 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَايَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فِي حَاجَةٍ فَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَأَضَعُ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ -[191]- ذَهَبْتُ لِأَقُومَ فَأَخَذَ رِدَائِي فَلَفَّهُ ابْنُ عُمَرَ عَلَى يَدِهِ، فَجَعَلْتُ أُنَازِعُهُ فَمَرَّ بِي رَجُلٌ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، غَيْرَ أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ. قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: هَذَا ابْنُ عُمَرَ. قَالَ: فَسَقَطَتْ يَدِي وَابْنُ عُمَرَ فِي بَقِيَّةِ دُعَائِهِ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الْأَنْصَارِ. فَابْتَسَمْتُ لَهُ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا بَأْسَ بِهِمْ، فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ قَالَ: قُلْتُ: وَهَا رَأَيْتَنِي صَلَّيْتُ. قَالَ: رَأَيْتُكُ تَضَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَتُرْفَعُ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ خَالَفَ الْإِمَامَ. قَالَ: فَأَيْنَ نَشَأْتَ؟ قُلْتُ: بِالْعِرَاقِ. قَالَ: هُنَاكَ

2011 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا صَلَاةَ لِمَنْ خَالَفَ الْإِمَامَ. قَالَ: وَرَأَى رَجُلًا يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَيَضَعُ. 2012 - وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَفِيهِ قَوْلٌ ثانٍ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَا تُبَادِرُوا أَئِمَّتَكُمُ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَلْيَضَعْ قَدْرَ مَا سَبَقَ بِهِ. وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلْيَضَعْ رَأْسَهُ بِقَدْرِ رَفْعِهِ إِيَّاهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَالْإِمَامُ سَاجِدٌ قَالَا: يَعُودُ فِي سَجْدَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ

2013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَخْلَدٍ الرَّزْقِيِّ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَفَعَ أَحَدُكُمْ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلْيُعِدْ ثُمَّ لِيَمْكُثْ بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بِقَدْرِ مَا كَانَ رَفَعَهُ

2014 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سُحَيْمِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَا تُبَادِرُوا أَئِمَّتَكُمُ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ قَدْرَ مَا سَبَقَ إِلَيْهِ»

2015 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدِ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ، فَلْيَضَعْ رَأْسَهُ بِقَدْرِ رَفْعِهِ إِيَّاهُ» . وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَرْجِعَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «فَلْيُعِدْ رَأْسَهُ فَإِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَلْيَمْكُثْ بَعْدَهُ بِقَدْرِ مَا نَزَلَ» . وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِذَا رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَيُدْرِكُهُ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ وَيَسْجُدُ قَبْلَهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُجْزِيهِ. وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِيهِ وَأَكْرَهُهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِيمَنْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَرْكَعُ. قِيلَ لَهُ: أَيُعِيدُ؟ قَالَ: وَمَنْ يَسْلُمُ مِنْ هَذَا؟

ذكر تأمين المأموم عند فراغ الإمام من قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة التي يجهر فيها الإمام بالقراءة رجاء مغفرة ما تقدم من ذنب المؤمن إذا وافق تأمينه تأمين الملائكة

ذِكْرُ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ عِنْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ رَجَاءَ مَغْفِرَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبٍ الْمُؤْمِنِ إِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ

2016 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ: آمِينَ، وَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ: آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِآمِينَ، إِذْ لَوْ لَمْ يَجْهَرْ بِهِ لَمَا وَجَدَ السَّبِيلَ الْمَأْمُومُ إِلَى التَّأْمِينِ عِنْدَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ أَمَّنَ وَالْإِمَامُ لَمْ يَجْهَرْ بِالتَّأْمِينِ

ذكر إجابة الرب تبارك وتعالى المؤمن عند فراغ قراءة فاتحة الكتاب

ذِكْرُ إِجَابَةِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمُؤْمِنَ عِنْدَ فَرَاغِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

2017 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُمُ اللهُ "

ذكر السنة في الجهر بالقراءة واستحباب الجهر بالقراءة جهر بين المخافتة وبين الجهر بالرفيع

ذِكْرُ السُّنَّةِ فِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَاسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ جَهْرَ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَبَيْنَ الْجَهْرِ بِالرَّفِيعِ

2018 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] قَالَ: " نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارِي بِمَكَّةَ، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] فَيَسْمَعُ الْمُشْرِكُونَ {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] أَسْمِعْهُمْ وَلَا تَجْهَرْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ "

ذكر مخافتة الإمام بالقراءة في الظهر والعصر وإباحة الجهر في بعض الآي في الصلاة التي يخافت فيها بالقراءة

ذِكْرُ مُخَافَتَةِ الْإِمَامِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِبَاحَةِ الْجَهْرِ فِي بَعْضِ الْآي فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يُخَافَتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ

2019 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِسُورَتَيْنِ مَعَهُمَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يُطَوِّلُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى "

2020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْنَا: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ» وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَمَا لَا يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركا للركعة خلف الإمام ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها "

ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْمُومُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا»

2021 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ الْمَرْءُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ، فَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَرَكَعْتَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ، وَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ فَقَدْ فَاتَتْكَ. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرَّكْعَةَ فَلَا يَعْتَدَّ بِالسَّجْدَةِ

2022 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا أَدْرَكْتَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَرَكَعْتَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ، وَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ فَقَدْ فَاتَتْكَ»

2023 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ»

2024 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: جِئْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَالْإِمَامُ، يَعْنِي رَاكِعٌ، فَرَكَعْنَا حَتَّى اسْتَوَيْنَا بِالصَّفِّ فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقُمْتُ أَقْضِي، قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: «إِنَّكَ قَدْ أَدْرَكْتَ»

2025 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيْمَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ قَالَا: «مَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرَّكْعَةَ فَلَا يَعْتَدَّ بِالسَّجْدَةِ» قَالَ قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، وَأَصْحَابُ الْحَسَنِ: إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَقَدْ أَدْرَكَ، وَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدَّ بِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكِ بْنِ -[197]- أَنَسٍ، وَالنُّعْمَانِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا فَلَا يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ

2026 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا فَلَا يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ الشَّعْبِيُّ قَالَ: إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الصَّفِّ الْآخِرِ وَلَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَقَدْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَارْكَعْ فَإِنَّ بَعْضَكُمْ أَئِمَّةُ بَعْضٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إِذَا كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ اتَّبَعَ الْإِمَامَ، وَكَانَ بِمَنْزِلِهِ النَّائِمِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ

ذكر تخفيف الإمام الصلاة مع الإتمام

ذِكْرُ تَخْفِيفِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِتْمَامِ

2027 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَأَبَانُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «مَا صَلَّيْتُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً أَخَفَّ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَامِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ»

ذكر النهي عن تطويل الإمام مخافة تغير الناس وفتونهم

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ مَخَافَةَ تَغَيُّرِ النَّاسِ وَفُتُونِهِمْ

2028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ، فَغَضِبَ غَضَبًا مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَمَنْ أَمَّ بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ؛ فَإِنَّ فِيكُمُ الضَّعِيفَ، وَذَا الْحَاجَةِ»

ذكر قدر قراءة الإمام التي لا يكون تطويلا على المأمومين

ذِكْرُ قَدْرِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الَّتِي لَا يَكُونُ تَطْوِيلًا عَلَى الْمَأْمُومِينَ

2029 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ، وَإِنَّهُ كَانَ لَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ "

ذكر تقدير الإمام الصلاة بضعفاء المأمومين، وذوي الحاجة منهم

ذِكْرُ تَقْدِيرِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ بِضُعَفَاءِ الْمَأْمُومِينَ، وَذَوِي الْحَاجَةِ مِنْهُمْ

2030 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ شِخِّيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَّرَنِي عَلَى الطَّائِفِ، أَنْ يَا عُثْمَانُ اقْدُرِ النَّاسَ بِأَضْعَفِهِمْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ السَّقِيمَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الْحَاجَةِ "

ذكر تخفيف الإمام القراءة للحاجة تبدو لبعض المأمومين

ذِكْرُ تَخْفِيفِ الْإِمَامِ الْقِرَاءَةَ لِلْحَاجَةِ تَبْدُو لِبَعْضِ الْمَأْمُومِينَ

2031 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَا أُرِيدُ أُطِيلُهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ خَلْفِي فَأَتَجَوَّزُ فِيهَا؛ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ بِبُكَائِهِ»

ذكر الرخصة في خروج المأموم من صلاة الإمام للحاجة تبدو له من أمور الدنيا إذا طول الصلاة

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي خُرُوجِ الْمَأْمُومِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِلْحَاجَةِ تَبْدُو لَهُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا إِذَا طَوَّلَ الصَّلَاةَ

2032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، كَمْ شَاءَ اللهُ قَالَا: سَمِعْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ بَنِي سَلَمَةَ، قَالَ: فَأَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّاهَا مُعَاذٌ مَعَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَأَمَّ قَوْمَهُ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالُوا لَهُ: نَافَقْتَ؟، قَالَ: لَا وَلَكِنِّي آتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرُهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّكَ أَخَّرْتَ الْعِشَاءَ الْبَارِحَةَ، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ ثُمَّ رَجَعَ، فَأَمَّنَا فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَأَخَّرْتُ وَصَلَّيْتُ، وَإِنَّا نَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟، اقْرَأْ بِسُورَةِ كَذَا، وَسُورَةِ كَذَا» وَعَدَّدَ السُّوَرَ " قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَنَحْوَهَا "

الأمر بائتمام أهل الصفوف الأواخر بأهل الصفوف الأولى

الْأَمْرُ بِائْتِمَامِ أَهْلِ الصُّفُوفِ الْأَوَاخِرِ بِأَهْلِ الصُّفُوفِ الْأُولَى

2033 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فَرَأَى فِيهِمْ تَأَخُّرًا فَقَالَ: «تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ»

ذكر أمر المأموم بالصلاة جالسا إذا صلى إمامه جالسا

ذِكْرُ أَمْرِ الْمَأْمُومِ بِالصَّلَاةِ جَالِسًا إِذَا صَلَّى إِمَامُهُ جَالِسًا

2034 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، وَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى خَلْفَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا إِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ قَاعِدًا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر النهي عن صلاة المأموم قائما خلف الإمام قاعدا

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ قَائِمًا خَلْفَ الْإِمَامِ قَاعِدًا

2035 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: صُرِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ عَلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَقَعَدَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي تَطَوُّعًا، فَصَلَّى قَاعِدًا وَنَحْنُ قِيَامٌ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي صَلَاةً مَكْتُوبَةً قَاعِدًا، قَالَ: فَقُمْنَا فَأَوْمَى إِلَيْنَا فَجَلَسْنَا ثُمَّ قَالَ: «ائْتَمُّوا الْإِمَامَ، إِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ فَارِسُ بِعُظَمَائِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ ثَابِتَةٌ، وَالْقَوْلُ بِهَا يَجِبُ، وَالِانْتِقَالُ مِنْهَا إِلَى أَخْبَارٍ مُخْتَلِفٍ فِيهَا غَيْرُ جَائِزٍ

ذكر الأخبار التي رويت في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ

2036 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يَقْتَدِي بِهِ، وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْرٍ -[203]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَامٌ وَجَالِسٌ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ مَأْمُومٌ، وَقَدْ خَالَفَ شُعْبَةُ أَبَا مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

2037 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ " 2038 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ»

2039 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، قَالَ: سَمِعْنَا أَبَا وَائِلٍ، يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، صَلَّى بِالنَّاسِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ "

2040 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ جَالِسًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ "

2041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَتَعَارَضَتْ، لَمْ يَجُزْ نَسْخُ مَا هُوَ يَقِينٌ وَمَا قَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ بِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا بِالْقُعُودِ لِأَخْبَارٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ شَكٌّ وَالْإِجْمَاعَ يَقِينٌ غَيْرُ جَائِزٍ الِانْتِقَالُ مِنَ الْيَقِينِ إِلَى الشَّكِّ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ نَسْخٌ بِمَا قَدْ ثَبَتَ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْأَخْبَارُ فِيهِ، بِمَا قَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِيهِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُمْ إِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ قَاعِدًا أَنْ يُصَلُّوا قِيَامًا، وَعَرَّفَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ فَارِسَ وَالرُّومِ، بِعُظَمَائِهَا يَقُومُونَ وَمُلُوُكهُمْ قُعُودٌ، وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يُطْلَقَ هُنَا مِنَ ارْتِكَابِ مَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ خَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُعَارِضَ لَهُ يُوجِبُ نَسْخَ مَا نُهُوا عَنْهُ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ أَصْحَابُنَا مِثْلَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ قَالُوا: لَمَّا اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَكَحَهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: نَكَحَهَا وَهُوَ حَرَامٌ، وَجَبَ الْوُقُوفُ عَنِ الْحُكْمِ بِخَبَرِ مَيْمُونَةَ لَمَّا تَضَادَّتِ الْأَخْبَارُ فِي أَمْرِهَا، وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى خَبَرِ عُثْمَانَ، إِذْ هُوَ خَبَرٌ لَا مُعَارِضَ لَهُ كَمِثَالِ هَذَا أَنَّ الْأَخْبَارَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ وَتَضَادَّتْ، أَنَّ الْوُقُوفَ عَنِ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَجِبُ، وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَى الْأَخْبَارِ -[205]- الثَّابِتَةِ الَّتِي فِيهَا أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا بِالْقُعُودِ، وَنَهْيُهُ إِيَّاهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِ فَارِسَ وَالرُّومِ بِعُظَمَائِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّا يَزِيدُ مَا قُلْنَا وُضُوحًا وَبَيَانًا اسْتِعْمَالُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا مَا اسْتَعْمَلُوهُ، وَهُمْ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ أَخْبَارِهِ أَعْلَمُ بِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ إِنَّمَا يَأْخُذُ مَعْرِفَةَ الْأَخْبَارِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ عَنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمٌ، لَصَارُوا إِلَيْهِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُخَالِفُوهُ

ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الإمام يصلي قاعدا من علة، فقالت طائفة: يصلون قعودا استنانا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين صلوا خلفه قياما بالقعود، فممن روي عنه أنه استعمل ذلك جابر بن عبد الله، وأبو هريرة

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي قَاعِدًا مِنْ عِلَّةٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلُّونَ قُعُودًا اسْتِنَانًا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا بِالْقُعُودِ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ أَنَّ إِمَامًا لَهُمُ اشْتَكَى عَلَى عَهْدِ -[206]- رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَكَانَ يَؤُمُّنَا جَالِسًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ

2042 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ قَهْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ إِمَامَهُمُ، اشْتَكَى عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَكَانَ يَؤُمُّنَا جَالِسًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ»

2043 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيَّ، كَانَ وَجِعًا فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ قَاعِدًا فَصَلَّوْا قُعُودًا "

2044 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «الْأَمِيرُ إِمَامٌ فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا»

2045 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، أَنَّ بَشِيرَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فَاشْتَكَى فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ شَكْوَاهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّيَ بِهِمْ قَالَ: فَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ قَائِمًا فَاقْعُدُوا قَالَ: فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَهُمْ قُعُودٌ "

2046 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ -[207]- هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، صَلَّى بِأَصْحَابِهِ قَاعِدًا وَهُمْ قُعُودٌ فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ مِنْ وَجَعٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَقَيْسُ بْنُ قَهْدٍ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِالِاسْتِدْلَالِ بِفِعْلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ مَنْ جَعَلَ مَشْيَ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ بَيْعِهِ، بِأَنَّهَا أَحَدُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِي الْبُيُوعِ افْتِرَاقُ الْأَبْدَانِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ابْنُ عُمَرَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ بَعْدَهُ، فَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرُهُ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا بِالْقُعُودِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَجَبَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ مِمَّنْ بَعْدَهُ. وَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفِ الْأَخْبَارُ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ فِي مَوْضُوعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجُزِ الِانْتِقَالُ عَمَّا سَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ، وَإِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ قَاعِدًا؛ لِأَنَّ الَّذِي افْتَتَحَ بِهِمُ الصَّلَاةَ أَبُو بَكْرٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الْقِيَامُ لَقِيَامِ أَبِي بَكْرٍ بِهِمْ، مِمَّا لَمْ يَحْدُثْ بِإِمَامِهِمُ الَّذِي عَقَدَ بِهِمُ الصَّلَاةَ بِأَنَّهَا عِلَّةٌ فَوَجَبَ الْجُلُوسُ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِ إِمَامِهِمْ، وَإِنْ تَقَدَّمَ إِمَامٌ غَيْرُ الْإِمَامِ الَّذِي عَقَدُوا الصَّلَاةَ مَعَهُ، فَصَلَّى جَالِسًا فَلَيْسَ عَلَيْهِمُ الْجُلُوسُ مَادَامَ الْإِمَامُ الَّذِي عَقَدُوا الصَّلَاةَ مَعَهُ قَائِمًا، فَإِذَا كَانَتِ الْحَالُ هَكَذَا فِي حُدُوثِ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ اسْتُعْمِلَ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ مِثْلَ الْحَالِ الَّذِي صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلِهِ، وَافْتَتَحَ بِهِمُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَعَلَيْهِمُ الْقُعُودُ بِقُعُودِهِ، فَيَكُونُ -[208]- كُلُّ سُنَّةٍ مِنْ هَاتَيْنِ السُّنَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّةً فِي مَوْضِعِهَا، وَلَا يُبْطِلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ لِلْأُخْرَى أَنَّ مَعْنَى كُلِّ سُنَّةٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْنَى الْأُخْرَى، وَقَدْ تَأَوَّلَ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ مَذْهَبِهِ اسْتِعْمَالُ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا إِذَا وَجَدَ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا سَبِيلًا، كَاخْتِلَافِ صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فِيهَا، هَذَا لَوْ كَانَتِ الْأَحْوَالُ لَا تَخْتَلِفُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ صَلَّى الْإِمَامُ قَاعِدًا صَلَّى الْمَأْمُومُونَ قِيَامًا إِذَا طَافُوا، وَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ فَرْضَهُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ: أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَنْ حَدَّثَ مَعَهُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ جَالِسًا وَمَنْ خَلْفَهُ جُلُوسٌ، مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَالِسًا وَصَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ جَالِسًا مَرِيضًا وَهُمْ جُلُوسٌ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ وَلَا يُجْزِيهِمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي مَرِيضٍ صَلَّى قَاعِدًا يَسْجُدُ وَيَرْكَعُ فَائْتَمَّ بِهِ قَوْمٌ فَصَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا، قَالَ: يُجْزِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَاعِدًا يَوْمِي إِيمَاءً، أَوْ مُضْطَجِعًا عَلَى فِرَاشِهِ يَوْمِي إِيمَاءً، وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ قِيَامًا قَالَ: لَا يُجْزِيهِ وَلَا يُجْزِي الْقَوْمَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ قَاعِدًا، وَحُكِيَ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالْقَوْمِ جُلُوسًا

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جُلُوسًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا خَبَرٌ وَاهٍ تُحِيطُهُ الْعِلَلُ، جَابِرٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا

ذكر الصلاة بإمامين إمام بعد إمام من غير حدث يحدث بالإمام الأول

ذِكْرُ الصَّلَاةِ بِإِمَامَيْنِ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ يَحْدُثُ بِالْإِمَامِ الْأَوَّلِ

2047 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، وَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: أَتُصَلِّي النَّاسَ فَأُقِيمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ وَالْتَفَتَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَالِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيحَ؟، مَنْ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحْ، -[210]- فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ بَعْضَ صَلَاتِهِ إِمَامًا مَأْمُومًا فِي بَعْضِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى إِجَازَةِ الِائْتِمَامِ بِصَلَاةِ مَنْ تَقَدَّمَ افْتِتَاحَ الْمَأْمُومِ الصَّلَاةَ قَبْلَهُ

ذكر الائتمام بالمصلي الذي لا ينوي الإمامة

ذِكْرُ الِائْتِمَامِ بِالْمُصَلِّي الَّذِي لَا يَنْوِي الْإِمَامَةَ

2048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، وَسَعِيدٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ قَالَ: فَجِئْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ فَقَامَ إِلَى جَنْبِي أَيْضًا حَتَّى كُنَّا رَهْطًا، فَلَمَّا أَحَسَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّا خَلْفَهُ جَعَلَ يَتَجَوَّزُ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَحْلَهُ فَصَلَّى صَلَاةً لَا يُصَلِّيهَا عِنْدَنَا فَقُلْنَا لَهُ حِينَ أَصْبَحْنَا: أَفَطِنْتَ لَنَا اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ ذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى الَّذِي صَنَعْتُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَصَلَاةُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلِ دَالَّةٌ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَنْوِي أَنْ يُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ أَوْ جَمَاعَةٌ فَائْتَمُّوا بِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: صَلَاتُهُمْ مُجْزِيَةٌ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ. -[211]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ فِي رَجُلٍ نَوَى أَنْ يَؤُمَّ الرِّجَالَ وَلَا يَؤُمَّ النِّسَاءَ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَصَلَّتْ إِلَى جَنْبِهِ ائْتَمَّتْ بِهِ قَالَ: لَا تُجْزِيهَا صَلَاتُهَا وَلَا تَفْسَدُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَحَكَى حَمْدَانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي فِي الْفَرِيضَةِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا بَأْسَ، وَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكَى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ، وَيُعِيدُ هُوَ فِي رَجُلٍ ائْتَمَّ بِرَجُلٍ وَلَمْ يَنْوِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ إِمَامَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَقُولُ، وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ

ذكر الإمام يذكر بعد افتتاح الصلاة أنه جنب، وانتظار من خلفه رجوع الإمام إليهم بعد الاغتسال ليتم بهم بقية صلاتهم

ذِكْرُ الْإِمَامِ يَذْكُرُ بَعْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ جُنُبٌ، وَانْتِظَارِ مَنْ خَلْفَهُ رُجُوعَ الْإِمَامِ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ لِيُتِمَّ بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ

2049 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَصَفَّ النَّاسُ صُفُوفَهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ مَكَانَهُ وَرَأْسُهُ يَنْطِفُ الْمَاءَ "

2050 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ الْغَفَّارِ صَالِحٌ الْحَرَّانِيُّ ابْنُ -[212]- دَاؤُدَ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ ذَهَبَ، ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى بِهِمْ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ وَلَا يُعِيدُونَ، فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدْ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ

2051 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ الشَّرِيدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْجُرُفِ فَذَهَبَ يَغْتَسِلُ فَرَأَى فِي فَخِذَيْهِ احْتِلَامًا، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَانِي إِلَّا قَدْ صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ وَأَنَا جُنُبٌ؟، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَعَادَ الصَّلَاةَ»

2052 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَصَلَّى بِنَا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَرَأَى فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا، فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ مَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ، وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ نُعِدْ صَلَاتَنَا "

2053 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، أَنَّ عُثْمَانَ، صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا تَعَالَى النَّهَارُ رَأَى أَثَرَ الْجَنَابَةِ عَلَى فَخِذِهِ، فَقَالَ: كَبُرَتْ وَاللهِ، كَبُرَتْ وَاللهِ أَجْنَبْتُ وَلَا أَعْلَمُ، فَاغْتَسَلَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ -[213]- أَنْ يُعِيدُوا "

2054 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالْقَوْمِ فَأْتَمَّ بِهِمُ الصَّلَاةَ، آمُرُهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيُعِيدَ وَلَا آمُرُهُمْ أَنْ يُعِيدُوا»

2055 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَعَادَ وَلَمْ يُعِدْ أَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيُّ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَبِالرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا مَقَالٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ -[214]- سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيِّ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُعِيدَ وَيُعِيدُوا، وَقَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ عَطَاءٌ، قَالَ: إِنْ صَلَّى إِمَامُ قَوْمٍ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ فَذَكَرَ حِينَ فَرَغَ، قَالَ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ؛ فَإِنَّهُ يُعِيدُ هُوَ وَلَا يُعِيدُونَ، قُلْتُ: فَصَلَّى بِهِمْ جُنُبًا فَلَمْ يَعْلَمُوا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ؟، قَالَ: فَلْيُعِيدُوا، فَلَيْسَتِ الْجَنَابَةُ كَالْوُضُوءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ رَأَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَبَرُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: وَفِي خَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَلِيلِ مِنَ الصَّلَاةِ كَحُكْمِ الْكَثِيرِ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ، قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ لَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي هَذَا الْبَابِ كِفَايَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَمْرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ قَوْلِهِمْ. فَأَمَّا مَا حُدِّثَ عَنْ عَلِيٍّ فَفِي الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا مَقَالٌ، فَكَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ؛ لِضَعْفِ الرِّوَايَتَيْنِ وَتَضَادِّهِمَا، وَاللَّازِمُ لِمَنْ يَرَى اتِّبَاعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يُخَالِفَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالنَّظَرُ مَعَ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا صَلَّوْا كَمَا أُمِرُوا وَأَدَّوْا فَرْضَهُمْ ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ، لَمْ يَجْزُ أَنْ يُلْزَمُوا -[215]- إِعَادَةَ مَا صَلَّوْا عَلَى ظَاهِرِ مَا أُمِرُوا بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْإِمَامِ تَعَمَّدَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: صَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: عَمْدُ الْإِمَامِ وَنِسْيَانُهُ سَوَاءٌ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْقَوْمِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَأْثَمُ بِالْعَمْدِ، وَلَا يَأْثَمُ بِالنِّسْيَانِ

ذكر الرخصة في الصلاة جماعة في المسجد الذي قد جمع فيه

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي قَدْ جُمِعَ فِيهِ

2056 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ الْأَسْوَدُ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلًا، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ؟» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ الرُّخْصَةَ فِي أَنْ تُصَلِّيَ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

2057 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا الْجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: مَرَّ بِنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ زُهَاءَ عَشْرَةٍ، وَقَدْ صَلَّيْنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَقَالَ: أَصَلَّيْتُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَ بَعْضَهُمْ فَأَذَّنَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَنَسٌ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ أَلْقَوْا -[216]- لَهُ وِسَادَةً وَمِرْفَقَةً "

2058 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَجَمَعَ بِعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ "

2059 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَلَّى بِهِ وَبِالْأَسْوَدِ فَقَامَ بَيْنَهُمَا " وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجَّ إِسْحَاقُ بِفِعْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الْجَمْعِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تُجْمِعْ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ، كَذَلِكَ قَالَ سَالِمُ بْنُ -[217]- عَبْدِ اللهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَأَيُّوبُ، وَالْبَتِّيُّ، وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالنَّخعِيِّ، خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَمِمَّنْ قَالَ: لَا يُجْمَعُ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ، مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: لَا يُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ صَلَاةٌ يَعْنِي جَمَاعَةً، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَاجِدِ فَأَرْجُو، أَنَسٌ فَعَلَهُ. وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، يَقُولَانِ فِي مَسْجِدٍ عَلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ أَتَى قَوْمٌ فَجَمَّعُوا فِيهِ، ثُمَّ أَتَى قَوْمٌ مِنْ بَعْدِهِمْ: فَلَا بَأْسَ أَنْ يُجَمِّعُوا أَيْضًا فِيهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَفْضُلُ صَلَاةَ -[218]- الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الثَّلَاثَةِ أَزْكَى، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ» ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ثَابِتٌ، فَإِذَا فَاتَ جَمَاعَةً الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّوْا جَمَاعَةً اتِّبَاعًا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَطَلَبًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا نَعْلَمُ مَعَ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنْهُ حُجَّةً

ذكر إباحة ائتمام المصلي نافلة خلف من يصلي فريضة، وائتمام المصلي فريضة خلف من يصلي نافلة

ذِكْرُ إِبَاحَةِ ائْتِمَامِ الْمُصَلِّي نَافِلَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرِيضَةً، وَائْتِمَامِ الْمُصَلِّي فَرِيضَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً

2060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، كَمْ شَاءَ اللهُ، قَالَا: ثنا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: " كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّيهَا بِقَوْمِهِ بَنِي سَلَمَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلِلنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَا ذَاكِرٌ إِسْنَادَ خَبَرِ جَابِرٍ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِنْ شَاءَ اللهُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَيْنِ -[219]- الْحَدِيثَيْنِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ مَنْ خَالَفَتْ نِيَّتُهُ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا صَلَّى مَعَهُ، وَاسْتَأْنَفَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَطَوِّعًا لَمْ يُجِزْ مَنْ خَلْفَهُ الْفَرِيضَةُ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُفْتَرِضًا وَكَانَ مَنْ خَلْفَهُ مُتَطَوِّعًا كَانَتْ صَلَاتُهُمْ جَائِزَةً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي إِلَى النَّاسِ وَهُمْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ قَالَا: يُصَلِّي مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ فَيَبْنِي عَلَيْهِمَا رَكْعَتَيْنِ وَيُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْعَتَمَةِ، وَأَبَى ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيُّ وَقَالَا: يُصَلِّي مَعَهُمْ، ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَحْدَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَخَبَرُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ نَقُولُهُ، وَكَانَ مُؤَدِّيًا مَا نَوَى، وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتِي بِصَلَاةِ غَيْرِي، وَلَا تَنْفَعُنِي نِيَّةُ غَيْرِي. وَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ جُنُبًا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ الْقَوْمَ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ -[220]- إِعَادَةٌ، وَيُصَلِّي الْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ نِيَّاتُهُمَا، فَالَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَدَلَّ عَلَيْهِ النَّظَرُ أَوْلَى، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الأمر بالصلاة جماعة بعد أداء الفرض منفردا عند تأخير الإمام الصلاة، والدليل على أن الأول يكون فريضة والثاني نافلة

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْضِ مُنْفَرِدًا عِنْدَ تَأْخِيرِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَكُونُ فَرِيضَةً وَالثَّانِي نَافِلَةً

2061 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الصَّامِتِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْأُمَرَاءِ، إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ، فَضَرَبَ رُكْبَتِي فَقَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلَ بِي كَمَا فَعَلْتُ بِكَ، ضَرَبَ رُكْبَتِي كَمَا ضَرَبْتُ رُكْبَتَكَ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِي، ضَرَبَ رُكْبَتَهُ كَمَا ضَرَبَ رُكْبَتِي، فَقَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» ، قَالَ: فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي "

ذكر الخبر الدال على أن الصلاة التي تصلى أولا هي الفرض

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي تُصَلَّى أَوَّلًا هِيَ الْفَرْضُ

2062 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ يَمْكُثُونَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَلْيَجْعَلْ صَلَاتَهُ مَعَهُمْ سُبْحَةً» -[221]- وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدَنَا أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً

2063 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَلْقَمَةُ، عَلَى عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: قَدْ صَلَّى هَؤُلَاءِ وَرَاءَكُمْ قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدَنَا أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً» وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَا لَمْ تَفُتْ، قُلْتُ: وَإِنِ اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ وَلَحِقَتْ بِرُءُوسِ الْجِبَالِ؟، قَالَ: نَعَمْ، مَا لَمْ تَغِبْ. وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَهَا مَعَ الْأُمَرَاءِ وَإِنْ أَخَّرُوهَا، وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِي الْبَابِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ

ذكر المسبوق ببعض الصلاة، والأمر بالاقتداء بالإمام فيما يدرك من صلاته، وإتمام ما سبق به الإمام بعد فراغ الإمام من صلاته

ذِكْرُ الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ، وَالْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ فِيمَا يُدْرِكُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَإِتْمَامِ مَا سُبُقَ بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاتِهِ

2064 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، -[222]- فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»

ذكر تلقين الإمام إذا تعايا أو ترك شيئا من القراءة قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في تلقين الإمام فرخصت طائفة فيه، وممن فتح عليه في الصلاة عثمان بن عفان، وابن عمر، وروينا عن علي أنه قال: إذا استطعمكم الإمام فأطعموه، واستطعامه سكوته

ذِكْرُ تَلْقِينِ الْإِمَامِ إِذَا تَعَايَا أَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْقِرَاءَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَلْقِينِ الْإِمَامِ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ، وَمِمَّنْ فُتِحَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الْإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ، وَاسْتِطْعَامُهُ سُكُوتُهُ

2065 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَجُلٌ طَيِّبُ الرِّيحِ حَسَنُ الثِّيَابِ وَهُوَ يَقْرَأُ، وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ يَفْتَحُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ "

2066 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمَّا قَرَأَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] جَعَلَ يَقْرَأُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِرَارًا يُرَدِّدُهَا، فَقُلْتُ: {إِذَا زُلْزِلَتْ} [الزلزلة: 1] فَقَرَأَهَا فَلَمَّا فَرَغَ لَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ "

2067 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو وَكِيعٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الْإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ، وَاسْتِطْعَامُهُ سُكُوتُهُ -[223]- وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ مُغَفَّلٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ -[224]- وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ تَلْقِينَ الْإِمَامِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَشُرَيْحٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ

2068 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِذَا تَعَايَا الْإِمَامُ فَلَا تُرَدَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَلَامٌ»

2069 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: «لَا يُفْتَحُ عَلَى إِمَامِ قَوْمٍ وَهُوَ يَقْرَأُ، فَإِنَّهُ كَلَامٌ»

2070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ فَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ فَقَدْ تَكَلَّمَ» وَكَرِهَ ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلِ يَسْتَفْتِحُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَفْتَحُ عَلَيْهِ، قَالَ: هَذَا كَلَامٌ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا فَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا. -[225]- وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَحَ عَلَى الْإِمَامِ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا أَخْطَأَ أَنْ يَرْكَعَ، أَوْ يَأْخُذَ فِي سُورَةٍ أُخْرَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَلْقِينُ الْإِمَامِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَلَا تَقْطَعُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ الصَّلَاةَ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا

2071 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْكَاهِلِيُّ، عَنْ مِسْوَرِ بْنِ يَزِيدَ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فَتَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَقْرَأْهُ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَرَكْتَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «فَهَلَّا أَدْرَكْتَنِيهَا؟» قَالَ: كُنْتُ أُرَاهَا نُسِخَتْ "

ذكر وضع الإمام نعله عن يساره

ذِكْرُ وَضْعِ الْإِمَامِ نَعْلَهُ عَنْ يَسَارِهِ

2072 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا هَوْذَةُ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي حَدِيثًا رَفَعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَصَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَهُ، فَوَضَعَهَا عَنْ يَسَارِهِ "

ذكر صلاة التطوع بالنهار جماعة

ذِكْرُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ جَمَاعَةً

2073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّهُ عَقَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ، فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: -[226]- كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بَنِي سَالِمٍ، فَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِهِمُ الْوَادِي إِذْ جَاءَتِ الْأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ بِأَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي، يَعْنِي مَكَانًا أَعُدُّهُ مُصَلًّى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَفْعَلُ» ، فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَمَا امْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ؟» فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ سَلَامَ الْمَأْمُومِ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ "

جماع أبواب صلاة النساء في جماعة

جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي جَمَاعَةٍ

ذكر إمامة المرأة النساء في الصلوات المكتوبة

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمَرْأَةِ النِّسَاءَ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ

2074 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ، رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُ أُمَّهَا وَيُسَمِّيهَا الشَّهِيدَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ فِي دَارِهَا، وَكَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ

2075 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، عَنْ حُجَيْرَةَ بِنْتِ الْحُصَيْنِ، قَالَتْ: «أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ بَيْنَنَا»

2076 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ النَّهْدِيِّ، عَنْ رَيْطَةَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَمَّتْهُنَّ وَقَامَتْ بَيْنَهُنَّ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ "

2077 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَسْبَاطٍ، قَالَ: ثنا بَكْرٌ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَكَانَ، عِنْدَهَا نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَّتْهُنَّ وَسَطَ الصَّفِّ، وَذَلِكَ فِي الْعَصْرِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ، هَذَا قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ الْمَرْأَةَ تَؤُمُّ النِّسَاءَ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ أَحَدًا، وَكَرِهَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَتْ تُجْزِيهِمْ وَتَقُومُ وَسَطًا مِنَ الصَّفِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَؤُمُّ النِّسَاءَ فِي الْفَرِيضَةِ، -[228]- وَتَؤُمُّهُمْ فِي التَّطَوُّعِ، وَتَقُومُ فِي الصَّفِّ لَا تَقْدُمُهُنَّ، وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَؤُمَّ النِّسَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَتَقُومَ مَعَهُنَّ فِي صَفِّهِنَّ

ذكر النهي عن منع النساء الخروج إلى المساجد

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسَاجِدِ

2078 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ ثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ»

ذكر الأمر بأن يخرجن إلى المساجد تفلات

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَنْ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمَسَاجِدِ تَفِلَاتٍ

2079 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عْنِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ الْمَسَاجِدَ، لِيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» . -[229]- وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قَوْلُهُ: «تَفِلَاتٍ» التَّفِلَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُتَطَيِّبَةٍ، وَهِيَ الْمُنْتِنَةُ الرِّيحِ، يُقَالُ مِنْهُ تَفِلَةٌ وَمِتْفَالٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: [البحر الطويل] إِذَا مَا الضَّجِيعُ ابْتَزَّهَا مِنْ ثِيَابِهَا ... تَمِيلُ عَلَيْهِ هَوْنَةً غَيْرَ مِتْفَالِ

ذكر النهي عن شهود المرأة المسجد متعطرة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ شُهُودِ الْمَرْأَةِ الْمَسْجِدَ مُتَعَطِّرَةً

2080 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا»

ذكر اختيار صلاة المرأة في بيتها على صلاتها في مسجدها

ذِكْرُ اخْتِيَارِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِهَا

2081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ -[230]- مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، فَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى وَجْهِ اللهِ وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا»

2082 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا»

ذكر اختلاف أهل العلم في رد السلام على الإمام عند التسليم قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في رد السلام على الإمام عند تسليم من الصلاة، فرأت طائفة أن يسلم على الإمام، فممن روي عنه أنه رأى ذلك أبو هريرة، وابن عمر، وعطاء، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وقتادة

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدَ تَسْلِيمٍ مِنَ الصَّلَاةِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُسَلَّمَ عَلَى الْإِمَامِ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو ثَوْرٍ

2083 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، قَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْقَارِئُ»

2084 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا الْعَلَاءُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، -[231]- قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ، قَالَ يَزِيدُ: يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ "

2085 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا كَانَ فِي النَّاسِ رَدَّ عَلَى الْإِمَامِ ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ، إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ "

2086 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَحْيَى، يُحَدِّثُ عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَ: " السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وَسُئِلَ عَنِ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَمَا أَعْرِفُ فِيهِ حَدِيثًا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَكَانَ هُوَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى يَمِينِكَ سَلَّمْتَ عَلَى يَمِينِكَ، وَنَوَيْتَ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِكَ بَدَأْتَ فَسَلَّمْتَ عَلَى يَمِينِكَ ثُمَّ سَلَّمْتَ عَنْ يَسَارِكِ وَنَوَيْتَ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ تُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِكِ وَعَنْ شِمَالِكَ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ

ذكر اختلاف أهل العلم في الصلاة خلف من لا يرضى حاله من الخوارج وأهل البدع اختلف أهل العلم في الصلاة خلف من لا يرضى حاله من أهل الأهواء، فأجازت طائفة الصلاة خلفهم، روينا عن أبي جعفر أنه سئل عن الصلاة خلف الخوارج، فقال: صل معهم، وكان الحسن البصري يقول

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ، رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: صَلِّ مَعَهُمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: لَا تَضُرُّ الْمُؤْمِنَ صَلَاتُهُ خَلْفَ الْمُنَافِقِ، وَلَا تَنْفَعُ الْمُنَافِقَ صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ خَلْفَهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي صَاحِبِ الْبِدْعَةِ: صَلِّ خَلْفَهُ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ صَاغِرًا هَدْيًا. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَمَنْ صَلَّى مِنْ مُسْلِمٍ بَالِغٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ أَجْزَأَ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْمُودِ الْحَالِ فِي دِينِهِ، أَيْ حَالُهُ بَلَغَ يُخَالِفُ الْجَهْرَ فِي الدِّينِ، وَقَدْ صَلَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ مَنْ لَا يَجْهَرُونَ حَالَهُ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَأَمَرَ بَعْضُهُمْ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُمْ بِالْإِعَادَةِ، كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: فِي الرَّجُلِ يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ: لَا تُقَدِّمُوهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْجَهْمِيِّ يُصَلَّى خَلْفَهُ: يُعِيدُ، وَالْقَدَرِيُّ إِذَا كَانَ يَرُدُّ الْأَحَادِيثَ وَيُخَاصِمُ فَلْيُعِدْ، وَالرَّافِضِيُّ يُصَلِّي خَلْفَهُ يُعِيدُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً إِلَى هَوَاهُ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَيُصَلَّى خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ

ذكر إثبات إمامة صاحب المنزل

ذِكْرُ إِثْبَاتِ إِمَامَةِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ

2087 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ، قَالَ: جَاءَنِي أَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: " وَرَاءَكَ، رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَكَذَاكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ» وَحَضَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ دَارَ أَبِي مُوسَى، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى فَأَمَّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي دَارِهِ، وَحَضَرَ ابْنُ عُمَرَ مَسْجِدَ مَوْلًى فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ مِنِّي، فَصَلَّى الْمَوْلَى

2088 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ أَطْلُبُهُ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: هُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ، وَحُذَيْفَةُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِحُذَيْفَةَ: أَنْتَ صَاحِبُ الْكَلَامِ؟، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِي وَاللهِ لَقَدْ قُلْتُ ذَاكَ، كَرِهْتُ أَنْ يُقَالَ: قَرَأَهُ فُلَانٌ وَقَرَأَهُ فُلَانٌ، كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى فَأَمَّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي دَارِهِ "

2089 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ بِطَائِفَةِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَلِعَبْدِ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَسْجِدِ أَرْضٌ يَعْمَلُهَا، وَإِمَامُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَوْلًى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: " أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ مِنِّي، فَصَلَّى الْمَوْلَى -[234]- وَقَالَ عَطَاءٌ: صَاحِبُ الرَّبْعِ يَؤُمُّ مَنْ جَاءَهُ، قُلْتُ لَهُ: مَا الرَّبْعُ؟ قَالَ: الْمَنْزِلُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ

ذكر الصلاة أمام الإمام قال أبو بكر: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون الإمام أمام المأمومين. واختلف أهل العلم في المأموم يصلي أمام الإمام في حال الضرورة من الزحام، وما أشبه ذلك، فقالت طائفة: إذا كان كذلك فصلاة من صلى منهم أمام الإمام جائزة،

ذِكْرُ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَأْمُومِ يُصَلِّي أَمَامَ الْإِمَامِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ مِنَ الزِّحَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِنْهُمْ أَمَامَ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إِذَا ضَاقَ الزِّحَامُ فِي الْجُمُعَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِي الْمَأْمُومَ أَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَ إِمَامِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بِمِصْرَ

ذكر التكبير قبل إمامه ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا "، وقد ذكرت أسانيدها في غير هذا الموضع، فالسنة التي لا خلاف فيها أن يبدأ الإمام فيكبر، فإذا كبر كبر من وراءه " وقد اختلف أهل

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ قَبْلَ إِمَامِهِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرَ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ مَنْ وَرَاءَهُ " وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ -[235]- تَكْبِيرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَمْ يَقُولُوا: يَخْرُجُ لَمَّا كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ لِمَا دَخَلَ فِيهِ بِتَسْلِيمٍ أَوْ كَلَامٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا يُجْزِيهِ تَكْبِيرُهُ حَتَّى يَقْطَعَ بِسَلَامٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ أَعَادَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ

ذكر انتظار الإمام وهو راكع إذا سمع وقع النعال قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الإمام في ركوعه يسمع حس أقدام الناس، فقالت طائفة: ينتظرهم حتى يدركوه، هذا مذهب الشافعي، والنخعي، وأبي مجلز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وفيه قول ثان، وهو: أن ينتظرهم ما

ذِكْرُ انْتِظَارِ الْإِمَامِ وَهُوَ رَاكِعٌ إِذَا سَمِعَ وَقْعَ النِّعَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ فِي رُكُوعِهِ يَسْمَعُ حِسَّ أَقْدَامِ النَّاسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى يُدْرِكُوهُ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِهِ، هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يَنْتَظِرَهُمْ، وَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ إِلَّا خَالِصَةً لِلَّهِ، وَلَا يُرِيدُ بِالْمُقَامِ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هُوَ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، -[236]- وَالنُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَنْتَظِرُهُمْ يَرْكَعُ كَمَا كَانَ يَرْكَعُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ بِحَبْسِ الْإِمَامِ مَنْ سَبَقَ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ مَعْنًى، وَرُبَّمَا اتَّصَلَ مَجِيءُ النَّاسِ

ذكر الإمام يخص نفسه بالدعاء دون القوم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا كبر في الصلاة وسكت هنيهة قبل القراءة: " اللهم باعد بيني وبين خطيئتي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم

ذِكْرُ الْإِمَامِ يَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ الْقَوْمِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ وَسَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ: «اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطِيئَتِي، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنَ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» وَبِهَذَا نَقُولُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ، وَاحِدٍ، أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَلَيْسَ يَثْبُتُ عَنْ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا مَا رُوِيَ عَنْهُ

2090 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَلَا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَهُمْ

2091 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ كُرْدُوسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي الْقَوْمِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَهُمْ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ -[237]- يَخُصَّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَ الْقَوْمِ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالشَّيْءُ إِذَا صَحَّ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُدِيَ بِهِ، وَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ

مسألة قال أبو بكر: واختلفوا في الرجل ينتهي إلى الإمام فيجده قاعدا في آخر صلاته فكبر وجلس مع الإمام فقالت طائفة: يكبر إذا قام، هكذا قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق وفيه قول ثان: قاله الشافعي قال: وإن جاء رجل، والإمام في التشهد الآخر

مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَنْتَهِي إِلَى الْإِمَامِ فَيَجِدُهُ قَاعِدًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَكَبَّرَ وَجَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ إِذَا قَامَ، هَكَذَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ، وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، فَإِنْ أَحْرَمَ قَائِمًا وَجَلَسَ مَعَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ، قَامَ بِلَا إِحْرَامٍ وَصَلَّى بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ: يُكَبِّرُ وَيَجْلِسُ، فَإِذَا قَامَ أَخَذَ بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ

ذكر الرجل يدرك وترا في صلاة الإمام قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الرجل يدرك وترا من صلاة الإمام ويجلس بجلوس الإمام فقالت طائفة: لا يتشهد، كذلك قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وعمرو بن دينار، وروينا عن علي من حديث الحارث عنه أنه قال:

ذِكْرُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ وِتْرًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيَجْلِسُ بِجُلُوسِ الْإِمَامِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَتَشَهَّدُ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ -[238]- الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ

2092 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِذَا سُبِقَ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ فَلْيَقْرَأْ فِيمَا يُدْرِكُ إِزَاءَ مُهْلَةِ الْإِمَامِ، وَلَا يَجْعَلُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ آخِرَهَا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَتَشَهَّدَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ نَافِعٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ

ذكر اختلاف أهل العلم في الذي يدركه المأموم من صلاة الإمام أهو أول صلاته أم آخرها؟ قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الذي يدركه المأموم من صلاة الإمام أهو أول صلاته أم آخرها؟ ، فقالت طائفة: يجعله أول صلاته؛ لأنهم قد أجمعوا أن تكبيرة الافتتاح لا تكون

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الَّذِي يُدْرِكُهُ الْمَأْمُومُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أَمْ آخِرُهَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّذِي يُدْرِكُهُ الْمَأْمُومُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ أَمْ آخِرُهَا؟، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْعَلُهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ -[239]- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَيْسَ يَثْبُتُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٌ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْمُزَنِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلًا

2093 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «يَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ»

2094 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " يَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ -[240]- وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ تَكُونُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ، وَيَلْزَمُ مَنْ خَالَفَنَا أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الَّذِي يُدْرِكُهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى تَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى الَّتِي يَفْتَتِحُ بِهَا الْمُصَلِّي الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ، ثُمَّ يُقْلَبُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ أَنَّهَا أُولَى فَيُجْعَلُ آخِرَهُ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ غَيْرُ الْأُولَى، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا أَوَّلُ رَكْعَةٍ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَهِيَ آخِرُ رَكْعَةٍ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ، فَقَدْ جَعَلَ الْأُولَى آخِرَةً، وَالْآخِرَةَ أُولَى. يُقَالُ لِمَنْ خَالَفَنَا: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ؟، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا الرَّكْعَتَانِ الْآخِرَتَانِ، قِيلَ لَهُ: فَلِمَ أَمَرْتَهُ بِالْجُلُوسِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَقْضِيهَا وَهِيَ عِنْدَكَ أُولَى، وَالْأُولَى لَا جُلُوسَ فِيهَا؟، وَفِي أَمْرِ كُلِّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْجُلُوسِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَالتَّسْلِيمِ فِيهَا بَيَانٌ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ، إِذْ لَا جُلُوسَ فِي الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَلَا تَسْلِيمَ لَهُ

ذكر استخلاف من يتم بالقوم بقية صلاتهم إذا أحدث الإمام قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الإمام يحدث، فقالت طائفة: يقدم رجلا يبتدي من حيث بلغ الإمام المحدث، ويبنى على صلاته، فممن روي عنه أنه رأى أن يقدم الإمام المحدث رجلا عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي

ذِكْرُ اسْتِخْلَافِ مَنْ يُتِمُّ بِالْقَوْمِ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ يُحْدِثُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقَدِّمُ رَجُلًا يَبْتَدِي مِنْ حَيْثُ بَلَغَ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ، وَيُبْنَى عَلَى صَلَاتِهِ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُقَدِّمَ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ رَجُلًا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، -[241]- وَالنَّخَعِيُّ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2095 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، صَلَّى يَوْمًا لِلنَّاسِ فَلَمَّا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَطَالَ الْجُلُوسَ، فَلَمَّا اسْتَقْبَلَ قَائِمًا نَكَصَ خَلْفَهُ وَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ، فَقَدَّمَهُ مَكَانَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الْعَصْرِ صَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخَذَ بِجَنَاحِ الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنِّي تَوَضَّأْتُ لِلصَّلَاةِ فَمَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِي، فَكَانَ مِنِّي وَمِنْهَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، فَلَمَّا كُنْتُ فِي صَلَاتِي وَجَدْتُ بَلَلًا، فَخَيَّرْتُ نَفْسِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْكُمْ وَأَجْتَرِئَ عَلَى اللهِ، وَإِمَّا أَنْ أَسْتَحِيَ مِنَ اللهِ وَأَجْتَرِئَ عَلَيْكُمْ، فَكَانَ اسْتِحْيَائِي مِنَ اللهِ وَاجْتِرَائِي عَلَيْكُمْ أَحَبَّ إِلَيَّ، فَخَرَجْتُ فَتَوَضَّأْتُ وَوَجَدَّتُ صَلَاتِي فَمَنْ صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ، فَلْيَصْنَعْ كَمَا صَنَعْتُ» 2096 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَبَلَةُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عُمَرُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَكَبَّرَ قَدَّمَ رَجُلًا كَانَ يَلِيهِ ثُمَّ رَجَعَ، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ

2097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ -[242]- إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: " أَمَّنَا عَلِيٌّ فَرَعَفَ فَأَخَذَ رَجُلًا فَقَدَّمَهُ، وَتَأَخَّرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْإِمَامُ، فَإِنْ قَرُبَ مَجِيئُهُ تَوَضَّأَ وَرَجَعَ فَأَتَمَّ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَارَبْ رُجُوعُهُ صَلُّوا وُحْدَانًا. وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الِاخْتِيَارُ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلِّيَ الْقَوْمُ فُرَادَى وَلَا يُقَدِّمُوا أَحَدًا، فَإِنْ قَدَّمُوا، أَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا فَأَتَمَّ لَهُمُ مَا بَقِيَ من الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَرَى أَنْ لَا يُقَدِّمَ الْإِمَامُ إِذَا أَحْدَثَ أَحَدًا، فَإِنْ قَدِمَ صَلَّى بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يُقَدِّمُ رَجُلًا مِمَّنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ يُسَلِّمُ بِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ الْإِمَامُ فَيَقْضِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، حَكَى الْأَشْعَثُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ فَاتَهُ الْقَوْمُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَقَدَّمَهُ فَقَالَ: يُصَلِّي بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي مَا سَبَقَ بِهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: إِنْ قَدَّمَ فَلَا بَأْسَ قَدْ قَدَّمَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فَلَا بَأْسَ يُقَدِّمُونَ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ، قَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُقَلْ: إِنَّهُ اسْتَخْلَفَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ قَدَّمَ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ مَنْ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِنَّ النَّخَعِيَّ، قَالَ: إِذَا لَمْ يَدْرِ فَلْيَنْظُرْ مَا يَصْنَعُ مَنْ وَرَاءِ خَلْفِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا لَمْ يَدْرِ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَ، كَمْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ، يَتَصَنَّعُ لِلْقِيَامِ، فَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ جَلَسَ وَعَلِمَ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ، قَدَّمَ رَجُلًا فَسَلَّمَ بِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ هَذَا بِتَسْبِيحِهِمْ صَلَّاهَا مِنْ أَوَّلِهَا، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ -[243]- فَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ» ، وَالْيَقِينُ أَنَّهُ لِلَّهِ عَلَيْهِ فَرْضُ أَرْبَعٍ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا قَدَّمَ رَجُلًا وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ سَبَقَهُ بِهِ، قَالَ: يُصَلِّي لِنَفْسِهِ صَلَاةً تَامَّةً وَيُصَلِّي النَّاسُ خَلْفَهُ، وَيَعْتَدُّونَ بِمَا صَلَّى بِهِمُ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ قَعَدُوا وَانْتَظَرُوا حَتَّى إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ سَلَّمَ بِهِمْ، وَلَوْ قَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَسَلَّمَ بِالْقَوْمِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، كَانَ ذَلِكَ صَوَابًا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ رَكْعَةٌ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ وَيُقَدِّمُ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ، أَوْ يُسَلِّمُ إِنْ كَانُوا قَدْ أَتَمُّوا، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ الرَّجُلُ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ

ذكر وقت إدراك المرء فضل الجماعة

ذِكْرُ وَقْتِ إِدْرَاكِ الْمَرْءِ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ

2098 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ طَحْلَاءَ، عَنْ مُحْصَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا، وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَشَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَاءَ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ الْإِمَامُ فَقَدْ دَخَلَ فِي تَضْعِيفِ صَلَاتِهِمْ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ "

2099 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ

2100 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ هُوَ ابْنُ شِنْظِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَكَبَّرَ وَجَلَسَ فَقَدْ دَخَلَ فِي تَضْعِيفِ صَلَاتِهِمْ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ الْإِمَامُ فَقَدْ دَخَلَ فِي تَضْعِيفِ صَلَاتِهِمْ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَقَدْ أَدْرَكَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ يَنْوِيهِمْ، فَأَدْرَكَهُمْ أَوْ لَمْ يُدْرِكْهُمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي التَّضْعِيفِ

مسائل من كتاب الإمامة قال أبو بكر: واختلفوا في المأموم تفوته ركعة من صلاة الإمام فيسهو الإمام فيصلي خمسا، وتبعه الرجل، فكان الشافعي يقول: إن تبعه وهو لا يدري أنه سها، أجزت المأموم صلاته، لأنه قد صلى أربعا، وإن تبعه وهو يعلم أنه قد سها بطلت صلاته،

مَسَائِلُ مِنْ كِتَابِ الْإِمَامَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَأْمُومِ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَسْهُو الْإِمَامُ فَيُصَلِّي خَمْسًا، وَتَبِعَهُ الرَّجُلُ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِنْ تَبِعَهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ سَهَا، أَجَزَتِ الْمَأْمُومَ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ تَبِعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ سَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ فِي السَّهْوِ أَنْ يُصَلِّيَ خَمْسًا وَيَعْتَدُّ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ، وَكَانَ حُكْمُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي سَهَا فِيهَا حُكْمَ الْأَرْبَعِ "

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامٍ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ الْقَوْمُ رَجُلَيْنِ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا فَاسِدَةٌ، وَإِنْ قَدَّمُوا رَجُلًا وَاحِدًا قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ، وَإِنْ قَدَّمُوا بَعْدَ مَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: صَلَاةُ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا تَامَّةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ فَسَهَا قَائِمًا رَكَعَ الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ اسْتَأْنَ وَقَدْ سَجَدُوا فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِنْ أَدْرَكَهُمْ فِي أَوَّلِ سُجُودِهِمْ سَجَدَ مَعَهُمْ وَاعْتَدَّ بِهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ، وَإِنْ يُدْرِكْهُمْ فِي السُّجُودِ حَتَّى يَسْتَوُوا قِيَامًا فِي الثَّانِيَةِ فَلْيَتْبَعْهُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَضَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقُوهُ بِهَا وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَقَالَ شُعْبَةُ: صَلَّيْتُ خَلْفَ خَالِدٍ التُّسْتَرِيِّ بِالْكُوفَةِ وَكَانَ الزِّحَامُ شَدِيدًا فَسَبَقَنِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا أَعْلَمُ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ سَجَدْتُ سَجْدَتَيَّ بَعْدَمَا فَرَغْتُ، فَسَأَلْتُ الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا فَقَالَا: اسْجُدْ مَعَهُ أَوْ قَالَا: احْتَسِبْ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يَسْجُدُ وَيَتْبَعُهُ مَا لَمْ يَرْكَعِ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلْأُولَى وَقَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَكِنْ يُلْغِي الْأُولَى وَيَتْبَعُهُ فِي الثَّانِيَةِ "

كتاب العيدين

كِتَابُ الْعِيدَيْنِ

ذكر اختلاف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر قال الله جل ذكره: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم الآية، اختلف أهل العلم في التكبير ليلة الفطر، فكان الشافعي يقول: إذا رأى هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد، والأسواق، والطرق،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَلْتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] الْآيَةَ، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ النَّاسُ جَمَاعَةً وَفُرَادَى فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَسْوَاقِ، وَالطُّرُقِ، وَالْمَنَازِلِ، وَمُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ، وَفِي كُلِّ حَالٍ، وَأَيْنَ كَانُوا وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ وَلَا يَزَالُونَ يُكَبِّرُونَ حَتَّى يَغْدُوا إِلَى الْمُصَلِّي، وَبَعْدَ الْغُدُوِّ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَدَعُوا التَّكْبِيرَ، وَكَذَا أُحِبُّ فِي لَيْلَةِ الْأَضْحَى لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رِوَايَتَيْنِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] الْآيَةَ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ حِينَ يُرَى الْهِلَالُ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَسْجِدِ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا حَضَرَ الْإِمَامُ كَفَّ، فَلَا يُكَبِّرُ إِلَّا بِتَكْبِيرِهِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: بَلَغَنَا أَنَّهُ التَّكْبِيرُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَأَمَّا سَائِرُ الْأَخْبَارِ عَنِ الْأَوَائِلِ فَدَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ يَوْمَ الْفِطْرِ إِذَا غَدَوْا إِلَى الصَّلَاةِ، فَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وَأَبِي رُهْمٍ، وَنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2101 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْعِيدِ كَبَّرَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ

2102 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا الْحَوْطِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْحَرْبِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، وَأَبَا رُهْمٍ، وَنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُونَ يَوْمَ الْفِطْرِ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الصَّلَاةِ "

2103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجَبَّانَةِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَفَعَلَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي -[251]- لَيْلَى، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ النَّاسُ إِذَا خَرَجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إِلَى مَخْرَجِهِمْ كَبَّرُوا حَتَّى يَفْرُغُوا مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسَكُوا. وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّاسَ يُكَبِّرُونَ قَالَ: " مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قُلْتُ: يُكَبِّرُونَ قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: أَمَجَانِينُ النَّاسُ "

2104 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقُودُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ الْعِيدِ فَسَمِعَ النَّاسَ، يُكَبِّرُونَ، قَالَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قُلْتُ: يُكَبِّرُونَ، قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: «أَمَجَانِينُ النَّاسُ» وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْحَوَّاكُونَ

كيف التكبير كان قتادة يقول: الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله ولله الحمد، وكان ابن المبارك يقول إذا خرج يوم الفطر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر والله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا. وذكر لأحمد قول ابن المبارك، فقال

كَيْفَ التَّكْبِيرُ كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا اللهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا. -[252]- وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: «هَذَا وَاسِعٌ» ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَحُدُّ فِيهِ حَدًّا

ذكر عدد صلاة العيدين

ذِكْرُ عَدَدِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

2105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ "

ذكر الخبر الدال على أن صلاة العيد تطوع قال أبو بكر: دل خبر طلحة بن عبيد الله الذي فيه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات في اليوم والليلة " قال: هل على غيرها؟ قال: " لا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّ خَبَرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَى غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ غَيْرُ مَفْرُوضٍ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهُ غَيْرُ آثَمٍ

ذكر المكان الذي منه يؤتى العيد قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في المكان الذي يؤتى العيد فكان الأوزاعي يقول: من آواه الليل إلى أهله فعليه الجمعة، والعيد، وكان ربيعة يقول في هبوط الناس للفطر والأضحى: كانوا يرون الفرسخ. وقال أبو الزناد في النزول للعيدين

ذِكْرُ الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى الْعِيدُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُؤْتَى الْعِيدُ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَالْعِيدُ، وَكَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ -[253]- فِي هُبُوطِ النَّاسِ لِلْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: كَانُوا يَرَوْنَ الْفَرْسَخَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ فِي النُّزُولِ لِلْعِيدَيْنِ: هُمَا عِنْدِي فِي النُّزُولِ كَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَهُ

ذكر استحباب الأكل يوم الفطر قبل الغدو إلى المصلى، وترك الأكل يوم النحر إلى الرجوع من المصلى

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى، وَتَرْكِ الْأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى

2106 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوَابٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ "

ذكر استحباب أكل التمر وترا يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ أَكْلِ التَّمْرِ وِتْرًا يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى

2107 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «مَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وِتْرًا»

ذكر اختلاف أهل العلم في الأكل يوم الفطر قبل الغدو كان عبد الله بن عمر لا يأكل يوم الفطر حتى يغدو، وروينا عن ابن مسعود أنه قال: لا تأكلوا قبل أن تخرجوا يوم الفطر إن شئتم

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَغْدُوَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إِنْ شِئْتُمْ

2108 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَغْدُوَ "

2109 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَا تَأْكُلُوا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إِنْ شِئْتُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْفِطْرِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ نَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا، وَأَنْ نَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ نُخْرِجَ وَنَشْرَبَ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَغْدُوَ أَحَدٌ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ فَلْيَفْعَلْ

2110 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ نَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا وَأَنْ نَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ نَخْرُجَ وَنَشْرَبَ»

2111 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَغْدُوَ أَحَدٌ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ فَلْيَفْعَلْ زَادَ إِسْحَاقُ قَالَ: فَلَمْ أَدَعْ أَنْ آكُلَ قَبْلَ أَنْ أَغْدُوَ مُنْذُ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ -[255]- وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْأَكْلَ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَأْكُلُوا قَبْلَ الْغُدُوِّ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُلْ

ذكر الاغتسال يوم العيد روينا عن علي بن أبي طالب، أنه كان يغتسل في الفطر والأضحى، وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو

ذِكْرُ الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْعِيدِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ

2112 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَاذَانَ، يَقُولُ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْغُسْلِ، قَالَ: اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ؟ قَالَ: لَا، بَلِ الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ "

2113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَالْأَضْحَى»

2114 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الِاغْتِسَالَ يَوْمَ الْفِطْرِ عَطَاءٌ وَعَلْقَمَةُ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو -[257]- الزِّنَادِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً أُخْرَى

2115 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اغْتَسَلَ لِلْعِيدِ قَطُّ، كَانَ يَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَيَغْدُو إِذَا أَصْبَحَ، لَا يَأْتِي مَنْزِلَهُ»

ذكر الخروج إلى المصلى لصلاة العيدين

ذِكْرُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

2116 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدِ فَإِنْ ضَعُفَ قَوْمٌ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى، أَمَرَ الْإِمَامُ مَنْ يُصَلِّي لِمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الضَّعْفِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ

2117 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَبِي الْهُذَيْلِ، أَنَّ عَلِيًّا، أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ "

2118 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَى عَلِيٌّ أُنَاسًا يَذْهَبُونَ يَوْمَ الْعِيدِ فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالُوا: يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: " إِنَّمَا الْجَمَاعَةُ فِي الْجَبَّانَةِ، وَأَمَرَ رَجُلًا فَصَلَّى بِهِمْ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَسْتَحْسِنُ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَرَيَانِ ذَلِكَ وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ

ذكر ترك الأذان والإقامة لصلاة العيدين

ذِكْرُ تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

2119 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: سِمَاكٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ الْعِيدَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ» وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَقُولَانِ: لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى، وَصَلَّى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَلَمْ يُؤَذِّنْ وَلَمْ يُقِمْ

2120 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَا: " لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ حِينٍ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَخْبَرَنِي قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَا أَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَلَا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ، قَالَ: لَا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلَا إِقَامَةَ "

2121 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي يَوْمِ عِيدٍ قَالَ: فَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَلَمْ يُقِمْ وَهَذَا قَوْلُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ جَابِرٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: تِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَرَى أَنْ يَأْمُرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ فِي الْأَعْيَادِ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَوَ الصَّلَاةَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ شُعْبَةُ: أَذَّنَ فِي الْعِيدَيْنِ ابْنُ وَارِحٍ، وَكَانَ اسْتَخْلَفَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَقَالَ حُصَيْنٌ: أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي الْعِيدِ زِيَادٌ

2122 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ بَيْنَهُمَا حَسَنٌ فَقَالَ: «لَا تُؤَذِّنْ وَلَا تُقِمْ، فَلَمَّا سَاءَ الَّذِي بَيْنَهُمَا أَذَّنَ وَأَقَامَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي الْعِيدَيْنِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَالَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ

ذكر وقت صلاة العيد كان ابن عمر يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم يغدو كما هو إلى المصلى

ذِكْرُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَغْدُو كَمَا هُوَ إِلَى الْمُصَلَّى

2123 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ وَكَانَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَبَنُوهُ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى الْمُصَلَّى، وَذَلِكَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى 2124 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّهُ رَأَى جَدَّهُ رَافِعًا وَبَنِيهِ " -[261]- وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ عِيدٍ أَوَّلُ النَّهَارِ، وَقَالَ مَالِكٌ: مَضَتِ السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي وَقْتِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ مَنْزِلِهِ قَدْرَ مَا يَبْلُغُ مُصَلَّاهُ، وَقَدْ حَلَّتِ الصَّلَاةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَغْدُو إِلَى الْأَضْحَى قَدْرَ مَا يُوَافِي الْمُصَلَّى حِينَ تَبْرُزُ الشَّمْسُ وَهَذَا أَعْجَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيُؤَخِّرُ الْغُدُوَّ إِلَى الْفِطْرِ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلًا غَيْرَ كَثِيرٍ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَخْرُجُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ وَتَحِلُّ الصَّلَاةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى تَمَرَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَغْدُوَ النَّاسُ إِلَى الْمُصَلَّى، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ النَّاسُ إِلَى مُصَلَّاهُمْ قَبْلَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَأْتِي الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ الْمُصَلِّي، وَقَدْ حَلَّتِ الصَّلَاةُ

ذكر إخراج العنزة في العيدين ليتخذها الإمام سترة يستتر بها إذا صلى

ذِكْرُ إِخْرَاجِ الْعَنَزَةِ فِي الْعِيدَيْنِ لِيَتَّخِذَهَا الْإِمَامُ سُتْرَةً يَسْتَتِرُ بِهَا إِذَا صَلَّى

2125 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَدَا إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ يَحْمِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحَرْبَةَ وَيَخْرُجُ مَاشِيًا حَتَّى تُرْكَزَ لَهُ بِالْمُصَلَّى فَيَتَّخِذَهَا سُتْرَةً يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى الدُّورُ، وَيُحْمَلُ الْحَرْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ يُصَلِّي فَيَتَّخِذَهَا سُتْرَةً "

ذكر إباحة إخراج النساء إلى الأعياد وإن كن أبكارا أو ذات خدور حيضا كن أو أطهارا

ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِخْرَاجِ النِّسَاءِ إِلَى الْأَعْيَادِ وَإِنْ كُنَّ أَبْكَارًا أَوْ ذَاتَ خُدُورٍ حُيَّضًا كُنَّ أَوْ أَطْهَارًا

2126 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ الْعَوَاتِقُ، وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضُ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَرَأَيْتَ إِحْدَاهُنَّ لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْأَعْيَادِ، فرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: الْخُرُوجُ إِلَى الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعِيدِ

2127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ قَالَ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَّا فِي الْعِيدَيْنِ "

2128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: -[263]- ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعِيدِ "

2129 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُخْرِجُ نِسَاءَهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ خُرُوجَ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدَيْنِ، كَرِهَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لَا يَدَعُ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِهِ تَخْرُجُ إِلَى فِطْرٍ وَلَا إِلَى أَضْحًى، وَقَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ: لَا نَعْرِفُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ الشَّابَّةِ عِنْدَنَا فِي الْعِيدَيْنِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدِ: أَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّا نَكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ وَنُرَخِّصُ لِلْعَجُوزِ الْكَبِيرِ بِأَنْ تَشْهَدَ الْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، وَالْعِيدَيْنِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا

ذكر الركوب إلى العيد روينا عن عمر بن الخطاب، أنه خرج في يوم فطر، أو يوم خروج في ثوب قطن يمشي، وروي عن علي أنه قال: من السنة أن تأتي العيد ماشيا

ذِكْرُ الرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ خَرَجَ فِي يَوْمِ فِطْرٍ، أَوْ يَوْمِ خُرُوجٍ فِي ثَوْبِ قُطْنٍ يَمْشِي، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا

2130 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي يَوْمِ فِطْرٍ، أَوْ يَوْمِ خُرُوجٍ، فِي ثَوْبِ قُطْنٍ يَمْشِي "

2131 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَأْتِيَ، الْعِيدَ مَاشِيًا، -[264]- وَأَنْ تَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ وَتَشْرَبَ» وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا فَلْيَأْتِهِ مَاشِيًا، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَكْرَهُ أَنْ يَرْكَبَ فِي الْعِيدَيْنِ وَكَانَ يَمْشِي، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ الْمَشْيَ إِلَى الْعِيدَيْنِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا نَحْنُ فَنَمْشِي وَمَكَانُنَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا مَنْ بَعُدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَشْيُ إِلَى الْعِيدِ أَحْسَنُ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَكِبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ كَمَا يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الْعِيدِ

2132 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ يَوْمَ الْعِيدِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الْعِيدِ " -[265]- وَقَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ الزِّينَةَ وَالتَّطَيُّبِ فِي كُلِّ عِيدٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ

ذكر ترك الصلاة في المصلى قبل صلاة العيدين وبعدها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج في يوم فطر أو أضحى فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها

ذِكْرُ تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَبَعْدَهَا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي يَوْمِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا

2133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَتُلْقِي سِخَابَهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلَّى قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعِيدِ: لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ

2134 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا»

2135 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ كَانَا يَنْهَيَانِ النَّاسَ يَوْمَ الْعِيدِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ

2136 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، وَابْنَ عُمَرَ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَشُرَيْحًا، وَابْنَ مَعْقِلٍ لَا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهُ»

2137 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَاةُ قَبْلَ الْعِيدِ، لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ»

2138 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ لَا يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْعِيدَيْنِ وَلَا بَعْدَهُمَا شَيْئًا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَسْرُوقٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، -[267]- وَالزُّهْرِيِّ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَمَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُصَلَّى قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، وَحُكِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَى الْكُوفِيُّونَ الصَّلَاةَ بَعْدَهَا، وَالْبَصْرِيُّونَ الصَّلَاةَ قَبْلَهَا، وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا هَذَا قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

2139 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَالْحَسَنَ يُصَلِّيَانِ قَبْلَ الْعِيدِ "

2140 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنُ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ يُصَلُّونَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ -[268]- وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَسَعِيدٍ ابْنِي أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَهَا وَلَا يُصَلَّى قَبْلَهَا، رُوِّينَا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ عِيدٍ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الْعِيدَيْنِ أَرْبَعًا

2141 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ -[269]- زَهْدَمٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى صِفِّينَ اسْتَعْمَلَ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ عَلَى النَّاسِ، فَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ فَخَرَجَ أَبُو مَسْعُودٍ فَأَتَى الْجَبَّانَةَ وَالنَّاسُ بَيْنَ مُصَلٍّ وَقَاعِدٍ، فَلَمَّا تَوَسَّطَهُمْ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ»

2142 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ صَالِحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِيدَيْنِ أَرْبَعًا» وَمَنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَهَا وَلَا يُصَلَّى قَبْلَهَا عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسَعِيدٌ، وَالنَّخَعِيُّ إِبْرَاهِيمُ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ -[270]- قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْعَامَّةُ عَلَى أَنْ لَا صَلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَيُصَلِّي بَعْدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ كَرَاهِيَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَالرُّخْصَةُ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْمُصَلَّى، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: وَالْفِطْرُ وَالْأَضْحَى لَيْسَ قَبْلَهُمَا صَلَاةٌ وَيُصَلِّي بَعْدَهُمَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ وَلَا يُصَلِّي فِي الْجَبَّانِ أَصْلًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ مُبَاحٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَهِيَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ غُرُوبِهَا، وَوَقْتُ الزَّوَالِ، وَقَدْ كَانَ تَطَوُّعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَطَوَّعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْظُرَ مِنْهُ شَيْئًا. وَلَيْسَ فِي تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَا يَجُوزُ حَظْرُهُ إِلَّا بِنَهْيٍ يَأْتِي عَنْهُ، وَلَا نَعْلَمُ خَبَرًا يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهُ، وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَفِي سَائِرِ الْأَيَّامِ فِي الْبُيُوتِ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ

ذكر البدء بصلاة العيد قبل الخطبة

ذِكْرُ الْبَدْءِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ

2143 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ "

2144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانُوا يَبْدَءُونَ -[271]- بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ، وَعَلَيْهِ عَوَّامُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ. فَمِمَّنْ كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَاْبْنُ مَسْعُودٍ وَهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2145 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَذِنَ لِلْأَنْصَارِ وَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ "

2146 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، كَانَا يُصَلِّيَانِ الْعِيدَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ "

2147 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ -[272]- حَرْبٍ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يَوْمَ الْعِيدِ خَطَبَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى بَعِيرٍ "

2148 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: «أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِهِ أَوْ يُقْضَى فِي عَهْدِنَا هَذِهِ الصَّلَاةُ ثُمَّ الْخُطْبَةُ ثُمَّ لَا يَبْرَحُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْطُبَ»

2149 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ أَصْنَعُ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ؟ وَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُمَا حَسَنٌ، فَقَالَ: «لَا تُؤَذِّنُ، وَلَا تُقِمْ، وَصَلِّ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَلَمَّا سَاءَ الَّذِي بَيْنَهُمَا، أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ»

2150 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «خَطَبَ عَلَى جَمَلٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ أَضْحَى ثُمَّ ذَبَحَ» وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ رُوِّينَا أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِهِ رَآهُمْ لَا يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ

2151 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، قَالَ: فَسَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ أَوَّلِ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: عُثْمَانُ صَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ -[273]- خَطَبَهُمْ فَرَأَى نَاسًا كَثِيرًا لَمْ يُدْرِكُوا الصَّلَاةَ فَفَعَلَ ذَلِكَ "

2152 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَانُوا يُصَلُّونَ ثُمَّ يَخْطُبُونَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ رَأَى أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى "

2153 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: " خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي مَسْعُودٍ، حَتَّى أَفْضَيْنَا إِلَى الْمُصَلَّى، فَإِذَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ قَدْ بَنِي لِمَرْوَانَ مِنْبَرًا مِنْ لَبَنٍ وَطِينٍ، فَعَدَلَ مَرْوَانُ إِلَى الْمِنْبَرِ، حَتَّى حَاذَى بِهِ فَجَذَبْتُهُ لِيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ: تُرِكَ مَا تَعْلَمُ؟ قُلْتُ: كَلَّا وَرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ، قَالَ: ثُمَّ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ "

ذكر عدد التكبير في صلاة العيدين في القيام قبل الركوع قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في عدد التكبير، في صلاة العيدين فقال كثير من أهل العلم: يكبر في الأولى سبعا وفي الآخرة خمسا، روي ذلك عن أبي هريرة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر

ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْقِيَامِ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ، فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ

2154 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ -[274]- قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً "

2155 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعٌ وَخَمْسٌ، سَبْعٌ فِي الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»

2156 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ عَمَّارٍ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، «كَبَّرَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ» وَبِهِ قَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، وَلَا مِنَ الْخَمْسِ فِي الثَّانِيَةِ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ لِيُكَبِّرَ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ. وَعَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَمَّا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَكَانَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فِيهَا، لَزِمَ النَّاسَ سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الْعِيدِ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعٌ تِسْعٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِبَعْضِ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: تَقُومُ فَتُكَبِّرُ أَرْبَعًا مُتَوَالِيَاتٍ، ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ، فَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، ثُمَّ تَقُومُ فَتَقْرَأُ -[275]- ثُمَّ تُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَرْكَعُ بِآخَرِهِنَ، وَحَضَرَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالُوا: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ

2157 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعًا تِسْعًا أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ فَإِذَا فَرَغَ كَبَّرَ أَرْبَعًا ثُمَّ يَرْكَعُ "

2158 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنِ التَّكْبِيرِ، فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: سَلْ هَذَا، لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «تُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ فَتَرْكَعُ، ثُمَّ تَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ فَتَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»

2159 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُكَبِّرَانِ فِي الْعِيدِ تِسْعًا تِسْعًا " -[276]- 2160 - حدثنا موسى قال: ثنا أبو بكر قال: ثنا أبو أسامة عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب قالا: تسع تكبيرات ويتوالى بين القراءتين. 2161 - حدثنا موسى قال: ثنا أبو بكر قال: ثني يحيى بن سعيد عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين عن أنس أنه كان يكبر في العيد تسعاً فذكر مثل حديث عبد الله. وقال سفيان الثورى في التكبير في الفطر والأضحى: يكبر أربع تكبيرات قبل القراءة، ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات ثم يركع بالرابعة، وقال أصحاب كما روى عن ابن مسعود. وفيه قول ثالث: قاله ابن عباس قال: (التكبير يوم الفطر ثلاث عشرة يكبرهن وهو قائم سبع في الركعة الأولى منهن تكبيرة الاستفتاح للصلاة، ومنهن تكبيرة الركعة، ومنهن ست قبل القراءة وواحدة بعدها، وفي الآخرة ست تكبيرات منهن تكبيرة الركعة ومنهن خمس قبل القراءة وواحدة بعدها) . 2162 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابن جريج عن عطاء عنه. وفيه قول رابع: قاله الحسن البصري قال: في الأولى خمس تكبيرات، وفي الآخرة ثلاث سوى تكبيرتي الركوع. وفيه قول خامس: وهو أن التكبير في العيدين كالتكبير على الجنائز أربع -[277]- أربع، روي هذا الحديث عن حذيفة، وأبي موسى، وابن مسعود، وابن الزبير. 2163 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا هارون بن معروف قال: ثنا محمد بن سلمة قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عن مكحول عن أبي عائشة مولى سعيد بن العاص قال: بعثه سعيد بن العاص إلى حذيفة، وأبي موسى الأشعري فسألهما عن التكبير في العيدين فقالا: كالتكبير على الجنائز أربع أربع. 2164 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابن جريج قال: قلت له يعنى عطاء: أن يوسف بن ماهك أخبرني أن ابن الزبير كان لا يكبر إلا أربعاً في كل ركعة سوى تكبيرتين في الركعتين سمع ذلك منه. 2165 - حدثونا عن بندار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي عطية قال: قال عبد الله بن مسعود: التكبير في العيدين أربع كالتكبير على الجنائز. 2166 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أبو بكر قال: ثنا زيد بن حباب قال: ثنا عبد الرحمن يعني ابن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: حدثني أبو عائشة وكان جليسا لأبي هريرة قال: شهدت سعيد بن العاص ودعا أبا موسى الأشعري، وحذيفة فسألهما عن التكبير في العيدين؟ قال: فقال أبو موسى: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في العيدين كما يكبر على الجنائز قال: وصدقه حذيفة. وفيه قول سادس: وهو أن التكبير في صلاة العيد يكبر في الركعة الأولى أربع تكبيرات قبل القراءة سوى تكبيرة الصلاة، وفي الركعة الثانية ثلاث تكبيرات بعد القراءة سوى تكبيرة الصلاة. -[278]- 2167 - حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرٍ وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ أَعْجَبَ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ فِي التَّكْبِيرِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ: يُكَبِّرُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَيَرْكَعُ بِالثَّالِثَةِ وَيَسْجُدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ تَكْبِيرِ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ أَحَدَ عَشَرَ تَكْبِيرَةً يَفْتَتِحُ بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ خَمْسًا يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُنَّ، ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ خَمْسًا يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُنَّ، وَكَانَ يُكَبِّرُ خَمْسًا فِي الْأَضْحَى يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً الَّتِي تُوجِبُ بِهَا الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثِنْتَيْنِ يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثِنْتَيْنِ يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُمَا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً وَفِي الْأَضْحَى خَمْسًا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُوَافِقُ عَدَدَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، وَأَحْسَبُ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً غَلَطٌ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ قَوْلٌ عَاشِرٌ: رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَضْحَى إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَكَبِّرْ تَكْبِيرَتَيْنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَأَسْمِعْ مَنْ حَوْلَكَ وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ، وَفِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْفِطْرِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْأُولَى أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَفِي الْأُخْرَى ثَلَاثٌ سِوَى تَكْبِيرَتَيِ الرُّكُوعِ وَأَسْمِعْ مَنْ حَوْلَكَ. -[279]- وَفِيهِ قَوْلٌ حَادِي عَشَرَ: قَالَهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: لَيْسَ فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانِي عَشَرَ: وَهِيَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ التَّكْبِيرَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ تِسْعُ تَكْبِيرَاتٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَثَلَاثَةَ عَشْرَةَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ 2168 - حَدَّثَنَاهُ أَبُو يَعْقُوبَ، يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَقُولُ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ

2169 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعًا ثُمَّ قَرَأَ فَكَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ كَبَّرَ فِي الْأُخْرَى خَمْسًا ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ رَكَعَ "

2170 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ "

الذكر بين كل تكبيرتين واختلفوا في الذكر بين كل تكبيرتين من تكبيرات العيد فقالت طائفة: يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ثم يكبر، روي هذا القول عن ابن مسعود

الذِّكْرُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الذِّكْرِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو اللهَ ثُمَّ يُكَبِّرُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

2171 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ " دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فِي عَرْصَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: إِنَّ الْعِيدَ قَدْ حَضَرَ فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ تَحْمَدُ اللهَ وَتُثْنِي عَلَيْهِ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدَعُو اللهَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَحْمَدُ اللهَ وَتُثْنِي عَلَيْهِ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدْعُو، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَحْمَدُ اللهَ وَتُثْنِي عَلَيْهِ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدْعُو، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَاقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، ثُمَّ كَبِّرْ وَارْكَعْ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ سَاعَةً يَدْعُو اللهَ، وَيَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يَقِفُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ قَدْرَ آيَةٍ لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ، يُهَلِّلُ اللهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ، يَصْنَعُ هَذَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنَ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَمِيلُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ مَوْضِعٌ لِقَوْلِ وَلَا دُعَاءٍ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَ مُتَتَابِعٌ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ قِيلَ لَهُ: هَلْ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلٍ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَفْعَلُ ذَلِكَ الْإِمَامُ، يَفْعَلُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ لِيَتَمَكَّنُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ التَّكْبِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

مسألة قال أبو بكر: واختلفوا فيما يستفتح به الصلاة بعد التكبير مثل قوله: سبحانك اللهم وبحمدك، ووجهت وجهي وغير ذلك، متى يقوله المصلي في صلاة العيد؟ ففي قول الأوزاعي: يقوله إذا فرغ من السبع تكبيرات، واحتج بعض من وافق الأوزاعي في هذا القول قال: لما

مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ مِثْلَ قَوْلِهِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَتَى يَقُولُهُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ؟ فَفِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ: يَقُولُهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ السَّبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ وَافَقَ الْأَوْزَاعِيَّ فِي هَذَا الْقَوْلِ قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ التَّكْبِيرِ كَانَ كَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، يَقُولُهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُكَبِّرُ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَفْتَتِحُ فَيَقُولُ: «وَجَّهْتُ وَجْهِي» وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ يُكَبِّرُ سَبْعًا لَيْسَ مِنْهَا تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ

مسألة واختلفوا في الإمام ينسى التكبير حتى يبتدئ في القراءة، فقالت طائفة: إن ذكر قبل أن يركع عاد فكبر وقرأ وسجد سجدتي السهو بعد السلام، وإن ركع مضى ولم يكبر ما فاته من الركعة الثانية، وسجد سجدتي السهو، هذا قول مالك، وأبي ثور. وكان الشافعي يقول: لا

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يَنْسَى التَّكْبِيرَ حَتَّى يَبْتَدِئَ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ عَادَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ رَكَعَ مَضَى وَلَمْ يُكَبِّرْ مَا فَاتَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا آمُرُهُ إِذَا افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ أَنْ يَقْطَعَهَا، وَلَا إِذَا فَرَغَ مِنْهَا أَنْ يُكَبِّرَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَى تَارِكِهِ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا هُوَ بِالْعِرَاقِ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ سُجُودَ السَّهْوِ

ذكر رفع اليدين في تكبيرات العيد اختلف أهل العلم في رفع اليدين في التكبيرات في صلاة العيد فقالت طائفة: يرفع يديه في كل تكبيرة مثل الصلاة على الجنائز، وفي الفطر والأضحى، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَاتِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِثْلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَفِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

2172 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ اللَّخْمِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَفِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ: وَهُوَ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ لَازِمَةٌ فَمَنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِيهَا كُلِّهَا وَفِي الْأُولَى أَحَبُّ إِلَيَّ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الْخَامِسَةَ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَإِذَا قَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ كَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ لِلرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْفَعَ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَكْبِيرٌ فِي حَالِ الْقِيَامِ، فَكُلُّ مَنْ كَبَّرَ فِي حَالِ الْقِيَامِ رَفَعَ يَدَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ

ذكر القراءة في صلاة العيد

ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ

2173 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: " سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَاذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ قَالَ: يَقْرَأُ بِـ ق، وَاقْتَرَبَتْ "

وجه ثان مما يقرأ به في صلاة العيدين

وَجْهٌ ثَانٍ مِمَّا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

2174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ

2175 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ، لَهُمْ أَنَّ عُمَرَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» -[284]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: رُوِيَ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاقْرَأْ بِاسِمْ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: رُوِيَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: تَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بِـ ق وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ، وَإِنْ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةً سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَجْزَأَهُ

ذكر الجهر بالقراءة في صلاة العيد روينا عن علي، أنه قال: " إذا قرأت في العيدين فأسمع من يليك ولا ترفع صوتك ".

ذِكْرُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ فِي الْعِيدَيْنِ فَأَسْمِعْ مِنْ يَلِيكَ وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ» .

2176 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «الْقِرَاءَةُ فِي الْعِيدَيْنِ تُسْمِعُ مِنْ يَلِيهِ» -[285]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ لِأَنَّ فِي حِكَايَةِ مَنْ حَكَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بِـ ق، وَاقْتَرَبَتْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَخَبَرُ النُّعْمَانِ يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَبِي وَاقِدٍ

ذكر الخطبة على المنبر في العيدين

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْعِيدَيْنِ

2177 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَّبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ، وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ تُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ»

ذكر الخطبة قائما على الأرض إذا لم يكن بالمصلى منبر

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُصَلَّى مِنْبَرٌ

2178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ -[286]- عِيدٍ عَلَى رَاحِلَتِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ أَبْوَابًا مِنْ كِتَابِ الْخُطْبَةِ تَرَكْتُ إِعَادَتَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر التكبير في الخطبة روينا عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنه قال: " التكبير في الخطبة يوم العيد تسعا في الأولى، وسبعا في الآخرة ". وروي عن الأشعري أنه قال: " يكبر يوم العيد على المنبر ثنتين وأربعين تكبيرة "

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ فِي الْخُطْبَةِ رُوِّينَا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «التَّكْبِيرُ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ تِسْعًا فِي الْأُولَى، وَسَبْعًا فِي الْآخِرَةِ» . وَرُوِيَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «يُكَبِّرُ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً»

2179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، مُولِي قُرَيْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا كِنَانَةَ الْهُجَيْمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً» -[287]- وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْعِيدِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْعِيدِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْعِيدَيْنِ إِذَا رَقِيَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ تَسْبِيحٌ وَتَحْمِيدٌ وَتَهْلِيلٌ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ الْخُطْبَةَ بَعْدَ سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ تَكْبِيرًا كَثِيرًا فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى، ثُمَّ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنَ التَّكْبِيرِ فِي الْأُولَى، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: نَأْمُرُ الْإِمَامَ إِذَا قَامَ لِيَخْطُبَ الْأُولَى أَنْ يُكَبِّرَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى لَا كَلَامَ بَيْنَهُنَّ، وَإِذَا قَامَ لِيَخْطُبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ أَنْ يُكَبِّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى، لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِكَلَامٍ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ حَتَّى يُوفِيَ سَبْعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ يَجِبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ فَمَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَهُوَ يُجْزِي، وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ وَخَطَبَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ

ذكر اجتماع العيدين جميعا في اليوم الواحد وصلاة الإمام بالناس العيد ثم الجمعة وإباحة القراءة فيهما جميعا بسورتين بأعيانهما

ذِكْرُ اجْتِمَاعِ الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَصَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ الْعِيدَ ثُمَّ الْجُمُعَةَ وَإِبَاحَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا بِسُورَتَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا

2180 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ بِـ سَبِّحِ -[288]- اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ فَقَرَأَ بِهِمَا»

ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الرخصة إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد أن يصلي بهم العيد ولا يجمع بهم

ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْعِيدَ وَلَا يُجَمِّعُ بِهِمْ

2181 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَأَخَّرَ الْخُرُوجَ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارَ، ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ لِلنَّاسِ الْجُمُعَةَ، فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِذَا اجْتَمَعَ عَلَى عَهْدِهِ عِيدَانِ صَنَعَ كَذَا "

ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في العيدين إذا اجتمعا في يوم واحد، فقالت طائفة: تجزي إحداهما عن الأخرى، كذلك قال عطاء، قال: إن اجتمع يوم جمعة ويوم فطر في يوم واحد فليجمعهما، فليصل ركعتين حتى يصلي صلاة الفطر ثم هي هي

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعِيدَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُجْزِي إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، قَالَ: إِنِ اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلْيَجْمَعْهُمَا، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ هِيَ هِيَ حَتَّى الْعَصْرِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ثُمَّ أَخْبَرَنِي عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَصَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ بُكْرَةً رَكْعَتَيْنِ صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ فِي جَمْعِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْنَهُمَا يَوْمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ: سَمِعْنَا ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَصَابَ، عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي عَهْدِهِ فَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ ثُمَّ خَطَبَهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْعِيدَ فَقَدْ قَضَى جَمَعْتَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ

2182 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: " إِنِ اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلْيَجْمَعْهُمَا فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ حَيْثُ تُصَلَّى صَلَاةُ الْفِطْرِ ثُمَّ هِيَ هِيَ حَتَّى الْعَصْرِ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: اجْتَمَعَ يَوْمُ فِطْرٍ وَيَوْمُ جُمُعَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا جَعَلَهُمَا وَاحِدًا، فَصَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ: فَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَلَمْ يَقُولُوا فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَفْقَهْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَقَدْ أَنْكَرْتُ أَنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ يَوْمَئِذٍ حِينَئِذٍ، حَتَّى بَلَغَنَا أَنَّ الْعِيدَيْنِ كَانَا إِذَا اجْتَمَعَا كَذَلِكَ صَلَّيَا وَاحِدَةً، وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْمَعَانِ إِذَا اجْتَمَعَا "

2183 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، فِي جَمْعِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْنَهُمَا يَوْمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ: سَمِعْنَا ذَلِكَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَصَابَ، عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ»

2184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ فَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ ثُمَّ خَطَبَهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْعِيدَ فَقَدْ قَضَى جُمُعَتَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ " وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: يُجْزِي عَنْكَ أَحَدُهُمَا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ الرُّخْصَةُ فِي الْإِذْنِ لِمَنْ كَانَ خَارِجًا عَنِ الْمِصْرِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَلَا يَعُودُونَ لِلْجُمُعَةِ، فَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِحَالٍ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ غَيْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ فَغَيَّرُ جَائِزٍ إِسْقَاطُ مَا يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ فَرْضِ الْجُمُعَةِ بِتَطَوُّعٍ يَتَطَوَّعُهُ الْمَرْءُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَعْنِي صَلَاةَ الْعِيدِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ عِيدٍ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا -[291]- وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

2185 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: " شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ " وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِثْلَهُ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يَدْعُوا أَنْ يُجَمِّعُوا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْعِيدَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ: يَشْهَدُهُمَا جَمِيعًا الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالْآخَرُ فَرِيضَةٌ، وَلَا يُتْرَكُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ، وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَلَاةَ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ، لَمْ يَجُزْ تَرْكُ فَرْضٍ بِتَطَوُّعٍ

ذكر صلاة من تفوته صلاة العيد مع الإمام قال أبو بكر: واختلفوا في الرجل تفوته صلاة العيد مع الإمام فقالت طائفة: يصلي أربعا، كذلك روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: يصلي أربعا، وبه قال أحمد، واحتج بحديث ابن مسعود، وقال الثوري: أحب إلي أن يصلي أربعا

ذِكْرُ صَلَاةِ مَنْ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي أَرْبَعًا، كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي -[292]- أَرْبَعًا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا

2186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ شَاءَ صَلَّى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُصَلِّ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ إِنْ شَاءَ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى كَصَلَاةِ الْإِمَامِ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ مِثْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَإِنْ عَلِمَ مَا قَرَأَ الْإِمَامُ قَرَأَ بِهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي رَجُلٍ صَلَّى صَلَاةَ الْفِطْرِ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ قَالَ: يَعُودُ لَهَا، وَقَالَ ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ: إِنْ صَلَّى بَعْدَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ صَلَّى مِثْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يُصَلِّي كَمَا صَلَّى الْإِمَامُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لَا يَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهِ، وَلَا يُكَبِّرُ تَكْبِيرَ -[293]- الْإِمَامِ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ إِنْ صَلَّى فِي الْجَبَّانِ صَلَّى كَمَا صَلَّى الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الْجَبَّانِ صَلَّى أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، فَكُلُّ مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ صَلَّاهَا كَمَا سَنَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِ الصَّلَاةِ لِمَنْ فَاتَهُ الْعِيدُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا أَحْسَبُ خَبَرَ ابْنِ مَسْعُودٍ يَثْبُتُ، لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ 2187 - رَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، فِيمَنْ فَاتَهُ الْعِيدُ، فَبَطَلَ الْحَدِيثُ لَمَّا أَخْبَرَ مُطَرِّفٌ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنِ الرَّجُلُ

ذكر صلاة العيد حيث لا تصلى الجمعة قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في صلاة العيد للمسافرين، ولمن لا يجب عليه الجمعة، فروينا عن الحسن البصري أنه قال في المسافرين يأتي عليه يوم عيد: إذا طلعت الشمس يصلي ركعتين، وإن كان الأضحى ذبح. وروينا عن أبي عياض،

ذِكْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ لِلْمُسَافِرِينَ، وَلِمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسَافِرِينَ يَأْتِي عَلَيْهِ يَوْمُ عِيدٍ: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَضْحَى ذَبَحَ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، وَمُجَاهِدٍ: أَنَّهُمَا كَانَا فِي يَوْمِ فِطْرٍ مُتَوَارِيَيْنِ زَمَانَ -[294]- الْحَجَّاجِ فَتَكَلَّمَ أَبُو عِيَاضٍ وَدَعَا لَهُمْ وَأَمَّهُمْ بِرَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ: تُصَلَّى فِي الْبَادِيَةِ الَّتِي لَا جُمُعَةَ فِيهَا، وَتُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا، وَالْمَرْأَةُ، وَالْمُسَافِرُ. هَذَا آخِرُ قَوْلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: لَا يُصَلَّى الْعِيدَانِ إِلَّا حَيْثُ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ: رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ

2188 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» قَالَ مَعْمَرٌ: يَعْنِي بِالتَّشْرِيقِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى الْخُرُوجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ صَلَاةُ الْأَضْحَى وَلَا صَلَاةُ الْفِطْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ فَيَشْهَدُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ: مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَتَحْضُرُ صَلَاةُ الْفِطْرِ أَوِ الْأَضْحَى؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَا جَمَاعَةٍ وَلَا فُرَادَى. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، وَالْمِصْرُ الْقَرْيَةُ الْجَامِعَةُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْعِيدَيْنِ: إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْمَدَائِنِ

ذكر القوم لا يعلمون بيوم الفطر إلا بعد الزوال قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الطائفة تشهد يوم ثلاثين من هلال شهر رمضان أن الهلال رئي بالأمس فقالت طائفة: إن عدلا قبل الزوال صلى الإمام بالناس صلاة العيد، وإن عدلا بعد الزوال لم يكن عليهم أن يصلوا يومهم

ذِكْرُ الْقَوْمِ لَا يَعْلَمُونَ بِيَوْمِ الْفِطْرِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الطَّائِفَةِ تَشْهَدُ يَوْمَ ثَلَاثِينَ مِنْ هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ بِالْأَمْسِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ عَدَلَا قَبْلَ الزَّوَالِ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَإِنْ عَدَلَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا يَوْمَهُمْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا مِنَ الْغَدِ، لِأَنَّهُ عُمِلَ فِي وَقْتٍ إِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَمْ يُعْمَلْ فِي غَيْرِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ قُلْنَا بِهِ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ ذَهَبَ الْعِيدُ لِأَوَّلِ وَقْتِهِ أَوَّلَ نَهَارِهِمْ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَإِذَا ذَهَبَ يَوْمُ الْفِطْرِ فَقَدْ ذَهَبَ يَوْمُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ خَرَجُوا وَأَفْطَرُوا، وَإِنْ شَهِدَتْ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَفْطَرُوا وَخَرَجُوا إِلَى الْعِيدِ مِنَ الْغَدِ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ ثَابِتٌ وَالْقَوْلُ بِهِ يَجِبُ

2189 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرِ بْنَ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ، لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوَا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا، فَكَانُوا إِذَا شَهِدُوا عِنْدَهُ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، فَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ»

ذكر تيمم من يخشى فوات العيد قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الرجل يخشى فوات العيد إن ذهب يتوضأ فقالت طائفة: يتوضأ ولا يتيمم وإن فاتته صلاة العيد، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وقالت طائفة: يتيمم، وكذلك قال الثوري، وأصحاب الرأي، وقد ذكرت هذا

ذِكْرُ تَيَمُّمِ مَنْ يَخْشَى فَوَاتِ الْعِيدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَخْشَى فَوَاتَ الْعِيدِ إِنْ ذَهَبَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْ تَرْكِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، فَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، أَبُو ثَوْرٍ عَنْ مَالِكٍ

ذكر استحباب الرجوع من المصلى من غير الطريق الذي يخرج منه

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ

2190 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَسْتَحِبَّانِ ذَلِكَ

ذكر استحباب الصلاة في المنزل بعد الرجوع من المصلى

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي الْمَنْزِلِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى

2191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْعَمُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، وَلَا يُصَلِّي قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا انْصَرَفَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»

جماع أبواب التكبير أيام التشريق قال الله جل ذكره: واذكروا الله في أيام معدودات الآية. كان ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، ومجاهد، والسدي، والضحاك، وعطاء , وقتادة يقولون في قوله: واذكروا الله في أيام معدودات الآية: أنها أيام

جِمَاعُ أَبْوَابِ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ. كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ , -[298]- وَقَتَادَةُ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ: أَنَّهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.

2192 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا بُنْدَارٌ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] قَالَ: التَّشْرِيقِ "

2193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: «الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، يَعْنِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ هِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَ فِيهَا يَوْمُ النَّحْرِ»

2194 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةُ» وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

2195 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، قَالَ: ثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى، أَنْ لَا تَصُومُنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ» -[299]- وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الدَّارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَيَسْمَعُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرَةً فَيُكَبِّرُونَ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ السُّوقِ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ الْجِمَارِ، حَتَّى يُكَبِّرَ مَنْ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، حَتَّى يُكَبِّرَ النَّاسُ أَهْلُ الطَّوَافِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًي تِلْكَ الْأَيَّامَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَفِي مَمْشَائِهِ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا

2196 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنِ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: " بَلَغَنِي فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةِ هُوَ التَّكْبِيرُ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ "

2197 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ فِي قبتِهِ بِمِنًى فَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِمْ أَهْلُ مِنًى، وَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِمْ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا»

2198 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّ عُمَرَ: «كَانَ يُكَبِّرُ فِي الدَّارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَيَسْمَعُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرِهِ فَيُكَبِّرُونَ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ السُّوقِ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ الْجِمَارِ، حَتَّى يُكَبِّرَ مَنْ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، حَتَّى يُكَبِّرَ النَّاسُ أَهْلُ الطَّوَافِ»

2199 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يُكَبِّرُ بِمِنًي تِلْكَ الْأَيَّامَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَفِي مَمْشَائِهِ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا»

ذكر اختلاف أهل العلم في التكبير في أدبار الصلوات أيام منى قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في الوقت الذي يبدأ فيه بالتكبير في أيام منى إلى وقت ثان، فقالت طائفة: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ثم يقطع التكبير، هكذا قال

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ أَيَّامَ مِنًى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُبْدَأُ فِيهِ بِالتَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ مِنًى إِلَى وَقْتٍ ثَانٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يُكَبِّرُ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ، هَكَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يَبْدَأَ التَّكْبِيرَ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْمِنَى، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ عَلْقَمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعُثْمَانُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، رُوِّينَا عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَقْطَعُ فِي الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ

2200 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: «كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يُمْسِكُ صَلَاةَ الْعَصْرِ»

2201 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَقْطَعُ»

2202 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ أَبِي بَكَّارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَا يُكَبِّرُ الْمَغْرِبَ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ»

2203 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ»

2204 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ". وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ الظُّهْرَ ثُمَّ يُمْسِكُ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ فِي الْأَمْصَارِ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ. -[302]- وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ، وَهُوَ: أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خَلْفَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

2205 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْأَمْصَارِ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَ الظُّهْرِ إِلَى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

2206 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «يُكَبِّرُ النَّاسُ فِي الْأَمْصَارِ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَ الظُّهْرِ إِلَى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ رِوَايَةً تُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافَ الْأَوَّلِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. -[303]- وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَحْمَدُ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ مِنًى فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ صَلَاةَ الظُّهْرِ، لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ يَأْخُذُونَ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ غَدَاةَ عَرَفَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ سُفْيَانُ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَفِيهِ قَوْلٌ عَاشِرٌ: قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ قَائِلِهِ فِيهِ، رُوِّينَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ صَلَاةَ الصُّبْحِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ يَعْنِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ لَا يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَبَعْضُهُمْ لَا يُكَبِّرُ، لَا يَعْتِبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ

كيفية التكبير في أيام التشريق روينا عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، أنهما كانا يكبران من صلاة الغداة يوم عرفة إلى الصلاة من آخر أيام التشريق، يقولان: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وروي ذلك عن علي بن أبي

كَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُمَا كَانَا يُكَبِّرَانِ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَقُولَانِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

2207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ: " كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ فِي الْعَصْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ "

2208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ "

2209 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا: «كَانَ» يُكَبِّرُ يَوْمَ عَرَفَةَ صَلَاةَ الْفَجْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ". وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَسُفْيَانُ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

2210 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: -[305]- ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكَّارٍ هُوَ الْحَكَمُ بْنُ فَرُّوخَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ " وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

2211 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنِ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَا: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ

ذكر تكبير من صلى وحده في أيام التشريق قال أبو بكر: اختلف أهل العلم فيمن صلى وحده في أيام التشريق فقالت طائفة: لا يكبر، وكان ابن عمر إذا صلى وحده لا يكبر في أيام التشريق، وكان ابن مسعود يقول: ليس على الواحد والاثنين تكبير أيام التشريق، إنما التكبير

ذِكْرُ تَكْبِيرِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُكَبِّرُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ

2212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُكَبِّرْ»

2213 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ -[306]- الْحَرِيرِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالنُّعْمَانِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ

ذكر تكبير النساء في أيام التشريق اختلف أهل العلم في تكبير النساء في أيام التشريق فقالت طائفة: ليس على النساء تكبير أيام التشريق، كذلك قال الحسن البصري، وقال سفيان الثوري: ليس على النساء تكبير في أيام التشريق إلا في جماعة، واستحسن أحمد قول الثوري،

ذِكْرُ تَكْبِيرِ النِّسَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَكْبِيرِ النِّسَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ تَكْبِيرٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ، -[307]- وَاسْتَحْسَنَ أَحْمَدُ قَوْلَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: وَلَيْسَ عَلَى جَمَاعَاتِ النِّسَاءِ إِذَا صَلَّيْنَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ رَجُلٌ يُكَبِّرُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُكَبِّرُ النِّسَاءُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يُحِبُّ لِلنِّسَاءِ أَنْ يُكَبِّرْنَ دُبُرَ الصَّلَاةِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَالْحَاضِرِ، وَالْبَادِي، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ الثَّوْرِيُّ.

ذكر تكبير المسافر روينا عن الحسن البصري، أنه قال: " التكبير في أيام التشريق على المرأة والرجل، والحاضر، والبادي "، وممن مذهبه أن يكبر المسافر: مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد. وكان النعمان يقول: ليس على المسافر تكبير

ذِكْرُ تَكْبِيرِ الْمُسَافِرِ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَالْحَاضِرِ، وَالْبَادِي» ، وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يُكَبِّرَ الْمُسَافِرُ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ تَكْبِيرٌ

التكبير في دبر النوافل اختلف أهل العلم في التكبير في دبر النوافل فقالت طائفة: إنما التكبير في الصلاة المكتوبة في الجماعة، هكذا قال سفيان الثوري، وقال أحمد: لا يكبر من صلى تطوعا في جماعة. وفيه قول ثان، وهو: أن يكبر خلف النوافل والفرائض وعلى كل حال

التَّكْبِيرُ فِي دُبُرِ النَّوَافِلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ فِي دُبُرِ النَّوَافِلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُكَبِّرُ مَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فِي جَمَاعَةٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يُكَبِّرَ خَلْفَ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي كُلِّ نَافِلَةٍ وَفَرِيضَةٍ

ذكر التكبير للمسبوق ببعض الصلاة اختلف أهل العلم في الوقت الذي يكبر من فاته بعض الصلاة، فقالت طائفة: يقضي ثم يكبر، كذلك قال ابن سيرين، والشعبي، وابن شبرمة، ومالك وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقالت

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِلْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَبِّرُ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي ثُمَّ يُكَبِّرُ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. -[309]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ وَيَقْضِي، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنْ يُكَبِّرَ، ثُمَّ يَقْضِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُهَا

ذكر المصلي ينسى التكبير حتى يقوم من مجلسه كان سفيان الثوري يقول: إذا لم يكبر الإمام فليكبر من وراءه، كان الشافعي يقول: إذا قام من مجلسه كبر ماشيا كما هو. وقال أصحاب الرأي: إذا خرج من المسجد فليس عليه أن يكبر، وإن ذكر الإمام قبل أن يقوم من مجلسه

ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَنْسَى التَّكْبِيرَ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يُكَبِّرِ الْإِمَامُ فَلْيُكَبِّرْ مَنْ وَرَاءَهُ، كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ كَبَّرَ مَاشِيًا كَمَا هُوَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ كَبَّرَ وَكَبَّرَ مَنْ مَعَهُ. كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ فِيمَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ: يَسْجُدُهُمَا ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يَبْدَأُ بِالسَّهْوِ ثُمَّ التَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّلْبِيَةِ يَعْنِي الْمُحْرِمَ

فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ السَّهْوُ وَالتَّكْبِيرُ بَدَأَ بِالسَّهْوِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمُحْرِمِ يَوْمَ عَرَفَةَ: يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّلْبِيَةِ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَ أَوْجَبَهُمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ» فَعَمَّ بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةِ الْجَمِيعَ لَمْ يَخُصَّ أَحَدًا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْمُنْفَرِدَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ جَمَاعَةً، وَمَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، بَلْ هُوَ عَامٌّ لِلْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْمُقِيمِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَفِي النَّوَافِلِ، وَمُنْفَرِدِينَ وَمُجْتَمِعِينَ، رِجَالًا وَنِسَاءً، دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، أَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ

كتاب الاستسقاء

كِتَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

ذكر سؤال الناس إماما أن يستسقي لهم إذا أجدبت الأرض وقحط المطر قال الله جل ثناؤه: وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه الآية وقال جل ثناؤه: وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر الآية وثبت أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول

ذِكْرُ سُؤَالِ النَّاسِ إِمَامًا أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ إِذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَقَحَطَ الْمَطَرُ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ} [الأعراف: 160] الْآيَةَ وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] الْآيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا

2214 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، قَالَ: فَدَعَا فَمُطِرْنَا فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: ادْعُوا اللهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَنْقَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَيُمْطَرُونَ وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ "

2215 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا دَعَا؟ قَالَ: قِيلَ لَهُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَحَطَ الْمَطَرُ وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، وَهَلَكَ الْمَالُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ سَحَابَةٌ فَاسْتَسْقَى، فَمَا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ حَتَّى أَنَّ الشَّابَّ الْقَرِيبَ الدَّارِ لَهَمَّهُ الرُّجُوعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَامَتْ جُمُعَةً، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَاحْتَبَسَ الرُّكْبَانُ، وَهَلَكَ الْمَالُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، -[314]- فَكُشِفَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ " وَوَصَفَ لَنَا يَزِيدُ بَسْطَ يَدَيْهِ

ذكر ما يستحب أن يفعل قبل الخروج إلى الاستسقاء روينا عن عمر بن عبد العزيز، أنه كتب إلى ميمون بن مهران، أني كتبت إلى أهل الأمصار أن يخرجوا يوم كذا وكذا، شهر كذا وكذا يستسقوا، ومن استطاع أن يصوم أو يتصدق فليفعل فإن الله يقول: قد أفلح من تزكى وذكر اسم

ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يَخْرُجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، شَهْرَ كَذَا وَكَذَا يَسْتَسْقُوا، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ أَبْوَاكُمْ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ نُوحٌ: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمَنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ يُونُسُ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] الْآيَةَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إِذَا أَرَادُوا الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ صِيَامًا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، قَالَ: وَأَوْلَى مَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى أَدَاءِ مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ مَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ عَرَضٍ، ثُمَّ صَلُحُ الْمُشَاجِرُ وَالْمُهَاجِرُ، ثُمَّ يَتَطَوَّعُونَ بِصَدَقَةٍ، وَصَلَاةٍ، وَذِكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْبِرِّ

ذكر التواضع والتبذل والتضرع والتخشع عند الخروج إلى الاستسقاء

ذِكْرُ التَّوَاضُعِ وَالتَّبَذُّلِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّخَشُّعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ

2216 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: " أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: مَنْ أَرْسَلَكَ؟ قُلْتُ: فُلَانٌ، قَالَ: وَمَا مَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَنِي؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَرِّعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَوَاضِعًا، فَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ، وَدَعَا وَصَلِّي كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ ". وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى

2217 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ " خَرَجَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَقُولُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى "

ذكر الخروج إلى المصلى للاستسقاء

ذِكْرُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ

2218 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا يَحْيَى، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ -[316]- رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ»

ذكر ترك الأذان والإقامة لصلاة الاستسقاء، وعدد صلاة الاستسقاء

ذِكْرُ تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَعَدَدِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

2219 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ، وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، قَالَا: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ،: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ»

ذكر وقت الخروج إلى الاستسقاء اختلف أهل العلم في الوقت الذي يخرج فيه الإمام لصلاة الاستسقاء فقال غير واحد منهم: يكون خروجه إلى الاستسقاء كالخروج إلى صلاة العيد هذا قول مالك، والشافعي، وأبي ثور. وقد روينا عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه خرج إلى الاستسقاء

ذِكْرُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ الْإِمَامُ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَكُونُ خُرُوجُهُ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ كَالْخُرُوجِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَذَلِكَ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَخْرُجُ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ

الخروج بأهل الذمة في الاستسقاء واختلفوا في إخراج أهل الذمة في الاستسقاء، فروينا عن مكحول أنه كان لا يرى بذلك بأسا، قال: إنما يأمرهم أن يطلبوا أرزاقهم، وقال ابن المبارك: إذا خرجوا يعتزلون عن مصلاهم، وحكي عن الزهري أنه قال: يعتزلون، وحكى الأوزاعي

الْخُرُوجُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِخْرَاجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، قَالَ: إِنَّمَا يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا أَرْزَاقَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِذَا خَرَجُوا يَعْتَزِلُونَ عَنْ مُصَلَّاهُمْ، وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَعْتَزِلُونَ، وَحَكَى الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ يَأْمُرُهُمْ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَلَمْ يُجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يُؤْمَرُوا بِهِ وَلَا نُهُوا عَنْهُ، فَإِنْ خَرَجُوا تُرِكُوا، وَرُوِيَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَمِّنَ عَلَى دُعَاءِ الرَّاهِبِ إِذَا دَعَا لَكَ وَقَالَ: يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَكْرَهُ إِخْرَاجَهُمْ وَيَأْمُرُ بِمَنْعِهِمْ، فَإِنْ خَرَجُوا مُتَمَيِّزِينَ لَمْ يَمْنَعُهُمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجِبُ إِخْرَاجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ

إخراج النساء والصبيان للاستسقاء كان الشافعي يقول: أحب أن يخرج الصبيان ويتنظفون للاستسقاء، وكبار النساء، وممن لا هيئة له منهن، ولا أحب خروج ذوات الهيئة، ولا آمرهم بإخراج البهائم. وكره يعقوب، ومحمد خروج الشابة ورخصا في خروج العجائز

إِخْرَاجُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ الصِّبْيَانُ وَيَتَنَظَّفُونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَكِبَارُ النِّسَاءِ، وَمِمَّنْ لَا هَيْئَةَ لَهُ مِنْهُنَّ، وَلَا أُحِبُّ خُرُوجَ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ، وَلَا آمُرُهُمْ بِإِخْرَاجِ الْبَهَائِمِ. -[318]- وَكَرِهَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ خُرُوجَ الشَّابَّةِ وَرَخَّصَا فِي خُرُوجِ الْعَجَائِزِ

ذكر الخطبة قبل صلاة الاستسقاء

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

2220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مَلِيحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُكَبِّرْ فِيهِمَا إِلَّا تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً» . وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَخَطَبَ ثُمَّ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ

2221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ: " خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَخَطَبَ ثُمَّ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ " -[319]- وَرُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْتَسْقَى عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيْدٍ أَنَّهُ صَلَّى ثُمَّ اسْتَسْقَى، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الرَّاوِي لِهَذَا الْحَدِيثِ: فَمَشَيْتُ يَوْمَئِذٍ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ

ذكر خروج الإمام بالناس إلى الاستسقاء والجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء واستقبال القبلة بالدعاء

ذِكْرُ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالدُّعَاءِ

2222 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى -[320]- بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَدَعَا وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ: يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

ذكر عدد التكبير في صلاة الاستسقاء اختلف أهل العلم في عدد التكبير في صلاة الاستسقاء فقالت طائفة: يصلي ركعتين كسائر الصلاة لا يكبر فيها تكبير العيد، هذا قول مالك بن أنس، وأبي ثور، وإسحاق. ومذهب مالك أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة كما يفعل في العيد خلاف

ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَاةِ لَا يُكَبِّرُ فِيهَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْعِيدِ خِلَافَ الْجُمُعَةِ وَيَرَى تَكْبِيرَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَتَكْبِيرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خِلَافَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ أَنَّهُ كَبَّرَ فِيهِمَا كَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالْعِيدُ مَخْصُوصٌ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَلَيْنَا الِاتِّبَاعَ، وَوَضْعَ كُلِّ سُنَّةٍ مَوْضِعَهَا وَهَذَا مِثْلَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَخَلَ

أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ فِيهَا كَمَا يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ: سُنَّةٌ كَسُنَّةِ الْعِيدَيْنِ

2223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاضِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: سُنَّةٌ كَسُنَّةِ الْعِيدَيْنِ " وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: «وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ»

ذكر رفع اليدين في الدعاء في الاستسقاء

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

2224 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ»

ذكر صفة رفع اليدين في الاستسقاء

ذِكْرُ صِفَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

2225 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى هَكَذَا، وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بَاطِنَهَا مِمَّا يَلِي -[322]- الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ»

ذكر تحويل الرداء عند استقبال القبلة في الاستسقاء

ذِكْرُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

2226 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ، يَقُولُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»

ذكر الخبر الذي احتج به من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما حول رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن لما ثقل عليه فاشتد عليه أن يجعل أعلاه أسفله

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَوَّلَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ لَمَّا ثَقُلَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ

2227 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «اسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْفَلَهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ» . وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خَطَبَ النَّاسَ قَائِمًا يَدْعُو فِي خُطْبَتِهِ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ وَظَهْرُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَالنَّاسُ مُسْتَقْبِلُوهُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَجَعَلَ مَا عَلَى يَمِينِهِ -[323]- عَلَى شِمَالِهِ، وَمَا عَلَى شِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ، وَدَعَا قَائِمًا وَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ جَمِيعًا الْقِبْلَةَ كَمَا اسْتَقْبَلَهَا الْإِمَامُ قُعُودًا، وَحَوَّلُوا أَرْدِيَتَهُمْ جَمِيعًا كَمَا حَوَّلَ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُرِيدُ مِنَ الدُّعَاءِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ. وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يَجْعَلَ الْيَمِينَ الشِّمَالَ وَالشِّمَالَ الْيَمِينَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِذَلِكَ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، آخِرُ قَوْلَيْهِ، قَالَ: آمُرُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَكِّسَ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَيَزِيدَ مَعَ نُكْسِهِ فَيَجْعَلَ شِقَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، وَالَّذِي عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، فَيَكُونُ قَدْ جَاءَ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُكْسِهِ وَبِمَا فَعَلَ مِنْ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيَقْلِبُ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ كُلَّهُ، وَقَلْبُهُ أَنْ يَجْعَلَ جَانِبَ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ فِي هَذَا السُّنَّةَ وَالْآثَارَ الْمَعْرُوفَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ خَلْفِ الْإِمَامِ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنِ النَّاسُ يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ

ذكر صفة الخطبة قال أبو بكر: قد ذكرنا فيما مضى حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ولم يخطب كخطبتكم هذه، فدعا وصلى كما يصلي في العيد ركعتين، وروينا عن عمر بن الخطاب أنه خرج يستسقي بالناس فما زاد على الاستغفار حتى رجع، فقالوا له: يا أمير

ذِكْرُ صِفَةِ الْخُطْبَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ وَلَمْ يَخْطُبْ كَخُطْبَتِكُمْ هَذِهِ، فَدَعَا وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَمَا زَادَ

عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ؟ فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَطْرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْقَطْرُ قَالَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [نوح: 11] ، {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52] الْآيَةَ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَبْدَأُ فَيَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ بَعْضَ الْخُطْبَةِ الْآخِرَةِ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ، ثُمَّ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ مَعَهُ، فَيَدْعُو سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَيَدْعُو النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَيَحُضَّهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِخَيْرٍ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَقْرَأُ آيَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: يَخْطُبُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خُطْبَةً خَفِيفَةً يَعِظُهُمْ وَيَحَثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ. وَقَالَ قَائِلٌ: يَقُومُونَ مَعَ الْإِمَامِ قِيَامًا يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ وَيَدْعُونَ كَذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَعَا وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَالْقَائِمُ الْمُتَضَرِّعُ أَذَلُّ مِنَ الْقَاعِدِ، فَكُلَّمَا كَانَ أَشَدَّ تَذَلُّلًا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ

ذكر صفة الدعاء في الاستسقاء

ذِكْرُ صِفَةِ الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

2228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهَذَا حَدِيثُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَمْرَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، أَنَّ ابْنَ السِّمْطِ قَالَ: " لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ حَدِّثْنَا لِلَّهِ أَبُوكَ، وَأَحْدِثْ حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَرَ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ اللهَ قَدْ نَصَرَكَ وَأَعْطَاكَ وَاسْتَجَابَ لَكَ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهَ لَهُمْ قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَاكَ وَنَصَرَكَ وَاسْتَجَابَ لَكَ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهَ لَهُمْ قَالَ: فَقَالَ: اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيًّعًا غَدَقًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا، غَيْرَ ضَارٍّ، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِمْ جُمُعَةٌ حَتَّى مُطِرُوا ". وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَيَقُولُ: اللهُمَّ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدْتَنَا إِجَابَتَكَ، فَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَوْجَبْتَ إِجَابَتَكَ لِأَهْلِ طَاعَتِكَ وَكُنَّا قَدْ فَارَقْنَا مَا خَالَفَنَا الَّذِينَ مَحَّضُوا طَاعَتَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةٍ مَا قَارَفْنَا، وَإِجَابَتِنَا فِي سُقْيَانَا، وَسَعَةِ رِزْقِنَا، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ بَعْدُ، وَيَكُونُ أَكْثَرُ دُعَائِهِ بِالِاسْتِغْفَارِ يَبْدَأُ بِهِ دُعَاءَهُ، وَيَفْصِلُ بِهِ كَلَامَهُ، -[326]- وَيَخْتِمُ بِهِ، وَيَكُونُ أَكْثَرُ كَلَامِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْكَلَامُ، وَيَحُضُّ النَّاسَ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالطَّاعَةِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيَّ اللهِ. وَبَلَغَنِي عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ: ادْعُو اللهَ؟ قَالَ: إِنَّ تَرْكَ الذُّنُوبِ هُوَ الدُّعَاءُ

ذكر الاستسقاء بغير صلاة كان قيس بن أبي حازم يستسقي بغير صلاة، وقال الشافعي: يستسقي الناس بغير صلاة. وكان الثوري يكره ذلك

ذِكْرُ الِاسْتِسْقَاءِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ كَانَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ يَسْتَسْقِي بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسْتَسْقِي النَّاسُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ. وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَكْرَهُ ذَلِكَ

الاستسقاء مرة بعد مرة كان مالك يقول: لا بأس أن يستسقي الناس في العام مرة أو مرتين أو ثلاثا إذا احتاجوا إلى ذلك، وكان الشافعي يقول: إن لم يسقوا يومهم ذلك، أحببت له أن يتابع الاستسقاء ثلاثا يصنع في كل يوم منها صنيعه في اليوم الأول. وحكي عنه أنه قال:

الِاسْتِسْقَاءُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ النَّاسُ فِي الْعَامِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يُسْقَوْا

يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُتَابِعَ الِاسْتِسْقَاءَ ثَلَاثًا يَصْنَعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا صَنِيعَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِهَذَا حَدٌّ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَمَا بِذَلِكَ بَأْسٌ فَاسْتَسْقُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: لَا يَخْرُجُونَ إِلَى الْجَبَّانِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ دَعَوَا اللهَ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ دَعَا الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَمَّنَ النَّاسُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَخُطْبَتِهِ، وَالدُّعَاءِ، وَتَحْوِيلِ الرِّدَاءِ، وَبِهِ قَالَ عَوَّامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنْ جَاءَ النُّعْمَانُ فَقَالَ: لَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، إِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاءُ. وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ نَحْوًا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَالسُّنَنُ مُسْتَغْنًى بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ

كتاب السفر

كِتَابُ السَّفَرِ

جماع أبواب صلاة الفرض في السفر قال أبو بكر: أجمع أهل العلم على أن لمن سافر سفرا يقصر في مثله الصلاة وكان سفره في حج، أو عمرة، أو جهاد أن يقصر الظهر والعصر والعشاء فيصلي كل واحد منها ركعتين ركعتين. وأجمعوا على أن لا تقصر في صلاة المغرب، وصلاة الصبح

جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي السَّفَرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا يَقْصُرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ وَكَانَ سَفَرُهُ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ جِهَادٍ أَنْ يَقْصُرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ فَيُصَلِّيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا تُقْصَرَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَصَلَاةِ الصُّبْحِ

ذكر فرض الصلاة في السفر من عدد الركعات بلفظ عام

ذِكْرُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِلَفْظٍ عَامٍّ

2229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً»

الخبر الدال على أن المراد من قوله: " فرضت الصلاة ركعتين " غير المغرب

الْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ» غَيْرُ الْمَغْرِبِ

2230 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُرَجَّى، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ -[332]- الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا وِتْرٌ، وَصَلَاةُ الصُّبْحِ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ سَفَرًا عَادَ إِلَى صَلَاتِهِ الْأُولَى»

ذكر اختلاف أهل العلم في إتمام الصلاة في السفر واختلفوا في إتمام الصلاة في السفر فروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: " صلاة المسافر ركعتان ". وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال: " الركعتان في السفر ليستا بقصر ". وقال ابن عمر: " أنها ليست بقصر، ولكنها

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ» . وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «الرَّكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ» . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ» . وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ، مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَقَدْ كَفَرَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِالسَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «إِنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ عَلَى هَيْئَتِهَا فِي السَّفَرِ»

2231 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ لَيْسَ بِقَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2232 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ»

2233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: " سُئِلَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَقْصِرُهُمَا؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ "

2234 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ»

2235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنِ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ "

2236 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: «أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ عَلَى هَيْئَتِهِمَا فِي السَّفَرِ»

2237 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمٌ، ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: أَفَتَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ فَإِذَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ "

2238 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُقَيْلِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ» وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ حَتْمَانِ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهَا، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يَرَى أَنْ يُعِيدَ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا، وَقَالَ قَتَادَةُ: يُصَلِّي الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ فَيُتِمَّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا أَبَا لَكَ أَتَرَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكُوهَا لِأَنَّهَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ؟ . وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مُسَافِرٍ أَمَّ مُقِيمًا فَأَتَمَّ لَهُمُ الصَّلَاةَ جَاهِلًا وَيُتَمِّمُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ؟، أَرَى أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ جَمِيعًا، ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتٍ، فَأَمَّا مَا مَضَى وَقْتُهُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ أَحْمَدَ، فَقَالَ مَرَّةً: فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي أَرْبَعًا: لَا يُعْجِبُنِي، السُّنَّةُ رَكْعَتَانِ، وَقَالَ مَرَّةً: أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا حَتَّى يَرْجِعَ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ قَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ تَطَوُّعٌ، فَإِذَا خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالتَّطَوُّعِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، إِلَّا أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَيَكُونَ التَّشَهُّدُ فَصْلًا لِمَا بَيْنَهُمَا. -[335]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُسَافِرُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ، وَإِنْ شَاءَ قَصَرَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ صَلَّيْتَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فِيمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ، وَقَفْتُ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَفِّي فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ

2239 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: «كَانَتْ تَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَتُصَلِّي أَرْبَعًا، وَكَانَتْ تُتِمُّ»

2240 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُوَفِّي فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى لِلْمُسَافِرِ الْخِيَارَ مِنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ بِفِعْلِ عُثْمَانَ، وَاتِّبَاعِ مَنْ تَبِعَهُ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُمَا لَمْ يُتِمَّهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُتِمَّهَا مُسَافِرٌ مَعَ مُقِيمٍ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ أَرْبَعًا

وَاحْتَجَّ آخَرُ بِخَبَرٍ 2241 - رَوَاهُ مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ: «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ وَيَقْصُرُ» -[336]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

2242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «صَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى» قَالُوا: فَهَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، وَهُوَ خَبَرٌ ثَابِتٌ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَابِلَ هَذَا الْخَبَرَ خَبَرُ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ فِي حَدِيثِ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُ أُسْقِطَ حَدِيثُهُ مِنْ أَجَلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَافَرَ أَسْفَارًا كَثِيرَةً وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، أَوْ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْهُمْ، وَقَدْ حَفِظُوا عَنْهُ صَلَاتَهُ، وَمَوَاقِيتَهَا، وَجَمْعَهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَتَطَوُّعَهُ الَّذِي تَطَوَّعَ بِهِ فِي أَسْفَارٍ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَصَلَاتَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالْوِتْرَ عَلَيْهَا، وَنُزُولَهُ عَنْهَا لِلْمَكْتُوبَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ صَلَاتِهِ، وَحَفِظُوا عَنْهُ صَوْمَهُ وَإِفْطَارَهُ فِي سَفَرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِتْمَامِ وَالْقَصْرِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَصْحَابِهِ، لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللهِ مَعْنَى مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ. قَالُوا: فَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ دَلِيلٌ وَبَيَانٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ فَرْضِ صَلَاةِ رَكْعَتَانِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُخَيَّرٌ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، مَعَ قَوْلِ جَابِرٍ: أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: -[337]- أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ قَالَ لَهُ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَتَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنَ صَلَّى فِي السَّفَرِ الَّذِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ، أَنَّهُ مُؤَدٍّ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا هَلْ أَدَّى فَرْضًا أَمْ لَا؟، فَالْفَرْضُ سَاقِطٌ عَمَّنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِإِجْمَاعِهِمْ، وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ صَلَّى أَرْبَعًا لِاخْتِلَافِهِمْ، فَأَمَّا إِذَا ادَّعَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى وُجُوبِ التَّمَامِ عَلَى الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ، فَغَلَطٌ مِنْ مُدَّعِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي بَابِ الْمُسَافِرِ يَأْتَمُّ بِالْمُقِيمِ

2243 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: " أَنَّ فَتًى سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: مَا سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ أَقَامَ زَمَنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ: قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُقِيمَ إِذَا صَلَّى خَلْفَ مُسَافِرٍ صَلَّى صَلَاةً، وَالْمُقِيمُ وَلَا يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ بِأَنَّ صَلَاةَ إِمَامِهِ خَلْفَ صَلَاتِهِ، أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي خَلْفَ الْمُقِيمِ أَنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَحَوَّلُ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ كُلَّ مُصَلٍ يُصَلِّي عَنْ نَفْسِهِ لَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ غَيْرِهِ، وَمَنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ مَنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ خَلْفَ إِمَامٍ يَتَطَوَّعُ بِالتَّرَاوِيحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيَبْنِي عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي تَطَوُّعًا خَلْفَ الْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ

ذكر اختلاف أهل العلم في المسافر يأتم بالمقيم اختلف أهل العلم في مسافر صلى خلف إمام، فقالت طائفة، يصلي بصلاتهم، روينا هذا القول، عن ابن عمر، وابن عباس، وبه قال الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وجابر بن زيد، ومكحول

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُسَافِرِ يَأْتَمُّ بِالْمُقِيمِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ، يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ

2244 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَدْرَكْتُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ وَأَنَا مُسَافِرٌ؟ قَالَ: صَلِّ بِصَلَاتِهِمْ "

2245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ» وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَعْمَرٌ، وَالشَّافِعِيُّ، -[339]- وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ بَعْضَ صَلَاةٍ الْمُقِيمِينَ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ التَّشَهُّدَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ رَأَيَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ بَعْضَ الصَّلَاةِ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا مُخْتَلِفًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: فِي الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ يُجْزِيَانِهِ، هَكَذَا قَالَ طَاوُسٌ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ وَيَنْوِي صَلَاةَ نَفْسِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ، وَيُسَلِّمُ، وَيَخْرُجُ، وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُقِيمَ جَالِسًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ اخْتِلَافٍ فِيهِ قَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

مسألة واختلفوا في المسافر يدخل في صلاة المقيم، ثم يفسد على المسافر صلاته، فحكى أبو ثور فيها قولين؛ أحدهما أن عليه التمام، والآخر أن يرجع إلى ما كان له من الخيار في الابتداء، وحكي عن الشافعي أنه قال: عليه أن يتم. قال سفيان الثوري: يصلي ركعتين،

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ يُفْسِدُ عَلَى الْمُسَافِرِ صَلَاتَهُ، فَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ فِيهَا قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ التَّمَامَ، وَالْآخَرُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَا كَانَ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ، فَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَادَ الْمُسَافِرُ إِلَى حَالِهِ، وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ، إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ يُجْزِيَانِهِ، لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا رَكْعَتَانِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوِ الْمَأْمُومِ

ذكر خبر يدل على أن الله عز وجل قد يبيح الشيء في كتابه بشرط، ثم يبيح النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الشيء بغير ذلك الشرط

ذِكْرُ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ الشَّيْءَ فِي كِتَابَهِ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُبِيحُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ

2246 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابِي، عَنْ يَعْلَى قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقْصُرُوا} [النساء: 101] مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآَيَةَ، قَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ فِي كِتَابِهِ الشَّيْءَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُبِيحُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ -[341]- الشَّرْطِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا أُبِيحَ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِمَنْ كَانَ خَائِفًا، فَلَمَّا أَبَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَصْرَ فِي حَالِ الْأَمْنِ كَانَتِ الْإِبَاحَةُ فِي الْقَصْرِ قَائِمَةً فِي حَالِ الْخَوْفِ بِكِتَابِ اللهِ، وَفِي حَالِ الْأَمْنِ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر خبر دل على بيان صلاة المسافر من ظاهر قوله: أقيموا الصلاة قال الله جل ذكره: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم الآية. ففرض الله جل ثناؤه الصلاة في غير آية من كتابه ولم يذكر عدد ما يجب على المسافر والمقيم من الركعات، فبين النبي صلى الله

ذِكْرُ خَبَرٍ دَلَّ عَلَى بَيَانِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] الْآيَةُ. فَفَرَضَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مِنَ الرَّكَعَاتِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى مَا أَرَادَ اللهُ مِنْ عَدَدِ الصَّلَاةِ

2247 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ: " أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ اللهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ "

2248 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ -[342]- بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ»

2249 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ رَكْعَتَيْنِ أَكْثَرَ مَا كَانَ النَّاسُ وَآمَنَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الْمُبَيَّنَةِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَلَى أَنَّ لِلْآمِنِ غَيْرِ الْخَائِفِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ

ذكر إباحة قصر الصلاة للمسافر في المدن يقدمها إذا لم ينو مقاما يجب عليه له إتمام الصلاة قال أبو بكر: في قدوم رسول الله صلى عليه وسلم وأصحابه مكة عام حجة الوداع مقيمين بها أياما يصلون ركعتين دليل على أن للمسافر أن يقصر الصلاة في المدن إذا قدمها، ولم يعزم

ذِكْرُ إِبَاحَةِ قَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ فِي الْمُدُنِ يَقْدَمُهَا إِذَا لَمْ يَنْوِ مُقَامًا يَجِبُ عَلَيْهِ لَهُ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَدُومِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُقِيمِينَ بِهَا أَيَّامًا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ فِي الْمُدُنِ إِذَا قَدِمَهَا، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ قُدُومِهِ مُدَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ بِمُقَامِ تِلْكَ الْمُدَّةِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ

2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ سَلَمَةَ بْنِ مُحَبِّقٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: إِنِّي مُقِيمٌ هُنَا يَعْنِي بِمَكَّةَ فَكَيْفَ أُصَلِّي؟، قَالَ: رَكْعَتَيْنِ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

ذكر إباحة القصر للمسافر إذا أقام بالبلد أكثر من خمس عشرة، من عزم على إقامة أيام معلومة

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْقَصْرِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا أَقَامَ بِالْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ، مَنْ عَزَمَ عَلَى إِقَامَةِ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ

2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْفَتْحِ تِسْعَ عَشْرَةَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

ذكر السفر الذي للمسافر قصر الصلاة فيه أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرا يقصر في مثله الصلاة، وكان سفره في حج، أو عمرة، أو غزو أن له أن يقصر الصلاة ما دام مسافرا. واختلفوا فيمن خرج لمباح التجارة، أو مطالعة مال، أو ما أبيح له الخروج

ذِكْرُ السَّفَرِ الَّذِي لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، وَكَانَ سَفَرُهُ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ غَزْوٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ مَا دَامَ مُسَافِرًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ خَرَجَ لِمُبَاحِ التِّجَارَةِ، أَوْ مُطَالَعَةِ مَالٍ، أَوْ مَا أُبِيحَ لَهُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ: لَهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَا أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى صِفِّينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْقَنْطَرَةِ وَالْجِسْرِ، وَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى الطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ نَافِعٌ:

خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَالٍ لَهُ يُطَالِعُهُ بِخَيْبَرَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ، فَلَيْسَ الْآنَ حَجٌّ، وَلَا عُمْرَةٌ وَلَا غَزْوٌ

2252 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى صِفِّينَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْقَنْطَرَةِ وَالْجِسْرِ»

2253 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ»

2254 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى مَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ يُطَالِعُهُ، فَلَيْسَ الْآنَ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ وَلَا غَزْوٌ»

2255 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ، قَالَ: أَحْسَبُهُ نَاقَةً، فَخَرَجَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَقَصَرَ الصَّلَاةَ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ، وَرُوِّينَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: إِنَّمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مَنْ كَانَ شَاخِصًا أَوْ يَحْضُرُهُ عَدُوٌّ

2256 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ: «لَا يَرَى التَّقْصِيرَ إِلَّا عَلَى حَاجٍّ أَوْ مُجَاهِدٍ»

2257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا سَعِيدٌ قَالَ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ»

2258 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ: «كَتَبَ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا، يَخْرُجُونَ إِمَّا لِجِبَايَةٍ وَإِمَّا لِتِجَارَةٍ، وَإِمَّا لِحَشْرٍ، ثُمَّ لَا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ، فَلَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مَنْ كَانَ شَاخِصًا، أَوْ يَحْضُرُهُ عَدُوٌّ» وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَى أَنْ لَا تُقْصَرَ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِمَامَ الْمُتَّقِينَ لَمْ يَقْصُرِ الصَّلَاةَ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ؛ حَجٌّ، أَوْ عُمْرَةٌ، أَوْ غَزْوٌ، وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، أَيُّهُمْ كَانَ يَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغِي الدُّنْيَا؟ وَقَدْ كَانَ قَبْلُ لَا يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ، يَقُولُ: يَقْصُرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، فَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ مَادَامَ فِي سَفَرِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَلِكَ فِي مِثْلِ أَنْ يَخْرُجَ بَاغِيًا عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ، أَوْ يَقْطَعَ طَرِيقًا، أَوْ بِمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى، قَالَ: وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُصَلِّي نَافِلَةً إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مُسَافِرًا فِي مَعْصِيَتِهِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ فِي بِعْثَةٍ إِلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ: يَقْصُرُ -[346]- الصَّلَاةَ، وَيُفْطِرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي مَسِيرِهِ، وَافَقَ ذَلِكَ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً. وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُسَافِرُ يَقْصُرُ فِي حَلَالٍ خَرَجَ أَوْ فِي حَرَامٍ

ذكر المسافة التي يقصر المرء الصلاة إذا خرج إليها ثابت عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه خرج إلى مكة في حجة الوداع فقصر الصلاة

ذِكْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْصُرُ الْمَرْءُ الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجَ إِلَيْهَا ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ

2259 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ» . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا تَكُونُ مَسَافَتُهُ مِثْلَ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ خُرُوجُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَصْفُنَا لَهُ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَافَرَ أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ سَافَرَ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجُّوا بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَكِبَ إِلَى رِيمٍ، فَقَصَرَ الصَّلَاةَ -[347]- فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ: أَيَقْصُرُ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِلَى عُسْفَانَ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَإِلَى الطَّائِفِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ

2260 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «رَكِبَ إِلَى ذَاتِ النُّصْبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَهِ ذَلِكَ» قَالَ مَالِكٌ: وَبَيْنَ ذَاتِ النُّصْبِ وَالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ

2261 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ: «كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ»

2262 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ أَيُقْصَرُ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِلَى عُسْفَانَ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَإِلَى الطَّائِفِ " وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ، عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ. -[348]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ ذَلِكَ بِالْبُرُدِ وَالْأَمْيَالِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ، إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: يُقْصَرُ فِي مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَذَلِكَ إِذَا جَاوَزَ السَّيْرُ أَرْبَعِينَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ، ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ: لِلْمَرْءِ عِنْدِي أَنْ يَقْصُرَ فِيمَا كَانَ مَسِيرُهُ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ، وَلَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَهُمَا، وَأُحِبُّ أَنَا أَنْ لَا أَقْصُرَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ احْتِيَاطًا عَلَى نَفْسِي، وَإِنَّ تَرْكَ الْقَصْرِ مُبَاحٌ لِي. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ، ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْصُرُ فِي الْيَوْمِ التَّامِّ، وَخَرَجَ إِلَى أَرْضٍ اشْتَرَاهَا مِنَ ابْنِ بُجَيْنَةَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ تَامٍّ، ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: يُقْصَرُ فِي الْيَوْمِ، وَلَا يُقْصَرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ

2263 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ»

2264 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ لَهُ اشْتَرَاهَا مِنَ ابْنِ بُجَيْنَةَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُونَ مِيلًا»

2265 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَقْصِرُ الصَّلَاةَ إِلَى عَرَفَةَ أَوْ إِلَى مِنًى؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ -[349]- إِلَى الطَّائِفِ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَلَا يَقْصُرُ إِلَّا فِي الْيَوْمِ، وَلَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ "

2266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ مَنَ سَافَرَ ثَلَاثًا قَصَرَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ

2267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا غِيَاثُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي مَعَارِيكُمْ وَلَا مَحْشَرِكُمْ، وَلَا قُرَى السَّوَادِ، وَتَقُولُونَ: إِنَّا سُفْرٌ، إِنَّمَا السَّفَرُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ " وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: فِي مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدَائِنِ

2268 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " كَانَ أَدْنَى مَا يَقْصُرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةَ مَالٌ لَهُ يُطَالِعُهُ بِخَيْبَرَ، وَهُوَ مَسِيرَةُ -[350]- ثَلَاثِ قَوَاصِدَ، لَمْ يَقْصُرْ فِيمَا دُونَهُ، قُلْتُ: وَكَمْ خَيْبَرٌ؟، قَالَ: ثَلَاثُ قَوَاصِدَ، قُلْتُ: وَالطَّائِفُ؟، قَالَ: نَعَمْ، مِنَ السِّهْلَةَ وَأَنْفَسُ قَلِيلًا ". وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ النُّعْمَانُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا، سَيْرُ الْإِبِلِ وَمَشْيُ الْأَقْدَامِ، وَاحْتَجَّ الثَّوْرِيُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» . وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى النُّمَيْلَةِ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ يَوْمِهِ، فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ

2269 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، قَالَ: عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّزَّالِ، أَنَّ عَلِيًّا: " خَرَجَ إِلَى النُّمَيْلَةِ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ يَوْمِهِ، فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ "

2270 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِنِّي لَأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ»

2271 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: «أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ» -[351]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ، فَأَحْسَبُ مِثْلَ قَوْلِ مَنْ قَالَ لِأَهْلِ مَكَّةَ: أَنْ تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةِ فَرَاسِخَ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا، وَكَانَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُوَيْبٍ، وَهَانِي بْنُ كُلْثُومٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ، وَبِهَذَا نَأْخُذُ

وقت ابتداء القصر إذا أراد المرء السفر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للذي يريد السفر أن يقصر الصلاة إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي منها يخرج. واختلفوا في تقصير الصلاة قبل الخروج عن البيوت فقال: كثير من أهل العلم: لا يقصر الصلاة حتى يخرج من

وَقْتُ ابْتِدَاءِ الْقَصْرِ إِذَا أَرَادَ الْمَرْءُ السَّفَرَ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلَّذِيَ يُرِيدُ السَّفَرَ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجَ عَنْ جَمِيعِ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ الَّتِي مِنْهَا يَخْرُجُ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ عَنِ الْبُيُوتِ فَقَالَ: كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، رُوِّينَا حَدِيثًا فِيهِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ الرَّاوِي: فَقَصَرْنَا الصَّلَاةَ وَنَحْنُ نَرَى الْبُيُوتَ، ثُمَّ رَجَعْنَا فَقَصَرْنَا وَنَحْنُ نَرَى الْبُيُوتَ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ -[352]- الْبَصْرَةِ فَرَأَى خُصًّا فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَقَصَرْنَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْمَدِينَةِ

2272 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا وِقَاءُ بْنُ إِيَاسٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَصَرْنَا الصَّلَاةَ وَنَحْنُ نَرَى الْبُيُوتَ»

2273 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللهِ، ثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْبَصْرَةَ فَرَأَى خُصًّا، فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَقَصَرْنَا "

2274 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أنا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ التَّقْصِيرِ، فِي الصَّلَاةِ؟، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْمَدِينَةِ "

2275 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ " وَرُوِّينَا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَأَبِي فَاخِتَةَ، أَنَّهُمْ -[353]- قَصَرُوا حِينَ خَرَجُوا مِنَ الْبُيُوتِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا جَاوَزَ الْجِسْرَ، أَوِ الْخَنْدَقَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهُ يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ: وَأَبُو ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: رُوِّينَا عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرًا فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ، وَفِيهِمُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجًّا فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ حَتَّى حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ شَاءَ قَصَرَ وَإِنْ شَاءَ أَوْفَى، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ -[354]- مُوسَى: إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ ذَاهِبًا لِوَجْهِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْقَرْيَةِ حَتَّى حَانَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَقْصُرْهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ الْقَرْيَةَ رَاجِعًا مِنْ سَفَرِهِ، ثُمَّ حَانَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَقْصُرْهَا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلًا ثَالِثًا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجْتَ مُسَافِرًا فَلَا تَقْصُرِ الصَّلَاةَ يَوْمَكَ حَتَّى اللَّيْلِ، وَإِنْ رَجَعْتَ أَوْ خَرَجْتَ لَيْلًا طَوِيلًا فَلَا تَقْصُرِ الصَّلَاةَ حَتَّى تُصْبِحَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَلْزَمُ الْمُقِيمَ مَا دَامَ مُقِيمًا إِتْمَامُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ وَخَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَبْرُزْ عَنْ قَرْيَتِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَمْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ عَلَى أَصْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، فَإِذَا بَرَزَ عَنْهَا قَصَرَ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، إِذْ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْفَارِهِ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، فَقَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَالسُّنَّةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمٌ وَلَا نِصْفُ يَوْمٍ

ذكر المرء يسافر في آخر الوقت أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من خرج بعد الزوال مسافرا أن يقصر الصلاة، وممن حفظنا عنه ذلك مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي

ذِكْرُ الْمَرْءِ يُسَافِرُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَالِ مُسَافِرًا أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا عَنْهُ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

ذكر حد المقام الذي يجب على المسافر به إتمام الصلاة اختلف أهل العلم في القدر الذي يجب على المسافر إذا أقام ذلك المقدار إتمام الصلاة، فقالت طائفة: إذا أجمع على إقامة خمس عشرة أتم الصلاة، روينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي

ذِكْرُ حَدِّ الْمُقَامِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ بِهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا أَقَامَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2276 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عِيسَى، قَالَ: ثنا مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، بِإِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ»

2277 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ: قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مُوسَى الطَّحَّانِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَعْلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ قَائِلٌ هَذَا الْقَوْلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً تُخَالِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَهِيَ أَثْبَتُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالَّذِي يَحْصُلُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ، الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَزْمَعَ إِقَامَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، آخِرُ أَقْوَالِهِ كَمَا ذَكَرَ نَافِعٌ

2278 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا أَزْمَعْتَ بِالْإِقَامَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ»

2279 - وَمِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَتْ مِنْهُ أَشْيَاءَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي إِقَامَتِهِ فِي السَّفَرِ مُخْتَلِفَةً، ثُمَّ صَارَ إِلَى آخِرِ أَمْرِهِ إِلَى أَنْ كَانَ إِذَا قَدِمَ بَلْدَةً فَأَجْمَعَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَإِذَا قَدِمَ بَلْدَةً لَا يَدْرِي مَا يُقِيمُ فِيهَا قَصَرَ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَإِذَا كَمَّلَهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَدٍ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: مَا وَافَقَ إِلَّا بِمَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْأَسْفَارِ، فَمَنْ نَزَلَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يُقِيمُ فِيهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ حِينَ مَقْدِمِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي مَا وَقْتُ إِقَامَتِهِ، وَمَتَى فِيهِ نُفَيْرُ مَنْ نَفَرَ لِيَنْفِرَ، قَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَتَمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَرْتَحِلَ عَنْهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا عَزَمَ عَلَى مُقَامِ عَشْرِ لَيَالٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِثَابِتٍ عَنْهُمَا، وَقَالَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ

2280 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ فَيُقِيمُ عَشْرًا فَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ»

2281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا قَدِمْتَ بَلْدَةً فَلَمْ تَدْرِ مَتَى تَخْرُجُ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، وَإِذَا قُلْتَ: أَخْرُجُ الْيَوْمَ، أَخْرُجُ غَدًا فَأَقَمْتَ عَشْرًا فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَقَمْتَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، رُوِيَ هَذَا -[357]- الْقَوْلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ، وَهُوَ: أَنَّ مَنَ أَقَامَ أَرْبَعًا صَلَّى أَرْبَعًا، هَكَذَا قَالَ: مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ بِأَنَّهُمْ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى مَا دُونَ الْأَرْبَعِ أَنَّهُ يَقْصُرُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْأَرْبَعِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفُرُوضَ لَا تُزَالُ بِاخْتِلَافِ

وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ 2282 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ أَوْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ تِسْعَ عَشْرَةَ قَصَرَ الصَّلَاةَ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلَاةَ» وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، إِذَا أَجْمَعَ لِعِشْرِينَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً قَصَرَ، -[358]- فَإِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ، قَالَ: فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ، وَالسَّادِسَ، وَالسَّابِعَ، وَصَلَّى الْفَجْرَ بِالْأَبْطَحِ يَوْمَ الثَّامِنِ فَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَتِهَا فَإِذَا أَجْمَعَ أَنْ يُقِيمَ كَمَا أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ، وَإِذَا أَجْمَعَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ أَحَدُهُمَا: كَقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَطَّنْتُ نَفْسَكَ بِأَرْضٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَقَامَ ثَلَاثًا أَتَمَّ، فَهَذَانِ قَوْلَانِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِمَا. وَفِيهِ قَوْلٌ عَاشِرٌ، ذَكَرَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ آخَرُونَ: وَهُمُ الْأَقَلُّونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ تَرْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، إِلَّا أَنْ تُقِيمَ بِبَلْدَةٍ لَكَ بِهَا أَهْلٌ وَمَالٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ كَوَطَنِكَ، وَلَا يَنْظُرُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى إِقَامَةِ أَرْبَعٍ وَلَا خَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَمِمَّا احْتَجُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ

2283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الصَّقْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ شُقَيٍّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّلَاةِ، فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ صَلَّى -[359]- رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ " وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّا نُطِيلَ الْمُقَامَ فِي الْغَزْوِ بِخُرَاسَانَ فَكَيْفَ تَرَى؟، فَقَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَقَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَقَامَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَأَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ بِبَعْضِ بِلَادِ فَارِسَ فَكَانَ لَا يَجْمَعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَقَمْنَا مَعَ وَالٍ أَحْسَبُهُ قَالَ: بِسِجِسْتَانَ سِنِيْنًا، وَكَانَ مَعَنَا رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ، وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، آتِي الْمَدِينَةَ طَالِبَ حَاجَةٍ فَأُقِيمُ بِهَا السَّبْعَةَ الْأَشْهُرِ وَالثَّمَانِيَةَ، كَيْفَ أُصَلِّي؟، قَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ الثَّلْجُ حَالَ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الْقُفُولِ وَأَقَامَ مَسْرُوقٌ بِالسِّلْسِلَةِ سِنِيْنًا، وَهُوَ عَامَلٌ عَلَيْهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ، يَلْتَمِسُ بِذَلِكَ السُّنَّةَ

2284 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ غَزَّةَ يُكَنَّى أَبَا الْمِنْهَالِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَجُلٌ أُقِيمُ بِالْمَدِينَةِ حَوْلًا، قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ "

2285 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّا نُطِيلُ الْمُقَامَ بِالْغَزْوِ بِخُرَاسَانَ، فَكَيْفَ تَرَى؟، قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَقَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ "

2286 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ، -[360]- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنْ أَقَمْتَ فِي بَلْدَةٍ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ تَقْصُرُ الصَّلَاةَ»

2287 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: «أَقَامَ بِسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»

2288 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: «أَقَامَ بِالشَّامِ شَهْرَيْنِ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»

2289 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُنَّا مَعَهُ بِبَعْضِ بِلَادِ فَارِسَ سَنَتَيْنِ فَكَانَ لَا يَجْمَعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ»

2290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَهُ بِالشَّامِ شَهْرَيْنِ فَكُنَّا نُتِمُّ، وَكَانَ يَقْصُرُ، فَقُلْنَا لَهُ: فَقَالَ: إِنَّا نَحْنُ أَعْلَمُ "

2291 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: " أَقَمْنَا مَعَ وَالٍ، أَحْسَبُهُ قَالَ: بِسِجِسْتَانَ، سِنِيْنًا، وَكَانَ مَعَنَا رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ -[361]- عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ "

2292 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، قَالَ: " كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، آتِي الْمَدِينَةَ طَالِبَ حَاجَةٍ فَأُقِيمُ بِهَا السَّبْعَةَ الْأَشْهُرِ وَالثَّمَانِيَةَ، كَيْفَ أُصَلِّي؟، قَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ إِسْحَاقُ لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ لِلْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ الْقَوْلَ الْعَاشِرَ وَاعْتَذَرَ فِي تُخَلُّفِهِ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ، لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى تَوْقِيتِ وَقَّتُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَكَانَ مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَوْقِيتٍ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً. وَفِيهِ قَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ: وَهُوَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَامِ لِلْخَوْفِ وَالْمُقَامِ لِغَيْرِ الْخَوْفِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَشْبَهَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُقَامِ الْمُهَاجِرِ، فَلَا يَأْخُذُ مُقَامَ الْمُسَافِرِ وَمَا جَاوَزَهُ كَانَ مُقَامَ الْإِقَامَةِ، وَلَيْسَ يَحْسِبُ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ سَائِرًا ثُمَّ قَدِمَ، وَلَا الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ مُقِيمًا ثُمَّ سَارَ، كَانَ غَيْرَ مُقَامِ حَرْبٍ وَلَا خَوْفٍ قَصَرَ، فَإِذَا جَاوَزَ مُقَامُهُ أَرْبَعًا أَحْبَبْتُ أَنْ يُتِمَّ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ أَعَادَ مَا صَلَّى بِالْقَصْرِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ كَانَ مُقَامُهُ لِحَرْبٍ أَوْ خَوْفِ حَرْبٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ الْفَتْحَ يُحَارِبُ هَوَازِنَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ يَقْصُرُ، فَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ أَثْنَائِهِ لَيْسَ بِبَلَدٍ مُقَامُهُ لِحَرْبٍ أَوْ خَوْفِ حَرْبٍ، أَوْ تَأَهُّبِ حَرْبٍ قَصَرَ مَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَإِذَا جَاوَزَهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يُفَارِقَ الْبَلَدَ تَارِكًا لِلْمُقَامِ بِهِ آخِذًا فِي سَفَرِهِ. -[362]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثَ عَشَرَ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ، فَمَنْ أَجْمَعَ مَسِيرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ رَوْحَتُهُ وَغُدْوَتُهُ وَوَلْجَتُهُ، فَقَدْ أَجْمَعَ سَفَرًا فَلَهُ صَلَاةُ السَّفَرِ وَرُخْصَةُ فِطْرِ الصَّوْمِ، وَمَنْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَلَّى صَلَاةَ الْحَضَرِ وَعَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهَا مَسَاكِنُ الْآنَ، الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ يَجْمَعَانِ الدُّنْيَا وَيُعْقَدُ بِهِمَا الزَّمَانُ، وَيُكْمَلُ فِيهِمَا الصَّلَوَاتُ كُلُّهُنَّ، وَيَكُونُ فِيهِمَا الصَّوْمُ. وَفِيهِ قَوْلُ رَابِعَ عَشَرَ: حَكَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ خَالَفَ مَا وَصَفْنَا بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَالُوا: قَدْ مَضَتِ السُّنَّةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي التَّقْصِيرِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانَ طَاعِنًا، فَإِذَا وَضَعَ الْمَزَادِ وَالزَّادَ وَتَرَكَ الرَّحِيلَ، وَأَقَامَ أَيَّامًا لِحَاجَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ نُزْهَةٍ فَهُوَ بِالْمُقِيمِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمُسَافِرِ، فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُقْصَرُ إِلَّا بِأَمْرٍ مُجْتَمِعٍ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ عَلَى هَذَا الِاسْمِ الْإِقَامَةُ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا وَضَعْتَ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَصَلِّ أَرْبَعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنْ يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عُمَرَ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَكُلُّ مُسَافِرٍ فَهَذَا فَرْضُهُ، إِلَّا مُسَافِرًا خَصَّهُ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى مُقَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً الْإِتْمَامُ، فَوَجَبَ الْإِتْمَامُ عَلَى مَنْ أَقَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدِ اعْتَلَّ الْمُزَنِيُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، وَقَالَ: يُقَالُ لَهُ: يَعْنِي الشَّافِعِيَّ، وَالْمَدَنِيَّ: أَجْمَعْتُمْ عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْمُقَامِ الَّذِي يُتِمُّ، فَلَا يَزِيدُ مَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْصَارِ إِلَّا مُقَامًا تُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سَرَّحَ ظَهْرَهُ، وَصَلَّى -[363]- أَرْبَعًا قَالَ: فَإِنِ اعْتَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» ، قَالَ: لَازِمٌ لِمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ التَّمَامَ بِأَوَّلِ صَلَاةٍ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ مَنْ أَقَامَ عَشْرًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَمَنْ أَقَامَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ قَصَرَ، فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعْنَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ أَنَسٍ: «أَقَامَ بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ» يُرِيدُ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ، خَبَرُ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ

2293 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ ثَنَا يَحْيَى، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فِي نَاسٍ مَعِيَ، قَالَ: «أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَقَامَ بِمَكَّةَ بِيَوْمٍ رَابِعٍ وَخَامِسٍ وَسَادِسٍ وَسَابِعٍ، وَخَرَجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى، ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَبِخُرُوجِهِ إِلَى عَرَفَةَ، وَرُجُوعِهِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَبِمُقَامِهِ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ، وَمَسِيرَهِ إِلَى مَكَّةَ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَدَفَعَهُ رَحْلُهُ بِالْمُحَصَّبِ، وَهَذِهِ الْعَشَرَةُ الَّتِي أَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَا حَجَّةَ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنَ أَقَامَ بِبَلَدٍ عَشْرًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ أَنَسٍ، إِذْ لَا سَبِيلَ، حَدِيثُ أَنَسٍ بِهَذَا السَّبِيلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، لِأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامِ -[364]- مُقَامِهِ بِمَكَّةَ فِي حَجَّتِهِ، فَأَجَازَ أَنْ يَقْصُرَ مَنْ أَقَامَ مِقْدَارَ يُصَلِّي ذَلِكَ الْعَدَدِ مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَأَمَرَ مَنْ زَادِ مُقَامُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ بِالْإِتْمَامِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى مَنِ اتَّبَعَ فِعْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَدَ الْآخِذُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ

ذكر المار في سفره بأهله وماله واختلفوا في المسافر يمر في سفره بقرية فيها له أهل ومال، فقالت طائفة: يتم الصلاة، وروينا عن ابن عباس أنه قال: إذا قدمت على أهل لك أو ماشية فأتم الصلاة

ذِكْرُ الْمَارِّ فِي سَفَرِهِ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَمُرُّ فِي سَفَرِهِ بِقَرْيَةٍ فِيهَا لَهُ أَهْلٌ وَمَالٌ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلٍ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ

2294 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: أَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِلَى مِنًى؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ جُدَّةَ، وَعُسْفَانَ، وَإِلَى الطَّائِفِ، فَإِنْ قَدِمْتَ عَلَى أَهْلِ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا مَرَّ بِمَزْرَعَةٍ لَهُ فِي سَفَرِهِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا مَرَّ بِقَرْيَةٍ فِيهَا أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بِمِثْلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: فَإِنْ قَدِمَ عَلَى مَاشِيَةٍ لَهُ أَوْ قَرْيَةٍ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَرَارَهُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ، قَصَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ، وَلِعَدَدٍ مِنْهُمْ بِمَكَّةَ دَارٌ أَوْ أَكْثَرُ وَقَرَابَاتٌ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، أَعِنِّي إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ عَلَى أَهْلٍ لَهُ وَمَالٍ أَنْ يَقْصُرَ

ذكر إمامة المسافر المقيم ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قدم مكة فصلى بها أياما يقصر الصلاة. وأجمع أهل العلم على أن على المقيم إذا ائتم بالمسافر وسلم الإمام من ثنتين أن عليه إتمام الصلاة

ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمُسَافِرِ الْمُقِيمَ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ فَصَلَّى بِهَا أَيَّامًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وَأَجْمَعُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُقِيمِ إِذَا ائْتَمَّ بِالْمُسَافِرِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ

2295 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: " أَنَّ فَتًى، سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ؟، فَقَالَ: مَا سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَرًا إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ مِنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ، قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَصْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثَابِتٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ يَتَكَلَّمُ فِي حَدِيثِهِ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ

2296 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: صَلَّى عُمَرُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ» وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَافِرٍ أَمَّ قَوْمًا مُقِيمِينَ، وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: -[366]- لَا يَجْزِيهِمْ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: وَقَدْ قَصَرَ هُوَ صَلَاتَهُ. وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ: إِذَا صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ أَرْبَعًا فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ جَائِزَةٌ، وَصَلَاةَ الْمُقِيمِينَ فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ عِنْدَهُمْ تَطَوُّعٌ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَمَنْ مَذْهَبُهُمْ أَنَّ مَنَ صَلَّى فَرْضًا خَلْفَ إِمَامٍ يَتَطَوَّعُ بِالصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ كُلَّهُمْ تَامَّةٌ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي مُسَافِرٍ يَسْهُوَ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن خرج إلى سفر ثم رجع إلى حاجة ذكرها اختلف أهل العلم في المرء يسافر فيقصر بعض الصلوات ثم يذكر حاجة فيرجع، فقالت طائفة: يتم الصلاة لأنه لم يبلغ سفرا يقصر فيه الصلاة، هكذا قال الثوري، وقال مالك: يتم الصلاة إذا رجع حتى يخرج فاصلا

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَاجَةٍ ذَكَرَهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُسَافَرُ فَيَقْصُرُ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ يَذْكُرُ حَاجَةً فَيَرْجِعُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ سَفَرًا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، هَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ إِذَا رَجَعَ حَتَّى يَخْرُجَ فَاصِلًا الثَّانِيَةَ مِنْ بَيْتِهِ وَيُجَاوِزُ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي مُسَافِرٍ ثَابِتٍ لَهُ حَاجَةٌ فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَحَضَرَتْهُ

الصَّلَاةُ فِي طَرِيقَهِ، أَوْ طَرِيقِ أَهْلِهِ ذَاهِبًا أَوْ جَائِيًا قَصَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى فِي رُجُوعِهِ الْمُقَامَ فِي أَهْلِهِ أَرْبَعًا، وَلَوْ أَتَمَّ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي رَجُلٍ خَرَجَ مُسَافِرًا فَبَدَا لَهُ فِي حَاجَةٍ إِلَى بَيْتِهِ لِيَأْخُذَهَا، فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، قَالَ: هُوَ مُسَافِرٌ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ أَهْلٌ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلٍ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ، قَالَ الرَّاوِي عَنْهُ ذَلِكَ: رَاوَدْتُهُ فَقَالَ: هُوَ مُسَافِرٌ يَقْصُرُ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ: إِذَا كَانَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ قَدْرَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ أَجْمَعَ مِنْ قَرِيبٍ أَتَمَّ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَوْضِعِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ تَارِكًا لِسَفَرِهِ وَقَدْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَإِنَّ طَائِفَةً قَالَتْ: تَمَّتْ صَلَاتُهُ الَّتِي صَلَّى وَيُتِمُّ فِي الصَّلَاةِ مَرْجِعَهُ إِذَا كَانَ فِيمَا لَا يُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَإِلَّا فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا سَافَرَ فَسَارَ عَشْرَةَ أَمْيَالٍ فَصَلَّى فِي ذَلِكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ يُتِمُّ تِلْكَ الصَّلَاتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ هَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ شَيْءٍ مِمَّا صَلَّى، لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوجَبَ عَلَيْهِ إِذًا فَرْضٌ مَرَّتَيْنِ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتَهَا

ذكر المكاري والملاح وصاحب السفينة يقصر من الصلاة اختلف أهل العلم في الملاح، والمكاري، وصاحب السفينة يحضرهم الصلاة، فقالت طائفة: يقصرون الصلاة إذا سافروا، هذا قول الشافعي ومحمد بن الحسن، وقال ابن القاسم: بلغني عن مالك أنه قال: في النواتية كذلك،

ذِكْرُ الْمُكَارِي وَالْمَلَّاحِ وَصَاحِبِ السَّفِينَةِ يَقْصُرُ مِنَ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَلَّاحِ، وَالْمُكَارِي، وَصَاحِبِ السَّفِينَةِ يَحْضُرُهُمُ الصَّلَاةُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ إِذَا سَافَرُوا، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي النَّوَاتِيَةِ كَذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَذَكَرَ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يُتِمُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ فِي الْمَلَّاحِ: إِذَا كَانَتِ السَّفِينَةُ بَيْتُهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَيَصُومُ، وَقَالَ فِي الْمُكَارِي: الَّذِي دَهْرُهُ فِي السَّفَرِ يَقْصُرُ. وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ السَّفَرَ فَيَبْرُزُ عَنِ الْقَرْيَةِ الْمِيلَ وَالْمِيلَيْنِ فَيُقِيمُ بِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يَقْصُرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَدِّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا بَرَزَ عَنِ الْبُيُوتِ قَصَرَ إِنْ شَاءَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فِي مَقَامِهِ

ذكر من نسي صلاة في سفر فذكرها في الحضر، أو نسي صلاة في حضر فذكرها في السفر أجمع أهل العلم لا أعلم بينهم فيه اختلافا على أن من نسي صلاة في حضر فذكرها في السفر أن عليه صلاة الحضر لا يجزيه غير ذلك، إلا شيء اختلف فيه عن الحسن. واختلفوا فيمن نسي صلاة في

ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ، أَوْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا عَلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْحَضَرِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا شَيْءٍ

اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ فِي الْحَضَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي صَلَاةَ سَفَرٍ كَمَا كَانَتْ فُرِضَتْ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا صَارَ بِمِصْرَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ آخِرُ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا: وَهِيَ خِلَافُ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْهُ، فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي حَضَرٍ، وَقَوْلُهُ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ قَوْلٌ شَاذُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، ذَكَرَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْأَشْعَثِ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ فِي رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةَ الْحَضَرِ حَتَّى ذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ، قَالَ: يُصَلِّيهَا صَلَاةَ السَّفَرِ، وَإِذَا نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّى صَلَاةَ الْحَضَرِ

جماع أبواب الصلوات عند العلل

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْعِلَلِ

ذكر صلاة المريض جالسا إذا لم يقدر على القيام

ذِكْرُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ جَالِسًا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ

2297 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى لَنَا صَلَاةً وَهُوَ جَالِسٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فَرْضَ مَنْ لَا يُطِيقُ الْقِيَامَ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، أَوْ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقُومَ لِدُنْيَاهُ فَلْيُصَلِّ قَاعِدًا، كَانَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ يَقُولُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا كَانَ قِيَامُهُ يَزِيدُ وَهْنًا وَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ، وَلَا يَخْرُجُ فِي حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا صَلَّى جَالِسًا، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يُصِيبُهُ الْمَرَضُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُتْعِبُهُ وَيَبْلُغُ مِنْهُ حَتَّى يَشْتَدَّ الْقِيَامُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، وَإِنَّمَا الدِّينُ يُسِرٌّ، قَالَ اللهُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] الْآَيَةَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَكُلُّ حَالٍ أَمَرْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا يُطِيقُهُ فَإِذَا أَطَاقَهَا بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا كَمَا فُرِضَ عَلَيْهِ، إِذَا أَطَاقَ الْقِيَامَ -[374]- بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ قَامَ فَأَتَى بِأَقَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ مَعَهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا آمُرُهُ بِالْقُعُودِ إِذَا كَانَتِ الْمَشَقَّةُ غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، أَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَالٍ

ذكر صفة صلاة الجالس حدثني عبد الرحمن بن يوسف، قال: ثنا محمد بن عبد الله المحرمي، حدثنا أبو داود الحفري، عن حفص بن غياث. وقد ذكرت الحديث في أبواب صلوات التطوع قاعدا. وقد اختلف أهل العلم في صفة جلوس المصلي قاعدا، فقالت طائفة: يكون في حال قيامه

ذِكْرُ صِفَةِ صَلَاةِ الْجَالِسِ 2298 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَحْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ فِي أَبْوَابِ صَلَوَاتِ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ جُلُوسِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُونُ فِي حَالِ قِيَامِهِ مُتَرَبِّعًا، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنْ يُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ

2299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ أَوْ عَبَّاسًا، شَكَكْتُ أَنَا، مُتَرَبِّعَيْنِ فِي الصَّلَاةِ»

2300 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو -[375]- الرِّحَالِ الطَّائِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُتَرَبِّعًا»

2301 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلَاةِ» وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يَجْعَلُ قِيَامَهُ مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ثَنَى رِجْلَهُ كَمَا يَرْكَعُ الْقَائِمُ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ مُتَرَبِّعًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أُصَلِّيَ عَلَى رُضْفَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ رِوَايَةً، قَالَ: فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ مُتَرَبِّعًا، قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُطِيقُ إِلَّا ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ خِلَافُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ

2302 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْنٌ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْهَيْثَمِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لَأَنْ أُصَلِّيَ عَلَى -[376]- رُضْفَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا»

2303 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: " رَأَى ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فَنَهَاهُ، قَالَ: هُوَ ذَا أَبٌ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا، قَالَ: إِنِّي أَشْتَكِي رِجْلَيَّ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّرَبُّعِ، وَلَا أَحْسَبُ الْحَدِيثَ يَثْبُتُ مَرْفُوعًا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِي صِفَةِ جُلُوسِ الْمُصَّلي قَاعِدًا سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ فَيَكُونَ جُلُوسُهُ كَمَا سَهُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ صَلَّى مُتَرَبِّعًا، وَإِنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنْ يَتَرَبَّعَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَائِمًا لَمَّا كَانَ حَالُهُ قَائِمًا غَيْرَ حَالِهِ جَالِسًا، وَجَبَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، فَيَكُونُ فِي الْحَالِ قِيَامُهُ مُتَرَبِّعًا لِيَدْخُلَ بَيْنَ حَالِ قِيَامِهِ وَحَالِ جُلُوسِهِ مَعَ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى فَكَانَ فِي جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا كَيْفَ يَفْعَلُ فِي حَالِ رُكُوعِهِ؟، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ثَنَى فَخِذَهُ كَمَا يَجْلِسُ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَسَعِيدِ بْنِ -[377]- جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُونُ جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا، وَيَرْكَعُ وَهُوَ مُتَرَبِّعٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوٌ مِنْ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ وَسَجَدَ

ذكر صلاة المريض مضطجعا عاجزا عن القيام وعن الجلوس اختلف أهل العلم في المريض العاجز عن القيام وعن الجلوس، فقالت طائفة: يصلي مضطجعا على جنب يومي إيماء، روينا عن ابن عمر أنه قال: من استطاع أن يصلي قائما فليصل قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع

ذِكْرُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ مُضْطَجِعًا عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ وَعَنِ الْجُلُوسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ وَعَنِ الْجُلُوسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي مُضْطَجِعًا عَلَى جَنْبٍ يُومِي إِيمَاءً، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً

2304 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ: " يَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ، يُصَلِّي عَلَى الْعُودِ؟، فَقَالَ: لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَتَّحِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً " وَصَلَّى النَّخَعِيُّ وَهُوَ مَرِيضٌ مُضْطَجِعًا عَلَى يَمِينِهِ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ. -[378]- وَقَالَ عَطَاءٌ: يُصَلَّى مُضْطَجِعًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُصَلِّ مُسْتَلْقِيًا يُومِي بِرَأْسِهِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا إِذَا عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يُصَلِّي عَلَى مَا قُدَرَ وَتَيَسَّرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا مُضْطَجِعًا: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً، السُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا يُصَلِّي مُسْتَلْقِيًا، وَيَجْعَلَ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَيُومِي بِرَأْسِهِ إِيمَاءً، هَذَا قَوْلُ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَحُكِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَقَوْلِ الْحَارِثِ الْفَارَيَابِيُّ عَنْهُ، وَالْحِكَايَةُ الْأُولَى ذَكَرَهَا الْأَشْجَعِيُّ عَنْهُ

2305 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «يُصَلِّي الْمَرِيضُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ تَلِي قَدَمَاهُ الْقِبْلَةَ» وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا يُصَلِّي عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُ مِنْ قُعُودِهِ، وَعَلَى جَنْبِهِ، وَعَلَى ظَهْرِهِ، وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَوَجْهَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا يُصَلِّي عَلَى جَنْبِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَقَوْلِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا عَجَزَ الْعَلِيلُ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ صَلَّى عَلَى جَنْبٍ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ

2306 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حُسَيْنٍ -[379]- الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " كَانَ بِي النَّاصُورُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جَنْبِهِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا، رِجْلَاهُ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ

ذكر سجود المريض على شيء يرفعه إلى وجهه قال أبو بكر: إذا عجز المرء عن الصلاة قائما صلى قاعدا فإن قدر على الركوع والسجود لم يجزه إلا أن يركع ويسجد، فإن عجز عن السجود ففيها لأهل العلم قولان أحدهما: أن يومي إيماء ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه، روي هذا

ذِكْرُ سُجُودِ الْمَرِيضِ عَلَى شَيْءٍ يَرْفَعُهُ إِلَى وَجْهِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا عَجَزَ الْمَرْءُ عَنِ الصَّلَاةِ قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ السُّجُودِ فَفِيهَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَانَ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُومِيَ إِيمَاءً وَلَا يَرْفَعَ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَسُئِلَ أَنَسٌ عَنِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ: يَسْجُدُ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا

2307 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ: " دَخَلَ عَلَى عُتْبَةَ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى مِسْوَاكٍ يَرْفَعُهُ إِلَى وَجْهِهِ، فَأَخَذَهُ، فَرَمَى بِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَوْمِ إِيمَاءً، وَلْتَكُنْ رَكْعَتُكَ أَرْفَعَ مِنْ سَجْدَتِكَ "

2308 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «مَنْ كَانَ مَرِيضًا فَصَلَّى قَاعِدًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُومِ بِرَأْسِهِ وَلَا يَسْجُدْ عَلَى عُودٍ»

2309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، -[380]- عَنِ ابْنِ عَمْرَ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوعًا وَلَا سُجُودًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ يُكَبِّرُ»

2310 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَمْرَ: " يُسْأَلُ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ عَلَى الْعُودِ وَهُوَ مَرِيضٌ؟، فَقَالَ: لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْثَانًا، مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَجَالِسًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً "

2311 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ صَفْوَانَ بْنِ الطَّوِيلِ، فَوَجَدَهُ يَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ، فَنَهَاهُ، وَقَالَ: أَوْمِئْ، وَاجْعَلِ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ "

2312 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ: «يَسْجُدُ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا» وَقَالَ عَطَاءٌ: يُومِي بِرَأْسِهِ إِيمَاءً، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَى الْأَرْضِ يُومِي إِيمَاءً، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ السُّجُودَ لَا يَرْفَعُ إِلَيَّ جَبْهَتِهِ شَيْئًا، وَلَا يَنْصِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ وِسَادَةً، وَلَا شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: وَإِنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ أَوْمَى إِيمَاءً، وَإِنْ رَفَعَ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَالْإِيمَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَرْفَعُ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَضَعَ وِسَادَةً -[381]- عَلَى الْأَرْضِ فَسَجَدَ عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةٍ مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ رَخَّصَ فِي السُّجُودِ عَلَى الْمِرْفَقَةِ الظَّاهِرَةِ، وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَكَى سَجَدَ عَلَى مِرْفَقَةٍ

2313 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ، قَالَتْ: «رَأَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةً مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا»

2314 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا الْحَجْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ: «أَنَّهَا رَأَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةٍ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِعَيْنِهَا»

2315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا سَعِيدٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ وَيُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا»

2316 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَرِيضِ يَسْجُدُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ الظَّاهِرَةِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ "

2317 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَلُفَّ، الْمَرِيضُ الثَّوْبَ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ»

2318 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: «أَنَّهُ مَرِضَ فَوُضِعَتْ لَهُ وِسَادَةٌ وَوُضِعَ عَلَيْهَا لَوْحٌ، وَكَانَ يُصَلِّي وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا»

2319 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَكَى سَجَدَ عَلَى مِرْفَقَةٍ» وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي الْمَرِيضِ يَسْجُدُ عَلَى شَيْءٍ رَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ أَحَبُّ إِلَى أَنْ لَا يَرْفَعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ وَيَسْجُدُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَوْمِيَ بِرَأْسِهِ، حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَيُجْزِي عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ السُّجُودُ عَلَى الْوِسَادَةِ أَوِ الْمِرْفَقَةِ إِذَا وُضِعَتْ بِالْأَرْضِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ عَاجِزٌ عَنِ الْقِيَامِ وَأَمْكَنَهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، لَمْ يُجِزْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ، أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ يَبْلُغُ بِالْإِيمَاءِ مَا أَمْكَنَهُ فَإِذَا بَلَغَ مِنَ الْإِيمَاءِ مَا أَمْكَنَهُ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ عُودًا أَوْ مُخَدَّةً فَرَأَى فِي جَبْهَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنَ الْإِيمَاءِ بِمِقْدَارِ إِمْكَانِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُجْزِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى مِنَ الْإِيمَاءِ قَدْرَ طَاقَتِهِ، فَلَيْسَ يَضُرُّهُ مُلَاقَاةُ الْعُودِ أَوِ الْمُخَدَّةِ، وَمِمَّا مَسَّتْهُ جَبْهَتُهُ فِي هَذَا الْحَالِ، وَإِنْ قَصَرَ عَمَّا يُمْكِنُهُ مِنَ الْإِيمَاءِ لَمَّا رَفَعَ إِلَى جَبْهَتِهِ مِنَ الْعُودِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُجِزْهُ وَيُجْزِيهِ السُّجُودُ عَلَى الْمُخَدَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَأَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَأَجْعَلُ سُجُودَهُ عَلَى الْمُخَدَّةِ بِمَنْزِلَةِ سُجُودِهِ عَلَى رَبْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُ إِذَا كَانَ سُجُودُهُ وَرُكُوعُهُ إِيمَاءً السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ

ذكر صلاة من يعالج عينيه مستلقيا واختلفوا في المرء يعالج عينيه، فقالت طائفة: لا يجزيه الصلاة إلا قائما إذا أمكنه القيام روينا، عن ابن عباس، أنه لما كف بصره قال له رجل: إن صبرت سبعا لا تصلي إلا مستلقيا، فأرسل ابن عباس إلى عائشة، وأبي هريرة، وغيرهم

ذِكْرُ صَلَاةِ مَنْ يُعَالِجُ عَيْنَيْهِ مُسْتَلْقِيًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْءِ يُعَالِجُ عَيْنَيْهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ الصَّلَاةُ إِلَّا قَائِمًا إِذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ قَالَ لَهُ رَجُلُ: إِنَّ صَبَرْتَ سَبْعًا لَا تُصَلِّي إِلَّا مُسْتَلْقِيًا، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ مِتَّ فِي هَذِهِ السَّبْعِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ؟، فَتَرَكَ مُعَالَجَةَ عَيْنَيْهِ فَلَمْ يُدَاوِهَا

2320 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنْ صَبَرْتَ لِي سَبْعًا لَا تُصَلِّي إِلَّا مُسْتَلْقِيًا دَاوَيْتُكَ وَرَجَوْتُ أَنْ تَبْرَأَ عَيْنُكَ قَالَ: فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ مِتَّ فِي هَذِهِ السَّبْعِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: فَتَرَكَ مُعَالَجَةَ عَيْنهِ فَلَمْ يُدَاوِهَا "

2321 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: أَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي صَفِيَّةَ لِشَرْحِ الْمَاءِ مِنْ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: اسْتَلْقِ سَبْعًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْأَجَلُ فِي تِلْكَ السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ " وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَلْقِيًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَبِهِ -[384]- قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَجَالِسًا» ، وَهَذَا يَسْتَطِيعُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ إِلَّا بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ

ذكر إسقاط فرض الصلاة عن الحائض ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ". وأجمع أهل العلم على أن الحائض لا صلاة عليها في أيام حيضها فيجب عليها القضاء بعد أن تطهر

ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ. وَالْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالٌ عَلَى ذَلِكَ

2322 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ مَا رَأَيْتُ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبُ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ» ، فَقُلْنَ لَهُ: مَا نُقْصَانُ عَقَلِنَا وَدِينِنَا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفَ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» ، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، وَلَيْسَتْ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخَبَّرَ أَنَّ الْحَائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ لَهَا الصَّوْمُ فِي حَالِ الْحَيْضِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّوْمِ لِإِجْمَاعِهِمْ، وَسَقَطَ عَنْهَا -[385]- فَرْضُ الصَّلَاةِ لِثُبُوتِ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ

2323 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟، فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟، قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: قَدْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ "

ذكر أمر الصبيان بالصلاة وضربهم على تركها قبل البلوغ كي يعتادوها

ذِكْرُ أَمَرِ الصِّبْيَانِ بِالصَّلَاةِ وَضَرْبِهِمْ عَلَى تَرْكِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ كَيْ يَعْتَادُوهَا

2324 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ ابْنَ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مَكْحُولٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يُعَلَّمُ فِيهِ الصَّبِيُّ -[386]- الصَّلَاةَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ يَقُولَانِ: يُعَلَّمُ إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ يَسَارِهِ

2325 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «يُعَلَّمُ الصَّبِيُّ الصَّلَاةَ إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ» 2326 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إِذَا أَثْغَرَ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إِذَا عَقَلَهَا، كَذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: إِذَا عَقَلَ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا كَقَوْلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُؤْمَرُ إِذَا عَقَلَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَثَمَانِ سِنِينَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْيَحْصَبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إِذَا عَدَّ عِشْرِينَ

ذكر الخبر الدال على أن أمر الصبي بالصلاة ابن سبع ليس على الفرض

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ ابْنَ سَبْعٍ لَيْسَ عَلَى الْفَرْضِ

2327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ حَتَّى يُفِيقَ»

ذكر حد البلوغ الذي يجب على من بلغه الصلاة والفرائض والحدود قال الله جل ذكره: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح الآية، وقال جل ثناؤه: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم الآية. وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن الغلام حتى يحتلم " وجاء

ذِكْرُ حَدِّ الْبُلُوغِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] الْآَيَةَ، وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59] الْآيَةُ. وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الِاحْتِلَامَ حَدٌّ لِلْبُلُوغِ، وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: عَرَضَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ،

فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي، وَأَمَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقِتَالِهِمْ لَهُمْ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] الْآَيَةَ وَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29] الْآَيَةَ، وَقَالَ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] الْآَيَةَ، فَأَمَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقِتَالِهِمْ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَفَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَ مَنْ أَمَرَ اللهُ بِقَتْلِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، فَجَعَلَتِ الْفَصْلَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْإِنْبَاتَ، قَالَ عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ: عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَشَكُّوا فِيَّ، هَلْ أَنْبَتُّ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا هَلْ أَنْبَتَ؟» فَلَمْ أَكُنْ أَنَبَتُّ فَخَلَّى عَنِّي وَأَلْحَقَنِي بِالسَّبْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالِاحْتِلَامُ وَالْإِنْبَاتُ وَاسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَدٌّ لِلْبُلُوغِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِوُجُودِ أَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ كَانَ مَوْجُودَةٌ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ، وَفِي الْمَرْأَةِ خَصْلَةٌ رَابِعَةٌ تَجِبُ بِوُجُودِهَا فِيهَا عَلَيْهَا الْفَرَائِضُ وَهِيَ الْحَيْضٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بِوُجُودِ الْحَيْضِ فِي الْمَرْأَةِ تَجُبُ الْفَرَائِضَ، وَمِمَّنْ أَدْرَكَ مِمَّنْ ذَكَرْتُ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ فَلَا فَرْضَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197] الْآَيَةَ، وَبَيَّنَ اللهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَنْ لَا يَعْقِلُ ذَلِكَ عَنْهُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ أَوِ الْجَارِيَةُ الْمَحِيضَ غَيْرَ مَغْلُوبَيْنِ عَلَى عُقُولِهِمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ، وَمَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ الْبُلُوغُ فَالسِّنُّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِهِ الْفَرَائِضُ اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ: الْإِنْبَاتُ حَدُّ الْبُلُوغِ، وَدَفَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا فِي أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ يُقْتَلُ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ وَيُتْرَكُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: حَدُّ بُلُوغِ الْغُلَامِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْجَارِيَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَقَوْلِ مَنْ ذَكَرْنَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا قَالَ حُجَّةٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: سَمِعْنَا أَنَّ الْحُلُمَ أَدْنَاهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَقْصَاهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ، فَإِذَا جَاءَتِ الْحُدُودُ أَخَذْنَا بِأَقْصَاهُمَا، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: " لِي غُلَامٌ فَعَلَ فِعْلًا، انْظُرُوا إِلَى مُؤْتَزَرِهِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ أَنْبَتَّ لَجَلَدْتُكَ الْحَدَّ ". وَكَانَ الْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ يَقُولَانِ: «يُحَدُّ الصَّبِيُّ إِذَا أَنْبَتَ الشَّعْرَ» .

2328 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانٍ، قَالَ " ابْتَهَرَ ابْنُ أَبِي الصَّعْبَةِ بِامْرَأَةٍ فِي شِعْرِهِ، فَرُفِعَ -[390]- ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى مُؤْتَزَرِهِ، فَلَمْ يُنْبِتْ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ أَنْبَتَّ الشَّعْرَ لَجَلَدْتُكَ الْحَدَّ "

2329 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي مُوسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ: «أُتِيَ بِسَارِقٍ فَشَبَّرَهُ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً مِنْ سِتَّةِ أَشْبَارٍ فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَقْطَعْهُ»

2330 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: أُتِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِوَصِيفٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَدْ سَرَقَ فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَشُبِّرَ فَوَجَدُوهُ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فَقَطَعَهُ، وَأَخْبَرَنَا عِنْدَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: " كَتَبَ إِلَى الْعِرَاقِ فِي غُلَامٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُدْعَى نُمَيْلَةَ سَرَقَ وَهُوَ غُلَامٌ، فَكَتَبَ عُمَرُ: أَنْ أَشْبِرُوهُ فَإِنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فَاقْطَعُوهُ، فَشُبِّرَ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً فَتُرِكَ، فَسُمِّيَ نُمَيْلَةَ، فَسَادَ بَعْدُ أَهْلَ الْعِرَاقِ " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجِبُ عَلَى غُلَامٍ فِي صِيَامِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ الْكَفَّارَةُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، إِلَّا أَنْ يَحْتَلِمَ قَبْلَ ذَلِكَ

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يجب على المغمى عليه يفيق بعد خروج الوقت من قضاء الصلوات اختلف أهل العلم فيما يقضي المغمى عليه من الصلاة إذا أفاق فقالت طائفة: لا قضاء عليه، كذلك قال عبد الله بن عمر، وروي ذلك عن أنس بن مالك

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَفِيقُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَقْضِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا أَفَاقَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

2331 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: مَرِضَ ابْنُ عُمَرَ أَيَّامًا لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ ثُمَّ صَحَّ وَعَقَلَ فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ " قَالَ أَيُّوبُ: وَمَرِضَ ابْنُ سِيرِينَ أَيَّامًا لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ

2332 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ»

2333 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ، بِبَغْدَادَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، ثنا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: «أُغْمِيَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ يَقْضِ صَلَاتَهُ» وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَالْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَبِهِ قَالَ -[392]- عَطَاءٌ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةُ أَنَّهُمَا أُمِرَا بِالْقَضَاءِ، وَقَالَ: نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَضَاهَا

2334 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ، مَوْلَاةِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَتَرَكَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَفَاقَ فَدَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ صَلَوَاتِ الثَّلَاثِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا»

2335 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، ثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَعِيدٍ، مَوْلَاةِ عَمَّارٍ وَكَانَتْ جَارِيَةَ عَمَّارٍ: " أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا لَا يُصَلِّي، ثُمَّ اسْتَفَاقَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ: هَلْ صَلَّيْتُ؟ فَقَالُوا: مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: أَعْطُونِي وُضُوءًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى تِلْكَ الثَّلَاثَ "

2336 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، قَالَ: " الْمُغْمَى عَلَيْهِ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَوْ قَالَ: يَتْرُكُ الصَّلَاةَ يُصَلِّي مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا قَالَ: وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: لِيُصَلِّهُنَّ جَمِيعًا " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي صَلَاةَ يَوْمِهِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا أَحْسَبُ ذَلِكَ يُثْبَتُ عَنْهُ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى ثَابِتَةٌ عَنْهُ. وَمِمَّنْ قَالَ يَقْضِي -[393]- صَلَاةَ يَوْمِهِ وَصَلَاةَ لَيْلَتِهِ قَتَادَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَضَى الْفَجْرَ، وَإِنْ لَمْ يَفِقْ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ قَضَى الْفَجْرَ فَقَطْ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَضَى، وَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْضِ، الْأَشْجَعِيُّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ أَفَاقَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ، وَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامًا لَمْ يَقْضِ شَيْئًا، قِيلَ مِنْ أَيْنَ افْتَرَقَا؟ قَالَ: لِلْأَثَرِ الَّذِي جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

2337 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا فَلَمْ يَقْضِ، وَصَلَّى صَلَاةَ يَوْمِهِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ» وَحَكَى الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ يَوْمِهِ وَلَيْلِهِ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ يَقُولُونَ: إِذَا أَفَاقَ نَهَارًا صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَإِنْ أَفَاقَ لَيْلًا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا أَفَاقَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ يَقْضِي صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقِيلَ لَهُ: الْفَجْرُ؟ فَقَالَ: لَا. -[394]- وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ، وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ، وَالصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ، وَالْمُغْمَى وَالْمَجْنُونِ يَعْنِي يَفِيقَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بِرَكْعَةٍ: عَلَيْهِمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَقَبْلَ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ عَلَيْهِمُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ: إِنْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَفِقْ إِلَّا قَدْرَ مَا يُصَلِّي فِيهِ أَحَدَهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ إِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الْمَغْرِبَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعِشَاءِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ، وَالَّذِي يَلْزَمُ الْمَرِيضَ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ يُومِئُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، وَسَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقُعُودِ، فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ بِحَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: يَسْقُطُ عَنِ الْمَرِيضِ كُلُّ عَمَلٍ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا سَبِيلَ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْإِغْمَاءِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ صَلَاةٌ لَمْ يُجَزْ أَنْ يُوجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَإِلْزَامُ الْقَضَاءِ إِلْزَامُ فَرْضٍ، وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ بِاخْتِلَافٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْإِغْمَاءِ، وَلَيْسَ كَالنَّائِمِ الَّذِي يُوجَدُ السَّبِيلُ إِلَى انْتِبَاهِهِ وَهُوَ سَلِيمُ الْجَوَارِحِ، لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَاهِي الْجَوَارِحِ مِنْ تَعَبِهَا لَا سَبِيلَ لِأَهْلِهِ إِلَى تَنْبِيهٍ، فَإِنْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَدْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الْعَصْرُ، وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ صَلَّى الصُّبْحَ، وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» بَيَانٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُدْرِكٍ لِغَيْرِهَا إِذْ لَوْ كَانَ مُدْرِكًا لِغَيْرِهَا لَكَانَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَهَا كَمَا كَانَ فِي قَوْلِهِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ -[395]- أَعْتَقَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُعْتِقٍ

ذكر اختلاف أهل العلم فيمن عليه صلاة واحدة من يوم وليلة لا يعرفها بعينها اختلف أهل العلم في الرجل يكون عليه صلاة من يوم لا يدري أيتهن هي؟ فقالت طائفة: يصلي صلاة يوم وليلة هكذا قال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: يصلي صلاة الفجر، ثم

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ لَا يَدْرِي أَيَّتَهُنَّ هِيَ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا يَنْوِي إِنْ كَانَ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ أَوِ الْعِشَاءَ هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً لَا يُدْرَى أَيَّتَهُنَّ هِيَ؟ قَالَ: يُصَلِّي أَرْبَعَةً بِإِقَامَةِ. وَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقِيَاسَ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ، وَيَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِي الثَّالِثَةِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتِ الْفَائِتَةُ صُبْحًا كَانَ مَا زَادَ كَزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ بِالشَّكِّ عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا كَانَتِ الرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَوْفَاهَا، وَأَخْفَى الْقِرَاءَةَ حَيْثُ يُجْهَرُ بِهَا، وَالْإِجْهَارُ بِهَا حَيْثُ يُسَرُّ مِنَ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا قَالَ: وَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَاتِ مِنْ ظِهَارٍ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ نَذْرٍ أَنَّهُ كَفَّرَ بِرَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ يَنْوِي بِهَا الَّتِي عَلَيْهِ وَكَيْفَ لَا يُجْزِي صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمَا أَحْسَبُ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَخَذَهَا إِلَّا عَنْهُ.

مَسَائِلٌ، كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْمَجْنُونِ: يَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا يَقْضِي الصَّلَاةَ. وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدِ ارْتَفَعَ عَنْهُ كَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197] الْآَيَةَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ فِي الْغُلَامِ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً: يُعِيدُ هُوَ بِضَرْبٍ عَلَى الصَّلَاةِ، وَفِي الصَّوْمِ إِذَا أَطَاقَ الصَّوْمَ. وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ يَقُولُونَ: يَقْضِي السَّكْرَانُ الصَّلَاةَ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَلَسْتُ أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُ الْإِعَادَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَى الْمُرْتَدِّ مِنْ قَضَاءِ مَا تَرَكَ مِنْ صَلَاتِهِ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَعَادَ حَجَّتَهُ لِمَا حَبِطَ مِنْ عَمَلِهِ، قِيلَ لَهُ فَيَقْضِي مَا كَانَ صَلَّى؟ قَالَ: يَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ، وَهَكَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ

فِي الْحَجِّ، وَالصَّلَاةِ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُوجِبُ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءَ كُلِّ صَلَاةٍ تَرَكَهَا فِي رَدَّتِهِ

ذكر صلاة الإمام في شدة الخوف لكل طائفة ركعة ليكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة

ذِكْرُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً لِيَكُونَ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ

2338 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْحَنْظَلِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: " أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «أَنَا فَقَامَ فَصَفَّ خَلْفَهُ وَصَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوِّ، وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»

2339 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّكِينُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ»

2340 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الصَّلَاةُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ: «لَيْسَتَا بِقَصْرٍ إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ»

2341 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، -[28]- عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ يَزِيدٍ الْفَقِيرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُسْأَلُ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ، فِي السَّفَرِ أَقَصْرٌ هُمَا؟ قَالَ «لَا إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَإِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ» . وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَ الْمُسَايَفَةِ رَكْعَةً يُومِئُ بِهَا إِيمَاءً كَانَ وَجْهُهُ مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا، فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَقَتَادَةُ. يَقُولُونَ: «رَكْعَةً يُومِئُ بِهَا» ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، غَيْرَ أَنَّ الضَّحَّاكَ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ كَبَّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ» ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «أَمَّا عِنْدَ الشِّدَّةِ فَتَجْزِيكَ رَكْعَةٌ تُومِئُ بِهَا إِيمَاءً، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَسَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَتَكْبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهَا ذِكْرُ اللهِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» ذَكَرَ ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

2342 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «إِذَا طُلِبَ الْأَعْدَاءُ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ كَانُوا، رِجَالًا كَانُوا، أَوْ رُكْبَانًا، رَكْعَتَيْنِ يُومِئُونَ إِيمَاءً» ذَكَرَهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، -[29]- وَالنُّعْمَانِ، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَعْصَارِ

ذكر الخبر الموافق للأخبار التي ذكرناها الدال على أن الفريقين لم يقضيا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُوَافِقِ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَقْضِيَا

2343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: «قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصَفَّ خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامُوا، فَقَامَ أَصْحَابُهُمْ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ»

2344 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَكْعَةٌ " فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَثْبَتَتْهُ الْأَخْبَارُ بِظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الطَّائِفَةَ الْأُولَى قَالَ: فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ الْآَيَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهَا وُجُوبَ قَضَاءٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى: وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ الْآَيَةَ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ -[30]- الطَّائِفَتَيْنِ قَضَاءً، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر وجه ثان من صلاة الخوف إذا كان العدو بين الإمام، وبين القبلة، وافتتاح الطائفتين الصلاة مع الإمام وركوعهما مع الإمام

ذِكْرُ وَجْهٍ ثَانٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَافْتِتَاحِ الطَّائِفَتَيْنِ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ وَرُكُوعِهِمَا مَعَ الْإِمَامِ

2345 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ، وَالْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَصَفُّوا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَبِّرُوا جَمِيعًا، وَرَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعًا، وَرَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، وَسَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا قَامَ الْأَوَّلُونَ سَجَدَ الْآخَرُونَ فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعًا، وَرَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا سَجَدُوا وَجَلَسُوا، سَجَدَ الْآخَرُونَ فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَفْعَلُ أُمَراؤُكُمْ "

2346 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ قَالَ: فَاسْتَقْبَلَنَا الْمُشْرِكُونَ، عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَهُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَقَالُوا: قَدْ كَانُوا عَلَى حَالٍ لَوْ أَصَبْنَا غِرَّتَهُمْ، فَقَالُوا: تَأْتِي عَلَيْهِمُ الْآنَ صَلَاةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102] الْآَيَةَ قَالَ: فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذُوا السِّلَاحَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ، قَالَ: فَصَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِعُسْفَانَ، وَمَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ «-[31]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ بِحَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ» إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى مِثْلِ مَا فِي خَبَرِ أَبِي عَيَّاشٍ "

وجه ثالث يفتتح القوم جميعا مع الإمام الصلاة غير أن الصف الثاني يفتتحون صلاتهم مع الإمام، وهم قعود، ويفتتح الصف الأول مع الإمام وهم قيام

وَجْهٌ ثَالِثٌ يَفْتَتِحُ الْقَوْمُ جَمِيعًا مَعَ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ غَيْرَ أَنَّ الصَّفَّ الثَّانِيَ يَفْتَتِحُونَ صَلَاتَهُمْ مَعَ الْإِمَامِ، وَهُمْ قُعُودٌ، وَيَفْتَتِحُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُمْ قِيَامٌ

2347 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ خَلْفَهُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ وَرَاءِ الطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُعُودٌ وَوُجُوهُهُمْ كُلُّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَتِ الطَّائِفَتَانِ فَرَكَعَ، فَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي خَلْفَهُ، وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا أَيْضًا مَعَهُ، وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ، ثُمَّ قَامَ فَقَامُوا، فَنَكَصُوا خَلْفَهُمْ حَتَّى كَانُوا مَكَانَ أَصْحَابِهِمْ قُعُودٌ، وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَتِ الطَّائِفَتَانِ كِلْتَاهُمَا، فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ»

ذكر وجه رابع في صلاة الخوف، والعدو خلف القبلة وصلاة الإمام لكل طائفة ركعتين

ذِكْرُ وَجْهٍ رَابِعٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَالْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

2348 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَهُوَ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ ذَهَبُوا، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ»

2349 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِالْآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ هَكَذَا فَجَائِزٌ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ الْفَرِيضَةَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً،؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ نَافِلَةً، وَقَدْ حَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ الْيَوْمَ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَيَأْمُرُ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ»

ذكر وجه خامس من صلاة الخوف إذا كان العدو خلف القبلة والرخصة للطائفة الأولى في ترك استقبال القبلة بعد فراغها من الركعة الأولى للحراسة وقضاء الطائفتين الركعة الثانية بعد تسليم الإمام

ذِكْرُ وَجْهٍ خَامِسٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ وَالرُّخْصَةِ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي تَرْكِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلْحِرَاسَةِ وَقَضَاءِ الطَّائِفَتَيْنِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ

2350 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً»

ذكر وجه سادس من صلاة الخوف وذلك إذا كان العدو خلف القبلة، وإتمام الطائفة الأولى الركعة الثانية قبل الإمام، وانتظار الإمام الطائفة الأولى قائما لتفرغ من صلاتها

ذِكْرُ وَجْهٍ سَادِسٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ، وَإِتْمَامِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَانْتِظَارِ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى قَائِمًا لِتَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهَا

2351 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا يَحْيَى، أَنَّ الْقَاسِمَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ صَالِحَ بْنَ خَوَّاتٍ الْأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: «يَقُومُ الْإِمَامُ بِمَنْ مَعَهُ قَائِمًا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَرْكَعُونَ، وَيَسْجُدُ وَيَسْجُدُونَ، ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا قَامَ بِهِمْ وَقَفَ قَائِمًا، وَرَكَعَ الَّذِينَ وَرَاءَهُ لِأَنْفُسِهِمْ، وَسَجَدُوا وَسَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَيَقُومُونَ إِلَى الْعَدُوِّ فَيُقْبِلُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُكَبِّرُوا وَرَاءَ الْإِمَامِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَرْكَعُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ الَّذِينَ وَرَاءَهُ فَرَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَسَجَدُوا وَسَلَّمُوا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ -[34]- عَنِ الْقَوْلِ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَأَخَذَ بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، وَقَالَ: «يَكُونُ قَضَاءُ الطَّائِفَةِ بَعْدَ السَّلَامِ أَحَبَّ إِلَيَّ» ، وَقَالَ: وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: «وَلَا أَعْلَمُ قَضَاءً يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ»

ذكر خبر يدل على أن انتظار النبي صلى الله عليه وسلم كان للطائفة الأولى لتفرغ من صلاتها جالسا

ذِكْرُ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ انْتِظَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى لِتَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهَا جَالِسًا

2352 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، ثنا شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: «تَقُومُ طَائِفَةٌ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، وَطَائِفَةٌ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْعُدُ مَكَانَهُ حَتَّى يَقْضُوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُوا إِلَى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ أَصْحَابُهُمْ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَيَقْعُدُ مَكَانَهُ حَتَّى يُصَلُّوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ» 2353 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا رَوْحٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ هَذَا -[35]- وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ قَائِمًا، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر وجه سابع من صلاة الخوف والرخصة لإحدى الطائفتين أن تكبر مع الإمام وهي غير مستقبلة القبلة إذا كان العدو خلف القبلة، وانتظار الإمام قائما الطائفة التي كبرت غير مستقبلي القبلة لتصلي الركعة الأولى التي سبقهم بها الإمام، وانتظار الطائفة الأولى قاعدا بعد

ذِكْرُ وَجْهٍ سَابِعٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالرُّخْصَةِ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنْ تُكَبِّرَ مَعَ الْإِمَامِ وَهِيَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلَةٍ الْقِبْلَةَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ، وَانْتِظَارِ الْإِمَامِ قَائِمًا الطَّائِفَةَ الَّتِي كَبَّرَتْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ لِتُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى الَّتِي سَبَقَهُمْ بِهَا الْإِمَامُ، وَانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى قَاعِدًا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، لِتَقْضِيَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيُسَلِّمُونَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ

2354 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِيُّ، ثنا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ صَلَّيْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَتَى؟ فَقَالَ: عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ، «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَكَانَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلُ الْعَدُوِّ، وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبِّرُوا جَمِيعًا الَّذِينَ مَعَهُ، وَالَّذِينَ يُقَابِلُونَ الْعَدُوَّ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَرَكَعَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، وَالْأُخْرَى قِيَامٌ مُقَابِلُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ مَعَهُ، فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَةً الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ كَمَا هُوَ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً أُخْرَى وَرَكَعُوا مَعَهُ ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلةٍ الْعَدُوَّ، فَرَكَعُوا، وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ بِمَكَانِ السَّلَامِ فَسَلَّمَ َرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ»

ذكر وجه ثامن من صلاة الخوف وهو أن ينتظر الإمام الطائفة الأولى بعد سجدة بين الركعة الأولى لتسجد السجدة الثانية، وانتظار الثانية حتى تركع ركعة لتلحق بالإمام فتسجد معه السجدة الثانية، ثم ينتظرهم الإمام قائما ليسجدوا السجدة الثانية، وجمع الإمام الطائفتين

ذِكْرُ وَجْهٍ ثَامِنٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَظِرَ الْإِمَامُ الطَّائِفَةَ الْأُولَى بَعْدَ سَجْدَةٍ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَانْتِظَارُ الثَّانِيَةِ حَتَّى تَرْكَعَ رَكْعَةً لِتَلْحَقَ بِالْإِمَامِ فَتَسْجُدَ مَعَهُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَنْتَظِرُهُمُ الْإِمَامُ قَائِمًا لِيَسْجُدُوا السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَجَمَعَ الْإِمَامُ الطَّائِفَتَيْنِ لِيَكُونَ فَرَاغُهُمْ جَمِيعًا مِنَ الصَّلَاةِ مَعًا

2355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عِيسَى الْكَيْسَانِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ قَالَتْ: فَصَدَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ صَدْعَيْنِ، فَصُفَّتْ طَائِفَةٌ وَرَاءَهُ، وَقَامَتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صُفُّوا خَلْفَهُ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا مَعَهُ، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَسَجَدُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِمُقَابِلِ الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ، وَمَنْ مَعَهُ مَكَانَ السَّلَامِ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا لِلْأُخْرَى، فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَفَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ، فَسَجَدُوا مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةِ ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا، فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَكَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ، فَسَجَدُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَفَعُوا مَعَهُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيعًا جِدًّا، لَا يَأْلُونَ أَنْ يُخَفِّفَ مَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ شَرَكَهُ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا "

ذكر الرخصة في القتال للكلام في صلاة الخوف قبل إتمام الصلاة عند خوف غلبة العدو

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الْقِتَالِ لِلْكَلَامِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَبْلَ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ عِنْدَ خَوْفِ غَلَبَةِ الْعَدُوِّ

2356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، قَالَ: " تَأْمُرُ أَصْحَابَكَ فَيَقُومُوا طَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةٌ خَلْفَكَ، وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَتُكَبِّرُ وَيُكَبِّرُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَرْكَعُ فَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَرْفَعُ فَيَرْفَعُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَسْجُدُ وَتَسْجُدُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيكَ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى قِيَامٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ سَجَدُوا، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ، فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ الْآخَرُونَ، وَرَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدْتَ فَسَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيكَ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى قِيَامٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ سَجَدُوا، ثُمَّ تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَيُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَأْمُرُ أَصْحَابَكَ إِنْ هَاجَهُمْ هَيْجٌ فَقَدْ حَلَّ لَهُمُ الْكَلَامُ "

2357 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: «صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ، فَإِنْ أَعْجَلَكَ الْعَدُوُّ حَلَّ لَكَ الْكَلَامُ وَالْقِتَالُ فِيمَا بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ» -[38]- وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُرَخِّصُ فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ فِي الِاسْتِدَارَةِ، وَالتَّحَرُّفِ، وَالْمَشْيِ الْقَلِيلِ إِلَى الْعَدُوِّ إِزَاءَ الْمَقَامِ يَقُومُونَهُ، وَتَجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ، وَيَجْزِيهِمْ أَنْ يَضْرِبَ أَحَدُهُمُ الضَّرْبَةَ بِسِلَاحِهِ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ، فَأَمَّا إِنْ تَابَعَ الضَّرْبَ أَوِ الطَّعْنَ، أَوْ طَعَنَ طَعْنَةً فَرَدَّدَهَا فِي الْمَطْعُونِ، أَوْ حَمَلَ مَا يَطُولُ فَلَا يَجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: إِنْ رَمَاهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالنَّبْلِ وَالنُّشَّابِ قَطَعَ صَلَاتَهُ، قَالَ: لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ فِي الصَّلَاةِ يُفْسِدُهَا، وَالْمُسَايَفَةُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الصَّلَاةَ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: كُلُّ مَا فَعَلَهُ الْمُصَلِّي فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ مِمَّا لَا يَقْعُدُ عَلَى غَيْرِهِ، فَالصَّلَاةُ مُجْزِيَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا وُضِعَ عَنْهُ مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَعَلَّهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ مُطَارَدَةِ الْعَدُوِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ النَّظَرَ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر إباحة صلاة الخوف ركبانا ومشاة في حال شدة الخوف قال الله جل ذكره: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا الآية

ذِكْرُ إِبَاحَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ رُكْبَانًا وَمُشَاةً فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] الْآَيَةَ

2358 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْأَزْرَاقِيُّ، ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ عَنِ ابْنُ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْ تَقُومَ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَيَسْجُدُوا سَجْدَةً وَاحِدَةً بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الَّذِينَ سَجَدُوا سَجْدَةً وَاحِدَةً، فَيَكُونُونُ مَكَانَ أَصْحَابِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ، وَتَقُومُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ سَجْدَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ وَتُصَلِّي الطَّائِفَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَةً، فَإِنْ كَانَ خَوْفًا -[39]- أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَرُكْبَانًا عَلَى ظُهُورِ دَوَابِّهِمْ» قَالَ مُوسَى: وَأَخْبَرَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ هَذَا مَذْهَبُهُ مَالِكٌ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُسْتَغْنًى بِهِمَا

ذكر اختلاف أهل العلم في صفة صلاة الإمام صلاة المغرب في الخوف اختلف أهل العلم في صفة صلاة الإمام صلاة المغرب في حال الخوف، فقالت طائفة: " يصلي الإمام ستا ويصلون ثلاثا ثلاثا "، هذا قول الحسن، قال الأشعث وهو الراوي ذلك عنه: " يصلي هؤلاء ثلاثا، ثم

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فِي الْخَوْفِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلِّي الْإِمَامُ سِتًّا وَيُصَلُّونَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، قَالَ الْأَشْعَثُ

وَهُوَ الرَّاوِي ذَلِكَ عَنْهُ: «يُصَلِّي هَؤُلَاءِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ، ثُمَّ يُصَلِّي بِهَؤُلَاءِ ثَلَاثًا» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بِهِمْ وَيَقُومُ، فَإِذَا قَامَ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمَّ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَلَا يُسَلِّمُونَ هُمْ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامُوا فَأَتَمُّوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: " يَقُومُ الْإِمَامُ، وَيَقُومُ خَلْفَهُ صَفٌّ، وَصَفٌّ مُوَازٍ الْعَدُوَّ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ، فَيُصَلِّي بِالصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَيَصُفُّونَ مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، وَيَجِئُ الصَّفُّ الْآخَرُ، فَيُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ، وَيَجِيءُ الْأَوَّلُونَ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ، فَيَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ، وَلَا يَقْرَءُونَ، وَيَجْلِسُونَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ بِهِمْ فَيُصَلِّي بِهِمُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً يَقْرَءُونَ فِيهَا، ثُمَّ يَجْلِسُونَ فَيَتَشَهَّدُونَ، ثُمَّ يَقُومُونَ مَكَانَهُمْ، فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً أُخْرَى لَا يَقْرَءُونَ فِيهَا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِنْ شَاءُوا، وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ. وَقِيلَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَأَلَ سُفْيَانَ عَنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِذَا كَانَ خَوْفًا كَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ وَرَكْعَةً، قَالَ أَحْمَدُ: جَيِّدٌ لَا يَقْصُرُ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ يَقْرَبُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا مَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ

قَضَاءِ الْمَأْمُوميْنَ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ مُسَافِرًا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ قَامَ فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَامَ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِ بِالَّذِينَ خَلْفَهُ الَّذِينَ جَاءُوا بَعْدُ فَجَائِزٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ أَنْ يَثْبُتَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ قَائِمًا، وَلَوْ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَأْمُرُ بِأَنْ يَثْبُتَ الْإِمَامُ جَالِسًا حَتَّى تَتِمَّ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَمَالِكٌ يَرَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَقْضُونَ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَقُومُ الطَّائِفَةُ فَتَأْتِي مَقَامَهُمْ فَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّذِينَ كَانُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَيَدْخُلُونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ تَقُومُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا، فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمْ وَيَصُفُّونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا فِيهِ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وِحْدَانًا بِغَيْرِ إِمَامٍ وَلَا قِرَاءَةٍ وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ، فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا فِيهِ فَيَقْضُونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وُحْدَانًا وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَأْتُونَ مَقَامَهُمْ فَيَقِفُونَ مَعَ أَصْحَابِهِمْ

ذكر الرخصة في وضع السلاح في صلاة الخوف إذا كان أذى من مطر أو كان مريضا

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي وَضْعِ السِّلَاحِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا

2359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 102] الْآَيَةَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: «كَانَ جَرِيحًا»

ذكر صلاة الطالب والمطلوب قال أبو بكر: كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: " إن المطلوب يصلي على دابته، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور. وإذا كان طالبا نزل فصلى بالأرض، وقال الشافعي كذلك إلا في حال واحد، وذلك أن يقل

ذِكْرُ صَلَاةِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: " إِنَّ الْمَطْلُوبَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَإِذَا كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَذَلِكَ إِلَّا فِي حَالٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَقِلَّ الطَّالِبُونَ عَنِ الْمَطْلُوبِينَ وَيَنْقَطِعُ الطَّالِبُونَ عَنْ أَصْحَابِهِمْ فَيَخَافُونَ عَوْدَةَ الْمَطْلُوبِينَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا يُومِئُونَ إِيمَاءً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ

رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ «أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ يَتَوَجَّهُ نَحْوَ عُرَنَةَ -[43]- يَطْلُبُ سُفْيَانَ بْنَ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيُّ، وَأَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ يُومِئُ» وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. هُوَ مِنْ حَدِيثِ: 2360 - مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِهِ فِيهَا فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الَّذِي:

2361 - أَخْبَرَنَاهُ الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ يَزَيْدِ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ «أَنَّ طَائِفَةً صُفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»

2362 - وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ عِنِ الْقَعْنَبِيِّ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، أَحَبُّ مَا سَمِعْتُهُ إِلَيَّ، مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ» -[44]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ هَذَا، فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ عَنْهُ، إِلَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: (حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ أَوْفَقُ مَا يَثْبُتُ مِنْهَا لِظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ) وَمَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ كَنَحْو مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَأَمَّا أَصْحَابُ الرَّأْيِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يُواقِفُ الْعَدُوَّ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهُ تَقِفُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِطَائِفَةٍ مَعَهُ، فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا انْفَتَلتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهَا الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا فَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّذِينَ كَانُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَيَدْخُلُونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي بِهِمُ الْإِمَامُ رَكْعَةً أُخْرَى وَسَجْدَتَيْنِ، وَيَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يَتَسَلَّمُ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ فَاتَتِ الصَّلَاةُ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا حَتَّى يَقِفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَيَأْتُونَ مَكَانَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا فِيهِ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وِحْدَانًا مِنْ غَيْرِ إِمَامٍ وَلَا قِرَاءَةٍ، وَيَقْعُدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَأْتُونَ مَكَانَهُمْ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ بِغَيْرِ إِمَامٍ، وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَأْتُونَ أَصْحَابَهُمْ فَيَقِفُونَ مَعَهُمْ. وَفِي هَذَا الْبَابِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَالْعَمَلُ بِهِ جَائِزٌ، هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَمَالَ أَحْمَدُ إِلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلُّهَا عَلَى أَوْجُهٍ خَمْسَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَأَيُّهَا أَخَذْتَ بِهِ -[45]- أَجْزَأَكَ، وَقَوْلُ سَهْلٍ يُجْزِي، وَلَسْنَا نَخْتَارُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: سِتَّةُ أَوْجُهٍ تُرْوَى فِيهِ، أَوْ سَبْعَةٌ

مسائل كان مالك بن أنس يقول: لا يصلي صلاة الخوف إلا من كان في سفر، ولا يصليها من هو في حضر، فإن كان خوفا في الحضر صلى أربع ركعات ولم يقصروا وكان الأوزاعي يقول: " يصلون صلاة الخوف أربع ركعات يعني في الحضر، يصلي إمامهم بطائفة منهم ركعتين، وبالطائفة

مَسَائِلُ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَلَا يُصَلِّيهَا مَنْ هُوَ فِي حَضَرٍ، فَإِنْ كَانَ خَوْفًا فِي الْحَضَرِ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْصُرُوا وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: " يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَعْنِي فِي الْحَضَرِ، يُصَلِّي إِمَامُهُمْ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ، وَبِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «يُصَلُّونَ أَرْبَعًا» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: (إِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ تَخَافُ السَّبُعَ، أَوِ الذِّئْبَ، أَوِ الْعَدُوَّ إِنْ نَزَلْتَ أَنْ يَأْخُذُوكَ، أَوْمَأْتَ إِيمَاءً) حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ وَاقِفًا كُنْتَ أَوْ سَائِرًا، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «مَنْ خَافَ لِصًّا أَوْ سَبُعًا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَإِذَا أَمِنَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَا يُعِيدُ» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ وَيَسَعُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا: (يُومِئُ إِيمَاءً) وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَإِنْ كَانَ خَائِفًا أَعَادَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يُعِيدُ

وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «إِنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَاكِبًا، ثُمَّ نَزَلَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ وَجْهُهُ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ؛ لِأَنَّ النُّزُولَ خَفِيفٌ» وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «يَبْنِي فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «إِذَا صَلَّى رَكْعَةً فِي حَالِ الْأَمْنِ، ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ وَاحْتَاجَ إِلَى الرُّكُوبِ رَكِبَ وَصَلَّى، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، ثُمَّ زَالَ الْخَوْفُ نَزَلَ فَبَنَى وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُصَلِّي الْمَرِيضُ رَكْعَةً قَاعِدًا فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، ثُمَّ تَزُولُ الْعِلَّةُ فَيَقُومُ فَيَبْنِي، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُصَلِّي الصُّبْحَ رَكْعَةً وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَعْتَلُّ فَيَجْلِسُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ جَائِزًا، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى قَدْرِ إِمْكَانِهِ وَطَاقَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَتَى بِالَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ: (يُصَلِّي أَيْنَمَا كَانَ وَجْهُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَأَ يُجْزِيهِ التَّكْبِيرُ) وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: «تَكْبِيرَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ: يُجْزِيهِ التَّكْبِيرُ، قَالَ أَحْمَدُ: " لَا بُدَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " إِذَا لَمْ يَقْدِرْ الْقَوْمُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ، وَكَانَ

عِنْدَ الْمُسَايَفَةِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ أَجْزَأَهُمُ التَّكْبِيرُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ مِنَ الصَّلَاةِ شَيْئًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ جَازَ لَهُ الْإِيمَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى بِقَلْبِهِ وَذَكَرَ اللهَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللهَ أَسْقَطَ الْقِيَامَ عَنِ الْمَرِيضِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأُسْقِطَتْ عَنْهُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي بِهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] الْآَيَةَ أَيْ طَاقَتَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَتْرُكَ الصَّلَاةَ، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْخَوْفِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَدَعْ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَقْدِرُ

جماع أبواب اللباس في الصلاة

جِمَاعُ أَبْوَابِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

الرخصة في الصلاة في ثوب واحد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: هل يصلي الرجل في الثوب الواحد؟ قال: " أولكلكم ثوبان؟ "

الرُّخْصَةُ فِي الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟»

2363 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

2364 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، عَنِ الْمُسْتَظِلِّ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ‍ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَأَيُّنَا لَهُ ثَوْبَانِ "

2365 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ، فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «أَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ»

2366 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، «صَلَّى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِأَصْحَابِهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ»

2367 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ: قُلْتُ: أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَالثِّيَابُ إِلَى جَنْبِكَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ مِنْ أَجْلِ أَحْمَقَ مِثْلِكَ»

2368 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَمَّهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ»

2369 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَؤُمُّنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي الْجَيْشِ»

2370 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ»

2371 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَلْ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ أَنْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، «إِنِّي لَأُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَإِنَّ ثِيَابِي لَعَلَى الْمِشْجَبِ»

2372 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَيَعْقِدُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ» وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَنْ بِمِثْلِ قَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الرَّأْيِ مِنَ الْكُوفَةِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي فِي ثَوْبَيْنِ، وَقَالَ نَافِعٌ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، قَالَ: " أَلَمْ أَكْسُكَ ثَوْبَيْنِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَزَيَّنَ لَهُ، أَوْ مَنْ تَزَيَّنْتَ لَهُ؟، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا تَتَوَشَّحُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ قَصِيرًا فَاتَّزِرْ بِهِ»

2373 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " -[54]- رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَكْسُكَ ثَوْبَيْنِ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَاللهُ أَحَقُّ مَنْ تَزَيَّنُ لَهُ، أَوْ مَنْ تَزَيَّنْتَ لَهُ "

2374 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحْ بِهِ، وَإِذَا كَانَ قَصِيرًا فَاتَّزِرْ بِهِ» وَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ، لَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَاجِبًا لَا يُجْزِي عَنْهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا الْمَعْنَى اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَوْ أَوْجَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ لَكَانَتِ السُّنَّةُ مُسْتَغْنًى بِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر المخالفة بين طرفي الثوب إذا صلى المرء في الثوب الواحد عند وجود أكثر من ثوب

ذِكْرُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ إِذَا صَلَّى الْمَرْءُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ عِنْدَ وُجُودِ أَكْثَرِ مِنْ ثَوْبٍ

2375 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَثَوْبٍ عَلَى الْمِشْجَبِ، قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَقُلْتُ لَهُ: تُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَكَذَا، وَثَوْبُهُ عَلَى الْمِشْجَبِ»

ذكر عقد الإزار على العاتقين إذا صلى في إزار ضيق عليه

ذِكْرُ عَقْدِ الْإِزَارِ عَلَى الْعَاتِقَيْنِ إِذَا صَلَّى فِي إِزَارٍ ضَيِّقٍ عَلَيْهِ

2376 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْمَدَنِيِّ، -[55]- ثنا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: " كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ عَاقِدُوا أُزُرَهُمْ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: «لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا»

ذكر النهي عن الصلاة في الثوب الواحد الواسع الذي ليس على عاتق المصلي منه شيء

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ الْوَاسِعِ الَّذِي لَيْسَ عَلَى عَاتِقِ الْمُصَلِّي مِنْهُ شَيْءٌ

2377 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ»

ذكر الخبر الدال على أن النهي عن الصلاة في الثوب الواحد ليس على عاتق المصلي منه شيء إذا كان الثوب واسعا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للمصلي الصلاة في الثوب الواحد الضيق إذا شده المصلي على حقوه

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِ الْمُصَلِّي مِنْهُ شَيْءٌ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلْمُصَلِّي الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ الضِّيقِ إِذَا شَدَّهُ الْمُصَلِّي عَلَى حِقْوِهِ

2378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرْزَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ فَذَهَبْتُ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، -[56]- فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا جَابِرُ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ أَمَرَ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا أَنْ تُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ أَنْ يُصَلِّي مُصَلٍّ فِي ثَوْبٍ وَاسِعٍ مُتَّزِرًا بِهِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ لِلثَّابِتِ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَمَّرَ الْعَاتِقَيْنِ؛ لِئَلَّا يُدَّعَى فِي ذَلِكَ إِعْمَاقٌ»

ذكر الاشتمال المنهي عنه كما يفعل اليهود وهو تجليل البدن بالثوب

ذِكْرُ الِاشْتِمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ وَهُوَ تَجْلِيلُ الْبَدَنِ بِالثَّوْبِ

2379 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، ثنا آدَمُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ مَنْ يُزَيَّنُ لَهُ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيَتَّزِرْ إِذَا صَلَّى، وَلَا يَشْتَمِلُ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ»

ذكر الاشتمال المباح في الصلاة، وأن ذلك وضع طرفي الثوب على العاتقين

ذِكْرُ الِاشْتِمَالِ الْمُبَاحِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَضْعُ طَرَفَيِ الثَّوْبِ عَلَى الْعَاتِقَيْنِ

2380 - حَدَّثَ أَصْحَابُنَا، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ»

ذكر الصلاة في الثوب الذي بعضه على المصلي وبعضه على غيره

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي بَعْضُهُ عَلَى الْمُصَلِّي وَبَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ

2381 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ، بَعْضُهُ عَلَيَّ وَبَعْضُهُ عَلَيْهِ، وَأَنَا حَائِضٌ»

ذكر النهي عن السدل في الصلاة جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن السدل في الصلاة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ

2382 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى، ثنا مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، فَمَنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ -[58]- أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ خَرَجَ وَهُمْ يَتَنَاوَلُونَ ثِيَابَهُمْ، فَقَالَ: " كَأَنَّهُمُ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ

2383 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُمْ يَتَنَاوَلُونَ ثِيَابَهُمْ، فَقَالَ: «كَأَنَّهُمُ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ»

2384 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ أَبَاهُ كَرِهَ السَّدْلَ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَكَانَ أَبِي يَذْكُرُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ» وَقَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ السَّدْلَ فِي الصَّلَاةِ» وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَابْنُ عُمَرَ

2385 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ مُسْدِلٌ»

2386 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُسْدِلُ ثَوْبَهُ فِي الصَّلَاةِ» وَكَانَ عَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يُسْدِلَانِ عَلَى قَمِيصِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ، قَالَ مَالِكٌ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ يُسْدِلُ» -[60]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَ النَّخَعِيُّ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ عَلَى الْقَمِيصِ وَكَرِهَهُ عَلَى الْأُزُرِ» . وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُكِيَ أَنَّهُ قَالَ: " وَلَا يَجُوزُ السَّدْلُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِلْخُيَلَاءِ، فَأَمَّا السَّدْلُ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ فَهُوَ خَفِيفٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ لَهُ: «إِنَّ إِزَارِي يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِ شَقَّيَّ» ، فَقَالَ لَهُ: «لَسْتَ مِنْهُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ "

2387 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا حَدِيثُ عِسْلٍ فَغَيْرُ ثَابِتٍ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عِسْلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو قُرَّةَ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، فَقَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَضَعَّفَ الْحَسَنَ بْنَ ذَكْوَانَ، وَعَنْ جَابِرٍ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ هَكَذَا أَنْ يَحْظُرَ السَّدْلَ عَلَى الْمُصَلِّي وَعَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي

ذكر الصلاة في الثوب الذي يجامع المرء فيه أهله

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ الْمَرْءُ فِيهِ أَهْلَهُ

2388 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، " أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ حَبِيبَةَ هَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ، قَالَتْ: «نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى»

ذكر الأمر بزر القميص والجبة إذا صلى المرء في أحدهما ولا ثوب عليه غيره

ذِكْرُ الْأَمْرِ بَزَرِّ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ إِذَا صَلَّى الْمَرْءُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا ثَوْبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ

2389 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، " إِنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ فَأُصَلِّي، وَلَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ؟ قَالَ: فَازْرُرْهُ، وَلَوْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا بِشَوْكَةٍ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ صَلُّوا فِي قَمِيصِهِمْ، وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ صَلَّى فِي قَمِيصٍ -[62]- وَاحِدٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ

2390 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ»

2391 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «لَا بَأْسَ بِالْقَمِيصِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ صَفِيقًا»

2392 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ صَلَّى فِي قَمِيصٍ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَهُ»

2393 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حِبَّانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، " وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي الرَّيْطَةِ إِذَا تَوَشَّحْتَ بِهَا فَلَا بَأْسَ بِهَا "

2394 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَمَّنَا مُعَاوِيَةُ فِي قَمِيصٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفَعَلَ ذَلِكَ سَالِمٌ، وَالْحَكَمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، لَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا إِذَا كَانَ صَفِيقًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «يَزُرُّهُ، أَوْ يَحِلُّهُ بِشَيْءٍ أَوْ رَبَطَهُ لِئَلَّا يَتَجَافَى الْقَمِيصُ فَيَرَى مِنَ الْجَيْبِ عَوْرَتَهُ أَوْ يَرَاهَا غَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعَادَ الصَّلَاةَ» قَالَ أَحْمَدُ: " إِذَا كَانَ ضَيِّقَ الْجَيْبِ لَا يَرَى عَوْرَتَهُ، فَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ تُغَطِّي وَلَمْ يَكُنِ الْقَمِيصُ مُتَّسِعَ، وَكَانَ يَسْتُرُ فَلَا بَأْسَ» ، وَحُكِيَ عَنْ دَاوُدَ الطَّائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ فَلَا بَأْسَ» ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: «لَا أَرَى بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ انْكَشَفَ شُدَّ عَلَيْكَ زِرَّكَ» . وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ صَلَّى مُحَلَّلَةً أَزْرَارُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: " فِيمَنْ صَلَّى -[64]- مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ، وَلَا أَزْرَارَ: تَجْزِيهِ صَلَاتُهُ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ بِلَا رِدَاءٍ، وَلَا سَرَاوِيلَ إِذَا كَانَ صَفِيقًا، وَإِنْ لَمْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ. وَرَخَّصَ فِيهِ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالُوا: " لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ صَفِيقًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ يَجِبُ، وَالْمُغْنِي فِي الْأَمْرِ إِذَا صَلَّى فِي الْقَمِيصِ أَنْ يَزُرَّهُ، أَوْ يَحِلَّهُ بِشَيْءٍ، أَوْ يَرْبِطَهُ لِئَلَّا تُرَى الْعَوْرَةُ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ بِحَالٍ، فَإِذَا لَمْ تُرَى الْعَوْرَةُ فِي الْحَالِ مِنَ الْحَالِ لِضِيقِ الْجَيْبِ، أَوْ عِظَمِ اللِّحْيَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى هَكَذَا، وَإِنْ كَانَتِ الْعَوْرَةُ تُرَى فِي حَالِ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَى مَنْ صَلَّى هَكَذَا الْإِعَادَةُ

ذكر النهى عن كف الثياب في الصلاة

ذِكْرُ النُّهَى عَنْ كَفِّ الثِّيَابِ فِي الصَّلَاةِ

2395 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ، وَأَنْ لَا يَكُفَّ شَعْرًا، وَلَا ثَوْبًا» قَالَ عَطَاءٌ: «لَا يُكَفُّ الشَّعْرُ عَنِ الْأَرْضِ»

ذكر الرخصة في الصلاة في ثياب الصبيان ما لم يعلم المصلي نجاسة

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الصِّبْيَانِ مَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُصَلِّي نَجَاسَةً

2396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: «حَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا -[65]- سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَشْيَاءُ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا لَمْ يُوقِنِ الْمَرْءُ بِنَجَاسَةٍ تَحِلُّ فِيهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَتْ لَا تَجْزِي فِي ثِيَابِ الصِّبْيَانِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلَ ثَوْبًا نَجِسًا

ذكر الدليل على أن لا إعادة على من صلى في ثوب نجس وهو لا يعلم بالنجاسة

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالنَّجَاسَةِ

2397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، بِمَكَّةَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ: " بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَقُرَيْشٌ فِي مَجَالِسِهِمْ يَنْظُرُونَ، إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى هَذَا الْمُرَآي؟ أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلَانٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَسَلَاهَا فَيَأْتِي بِهِ، ثُمَّ يَتَمَهَّلُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ: فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ فَأَتَى بِهِ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ، وَهِيَ جُوَيْرِيَةُ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ "

2398 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذَا وَضَعَ نَعْلَهُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ -[66]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟» قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ، فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا»

جماع أبواب ما يجب على الرجل والمرأة تغطيته في الصلاة

جِمَاعُ أَبْوَابِ مَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَغْطِيَتُهُ فِي الصَّلَاةِ

ذكر حد عورة الرجل الذي يجب عليه تغطيتها في الصلاة قال أبو بكر: لم يختلف أهل العلم أن مما يجب على المرء ستره في الصلاة القبل والدبر واختلفوا فيما سواه، فقال عوام أهل العلم: إن الفخذ مما يجب أن يستر في الصلاة، وكان الشافعي يقول: (عورة الرجل ما دون

ذِكْرُ حَدِّ عَوْرَةِ الرَّجُلِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ تَغْطِيَتُهَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُ، فَقَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْفَخِذَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: (عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا دُونَ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ لَيْسَ سُرَّتُهُ وَلَا رُكْبَتَاهُ مِنْ عَوْرَتِهِ) وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: «الرُّكْبَةُ مِنَ الْعَوْرَةِ» وَقَالَ قَائِلٌ: " لَيْسَتْ عَوْرَةُ الرَّجُلِ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا إِلَّا الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ، وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْعَوْرَةَ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ بِحَدِيثِ جَرْهَدَ

2399 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ آلِ جَرْهَدَ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ كَشَفَ عَنْ فَخِذِهِ، فَقَالَ: «غَطِّ فَخِذَكَ، إِنَّ الْفَخِذَ مِنَ الْعَوْرَةِ»

2400 - أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ عَلَى مَعْمَرٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ: «يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْكَ، فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ» -[68]- 2401 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ دَفَعَ أَنْ يَكُونَ الْفَخِذُ مِنَ الْعَوْرَةِ بِحَدِيثٍ

2402 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسُلَيْمَانَ، ابْنَيْ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ؟ فَقَالَ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَلَوْ كَانَ الْفَخِذُ مِنَ الْعَوْرَةِ لَغَطَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ دُخُولِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَفِي تَرْكِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَيَانٌ بِأَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ مِنَ الْعَوْرَةِ، قَالَ: وَحَدِيثُ جَرْهَدَ لَا يَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ؛ لِأَنَّ فِي أَسَانِيدِهِ اضْطَرَابًا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُ جَرْهَدَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُلْزَمَ النَّاسُ فَرْضًا بِاخْتِلَافٍ، وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ جَرْهَدَ كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ مُعَارِضًا لَهُ، وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ لَمْ يَجُزْ إِيجَابُ فَرْضٍ بِاخْتِلَافٍ، فَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ، وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ إِيجَابُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَخِذِ وَالسَّاقِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَلَيْسَ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ كَذَلِكَ. -[69]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ بِحَدِيثِ جَرْهَدَ، وَقَدْ خَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر عورة المرأة أجمع أهل العلم على المرأة الحرة البالغة أن تخمر رأسها إذا صلت، وعلى أنها إن صلت وجميع رأسها مكشوف أن صلاتها فاسدة، وأن عليها إعادة الصلاة

ذِكْرُ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ أَنْ تُخَمِّرَ رَأْسَهَا إِذَا صَلَّتْ، وَعَلَى أَنَّهَا إِنْ صَلَّتْ وَجَمِيعُ رَأْسِهَا مَكْشُوفٌ أَنَّ صَلَاتَهَا فَاسِدَةٌ، وَأَنَّ عَلَيْهَا إِعَادَةَ الصَّلَاةِ

2403 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ تَحِيضُ إِلَّا بِخِمَارٍ» وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَعْضُ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: (إِذَا صَلَّتْ وَشَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ فَعَلَيْهَا الْإِعَادَةُ) كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَرُبُعُ شَعْرِهَا أَوْ ثُلُثُهُ مَكْشُوفٌ، أَوْ رُبُعُ فَخِذِهَا أَوْ ثُلُثُهَا مَكْشُوفٌ، أَوْ رُبُعُ بَطْنِهَا أَوْ ثُلُثُهُ مَكْشُوفٌ، قَالَ: " تُنْتَقَضُ الصَّلَاةُ وَإِنِ انْكَشَفَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُنْتَقَضِ الصَّلَاةُ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: «إِذَا انْكَشَفَ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ لَمْ تُنْتَقَضِ الصَّلَاةُ، هَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ» وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ: «حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ» ، وَكَذَلِكَ ذِكْرُ أَبُو ثَوْرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ وَأَجْمَعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ أَنْ تُصَلِّيَ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، -[70]- وَعَلَيْهَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي حَالِ الْحَرَامِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَيْهَا أَنْ تُغَطِّيَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُغَطِّيَ مَا سِوَى كَفَّيْهَا وَوَجْهِهَا» ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] أَنَّ ذَلِكَ الْكَفَّانِ وَالْوَجْهُ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

2404 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَا: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَجْهُهَا وَكَفُّهَا " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّتْ أَنْ تُغَطِّيَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِذَا صَلَّتْ لَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا ظُفْرُهَا، تُغَطِّي كُلَّ شَيْءٍ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ «فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَعْضُ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ، أَوْ بَعْضُ سَاقِهَا، أَوْ بَعْضُ سَاعِدِهَا، لَا يُعْجِبُنِي» ، قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ صَلَّتْ: قَالَ: إِذَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا، فَأَرْجُو. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: «كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ النُّعْمَانِ وَأَصْحَابِهِ فِي الْبَابِ وَقَدْ عَارَضَ -[71]- النُّعْمَانُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: يُقَالُ لَهُمْ: أَوَاجِبٌ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُغَطِّيَ جَمِيعَ الْعَوْرَاتِ مِثْلَ الشَّعْرِ، وَالْفَخِذِ، وَالْبَطْنِ، أَوَ مُبَاحٌ لَهَا كَشْفُ مَا دُونَ الرُّبُعِ مِنْ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ؟ قَالَ: وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ كَشْفَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عَامِدَةً فِي صَلَاتِهَا، وَقَوْلُهُمْ، وَقَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَاحِدٌ، فَإِذَا قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا قِيلَ لَهُمْ: فَلِمَ جَازَتْ صَلَاتُهَا مَعَ كَشْفِ خُمُسِ ذَلِكَ، وَفَسَدَتْ صَلَاتُهَا مَعَ كَشْفِ رُبُعِهَا، وَكُلُّ الْفِعْلَيْنِ مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا؟ يَلْزَمُ يَعْقُوبَ فِي تَحْدِيدِهِ النِّصْفَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ النُّعْمَانَ حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ لِكُلٍّ مِنَ الرُّبُعِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ إِلَّا تَحَكُّمًا، مَنْ شَاءَ فَعَلَ فِيهِ مِثْلَ فِعْلِهِمْ، وَلَا حُجَّةَ مَعَهُمْ تُوجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمَرْأَةِ صَلَّتْ وَقَدِ انْكَشَفَ قَدَمَاهَا أَوْ شَعْرُهَا أَوْ صَدْرُهَا، أَوْ صَدْرُ قَدَمَيْهَا: «تُعِيدُ مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ» . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ وَرَأْسُهَا وَعَوْرَتُهَا مَكْشُوفَةٌ، وَهِيَ تَعْلَمُ أَمْ لَا تَعْلَمُ، صَلَاتُهَا فَاسِدَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَتُعِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كُلُّ مَنْ هَذَا سَبِيلُهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَتُعِيدُ عِنْدَ مَالِكٍ مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ. وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: تُعِيدُ إِذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَتْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ أُوجِبْ إِعَادَةً، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «إِذَا عَلِمَتْ أَعَادَتْ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ، أَوْ كَشَفَتِ الرِّيحُ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهَا فَأَعَادَتِ السُّتْرَةَ عَلَيْهَا مَضَتْ فِي صَلَاتِهَا»

ذكر عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب واختلفوا في عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب فكانت أم سلمة تقول: تصلي في الخمار والدرع السائغ الذي يغيب ظهور قدميها، وكانت ميمونة تصلي في درع سائغ، وخمار، وفعلت ذلك عائشة، وبه قال عروة بن الزبير، والحسن البصري،

ذِكْرُ عَدَدِ مَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ مَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ فَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ: -[72]- تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّائِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ سَائِغٍ، وَخِمَارٍ، وَفَعَلَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ، وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَإِزَارٍ، وَرُوِيَ إِجَازَةُ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ

2405 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْجَفَّافُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَتْ: «تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ، وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» اللَّفْظُ لِعَلِيٍّ

2406 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بِسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ الْخَوْلَانِيَّ، وَكَانَ فِي حِجْرِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ مَيْمُونَةَ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ سَائِغٍ وَخِمَارٍ عَلَيْهَا إِزَارٌ»

2407 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَامَتْ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ، فَأَتَتْهَا الْأَمَةُ فَأَلْقَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا»

2408 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ ثَوْرٍ، عَنْ زَوْجِهَا، بِشْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ: «فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ»

2409 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حُكَيْمَةُ، عَنْ أُمَيَّةَ، «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَإِزَارٍ تَقَنَّعَتْهُ حَتَّى مَسَّ الْأَرْضَ، وَلَمْ تَتَّزِرْ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا خِمَارٌ» وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجْزِيهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: " أَقَلُّهُ ثَوْبَانِ قَمِيصٌ وَمِقْنِعَةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ: «الَّذِي يُسْتَحَبُّ لَهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ» كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ رَبَاحٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ» هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، -[74]- وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَحَفْصَةُ أُخْتُهُ، وَنَافِعٌ، وَصَفِيَّةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ

2410 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ»

2411 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ فَلْتُصَلِّ فِي ثِيَابِهَا كُلِّهَا: الدُّرُوعِ، وَالْخِمَارِ، وَالْمِلْحَفَةِ "

2412 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُخْبِرُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي -[75]- الْخِمَارِ وَالْإِزَارِ وَالدِّرْعِ، فَتُسْبِلُ إِزَارَهَا فَتُخَالِفُ بِهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: " ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا وَجَدَتْهَا: الْخِمَارُ، وَالْجِلْبَابُ، وَالدِّرْعُ " وَقَالَ آخَرُونَ: " تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ

2413 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ: دِرْعٌ، وَإِزَارٌ، وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُخَمِّرَ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ بَدَنِهَا سِوَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَيَجْزِيهَا فِيمَا صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ، أَوْ ثَوْبَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ إِذَا سَتَرَتْ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا أَحْتَسِبُ مَا رُوِيَ عَنِ الْأَوَائِلِ مِمَّنْ أَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ إِلَّا اسْتِحْبَابًا وَاحْتِيَاطًا لَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُ عَلَيْهَا الْإِعَادَةَ، وَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إِذَا سَتَرَ ذَلِكَ الثَّوْبُ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ: (لَوْ أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ ثَوْبًا فَتَقَنَّعَتْ بِهِ حَتَّى لَا يُرَى مِنْ شَعْرِهَا شَيْءٌ أَجْزَأَهَا مَكَانُ الْخِمَارِ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَرْأَةُ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا لَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهَا صَلَّتْ فِيهِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا» ، وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ قَالَ: تَتَّزِرُ بِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ فِي الْمَرْأَةِ تَحْضُرَهَا الصَّلَاةُ وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ «تَتَّزِرُ بِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " وَلَوْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا وَلَا شَيْئًا تَسْتُرُ بِهِ صَلَّتْ عُرْيَانَةَ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا

ذكر الأمة تصلي غير مختمرة ثبت أن عمر بن الخطاب ضرب أمة لآل أنس رآها مقنعة، وقال: " اكشفي عن رأسك لا تشبهي بالحرائر "

ذِكْرُ الْأَمَةِ تُصَلِّي غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ أَمَةً لِآلِ أَنَسٍ رَآهَا مُقَنَّعَةً، وَقَالَ: «اكْشِفِي عَنْ رَأْسِكِ لَا تَشَّبَّهِي بِالْحَرَائِرِ»

2414 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، " أَنَّ عُمَرَ، ضَرَبَ أَمَةً لِآلِ أَنَسٍ رَآهَا مُتَقَنِّعَةً، وَقَالَ: «اكْشِفِي عَنْ رَأْسِكِ لَا تَشَّبَّهِي بِالْحَرَائِرِ» وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُخَمِّرَ» ، شُرَيْحٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: فِيهَا وَفِي الْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُدَابَرَةِ، وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ تُصَلِّيَ الْأَمَةُ بِغَيْرِ خِمَارٍ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو الثَّوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُدَبَّرَةِ «يُصَلِّينَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ» . وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ تَقَنَّعَ الْأَمَةُ إِذَا صَلَّتْ قَالَ: «كَذَلِكَ كُنَّ يَصْنَعْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ» . وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُ عَلَيْهَا -[77]- الْخِمَارَ إِذَا تَزَوَّجَتْ، وَاتَّخَذَهَا الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، كَذَلِكَ حَكَى الْأَشْعَثُ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: «تُصَلِّي الْأَمَةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ، فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا اخْتَمَرَتْ»

ذكر صلاة أم الولد بغير خمار اختلف أهل العلم في أم الولد تصلي بغير خمار فقالت طائفة: " هي والأمة سواء في أن لكل واحدة منها أن تصلي بغير خمار "، هذا قول النخعي، والشافعي، وأبي ثور، وحكي ذلك عن الأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن. وفيه قول ثان: وهو أنها "

ذِكْرُ صَلَاةِ أُمِّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ خِمَارٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «هِيَ وَالْأَمَةُ سَوَاءٌ فِي أَنَّ لِكُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِغَيْرِ خِمَارٍ» ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّهَا «تَخْتَمِرُ إِذَا صَلَّتْ» ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: «أَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا صَلَّتْ أَنْ تُعِيدَ فِي الْوَقْتِ، وَلَسْتُ أَرَاهُ وَاجِبًا كَوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْحُرَّةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، " وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً تُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْهُ عُمَرُ فَإِذَا صَلَّتِ الْأَمَةُ بَعْضَ صَلَاتِهَا بِغَيْرِ قِنَاعٍ، ثُمَّ أَعْتَقَتْ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَأْخُذَ قِنَاعَهَا وَتَمْضِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهَا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

ذكر صلاة العاري لا يجد ما يستتر به واختلفوا في القوم يخرجون من البحر عراة فقالت طائفة: " يصلون قعودا "، وروي هذا القول عن ابن عمر

ذِكْرُ صَلَاةِ الْعَارِي لَا يَجِدُ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْمِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَحْرِ عُرَاةً فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلُّونَ قُعُودًا» ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

2415 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " فِي قَوْمٍ عُرَاةٍ خَرَجُوا مِنَ الْبَحْرِ قَالَ: يُصَلُّونَ قُعُودًا، وَيُومِئُونَ إِيمَاءً " وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُومِئُونَ إِيمَاءً السُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِنْ صَلُّوا قِيَامًا يَجْزِيهِمْ إِلَّا أَنَّ أَفْضَلَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا يُومِئُونَ وُحْدَانًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلُّونَ قِيَامًا» ، كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَدْ سَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَثْبَتُ عَنْ عَطَاءٍ، وَكَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: حَكَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ (قَالَ: قَالَ آخَرُونَ: إِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ عُرْيَانًا فَلْيَقُمْ إِمَامُهُمْ وَفِي الصَّفِّ وَسَطَهُ، يَجْعَلُوهُ صَفًّا إِنْ شَاءُوا قِيَامًا، وَإِنْ شَاءُوا -[79]- قُعُودًا، وَلْيَغُضَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ) وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْمِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَحْرِ عُرَاةً، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلُّونَ جَمَاعَةً» ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

2416 - وَحَدَّثُونَا، عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْمٍ، خَرَجُوا مِنَ الْبَحْرِ عُرَاةً قَالَ: «يُصَلُّونَ جَمَاعَةً جُلُوسًا يُومِئُونَ إِيمَاءً» وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَالشَّافِعِيُّ «أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " يُصَلُّونَ فُرَادَى، كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: يُصَلُّونَ فُرَادَى، يَتَبَاعَدُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَيُصَلُّونَ قِيَامًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ لَا يَتَبَيَّنُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ صَلُّوا جَمَاعَةً وَتَقَدَّمَهُمْ إِمَامُهُمْ. وَكَانَ قَتَادَةُ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ: «يَقُومُ إِمَامُهُمْ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ» . وَقَالَ آخَرُ: السُّنَّةُ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَقَدَّمَهُمْ، فَلَا نُزِيلُ السُّنَّةَ لِعَجْزِهِمْ عَنِ السُّتْرَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي رُكُوعِ الْعُرَاةِ وَسُجُودِهِمْ، فَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُونَ: «يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ، وَلَا يُومِئُونَ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُومِئُونَ إِيمَاءً، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ -[80]- عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّي الْعُرْيَانُ قَائِمًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا»

2417 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " كَانَ بِي النَّاصُورُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا مَنْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ قَائِمًا، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى قَاعِدًا بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ قَائِمًا، وَلَا يَثْبُتُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّمَا رَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ الْكُوفِيُّ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: (النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ الْكُوفِيُّ لَيْسَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ) وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: (النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْهُ الْحِمَّانِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ) وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتْرَكَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ، وَيُصَلُّونَ جَمَاعَةً يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَوْلًا عَامًّا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ جَمَاعَةٍ: «صَلَاةُ الْجَمِيعِ -[81]- تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَقَدْ أَمَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَغَيْرُ جَائِزِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ إِلَى الْإِيمَاءِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَامَ الْمَأْمُومِ، وَحَالُ هَؤُلَاءِ إِذَا كَانُوا عُرَاةً حَالُ ضَرُورَةٍ، فَإِذَا تَقَدَّمَ إِمَامُهُمْ فَصَلَّى بِهِمُ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وِيَغُضُّونَ أَبْصَارَهُمْ عَنْهُ، وَإِنْ قَامَ وَسْطَهُمْ فَهُوَ أَسْتَرُ لَهُ وَأَحْرَى لِئَلَّا تُرَى عَوْرَتُهُ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ إِمَامٌ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ، فَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ بِعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَإِنْ كَانَتِ السُّنَّةُ دَالَّةً عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَبِجَابِرِ بْنِ صَخْرٍ فَأَقَامَهُمَا خَلْفَهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ الْإِمَامَةِ

ذكر الصلاة في الحرير

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ

2418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدُ قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» وَقَدِ اخْتُلِفُ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا، «وَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي الْحَرِيرِ» ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ -[82]- وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ: «يُعِيدُ مَادَامَ فِي الْوَقْتِ إِذَا وَجَدَ ثَوْبًا غَيْرَهُ» ، قَالَ: «وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ» . وَقَالَ آخَرُ: إِذَا صَلَّى فِي ذَهَبٍ أَوْ حَرِيرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَا يَجُوزُ لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ بِحَالٍ، إِلَّا لِعِلَّةٍ تَكُونُ بِالْإِنْسَانِ، يَنْفَعُهُ لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ صَلَّى مُصَلٍّ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ كَانَ عَاصِيًا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ حُجَّةً تُوجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ

2419 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رُخِّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي الْحَرِيرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا

جماع أبواب ستر المصلي

جِمَاعُ أَبْوَابِ سَتْرِ الْمُصَلِّي

اختلاف أهل العلم في الاستتار بالحجر والسهم ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يركز له الحربة يصلي إليها

اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِاسْتِتَارِ بِالْحَجَرِ وَالسَّهْمِ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ يُصَلِّي إِلَيْهَا

2420 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ يُصَلِّي إِلَيْهَا "

2421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَإِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُ " وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَكَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً، فَصَلَّى إِلَيْهَا، وَالظُّعْنُ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَسْتَتِرُ بِالسَّهْمِ وَالْحَجَرِ فِي الصَّلَاةِ»

2422 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَكَزَ عَنَزَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصَلَّى إِلَيْهَا، وَالظُّعْنُ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ "

2423 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " كُنَّا نَسْتَتِرُ بِالسَّهْمِ وَالْحَجَرِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا يَسْتَتِرُ بِالسَّهْمِ وَالْحَجَرِ فِي الصَّلَاةِ "

ذكر الاستتار بالإبل في الصلاة

ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ بِالْإِبِلِ فِي الصَّلَاةِ

2424 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَعِيرٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ كَانَ يَسْتَتِرُ بِالْبَعِيرِ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ

2425 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، يَجْعَلُ رَحْلَهُ فِي السَّفَرِ، فَيَجْعَلُ مُؤَخِّرَتَهُ ثُلُثَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، أَوْ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ، فَيَجْعَلُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا "

2426 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ بَعِيرٌ عَلَيْهِ مَحْمَلُهُ "

2427 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُجْلِسُ الرَّجُلَ؛ يُصَلِّي إِلَيْهِ يَسْتَتِرُ بِهِ» وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «لَا يَسْتَتِرُ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ، وَلَا دَابَّةٍ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " يَسْتَتِرُ الْمُصَلِّي بِالْبَعِيرِ؛ لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى بَعِيرٍ

ذكر الأمر بالدنو من السترة التي يستتر بها المصلي لصلاته

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ الَّتِي يَسْتَتِرُ بِهَا الْمُصَلِّي لِصَلَاتِهِ

2428 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَفَعَهُ، قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ -[87]- إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا؛ لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ صَلَاتَهُ»

2429 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُصَلِّي يَؤُمُّنَا، فَنَأَيْنَا عَنِ السُّتْرَةِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: " أَيُّهَا الْمُصَلِّي، ادْنُ مِنْ سُتْرَتِكَ، قَالَ: فَجَعَلَ مَالِكٌ يَتَقَدَّمُ وَهُوَ يَقُولُ: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] الْآَيَةَ "

2430 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَجْوَةٌ. يَعْنِي فُرْجَةً»

ذكر القدر الذي يكفي الاستتار به في الصلاة

ذِكْرُ الْقَدْرِ الَّذِي يَكْفِي الِاسْتِتَارُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ

2431 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِي مَنْ وَرَاءِ ذَلِكَ»

2432 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ»

ذكر الخبر الدال على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستتار بمثل آخرة الرحل في الصلاة في طولها لا في عرضها

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهْ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِتَارِ بِمِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ فِي الصَّلَاةِ فِي طُولِهَا لَا فِي عَرْضِهَا

2433 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: ثنا هَارُونُ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِالْمُصَلَّى مُسْتَتِرًا بِحَرْبَةٍ "

2434 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الطُّولِ لَا فِي الْعَرْضِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ

2435 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ مِسْكِينٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِذَا كَانَ قَدْرَ آخِرَةِ الرَّحْلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الشَّعْرِ أَجْزَأَهُ»

2436 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «يَسْتُرُكَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ مِثْلُ حَبْلَةِ السَّوْطِ»

2437 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ نَصَبَ عَصًا يُصَلِّي إِلَيْهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فِي الطُّولِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ ذِرَاعٌ،» هَكَذَا قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ: «يَكُونُ خَالِصَهَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا،» وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: «السُّتْرَةُ قَدْرُ عُظَيْمِ الذِّرَاعِ فَصَاعِدًا» ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ ذِرَاعًا وَشِبْرًا، وَصَلَّى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ -[90]- بِقَوْمٍ خَلْفَ رَسْمِ جِدَارٍ نَحْوِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَقَالَ: «كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ» ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: «يُجْزِيكَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ» وَاخْتَلَفُوا بِالِاسْتِتَارِ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَنْتَصِبُ إِنْ عَرَضَ فَصُلِّيَ إِلَيْهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَنْتَصِبْ عَرَّضَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَلَّى، كَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى عَصًا بِعَرْضِهَا، وَإِلَى قَصَبَةٍ، أَوْ سَوْطٍ، وَقَالَ: «لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَنْصِبَهُ نَصْبًا» ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «الْخَطُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذِرَاعًا»

ذكر مقدار ما يجعل المصلي بينه وبين السترة واختلفوا في المقدار الذي يجعله المصلي بينه وبين سترته: فقالت طائفة: يجعله بينه وبين سترته ستة أذرع، كان عبد الله بن مغفل يفعل ذلك، وكان عطاء يقول: أدنى ما يكفيك فيما بينك وبين السارية ثلاثة أذرع، وبه قال

ذِكْرُ مِقْدَارِ مَا يَجْعَلُ الْمُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ، كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: أَدْنَى مَا يَكْفِيكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ السَّارِيَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَرُئِيَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُصَلِّي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، أَذْرُعٌ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: «إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةُ بِحَجَرٍ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَكَ» ، وَقَالَ قَتَادَةُ: " إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ لَمْ يَقْطَعْ -[91]- صَلَاتَكَ

ذكر الاستتار بالخط إذا لم يجد المصلي ما ينصبه بين يديه ليستتر به

ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ بِالْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي مَا يَنْصِبُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيَسْتَتِرَ بِهِ

2438 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» 2439 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. -[92]- وَكَرِهَتْ فِرْقَةٌ الْخَطَّ وَأَنْكَرَتْهُ، وَمِمَّنْ أَنْكَرَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: الْخَطُّ عِنْدَنَا مُسْتَنْكَرٌ لَا يُعْرَفُ، لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَالْخَطُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْخَطِّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ: لَا يَخُطُّ الْمُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ خَطًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ فَيُتَّبَعَ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْفَعُ الْخَطُّ شَيْئًا»

ذكر التغليظ في المرور بين يدي المصلي، والإعلام بأن الوقت مدة طويلة خير من المرور بين يدي المصلي

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ الْوَقْتَ مُدَّةً طَوِيلَةً خَيْرٌ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

2440 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ الْأَنْصَارِيِّ؛ أَسْأَلُهُ مَا سَمِعْتَ مِنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَأَنْ يَقُومَ فِي مُقَامِهِ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي» قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَ: أَرْبَعِينَ سَنَةً، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا؟ "

ذكر خبر احتج به بعض من رأى أن التغليظ يلحق المار بين يدي المصلي إذا كانت صلاته إلى سترة، وإباحة المرور بين يدي المصلي إذا صلى إلى غير سترة

ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّغْلِيظَ يَلْحَقُ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ إِلَى سُتْرَةٍ، وَإِبَاحَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ

2441 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، -[93]- مِنْ أَعْيَانِ بَنِي الْمُطَّلِبِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى سَعْيَهُ يُصَلِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَّافِينَ سُتْرَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. 2442 - حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ بَعْضِ، أَهْلِهِ، عَنْ جَدِّهِ 2443 - وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ 2444 - وَرَوَى يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: رَأَيْتُ عَطَاءً يُصَلِّي بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سُتْرَةٌ، فَقِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: فَالصَّلَاةُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: " أَنَّ مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ يُصَلَّى بِغَيْرِ سُتْرَةٍ

ذكر أمر المصلي بأن يدرأ عن نفسه، وإباحة، قتال المار باليد إن أبى أن يمتنع

ذِكْرُ أَمْرِ الْمُصَلِّي بِأَنْ يَدْرَأَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِبَاحَةِ، قِتَالِ الْمَارِّ بِالْيَدِ إِنْ أَبَى أَنْ يَمْتَنِعَ

2445 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[94]- قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»

ذكر الدليل على أن المصلي الذي له أن يدفع المار بين يديه إذا صلى إلى سترة لا من يصلي إلى غير سترة

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّي الَّذِي لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى إِلَى سُتْرَةِ لَا مَنْ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ

2446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو صَالِحٍ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ بَيْنَ يَدَيِ نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ فِي نَحْرِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَيُقَاتِلَهُ إِنْ أَبَى، إِلَّا أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ

2447 - رُوِيَ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» وَقَالَ: فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مَعَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي شَيْطَانٌ، لَا أَنَّ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي شَيْطَانٌ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشَّيَاطِينَ قَدْ يَقَعُ عَلَى عُصَاةِ بَنِي آدَمَ. -[95]- وَذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112] الْآَيَةَ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى مَنْعَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ

2448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، وَلَا يَمُرُّ هُوَ بَيْنَ يَدَيِ النِّسَاءِ وَلَا الرِّجَالِ»

2449 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: «مَرَرْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ فَظَنَّ أَنِّي أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَثَارَ ثَوْرَةً أَفْزَعَنِي وَنَحَّانِي»

2450 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَمْنَعَانِ أَنْ يُمَرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَرَيَانِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَثِيرٌ، لَا يَمْشِي إِلَيْهِ وَيُصَلِّي مَكَانَهُ، وَإِذَا مَنَعَهُ لَمْ يَدْفَعْهُ وَلَمْ يُعَالِجْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ، وَإِنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ كَانَ لَهُ دَفْعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ قَاتَلْهُ إِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ رَخَّصَ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ حَيْثُ جَاءَ: فَرَخَّصَ قَوْمٌ فِي رَدِّهِ إِذَا مَرَّ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، -[96]- وَكَذَلِكَ فَعَلَهُ سَالِمٌ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَرُدُّهُ بَعْدَ أَنْ جَازَ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ؛ " لِأَنَّ رِجُوعَهُ مِنْ حَيْثُ جَاءَ مُرُورًا ثَانِيًا بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَجْهٌ

ذكر الرخصة في الصلاة وأمام المصلي امرأة نائمة أو مضطجعة

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَامَ الْمُصَلِّي امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ أَوْ مُضْطَجِعَةٌ

2451 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَهَلٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي اللَّيْلِ، وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ "

ذكر الخبر الذي فيه النهي عن الصلاة إلى المتحدثين والنيام

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ

رَوَى تَمَامُ بْنُ بَزِيعٍ الشُّقْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَلُّوا إِلَى الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ» 2452 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، قَالَ: ثنا تَمَامُ بْنُ بَزِيعٍ الشُّقْرِيُّ، -[97]- وَرَوَاهُ شَبَابَةُ قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ 2453 - حَدَّثَنَاهُ الصَّائِغُ، عَنْ شَبَابَةَ. 2454 - وَرَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ كُلُّهَا أَخْبَارٌ وَاهِيَةٌ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَّ تَمَامَ بْنَ بَزِيعٍ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَأَمَّا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ: هُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ أَيُّوبُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَيُّوبُ: عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ غَيْرُ ثِقَةٍ، فَلَا تَحْمِلْ عَنْهُ. وَذَكَرَ لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ حَدِيثَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ: هَذَا أَبُو أُمَيَّةَ قَدْ ضَرَبْنَا عَلَيْهِ فَاضْرِبْ عَلَيْهِ -[98]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعَ ضَعْفِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي وَعَائِشَةُ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ

2455 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي فِي اللَّيْلَ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي رَقَدَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَهْلُهُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأُوتِرُ مَعَهُ وَفِي قَوْلِهَا: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي بَيَانٌ أَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَيْقَظَهَا لِتُوتِرَ مَعَهُ، لَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُوتِرَ وَهِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوِتْرِ وَبَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ التَّطَوُّعِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُتَحَدِّثِينَ: فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ، رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَأْتَمَّ بِقَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ

2456 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْدِ يكَرِبَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «وَلَا تُصَلِّ وَبَيْنَ يَدَيْكَ قَوْمٌ يَمْتَرُونَ أَوْ يَلْغُونَ»

2457 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ مَيْمُونٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ رَجُلٍ لَا يُصَلِّي إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ رَجُلٍ يَتَكَلَّمُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ " وَكَرِهَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحَكَى أَيُّوبُ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. -[99]- وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ، وَحَكَى أَيُّوبُ ذَلِكَ، عَنِ الْكُوفِيِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ إِلَى ظَهْرِ رَجُلٍ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَمَعَهُ قَوْمٌ يَتَحَدَّثُونَ»

ذكر النهي عن الصلاة، مستقبلا المرأة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ، مُسْتَقْبِلًا الْمَرْأَةَ

2458 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُقَابِلَ السَّرِيرِ، وَأَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَتَكُونُ لِيَ الْحَاجَةُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ السَّرِيرِ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَرَجُلًا مُسْتَقْبِلَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى هَذَا بِالدِّرَّةِ فَقَالَ: تَسْتَقْبِلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي؟

2459 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا يُصَلِّي وَرَجُلًا مُسْتَقْبِلَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى هَذَا بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: " تُصَلِّي وَهَذَا مُسْتَقْبِلُكَ، وَأَقْبَلَ عَلَى هَذَا بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: تَسْتَقْبِلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي؟ "

ذكر إباحة منع المصلي الشاة تمر بين يديه

ذِكْرُ إِبَاحَةِ مَنْعِ الْمُصَلِّي الشَّاةَ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ

2460 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذْ جَاءَتْ شَاةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَاعَاهَا حَتَّى أَلْزَقَ بَطْنَهَا بِالْحَائِطِ»

ذكر مرور الهر بين يدي المصلي

ذِكْرُ مُرُورِ الْهِرِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

2461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا بُنْدَارٌ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْهِرَّةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ»

ذكر التغليظ من مرور الحمار والمرأة والكلب الأسود بين يدي المصلي

ذِكْرُ التَّغْلِيظِ مِنْ مُرُورِ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

2462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ» . قُلْتُ: مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَمَرَّ جَرْوٌ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ -[101]- عُمَرَ: " أَعِدِ الصَّلَاةَ

2463 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ»

2464 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ، قَالَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، فَدَخَلَ جَرْوٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ، فَقَالَ: «أَمَّا أَنْتَ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيَّ»

2465 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَخِي، جُوَيْرِيَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَلْبٌ أَصْفَرُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَعَادَ الصَّلَاةَ "

2466 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ، وَهُوَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ»

2467 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَزَّةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمِ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ»

2468 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي -[102]- الْحَكَمُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ، وَهُوَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ. قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي قَلْبِي مِنَ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ، وَالْحِمَارُ. هَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولَانِ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ»

2469 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنِ -[103]- أَبِي يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ»

2470 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " تَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَلْيَدْرَأِ الْمُصَلِّي مَا اسْتَطَاعَ،» رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] الْآَيَةَ، فَمَاذَا يَقْطَعُ هَذَا، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي وَالطَّوَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَتَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ، فَيَنْتَظِرُهَا، حَتَّى تَمُرَّ، ثُمَّ يَضَعُ جَبْهَتَهُ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهَا

2471 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، قَالَا: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ»

2472 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأْ عَنْ نَفْسِكَ مَا اسْتَطَعْتَ»

2473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأْ -[104]- عَنْ نَفْسِكَ مَا اسْتَطَعْتَ»

2474 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] الْآَيَةَ «فَمَاذَا يَقْطَعُ ذَا؟»

2475 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ جَاءَ وَصَلَّى وَالطَّوَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، قَالَ: «تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ، فَيَنْتَظِرُهَا حَتَّى تَمُرَّ، ثُمَّ يَضَعُ جَبْهَتَهُ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهَا»

2476 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ رَجُلٌ، فَمَنَعْتُهُ، فَمَرَّ، فَسَأَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي، لَا يَضُرُّكَ» وَمِمَّنْ قَالَ «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» الشَّعْبِيُّ، وَقِيلَ لِعُبَيْدَةَ: مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «يَقْطَعُهَا الْفُجُورُ وَتَمَامُهَا الْبِرُّ» . وَمِمَّنْ قَالَ «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» -[105]- عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ» ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ، فَظَاهِرُ خَبَرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ لَا عِلَّةَ لَهُ، فَالْقَوْلُ بِظَاهِرِهِ يَجِبُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا التَّسْلِيمُ لَهُ وَتَرْكُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قِيَاسٍ أَوْ نَظَرٍ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: «إِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ، وَلَا الْمَرْأَةُ» ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْخَبَرَ الَّذِي رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مُعَارِضًا لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ، وَيَجْعَلُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْأَتَانِ مُعَارِضًا لِمُرُورِ الْحِمَارِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَيَرَى أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ، فَرَأَى أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ، وَجَعَلَ صَلَاةَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ، أَوْ حِمَارٌ جَائِزَةً لِمُعَارَضَةِ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ

2477 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَيُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْن سَمْعَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جِئْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَنَاهَزْتُ الْحُلُمَ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنَى فَمَرَرْتُ عَلَى الْأَتَانِ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، ثُمَّ نَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُهَا، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ» -[106]- وَلَعَلَّ مِنْ عِلَّتِهِ فِي الْكَلْبِ غَيْرَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ حَدِيثَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ

2478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ، ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَّاسًا فِي بَادِيَةٍ لَنَا، وَلَنَا كَلْبَةٌ، وَحِمَارٌ يَرْعَى، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُؤَخَّرَا وَلَمْ يُزْجَرَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّهُ أَنْ يَقُولَ: وَهَذَا الْخَبَرُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ذِكْرَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ، وَلَمْ يَخُصَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ إِلَّا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْكِلَابِ فَرْقٌ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِحُجَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ، وَالْأُخْرَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، فَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ فَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

2479 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَحُجَّتُهُمْ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَا يَجِبُ، أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي فَرْضٍ كَمَا أُمِرَ بِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي إِفْسَادِهَا بِمُرُورِ أَيِّ ذَلِكَ مَرَّ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِبْطَالُ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى مَا يَجِبُ إِلَّا بِخَبَرٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ أَوْ إِجْمَاعَ، وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي، وَلَمْ يُجْمِعْ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إِبْطَالِ صَلَاةِ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ، أَوْ كَلْبٌ أَوْ حِمَارٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر قول من قال: سترة الإمام سترة لمن خلفه قال أبو بكر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرون أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، ثبت أن عمر بن الخطاب، كان ربما يركز العنزة، فيصلي إليها، والظعائن يمرون أمامه، وروينا عن ابن عمر أنه قال: " سترة الإمام سترة

ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ رُبَّمَا يَرْكُزُ الْعَنَزَةَ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، وَالظَّعَائِنُ يَمُرُّونَ أَمَامَهُ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ وَرَاءَهُ»

2480 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: إِنْ كَانَ عُمَرُ رُبَّمَا يَرْكُزُ الْعَنَزَةَ فَيُصَلِّي بِنَا إِلَيْهَا، وَالظَّعَائِنُ يَمُرُّونَ أَمَامَهُ "

2481 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ وَرَاءَهُ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «وَبِهِ نَأْخُذُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ» . وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي بِهِمْ، قَالَ: لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَدْخُلُ يَمْشِي بَيْنَ الصُّفُوفِ، وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَقِفَ فِي مُصَلَّاهُ، يَمْشِي عَرْضًا بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رُمْحٌ قَدْ نُصِبَ، أَوْ قَصَبَةٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ خَلْفَهُ شَيْءٌ؟ قَالَ: يُجْزِيهِمْ. -[108]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، قَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ: " صَلَّى الْحَكَمُ الْغِفَارِيُّ بِالنَّاسِ، وَقَدْ رَكَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ رُمْحًا، فَمَرَّ حِمَارَانِ يَتَقَادَمَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، قَالَ أَحَدُهُمَا: قَالَ الْحَكَمُ: أَمَّا أَنَا وَمَنْ خَلْفِي فَقَدْ سَتَرَنَا الرُّمْحُ، وَأَعَادَ الْآخَرُونَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَعَادَ بِهِمْ جَمِيعًا، وَقَدْ رُوِيَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، عَنْ عَطَاءٍ

مسألة قال أصحاب الرأي في امرأة صلت مع قوم في صف، وهي تصلي بصلاة الإمام؟ قال: أما صلاتها تامة، وصلاة القوم تامة ما خلا الذي كان عن يمينها، والذي كان عن يسارها، والذي خلفها بحيالها، فإن هؤلاء الثلاثة يعيدون الصلاة؛ لأن هؤلاء الثلاثة قد ستروا من

مَسْأَلَةٌ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي امْرَأَةٍ صَلَّتْ مَعَ قَوْمٍ فِي صَفٍّ، وَهِيَ تُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ؟ قَالَ: أَمَّا صَلَاتُهَا تَامَّةٌ، وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ مَا خَلَا الَّذِي كَانَ عَنْ يَمِينِهَا، وَالَّذِي كَانَ عَنْ يَسَارِهَا، وَالَّذِي خَلْفَهَا بِحِيَالِهَا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ يُعِيدُونَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ قَدْ سَتَرُوا مَنْ خَلْفَهُمْ مِنَ الرِّجَالِ، فَصَارَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالُوا: وَيُسْتَحْسَنُ إِذَا كَانَ صَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ تَامٌّ أَنْ أَفْسَدَ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُنَّ مِنَ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ عِشْرِينَ صَفًّا، وَلَمْ يَجْعَلُوا الصَّفَّ الَّذِي يَلِي هَذَا الصَّفَّ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ مَنْ يَلِي أَمَامَ الْمَرْأَةِ، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ يَسَارِهَا، وَمَنْ خَلْفَهَا تَامَّةٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْسَدَ صَلَاتُهُمْ، فَمَقَامُهَا فِي أَيِّ مَقَامٍ قَامَتْ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا انْعَقَدَتْ لَمْ يَجُزْ إِفَسَادُهَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَعَائِشَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُعْتَرِضَةٌ كَاعْتِرَاضِ الْجَنَازَةِ ". وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ إِسْحَاقُ قَالَ: فِي الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ بِجَنْبِ رَجُلٍ يُصَلِّي، وَهِيَ تُصَلِّي فِي الصَّفِّ مَعَهُ، أَوْ تَقْتَدِي بِهِ، فَإِنَّ صَلَاتَهَا فَاسِدَةٌ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ لِمَا أُمِرَتْ أَنْ تَكُونَ وَحْدَهَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ، وَالرَّجُلُ الَّذِي بِجَنْبِهَا مُطِيعٌ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، فَلَا تَكُونُ الْعَاصِيَةُ تُفْسِدُ عَلَى الْمُطِيعِ لِلَّهِ

جماع أبواب الصلاة على الحصير والبسط

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ وَالْبُسُطِ

ذكر الصلاة على الحصير

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ

2482 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ "

2483 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَبُسِطَ لَهُ حَصِيرٌ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَعَوَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ

ذكر الصلاة على البساط

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْبِسَاطِ

2484 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا زَمْعَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ وَهْرَانِيٍّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ

ذكر الصلاة على الخمرة

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

2485 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ. 2486 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُدِّيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: " الْخُمْرَةُ مَنْسُوجٌ يُعْمَلُ مِنْ سَعَفِ النَّخِيلِ، وَيَرْمُلُ بِالْخُيُوطِ، وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي، أَوْ فُوَيْقُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَظُمَ حَتَّى يَكْفِيَ الرَّجُلَ لِجَسَدِهِ كُلِّهُ، فَهُوَ حِينَئِذٍ حَصِيرٌ، وَلَيْسَ بِخُمْرَةٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ: فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي عَلَى عَبْقَرِيٍّ فَمَا هِيَ الزَّرَابِيُّ، وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى خُمْرَةٍ تَحْتَهَا حَصِيرٌ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى الْمُسُوحِ، وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى طِنْفِسَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ -[115]- صَلَّى عَلَى خُمْرَةٍ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى لِبْدِ دَابَّتِهِ، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ: " صَلَّى بِالنَّاسِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَفِينَةٍ، وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى فُرُشٍ

2487 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»

2488 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، قَالَ: «رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ»

2489 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: ثَنَا تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُصَلِّي عَلَى عَبْقَرِيٍّ، وَهِيَ الزَّرَابِيُّ»

2490 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ «ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ، تَحْتَهَا حَصِيرٌ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، فَيَسْجُدُ عَلَيْهَا وَيَقُومُ عَلَيْهَا»

2491 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مِسْحٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»

2492 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مِسْحٍ "

2493 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أُمَيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا يُصَلِّي عَلَى مُصَلًّى مِنْ مُسُوحٍ، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ»

2494 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرٍ، «أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يُصَلِّي عَلَى مِسْحٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»

2495 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مِسْحٍ، فَكَانَ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»

2496 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى طِنْفِسَةٍ، وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا "

2497 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ "

2498 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَنَسٌ عَلَى مِسْحٍ»

2499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَفِينَةٍ وَنَحْنُ جُلُوسٌ -[117]- عَلَى فُرُشٍ» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: " لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ عَلَى الْبِسَاطِ، وَالطُّنْفُسَةِ، وَاللِّبْدِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى السُّجُودَ عَلَى الْحَصِيرِ وَالْبُسْطِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ، الْخُمْرَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثْبُتُ، وَالطُّنْفُسَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ» . وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا صَلَّى عَلَى الطِّنْفِسَةِ، وَالْحَصِيرِ، وَالْبُورِيَا، وَالْمِسْحِ، أَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ، أَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ، أَوْ لِبْدَهُ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ؛ يَتَّقِي حَرَّ الْأَرْضِ، أَوْ بَرْدَهَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ السُّجُودَ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَرَخَّصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلَّى إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ، وَكَانَ لَا يَسْجُدُ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ»

2500 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يَسْجُدُ، أَوْ قَالَ: لَا يُصَلِّي إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ وَالَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى مِسْحٍ أَثْبَتُ، وَعَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الطِّنْفِسَةِ، وَالْمِسْحِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ -[118]- سِيرِينَ: " الصَّلَاةُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ مُحْدَثٌ، وَكَانَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَيَسْتَحِبُّ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى مَا أَنْبَتَتْ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: " لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ مِنْ جِرِيدِ النَّخْيلِ، وَالْحَصِيرِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى بِسَاطِ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ؟ قَالَ: «إِذَا وَضَعَ الْمُصَلِّي جَبْهَتَهُ وَيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ عَلَى حَصِيرٍ، فَلَا أَرَى بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا بَأْسًا»

ذكر الصلاة في النعلين

ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ

2501 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»

ذكر الخيار للمصلي بين الصلاة فيهما، أو خلعهما ووضعهما بين يديه لئلا يتأذى بهما

ذِكْرُ الْخِيَارِ لِلْمُصَلِّي بَيْنَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا، أَوْ خَلْعِهِمَا وَوَضْعِهِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِمَا

2502 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَخْلَعْ نَعْلَيْهِ، وَلَا يُؤْذِي بِهِمَا أَحَدًا، وَلْيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا»

2503 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ نَعْلَيْهِ بَيْنَ رِجْلَيْهِ»

ذكر وضع المصلي نعليه عن يساره إذا خلعهما إذا لم يكن عن يساره، مصل فيكون نعلاه عن يمين المصلي

ذِكْرُ وَضْعِ الْمُصَلَّي نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ إِذَا خَلَعَهُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ يَسَارِهِ، مُصَلٍّ فَيَكُونُ نَعْلَاهُ عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي

2504 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا هَوْذَةُ قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي حَدِيثًا رَجَّعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قِبَلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ»

ذكر النهي عن وضع المصلي، نعليه عن يساره، إذا كان عن يساره، مصل

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ وَضَعِ الْمُصَلِّي، نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ، إِذَا كَانَ عَنْ يَسَارِهِ، مُصَلٍّ

2505 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ أَبُو عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَضَعْ نَعْلَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ، فَيَكُونُ عَنْ يَمِينِ غَيْرِهِ، وَيَضَعْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ»

جماع أبواب فضائل المساجد وبنائها وتعظيمها

جِمَاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَائِهَا وَتَعْظِيمِهَا

ذكر بناء أول المساجد في الأرض والثاني، وذكر القدر الذي بين بناء أول المساجد والثاني منها

ذِكْرُ بِنَاءِ أَوَّلِ الْمَسَاجِدِ فِي الْأَرْضِ وَالثَّانِي، وَذِكْرُ الْقَدْرِ الَّذِي بَيْنَ بِنَاءِ أَوَّلِ الْمَسَاجِدِ وَالثَّانِي مِنْهَا

2506 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَهُوَ مَسْجِدٌ»

ذكر فضل بناء المساجد

ذِكْرُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ

2507 - حَدَّثَنَا نَصْرُي بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَنَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»

ذكر فضل بناء المسجد وإن صغر

ذِكْرُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ صَغُرَ

2508 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَمِيْميِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْلَ مِفْحَصِ قَطَاةٍ، بَنَى لَهُ، أَوْ بَنَى اللهُ لَهُ، بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» -[124]- حَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَوْلُهُ: «مِفْحَصِ قَطَاةٍ» يَعْنِي مَوْضِعَهَا الَّذِي تَجْثُمُ فِيهِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مِفْحَصًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَجْثُمُ حَتَّى تَفْحَصُ عَنْهُ التُّرَابَ، وَتَصِيرَ إِلَى مَوْضِعٍ مُطْمَئِنٍّ مِسْتَوْ؛ وَلِهَذَا قِيلَ: فَحَصْتَ عَنِ الْأُمُورِ، إِذَا أَكْثَرْتَ الْمَسْأَلَةَ عَنْهَا، حَتَّى تَنْكَشِفَ لَكَ، وَإِلَى مَا تَقْنَعُ بِهِ، وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنْهَا

ذكر فضل المساجد إذ هي أحب إلى الله

ذِكْرُ فَضْلِ الْمَسَاجِدِ إِذْ هِيَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ

2509 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ مَكْتَلٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا»

ذكر الأمر ببناء المساجد في الدور

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ

2510 - حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ»

ذكر تطييب المساجد

ذِكْرُ تَطْيِيبِ الْمَسَاجِدِ

2511 - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ -[125]- عُبَادَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِنَا، فَقَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا وَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قَالَ: فَخَشَعْنَا، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: فَقُلْنَا: لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عُجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا، فَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، أَرُونِي عَبِيرًا» . فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحِلَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ رَأْسَ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ " قَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ "

ذكر تقميم المساجد والتقاط العيدان والخرق منها وتنظيفها

ذِكْرُ تَقْمِيمِ الْمَسَاجِدِ وَالْتِقَاطِ الْعِيدَانِ وَالْخِرَقِ مِنْهَا وَتَنْظِيفِهَا

2512 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً، سَوْدَاءَ، أَوْ رَجُلًا أَسْوَدَ، كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسَاجِدَ، فَمَاتَتْ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ: مَاتَتْ، فَقَالَ: «أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا؟» ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى "

2513 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فَقَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ كَانَتْ تَلْقُطُ الْخِرَقَ -[126]- مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى "

ذكر الأمر بالدعاء على ناشد الضالة في المسجد أن لا يؤديها الله إليه، مع الدليل على إثبات النهي عن نشد الضوال في المساجد

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى نَاشِدِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا اللهُ إِلَيْهِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى إِثْبَاتِ النَّهْيِ عَنْ نَشْدِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسَاجِدِ

2514 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا "

ذكر النهي عن البيع، والشراء، في المساجد

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، فِي الْمَسَاجِدِ

2515 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ الشِّعْرُ، وَنَهَى عَنِ الْحَلْقِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذْ نَهَى عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَى فِي الْمَسْجِدِ، فَفِي مَعْنَاهُ أَبْوَابُ الْمَكَاسِبِ كُلُّهَا، كَانَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ يَكْرَهَانِ لِلْخَيَّاطِينَ الْخِيَاطَةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَسَهَّلَ أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ فِي الْمَسْجِدِ -[127]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِ الْخَيَّاطِ وَكَسْبِ الْوَرَّاقِ

ذكر الأمر بالدعاء على المتبايعين في المسجد أن لا تربح تجارتهما

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا تُرْبِحَ تِجَارَتُهُمَا

2516 - مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعَ أَوْ يَبْتَاعَ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: " لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَإِنْ رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ الضَّالَّةَ فَقُولُوا: لَا أَدَّاهَا اللهُ عَلَيْكَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ: «لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ» يَدُلُّ عَلَى إِجَازَةِ الْبَيْعِ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْشَدَ الشِّعْرُ فِي الْمَسْجِدِ، دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَمَّا أَبَاحَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ الشِّعْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ أَنْ يُنْشَدَ فِي الْمَسْجِدِ الْقُبْحُ مِنْهُ دُونَ الْحَسَنِ إِذْ مِنَ الشِّعْرِ حَسَنٌ وَقَبِيحٌ فَأَبَاحَ مِنْهُ الْحَسَنَ وَنَهَى عَنِ الْقَبِيحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ حَسَّانَ إِنَّمَا كَانَ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَا أَنْ يُؤَيَّدَ بِرُوحِ الْقُدُسِ مَادَامَ مُجِيبًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2517 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، وَسَمِعْنَاهُ مِنْهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يَنْشُدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَنْشُدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي، -[128]- اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟» قَالَ: نَعَمْ "

ذكر النهي عن البزاق، في المسجد إذا لم يدفن

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبُزَاقِ، فِي الْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ يُدْفَنْ

2518 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ»

ذكر الأمر بدفن البزاق ليكون كفارة البزق

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِدَفْنِ الْبُزَاقِ لِيَكُونَ كَفَّارَةَ الْبَزْقِ

2519 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيَّةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا»

ذكر الأمر بإعماق الحفر ليدفن فيه النخامة في المسجد

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِعْمَاقِ الْحَفْرِ لِيُدْفَنَ فِيهِ النُّخَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ

2520 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مَوْدُودٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ دَخَلَ هَذَا الْمَسْجِدَ فَبَزَقَ فِيهِ، أَوْ تَنَخَّمَ، فَلْيَحْفِرْ لَهُ فَلْيَدْفِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَبْزُقْ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ لِيَخْرُجْ بِهِ»

ذكر العلة التي لها أمر بدفن النخامة في المسجد

ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا أَمَرَ بِدَفْنِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ

2521 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ الصَّائِغُ وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيُغَيِّبْ نُخَامَتَهُ أَنْ يُصِيبَ جِلْدَ مُؤْمِنٍ أَوْ ثَوْبَهُ فَيُؤْذِيَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَيَدُلُّ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِدَفْنِهَا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهَا مُؤْمِنٌ أَنْ يُصِيبَ جِلْدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ

ذكر حك النخامة من قبلة المسجد

ذِكْرُ حَكِّ النُّخَامَةِ مِنْ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ

2522 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَلَا يَبْصُقْ أَحَدُكُمْ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارَيْهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» ، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا»

ذكر النهي عن المرور، بالسهام في المسجد من غير قبض على نصولها

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْمُرُورِ، بِالسِّهَامِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ عَلَى نُصُولِهَا

2523 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَجُلًا، مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ، قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، فَأَمَرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا؛ لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا "

2524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مَرَّ بِأَسْهُمٍ فِي الْمَسْجِدِ: «امْسِكْ بِنِصَالِهَا» ، قَالَ: «نَعَمْ»

ذكر النهي عن إيطان الرجل المكان، في المسجد

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِيطَانِ الرَّجُلِ الْمَكَانَ، فِي الْمَسْجِدِ

2525 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ، وَكَانَتْ، لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَادَامَ ثَابِتًا فِيهِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهُ زَالَ حَقُّهُ، إِذْ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] الْآَيَةَ، وَقَالَ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ -[131]- الْآخِرِ} [التوبة: 18]

ذكر الصلاة عند دخول المسجد قبل الجلوس إذ ذلك من حقوق المساجد

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الْجُلُوسُ إِذْ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْمَسَاجِدِ

2526 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْأَمْرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرُ نَدْبٍ، لَا أَمْرُ وَاجِبٍ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَقَالَ: " هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: " لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ

ذكر كراهية المرور في المساجد من غير أن يصلي فيها

ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا

2527 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْرُوقٍ، وَبَيْنَهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقُلْنَا: مَا يُضْحِكُكَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ السَّلَامُ بِالْمَعْرِفَةِ، وَأَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالْمَسْجِدِ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ، وَأَنْ يَرُدَّ الشَّابُّ الشَّيْخَ فِيمَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينِ، وَأَنْ يَتَطَاوَلَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُعَاةُ الشَّاةِ فِي الْبُنْيَانِ»

ذكر اختلاف أهل العلم في دخول الجنب أو الحائض المسجد وجلوسهما فيه اختلف أهل العلم في مقام الجنب في المسجد: فقالت طائفة: " لا يدخل الجنب المسجد إلا وهو عابر سبيل مارا فيه "، روي هذا القول عن ابن مسعود، وبه قال ابن عباس، وسعيد بن المسيب، والحسن،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دُخُولِ الْجُنُبِ أَوِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ وَجُلُوسِهِمَا فِيهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُقَامِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَا يَدْخُلُ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا وَهُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ مَارًّا فِيهِ» ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ

2528 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ قَالَ: «لَا تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، إِلَّا وَأَنْتَ عَابِرُ سَبِيلٍ، إِلَّا وَأَنْتَ مَارٌّ فِيهِ»

2529 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ مُجْتَازًا، وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا قَالَ: {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ -[133]- وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَمُرَّ الْحَائِضُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تَقْعُدَ فِيهِ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: «لَا يَدْخُلِ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ» ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: «كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا مُجْتَازًا» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " لَا يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَقْعُدُ فِيهِ، رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَنِبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ

2530 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ الدَّقَّاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَنِبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ "

2531 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ قَالَ: هُوَ الْمُسَافِرُ "

2532 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَهُوَ أَبُو مِجْلَزٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَتَأَوَّلُهَا: {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَقُولُ: «تَحْرِيمُهَا أَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ وَهُوَ جُنُبٌ إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، لَا يَجِدُ مَاءً، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي»

2533 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: " لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «يَجْلِسُ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَمُرُّ فِيهِ إِذَا -[134]- تَوَضَّأَ» . وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ: «وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمُرَخِّصِينَ لِلْجُنُبِ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمُقَامِ فِيهِ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ»

2534 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: " إِنِّي جُنُبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ لَيْسَ بِنَجَسٍ فَهُوَ طَاهِرٌ كَحَالَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُجْنِبَ، غَيْرَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاغْتِسَالِ عِبَادَةً، يَعْبُدُ اللهَ بِهَا عِبَادَةً، وَكَمَا أُمِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ رِيحٌ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ، وَهُوَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ طَاهِرُ الْأَعْضَاءِ، غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالطَّهَارَةِ كَمَا تَعَبَّدَ الْجُنُبُ بِالِاغْتِسَالِ، وَإِذَا قَالَ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ: إِنَّ الْمُشْرِكَ يَدْخُلُ الْمَسَاجِدَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ نَزَلُوا الْمَسْجِدَ، وَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، كَالْمُسْلِمِ الْجُنُبِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الطَّهَارَةُ بِخَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، فَيَكُونُ آخِرُ الْآيَةِ عَائِدًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ الصَّلَاةُ، فَالصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَبَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَابِرَ سَبِيلٍ مُسَافِرًا لَا يَجِدُ مَاءً، فَيَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ رَأَوْا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً، رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: " لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ -[135]- يَكُونَ مُسَافِرًا، يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ أَسَانِيدِهَا فِيمَا مَضَى، وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ كَرِهَ دُخُولَ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ حَدِيثًا

2535 - حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُيُوتُ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ» . ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفْلَتُ عِنْدَهُمْ، وَيَبْطُلُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَنْ يَقُومَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً

جماع أبواب الأفعال المباحة في المسجد غير الصلاة والذكر

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ

ذكر دخول عبيد المشركين وأهل الذمة المسجد الحرام

ذِكْرُ دُخُولِ عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ

2536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَسَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ -[136]- الْحَرَامَ} [التوبة: 28] «الْآَيَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا، أَوْ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ»

ذكر الرخصة في النوم في المسجد

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ

2537 - حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ، رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْبَصْرِيُّ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ عَنِ النَّوْمِ، فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «إِنْ كُنَّا نِيَامًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ: فَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ، ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا، فَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: «كُنَّا نَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ»

2538 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا فَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2539 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ. يَعْنِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامِ»

2540 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: «كُنَّا نَبِيتُ -[137]- فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ»

2541 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: أَرْسَلَنَا أَبِي إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَسْأَلُهُ عَنِ النَّوْمِ، فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: «فَأَيْنَ كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ يَنَامُونَ؟، لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا» وَرَخَّصَ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالشَّافِعِيُّ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ بِأَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ مَرْقَدًا، رُوِّينَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَعِسُّ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجِدُ فِيهِ سَوَادًا إِلَّا أَخْرَجَهُ إِلَّا رَجُلًا مُصَلِّيًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِدَ مَرْقَدًا» ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تَتَّخِذُهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا، وَإِنْ كُنْتَ تَنَامُ فِيهِ لِصَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ»

2542 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَعِسُّ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجِدُ فِيهِ سَوَادًا إِلَّا أَخْرَجَهُ إِلَّا رَجُلًا مُصَلِّيًا "

2543 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ لَيْثٍ، -[138]- عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِدَ مَرْقَدًا»

2544 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ خُلَيْدٍ، أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّوْمِ، فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «إِنْ كُنْتَ تَنَامُ لِطَوَافٍ وَصَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ»

2545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْبِلَادِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تَتَّخِذُهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا، وَإِنْ كُنْتَ تَنَامُ فِيهِ لِصَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَكْرَهُ النَّوْمَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَنَامُ فِيهِ إِذَا غُلِبَ، وَقَالَ مَالِكٌ: " أَمَّا الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ يَأْتُونَ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا، وَأَمَّا رَجُلٌ حَاضِرٌ فَلَا أَرَى ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " إِذَا كَانَ رَجُلٌ عَلَى سَفَرٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ، فَأَمَّا أَنْ يَتَّخِذَهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ

ذكر فضل الصلاة في المسجد الحرام أو مسجد المدينة

ذِكْرُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ

2546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهَلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»

ذكر تفضيل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في سائر المساجد

ذِكْرُ تَفْضِيلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ

2547 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي ذَاكَ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي هَذَا»

2548 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ أَلْفُ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِائَةٌ، فَتِلْكَ الْمِائَةُ مِائَةُ أَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ أَلْفٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمِائَةُ أَلْفٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

ذكر إباحة الوضوء في المسجد قال أبو بكر: كل من نحفظ عنه من علماء الناس يبيح الوضوء في المسجد، فممن كان يتوضأ في المسجد الحرام ابن عباس، وابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وطاوس، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وابن جريج

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوُضُوءِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ يُبِيحُ الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ، فَمِمَّنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءُ بْنُ -[140]- أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ

2549 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَعْرَابِيًّا يَتَطَهَّرُ فَوْقَ مَطْهَرَةِ زَمْزَمَ، يَغْسِلُ فَرْجَهُ وَدُبُرَهُ، وَالْمَاءُ يَرْجِعُ فِيهَا، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً قَالَ: تَوَضَّأْ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ»

2550 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»

2551 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ» وَمِمَّنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ، وَبِهِ قَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ لِلْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ يُلَاقِي هَاهُنَا طَاهِرًا، وَلَا يَزِيدُهُ بِذَلِكَ إِلَّا نَظَافَةً غَيْرَ أَنَّا نَكْرَهُ أَنْ يُتَوَضَّأَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّى النَّاسِ؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهَذَا الطُّهُورِ مُسْلِمٌ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَأَذَّى بِنَدَى الْمَاءِ الْمُصَلُّونَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ وُضُوؤُهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا النَّاسُ، وَفَحَصَ الْحَصَا عَنِ -[141]- الْبَطْحَاءِ، كَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، كَانَ يُفْحَصُ لَهُمَا الْحَصَا عَنِ الْبَطْحَاءِ، فَإِذَا تَوَضَّأَ رَدَّ الْحَصَا عَلَى الْبَطْحَاءِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعَ الْمُصَلِّي جَافًّا كَمَا كَانَ قَبْلُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

مسألة واختلفوا في منع الرجل زوجته النصرانية من الكنيسة، فكان مالك يقول: " ليس للرجل المسلم أن يمنع زوجته النصرانية الذهاب إلى كنيستها، ولا أكل الخنزير " وكان الشافعي يقول: " إذا كان للمسلم منع زوجته المسلمة المسجد وهو حق، كان له في النصرانية منع

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْعِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنَ الْكَنِيسَةِ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ الذَّهَابَ إِلَى كَنِيسَتِهَا، وَلَا أَكْلَ الْخِنْزِيرِ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «إِذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ الْمَسْجِدَ وَهُوَ حَقٌّ، كَانَ لَهُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ مَنْعُ إِتْيَانِ الْكَنِيسَةِ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْكَنِيسَةِ»

جماع أبواب صلاة التطوع بالليل

جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ

ذكر تسبيح قيام الليل بعد أن كان واجبا

ذِكْرُ تَسْبِيحِ قِيَامِ اللَّيْلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ وَاجِبًا

2552 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: قُلْتُ يَعْنِي لِعَائِشَةَ: " أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1] ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنِ اللهَ افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، فَأَمْسَكَ اللهُ خَاتِمَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ السُّورَةِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ فَرِيضَةً "

ذكر الخبر الدال على أن الفرض قد ينسخ فيجعل تطوعا، ويجوز أن يجعل التطوع الناسخ فرضا ثانيا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ يُنْسَخُ فَيُجْعَلُ تَطَوُّعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ التَّطَوُّعُ النَّاسِخُ فَرْضًا ثَانِيًا

2553 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَثَارَ رِجَالٌ فَصَلَّوْا مَعَهُ بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ تَحَدَّثوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَاجْتَمَعَ اللَّيْلَةَ الْمُقْبِلَةَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّوْا مَعَهُ بِصَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَتَّى كَادَ الْمَسْجِدُ يَعْجَزُ بِأَهْلِهِ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ حَتَّى سَمِعْتُ نَاسًا يَقُولُونَ: الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجَزُوا عَنْهُ»

ذكر كراهية ترك قيام الليل وإن كان تطوعا

ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا

2554 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَازَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ» ، أَوْ «أُذُنِهِ»

ذكر كراهية ترك صلاة اعتادها المرء بالليل

ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ تَرْكِ صَلَاةٍ اعْتَادَهَا الْمَرْءُ بِاللَّيْلِ

2555 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا دُحَيْمٌ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»

ذكر استحباب قيام الليل؛ لحل عقد الشيطان التي يعقد على النائم فيصبح نشطا طيب النفس

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ لِحَلِّ عُقَدِ الشَّيْطَانِ الَّتِي يَعْقِدُ عَلَى النَّائِمِ فَيُصْبِحُ نَشِطًا طَيِّبَ النَّفْسِ

2556 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَإِنْ ذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِطًا طَيِّبَ -[147]- النَّفْسِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْقَافِيَةُ هِيَ الْقَفَا، فَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ عَلَى قَفَا أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ لِلشَّيْطَانِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِآخِرِ حَرْفٍ مِنْ بَيْتِ الشِّعْرِ قَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْبَيْتِ كُلِّهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقْفُو الْبَيْتَ فَهِيَ قَافِيَةٌ

ذكر التخبير بأن الشيطان يعقد على قافية النساء كعقدة على قافية الرجال، وأن المرأة تحل عن نفسها العقد كما يحله الرجل سواء

ذِكْرُ التَّخْبِيرِ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ النِّسَاءِ كَعَقْدِةٍ عَلَى قَافِيَةِ الرِّجَالِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحُلُّ عَنْ نَفْسِهَا الْعُقَدَ كَمَا يَحُلُّهُ الرَّجُلُ سَوَاءً

2557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَبِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثى إِذَا هُوَ رَقَدَ إِلَّا وَعِنْدَ رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ حُلَّتْ عَنْهُ كُلُّهَا»

ذكر التخبير بأن صلاة الليل أفضل الصلاة بعد المكتوبات

ذِكْرُ التَّخْبِيرِ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَاتِ

2558 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ حُمَيْدٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ»

ذكر الحث على قيام الليل إذ هو دأب الصالحين وقربة إلى الله، وتكفير للسيئات، ومنهاة عن الإثم

ذِكْرُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ إِذْ هُوَ دَأَبُ الصَّالِحِينَ وَقُرْبَةٌ إِلَى اللهِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ

2559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ وَمَطْرَدَةٌ يَرْتَدُّ الدَّاءُ عَنِ الْجَسَدِ»

ذكر استحباب صلاة الليل قاعدا إذا مرض المرء أو كسل

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ قَاعِدًا إِذَا مَرِضَ الْمَرْءُ أَوْ كَسِلَ

2560 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي مُوسَى، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ صَلَّى قَاعِدًا»

ذكر استحباب إيقاظ المرء لقيام الليل

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ إِيقَاظِ الْمَرْءِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ

2561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عِيسَى الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: ثنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[149]- لَيْلَةً فَقَالَ: «أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ إِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ يُؤْلِي يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] الْآيَةَ "

ذكر أقل ما يجزي من القراءة في قيام الليل

ذِكْرُ أَقَلِّ مَا يُجْزِي مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

2562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أنا أَبُو الْخَيْثَمِ، 2563 - وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ كَفَتَاهُ»

ذكر القيام بعشر آيات أو بمائة آية أو بألف آية

ذِكْرُ الْقِيَامِ بِعَشْرِ آيَاتٍ أَوْ بِمِائَةِ آيَةٍ أَوْ بِأَلْفِ آيَةٍ

2564 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا حَرْمَلَةُ، وَيُونُسُ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا سَوِيَّةَ، حَدَّثهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عُجْرَةَ، يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ»

ذكر فضل الصلاة بعد نصف الليل الأول قبل سدس الليل الآخر

ذِكْرُ فَضْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ سُدُسِ اللَّيْلِ الْآخِرِ

2565 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَرْقُدُ شَطْرَ اللَّيْلَ، ثُمَّ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ، ثُمَّ يَرْقُدُ آخِرَهُ» قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ كَانَ يَقُولُ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ

2566 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ الثَّقَفِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ»

ذكر فضل الدعاء في النصف الآخر من الليل

ذِكْرُ فَضْلِ الدُّعَاءِ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ مِنَ اللَّيْلِ

2567 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّبُّ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَمَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغَفْرَ لَهُ؟، أَمَا مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟، أَمَا مِنْ تَائِبٍ فَيُتَابَ عَلَيْهِ؟، أَمَا مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ؟»

2568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا -[151]- مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْأَغَرُّ، صَاحِبُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُو فَاسْتُجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُ فَأَغْفِرَ لَهُ؟، مَنْ يُنِيبُ إِلَيَّ فَأُعْطِيَهُ "

ذكر فضل إيقاظ الرجل امرأته، والمرأة زوجها لقيام الليل

ذِكْرُ فَضْلِ إِيقَاظِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةِ زَوْجَهَا لَقِيَامِ اللَّيْلِ

2569 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ»

ذكر التسوك لقيام الليل

ذِكْرُ التَّسَوُّكِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ

2570 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ

ذكر افتتاح صلاة الليل ركعتين ركعتين

ذِكْرُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ

2571 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَسْتَفْتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ»

ذكر التحميد، والثناء على الله عند افتتاح الصلاة بالليل

ذِكْرُ التَّحْمِيدِ، وَالثنَاءِ عَلَى اللهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ

2572 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَقِيبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، لِقَاؤُكَ حق، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»

ذكر الخبر الذي احتج به من قال: إن هذا الدعاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به بعدما يفتتح صلاته بالليل

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ بَعْدَمَا يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ

2573 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ -[153]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ قَالَ بَعْدَمَا يُكَبِّرُ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»

ذكر استحباب مسألة الله عز وجل الهداية لما اختلف فيه من الحق عند افتتاح صلاة الليل

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ مَسْأَلَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْهِدَايَةَ لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ عِنْدَ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ

2574 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: «اللهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»

ذكر فضل طول القيام في الصلاة

ذِكْرُ فَضْلِ طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ

2575 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سُوءٍ قَالَ: " وَمَا هَمَمْتَ؟، قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَدَعَهُ

2576 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ»

ذكر الجهر بالقراءة في صلاة الليل

ذِكْرُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

2577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمْلِي الْمُصْحَفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَفَزِعَ عُمَرُ فَقَالَ: وَيْحَكَ انْظُرْ مَا تَقُولُ، وَغَضِبَ حَتَّى ارْتَفَعَ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ: وَيْحَكَ انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ إِلَّا بِالْحَقِّ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟، قَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ، إِنَّا سِرْنَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِ مَا يَكُونُ مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجْنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، إِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ فَقَامَ يَسْتَمِعُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَعِبْتَ؟، قَالَ: فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ اسْكُتْ قَالَ: فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَجَلَسَ يَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ تُعْطَهْ» ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَسُرُّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ كَمَا قَرَأَهُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» ، قَالَ: فَعَلِمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ فَقَالَ: قَدْ سَبَقَكَ أَبُو بَكْرٍ، وَمَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي "

2578 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، قَالَ: نَزَلْتُ أَنَا وَمُجَاهِدٌ، عَلَى يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ ابْنِ أُمِّ هَانِئٍ، فَحَدَّثنَا عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: كُنَّا نَسْمَعُ قَرَأَةَ رَسُولِ -[155]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَأَنَا عَلَى عَرِيشِي

ذكر الترتيل بالقراءة في صلاة الليل

ذِكْرُ التَّرْتِيلِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

2579 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ قَرَأْتَهُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

2580 - وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ قِرَاءَةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَاتِهِ قَالَ: وَنَعَتَتْ لَهُ قَرْأَتَهُ، فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسِّرَةً حَرْفًا حَرْفًا "

ذكر الجهر ببعض القراءة والمخافتة ببعض

ذِكْرُ الْجَهْرِ بِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُخَافَتَةِ بِبَعْضٍ

2581 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَخْفِضُ طَوْرًا وَدَفَعَ طَوْرًا "

2582 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ:، سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَيُسِرُّ الْقِرَاءَةَ أَمْ يَجْهَرُ؟، فَقَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا أَسَرَّ وَرُبَّمَا جَهَرَ قَالَ: قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً "

ذكر صفة الجهر بالقراءة في صلاة الليل، واستحباب ترك رفع الصوت الشديد بها

ذِكْرُ صِفَةِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَاسْتِحْبَابِ تَرْكِ رَفْعِ الصَّوْتِ الشَّدِيدِ بِهَا

2583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ يَخْفِضُ صَوْتَهُ، وَمَرَّ بِعُمَرَ وَهُوَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَخْفِضُ صَوْتَكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ أُنَاجِي، وَقَالَ لِعُمَرَ: «مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأُرْضِي اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «ارْفَعْ شَيْئًا،» وَقَالَ لِعُمَرَ: «اخْفِضْ شَيْئًا»

ذكر ترك الجهر إذا تأذى بالجهر بعض المسلمين

ذِكْرُ تَرْكِ الْجَهْرِ إِذَا تَأَذَّى بِالْجَهْرِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ

2584 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي -[157]- الْمَسْجِدِ فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَكَشَفَ السُّتُورَ وَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ، وَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ» ، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ»

ذكر قراءة بني إسرائيل، والمزمل في كل ليلة

ذِكْرُ قِرَاءَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْمُزَّمِّلِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ

2585 - حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ، قَالَ ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ أَبُو لُبَابَةَ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْمُزَّمِّلِ "

ذكر عدد صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل

ذِكْرُ عَدَدِ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ

2586 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً

2587 - وَقَالَ بُنْدَارٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً

2588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[158]- بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً

ذكر خبر ثان يحسب بعض الناس أنه خلاف الخبر الأول

ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يَحْسَبُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ خِلَافُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ

2589 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟، فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا يُسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا يُسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟، فَقَالَ: «إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»

ذكر خبر ثالث ظاهره خلاف الخبرين الأولين، وهي إذا تدبرتها كلها متفقة قال أبو بكر: أما الخبر الثالث فإنهم

ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ ظَاهِرُهُ خِلَافُ الْخَبَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَهِيَ إِذَا تَدَبَّرْتَهَا كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الْخَبَرُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُمْ

2590 - يُحَدِّثونَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ "، فَتَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ حُدِّثَ بِهِ

2591 - عَنْ مُؤَمَّلِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا -[159]- عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُبِضَ حِينَ قُبِضَ وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ، آخِرُ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ الْوِتْرُ، ثُمَّ رُبَّمَا جَاءَ إِلَى فِرَاشِهِ هَذَا فَيَأْتِيهِ بِلَالٌ فَيُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ " وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَكْثَرَ مِمَّا يُصَلِّي فِي بَعْضٍ، فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ غَيْرِهِنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً مِمَّا تُثبِتُهُ الْأَخْبَارُ، فَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَجَائِزٌ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ أَيَّ عَدَدٍ مِنَ الصَّلَاةِ أَحَبَّ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ، إِذِ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ

ذكر قضاء صلاة الليل بالنهار إذا فاتت لمرض أو شغل أو نوم

ذِكْرُ قَضَاءِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ إِذَا فَاتَتْ لِمَرَضٍ أَوْ شُغُلٍ أَوْ نَوْمٍ

2592 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ إِذَا غَلَبَهُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً»

ذكر الوقت من النهار الذي يكون فيه المرء مدركا ما فاته من صلاة الليل إذا صلى في ذلك الوقت من النهار أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أن ابن وهب أخبرهم، قال:. . . . . قاصدا ثلاث مرات، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه "

ذِكْرُ الْوَقْتِ مِنَ النَّهَارِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَرْءُ مُدْرِكًا مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِذَا صَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ النَّهَارِ 2593 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ:

ذكر من نوى قيام الليل فيغلبه عينه عن القيام

أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابن شهاب أن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أخبراه أن عبد الرحمن بن عبد القاري قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من نام عن حزبه أو شيء منه فقرأ فيما بين الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل. ذكر من نوى قيام الليل فيغلبه عينه عن القيام 2594 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: ثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضي أن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ما من امرئ يكون له صلاة بليل يغلبه عنها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة. 2595 - وحدثنا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الثوري عن عبدة بن أبى لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء عن أبي ذر قال: ما من رجل يريد أن يقوم ساعة من الليل فيغلبه عينه عنها، إلا كتب الله له أجرها، وكان نومه صدقة تصدق الله بها عليه. ذكر النهي عن أن تخص ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي 2596 - من حديث حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن ابن سيرين عَنْ

ذكر الأمر بالاقتصاد في الأعمال وترك الحمل على النفس ما لا تطيقه من الأعمال

أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، ولا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي. ذكر الأمر بالاقتصاد في الأعمال وترك الحمل على النفس ما لا تطيقه من الأعمال أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: 2597 - أَخْبَرَنَا أبو ضمرة أنس بن عياض عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبيه أن عائشة كانت عندها امرأة من بني أسد، فدخل عليها النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: من هذه؟ قلت: هذه فلانة لا تنام الليل قال: تذكر من صلاتها، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل حتى تملوا قال: وقالت: وكان أحب الدين إليه ما يدوم عليه صاحبه. 2598 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى صلاة أحب أن يدوم عليها، ولا أعلم نبي الله قرأ القرآن في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير شهر رمضان. 2599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا عيينة بن عبد الرحمن بن حوشن عن أبيه عن يزيد الأسلمي قالا: خرجت ذات يوم لحاجة، فإذا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشى بين يدي، فلحقته فأخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا نحن بين أيدينا رجل يصلي يكثر الركوع والسجود، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتراه يرأي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فترك يدي من يده، فطبق بين يديه، ثم جعل يرفعهما ويضربهما، عليكم هديا

قَاصِدًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبُهُ "

2600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَقَالُوا: حَبْلٌ لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ: «حُلُّوهُ» ثُمَّ قَالَ: لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ فَلْيُمْسِكْ "

ذكر استحباب الصلاة وطول القيام فيها شكرا لنعم الله

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ وَطُولِ الْقِيَامِ فِيهَا شُكْرًا لِنِعَمِ اللهِ

2601 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»

2602 - حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو زَيْدٍ، صَاحِبُ الْهَوْذِيِّ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[163]- يُصَلِّي حَتَّى تَوَّرَمَ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»

كتاب الوتر

كِتَابُ الْوِتْرِ

ذكر الأخبار الدالة على أن الوتر ليس بفرض

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ

2603 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»

2604 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «فُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ، ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِينَ»

2605 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَمَا لَمْ نَذْكُرْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ وَسَائِرَهُنَّ تَطَوَّعٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرِ النُّعْمَانِ فَإِنَّهُ خَالَفَهُمْ، وَزَعَمَ أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ -[168]- لِلْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَالِمِهِمْ وَجَاهِلِهِمْ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَى مَا قَالَ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا كَقَوْلِ سَائِرِ النَّاسِ

ذكر خبر غير الأخبار التي ذكرناها يدل على أن الوتر ليس بفرض

ذِكْرُ خَبَرٍ غَيْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ

2606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَأَوْتَرَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْقَابِلَةُ جِئْنَا الْمَسْجِدَ رَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا، فَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ حَتَّى أَصْبَحْنَا، ثُمَّ دَخَلْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ رَجَوْنَا أَنْ تُصَلِّيَ بِنَا، قَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَوْ كَرِهْتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ» يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَقِيَامَ اللَّيْلِ غَيْرُ مَكْتُوبٍ فَرْضُهُ عَلَى النَّاسِ

ذكر الترغيب في الوتر واستحبابه إذ الله جل ثناؤه يحبه

ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي الْوِتْرِ وَاسْتِحْبَابِهِ إِذِ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّهُ

2607 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»

2608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا جَابِرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ»

ذكر وقت الوتر

ذِكْرُ وَقْتِ الْوِتْرِ

2609 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَارِجَةَ هُوَ ابْنُ حُذَافَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصُّبْحِ فَقَالَ: لَقَدْ سَاقَ اللهُ إِلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ صَلَاةً لَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ فَسَأَلُوهُ، فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالَ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ

ذكر إباحة الوتر أول الليل، أو وسطه، أو آخره إن أحب المصلي، أو الليل كله بعد العشاء إلى طلوع الفجر وقت الوتر

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوِتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ، أَوْ وَسَطَهُ، أَوْ آخِرَهُ إِنْ أَحَبَّ الْمُصَلِّي، أَوِ اللَّيْلُ كُلُّهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتُ الْوِتْرِ

2610 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ»

2611 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو يَعْفُورَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّهَرِ»

2612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّهَرِ "

ذكر الأمر بالوتر من آخر الليل

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْوِتْرِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ

2613 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَاجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِكَ وِتْرًا»

ذكر الوصية بالوتر قبل النوم

ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ

2614 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، مَوْلَى حُوَيْطِبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «أَوْصَانِي حِبِّي بِثَلَاثٍ، وَلَا أَتْرُكُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ أَبَدًا، صَلَاةِ الضُّحَى، وَالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامِ ثَلَاثِةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»

2615 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «ثَلَاثٌ أَوْصَانِي بِهِنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ أَنَامَ عَلَى وِتْرٍ»

ذكر الأخبار الدالة على أن ما ذكرناه من الأمر والوصية بالوتر ليس بأمر قوي إنما أمر به للوثيقة والحزم خوف ألا يستيقظ المرء للوتر

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَمْرِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْوِتْرِ لَيْسَ بِأَمْرٍ قَوِيٍّ إِنَّمَا أُمِرَ بِهِ لِلْوَثيقَةِ وَالْحَزْمِ خَوْفَ أَلَّا يَسْتَيْقِظَ الْمَرْءُ لِلْوِتْرِ

2616 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَتَى تُوتِرُ؟» ، قَالَ: أُوتِرُ ثُمَّ أَنَامُ قَالَ: «بِالْحَزْمِ أَخَذْتَ» ، وَسَأَلَ عُمَرَ: «مَتَى تُوتِرُ؟» قَالَ: أَنَامُ ثُمَّ أَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَأُوتِرُ، قَالَ: «بِفِعْلِ الْقَوِيِّ فَعَلْتَ»

2617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: تَذَاكَرَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ الْوِتْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَإِذَا اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ، وَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخَذْتَ بِالْحَذَرِ» ، وَقَالَ لِعُمَرَ: «أَخَذْتَ بِالْقُوَّةِ»

2618 - وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ لِيَرْقُدْ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ قَوْلُهُ: «وَذَلِكَ أَفْضَلُ» عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ فِي آخِرِ -[172]- اللَّيْلِ أَفْضَلُ 0 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يُوتِرَ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو لَمَّا أَسَنَّ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: الْأَكْيَاسُ الَّذِينَ إَِذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ أَوْتَرُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنَامُوا، وَإِنَّ الْأَقْوِيَاءَ الَّذِينَ يُوتِرُونَ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُوَ أَفْضَلُ

2619 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ ثُمَّ أَنَامُ، فَإِذَا قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ ضَمَمْتُ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى فَمَا أَشْبَهَهَا إِلَّا قَلُوصٌ نَادِرَةٌ أَضُمُّهَا إِلَى الْإِبِلِ "

2620 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: " أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ، ثُمَّ أَنَامُ فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَرَكْتُ وِتْرِي كَمَا هُوَ

2621 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: «كُنْتُ أُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَسْنَنْتُ أَوْتَرْتُ، ثُمَّ نِمْتُ»

2622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: " إِنَّ الْأَكْيَاسَ الَّذِينَ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ أَوْتَرُوا قَبْلَ أَنْ يَنَامُوا، وَإِنَّ الْأَقْوِيَاءَ الَّذِينَ يُوتِرُونَ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُوَ أَفْضَلُ

2623 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ؛ وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ يُوتِرُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنَامُ عَلَى شَفْعٍ، ثُمَّ يُوتِرُ مِنَ السَّحَرِ» وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ لَمَّا نَظَرَ إِلَى تَبَاشِيرِ الْفَجْرِ قَالَ: " نِعْمَ سَاعَةُ الْوِتْرِ هَذِهِ، وَكَانَ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو يُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَسَنَّ أَوْتَرَ ثُمَّ نَامَ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ الْوِتْرَ آخِرَ اللَّيْلِ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ تَذَاكَرَا الْوِتْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَنَامُ عَلَى وِتْرٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا حَتَّى الصَّبَّاحِ، وَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أنَا أَنَامُ عَلَى شَفْعٍ، ثُمَّ أُوتِرُ مِنَ السَّحَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «حَذَرٌ هَذَا» ، وَقَالَ لِعُمَرَ: «قَوِيُّ هَذَا»

2625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ أَنَّ عَلِيًّا حِينَ نَظَرَ إِلَى تَبَاشِيرِ الْفَجْرِ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْوِتْرِ؟ نِعْمَ سَاعَةُ الْوِتْرِ هَذِهِ "

2626 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ حِينَ ثَوَّبَ ابْنُ النَّيَّاحِ فَقَالَ: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18] الْآيَةَ، نِعْمَ سَاعَةُ الْوِتْرِ هَذِهِ، أَيْنَ -[174]- السَّائِلُونَ عَنِ الْوِتْرِ؟

2627 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: «كُنْتُ أُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَسْنَنْتُ أَوْتَرْتُ ثُمَّ نِمْتُ»

2628 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ لَيْلَةً فَصَلَّى لَيْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا قَدْرُ مَا بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا أَوْتَرَ " وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنْ الْوِتْرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: ثَلَاثٌ أَوْصَانِي بِهِنَّ أَنْ أَنَامَ عَلَى وِتْرٍ، فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ طَمِعَ فِي أَنْ يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ» دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ: ثَلَاثٌ أَوْصَانِي بِهِنَّ الْوِتْرُ قَبْلَ النَّوْمِ، إِنَّمَا هُنَّ عَلَى مَعْنَى الْحَذَرِ وَالْوَثيِقَةِ تَخَوُّفًا أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ فَيُوتِرَ آخِرَ اللَّيْلِ "

2629 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»

ذكر الأخبار المثبتة على أن الوتر ركعة من آخر الليل

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُثبِتَةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ

2630 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةٌ»

2631 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ»

2632 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ "

ذكر الوتر بخمس ركعات لا يجلس إلا في آخرهن

ذِكْرُ الْوِتْرِ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ

2633 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ صَلَاتُهُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ بِخَمْسٍ، وَلَا يُسَلِّمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ، حَتَّى يَجْلِسَ فِي الْآخِرَةِ فَيُسَلِّمَ "

2634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَائِشَةَ، حَدَّثتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقُدُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ تَسَوَّكَ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يَجْلِسُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ وَلَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي الْخَامِسَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي الْخَامِسَةِ "

ذكر إباحة الوتر بسبع ركعات، أو بتسع، وصفة الجلوس إذا أوتر بسبع أو بتسع

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوِتْرِ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، أَوْ بِتِسْعٍ، وَصِفَةِ الْجُلُوسِ إِذَا أَوْتَرَ بِسَبْعٍ أَوْ بِتِسْعٍ

2635 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، كَانَ جَارًا لَهُ، فَأَخْبَرَهُ " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبِيعَ عَقَارًا لَهُ، وَمَالًا فَيَجْعَلُهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، ثُمَّ يُجَاهِدُ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَقِيَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا مِنْهُمْ سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» فَلَمَّا حَدَّثوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَخْبَرَنَا أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُنْبِئُكَ، أَوْ أَلَا أَدُلُّكَ بِأَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: مَنْ؟، قَالَ: عَائِشَةُ فَأْتِهَا فَاسْأَلْهَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ، قَالَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ: فَأَتَيْتُ حَكِيمَ بْنَ أَفْلَحَ فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارٍ بِهَا، إِنِّي نَهَيْتُهَا عَنْ أَنْ تَقُولَ فِيمَا بَيْنَ الشِّيعَتَيْنِ شَيْئًا، فَأَبَتْ إِلَّا مُضِيًّا فِيهِمَا، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ مَعِي فَسَلَّمْنَا عَلَيْهَا، فَدَخَلْنَا فَعَرَفَتْهُ فَقَالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: وَمَنْ هَذَا مَعَكَ؟، قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟، قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ، قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ عَامِرًا، أُصِيبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «كُنَّا نَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطُهُورَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَبْعَثهُ اللهُ لِمَا شَاءَ، أَنْ يَبْعَثهُ فَيَتَسَوَّكَ وَيَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ، وَيَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَقْعُدُ -[177]- فِيهَا وَيَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا وَيُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ بَعْدَمَا سَلَّمَ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ، فَتِلْكَ تِسْعٌ أَيْ بُنَيَّ»

2636 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ وَهُوَ قَائِمٌ فَلَمَّا أَنْ بَدَّنَ وَكَبِرَ لَحْمُهُ، أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَكَانَ يَقْرَأُ بِالْوَاقِعَةِ، وَالرَّحْمَنِ " قَالَ ثَابِتٌ: «وَنَحْنُ نَقْرَأُ السُّوَرَ الصِّغَارَ» قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوِتْرِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ، وَيَقُولُ: كَانَ ذَلِكَ وِتْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى الْوِتْرَ رَكْعَةً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مُعَاذٌ الْقَارِّيُّ وَمَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ

2637 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ التَّيْمِيَّ عَنْ صَلَاةِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَنْ صَلَاةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ نَعَمْ، قُلْتُ: لَأَغْلِبَنَّ اللَّيْلَةَ النَّفْرَ عَلَى الْحِجْرِ يُرِيدُ الْمَقَامَ، قَالَ: فَلَمَّا قُمْتُ إِذَا رَجُلٌ يَزْحَمُنِي مُتَقَنِّعًا قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ فَصَلَّى، فَإِذَا هُوَ يَسْجُدُ سُجُودَ الْقُرْآنِ، حَتَّى إِذَا قُلْتُ هَذَا هُوَ أَذَانُ الْفَجْرِ، أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَ "

2638 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُرَحْبِيلَ يَقُولُ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا "

2639 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «كُنَّا نَقُومُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَؤُمُّنَا مُعَاذٌ الْقَارِيُّ، فَكَانَ يُسَلِّمُ رَافِعًا صَوْتَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُوتِرُ بِوَاحِدٍ، وَكَانَ يَقُومُ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ»

2640 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ»

2641 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، -[179]- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ "

2642 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، وَاللهِ مَا أَوْتَرَ إِلَّا بِرَكْعَةٍ؟ قَالَ: أَصَابَ إِنَّهُ فَقِيهٌ "

2643 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا "

2644 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، وَمُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَإِذَا رَأَى السَّمَاءَ قَالَ: «مَا أَظُنُّ الْفَجْرَ إِلَّا قَدْ حَضَرَ فَأَوَتَرَ بِرَكْعَةٍ»

2645 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا سَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أُمِّ شَبِيبٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتِ الصَّرْخَةَ فَأَوْتِرِي بِرَكْعَةٍ»

2646 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ قَالَا: ثنا قزعة بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَمَّنْ تَأْخُذُ هَذِهِ الرَّكْعَةَ؟ قَالَ: «أَخَذْتُهَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ» وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، -[180]- وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا، وَالْأَوْزَاعِيَّ، وَالشَّافِعِيَّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ رَأَوْا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ، ثُمَّ يُوتِرَ رَكْعَةً وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُوتِرُ بِثَلَاثٍ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

2647 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: " صَلَّى بِنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ذَاتَ يَوْمٍ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ تَجَوَّزَ بَعْدَهَا بِرَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ ثَابِتٌ: أَلَا يُوتِرُ؟ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُرِيَنِي وِتْرَهُ، قَالَ: «فَأَوْتَرَ بِثَلَاثٍ كَأَنَّهُنَّ الْمَغْرِبُ»

2648 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ "

2649 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَفَّانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْوِتْرُ بِثَلَاثٍ كَوِتْرِ النَّهَارِ -[181]- الْمَغْرِبِ "

2650 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ وَفَرَغَ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ صَلَّى صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةَ أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَأَوْتَرَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»

2651 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حِطَّانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «الْوِتْرُ ثَلَاثَةٌ»

2652 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَعْنِي يُوتِرُ بِثَلَاثٍ "

2653 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ قَالَ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ سُفْيَانُ: «أَعْجَبُ إِلَيَّ ثَلَاثٌ، -[182]- وَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الْوِتْرَ بِثَلَاثٍ، وَخَمْسٍ، وَسَبْعٍ، وَتِسْعٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ» قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِسَبْعٍ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ خَمْسٌ، أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ يُوتِرُ بِمَا شَاءَ» ، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: «ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ» ، وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «الْوِتْرُ سَبْعٌ، وَخَمْسٌ، وَالثَّلَاثُ بَتْرَاءُ» ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَّيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ» ، وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ «كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يَنْصَرِفُ فِيهَا»

2654 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إِلَّا أَنْ يُومِئَ إِيمَاءً فَلْيَفْعَلْ»

2655 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: وَفَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ: فَشَهِدَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ الْعِشَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مُعَاوِيَةُ رَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا قَالَ: فَجِئْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا أُضْحِكُكَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، قَالَ: «أَصَابَ أَيْ بُنَيَّ، لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ، أَوْ خَمْسٌ، أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، يُوتِرُ بِمَا شَاءَ»

2656 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: قِيلَ لِسَعْدٍ: إِنَّكَ تُوتِرُ بَرَكْعَةٍ، قَالَ: «نَعَمْ أُخَفِّفُ عَلَى نَفْسِي، ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ»

2657 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ يَمُرُّ بِنَا رَجُلًا رَجُلًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيَّ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: «خَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ» قَالَ حَمَّادٌ: وَأَظُنُّهُ قَالَ: «وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ»

2658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعْيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «الْوِتْرُ سَبْعٌ وَخَمْسٌ، وَالثَّلَاثُ بَتْرَاءُ»

2659 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نَعَامَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا صَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ يَمُرُّ بِنَا، فَأَتَى عَلَيَّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي عَنِ الْوِتْرِ، قَالَ: «ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ»

2660 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابِيٍّ الْمَكِّيِّ قَالَ: جِئْتُ أَنَا وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَبْدَ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِعَرَفَةَ، وَقَدْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي الْحِلِّ وَفُسْطَاطًا فِي الْحَرَمِ فَقُلْنَا لَهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا الَّذِي فِي الْحَرَمِ فَأُصَلِّي فِيهِ، فَإِذَا جِئْتُ أَهْلِي فَفِي الْحِلِّ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ تُوتِرُ؟، قَالَ: -[184]- قَالَ: مَا أَعْجَبُ إِلَيَّ السَّبْعُ، سَبْعُ سَمَاوَاتٍ، وَسَبْعُ أَرَضِينَ، وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ، وَالطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ سَبْعٌ، وَسَبْعُ حَصَيَاتٍ "

2661 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ، لَا يَنْصَرِفُ فِيهَا» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: «الْوِتْرُ ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ» ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: «الْوِتْرُ ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ» ، وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: «إِنْ شِئْتَ أَوْتَرْتَ بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِثَلَاثٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِخَمْسٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِسَبْعٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِتِسْعٍ، وَلَا يُسَلَّمُ إِلَّا فِي إِحْدَاهُنَّ إِذَا فَرَّقْتَهُ، وَإِنْ أَوْتَرْتَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ تُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَفْرِدِ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ»

2662 - حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ تَشَبَّهُوا بِالْمَغْرِبِ، وَلَكِنْ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ بِسَبْعٍ، أَوْ بِتِسْعٍ، أَوْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ كَأَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جِمَاعِةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -[185]- لَمَّا قِيلَ لَهُ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ فَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: «أَصَابَ إِنَّهُ فَقِيهٌ» ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى هَذَا جَائِزًا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي نُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَا قُضِيَ لَهُ مِنَ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَإِنْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ جَازَ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ

ذكر الفصل بين الشفع والوتر اختلف أهل العلم في الفصل بين الشفع والوتر فرأت طائفة أن يفصل بينهما، وممن فعل ذلك ابن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته، وكان معاذ بن أبي حليمة القاري يسلم من الثنتين في الوتر، وبه قال عبد الله

ذِكْرُ الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ، وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ أَبِي حَلِيمَةَ الْقَارِّيُّ يُسَلِّمُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْوِتْرِ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، -[186]- وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ

2663 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ " وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُفْصَلُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ بِسَلَامٍ، وَلَا يَكُونُ الْوِتْرُ رَكْعَةً» ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «الْوِتْرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْوَاحِدُ الْمُفْرَدُ، وَالشَّفْعُ هُوَ الشَّيْءُ الْمُجْتَمِعُ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ " فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: إِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ «وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ» فِيمَنْ نَسِيَ أَنْ يُسَلِّمَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَيْنَ الْوِتْرِ حَتَّى اسْتَوَى قَائِمًا لِلثالِثةِ وَهُوَ مِمَّنْ يَغْفُلُ قَالَ: إِنْ ذَكَرَ قَبِلَ أَنْ يَرْكَعَ جَلَسَ ثُمَّ سَلَّمَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَرْكَعَ فَلْيَمْضِ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي مَا لَا يَسْتَطِيعُ قَضَاءَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ "، ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ " فِي الْإِمَامِ الَّذِي يُوتِرُ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ: أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَهُ بِصَلَاتِهِ، وَلَا يُخَالِفَهُ " وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: «لَا يُخَالِفُهُ إِنْ سَلَّمَ فَيُسَلِّمْ وَإِلَّا فَلَا يُسَلِّمُ» ، قَالَ مَالِكٌ: «وَلَقَدْ كُنْتُ أَنَا أُصَلِّي مَعَهُمْ مَرَّةً، فَإِذَا كَانَ الْوِتْرُ انْصَرَفْتُ وَلَمْ أُوتِرْ مَعَهُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُوتِرُ مَعَهُمْ وَلَا أُخَالِفُهُمْ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَنْصَرِفَ، وَلَا أُوتِرَ مَعَهُمْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ

2664 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: " صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ سَبْعٌ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوُ ثُلُثِ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا الرَّابِعَةَ وَقَامَ الْخَامِسَةَ حَتَّى بَقِيَ نَحْوٌ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ تُصَلِّينَا بِقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَتْ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ» ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ فِي السَّابِعَةِ ذَهَبَ إِلَى نِسَائِهِ وَأَهْلِهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: «السَّحُورُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَوْلِهِ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَتْ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ، مَعَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ، وَيَدُلُّ عَلَى تَرْكِ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ إِنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، وَلِقَوْلِهِ «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، فَنَحْنُ وَإِنْ كُنَّا نَرَى الْوِتْرَ رَكْعَةً، فَقَدْ قَالَ غَيْرُنَا: يُوتِرُ بِثَلَاثٍ، وَلَيْسَ يَسْبِقُ إِذَا فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ أَنْ يُتْبِعَ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْتُ مِنَ الِانْصِرَافِ قِبْلَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ، لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ، وَأَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِتِسْعٍ لَا يَقْعُدُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثامِنَةِ، ثُمَّ قَعَدَ فِي التَّاسِعَةِ، فَبِأَيِّ فِعْلٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ أَفْعَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوِتْرِ -[188]- فَعَلَهُ رَجُلٌ فَقَدْ أَصَابَ السُّنَّةَ غَيْرَ أَنَّ الْأَكْثَرَ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْأَعَمَّ مِنْهَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» ، وَإِنْ شَاءَ الْمُصَلِّي صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَأْتِي بِالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَيَقْرَأُ فِيهَا قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ

2665 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثهُمْ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْحُجْرَةِ وَأَنَا فِي الْبَيْتِ، وَكَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِكَلَامٍ يُسْمِعُنَا»

2666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعِيسِيُّ، قَالَ: ثنا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ حِبَّانَ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوِتْرُ حَقٌّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ»

ذكر الأمر بمبادرة طلوع الفجر بالوتر إذ الوتر وقته الليل لا النهار

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمُبَادَرَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِالْوِتْرِ إِذِ الْوِتْرُ وَقْتُهُ اللَّيْلُ لَا النَّهَارُ

2667 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ» -[189]- وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ»

2668 - حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ السِّنْدِيِّ، قَالَ: ثنا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ»

2669 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا»

2670 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: «أَوْتِرْ قَبْلَ الْفَجْرِ»

ذكر النائم عن الوتر، أو الناسي له يصبح قبل أن يوتر

ذِكْرُ النَّائِمِ عَنِ الْوِتْرِ، أَوِ النَّاسِي لَهُ يُصْبِحُ قَبْلَ أَنْ يُوتِرَ

2671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " مَنْ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَالْوِتْرُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ الْفَجْرِ»

2672 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ، فَأَوْتِرُوا قَبْلَ الْفَجْرِ»

ذكر اختلاف أهل العلم في قضاء الوتر بعد طلوع الفجر أجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر واختلفوا فيمن لم يوتر حتى طلع الفجر فقالت طائفة: إذا طلع الفجر فقد فات الوتر، كذلك قال عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَضَاءِ الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتٌ لِلْوِتْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يُوتِرْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ فَاتَ الْوِتْرُ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ مَكْحُولٌ: «مَنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ عَلَيْهِ» وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ»

2673 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ، لَمْ يُوتِرْ حَتَّى فُجِرَ الْفَجْرُ، قَالَ: قَدْ فَاتَهُ الْوِتْرُ فَلَا يُوتِرْ، فَقِيلَ لَهُ: أَعِلْمٌ أَمْ رَأْيٌ؟ فَحَدَّثَ حِينَئِذٍ عَنْ سُلَيْمَانَ، أَوْ مِينَاءَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إِنَّمَا هُمَا رَكْعَتَانِ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا صَلَاةَ إِلَّا الرَّكْعَتَانِ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ الْوِتْرَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ. -[191]- رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ» ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا وِتْرَ بَعْدَ الْأَذَانِ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَقَالَ: لَقَدْ أَغْرَقَ فِي النَّزْعِ، وَأَفْرَطَ فِي الْفُتْيَا، الْوِتْرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَوْتَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَوْتَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ

2674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: " لَا وِتْرَ بَعْدَ الْأَذَانِ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: لَقَدْ أَغْرَقَ فِي النَّزْعِ وَأَفْرَطَ فِي الْفُتْيَا، الْوِتْرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ "

2675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي -[192]- الشَّعْثَاءِ، وَأَبِي حُصَيْنٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ»

2676 - وَحَدَّثنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ لَاحِقٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَوْمًا مَا أَوْتَرْتُ حَتَّى أَصْبَحْتُ

2677 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْتَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

2678 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ: " انْظُرْ مَا صَنَعَ النَّاسُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَئِذٍ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَذَهَبَ الْخَادِمُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَدِ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الصُّبْحِ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَأَوْتَرَ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ "

2679 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثتْنَا أُمُّ شَبِيبٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إِنِّي لَأُوتِرُ، وَأَنَا أَسْمَعُ الصَّرْخَةَ»

2680 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ هُبَيْرَةَ الشَّيْبَانِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلٌ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُؤَذِّنُ ذَهَبَ يُقِيمُ فَكَفَّهُ عُبَادَةُ ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ فَأَقَامَ "

2681 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: «لَإِنِّي لَأُوتِرُ وَقَدْ صَفَّ النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ»

2682 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا أَوْتَرَ إِلَّا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَا يُؤَذِّنُونَ حَتَّى يُصْبِحُوا» وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ يَقُولُونَ: «يُوتِرُ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ» ، وَحُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ أَوْتَرْتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بَأْسَ» ، وَهَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ: «إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ فَلَا يُوتِرْ» ، وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: «إِنَّ أَكْثَرَ وِتْرِنَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: «وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ صَلَّى الصُّبْحَ» ، كَذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ سُفْيَانُ: «اقْضِ الْوِتْرَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ» ، -[194]- قَالَ أَحْمَدُ: لَا، وَقَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: «إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ وَلَمْ يُوتِرْ، ثُمَّ ذَكَرَ الْوِتْرَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْوِتْرِ» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَفِيمَنْ فَاتَهُ الْوِتْرُ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: «يُوتِرُ مِنَ الْقَابِلَةِ» وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْصَرِفُ فَيُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ: مَالِكٌ: «إِذَا نَسِيَ وِتْرَ لَيْلَتِهِ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَطَعَ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ إِنْ كَانَ خَلْفَ إِمَامٍ، وَإِنْ كَانَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ» -[195]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ وَعَلَيْهِ الْوِتْرُ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، بَلْ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ فَرْضٍ هُوَ فِيهِ إِلَى تَطَوُّعٍ لَا يُجِبُ عَلَيْهِ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْ يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: «صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَيُوتِرُ إِنْ شَاءَ» . وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ الْعِشَاءَ فَأَوْتَرَ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ» ، كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ. وَقَالَ مَالِكٌ: «يُعِيدُ الْوِتْرَ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ «أَنَّهُ يُعِيدُ الْوِتْرَ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَيَّامٍ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا نَسِيَ الْعِشَاءَ فَصَلَّى الْوِتْرَ، ثُمَّ ذَكَرَ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَأَعَادَ الْوِتْرَ اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ أَنَّ الْوِتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ

ذكر خبر روي يحسب بعض الناس أن وتر النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات كان بعد الفجر

ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ يَحْسَبُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ وِتْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ

2683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: ثنا عتبة بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَ الْعَبَّاسَ ذُودًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَعَثنِي إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَسَّدْتُ الْوِسَادَةَ الَّتِي تَوَسَّدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ غَيْرَ كَبِيرٍ أَوْ غَيْرَ كَثِيرٍ، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، وَقَلَّ إِهْرَاقُهُ الْمَاءَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَجَعَلَ يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ حَائِضًا، فَقَامَتْ فَتَوَضَّأَتَ، ثُمَّ قَعَدَتْ خَلْفَهُ تَذْكُرُ اللهَ، فَقَالَ لَهَا: «أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ؟» قَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي -[196]- يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِي شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «فَوَالَّذِي بَعَثنِي بِالْحَقِّ، وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللهَ أَعَانِنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» ، فَلَمَّا أَبْصَرَ الْفَجْرَ قَامَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، حَتَّى أَتَاهُ بِلَالٌ فَأَذِنَهُ بِالصَّلَاةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ وِتْرَهُ هَذَا إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ

2684 - وَحُدِّثَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " انْطَلَقْتُ إِلَى خَالَتِي، وَذَكَرْتُ بَعْضَ الْحَدِيثِ، قَالَ: فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ الْأَوَّلُ قَامَ فَصَلَّى تِسْعَ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ وَهِيَ التَّاسِعَةُ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ جِدًّا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ جَنْبَهُ فَنَامَ، ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ "

ذكر نقض الوتر اختلف أهل العلم في الرجل يوتر، ثم ينام للصلاة فقالت طائفة: يصلي إلى الركعة التي أوتر بها قبل أن ينام ركعة أخرى، ثم يصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته، واحتج بعضهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يجعل آخر الصلاة بالليل وترا،

ذِكْرُ نَقْضِ الْوِتْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُوتِرُ، ثُمَّ يَنَامُ لِلصَّلَاةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي إِلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي أَوْتَرَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُصَلِّيَ مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ يُوتِرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وِتْرًا، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ وَغَيْرُهُ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُشْفِعُ وِتْرَهُ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ

2685 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ أُوتِرْتُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ نِمْتُ، فَإِذَا قُمْتُ وَصَلْتُ إِلَيْهَا أُخْرَى، فَمَا شَبِهَتْهَا إِلَّا الْغَرِيبَةُ بَيْنَ الْإِبِلِ تُضَمُّ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ»

2686 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: «إِذَا أَوْتَرْتُ، ثُمَّ قُمْتُ صَلَّيْتُ رَكْعَةً، ثُمَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرْتُ»

2687 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَامَ عَلَى وِتْرٍ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى رَكْعَةً إِلَى وِتْرِهِ يُشْفِعُ بِهَا، ثُمَّ أَوْتَرَ بَعْدَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ»

2688 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْقُضُ وَيُوتِرُ "

2689 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أُسَامَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَنْقُضَانِ الْوِتْرَ

2690 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ لَا يَرَى بِنَقْضِ الْوِتْرِ بَأْسًا "

2691 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ نَامَ فَقَامَ فَلْيَنْقُضْ وِتْرَهُ وَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ لِيوُتِرْ بَعْدَ ذَلِكَ» وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَذْهَبُ سَعْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقَ: إِذَا نَقَضَ وِتْرَهُ أَوْتَرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَذْهَبُ الْآخَرِينَ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إِذَا نَامَ الرَّجُلُ، وَأَحْدَثَ أَحْدَاثًا، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَتَكَلَّمَ بَيْنَ ذَلِكَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ غَيْرُ الرَّكْعَةِ الَّتِي رَكَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، إِذْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَصْلِ بِالنَّوْمِ وَالْأَحْدَاثِ مَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إِذَا صَلَّى وَأَوْتَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَقَدْ صَارَ مُوتِرًا فِي لَيْلَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» ، وَإِنَّمَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» ، فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى، ثُمَّ يُوتِرَ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ قَدْ أَوْتَرَ مَرَّةً، إِذْ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُوتِرَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَاهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ الرَّاوِي لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» وَقَدْ سُئِلَ عَنْ نَقْضِ الْوِتْرِ فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَفْعَلُهُ بِرَأْيٍ لَا أَرْوِيهِ عَنْ أَحَدٍ»

2692 - حَدَّثونَا عَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ حِبَّانَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ نَقَضِهِ الْوِتْرَ فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَفْعَلُهُ بِرَأْيٍ -[199]- لَا أَرْوِيهِ عَنْ أَحَدٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ رَجُلًا بَعْدَ أَنْ أَدَّى صَلَاةَ فَرْضٍ كَمَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْهَا نَقْضَهَا أَنْ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ، فَحُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنَ الْوِتْرِ حُكْمُ مَا لَا نَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ، وَالصَّوْمُ، وَالْعُمْرَةُ، وَالِاعْتِكَافُ، لَا سَبِيلَ إِلَى نَقْضِ شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ يُكْمِلَهَا، رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَنَامُ عَلَى وِتْرٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا حَتَّى الصَّبَّاحِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ فَلَعَلَّهُ قَدْ فَعَلَ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا

2693 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لِرَجُلٍ: «إِذَا أَوْتَرْتَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَا تُشْفِعْ بِرَكْعَةٍ وَصَلِّ شَفْعًا حَتَّى تُصْبِحَ» قَالَ: وَكَانَ عَطَاءٌ يُفْتِي بِهِ، يَقُولُ: «إِذَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلْيُصَلِّ شَفْعًا حَتَّى يُصْبِحَ»

2694 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِذَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ الرَّجُلِ يُوتِرُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا تُصَلِّ وِتْرَكَ "

2695 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثَنَا غُنْدُرٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَإِذَا أَوْتَرْتُ، ثُمَّ قُمْتُ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»

2696 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثَنَا أَبٌو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو الْهَجَرِيِّ، عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى، وَتَرَكْتُ وِتْرِيَ الْأَوَّلَ كَمَا هُوَ»

2697 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: " ذُكِرَ لَهَا الرَّجُلُ يُوتِرُ، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ، قَالَتْ: «ذَاكَ الَّذِي يَلْعَبُ بِوِتْرِهِ» وَكَانَ عَلْقَمَةُ لَا يَرَى نَقْضَ الْوِتْرِ، وَهَكَذَا مَذْهَبُ النَّخَعِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَوْلًا ثَالِثًا قَالَ: «إِنْ شِئْتَ إِذَا أَوْتَرْتَ قُمْتَ فَشَفَعْتَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ أَوْتَرْتَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَ بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتَ الْوِتْرَ حَتَّى تُوتِرَ مِنْ آخِرِ الْلَيْلِ» 2698 - حَدَّثنَاهُ إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

2699 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَّيْلةٍ»

ذكر الوتر على الراحلة ثبت " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة "

ذِكْرُ الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ ثَبَتَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ»

2700 - أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَبْلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ " وَقَدْ ذَكَرْتُ أَفْعَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَوْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي جِمَاعِ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّوَابِّ فِي الْأَسْفَارِ

ذكر الصلاة بعد الوتر

ذِكْرُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ

2701 - حَدَّثَنَا أَبُو غَانِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ حُصَيْنُ بْنُ نَافِعٍ: ثنا عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَسَأَلْتُهَا، عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ: " كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِالتَّاسِعَةِ فَلَمَّا بَدَّنَ وَأَسَنَّ صَلَّى سِتًّا وَأَوْتَرَ بِالسَّابِعَةِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ " -[202]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ فَكَانَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ يَقُولُ: «أَقْرَأُ وَأَنَا جَالِسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ بَعْدَمَا أُوتِرُ» ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَعْرِفُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «إِنْ شَاءَ رَكْعَةً» ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «أَرْجُو إِنْ فَعَلَهُ إِنْسَانٌ لَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا أَفْعَلُهُ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ جَائِزَةٌ إِلَّا وَقْتًا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الزَّوَالِ، وَوَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالصَّلَاةُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ طَلْقٌ مُبَاحٌ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ فِيهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ، فَدَلَّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا» عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ، فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَرْءُ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا، وَلَا نَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَائِلُ هَذَا قَائِلٌ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا

2702 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامٍ، حَدَّثهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثينِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " نَعَمْ أُجْلِيَنَّ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ فَنَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَوُضُوءَهُ، فَيَبْعَثهُ اللهُ لِمَا يَشَاءُ أَنْ يَبْعَثهُ، فَيَقُومَ فَيَتَسَوَّكَ، ثُمَّ يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ، فَإِذَا كَانَ فِي الثامِنَةِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَلَا يُسَلِّمُ فَيَرْكَعُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَيُثنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ حَتَّى يُسْمِعُنِي التَّسْلِيمَ، ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَلَمَّا دَقَّ -[203]- وَأَسَنَّ وَكَثرَ لَحْمُهُ، صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا فَاتَهُ الْقِيَامُ مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةٍ قَبْلَ النَّهَارِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ سُنَنٌ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَا يُقْضَى بِالنَّهَارِ، وَلِأَنَّهَا لَمَّا خَبَّرَتْ بِصَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ وَبِوِتْرِهِ، ثُمَّ خَبَّرَتْ لَمَّا وَصَفَتْ مَا كَانَ يَفْعَلُ إِذَا فَاتَهُ قِيَامُ اللَّيْلِ وَلَمْ تَذْكُرْ قَضَاءَ الْوِتْرِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ إِذَا فَاتَ وَقْتُهُ لَمْ يُقْضَ

ذكر القراءة في صلاة الوتر جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يوتر بثلاث ركعات، أول ركعة ب سبح اسم ربك الأعلى والثانية ب قل يا أيها الكافرون والثالثة قل هو الله أحد

ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، أَوَّلُ رَكْعَةٍ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالثَّانِيَةُ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالثَّالِثَةُ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ

2703 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُبَيْدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، أَوَّلُ رَكْعَةٍ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالثَّانِيَةُ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَالثَّالِثَةُ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "

2704 - وَحَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ -[204]- بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "

2705 - وَحَدَّثنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الْوِتْرِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَفي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفي الثَّالِثَةِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرِ بِإِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَرُوِّينَا عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَةً غَيْرَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ

2706 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِتِسْعِ سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَلْهَاكُمُ، وَإِنَّا أَنْزَلْنَاهُ، وَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعَصْرُ وَإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ، وَإِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَتَبَّتْ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ -[205]- وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِمِائَةِ آيَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «أَوْتِرْ بِأَيِّ الْقُرْآنِ شِئْتَ»

2707 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخْعِيِّ، عَنْ زَاذَانَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُوتِرُ بِـ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَوَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "

2708 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا، وَقَرَأَ فِيهَا بِمِائَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ: «مَا أَلَوْتُ أَنْ أَضَعَ قَدَمَيَّ حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَمَيْهِ، وَأَنْ أَقْرَأَ مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَقَالَ مَالِكٌ: «الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِي وَأَقْرَأُ بِهِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ، وَأَمَّا الشَّفْعُ فَلَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ» ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْوِتْرِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ بِـ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَهُمَا مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ»

ذكر إثبات القنوت في الوتر قال أبو بكر: لم نجد في هذا الباب خبرا أعلى من خبر بريد عن أبي الحواء، عن الحسن بن علي، وأنا أذكره بعد في باب الدعاء في القنوت إن شاء الله وقد اختلف أهل العلم في القنوت في الوتر فرأت طائفة أن يقنت في السنة كلها في الوتر، وممن

ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ نَجِدْ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرًا أَعْلَى مِنْ خَبَرِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحِوَاءِ، -[206]- عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَنَا أَذْكُرَهُ بَعْدُ فِي بَابِ الدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَقْنُتَ فِي السُّنَّةِ كُلِّهَا فِي الْوِتْرِ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يَقْنُتَ إِلَّا فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

2709 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ إِلَّا فِي النِّصْفِ يَعْنِي مِنْ رَمَضَانَ "

2710 - وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ

2711 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أُبَيًّا أَمَّ النَّاسَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَصَلَّى بِهِمُ النِّصْفَ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَقْنُتُ، فَلَمَّا مَضَى النِّصْفُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الْعَشْرُ أَبَقَ وَخَلَّى عَنْهُمْ، فَصَلَّى بِهِمُ الْعَشْرَ مُعَاذٌ الْقَارِيُّ خِلَافَةَ عُمَرَ " وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَيَحْيَى بْنُ -[207]- وَثَّابٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ ابْنُ عُمَرَ، وَمُعَاذٌ الْقَارِيُّ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: «وَهُوَ أَنْ يَقْنُتَ فِي السُّنَّةِ كُلِّهَا فِي الْوِتْرِ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ» ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَبَلَغَنِي أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ يُفْتِي بِهِ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يَقْنُتَ فِي الْوِتْرِ، وَلَا فِي الصُّبْحِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى

2712 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ، وَلَا فِي الْوِتْرِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: " الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ بِدْعَةٌ، وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَقْنُتُ أَنَا فِي الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا أَعْرِفُ الْقُنُوتَ قَدِيمًا»

ذكر اختلاف أهل العلم في القنوت قبل الركوع وبعده اختلف أهل العلم في القنوت قبل الركوع وبعده، فممن روي عنه أنه قنت قبل أن يركع عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وابن عباس، وبه قال

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَعَامَّةُ مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ رَأَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ

2713 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَكَانُوا» يَقْنُتُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ "

2714 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ»

2715 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ الْغَدَاةَ فَقَنَتَ قَبْلَ الرَّكْعَةِ "

2716 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ قَبْلَ الرَّكْعَةِ

2717 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتُوا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَبَعْضَهُمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ "

2718 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَا يَقْنُتَانِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ "، وَكَانَ حُمَيْدٌ يَأْخُذُهُ

2719 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: صَلَّى بِنَا ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْبَصْرَةِ فَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ " وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: " بَلَغَنَا أَنَّهُ قَنَتَ فِيهَا يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، وَلَيْسَ فِي الصَّلَوَاتِ قُنُوتٌ إِلَّا الْوِتْرَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كُلَّ ذَلِكَ كُنَّا نَفْعَلُ قَبْلُ وَبَعْدُ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَقْنُتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحَكَمِ، -[210]- وَحَمَّادٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ

2720 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا قُرَيْشٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَمْزَةَ الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ: قُلْتُ: عَمَّنْ أَخَذْتَهُ؟، قَالَ: " عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، قَالَ الْعَوَّامُ: وَذَكَرَ رَابِعًا فَنَسِيتُ "

2721 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ «أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ»

2722 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ «قَنَتَ فِي الْمَغْرِبِ فَدَعَا عَلَى أُنَاسٍ وَعَلَى أَشْيَاعِهِمْ، وَقَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ»

2723 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: " كَيْفَ كُنْتُمْ تَقْنُتُونَ أَقْبَلَ الرُّكُوعِ أَمْ بَعْدَهُ؟، فَقَالَ: «كُلَّ ذَلِكَ كُنَّا نَفْعَلُ قَبْلُ وَبَعْدُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبِهِ نَقُولُ، إِذَا نَزَلَتْ نَازِلَةٌ احْتَاجَ النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا إِلَى الْقُنُوتِ قَنَتَ إِمَامُهُمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ

2724 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، اللهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ»

ذكر التكبير للقنوت إذا كان القنوت قبل الركوع كان عمر بن الخطاب إذا فرغ من القرأة كبر، ثم قنت، ثم كبر حين ركع، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والبراء بن عازب

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِلْقُنُوتِ إِذَا كَانَ الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقَرْأَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَنَتَ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ رَكَعَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ

2725 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ، «صَلَّى الصُّبْحَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقَرْأَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ رَكَعَ»

2726 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، 2727 - وَقَالَ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قَرْأَتِهِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَ، ثُمَّ رَكَعَ "

2728 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، -[212]- عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَنَّ عَلِيًّا «كَبَّرَ حِينَ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ، وَكَبَّرَ حِينَ رَكَعَ»

2729 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ ثُمَّ قَنَتَ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقُنُوتِ كَبَّرَ ثُمَّ رَكَعَ

2730 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّهُ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ فَكَبَّرَ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْقُنُوتِ» وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ يَرَيَانِ إِذَا قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَنْ يَفْتَتِحَ الْقِرَاءَةَ بِتَكْبِيرَةٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُهُ: قَالَ: «إِذَا قَنَتَ الرَّجُلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يُكَبِّرْ» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فَكَانَ يَقْنُتُ فِي رَمَضَانَ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، ثُمَّ قَنَتَ

ذكر رفع الأيدي في القنوت اختلف أهل العلم في رفع اليدين في القنوت، فروي عن عمر بن الخطاب أنه كان يرفع يديه في القنوت حتى يبدو ضبعاه، وروي عن ابن مسعود، وابن عباس أنهما كان يرفعان أيديهما، فأما ابن عباس فروي عنه أنه رفع يديه حتى مد ضبعيه، وعن ابن

ذِكْرُ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الْقُنُوتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ، فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ حَتَّى يَبْدُوَ ضَبْعَاهُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ -[213]- مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا، فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى مَدَّ ضَبْعَيْهِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ

2731 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يَقْنُتُ بِنَا بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ ضَبْعَاهُ، وَيُسْمَعَ صَوْتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ»

2732 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو الْهَجَرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فَقَنَتَ بِهِمْ فِي الْفَجْرِ بِالْبَصْرَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى مَدَّ ضَبْعَيْهِ

2733 - وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ إِلَى صَدْرِهِ " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْأَيْدِي فِي الْقُنُوتِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «إِنْ شِئْتَ فَأَشِرْ بِأُصْبُعِكَ»

ذكر الدعاء في قنوت الوتر أحسن شيء روي في دعاء الوتر حديث الحسن بن علي:

ذِكْرُ الدُّعَاءِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ:

2734 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، 2735 - وَحَدَّثنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ» ، قَالَ: يَقُولُهُ فِي الْوِتْرِ "

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثنِي عَلَيْكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكَ مَنْ يَفْجُرُكَ وَيَكْفُرُكَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنُخَافُ عَذَابَكَ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ يَلْحَقُ» وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَقُولُ: «بَلَغَنِي أَنَّهُمَا سُورَتَانِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَّهُ يُوتِرُ بِهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ» 2736 - حَدَّثنَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ، أَنَّهُ -[215]- سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَأْثرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ قَنَتَ بِالسُّورَتَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَقَدْ رَوَيْتُ فِي الْقُنُوتِ، أَخْبَارًا، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «قَدْرُ قُنُوتِ الْوِتْرِ، قَدْرُ قِرَاءَةِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ» ، وَذُكِرَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ هَذَا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ: «هَذَا قَلِيلٌ، يُعْجِبُنِي أَنْ يَزِيدَ» . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: كَانَ يُقَالُ: مِقْدَارُ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ مِقْدَارُ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ، وَقَالَ إِسْحَاقُ كَنَحْو مِنْ قَوْلِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: يُقْنَتُ بِالسُّورَتَيْنِ

ذكر تأمين المأمومين عند دعاء الإمام

ذِكْرُ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ دُعَاءِ الْإِمَامِ

2737 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ -[216]- صَلَاةٍ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةً وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ، أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَتَلُوهُمْ " كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: «يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ يَعْنِي الْإِمَامَ، وَيَلْعَنُ الْكَفَرَةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَدْعُو الْإِمَامُ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَذَكَرَ أَنَّ ذِكْرَ قُنُوتِ الْوِتْرِ لَا يَصِحُّ، قَالَ: لِأَنَّ شُعْبَةَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ يَذْكُرِ الْوِتْرَ

2738 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: يُذْكَرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوِتْرَ»

2739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ، " اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي -[217]- شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ قَالَ يَحْيَى: وَرُبَّمَا شَكَّ فِي «تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ» ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: شُعْبَةُ أَحْفَظُ مِنْ عَدَدٍ مِثْلِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ لَا نَعْلَمُ أَسَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ بُرَيْدٍ، أَوْ دَلَّسَهُ عَنْهُ؟

ذكر مسح الوجه باليدين عند الفراغ من الدعاء قال أبو بكر: روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا دعوت فادع الله ببطون كفيك ولا تدعه بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك "

ذِكْرُ مَسْحِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا دَعَوْتَ فَادْعُ اللهَ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ وَلَا تَدْعُهُ بِظُهُورِهِمَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ»

2740 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ الْأَصَمُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَعَوْتَ فَادْعُ اللهَ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ، وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ أَحْمَدُ» ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَلَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ

ذكر من نسي قنوت الوتر واختلفوا فيمن نسي القنوت فقالت طائفة: " عليه سجدتا السهو "، روي هذا القول عن الحسن، وبه قال سفيان الثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، وبه قال هشيم، وإسحاق بن راهويه، وقال أحمد بن حنبل: " إن كان ممن تعود القنوت فليسجد سجدتي

ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ قُنُوتَ الْوِتْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ» ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَبِهِ قَالَ هُشَيْمٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِنْ كَانَ مِمَّنْ تَعَوَّدَ الْقُنُوتَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ عَنِ الرَّجُلِ -[219]- يَنْسَى الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ، قَالَ: «لَا شَيْءَ عَلَيْهِ»

جماع أبواب صلاة التطوع قبل المكتوبات وبعدهن

جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهُنَّ

ذكر فعل التطوع قبل الصلوات المكتوبات وبعدهن

ذِكْرُ فِعْلِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهُنَّ

2741 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَطَوُّعًا، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»

ذكر تفسير الجملة المذكورة في هذا الخبر

ذِكْرُ تَفْسِيرِ الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ

2742 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً , بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ»

ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قبل المكتوبات وبعدهن

ذِكْرُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهُنَّ

2743 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا الْفَجْرَ، وَالْعَصْرَ "

2744 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ كَانَ يُصَلِّيَهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ»

ذكر استحباب صلاة التطوع في البيت سوى المكتوبة

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ

2745 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَا: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، يُحَدِّثُ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ»

جماع أبواب الركعتين قبل الفجر وما فيهما من الآثار والسنن

جِمَاعُ أَبْوَابِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْآثَارِ وَالسُّنَنِ

ذكر فضل ركعتي الفجر إذ هما خير من الدنيا

ذِكْرُ فَضْلِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِذْ هُمَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا

2746 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

ذكر وقت ركعتي الفجر

ذِكْرُ وَقْتِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

2747 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَتَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ "

ذكر استحباب تخفيف الركعتين قبل الفجر

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَخْفِيفِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ

2748 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ؛ 2749 - وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ أَخِي عَمْرَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ، تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيُخَفِّفُهُمَا , حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُطِيلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , يَقْرَأُ فِيهِمَا مِنْ حِزْبِهِ إِذَا فَاتَهُ» وَرُوِّينَا، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ، عَنْ إِطَالَةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ , إِنْ شِئْتَ، وَقَالَ مَالِكٌ: «أَمَّا أَنَا , فَلَا أَزِيدُ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا» ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ. -[226]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا أَحْسِبُهُ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَأُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا، رُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِهِ، وَيُخَفِّفُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ

ذكر استحباب قراءة قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد في ركعتي الفجر

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

2750 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ، بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "

ذكر الرخصة في أن يصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس إذا فاتتا أن يصليهما قبل صلاة الصبح

ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِذَا فَاتَتَا أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ

2751 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو , أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ وَلَمْ يَكُنْ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , سَلَّمَ مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ "

ذكر اختلاف أهل العلم في الوقت الذي يقضي فيه ركعتي الفجر إذا فاتتاه اختلف أهل العلم في الوقت الذي يقضي ركعتي الفجر من فاتته , فقالت طائفة: يركعهما بعد صلاة الصبح , روي ذلك عن ابن عمر

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِذَا فَاتَتَاهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْضِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مَنْ فَاتَتْهُ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْكَعُهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

2752 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا فُضَيْلٌ يَعْنِي: ابْنَ مَرْزُوقٍ , عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: صَلَّى ابْنُ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَبْعَدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةٌ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ» وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ , وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يَقْضِيهِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ»

2753 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَدَخَلَ مَعَ الْقَوْمِ فِي صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ قَعَدَ , حَتَّى إِذَا أَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ فَقَضَاهُمَا، وَكَانَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ صَلَّاهُمَا فِي الطَّرِيقِ " وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ شَاءَ قَضَاهُمَا ضُحًى إِلَى -[228]- نِصْفِ النَّهَارِ , وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا , ذَلِكَ وَاسِعٌ , وَلَا يَقْضِيهِمَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَمِمَّنْ قَالَ «يَقْضِيهِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ أَحَبَّ قَضَاهُمَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ , فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ , لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ شَاءَ صَلَّاهُمَا إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّاهُمَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَتَعَجِيلُهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَحَبُّ إِلَيَّ، لِأَنَّ مُؤَخِّرَهُمَا قَدْ يَنْسَى قَضَاءَهُمَا , وَيُغْفِلُ ذَلِكَ

مسألة واختلفوا فيمن نسي صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فأراد قضاءها , ابتدأ بركعتي الفجر , أم بالمكتوبة؟ فقالت طائفة: " يبدأ بالصلاة المكتوبة , هذا قول مالك، وكان الشافعي يرى أن يركعهما، يعني: ركعتي الفجر، وإن طلعت الشمس. وقال النعمان: إن صلى الفجر

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَرَادَ قَضَاءَهَا , ابْتَدَأَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , أَمْ بِالْمَكْتُوبَةِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ , هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى أَنْ يَرْكَعَهُمَا، يَعْنِي: رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنْ صَلَّى الْفَجْرَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ ذِكْرَهُمَا , فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الْوِتْرِ، وَبِهِ قَالَ يَعْقُوبُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّيهِمَا , وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَيَبْدَأُ بِهِمَا قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ لِحَدِيثِ -[229]- أَبِي هُرَيْرَةَ

2754 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ» فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى الْغَدَاةَ "

ذكر استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

2755 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ "

ذكر النهي عن صلاة ركعتي الفجر بعد الإقامة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ

2756 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ»

ذكر اختلاف أهل العلم في المصلي ركعتي الفجر والإمام في صلاة الصبح اختلف أهل العلم في المرء يصلي ركعتي الفجر والإمام في صلاة الفجر، فقال طائفة بظاهر حديث أبي هريرة، وكرهت أن تصلى الركعتان والإمام يصلي الفجر. روينا عن عمر بن الخطاب: أنه كان يضرب على

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَالَ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَرِهَتْ أَنْ تُصَلَّى الرَّكْعَتَانِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي الْفَجْرَ. رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ» ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ " لِرَجُلٍ رَآهُ يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ: أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟

2757 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ "

2758 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ»

2759 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ , فَقَالَ: «أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟»

2760 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ أَيُّوبَ، أَنَّ نَافِعًا، حَدَّثَهُمْ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ "

2761 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا مُوسَى , خَرَجَا مِنْ عِنْدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَرَكَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَ الْقَوْمِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَدَخَلَ فِي الصَّفِّ " وَكَرِهَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ , وَابْنُ سِيرِينَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ، فَإِنْ خَرَجَ الْإِمَامُ وَأَنْتَ رَاكِعٌ , فَارْكَعْ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى خَفِيفَةً , ثُمَّ سَلِّمْ» . وَمِمَّنْ قَالَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَدَخَلَ أَبُو مُوسَى فِي الصَّفِّ , وَلَمْ يَفْعَلْ مَا فَعَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَدْ كَاناَ خَرَجَا فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا مِنْ عِنْدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَدَخَلَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَصَلَّى

2762 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُوسَى، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، دَخَلَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ الْفَجْرَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ -[232]- إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ "

2763 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ يَسْمَعُ الْإِقَامَةَ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ , فَيُصَلِّي "

2764 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمُعَلِّمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَدَخَلَ بَيْتَ حَفْصَةَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَصَلَّى "

2765 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «إِنِّي لَآتِي الْقَوْمَ وَهُمْ صُفُوفٌ، أَوْ قَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْضَمُّ إِلَى الْقَوْمِ» وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ: مَسْرُوقٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ: «إِنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الْإِمَامُ بِالرَّكْعَةِ , فَلْيَرْكَعْ خَارِجًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، فَإِنْ -[233]- خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ فَلْيَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ , فَلْيُصَلِّ مَعَهُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ , فَإِنْ أَحَبَّ , فَلْيَرْكَعْهُمَا» وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «ارْكَعْهُمَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ مَا تَيَقَّنْتَ أَنَّكَ تُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، وَإِنْ خَشِيتَ مِنَ الْآخِرَةِ فَوْتًا , فَادْخُلْ مَعَ النَّاسِ» ؛ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: «إِنْ خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَةٌ مِنَ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ , وَيُدْرِكَ رَكْعَةً مِنَ الْفَجْرِ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ الْقَوْمِ، وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ جَمِيعًا , صَلَّى مَعَ الْقَوْمِ , وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , وَلَا يَقْضِيهِمَا»

جماع أبواب صلاة التطوع غير التطوع قبل المكتوبات وبعدها

جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ غَيْرِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهَا

ذكر الأمر بصلاة التطوع في البيوت

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْبُيُوتِ

2766 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»

ذكر إكرام البيوت ببعض الصلاة فيها

ذِكْرُ إِكْرَامِ الْبُيُوتِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فِيهَا

2767 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ فَرُّوخَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْرِمُوا -[234]- بُيُوتَكُمْ بِبَعْضِ صَلَاتِكُمْ»

ذكر استحباب الوضوء والصلاة لكل حدث يحدثه المرء، والترغيب فيه

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ لِكُلِّ حَدَثٍ يُحْدِثُهُ الْمَرْءُ، وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ

2768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: «حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ مَنْفَعَةً فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ» , قَالَ: مَا عَلِمْتُ فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَا مِنْ أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا تَامًّا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ لِرَبِّي مَا كَتَبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ "

ذكر التسليم في كل ركعتين يصليهما المرء بالليل والنهار

ذِكْرُ التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا الْمَرْءُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ

2769 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَارِقِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» 2770 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْلَهُ

ذكر اختلاف أهل العلم في الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل والنهار ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صلاة الليل مثنى مثنى "

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى»

2771 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرُونَا، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةً» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مَذْكُورَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبِهَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ النَّهَارِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَصَلَاةُ النَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ حَمَّادٌ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ: مَثْنَى مَثْنَى، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَحَادِيثَ , مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي تَطَوُّعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ وَرَكْعَتَانِ، وَحَدِيثُ: «الْعِيدُ رَكْعَتَانِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ رَكْعَتَانِ» ، «وَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ» , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي يَرْوِيهِ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قِيلَ لَهُ: أَوَ لَيْسَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , فَتَرَاهُ لَمْ يُسَلِّمْ فِيهَا؟ -[236]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِالنَّهَارِ أَرْبَعًا , ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ 2772 - وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِالنَّهَارِ أَرْبَعًا ثَابِتٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

2773 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَصَلَاةُ النَّهَارِ إِنْ شَاءَ أَرْبَعًا قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ: «إِنْ شِئْتَ , فَصَلِّ بِتَكْبِيرَةٍ رَكْعَتَيْنِ , وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا، وَإِنْ شِئْتَ سِتًّا» وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» . وَقَالَ النُّعْمَانُ: «وَأَمَّا صَلَاةُ النَّهَارِ فَصَلِّ بِتَكْبِيرَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا» . وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: " فِي التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، أَوْ سِتًّا سِتًّا، أَوْ ثَمَانِيًا ثَمَانِيًا، أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ , وَأَرْبَعٌ أَرْبَعٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ التَّطَوُّعُ بِالنَّهَارِ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَهَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» . وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: " الَّذِي نَخْتَارُ لَهُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , إِلَّا الْوِتْرَ , فَإِنَّ لَهُ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً، وَأَمَّا صَلَاةُ النَّهَارِ فَأَخْتَارُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا، وَضَحْوَةً أَرْبَعًا , لِمَا جَاءَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ , وَابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَلَّى بِالنَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ كَانَ جَائِزًا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: «وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يُجْزِيكَ التَّشَهُّدُ فِي الصَّلَاةِ -[237]- إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَكَ حَاجَةٌ فَتُسَلِّمَ» , هَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ عَطَاءٌ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «الرَّجُلُ فِي سَعَةٍ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ فَصَلَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ بَعْدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ ثِنْتَيْنِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِحُجَجٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

أبواب صلاة الضحى

أَبْوَابُ صَلَاةِ الضُّحَى

ذكر الوصية بالمحافظة على صلاة الضحى

ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى

2773 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ أَبَدًا، أَوْصَانِي بِصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِالْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ , وَبِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»

ذكر فضل صلاة الضحى، والتخيير بأن ركعتي الضحى تجزئ من الصدقة التي كتبت على سلامى المرء في كل يوم

ذِكْرُ فَضْلِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَالتَّخْيِيرِ بِأَنَّ رَكْعَتَيِ الضُّحَى تُجْزِئُ مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَى سُلَامَى الْمَرْءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ

2774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، -[238]- قَالَ: ثنا وَاصِلٌ، مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَتَهْلِيلَةٌ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ أَحَدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مِنَ الضُّحَى»

ذكر استحباب تأخير صلاة الضحى

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الضُّحَى

2775 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ كَانَتْ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى»

ذكر صلاة الضحى عند القدوم من السفر

ذِكْرُ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

2776 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْمَغْرِبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا , إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبَةٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَفِيَ عَلَى عَائِشَةَ صَلَاتُهُ صَلَاةَ الضُّحَى فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَقْدَمُ فِيهِ مِنْ مَغِيبَةٍ، كَمَا خَفِي عَلَى أُسَامَةَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ

ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في السفر صلاة الضحى

ذِكْرُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ صَلَاةَ الضُّحَى

2777 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ , أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ، قَالَتْ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ , فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ , وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ , قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ , فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: أُمُّ هَانِئِ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ , قَالَ: «مَرْحَبًا يَا أُمَّ هَانِئٍ» فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ , قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ , ثُمَّ انْصَرَفَ "

أبواب التطوع قاعدا

أَبْوَابُ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا

ذكر تقصير أجر صلاة القاعد عن صلاة القائم في التطوع

ذِكْرُ تَقْصِيرِ أَجْرِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ فِي التَّطَوُّعِ

2778 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الْقَائِمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ، وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ»

ذكر ما خص الله به نبيه صلى الله عليه وسلم , فجعل صلاته قاعدا , كصلاته قائما

ذِكْرُ مَا خَصَّ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ صَلَاتَهُ قَاعِدًا , كَصَلَاتِهِ قَائِمًا

2779 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ حُدِّثْتُ أَنَّكَ قُلْتَ: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» , وَإِنَّكَ تُصَلِّي قَاعِدًا؟ قَالَ: «أَجَلْ , وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ»

ذكر التربع في الصلاة إذا صلى جالسا

ذِكْرُ التَّرَبُّعِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا صَلَّى جَالِسًا

2780 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُحْرِمِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا»

ذكر إباحة التطوع جالسا , وإن لم يكن بالمصلي علة تمنعه القيام

ذِكْرُ إِبَاحَةِ التَّطَوُّعِ جَالِسًا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُصَلِّي عِلَّةٌ تَمْنَعُهُ الْقِيَامَ

2781 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ , أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ , أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ»

ذكر إباحة الجلوس لبعض القراءة , والقراءة لبعض في الركعة الواحدة

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْجُلُوسِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ , وَالْقِرَاءَةِ لِبَعْضٍ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ

2782 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ، فَكَانَ إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ , أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ "

أبواب صلاة التطوع في السفر

أَبْوَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

ذكر صلاة التطوع في السفر قبل المكتوبة

ذِكْرُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ

2783 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ شَيْطَانٌ» , قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى الْغَدَاةَ " وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ , فَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ مَعَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا قَبْلَهَا , وَلَا بَعْدَهَا , إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ

2784 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ مَعَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا قَبْلَهَا , وَلَا بَعْدَهَا , إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ "

2785 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَطَوَّعُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يَتَطَوَّعُ بِالنَّهَارِ فِي السَّفَرِ "

2786 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ، وَلَا يَدَعُهُمَا فِي الْحَضَرِ " وَرُوِّينَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ , وَلَا بَعْدَهَا. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «كَانُوا إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْجَبَّانَةَ , كَرِهُوا أَنْ يُصَلُّوا تَطَوُّعًا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» . وَرُوِّينَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا قَالَا: «لَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ , وَلَا بَعْدَهَا» . وَرَأَتْ طَائِفَةٌ التَّطَوُّعَ فِي السَّفَرِ , فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ عُمَرُ، وَعَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَافِرُونَ , فَيَتَطَوَّعُونَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا»

2787 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ "

2788 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ -[243]- وَبَعْدَهَا "

2789 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ»

2790 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ "

2791 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَّا مَا لَمْ يَدَعْ صَحِيحًا وَلَا مَرِيضًا , فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ , غَائِبًا وَلَا شَاهِدًا , فِي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ»

2792 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، وَعُمَرَ، كَانَا يَتَطَوَّعَانِ فِي السَّفَرِ "

2793 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ، وَعَبْدُ اللهِ يَتَطَوَّعَانِ فِي السَّفَرِ "

2794 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَافِرُونَ , فَيَتَطَوَّعُونَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا " وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ -[244]- يَزِيدَ، وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. -[245]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَطَوُّعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ثَابِتٌ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَهَا , وَلَا بَعْدَهَا فِي السَّفَرِ , وَلَيْسَ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ، وَلَا فِي إِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ حُجَّةٌ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي إِثْبَاتِ مَنْ أَثْبَتَ الْفِعْلَ، لَا فِي قَوْلِ مَنْ نَفَى ذَلِكَ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ، وَمَنْعُ الْبِرِّ وَعَمَلِ الْخَيْرِ غَيْرُ جَائِزٍ , قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] . الْآيَةَ

ذكر صلاة التطوع في السفر عند توديع المنازل

ذِكْرُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ تَوْدِيعِ الْمَنَازِلِ

2795 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانَ قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ حَتَّى يُوَدِّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ»

أبواب صلاة التطوع على الدواب في الأسفار

أَبْوَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّوَابِّ فِي الْأَسْفَارِ

2796 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا , غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ " وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَرَخَّصَتْ أَنْ يُوتِرَ الْمَرْءُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ , فَأَوْتَرَ بِالْأَرْضِ

2797 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا، يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ "

2798 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ "

2799 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَوْتَرَ، أَوْ قَالَ: الْوِتْرُ -[247]- عَلَى الرَّاحِلَةِ "

2800 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ، نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ , فَأَوْتَرَ بِالْأَرْضِ " وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ وَالْوِتْرَ بِالْأَرْضِ» ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «صَلِّ الْفَرِيضَةَ وَالْوِتْرَ بِالْأَرْضِ , وَإِنْ أَوْتَرْتَ عَلَى دَابَّتِكَ فَلَا بَأْسَ , وَالْوِتْرُ بِالْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ» وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُوتَرُ عَلَى الدَّابَّةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا نُزُولُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى أَوْتَرَ بِالْأَرْضِ، فَمِنَ الْمُبَاحِ , إِنْ شَاءَ الَّذِي يُصَلِّي الْوِتْرَ صَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ , أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ يُجْزِيهِ. وَقَدْ فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا: رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا أَوْتَرَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَرُبَّمَا نَزَلَ. وَالْوِتْرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ جَائِزٌ , لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ أَوْتَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ تَطَوُّعٌ , خِلَافَ قَوْلِ مَنْ شَذَّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَخَالَفَ السُّنَّةَ، فَزَعَمَ أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ

ذكر الخبر الدال على أن للمرء أن يصلي على دابته حيث ما توجهت به , وإن كانت موجهة إلى غير الكعبة

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ , وَإِنْ كَانَتْ مُوَجَّهَةً إِلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ

2801 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَأُنْزِلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ {فَأَيْنَمَا -[248]- تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115] الْآيَةَ "

ذكر الإيماء بالصلاة راكبا في السفر

ذِكْرُ الْإِيمَاءِ بِالصَّلَاةِ رَاكِبًا فِي السَّفَرِ

2802 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115] الْآيَةَ , أَنْ تُصَلِّيَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ فِي السَّفَرِ تَطَوُّعًا، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا , يَوْمِي إِيمَاءً نَحْوَ الْمَدِينَةِ "

ذكر صفة الركوع والسجود في الصلاة راكبا

ذِكْرُ صِفَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ رَاكِبًا

2803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ النَّوَافِلَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَلَكِنْ يَخْفِضُ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الرَّكْعَةِ " وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ التَّطَوُّعَ فِي السَّفَرِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ

2804 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ»

2805 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حِمَارٍ تَطَوُّعًا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ , يُومِئُ إِيمَاءً "

2806 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: «قَدِمْتُ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مِنَ الشَّامِ مِنْ غَزْوَةِ الْيَرْمُوكِ، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ»

2807 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ مَطْلِعَ الشَّمْسِ، فَظَنَنْتُهُ نَائِمًا , فَدَنَوْتُ مِنْهُ , فَقُلْتُ: أَنَائِمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: «لَا , كُنْتُ أُصَلِّي»

2808 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا جَابِرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ "

2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ حَيْثُ مَا كَانَتْ وُجُوهُهُمْ» وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، -[250]- وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ , وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ، وَأَبَا ثَوْرٍ كَانَا يَسْتَحِبَّانِ لِلْمُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِالتَّكْبِيرِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ

2810 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَارُودِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَافَرَ , وَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ , اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وُجِّهَتْ رِكَابُهُ " وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الدَّوَابِّ فِي السَّفَرِ الَّذِي لَا يُقْصِرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ: فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي غَيْرِ سَفَرٍ يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يُصَلِّي فِي قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَافِرَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى دَابَّتِهِ تَطَوُّعًا , يُومِئُ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً , رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ خَرَجَ مِنَ الْمِصْرِ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً: يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ تَطَوُّعًا

جماع أبواب سجود القرآن

جِمَاعُ أَبْوَابِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

ذكر فضل السجود عند قراءة السجدة، وبكاء الشيطان , ودعائه الويل لنفسه عند قراءة القارئ السجدة وسجوده

ذِكْرُ فَضْلِ السُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ، وَبُكَاءِ الشَّيْطَانِ , وَدُعَائِهِ الْوَيْلَ لِنَفْسِهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ السَّجْدَةَ وَسُجُودِهِ

2811 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ , اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي , يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ أُمِرَ هَؤُلَاءِ، أَوْ هَذَا , بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ , فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ , فَأَبَيْتُ , فَلِيَ النَّارُ "

ذكر السجود في ص

ذِكْرُ السُّجُودِ فِي ص

2812 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي ص " وَلَيْسَتْ مِنَ الْعَزَائِمِ

ذكر العلة التي لها سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ص

ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ص

2813 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ السُّجُودِ، فِي ص فَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّا نَسْجُدُ فِي ص وَتَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} حَتَّى بَلَغَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] قَالَ: كَانَ -[254]- دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ فِي ص، فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُمْ سَجَدُوا فِيهَا

2814 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ يَسْجُدُ فِي ص قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ , فَقَالَ: إِنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَسْجُدُ فِيهَا "

2815 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَسْجُدُ فِي ص "

2816 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ مُجَاهِدًا، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: «أَفِي ص سَجْدَةٌ؟» قَالَ: نَعَمْ , ثُمَّ تَلَا {وَوَهَبْنَا لَهُ} [الأنعام: 84] حَتَّى بَلَغَ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] الْآيَةَ , فَقَالَ: «هُوَ مِنْهُمْ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ، أَوِ ابْنَ عُمَرَ قَرَأَ ص عَلَى الْمِنْبَرِ , فَنَزَلَ، فَسَجَدَ فِيهَا، ثُمَّ عَلَا عَلَى الْمِنْبَرِ "

2817 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «فِي ص سَجْدَةٌ»

2818 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: «كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي ص , وَبَعْضُهُمْ لَا يَسْجُدُ، فَأَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ , فَافْعَلْ» وَفَعَلَ ذَلِكَ طَاوُسٌ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَسْرُوقٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يَسْجُدَ فِي ص وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرَى السُّجُودَ فِيهَا. وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ , لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِيهَا

2819 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْجُدُ فِي ص قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ»

ذكر السجود في النجم

ذِكْرُ السُّجُودِ فِي النَّجْمِ

2820 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي النَّجْمِ , فَسَجَدَ فِيهَا , وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، إِلَّا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّهُ أَخَذَ كَفَّ تُرَابٍ , أَوْ حَصًى , فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ , وَقَالَ: «هَذَا يَكْفِينِي» , قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ قُتِلَ كَافِرًا»

2821 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمُسْلِمُونَ فِي النَّجْمِ، إِلَّا رَجُلَيْنِ , أَرَادَا بِذَلِكَ الشُّهْرَةَ»

ذكر ترك السجود في النجم

ذِكْرُ تَرْكِ السُّجُودِ فِي النَّجْمِ

2822 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ , فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ فِي النَّجْمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِفَرْضٍ، إِذْ لَوْ كَانَ فَرْضًا مَا تَرَكَ السُّجُودَ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ فِي النَّجْمِ فَكَانَ عُمَرُ -[257]- بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُونَ فِي النَّجْمِ، وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ , فَذَكَرَ النَّجْمَ. وَمِمَّنْ رَأَى السُّجُودَ فِي النَّجْمِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2823 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَسْجُدُ فِي النَّجْمِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ سُورَةً أُخْرَى»

2824 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، أَنَّ عُثْمَانَ، قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ بِالنَّجْمِ , فَسَجَدَ "

2825 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ إِذَا قَرَأَ النَّجْمَ سَجَدَ فِيهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ رَكَعَ "

2826 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِالنَّجْمِ , فَسَجَدَ -[258]- فِي آخِرِهَا، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ الْآيَةَ , فَرَكَعَ وَسَجَدَ "

2827 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعٌ: الم، وَحم تَنْزِيلٌ، وَالنَّجْمُ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الْآيَةَ "

2828 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَجَدَ فِي النَّجْمِ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: " وَهُوَ: «أَنْ لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ» هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي بَابٍ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ

2829 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ، أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْلِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ , فَسَجَدَ , وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةُ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ , فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ , قَالَ: وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ " -[259]- قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ قَالَ: " لَمْ تُفْرَضُ السُّجُودُ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: " وَأَمَّا النَّجْمُ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ وَجَمَاعَةَ النَّاسِ كَانُوا لَا يَسْجُدُونَ فِيهَا، يَجْعَلُونَهَا رَاحَةً , وَإِنْ سَجَدَ بِهَا رَجُلٌ فَحَسَنٌ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي السُّجُودِ فِي النَّجْمِ: إِنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ , وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ، لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَجَدَ فِيهَا مَرَّةً، وَتَرَكَ أَنْ يَأْمُرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا , لِيَدُلَّ بِفِعْلِهِ حَيْثُ سَجَدَ فِيهَا عَلَى أَنَّ السُّجُودَ فِيهَا فَضِيلَةٌ، وَلِيَدُلَّ بِتَرْكِهِ الْأَمْرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا عَلَى أَنَّ السُّجُودَ فِيهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ

ذكر السجود في إذا السماء انشقت

ذِكْرُ السُّجُودِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ

2830 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ كَانَ يَسْجُدُ فِيهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ -[260]- بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ

2831 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللهِ يَسْجُدَانِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ أَحَدَهُمَا "

2832 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "

2833 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْجُدُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "

2834 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، قَالَ: ثنا أَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ , فَقَرَأَ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ , وَسَجَدْنَا مَعَهُ "

2835 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ " -[261]- وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ، وَأَنَا أَذْكُرُ قَوْلَهُمْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

ذكر السجود في اقرأ باسم ربك الذي خلق ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سجد في اقرأ باسم ربك الذي خلق وقد ذكرت إسناده فيما مضى. وقد اختلف أهل العلم في السجود في اقرأ باسم ربك الذي خلق، فكان علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، يقولان: عزائم

ذِكْرُ السُّجُودِ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى. -[262]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، فَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، يَقُولَانِ: عَزَائِمُ السُّجُودِ. فَذَكَرَا مِنْهَا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا , فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأْهَا

2836 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، أَيْضًا، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «الْعَزَائِمُ أَرْبَعٌ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ وَحم السَّجْدَةُ وَالنَّجْمُ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»

2837 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعٌ الم تَنْزِيلُ، وَحم السَّجْدَةُ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»

2838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا الْمُقْرِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا , فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأْهَا» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، يَرَوْنَ السُّجُودَ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ -[263]- بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْمُفَصَّلِ فِي غَيْرِ سُورَةٍ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ نَقُولُ

2839 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ»

2840 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَا: «لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ»

2841 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ»

ذكر السجود في الحج قال أبو بكر: كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن السجدة الأولى من سورة الحج ثابتة، وممن ثبت ذلك عنه عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، وروي ذلك عن أبي موسى الأشعري، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمر، وأبي عبد

ذِكْرُ السُّجُودِ فِي الْحَجِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ ثَابِتَةٌ، وَمِمَّنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، -[264]- وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2842 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ صَلَاةً , فَقَرَأَ فِيهَا بِالْحَجِّ , فَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ، قُلْتُ: الصُّبْحُ؟ قَالَ: الصُّبْحُ "

2843 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ "

2844 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَسْجُدَانِ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ , قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «لَوْ سَجَدْتُ فِيهَا وَاحِدَةً , كَانَتِ السَّجْدَةُ فِي الْآخِرَةِ أَحَبَّ إِلَيَّ» , قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ "

2845 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ "

2846 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى، قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، -[265]- فَسَجَدَ بِالنَّاسِ سَجْدَتَيْنِ "

2847 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ "

2848 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ , الْأُولَى عَزِيمَةٌ، وَالْأُخْرَى تَعْلِيمٌ» وَاخْتَلَفُوا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ: كَانَ يَرَى أَنْ يَسْجُدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَسْجُدُونَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ -[266]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ , كَذَلِكَ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ

2849 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، أَنَّ مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ أَبَا الْمُصْعَبِ، حَدَّثَهُ , أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا» وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي سُورَةِ الْحَجِّ الْأُولَى عَزِيمَةٌ , وَالْأُخْرَى تَعْلِيمٌ، وَكَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ

2850 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فِي سُورَةِ الْحَجِّ الْأُولَى عَزِيمَةٌ , وَالْأُخْرَى تَعْلِيمٌ، وَكَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا»

2851 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْعُرْبَانِ الْمُجَاشِعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ

ذكر اختلاف أهل العلم في عدد سجود القرآن اختلف أهل العلم في عدد سجود القرآن: فروينا عن ابن عباس، وابن عمر أنهما كانا يعدان سجود القرآن، فقالا: " الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحج أولها، والفرقان وطس، والم تنزيل، وص، وحم

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ: فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَعُدَّانِ سُجُودَ الْقُرْآنِ، فَقَالَا: «الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجَّ أَوَّلُهَا، وَالْفُرْقَانَ وَطس، وَالم تَنْزِيلُ، وَص، وَحم السَّجْدَةَ، إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً» . وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ عَدَّهَا عَشْرًا، وَأَسْقَطَ السُّجُودَ فِي ص، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ

2852 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " عَدَّ ابْنُ عَبَّاسٍ سُجُودَ الْقُرْآنِ عَشْرًا الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجَّ، وَالْفُرْقَانَ، وَطس الْوُسْطَى، وَالم تَنْزِيلُ، وَحم السَّجْدَةَ، قُلْتُ: وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي ص سَجْدَةٌ؟ قَالَ: لَا "

2853 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ يَعُدَّانِ كَمْ فِي الْقُرْآنِ مِنْ سَجْدَةٍ؟ قَالَا: «الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجَّ، أَوَّلَهَا، وَالْفُرْقَانَ، وَطس، وَالم تَنْزِيلُ، وَص، وَحم السَّجْدَةَ، إِحْدَى عَشْرَةَ»

2854 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، -[268]- قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «فِي الْقُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً , فَعَدَّهُنَّ» كَمَا ذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سُجُودُ الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً , فِي الْحَجِّ مِنْهَا سَجْدَتَانِ، وَفِي الْمُفَصَّلِ ثَلَاثَةٌ، وَلَيْسَ فِي ص مِنْهَا شَيْءٌ , هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَدَدِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَثْبَتَ السُّجُودَ فِي ص وَأَسْقَطَ السُّجُودَ مِنْ سُورَةِ النَّجْمِ، وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّ فِي هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ خَمْسَ عَشْرَةَ: الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ مُبَارَكَتَانِ، وَفِي الْفُرْقَانِ، وَالنَّمْلِ، وَالم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ , وَفِي ص، وَفِي حم السَّجْدَةِ، وَفِي النَّجْمِ، وَفِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَمَا قَالَ إِسْحَاقُ , إِلَّا فِي السُّجُودِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا: فِيهَا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ كَقَوْلِهِ فِي سَائِرِ سُجُودِ الْقُرْآنِ

ذكر اختلاف أهل العلم في الآية التي يسجد فيها من: حم السجدة " اختلف أهل العلم في الآية التي يسجد فيها من حم السجدة , فقالت طائفة: يسجد في الأولى منهما إن كنتم إياه تعبدون الآية، روي هذا القول عن ابن عمر: وابن عباس

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْآيَةِ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا مِنْ: حم السَّجْدَةِ " اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْآيَةِ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا مِنْ حم السَّجْدَةِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسْجَدُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172] الْآيَةَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَابْنِ عَبَّاسٍ

2855 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنِ -[269]- الْحَجَّاجِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي الْأُولَى مِنْ الحم "

2856 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي أَوَّلِ الْآيَتَيْنِ مِنْ الحم " وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يَسْجُدُونَ بِالْأُولَى، وَقَالَ الْأَعْمَشُ: «أَدْرَكْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبَا صَالِحٍ، وَطَلْحَةَ، وَزُبَيْدًا، يَسْجُدُونَ بِالْآيَةِ الْأُولَى مِنْ حم السَّجْدَةِ» . -[270]- وَقَالَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: السَّجْدَةُ فِيهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] الْآيَةَ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَثْبَتُ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ

2857 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَسْجُدُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ حم {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] الْآيَةَ "

ذكر الدليل على ضد قول من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في المفصل بعد هجرته إلى المدينة

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ

2858 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْجُدُ فِي إِذَا -[271]- السَّمَاءُ انْشَقَّتْ الْآيَةَ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقُلْتُ لَهُ حِينَ انْصَرَفَ: لَقَدْ سَجَدْتَ فِي سُورَةٍ , مَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْجُدُونَ فِيهَا؟ قَالَ: إِنِّي لَوْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا لَمْ أَسْجُدْ " 2859 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَدِيثٌ قَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي مَوْضِعِ شَاهِدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَوْضِعٍ نَاهٍ لِلشَّيْءِ، وَالشَّاهِدُ الْمُخْبِرُ أَوْلَى مِنَ الشَّاهِدِ النَّاهِي الَّذِي لَيْسَ شَاهِدَ بِخَبَرٍ

ذكر السجود في الصلاة المكتوبة

ذِكْرُ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ

2860 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ , فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ فَسَجَدَ فِيهَا , فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ "

ذكر ما يقال في سجود القرآن

ذِكْرُ مَا يُقَالُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ

2861 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي جَدُّكُ ابْنُ أَبِي يَزِيدَ، يَعْنِي: عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ، فَرَأَيْتُنِي كَأَنِّي قَرَأْتُ سَجْدَةً , فَسَجَدْتُ، فَكَأَنِّي رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ تَسْجُدُ بِسُجُودِي، فَكَأَنِّي أَسْمَعُهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ تَقُولُ: اللهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَاقْبَلْهَا مِنِّي , كَمَا قَبِلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَةَ , فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ الرَّجُلُ عَنِ كَلَامِ السَّجْدَةِ "

2862 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ , بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: " لِيَقُلْ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، إِلَى الْخَالِقِينَ» ، وَرَبِّ ظَلَمْتُ نَفْسِي , فَاغْفِرْ لِي , إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ "

جماع أبواب السجود

جِمَاعُ أَبْوَابِ السُّجُودِ

ذكر القارئ يقرأ السجدة بعد صلاة العصر وبعد صلاة الصبح اختلف أهل العلم في السجود بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس , فكرهت طائفة أن يقرأ السجدة في هذين الوقتين، كره ذلك مالك بن أنس، وقال أحمد: " لا يسجد إذا قرأ السجدة بعد الصبح

ذِكْرُ الْقَارِئِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَقْرَأَ السَّجْدَةَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا يَسْجُدُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا يُعِيدُهَا» وَقَالَ إِسْحَاقُ: «يُعِيدُهَا إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ» ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ , أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يَسْجُدْ فِيهَا، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصِيحُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَآهُمْ، يَعْنِي الْقُصَّاصَ , يَسْجُدُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ. وَرُوِّينَا عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّهُ قُرِئَتْ عِنْدَهُ السَّجْدَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , ثُمَّ سَجَدَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ آيَةً , أَوْ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُمْ

2863 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصِيحُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَآهُمْ، يَعْنِي الْقُصَّاصَ , يَسْجُدُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ» قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِيهِ أَيُّوبُ , عَنْ نَافِعٍ

2864 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، «قُرِئَتْ عِنْدَهُ السَّجْدَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ سَجَدَ»

2865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، -[274]- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، كَانَ يُحَدِّثُهُمْ، حَتَّى إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ قَرَأَ السَّجْدَةَ , فَسَجَدَ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا رَأَى ابْنَ آدَمَ سَاجِدًا يَبْكِي , وَيَقُولُ: ابْنُ آدَمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِالسُّجُودِ , وَدَخَلْتُ أَنَا النَّارَ بِالْجُحُودِ "

2866 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ، كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَبَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَقْرَءُونَ السَّجْدَةَ، وَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ إِذَا رَأَى أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ , يَعْنِي: سُورَةً فِيهَا سَجْدَةً , بَعْدَ الْعَصْرِ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُمْ " وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَنْهَى عَنْ سَجْدَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السُّجُودِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ. رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَأَتَيْتَ عَلَى السَّجْدَةِ فَاسْجُدْ , أَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ، وَلَا تَخْتَصِرَنَّ السَّجْدَةَ , مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَسْجُدُ فِيهَا» . وَقَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَسَجَدَ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «يَسْجُدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» : عَطَاءٌ، وَسَالِمٌ، وَالْقَاسِمُ، وَعِكْرِمَةُ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ -[275]- يَقُولُ: إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الْغَدَاةِ , أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ سَجَدَ إِذَا كَانَ وَقْتَ صَلَاةٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ , فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ , أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ , أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ , فَلْيَسْجُدْ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي السَّجْدَةِ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , قَالُوا: يَسْجُدُهَا

ذكر سجود القرآن على الراحلة قال أبو بكر: ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على راحلته تطوعا مسافرا , يومئ إيماء , فإذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان صلى على راحلته يومئ إيماء , فللساجد سجود القرآن أن يومئ بها , استدلالا بصلاة النبي

ذِكْرُ سُجُودِ الْقُرْآنِ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا مُسَافِرًا , يُومِئُ إِيمَاءً , فَإِذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى عَلَى رَاحِلَتِهِ يُومِئُ إِيمَاءً , فَلِلسَّاجِدِ سُجُودَ الْقُرْآنِ أَنْ يُومِئَ بِهَا , اسْتِدْلَالًا بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّاحِلَةِ. عَلَى أَنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ , بَلْ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , وَابْنُ عُمَرَ

2867 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَبْرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ , وَأَنَا مُقْبِلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ , عَنِ الرَّجُلِ، يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى الدَّابَّةِ؟ قَالَ: «يُومِئُ»

2868 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثُوَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ , فَيُومِئُ "

2869 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ -[276]- جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ , فَيُومِئُ " وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُسَافِرُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ أَنْ يُومِئَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُجْزِي الْمُسَافِرَ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُسَافِرًا أَنْ يُومِئَ إِيمَاءً

ذكر الماشي يقرأ السجدة اختلف أهل العلم في الماشي يقرأ السجدة , فقالت طائفة: يومئ، كذلك قال: الأسود بن يزيد، وفعل ذلك علقمة، وأبو عبد الرحمن، وقال كردوس: يومئ، وروي عن عطاء أنه قال: " إذا قرأت السجدة حول البيت فاستقبل القبلة , وأوم إيماء " وروينا

ذِكْرُ الْمَاشِي يَقْرَأُ السَّجْدَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَاشِي يَقْرَأُ السَّجْدَةَ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُومِئُ، كَذَلِكَ قَالَ: الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَلْقَمَةُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ كُرْدُوسٌ: يُومِئُ، وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ السَّجْدَةَ حَوْلَ -[277]- الْبَيْتِ فَاسْتَقْبَلِ الْقِبْلَةَ , وَأَوْمِ إِيمَاءً» وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ: يُومِئُ , أَوْ قَالَ: يَسْجُدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَسْجُدَ , وَلَا يُومِئُ , رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَسْجُدُ وَلَا يُومِئُ، فَرَّقُوا بَيْنَ الْمَاشِي وَالرَّاكِبِ فِي ذَلِكَ

ذكر التكبير لسجود القرآن اختلف أهل العلم فيمن قرأ سجدة من سجود القرآن، فقالت طائفة: " يكبر إذا سجد , كذلك قال ابن سيرين، وأبو قلابة، والنخعي، والحسن، ومسلم بن يسار، وأبو عبد الرحمن السلمي، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي وكان

ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِسُجُودِ الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ قَرَأَ سَجْدَةً مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " -[278]- يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ , كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَكَانَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ: «يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ وَيُكَبِّرُ» . وَقَالَ مَالِكٌ كَقَوْلِهِمْ: «إِذَا كَانَ الْقَارِئُ فِي صَلَاةٍ، وَكَانَ يُضَعِّفُ التَّكْبِيرَ قَبْلَ السُّجُودِ وَبَعْدَ السُّجُودِ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ يَقُولَانِ: «يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ»

ذكر التسليم من سجود القرآن اختلف أهل العلم في التسليم من سجود القرآن , فقالت طائفة: " يسلم إذا رفع رأسه من السجود "، هذا قول أبي قلابة، وابن سيرين، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي الأحوص، وروي ذلك عن عطاء , وبه قال إسحاق , قال: يسلم عن يمينه: السلام

ذِكْرُ التَّسْلِيمِ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّسْلِيمِ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُسَلِّمُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ» ، هَذَا قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي الْأَحْوَصِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ , وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ , قَالَ: يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ تَسْلِيمٌ، وَمِمَّنْ كَانَ هَذَا قَوْلَهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: " أَمَّا التَّسْلِيمُ , فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟

ذكر اختصار السجود اختلف أهل العلم في اختصار السجود , فكرهت طائفة ذلك، وممن كره ذلك الشعبي، وابن سيرين، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وقال سعيد بن المسيب: مما أحدث الناس اختصار السجود، وقال أبو العالية: " كانوا يكرهون اختصار السجود "، وكره ذلك

ذِكْرُ اخْتِصَارِ السُّجُودِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اخْتِصَارِ السُّجُودِ , فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مِمَّا أَحْدَثَ النَّاسُ اخْتِصَارُ السُّجُودِ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ اخْتِصَارَ السُّجُودِ» ، وَكَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ أَحْمَدُ «إِمَّا أَنْ يَقْرَأَ آيَةً , أَوْ آيَتَيْنِ , ثُمَّ يَسْجُدَ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا بَأْسَ بِاخْتِصَارِ السُّجُودِ , هَكَذَا قَالَ النُّعْمَانُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِنْ قَرَأَ آيَةً , أَوْ آيَتَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ سُورَةً فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، أَوْ فِي صَلَاةٍ , وَيَتْرُكَ السَّجْدَةَ. وَكَرِهَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقَالَ اخْتِصَارُ السُّجُودِ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ النُّعْمَانِ، وَرَخَّصَ أَبُو ثَوْرٍ فِي اخْتِصَارِ السُّجُودِ , وَقَالَ: إِنْ شَاءَ سَجَدَ , وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَسْجُدْ. قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: السَّجْدَةُ تَطَوُّعٌ , إِنْ شَاءَ سَجَدَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَسْجُدْ

ذكر سجود من حضر القارئ لسجوده

ذِكْرُ سُجُودِ مَنْ حَضَرَ الْقَارِئَ لِسُجُودِهِ

2870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: -[281]- حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ , فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ، حَتَّى لَا يَجِدُ أَحَدٌ مِنَّا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ " اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّجْدَةِ يَسْمَعُهَا الْمَرْءُ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَ , كَذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَرُوِّينَا أَنَّ سَلْمَانَ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ قُعُودٍ , فَقَرَءُوا السَّجْدَةَ , فَسَجَدُوا , فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهَا غَدَوْنَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ قَرَأَ سَجْدَةً: أَنْتَ قَرَأْتَهَا , فَإِنْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا

2871 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ، مَرَّ بِقَاصٍّ , فَقَرَأَ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ مَعَهُ عُثْمَانُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَ، ثُمَّ مَضَى»

2872 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا، فَإِنْ مَرَرْتَ فَسَجَدُوا , فَلَيْسَ عَلَيْكَ سُجُودٌ "

2873 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ سَجْدَةً , فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا تَنْظُرُ؟ -[282]- أَنْتَ قَرَأْتَهَا , فَإِنْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا»

2874 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: مَرَّ سَلْمَانُ عَلَى قَوْمٍ قُعُودٍ , فَقَرَءُوا السَّجْدَةَ , فَسَجَدُوا , فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهَا غَدَوْنَا "

2875 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، مَرَّ بِقَاصٍّ، فَقَرَأَ الْقَاصُّ سَجْدَةً، فَمَضَى عِمْرَانُ , وَلَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ، وَقَالَ «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا» وَقَالَ مَالِكٌ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ سَجْدَةً مِنْ إِنْسَانٍ قَرَأَ بِهَا، لَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ أَنْ يَسْجُدَ» . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ» . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ قَرَأَ سَجْدَةً , وَمَعَهُ قَوْمٌ قَدْ سَمِعُوهَا أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ، وَإِنْ سَمِعُوا سَجْدَةً غَيْرَهَا , فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَسْجُدُوا، وَإِنْ مَرَّ بِكُلِّ سَجْدَةٍ فِي الْقُرْآنِ، فَلَا يَسْجُدُوا لَهَا , قَدْ سَجَدُوا لَهُ مَرَّةً، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَامُوا مِنْ مَجْلِسِهِمْ، فَعَلَى مَنْ قَامَ إِذَا سَمِعَهَا أَنْ يَسْجُدَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا» . رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ لِمَنْ سَمِعَهَا

2876 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ -[283]- عَلَى مَنْ سَمِعَهَا "

2877 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ لِمَنْ سَمِعَهَا» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَنَافِعٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «مَنْ سَمِعَ السَّجْدَةَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ سَجْدَةً , فَإِنْ كَانَ جَالِسًا إِلَيْهَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ , فَسَجَدَ , فَلْيَسْجُدْ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَحَّدْ فَأَحَبَّ الْمُسْتَمِعُ أَنْ يَسْجُدَ , فَلْيَسْجُدْ»

ذكر الحائض تسمع السجدة اختلف أهل العلم في الحائض تسمع السجدة، فقالت طائفة: " ليس عليها أن تسجد " , كذلك قال عطاء، وأبو قلابة، والزهري، وقتادة، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري، وبه قال مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي

ذِكْرُ الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْجُدَ» , كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، -[284]- وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ: تُومِئُ بِرَأْسِهَا

2878 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أبان الْعَطَّارِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: وَتَقُولُ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ»

ذكر الرجل يسمع السجدة وهو على غير وضوء واختلفوا في الرجل يسمع السجدة وهو غير طاهر، فقالت طائفة: يتوضأ ويسجد , هكذا قال النخعي، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه، وقال الثوري: يقضيها إذا اغتسل، كأنه أراد الجنب يسمع السجدة، وقال أصحاب الرأي: " يتوضأ

ذِكْرُ الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ وَيَسْجُدُ , هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَقْضِيَهَا إِذَا اغْتَسَلَ، كَأَنَّهُ أَرَادَ الْجُنُبَ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: " يَتَوَضَّأُ وَيَسْجُدُ، لَا يَتَيَمَّمُ وَيَسْجُدُ، فَإِنْ فَعَلَ , فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُعِيدَ، وَقَالُوا: إِنْ سَمِعَهَا وَهُوَ جُنُبٌ سَجَدَهَا إِذَا اغْتَسَلَ ". وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ النَّخَعِيُّ , قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ السَّجْدَةَ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ , تَيَمَّمْ , ثُمَّ اسْجُدْ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ , قَالَ: يَسْجُدُ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ

ذكر المرء يسمع السجدة وهو في الصلاة واختلفوا في الرجل يسمع السجدة وهو في الصلاة , فقالت طائفة: يسجد , إلا أن يكون ساجدا، وهذا قول النخعي، وروي ذلك عن الشعبي. وقال الحكم وحماد: يسجد. وقالت طائفة: لا يسجد كذلك قال الحسن، وأبو قلابة، وجابر بن زيد،

ذِكْرُ الْمَرْءِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ , إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَاجِدًا، وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: يَسْجُدُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَسْجُدُ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ بِلَالٍ: ابْنُ سِيرِينَ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: يَسْجُدُ إِذَا انْصَرَفَ

ذكر السجدة تكون آخر السورة كان عبد الله بن مسعود يقول في السجدة تكون خاتمة السورة: إن شئت ركعت , وإن شئت سجدت

ذِكْرُ السَّجْدَةِ تَكُونُ آخِرَ السُّورَةِ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي السَّجْدَةِ تَكُونُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ: إِنْ شِئْتَ رَكَعْتَ , وَإِنْ شِئْتَ سَجَدْتَ

2879 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ فَإِنْ شِئْتَ رَكَعْتَ، وَإِنْ شِئْتَ سَجَدْتَ» وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ: " يُجْزِيهِ إِنْ رَكَعَ بِهَا، وَكَذَلِكَ -[286]- قَالَ عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَمَسْرُوقٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ، وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ رَكَعَ بِهَا. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: «إِنْ شِئْتَ فَارْكَعْ بِهَا , وَإِنْ شِئْتَ فَاسْجُدْ» . وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَقْرَأُ السَّجْدَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَأْتَمُّونَ بِهَا. هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «هِيَ إِمَامُكَ»

ذكر سجود الشكر اختلف أهل العلم في سجود الشكر , فاستحبت فرقة منهم بسجود الشكر، وممن استحب ذلك الشافعي، وقال أحمد: لا بأس بسجدة الشكر، وقال إسحاق سنة، وكذلك قال أبو ثور، وقال: قد فعل ذلك غير واحد من أهل العلم. وكرهت فرقة سجود الشكر , وممن كره ذلك

ذِكْرِ سُجُودِ الشُّكْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ , فَاسْتَحَبَّتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بِسُجُودِ الشُّكْرِ، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِسَجْدَةِ الشُّكْرِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ سُنَّةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَرِهَتْ فِرْقَةٌ سُجُودَ الشُّكْرِ , وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ , وَزَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالنُّعْمَانُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَلَيْسَ لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَعْنًى، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهَا عَنِ النَّخَعِيِّ , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ سَجْدَةَ الْفَرَحِ.

2880 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ شَيْءٌ يَسُرُّهُ، أَوْ جَاءَهُ سُرُورٌ , خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ "

2881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنَا شَعْثَاءُ، قَالَتْ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ , -[288]- فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا صَلَّيْتَهَا إِلَّا رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحِينَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ رَكْعَتَيْنِ " وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ سَجَدَ حِينَ جَاءَهُ فَتْحُ الْيَمَامَةِ، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَجَدَ حِينَ وَجَدَ ذَا الثُّدَيَّةِ، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ خَرَّ سَاجِدًا. وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ , أَنَّهَا سَجَدَتْ لَمَّا وَجَدَتْ شَيْئًا كَانَ ذَهَبَ لَهَا، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا إِيَّاهُ

2882 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ جَاءَهُ فَتْحُ الْيَمَامَةِ "

2883 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ، فَقَالَ: الْتَمِسُوا ذَا الثُّدَيَّةِ، فَالْتَمَسُوهُ , فَجَعَلُوا لَا يَجِدُونَهُ، فَجَعَلَ يَعْرَقُ جَبِينُ عَلِيٍّ , وَيَقُولُ: وَاللهِ مَا كَذَبْتُ , وَلَا كُذِبْتُ , فَالْتَمِسُوهُ , قَالَ: فَوَجَدْنَاهُ فِي دَالِيَّةٍ، أَوْ جَدْوَلٍ تَحْتَ قَتْلَى، فَأُتِي بِهِ عَلِيٌّ، فَخَرَّ سَاجِدًا "

2884 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ تَوْبَتُهُ، خَرَّ سَاجِدًا "

2885 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُجَاهِدٌ، قَالَ: ثنا شُعَيْبٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: كَانَ عِنْدَ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ فِي سَفَطٍ، فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ ذَهَبَ، فَأَرْسَلَتْ طَارِقًا فِي طَلَبِهِ، فَجَاءَهَا بِهِ , فَسَجَدَتْ "

كتاب الكسوف

كِتَابُ الْكُسُوفِ ذكر الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر وبيان أنهما لا ينكسفان ملوت أحد ولا لحياته وأنهما آيتان من آيات الله 2886 - حدثنا أبو أحمد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أخبرنا يعلى قال: ثنا إسماعيل عن قيس عن أبي مسعود الأنصاري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: إن الشمس والقمر ليستا ينكسفان لموت أحد من الناس، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموها فقوموا فصلوا. ذكر الخبر الدال على أن كسوفهما تخويف من الله عباده قال الله جل ذكره: (وما نرسل بالاَيات إلا تخويفا) الآية 2887 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق قال: ثنا موسى بن عبد الرحمن قال: ثنا أبو أسامة عن يزيد عن أبيه عن أبي موسى قال: انكسفت الشمس في زمن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد فقام يصلي، وأطال القيام والركوع والسجود، وما رأيته فعله في صلاة قط، ثم قال: إن هذه الآيات التى ترسل لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها ليخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه، واستغفروه.

ذكر الخطبة على المنبر والأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير مع الصلاة عند الكسوف إلى أن ينجلي

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ مَعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْكُسُوفِ إِلَى أَنْ يَنْجَلِيَ

2888 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَأَنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ , فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاحْمَدُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَسَبِّحُوا، وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفَ» , قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: «حَتَّى يَنْجَلِيَ كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفَ» دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ

ذكر رفع اليدين عند الدعاء والتكبير والتسبيح في الكسوف

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ فِي الْكُسُوفِ

2889 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَرْمِي بِسَهْمٍ لِي فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ , فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ مَا يُحَدِّثُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الْيَوْمِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو , حَتَّى حُسِرَ عَنِ الشَّمْسِ، فَقَرَأَ بِسُورَتَيْنِ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ "

ذكر الأمر بالدعاء مع الصلاة عند كسوف الشمس والقمر

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ مَعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

2890 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ , فَقَامَ إِلَى الْمَسْجِدِ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، يَعْنِي: مِنَ الْعَجَلَةِ، قَالَ: فَثَابَ النَّاسُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلُّونَ، فَلَمَّا كُشِفَتْ، خَطَبَنَا فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ , يُخَوِّفُ اللهُ بِهَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا، فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ صَلَاتِهِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالِاسْتِحْبَابُ أَنْ يُصَلَّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ فِي الْمَسْجِدِ، خِلَافَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهَا الْإِمَامُ إِلَى الْمُصَلَّى، وَكَذَلِكَ الْعِيدَيْنِ، وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فِي الْمُصَلَّى، وَصَلَّى الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءَ فِي الْمَسْجِدِ أَجْزَأَ ذَلِكَ، وَاتِّبَاعُ السُّنَنِ أَفْضَلُ

ذكر النداء بأن الصلاة جامعة , وإسقاط الآذان والإقامة في صلاة الكسوف

ذِكْرُ النِّدَاءِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ , وَإِسْقَاطِ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

2891 - حَدَّثَنَا نَصْرِيُّ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحٍ الْجَرْجَرَائِيُّ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى: «الصَّلَاةَ جَامِعَةَ» ، وَاصْطَفُّوا , فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ

ذكر قدر القراءة في صلاة الكسوف وإطالة القراءة فيها

ذِكْرُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَإِطَالَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا

2892 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ , فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا , وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا , وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ , فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ , لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللهَ» ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ فِي مَقَامِكَ هَذَا شَيْئًا , ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَأَنَّكَ تَكَعْكَعْتَ قَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ , فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ، أَوْ، أُرِيتُ النَّارَ، وَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ: " يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَةِ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ "

ذكر الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس اختلف أهل العلم في الجهر بالقراءة في صلاة خسوف الشمس , فقالت طائفة: يجهر بالقراءة فيها، فممن روينا عنه أنه جهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس علي بن أبي طالب، وفعل ذلك عبد الله بن يزيد، وبحضرته البراء بن عازب، وزيد

ذِكْرُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، وَبِحَضْرَتِهِ الْبَرَاءُ -[297]- بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

2893 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ يَسْتَسْقِي , وَخَرَجَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ، فَقَامَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ , فَاسْتَسْقَى، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَنَحْنُ خَلْفَهُ، يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُؤَذِّنْ يَوْمَئِذٍ , وَلَمْ يَقُمْ "

2894 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْهَرُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ بِالْقِرَاءَةِ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاحْتَجَّ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَا: لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ لَخَبَّرَ بِالَّذِي قَرَأَ، وَلَمْ يُقَدِّرْ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ آخِرُ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ

2895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: سُفْيَانُ , عَنِ الْأَسْوَدِ -[298]- بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، لَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ بِأَنَّ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ حُجَّةٌ , لَوْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ عِلَّةً، وَعَائِشَةُ تُخْبِرُ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، فَإِنَّ قَبُولَ خَبَرِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى شَاهِدٍ، فَقَبُولُ شَهَادَتِهَا يَجِبُ، وَالَّذِي لَمْ يَحْكِ الْجَهْرَ فِي مَعْنَى نَافِي، وَلَيْسَ بِشَاهِدٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَدَّرَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، وَتَكُونُ عَائِشَةُ سَمِعَتِ الْجَهْرَ , فَأَدَّتْ مَا سَمِعَتْ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَوْ لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ لَكَانَ أَشْبَهَ الْأَمْرِ مِنَ الْجَهْرِ تَشَبُّهًا بِالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ , وَكُلُّ ذَلِكَ نَهَارًا. قَالَ: وَأَمَّا كُسُوفُ الْقَمَرِ , فَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى الْجَهْرِ فِي صَلَاتِهِ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ اللَّيْلِ عَلَى الْجَهْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِهَذَا أَقُولُ، يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

2896 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: " انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ قَالَتْ: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ "

2897 - وَمِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَمِرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ , وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، فَلَمَّا رَكَعَ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَ , رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»

ذكر الأخبار في عدد صلاة الخسوف , صلاة الكسوف بركعتين في أربع سجدات

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ فِي عَدَدِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ , صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ

2898 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ»

2899 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ , يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُهُ، فَقَامَ بِالنَّاسِ , فَقِيلَ: لَا يَرْكَعُ، وَرَكَعَ , فَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ، وَرَفَعَ , فَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ، وَسَجَدَ , فَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ، وَجَلَسَ , فَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ، وَسَجَدَ , فَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ، ثُمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَةِ , فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَجَلَّتِ الشَّمْسُ " فَقَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَالَ: صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَنْجَلِيَ نَحْوًا مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَبِقَوْلِ النَّخَعِيِّ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ

ذكر صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات

ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ

2900 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّمْسُ انْكَسَفَتْ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَصَفْتُ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَابِ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ

ذكر صلاة الكسوف ست ركعات في أربع سجدات

ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ

2901 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَانْحَدَرَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إِلَّا الَّذِي قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّذِي بَعْدَهَا، إِلَّا أَنَّ رُكُوعَهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ تَأَخَّرَ فِي صَلَاتِهِ فَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ -[301]- مَعَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَامَ فِي مَقَامِهِ وَتَقَدَّمَتِ الصُّفُوفُ، فَقَضَى الصَّلَاةَ وَقَدْ آضَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ بَشَرٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةَ، أَنَّهُمَا صَلَّيَا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ

2902 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فِي صِفَةِ زَمْزَمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ "

2903 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، صَلَّى فِي الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ "

ذكر صلاة الكسوف ثماني ركعات في أربع سجدات

ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ

2904 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا صَلَّيَا هَذِهِ الصَّلَاةَ

2905 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ قَالَ: فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ قَامَ فَدَعَا، ثُمَّ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَةٍ يَدْعُو فِيهِنَّ بَعْدَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَحْزِرُونَ قِيَامَ عَلِيٍّ فِي الْقِرَاءَةِ قَالَ: الرُّومُ، أَوْ يس، أَوِ الْعَنْكَبُوتُ "

2906 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلَى ظَهْرِ صُفَّةِ زَمْزَمَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَةَ رَكَعَاتٍ "

ذكر صلاة الخسوف عشر ركعات في أربع سجدات

ذِكْرُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ

2907 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ عَلِيُّ فَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَا صَلَّاهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِي " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ حَكَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَقَدْ رُوِّينَا -[303]- عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ الْعَلَاءُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ: يَقُومُ فَيُكَبِّرُ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ سَجَدَ، ثُمَّ شَفَعَ إِلَيْهَا بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ لَمْ يَسْجُدْ أَبَدًا حَتَّى يَنْجَلِيَ. وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَسِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُؤْتَلَفٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَزِيدُ مِنَ الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدِ انْجَلَتْ، وَإِذَا انْجَلَتِ الشَّمْسُ سَجَدَ، فَمِنْ هُنَا صَارَ زِيَادَةُ الرَّكَعَاتِ، وَلَا يُجَاوِزُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِنَا مُثْبَتًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْأَخْبَارُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ، فَإِنْ أَحَبَّ الْمُصَلِّي رَكَعَ فِي كُلِّ رُكُوعِهِ رُكُوعَيْنِ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ ثَابِتَةٌ، وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ مَرَّاتٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي عَدَدِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عِلَّةً إِلَّا خَبَرَ عَلِيٍّ فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، فَأَمَّا سَائِرُ -[304]- الْأَخْبَارِ فَالْعَمَلُ بِهَا كُلِّهَا جَائِزٌ

ذكر قدر القراءة في صلاة الكسوف واختلفوا في قدر القراءة في صلاة الخسوف فقرأ ابن عباس في الركعات الأولى بالبقرة، وقرأ في الركعات الأواخر بسورة آل عمران، وروينا عنه أنه قرأ في الركعة الأولى بسورة البقرة وفي الأخرى بآل عمران، وروي عن علي أنهم حزروا قراءته

ذِكْرُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الرَّكَعَاتِ الْأُولَى بِالْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي الْأُخْرَى بِآلِ عِمْرَانَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُمْ حَزَرُوا قِرَاءَتَهُ الرُّومَ أَوْ يس أَوِ الْعَنْكَبُوتَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبَّانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي كُسُوفٍ سَأَلَ سَائِلٌ

2908 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْآيَاتِ بِالْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ " وَقَالَ: وَلَوْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ لَرَكَعَ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ

2909 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفِي الْآخِرَةِ بِآلِ عِمْرَانَ " وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: " أُحِبُّ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَيُكَبِّرُ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ كَمَا يَفْتَتِحُ الْمَكْتُوبَةَ، ثُمَّ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ إِنْ كَانَ يَحْفَظُهَا، أَوْ قَدْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ إِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ وَيَجْعَلُ رُكُوعَهُ قَدْرَ قِرَاءَةِ مِائَةِ آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَتَيْ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَقُومُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ سَبْعِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ -[305]- الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَسْجُدُ وَإِذَا جَاوَزَ هَذَا فِي بَعْضٍ أَوْ جَاوَزَهُ فِي كُلٍّ أَوْ قَصَرَ عَنْهُ فِي كُلٍّ إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي مَبْدَإِ الرَّكْعَةِ، وَعِنْدَ رَفْعِهِ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَبْلَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَجْزَأَهُ ". وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " يُكَبِّرُ الْإِمَامُ لِلْافْتِتَاحِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ مِنَ الِاسْتِفْتَاحِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْمَكْتُوبَاتِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْإِمَامُ ذَلِكَ قَرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا شَاءَ وَيَتَوَخَّى أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَرْكَعُ فَلَا يَزَالُ رَاكِعًا كَقَدْرِ الْقِيَامِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ، يَبْدَأُ بِثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يُسَبِّحُ وَيَحْمَدُ اللهَ مَا دَامَ رَاكِعًا، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ قَدِ انْجَلَتْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَخَفَّفَهَا كَمَا كَانَ يَتَطَوَّعُ قَبْلَهُ لَمَّا انْجَلَتِ الشَّمْسُ قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى مَا ذِكْرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَاللهُ أَعْلَمُ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُثْبَتُ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ وَلَمْ تَنْجَلِ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يَقُومُ قَائِمًا وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَنَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قِيَامَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَانَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْكَعُ دُونَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَنَحْوِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ حَسَنٌ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ وَلَا يُطَوِّلُ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا طَوَّلَ الرُّكُوعَ لِمَا لَمْ يُذْكَرْ فِي عَامَّةِ الْحَدِيثِ طُولُ الْمُكْثِ فِيهَا، فَإِنْ مَكَثَ فِيهِمَا كَنَحْو مِنَ الرُّكُوعِ جَازَ ذَلِكَ لِمَا ذِكْرُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فَاسْتَوَى قَائِمًا قَرَأَ فِي قِيَامِهِ بِنَحْوِ نِصْفِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ يَثْبُتُ رَاكِعًا قَدْرَ نِصْفِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقْرَأُ كَقَدْرِ، أَظُنُّهُ قَالَ: نِصْفِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ ثُلُثِهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَثْبُتُ كَقَدْرِ نِصْفِ مَا وَقَفَ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ "

ذكر قدر السجود في صلاة الخسوف كان مالك بن أنس يقول: لم أسمع أن السجود يطول في صلاة الكسوف، وهذا مذهب الشافعي، وإسحاق. وقد رأت طائفة من أصحاب الحديث تطويل السجود فيها، واحتجوا بأحاديث رويت في ذلك منها حديث عائشة

ذِكْرُ قَدْرِ السُّجُودِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ السُّجُودَ يَطُولُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَدْ رَأَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ تَطْوِيلَ السُّجُودِ فِيهَا، وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ

2910 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْحُمَيْدِيّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ، تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ " وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَطْوِيلِ السُّجُودِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر القيام بعد رفع الرأس من الركوع، وبعد قول: سمع الله لمن حمده في صلاة الخسوف، وذكر الدعاء والرغبة إلى الله في الجلوس في آخر صلاة الكسوف حتى تنجلي

ذِكْرُ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَبَعْدَ قَوْلِ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَذِكْرُ الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللهِ فِي الْجُلُوسِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ حَتَّى تَنْجَلِيَ

2911 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حُرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ رَجُلٍ يُدْعَى حَنَشًا، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلِيُّ بِالنَّاسِ بَدَأَ فَقَرَأَ بِـ يس أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِنْ قَدْرِ سُورَةٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ قَدْرَ السُّورَةِ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ، ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ قِرَآتِهِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ أَيْضًا قَدْرَ السُّورَةِ، ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ ذَلِكَ أَيْضًا، حَتَّى رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَفَعَلِ كَفِعْلِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو وَيَرْغَبُ حَتَّى انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ "

ذكر الخطبة بعد صلاة الكسوف

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

2912 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا ابْنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَذَكَرَتْ صَلَاتَهُ قَالَتْ: ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَيْنِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَتَصَدَّقُوا» ، وَقَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا -[308]- وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» وَمِمَّنْ أَثْبَتَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا إِلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلْكُسُوفِ خُطْبَةٌ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ، وَالْأَخْبَارُ إِذَا ثَبَتَتْ لَمْ يَضُرَّهَا تَخَلَّفُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِهَا، وَوَافَقَهُ يَعْقُوبُ فَقَالَ: لَيْسَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ خُطْبَةٌ وَلَا خُرُوجٌ إِنَّمَا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ

ذكر الأمر بالعتاقة في كسوف الشمس

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ

2913 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: «وَلَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ»

ذكر حضور النساء صلاة الخسوف

ذِكْرُ حُضُورِ النِّسَاءِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ

2914 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَأَخَذَ دِرْعًا فَلَبِسَهُ حَتَّى أُدْرِكَ -[309]- بِرِدَائِهِ، فَقَامَ بِالنَّاسِ قِيَامًا طَوِيلًا يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ، فَلَوْ جَاءَ إِنْسَانٌ بَعْدَمَا رَكَعَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُ رَكَعَ شَيْئًا، مَا حَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّهُ رَكَعَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي وَإِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ أَسْقَمُ مِنِّي قَائِمَةً، فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ أَصْبِرَ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ مِنْكِ " وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرَى بَأْسًا لِلْعَجَائِزِ اللَّاتِي قَدْ طَعَنَّ فِي السِّنِّ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمُصَلَّى قَالَ: وَأَمَّا غَيْرُهُنَّ فَلَا أُحِبُّهُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَا إِكْرَاهَ لِمَنْ لَا هَيْئَةَ لَهُ بَارِعَةً مِنَ النِّسَاءِ، وَلَا لِلْعَجُوزِ، وَلَا لِلصِّبْيَةِ شُهُودَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ مَعَ الْإِمَامِ، بَلْ أُحِبُّهَا لَهُنَّ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ لِذَاتِ الْهَيْئَةِ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي بَيْتِهَا ". وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ: يَخْرُجْنَ إِنْ كُنَّ شَوَابَّ أَوْ عَجَائِزَ، وَلَوْ كُنَّ حُيَّضًا، إِلَّا أَنَّ الْحُيَّضَ يَعْتَزِلْنَ الْمَسْجِدَ وَلَكِنْ يَقْرَبْنَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يَتَرَخَّصُ لِلْعَجُوزِ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِلشَّابَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كُنَّ النِّسَاءَ يَخْرُجْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ، وَقَدْ حَضَرْنَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَصْرِنَا قَدْ تَغَيَّرْنَ عَمَّا كُنَّ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَصَحُّ الْيَوْمَ مَنْعُهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: لَوْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ الْيَوْمَ -[310]- لَمَنَعَهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ قَصَدَ مِنْهُنَّ الْخَيْرَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُنَّ غَيْرُ ذَلِكَ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ إِلَّا الْعَجُوزَ الْكَبِيرَةَ، فَإِنَّهَا تَخْرُجُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ

ذكر صلاة الكسوف جماعة إذا تخلف الإمام عنها اختلف أهل العلم في القوم يغشاهم الكسوف، فقالت طائفة: يصلي بهم رجل منهم فعل ذلك عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسليمان التيمي، صلى كل واحد منهما بأصحابه، وممن رأى ذلك جائزا مالك بن أنس، والشافعي يريان أن يصليها

ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً إِذَا تَخَلَّفَ الْإِمَامُ عَنْهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَوْمِ يَغْشَاهُمُ الْكُسُوفُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَصْحَابِهِ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ جَائِزًا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ يَرَيَانِ أَنْ يُصَلِّيَهَا الْمُسَافِرُ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُصَلِّي النِّسَاءُ فِي بُيُوتِهِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ صَلَاةَ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً. وَلَا بُدَّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ: يُصَلُّونَ وُحْدَانًا وَلَا يَجْمَعُهُمْ رَجُلٌ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: الصَّلَاةُ فِي الْكُسُوفِ وُحْدَانًا لَا يُصَلُّونَ جَمَاعَةً، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَقَوْلِ الثَّوْرِيِّ

ذكر الصلاة عند خسوف القمر اختلفوا في الصلاة عند كسوف القمر، فرأت طائفة أن يصلى عند كسوف القمر روينا عن ابن عباس أنه فعل ذلك.

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ خُسُوفِ الْقَمَرِ اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ.

2915 - حَدَّثُونَا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عَمِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَبِيبٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ الْبَصْرِيَّ، حَدَّثَهُ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: صَلَّى بِهِمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي زَمَانِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَعِيرِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمْ تَكُنْ بِدْعَةً ابْتَدَعْتُهَا " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2916 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ» وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ذِكْرِ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَوْلَهُ: «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاحْمَدُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَسَبِّحُوا، وَصَلُّوا حَتَّى يَتَجَلَّى كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفْ» . -[312]- وَفِي هَذَا مِنَ الْبَيَانِ مَا لَا يُشْكَلُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يُصَلِّيَ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ جُمْلَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ مَالِكٍ فَإِنَّ ابْنَ نَافِعٍ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ صَلَاةٌ مَعْرُوفَةٌ مَحْدُودَةٌ، وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ الْقَوْمُ فُرَادَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاةِ النَّافِلَةِ. وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةٌ، وَلَا صَلَاةَ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ، وَالسُّنَّةُ دَالَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.

ذكر صلاة الكسوف بعد العصر وعند طلوع الشمس اختلف أهل العلم في صلاة الكسوف بعد العصر في وقت لا يصلى فيه، فقالت طائفة: يذكرون الله ويدعون هذا مذهب الحسن البصري، والزهري، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد، وعمرو بن شعيب، وابن أبي مليكة، وإسماعيل بن

ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي وَقْتٍ لَا يُصَلَّى فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَذْكُرُونَ اللهَ وَيَدْعُونَ هَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ،

وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُصَلَّى إِلَّا فِي حِينِ صَلَاةٍ» . وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا يُصَلَّى فِي الْكُسُوفِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: " إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَيْسَتْ بِسَاعَةِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَلَكِنِ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ حَتَّى يَنْجَلِيَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ الشَّمْسَ مَتَى انْكَسَفَتْ نِصْفَ النَّهَارِ، أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، فَلَا وَقْتَ يَحْرُمُ فِيهِ صَلَاةٌ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ إِسْحَاقُ قَالَ: وَإِنِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ كَذَلِكَ مَا لَمْ تَصِفِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ حَاجِبُ الشَّمْسِ، إِلَى أَنْ يَكُونَ قِيدَ رُمْحٍ، أَوْ رُمْحَيْنٍ، لِأَنَّهُمَا وَقْتَانِ يُصَلَّى فِيهِمَا الْفَوَائِتُ، وَالْمَكْتُوبَاتُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَوَّعَ قَبْلَ الْعَصْرِ، فَقَضَاهَا بَعْدَ الْعَصْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلَّى فِي الْكُسُوفِ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَهِيَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ غُرُوبِهَا، وَوَقْتُ الزَّوَالِ

ذكر الصلاة عند حدوث الآيات سوى الكسوف من الزلازل وغير ذلك اختلف أهل العلم في الصلاة عند حدوث الآيات غير الكسوف فقالت طائفة: يصلى استدلالا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده، وأنهما لا ينكسفان

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ حُدُوثِ الْآيَاتِ سِوَى الْكُسُوفِ مِنَ الزَّلَازِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ حُدُوثِ الْآيَاتِ غَيْرِ الْكُسُوفِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَأَنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَابَكُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَكْشِفَ مَا بِكُمْ» ، فَكَذَلِكَ الزَّلْزَلَةُ، وَالْمَعَادُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُصَلَّى عِنْدَهَا كَمَا يُصَلَّى عِنْدَ الْكُسُوفِ إِذْ كُلُّهَا آيَاتٌ مَعَ مَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي الزَّلْزَلَةِ بِالْبَصْرَةِ، وَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ، فَصَارَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَقَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ الْآيَاتِ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِيهِمَا بِالْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا سَمِعْتُمْ هَذَا مِنَ السَّمَاءِ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ

2917 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فِي الزَّلْزَلَةِ بِالْبَصْرَةِ، فَأَطَالَ الْقُنُوتَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ، فَصَارَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَقَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ الْآيَاتِ "

2918 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ لَيْلًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أَدْرِي هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَجَدْتُ قَالُوا: نَعَمْ قَدْ وَجَدْنَا، فَانْطَلَقَ مِنَ الْغَدِ، فَصَلَّى بِهِمْ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ -[315]- سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ "

2919 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ "

2920 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ هَذَا مِنَ السَّمَاءِ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ»

2921 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ، امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ الْأَرْضَ زُلْزِلَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: قَدْ أَحْدَثْتُمْ لَقَدْ عَجَّلْتُمْ " وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ قَالَ: «لَئِنْ عَادَتْ لَأُخْرُجَنَّ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ»

2922 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، أَوْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فِي الزَّلْزَلَةِ بِالْبَصْرَةِ، فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ رَكَعَ فِي رَكْعَتَيْنِ سِتَّ رَكَعَاتٍ ثَلَاثًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَاخْتَلَفَا فَقَالَ عَاصِمٌ: قَرَأَ مَا بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ خَالِدٌ: قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا ثُمَّ دَعَا بَعْدُ " وَمِمَّنْ رَأَى الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُصَلَّى عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ جَمَاعَةً ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ كَالصَّلَاةِ فِي -[316]- الْكُسُوفُ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: كُسُوفُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مِنَ الْآيَاتِ فَكُلُّ آيَةٍ تَخَافُ عِنْدَهَا صَلُّوا حَتَّى يَكْشِفَهَا اللهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا يُصَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ، وَلَا ظُلْمَةٍ، وَلَا صَوَاعِقَ، وَلَا رِيحٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يُصَلُّوا مُنْفَرِدِينَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ وَقَالَ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الْبِدَعِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي الظُّلْمَةِ تَكُونُ، أَوْ فِي الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ: الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ، وَهَذَا مَا كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: لَا تَقُولُوا: كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَلَكِنْ قُولُوا: خَسَفَتِ الشَّمْسُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَوْجُودٌ فِي الْأَخْبَارِ ذِكْرُ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ، وَلَيْسَ بِمَحْظُورٍ أَنْ يُقَالَ: خَسَفَتْ وَكَسَفَتْ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُقَالَ: خَسَفَتْ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 8] الْآيَةَ

كتاب الجنائز

كِتَابُ الْجَنَائِزِ

ذكر الأمر بتلقين الميت قول: لا إله إلا الله

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَلْقِينِ الْمَيِّتِ قَوْلَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

2923 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»

ذكر وجوب الجنة لمن كان آخر كلامه لا إله إلا الله

ذِكْرُ وُجُوبِ الْجَنَّةِ لِمَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

2924 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»

ذكر تغميض أعين الموتى

ذِكْرُ تَغْمِيضِ أَعْيُنِ الْمَوْتَى

2925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَ أَبَا سَلَمَةَ وَوَلِيَ تَغْمِيضَهُ، وَقَالَ: «إِنَّ الرُّوحَ إِذَا خَرَجَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» ، فَسَمِعَ النِّسَاءَ يَضِجْنَ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَحْضُرُونَ أَهْلَ الْمَيِّتِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِمْ، فَلَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسَكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قُبِضْتُ فَأَغْمِضُونِي

2926 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قُبِضْتُ فَأَغْمِضُونِي» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ إِذَا أَغْمَضَ الْمَيِّتَ: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ

ذكر الاستقبال بالميت إلى القبلة إذ هو من الفطرة

ذِكْرُ الِاسْتِقْبَالِ بِالْمَيِّتِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِذْ هُوَ مِنَ الْفِطْرَةِ

2927 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ سَأَلَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَغْرُورٍ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ وَقَدْ أَوْصَى لَكَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَعْنِي الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِيَّتَهُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَقَالَ: «أَصَابَ الْفِطْرَةَ أَصَابَهَا» ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَقَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَقَدْ فَعَلْتَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: إِذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاصْرِفْنِي

2928 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لِابْنِهِ: «إِذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاصْرِفْنِي» -[321]- وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ فِي مَرَضِهِ حُوِّلَ فِرَاشُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَأَمَرَ أَنْ يُعَادَ كَمَا كَانَ

ذكر تسجية الميت بعد الموت

ذِكْرُ تَسْجِيَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ

2929 - كَتَبَ إِلَيَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَقِيلٍ أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِيَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ» يُصَدِّقُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ

ذكر وضع السيف على بطن الميت قال أبو بكر: ليس في وضع السيف، أو الحديد على بطن الميت سنة مضت، روينا عن الشعبي أنه قال: " إنما يوضع ذلك مخافة أن ينتفخ " قال: " ولا عليك فعلت ذلك أو لم تفعل، وقال الشافعي: في هذا كأنهم يدارون أن يربو بطنه، وكلما صنعوا

ذِكْرُ وَضْعِ السَّيْفِ عَلَى بَطْنِ الْمَيِّتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي وَضْعِ السَّيْفِ، أَوِ الْحَدِيدِ عَلَى بَطْنِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ -[322]- مَضَتْ، رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا يُوضَعُ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَنْتَفِخَ» قَالَ: " وَلَا عَلَيْكَ فَعَلْتَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَفْعَلْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي هَذَا كَأَنَّهُمْ يُدَارُونَ أَنْ يَرْبُوَ بَطْنُهُ، وَكُلَّمَا صَنَعُوا مِمَّا رَجَوْا وَعَرَفُوا أَنَّ فِيهِ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ

ذكر الستر على الميت عند غسله وترك نزع القميص عنه وقت غسله قال أبو بكر: جاء الحديث عن بريدة، أنه قال: لما أخذوا في غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناداهم مناد: لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصا

ذِكْرُ السَّتْرِ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَسْلِهِ وَتَرْكِ نَزْعِ الْقَمِيصِ عَنْهُ وَقْتَ غَسْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ بُرَيْدَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غَسْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَادَاهُمْ مُنَادٍ: لَا تَنْزِعُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصًا

2930 - وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِلَ فِي قَمِيصٍ» وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَالِحٌ يُضَعَّفُ، وَقَالَ لِي مُوسَى: ابْنُ جُرَيْحٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَالِحٍ -[323]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَغَسْلُ الْمَيِّتِ فِي قَمِيصِهِ سَتْرُهُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ كَانَ فِيهِ مِنَ السَّعَةِ مَا يَتَمَكَّنُ الْغَاسِلُ مِنْ غَسْلِهِ، فَإِنْ ضَاقَ الْقَمِيصُ عَنْ أَنْ يَغْسِلَ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَغْسِلْ فِي قَمِيصٍ، فَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ مِنْهُ مَا كَانَ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي حَيَاتِهِ، جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»

2931 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» وَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى عَوْرَةِ الْمَيِّتِ خِرْقَةٌ، وَحَسَنٌ أَنْ تَكُونَ الْخِرْقَةُ تَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّةِ الْمَيِّتِ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا غَسَلَ مَيِّتًا جَلَّلَهُ بِثَوْبٍ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يُحِبُّ أَنْ يُغَسَلَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سُتْرَةٌ، وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ

ذكر إباحة تقبيل الميت

ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

2932 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا -[324]- الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ طَاهِرٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَالَ: قَدْ أَكْرَمَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَنْجَاسًا فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ نَجِسًا مَا طَهُرَ وَلَوْ غُسِلَ بِمَاءِ الدُّنْيَا، وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ نَجِسًا مَا جَازَ أَنْ يُقَبَّلَ النَّجِسُ

2933 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجَسٍ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ نَجِسًا فَاغْتَسِلُوا مِنْهُ

ذكر الدليل على أن عصبة الميت وقرابته أحق بولايته، وغسله إذا كان فيهم من يحسن الغسل من الأباعد

ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ عَصَبَةَ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتَهُ أَحَقُّ بِوِلَايَتِهِ، وَغُسْلِهِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْغُسْلَ مِنَ الْأَبَاعِدِ

2934 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، بَسُبَلَانُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: " مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا، فَقَالَ يَا سَالِمُ ادْعُ لَنَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَمَّا رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ أَجْمَعْتُ أَبْكِي فَقَالَ لِي: " مَا لَكَ لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: كَذَا كَذَا قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي أَوْ بِذِرَاعِي، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى وَصَلَ فَقَالَ: أَوْسِعُوا لِي، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] الْآيَةَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَعَلِمُوا أَنَّهُ -[325]- كَمَا قَالَ، قَالُوا: نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: وَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَدْخُلُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ، وَيَدْخُلُ آخَرُونَ فَيُكَبِّرُونَ وَيَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ أَيُدْفَنُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: أَيْنَ؟ قَالَ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ اللهُ فِيهِ رُوحَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبِضُ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ قَالَ: وَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَغْسِلُوهُ بَنُو أَبِيهِ "

ذكر عدد غسل الميت على ما يراه الغاسل من عدد الغسل

ذِكْرُ عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْغَاسِلُ مِنْ عَدَدِ الْغَسْلِ

2935 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتَهِ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ»

ذكر الخبر الدال على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بعدد غسل الميت على ما يراه غاسله بعد أن يكون عدد غسله وترا، وعلى أن معنى قوله: " إن رأيتن ذلك " وترا لا شفعا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِعَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا يَرَاهُ غَاسِلُهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ غَسْلِهِ وِتْرًا، وَعَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ» وِتْرًا لَا شَفْعًا

2936 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَهْلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: تُوُفِّيَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ، وَاغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، فَلَمَّا فَرَغْنَا -[326]- آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، فَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: ضَفَرْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَاصِيَتَهَا، وَقَرْنَيْهَا، وَأَلْقَيْنَا إِلَى خَلْفِهَا. قَالَ: وَالْحِقْوُ الْإِزَارُ

حَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: «الْحِقْوُ الْإِزَارُ، وَجَمْعُهُ حِقِيُّ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ: «أَشْعِرْنَهَا بِهِ» أَيِ اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يُغْسَلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثًا، وَعَلَى أَنَّ الْغَاسِلَ إِذَا رَأَى غُسْلَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَلَّا يَغْسِلَهُ إِلَّا وِتْرًا، وَعَلَى أَنَّ الْكَافُورَ إِنَّمَا يُجْعَلُ فِي الْآخِرَةِ، لَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ غَسْلَ الْمَيِّتِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَلْقَى إِلَيْهِنَّ حِقْوَهُ قَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ غَسْلِ الْمَيِّتِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهَ أَنْ يُجَاوِزَ بِهِ سَبْعَ غَسَلَاتٍ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِيمَا ذُكِرَ يَسْتَرْخِي إِذَا تُوبِعَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ أَنْ يُضْفَرَ شَعْرُ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثًا، نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا وَيُلْقَى خَلْفَهَا

ذكر البدء بميامن الميت ومواضع الوضوء منه في الغسل

ذِكْرُ الْبَدْءِ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهُ فِي الْغُسْلِ

2937 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» -[327]- وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: «يَبْدَأُ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ بِمَيَامِنِهِ» ، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: يَبْدَأُ بِالرَّأْسِ، ثُمَّ اللِّحْيَةِ، ثُمَّ الْمَيَامِنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَقُولُ

ذكر تغطية وجه الميت عند الغسل واختلفوا في تغطية وجه الميت عند غسله فكان محمد بن سليمان، وسليمان بن يسار، وأيوب السختياني يرون أن يلقى على وجه الميت خرقة، وكان مالك، والثوري، والشافعي، وجماعة يرون أن يطرح على فرج الميت خرقة ولم يذكروا الوجه، وقال

ذِكْرُ تَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْغُسْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ عِنْدَ غُسْلِهِ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَرَوْنَ أَنْ يُلْقَى عَلَى وَجْهِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً، وَكَانَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ يَرَوْنَ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى فَرْجِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَجْهَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنَّمَا يُغَطَّى مِنْهُ مَا كَانَ يُغَطَّى فِي حَيَاتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: يُغَطَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتَيْهِ

ذكر ترك الأخذ من شعر الميت ومن أظفاره واختلفوا في أخذ شعر الميت وأظفاره، فقالت طائفة: يؤخذ من شعره وأظفاره كذلك قال الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني، وروينا أن سعد بن مالك أخذ عانة ميت

ذِكْرُ تَرْكِ الْأَخْذِ مِنْ شَعْرِ الْمَيِّتِ وَمِنْ أَظْفَارِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِ شَعْرِ الْمَيِّتِ وَأَظْفَارِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْخَذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، وَرُوِّينَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ أَخَذَ عَانَةَ مَيِّتٍ

2938 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، «حَلَقَ عَانَةَ مَيِّتٍ»

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «تُؤْخَذُ عَانَةُ الْمَيِّتِ» وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي أَظْفَارِهِ: «يُقَصَّرُ إِذَا طَالَ، وَلَا يُمَسَّ غَيْرُ ذَلِكَ» وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ: «يُؤْخَذُ إِذَا كَانَ فَاحِشًا» وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ كَرِهَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَخْذَ عَانَةِ الْمَيِّتِ، وَسُئِلَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ تَقْلِيمِ أَظْفَارِ الْمَيِّتِ؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَ أَقْلَفَ أَتَخْتِنُهُ؟ " وَكَرِهَ مَالِكٌ تَقْلِيمَ أَظَافِرِ الْمَيِّتِ، وَحَلْقَ عَانَتِهِ -[329]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوُقُوفُ عَنْ أَخْذِ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَخْذِ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ الْحَيُّ، فَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَ الْأَمْرُ، وَيَصِيرُ جَمِيعُ بَدَنِهِ إِلَى الْبَلَاءِ، إِلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر عصر بطن الميت واختلفوا في عصر بطن الميت فكان ابن سيرين، والنخعي، والحسن البصري، ومالك يقولون: يعصر بطن الميت، قال بعضهم: عصرا خفيفا، وكان سفيان الثوري يقول: يمسح مسحا رقيقا بعد الغسلة الأولى، قال الشافعي: يمر يده على بطنه إمرارا بليغا ليخرج

ذِكْرُ عَصْرِ بَطْنِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَصْرِ بَطْنِ الْمَيِّتِ فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ يَقُولُونَ: يُعْصَرُ بَطْنُ الْمَيِّتِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: عَصْرًا خَفِيفًا، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يُمْسَحُ مَسْحًا رَقِيقًا بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَمُرُّ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ إِمْرَارًا بَلِيغًا لِيُخْرِجَ شَيْئًا إِنْ كَانَ فِيهِ "، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: «يُمْسَحُ بَطْنُهُ مَسْحًا رَقِيقًا خَرَجَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّهُ لَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُعْصَرَ بَطْنُهُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: فَإِنَّهُ تَلِينُ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي عَصْرِ الْبَطْنِ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ

مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنْ أَمَّرَ الْغَاسِلَ يَدَيْهِ إِمْرَارًا خَفِيفًا عَلَى بَطْنِهِ لِيُخْرِجَ شَيْئًا إِنْ كَانَ هُنَاكَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ تَرَكَ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ

ذكر مضمضة الميت واستنشاقه واختلفوا في مضمضة الميت واستنشاقه، فكان سعيد بن جبير، والنخعي، والثوري لا يرون ذلك، وكان الشافعي وإسحاق يأمران به قال أبو بكر: هذا أحب إلي لأن في جملة ما وصفه عامة أهل العلم أن يوضأ الميت، ومن سنة الحي إذا توضأ أن يتمضمض،

ذِكْرُ مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ وَاسْتِنْشَاقِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ وَاسْتِنْشَاقِهِ، فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَأْمُرَانِ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ فِي جُمْلَةِ مَا وَصَفَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُوَضَّأَ الْمَيِّتُ، وَمِنْ سُنَّةِ الْحَيِّ إِذَا تَوَضَّأَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ، وَيَسْتَنْشِقَ، فَسَبِيلُ مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ كَسَبِيلِ مَا يَفْعَلُهُ الْحَيُّ، إِلَّا أَنْ تَمْنَعَ مِنْهُ سُنَّةٌ

ذكر غسل الميت بالسدر ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال للنسوة اللواتي غسلن ابنته: " اغسلنها بماء وسدر "، وفي حديث ابن عباس في قصة المحرم الذي مات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اغسلوه بماء وسدر "، فالسنة أن يغسل الميت بالماء والسدر غسلا ولا

ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالسِّدْرِ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنِّسْوَةِ اللَّوَاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ: «اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يُغْسَلَ الْمَيِّتُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ غُسْلًا وَلَا مَعْنَى لِطَرْحِ وَرَقَاتٍ مِنَ السِّدْرِ فِي الْمَاءِ كَفِعْلِ الْعَامَّةِ لِأَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَقَعُ بِالسِّدْرِ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ الْوَرَقَاتِ الَّتِي تَطْرَحُهَا الْعَامَّةُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا مُوسَى أَنْ يَغْسِلَ دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ، وَمَاءَ الرَّيْحَانِ، وَكَانَ عَطَاءٌ

يَقُولُ: يُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سِدْرٌ، فَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ؟ فَقَالَتْ: لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ

2939 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: «أَنِ اغْسِلْ، دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ»

2940 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ؟ فَقَالَتْ: «لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ» وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يُغْسَلَ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدُوا سِدْرًا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ الْأُشْنَانُ، وَقَالَ مَرَّةً: وَرَقَ الْغُبَيْرَاءِ، وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: يُجْعَلُ الرَّيْحَانُ، وَقَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ: يُجْعَلُ الْخَطْمِيُّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: حُرْضٌ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا لَمْ يُوجَدِ السِّدْرُ جُعِلَ مَكَانَهُ الْخَطْمِيُّ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ

ذكر غسل الميت بالأشنان قال أبو قلابة: إذا طال ضنأ المريض دعا بأشنان فغسله "، وقال مالك: يغسل الميت بالحرض والسدر، وأحب إلينا لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الشافعي: والموتى يختلفون فإن كان بأحد منهم وسخ متلبد رأيت أن يغسل بالأشنان ويبالغ

ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالْأُشْنَانِ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: إِذَا طَالَ ضَنَأُ الْمَرِيضِ دَعَا بِأَشْنَانٍ فَغَسَلَهُ "، وَقَالَ مَالِكٌ: يُغْسَلُ الْمَيِّتُ بِالْحُرْضِ وَالسِّدْرِ، وَأَحَبُّ إِلَيْنَا لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمَوْتَى يَخْتَلِفُونَ فَإِنْ كَانَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَسَخٌ مُتَلَبِّدٌ رَأَيْتُ أَنْ يُغْسَلَ بِالْأُشْنَانِ وَيُبَالَغَ فِي دَلْكِهِ لَيُنْقَى الْوَسَخُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُدَلَّكُ بِالْأُشْنَانِ إِذَا كَانَ وَسِخًا وَطَالَ ضَنَأُ الْمَرِيضِ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُحِبُّ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: لَا أَدْرِي أَنْ يُتْعَبَ فِي غُسْلِهِ، وَلْيَفْعَلْ بِهِ كَمَا يَفْعَلُ بِالْحَيِّ الْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يُوجِعَهُ وَيُتْعِبَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِ احْتَاجَ لِوَسَخٍ بِهِ إِلَى الْأُشْنَانِ رَفَقَ بِهِ كَمَا يَرْفُقُ بِهِ لَوْ كَانَ مَرِيضًا، وَلَا يُعَنِّفْ بِهِ وَلَا يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا لَوْ كَانَ حَسَنًا عَلِيلًا فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ أَلَمَهُ

ذكر عدد غسل الميت واختلفوا في عدد غسل الميت فقالت طائفة: يغسل ثلاثا هذا قول سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وكان الشافعي يقول: أحب إلي أن يغسل ثلاثا فصاعدا، لا يقصر عن ثلاث وقال ابن سيرين: يغسل وترا، وكان عطاء يقول: ثلاثا أو خمسا

ذِكْرُ عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُغْسَلُ ثَلَاثًا هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا، لَا يُقْصَرُ عَنْ ثَلَاثٍ

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يُغْسَلُ وِتْرًا، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا حَدٌّ مُنْتَهًى لَا يُجْزَى دُونَهُ وَلَا يُجَاوِزُهُ، وَلَكِنْ يُغْسَلُ فَيُنْقَّى، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِي الْمَيِّتَ فِي الْغُسْلِ كَمَا يُجْزِي الْجُنُبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ حَدِيثٌ أَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَقَدْ أَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، وَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهِنَّ فِيمَا زَادَ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ وَفِي الْخَمْسِ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقْصُرَ الْغُسْلُ عَنْ ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي الْخَمْسِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ إِلَى الْغَاسِلِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ وِتْرًا وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَرْخِي إِذَا أُدِيمَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ هَذِهِ الْحَالَ

ذكر تضفير شعر الميتة واختلفوا في تضفير شعر الميتة فكان الشافعي يقول: يضفر شعر رأسها كله، ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون، ثم ألقيت خلفها "، وكذلك قال أحمد، وأومأ إليه إسحاق، وبه نقول لحديث أم عطية، وكان الأوزاعي يقول: ليس مشط رأس الميتة ثلاثة قرون

ذِكْرُ تَضْفِيرِ شَعْرِ الْمَيِّتَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَضْفِيرِ شَعْرِ الْمَيِّتَةِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُضْفَرُ شَعْرُ رَأْسِهَا كُلُّهُ، نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَ قُرُونٍ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ خَلْفَهَا "، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ، وَبِهِ نَقُولُ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ مَشْطُ رَأْسِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ بِوَاجِبٍ، وَلَكِنْ يُفَرِّقُ شَعْرُهَا وَيُرْسِلُهُ مَعَ خَدَّيْهَا، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُرْسَلُ مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يُسْدَلُ الْخِمَارُ عَلَيْهِ " وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَ حَدِيثِ -[334]- أُمِّ عَطِيَّةَ قَبْلُ

ذكر الميت يخرج منه الشيء بعد الغسل واختلفوا في الميت يخرج منه الشيء بعد الغسل، فقالت طائفة: يعاد عليه الغسل إلى سبع مرار لا يزاد عليه، كذلك قال محمد بن سيرين، وقال الشافعي: يعاد عليه واحدة، وقال أحمد كقول ابن سيرين، قال إسحاق نحوا منه، وكان الحسن

ذِكْرُ الْمَيِّتِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَيِّتِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْلِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعَادُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إِلَى سَبْعِ مِرَارٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُعَادُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً، وَقَالَ أَحْمَدُ كَقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ إِسْحَاقُ نَحْوًا مِنْهُ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: إِذَا غُسِلَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ، وَلَا يُزَادُ عَلَى الثَّالِثَةِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُعَادُ الْغُسْلُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالنُّعْمَانُ: يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْمَيِّتِ أَكْثَرَ مِنْ حُكْمِ الْحَيِّ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ حَيٍّ شَيْءٌ بَعْدَمَا اغْتَسَلَ لَمْ يَنْقُضْ ذَلِكَ غُسْلَهُ، وَإِيجَابُ الْغُسْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِيجَابُ فَرْضٍ، وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ

ذكر غسل الرجل زوجته وغسل المرأة زوجها أجمع أهل العلم على أن للمرأة أن تغسل زوجها إذا مات، وقد روينا عن أبي بكر الصديق أنه أوصى أن تغسله أسماء. قال أبو بكر: وذلك بحضرة المهاجرين والأنصار لم ينكر ذلك منهم منكر، وإن أبا موسى غسلته امرأته

ذِكْرُ غَسْلِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَغْسِلَ زَوْجَهَا إِذَا مَاتَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ أَسْمَاءُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ مُنْكَرٌ، وَإِنَّ أَبَا مُوسَى غَسَلَتْهُ امْرَأَتُهُ

2941 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، «أَنَّ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ، غَسَلَتْهُ حِينَ تُوُفِّيَ، أَوْصَى بِذَلِكَ»

2942 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، أَوْصَى أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْسِلَهُ»

2943 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ، أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ " وَذَكَرَ نَحْوَهُ

2944 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «أَنَّ أَبَا مُوسَى، غَسَلَتْهُ امْرَأَتُهُ» وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَغْسِلُ زَوْجَتَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْسِلُهَا هَكَذَا قَالَ عَلْقَمَةَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، -[336]- وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَغْسِلْهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَسْلِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ، وَبَيْنَ غَسْلِهَا إِيَّاهُ، وَلَيْسَ فِيمَا يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا، وَيَحْرُمُ مِنْ صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَلَتْهُ أَسْمَاءُ؟ قِيلَ لَهُ: وَغَسَلَ عَلِيُّ فَاطِمَةَ، وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا نَاسٌ مِنْ بَابِ غَسْلِ الْمَوْتَى بِسَبِيلٍ، لِأَنَّهُ يُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا فَتَكُونُ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ، وَتَمُوتُ فَلَا تَغْسِلُهُ عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا، فَبَطُلَ لَمَّا كَانَ هَذَا مَذْهَبُ مَنْ خَالَفَنَا أَنْ يَكُونَ لِقَوْلِهِ: هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي عِدَّةٍ مِنْهَا مَعْنًى، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر غسل الرجل ابنته، أو أمه أو أم ولده واختلفوا في غسل الرجل ابنته، أو أمه فروينا عن أبي قلابة، أنه غسل ابنته، وقال مالك: لا بأس عند الضرورة أن يغسل الرجل أمه، أو ابنته، أو أخته، وكان الأوزاعي يقول: إذا لم يكن معها زوج، أو كان أبوها، أو أخوها

ذِكْرُ غَسْلِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ، أَوْ أُمَّهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ، أَوْ أُمَّهُ فَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّهُ غَسَلَ ابْنَتَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَغْسِلَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، أَوِ ابْنَتَهُ، -[337]- أَوْ أُخْتَهُ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا زَوْجٌ، أَوْ كَانَ أَبُوهَا، أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو رَحِمٍ فَلْيَصُبُّوا عَلَيْهَا صَبًّا، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ أَنْ يَغْسِلَ الرَّجُلُ أُمَّهُ وَاسْتَعْظَمَهُ، وَكَرِهَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا يَغْسِلْهَا الْأَخُ وَلَا الْأَبُ وَاخْتَلَفُوا فِي أُمِّ وَلَدِ الرَّجُلِ تَغْسِلُهُ وَيَغْسِلُهَا فَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ تَغْسِلُهُ وَيَغْسِلُهَا، وَأَبَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ: لَا تَغْسِلْهُ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ عِدَّةِ نِكَاحٍ

ذكر الرجل يموت مع النساء أو المرأة تموت مع الرجال واختلفوا في الرجل يموت مع النساء أو المرأة تموت مع الرجال فقالت طائفة: تغسل في ثيابها تغمس في الماء غمسا، هكذا قال النخعي، وقال الزهري، وقتادة: تغسل وعليها الثياب، وقال الحسن البصري، وإسحاق بن

ذِكْرُ الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ أَوِ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ أَوِ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُغْسَلُ فِي ثِيَابِهَا تُغْمَسُ فِي الْمَاءِ غَمْسًا، هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: تُغْسَلُ وَعَلَيْهَا الثِّيَابُ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يُصَبُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَنَافِعٍ أَنَّهُمَا قَالَا: تُرْمَسُ فِي ثِيَابِهَا، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ تَقْرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ

2945 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ قَالَ: «تُرْمَسُ فِي الْمَاءِ» -[338]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: تُدْفَنُ كَمَا هِيَ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِقَوْلِ مَالِكٍ أَقُولُ وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ مَنْ يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الْمَاءِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يَتَيَمَّمْ، وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ إِذَا لَمْ يُوجَدِ السَّبِيلُ إِلَى غَسْلِهِ بِالْمَاءِ تَيَمَّمَ، وَسَبِيلُ الْخُنْثَى الْمُشْكَلُ يَكُونُ مَعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَذَلِكَ التَّيَمُّمُ

ذكر الصبي الصغير تغسله المرأة أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير، وممن حفظنا ذلك عنه الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وحفصة بنت سيرين، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي واختلفوا في سن الصبي الذي تغسله المرأة

ذِكْرُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ تَغْسِلُهُ الْمَرْأَةُ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْسِلُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، -[339]- وَحَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَاخْتَلَفُوا فِي سِنِّ الصَّبِيِّ الَّذِي تَغْسِلُهُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا كَانَ فَطِيمًا، أَوْ فَوْقَهُ شَيْئًا، وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ: ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: ابْنُ ثَلَاثٍ إِلَى خَمْسٍ، وَقَالَ: إِذَا كَانَتِ الْجَارِيَةُ مِثْلَ ذَلِكَ غَسَلَهَا الرِّجَالُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تَغْسِلُ الْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَكَذَلِكَ يَغْسِلُ الرَّجُلُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَمْ تَتَكَلَّمْ

ذكر الحائض والجنب يغسلان الميت واختلفوا في الجنب والحائض يغسلان الميت فكره ذلك الحسن البصري، وابن سيرين، وقال علقمة، ومالك: الحائض تغسل الميت، وروينا عن عطاء أنه قال: يغسل الميت الجنب والحائض، وقال إسحاق: يغسل الجنب الميت، وكره مالك أن يغسل

ذِكْرُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ يَغْسِلَانِ الْمَيِّتَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ يَغْسِلَانِ الْمَيِّتَ فَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ، وَمَالِكٌ: الْحَائِضُ تَغْسِلُ الْمَيِّتَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ الْمَيِّتَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَغْسِلُ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ، وَكَرِهَ -[340]- مَالِكٌ أَنْ يَغْسِلَ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَيْسَ كَالْحَائِضِ لَا يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْجُنُبُ يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَغْسِلُ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ لِأَنَّ حَالَهُ قَبْلَ أَنْ يُجْنِبَ كَحَالِهِ بَعْدَ مَا يُجْنِبُ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِالطَّهَارَةِ لَيْسَ لِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ، ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ حُذَيْفَةَ فَأَهْوَى إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ، وَالْحَائِضُ الْمَيِّتَةَ

2946 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ»

2947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجَسُ»

2948 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» ، قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»

ذكر عدد ما يغسل الجنب والحائض إذا ماتا واختلفوا في الجنب والحائض يموتان كم يغسلان؟ فكان الحسن يقول: " يغسل الجنب غسل الجنابة، والحائض غسل الحيض، ثم يغسلان غسل الميت "، وقال سعيد بن المسيب، والحسن: " ما مات ميت إلا أجنب "، وروينا عن عطاء أنه قال:

ذِكْرُ عَدَدِ مَا يُغْسَلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ إِذَا مَاتَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ يَمُوتَانِ كَمْ يُغْسَلَانِ؟ فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «يُغْسَلُ الْجُنُبُ غَسْلَ الْجَنَابَةِ، وَالْحَائِضُ غَسْلَ الْحَيْضِ، ثُمَّ يُغْسَلَانِ غَسْلَ الْمَيِّتِ» ، -[341]- وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ: «مَا مَاتَ مَيِّتٌ إِلَّا أَجْنَبَ» ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: «يُصْنَعُ بِهِمَا مَا يُصْنَعُ بِغَيْرِهِمَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ نَقُولُ، وَذَلِكَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِيمَا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَسْلِ الْمَوْتَى تَفْرِيقًا بَيْنَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ جُنُبًا، أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ، أَوْ حَائِضًا، وَقَدْ يُجْنِبُ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَيُؤَدِّي فَرْضَ الصَّلَاةِ وَإِذَا سَقَطَ بِوَفَاتِهِ عَنْهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ أَشْبَهَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ فَرْضُ الطَّهَارَةِ، الَّتِي تُؤَدَّى بِهَا الصَّلَاةُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر غسل الكافر ودفنه واختلفوا في غسل الكافر ودفنه فكان مالك يقول: لا يغسل المسلم والده إذا مات كافرا، ولا يتبعه، ولا يدخل في قبره إلا أن يخشى أن يضيع، فيواريه "، وكان الشافعي يقول: لا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين، ويتبعه، ويدفنه، وبه

ذِكْرُ غَسْلِ الْكَافِرِ وَدَفْنِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الْكَافِرِ وَدَفْنِهِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا يَغْسِلُ الْمُسْلِمُ وَالِدَهُ إِذَا مَاتَ كَافِرًا، وَلَا يَتْبَعُهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قَبْرِهِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى أَنْ يَضِيعَ، فَيُوَارِيَهُ "، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الْمُسْلِمُ ذَا قَرَابَتِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَيَتْبَعَهُ، وَيَدْفِنَهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي غَسْلِ مَنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ سُنَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا، وَالْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مُنْقَطِعٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي وَائِلٍ وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً فَقَالَ: «ارْكَبْ دَابَّةً وَسِرْ أَمَامَهَا» ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ عَلَيْهِ، وَيَتْبَعُهُ، وَيَدْفِنُهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ» ، وَقَالَ -[342]- الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «لَا نَرَى بَأْسًا أَنْ يَحُثَّهُ أَوْ يُكَفِّنَهُ»

2949 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: مَاتَتْ أُمِّي نَصْرَانِيَّةً، فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: «ارْكَبْ دَابَّةً وَسِرْ أَمَامَهَا»

2950 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ أَبٌ يَهُودِيُّ، أَوْ نَصْرَانِيُّ فَمَاتَ فَلَمْ يَتْبَعْهُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «يَقُومُ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ وَيَدْفِنُهُ»

2951 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ أُمٍّ لَهُ، نَصْرَانِيَّةٍ مَاتَتْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: «نَأْمُرُ بِأَمْرِكَ وَأَنْتَ تَعْبُدُ ثُمَّ تَسِيرُ أَمَامَهَا، فَإِنَّ الَّذِي يَسِيرُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ لَيْسَ مَعَهَا» وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: «لَا يَحْمِلُ الْمُسْلِمُ جَنَازَةَ الْكَافِرِ، وَلَا يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ شُهُودِ جَنَازَةِ النَّصْرَانِيِّ الْجَارِ؟ فَقَالَ: عَلَى نَحْوِ مَا مَنَعَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ كَانَ يَشْهَدُ جَنَازَةَ أُمِّهِ، وَكَانَ يَقُومُ نَاحِيَةً، وَلَا يَحْضُرُهُ لِأَنَّهُ مَلْعُونٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الْمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ فِي غَسْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ سُنَّةٌ، وَأَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ

2952 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ قَدْ هَلَكَ قَالَ: «انْطَلِقْ فَوَارِهِ، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» قَالَ: فَأَتَيْتُهُ قَالَ: فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ حُمْرُ النَّعَمِ: أَوْ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ "

ذكر من دفن قبل أن يغسل واختلفوا في النبش عمن دفن ولم يغسل، فقال أكثر أهل العلم: يخرج فيغسل، هكذا قال مالك، والثوري، والشافعي، إلا أن مالكا قال: ما لم يتغير، وقال أصحاب الرأي: إذا وضع في اللحد ولم يغسل ولم يهل عليه التراب أخرج فغسل وصلي عليه،

ذِكْرُ مَنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُغْسَلَ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّبْشِ عَمَّنْ دُفِنَ وَلَمْ يُغْسَلْ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُخْرُجُ فَيُغْسَلُ، هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا وُضِعَ فِي اللَّحْدِ وَلَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ أُخْرِجَ فَغُسِلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا نَصَبُوا اللَّبِنَ، وَأَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أَنْ يَنْبِشُوا الْمَيِّتَ مِنْ قَبْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرَجُ وَيُغْسَلُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ نَسَوَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لَمْ يُخْرَجْ، وَصُلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ، لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ

ذكر ما يفعل بالمحرم إذا مات

ذِكْرُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ

2953 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرٍ، فَوُقِصَ فَمَاتَ فَقَالَ -[344]- النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» قَالَ: فَزَادَ ابْنُ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَخَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: الْوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: أَوْقَصَ إِذَا كَانَ مَائِلَ الْعُنُقِ قَصِيرَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَخْمِيرِ رَأْسِ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَتَطْيِيبِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصْنَعُ بِهِ كَمَا يُصْنَعُ بِسَائِرِ الْمَوْتَى هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَطَاوُسٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَنِّطَ الْحَلَالُ الْمُحْرِمَ الْمَيِّتَ بِالطِّيبِ

2954 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنَّمَا هُوَ جَسَدٌ، فَاصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ»

2955 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ كَمَا يُكَفَّنُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ»

2956 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ غَسَلَ ابْنًا لَهُ مَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ لَهُ وَاقِدٌ: فَغَطَّى رَأْسَهُ، وَصَنَعَ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْحَلَالِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُمِسَّهُ طِيبًا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُحْرِمِينَ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُمَسُّ طِيبًا رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ» ، وَقَالَ: الشَّافِعِيُّ: لَا يُمَسُّ بِطِيبٍ، -[345]- وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ

2957 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُغْسَلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ، وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُمَسُّ طِيبًا»

2958 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ لَمْ يُغَطَّ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَمِيلُ إِلَى الْقَوْلِ بِالْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ قَوْلًا ثَالِثًا: وَهُوَ أَنْ يُغْسَلَ بِالْمَاءِ، وَيُكَفَّنُ، وَيُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُحَنَّطُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى مَعَانِيَ: يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ اغْتِسَالِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ السِّدْرَ لِلْمُحْرِمِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ: «أَنْ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا كَفِعْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ» ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي الشَّفْعِ مِنَ الثِّيَابِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ بَدَأَ فَأَمَرَ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ قَائِمٌ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَجْتَنِبَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَا كَانَ يَجْتَنِبُهُ فِي حَيَاتِهِ، وَأَدْبَرَ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيرِ وَجْهِهِ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ ذَهَبَ إِحْرَامُهُ، فَلَا مَعْنًى لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ مَذْهَبِهِ، لِأَنَّهُ يَرَى أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْمَوْتَى، وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنَّ لِلْمُحْرِمِ الْحَيِّ أَنْ يُخَمِّرَ وَجْهَهُ أَنْ يَقُولَ: يُخَمَّرُ وَجْهُ -[346]- الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُخَمِّرَ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَطَاوُسٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنْ يُخَمِّرَ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ، وَأَنْ يُخَمَّرَ وَجْهُ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا مَا

2959 - حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُحْرِمٍ مَاتَ قَالَ: «لَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي»

ذكر غسل الشهيد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يغسل شهداء أحد، ولم يصل عليهم

ذِكْرُ غَسْلِ الشَّهِيدِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ شُهَدَاءَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ

2960 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمْ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا» وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الشَّهِيدِ فَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يُغْسَلُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، -[347]- وَحَمَّادٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولَانِ: «يُغْسَلُ فَإِنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُجْنِبُ» ، وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ فَقَالَ: «قَدْ غُسِلَ عُمَرُ، وَكُفِّنَ، وَحُنِّطَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا»

ذكر الصبي والمرأة يقتلان في المعركة واختلفوا في الصبي والمرأة يقتلان فكان الشافعي يقول: يصنع بهما ما يصنع بالشهداء، لا يغسلان ولا يصلى عليهما، وكذلك قال أبو ثور، وقال يعقوب ومحمد: يصنع بالولدان ما يصنع بالشهداء ولا يغسلون، وكان النعمان يقول: أما

ذِكْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فِي الْمَعْرَكَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُصْنَعُ بِهِمَا مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ، لَا يُغْسَلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يُصْنَعُ بِالْوِلْدَانِ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ وَلَا يُغْسَلُونَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: أَمَّا النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَلَا يُغْسَلُونَ، وَيُصْنَعُ بِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِالشَّهِيدِ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ لَيْسَتْ لَهُمْ ذُنُوبٌ يُغْسَلُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا كَانَتِ السُّنَّةُ فِي غَسْلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَاحِدًا حَيْثُ يُغْسَلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، كَانَ كَذَلِكَ سَبِيلُهُمْ فِي الْمَوْضِعِ -[348]- الَّذِي يُوقَفُ عَنْهُ عَنْ غَسْلِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَاحِدًا اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ، وَالَّذِينَ لَهُمْ ذُنُوبٌ، وَالَّذِينَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ

ذكر غسل من قتله غير أهل الشرك واختلفوا فيمن قتله غير أهل الشرك فكان الشعبي يقول: من قتله اللصوص لم يغسل، وقال سفيان الثوري: " من قتل مظلوما لم يغسل "، وكذلك قال الأوزاعي فيمن يقتل في نفسه، أو قتله اللصوص، وبه قال أحمد، وأصحاب الرأي فيمن قتله

ذِكْرُ غَسْلِ مَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الشِّرْكِ فَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ لَمْ يُغْسَلْ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا لَمْ يُغْسَلْ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ يُقْتَلُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ، وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ: يُغْسَلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: " الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ فِي بَنَى آدَمَ، لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الْجَمَاعَةُ خَاصَّةً فِي الْمَعْرَكَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ حَسَنٌ، وَرُوِّينَا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا غَسَلَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ بَعْدَمَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ

ذكر الغسل من غسل الميت واختلفوا في الاغتسال من غسل الميت، فقالت طائفة: لا غسل على من غسل ميتا، هذا قول ابن عباس، وابن عمر، وعائشة، والحسن البصري، والنخعي، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي

ذِكْرُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاغْتِسَالِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، -[349]- وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

2961 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا غُسْلٌ؟ قَالَ: «لَا قَدْ إِذًا نَجَّسُوا صَاحِبَهُمْ، وَلَكِنْ وُضُوءًا»

2962 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ: " أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَيِّتِ؟ قَالَ: أَمُؤْمِنٌ هُوَ؟ قُلْتُ: أَرْجُو قَالَ: فَتَمَسَّحْ بِالْمُؤْمِنِ وَلَا تَغْتَسِلْ مِنْهُ "

2963 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْجَعْدِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ: أَذِنَ سَعْدٌ بِجِنَازَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ، فَجَاءَ فَغَسَلَهُ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، ثُمَّ أَتَى دَارَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غَسْلِهِ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا غَسَلْتُهُ، وَلَكِنِ اغْتَسَلْتُ مِنَ الْحَرِّ»

2964 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ: عَلَى الَّذِي يَغْسِلُ الْمُتَوَفَّى غَسْلٌ؟ -[350]- قَالَتْ: لَا

2965 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: «غَسَلَ أَبَاكَ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَمَا زَادُوا عَلَى أَنِ احْتَجَزُوا عَلَى ثِيَابِهِمْ، فَلَمَّا تَفَرَّغُوا تَوَضَّئُوا وُضُوءً»

وَقَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ: «أَلَّا تَتَّقُونَ اللهَ تَغْتَسِلُونَ مِنْ مَوْتَاكُمْ، أَأَنْجَاسٌ هُمْ؟»

2966 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: «لَيْسَ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ غَسْلٌ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: «مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ

2967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ الْغُسْلُ»

2968 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ -[351]- الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يَتَوَضَّأُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " الِاغْتِسَالُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ لَا يَجِبُ، وَلَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ يُثْبَتُ، قَالَ أَحْمَدُ: «لَا يُثْبَتُ فِيهِ حَدِيثٌ» ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ مَسَّ جِيفَةً، أَوْ دَمًا، أَوْ خِنْزِيرًا مَيِّتًا، أَنَّ الْوُضُوءَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَالْمُسْلِمُ الْمَيِّتُ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَنْ مَسَّهُ طَهَارَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر المجذوم يخاف تهري لحمه إن غسل واختلفوا في المجذوم إذا مات كيف يغسل؟ فكان سفيان الثوري يقول: " يغسل فإن لم يقدروا على غسله صب عليه الماء صبا "، وقال مالك في المجذوم والذي يسقط عليه الهدم وتهشم رأسه وعظامه: " يغسلان ما لم يتفاحش ذلك منهما، فإن

ذِكْرُ الْمَجْذُومِ يُخَافُ تَهَرِّي لَحْمُهُ إِنْ غُسِلَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَجْذُومِ إِذَا مَاتَ كَيْفَ يُغْسَلُ؟ فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: «يُغْسَلُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى غَسْلِهِ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا» ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْذُومِ وَالَّذِي يَسْقُطُ عَلَيْهِ الْهَدْمُ وَتُهَشِّمُ رَأْسَهُ وَعِظَامَهُ: «يُغْسَلَانِ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ ذَلِكَ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَفَاحَشَ صُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْمَجْذُومِ إِذَا خَشَوْا عَلَيْهِ أَنْ يَتَهَرَّى وَيَسِيلُ الدَّمُ: يَمِّمُوهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ تَهَرِّي لَحْمُهُ يَتَيَمَّمُ، كَمَا يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ

ذكر الجنب يقتل في المعركة واختلفوا في الجنب يقتل في المعركة، فقالت طائفة: لا يغسل ولا يصلى عليه، كذلك قال أبو ثور، وقال يعقوب ومحمد: " جنبا كان أو غير جنب لا يغسل "، وحكى أبو ثور عن النعمان أنه قال: " يغسل " قال أبو بكر: لا يغسل لأن النبي صلى

ذِكْرُ الْجُنُبِ يُقْتَلُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ يُقْتَلُ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُغْسَلُ وَلَا يُصَلَّى -[352]- عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: «جُنُبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ لَا يُغْسَلُ» ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: «يُغْسَلُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُغْسَلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ تَرْكَ غَسْلِ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ عَامٌّ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَحَدٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ، بِغَيْرِ حُجَّةٍ

جماع أبواب الأكفان

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَكْفَانِ

ذكر استحباب تكفين الميت في ثلاثة أثواب بيض جدد ليس فيهن قميص ولا عمامة

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ جُدُدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ

2969 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ " لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ قَالَ: فَقَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ فَقُلْتُ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ فَقَالَ: " إِنِّي أَرْجُو مِنَ اللهِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ قَالَتْ: فَمَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ فَقَالَ: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: كُنَّا كَفَّنَّاهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ جُدُدٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَبِهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ أَوْ مِشْقٍ، وَاجْعَلُوا مَعَهُ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ خَلِقٌ فَقَالَ: الْحَيُّ أَحْوَجُ مِنَ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هِيَ لِلْمُهْلَةِ "

ذكر إدراج الميت في الكفن

ذِكْرُ إِدْرَاجِ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ

2970 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، أُدْرِجَ فِيهَا إِدْرَاجًا» وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ الْكَلِمَةَ وَنَحْوَهَا

ذكر تكفين الميت في ثوبين

ذِكْرُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَوْبَيْنِ

2971 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، فَمَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: «كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي»

ذكر تكفين الميت في ثوب واحد إذا ضاق غطي رأسه

ذِكْرُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إِذَا ضَاقَ غُطِّيَ رَأْسُهُ

2972 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ خباب، قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ قُتِلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ فَلَمَّا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَقِيَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَطُّوا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ» ، وَمِنَّا مَنْ -[354]- أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَعَانٍيَ: أَحَدُهَا التَّكْفِينُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً» ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ يُبْدَأُ بِهِ عَلَى الدَّيْنِ، وَالْمِيرَاثِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يُكَفَّنُ فِيهِ لَوْ أَضَاقَ فَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ أَوْلَى أَنْ يُبْدَأَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى فَضْلِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كُفِّنَ عُمَرُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ثَوْبَيْنِ سُحُولِيَّيْنِ، وَثَوْبٍ كَانَ يَلْبَسُهُ» ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لِمَنْ قَدَرَ "

2973 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ عُمَرَ، كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ثَوْبَيْنِ سُحُولِيَّيْنِ، وَثَوْبًا كَانَ يَلْبَسُهُ»

2974 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لِمَنْ قَدَرَ» -[355]- وَكَانَ طَاوُسٌ يُكَفِّنُ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِهِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهِنَّ عِمَامَةٌ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: «كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِعْقَدَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَاجْعَلُوا مَعَهُ ثَوْبَيْنِ " أَصَحُّ، وَكَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ يُكَفِّنُ فِي ثَوْبَيْنِ

2975 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُدَيْسَةَ بِنْتِ أُهْبَانَ بْنِ صَيْفِيٍّ الْغِفَارِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " أَوْصَانَا أَنْ نُكَفِّنَهُ فِي ثَوْبَيْنِ، فَكَفَّنَاهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَقَمِيصٍ قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا الْغَدَ مِنْ يَوْمِ دَفَنَّاهُ إِذَا نَحْنُ بِالْقَمِيصِ الَّذِي كَفَّنَّاهُ فِيهِ عَلَى الْمِشْجَبِ "

2976 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: " كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِعْقَدَيْنِ قَالَ: فَكَانَ سُوَيْدٌ لَا يُكَفِّنُ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً إِلَّا فِي ثَوْبَيْنِ " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِي ثَوْبَانِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَكْفِي فِي ثَوْبَيْنِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ عِمَامَةٍ وَقَمِيصٍ وَثَلَاثَةِ لَفَائِفَ

2977 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فِيهَا عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ وَثَلَاثَةُ لَفَائِفَ وَقَالَ النُّعْمَانُ: يُكَفَّنُ الرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ يَعْقُوبُ عَنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَحَبُّ الْأَكْفَانِ إِلَيَّ مَا قَدَّرَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ أَنْ كُفِّنَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ بِيضٍ يُدْرَجُ فِيهَا الْمَيِّتُ إِدْرَاجًا، لَا يَكُونُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، فَإِنْ كُفِّنَ الْمَيِّتُ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي ثَوْبَيْنِ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ

ذكر ما تكفن فيه المرأة واختلفوا في عدد كفن المرأة فقال كثير من أهل العلم: تكفن المرأة في خمسة أثواب كذلك قال النخعي، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي قال أبو بكر: وكذلك نقول يكون درع،

ذِكْرُ مَا تُكَفَّنُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ كَفَنِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ يَكُونُ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَلِفَافَتَانِ، وَثَوْبٌ لَطِيفٌ يُشَدُّ عَلَى وَسَطِهَا يَجْمَعُ ثِيَابَهَا. -[357]- وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: «تُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ دِرْعٍ، وَثَوْبٍ تَحْتَ الدِّرْعِ تَلُفُّ بِهِ، وَثَوْبٍ تَلُفُّ فِيهِ» ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: «دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ تُدْرَجُ فِيهَا»

ذكر كفن الصبي واختلفوا في عدد كفن الصبي فكان سعيد بن المسيب يقول: يكفن في ثوب، وقال أحمد: في خرقة، وإن كفنوه في ثلاثة فلا بأس، وكذلك قال إسحاق. وقال أصحاب الرأي: يكفن في خرقتين ويجزي إزار واحد، وقال الثوري: يجزيه ثوب واحد، وروي عن الحسن أنه قال

ذِكْرُ كَفَنِ الصَّبِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ كَفَنِ الصَّبِيِّ فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي خِرْقَةٍ، وَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُكَفَّنُ فِي خِرْقَتَيْنِ وَيُجْزِي إِزَارٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُجْزِيهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ خِرَقٍ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ، وَيُجْزِي ثَوْبٌ

ذكر استحباب التكفين في الثياب البيض

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ التَّكْفِينِ فِي الثِّيَابِ الْبِيضِ

2978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»

2979 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَرْسِيُّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ لِيَلْبَسْهُ أَحْيَاءُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا أَمْوَاتَكُمْ»

ذكر تحسين الأكفان

ذِكْرُ تَحْسِينِ الْأَكْفَانِ

2980 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُغَالُوا بِكَفَنِي، فَإِنْ يَكُ لِصَاحِبِكُمْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا بُدِّلَ كِسْوَةً خَيْرًا مِنْ كِسْوَتِكُمْ وَإِلَّا سُلِبَهُ سَلْبًا سَرِيعًا»

2981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، قَدْ ثَقُلَ أَتَيْنَاهُ وَمَعَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَحُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ، فَدَخَلْنَا فَقَالَ: " أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقُلْنَا: جَوْفُ اللَّيْلِ، أَوْ آخِرُ اللَّيْلِ، فَقَالَ: " أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ صَبَاحِ النَّارِ، أَتَيْتُمْ مَعَكُمْ بِأَكْفَانِي؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: لَا تُغَالُوا بِكَفَنِي، فَإِنْ يَكُ لِصَاحِبِكُمْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا بُدِّلَ كِسْوَةً خَيْرًا مِنْ كِسْوَتِكُمْ، وَإِلَّا سُلِبَهُ سَلْبًا سَرِيعًا " وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: «وَلَا يُغَالَى بِالْكَفَنِ إِذَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ صَاحِبَ أُعْوِزَازٍ، فَإِنَّ -[359]- ذَلِكَ مِمَّا يَحْجَفُ بِالْوَرَثَةِ» ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ يَسَارٍ فَغَالَى فَهُوَ جَائِزٌ، وَقَدْ أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يُكَفَّنَ فِي حُلَّةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ فِيهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَرُوِّينَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمَوْتَى يُحْشَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ»

2982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ غَسَّانَ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ فِيهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

2983 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمَوْتَى يُحْشَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ»

2984 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ خُشَيْمِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، «أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ، فِي حُلَّةٍ ثَمَنُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ»

2985 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ هَانِئٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ السَّكُونِيِّ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، أَوْصَى بِامْرَأَةٍ وَخَرَجَ فَمَاتَتْ فَكَفَّنَّاهَا فِي ثِيَابٍ خُلْقَانٍ، فَقَدِمَ وَقَدْ رَفَعْنَا أَيْدِيَنَا عَنْ قَبْرِهَا بِسَاعَتَيْنِ قَالَ: فِيمَا كَفَّنْتُمُوهَا؟ فَقُلْنَا: فِي ثِيَابِهَا الْخُلْقَانِ، فَنَبَشَهَا، وَكَفَّنَهَا فِي ثِيَابٍ جُدُدٍ، وَقَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ فِيهَا» وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ -[360]- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: «لَيْسَ لِلْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ شَيْءٌ، وَلَكِنَّهُ تَكْرِمَةٌ لِلْحَيِّ»

ذكر التكفين في الحرير قال أبو بكر: جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أحل لبس الحرير والذهب لإناث أمتي، وحرم على ذكورها "

ذِكْرُ التَّكْفِينِ فِي الْحَرِيرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا»

2986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسَ ثِيَابِ الْحَرِيرِ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاهُمْ إِلَّا فِي حَالِ ضَرُورَةٍ يُلْجَأُ إِلَيْهَا حَيْثُ لَا يُوجَدُ غَيْرُهَا -[361]- وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَلَا نَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافَهُمْ

ذكر استحباب التكفين في الحبر

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ التَّكْفِينِ فِي الْحِبَرِ

2987 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُكَفِّنْهُ فِي بُرْدَى حِبَرَةٍ» وَرُوِّينَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمَعْقِلِ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي قَمِيصٍ وَبُرْدٍ وَحِبَرَةٍ

2988 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمَعْقِلِ، «أَوْصَى أَنْ يُغْسَلَ، مِنْ مَاءٍ، وَأَنْ يُكَفَّنَ فِي قَمِيصٍ وَحُلَّةٍ حِبَرَةٍ»

2989 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، " أَنَّ عُمَرَ، كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَبُرْدِ حُلَّةٍ، أَوْ قَالَ: حُلَّةُ حِبَرَةٍ " وَكَانَ أَبُو قِلَابَةَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي الْحِبَرَةِ الْبَصْرِيَّةِ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُحِبُّ مِنَ الْكَفَنِ لِلنِّسَاءِ الْبَيَاضُ، وَلِلرِّجَالِ الْحِبَرُ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي الْعَصْبِ» ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعَصْبُ هُوَ الْحِبَرُ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَفِي ثَوْبِي حِبَرَةٍ»

2990 - حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَعْجَبَ، أَوْ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «الْحِبَرَةُ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُكَفِّنُ الْمَيِّتَ فِي الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْعَصْبِ

ذكر إخراج الكفن قبل قضاء الديون، والوصايا، والمواريث اختلف أهل العلم في الكفن من أين يخرج؟ فقال أكثر أهل العلم: " يخرج من جميع المال "، هكذا قال سعيد بن المسيب، وعطاء، ومجاهد، والحسن البصري، وعمرو بن دينار والزهري وعمر بن عبد العزيز، وقتادة،

ذِكْرُ إِخْرَاجِ الْكَفَنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدُّيُونِ، وَالْوَصَايَا، وَالْمَوَارِيثِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَفَنِ مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ؟ فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: «يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ» ، هَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْحَسَنِ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ لِأَنَّ فِي خَبَرِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً كُفِّنَ فِيهَا» ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ فِيمَا مَضَى،

وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ شَاذَّانِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ الْكَفَنَ مِنَ الثُّلُثِ» ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ طَاوُسٍ وَهُوَ أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا فَمِنَ الثُّلُثِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَوْلُهُ: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ»

ذكر كفن المرأة التي لها زوج واختلفوا في المرأة تموت ولها زوج فقالت طائفة: الكفن من مالها هكذا قال الشعبي، وبه قال أحمد بن حنبل، وقال مالك: " كفنها على زوجها إذا لم يكن لها مال "، وقال عبد الملك الماجشون: " أنا أراه على الزوج وإن كان لها مال لأن

ذِكْرُ كَفَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ وَلَهَا زَوْجٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْكَفَنُ مِنْ مَالِهَا هَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: «كَفَنُهَا عَلَى زَوْجِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ» ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ: «أَنَا أَرَاهُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَلْزَمُهُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ، فَكَذَلِكَ الْكَفَنُ»

ذكر إباحة تكفين الميت في قميص

ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي قَمِيصٍ

2991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَحَاتِمُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ -[364]- الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأُخْرِجَ وَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ» وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر إخراج الولد الذي يتحرك في بطن الميتة واختلفوا في إخراج الولد الذي يتحرك في بطن الميتة، فكان مالك يقول: " تعالج ذلك النساء لتخرجنه من مخرج الولد "، وكره شق بطنها لإخراج الولد أحمد بن حنبل، وابن القاسم صاحب مالك، وقال إسحاق: " لا يحل ذلك "، وحكي

ذِكْرُ إِخْرَاجِ الْوَلَدِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِ الْمَيِّتَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِخْرَاجِ الْوَلَدِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِ الْمَيِّتَةِ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «تُعَالِجُ ذَلِكَ النِّسَاءُ لِتُخْرِجَنَّهُ مِنْ مَخْرَجِ الْوَلَدِ» ، وَكَرِهَ شَقَّ بَطْنِهَا لِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «لَا يَحِلُّ ذَلِكَ» ، وَحُكِيَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ تَعَجَّبَ مِمَّنْ أَمَرَ بِشِقِّهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الرُّعَاةَ يَقُولُونَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ فِي الْبَطْنِ إِلَّا وَيَخْرُجُ رُوحُهُ بِرُوحِ أُمِّهِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَبِثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: " فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُحْيِيَ

نَفْسًا فَأَحْيِهَا "، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: «مَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَشُقَّ» ، قَالَ أَحْمَدُ: بِئْسَ وَاللهِ مَا قَالَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: وَذَكَرُوا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ كَرِهَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيُّ»

ذكر استعداد الكفن قبل الموت

ذِكْرُ اسْتِعْدَادِ الْكَفَنِ قَبْلَ الْمَوْتِ

2992 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَ سَهْلٌ: «تَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟» قَالُوا: الشَّمْلَةُ قَالَ: «نَعَمْ هِيَ الشَّمْلَةُ» ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي، فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا قَالَ: " فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ قَالَ: " فَحَسَّنَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رَجُلٌ سَمَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْبُرْدَةِ أَكْسِنِيهَا قَالَ: «نَعَمْ» فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوَاهَا فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: وَاللهِ مَا أَحْسَنْتَ كُسِيَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا قَالَ: " إِنِّي وَاللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِأَلْبَسَهَا، وَلَكِنِّي سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِيَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ، قَالَ سَهْلٌ: «فَكَانَتْ كَفَنَهُ يَوْمَ مَاتَ»

مسائل من الباب كان أيوب السختياني يطبق وجه الميت بقطن بعدما يفرغ من غسله، وكان ابن سيرين لا يفعل ذلك، وكان الشافعي يقول: " يؤخذ الكرسف فيوضع عليه الكافور، ثم يوضع على فيه، ومنخريه، وعينيه، وموضع سجوده، وكان أحمد لا يعرف وضع القطن على العين " قال

مَسَائِلُ مِنَ الْبَابِ كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يُطَبِّقُ وَجْهَ الْمَيِّتِ بِقُطْنٍ بَعْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ

غُسْلِهِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُؤْخَذُ الْكُرْسُفُ فَيُوضَعُ عَلَيْهِ الْكَافُورُ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى فِيهِ، وَمُنْخَرِيهِ، وَعَيْنَيْهِ، وَمَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَكَانَ أَحْمَدُ لَا يَعْرِفُ وَضْعَ الْقُطْنِ عَلَى الْعَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَمْ نَجِدْ فِي وَضْعِ الْقُطْنِ عَلَى الْوَجْهِ سُنَّةً، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ مَا لَا سُنَّةَ فِيهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي حَشْوِ دُبُرِ الْمَيِّتِ فَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ يَرَيَانِ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ: «يَحْشُو فِي الْحَشْوِ، وَيُرْفَقُ فِي ذَلِكَ» . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُؤْخَذُ الْقُطْنُ مُنْزُوعَ الْحَبِّ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْحَنُوطُ، وَالْكَافُورُ، وَأُلْقِيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَا يَسْتُرُهُ، ثُمَّ أُدْخِلَ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ إِدْخَالًا بَلِيغًا وَأَكْثَرَ لِيَرُدَّ شَيْئًا إِنْ جَاءَ مِنْهُ عِنْدَ تَحْرِيكِهِ إِذَا حُمِلَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً عَرْضُهَا شِبْهُ الذِّرَاعِ تَكُونُ طَوِيلَةً يَشُقُّ طَرَفَاهَا، وَيَتْرُكُ مِنْ وَسَطِهَا قِطْعَةً، ثُمَّ يُؤْخَذُ قُطْنٌ كَالسُّفْرَةِ الصَّطِّيَّةُ، يُوضَعُ عَلَيْهَا حَنُوطٌ، وَيُوضَعُ ذَلِكَ عَلَى وَسَطِ الْخِرْقَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ عَجِيزَةَ الْمَيِّتِ حَتَّى يُوضَعَ عَلَى وَسَطِ الْقُطْنِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْخِرْقَةِ، وَيُؤْخَذُ كَالْمَوْتَةِ مِنَ الْقُطْنِ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَنُوطِ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ مِمَّا يَلِي دُبُرِهِ، يُلْصَقُ ذَلِكَ بِدُبُرِهِ وَلَا يُحْشَى بِهِ الدُّبُرُ، ثُمَّ تُرَدُّ أَطْرَافُ الْخِرْقَةِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ عَلَى يَمِينٍ وَشِمَالٍ، حَتَّى تَحْكُمَ ذَلِكَ وَيَصِيرُ كَالتِّبَّانِ عَلَيْهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ مِنْ تَحْتِ ثَوْبٍ قَدْ سُتِرَ بِهِ الْمَيِّتُ، ثُمَّ يُرْفَعُ فَيُوضَعُ فِي أَكْفَانِهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنَ الْحَشْوِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ انْقَطَعَتِ النَّفَقَةُ عَنِ الزَّوْجِ، وَكَمَا، تَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ، كَذَلِكَ تَنْقَطِعُ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّنَهَا بَلْ تُكَفَّنُ مِنْ مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَفِّنُوهَا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولَانِ: «تُكَفَّنُ مِنْ مَالِهَا إِذَا مَاتَتْ وَلَهَا زَوْجٌ»

ذكر استعمال المسك في حنوط الميت واختلفوا في استعمال المسك في حنوط الميت فكان ابن عمر يطيب الميت بالمسك، وجعل في حنوط أنس صرة من مسك، أو سك، وروينا عن علي أنه أوصى أن يجعل في حنوطه مسك، وقال: " هو فضل حنوط النبي صلى الله عليه وسلم "

ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ فِي حَنُوطِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ فِي حَنُوطِ الْمَيِّتِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطَيِّبُ الْمَيِّتَ بِالْمِسْكِ، وَجَعَلَ فِي حَنُوطِ أَنَسٍ صُرَّةً مِنْ مِسْكٍ، أَوْ سُكٍّ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ، وَقَالَ: «هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2993 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُطَيِّبُ الْمَيِّتَ بِالْمِسْكِ يَذُرُّهُ عَلَيْهِ ذَرًّا»

2994 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَتَبَّعُ مَغَابِنَ الْمَيِّتِ وَمَرَافِقَهُ بِالْمِسْكِ»

2995 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمِسْكِ، لِلْمَيِّتِ فَقَالَ: «أَلَيْسَ أَطْيَبُ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ»

2996 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّهُ جَعَلَ فِي حَنُوطِهِ صُرَّةً مِنْ مِسْكٍ، أَوْ سُكٍّ فِيهِ شَعْرٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2997 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ أَصَابَ مِسْكًا مِنْ بَلَنْجَرَ فَأَعْطَاهُ امْرَأَتَهُ تَرْفَعُهُ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ لَهَا: " أَيْنَ الَّذِي اسْتَوْدَعْتُكَ؟ قَالَتْ: هُوَ هَذَا، فَأَتَتْهُ بِهِ قَالَ: «رُشِّيهِ حَوْلِي، فَإِنَّهُ يَأْتِي خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ، وَلَا يَشْرَبُونَ الشَّرَابَ، يَجِدُونَ الرِّيحَ»

2998 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ -[368]- حَسَنٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ، فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ وَقَالَ: «هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

2999 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِسْكٌ يَتَطَيَّبُ بِهِ» وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُطَيَّبُ بِالْمِسْكِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَأْخُذَ عِنْدَ اغْتِسَالِهَا مِنَ الْمَحِيضِ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمِسْكِ، مَعَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ

3000 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَطْيَبَ الطِّيبِ الْمِسْكُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ

3001 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، أَنَّ عُمَرَ، «أَوْصَى فِي غُسْلِهِ أَنْ لَا تُقَرِّبُوهُ مِسْكًا» وَكُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ إِجْمَارَ ثِيَابِ الْمَيِّتِ

3002 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لِأَهْلِهَا: «أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا أَنَا مُتُّ، ثُمَّ كَفِّنُونِي، ثُمَّ حَنِّطُونِي، وَلَا تَذَرُوا عَلَى كَفَنِي حِنَاطًا»

3003 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يُجْمَرُ الْمَيِّتُ وِتْرًا» وَاسْتَحَبَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وِتْرًا، وَالَّذِي يُكَفِّنُ الْمَيِّتُ وَيُحَنِّطُهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مَا شَاءَ مِنَ الطِّيبِ إِلَّا الزَّعْفَرَانَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، وَأَحَبُّ مَا اسْتَعْمَلَ فِي حَنُوطِهِ الْكَافُورُ، لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسْوَةِ اللَّوَاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ: «اجْعَلْنَ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ» ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: «أَيُّ الْحِنَاطِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟» قَالَ: الْكَافُورُ، قُلْتُ: فَأَيْنَ يُجْعَلُ؟ قَالَ: فِي مَرَافِقِهِ، قُلْتُ: فِي إِبْطَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَفِي مَرْجِعِ رِجْلَيْهِ وَفِي رُفْعَيْهِ، وَمُرَافِقِهِ وَمَا هُنَاكَ، وَفِي فِيهِ، وَأَنْفِهِ، وَعَيْنَيْهِ، وَأُذُنَيْهِ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ يَابِسًا "، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَغُسِلَ أَتَاهُمْ فَدَعَا بِكَافُورٍ، فَوَضَّأَهُ بِهِ وَجَعَلَ عَلَى وَجْهِهِ، وَيَدَيْهِ، وَرَأْسِهِ، وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ -[370]- قَالَ: أَدْرِجُوهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ فَيَجْعَلُ الْكَافُورَ عَلَى مَسَاجِدِ الْمَيِّتِ جَبْهَتِهِ، وَأَنْفِهِ وَرَاحَتَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَنُوطِ حَدِيثًا، قَدْ تُكِلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ

3004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَبَاكُمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بُعِثَ إِلَيْهِ مِنَ الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ بِكَفَنِهِ، وَحَنُوطِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ حَوَّاءُ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ دُونَهُمْ فَقَالَ: " خَلِّي بَيْنِي وَبَيْنَ رُسُلِ رَبِّي، فَمَا أَصَابَنِي الَّذِي أَصَابَنِي إِلَّا مِنْكِ، وَلَا لَقِيتُ الَّذِي لَقِيتُ إِلَّا مِنْكِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ غَسَلُوهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وِتْرًا، وَكَفِّنُوهُ فِي وِتْرٍ مِنَ الثِّيَابِ، ثُمَّ لَحَدُوهُ وَدَفَنُوهُ، وَقَالُوا: هَذِهِ سُنَّةُ وَلَدِ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْحَسَنِ مَجْهُولٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ

3005 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: " لَمَّا ثَقُلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بَنِيهِ أَنْ يَجِيئُوهُ مِنَ الثِّمَارِ فَلَقِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا: ارْجَعُوا فَقَدْ أُمِرَ بِقَبْضِ أَبِيكُمْ، فَرَجَعُوا مَعَهُ، فَقَبَضُوا رُوحَهُ، وَجَاؤُوا مَعَهُمْ بِكَفَنِهِ، وَحَنُوطِهِ، وَقَالُوا لِبَنِيهِ: احْضُرُونَا، فَغَسَلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ، وَحَنَّطُوهُ، وَصَلُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ بَيْنَكُمْ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " وَكَرِهَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِنَارٍ تُحْمَلُ مَعَهُ، أَوْ أُحْمِلَ، وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَوْصَى -[371]- بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَنَحْنُ نَكْرَهُ ذَلِكَ

3006 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتْبَعَ، بِنَارٍ تُحْمَلُ مَعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ»

3007 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيُّ، قَالَ: «أَوْصَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَهْلَهُ» أَنْ لَا يَضْرِبُوا عَلَى قَبْرِهِ فُسْطَاطًا، وَلَا يَتْبِعُوا الْجَمْرَ، وَأَنْ يَسْرِعُوا بِهِ "

3008 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: «أَوْصَى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ لَا يُقَرَّبَ قَبَسًا يَعْنِي مُجَمَّرَةً، وَلَا يُغْسَلُ بِحَمِيمٍ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ»

3009 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: «لَا تُقَرِّبُونِي نَارًا وَلَا تُتْبِعُونِي صَوْتًا»

3010 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ طُفَيْلٍ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا تُتْبِعُونِي بِجَمْرٍ»

3011 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ النُّعْمَانِ بِنْتِ مُجَمِّعٍ، عَنْ بِنْتِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، -[372]- قَالَ: «لَا تُتْبِعُونِي بِنَارٍ وَلَا تَجْعَلُوا عَلَى سَرِيرِي قَطِيفَةً قَيْصَرَانِيَّ لَهُ»

3012 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي الْبَرْبَرِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَوْصَتْ: «أَلَّا تُتْبِعُونِي بِجَمْرٍ، وَلَا تَجْعَلُونِي عَلَى قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ»

جماع أبواب اتباع الجنائز

جِمَاعُ أَبْوَابِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ

ذكر الأمر باتباع الجنائز

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ

3013 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا الْأَشْعَثُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ»

ذكر الأمر بعيادة المرضى واتباع الجنائز إذ في ذلك تذكير الآخرة

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ إِذْ فِي ذَلِكَ تُذْكِيرُ الْآخِرَةِ

3014 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي عِيسَى الْأُسْوَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُودُوا الْمَرْضَى، وَاتَّبِعُوا الْجَنَائِزَ يُذَكِّرْكَمُ الْآخِرَةَ»

ذكر فضل شهود الجنائز والصلاة عليها

ذِكْرُ فَضْلِ شُهُودِ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا

3015 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُمِّيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَالَ: «مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ أَوْ إِحْدَاهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ»

3016 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ سَالِمٍ الْغَرَّاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ حَثَّهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ»

ذكر الخبر الدال على أن الذي يستحق القيراطين من جاءها في أهلها فتبعها

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْقِيرَاطَيْنِ مَنْ جَاءَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَبِعَهَا

3017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاءَ جَنَازَةً فِي أَهْلِهَا فَتَبِعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ مَضَى مَعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ»

3018 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ جَنَازَةً مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِثْلُ أُحُدٍ»

ذكر استحباب حمل الجنائز

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ حَمْلِ الْجَنَائِزِ

3019 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ -[374]- مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فِسْطَاسٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِذَا تَبِعَ أَحَدُكُمْ جَنَازَةً فَلْيَأْخُذْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، ثُمَّ لِيَتَطَوَّعْ بَعْدُ، أَوْ لِيَذَرْ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ»

ذكر صفة حمل الجنازة واختلفوا في صفة حمل الجنازة فقالت طائفة: يبدأ الحامل بياسرة السرير المقدمة على عاتقه الأيمن، ثم ياسرته المؤخرة وعلى عاتقه الأيمن، ثم يامنة المؤخرة على عاتقه الأيسر، ثم يامنة السرير المقدمة على عاتقه الأيسر، كأنه يدور عليها، هذا

ذِكْرُ صِفَةِ حَمْلِ الْجَنَازَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ حَمْلِ الْجَنَازَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ الْحَامِلُ بِيَاسِرَةِ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَاسِرَتِهِ الْمُؤَخَّرَةِ وَعَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَامِنَةِ الْمُؤَخَّرَةِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يَامِنَةِ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، كَأَنَّهُ يَدُورُ عَلَيْهَا، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَيُرْوَى مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ وَجْهَ حَمْلِهَا أَنْ يَضَعَ يَاسِرَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَاسِرَةَ الْمُؤَخَّرَةَ ثُمَّ يَامِنَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يَامِنَةَ الْمُؤَخَّرَةِ "، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالنُّعْمَانَ،

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ يَحْمِلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، إِنْ شَاءَ قُدَّامَهُ، وَإِنْ شَاءَ وَرَاءَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ النَّاسِ: يَبْدَأُ بِالْيُمْنَى وَذَلِكَ بِدْعَةٌ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُبَالِي أَيُّ جَوَانِبِ السَّرِيرِ بَدَأَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ الْحَسَنِ فِيهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «ابْدَأْ بِأَيِّهِ شِئْتَ مِنْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَحْمِلَ الْجَنَازَةَ»

ذكر حمل الجنازة بين عمودي السرير واختلفوا في حمل الجنازة بين عمودي السرير، فروينا عن عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن الزبير أنهم حملوا بين عمودي السرير

ذِكْرُ حَمْلِ الْجَنَازَةِ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَمْلِ الْجَنَازَةِ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، فَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ

3020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ جَنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَامَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي مُقَدِّمَةِ السَّرِيرِ فَوَضَعَ السَّرِيرُعَلَى كَاهِلِهِ»

3021 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدًا عِنْدَ قَوَائِمِ سَرِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَقُولُ: «وَاجَبَلَاهْ»

3022 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جَنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ أَخَذَهُ بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ وَجَعَلَ -[376]- يَقُولُ: «غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا مَيْسَرَةَ»

3023 - وَحَدَّثَنِي أَبُو حَامِدٍ الشِّنْدِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ: فَإِنَّ أَبَا مَيْسَرَةَ أَخَذَ بِرِجْلِ سَرِيرِ أَبِي حُجَيْفَةَ وَهُوَ يَقُولُ: «يَرْحَمُكَ اللهُ يَرْحَمُكَ اللهُ، ثُمَّ لَمْ يُفَارِقْهَا حَتَّى أَتَى الْقَبْرَ» أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ

3024 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَحْمِلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِ أُمِّهِ فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى وَضَعَهُ» قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ

3025 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ، أَصْحَابِنَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَحْمِلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ»

3026 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُحْمَلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَرِهَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالنُّعْمَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ شَاءَ حَمَلَ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، وَلَيْسَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ أَعْلَى -[377]- مِمَّا رُوِّينَاهُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَجُوزُ مَنْعُ حَمْلِ الْجَنَازَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَمَلَهَا الْمَرْءُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ

ذكر صفة السير بالجنازة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أسرعوا بالجنازة "

ذِكْرُ صِفَةِ السَّيْرِ بِالْجَنَازَةِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ»

3027 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ شَرًّا تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»

3028 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُنَا وَأَنَا مَعَ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَرْمُلُ بِالْجَنَازَةِ رَمَلًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَقُولُ، وَخَبَرُ أَبِي بَكْرَةَ مِثْلُهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: «إِذَا خَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا بِي الْمَشْيَ» ، وَأَوْصَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ " قَالَ: «إِذَا أَنَا مُتُّ فَخَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا» ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ» ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي جَنَازَةٍ -[378]- طَلَعَتْ عَلَيْهِ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا يَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَاءِ مَشْيِهِمْ فَقَالَ: " عَجَبًا لِمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِ النَّاسِ، وَاللهِ إِنْ كَانَ إِلَّا الْجَمَزُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَيَّ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ، اتَّقِ اللهَ، فَوَاللهِ لَكَأَنَّهُ لَقَدْ جُمِزَ بِكَ "، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: " مَا مِنْ جَنَازَةٍ إِلَّا وَهِيَ تُنَاشِدُ حَمَلَتَهَا إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا، اللهُ عَنْهُ رَاضٍ، يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا أَسْرَعْتُمْ بِي وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، اللهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا رَجَعْتُمْ

3029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا عَجَّلْتُمُوهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا أَلْقَيْتُمُوهُ عَنْ عَوَاتِقِكُمْ» قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ: عَنْ ظُهُورِكُمْ

3030 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَوْصَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: «إِذَا أَنَا مُتُّ، فَخَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوِّدُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»

3031 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لِابْنِهِ: «إِذَا خَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا بِي الْمَشْيَ»

3032 - وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَطَلَعَ عَلَيْنَا بِجِنَازَةٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا ابْنُ جَعْفَرٍ يَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَاءِ مَشْيِهِمْ فَقَالَ: " عَجَبًا لِمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِ النَّاسِ وَاللهِ إِنْ كَانَ إِلَّا الْجَمَزُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَيَّ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ فَوَاللهِ لَكَأَنَّهُ قَدْ جُمِزَ بِكَ "

3033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " مَا مِنْ جنَازَةٍ إِلَّا وَهِيَ تُنَاشِدُ حَمَلَتَهَا، إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا اللهُ عَنْهُ رَاضٍ يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا أَسْرَعْتُمْ بِي، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، اللهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا رَجَعْتُمْ " وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «وَيُمْشَى بِالْجَنَازَةِ أَسْرَعَ سَجِيَّةِ مَشْيِ النَّاسِ، لَا الْإِسْرَاعَ الَّذِي يَشُقُّ عَلَى ضَعَفَةِ مَنْ يَتْبَعُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ تَغَيُّرُهَا أَوِ انْبِجَاسُهَا فَيُعَجِّلُوا بِهَا مَا قَدَرُوا» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ فِي الْمَشْيِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ غَيْرَ أَنَّ الْعَجَلَةَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الْإِبْطَاءِ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي جَنَائِزِكُمْ» لَا يُثْبَتُ لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَلَيْثٌ لَيْسَ مِمَّنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِحَدِيثِهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَضَرَ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَا تُزَلْزِلُوا وَارْفُقُوا بِهَا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ»

3034 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «لَا تُزَلْزِلُوا وَارْفُقُوا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: " إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً فَقُلِ: اللهُ أَكْبَرُ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، اللهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا، نُسْلِمُ نَحْنُ اللهُ رَبُّنَا "

ذكر المشي أمام الجنازة

ذِكْرُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ

3035 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ»

3036 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ -[381]- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ وَخَلْفَهَا فَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الْمَشْيَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: «تَقَدَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ» ، وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَشُرَيْحٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَاحْتَجَّ بِتَقْدِيمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّاسَ أَمَامَ جَنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ

3037 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ لَنَا يُقَالُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» يَضْرِبُ النَّاسَ يُقَدِّمُهُمْ أَمَامَ جَنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ "

3038 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ أَبَاهُ، كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ "

3039 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، مَوْلَى السَّائِبِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَعُبَيْدَ بْنِ عُمَيْرٍ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَتَقَدَّمَا، فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِذَا جَازَتْ بِهِمَا قَامَا "

3040 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ

3041 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: مَشَيْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ

3042 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، «رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا قَتَادَةَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ»

3043 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا مُوسَى الْجُهَنِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمَشْيِ، أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَقَالَ: «لَقَدْ كُنَّا مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ، وَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ بِالْمَشْيِ قُدَّامَهَا، وَالْمَشْيُ خَلْفَهَا أَحَبُّ إِلَيْنَا وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: «يَتَأَخَّرُهَا أَحَبُّ إِلَيْنَا» ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ مَشَى خَلْفَهَا، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ؟ فَقَالَ: «هُوَ سَعَةٌ، وَأَفْضَلُ عِنْدَنَا خَلْفَهَا»

3044 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ أَوْسٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ فِي جَنَازَةٍ قَالَ: وَعَلِيُّ أَخَذَ بِيَدِي وَنَحْنُ خَلْفَهَا، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا فَقَالَ: «إِنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الَّذِي يَمْشِي أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ، وَإِنَّهُمَا يَعْلَمَانِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْلَمُ، وَلَكِنَّهُمَا سَهْلَانِ يُسَهِّلَانِ عَلَى النَّاسِ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «وَبِهِ نَأْخُذُ»

3045 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ عبد الْغَفَّارِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: «هَهُنَا امْشِ يَعْنِي وَرَاءَ الْجَنَازَةِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا أَنْتُمْ مُتَّبِعُونَ تَكُونُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ -[384]- شِمَالِهَا هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي مَوْضِعٍ آخَرُ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ وَخَلْفَهَا قَرِيبًا»

3046 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ،؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنْتُمْ مُتَّبِعُونَ فَكُونُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَشْيُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ وَخَلْفَهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا جَائِزٌ، وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَأَنْ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَلْيُكْثِرْ مَعَ مَنْ تَبِعَ الْجَنَازَةَ حَيْثُ مَشَى مِنْهَا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَالتَّفَكَّرَ فِي صَاحِبِهِمْ، وَأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ، وَلْيَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ وَلِمَا بَعْدَهُ، سَهَّلَ اللهُ لَنَا حُسْنَ الِاسْتِعْدَادِ وَاللِّقَاءِ بِهِ

ذكر سير الراكب مع الجنازة

ذِكْرُ سَيْرِ الرَّاكِبِ مَعَ الْجَنَازَةِ

3047 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا الْعِيَاضُ بْنُ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ -[385]- بْنُ الْحَارِثِ، وَوَكِيعٌ، قَالَا: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحُبَيْرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا»

3048 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى فَرَسٍ، وَهُوَ يَتَقَوَّسُ بِهِ وَنَحْنُ حَوْلَهُ» وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى بَغْلٍ رَاكِبًا أَمَامَ الْجَنَازَةِ

3049 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبَّاسٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى بَغْلٍ رَاكِبًا أَمَامَ الْجَنَازَةِ» وَكَانَ عَلْقَمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ يَكْرَهَانِ أَنْ يَتَقَدَّمَ الرَّاكِبُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: " الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَكَرِهَتْ فِرْقَةٌ الرُّكُوبَ فِي الْجَنَائِزِ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «الرَّاكِبُ مَعَ -[386]- الْجَنَازَةِ كَالْجَالِسِ فِي أَهْلِهِ» ، وَرُوِّينَا عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ رَاكِبٍ فِي جَنَازَةٍ: «تَرْكَبُ وَعِبَادُ اللهِ يَمْشُونَ، وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَجَعَلَ يَكْبَحُهَا» ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ رُئِيَ رَاكِبًا فِي جَنَازَةٍ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ: «لِلْمَاشِي فِي الْجَنَازَةِ قِيرَاطَانِ وَلِلرَّاكِبِ قِيرَاطٌ»

3050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الرَّاكِبُ مَعَ الْجَنَازَةِ كَالْجَالِسِ فِي أَهْلِهِ»

3051 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا رَاكِبًا فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَجَعَلَ يَكْبَحُهَا يَقُولُ: «أَتَرْكَبُ وَعِبَادُ اللهِ يَمْشُونَ؟»

3052 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: -[387]- ثنا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «لِلْمَاشِي فِي الْجَنَازَةِ قِيرَاطَانِ وَلِلرَّاكِبِ قِيرَاطٌ»

3053 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خِيَارٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي جَنَازَةِ أُمِّ مُصْعَبٍ عَلَى أَتَانٍ لَهُ حَمْرَاءَ»

ذكر نهي النساء عن اتباع الجنائز واختلفوا في اتباع النساء الجنائز، فممن روينا عنه أنه كره اتباعهن الجنائز ابن مسعود، وابن عمر، وعائشة، وأبو أمامة، وكره ذلك مسروق، والحسن، والنخعي، وأحمد، وإسحاق، وكان الأوزاعي يرى منع النساء الخروج مع الجنائز وقد

ذِكْرُ نَهْيِ النِّسَاءِ عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَاخْتَلَفُوا فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ اتِّبَاعَهُنَّ الْجَنَائِزَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ مَسْرُوقٌ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرَى مَنْعَ النِّسَاءِ الْخُرُوجَ مَعَ الْجَنَائِزِ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ مَعَ أَبِي الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةَ، وَمَعَهُمْ فِيهَا نِسَاءٌ قَالَ: فَلَمْ أَرَهُمَا يُنْكِرَانِ شُهُودَ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ يَوْمَئِذٍ، وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ

أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تُصَلِّيَ النِّسَاءُ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَهُنَّ عَلَى الدَّوَابِّ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَكَرِهَ ذَلِكَ لِنِسَائِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الَّذِينَ كَرِهُوا حُضُورَ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ فَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ بَلْ قَدِ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ

3054 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ

3055 - حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَرَأَى عُمَرُ امْرَأَةً فَصَاحَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهَا يَا عُمَرُ» فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَةٍ: «صَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمَكِ» ، فَإِذَا كَانَ هَذَا -[389]- سَبِيلُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ أُمِرْنَ بِالسَّتْرِ فَالْقُعُودُ مِنَ الْجَنَائِزِ أَوْلَى بِهِنَّ وَأَسْتَرُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر خفض الصوت عند حمل الجنازة روينا عن قيس بن عباد، أنه قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاث عند القتال، وعند الجنائز، وعند الذكر "، وذكر الحسن البصري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يستحبون خفض

ذِكْرُ خَفْضِ الصَّوْتِ عِنْدَ حَمْلِ الْجَنَازَةِ رُوِّينَا عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الذِّكْرِ» ، وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْقِتَالِ

3056 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الذِّكْرِ»

3057 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْقِتَالِ» وَكَرِهَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَوْلَ الْقَائِلِ خَلْفَ الْجَنَازَةِ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ قَالَ -[390]- عَطَاءٌ: مُحْدَثَةٌ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بِدْعَةٌ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا إِذَا شَهِدُوا جَنَازَةً عُرِفَ ذَلِكَ فِيهِمْ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ نَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَرِهُوا إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَحْدَثُ، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ كَانَ يَشْرَبُ الشَّرَابَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اسْتَغْفِرُوا لَهُ فَإِنَّمَا يُسْتَغْفَرُ لِمُسِيءٍ مِثْلِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: صِيَاحُهُمْ، اسْتَغْفِرُوا لَهُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَنْفُسِكُمْ خِلَافَ الْبِدْعَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا النَّاسُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالِاسْتِغْفَارِ

3058 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِأَبِي بَكْرٍ كَانَ يَشْرَبُ الشَّرَابَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " اسْتَغْفِرُوا لَهُ: فَإِنَّمَا يُسْتَغْفَرُ لِمُسِيءٍ مِثْلِهِ "

ذكر القيام عند رؤية الجنائز وإن لم يكن المرء متبعا لها

ذِكْرُ الْقِيَامِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْجَنَائِزِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَرْءُ مُتَّبِعًا لَهَا

3059 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جَنَازَةً فَلْيَقُمْ حَتَّى تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ»

3060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ -[391]- اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَقُمْ لَهَا، حَتَّى تُخَلِّفَكَ أَوْ تُوضَعَ»

ذكر القيام لجنازة الكافر

ذِكْرُ الْقِيَامِ لِجَنَازَةِ الْكَافِرِ

3061 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: ثنا الْمُقْرِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْجَنَازَةُ تَمُرُّ بِنَا جَنَازَةُ الْكَافِرِ فَنَقُومُ لَهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ قُومُوا لَهَا، فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقُومُونَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامًا لِلَّذِي يَقْبِضُ النُّفُوسَ»

ذكر الأمر بالقيام للجنازة والأمر إذا تبعها أن لا يقعد حتى توضع

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ وَالْأَمْرِ إِذَا تَبِعَهَا أَنْ لَا يَقْعُدَ حَتَّى تُوضَعَ

3062 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ»

3063 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُسْلِمٌ، قَالَ: ثنا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ لِيَحْمِلَهَا فَإِذَا هِيَ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ أَوْ يَهُودِيَّةٍ قِيلَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ جَنَازَةَ يَهُودِيٍّ؟ قَالَ: «إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا -[392]- فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ»

ذكر الخبر الدال على أن الجلوس كان بعد القيام

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْجُلُوسَ كَانَ بَعْدَ الْقِيَامِ

3064 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ فِي الْجَنَازَةِ ثُمَّ يَجْلِسُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ يَقُولُ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: «مَشَيْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْقَبْرِ قَامُوا يَتَحَدَّثُونَ حَتَّى وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسُوا» ، وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُهَا فَيَجْلِسُ حَتَّى إِذَا رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ قَامَ، فَلَا يَزَالُ قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ

3065 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُهَا فَيَجْلِسُ حَتَّى إِذَا رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ قَامَ فَلَا يَزَالُ قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ»

3066 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُمَا صَلَّيَا عَلَى جَنَازَةٍ ثُمَّ أَتَيَا الْقَبْرَ وَقَامَا حَتَّى جِيءَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَلَمَّا وُضِعَتْ تَقَدَّمَا فَقَعَدَا»

3067 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: «مَشَيْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا انْتَهَوْا -[393]- إِلَى الْقَبْرِ قَامُوا يَتَحَدَّثُونَ حَتَّى وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسُوا» وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ الْجَنَازَةُ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ» ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْحَسَنِ قَالَ: «وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ بِالْأَرْضِ» ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَنْ تَبِعَ الْجَنَازَةَ مَتَى يَجْلِسُ؟ قَالَ: «لَا يَجْلِسُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ» وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ: «مَنْ تَبِعَ الْجَنَازَةَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «لَيْسَ لِمَنْ مَشَى مَعَ جَنَازَةٍ وَتَبِعَهَا أَنْ يَقْعُدَ حَتَّى تُوضَعَ» ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَازَةُ

3068 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، مَوْلَى السَّائِبِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَتَقَدَّمَا فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ، فَلَمَّا جَازَتْ بِهِمَا قَامَا» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقِيَامِ لِلْجَنَائِزِ إِذَا مَرَّتْ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُومُ لَهَا فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَسَهْلُ -[394]- بْنُ حُنَيْفٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

3069 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ عِنْدَ قَنْطَرَةِ الصَّالِحِينَ فَمَرَّتْ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَامَ وَقُمْنَا حَتَّى مَضَتْ

3070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ، وَقَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، «كَانَا يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ» وَأَنَّ مَرْوَانَ كَانَ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ

3071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، وَقَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، كَانَا قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرَّا بِجِنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ فَقَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَيْهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ: إِنَّهَا يَهُودِيَّةٌ فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» وَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ لَا يَقُومَ الْمَرْءُ لِلْجَنَازَةِ تَمُرُّ بِهِ، مُرَّ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِجِنَازَةٍ فَلَمْ يَقُمْ لَهَا، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَعِيبُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَالَ مَالِكٌ: «-[395]- لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُومَ لِلْجَنَازَةِ إِذَا رَآهَا وَلَا يَقْعُدَ حَتَّى تُجَاوِزَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا يَقُومُ لِلْجَنَازَةِ مَنْ لَا يَشْهَدُهَا وَالْقِيَامُ لَهَا مَنْسُوخٌ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «إِنْ قَامَ لَمْ يَقْعُدْ، وَإِنْ قَعَدَ فَلَا بَأْسَ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ: «فَلْيَقُمْ» ، إِنَّمَا ذَا عَلَى الْقَاعِدِ يَقُومُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: " مَنْ قَامَ لِلْجَنَازَةِ فَذَاكَ، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُومُ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُمْنَا وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ حَسَنٌ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا

جماع أبواب الصلاة على الجنائز

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ

ذكر اختلاف أهل العلم في الصلاة على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح اختلف أهل العلم في الصلاة على الجنائز بعد العصر، وبعد الصبح فكرهت طائفة الصلاة عليها في ثلاثة أوقات، وقت طلوع الشمس، ووقت غروبه، ووقت زوال، هذا قول سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ، وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتَ غروبِهِ، وَوَقْتَ زَوَالٍ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ، «أَنْ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ» ، هَكَذَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَبَاحَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا كَانَتْ نَقِيَّةً، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي -[396]- عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ شَيْئًا

3072 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَابْنُ سَمْعَانَ، وَاللَّيْثُ أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذَا صَلَّاهُمَا لِوَقْتِهِمَا»

3073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبَكُمُ الْآنَ، وَإِلَّا فَأَخِّرُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسِ»

3074 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى، عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ شَيْئًا»

3075 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْوَزَّانِ، قَالَ: ثنا أَبُو لُبَابَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى جَنَازَةٍ تَرَى الشَّمْسَ عَلَى أَطْرَافِ الْجُدْرِ» وَكَانَ عَطَاءٌ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي وَقْتٍ يُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَكَذَلِكَ يُدْفَنُ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ أَقُولُ، وَكَذَلِكَ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

3076 - حَدَّثَنَا سُليمان بْنُ شُعَيْبِ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[397]- يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا، حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ تَقُومُ الظَّهِيرَةُ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ حَتَّى تَغْرُبَ»

ذكر الرجاء لمن يصلي عليه مائة فيشفعوا له، أن يشفعوا فيه

ذِكْرُ الرَّجَاءِ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ مِائَةٌ فَيَشْفَعُوا لَهُ، أَنْ يَشْفَعُوا فِيهِ

3077 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُوا أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ»

3078 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ»

ذكر ما يرجى للميت من الرحمة والمغفرة بصلاة الصالحين عليه

ذِكْرُ مَا يُرْجَى لِلْمَيِّتِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِصَلَاةِ الصَّالِحِينَ عَلَيْهِ

3079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمِّهِ، يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ جَنَازَةٍ قَالَ: فَقَامَ فَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: «لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ أَوْ مَيِّتَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي -[398]- بِهِ، فَإِنَّ صَلَاتِي لَهُ رَحْمَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَهْلُ الْفَضْلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ اسْتِدْلَالًا بِهَذَا الْحَدِيثِ

ذكر الوالي والولي يحضران الصلاة على الجنازة اختلف أهل العلم في صلاة الأمير، أو الإمام على الجنازة ووليها حاضر، فقال أكثر أهل العلم: الإمام أحق بالصلاة عليها من الولي روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: " الإمام أحق من صلى على الجنازة "، وليس بثابت عنه

ذِكْرُ الْوَالِي وَالْوَلِيِّ يَحْضُرَانِ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْأَمِيرِ، أَوِ الْإِمَامِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَوَلِيُّهَا حَاضِرٌ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْإِمَامُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا مِنَ الْوَلِيِّ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْإِمَامُ أَحَقُّ مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ» ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَالَ مَالِكٌ: «الْوَالِي أَحَقُّ» وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: «إِمَامُ الْحَيِّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: «الْوَلِيُّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ مِنَ الْوَالِي» ،

وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ لِأَخِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ عَلَيَّ غَيْرُكَ، وَلَا تَدَعَنَّ الْأَمِيرَ يُصَلِّي عَلَيَّ، وَاذْكُرْ مِنِّي مَا عَلِمْتَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: النَّظَرُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ غَيْرَ أَنَّ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبُ عَوَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَوْلُ بِالْأَخْبَارِ إِذَا جَاءَتْ، وَتَرْكُ حَمْلِ الشَّيْءِ عَلَى الظَّنِّ عِنْدَ وُجُودِ الْأَخْبَارِ

3080 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: شَهِدْتُ حُسَيْنًا حِينَ مَاتَ الْحَسَنُ، وَهُوَ يَدْفَعُ فِي قَفَا سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يَقُولُ: «تَقَدَّمْ فَلَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُكَ، وَسَعِيدٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَلْقٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا قَالَ: دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ حَقًّا وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَعْلَى مِنْ هَذَا، لِأَنَّ جَنَازَةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حَضَرَهَا عَوَامِ النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا يُرَى وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدَلَّ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ عَلَى ذَلِكَ

3081 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ، يَقُولُ: " إِنَّ أَبَاهُ وَأُنَاسًا مِنْ قَوْمِهِ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْلَمَ النَّاسُ، وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، ثُمَّ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُصَلِّي بِنَا أَوْ مَنْ يُصَلِّي لَنَا؟ قَالَ: «يُصَلِّي بِكُمْ، أَوْ يُصَلِّي لَكُمْ أَكْثَرُكُمْ أَخْذًا، أَوْ أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنٍ، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا جَمَعَ أَكْثَرَ مِمَّا جَمَعْتُ، أَوْ أَخَذْتُ وَأَنَا غُلَامٌ، وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ، فَصَلَّيْتُ، بِهِمْ، أَوْ صَلَّيْتُ لَهُمْ، فَلَمْ أَزَلْ إِمَامَ قَوْمِي إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِهِمْ، وَيُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ» -[400]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَوْجُودًا فِي هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ: يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» الصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ، وَعَلَى الْجَنَائِزِ، مَا كَانَ بَعِيدًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. لِأَنَّ اسْمَ اللهِ يَقَعُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] الْآيَةَ، وَثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، وَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَالْأَخْبَارُ تَكْثُرُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر: الزوج وأولياء المرأة يحضرون جنازتها واختلفوا في الزوج وأولياء المرأة يحضرون الميتة، فقالت طائفة: الزوج أحق بالصلاة عليها، روينا هذا القول عن أبي بكرة، وابن عباس، والشعبي، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز، وإسحاق بن راهويه، وإلى هذا القول مال أحمد

ذِكْرُ: الزَّوْجُ وَأَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ يَحْضُرُونَ جَنَازَتَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجِ وَأَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ يَحْضُرُونَ الْمَيْتَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الزَّوْجُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَالَ أَحْمَدُ

3082 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ -[401]- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: مَاتَتِ امْرَأَةٌ لِأَبِي بَكْرَةَ فَجَاءَ إِخْوَتُهَا يُنَازِعُونَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: " لَوْلَا أَنِّي أَحَقُّكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا مَا نَازَعْتُكُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ: فَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَخَلَ الْقَبْرَ، فَأُخْرِجَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُونَ، أَوْ أَرْبَعُونَ ابْنًا وَابْنَةً " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

3083 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الزَّوْجُ أَحَقُّ بِغُسْلِ امْرَأَتِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْقَرَابَةُ أَوْلَى هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَبُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، وَالْحَكَمِ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ، ثُمَّ الزَّوْجُ، ثُمَّ الِابْنُ، ثُمَّ الْأَخُ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ:، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: «إِذَا -[402]- كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً مَعَهَا زَوْجُهَا وَابْنُهَا، وَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ، يَنْبَغِي أَنْ يَقْدُمَ الْأَبَ»

ذكر الوصي والولي يجتمعان واختلفوا في الرجل يوصي إلى رجل أن يصلي عليه فاختلف الموصى إليه والولي، فقالت طائفة: الوصي أحق، هذا مذهب أنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وأبي برزة، وسعيد بن زيد، وأم سلمة، ومحمد بن سيرين، وأحمد، وإسحاق

ذِكْرُ الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ يَجْتَمِعَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُوصِي إِلَى رَجُلٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَاخْتَلَفَ الْمُوصَى إِلَيْهِ وَالْوَلِيُّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْوَصِيُّ أَحَقُّ، هَذَا مَذْهَبُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَأَبِي بَرْزَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ

3084 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، قَالَ: ذَكَرَهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: " أَوْصَى أَنْ يُصَلِّي، عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: وَالْبَاهِلَةُ يَوْمَئِذٍ فِي إِمَامِنَا قَالَ: فَأَقَامُوا حَتَّى جَاءَ أَنَسٌ مِنَ الزَّاوِيَةِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ "

3085 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنَّ أَبَا سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنَ أَسِيدٍ " أَوْصَى إِذَا أَنَا مِتُّ، فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ جَاءَ عَمْرُو بَنُ حُرَيْثٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَمِيرَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: أَصْلَحَ اللهُ الْأَمِيرَ إِنَّ أَبِي أَوْصَانِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ -[403]- قَالَ: فَقَدَّمَ زَيْدًا "

3086 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أنا ثَابِتٌ، أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو، " أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، فَمَاتَ فَرَكِبَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ مِصْرَ فَسَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ، فَقَلَبَ دَابَّتَهُ رَاجِعًا "

3087 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، «أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ» وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: «الْوَلِيُّ أَحَقُّ»

ذكر الصلاة على السقط أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل، صلي عليه واختلفوا في الصلاة على الطفل الذي لم يعرف له حياة، فروينا، عن ابن عمر، وابن عباس، وجابر أنهم قالوا: " إذا استهل المولود صلي عليه "

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى السَّقْطِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إِذَا عُرِفَتْ حَيَاتُهُ وَاسْتَهَلَّ، صُلِّيَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ لَهُ حَيَاةٌ، فَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ»

3088 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ، عَنِ الصَّلَاةِ، عَلَى السَّقْطِ؟ قَالَ: " إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ وَوَقَعَ حَيًّا، صُلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَدْ صَلَّى مَرَّةً عَلَى سَقْطٍ فِي الدَّارِ، لَا أَدْرِي وَقَعَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا "

3089 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الصَّبِيُّ إِذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ»

3090 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ»

3091 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُورَثْ» وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ:، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: " إِذَا لَمْ يَسْتَهِلْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلْ، يُرْوَى ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

3092 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَافِعٌ قَالَ: " صَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى مَوْلُودٍ فِي الدَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ يُدْفَنُ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ اسْتَهَلَّ؟ قَالَ: لَا "

3093 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ وَلَدٌ يُغْسَلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «كَمَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ صُلِّيَ عَلَيْهِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ قَالَ: «إِذَا تَمَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ» ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: " مَضَتِ السُّنَّةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّبِيِّ إِذَا سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا بَعْدَ تَمَامِ خَلْقِهِ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، وَهُوَ أَنْ يَمْضِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْمِيرَاثُ فِي الِاسْتِهْلَالِ، وَأَمَّا مَا يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَسَمَةً تَامَّةً وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ،؟ وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ "، رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ

3094 - حَدَثَنَا مَيْسَرَةُ، قَالَ: ثنا الْعِيَاضُ بْنُ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَوَكِيعٌ، قَالَا: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْجِيرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، وَالطِّفْلُ يُصَلِّي عَلَيْهِ»

3095 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى مَوْلُودٍ، ذَكَرَ نَافِعٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اسْتَهَلَّ، وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَنْقُوصِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَطِيَّةً، وَقَالَ: «اللهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

3096 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَلَّى عَلَى الْمَنْقُوصِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَطِيَّةً، فَيَقُولُ: «اللهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»

ذكر الصلاة على من قتل في حد، وولد الزنا، ومن قتل نفسه وغير ذلك قال أبو بكر: واختلفوا في الصلاة على من قتل في حد، فروينا، عن علي بن أبي طالب أنه قال لأولياء شراحة المرجومة: " اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم "، وقال جابر بن عبد الله: " صل على من قال

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، وَوَلَدِ الزِّنَا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، فَرُوِّينَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَوْلِيَاءِ شَرَاحَةَ الْمَرْجُومَةِ: «اصْنَعُوا بِهَا مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ» ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: «صَلِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»

3097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا رَجَمَ عَلِيُّ شَرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ جَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا فَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ بِهَا؟ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيُّ: «اصْنَعُوا بِهَا مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ، يَعْنِي غَسْلَهَا وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ»

3098 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ، تَمُوتُ فِي نِفَاسِهَا مِنَ الْفُجُورِ -[407]- أَيُصَلَّى عَلَيْهَا؟ قَالَ: " صَلِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُصَلَّى عَلَى جَمِيعِ مَنْ أُصِيبِ فِي حَدٍّ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي وَلَدِ الزِّنَا: " إِذَا اسْتَهَلَّ وَأُمُّهُ وَالْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَالَّذِي يُقَادُ مِنْهُ، وَعَلَى الْمَرْجُومِ، وَالَّذِي يُزَاحِفُ فَيَفِرُّ فَيُقْتَلُ، وَعَلَى الَّذِي يَمُوتُ مَوْتَةَ سُوءٍ، لَا أَدَعُ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ قَالَ: مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ؟ قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ "، وَقَالَ عَمْرٌو مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «لَمْ يَكُونُوا يَحْجُبُونَ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «يُصَلَّى عَلَى الْمَرْجُومِ , وَعَلَى الْمَصْلُوبِ إِذَا أُرْسِلَ مِنْ خَشَبَةٍ» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمَرْجُومِ: «يُغَسَّلُ، وَيُكَفَّنُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا تَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ يُصَلِّي الْقِبْلَةَ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: يُصَلَّى عَلَى الَّذِي يُقَادُ مِنْهُ فِي حَدٍّ، إِلَّا مَنْ أُقِيدَ مِنْهُ فِي رَجْمٍ "، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ قَوْدًا: «لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ أَهْلُهُ إِنْ شَاءَ، أَوْ غَيْرِهِمْ» ، وَقَالَ مَالِكٌ: «مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ عَلَى حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ فَلَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَلْيُصَلِّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي وَلَدٍ الزِّنَا وَالَّذِي يُقَادُ مِنْهُ فِي حَدٍّ: «يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُصَلِّي عَلَى قَاتَلِ نَفْسٍ، وَلَا عَلَى -[408]- غَالٍّ» ، قَالَ إِسْحَاقُ: يُصَلَّى عَلَى كُلٍّ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا مِنَ الزِّنَا: لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى وَلَدِهَا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَنْ قُتِلَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُحَارِبِينَ، أَوْ صُلِبَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، وَكَذَلِكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَتْلَاهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَدْ دَخَلَ فِي جُمَلِهِمُ الْأَخْيَارُ وَالْأَشْرَارُ، وَمَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، وَلَا نَعْلَمُ خَبَرًا وَجَبَ اسْتِثْنَاءُ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، فَيُصَلِّي عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَعَلَى مَنْ أُصِيبَ فِي أَيِّ حَدٍّ أُصِيبَ فِيهِ، وَعَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ، وَوَلَدِ الزِّنَا، لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اسْتَثْنَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ أَكْرَمَهُمُ اللهُ بِالشَّهَادَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى مَنْ أُصِيبَ فِي حَدٍّ

3099 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ امْرَأَةً، مِنْ جُهَيْنَةَ اعْتَرَفَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزِّنَا، فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ رَجَمْتَهَا ثُمَّ تُصَلِّي عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: " لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا؟ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُصَلَّى عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، -[409]- وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: «لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَقِيلَ: إِنَّهُ صَلَّىعَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَكَانَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ يَرَوْنَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَذُكِرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ»

ذكر الصلاة على أطفال المشركين اختلف أهل العلم في الصلاة على أطفال المشركين من السبي وغيره فقالت طائفة: " إذا كان الطفل بين أبويه، وهما مشركان لم يصل عليه، وإن لم يكن بين أبويه فهو مسلم صلى عليه "، هذا قول حماد بن أبي سليمان، والشافعي، وحكى أبو ثور

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ السَّبْيِ وَغَيْرِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «إِذَا كَانَ الطِّفْلُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، وَهُمَا مُشْرِكَانِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ صَلَّى عَلَيْهِ» ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ، عَنِ الْكُوفِيِّ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلَّى عَلَى صَبِيٍّ»

اشْتَرَى أَوْ سَبَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَجَابَ إِلَى الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ يُعْرَفُ، وَلَا يُصَلِّي عَلَى جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى تُسْلِمَ، وَإِسْلَامُهَا أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ صَلَّتْ فَقَدْ أَجَابَتْ مَا يَعْرِفُونَ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ، حَكَى ذَلِكَ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: " إِذَا سُبِيَ الصَّبِيُّ مَعَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ وَحْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ فِيمَنْ جَلَبَ الرَّقِيقَ فَيَمُوتُ بَعْضُهُمْ: «إِنْ صَلَّى فَصَلِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا تُصَلِّ عَلَيْهِ» ، وَقَالَ الْحَسَنُ: " إِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ صَلِّ عَلَيْهِ "

ذكر الصلاة على العضو من أعضاء الإنسان اختلف أهل العلم في الصلاة على العضو من أعضاء الإنسان، فقالت طائفة: يصلى عليه، هكذا قال الشافعي، وأحمد، وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه صلى على عظام بالشام، وروينا عن أبي عبيدة أنه صلى على رءوس من رءوس المسلمين

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْعُضْوِ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْعُضْوِ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَيْهِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى رُءُوسٍ مِنْ رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ

3100 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَرْمُوكِ، أَوْ بَعْضُ الْمَوَاطِنِ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّا يَحْمِلُ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أُوجِعَ فِيهَا، يَحْمِلُ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ خَرْجًا كَانَ مَعَهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا فِيهِ رُؤسٌ مِنْ رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ، فَأُوتِيَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَمَرَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَةَ فَغُسِّلَتْ وَكُفِّنَتْ وَحُنِّطَتْ، وَصَلَّى عَلَيْهَا»

3101 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، -[411]- عَنْ عَامِرٍ، أَنَّ عُمَرَ، صَلَّى عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: «يُصَلَّى عَلَى الْبَدَنِ» ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُصَلَّى عَلَى يَدٍ، وَلَا عَلَى رَأْسٍ، وَلَا عَلَى رِجْلٍ، وَيُصَلَّى عَلَى الْبَدَنِ» ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: «فِي الْعُضْوِ يُوجَدُ، يُوَارَى» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَرَوْنَ الصَّلَاةَ عَلَى الرِّجْلِ وَالْيَدِ يُوجَدُ، إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْبَدَنُ، وَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ الْبَدَنِ، وَفِيهِ الرَّأْسُ، غُسِّلَ وَكُفِّنَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى لَا يُصَلَّى عَلَى الْعُضْوِ، أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ سُنَّةٌ، وَلَا سُنَّةَ تَثْبُتُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْبَدَنِ، فَيُصَلِّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقِفُ عَنِ الصَّلَاةِ فِيمَا لَا سُنَّةَ فِيهِ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْعُضْوِ يُوجَدُ، أَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ جَسَدِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُهُ لَمْ تَذْهَبْ حُرْمَةُ مَا بَقِيَ، وَيَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ بَدَنِهِ مِنَ الْغُسْلِ، وَالصَّلَاةِ، وَالدَّفْنُ سُنَّةُ الْمَوْتَى، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَا يَثْبُتْ عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا

ذكر الصلاة على القبر ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ

3102 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ»

3103 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ أَمَرَ قَرَظَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنَازَةٍ قَدْ صَلَّى عَلَيْهَا مَرَّةً

3104 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَدِمَ بَعْدَمَا تُوُفِّيَ عَاصِمٌ أَخُوهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَدَلُّوهُ عَلَيْهِ، فَأَتَاهُ فَدَعَا لَهُ

3105 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، «قَدِمَ بَعْدَ وَفَاةِ عَاصِمٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ»

3106 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: " تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ، فَحَمَلْنَاهُ حَتَّى جِئْنَا بِهِ إِلَى مَكَّةَ، فَدَفَنَّاهُ، فَقَدِمَتْ عَلَيْنَا عَائِشَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَعَابَتْ ذَلِكَ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَتْ: «أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَدَلَلْنَاهَا عَلَيْهِ، فَوَضَعَتْ هَوْدَجَهَا عِنْدَ قَبْرِهِ، فَصَلَّتْ عَلَيْهِ»

3107 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا بَشَّارٌ الْخَفَّافُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، فَجَاءَ أَبُو مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ بَعْدَمَا دُفِنَ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ

3108 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنِ الْمُسْتَظِلِّ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ عَلِيًّا، صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ قَدْ صَلَّى عَلَيْهَا مَرَّةً وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّةٍ وُجُوهٍ» ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: «إِنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْقَبْرِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالنُّعْمَانِ

ذكر المدة التي إليها يصلى على القبر واختلفوا في المدة التي إليها يصلى على القبر، فقالت طائفة: يصلى عليها إلى شهر، هكذا قال أحمد بن حنبل، واحتج بحديث سعيد بن المسيب

ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَيْهَا إِلَى شَهْرٍ، هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ

3109 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ -[414]- بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أُمَّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، مَاتَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ "

3110 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أُمَّ سَعْدٍ، تُوُفِّيَتْ وَسَعْدٌ غَائِبٌ، فَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ شَهْرٍ " وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَدِمَتْ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهَا بِشَهْرٍ فَصَلَّتْ عَلَى قَبْرِهِ

3111 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَدِمَتْ عَائِشَةُ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهَا بِشَهْرٍ، فَقَالَتْ: «أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَأَتَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ»

3112 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عُمَرَ غَائِبٌ، فَقَدِمَ بَعْدُ، قَالَ: قَالَ أَيُّوبُ: أَحْسِبُهُ قَالَ: بِثَلَاثٍ، فَقَالَ: «أَرُونِي قَبْرَ أَخِي، فَأَرَوْهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إِلَى شَهْرٍ لِلْغَائِبِ مِنْ سَفَرٍ، وَإِلَى ثَلَاثٍ لِلْحَاضِرِ، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، وَحَكَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: «إِذَا نَسِيَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، صَلَّى عَلَيْهِ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ثَلَاثٍ، فَإِذَا جَاوَزَتْ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ»

ذكر اختلافهم في الصلاة على الجنائز على الدواب واختلفوا في الصلاة على الجنائز ركبانا، فكان أبو ثور يقول: " لا يجزيهم "، وحكي ذلك عن الشافعي، والكوفي. وقال ابن الحسن: " القياس أن يجزيهم، ولكن أدع القياس، وأستحسن، فآمرهم بالإعادة ". وحكي عن

ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ عَلَى الدَّوَابِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ رُكْبَانًا، فَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «لَا يُجْزِيهِمُ» ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَالْكُوفِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْحَسَنِ: «الْقِيَاسُ أَنْ يُجْزِيَهُمْ، وَلَكِنْ أَدَعُ الْقِيَاسَ، وَأَسْتَحْسِنُ، فَآمُرُهُمْ بِالْإِعَادَةِ» . وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ صَلَّى عَلَيْهَا رَاكِبًا أَجْزَاهُ» ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الرَّاكِبُ عَلَى الدَّابَّةِ»

ذكر الصلاة على الجنائز في المسجد واختلفوا في الصلاة على الجنائز في المسجد، فروينا أن أبا بكر رضي الله عنه صلي عليه في المسجد، وصلي على عمر بن الخطاب في المسجد

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ، فَرُوِّينَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَصُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ

3113 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ»

3114 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، مَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ»

3115 - وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَا صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» -[416]- وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ يَتَضَايَقَ الْمَكَانُ، وَكَرِهَ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَازَةُ فِي الْمَسْجِدِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي صَلَاةِ مَنْ حَضَرَ، فَصَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قُدْوَةٌ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ، وَحُجَّةٌ، وَكَذَلِكَ صَلَاتُهُمْ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ

3116 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَتْ: " ادْخُلُوا بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ أُصَلِّي عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ " وَلَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَيْنَ الْقُبُورِ، فَذَكَرَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسَطَ قُبُورِ الْبَقِيعِ، وَالْإِمَامُ يَوْمَ صُلِّيَ عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ

3117 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَتَكْرَهُ أَنْ تُصَلِّيَ بَيْنَ الْقُبُورِ؟ قَالَ: «لَقَدْ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسْطَ الْقُبُورِ بِالْبَقِيعِ، وَالْإِمَامُ يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ» -[417]- وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ الصَّلَاةَ بَيْنَ الْقُبُورِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَلِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِذَلِكَ» ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا أُحِبُّ الصَّلَاةَ فِي الْمَقَابِرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرَاهِيَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

3118 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» ، أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ غَيْرُ -[418]- جَائِزٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ

3119 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى، عَلَى الْجَنَائِزِ بَيْنَ الْقُبُورِ»

ذكر إباحة الصلاة على الميت الغائب عن الأرض التي، بها المصلى

ذِكْرُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ عَنِ الْأَرْضِ الَّتِي، بِهَا الْمُصَلَّى

3120 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ»

ذكر موقف الإمام من الرجل والمرأة إذا صلى عليها واختلفوا في موقف الإمام من الرجل والمرأة إذا صلى عليهما، فقالت طائفة: يقوم بحيال الصدر رجلا كان أو امرأة، هكذا قال أصحاب الرأي، وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: " إذا كان رجلا فقم بحذاء وسطه، وإن

ذِكْرُ مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّى عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِمَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُومُ بِحِيَالِ الصَّدْرِ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِذَا كَانَ رَجُلًا فَقُمْ بِحِذَاءِ وَسَطِهِ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَقُمْ بِحِذَاءِ مِنْكَبِهَا» ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ «يَقُومُ مِمَّا يَلِي صَدْرَ الرَّجُلِ» ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «يَقُومُ وَسَطَ الْجَنَازَةِ» ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا يُبَالِي أَيْنَ قَامَ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا: أَنْ يَقُومَ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ

وَسَطًا، وَالثَّانِيَةَ: أَنْ يَقُومَ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَمِنْكَبِ الْمَرْأَةِ، وَالثَّالِثَةَ: أَنْ يَقُومَ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَسَطَهَا، وَمِنَ الرَّجُلِ عِنْدَ صَدْرِهِ، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَسَطَهَا، وَعِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ

3121 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو غَالِبٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ بِحِيَالِ رَأْسِ السَّرِيرِ، فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ يَقُومُ عَلَى الرَّجُلِ نَحْوًا مِمَّا قُمْتُ، وَمِنَ الْمَرْأَةِ نَحْوًا مِمَّا قُمْتُ؟ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ

3122 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ وَسَطَهَا»

ذكر تقديم جنائز الرجال على النساء إذا اجتمعن

ذِكْرُ تَقْدِيمِ جَنَائِزِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ إِذَا اجْتَمَعْنَ

3123 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يَزْعُمُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ جَمِيعًا، فَجَعَلَ الرِّجَالَ يَلُونَ الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ يَلُونَ الْقِبْلَةَ، يَصُفُّهُنَّ صَفًّا»

" وَوُضِعَتْ جَنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ -[420]- امْرَأَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ، وُضِعَا جَمِيعًا، وَالْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَفِي النَّاسِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، فَوُضِعَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، فَقَالَ رَجُلٌ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَنَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: «هِيَ السُّنَّةُ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَنَائِزِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا اجْتَمَعَتْ كَيْفَ تُوضَعُ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُونُ الرِّجَالُ يَلُونَ الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ أَمَامَ ذَلِكَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

3124 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ فَيُجْعَلُ الرِّجَالَ يَلُونَ الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ أَمَامَ ذَلِكَ»

3125 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ -[421]- الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، كَانَ الرِّجَالُ يَلُونَ الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ»

3126 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، «أَنَّهُ جَعَلَ الرَّجُلَ يَلِي الْإِمَامَ، وَالْمَرْأَةَ أَمَامَ ذَلِكَ» 3127 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانَا يَفْعَلَانِ مِثْلَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. -[422]- وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْعَلُ النِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى حِدَةٍ، وَعَلَى الرَّجُلِ عَلَى حِدَةٍ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ لِلسُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مسائل من باب الصلاة على الجنائز كل من أحفظ عنهم من أهل العلم يرى أن الحر والعبد إذا اجتمعا أن الذي يلي الإمام منهما الحر، وروينا هذا القول عن علي، والشعبي، والنخعي، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وكان سفيان الثوري يقول: " إذا صليت على

مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ إِذَا اجْتَمَعَا أَنَّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ مِنْهُمَا الْحَرُّ،

وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: " إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرْتَ عَلَيْهَا تَكْبِيرَةً أَوِ اثْنَتَيْنٍ، ثُمَّ أُتِيتَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ عَلَى الْأُولَى، ثُمَّ صَلِّ عَلَى الْأُخْرَى، وَهَكَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «كُلَّمَا تَمَّتْ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ عَلَى وَاحِدَةٍ حُمِلَتْ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «يُكَبِّرُ إِلَى سَبْعٍ، ثُمَّ يَقْطَعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى سَبْعٍ» وَاخْتَلَفُوا فِي جَنَازَةٍ حَضَرَتْ وَصَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْقَوْمِ تَغْرُبُ لَهُمُ الشَّمْسُ وَحَضَرَتِ الْجَنَازَةُ: يَبْدَءُونَ بِالْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُبْدَأَ بِالْمَكْتُوبَةِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ بَدَأَ فَصَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ، وَلَعَلَّ الْحَسَنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً، وَهَذَا مَرَّةً

ذكر قتلى المسلمين والمشركين اختلف أهل العلم في قتلى المسلمين والمشركين، إذا اختلطوا ولم يتميزوا، فكان الشافعي يقول: " يصلى عليهم وينوي بالصلاة المسلمين ". وقال ابن الحسن: " إن كان الموتى كفارا وفيهم رجل من المسلمين لم يصل عليهم، وإن كانوا مسلمين

ذِكْرُ قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، إِذَا اخْتَلَطُوا وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيَنْوِي بِالصَّلَاةِ الْمُسْلِمِينَ» . وَقَالَ ابْنُ الْحَسَنِ: «إِنْ كَانَ الْمَوْتَى كُفَّارًا وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فِيهِمُ الْكَافِرُ أَوِ الِاثْنَيْنِ اسْتَحْسَنَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ» . وَبُقُولٍ الشَّافِعِيُّ نَقُولُ، وَقَدِ اعْتَلَّ الشَّافِعِيُّ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ: " لَئِنْ جَازَتِ الصَّلَاةُ عَلَى مِائَةِ مُسْلِمٍ فِيهِمْ مُشْرِكٌ لَتَجُوزَنَّ عَلَى مِائَةِ مُشْرِكٍ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَصَدَّقَ الشَّافِعِيُّ، لِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ فِي الْحَالَيْنِ إِنَّمَا يَنْوُونَ الْمُسْلِمَ وَالْمُسْلِمِينَ

ذكر التيمم للصلاة على الجنازة إذا خاف فواتها واختلفوا في جنازة تحضر وخاف المرء فواتها إن تطهر بالماء، فقالت طائفة: يتيمم ويصلي، روينا هذا القول عن ابن عباس، وسالم، والشعبي، وعطاء، والزهري، وسعد بن إبراهيم، والنخعي، وعكرمة، ويحيى الأنصاري،

ذِكْرُ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا خَافَ فَوَاتَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي جَنَازَةٍ تَحْضُرُ وَخَافَ الْمَرْءُ فَوَاتَهَا إِنْ تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَالِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَالنَّخَعِيِّ، -[425]- وَعِكْرِمَةَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ

3128 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا خِفْتَ أَنْ تَفُوتَكَ، الْجَنَازَةُ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَتَيَمَّمْ وَصَلِّ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بِتَيَمُّمٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأْحْمَدُ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاخْتُلَفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ فَرُوِىَ عَنْهُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلَّي عَلَيْهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، هَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبُقُولِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ أَقُولُ: لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الصَّعِيدَ طَهُورًا لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ إِنْ ذَهَبَ يَتَطَهَّرُ بِالْمَاءِ، أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَلَكِنَّهُ يَتَطَهَّرُ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، فَالَّذِي يَخَافُ فَوْتَ الْجَنَازَةِ أَوْلَى بِذَلِكَ

جماع أبواب صفة الصلاة على الجنائز

جِمَاعُ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ

ذكر الأمر بالصفوف على الجنائز

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالصُّفُوفِ عَلَى الْجَنَائِزِ

3129 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي، أَوِ الثَّالِثِ» وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُ: صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ أَنَّهَا صَلَاةٌ لَا تَجْزِي إِلَّا بِطَهَارَةٍ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يُجْزِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَازَةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] الْآيَةَ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»

ذكر رفع اليدين في التكبير على الجنازة أجمع عوام أهل العلم على أن المصلي على الجنازة يرفع يديه في أول تكبيرة يكبرها واختلفوا في رفع اليدين في سائر التكبيرات، فقالت طائفة: يرفع الأيدي في كل تكبيرة على الجنازة، كذلك كان ابن عمر يفعل

ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَجْمَعَ عَوَّامُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَازَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ الْأَيْدِي فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ، كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ

3130 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ» -[427]- وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُوسَى بْنِ نُعَيْمٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ» ، وَحَكَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «اسْتَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ -[428]- يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى» ، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ: «أَنَّهُ حَضَرَهُ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ، فَمَا رَأَيْتُهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَقُولُ اتِّبَاعًا لَهُ، وَلَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَيَّنَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا الْمَرْءُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَتْ تَكْبِيرَاتٍ الْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزِ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ، ثَبَتَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِيهَا، قِيَاسًا عَلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ، وَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنْ لَا يَدْرِي فَرَفَعَ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا، كَانَ حُكْمُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ حُكْمَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُرْفَعُ الْيَدِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ لَا تُرْفَعُ بَعْدُ، كَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَنْهُ

ذكر عدد التكبير على الجنائز ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعا

ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا

3131 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُهَلٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ، فَصَفُّوا خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يَنْعِي الرَّجُلُ الْأَخَ مِنْ إِخْوَانِهِ يَمُوتُ إِلَى سَائِرِ إِخْوَانِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُكَبِّرَ الْمَرْءُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا

ذكر الخبر الذي احتج به من زعم أن التكبير على الجنائز خمسا

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ خَمْسًا

3132 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، -[429]- عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، يَقُولُ: " كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِنَا، فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا، فَكَبَّرَ يَوْمًا خَمْسًا، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ خَمْسًا»

ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب اختلف أهل العلم في عدد التكبيرات على الجنائز، فقالت طائفة: يكبر ثلاثا، هذا قول ابن عباس، وأنس بن مالك، وجابر بن زيد، وقال محمد بن سيرين: " إنما كان التكبير ثلاثا فزادوا واحدا "

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: «إِنَّمَا كَانَ التَّكْبِيرُ ثَلَاثًا فَزَادُوا وَاحِدًا»

3133 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا»

3134 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ قِيلَ لِأَنَسٍ: إِنَّ فُلَانًا كَبَّرَ ثَلَاثًا، فَقَالَ: «وَهَلِ التَّكْبِيرُ إِلَّا ثَلَاثًا»

3135 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرَ أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى، وَابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، -[430]- وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

3136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ نُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَخَمْسًا، فَأَمَرَ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ عَلَى الْجَنَازَةِ»

3137 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا وَخَمْسًا وَسِتًّا، وَجَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا رَأَى، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ»

3138 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «كَبَّرَ عَلِيٌّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ النَّخَعِيِّ أَرْبَعًا»

3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ رَزِينِ بْنِ حُنَيْشٍ، -[431]- عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَبَّرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى أُمِّهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَمَا حَسَدَهَا خَيْرًا»

3140 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى صَلَّى عَلَى بِنْتٍ لَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا، قَالَ: ثُمَّ قَامَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ شَيْئًا فَسَبَّحُوا بِهِ، فَقَالَ: «كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنِّي أُكَبِّرُ خَمْسًا، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَرْبَعًا»

3141 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ يُطِيلُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا»

3142 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، كَبَّرَ عَلَى عَلِيٍّ أَرْبَعًا

3143 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَلَى جَنَازَةٍ، قَالَ: «اجْتَمَعْتُمْ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا

3144 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَسَوَّى بَيْنَهُمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعًا

3145 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ يُكَبِّرُ -[432]- عَلَى الْبَدْرِيِّينَ سِتًّا، وَعَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا»

3146 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، " أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ نَاسِيًا، فَتَكَلَّمَ وَتَكَلَّمَ النَّاسُ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّكَ كَبَّرْتَ ثَلَاثًا، قَالَ: فَصَفُّوا، فَصَفُّوا فَكَبَّرَ الرَّابِعَةَ "

3147 - وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، سَأَلَهُ رَجُلٌ: كَمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ؟ فَقَالَ: «أَرْبَعًا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَوَاءً» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ خَمْسًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ

3148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا»

3149 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى سَبْعٍ، وَلَا يَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثٍ، هَذَا قَوْلُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ. -[433]- وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا يَنْقُصُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى سَبْعٍ» وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرُوا مَا كَبَّرَ إِمَامُهُمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى الْجَنَازَةِ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا زَادَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ سَبْعًا، لَزِمَ الْمُقْتَدِي بِهِ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى تَكْبِيرِ الْإِمَامِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرَ سِتًّا، رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَكَبَّرَ سِتًّا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا

3150 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا، وَعَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا»

3151 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: «صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا»

3152 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، كَبَّرَ عَلَى مَيِّتٍ سِتًّا»

3153 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَزَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ عَلِيًّا، كَبَّرَ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ سِتًّا، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ»

3154 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: «صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا» وَقَدِ اخْتَلَفَ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا فِي الْإِمَامِ يُكَبِّرُ خَمْسًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا زَادَ الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعٍ انْصَرَفَ، هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ، انْصَرَفَ لَمَّا ذَهَبَ الْإِمَامُ يُكَبِّرُ الْخَامِسَةَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقْطَعُهُ حَيْثُ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا: «قِفْ حَيْثُ وَقَفَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُكَبِّرَ الْخَامِسَةَ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرَ خَمْسًا إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «لَوْ كَبَّرَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، يَعْنِي يَتْبَعُهُ» ، وَذَكَرَ لِأَحْمَدَ إِذَا كَبَّرَ سِتًّا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ ثَمَانِيًا، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَلَا، أَمَّا خَمْسٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَخْتَارُ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِهِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ وَلَا يَنْهَى عَنْهُ، وَيَرَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَانَ يَرَى أَنْ يُكَبِّرَ أَرْبَعًا، وَدَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا إِلَّا لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَبَّرَ خَمْسًا، ثُمَّ صَارَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ إِلَى أَنْ كَبَّرَ أَرْبَعًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ -[435]- مَا كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، فَدَلَّ فِعْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ زَيْدٌ يَخْتَارُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ

3155 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ خَمْسًا وَأَرْبَعًا، فَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أَرْبَعٍ» وَقَالَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ: «فَأَمَرَ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ» . وَالْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا أَسَانِيدُ أَجْيَادٌ صِحَاحٌ لَا عِلَّةَ لِشَيْءٍ مِنْهَا 3156 - الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ 3157 - وَسُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ 3158 - وَأَبُو قِلَابَةَ، عَنِ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ 3159 - وَعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمِّهِ، يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ، 3160 - وَالزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَبَّرُوا مِنَ الصَّحَابَةِ أَرْبَعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ

ذكر قول سبحانك اللهم وبحمدك بعد أول تكبيرة يكبرها المرء على الجنازة قال أبو بكر: لم نجد في الأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد أن افتتح الصلاة على الجنازة، كما قال بعد أن افتتح الصلاة المكتوبة قولا، ولا وجدنا ذلك عن أصحابه، ولا

ذِكْرُ قَوْلِ سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ بَعْدَ أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا الْمَرْءُ عَلَى الْجِنَازَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ نَجِدْ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَمَا قَالَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ قَوْلًا، وَلَا وَجَدْنَا ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا عَنِ التَّابِعِينَ وَقَدْ كَانَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَسْتَحِبَّانِ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ، فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمْ أَجِدْ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي كُتُبِ سَائِرِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، فَإِنْ قَالَهُ قَائِلٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

3161 - حَدَّثُونَا عَنِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ، ثُمَّ يَدْعُو هَكَذَا بِإِصْبَعِهِ، وَأَشَارَ سُلَيْمَانُ بِالسَّبَّابَةِ الْإِشَارَةَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْجِنَازَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ، يَعْنِي بِالسَّبَّابَةِ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يُشِيرُ بِيَدِهِ فِي تَكْبِيرِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَهُوَ مُمْسِكٌ بِطَرَفَيِ الرِّدَاءِ مَعَ كَفَّيْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ: وَسُئِلَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْجَنَازَةِ؟ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ

ذكر قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة بعد التكبيرة الأولى

ذِكْرُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى

3162 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَنَا إِبْرَاهِيمُ -[437]- بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، فَلَمَّا سَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقٌّ»

ذكر قراءة فاتحة الكتاب وسورة في الصلاة على الجنازة

ذِكْرُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

3163 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. 3164 - وَقَالَ مُوسَى: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَجَهَرَ بِهَا حَتَّى أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ؟ فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقِّ عُمَرَ»

ذكر اختلاف أهل العلم في قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة اختلف أهل العلم في قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة، فكان ابن عباس يقول: " ذلك من السنة "، وروينا عن ابن مسعود أنه قرأها، وروى ذلك عن ابن الزبير، وعبيد بن عمير

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ» ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا، وَرَوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ

3165 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، يُحَدِّثُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ أَنْ يُكَبِّرَ، ثُمَّ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُخْلِصَ -[438]- الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، وَلَا يَقْرَأُ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ فِي نَفْسِهِ عَنْ يَمِينِهِ»

3166 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَقُلْتُ لَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ، أَوْ إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ "

3167 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ هَمْدَانَ، «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ قِرَاءَةً هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَطَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، -[439]- وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

3168 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْجِنَازَةِ قِرَاءَةٌ»

3169 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تُصَلِّي الْجِنَازَةَ؟ قَالَ: أَنَا لَعَمْرُ اللهِ، أُخْبِرُكَ: " أَتَّبِعُهَا، مِنْ أَهْلِهَا، فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ وَحَمِدْتُ اللهَ، وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقُولُ: اللهُمَّ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ: قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

3170 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي الْعُرْيَانِ الْحَذَّاءِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى جِنَازَةٍ، فَلَمَّا فَرَغْتُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ قَالَ: «قَرَأْتُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَرُوِّينَا عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي -[440]- التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: «لَا أَجْهَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صَلَاةٌ عَجْمَاءُ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ أَنَّ فِيهَا قِرَاءَةً» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَقْرَأُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَإِنْ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فَحَسَنٌ، لِأَنَّ الْإِسْنَادَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثَ الشَّافِعِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَحَدِيثُ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ جَيِّدَيْنِ

ذكر الدعاء في الصلاة على الجنازة

ذِكْرُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

3171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» -[441]- وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ

ذكر نوع ثان مما يقول في الصلاة على الميت

ذِكْرُ نَوْعٍ ثَانٍ مِمَّا يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ

3172 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ أَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجَةً خَيْرًا مِنْ زَوْجَتِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَنَجِّهِ مِنَ النَّارِ» ، أَوْ قَالَ: «وَقِهِ عَذَابَ النَّارِ» ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ

ذكر نوع ثالث مما يقال في الصلاة على الميت

ذِكْرُ نَوْعٍ ثَالِثٍ مِمَّا يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ

3173 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ مُسْلِمٌ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ جُنَاحٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ، وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَأَعِذْهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: «اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْمَالُ وَالْأَهْلُ وَالْعَشِيرَةُ، وَالذَّنْبُ الْعَظِيمُ وَالرَّبُّ غَفُورٌ رَحِيمٌ»

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْجَنَائِزِ: " اللهُمَّ أَصْبَحَ -[442]- عَبْدُكَ إِنْ كَانَ صَبَاحًا، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً، قَالَ: أَمْسَى عَبْدُكَ، قَدْ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا، وَتَرْكَهَا لِأَهْلِهَا، وَافْتَقَرَ إِلَيْكَ، وَاسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَاغْفِرْ لَهُ وَتَجَاوَزْهُ " حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ

3174 - وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاجْعَلْ قُلُوبَنَا عَلَى قُلُوبِ أَخْيَارِنَا، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ أَرْجِعْهُ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ، اللهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ» 3175 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ دَعَوْا بِدَعَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ

ذكر استحباب أن يقف الإمام بعد التكبيرة الرابعة وقفة يدعو فيها قبل التسليم

ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ وَقْفَةً يَدْعُو فِيهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ

3176 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: " مَاتَتِ ابْنَةٌ لِي فَخَرَجْتُ فِي جِنَازَتِهَا عَلَى بَغْلَةٍ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، فَجَعَلَ النِّسَاءُ يَرْثِينَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى: لَا تَرْثِينَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمَرَاثِي، وَلَكِنْ لِتُفْضِ إِحْدَاكُنَّ مِنْ عَبَرَاتِهَا مَا شَاءَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، فَقَامَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ كَقَدْرِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَسْتَغْفِرُ لَهَا، -[443]- وَيَدْعُو، وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ " وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَرَى أَنْ يَقِفَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يُخَالِفُهُ، وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الدُّعَاءَ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «إِنْ دَعَا بِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا»

3177 - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا، وَحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا» حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، يَذْكُرُ دُعَاءً قَدْ ذَكَرْتُهُ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: " إِذَا كَبَّرَ الثَّانِيَةَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَيْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَلَ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقُولَ: «اللهُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَبَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَغْبِطُهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ -[444]- كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيُّ، يَقُولَانِ: «لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ» ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَعْلُومٌ، وَقَالَ سَعِيدٌ: مُؤَقَّتٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: «مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يَعْنِي مَا لَهَا ذِكْرًا إِلَّا الدُّعَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ قَطُّ»

ذكر التسليم على الجنازة

ذِكْرُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْجِنَازَةِ

3178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَهَلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَنَّ تُكَبِّرَ، ثُمَّ تَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَدْعُوَ لِلْمَيِّتٍ، ثُمَّ تُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِكِ تَسْلِيمَةً خَفِيفَةً، وَلَا تَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى»

ذكر اختلاف أهل العلم في التسليم على الجنازة اختلف أهل العلم في عدد التسليم على الجنازة، فقال كثير من أهل العلم: يسلم تسليمة واحدة، روينا هذا القول عن علي، وجابر بن عبد الله، وواثلة بن الأسقع، وابن أبي أوفى، وأبي هريرة، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف،

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الْجِنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَوَاثِلَةَ -[445]- بْنِ الْأَسْقَعِ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَأَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ

3179 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ»

3180 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «تَسْلِيمَةٌ»

3181 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: «إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ عَلَى الْجِنَازَةِ سَلَّمَ فِي نَفْسِهِ عَنْ يَمِينِهِ»

3182 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ»

3183 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَمْلَى مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ»

3184 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ عَنْ يَمِينِهِ تَسْلِيمَةً»

3185 - وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ وَاثِلَةَ عَلَى سِتِّينَ جِنَازَةٍ مِنَ الطَّاعُونِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً»

3186 - حَدَّثَنَا حسنامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عَلَى جِنَازَةٍ فَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً»

3187 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا خَفِيفًا حَتَّى يَنْصَرِفَ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَ مَنْ وَرَاءَهُ مَا يَفْعَلُ إِمَامَهُ»

3188 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً خَفِيفَةً عَنْ يَمِينِهِ» -[447]- وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَوَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ: «إِنْ شَاءَ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً، وَإِنْ شَاءَ تَسْلِيمَتَيْنِ» ، وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ، هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ النَّخَعِيِّ. -[448]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَسْلِيمَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ؛ وَلِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُمُ الَّذِينَ حَضَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَفِظُوا عَنْهُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ إِنَّ التَّسْلِيمَ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَكُونُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ خَارِجًا مِنَ الصَّلَاةِ

ذكر قضاء ما يفوت المأموم من التكبير على الجنازة واختلفوا في قضاء ما يفوت المأموم من التكبير على الجنائز، فقالت طائفة: لا يقضي، روى ذلك عن ابن عمر

ذِكْرُ قَضَاءِ مَا يَفُوتُ الْمَأْمُومَ مِنَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ مَا يَفُوتُ الْمَأْمُومُ مِنَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَقْضِي، رَوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ

3189 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ» وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ مِنَ التَّكْبِيرِ، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، -[449]- وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَالنُّعْمَانِ، وَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ: يَقْضِيهِ تِبَاعًا قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَكَذَا أَقُولُ، وَإِنَّمَا يُكَبِّرُ مَا لَمْ تُرْفَعْ، فَإِذَا رُفِعَتْ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَرُوِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا

ذكر المرء ينتهي إلى الإمام قد كبر أيكبر أم ينتظر تكبير الإمام؟ واختلفوا في الرجل ينتهي إلى الإمام وقد كبر، فقالت طائفة: لا يكبر حتى يكبر الإمام، فإذا كبر كبر الذي انتهى إلى الإمام، كذلك قال الحارث بن يزيد، ومالك، والثوري، والنعمان، وإسحاق، وابن

ذَكْرُ الْمَرْءِ يَنْتَهِي إِلَى الْإِمَامِ قَدْ كَبَّرَ أَيُكَبِّرُ أَمْ يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ؟ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَنْتَهِي إِلَى الْإِمَامِ وَقَدْ كَبَّرَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ الَّذِي انْتَهَى إِلَى الْإِمَامِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْحَسَنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ أَنْ يُكَبِّرَ ثَانِيَةً، وَلَكِنْ يَفْتَتِحُ لِنَفْسِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَيَعْقُوبَ، وَسَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ، فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْقَوْلُ أَحَبُّ إِلَيَّ قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ يَنْتَهِي فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ -[450]- إِلَى الْإِمَامِ وَقَدْ كَبَّرَ، يُكَبِّرُ مَعَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَهُ

ذكر الاستغفار للميت الغائب

ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ الْغَائِبِ

3190 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مَاتَ، قَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لَهُ»

جماع أبواب دفن الموتى

جِمَاعُ أَبْوَابِ دَفْنِ الْمَوْتَى

ذكر الأمر بحفر القبور للموتى، وتحسين ذلك، والتوسع فيه

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِحَفْرِ الْقُبُورِ لِلْمَوْتَى، وَتَحْسِينِ ذَلِكَ، وَالتَّوْسُّعِ فِيهِ

3191 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الْاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ دَفْنَ الْمَوْتَى وَاجِبٌ لَازِمٌ عَلَى النَّاسِ، لَا يَسَعُهُمْ تَرَكُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَوُجُودِ السَّبِيلِ إِلَيْهِ، وَمَنْ قَامَ بِهِ سَقَطَ فَرَضُ ذَلِكَ عَنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ

ذكر اللحد في القبر

ذِكْرُ اللَّحْدِ فِي الْقَبْرِ

3192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا -[451]- حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، قَالَ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»

3193 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: " كُنْتُ فِيمَنْ حَفَرَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحَدْنَا اللَّحْدَ، فَلَمَّا أُدْخِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَبْرَ طُرِحْتِ النَّاسُ، ثُمَّ قَلَّتِ النَّاسُ، ثُمَّ نَزَلَتُ فَوَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى اللَّحْدِ، وَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: أَنَا أَقْرَبُ النَّاسِ مَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ، فَاسْتَحَبَّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ اللَّحْدَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحِدَ لَهُ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَوْصَاهُمْ «إِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي لَحْدِي فَافْضُوا بِخَدِّي إِلَى الْأَرْضِ»

3194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَوْصَاهُمْ «إِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي لَحْدِي فَافْضُوا بِخَدِّي إِلَى الْأَرْضِ» وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ اللَّحْدَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «إِذَا كَانُوا بِأَرْضٍ شَدِيدَةٍ لُحِدَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا بِبَلَادٍ رَقِيقَةٍ شُقَّ لَهُمْ شَقًّا» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الَّذِي قَالَ الشَّافِعِيُّ حَسَنٌ

ذكر صفة أخذ الميت عند إدخاله القبر اختلف أهل العلم في صفة الميت عند إدخاله القبر، فقالت طائفة: يسل سلا من قبل رجل القبر، روينا هذا القول عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، والشعبي، والنخعي

ذِكْرُ صِفَةِ أَخْذِ الْمَيِّتِ عِنْدَ إِدْخَالِهِ الْقَبْرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ الْمَيِّتِ عِنْدَ إِدْخَالِهِ الْقَبْرَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَلُّ سَلًّا مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ

3195 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي جِنَازَةٍ فَأَمَرَ بِالْمَيِّتِ فَأُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ»

3196 - حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ أَدْخَلَ مَيِّتًا مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ: " هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنِ الْحَدِيثِ، -[453]- وَيَكُونُ الْحَدِيثُ فِيهَا كَالتَّكْلِيفِ بِعُمُومِ مَعْرِفَةِ النَّاسِ لَهَا، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرُونِ، وَالْأَنْصَارُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَنْقُلُ إِلَيْنَا الْعَامَّةُ عَنِ الْعَامَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ يُسَلُّ سَلًّا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْخَذُ الْمَيِّتُ مِنَ الْقِبْلَةِ مُعْتَرِضًا "، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ

3197 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، «أَخَذَ يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ مِنَ الْقِبْلَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ عَلِيًّا، أَخَذَ يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَيِّتُ مِنْ نَحْوِ رَأْسِ الْقَبْرِ، أَوْ رِجْلَيْهِ، أَوْ وَسَطِهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مِنْ حَدِيثٍ يَكُونُ أَسْهَلَ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيْنِ أَحَدَهُمَا:

3198 - هُوَ حَدِيثُ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، يَعْنِي الْمَيِّتَ»

3199 - وَالْآخَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطَّاهِرِ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الذِّئْبِ، -[454]- عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلَّ فِي قَبْرِهِ سَلًّا» وَلَيْسَ فِيهِمَا ثَابِتٌ، وَالَّذِي أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْحِجَازِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَسُلُّونَ الْمَيِّتَ سَلًّا مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وَإِنْ فَعَلَ فَاعِلٌ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

ذكر قدر ما يعمق القبر واختلفوا في قدر ما يعمق القبر

ذِكْرُ قَدَّرِ مَا يُعَمَّقُ الْقَبْرُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ مَا يُعَمَّقُ الْقَبْرُ

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً» 3200 - حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ عنِ عُمَرَ

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنَّخَعِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: «يُحْفَرُ لِلْمَيِّتِ إِلَى السُّرَّةِ» وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «لَمْ يَبْلُغْنِي فِي عُمْقَ قَدْرِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَمِيقَةً جِدًّا، وَلَا قُرَيْبَةً مِنْ أَعْلَى الْأَرْضِ جِدًّا»

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّ يُعَمَّقَ إِلَى قَبْرِهِ» 3201 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي مُوسَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «أُحِبُّ أَنْ يُعَمَّقَ، لِلْمَيِّتِ قَدْرَ بَسْطَةٍ، وَلَا يَقْرُبَ عَلَى أَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْبُشَهُ، وَلَا يَظْهَرَ لَهُ رِيحٌ»

ذكر نصب اللبن على اللحد

ذِكْرُ نَصْبِ اللَّبِنِ عَلَى اللَّحْدِ

3202 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ سَعْدَ، حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: «الْحَدُوا إِلَيَّ لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ، يَعْنِي اللَّبِنَ، نَصَبًا كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالَّذِي نُحِبُّ أَنْ يُنْصَبَ اللَّبِنُ عَلَى اللَّحْدِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَ اللَّبِنِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ اللَّبِنُ، وَإِنْ شُقَّ لِلْمَيِّتِ جُعِلَ حَوَائِزُ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَحْكُمُ

ذكر طرح الإذخر في القبر وبسطه فيه فوق الحوائز واللبن

ذِكْرُ طَرْحِ الْإِذْخِرِ فِي الْقَبْرِ وَبَسْطِهِ فِيهِ فَوْقَ الْحَوَائِزِ وَاللَّبِنِ

3203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» ، قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِصَاغَتِنَا وَلِقُبُورِنَا، قَالَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ»

ذكر التسمية عند وضع الميت في القبر

ذِكْرُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ

3204 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا -[456]- وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ فَقُولُوا: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ:

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: «اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْأَهْلُ وَالْمَالُ وَالْعَشِيرَةُ، وَذَنْبُهُ عَظِيمٌ فَاغْفِرْ لَهُ» 3205 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي مُدركٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْهُ

وَدَفَنَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ابْنًا لَهُ، فَقَالَ: «اللهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبِهِ، وَافْتَحْ، أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَرُوحِهِ، وَبَدِّلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ» 3206 - حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ، قَالَ مَنْ يَضَعُهُ: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ: اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْأَشِحَّاءُ، كَانُوا عَلَى قُرْبَةٍ مِنْ وَلَدِهِ، وَأَهْلِهِ، وَقَرَابَتِهِ، وَإِخْوَانِهِ، وَفَارَقَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، إِنْ عَاقَبْتَهُ عَاقَبْتَهُ بِذَنْبٍ، وَإِنْ عَفَوْتَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِلْعَفْوِ، اللهُمَّ أَنْتَ غَنِيُّ عَنْ عَذَابِهِ، وَهُوَ فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ، اللهُمَّ اشْكُرْ حَسَنَتَهُ، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَتِهِ، وَشَفِّعْ جَمَاعَتَنَا فِيهِ، وَاغْفِرْ ذَنْبَهُ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَدْخِلْ عَلَيْهِ الْأَمَانَ وَالرَّوْحَ فِي قَبْرِهِ

ذكر إلقاء الثوب في القبر

ذِكَرُ إِلْقَاءِ الثَّوْبِ فِي الْقَبْرِ

3207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا -[457]- شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «أُلْقِيَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُرَخِّصُ فِي الْقَطِيفَةِ تُلْقَى الْقَبْرَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ، يَعْنِي فِي الْقَبْرِ

3208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، «كَرِهَ أَنْ يُجْعَلَ، تَحْتَهُ ثَوْبٌ، يَعْنِي فِي الْقَبْرِ،»

3209 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، «أَوْصَى أَهْلَهُ حِينَ تُوُفِّيَ أَنْ لَا يُظْهِرُوا عَلَيْهِ الطِّيبَ، وَلَا يَجْعَلُوهُ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ»

ذكر مد الثوب على القبر واختلفوا في مد الثوب على القبر وقت يدفن الميت، فكره قوم ستر الثوب على قبر الرجل، وممن رأى أن لا يفعل ذلك عبد الله بن يزيد، وشريح، وأحمد بن حنبل، وكان الشافعي يقول: " يستر القبر بثوب نظيف حتى يسوى على الميت لحده، وستر المرأة

ذِكْرُ مَدِّ الثَّوْبِ عَلَى الْقَبْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَدِّ الثَّوْبِ عَلَى الْقَبْرِ وَقْتَ يُدْفَنُ الْمَيِّتُ، فَكَرِهَ قَوْمٌ سَتْرَ الثَّوْبِ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ لَا يُفْعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، وَشُرَيْحٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: " يُسْتَرُ الْقَبْرُ بِثَوْبٍ نَظِيفٍ حَتَّى يُسَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ لَحْدُهُ، وَسَتْرُ الْمَرْأَةِ أَوْكَدُ مِنْ سَتْرِ الرَّجُلِ إِذَا أُدْخِلَتْ

قَبْرَهَا "، وَكَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَرَيَانِ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ الْمَرْأَةِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُ ذَلِكَ فِي قَبْرِ الرَّجُلِ، وَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي قَبْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضُرَّهُمْ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يَرَى بَأْسًا فِي قَبْرِ الرَّجُلِ وَقَبْرِ الْمَرْأَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ لِسَتْرِ قَبْرِ الرَّجُلِ مَعْنًى وَقْتَ دَفْنِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ عَلَى السَّرِيرِ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ، وَأسْتَحِبُّ أَنْ يُسْتَرَ قَبْرُ الْمَرْأَةِ وَقْتَ الدَّفْنِ تَشْبِيهًا بِالنَّعْشِ الْمَنْصُوبِ عَلَى السَّرِيرِ

ذكر الأمر بالاستغفار للميت عند الفراغ من الدفن والدعاء له بالتثبيت

ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدَّفْنِ وَالدُّعَاءِ لَهُ بِالتَّثْبِيتِ

3210 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَحِيرٍ الْقَاصِّ، عَنْ هَانِي، مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ، قَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ أَتَاهُ وَلِيُّهُ مَنْ أَحَبَّ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ

وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا سَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَامَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ عَبْدُكَ رُدَّ إِلَيْكَ، فَارْؤُفْ بِهِ وَارْحَمْهُ، اللهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبِهِ، وَافْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَرُوحِهِ، وَتَقَبَّلْهُ مِنْكَ بِقَبُولٍ حَسَنٍ، اللهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَضَعِّفْ لَهُ فِي إِحْسَانِهِ، أَوْ قَالَ: فَزِدْ فِي إِحْسَانَهُ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ " 3211 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ

ذكر النهي عن الدفن، بالليل إلا عند الضرورة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الدَّفْنِ، بِاللَّيْلِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ

3212 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: ثنا الْحَجَّاجُ الْأَعْوَرُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ، فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ»

ذكر الخبر الدال على إباحة الدفن بالليل

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ

3213 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ»

3214 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا شَعُرْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا بِصَوْتِ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»

ذكر اختلافهم في الدفن بالليل اختلف أهل العلم في الدفن بالليل، فممن دفن بالليل: أبو بكر، وفاطمة، وعائشة، وروينا أن عثمان بن عفان دفن ليلا، وممن رخص في الدفن بالليل عقبة بن عامر، وسعيد بن المسيب، وشريح، وعطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوري، والشافعي

ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، فَمِمَّنْ دُفِنَ بِاللَّيْلِ: أَبُو بَكْرٍ، وَفَاطِمَةُ، وَعَائِشَةُ، وَرُوِّينَا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دُفِنَ لَيْلًا، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَشُرَيْحٌ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ

3215 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، دَفَنَ فَاطِمَةَ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ

3216 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ عُمَرَ، «دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ حِينَ صَلَّاهَا»

3217 - وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، مَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ مِنْ لَيْلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ»

3218 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ رَجُلٌ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: وَيُقْبَرُ بِاللَّيْلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، قُبِرَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ»

3219 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، دَفَنَ عَائِشَةَ لَيْلًا

3220 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، مَوْلًى لِآلِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «دَفَنَّا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِالْبَقِيعِ، وَكُنْتُ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ فِيمَنْ حَمَلَهُ» وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَكْرَهُ الدَّفْنَ بِاللَّيْلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ مُبَاحٌ، لِأَنَّ سَكِينَةَ تُوُفِّيَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَتْ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَمَّا عَلِمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُوهُ بِذَلِكَ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَدْ دُفِنَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا مَا فَعَلُوهُ، وَالْمُبِينُ تَوَلَّوْا ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَنْ تَوَلَّاهِ مِنْهُمْ

ذكر النهي عن الدفن، عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند الزوال وقد ذكرت الخبر الذي فيه النهي عن الدفن في الأوقات المنهي عن الدفن فيها، في أبواب الصلاة على الجنازة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الدَّفْنِ، عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَعِنْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ ذَكَرْتُ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الدَّفْنِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الدَّفْنِ فِيهَا، فِي أَبْوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ

ذكر حثي التراب على القبر روينا عن علي بن أبي طالب، أنه حثى على يزيد بن المكفف ثلاثا، وممن روينا عنه، أنه رأى ذلك الزهري، وكان المهاجرون يلحدون لموتاهم وينصبون اللبن على اللحد نصبا، ويحثون عليهم التراب، وروينا عن ابن عباس، أنه لما دفن زيد بن ثابت

ذِكْرُ حَثْيِ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ حَثَى عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ ثَلَاثًا، -[462]- وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَلْحَدُونَ لِمَوْتَاهُمْ وَيَنْصِبُونَ اللَّبِنَ عَلَى اللَّحْدِ نَصْبًا، وَيَحْثُونَ عَلَيْهِمُ التُّرَابَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمَّا دَفَنَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَثَى عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا يُدْفَنُ الْعِلْمُ

3221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، " حَثَى عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ، قَالَ: هُوَ أَوْ غَيْرُهُ ثَلَاثًا "

3222 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ جَشِيبٍ، وَغَيْرُهُ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «إِنَّ مِنْ تَمَامِ أَجْرِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَحْثُوَ فِي الْقَبْرِ»

3223 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، لَمَّا دُفِنَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ حَثَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا يُدْفَنُ الْعِلْمُ»

3224 - حَدَّثَنَا خُشْنَامُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَلَمْ تَصُبْ لَهُ حَسَنَةٌ، إِلَّا ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ حَثَاها فِي قَبْرٍ، فَغُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَيُحْثَى مِنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ بِيَدَيْهِ مَعًا مِنَ التُّرَابِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ»

ذكر الرخصة في دفن الجماعة في القبر الواحد عند الضرورة واختلفوا في دفن الاثنين في قبر، فروينا عن الحسن أنه كره أن يدفن اثنان في قبر، ورخص في ذلك غير واحد من أهل العلم، روينا عن عطاء ومجاهد في الرجل والمرأة يدفنان في القبر؟ قالا: يقدم الرجل أمام

ذِكَرُ الرُّخْصَةِ فِي دَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْنِ الِاثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُدْفَنَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ، وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يُدْفَنَانِ فِي الْقَبْرِ؟ قَالَا: يُقَدَّمُ الرَّجُلُ أَمَامَ الْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالنُّعْمَانُ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ قَالَا: «يُدْفَنَانِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَاتِ» ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يُرَخِّصُ فِي دَفْنِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَيُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا، كَذَلِكَ السُّنَّةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ قَبْلَ ذَلِكَ

ذكر النصرانية تموت وفي بطنها ولد من مسلم اختلف أهل العلم في النصرانية تموت وفي بطنها ولد من مسلم فروينا عن عمر بن الخطاب أنه دفن امرأة من أهل الكتاب حبلى من مسلم في مقبرة المسلمين

ذِكْرُ النَّصْرَانِيَّةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ مُسْلِمٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ مُسْلِمٍ فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ دَفَنَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حُبْلَى مِنْ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ

3225 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ شَيْخًا، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، «أَنَّهُ دَفَنَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»

ذكر نقل الميت من بلد إلى بلد غيره واختلفوا في نقل الميت من بلد، فممن كره ذلك عائشة أم المؤمنين، قالت: " لو حضرت أخي ما دفن إلا حيث مات "، وكان مات بالحبشي فدفن بأعلى مكة، وكره ذلك الأوزاعي، وسئل الزهري عن هذه المسألة، قال: " قد حمل سعد بن أبي

ذِكْرُ نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ، فَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: «لَوْ حَضَرْتُ أَخِي مَا دُفِنَ إِلَّا حَيْثُ مَاتَ» ، وَكَانَ مَاتَ بِالْحُبْشِيِّ فَدُفِنَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ: «قَدْ حُمِلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنَ الْعَقِيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَفَنَّاهُ بِهَا» ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَهُنَا، يَعْنِي بِمَكَّةَ، فَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ بِهَا، وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفَ، فَغَلَبَهُمُ الْحَرُّ، وَكَانَ رَجُلًا بَادِيًا

3227 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «لَوْ حَضَرْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، تَعْنِي أَخَاهَا، مَا دُفِنَ إِلَّا حَيْثُ مَاتَ» ، وَكَانَ مَاتَ بِالْحُبْشِيِّ فَدُفِنَ أَعْلَى مَكَّةَ، وَالْحُبْشِيَّ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ

3228 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّهُ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: عَزَّيْتُ عَائِشَةَ فِي أَخِيهَا، فَقَالَتْ: «يَرْحَمُ اللهُ أَخِي، إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَجِدُ فِيهِ مِنْ شَأْنِ أَخِي لَمْ يُدْفَنْ حَيْثُ مَاتَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْفَنَ الْمَيِّتُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، عَلَى هَذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عَوَامُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَامَّةُ فِي عَامَّةِ الْبُلْدَانِ، وَيُكْرَهُ حَمْلُ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ فِيمَا بَيْنَهُمَا

ذكر ما يصنع بالذي يموت في البحر واختلفوا فيما يفعل بالذي يموت في البحر، فكان الحسن يقول: " إذا مات في البحر جعل في زنبيل ثم قذف به "، وقال عطاء: " يغسل، ويكفن، ويحنط، ويصلى عليه، ويربط في رجليه شيء، ثم يرمى به في البحر "، وكذلك قال أحمد. وقال

ذِكْرُ مَا يُصْنَعُ بِالَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُفْعَلُ بِالَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ، فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «إِذَا -[465]- مَاتَ فِي الْبَحْرِ جُعِلَ فِي زِنَبِيلٍ ثُمَّ قُذِفَ بِهِ» ، وَقَالَ عَطَاءٌ: «يَغَسَّلُ، وَيُكَفَّنُ، وَيُحَنَّطُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُرْبَطُ فِي رِجْلَيْهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُرْمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «إِنَّ قَدَرُوا عَلَى دَفْنِهِ، وَإِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ يَجْعَلُوهُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ، وَيَرْبِطُوا بِهِمَا لِيَحْمِلَاهُ إِلَى أَنْ يَنْبِذَهُ الْبَحْرُ بِالسَّاحِلِ، فَلَعَلَّ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجِدُوهُ فَيُوَارُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا وَأَلْقَوْهُ فِي الْبَحْرِ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُمْ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْ كَانَ الْبَحْرُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمَيِّتُ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُخْرِجَ أَمْوَاجَهُ إِلَى سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ يُفْعَلُ بِهِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فُعِلَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

كتاب الجزية

كتاب الْجِزْيَة أخبرنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن زُرَيْق الْبَلَدِي قَالَ: أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر. ذكر أَخذ الْجِزْيَة من ثمن الْخمر، والخنازير 6400 - حَدثنَا عَليّ بْنُ الْحسن قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد عَن سُفْيَان عَن إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَن سُوَيْد بْنِ غَفلَة أَن عُمَرَ ذَكَرَ لَهُ أَن عُمَّالا يَأْخُذُونَ الْخمر، وَالْخَنَازِيرَ فِي الْجِزْيَة، قَالَ: فَشَدَّهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ بِلَال: إِنَّهُم لَيَفْعَلُونَ، فَقَالَ: لَا تَكُونُوا أَمْثَال الْيَهُود، حُرِّمَتْ عَلَيْهِم الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا فَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، ولّوهم بيعهَا.

وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي هَذَا الْبَاب فَفِي مَذْهَب الشَّافِعِي: لَا يجوز أَن يَأْخُذ مِنْهُم أحد أَثمَان الْخمر والخنازير، وَهَذَا قِيَاس قَول أبي ثَوْر، وَكَانَ مَالك يَقُول: وَإِنَّمَا يعْطى أهل الْكتاب الْجِزْيَة من ثمن الْخمر والخنازير، وَذَلِكَ حَلَال للْمُسلمين إِن يأخذوه من أهل الْكتاب فِي الْجِزْيَة، وَلَا يحل لَهُم أَن يَأْخُذُوا فِي جزيتهم الْخمر بِعَينهَا وَلَا الْخِنْزِير حَيا. وَاخْتلفُوا فِي الْخمر والخنازير يمر بهَا على الْعَاشِر، فَمِمَّنْ رأى أَن يعشر الْخمر مَسْرُوق، وَالنَّخَعِيّ، والنعمان، وَقَالَ ابْن الْحسن: أما الْخَنَازِير فَلَا يعشرها، وَأما الْخمر فَيَأْخُذ نصف عشر قيمتهَا. وَقَالَ الْحسن بن صَاع: يقوم عَلَيْهِم الْعَاشِر الْخمر والخنازير إِذا اتَّجرُوا فِيهَا، وَيَأْخُذ عشرهَا من الْقيمَة. قَالَ أَبُو بكر: وَقد روينَا عَن شُرَيْح أَنه ضمن مُسلما خمرا أهراقها لذمي، وروينا عَن الْحسن أَنه قَالَ فِي الْخمر: الْعشْر، وَقد روينَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ: «الْخمر لَا يعشرها مُسلم» ، وَهَذَا على مَذْهَب أبي ثَوْر، وَأبي عبيد. وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل لَا يُوجب على من أهراق لذِمِّيّ خمرا. أَو قتل لَهُ خنزيرا شَيْئا، وَهَذَا على مَذْهَب الشَّافِعِي.

ذكر التغليظ على من عنف بأهل الذمة في مطالبتهم بالجزية

قَالَ أَبُو بكر: وَقِيَاس قَول من كره تعشير الْخمر والخنازير أَن يكره أَخذهَا فِي الْجِزْيَة، وَيُشبه أَن يكون قِيَاس قَول من رأى للعشارين أَن يعشرُوا الْخمر عَلَيْهِم وَيَأْخُذ عشرهَا الْخمر فِي الْجِزْيَة، وَلَا معنى لتفريق من فرق بَين الْخمر والخنازير فَقَالَ: يعشر الْخمر وَلَا يعشر الْخَنَازِير، لِأَن الْخمر قد كَانَ فِي الأَصْل قبل أَن يكون خمرا حَلَالا، لِأَنَّهُ كَانَ عنبا وعصيرا، ثمَّ لَعَلَّه أَن يعود خلا، وَالْخِنْزِير لم يكن حَلَالا قط، وَهَذِه غَفلَة من قَائِلهَا، وَذَلِكَ أَن الْخمر فِي الْحَال الَّتِي هِيَ مُحرمَة ضد الْحَلَال، فالحال الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا أولى بهَا من حَالَة كَانَت. وَيلْزم قَائِل هَذَا القَوْل، والمعتل بِهَذِهِ الْعلَّة، أَن يُجِيز بيعهَا وشرائها، فَإِذا أَبى ذَلِك فِي البيع وَنظر إِلَى إطالة الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا، وَامْتنع من بيعهَا لِأَنَّهَا مُحرمَة فِي وَقت البيع وَالشِّرَاء، وَجب أَن يمْتَنع أَن يعشر الْخمر من حَيْثُ امْتنع من بيعهَا وشرائها. ذكر التَّغْلِيظ على من عنف بِأَهْل الذِّمَّة فِي مطالبتهم بالجزية 6401 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس بْنُ يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَن هِشَام بْنَ حَكِيم وَجَدَ رَجُلا وَهُوَ على حمص، يشمش نَاسا مِنَ الْقِبْطِ فِي أَدَاء الْجِزْيَة

ذكر استحباب الرفق في الأمور كلها

فَقَالَ: مَا هَذَا إِنِّي سَمِعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِن اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا» . ذكر اسْتِحْبَاب الرِّفْق فِي الْأُمُور كلهَا 6402 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن الْأَعْمَش عَن تَمِيم بْنِ سَلمَة عَن عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ هِلَال عَن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْق يُحرم الْخَيْر» . 6403 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا عَمْرو هَكَذَا، عَن ابْن أَبِي مليكَة عَن يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ عَن أُمِّ الدَّرْدَاء عَن أَبِي الدَّرْدَاء أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أعْطى حَظه مِنَ الرِّفْق فَقَدْ أعْطى حَظه مِنَ الْخَيْر، وَمن حُرِمَ حَظه من الرِّفْق ففد حُرِمَ حَظه مِنَ الْخَيْر» .

ذكر اختلاف أهل العلم في الجزية كيف تجبى

ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي الْجِزْيَة كَيفَ تجبى قَالَ الله عز وَجل: (حَتَّى يُعطُوا الجِزِيَةَ عَنْ يَد وهُمْ صاغِرُون) الْآيَة. 6404 - حَدثنَا مُوسَى بْنُ هَارُون قَالَ: حَدثنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: حَدثنَا مَرْوَان بْنُ مُعَاوِيَة عَن أَبِي بَكْرٍ عَن أَبِي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يَمْشُونَ بهَا ملبين. وَقد اخْتلف فِي قَوْله: (عَن يَدٍ وهُمْ صَاغِرُون) فَقَالَ بَعضهم: يَمْشُونَ بهَا، وَقَالَ بَعضهم: نَقْدا، يَقُول عَن ظهر يَد لَيْسَ بنسيئة، وَقَالَ أَبُو عبيد: كل من انطاع لمن قهره وَأَعْطَاهُ عَن غير طيب نفس فقد أعطَاهُ عَن يَد. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " سَمِعت عددا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: الصغار أَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، قَالَ الشَّافِعِي: وَمَا أشبه مَا قَالُوا بِمَا قَالُوا، قَالَ الشَّافِعِي: فَإِذا أحَاط الإِمَام بِالدَّار، فعرضوا عَلَيْهِ أَن يُعْطوا الْجِزْيَة على أَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، لزمَه أَن يقبلهَا مِنْهُم، وَلَو سَأَلُوهُ أَن يعطوها على أَن لَا يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، لم يكن ذَلِك لَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يقاتلهم حَتَّى يسلمُوا، أَو يُعْطوا

ذكر ما يؤخذ به أهل الذمة من تغيير الزي خلاف زي المسلمين

الْجِزْيَة عَن يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ، بِأَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام ". وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: "يَنْبَغِي للوالي أَن يولي الْخراج رجلا يرفق بهم ويعدل عَلَيْهِم فِي خراجهم، وَلَا يعذبهم، فَإِن كسروا من خراجهم شَيْئا لم يبع عَلَيْهِم عرضا، وَلم يهنهم فِيهِ، وَلم يعذبهم، وَله أَن يحول بَينهم وَبَين غلاتهم حَتَّى يَسْتَوْفِي الْخراج، فَإِن صَار على أحد مِنْهُم مائَة بَعْدَمَا مَضَت السنة فَلَا يُؤْخَذ بِالْمِائَةِ فِي قَول النُّعْمَان، وَيُؤْخَذ بِهِ فِي قَول يَعْقُوب. وَقَالَ أَبُو ثَوْر: وَيُؤْخَذ مِنْهُم فِي كل سنة فِي وَقت من الْأَوْقَات، وَيكْتب لَهُم بَرَاءَة إِلَى مثله من الْحول، ويرفق بهم فِي الاستبداء، وَلَا يضْربُونَ وَلَا يحبسون إِلَّا أَن يكون رجل مِنْهُم عِنْده مَال فَلَا يُؤدى، فَيكون للْإِمَام عُقُوبَته بِحَبْس، أدب، وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا نقد الْبَلَد الَّذِي هم فِيهِ، وَلَا يكلفون نقد بَيت مَال إِن كَانَ أَجود من نقد الْبَلَد. ذكر مَا يُؤْخَذ بِهِ أهل الذِّمَّة من تَغْيِير الزي خلاف زِيّ الْمُسلمين 6405 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي الْقَاسِم بن عبد الله قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن دِينَار عَن

عبد الله بن عَمْرو أَن عمر كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد يَأْمُرهُم أَن يختموا فِي رِقَاب أهل الْجِزْيَة بالرصاص، ويصلحوا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم، ويركبوا على الأكف عرضا، وَلَا يضْربُوا الْجِزْيَة إِلَّا على من جرت عَلَيْهِ الموسى، وَلَا يَدعُوهُم يتشبهوا بِالْمُسْلِمين فِي ركوبهم. قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: مناطقهم: يَعْنِي الزنانير. 6406 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا النَّضر بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن خَليفَة بن قيس قَالَ: قَالَ عمر: يَا يرفأ: أكتب إِلَى أهل الْأَمْصَار فِي أهل الْكتاب: أَن تجز نواصيهم، وَأَن يربطوا الكستيجان فِي أوساطهم، ليعرف زيهم من زِيّ أهل الْإِسْلَام. وَقد روينَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز «أَنه أَمر فِي أهل الذِّمَّة أَن يحملوا على الأكف، وَأَن تجز نواصيهم» ، وَسُئِلَ مَالك هَل لِلنَّصَارَى أَن

يحدثوا فِي أَرض الْإِسْلَام الْكَنَائِس؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَن يكون لَهُم أَمر أَعْطوهُ على ذَلِك. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يحدد بَينه وَبَين أهل الذِّمَّة جَمِيع مَا يعطيهم، وَيَأْخُذ مِنْهُم، وَيرى أَنه ينوبه وينوب النَّاس مِنْهُم فيسمى الْجِزْيَة، وَأَن، يؤدوها على مَا وصفت، وَيُسمى شهرا تُؤْخَذ فِيهِ الْجِزْيَة، وعَلى أَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام إِذا طَلَبهمْ بِهِ طَالب، أَو أظهرُوا ظلما لأحد، وعَلى أَن لَا يذكرُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِمَا هُوَ أَهله، وَلَا يطعنوا فِي دين الْإِسْلَام، وَلَا يعيبوا من حكمه شَيْئا، فَإِن فعلوا فَلَا ذمَّة لَهُم، وَيَأْخُذ عَلَيْهِم أَلا يسمعوا السلمين شركهم، وَقَوْلهمْ فِي عُزَيْر، وعيسى، فَإِن وجدوهم فعلوا بعد التَّقَدُّم فِي عُزَيْر، وعيسى إِلَيْهِم، عاقبهم على ذَلِك عُقُوبَة وَلَا يبلغ حدا، لأَنهم قد أذن بإقرارهم على دينهم، وَأَن لَا يكرهوا أحدا على دينهم إِذا لم يروه من أبنائهم، وَلَا رقيقهم وَلَا غَيرهم، وعَلى أَن لَا يحدثوا فِي مصر من أَمْصَار الْمُسلمين كَنِيسَة، وَلَا مجتمعا لصلاتهم، وَلَا ضرب ناقوس، ولَا حمل خمرٍ، وَلَا إِدْخَال خِنْزِير، وَلَا يعذبوا بَهِيمَة، وَلَا يقتلوها ضربا لذبح، وَلَا يحدثُونَ مَا يطيلون بِهِ بِنَاء الْمُسلمين، وَأَن يفرقُوا بَين هيئاتهم فِي الملبس والمركب، وَبَين هيئاتِ الْمُسلمين، وَأَن يعقدوا الزنَانِير فِي أوساطهم، فَإِنَّهَا من أبين فرق بَينهم وَبَين هيئات الْمُسلمين، وَأَن لَا يدخلُوا مَسْجِدا، وَلَا يبايعوا مُسلما

بيعا يحرم فِي الإسلام، وَلَا يزوجوا مُسلما مَحْجُورا، إِلَّا بِإِذن وليه، وَلَا يمنعوا من أَن يزوجوه حرَّة إِذا كَانَ حرا مَالِكًا لنَفسِهِ أَو مَحْجُورا بِإِذن وليه بِشُهُود مُسلمين، وَلَا يسقوا مُسلما خمرا، وَلَا يطعموه محرما من لحم الْخِنْزِير وَلَا غَيره، وَلَا يظهروا الصَّلِيب فِي الْجَمَاعَات فِي أَمْصَار الْمُسلمين، وَإِن كَانُوا فِي قَرْيَة يملكونها منفردين لم يمنعهُم إِحْدَاث كَنِيسَة وَلَا رفع بِنَاء، وَلَا يعرض لَهُم فِي خنازيرهم وخمرهم وأعيادهم وإجماعهم، وَأخذ عَلَيْهِم أَن لَا يسقوا مُسلما أَتَاهُم خمرا، وَلَا يبايعوه محرما، وَلَا يطعموه إِيَّاه، وَلَا يغشوا مُسلما «. » وَإِن كَانَ بِمصْر الْمُسلمين لَهُم كَنِيسَة، أوبناء طائل كبناء الْمُسلمين، لم يكن للْإِمَام هدمها وَلَا هدم بنائهم، وَترك كلا على مَا وجد عَلَيْهِ، وَمنع من إِحْدَاث الْكَنِيسَة، وَهَذَا إذاكان الِمصر للْمُسلمين أحيوه، أَو فتحوه عنْوَة، وَشرط على أهل الذِّمَّة هَذَا، فَإِن كَانُوا فتحوه على صلحٍ بَينهم وَبَين أهل الذِّمَّة، من ترك إِظْهَار الْخمر والخنازير، وإحداث الْكَنَائِس فِيمَا ملكوا، لم يكن لَهُ مَنعهم من ذَلِك، وَإِظْهَار الشرك أكبر مِنْهُ، وَلَا يجوز للْإِمَام أَن يُصَالح أحدا من أهل الذِّمَّة على أَن ينزلُوا من بِلَاد الْإِسْلَام منزلا يظْهر فِيهِ جمَاعَة وَلَا كَنِيسَة وَلَا ناقوسا، إِنَّمَا يصالحهم على ذَلِك فِي بِلَادهمْ الَّتِي وجدوا فِيهَا ففتحوها عنْوَة أَو صلحا، فَأَما بِلَاد لم تكن لَهُم، فَلَا يجوز هَذَا لَهُ فِيهَا، فَإِن

فعل ذَلِك أحد فِي بلد يملكهُ مَنعه مِنْهُ، وَإِن أظهرُوا ناقوسا، أَو اجْتمعت لَهُم جمَاعَة، أَو تهيئوا بهيئة نَهَاهُم عَنْهَا، يقدم فِي ذَلِك إِلَيْهِم، فَإِن عَادوا عاقبهم، وَإِن فعل هَذَا مِنْهُم فَاعل، أَو بَاعَ مُسلما بيعا حَرَامًا فَقَالَ: مَا علمت، تقدم إِلَيْهِ الْوَالِي وأحلفه وأقاله فِي ذَلِك، فَإِن عَاد عاقبه ". وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: «يَنْبَغِي للْإِمَام أَن لَا يتْرك أحدا من أهل الذِّمَّة يتشبه فِي لِبَاسه وَلَا مركبه، وَلَا فِي هَيئته بالسلمين، وَيَنْبَغِي أَن يؤخذوا حَتَّى يَجْعَل كل إنسانٍ مِنْهُم فِي وَسطه كشتنجا مثل الْخَيط الغليظ، ويعقده على وَسطه، وَأَن يؤخذوا بِأَن يلبسوا قلانس مضربة، وَأَن يركبُوا السُّرُوج وعَلى قربوس السرج مثل الرمانة، وَأَن يجْعَلُوا شرك نعَالهمْ مُثَلّثَة، وَلَا يتخذوها على حذاء الْمُسلمين، وَلَا يلبسوا طيالسة مثل طيالسة الْمُسلمين، وَلَا أردية مثل أردية الْمُسلمين» . وَقيل لِأَحْمَد بن حَنْبَل: لِلنَّصَارَى أَن يظهروا الصَّلِيب أَو يضْربُوا بالنواقيس؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُم أَن يظهروا شَيْئا لَيْسَ فِي صلحهم. قَالَ إِسْحَاق: " لَيْسَ لَهُم أَن يظهروا الصَّلِيب أصلا، لما نهى عمر بن الْخطاب عَن ذَلِك، وَيَقُولُونَ: إِن إظهارنا الصَّلِيب إِنَّمَا هُوَ دُعَاء ندعوكم إِلَى ديننَا، فيمنعون أَشد الْمَنْع ".

ذكر الامتناع من أخذ الجزية من الكتابي على سكنى الحرم ودخوله

ذكر الِامْتِنَاع من أَخذ الْجِزْيَة من الْكِتَابِيّ على سُكْنى الْحرم ودخوله قَالَ الله جل ذكره: (يَا أّيها الذيِنَ امنُوا إِنَّمَا المُشرِكُونَ نجسٌ فَلاَ يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرام بَعدَ عامِهم هَذا) الْآيَة. روينَا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله (إِنّما المُشرِكُونَ نجس) قَالَ: قذر، وَقَالَ قَتَادَة: نجس أَي أجناب، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: «نجس متحرك الْحُرُوف بالفتحة، ومجازه قذر، وكل نتِن وطَفَس نجس» . 6407 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل الصَّائِغ، وَإِبْرَاهِيم بْنُ الْحَارِث الْبَغْدَادِيّ، وَسَهل بْنُ عَمَّارٍ النَّيْسَابُورِي قَالُوا: حَدثنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد الْأَعْوَر قَالَ: قَالَ ابْن جُرَيْجٍ: أَخْبرنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنه سَمِعَ جَابر بْنَ، عَبْدِ اللَّهِ يَقُول فِي هَذِه الْآيَة (إِنّما المُشرِكُونَ نَجسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسْجِدَ الحَرام بَعْدَ عَامِهِمْ هَذا) إِلَّا أَن يَكُونَ عَبْدًا أَو أَحَدًا مِنْ

أَهْلِ الْجِزْيَة. وَقَالَ قَتَادَة فِي هَذِه الْآيَة كَمَا قَالَ جَابر. وَفِيه قَول ثَان: 6408 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوام عَن أَشْعَث عَن أَبى الزُّبَيْرِ عَن جَابر: «فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بَعْدَ عَامهمْ هَذَا، وَلَا يقربهُ مُشْرك» . روينَا عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان كَانَ يدْخل الْمَسْجِد بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ كَافِر، غير أَن ذَلِك لَا يحل فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، قَالَ الله تَعَالَى: (إِنّما المُشرِكُونَ نجسٌ فَلا بَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرام بَعدَ عامِهم هَذا) الْآيَة. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: «لَا يدع مُشْركًا أَن يطَأ الْحرم بحالٍ من الْحَالَات طَبِيبا كَانَ أَو صانعا بنيانا أَو غَيره، لتَحْرِيم الله دُخُول الشركين الْمَسْجِد الْحَرَام، وَبعده تَحْرِيم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك» ، وَقَالَ الشَّافِعِي: «فَأَما مَكَّة فَلَا يدْخل أحد مِنْهُم الْحرم بحالٍ أبدا، كَانَ لَهُ بهَا مَال أَو لم يكن وَإِن غفل عَن رجلٍ مِنْهُم فَدَخلَهَا، فَمَرض أخرج مَرِيضا، أَو مَاتَ أخرج مَيتا وَلم يدْفن بهَا، وَلَو دفن نبش مَا لم يَنْقَطِع» .

ذكر منع أهل الذمة سكنى الحجاز

ذكر منع أهل الذِّمَّة سُكْنى الْحجاز 6409 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ النَّجَّارُ قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّزَّاق قَالَ: نَا ابْن جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنه سَمِعَ جَابر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: أَخْبرنِي عُمَرُ بْنُ الْخطاب أَنه سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُول: لأخْرجَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب حَتَّى لَا أدع بهَا إِلَّا مُسلما. 6410 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحلْوانِي عَن النُّفَيْلِي قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ سَلمَة عَن مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاق قَالَ: حَدثنِي صَالح بْنُ كيسَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَن عَائِشَة حَدَّثَتْهُ قَالَت: آخِرُ مَا عُهِدَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يتْرك بِجَزِيرَة الْعَرَب دِينَانِ» . 6411 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيم قَالَ؟ حَدثنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَان الْعَسْكَرِيُّ حَدثنَا زِيَاد عَن مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاق عَن يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.

حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: جَزِيرَة الْعَرَب مَا بَين حفر أبي مُوسَى إِلَى أقْصَى الْيمن فِي الطول، فَأَما الْعرض فَمَا بَين رمل يبُرِيُن إِلَى مُنْقَطع السماوة، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَزِيرَة الْعَرَب من أقْصَى عدن أبين إِلَى ريف الْعرَاق فِي الطول، وَأما الْعرض فَمن جدة وَمَا والاها من سَاحل الْبَحْر إِلَى أطوار الشَّام، قَالَ: قَالَ أَبُو عبيد: فَأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإخراجهم من هَذَا كُله، فيرون أَن عمر إِنَّمَا استجاز إِخْرَاج أهل نَجْرَان من الْيمن وَكَانُوا نَصَارَى، إِلَى سَواد الْعرَاق لهَذَا الحَدِيث، وَكَذَلِكَ اجلاؤه أهل خَيْبَر إِلَى الشَّام وَكَانُوا يهوداً. 6412 - حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمد قَالَ: حَدثنَا الْمقري قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث قَالَ: حَدثنِي سَعِيدٌ عَن أَبِيه عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي الْمَسْجِد خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: "انْطَلقُوا إِلَى يَهُودَ، فَخَرَجْنَا مَعَه حَتَّى جِئْنَا بَيت الْمِدْرَاس فَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلمُوا تَسْلَمُوا» ، قَالُوا: بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِم؟ قَالَ: «ذَلِك أُرِيد» ، ثمَّ قَالَهَا الثَّالِثَة، فَقَالَ: «اعْلَمُوا أَن الأَرْض لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَأَنا أُرِيد أَن أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِه الأَرْض، فَمن وَجَدَ مِنْكُم بِمَالِه شَيْئا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَن الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ» .

6413 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن سُلَيْمَان الْأَحول عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَير سَمِعَ ابْن عَبَّاس يَقُول: يَوْم الْخَمِيس، وَمَا يَوْم الْخَمِيس؟ ثمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاس: مَا يَوْم الْخَمِيس؟ قَالَ: اشْتَدَّ برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعه فِيهِ فَقَالَ: «ائتونى بكتب اكْتُبْ كِتَابًا، وَلَا تَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنَازع، وَأَوْصَاهُمْ أَن أخرجُوا الْمُشْركين مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب، وَأَجِيزُوا الْوَفْد الَّذِي كُنْتُ أُجِيزُهُمْ» . 6414 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة وَمُحَمّد بْنُ عُبَيْدٍ عَن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَن نَافِع عَن ابْن عُمَرَ قَالَ: أَجْلَى عُمَرُ الْمُشْركين مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب، وَقَالَ: «لَا يجْتَمع فِي جَزِيرَة الْعَرَب دِينَانِ» ، وَضرب لن قَدِمَ مِنْهُم أَََجَلًا قَدْرَ مَا يبيعون سلعهم. 6415 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن سَالم بْنِ أَبِي الْجَعْد قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَان إِلَى عَليّ فَقَالُوا: شَفَاعَتُكَ بِلِسَانِكَ، وَكِتَابُكَ بِيَدِك، أخرجنَا عُمَرُ مِنْ أَرْضنَا، فَرُدَّهَا إِلَيْنَا، قَالَ: وَيْلكُمْ إِن عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمر، فَلَا أُغَيِّرُ شَيْئا صَنَعَهُ عُمَرُ، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة: قَالَ

الْأَعْمَش: كَانُوا يَقُولُونَ: لَو كَانَ فِي نَفسه عَلَيْهِ شَيْء لاغْتَنَمَ هَذَا. 6416 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن حجاج عَمَّن سمع الشّعبِيّ يَقُول: قَالَ عَليّ لما قدم هَهُنَا، ثغر الْكُوفَة: مَا قدمت لأحل عقدَة شدّها عمر. قَالَ أَبُو بكر: وَقد ثَبت أَن عمر بن الْخطاب ضرب للْيَهُود، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوس إِقَامَة ثَلَاثَة أَيَّام يتسوقون بهَا ثغر الدينة، وَبِه قَالَ مَالك، وَالشَّافِعِيّ. 6417 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا القعْنبِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عُمَرَ أَن عمر بن الْخطاب ضرب للْيَهُود، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوس إِقَامَة ثَلَاث لَيَال يَتَسَوَّقُونَ بهَا، وَيَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ، وَلم يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُم يُقيم بَعْدَ ثَلَاث لَيَال. وَقَالَ مَالك: لَا يتْرك أحد على غير دين الْإِسْلَام يُقيم بِالْمَدِينَةِ فَوق ثَلَاثَة أَيَّام وَقد نهى عمر بن الْخطاب، قَالَ مَالك: فَأرى أَن يجلوا من الْمَدِينَة، وَمَكَّة، واليمن، وَأَرْض الْعَرَب، لِأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يبْقى دينان بِأَرْض الْعَرَب» ، وَقد أجلاهم عمر بن الْخطاب هن فدك، ونجران.

قَالَ الشَّافِعِي: " فَإِن سَأَلَ من تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة أَن يُعْطِيهَا وَيجْرِي عَلَيْهِ الحكم على أَن يسكن الْحجاز، لم يكن ذَلِك لَهُ، والحجاز مَكَّة، وَالْمَدينَة، واليمامة، ومخاليفها كلهَا، لِأَن تَركهم بسكنى الْحجاز مَنْسُوخ، وَقد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتثْنى على أهل خَيْبَر فَقَالَ: «أُقِرِّكم مَا أَقَرَّكم الله» ، ثمَّ أَمر بإجلاهم، وَأحب أَن لَا يدْخل الْحجاز مُشْرك بِحَال لما وصفت من أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يبين لي أَن يحرم أَن يمر ذمِّي بالحجاز مارا لَا يُقيم بِبَلَد مِنْهَا أَكثر من ثَلَاث لَيَال، وَذَلِكَ مقَام مُسَافر، لِأَنَّهُ قد يحْتَمل أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإجلائهم عَنْهَا، أَن لَا يسكنوها، وَيحْتَمل لَو ثَبت عَنهُ «لَا يبقين دينان بِأَرْض الْعَرَب» ، لَا يبْقين دينان مقيمان، وَلَوْلَا أَن عمر ولي إِخْرَاج أهل الذِّمَّة لما ثَبت عِنْده من أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَن أَمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتملا مَا رأى عمر بن الْخطاب من أَن أجل من قدم من أهل الذِّمَّة تَاجِرًا ثَلَاث، لَا يُقيم فِيهَا بعد ثَلَاث، لرأيت أَن لَا يصالحوا بِدُخُولِهَا بِكُل حَال. وَقَالَ الشَّافِعِي: وَلَيْسَت الْيمن بحجاز، فَلَا يجليهم أحد من الْيمن، وَسَائِر الْبلدَانِ مَا خلا الْحجاز، فَلَا بَأْس أَن يصالحوا على الْمقَام بهَا، وَلَا يتَبَيَّن لي أَن يمنعوا ركُوب بَحر الْحجاز، وَيمْنَعُونَ الْمقَام فِي سواحله،

وَإِن كَانَت فِي بَحر الْحجاز جزائرا وجبالا تسكن منعُوا سكناهما، لِأَنَّهَا من أَرض الْحجاز ". قَالَ أَبُو بكر: وَقد قَالَ قائلٌ من أهل الْعلم: معنى قَوْله: «لَا يجْتَمع دينان بِأَرْض الْحجاز» من أَلْفَاظ الْخَبَر الَّذِي مَعْنَاهَا معنى النَّهْي، أَي لَا يجْتَمع دينان بِأَرْض الْحجاز، واحتج الشَّافِعِي فِي مَنعه إِعْطَاء أهل الذِّمَّة أَن يسكنوا الْحرم أَو أَرض الْحجاز بِحَال، أَو أَرض الْعَرَب، لِأَنَّهُ اشْتِرَاط من أشرط ذَلِك إِنَّمَا أشرط خلاف كتاب الله، وَقد ثَبت أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كل شرطٍ لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط» ، وَمن شَرط لَهُم سُكْنى الْحرم أَو الْحجاز بِحَال، فقد أشرط خلاف كتاب الله وَسنة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرِيد بِخِلَافِهِ كتاب الله قَوْله: (إِنَّمَا المُشرِكُون نَجَس) الْآيَة، وَالسّنة الْمَانِعَة من ذَلِك قَوْله: «لَا يتْرك دينان بِجَزِيرَة الْعَرَب» .

ذكر إسقاط الصدقة عق أهل الذمة

ذكر إِسْقَاط الصَّدَقَة عق أهل الذِّمَّة كَانَ مَالك بن أنس، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَبُو عبيد، وَأَبُو ثَوْر، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وكل من نَحْفَظ قَوْله يَقُولُونَ: لَيْسَ على أهل الذِّمَّة صدقاتٍ فِي أَمْوَالهم، إِلَّا مَا ذكرنَا من أَمر نَصَارَى بني تغلب، فَإنَّا قد ذكرنَا مَا يُؤْخَذ مِنْهُم فِي غير هَذَا الْوَضع، وَإِلَّا مَا يُؤْخَذ من أهل الذِّمَّة فِيمَا يديرونه من التِّجَارَات إِذا اخْتلفُوا فِي بِلَاد الْمُسلمين. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: مَا أَحسب عمر أَخذ مَا أَخذ من النبط إِلَّا عَن شَرط بَينهم وَبَينه كَشَرط الْجِزْيَة، وَقَالَ أَبُو عبيد: كَذَلِك بِلَا شك، وَقد روينَا عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ: كَانَ ذَلِك يُؤْخَذ مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة فألزمهم عمر ذَلِك. قَالَ أَبُو بكر: وَالَّذِي قَالَه الشَّافِعِي، وَأَبُو عبيد أولى من أَن يظن أَنه اقْتدى بِأَفْعَال أهل الْجَاهِلِيَّة، وأحيى سنتهمْ. ذكر أهل السوَاد قَالَ الله جل ذكره: (واعلَمُوا أنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيء فَإنَّ لِلَّهِ خُمسُه) الْآيَة. 6418 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحَكم قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي هِشَام بْنُ سَعْدٍ عَن، زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عُمَرَ بْنَ الْخطاب يَقُول: لَوْلَا أَن أترك آخر النَّاس

بَيَانا لَا شَيْءَ لَهُم مَا فَتَحْتُ قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر. 6419 - وَأخْبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن هَمَّامِ بْنِ مُنَبّه عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيّمَا قَرْيَة أَتَيْتُمُوهَا فَإِن سهمها فِيهَا، وَأَيّمَا قَرْيَة غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا فَأَخْمِسُوهَا فَإِن خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثمَّ هِيَ لَكُمْ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَالَ غَيره: «وَأَيّمَا قَرْيَة عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُوله» ، وَهُوَ أصح. قَالَ أَبُو بكر: وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي هَذَا الْبَاب فَقَالَت طَائِفَة: يجب قسم كل قَرْيَة افتتحت عنْوَة كَمَا تقسم الدَّنَانِير، وَالدَّرَاهِم، وَالْعرُوض، وَسَائِر الْأَشْيَاء. 6420 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بْنِ أَبى حَبِيبٍ عَمَّن سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغيرَة بْنِ أَبِي بُرْدَةَ يَقُول: سَمِعت سُفْيَان بْنَ وَهْبٍ الْخَولَانِيّ يَقُول: لَمَّا فَتَحْنَا مِصْرَ بِغَيْر عَهْدٍ قَامَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ: اقْسِمْهَا يَا عَمْرو بْنَ الْعَاصِ! فَقَالَ عَمْرو: لَا أَقْسِمُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ لَتَقْسِمَنَّهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر،

قَالَ عَمْرو: وَالله لَا أَقْسِمُهَا حَتَّى أَكْتُبَ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَكتب إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخطاب: أَقِرَّهَا حَتَّى يَغْزُو مِنْهَا حَبل الْحَبَلَةِ. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " كلما ظهر عَلَيْهِ من قَلِيل أَمْوَال الْمُشْركين وكثره، أَو دَارا وَغَيره لَا يخْتَلف لِأَنَّهَا غنيمَة، وَحكم اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْغَنِيمَة أَن يُخَمّس، وَقد بَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن أوجف عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ والركاب، فَإِن تَركه الإِمَام وَلم يقسمهُ فَوَقفهُ على الْمُسلمين، أَو تَركه لأَهله، رُد حكم الإِمَام فِيهِ، لِأَنَّهُ مُخَالف للْكتاب وَالسّنة مَعًا، فَأَما الْكتاب فَقَوله: (واعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيءٍ فَإِنَّ لله خُمسُه) الْآيَة، وَقسم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس على من أوجف عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ والركاب من كل مَا أوجف عَلَيْهِ من أَرض وَعمارَة وَمَال، وَإِن تَركهَا لأَهْلهَا، اتبع أَهلهَا بِجَمِيعِ مَا صَار فِي أَيْديهم من غَلَّتهَا، فاستخرج من أَيْديهم وَجعل لَهُم أُجْرَة مثلهم فِيمَا قَامُوا بِهِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَانَ لأَهْلهَا أَن يتبعوا الإِمَام على مَا فَاتَ مِنْهَا، لِأَنَّهَا أَمْوَالهم أفاتها، فَإِن ظهر الإِمَام على بلادٍ عنْوَة فخمسها ثمَّ سَأَلَ أهل الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس، ترك حُقُوقهم مِنْهَا، فَأَعْطوهُ ذَلِك طيبَة بِهِ أنفسم، فَلهُ قبُوله إِن أَعْطوهُ وَقفا على الْمُسلمين، وأحسب عمر بن الْخطاب إِن كَانَ صنع هَذَا فِي شَيْء من بِلَاد العنوة إِنَّمَا استطاب أنفس أَهلهَا عَنْهَا فَصنعَ مَا وصفت".

وَقَالَ فِي الْكتاب الْمَعْرُوف بسير الْوَاقِدِيّ: «وَلَا أعرف مَا أَقُول فِي السوَاد إِلَّا ظنا مَقْرُونا إَلى علم» . 6421 - أخبرنَا الثِّقَة عَن إِسْمَاعِيل بْنِ أَبى خَالِد عَن قَيْسِ بْنِ أَبى حَازِم عَن جَرِيرٍ قَالَ: كَانَت بَجِيلَةُ رُبُعَ النَّاس فَقَسَمَ لَهُم رُبُعَ السوَاد فَاسْتَغَلُّوهُ ثَلَاثًا أَو أَربع سِنِين أَنا شَككت، ثمَّ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخطاب وَمَعِي فُلَانَة ابْنة فلَان امْرَأَة مِنْهَا قَدْ سَمَّاهَا لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُ اسْمهَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخطاب: لَوْلَا إِنِّي قَاسم مَسْئُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، وَلَكِنِّي أَرَى أَن تَرُدُّوا عَلَى النَّاس. قَالَ الشَّافِعِي: وَكَانَ فِي حَدِيثه: وعاضني من حَقي نَيف وَثَمَانِينَ دِينَارا. قَالَ الشَّافِعِي: «هَذَا الحَدِيث دَلِيل إِذْ أعْطى جَرِيرًا البَجلِيّ عوضا من سَهْمه، أَنه استطاب أنفس الَّذين أوجفوا عَلَيْهِ، فتركوا حُقُوقهم فَجعله وَقفا للْمُسلمين، وَهَذَا أولى الْأُمُور بعمر بن الْخطاب عندنَا فِي السوَاد، وفتوحه إِن كَانَت عنْوَة فَهُوَ كَمَا وصفت، ظن عَلَيْهِ دلَالَة يَقِين» . وَقَالَ أَبُو ثَوْر: وَيقسم الإِمَام مَا ظهر عَلَيْهِ من أَرض وَدَار وَغير ذَلِك قسما وَاحِدًا، وَيقسم ذَلِك على مَا أَمر الله بِهِ. وَقَالَت طَائِفَة: الإِمَام بالحجار فِي كل أَرض أخذت عنْوَة إِن شَاءَ أَن يقسمها قسمهَا كَمَا فعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَر، فَإِن شَاءَ أَن يَجْعَلهَا فَيْئا فَلَا يقسمها وَلَا يخمسها وَتَكون مَوْقُوفَة على الْمُسلمين عَامَّة كَفعل عمر بن الْخطاب بِالسَّوَادِ فعل، وَالْأَخْبَار الَّتِي رويت عَن عمر بن الْخطاب فِي هَذَا الْبَاب

دَالَّة على الْمَعْنى الَّذِي لَهُ أوقف عمر بن الْخطاب السوَاد، يحْكى هَذَا القَوْل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ. حَدثنِي عَليّ عَن أَبى عُبَيْدٍ أَنه قَالَ: " بِهَذَا، كَانَ يَأْخُذ سُفْيَان بن سعيد وَهُوَ مَعْرُوف من قَوْله إِلَّا أَنه كَانَ يَقُول: الْخِيَار فِي الأَرْض العنوة إِلَى الإِمَام إِن شَاءَ جعلهَا غنيمَة فَخمس وَقسم، وَإِن شَاءَ جعلهَا فَيْئا عَاما للْمُسلمين وَلم يُخَمّس وَلم يقسم، وَبِه قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ: قَالَ: وَلَيْسَ فعل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ براد لفعل عمر، وَلكنه اتبع آيَة من كتاب الله فَعمل بهَا، وَاتبع عمر آيَة أُخْرَى فَعمل بهَا، قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: (واعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيءٍ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمسُه) الْآيَة، فَهَذِهِ آيَة الْغَنِيمَة وهي لأَهْلهَا دون النَّاس، وَبهَا عمل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الله: (ومَا آَفَاء اللَّهُ عَلى رَسُوِله مِنْ أَهلِ القُريَ) إِلَى قَوْله (والَّذيِن جَاءُوا مِن بَعدِهِم) الْآيَة، فَهَذِهِ آيَة الْفَيْء وَبهَا عمل عمر، وَإِيَّاهَا تَأَول حِين ذكر الْأَمْوَال وأصنافها، قَالَ: فاستوعبت هَذِه الْآيَة النَّاس، وَإِلَى هَذِه الْآيَة ذهب عَليّ، ومعاذ حَيْثُ أشارا عَلَيْهِ بِمَا أشارا فِيمَا نرى " وَالله أعلم. 6422 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَر عَن إِسْرَائِيل عَن أَبى إِسْحَاق عَن حَارِثَة بْنِ مُضَرِّبٍ عَن عُمَرَ أَنه أَرَادَ أَن يَقْسِمَ السوَاد بَين الْمُسلمين، فَأَرَادَ أَن يُحْصَوْا فَوجدَ الرَّجُلَ يُصِيبهُ ثَلَاثَة مِنَ الْفَلاحِينَ،

فَشَاور فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالب: دَعْهُمْ يَكُونُوا مَادَّةً للْمُسلمين فَتَرَكَهُمْ، وَبعث عَلَيْهِم عُثْمَان بْنَ حُنَيْفٍ فَوضع عَلَيْهِم ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين، وَأَرْبَعَة وَعشْرين، واثني عشر. 6423 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا هِشَام بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِي عَن يَحْيَى بْنِ حَمْزَة قَالَ حَدثنِي تَمِيم بْنُ عَطِيَّة الْعَنسِي قَالَ: أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبى قَيْسٍ، أَو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: قَدِمَ عُمَرُ الْجَابِيَة، فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضين بَين الْمُسلمين فَقَالَ لَهُ معَاذ: وَالله إِذا لَيَكُونن مَا تَكْرَهُ، إِنَّك إِن قسمتهَا الْيَوْم صَار الرِّيعُ الْعَظِيم فِي أَيدي الْقَوْم يُبِيدُونَ، فَيصير ذَلِك إِلَى الرَّجُلِ الْوَاحِد أَو الْمَرْأَة، ثمَّ يَأْتِي مِنْ بعدهمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنَ الْإِسْلَام مَسَدًّا، وَهُمْ لَا يَجدونَ شَيْئا، فَانْظُر أَمْرًا يَسَعُهُمْ أَوَّلهمْ وَآخرهمْ. وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي أَرض السوَاد: عمر جعلهَا للنَّاس عَامَّة، وَذكر حَدِيث زيد بْنِ أَسْلَمَ عَن أَبِيه قَالَ: لَوْلَا أَن يتْرك آخر الْمُسلمين لَا شَيْء لَهُم مَا تركت قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر، ثمَّ قَرَأَ عمر بن الْخطاب هَذِه الْآيَة (للِفُقَراءِ المُهاجِرِين) إِلَى قَوْله (والَّذيِن جَاءوُا مِن بَعدِهِم) الْآيَة، فَجَعلهَا للْمُسلمين الْعَامَّة، وَأعْطى جَرِيرًا ثمَّ استردها مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: يَا جرير! لَوْلَا إِنِّي قَاسم مسئول

لكنتم على مَا قسم لكم، وَكَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يسْتَأْجر أَرض السوَاد مِمَّن هِيَ فِي يَدَيْهِ، وَكَانَ يَقُول: أَرض السوَاد والدُّخُول فِيهَا كَانَ الشرى أسهل، يَشْتَرِي الرجل بِقدر مَا يَكْفِيهِ، ويغنيه من النَّاس هُوَ رجل من الْمُسلمين كَانَ يَقُول: إِنَّمَا هِيَ أَرض الْمُسلمين، فَهَذَا إِنَّمَا فِي يَدَيْهِ مِنْهَا مَا يَسْتَغْنِي بِهِ وَهُوَ رجل من الْمُسلمين، وَكره أَبُو عبد الله البيع فِي أَرض السوَاد، الْأَثْرَم عَنهُ. وَحكى أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد أَنه سُئِلَ عَن بيع أَرض السوَاد مَا ترى فِيهِ؟ فَقَالَ: دَعه، فَقَالَ: الرجل يَبِيع مِنْهُ بِحَجّ، قَالَ: لَا أَدْرِي. وَأنكر أَبُو عبيد أَن يكون عمر استطاب أنفس الْقَوْم، وَذكر مَا كلم بِهِ جَرِيرًا فِي أَرض السوَاد وقصة البجيلة. 6424 - حَدثنَا علي عَن أَبى عبيد قَالَ: حَدثنِي هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِد عَن قَيْسِ بْنِ أَبى حَازِم قَالَ: كَانَت بَجِيلَةُ رُبُعَ النَّاس يَوْم الْقَادِسِيَّة فَجعل لَهُم عُمَرُ رُبُعَ السوَاد، فَأخذُوا سنتَيْن أَو ثَلَاثًا، قَالَ: فَوَفَدَ عَمَّارُ بْنُ يَاسر إِلَى عُمَرَ وَمَعَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ لِجَرِيرٍ: يَا جرير! لَوْلَا أَنِّي قَاسم مَسْئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا جُعِلَ لَكُمْ، وَأرى النَّاس قَدْ كَثُرُوا، فَأرى أَن تَرُدُّوا عَلَيْهِم، فَفعل ذَلِك جَرِيرٌ، فَأَجَازَهُ عُمَرُ بِثَمَانِينَ دِينَارا.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَوجه هَذَا عِنْدِي: أَن عُمَرَ كَانَ نَفَّلَ جَرِيرًا وَقَومه ذَلِك نَفْلا قَبْلَ الْقِتَال وَقبل خُرُوجه إِلَى الْعرَاق، فَأمْضى لَهُ نَفْلَهُ، قَالَ: كَذَلِك يحدثه الشّعبِيّ عَنهُ ". 6425 - حَدثنَا عَليّ عَن أَبى عبيد قَالَ: حَدثنِي عَفَّان قَالَ: حَدثنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَة قَالَ: حَدثنَا دَاؤُدُ بْنُ أَبِي هِنْد عَن الشّعبِيّ أَن عُمَرَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ وَجَّهَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْكُوفَة بَعْدَ قَتْلِ أَبى عُبَيْدٍ فَقَالَ: هَل لَك فِي الْكُوفَة، وأنفّلك الثُّلُث بَعْدَ الْخمس؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَعثه. قَالَ أَبُو بكر: عَارض أَبُو عبيد حَدِيثا صَحِيح الْإِسْنَاد بِحَدِيث مُرْسل، ثمَّ الْحَدِيثين بعد ذَلِك مختلفي الْمعَانِي، فِي حَدِيث قيس بن أبي حَازِم أَن بجيلة كَانَت ربع النَّاس يَوْم الْقَادِسِيَّة فَجعل لَهُم عمر ربع السوَاد، وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ عَن عمر أَنه جعل لَهُ الثُّلُث بعد الْخمس نفلا، وَهَذَا الْمَعْنى بعيد من ذَلِك الْمَعْنى، فَكيف يجوز أَن يدْفع حَدِيث صَحِيح بِحَدِيث مُرْسل، لَا يَصح؟ ثمَّ كَيفَ يجوز أَن يُعَارض مَا لَا يجوز الْمُعَارضَة بِهِ لاخْتِلَاف معنى الْحَدِيثين؟ ثمَّ ذكر قصَّة البجيلة، وَهِي مُوَافقَة لما قَالَه من خَالف أَبَا عبيد. 6426 - حَدثنَا عَليّ عَن أَبى عبيد قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ عَن إِسْمَاعِيل عَن قَيْسٍ قَالَ: قَالَت امْرَأَة مِنْ بجِيلة يُقَال لَهَا أُمُّ كُرْزٍ لِعُمَرَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! إِن أَبِي هَلَكَ وَسَهْمُهُ ثَابت فِي السوَاد، وَإِنِّي لَمْ أُسْلِمْ، فَقَالَ لَهَا؟ يَا أُمَّ كُرْزٍ! إِن قَوْمك قَدْ صَنَعُوا مَا قد عَلِمْتِ، فَقَالَت: إِن كَانُوا صَنَعُوا مَا قَدْ صَنَعُوا فَإِنِّي لَسْتُ

أُسْلِمُ حَتَّى تحملنِي عَلَى نَاقَة ذَلُول عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ حَمْرَاء، وَتَمْلأَ كَفَّيَّ ذَهَبا، قَالَ: فَفعل عُمَرُ ذَلِك، وَكَانَت الدَّنَانِير نَحوا مِنْ ثَمَانِينَ دِينَارا. قَالَ أَبُو بكر: وَحَدِيث البجلية على أَبى عبيد لَا لَهُ، أَلا ترَاهُ أرضاها لما قَالَت: «لَا أسلم» ، وَهَذَا مُوَافق لما قَالَه الشَّافِعِي، وَهُوَ على أَبى عبيد، حَيْثُ أنكر أَن يكون عمر استطاب أنفس الْقَوْم. إِسْلَام الرجل من أهل الْخراج وَمَا يجب عَلَيْهِ من الْعشْر فِيمَا أخرجت أرضه وَاخْتلفُوا فِي الرجل من أهل الْكتاب يسلم وَبِيَدِهِ أَرض من أَرض الْخراج زَرعهَا، فَقَالَت طَائِفَة: عَلَيْهِ الْعشْر لِأَن الْعشْر فِي الْحبّ وَالْخَرَاج على الأَرْض، روينَا هَذَا القَوْل عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، وَبِه قَالَ مُغيرَة، وَكَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيّ، وَرَبِيعَة، وَيحيى الْأنْصَارِيّ، وَمَالك بن أنس، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَابْن أَبى ليلى، وَابْن الْمُبَارك، وَيحيى بن آدم، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَإِسْحَاق، وَأَبُو عبيد. وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي فِي أَرض الْخراج: لَا يجب فِيمَا أخرجت عشر وَلَا نصف عشر. وَفِي كتاب ابْن الْحسن قلت: أَرَأَيْت الْمُسلم يشري من الْكَافِر أَرضًا من أَرض الْخراج أَيكُون عَلَيْهِ الْعشْر؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن عَلَيْهِ الْخراج، وَلَا يجمع الْعشْر وَالْخَرَاج جَمِيعًا فِي أَرض.

وَقد تَأَول بعض النَّاس خبرين رويا عَن عمر بن الْخطاب، وَعلي بن أبي طَالب، وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمَا حجَّة. 6427 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز حَدثنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن قَيْسِ بْنِ مُسلم عَن طَارق بْنِ شهَاب أَن دِهْقَانَةَ أَسْلَمَتْ مِنْ أَهْلِ نَهْرِ الْملك لَهَا أَرض كَثِيرَة فَكتب عَامله إِلَى عُمَرَ، فَكتب إِلَيْهِ أَن ادْفَعْ إِلَيْهَا أرْضهَا يُؤَدِّي عَنْهَا الْخراج. 6428 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن المَسْعُودِيّ عَن أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَسْلَمَ دِهْقَانُ فَقَامَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالب فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَمَّا أَنْت فَلَا جِزْيَة عَلَيْك، وَأما أَرْضك فَلَنَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّد بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فرض الله الزَّكَاة فِي غير آيَة مِنْ كِتَابه فَقَالَ: (وَأقِيمُوا الصَّلاة وآتُوا الزَّكَاة) الْآيَة، وَقَالَ: (وَآتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادهِ) الْآيَة،

وَثَبت أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ أَوْسُقٍ صَدَقَة» ، وَقَالَ: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعشْر، فَاسْتَغْنَى عُمَرُ، وَعلي عَن إِعَادَة ذَلِك، وَإِيجَابِهِمَا مَا قَدْ أَوْجَبَهُ اللَّهُ، وَاسْتغْنى بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا بَينا مَا لَيْسَ ذَكَرَهُ فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد سَأَلَ عُمَرُ الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن مَسْئَلَةٍ مِنَ الْفَرَائِض فَقَالَ: " يَكْفِيك الْآيَة الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّفّ اسْتغنى فِي ذَلِك بِكِتَاب اللَّهِ. شِرَى الْمُسلم أَرضًا مِنْ أَرض السوَاد وَاخْتلفُوا فِي السّلم يشري أَرضًا من أر فالسواد فمنعت طَائِفَة من بيع ذَلِك وأبطل بَعضهم البيع، وَمِمَّنْ قَالَ لَا يجوز بيع أَرض الَّتِي افتتحت عنْوَة مَالك بن أنس، قَالَ مَالك: وَأما مَا افْتتح عنْوَة فَإِن أُولَئِكَ لَا يشري مِنْهُم أحد وَلَا يجوز لَهُم بيع شَيْء مِمَّا تَحت أَيْديهم من الأَرْض، لِأَن أهل العنوة قد غلبوا على بِلَادهمْ وَصَارَت فَيْئا للْمُسلمين. وَحكى عَنهُ أَنه كَانَ يُنكر على اللَّيْث دُخُوله فِيمَا دخل فِيهِ من أَرض مصر.

وَقَالَ أَبُو عبيد: " قد تَتَابَعَت الْأَخْبَار بِالْكَرَاهَةِ لشرى أَرض الْخراج، وَإِنَّمَا كرهها الكارهون من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنَّهَا فَيْء للْمُسلمين، وَأُخْرَى أَن الْخراج صغَار، وَكِلَاهُمَا دَاخل فِي حَدِيثي عمر، أَحدهمَا قَوْله: وَلَا يقرن أحدكُم بالصغار بعد أَن نجاه الله مِنْهُ، وَوَافَقَهُ على ذَلِك ابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس، وَعبد الله بن عَمْرو، وَقبيصَة، وَمَيْمُون بن مهْرَان، وَمُسلم بن مشْكم، وَقَوله لعتبة بن فرقد، وَوَافَقَهُ علي بن أبي طَالب". 6429 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز عَن أَبِي عُبَيْدٍ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيم وَيحيى بْنُ سَعِيدٍ عَن سَعِيدِ بْنِ أَبى عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن سُفْيَان الْعقيلِيّ عَن أَبِي عِيَاض عَن عُمَرَ قَالَ: لَا تَشْتَرُوا رَقِيق أَهْلِ الذِّمَّة، فَإِنَّهُم أَهْلُ خَرَاجٍ،

وَأَرْضِيهِمْ فَلَا تَبْتَاعُوهَا، وَلَا يَقْرِنْ أحدكُم بالصغار بعد أَن نجاه الله مِنْهُ. 6430 - وَحدثنَا عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدثنَا بُكَيْرُ بْنُ عَامر عَن الشّعبِيّ قَالَ: اشْترى عتبَة بْنُ فَرْقَدٍ أَرضًا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَات يتَّخذ فِيهَا قضباً، فَذكر ذَلِك لِعُمَرَ فَقَالَ: مِمَّن اشْتَرَيْتهَا؟ قَالَ: من أَرْبَابهَا، فَلَمَّا، اجْتمع الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار عِنْد عُمَرَ قَالَ: هَؤُلَاءِ أَهلهَا، فَهَل اشْتريت مِنْهُم شَيْئا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْدُدْهَا عَلَى مَنِ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ، وَخذ مَالك. 6431 - وحَدثني عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنِي أَبُو نُعَيْمٍ عَن سَعِيدِ بْنِ سِنَان عَن عَنْتَرَةَ قَالَ: سَمِعت عَلِيًّا يَقُول: إيَّاكُمْ وَهَذَا السوَاد. 6432 - وَحدثنَا عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن السعودي عَن أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيّ قَالَ: أَسْلَمَ دِهْقَانُ عَلَى عَهْدِ عَليّ فَقَامَ إِلَى عَليّ فَقَالَ: أَمَّا أَنْت فَلَا جِزْيَة عَلَيْك، وَأما أَرْضك فَلَنَا. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُول فِي شرى أَرض الْجِزْيَة: لم يزل أَئِمَّة الْمُسلمين ينهون عَن ذَلِك يَكْتُبُونَ فِيهِ ويكرهه علماءهم، وَحكى الشَّافِعِي عَن النُّعْمَان أَنه سُئِلَ

ذكر الذمي يشتري أرضا من أرض العشر

أيكره أَن يُؤَدِّي الرجل الْجِزْيَة على خراج الأَرْض؟ فَقَالَ: لَا، وَقَالَ: إِنَّمَا الصغار خراج الْأَعْنَاق، وَبِه قَالَ يَعْقُوب، وَقَالَ النُّعْمَان: كَانَ لعبد الله بن مَسْعُود، ولخباب بن الْأَرَت، ولحسين بن عَليّ، ولشريح أَرض خراج، فَأرى النُّعْمَان شرى الْمُسلم أَرض الْجِزْيَة. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: أما من قبل أَنه لَا يحقن بِهِ الدَّم، الدَّم محقون بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ يشبه أَن يكون ككراء الأَرْض بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَقد اتخذ أَرض الْحجاز قوم من أهل الْوَرع وَالدّين، وَكَرِهَهُ قوم احْتِيَاطًا، وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: إِذا أسلم الرجل من أهل السوَاد، فَأَقَامَ بأرضه أَخذ مِنْهُ الْخراج، فَإِن ترك أرضه رفع عَنهُ الْخراج. وَقَالَ الثَّوْريّ: مَا كَانَ من أَرض صولح عَلَيْهَا ثمَّ أسلم أَهلهَا بعد، وضع عَنهُ الْخراج، وماكان من أَرض أخذت عنْوَة ثمَّ أسلم صَاحبهَا، وضعت عَنهُ الْجِزْيَة وَأقر على أرضه الْخراج. ذكر الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر اخْتلفُوا فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر فَقَالَت طَائِفَة: «لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيهَا، وَذَلِكَ أَن الْعشْر إِنَّمَا يجب على الْمُسلمين طهُورا لَهُم وَلَيْسَ على أهل الذِّمَّة صَدَقَة فِي زُرُوعهمْ» ، كَذَلِك قَالَ مَالك بن أنس، وَقَالَ: «إِنَّمَا الْجِزْيَة على رُؤْسهمْ وَفِي أَمْوَالهم إِذا مروا بهَا فِي تجاراتهم» .

وَحكى أَبُو عبيد عَن مَالك أَنه قَالَ: «لَا عشر عَلَيْهِ وَلكنه يُؤمر بِبَيْعِهَا، لِأَن فِي ذَلِك إبطالا للصدقة» ، وَكَذَلِكَ رووا عَن الْحسن بن صَاع أَنه قَالَ: لَا عشر عَلَيْهِ وَلَا خراج إِذا اشْتَرَاهَا الذِّمِّيّ من مُسلم وَهِي أَرض عشر، وَقَالَ: هَذَا منزلَة مَا لَو اشْترى مَاشِيَته أفلست ترى أَن الصَّدَقَة سَقَطت عَنهُ فِيهَا؟ قَالَ أَبُو عبيد: وَقَول مَالك، وَالْحسن بن صَالح، وَشريك فِي هَذَا عِنْدِي أشبه بِالصَّوَابِ". وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول: «لَيْسَ على أهل الذِّمَّة صَدَقَة فِي أَمْوَالهم، وَلَيْسَ عَلَيْهِم إِلَّا الْجِزْيَة» ، وَقَالَ النَّخعِيّ: الصَّدَقَة على من تَجَرَ من أهل الْكتاب، وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: لَا عشر عَلَيْهِ فِي ذَلِك، وَحكى أَشهب عَن مَالك كحكاية أبي عبيد عَنهُ، قَالَ: سُئِلَ عَن الَّذِي يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر؟ فَقَالَ: لَا عشر عَلَيْهِ وَلكنه يُؤمر بِبَيْعِهَا لِأَن فِي ذَلِك إبطالا للصدقة، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: يجْبر على بيعهَا، لِأَن فِي ذَلِك إبِْطَال حق الْمُسلمين. وَفِيه قَول ثَان: وَهُوَ، أَن الذِّمِّيّ إِذا اشْترى أَرض عشر تحولت أَرض خراج، هَكَذَا قَالَ النُّعْمَان، وَقَالَ يَعْقُوب: يُضَاعف عَلَيْهِ الْعشْر، وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: عَلَيْهِ الْعشْر على حَاله، وَبِه قَالَ ابْن الْحسن.

ذكر خبر دل على أن الأرض إذا أخذت عنوة وتركها أهلها أن للإمام أن يضع عليها الخراج

وَقَالَ النُّعْمَان، وَيَعْقُوب: «إِن اشْترى التغلبي أَرضًا من أَرض الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفا، فَإِن اشْتَرَاهَا مِنْهُ بعد ذَلِك مُسلم كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفا فِي قَول النُّعْمَان، وَزفر» . وَأجْمع كل من نَحْفَظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن كل أَرض أسلم عَلَيْهَا أَهلهَا قبل أَن يقرُّوا أَنَّهَا لَهُم، وَأَن أحكامهم أَحْكَام الْمُسلمين، لَهُم مَا للْمُسلمين وَعَلَيْهِم مَا عَلَيْهِم، وَأَن عَلَيْهِم فِيمَا زرعوه الزَّكَاة، وَكَذَلِكَ ثمارهم وَسَائِر أَمْوَالهم. وَقد ذكرنَا تَفْسِير ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة، وَلَا أعلمهم يَخْتَلِفُونَ فِي أَن لَا شَيْء على أهل الذِّمَّة فِي مَنَازِلهمْ ورقيقهم ودورهم، وَلَا فِي سَائِر أَمْوَالهم إِذا كَانُوا من غير بني تغلب إِلَّا مَا يَمرونَ بِهِ على الْعَاشِر، فَإنَّا ذكرنَا مَا عَلَيْهِم فِي ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة. ذكر خبر دل على أَن الأَرْض إِذا أخذت عنْوَة وَتركهَا أَهلهَا أَن للْإِمَام أَن يضع عَلَيْهَا الْخراج قَالَ أَبُو بكر: قد ذكرت مَا حضرني من اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي أَرض السوَاد، وكل أَرض افتتحت عنْوَة فسبيلها إِذا تَركهَا أَهلهَا لمن بعدهمْ، أَو تَركهَا الإِمَام على مَا يجوز أَن يَتْرُكهَا لن بعدهمْ كسبيل أَرض السوَاد، وَذَلِكَ كالأغلب من أَرض مصر وَكثير من أَرَاضِي

الشَّام أَن للْإِمَام أَن يضع عَلَيْهَا الْخراج وَيقبض ذَلِك ويصرفه فِي مصَالح الْمُسلمين وَبينهمْ. 6433 - أخبرنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز حَدثنَا أَحْمد بْنُ يُونُس حَدثنَا زُهَيْر بْنُ مُعَاوِيَة قَالَ: حَدثنَا سُهَيْل بْنُ أَبى صَالح عَن أَبِيه عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنَعَتِ الْعرَاق قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّام مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، ثمَّ عُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، قَالَهَا زُهَيْر ثَلَاث مَرَّات، شَهِدَ عَلَى ذَلِك لَحْمُ أَبى هُرَيْرَة وَدَمه. وَقَالَ أَبُو عبيد بعد أَن ذكر هَذَا الحَدِيث: مَعْنَاهُ، وَالله أعلم أَن ذَلِك كَائِن فَإِنَّهُ سيمنع فِي آخر الزَّمَان، واسمع قَول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّرْهَم والقفيز، كَمَا فعل عمر بن الْخطاب بِالسَّوَادِ، وَفِي تَأْوِيل عمر أَيْضا حِين وضع الْخراج، ووظفه على أَهله من الْعلم، أَنه جعله شَامِلًا عَاما على كل، من كَانَ لَزِمته المساحة وَصَارَت الأَرْض فِي يَده، من رجل أَو امْرَأَة، أَو صبي أَو مكَاتب أَو عبد، فصاروا متساويين فِيهَا، أَلا ترَاهُ لم يسْتَثْن أحدا دون أحد، وَمِمَّا يبين ذَلِك قَول عمر لدهقانة نهر الْملك حِين أسلمت فَقَالَ: دَعُوهَا فِي أرْضهَا تُؤَدّى عَنْهَا الْخراج، فَأوجب عَلَيْهَا مَا أوجب على الرِّجَال.

وَفِي تَأْوِيل حَدِيث عمر من الْعلم أَيْضا أَنه إِنَّمَا جعل الْخراج على الْأَرْضين الَّتِي تغل: من ذَوَات الْحبّ وَالثِّمَار، الَّتِي تصلح للغلة من العامر والغامر وعطل من ذَلِك المساكن والدور الَّتِي فِي مَنَازِلهمْ، فَلم يَجْعَل عَلَيْهِم فِيهَا شَيْئا. وَيُقَال: أَن حد السوَاد الَّتِي وَقعت عَلَيْهِ المساحة من لدن تخوم الْموصل، مارا مَعَ المَاء إِلَى سَاحل الْبَحْر، بِبِلَاد عبادان من شَرْقي دجلة هَذَا طوله، وَأما عرضه فحده مُنْقَطع الْجَبَل من أَرض حلوان إِلَى مُنْتَهى طرف الْقَادِسِيَّة الْمُتَّصِل بالعذيب من أَرض الْعَرَب، فَهَذَا حد السوَاد وَعَلِيهِ وَقع الْخراج. وروي عَن الْحسن بن صَاع أَنه قَالَ: أَرض الْخراج مَا وَقعت عَلَيْهِ المساحة، وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول: «كل أَرض بلغَهَا مَاء الْخراج» . 6434 - حَدثنَا إِبْرَاهِيم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا رَوْحُ بْنُ عبَادَة قَالَ: حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن لَاحق بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخطاب عَمَّارَ بْنَ يَاسر عَلَى الصَّلَاة وعَلى الْجُيُوشِ، وَبعث ابْن مَسْعُود عَلَى الْقَضَاء وعَلى بَيت مَالهم، وَبعث عُثْمَان بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضين، وَجعل بَينهم كُلَّ يَوْم شَاة، شَطْرُهَا وَسَوَاقِطُهَا لعمَّار بْنِ يَاسر، وَالنّصف بَين هذَيْن،

قَالَ سَعِيدٌ: وَلَا أَحْفَظُ الطَّعَام، ثمَّ قَالَ: أَنْزَلْتُكُمْ وَإِيَّايَ مِنْ هَذَا المَال منزلَة مَال الْيَتِيم، مَنْ كَانَ غَنِيا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ، وَمَا أَرَى قَرْيَة يُؤْخَذ مِنْهَا كُلَّ يَوْم شَاة إِلَّا كَانَ ذَلِك سَرِيعا فِي خَرَابِهَا، قَالَ: فَوضع عُثْمَان بْنُ حُنَيْفٍ عَلَى جَرِيبِ الْكَرم عشرَة دَرَاهِم، وعَلى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمَانِيَة دَرَاهِم، وعَلى جَرِيبِ الْقصب سِتَّة دَرَاهِم، وعَلى جَرِيبِ الْبر أَرْبَعَة دَرَاهِم، وعَلى جريب الشّعْر دِرْهَمَيْنِ، وعَلى رُؤْسهمْ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ، وَعَطِلَ مِنْ ذَلِك النِّسَاء وَالصبيان، وَفِيمَا تخْتَلف بِهِ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ نِصْفُ الْعشْر، قَالَ: ثمَّ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَأجَاز ذَلِك ورضى بِهِ. 6435 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيّ قَالَ وَضَعَ عُمَرُ عَلَى أَهْلِ السوَاد عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ عَامر، أَو غَامِرٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا، وعَلى جَرِيبِ الرّطبَة خَمْسَة دَرَاهِم وَخَمْسَة أَقْفِزَة، وعَلى جَرِيبِ الشَّجَرَة عشرَة دَرَاهِم وَعشرَة أَقْفِزَة، وعَلى جَرِيبِ الْكَرم عشرَة دَرَاهِم وَعشرَة أَقْفِزَة، قَالَ: وَلم يَذْكُرِ النّخل. 6436 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ مجَالد ابْن سَعِيدٍ عَن أَبِيه مجَالد بْنِ سَعِيدٍ عَن الشّعبِيّ أَن عُمَرَ بَعَثَ

عُثْمَان بْنَ حُنَيْفٍ فَمسح السوَاد، فَوَجَدَهُ سِتَّة وَثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ، فَوضع عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا. وَقَالَ أَحْمد: صَاحب أَرض الْخراج أَنما عَلَيْهِ فِي كل جريب من الْبر وَالشعِير قفيز وَدِرْهَم، وَقَالَ عبد الله بن الْحسن: المساحة فِي أَرض الْخراج حق قد فعله عمر.

كتاب تَعْظِيم أَمر الْغلُول قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل ومَن يَغلُل يَأتَ بِمَا غَلَّ يَومَ القِيَامة ثُمَّ تُوفَّى كُلُّ نَفسٍ مَاكَسَبَت وهُم لَا يُظلَمُون) الْآيَة. قَالَ أَبُو بكر: وَقد اخْتلف فِي معنى قَوْله جل ذكره: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل) وَفِي قِرَاءَته، فَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ يغل بِرَفْع الْيَاء وبفتح الْغَيْن. 6437 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ،: حَدثنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد عَن قيس عَن طاؤوس أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل) . وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا أَبُو وَائِل، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، وَالْكسَائِيّ، وَقد اخْتلف من قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة فِي معنى ذَلِك. 6438 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا الْحسن بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك عَن شَرِيكٍ عَن خَصِيفٍ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فَقَدْتُ قَطِيفَةً حَمْرَاء يَوْم بَدْرٍ، مِمَّا أُصِيب مِنَ الْمُشْركين فَقَالَ النَّاس: لَعَلَّ

النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذهَا، فَأنْزل اللَّهُ تبَارك وَتَعَالَى: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل) الْآيَة. وَقَالَ بَعضهم مِمَّن قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة مَعْنَاهُ: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل) يقسم لبَعض وَيتْرك بَعْضًا، كَذَلِك قَالَ الضَّحَّاك، وَكَذَلِكَ روى ابْن جريج، وَابْن عَبَّاس، وَزَاد: أَن يجوز فِي الحكم وَالْقسم. وَقيل معنى ثَالِث: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: أَي مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكتم النَّاس مَا بَعثه الله بِهِ إِلَيْهِم عَن رهبة هن النَّاس وَلَا رَغْبَة، (ومَن يَغلُل) أَي يفعل ذَلِك، يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة. وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يقْرَأ (يَغُلَّ) يخان، وَكَذَلِكَ قَرَأَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَقَالَ مُجَاهِد: (يَغُل) يخون، وَقَالَ قَتَادَة: (يَغُل) يغله

*

أَصْحَابه، وَقَالَ بَعضهم: كلا الْقِرَاءَتَيْن صَوَاب وَهُوَ أَن يخان أَو يخون، وَقَالَ الضَّحَّاك فِي قَوْله: (أفَمن اتَّبَعَ رضوَان الله) الْآيَة قَالَ: من لم يغل (كَمَن بَاء بسخطٍ مِنَ اللَّهِ) الْآيَة قَالَ: من غل. ذكر التَّغْلِيظ فِي الْغلُول 6439 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الْوَهَّاب قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي مَالك عَن ثَوْر بْنِ زيد الدَّيْلَمِيِّ عَن أَبِي الْغَيْث سَالم مولى ابْن مُطِيع عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَر، فَلم نَغْنَمْ فضَّة وَلَا ذَهَبا، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْمَتَاع وَالْأَمْوَال، ثمَّ انْصَرَفْنَا نَحْو وَادي الْقرى وَمَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ أعطَاهُ إِيَّاه رِفَاعَة بْنُ زَيْدٍ رَجُلٌ مِنْ ضُبَيْبٍ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أَتَاهُ سَهْمٌ عَابِر فَأَصَابَهُ فَمَاتَ، فَقَالَ لَهُ النَّاس: هَنِيئًا لَهُ الْجنَّة، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَلا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الشَّمْلَةَ الَّتِي غَلَّهَا يَوْم خَيْبَر، وَمن الْمَغَانِم لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارا، فجَاء رَجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاك أَو شِرَاكَيْنِ، فَقَالَ

ذكر الخبر الدال على أن الغال يأتي بما غل يوم القيامة

رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاك أَو شِرَاكَانِ مِنْ نَار» . 6440 - حَدثنَا حَاتِم بْنُ يُونُس الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: حَدثنَا عِكْرِمَة بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدثنِي أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ: حَدثنِي ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي عُمَرُ بْنُ الْخطاب قَالَ: قُتِلَ نَفَرٌ يَوْم خَيْبَر فَقَالُوا: قُتِلَ فلَان شَهِيدا، قُتِلَ فلَان شَهِيدا حَتَّى ذكرُوا رَجُلا فَقَالُوا: قُتِلَ فلَان شَهِيدا، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلا إِنِّي رَأَيْته فِي النَّار فِي عبأة غَلَّهَا، أَو بُرْدَةٍ غَلَّهَا» . قَالَ أَبُو بكر: فِي خبر أبي هُرَيْرَة دَلِيل على أَن الْقَتْل فِي سَبِيل الله لَا يكفر ذنُوب الغال، لِأَن ذَلِك من مظالم الْعباد وديونهم، إِذا أَخذ ذَلِك آخذ من أَمْوَال النَّاس، وَذَلِكَ من قَول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا الدَّين كَذَلِك أَخْبرنِي جِبْرِيل» . ذكر الْخَبَر الدَّال على أَن الغال يَأْتِي بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الله عز وَجل: (ومَن يَغلُل يَأتَ بِمَا غَلَّ يَومَ القِيَامة) الْآيَة.

ذكر ترك الصلاة على الغال من الغنائم

6441 - حَدثنَا عَليّ بْنُ الْحسن قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد الْعَدنِي عَن سُفْيَان عَن أَبِي حَيَّان عَن أَبِي زرْعَة عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا ألفيَنَّ أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رَقَبَتِهِ صَامت يَقُول: يَا رَسُول اللَّهِ؟ أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهَا حَمْحَمَة فَيَقُول: يَا رَسُول اللَّهِ؟ أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُول: يَا رَسُول اللَّهِ؟ أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، ثمَّ ذَكَرَ الْبَعِير، وَالْبَقر، وَالشَّاة مِثْلَ ذَلِك. ذكر ترك الصَّلَاة على الغال من الْغَنَائِم 6442 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن هَب قَالَ: أَخْبرنِي مَالك وَاللَّيْث عَن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَن مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى بْنِ حَيَّان عَن أَبِي عمْرَة عَن زَيْدِ بْنِ خَالِد الْجُهَنِيّ أَنه قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْم خَيْبَر، وَأَنَّهُمْ ذكرُوا لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحبكُم، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوه

ذكر ما يعاقب به الغال من تحريق رحله

النَّاس لذَلِك، فَزعم أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِن صَاحبكُم قَدْ غَلَّ فِي سَبِيل اللَّهِ» ، فَفَتَحْنَا مَتَاعه فَوَجَدنَا خَرَزَات مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا تَسَاوِي دِرْهَمَيْنِ. قَالَ أَبُو بكر: قَالَ بعض أهل الْعلم فِي قَوْله للغال: «صلوا على صَاحبكُم» دَلِيل على أَن الْكفْر لَا يلْحق الْمُؤمن بارتكابه بعض الْكَبَائِر، لِأَنَّهُ لَا يَأْمر بِالصَّلَاةِ على غير مُؤمن. ذكر مَا يُعَاقب بِهِ الغال من تحريق رَحْله 6443 - حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمد قَالَ: حَدثنَا الْحميدِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُحَمّد بْنُ يَحْيَى الجاوي قَالَا: حَدثنَا عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي قَالَ الْحميدِي: قَالَ: حَدثنَا صَالح بْنُ مُحَمَّد بْنِ زَائِد قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْملك فِي الْغَزْو فَدَعَا سَالم بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ سَالم: حَدثنِي أَبِي عَن عُمَرَ بْنِ الْخطاب أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ غَلَّ فَاضْرِبُوا وَاحْرِقُوا مَتَاعه، قَالَ: فَوجدَ مَسْلَمَةُ فِي رَحْله مُصحفا، فَسَأَلَ سَالم بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنهُ فَقَالَ: بِعْهُ وَتصدق بِثمنِهِ.

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يفعل بالغال

ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِيمَا يفعل بالغال وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل بِمن غل فَقَالَت طَائِفَة: يحرق رَحْله كَذَلِك قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ، وَمَكْحُول، وَسَعِيد بن عبد الْملك، والوليد بن هِشَام، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِلَّا أَن يكون حَيَوَانا أَو مُصحفا. وَقَالَ الأوزاعي: يحرق مَتَاعه، وَقَالَ أَحْمد، وَإِسْحَاق كَقَوْل الْحسن وَقَالَ الأوزاعي: لَا يحرق مَا غل، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمد وَرفع إِلَى الْمغنم، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: وَيغرم إِن كَانَ اسْتهْلك مَا غل، وَقَالَ الأوزاعي: يحرق مَتَاعه الَّذِي غزا بِهِ، وسرجه، وإكافه، وَلَا تحرق دَابَّته وَلَا نَفَقَته إِن كَانَت فِي خرجه، وَلَا سلاحه، وَلَا ثِيَابه

الَّتِي عَلَيْهِ، وَمَا أَلْقَت النَّار من حَدِيد أَو غَيره فصاحبه أَحَق بِأَخْذِهِ، وَإِن رَجَعَ الغال إِلَى أَهله أحرق مَتَاعه الَّذِي غزا بِهِ، وَقَالَ فِي الْغُلَام الَّذِي لم يَحْتَلِم يغل، لَا يحرق مَتَاعه وَيحرم سَهْمه وَيغرم إِن كَانَ اسْتهْلك مَا غل، وَالْمَرْأَة يحرق متاعها إِذا غلت، وَالْعَبْد إِذا غل رأى الإِمَام فِي عُقُوبَته وَلَا يحرق مَتَاعه، لِأَنَّهُ لسَيِّد، فَإِن اسْتهْلك مَا غل فَهُوَ فِي رَقَبَة العَبْد إِن شَاءَ مَوْلَاهُ افتكه وَإِن شَاءَ دَفعه بِجِنَايَتِهِ، وَقَالَ: مِمَّا أرى بَأْسا أَن يحرق مَتَاع الْمعَاهد إِذا غل، وَقَالَ فِي الرجل يُوجد مَعَه الْغلُول فَيَقُول: ابتعته قَالَ: لَا يحرق مَتَاعه إِذا دخلت شُبْهَة. وَقَالَ أَحْمد: لَا تحرق ثِيَابه الَّتِي عَلَيْهِ، وَلَا سَرْجه، وَلَا يحرق مَا يلْبسهُ عَلَيْهِ من سلاحه. وَقَالَت طَائِفَة: لَا يحرق رَحْله وَلَا يعافي فِي مَاله هَذَا قَول مَالك بن أنس، وَاللَّيْث بن سعد، وَالشَّافِعِيّ، وَكَانَ اللَّيْث بن سعد يرى أَن عَلَيْهِ الْعقُوبَة، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ عَالما بِالنَّهْي، وَقَالَ الشَّافِعِي: «لَا يعافي رجل فِي مَاله إِنَّمَا يُعَاقب فِي بدنه، جعل الله الْحُدُود على الْأَبدَان، وَكَذَلِكَ الْعُقُوبَات» وَاحْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث عبد الله بن عَمْرو. 6444 - أخبرنَا حَاتِم بْنُ مَنْصُور أَن الْحميدِي حَدثهمْ قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو بْنُ دِينَار، وَابْن عجلَان عَن عَمْرو بْنِ شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا انْصَرف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ عِنْد قَسْمِ الْخمس جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَحِلُّهُ خِيَاطًا وَمَخِيطًا فَقَالَ

النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رُدُّوا الْخياط وَالْمَخِيطَ، فَإِن الْغلُول عَار وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَأْتِي بِهِ صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ أَبُو بكر: كَانَ مُرَاد الشَّافِعِي من هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُوجب على الرجل شَيْئا وَلم يحرق عَلَيْهِ رَحْله، وَلَو كَانَ ذَلِك وَاجِبا لفعله بِهِ، وَلَو شَاءَ قَائِل أَن يَقُول: يحْتَمل أَن يكون الَّذِي استحله الْخياط والمخيط غير عَالم بِتَحْرِيم ذَلِك، وَإِنَّمَا تجب الْعُقُوبَات على من فعل ذَلِك بعد علمه بِأَن ذَلِك محرم عَلَيْهِ، أَو يكون النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمر بِأَن يحرق رَحل من غل بعد عَام حنين، فَلَا يكون ذَلِك خلافا لما قَالَه من أوجب حرق رَحل الغال، مَعَ أَن الْحجَّة إِنَّمَا تكون فِي قَول من أوجب الشَّيْء، لَا قَول من وقف عَن الْإِيجَاب، وَلَيْسَ فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو ذكر حرق الرحل، وَإِذا وجد ذَلِك فِي حَدِيث آخر وَجب اسْتِعْمَاله، لِأَن الَّذِي حفظ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بحرق رَحل الغال شَاهد، وَالَّذِي لم يذكر ذَلِك لَيْسَ بِشَاهِد، وَقد احْتج بعض من رأى أَن للْإِمَام أَن يُعَاقب فِي الْأَمْوَال بأَشْيَاء، مِنْهَا حَدِيث مُعَاوِيَة بن حيدة.

6445 - حَدثنَا إِسْحَاق عَن عَبْدِ الرَّزَّاق عَن [مَعْمَرٍ عَن] بَهْزِ بْنِ حَكِيم بْنِ مُعَاوِيَة بْنِ حَيْدَةَ عَن أَبِيه عَن جَدِّهِ قَالَ: سَمِعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: " فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْإِبِل سَائِمَة ابْنة لَبُونٍ، فَمن أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلهُ أجرهَا، وَمن كتمها فَأَنا لآخذها وَشطر إبِله عَزِيمَة مِنْ عَزَائِمِ رَبك، لَا تَحِلُّ لمُحَمد وَلَا لآلِ مُحَمَّد. وَمِنْهَا حَدِيث عبد الله بن عَمْرو. 6446 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أخبرنَا عَمْرو بْنُ الْحَارِث وَهِشَام بْنُ سَعْدٍ عَن عَمْرو بْنِ شُعَيْب عَن أَبِيه عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو أَن رَجُلا من مزينة أَتَى إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ! كَيفَ تَرَى فِي حَرِيسَةِ الْجَبَل، قَالَ: «هِيَ وَمثلهَا، وَالنَّكَالُ، لَيْسَ فِي شَيْء مِنَ الْمَاشِيَة قَطْعٌ إِلَّا فِيمَا أَواه الْمُرَاحُ فَبلغ ثَمَنَ الْمِجَن فَفِيهِ قَطْعُ الْيَد، ومالم يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَن فَفِيهِ غَرَامَة مثلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ» .

فَقَالَ هَذَا الْقَائِل: فَفِي قَوْله: «هِيَ وَمثلهَا» ، تغريم ضعف مَا أَخذ، من ذَلِك حَدِيث عمر بن الْخطاب الَّذِي: 6447 - أَخْبَرَنَاهُ الرَّبِيعُ قَالَ: أخبرنَا الشَّافِعِي قَالَ: أخبرنَا مَالك عَن هِشَام بْنِ عُرْوَة عَن أَبِيه عَن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ حَاطِب أَن رَقِيقا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَة لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا، فَرفع ذَلِك إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخطاب، فَأمر كَثِيرَ بْنَ الصَّلْت أَن يَقْطَعَ أَيْديهم، ثمَّ قَالَ عُمَرُ: " إِنِّي أَرَاك تُحِبُّهُمْ، وَالله لأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْك ثمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتك؟ قَالَ: أَرْبَعمِائَة دِرْهَم، قَالَ: أعْطه ثَمَان مائَة. عَن جمَاعَة من أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ أَنهم جعلُوا دِيَة من قتل فِي الْحرم دِيَة وَثلث تَغْلِيظًا على الْقَاتِل، قَالَت هَذِه الْفرْقَة: فللإمام أَن يُعَاقب أهل الريب والمعاصي بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس، فَإِذا جَازَ أَن يعاقبهم فِي أبدانهم فَكَذَلِك جَائِز أَن يعاقبهم فِي أَمْوَالهم، بل عِنْد كثير من النَّاس الْعقُوبَة فِي المَال أيسر وأسهل من الْعقُوبَة فِي الْبدن. وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي الرجل يحْتَمل الثَّمَرَة من أكمامه فِيهِ الثمن مَرَّتَانِ وَضرب النكال، وَقَالَ: كل من درأنا عَنهُ الْحَد والقود أضعفنا عَلَيْهِ الْعَزْم لحَدِيث الْمُزنِيّ، وَكَانَ يرى بتغليظ الدِّيَة على من قتل فِي الشَّهْر الْحَرَام، وَفِي الْحرم، والتغليظ فِيهِ دِيَة وَثلث.

ذكر توبة الغال وما يصنع بما غل

ذكر تَوْبَة الغال وَمَا يصنع بِمَا غل أجمع كل من أحفظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن على الغال يرد مَا غل إِلَى صَاحب الْمقسم إِذا وجد السَّبِيل إِلَيْهِ، وَلم يفْتَرق النَّاس. وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل بِهِ إِذا افترق النَّاس وَلم يصل إِلَيْهِم فَقَالَت طَائِفَة: يدْفع إِلَى الإِمَام خمسه وَيتَصَدَّق بِالْبَاقِي. 6448 - حَدثنَا مُوسَى بْنُ هَارُون حَدثنَا الْعَبَّاس بْنُ مُحَمَّد الْقَنْطَرِي قَالَ: حَدثنَا مُبشر عَن صَفْوَان بْنِ عَمْرو عَن حَوْشَب عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّاعِر السكْسكِي قَالَ: غَزَا زَمَنَ مُعَاوِيَة وَعَلَيْهِم عَبْد الرَّحْمَن، ابْن خَالِد بْن الْوَلِيد فَغَلَّ رجل من الْمُسلمين مائَة دِينَار رُومِية، فَلَمَّا انْصَرف النَّاس قافلين نَدم الرجل فَأتى عبد الرَّحْمَن بن خَالِد فَقَالَ: إِنِّي غللت مائَة دِينَار فاقبضها مني، قَالَ: قد افترق النَّاس فَلَنْ اقبضها مِنْك حَتَّى يَأْتِي الله بهَا يَوْم الْقِيَامَة، فَدخل على مُعَاوِيَة فَذكر لَهُ أمرهَا، فَقَالَ مُعَاوِيَة: مثل ذَلِك، فَمر بِعَبْد الله بن الشَّاعِر السكْسكِي وَهُوَ يبكي فَقَالَ: مَا يبكيك؟ قَالَ: كَانَ من أَمْرِي كَذَا كَذَا، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، قَالَ: أمطيعي أَنْت؟ قَالَ: نعم، قَالَ: ارْجع إِلَى مُعَاوِيَة فَقل لَهُ: اقبض مني خمسك، فادفع إِلَيْهِ عشْرين دِينَارا، وَانْظُر إِلَى الثَّمَانِينَ الْبَاقِيَة، فَتصدق بهَا عَن ذَلِك الْجَيْش، فَإِن الله عز وَجل يقبل التَّوْبَة، وَالله أعلم بِأَسْمَائِهِمْ ومكانهم فَفعل ذَلِك الرجل، فبلغت مُعَاوِيَة فَقَالَ: أحسن لِأَن أكون أفتيته بهَا أحب إِلَى من كل شَيْء أملك.

قَالَ أَبُو بكر: وَمِمَّنْ قَالَ يتَصَدَّق بِهِ الْحسن الْبَصْرِيّ، وَالزهْرِيّ، وَمَالك، وَالْأَوْزَاعِيّ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَقَالَ اللَّيْث بن سعد: يدْفع خمس مَا غل فِي بَيت مَال الْمُسلمين وَيتَصَدَّق بِمَا بَقِي عَن جَمِيع من كَانَ مَعَه، وَقد روينَا عَن ابْن مَسْعُود أَنه رأى أَن يتَصَدَّق بِالْمَالِ الَّذِي لَا يعرف صَاحبه، وروينا مَعْنَاهُ عَن ابْن عَبَّاس. 6449 - حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ وَإِسْرَائِيل عَن عَامر بن شَقِيق عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة قَالَ: اشْترى عبد الله بن، مَسْعُود من رجل جَارِيَة بستمائة أَو سَبْعمِائة فنشده أَو نَشد سنة، ثمَّ خرج بهَا إِلَى السدة، فَتصدق بهَا من دِرْهَم ودرهمين عَن رَبهَا، فَإِن جَاءَ خيِّره فَإِن اخْتَار الْأجر كَانَ لَهُ الْأجر، وَإِن اخْتَار مَاله كَانَ مَاله، ثمَّ قَالَ ابْن مَسْعُود: هَكَذَا فافعلوا باللقطة. 6450 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سَعِيدٌ حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص حَدثنَا عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ رُفَيْعٍ قَالَ: أَخْبرنِي أَبى أَنه ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا بِمَكَّة فَقَبَضْتُ مِنْهُ الثَّوْب فَانْطَلَقت بِهِ لأُنْقِدَهُ الثَّمَنَ، فَضَلَّ مِنِّي فِي زِحَامِ النَّاس فَطَلَبْتُهُ فَلم أَجِدهُ، فَأتيت ابْن عَبَّاس فَذكرت ذَلِك لَهُ قَالَ: إِذا كَانَ مِنَ الْعَام الْمقبل فَانْشُدِ الرَّجُلَ فِي الْمَكَان الَّذِي اشْتَرَيْته، فَإِن قَدَرْتَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتصدق بهَا، فَإِن جَاءَ بَعْدُ فخيِّره فَإِن شَاءَ كَانَت لَهُ الصَّدَقَة وَإِن شَاءَ أَعْطيته الدَّرَاهِم وَكَانَت لَك صَدَقَة.

ذكر امتناع الإمام من قبض الغلول من الغال تغليظا عليه وليوافى به الغال يوم القيامة

وَقد روينَا مثل هَذَا عَن شُرَيْح، وَالنَّخَعِيّ، وَغَيرهمَا، وَقَالَ أَحْمد: فِي الْحبَّة والقيراط يبْقى على الرجل للبقال وَلَا يعرف مَوْضِعه؟ قَالَ: يتَصَدَّق بِهِ. قَالَ أَبُو بكر: وَقَالَ بعض أهل الْعلم فِي مثل هَذَا: يوقفه أبدا حَتَّى يَأْتِي رب الشَّيْء أَو من ورث الشَّيْء عَنهُ، لَا يجوز أَن يتَصَدَّق بِهِ لاحْتِمَال أَن يَأْتِي صَاحبه يَوْمًا مَا، وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " فِيمَن فضل فِي يَده من الطَّعَام شَيْء قل أَو كثر، فَخرج من دَار الْعَدو، لم يكن لَهُ أَن يَبِيعهُ، وَعَلِيهِ أَن يردهُ إِلَى الإِمَام فَيكون فِي الْمغنم، فَإِن لم يفعل حَتَّى يفْتَرق الْجَيْش فَلَا يُخرجهُ مِنْهُ أَن، يتَصَدَّق بِهِ وَلَا بأضعافه كَمَا لَا يُخرجهُ من حق وَاحِد وَلَا جمَاعَة إِلَّا تأديته إِلَيْهِم، فَإِن قَالَ: لَا أجدهم فَهُوَ يجد الإِمَام الْأَعْظَم الَّذِي عَلَيْهِ تفريقه فيهم، وَلَا أعرف لقَوْل من قَالَ: يتَصَدَّق بهَا وَجها، فَإِن كَانَ مَالا لَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَة، وَإِن كَانَ مَالا لغيره فَلَيْسَ لَهُ الصَّدَقَة بِمَال غَيره. قَالَ أَبُو بكر: مَا قَالَه أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعوام أهل الْعلم أولى. ذكر امْتنَاع الإِمَام من قبض الْغلُول من الغال تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وليوافى بِهِ الغال يَوْم الْقِيَامَة 6451 - حَدثنَا بَصرِي بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: حَدثنِي عِيسَى بْنُ يُونُس عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَب عَن عَامر بْنِ عَبْدِ الْوَاحِد عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو قَالَ: كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أَرَادَ أَن يَقْسِمَ غنيمَة أَمر

ذكر مدح من ترك الغلول في سبيل الله

بِلَالًا، فَنَادَى بِلَالًا فجَاء رَجُلٌ بِزِمَامٍ مِنْ شَعَرٍ بَعْدَ مَا قَسَمَ الْغَنِيمَة فَقَالَ: «مَا مَنعك أَن تَأْتِيَ بِهِ؟» فَاعْتَذر لَهُ، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ أَقْبَلَهُ مِنْك حَتَّى تَكُونَ أَنْت الَّذِي تُوَافِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة» . قَالَ أَبُو بكر: روى هَذَا الحَدِيث: 6452 - بَحر بن نصر عَن أَيُّوب بن سُوَيْد حَدثنَا عبد الله بْنِ شَوْذَب عَن عَامر بْنِ عَبْدِ الْوَاحِد عَن عَبْدِ اللَّهِ بن بُرَيْدَة الأسلمي عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى، الله عَلَيْهِ وَسلم. كتب إِلَى بعض أَصْحَابِي أَن بحرا حَدثهمْ بذلك. ذكر مدح من ترك الْغلُول فِي سَبِيل الله 6453 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل حَدثنِي زُهَيْر حَدثنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدثنَا أَبِي قَالَ: سَمِعت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَلاذٍ يُحَدِّثُ عَن نُمَيْرِ بْنِ أَوْس عَن مَالك بْنِ مَسْرُوحٍ عَن عَامر بْنِ أَبى عَامر الْأَشْعَرِيّ عَن أَبِيه أَبِي عَامر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ الْقَوْم الأَزْدُ وَالأَشْعَرُونَ لَا يَفِرُّونَ فِي الْقِتَال وَلَا يَغُلُّونَ هُمْ مِنِّي وَأَنا مِنْهُم» ، قَالَ عَامر: فَحدثت بِهِ مُعَاوِيَة فَقَالَ: لَيْسَ

ذكر الحكم كان في الأمم قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم والتغليظ كان عليهم في الغلول وإحلال الله الغنائم لهذه الأمة

هَكَذَا قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَالَ: «هُمْ مِنِّي وَإِلَيَّ» ، فَقلت: لَيْسَ هَكَذَا حَدثنِي أَبِي وَلكنه حَدثنِي أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " هُمْ مِنِّي وَأَنا مِنْهُم، قَالَ: فَأَنت إِذا أَعْلَمُ بِحَدِيث أَبِيك. ذكر الحكم كَانَ فِي الْأُمَم قبل أمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتغليظ كَانَ عَلَيْهِم فِي الْغلُول وإحلال الله الْغَنَائِم لهَذِهِ الْأمة 6454 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ قَالَ: أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن هَمَّامِ بْنِ مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " غَزَا نَبِي مِنَ الْأَنْبِيَاء فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتبعني رَجُلٌ كَانَ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد أَن يَبْنِي بهَا، وَلَا أَحَدٌ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا لَهُ وَلما يَرْفَعْ سُقُفَهَا، وَلَا أَحَدٌ اشْترى غَنَمًا أَو خَلِفَاتٍ وَهُوَ ينْتَظر وِلادَهَا، فَغَزَا، فَدَنَا مِنَ الْقرْيَة حِين صلى الْعَصْر أَو قَرِيبا مِنْ ذَلِك، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْت مَأْمُورَةٌ وَأَنا مَأْمُور اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَنِّي شَيْئا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجمعُوا مَا غَنِمُوا فَأَقْبَلت النَّار لِتَأْكُلَهُ فَأَبت أَن تَطْعَمَ، [فَقَالَ:] ، فِيكُم غلُول فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبيلَة مِنْكُم

ذكر فضل ترك الغلول رجاء أنا يكون المسلمون الغالبين

رَجُلٌ، فَبَايعُوهُ فَلَصِقَتْ يَد رَجُلٍ أَو رجلَيْنِ، أَو ثَلَاثَة بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُم الْغلُول، أَنْتُم غَلَلْتُمْ، فأخرجوا مثل رَأس بقرة مِنْ ذَهَبٍ فَوَضَعُوهُ فِي المَال، فأصابت النَّار فَأَكَلَتْهُ، وَلم تَحِلَّ الْغَنَائِم لأَحَدٍ مِنْ قبلنَا، ذَلِك بِأَن اللَّهَ رَأَى عَجْزَنَا وَضَعْفَنَا فَطَيَّبَهَا لَنَا ". ذكر فضل ترك الْغلُول رَجَاء أَنا يكون الْمُسلمُونَ الغالبين 6455 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل حَدثنَا عبد بن سعيد وَمُحَمّد بْنُ عُمَرَ الْمُعَيْطِيُّ قَالَا: حَدثنَا بَقِيَّة بْنُ الْوَلِيد حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن الْيحصبِي قَالَ: حَدثنِي أَبِي عَن حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو ذَر: هَل يَقُومُ لأَحَدِكُمُ الْعَدو حَلْبَ شَاة؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَحَلْبَ ثَلَاث شِيَاه غُزُرٍ أَو عُزُزٍ شَكَّا جَمِيعًا فَقَالَ: غَلَلْتُمْ وَرب الْكَعْبَة سَمِعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِذا لَمْ تَغُلَّ أمتِي لَمْ يَقُمْ لَهَا عَدو أَبَدًا» .

ذكر الأخبار الدالة على إباحة أكل الأطعمة من أموال أهل الحرب

جماع أَبْوَاب مَا هُوَ مُبَاح أَخذه للجيش إِذا احتاجوا إِلَيْهِ مِمَّا هُوَ خَارج من أَبْوَاب الْغلُول ذكر الْأَخْبَار الدَّالَّة على إِبَاحَة أكل الْأَطْعِمَة من أَمْوَال أهل الْحَرْب 6456 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أخبرنَا هُشَيْمٌ عَن أَشْعَث عَن مُحَمَّد بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلُ الْمَسْجِد إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أسئله كَيفَ صَنَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَعَام خَيْبَر أَخَمَّسَهُ؟ فَقَالَ: كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِك كَانَ أَحَدنَا إِذا احْتَاجَ إِلَى شَيْء أَخذ حَاجته. 6457 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا يَحْيَى عَن سُلَيْمَان بْنِ الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَال قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن الغفل قَالَ: دُلي جِرَابٌ مِنْ شَحم يَوْم خَيْبَر فَذَهَبت أَلْتَزِمُهُ وَقلت: لَا أُعْطِي الْيَوْم أَحَدًا مِنْهُ شَيْئا، فَالْتَفت فَإِذا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبسم إليّ.

ذكر خبر دل على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقدور أن تكفأ، لأنه كان نهي عن النهبة، لا أن أكل لحوم أنعام أهل الحرب غير جائز

6458 - حَدثنَا أَبُو ميسرَة حَدثنَا ابْن حَيَّان قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ الْعَسَل وَذكر الْفَاكِهَة فِي مَغَازِينَا فَنَأْكُلُهُ وَلَا نرفعه. 6459 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا بِشْرُ بن الْفضل حَدثنَا الْجريرِي عَن أَبِي نَضرة عَن أَبى سَعِيدٍ قَالَ: لَمْ نَعْدُ أَن فُتِحَتْ خَيْبَر وَالنَّاس جِيَاع فَوَقَعْنَا فِي تِلْكَ الْبَقْلَةِ فَأَكْثَرْنَا مِنْهَا، ثمَّ رَجعْنَا إِلَى الْمَسْجِد فَوجدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِيحهَا فَقَالَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِه الْبَقْلَةِ الْخَبِيثَةِ شَيْئا فَلَا يَقْرَبَنَّا فِي الْمَسْجِد» ، فَقَالَ النَّاس: حُرِّمَ الثَّوْمُ، فَبلغ ذَلِك رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخرج فَقَالَ: «يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّه لَيْسَ تَحْرِيم مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكِنَّهَا شَجَرَة أَكْرَهُ رِيحهَا» . ذكر خبر دل على أَن أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقدور أَن تكفأ، لِأَنَّهُ كَانَ نهي عَن النهبة، لَا أَن أكل لُحُوم أنعام أهل الْحَرْب غير جَائِز 6460 - حَدثنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَان حَدثنَا أَسد بْنُ مُوسَى حَدثنَا يَحْيَى بن زَكَرِيَّا ابْن أَبى زَائِدَة قَالَ: حَدثنِي أَبِي وَغَيره عَن سِمَاكِ بْنِ حَرْب عَن ثَعْلَبَة بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أصبْنَا يَوْم خَيْبَر غَنَمًا فَانْتَهَبْنَاهَا فجَاء

ذكر الأخبار التي رويت عن الأوائل في إباحة طعام العدو وعلفهم

رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدروهم تَغْلِي، فَقَالُوا: إِنَّهَا نُهْبَةٌ، قَالَ: فَقَالَ: «اكْفُوا الْقُدُور وَمَا فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ النُّهْبَةُ» . ذكر الْأَخْبَار الَّتِي رويت عَن الْأَوَائِل فِي إِبَاحَة طَعَام الْعَدو وعلفهم أجمع عوام أهل الْعلم إِلَّا من شَذَّ عَنْهُم على أَن للْقَوْم إِذا دخلُوا دَار الْحَرْب غزَاة أَن يَأْكُلُوا طَعَام الْعَدو، وَأَن يعلفوا دوابهم من أعلافهم. 6461 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الربيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة عَن سُوَيْد غُلَام سلمَان قَالَ: لما فتحت الْمَدَائِن وَهزمَ الْعَدو وَرجع سلمَان ورهط من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا سُوَيْد: عنْدك شَيْء نأكله؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْء وَلَكِنِّي خرجت فِي أثر الْعَدو فَأَصَبْت سلة مَا أَدْرِي مَا فِيهَا، قَالَ: هَات فَإِن يكن مَالا دفعناه، إِلَى هَؤُلَاءِ، وَإِن يكن طَعَاما أكلناه، فجَاء بالسلة فَإِذا فِيهَا أرغفة جواري وجبنة وسكين، قَالَ: وَذَاكَ أول مَا رَأَتْ الْعَرَب الْجَوَارِي، فعجبوا من

بَيَاض ذَلِك الْخبز فَجعلُوا يَقُولُونَ: يَا سلمَان! كَيفَ يصنع هَذَا، فَجعل سلمَان يُخْبِرهُمْ ويلقي إِلَيْهِم الْخبز وَيقطع من ذَلِك الْجُبْن فَيَأْكُلُونَ. وَمِمَّنْ رخص فِي الطَّعَام سعيد بن الْمسيب، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَالشعْبِيّ، وَالقَاسِم، وَسَالم. وَرخّص فِي الْعلف الْحسن الْبَصْرِيّ، وَالقَاسِم، وَسَالم، وَالشعْبِيّ، وَالثَّوْري، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ. وَرخّص مَالك بن أنس، وَاللَّيْث بن سعد، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالثَّوْري، وَالشَّافِعِيّ فِي أكل الطَّعَام فِي بِلَاد الْعَدو. وَذبح الْأَنْعَام من الْإِبِل، وَالْبَقر، وَالْغنم للْأَكْل جَائِز فِي قَول مَالك، وَاللَّيْث بن سعد، وَجَمَاعَة من أهل الْعلم. وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول: " لَا يُؤْخَذ الطَّعَام فِي أَرض الْعَدو إِلَّا بِإِذن الإِمَام، وَقَالَ سُلَيْمَان بن مُوسَى: " لَا يبْقى الطَّعَام بِأَرْض الْعَدو وَلَا يسْتَأْذن فِيهِ الْأَمِير بِأَخْذِهِ من سبق إِلَيْهِ، إِلَّا أَن ينْهَى الْأَمِير عَن شَيْء فَيتْرك لنَهْيه، وَكَانَ مَكْحُول يَأْكُل مِمَّا جَاءَ بِهِ أعوانه من الطَّعَام مِمَّا أَصَابُوهُ

دون المسالح، وَلَا يَأْكُل مِمَّا جاؤا بِهِ فِيمَا خلف المسالح وَيَقُول: أصبتموه فِي عزة الْإِسْلَام. قَالَ أَبُو بكر: وَقد ذكرنَا مَا حَضَرنَا من الْأَخْبَار عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْظِيمه أَمر الْغلُول والتغليظ فِيهِ، وَقَوله: أَدّوا الْخياط والمخيط، فَإِن الْغلُول يكون على أَهله عاراً وَنَارًا شناراً، وَقَوله: «هُوَ فِي النَّار» ، لصَاحب الكساء الَّذِي غله، وَقَوله: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَن الشملة الَّتِي غلها، الرجل يَوْم خَيْبَر لتشتعل عَلَيْهِ نَارا، ثمَّ ذكرنَا بعد ذَلِك الْأَخْبَار الدَّالَّة على إِبَاحَة أكل الطَّعَام ثمَّ مَا عَلَيْهِ حمل أهل الْعلم من عُلَمَاء الْأَمْصَار من إباحتهم أكل طَعَام الْعَدو، فالطعام هُوَ المرخص فِيهِ من بَين الْأَشْيَاء، والعلف فِي مَعْنَاهُ، فَلَيْسَ لأحد أَن ينَال من أَمْوَال الْعَدو إِلَّا الطَّعَام للْأَكْل، والعلف للدواب، وَكلما اخْتلف فِيهِ بعد ذَلِك من ثمن طَعَام بَهِيمَة، أَو فضلَة طَعَام يصل بِهِ إِلَى أَهله، أَو نعل، وجراب، وسقاء وحبل وَغير ذَلِك مَرْدُود إِلَى مَا أَمر برده من الْخياط والمخيط، وَقد روينَا أَخْبَارًا عَن الْأَوَائِل فِي مَنعهم من بيع الطَّعَام وَأخذ ثمنه، وأخبار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيم ذَلِك مُسْتَغْنى بهَا عَن كل قَول.

ذكر ما رويناه عن الأوائل في كراهيتهم بيع الطعام وأخذ ثمنه

ذكر مَا روينَاهُ عَن الْأَوَائِل فِي كراهيتهم بيع الطَّعَام وَأخذ ثمنه 6462 - حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عَبْدِ الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَن خَالِد بْنِ دُرَيْكٍ عَن ابْن مُحَيْرِيزٍ عَن فضَالة بْنِ عُبَيْدٍ الْأنْصَارِيّ قَالَ: إِن هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَن يَسْتَزِلُّونِي عَن دِينِي، وَلَا وَالله لأَمُوتَنَّ وَأَنا عَلَى دِينِي، مَا بِيعَ مِنْهُ بِذَهَب أَو فضَّة مِنَ الطَّعَام وَغَيره فَفِيهِ خس الله وَسَهْم الْمُسلمين. وَقد روينَا عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَنه قَالَ فِي بيع طَعَام الْعَدو: هُوَ غلُول حَتَّى يُؤَدِّيه، وروينا عَن عبد الرَّحْمَن بن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: كلوا لحم الشَّاة، ورُدوا إهابها إِلَى الْغنم فَإِن لَهُ ثمنا، وَبِه قَالَ اللَّيْث بن سعد. وَكره الْقَاسِم، وَسَالم بيع الطَّعَام، والودك من منَازِل الروم، وَقَالَ سُلَيْمَان بن مُوسَى فِي الطَّعَام يُبَاع بورق أَو ذهب: لَا يحل هُوَ من الْمَغَانِم، وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الطَّعَام والعلف: إِن باعوه بِشَيْء رَفَعُوهُ إِلَى إمَامهمْ فَكَانَ فِيهِ الْخمس، وَقَالَ مَالك فِي الْعلف فِي أَرض الْعَدو، وَكره بَيْعه كَرَاهِيَة شَدِيدَة، وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الطَّعَام وَالشرَاب: يَأْكُلهُ ويشربه ويعلفه ويطعمه غَيره، وَلَيْسَ لَهُ

ذكر النعل يتخذها الرجل من جلد الثور، والجراب يتخذها من الإهاب

أَن يَبِيعهُ، وَإِن بَاعه رد ثمنه فِي الْمغنم، وَكره أَحْمد شرى الْعلف من علف الروم، وأبي أَن يرخص فِيهِ. ذكر النَّعْل يتخذها الرجل من جلد الثور، والجراب يتخذها من الإهاب وَاخْتلفُوا فِي النَّعْل يتخذها الرجل من جُلُود الْبَقر والإهاب يتَّخذ مِنْهُ الجراب فَرخص فِيهِ بَعضهم. 6463 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرة عَن عبد الله بن سَلمَة قَالَ: كَانَ سلمَان إِذا أصَاب شَاة من الْمغنم ذبحت أَو ذبحوها، عمد إِلَى جلدهَا فَجعل مِنْهُ جرابا، وَإِلَى شعرهَا فَجعل مِنْهُ حبلا، وَإِلَى لَحمهَا فيقدِّدُه، فاستنفع بجلدها، ويعمد إِلَى الْحَبل فَينْظر رجلا مَعَه فرس قد صرع بِهِ فيعطيه، ويعمد إِلَى اللَّحْم فيأكله فِي الْأَيَّام. وَقَالَ مَالك فِي جُلُود الْبَقر وَالْغنم يجدهَا السلمون فِي الْغَنَائِم: «لَا بَأْس أَن يحتذوا مِنْهَا نعالا إِذا احتاجوا إِلَيْهَا ويجعلوا مِنْهَا على أكفهم ويجعلوا مِنْهَا حزما، ويصلحوا مِنْهَا أخفافهم، أَو يتخذوا مِنْهَا خفافا إِن احتاجوا إِلَيْهَا» . وكرهت طَائِفَة وَمِمَّنْ كرهه يحيى بن أَبى كثير، وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَالشَّافِعِيّ، قَالَ الشَّافِعِي: " لِأَنَّهُ إِنَّمَا أذن لَهُم فِي الْأكل من لحومها وَلم يُؤذن

لَهُم فِي ادخار جلودها وأسمنتها وَعَلَيْهِم رده إِلَى الْمغنم، وَإِذا كَانَت الرُّخْصَة فِي الطَّعَام خَاصَّة فَلَا رخصَة فِي جلد شَيْء من الْمَاشِيَة وَلَا ظرف فِيهِ طَعَام، فَإِن اسْتَهْلكهُ فَعَلَيهِ قِيمَته، وَإِن انْتفع بِهِ فَعَلَيهِ ضَمَان حَتَّى يردهُ وَمَا نَقصه الِانْتِفَاع فأجر مثله إِن كَانَ لمثله أجر ". مسَائِل من هدا الْبَاب وَاخْتلفُوا فِي أَخذ الإبرة من الْمغنم، فَقَالَ مَالك: الإبرة ينْتَفع بهَا أرى هَذَا خَفِيفا، وَقَالَ الشَّافِعِي: لَو أَخذ إبرة أَو خيطا كَانَ محرما، وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي بقوله: «أَدّوا الْخياط والمخيط» . قَالَ أَبُو بكر: وَبِه نقُول. 6464 - حَدثنَا يَحْيَى حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا حَمَّاد بْنُ زَيْدٍ عَن بُدَيْلِ بْنِ ميسرَة وخَالِد الْحذاء، وَالزُّبَيْر بْنِ حُرَيْث عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيق عَن رَجُلٍ مِنْ بَلْقَيْن قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِوَادِي الْقرى يَعْرِضُ فَرَسًا قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقول فِي الْغَنِيمَة؟ قَالَ: لله خمسها وَأَرْبَعَة أخماسه لِلْجَيْشِ، قُلْتُ: فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَا السهْم نَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جُعْبَتِكَ لَيْسَ أَنْت أَحَق بِهِ مِنْ أَخِيك السّلم.

وَاخْتلفُوا فِي صيد الطير فِي أَرض الْعَدو فَقَالَ مَالك: إِذا اصطاد طيراً فِي أَرض الْعَدو فَبَاعَهُ أدى ثمنه إِلَى صَاحب الْمقسم، وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: مَا أَخذ من صيد لَيْسَ بِملك لأحد، فَهُوَ لآخذه. وَقد روينَا عَن الْقَاسِم، وَسَالم أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرجل يصيد الطير فِي أَرض الْعَدو، وَالْحِيتَان: أَنه يَبِيعهُ وَيَأْكُل ثمنه. وَقَالَ بكر بن سوَادَة: «رَأَيْت النَّاس يَنْقَلِبُون بالمشاجب والعيدان، لَا يُبَاع فِي قسم من ذَلِك شَيْء» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْحَطب يحتطبه الرجل فِي أَرض الْعَدو، والحشيش يحتشه: إِن بَاعه فَلهُ عَنهُ وَلَا خمس فِيهِ، وَقَالَ فِيمَا لم يحرزوه فِي بُيُوتهم نَحْو الشجر، والأقلام، والأحجار، والمسن، والأدوية إِن لم يكن شَيْء مِنْهَا ثمن أَخذه من شَاءَ، وَإِن عالجه فَصَارَ لَهُ ثَمن هُوَ لَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء، قَالَ: وَكَانَ مَكْحُول يَقُول ذَلِك. وَقَالَ الثَّوْريّ فِي ذَلِك: إِذا جَاءَ بِهِ إِلَى دَار الْإِسْلَام فَكَانَ لَهُ ثمن دَفعه إِلَى الْمقسم، وَإِن لمن يكن لَهُ ثمن حَتَّى عمله فعالجه أعْطى بِقدر عمله فِيهِ، وَكَانَ نَفَقَته فِي الْقسم. وَفِي قَول الشَّافِعِي: مَا أَخذ مِنْهُ مِمَّا لم يملكهُ أحد فَهُوَ لَهُ دون الْجَيْش. وَكَانَ مَالك يَقُول فِي أَخذ الشَّيْء من أَرض الْعَدو مثل حجر الرخام، والمسن فَفِيهِ سهل، لِأَنَّهُ لم ينل ذَلِك الْموضع إِلَّا بِجَمَاعَة الْجَيْش وَلَا أحبه، وَسَهل مَالك فِي السرج يصنعه مِنْهُ والنشاب.

وَقَالَ اللَّيْث بن سعد: حَدثنَا من أدركنا من مَشَايِخنَا أَن الرجل كَانَ إِذا أَرَادَ أَن ينْتَفع بِشَيْء مِمَّا يَأْخُذ من الشّجر فِي أر فالعدو، أَتَى إِلَى صَاحب الْمَغَانِم فَألْقى إِلَيْهِ مِنْهُمَا ليتحلل بِهِ مَا يَأْخُذ من الشّجر ليعمله مشاجبا، أَو مَا أَرَادَ ثمَّ يَنْقَلِب بِهِ إِلَى أَهله. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " مَا كَانَ مُبَاحا لَيْسَ ملكه لآدمي، أَو صيد من بر أَو بَحر، فَأَخذه مُبَاح، يدْخل فِي ذَلِك الْقوس يقطعهَا الرجل من الصَّحرَاء، أَو الْحَبل، أَو الْقدح ينحته، أَو مَا شَاءَ من الْخشب وَمَا شَاءَ من الْحِجَارَة للبرام وَغَيرهَا، فَكل مَا أُصِيب من هَذَا فَهُوَ لمن أَخذه. وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: كل شَيْء أَصَابَهُ السلمون فِي دَار الْحَرْب لَهُ ثمن مِمَّا فِي عَسْكَر أهل الْحَرْب، أَو مِمَّا فِي الصَّحَارِي، والفيضان، والفياض فَهُوَ فِي الْغَنِيمَة لَا يحل لرجل كتمه، وَلَا يغله من قبل أَنه لم يقدر على أَخذه إِلَّا بالجند، وَلَا على مبلغه حَيْثُ بلغ إِلَّا بِجَمَاعَة أَصْحَابه. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مَا أصَاب فِي بِلَاد الروم مِمَّا لَيْسَ لَهُ هُنَاكَ قيمَة قَالَ: لَا بَأْس بِأَخْذِهِ. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: «لَا يوقح الرجل دَابَّته وَلَا يدهن أشاعرها من أدهان الْعَدو، لِأَن هَذَا غير مَأْمُور لَهُ بِهِ من الْأكل، فَإِن فعل رد قِيمَته، والأدوية كلهَا فَلَيْسَ من حِسَاب الْمَأْذُون لَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الزنجبيل مريبا وَغير مريب، والألباء طَعَام يُؤْكَل فلصاحبه أكله» .

ذكر الطعام بالطعام في بلاد العدو

وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي الزَّيْت من زَيْت الروم يدهن بِهِ فِي بِلَاد الروم: إِذا كَانَ ذَلِك من صداع أَو ضَرُورَة فَلَا بَأْس، وَأما التزين فَلَا يُعجبنِي. ذكر الطَّعَام بِالطَّعَامِ فِي بِلَاد الْعَدو كَانَ مَالك بن أنس يَقُول فِي الْقَوْم فِي أَرض الْعَدو يصيبون الطَّعَام، ويصيب قوم اللَّحْم، ويصيب قوم الْخبز وَالْعَسَل وَالسمن مثل ذَلِك يَقُول هَؤُلَاءِ: أعطونا مِمَّا أصبْتُم ونعطيكم مِمَّا أصبْنَا، قَالَ: أَرْجُو أَن يكون خَفِيفا إِذا كَانَ إِنَّمَا يُؤْكَل، وَقَالَ مرة فِي الْبَدَل: لَا بَأْس بِهِ، فَأَما البيع فَلَا أرى ذَلِك. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: «إِذا تبَايع رجلَانِ طَعَاما بِطَعَام فِي بِلَاد الْعَدو فَالْقِيَاس أَن لَا بَأْس بِهِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخذ مُبَاحا بمباح فَليَأْكُل كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا صَار إِلَيْهِ، وَإِن دخل رجل لم يشركهم فِي الْغَنِيمَة فَبَاعَهُ لم يجز لَهُ بَيْعه، لِأَنَّهُ أعْطى من لَيْسَ لَهُ أكله، وَالْبيع مَرْدُود فَإِن فَاتَ رد قِيمَته إِلَى الإِمَام» . وَقَالَ اللَّيْث بن سعد فِي الرجل يُصِيب الشَّاة من الْغَنِيمَة فِي أَرض الْغَزْو فيعطون بعض الشَّاة أَو كلهَا فِي زَيْت، أَو يبيعون تِلْكَ الشَّاة ويشترون بِثمنِهَا طَعَاما آخر: فَقَالَ: لَا بَأْس بذلك.

ذكر اختلاف أهل العلو في الطعام يأخذه المرء فيفضل معه فضلة

ذكر اخْتِلَاف أهل الْعُلُوّ فِي الطَّعَام يَأْخُذهُ الْمَرْء فيفضل مَعَه فضلَة وَاخْتلفُوا فِي الطَّعَام يَأْخُذهُ الْمَرْء للْأَكْل فَيخرج وَمَعَهُ مِنْهُ، فضلَة، فَقَالَت طَائِفَة: يرد مَا أَخذ إِلَى الإِمَام، كَذَلِك قَالَ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وَالشَّافِعِيّ كَذَلِك قَالَ فِي كتاب سير الْوَاقِدِيّ، وَقَالَ فِي كتاب سير الْأَوْزَاعِيّ: «فَإِن الَّذِي قَالَ الْأَوْزَاعِيّ من أَن ينْصَرف بِفضل الطَّعَام للْقِيَاس إِن كَانَ يَأْخُذ الطَّعَام فِي بِلَاد الْعَدو فَيكون لَهُ دون غَيره من الْجَيْش ففضل مِنْهُ فضل، كَانَ مَا فضل من شَيْء لَهُ دون غَيره وَالله أعلم» . وَقَالَت طَائِفَة: لَهُ أَن يحملهُ إِلَى أَهله، وَيهْدِي بَعضهم لبَعض هَذَا قَول الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: وَقد كَانُوا يخرجُون بالقديد، والجبن إِذا كَانَ للْأَكْل أَو هَدِيَّة فَأَما للْبيع فَلَا يصلح، وقَالَ: إِن خرج بِفضل علفه فليعلفه ظَهره حَتَّى يقدم على أَهله، وَمن بَعْدَمَا يقدم إِن شَاءَ فَإِن بَاعه وضع ثمنه فِي مَغَانِم الْمُسلمين، وَإِن كَانَت قد قسمت تصدق بهَا عَن ذَلِك الْجَيْش. وَكَانَ سُلَيْمَان بن مُوسَى يَقُول فِي رجل حمل طَعَاما إِلَى أَهله: " لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: فِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه لَهُ، وَالثَّانِي أَن يردهُ إِلَى الْغَنِيمَة، وَالْأول أقيسهما وَأحب إِلَيّ.

ذكر الخبر الدال على أن الانتفاع بشيء من المغانم غير جائز قبل القسم غير الطعام

وَفِيه قَول ثَالِث: وَهُوَ قَول من فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير مِنْهُ فَقَالَ مَالك: أما الْخَفِيف من ذَلِك فَلَا بَأْس إِنَّمَا هِيَ فضلَة زَاد تزوده مثل الْجُبْن وَاللَّحم، وَهَذِه الْأَطْعِمَة إِذا كَانَ يَسِيرا لَا بَال لَهُ أَن يَأْكُلهُ فِي أَهله، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الطَّعَام يحمل من بِلَاد الْعَدو،: كرهه إِذا كثر، وَسَهل فِي التقليل مِنْهُ، وَقَالَ: أهل الشَّام يتسهلون فِيهِ، وَقَالَ اللَّيْث بن سعد: أحب إِلَى إِذا دنا من أَهله أَن يطعمهُ أَصْحَابه. وَقَالَ النُّعْمَان فِي الرجل يَأْخُذ الْعلف فيفضل مَعَه مِنْهُ شَيْء بعد أَن يخرج إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام إِن كَانَت الْغَنِيمَة لم تقسم أَعَادَهُ فِيهَا، وَإِن كَانَت قسمت بَاعه فَيصدق بِثمنِهِ. وَأنكر يَعْقُوب قَول الْأَوْزَاعِيّ، وَقَالَ: الْقَلِيل من هَذَا وَالْكثير مَكْرُوه ينْهَى عَنهُ أَشد النهي. ذكر الْخَبَر الدَّال على أَن الِانْتِفَاع بِشَيْء من الْمَغَانِم غير جَائِز قبل الْقسم غير الطَّعَام 6465 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ الْمُغيرَة حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَم قَالَ: أخبرنَا نَافِع بْنُ يزِيد قَالَ: حَدثنِي ربيعَة بْنُ أَبِي سُلَيْمَان مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ حَسَّانَ التجِيبِي أَنه سَمِعَ حَنش الصَّنْعَانِيّ يُحَدِّثُ أَنه سَمِعَ

رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابت فِي غَزْوَة أنَاس قَبْلَ الْمغرب يَقُول: إِن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَة خَيْبَر: «مَنْ كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يركب دَابَّة من الْمَغَانِم حَتَّى إِذا أَنْقَصَهَا ردهَا فِي الْمَغَانِم، وَلَا ثوب حَتَّى إِذا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِي الْمَغَانِم» . قَالَ أَبُو بكر: فاستعمال دَوَاب الْعَدو، ولباس ثِيَابهمْ غير جَائِز محلى ظَاهر هَذَا الحَدِيث إِلَّا أَن يجمع أهل الْعلم على شَيْء من ذَلِك، فيستعمل مَا أجمع عَلَيْهِ أهل الْعلم من ظَاهر هَذَا الحَدِيث لعِلَّة مَا، ولحال الضَّرُورَة فِي معمعة الْحَرْب، فَإِذا انْقَضتْ الضَّرُورَة وزالت الْعلَّة الَّتِي لَهَا أَجمعُوا محلى إِبَاحَة ذَلِك رَجَعَ الْأَمر إِلَى الْحَظْر، وَوَجَب رد مَا أُبِيح اسْتِعْمَاله فِي حَال الضَّرُورَة إِلَى جملَة المَال، وَقد روينَا فِي ذَلِك حَدِيثا فِي اسناده مقَال عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه اسْتعْمل بعض سلَاح الْعَدو لما احْتَاجَ إِلَيْهِ. 6466 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاء حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أَبى إِسْحَاق عَن أَبِي عُبَيْدَة عَن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْتَهَيْت إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَقد ضُرِبَتْ رِجْلُهُ وَلَا أَخَافُهُ يَوْمئِذٍ وَهُوَ يَذُبُّ بِسَيْفِهِ فَقلت لَهُ: الْحَمد لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا أَبَا جَهْلٍ قَالَ: فَاضْرِبْهُ بِسيف مَعِي غَيْرَ طَائِلٍ، قَالَ: فَوَقع سَيْفه مِنْ يَده فَأخذت سَيْفه فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثمَّ أَتَيْتُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُبَشِّرَهُ بِهِ وَأَنا مِنْ

أسْرع النَّاس يَوْمئِذٍ شَدًّا، فَأتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقلت: قَتَلَ اللَّهُ أَبَا جَهْلٍ، وَذكر الحَدِيث. قَالَ أَبُو بكر: وَمِمَّنْ رخص فِي اسْتِعْمَال السِّلَاح فِي معمعة الْحَرْب وَفِي حَال الضَّرُورَة مَالك بن أنس، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَأَبُو ثَوْر، والنعمان، وَيَعْقُوب. وَالْجَوَاب فِي الْفرس يُقَاتل عَلَيْهِ فِي الْحَرْب كالجواب فِي السِّلَاح، غير أَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: لَا يُمكن أخذهما إِلَّا بِإِذن الإِمَام، إِلَّا أَن يكون فِي حَال لَا يَسْتَطِيع أَن يسْتَأْذن الإِمَام فيكفي ضَرُورَة، قيل للأوزاعي: فيلبس الرجل من الثَّوْب من الْبرد من الْفَيْء وَيُعْطى من الْفَيْء بِقَدرِهِ مَا لبس؟ قَالَ: ذَلِك مَكْرُوه إِلَّا أَن يخَاف الْمَوْت فيلبس فَإِنَّهَا ضَرُورَة، قلت: فَإِن أصَاب علفا وَلَيْسَ مَعَه وعَاء وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى علف يخَاف إِن لم يفعل يقطع بِهِ، أيأخذ وعَاء من الْفَيْء فَيحمل فِيهِ إِلَى الْعَسْكَر؟ قَالَ: هَذِه ضَرُورَة لَا بَأْس. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْفرس لَا يركبه فِي غير وَقت الضَّرُورَة حَتَّى يتعبه، ثمَّ قَالَ أَخذ ابْن مَسْعُود سيف أبي جهل فَضَربهُ. وَكَانَ أَبُو ثَوْر يَقُول فِي السِّلَاح وَالدَّوَاب من الْغَنِيمَة يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ: أَخَذُوهُ فَإِذا استغنوا عَنهُ ردُّوهُ إِلَى الْغَنِيمَة حَتَّى يقسم، فَإِن كَانُوا على خوف كَانَ لَهُم أَن يستعملوه حَتَّى يخرجُوا من بِلَاد الْحَرْب، أَو يأمنوا وَالله أعلم بِإِذن الإِمَام وَغير إِذْنه، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبد الله،

ذكر الشيء، يتركه صاحب المقسم أو الدابة يعجز صاحبها عن سوقها فيدعها

وَالْأَوْزَاعِيّ: لَهُ أَن يَأْخُذ مَا كَانَ فِي معمعة الْحَرْب، وَلَا يُؤَخِّرهُ إِلَى أَن تَنْقَضِي الْحَرْب فيعرضه للهلاك، قَالَ: وَقَالَ بعض النَّاس، وَصَاحبه يَعْنِي النُّعْمَان وَيَعْقُوب: لَهُ أَن يَأْخُذهُ بِغَيْر إِذن الإِمَام حَتَّى يفرغ من الْحَرْب ثمَّ يردهُ. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: «مَا أعلم مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِلَّا مُوَافقا للسّنة، معقولاً، لِأَنَّهُ يحل فِي حَال الضَّرُورَة الشَّيْء، فَإِذا انْقَضتْ الضَّرُورَة لم يحل، وَمَا علمت مَا قَالَ أَبُو حنيفَة قِيَاسا وَلَا خَبرا» . ذكر الشَّيْء، يتْركهُ صَاحب الْمقسم أَو الدَّابَّة يعجز صَاحبهَا عَن سوقها فيدعها وَاخْتلفُوا فِي الشَّيْء يَدعه صَاحب الْمقسم، أَو الدَّابَّة يعجز عَنْهَا صَاحبهَا فيرسلها فيأخذها رجل وَتصْلح فِي يَده فَقَالَت طَائِفَة: من ترك دَابَّة قَامَت عَلَيْهِ بمضيعة وَلَا يَأْكُل وَلَا يشرب فَهِيَ لمن أَخذهَا أَو أحياها، كَذَلِك قَالَ اللَّيْث بن سعد، قَالَ اللَّيْث: إِلَّا أَن يكون تَركه وَهُوَ يُرِيد أَن يرجع إِلَيْهِ فَرجع مَكَانَهُ فَهُوَ لَهُ، وَقَالَ الْحسن بن صَالح فِي الرجل يَأْكُل التَّمْر ويلقي نَوَاه، إِن النَّوَى لمن أَخذه، وَكَذَلِكَ كل شَيْء سوى النَّوَى مِمَّا للرجل إِذا خلا عَنهُ وأباحه للنَّاس من دَابَّة أَو غير ذَلِك، فَإِذا أَخذه إِنْسَان وَقَبضه فَلَيْسَ لرب المَال أَن يرجع فِيهِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: لَا بَأْس أَي ينْتَفع بالشَّيْء يَرْمِي بِهِ صَاحب الْمقسم، وَقَالَ الشّعبِيّ: من قَامَت عَلَيْهِ دَابَّته فَتَركهَا فَهِيَ لمن أَحْيَاهَا، قلت: عَمَّن هَذَا يَا أَبَا عَمْرو؟ قَالَ: إِن شِئْت عددت لَك كَذَا وَكَذَا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ مَالك فِي الْقَصعَة وَأَشْبَاه ذَلِك تلقي من الْمَغَانِم ثمَّ يَأْخُذهَا الرجل: أَرَاهَا لَهُ إِذا أسلموها وَارْتَحَلُوا عَنْهَا وَلَا أرى فِيهَا خمْسا. وَكَانَ اللَّيْث بن سعد يَقُول فِي الْقَوْم فِي الْبَحْر يتخوفون الْغَرق فيلقون بعض مَتَاعهمْ فَيَأْخذهُ غَيرهم، أَو الدَّابَّة تقوم على الرجل فيتركه بالموضع من أَرض الفلاة فيمر بِهِ بعض النَّاس ويصلحه، ثمَّ يَأْتِي صَاحبه فيريد أَخذه، قَالَ: لَا أرى لأهل الْمركب الَّذين ألمَوا مَتَاعهمْ وَلَا لصَاحب الدبة شَيْئا، لأَنهم قد طرحوه وألقوه على وَجه الإياس مِنْهُ. وَقَالَ مَالك: يرد إِلَى صَاحبه فَإِن كَانَ أنفق عَلَيْهِ شَيْئا أَخذ مِنْهُ، وَقَالَ ابْن وهب: مثل قَول اللَّيْث فِي الدَّابَّة، وَقَالَ فِيمَن عَاص على الْمَتَاع حَتَّى أخرجه لَهُ قدر جُعله، وَفِي مَذْهَب الشَّافِعِي: يَأْخُذهُ صَاحبه وَلَا شَيْء للَّذي أنفق عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَطَوّع لم يُؤمر بذلك. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الْمَتَاع يلقيه الرجل فَيَأْخذهُ آخر، يعْطى كراءه، وَيرد على صَاحبه، وَأما الدَّابَّة فَهِيَ لمن أَحْيَاهَا إِذا كَانَ يركبهَا صَاحبهَا لمهلكة، قَالَ إِسْحَاق كَمَا قَالَ أَحْمد، وَاحْتج بِمَا ذكر عَن الشّعبِيّ، وَبِحَدِيث مُرْسل.

ذكر الركاز يوجد في دار الحرب

6467 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِي قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ دَابَّة بِمَهْلَكَةٍ فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا» . وَقيل للأوزاعي: أيجبر الْأَمَام الْقَوْم على حمل غنائمهم؟ قَالَ: نعم إِذا لم يجد من يحملهَا بكرا فِي غير إِضْرَار بهم على قدر مَا يرى من قوتهم، فَإِن قَالَ: من حمل شيئا فَهُوَ لَهُ يُرِيد أَن يحضهم وَلَا يفيء لَهُم؟ قَالَ: لَا يصلح للْإِمَام الْكَذِب إِلَّا فِي مكايدة عدوه، فليف لَهُم بِمَا جعل لَهُم بعد الْخمس فَهُوَ خير، وَلِأَن يستحله من أَخذه بِشَيْء من الإِمَام أحب إِلَيّ، وَلَا بَأْس أَن يَقُول: من حمل شَيْئا من الْغَنِيمَة، فَلهُ مِنْهَا ثلثا أَو ربعا هَذِه إجَازَة، وَقَالَ الثَّوْريّ: لَا بَأْس أَن يَقُول الإِمَام: من جَاءَ بِرَأْس فَلهُ كَذَا، وَمن جَاءَ بأسير فَلهُ كَذَا يغريهم. وَكَانَ أَبُو ثَوْر يَقُول: وَإِذا قَالَ الإِمَام: من أصَاب شَيْئا فَهُوَ لَهُ، فَكَانَ هُوَ أصلح للنَّاس واذعا لِلْقِتَالِ وأكلب على الْعَدو كَانَ ذَلِك جَائِزا، وَكَانَ من أصَاب شَيْئا فَهُوَ لَهُ وَلم يُخَمّس. ذكر الرِّكَاز يُوجد فِي دَار الْحَرْب وَاخْتلفُوا فِي الرِّكَاز يُوجد فِي دَار الْحَرْب، فَقَالَت طَائِفَة: هُوَ بَين الْجَيْش كَذَلِك قَالَ مَالك، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَاللَّيْث بن سعد،

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: لَيْسَ لمن وجده مِنْهُ شَيْء إِلَّا أَن يَشَاء ذَلِك الإِمَام. وَفِيه قَول ثَان: وَهُوَ أَن الرِّكَاز دفن الْجَاهِلِيَّة مَا وجد فِي غير ملك لأحد فِي الأَرْض الَّتِي من أَحْيَاهَا من بِلَاد الْإِسْلَام كَانَت لَهُ وَمن الأَرْض الْموَات، وَكَذَلِكَ هُنَا فِي أَرض الْحَرْب هَذَا قَول الشَّافِعِي. وَقَالَ النُّعْمَان: إِذا دخل الرجل أَرض الْحَرْب بِأَمَان فَوجدَ ركازا فِي الصَّحرَاء فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خمس، وَقَالَ يَعْقُوب، وَمُحَمّد: فِيهِ الْخمس.

ذكر اختلاف أهل العلم في معنى قوله: (فأن لله خمسه وللرسول) الآية

كتاب قسم خمس الْغَنِيمَة قَالَ الله جل ذكره (واعلَمُوا أَنّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمسَه وِللرّسُول وِلذِي القُرَبي) الْآيَة. ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي معنى قَوْله: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمسَه وِللرّسُول) الْآيَة اخْتلف أهل الْعلم فِي معنى قَوْله: (واعلَمُوا أَنّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لله خُمسَه) الْآيَة، فَقَالَ جمَاعَة: قَوْله (فَأَنَّ لله خُمسَه) مِفْتَاح كَلَام، لِأَن لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَله كل شَيْء، وَأَن خمس الْخمس إِنَّمَا خص الله بِهِ رَسُوله حضر الرَّسُول الْغَنِيمَة أَو لم يحضرها، كَانَ الْحسن بن مُحَمَّد الْحَنَفِيَّة يَقُول فِي قَوْله (فَأَنَّ لله خُمسَه) يَقُول: هَذَا مِفْتَاح كَلَام، لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَقَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح، وَالشعْبِيّ: خمس الله وَخمْس رَسُوله وَاحِد، وَقَالَ قَتَادَة: فَإِن لله خمسه، قَالَ: هُوَ لله، ثمَّ بيَن قسم الْخمس خَمْسَة أَخْمَاس للرسول، وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى،

ذكر الأخبار الدالة على صحة القول الأول

وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل. قَالَ أَبُو بكر: فَمن هَذَا مذْهبه يرى أَن الْغَنِيمَة يجب قسمهَا على خَمْسَة أَخْمَاس فَأَرْبَعَة أخماسها لمن قَاتل عَلَيْهَا وَيقسم الْخمس الْبَاقِي على خَمْسَة أَخْمَاس، وَقد فسر ذَلِك قَتَادَة فَقَالَ: أَرْبَعَة أخماسها لمن قَاتل عَلَيْهَا وَيقسم الْخمس على خَمْسَة أَخْمَاس، فَخمس لله وَلِلرَّسُولِ وَخمْس لقرابة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاته، وَخمْس لِلْيَتَامَى، وَخمْس للْمَسَاكِين، وَخمْس لِابْنِ السَّبِيل. وَفِيه قَول ثَان: «وَهُوَ أَن الْغَنِيمَة كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقسمها على خَمْسَة أسْهم فيعزل مِنْهَا سَهْما وَيقسم الْأَرْبَعَة بَين النَّاس قسم يضْرب بِيَدِهِ فِي السهْم الَّذِي عَزله فَمَا قبض عَلَيْهِ من شَيْء جعله للكعبة فَهُوَ الَّذِي سمى لَا تجْعَلُوا لله نَصِيبا فَإِن لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، ثمَّ يقسم بَقِيَّة السهْم الَّذِي عَزله على خَمْسَة أسْهم سهم للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى، وَسَهْم لِلْيَتَامَى، وَسَهْم للْمَسَاكِين، وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل، هَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة» . وَقَالَ بعض أهل الْكَلَام: يقسم الْخمس على سِتَّة أسْهم سهم لله، وَسَهْم للرسول، وَالْأَرْبَعَة الأسهم للَّذين سموا فِي الْآيَة، قَالَ: فالسهم الَّذِي لله مَرْدُود على عباد الله أهل الْحَاجة مِنْهُم. ذكر الْأَخْبَار الدَّالَّة على صِحَة القَوْل الأول 6468 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي

مَالك عَن عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَن عَمْرو بْنِ شُعَيْب أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين صَدَرَ يَوْم حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيد الْجِعِرَّانَة تنَاول بِيَدِهِ شَيْئا مِنَ الأَرْض أَو وَبَرَةً مِنْ بَعِيرٍ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، مَالِي مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكُم مِثْلُ هَذَا أَو هَذِه إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود عَلَيْكُم» . 6469 - وَأخْبرنَا مُحَمَّد قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُمَرَ بْنِ مُحَمَّد بْنِ جُبَير بْنِ مطعم عَن جَدِّهِ عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْو هَذَا. 6470 - وَحَدَّثُونَا عَن مُحَمَّد بْنِ الْمُصَفَّا قَالَ: أخبرنَا الْمسيب بْنُ وَاضح قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق عَن سُفْيَان عَن عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ عَيَّاش عَن سُلَيْمَان بْنِ مُوسَى عَن مَكْحُول عَن أَبِي سَلام عَن أَبى أُمَامَة عَن عبَادَة قَالَ: أَخذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حُنَيْنٍ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ بَعِيرٍ فَقَالَ: «أَيهَا النَّاس إِنَّه لَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكُم قَدْرُ هَذِه إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود عَلَيْكُم» . وَقَالَ غَيره سُلَيْمَان بن مُحَمَّد.

ذكر الأشياء التي خص الله جل ذكره بها نبيه صلى الله عليه وسلم فجعلها له

قَالَ أَبُو بكر: فدل قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَالِي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم إِلَّا الْخمس» على أَن الْخمس لَهُ، وَأَن قَوْله «لله» مِفْتَاح كَلَام كَمَا قَالَه الْحسن بن مُحَمَّد وَغَيره. ذكر الْأَشْيَاء الَّتِي خص الله جل ذكره بهَا نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعلهَا لَهُ من جملَة الْغَنِيمَة فِي حَيَاته وَلم يَجْعَل ذَلِك لغيره قَالَ أَبُو بكر: خص الله جل ثَنَاؤُهُ رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأَشْيَاء ثَلَاثَة أَحدهَا: خمس الْخمس، خصه بِهِ من بَين النَّاس وَجعل لَهُ سَهْما فِي الْغَنِيمَة كسهم رجل مِمَّن حضر الْوَقْعَة، حضرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو لم يحضرها، وَخَصه بالصفي جعل لَهُ أَن يخْتَار من جملَة الْغَنِيمَة فرسا، أَو عبدا، أَو أمة، أَو سَيْفا، أَو مَا شَاءَ، وَلم يَجْعَل ذَلِك لغيره، فَأَما مَا جعله لَهُ من الْخمس فقد بينا ذكر ذَلِك من كتاب الله تبَارك وَتَعَالَى وَسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأما الصفي الَّذِي خصه بهَا فالأخبار دَالَّة على ذَلِك. 6471 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا بِشْرُ هُوَ ابْن الْفضل عَن الْجريرِي عَن أَبِي الْعَلَاء قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُطَرِّفٍ فِي سُوقِ هَذِه الْإِبِل فجَاء أَعْرَابِي يقطعهُ أَدِيم أَو جِرَابٍ فَقَالَ: فِيكُم مَنْ يقْرَأ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ أَنا اقْرَأ، قَالَ: فَدُونَكَ هَذِه فَإِن رَسُول اللَّهِ كتبهَا لِي، فَإِذا فِيهَا من مُحَمَّد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبني زهر بْنِ أُقَيْش حَيّ مِنْ عُكْلٍ أَنهم إِن شهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَأَن مُحَمَّدًا

رَسُول اللَّهِ، وَفَارَقُوا الْمُشْركين، وَأَقَرُّوا بِالْخُمُسِ فِي غَنَائِمِهِمْ وَسَهْم النَّبِي وَصفيه، فَإِنَّهُم آمنُوا بِأَمَان الله وَرَسُوله. 6472 - وَحدثنَا عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدثنَا أَبُو جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَدِمَ وَفد عَبْدِ الْقَيْس عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ! إِن هَذَا الْحَيّ مِنْ ربيعَة وَقد حَالَتْ بَيْننَا وَبَيْنك كُفَّارُ مُضر وَلَا يَخْلُصُ إِلَيْك إِلَّا فِي شَهْرٍ حرَام، فَمُرْنَا بِأَمْر نَعْمَلُ بِهِ وندعو إِلَيْهِ من وَرَائِنَا، فَقَالَ: " آمركُم بِأَرْبَع وَأَنْهَاكُمْ عَن أَربع، الْإِيمَان بِاللَّه ثمَّ فَسَّرَهُ لَهُم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وَإِقَامِ الصَّلَاة، وَإِيتَاءِ الزَّكَاة، وَأَن تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُم، وَأَنْهَاكُمْ عَن الدّباء، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، والمُقيّر. 6473 - وَحدثنَا عَلِيٌّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بْنُ عِيسَى عَن أَبِي هِلَال الرَّاسِبِي عَن أَبِي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِك، وَزَاد فِيهِ وَتُعْطُوا مِنَ الْغَنَائِم سَهْمَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصفي. 6474 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن عَمْرو بْنِ أَبِي عَمْرو عَن أَنَسِ بْنِ مَالك قَالَ: كُنْتُ أَخْدِمُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا نَزَلَ فَكنت أسمعهُ كَثِيرًا يَقُول: " اللَّهُمَّ

إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهم، وَالْحَزَنِ، وَالْعجز، وَالْكَسَلِ وَالْبخل، وَالْجُبْنِ، وَغَلَبَة الرِّجَال، ثمَّ قدمنَا خَيْبَر فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ الْحصن ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّة بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخطب، وَقد قُتِلَ زَوجهَا وَكَانَت عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنَفسِهِ، فَخرج بهَا حَتَّى إِذا بلغنَا سَدَّ الصَّهْبَاء حَلَّتْ، فَبنى بهَا ثمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِير، فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 6475 - وَمن حَدِيث أبي مُوسَى حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن هِشَام بْنِ عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت صَفِيَّة من الصفي. 6476 - حَدثنَا عَليّ بْنُ الْحسن قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد عَن سُفْيَان عَن مُطَرِّفٍ عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمُ الصَّفِيِّ إِن شَاءَ عبد اوَإِن شَاءَ أَمَةً، وَإِن شَاءَ فَرَسًا يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْخمس. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقد قَالَ بَعْضُ أَصْحَابنَا مِنْ أَهْلِ الحَدِيث: إِن خَبَرَ ابْن عَبَّاس « تَنَفَّلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفه ذُو الْفَقَارِ يَوْم بَدْرٍ» مِنْ هَذَا الْبَاب، أَي أَخذه نفلا لنَفسِهِ.

6477 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سَعِيدٌ حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ أَبِي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَنَفَّلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفه ذَا الْفَقَارِ يَوْم بَدْرٍ. قَالَ أَبُو بكر: وَلَا أعلم أَنِّي سَمِعت أحدا يُنكر أَن يكون الصفي كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خصه الله بِهِ، بل كل من أحفظ عَنهُ من أهل الْعلم يرى أَن ذَلِك كَانَ حَقًا لَهُ من كل غنيمَة، وَأما سَهْمه كسهم رجل من السلمين غَابَ أَو حضر فَإِن: 6478 - مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا قَالَ: حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنَا مُطَرِّفٌ الْحَارِثِيّ قَالَ: سَأَلت الشّعبِيّ عَن سَهْمَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفِيِّ فَقَالَ: أَمَّا السهْم فَكَانَ سَهْمه كَسَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسلمين، وَأما الصَّفِيُّ فَكَانَت لَهُ غرَّة يصطفيها من الْمغنم. 6479 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدثنَا أَشْعَث عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضْرب لَهُ سَهْمه من الغانم شَهِدَ أَو غَابَ. قَالَ أَبُو بكر: وَخبر الْعِرْبَاض يدل على ذَلِك.

6480 - حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الطَّالقَانِي حَدثنَا صَاع بْنُ أَحْمد بْنِ حَنْبَل قَالَ: حَدثنَا أَبِي قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم قَالَ: حَدثنَا وَهْبٌ أَبُو خَالِد قَالَ: حَدَّثتنِي أُمُّ حَبِيبَة بِنْتُ الْعِرْبَاض بْنِ سَارِيَة عَن أَبِيهَا أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذ الْوَبرَة مِنْ فَيْء اللَّهِ فَيَقُول: «مَالِي مِنْ هَذَا إِلَّا مِثْلَ مَا لأَحَدِكُمْ إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم» . فَقَوله: «إِلَّا مَا لأَحَدِكُمْ» يُرِيد أَنِّي إِن كنت فرسا فَمثل مَا لِلْفَارِسِ مِنْكُم، أَو رَاجِلا فَمثل مَا لِلرَّاجِلِ مِنْكُم. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وَالاتِّفَاقُ، إِلَّا مَا روينَاهُ عَن أَبِي الْعَالِيَة فَإِنَّهُ قَول شَاذ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، أَن الْخمس يُقْسَمُ عَلَى خَمْسَة فَيكون لِلرَّسُولِ خُمُسُهُ، وَيقسم أَرْبَعَة أَخْمَاسِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجل، فِي كِتَابه، وَسَأَذْكُرُ مَا حَفِظْنَاهُ عَن أَهْلِ الْعلم فِي كُلِّ صِنْفٍ مِمَّن ذَكَرَ اللَّهُ إِن شَاءَ اللَّهُ. وحَدثني عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: قَالَ الله جل وَعلا فِي الْخمس (واعلَمُوا أَنّما غَنِمُتم مِن شَيءٍ فَإنَّ لله خُمسُه وِللرّسُول) الْآيَة، فَاسْتَفْتَحَ الْكَلَام بِأَن نسبه إِلَى نَفسه جل ثَنَاؤُهُ، ثمَّ ذكر أَهله بعد، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْفَيْء (مَا آفَاء الله عَلى رَسُوِله مِن أَهل القُرَي فَللَّه) الْآيَة، نسبه جل ثَنَاؤُهُ إِلَى نَفسه ثمَّ اخْتصَّ ذكر أَهله فَصَارَ فيهم الْخِيَار أَن للْإِمَام فِي كل شَيْء يُرَاد بِهِ الله، قَالَ: وَقد كَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة مَعَ هَذَا فِيمَا حكى عَنهُ، يَقُول: إِن الله جل ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا استفتح الْكَلَام فِي الْفَيْء وَالْخمس بِذكر نَفسه جل ثَنَاؤُهُ،

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يفعل بسهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

لِأَنَّهُ أشرف الْكسْب وَإِنَّمَا ينْسب إِلَيْهِ كل شَيْء ليشرف ويعظم، قَالَ: وَلم ينْسب الصَّدَقَة إِلَى نَفسه لِأَنَّهَا أوساخ النَّاس ". ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِيمَا يفعل بِسَهْم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وَفَاته ثَبت أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَالِي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم» . وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل فِي سهم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وَفَاته، فَقَالَت طَائِفَة: يرد على الَّذين كَانُوا مَعَه فِي الْخمس وَأَنَّهُمْ ذووا الْقُرْبَى، واليتامى وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل فَيقسم الْخمس كُله بَينهم أَربَاعًا، وَكَانَ أَحَق النَّاس بِهَذَا القَوْل من أوجب قسم الصَّدقَات بَين جَمِيع أهل السهْمَان محتجا بقوله: (واعلَمُوا أَنما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَإِنّ لله خُمسُه) الْآيَة، فَمن حَيْثُ ألزَمَ من قَالَ: أَن الصَّدقَات يجوز تفريقها فِي بعض السِّهَام دون بعض حكم آيَة الْغَنِيمَة، لزمَه أَن يرد سهم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى من مَعَه فِي الْخمس لتشبيه أحد الْقسمَيْنِ بِالْآخرِ، لِأَنَّهُ لَا قَالَ: إِذا فَقدنَا صنفا من أهل الصَّدقَات رددنا سَهْمه على البَاقِينَ، وَقد سوى بَين حكم الْآيَتَيْنِ، فَكَذَلِك كل صنف يفقد من أهل الْخمس يجب رد سهم ذَلِك الصِّنْف على الْأَصْنَاف الْبَاقِيَة، وَلنْ يلْزم فِي أَحدهمَا شَيْئا إِلَّا لزم فِي الآخر مثله، وَيلْزم ذَلِك من وَجه ثَان وَهُوَ أَنهم

قَالُوا: إِذا فَقدنَا من سَائِر الْأَصْنَاف صنفا سوى الرَّسُول وَجب رد حق ذَلِك الصِّنْف على الآخرين، فَكَذَلِك يلْزم فِي سهم الرَّسُول لما مضى، ثمَّ لسبيله أَن يرد سَهْمه على سَائِر السهْمَان كَمَا قَالُوا قي غير سَهْمه سَوَاء. وَقَالَت طَائِفَة: يجب رد خمس الْخمس سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الَّذين شهدُوا الْوَقْعَة، وَوَجَب لَهُم أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة، لأَنهم الَّذين قَاتلُوا وغنموا، وَيقسم أَرْبَعَة أَخْمَاس خمس الْغَنِيمَة بَين الْأَصْنَاف الْأَرْبَعَة ذَوي الْقُرْبَى، واليتامى، وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل أَربَاعًا كَمَا كمان لَهُم فِي الأَصْل. وَقَالَت طَائِفَة: هُوَ للخليفة بعد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم مقَامه فِي ذَلِك فيصرفه فِيمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصرفهُ فِيهِ. 6481 - من حَدِيث أبي كريب عَن ابْن الفضيل عَن الْوَلِيد بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل عَن أبي بكر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذا أطْعم نَبيا طعمة ثمَّ قَبضه فَهُوَ للَّذي يقوم من بعده، فَرَأَيْت أَن أرده على الْمُسلمين» ، فَقَالَت: يَعْنِي فَاطِمَة، أَنْت أعلم بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَت طَائِفَة: يَجْعَل فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله، قَالَ الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة: " اخْتلفُوا بعد وَفَاة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هذَيْن السهمين يَعْنِي سهم الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى، فَقَالَ قَائِل: سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخليفة بعده، وَقَالَ قَائِل: سهم ذِي الْقُرْبَى لقرابة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ قَائِل: سهم ذِي الْقُرْبَى

لقرابة الْخَلِيفَة، فَاجْتمع رَأْيهمْ على أَن يجْعَلُوا هذَيْن السهمين فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله، فَكَانَ خلَافَة أبي بكر، وَعمر فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله ". وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي سهم الله وَالرَّسُول: هُوَ فِي السِّلَاح والكراع، وَقَالَ قَتَادَة فِي سهم ذِي الْقُرْبَى كَانَت طعمة لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاته، فَلَمَّا توفى حمل عَلَيْهِ أَبُو بكر وَعمر فِي سَبِيل الله. وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: «وَالَّذِي اخْتَار فِي سهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَضَعهُ الإِمَام فِي كل أَمر حصن بِهِ الْإِسْلَام وَأَهله من سد ثغر، أَو اعداد كرَاع، أَو سلَاح، أَو اعطائه أهل الْبِلَاد فِي الْإِسْلَام نفلا عِنْد الْحَرْب، وَغير الْحَرْب، إعدادا للزِّيَادَة فِي تعزيز الْإِسْلَام وَأَهله، على مَا صنع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعْطى الْمُؤَلّفَة وَنفل فِي الْحَرْب، وَأعْطى عَام حنين نَفرا من أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أهل حَاجَة وَفضل، وَأَكْثَرهم أهل فاقة، نرى وَالله أعلم ذَلِك كُله من سَهْمه» . وَقَالَت طَائِفَة: الْقِسْمَة مقسومة على خَمْسَة، أَرْبَعَة أَخْمَاس للجيش، وَخمْس مقسوم على ثَلَاثَة بَين الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل، هَذَا قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَكَانَ أَبُو ثَوْر يَقُول: وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كَانَ لَهُ صفى، وَكَانَ ثَبت هَذَا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بعد مَا نزل الحكم فِي قسم الْغَنَائِم، فللإمام أَخذه على نَحْو مَا كَانَ يَأْخُذ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

ذكر الإسهام على أجزاء الخمس

ويجعله كجعل سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْخمس، وَإِن لم يثبت ذَلِك لم يَأْخُذ الإِمَام من ذَلِك شَيْئا. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الصفي: إِنَّمَا كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة، قلت: فتعلم أحدا قَالَ: هُوَ لن بعده؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ أَبُو بكر: وَلَا أعلم أحدا وَافق أَبَا ثَوْر على مَا قَالَ. ذكر الإسهام على أَجزَاء الْخمس 6482 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَن عبد الله ابْن لَهِيعَة عَن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَر عَن نَافِع عَن ابْن عُمَرَ قَالَ: رَأَيْت الْمَغَانِم تُجَزَّأُ خَمْسَة أَجزَاء، ثمَّ يُسهم عَلَيْهَا، فَمَا صَار لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ لَهُ، لَا يخْتَار. ذكر الْإِعْلَام بِأَن إِعْطَاء، الْخمس من الْغَنِيمَة من الْإِيمَان إِذْ هُوَ مقرون إِلَى إقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة 6483 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا أَبُو النَّصْر قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن أَبى جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس أَن وَفد عَبْدِ الْقَيْس لَمَّا أَتَوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمرهم بِأَرْبَع أَمرهم بِالْإِيمَان وَحده، وَقَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه وَحده؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُوله أَعْلَمُ قَالَ: " شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَأَن مُحَمَّدًا

ذكر بعثة الإمام من يقبض الخمس عند قسم الغنائم

رَسُول اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاة وَإِيتَاءُ الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تُعْطُوا مِنَ الْمغنم الْخمس". ذكر بعثة الإِمَام من يقبض الْخمس عِنْد قسم الْغَنَائِم 6484 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنِي بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ وَزُهَيْر قَالَا: حَدثنَا رَوْحُ بْنُ عبَادَة حَدثنَا عَليّ بْنُ سُوَيْد بْنِ مَنْجُوفٍ قَالَ: حَدثنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَة الأَسْلَمِيُّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى خَالِد بْنِ الْوَلِيد لِيَقْسِمَ الْخمس فاصطفى مِنْهَا عَلِيٌّ سَبِيَّةً فَأصْبح يَقْطُرُ رَأسه فَقَالَ خَالِد لِبُرَيْدَةَ: أَلا تَرَى مَا صَنَعَ هَذَا وَكنت أبْغض عَلِيًّا، فَأتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرته بِمَا صَنَعَ فَلَمَّا أخْبرته قَالَ لِي: «أَتُبْغِضُ علياَّ؟» قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «فَأَحبهُ فَإِن لَهُ فِي الْخمس أَكثر من ذَلِك» . 6485 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل الصَّائِغ وَعبد الرَّحْمَن بْنُ يُوسُف قَالَا: حَدثنَا أَبُو عمار حَدثنَا الْمفضل بن مُوسَى عَن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ عَن عَليّ فَقَالَ: رَابَنِي مِنْهُ أَنه نَكَحَ جَارِيَة مِنَ الْخمس، فَقَالَ: «لايريبك فَإِنَّمَا نَكَحَ فِي سَهْمه» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقد احْتج بِهَذَا الْخَبَر مَنْ قَالَ: لِقَاسِمِ الْخمس أَن يَقْبِضَ حَقه مِنَ الْخمس ويُفرزه، إِذْ لَو كَانَ فِي جَائِز لَنَهَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا عَن ذَلِك، بَلْ فِي إِجَازَته ذَلِك دَلِيل عَلَى إِطْلَاق ذَلِك وَإِبَاحَتِهِ.

ذكر سهم ذي القربى وذكر الدليل على أن الله جل ثناؤه أراد بقوله: (ولذي القربى) بعض قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون بعض

ذكر سهم ذِي الْقُرْبَى وَذكر الدَّلِيل على أَن الله جل ثَنَاؤُهُ أَرَادَ بقوله: (ولذِي القُربَى) بعض قرَابَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون بعض 6486 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بْنُ إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن سَعِيدِ بْنِ الْمسيب قَالَ: أَخْبرنِي جُبَير بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْم خَيْبَر وَضَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى فِي بَنِي هَاشم وَبني الْمطلب وَترك بَنِي نَوْفَل وَبني عَبْدِ شَمْسٍ، فَانْطَلَقت أَنا وَعُثْمَان بْنُ عَفَّان حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ! هَؤُلَاءِ بَنو هَاشم لَا نُنْكِرُ فَضلهمْ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُم فَمَا بَال إِخْوَاننَا بني الطّلب أَعطيتهم وَتَرَكتنَا وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَة؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنا وَبَنُو الْمطلب لَا يفْتَرق فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام، إِنَّمَا نَحن وَهُمْ شَيْء وَاحِد وَشَبك بَين أَصَابِعه» . 6487 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا ابْن شُعَيْب قَالَ: حَدثنَا أَبِي عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِث بْنِ نَوْفَل الْهَاشِمِي أَن عَبْدَ الْمطلب بْنَ ربيعَة بْنِ الْحَارِث بْنِ عَبْدِ الْمطلب أخبرهُ أَن أَبَاهُ ربيعَة بْنَ الْحَارِث وَعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمطلب قَالَا لِعَبْدِ الْمطلب بْنِ ربيعَة وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاس: ائْتِيَا رَسُول اللَّهِ فَقُولا لَهُ: قَدْ بلغنَا مِنَ السِّنِّ مَا تَرَى وَأَحْبَبْنَا أَن نَتَزَوَّجَ وَأَنت يَا رَسُول الله أَبُو النَّاس وَأَوْصَلُهُمْ، وَلَيْسَ عِنْد أَبَوَيْنَا مَا يُصْدِقَانِ عَنَّا، فَاسْتَعْمِلْنَا يَا رَسُول اللَّهِ عَلَى الصَّدقَات فَلْنُؤَدِّ إِلَيْك مَا يُؤَدِّي الْعمَّال،

وَلْنُصِبْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ رفق، قَالَ: فَأتى عَليّ بْنُ أَبِي طَالب وَنحن عَلَى تِلْكَ الْحَال فَقَالَ لَنَا: وَالله لَا يسْتَعْمل أَحَدًا مِنْكُم عَلَى الصَّدَقَة، فَقَالَ ربيعَة بْنُ الْحَارِث: هَذَا مِنْ حَسَدِكَ وَبَغْيِكَ، وَقد نلْت صِهْرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا حَسَدْنَاكَ، فَألْقى رِدَاءَهُ ثمَّ اضْطجع عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَنا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ وَالله لَا أَرِيمُ مِنْ مَكَاني حَتَّى يرجع إلَيْكُمَا أنباء كَمَا بِجَوَاب مَا بَعَثْتُمَا بِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ عَبْدُ الْمطلب: فَانْطَلَقت أَنا وَالْفضل حَتَّى نُوَافِقَ صَلَاة الظّهْر قَدْ قَامَت، فَصَلَّيْنَا مَعَ النَّاس ثمَّ أَسْرَعْتُ أَنا وَالْفضل إِلَى بَاب حجرَة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يومئذٍ عِنْد زَيْنَب بِنْتِ جَحْشٍ، فَقُمْنَا بِالْبَابِ حَتَّى أَتَى رَسُول الله فَأخذ بِأُذُنِي وَأذن الْفضل ثمَّ قَالَ: " أخرجَا مَا تُصَرِّرَانِ، ثمَّ دَخَلَ فَأذن لِي وَالْفضل، فَدَخَلْنَا فَتَوَاكَلْنَا الْكَلَام قَلِيلا ثمَّ كَلمته، أَو كَلمه الْفضل، شَكَّ فِي ذَلِك عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: فَكَلَّمْنَاهُ بِالَّذِي أمرنَا بِهِ أَبَوَانَا، فَسكت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَة وَرفع بَصَره قِبَلَ سَقْفِ الْبَيْت حَتَّى طَال عَلَيْنَا أَنه لَا يَرْجِعُ إِلَيْنَا شَيْئا، وَحَتَّى رَأينَا زَيْنَب تَلْمَعُ مِنْ وَرَاء الْحجاب تُرِيدُ أَن لَا تَعْجَلا، أَو إِن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أمرنَا، ثمَّ خَفَضَ رَأسه فَقَالَ لَنَا: إِن هَذِه الصَّدَقَة إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاس، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لمُحَمد وَلَا لآلِ مُحَمَّد، ادعو لِي نَوْفَل بْنَ الْحَارِث فَدُعِيَ لَهُ نَوْفَل

ذكر اختلاف أهل العلو في سهو ذي القربى

فَقَالَ: يَا نَوْفَل أَنْكِحْ عَبْدَ الْمطلب فَأَنْكَحَنِي، ثمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادْعُوا لِي مَحْمِيَةَ بْنَ جُزْء وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُبيد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْملهُ عَلَى الْأَخْمَاس، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَحْمِيَةُ! أَنْكِحِ الْفضل» ، فَأَنْكَحَهُ ثمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُم فَأَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخمس كَذَا وَكَذَا، لَمْ يُسَمِّهِ لِي عبد الْحَارِث» . 6488 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ عَن يُونُس بْنِ يزِيد الأَيْلِيِّ قَالَ: سَمِعت الزُّهْرِيّ يُحَدِّثُ عَن يزِيد بْنِ هُرْمُز أَن نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ حِين حَجَّ فِي فتْنَة ابْن الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى وَيَقُول: لِمَنْ ترَاهُ؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ لِقُرْبَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَهُ لَهُم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِك عَرْضًا رَأَيْنَاهُ دُونَ حَقنا، فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِ وَأَبَيْنَا أَن نَقْبَلَهُ، وَكَانَ عَرَضَ عَلَيْهِم أَن يُعِينَ نَاكِحَهُمْ، وَأَن يقْضى عَن غَارِمِهِمْ، وَأَن يعْطى فَقِيرَهُمْ، وَأبي أَن يَزِيدَهُمْ عَلَى ذَلِك. ذكر اخْتِلَاف أهل الْعُلُوّ فِي سَهْو ذِي الْقُرْبَى وَاخْتلفُوا فِي سهم ذِي الْقُرْبَى فَقَالَت طَائِفَة: سهم ذِي الْقُرْبَى لقرابة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بني هَاشم وَبني الطّلب دون سَائِر قرَابَته، لِأَن الله عز

وَجل أوجب لَهُم ذَلِك فِي كِتَابه وَبَين ذَلِك على لِسَان رَسُوله، فَأَما الْكتاب فَقَوله: (وَاعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمسُه وِللرّسُول وِلذِي القُرَبى) الْآيَة، فَأثْبت ذَلِك لَهُم كإثباته سهم الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل، وَقسم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك بَين بني هَاشم وَبني الطّلب، فَدلَّ قسم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَين بني هَاشم وَبني الطّلب، على أَن الله أَرَادَ بِهِ هَؤُلَاءِ دون سَائِر قراباته، هَذَا قَول الشَّافِعِي، وَأبي ثَوْر، قَالَ الشَّافِعِي: «فَيعْطى جَمِيع سهم ذِي الْقُرْبَى بَين بني هَاشم وَبني الْمطلب حَيْثُ كَانُوا لَا يفضل مِنْهُم أحد حضر الْقِتَال على أحد لم يحضرهُ» . 6489 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدثنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِم قَالَ: حَدثنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَن يزِيد بْنِ هُرْمُز قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس وَأَتَاهُ كِتَابُ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ يسْأَله عَن ذَوي الْقُرْبَى الَّذين ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآن، فَكتب إِلَيْهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى قرَابَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ، وَأَبَى ذَلِك عَلَيْنَا قَومنَا. وَقَالَ ابْن الْحَنَفِيَّة فِي سهم ذِي الْقُرْبَى: هُوَ لنا أهل الْبَيْت، وَقد روينَا أَن عمر بن عبد الْعَزِيز لما قدم بعث إِلَيْهِم بِهَذَيْنِ السهمين سهم الرَّسُول وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى يَعْنِي لبني هَاشم، قَالَ مُجَاهِد: آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة، فَجعل لَهُم ذَلِك.

وَقَالَت طَائِفَة: يَجْعَل سهم ذِي الْقُرْبَى فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله، روينَا عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ أَنه قَالَ فِي سهم الرَّسُول وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى: اجْتمع رَأْي أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَن يجْعَلُوا هذَيْن السهمين فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله فَكَانَ ذَلِك خلَافَة أبي بكر وَعمر. وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: سَأَلت أَبَا جَعْفَر كَيفَ صنع عَليّ فِي سهم ذِي الْقُرْبَى، فَقَالَ: سلك بِهِ طَرِيق أبي بكر وَعمر، قَالَ: أما وَالله مَا كَانُوا يصدرون عَن رَأْيه، وَلكنه كره أَن يتَعَلَّق عَلَيْهِ خلاف أَبى بكر وَعمر. قَالَ أَبُو بكر: أَظُنهُ سقط من كتابي ألا وَهُوَ فِيمَا بَين «يصدرون» وَبَين «عَن رَأْيه» . وَقد رويا فِيمَا مضى عَن الشّعبِيّ أَن عليا لما قدم يَعْنِي الْكُوفَة قَالَ: مَا قدمت لأحل عقدَة شدّها عمر. 6490 - وحَدثنَا عَليّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب قَالَ: سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول: قَالَ لي عُبَيْدَة: بعث إِلَى علي وَإِلَى شُرَيْح فَقَالَ: إِنِّي أبْغض الِاخْتِلَاف فاقضوا كَمَا كُنْتُم تقضون حَتَّى يكون النَّاس جمَاعَة، أَو أَمُوت كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي.

وَمِمَّنْ مذْهبه أَن الْخمس يقسم أَخْمَاسًا خمس لله وَرَسُوله يَضَعهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ شَاءَ، وخمسه لِذَوي قرَابَة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولليتامى خمسه، وللمساكين خمسه، وَلابْن السَّبِيل خمسه مُجَاهِد، وَقَتَادَة وَابْن جريج. وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: " قَالَ مَالك: الْفَيْء، وَالْخمس سَوَاء يجعلان فِي بَيت المَال، قَالَ بَلغنِي عَمَّن أَثِق بِهِ أَن مَالِكًا قَالَ: وَيُعْطى الإِمَام أقرباء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مَا يرى ويجتهد "، وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: الْغَنِيمَة مَا أَخذ الْمُسلمُونَ قسوا فَصَارَت فِي أَيْديهم من الْكفَّار، فالخمس من ذَلِك إِلَى الإِمَام يَضَعهُ حَيْثُ أرَاهُ الله. وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: سهم الرَّسُول، وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى سقطا بِمَوْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيجب رد سهامهما على الثَّلَاثَة، فقسم خمس الْغَنِيمَة بعد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ثَلَاثَة أسْهم، سهم لِلْيَتَامَى، وَسَهْم للْمَسَاكِين، وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل. قَالَ أَبُو بكر: أَعلَى مَا يحْتَج بِهِ أَصْحَاب الرَّأْي فِي دفعهم مَا قد ثَبت بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله دَعْوَى ادعوها على أبي بكر وَعمر، وَعُثْمَان أَنهم قسموا الْخمس على ثَلَاثَة أسْهم، وَهَذَا لَا يثبت عَنْهُم، وَغير جَائِز أَن يتَوَهَّم على مثلهم أَنهم خالفوا كتاب الله وَسنة رَسُوله، وَقد بَلغنِي أَنهم احْتَجُّوا فِي ذَلِك بِشَيْء رَوَاهُ:

6491 - مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن الْكَلْبِيّ عَن أَبى صَالح عَن ابْن عَبَّاس. وَمُحَمّد بن مَرْوَان عِنْدهم ضَعِيف، والكلبي قَالَ يحيى بن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: قَالَ لي أَبُو صَالح: كل شَيْء حدثتك فَهُوَ كذب، وَقَالَ مُعْتَمر بن سُلَيْمَان: بِالْكُوفَةِ كَذَا بِأَن السدي، والكلبي، وَلَا يجوز أَن يثبت على الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين بقول كَذَّاب أَو كَذَّابين أَنهم خالفوا بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَو روى عَنْهُم من يصدق فِي الحَدِيث مَا ذَكرُوهُ لم يجز ترك مَا ثَبت بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله بقول أحد من الْخلق، فَكيف وَذَلِكَ بِحَمْد الله غير ثَابت عَنْهُم، وَكلما روينَاهُ عَنْهُم فِي هَذَا الْبَاب بأخبار، مُنْقَطِعَة غير ثَابِتَة، وَلَيْسَ تقوم الْحجَج بِشَيْء مِنْهَا، وَقد ذكرت تِلْكَ الْأَخْبَار فِي الْكتاب الَّذِي اختصرت مِنْهُ هَذَا الْكتاب، وَقد ذكر الشَّافِعِي

كلَاما طَويلا جرى بَينه وَبَين بعض النَّاس فِي هَذَا الْبَاب، وَقد أثبت ذَلِك الْكَلَام فِي الْكتاب الَّذِي اختصرت مِنْهُ هَذَا الْكتاب. مَسْأَلَة وَاخْتلفُوا فِيمَا يعْطى الذكر وَالْأُنْثَى من ذَوي الْقُرْبَى فَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: يعْطى الرجل سَهْمَان وَالْمَرْأَة سهم. وَخَالفهُ أَصْحَابه أَبُو ثَوْر، والمزني، وَغَيرهمَا فَقَالُوا: الذكر وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِير وَالْكَبِير فِيهِ سَوَاء، وَاحْتَجُّوا، أَو من احْتج مِنْهُم بِأَنَّهُ لَا يعلم خلافا فِي رجل لَو أوصى بِثلث مَاله لبني فلَان، فهم يُحصونَ أَن الذكر مِنْهُم وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِير وَالْكَبِير فِيهِ سَوَاء، وَكَذَلِكَ كل شَيْء صير لقوم فهم فِيهِ سَوَاء. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا أَخَذُوهُ باسم الْقَرَابَة فَيَأْخُذ ابْن الابْن مَعَ الابْن، وَلَو كَانَ من جِهَة الْمَوَارِيث يحجب بَعضهم بَعْضًا، فَدلَّ ذَلِك على أَن تَشْبِيه ذَلِك بالمواريث غير جَائِز، وَقَالَ آخر: وَقد أَجمعُوا على أَن للْإِمَام أَن يُعْطي الْأُنْثَى من الْمَسَاكِين مَا يُعْطي الذكر، وَلَا فرق بَين ذَلِك، لِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يُسَوِّي بَين الذكر وَالْأُنْثَى، لأَنهم أعْطوا باسم المسكنة، فَذَلِك جَائِز أَن يسوى بَين ذكران الْقَرَابَة وإناثهم، لأَنهم أعْطوا باسم الْقَرَابَة. قَالَ أَبُو بكر: وَكَذَلِكَ نقُول. وَاخْتلفُوا فِي إِعْطَاء الْغَنِيّ مِنْهُم فَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: لَا يفضل فَقير على غَنِي لأَنهم أعْطوا باسم الْقَرَابَة، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر.

وروينا عَن مَكْحُول أَنه قَالَ: الْخمس بِمَنْزِلَة الْفَيْء، وَيُعْطى مِنْهُ الْغَنِيّ وَالْفَقِير، وَقَالَ بعض أَصْحَابه من أهل الْعرَاق: الْفَيْء لمن سمى الله فِي كِتَابه لرَسُوله، وَلِذِي الْقُرْبَى، واليتامى والساكين، وَابْن السَّبِيل، وَلم يَجْعَل فِي حظا لَغَنِيّ لقَوْله: (كَي لَا يَكُون دوَلة بَينَ الأغنِيَاءِ مِنْكُم) الْآيَة، وَلقَوْله: (للِفُقَرَاءِ المُهَاجِرِين الّذِين أخرِجُوا مِن دِيَارِهِم وأَمواِلهِم) إِلَى قَوْله (الصَّادِقُون) الْآيَة، فَكَانَ بَنو هَاشم، وَبَنُو الْمطلب قرَابَة رَسُول الله الَّذين نصروا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جعل لَهُم هَذَا الْفَيْء الَّذِي خصهم بِهِ مطعما، ومنعهم الصَّدَقَة الَّتِي هِيَ أوساخ النَّاس فَجعل لَهُم الْفَيْء الَّذِي رضيه لنَبيه وأكرمه بِهِ، وَمنعه الصَّدَقَة الَّتِي هِيَ ذلة ومسكنة يضرع لَهَا السَّائِل ويعلو بهَا الْمُعْطى، قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِي: سهم ذِي الْقُرْبَى الْغَنِيّ مِنْهُم وَالْفَقِير، وَلم يزْعم ذَلِك إِلَى الْأَصْنَاف الْبَاقِيَة من الْيَتَامَى وَابْن السَّبِيل، فَزعم أَبُو عبد الله أَن الْقُرْآن على ظَاهره يحكم لقربى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغنيهم وفقيرهم بِخمْس الْخمس وَقَالَ: وَلَهُم بِظَاهِر الْآيَة، ثمَّ قَالَ: لَيْسَ لِلْيَتَامَى وَلَا لِابْنِ السَّبِيل فِيهَا حق إِلَّا أَن يَكُونُوا فُقَرَاء مَسَاكِين، فنقض أَصله وَترك مذْهبه. قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا غير لَازم للشَّافِعِيّ، لِأَن الشَّافِعِي حكم لذِي الْقُرْبَى لغنيهم وفقيرهم بِظَاهِر الْآيَة، وَبِأَن الْعَبَّاس بن عبد الطّلب أعْطى مِنْهُ وَهُوَ كثير المَال، وَمنع عُثْمَان وَجبير حَيْثُ طلبا أَن يعطيا من الْخمس، لَيْسَ من جِهَة غناهما، إِذْ لَو كَانَ منعهما من جِهَة غناهما لأشبه أَن

يَقُول: لَا يحل لَكمَا ذَلِك لأنكما غنيان، إِذْ لاحظ فِيهَا لغنى، كَمَا قَالَ للرجلين اللَّذين سألاه الصَّدَقَة، وَلَو اخْتلف أهل الْعلم فِي الْيَتِيم الْغَنِيّ، وَابْن السَّبِيل الْغَنِيّ لأجاب فِيمَا يعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا أجَاب بِهِ فِي سهم ذِي الْقُرْبَى، وَلَكِن الْإِجْمَاع لما منع من إعطاء الْيَتِيم الْغَنِيّ، وَابْن السَّبِيل الْغَنِيّ منع أَن يعطيان لمنع الْإِجْمَاع مِنْهُ، وَلم يمْنَع الْإِجْمَاع من إعطاء أَغْنِيَاء الْقَرَابَة، فَمَنعهُمْ لعِلَّة الْإِجْمَاع، وَلكنه لما اخْتلف فِي الْغَنِيّ من الْقَرَابَة، رد أمره إِلَى ظَاهر الْكتاب، وَمنع الْيَتِيم الْغَنِيّ وَابْن السَّبِيل الْغَنِيّ لِأَن الْإِجْمَاع منع أَن يعطيا إِذا كَانَا غَنِيَّيْنِ. وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي جملَة الْخمس الَّذِي ذكره فِي سُورَة الْأَنْفَال، فَكَانَ الشَّافِعِي لَا يرى أَن يصرف الْخمس عَن أَهله الَّذين سَمَّاهُ الله لَهُم إِلَى غَيرهم، وَلَا يرى النَّفْل إِلَّا من خمس النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي حَيَاته، وَلَا يجوز عِنْده أَن ينفل من أَرْبَعَة أَخْمَاس الْخمس وَلَا من سَائِر الْغَنِيمَة إِلَّا السَّلب الَّذِي نفله النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاتِل. وَاخْتلف فِيهِ عَن الأوزاعي فَحكى الْوَلِيد بن مُسلم عَنهُ، وَعَن سعيد بن عبد الْعَزِيز وَغَيرهمَا أَنهم قَالُوا: أَن قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم» ، أَنه مَرْدُود على من يوجف عَلَيْهِ من الغازية من الْمُنْقَطع بهم، هم أَحَق من أَهله الَّذِي سمى لَهُم من القاعدين. وَزعم أَبُو عبيد أَن الْمَعْرُوف من رأى الْأَوْزَاعِيّ أَنه كَانَ لَا يرى النَّفْل من الْخمس، وَيَقُول: الْخمس للأصناف الَّذِي سمى الله فِي

ذكر الأخبار الدالة على أن السلب يستحقه القاتل من جملة الغنيمة قبل أن يخمس المال

كِتَابه قَوْله: (واعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ) الْآيَة وَكَانَ أَبُو عبيد يَقُول: " الأَصْل فِي الْخمس أَن يوضع فِي أَهله المسمين فِي التَّنْزِيل إِلَّا أَن يكون صرفه عَن الْأَصْنَاف الْمُسَمَّاة فِي التَّنْزِيل إِلَى غَيرهم خير للْمُسلمين عَامَّة من أَن يوضع فِي الْأَصْنَاف الْخَمْسَة فَيصْرف حِينَئِذٍ إِلَيْهِم على مَا جَاءَت بِهِ الْأَخْبَار وَيكون حَظه إِلَى الإِمَام، لِأَنَّهُ النَّاظر فِي مصلحتهم والقائم بأمرهم، فَأَما على مُحَابَاة أَو ميل إِلَى هوى فَلَا، وَإِذ كَانَت الْأَصْنَاف المسمون إِلَيْهِم أحْوج فَلَيْسَ كَذَلِك. جماع أَبْوَاب الأسلاب والأنفال الَّتِي تجب لأَهْلهَا ذكر الْأَخْبَار الدَّالَّة على أَن السَّلب يسْتَحقّهُ الْقَاتِل من جملَة الْغَنِيمَة قبل أَن يُخَمّس المَال قَالَ الله جل ذكره: (وَاعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لله خُمسُه) الْآيَة، فَكَانَ الْجَواب على ظَاهر الْآيَة أَن إخراج خمس جَمِيع مَا يغنمه الْجَيْش يجب على ظَاهر الْآيَة، فَلَمَّا لم يُخَمّس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلب دل على أَن الله أَرَادَ بقوله: (وَاعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمسُه) الْآيَة، بعض الْغَنِيمَة لَا الْجَمِيع وَأَن الأسلاب خَارِجَة من جملها.

ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب

6492 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ عَيَّاش عَن صَفْوَان بْنِ عَمْرو عَن عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ جُبَير بْنِ نُفَيْرٍ عَن عَوْف بْنِ مَالك، وخَالِد بْنِ الْوَلِيد أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالسَّلَبِ للْقَاتِل وَلم يُخَمّس السَّلب. 6493 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سَعِيدٌ حَدثنَا سُفْيَان عَن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَن عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلح عَن أَبِي مُحَمَّد عَن أَبِي قَتَادَة أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفلَهُ سلْب رَجُلٍ قَتله يَوْم حُنَيْنٍ وَلم يُخَمّس. ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي هَذَا الْبَاب وَاخْتلفُوا فِي إِخْرَاج السَّلب من جملَة الْغَنِيمَة فَقَالَت طَائِفَة: يخرج السَّلب من جملَة الْغَنِيمَة قبل أَن يُخَمّس، هَذَا قَول الشَّافِعِي، وَأحمد بن حَنْبَل. وَفِيه قَول ثَان: وَهُوَ أَن الأسلاب إِذا كثرت تخمس، فعل ذَلِك عمر بن الْخطاب. 6494 - حَدثنَا عَليّ بْنُ الْحسن قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ عَن سُفْيَان عَن هِشَام عَن مُحَمَّد بْنِ سِيرِين عَن أَنَسٍ أَن الْبَراء بْنَ مَالك بَارَزَ مَرْزُبَانَ الدَّارَةَ فَقتله فَبلغ سَلَبُهُ سُوَارَيْهِ وَمِنْطَقَتَهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَقَالَ

عُمَرُ بْنُ الْخطاب: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الأَسْلابَ وَلَكِن سَلَبَ مَرْزُبَانَ مَال، فَكَثَّرَهُ وَخَمَّسَهُ، وَكَانَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه يَقُول: ذَلِك إِلَى الْأَمَام أَن استكثره فَلهُ أَن يفعل مَا فعل عمر بن الْخطاب. 6495 - وَحدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل حَدثنَا أَبُو النَّضر قَالَ: حَدثنَا الْأَشْجَعِيّ قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم بْنِ مُحَمَّد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السَّلب مِنَ النَّفْل وَالنَّفْل فِيهِ الْخمس. وَكَانَ مَكْحُول يَقُول: «السَّلب مغنم وَفِيه الْخمس» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب أَمر بِخمْس السَّلب. قَالَ أَبُو بكر: وبالقول الأول أَقُول للْأَخْبَار الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي حَدِيث عمر حجَّة لمن قَالَ: أَن السَّلب من جملَة الْغَنِيمَة، أَلا ترَاهُ يَقُول: كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الأسلاب، وَقَالَ قَائِل: إِن عمر إِنَّمَا فعل ذَلِك برضى الْبَراء، وَلَو كَانَ على مَا توهم بعض النَّاس أَن عمر تَأَول قَوْله: (وَاعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لله خُمسُه) الْآيَة، لَكَانَ أَرْبَعَة أَخْمَاس السَّلب للجيش غنيمَة بَينهم وَيَكون الْبَراء كأحدهم، وَلَكِن مَعْنَاهُ مَا قُلْنَا، وَالله أعلم. وَقَالَت طَائِفَة: فِي النَّفْل لايكون إِلَّا بعد الْخمس.

6496 - حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد عَن سُفْيَان عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ وَغَيره عَن مُحَمَّد بْنِ سِيرِين عَن أَنَسِ بْنِ مَالك أَن أَمِيرا مِنَ الْأُمَرَاء أَرَادَ أَن ينفلهُ مِنَ الْمغنم، قَالَ: أُخَمِّسُهُ قَالَ: لَا فَأبى أَن يقبل مِنْهُ حَتَّى خَمَّسَهُ. وَقَالَ سُلَيْمَان بْنُ مُوسَى: لَا نَفْلَ حَتَّى يُقْسَمَ الْخمس، وَقد روينَا عَن رَجَاء بن حَيْوَة، وَعبادَة بن نسي، وعدي بن عدي، وَمَكْحُول، وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، وَيزِيد بن أبي مَالك، وَيحيى بن جَابر أَنهم قَالُوا: الْخمس من جملَة الْغَنِيمَة، وَالنَّفْل من بعد الْخمس، ثمَّ الْغَنِيمَة بَين أهل الْعَسْكَر بعد ذَلِك، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُول فِي سَائل: ينفل الإِمَام بعد الْخمس. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل، وَإِسْحَاق: يخرج الْخمس ثمَّ ينفل فِيمَا بَقِي وَلَا يُجَاوز هَذَا، يبْعَث الإهام سَرِيَّة فَيَقُول: مَا أصبْتُم فلكم الربع أَو الثُّلُث بعد الْخمس، وَقَالَ أَحْمد: إِنَّمَا يكون النَّفْل فِي الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس وَلَا يكون فِي الْخمس الَّذِي يعْزل ثمَّ قَالَ: هَذَا خلاف قَول مَالك، وَقَول سُفْيَان هم يَقُولُونَ: النَّفْل من جَمِيع الْغَنِيمَة وَهَذَا يضر بِأَهْل الْخمس نفل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّلُث بعد الْخمس، وَالرّبع بعد الْخمس، الحَدِيث الَّذِي يرويهِ أهل الشَّام. وَقَالَ أَبُو عبيد: وَالنَّاس الْيَوْم فِي الْمغنم على هَذَا أَنه لَا نفل من جملَة الْغَنِيمَة حَتَّى

يُخَمّس، وَإِنَّمَا جَازَ أَن يعْطى الأدلاء والرعاة من صلب الْغَنِيمَة قبل الْخمس لحَاجَة أهل الْعَسْكَر إِلَى هذَيْن الصِّنْفَيْنِ فَصَارَ نفلهما عَاما عَلَيْهِم، فَهُوَ من جَمِيع المَال، وَأما مَا سوى ذَلِك فَمَا نعلم أحدا نفل من نفس الْغَنِيمَة قبل الْخمس إِلَّا مَا خص الله بِهِ نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَنهُ فِي ذَلِك شَيْء لَا يجوز لأحد بعده. 6497 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز عَن أَبِي عُبَيْدٍ حَدثنِي عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مهْدي عَن عِكْرِمَة بْنِ عَمَّارٍ عَن إِيَاس بْنِ سَلمَة بْنِ الْأَكْوَع عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطَاهُ سَهْمَ الْفَارِس وَالرَّاجِلِ وَهُوَ عَلَى رجلَيْهِ، وَكَانَ اسْتَنْقَذَ لِقَاحَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «خَيْرُ فُرْسَانُنَا أَبُو قَتَادَة وَخير رَجَّالَتِنَا سَلمَة» . وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن: قَالَ سُفْيَان: هَذَا خَاص لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 6498 - حَدثنِي عَلِيٌّ عَن أَبى عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَر عَن حُمَيْدٍ عَن أَنَسِ بْنِ مَالك قَالَ: قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِم حُنَيْنٍ فَأعْطى الْأَقْرَع بْنَ حَابِس مائَة مِنَ الْإِبِل، وَأعْطى عُيَيْنَة بْنَ حِصْنٍ مائَة مِنَ الْإِبِل، فَبلغ ذَلِك الْأَنْصَار فَذكر عَنْهُم فِي ذَلِك كلَاما فِيهِ طُولٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " لهَذَا الحَدِيث عِنْدِي وَجْهَان أَحدهمَا أَن يَكُونَ فِعْلُهُ ذَلِك لَهُ خَاصّا مِنْ جَمِيع الْغَنِيمَة، أَو تَكُونَ تِلْكَ الْعَطِيَّة كَانَت مِنَ الْخمس، هَذَا أَوْلَى

الْأَمريْنِ بِهِ عِنْدِي "، وَذكر حَدِيث أَنَسٍ الَّذِي ذَكرْنَاهُ أَن أَمِيرا مِنَ الْأُمَرَاء أَرَادَ أَن ينفلهُ مِنَ الْمغنم. وَقَالَت طَائِفَة: إِن شَاءَ الْأَمِير نفلهم قبل الْخمس وَإِن شَاءَ بعد الْخمس هَذَا قَول النَّخعِيّ. وَقَالَت طَائِفَة: لَا تكون الْأَنْفَال إِلَّا فِي خمس الْخمس كَذَلِك قَالَ سعيد بن الْمسيب، قَالَ مَالك: وَذَلِكَ رَأْي أَن النَّفْل من الْخمس. وَقَالَت طَائِفَة: لَا تكون الْأَنْفَال إِلَّا فِي أول الْمغنم، روينَا هَذَا القَوْل عَن رَجَاء بن حَيْوَة، وعبَادَة بن نسي، وعدي بن عدي الْكِنْدِيّ، وَمَكْحُول، وَسليمَان بن مُوسَى، وَيزِيد بن يزِيد بن جَابر، وَيحيى بن جَابر، وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، وَيزِيد بن أَبى مَالك، والتوكل بن اللَّيْث، وَابْن عتيبة، والمحاربي أَنهم يَقُولُونَ: لَا نفل إِلَّا فِي أول الْمغنم. وَقَالَت طَائِفَة: لَا نفل فِي أول شَيْء يصاب من الْمَغَانِم، كَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُول: السنة عندنَا أَن لَا نفل فِي ذهب، وَلَا فضَّة، وَلَا لُؤْلُؤ، وَلَا فِي أول غنيمَة، وَلَا سلب فِي يَوْم هزيمَة وَلَا فتح، وَقَالَ

سُلَيْمَان بْنُ مُوسَى: لَا نَفْلَ فِي أول شَيْء يصاب من الْمَغَانِم، وَقد روينَا عَن مَالك بن عبد الله الجثعمي أَنه كره أَن ينفل فِي أول مغنم، وَقيل لِأَحْمَد بن حَنْبَل: لَا نفل فِي أول شَيْء يصاب من الْمَغَانِم؟ قَالَ: هَذَا لَا أعرفهُ، النَّفْل يكون فِي كل شَيْء، قَالَ إِسْحَاق كَمَا قَالَ، وَسُئِلَ مَالك عَن النَّفْل فِي أول الْمغنم قَالَ: ذَلِك على وَجه الِاجْتِهَاد من الإِمَام، لَيْسَ فِي ذَلِك أَمر مَوْقُوف يَعْنِي عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِشَيْء ثَابت، وَسُئِلَ مَالك: هَل ينفل بِأَكْثَرَ من الثُّلُث؟ قَالَ: لَيْسَ فِي ذَلِك وَقت، إِنَّمَا ذَلِك على وَجه الِاجْتِهَاد، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: مَا نفل الإِمَام فَهُوَ جَائِز. وَقَالَت طَائِفَة: لَا نفل فِي الْعين الْمَعْلُوم الذَّهَب وَالْفِضَّة كَذَلِك قَالَ سُلَيْمَان بن مُوسَى، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَإِسْحَاق، وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز، وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، وروى ذَلِك عَن مَكْحُول، ورجاء بن حَيْوَة، وعدي بن عدي وَعبادَة بن نسي، وَقَالَ عَطاء الخراساني: سَمِعت أهل الشَّام يَقُولُونَ: لَا نفل فِي ذهب وَلَا فضَّة. 6499 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ قَالَ: حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيّ عَن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقاص قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْرٍ قَتَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَأخذت سَيْفه، وَكَانَ يُسمى ذَا الكثيفة، فَجئْت بِهِ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد قَتَلَ أَخِي عتبَة قَبْلَ ذَلِك، فَقَالَ لِي رَسُول اللَّهِ: «اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبْض» قَالَ: فَرَجَعت وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا اللَّهُ من قتل أخي، وَأخذ سَلِي، فَمَا جَاوَزت إِلَّا قَرِيبا حَتَّى نَزَلَتْ سُورَة الْأَنْفَال، قَالَ: فَدَعَانِي

رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «اذْهَبْ فَخذ سَيْفك» . قَالَ أَبُو بكر: يُقَال: أَن مُحَمَّد بن عبيد الله لم يلق سَعْدا، والمرسل لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ، وَقد احْتج بعض من أَبَاحَ النَّفْل لغير السَّرَايَا بِحَدِيث عمر بن الْخطاب، قَالَ: إِنَّمَا يكون ذَلِك بعد الْخمس. 6500 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بْنُ أَبِي الزِّنَاد عَن هِشَام بْنِ عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَت عَائِشَة: يَابْنَ أُخْتِي نَفَلَ عُمَرُ بْنُ الْخطاب أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ أَبِي بَكْرٍ لَيْلَى وَكَانَت مِنْ سَبْيِ دِمَشْقَ، فَرَأَيْتُهَا عِنْدِي مَا أَعُدُّ لَهَا قيمَة مِنْ جمَالهَا وَفَضْلِهَا وَحُسْنِهَا. قَالَ أَبُو بكر: وَاحْتج هَذَا الْقَائِل فِي إِبَاحَة النَّفْل لغير السَّرَايَا بِخَبَر معن. 6501 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ زَكَرِيَّا الْجَوْهَرِي حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن عَاصِم بْنِ كُلَيْب قَالَ: حَدثنِي أَبُو الجورية قَالَ: أَصَبْتُ جَرَّةً حَمْرَاء فِي إِمَارَة مُعَاوِيَة فِي أَرض الْعَدو، وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَال لَهُ مَعْنُ بْنُ يزِيد فَأَتَيْته بهَا فَقَسمهَا بَين النَّاس، فَأَعْطَانِي مِثْلَ مَا أعْطى رَجُلا مِنْهُم، ثمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُهُ يَفْعَلُ، سَمِعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «لَا نَفْلَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْخمس» ، إِذا لأعطينك ثمَّ أَخذ يَعْرِضُ عَلَيَّ مِنْ نصِيبه فَأتيت فَقلت: مَا أَنا بِأَحَق بِهِ مِنْك.

ذكر طالب السلب البينة على أنه القاتل المستحق للسلب

ذكر طَالب السَّلب الْبَيِّنَة على أَنه الْقَاتِل الْمُسْتَحق للسلب 6502 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: سَمِعت مَالِكًا يَقُول: حَدثنِي يحيى بْنِ سَعِيدٍ عَن عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلح عَن أَبِي مُحَمَّد مولى أبي قَتَادَة عَن أَبى قَتَادَة. 6503 - وَأخْبرنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أخبرنَا الشَّافِعِي قَالَ: أخبرنَا مَالك عَن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَن عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلح عَن أَبِي مُحَمَّد مولى أَبى قَتَادَة عَن أَبى قَتَادَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَت للْمُسلمين جَوْلَة، فَرَأَيْت رَجُلا مِنَ الْمُشْركين قَدْ عَلا رجلا من السلمين، فَاسْتَدَرْتُهُ حَتَّى أَتَيْته مِنْ وَرَائه، فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبل عَاتِقه ضَرْبَة، وَأَقْبل عَليّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً شَمَمْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْت، ثمَّ أدْركهُ الْمَوْت فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخطاب فَقلت لَهُ: مَا بَال النَّاس؟ فَقَالَ: أَمر اللَّهِ، ثمَّ إِن النَّاس رجعُوا فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة فَلهُ سَلَبُهُ» ، فَقُمْت فَقلت مَنْ يشْهد لِي؟ ثمَّ جَلَست، ثمَّ قَالَهَا الثَّانِيَة، فَقُمْت فَقلت مَنْ يشْهد لِي؟ ثمَّ جَلَست، ثمَّ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة» ، فَقُمْت فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَك يَا أَبَا قَتَادَة» ، فَاقْتَصَصْت عَلَيْهِ الْقِصَّة، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم: صَدَقَ يَا رَسُول اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِك الرَّجُلِ الْقَتِيل عِنْدِي ، فَأَرْضِهِ يَا رَسُول اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا هاءَ اللَّهِ، إِذا لَا يَعْمِدُ

ذكر الخبر الدال على أن القاتل يستحق بالسلب قتله مبارزا أو غير مبارزا

إِلَى أَسد مِنْ أَسد اللَّهِ يُقَاتل عَن اللَّهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَأعْطَاهُ إِيَّاه، قَالَ أَبُو قَتَادَة: فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْت الدرْع فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلمَة، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَال تأثَّلْتُه فِي الْإِسْلَام، قَالَ مَالك: المخرفة النخيل. وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي السَّلب يَدعِيهِ من يذكر أَنه قَاتل فَقَالَت طَائِفَة من أَصْحَاب الحَدِيث: لَا يُعْطي إِلَّا بِبَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع، واستدلت هَذِه الطَّائِفَة بقول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة» قَالُوا: وَغير جَائِز أَن يكون قَوْله: «لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة» ، لَا فَائِدَة مِنْهُ وَلَا يُعْطي السَّلب إِلَّا من أَقَامَ شَاهدا وَاحِدًا على دَعْوَاهُ وَيحلف مَعَ شَاهده على مَذْهَبنَا فِي الحكم بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد فِي الْأَمْوَال، وَقَالَ اللَّيْث: لَهُ سلبه إِذا علم ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ من مَاله شَيْء سوى السَّلب الَّذِي عَلَيْهِ. وَفِيه قَول ثَان: وَهُوَ أَن يعطاه إِذا قَالَ: أَنه قَتله وَلَا يسئل عَن ذَلِك بَيِّنَة، هَذَا قَول الْأَوْزَاعِيّ، الْوَلِيد بن مُسلم عَنهُ. ذكر الْخَبَر الدَّال على أَن الْقَاتِل يسْتَحق بالسلب قَتله مبارزاً أَو غير مبارزاً 6504 - حَدثنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَان قَالَ: حَدثنَا أَسد بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدثنَا

حَمَّاد بْنُ سَلمَة عَن إِسْحَاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَة عَن أَنَسِ بْنِ مَالك أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلهُ سَلَبُهُ، وَقتل أَبُو طَلْحَة يومئذٍ عشْرين رَجُلا وَأخذ أَسْلابَهُمْ» 6505 - وَحدثنَا عَليّ عَن أَبى عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن أَبِي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْد عَن ابْن سَمُرَة بْنِ جُنْدُب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ فَلهُ السَّلب» . 6506 - حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد قَالَ: حَدثنَا هِشَام بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد قَالَ: حَدثنَا صَفْوَان عَن عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ جُبَير بْنِ نُفَيْرٍ عَن أَبِيه عَن عَوْف قَالَ: 6507 - وَحدثنَا الْوَلِيد قَالَ: حَدثنِي ثَوْر بْنُ يزِيد عَن خَالِد بْنِ مَعْدَانَ عَن جُبَير بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: حَدثنِي عَوْف قَالَ: قُلْتُ لخَالِد بْنِ الْوَلِيد يَوْم مَوته: أَلَمْ تَعْلَمْ أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَضَى بِالسَّلَبِ للْقَاتِل؟ قَالَ: بلَى.

ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب

ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي هَذَا الْبَاب وَاخْتلفُوا فِي الحكم بالسلب للْقَاتِل فَقَالَت طَائِفَة بِظَاهِر الْأَخْبَار الَّتِي ذَكرنَاهَا، قَالَت: وَفِي قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قتل كَافِرًا فَلهُ سلبه» ، قولا عَاما مُطلقًا أبين الْبَيَان على أَن ذَلِك لكل من قتل كَافِرًا فِي الْحَرْب وَغير الْحَرْب فِي الإقبال والإدبار هَارِبا أَو نذيرا لأَصْحَابه على الْوُجُوه كلهَا، وَلَيْسَ لأحد أَن يخص من سنَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئا بِرَأْيهِ وَلَا يَسْتَثْنِي من سنَنه إِلَّا بِسنة مثلهَا، وَمن الْجِهَة الْبَيِّنَة مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ خبر سَلمَة بن الْأَكْوَع، وَهُوَ خبر لَيْسَ لمتأول مَعَه تَأْوِيل، وَذَلِكَ أَن سَلمَة قتل الْقَتِيل وهُوَ مُوَلٍّ، هارب. 6508 - حَدثا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل الصَّائِغ قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاء قَالَ: حَدثنَا عِكْرِمَة بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدثنَا إِيَاس أَن أَبَاهُ أخبرهُ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هوَازن، فجَاء رَجُلٌ عَلَى بَعِيرٍ أَحْمَر فَأطلق حَقَبًا مِنْ حَقَبِ الْبَعِير فَقَيَّدَ بِهِ الْبَعِير، ثمَّ جَاءَ حَتَّى أَكَلَ مَعَ الْقَوْم فَلَمَّا رأى ضعفهم ورِقّة ظهْرهمْ خَرَجَ إِلَى بَعِيرِهِ فَأَطْلقهُ وَقعد عَلَيْهِ، وَهُوَ طَلِيعَة الْكفَّار فَرَكَضَهُ هَارِبا، فَخرج رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَلَى نَاقَة فَأتبعهُ، وَخرجت أَعْدُو فِي أَثَره، حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَام الْجمل فَقلت لَهُ: أَخ فَمَا عَدَا أَن وَضَعَ رُكْبَتَهُ عَلَى الأَرْض ضَرَبْتُ رَأسه، ثمَّ جِئْت براحلة أقودها عَلَيْهِ رَحْله وَسَلَبُهُ، فَاسْتَقْبَلَنِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاس يَقُولُونَ: مَنْ قَتله؟

قَالُوا: سَلمَة بْنُ الْأَكْوَع، قَالَ: «بِهِ سِلَبُهُ أَجْمَعُ» . قَالَ أَبُو بكر: فَهَذَا مقتول هارب غير مقبل وَقد حكم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسَلمَة بالسلب، وَفِيه دَلِيل على إغفال من قَالَ: لَا يكون السَّلب إِلَّا لمن قتل مُشْركًا مُقبلا، إِذْ سَلمَة قَاتل قتيلٍ مُدبرا، وَيدل على إغفال من قَالَ: أَن الَّذِي لَا يشك فِي أَن لَهُ سلب الْمُشرك وَالْحَرب قَائِمَة، لِأَن سَلمَة قد حكم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بالسلب وَصَاحبه مُدبر غير مقبل وَقَتله وَالْحَرب لسيت بقائمة، لِأَن الْمَقْتُول إِنَّمَا قتل مُنْفَردا فِي غير حَال الْحَرْب، ليعلم أَن من سنة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن من قتل قَتِيلا من الْعَدو على أَي جِهَة قَتله بعد أَن لَا يكون للمقتول أَمَان أَن لَهُ سلبه، وَهَذَا قَول طَائِفَة من أَصْحَاب الحَدِيث، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر، وَاحْتج بِظَاهِر قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه» ، وبخبر سَلمَة هَذَا. وَقَالَت طَائِفَة: إِنَّمَا يكون السَّلب لمن قتل وَالْحَرب قَائِمَة والمشرك مقبل هَذَا قَول الشَّافِعِي، قَالَ الشَّافِعِي: " وَالَّذِي لَا شك فِيهِ أَن لَهُ سلب من قتل الَّذِي يقتل الْمُشرك وَالْحَرب قَائِمَة وَالْمُشْرِكُونَ يُقَاتلُون، ولقتلهم هَكَذَا مُؤنَة لَيست لَهُم إِذا انْهَزمُوا أَو انهزم الْمَقْتُول، وَلَا أرى أَن يعْطى السَّلب إِلَّا من قتل مُشْركًا مُقبلا. وَقَالَ أَحْمد فِي السَّلب للْقَاتِل: إِنَّمَا ذَلِك فِي المبارزة لَا يكون فِي الْهَزِيمَة. قَالَ أَبُو بكر: السَّلب للْقَاتِل أذن الإِمَام فِي ذَلِك أَو لم يَأْذَن فِيهِ على ظَاهر قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل كَافِرًا فَلهُ سلبه، وَذَلِكَ عَام لكل قَاتل

قتل كَافِرًا من أهل الْحَرْب الَّذين لَا أَمَان لَهُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، كَسَائِر السّنَن الَّتِي سنّهَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنَّاس، وَقد روينَا ذَلِك عَن سعد بن مَالك، وَابْن عمر. 6509 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن الْأسود بن قيس عَن شبر بن عَلْقَمَة أَنه بارز رجلا يَوْم الْقَادِسِيَّة فَقتله فَأخذ سلبه، فقوم اثني عشر ألفا فَأتى بِهِ سعد بن مَالك فَقَالَ: خُذْهُ نفله إِيَّاه. 6510 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ أخبرنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاة عَن نَافِع أَن ابْن عُمَرَ بَارَزَ رَجُلا يَوْم الْيَمَامَة فَقتله فَسلم لَهُ سَلَبُهُ. وَمِمَّنْ قَالَ بِظَاهِر الحَدِيث أَن السَّلب للْقَاتِل اللَّيْث بن سعد، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَأَبُو ثَوْر، وأَبُو عبيد، قَالَ أَحْمد، وأَبُو عبيد: قَالَه الإِمَام أَو لم يقلهُ، وَهَكَذَا قَول الشَّافِعِي. وَفِيه قَول سواهُ: وَهُوَ أَن لَا يكون ذَلِك لأحد إِلَّا بِإِذن الإِمَام، سُئِلَ مَالك عَن رجل قتل رجلا يكون لَهُ سلبه بِغَيْر إِذن الإِمَام؟ قَالَ: لَا يكون ذَلِك لأحد دون الإِمَام وَلَا يكون من الإِمَام إِلَّا على وَجه الِاجْتِهَاد وَلم يبلغنَا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه فِي غير يَوْم حنين، وَلَو أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سن ذَلِك فِي غير يَوْم حنين أَو أَمر بِهِ كَانَ أمرا ثَابتا قَائِما لَيْسَ لأحد فِيهِ قَول، وَلَكِن لم يبلغنَا

النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد يَوْم حنين عمل بِهِ، فَكَانَ أَبُو بكر بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ عمر فَلم يبلغنَا أَنه صنع ذَلِك. قَالَ أَبُو بكر: وَقد عَارض الشَّافِعِي مَالِكًا فَقَالَ: أَرَأَيْت مَا روى عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنه أعْطى من حضر أَرْبَعَة أَخْمَاس الْقِسْمَة، لَو قَالَ قَائِل هَذَا من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الِاجْتِهَاد، هَل كَانَت الْحجَّة عَلَيْهِ إِلَّا أَن يُقَال: أَن إِعْطَاء النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْعَام وَالْحكم حَتَّى تَأتي دلَالَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَن قَوْله خَاص فنتبع، فَأَما أَن يتحكم متحكم فيدعي أَن قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحدهمَا حكم وَالْآخر اجْتِهَاد بِلَا دلَالَة، فَإِن جَازَ هَذَا خرجت السّنَن من أَيدي النَّاس، قَالَ: وَلَو لم يقلهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا يَوْم حنين، أَو فِي آخر غزَاة غَزَاهَا، أَو أَولا، لَكَانَ أولى مَا أَخذ بِهِ. وَحكى الشَّافِعِي عَن النُّعْمَان أَنه " قَالَ فِي الرجل يقتل الرجل وَيَأْخُذ سلبه: لَا يَنْبَغِي للْإِمَام أَن ينفلهُ إِيَّاه لِأَنَّهُ صَار فِي الْغَنِيمَة، وَقَالَ يَعْقُوب: حَدثنَا النُّعْمَان عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ: إِذا نفل الإِمَام أَصْحَابه فَقَالَ: من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَمن أسر أَسِيرًا فَلهُ سلبه فَهُوَ مُسْتَقِيم جَائِز وَهَذَا النَّفْل، وَأما إِذا لم ينفل الإِمَام شَيْئا من هَذَا فَلَا نفل لأحدٍ دون أحد وَالْغنيمَة كلهَا من جَمِيع الْجند على مَا وَقعت عَلَيْهِ المقاسم، وَهَذَا أوضح وَأبين من أَن يشك فِيهِ أحد من أهل الْعلم ". قَالَ أَبُو بكر: هَذَا أوضح فِي بَاب الْخَطَأ وَأبين من أَن يشك فِيهِ أحد لَهُ معرفَة بأخبار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقد ذكرنَا الْأَخْبَار فِي هَذَا الْبَاب فِيمَا مضى، وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجَّة الله على الْأَوَّلين والآخرين من خلقه.

ذكر النفر يضربون الرجل ضربات مختلفات

وَكَانَ مَكْحُول يَقُول: إِذا التقى الزحفان فَلَا نفل إِنَّمَا النَّفْل قبل وَبعد، وَكَانَ نَافِع مولى ابْن عمر يَقُول: إِذا قتل رجل من الْمُسلمين رجلا من الْكفَّار فَإِن لَهُ سلبه إِلَّا أَن يكون فِي معمعة الْقِتَال أَو فِي زحف، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أحد قتل أحدا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ، وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز، وَأَبُو بكر بن عبد الله بن أبي مَرْيَم: السَّلب للْقَاتِل مَا لم تشتد الصُّفُوف بَعْضهَا على بعض، فَإِذا كَانَ ذَلِك فَلَا سلب لأحد، وَذكر الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز، وَأبي بكر بن عبد الله عَن مشيختهم أَنه لَا سلب فِي يَوْم هزيمَة الْعَدو، وَإِذا طَلَبهمْ الْمُسلمُونَ، وَلَا سلب عِنْد ذَلِك. ذكر النَّفر يضْربُونَ الرجل ضربات مختلفات وَاخْتلفُوا فِي النَّفر يضْربُونَ الرجل ضربات مختلفات فَقَالَت طَائِفَة: «إِذا ضرب أحدهم ضَرْبَة لَا يعاش من مثلهَا، أَو ضَرْبَة يكون مُسْتَهْلكا من مثلهَا وَذَلِكَ مثل أَن يقطع يَدَيْهِ أَو رجلَيْهِ، ثمَّ يقْتله آخر، أَن السَّلب لقاطع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ، لِأَنَّهُ صيره فِي حَال لَا يمْنَع فِيهَا سلبه وَلَا يمْتَنع من أَن يدفنه عَلَيْهِ، وَإِن ضربه وبقى مِنْهُ مَا يمْتَنع بِنَفسِهِ ثمَّ قَتله بعده آخر، فالسلب للْآخر، إِنَّمَا يكون السَّلب للَّذي صيره بِحَال لَا يمْتَنع فِيهَا» ، هَذَا قَول الشَّافِعِي.

وَكَانَ مَكْحُولٌ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ يَقُولَانِ: إِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنَ الْعَدُوِّ، فَأَجَارَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَسَلَبُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ، وَاحْتَجَّ حَرِيزٌ بِقِصَّةِ أَبِي جَهْلٍ، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ قَضَى، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي مُبَارِزٍ عَانَقَ رَجُلًا، وَحَمَلَ عَلَيْهِ آخَرُ قَالَ: سَلَبُهُ لِلْمُعَانِقِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: سَلَبُهُ لِلْقَبَائِلِ اسْتِدْلَالًا بِمَا قَالَ فِي كِتَابِ جِرَاحِ الْعَمْدِ فِي الْقَاتِلِ، وَالْحَابِسِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ بَارَزَ رَجُلٌ رَجُلًا، فَاسْتَأْمَرَ الْعِلْجَ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ سَلَبِهِ شَيْءٌ، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ نَفَّلَهُ شَيْئًا مِنَ الْخُمُسِ

ذكر خبر احتج به من قال: إن الرجلان اشتركا في قتل الرجل أن الخيار في ذلك إلى الإمام يجعل السلب لأيهما شاء

ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَانِ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ الرَّجُلِ أَنَّ الْخِيَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَجْعَلُ السَّلَبَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ

6511 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ، فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ، غُلَامَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: يَا عَمَّاهُ؟ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا، فَعَجِبْتُ بِذَلِكَ فَغَمَزَنِي الْآخَرُ، فَقَالَ لِي -[125]- مِثْلَهَا قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ، أَلَا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفِهِمَا، فَضَرَبَاهُ، حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ» ؟، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَكُمَا» ؟ قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ» ، فَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْروَ بْنِ الْجَمُوحِ، وَكَانَا مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ، وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ السَّلَبِ إِذَا انْفَرَدَ الْقَاتِلُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِ، فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ، فَالْخِيَارُ فِيهِ إِلَى الْإِمَامِ يَجْعَلُ السَّلَبَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَقَائِلُ هَذَا قَائِلٌ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا فِي مَوْضِعِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَهُ قَائِلٌ إِنْ صَحَّ خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ هَذَا، فَإِنَّ فِي قَلْبِي مِنْ صِحَّتِهِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ، فَالنَّظَرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ بَيْنَهُمَا إِذَا كَانَا قَاتِلَيْهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ -[126]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ قَتَلَ أَبَا جَهْلٍ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَهُ الْأَنْصَارِيَّانِ، وَأَزْمَنَاهُ دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ السَّلَبَ لِلَّذِي أَزْمَنَهُ دُونَ الْقَاتِلِ بَعْدُ، لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَجَارَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَزْمَنَهُ الْأَنْصَارِيَّانِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، فَلَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَيْئًا

ذكر خبر روي لا أحسبه يثبت أن سلب الأسير يجب لمن أسره

ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ لَا أَحْسَبُهُ يُثْبَتُ أَنَّ سَلَبَ الْأَسِيرِ يَجِبُ لِمَنْ أَسَرَهُ

6512 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ حُجْرَةَ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَبْدٍ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى بِمَوْلًى فَلَهُ سَلَبُهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا إِسْنَادٌ مَجْهُولٌ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ إِلَّا مَكْحُولًا، فَإِنَّا رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا سَلَبَ إِلَّا لِمَنْ قَتَلَ عِلْجًا، أَوْ أَسَرَهُ

ذكر السلب الذي يستحقه القاتل

ذِكْرُ السَّلَبِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ

6513 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ -[127]- هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ، بَارَزَ مَرْزَبَانَ الزَّأْرَةِ، فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ سِوَارَاهُ، وَمَنْلِقَتُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الْأَسْلَابَ، وَلَكِنْ سَلَبُ مَرْزَبَانَ مَالٌ، فَكَثَّرَهُ فَخَمَّسَهُ

6514 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: كُنَّا بِالْقَادِسِيَّةِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ مِنَ السِّلَاحِ وَالْهَيْئَةِ، فَقَالَ: مُرْدٌ، وَمُرْدٌ، يَقُولُ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ، فَعَزَمْتُ عَلَى أَصْحَابِي أَنْ يُبَارِزُوهُ، فَأَبَوْا، وَكُنْتُ رَجُلًا قَصِيرًا قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ، فَصَاحَ صَوْتًا، وَكَبَّرْتُ، وَهَدَرَ، وَكَبَّرْتُ قَالَ: فَاحْتَمَلَ بِي، فَضَرَبَ بِي قَالَ: وَيَمِيلُ فَرَسُهُ فَأَخَذْتُ خِنْجَرَهُ، فَوَثَبْتُ عَلَى صَدْرِهِ فَذَبَحْتُهُ قَالَ: وَأَخَذْتُ مِنْطَقَةً لَهُ وَسَيْفًا وَرَايَتَيْنِ، وَدِرْعًا، وَسِوَارَيْنِ، فَقُوِّمَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا قَالَ: فَأَتَيْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: فَرُحْ إِلَيَّ وَرُحْ بِالسَّلَبِ قَالَ: فَرُحْتُ إِلَيْهِ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: هَذَا سَلَبُ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، خُذْهُ هَنِيئًا مَرِيئًا، فَنَفَّلَنِيهِ كُلَّهُ

6515 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَهُوَ يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُونُوا أَسَدًا أَسَدًا أَغْنَا شَاتَهُ، إِنَّمَا الْفَارِسِيُّ تَيْسٌ إِذَا أَلْقَى نَيْزَكَهُ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ بَوَّأَ لَهُ أُسْوَارٌ مِنْ أَسَاوِرَةِ فَارِسَ بِنُشَّابِهِ، -[128]- فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا ثَوْرٍ إِنَّ هَذَا الْأُسْوَارَ قَدْ بَوَّأَ بِكَ بِنُشَّابِهِ، فَأَرْسَلَ الْآخَرُ بِنُشَّابَتِهِ، فَأَتَتْ سِيَّةَ قَوْسِ عَمْرٍو، فَطَعَنَهُ، فَدَقَّ صُلْبَهُ، فَصَرَعَهُ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ، فَقَطَعَ يَدَيْهِ، وَأَخَذَ سِوَارَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ، وَتُلْمُقًا مِنْ دِيبَاجٍ، وَمِنْطَقَةً، فَسَلَبَ ذَلِكَ لَهُ

6516 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ بن أَنَسِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْأَنْفَالِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ، وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ وَكَانَ مَكْحُولٌ يَقُولُ: لِلْمُبَارِزِ الْمُقَاتِلِ سَلَبُ الْمَقْتُولِ: فَرَسُهُ بِسَرْجِهِ وَلِجَامِهِ، وَسَيْفُهُ، وَمِنْطَقَتُهُ، وَدِرْعُهُ، وَبَيْضَتُهُ، وَسَاعِدَاهُ، وَسَاقَاهُ، وَرَانَاهُ بِمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ جَوْهَرٍ، أَوْ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ طَوْقِهِ، وَسَوَارِيهِ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ، بِمَا فِيهَا مِنْ جَوْهَرٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَهُ فَرَسُهُ الَّذِي قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَسِلَاحُهُ، وَسَرْجُهُ، وَمِنْطَقَتُهُ، وَقِرْطَاهُ، وَخَاتَمُهُ، وَمَا كَانَ فِي سَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ مِنْ حِلْيَةٍ قَالَ: وَلَا يَكُونُ لَهُ الْهِمْيَانُ فَيهِ الْمَالُ، وَإِنْ كَانَ قَاتَلَهُ عَلَى فَرَسِهِ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ، فَقَاتَلَهُ، وَمَقُودُ فَرَسِهِ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَرَعَهُ هُوَ عَنْ فَرَسِهِ بِطَعْنَةٍ، أَوْ ضَرْبَةٍ فَيَكُونَ لَهُ إِذَا أَشْعَرَهُ وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَصُرِعَ، أَوْ نَزَلَ هُوَ عَنْ دَابَّتِهِ بَعْدَمَا أَشْعَرَهُ فَقَاتَلَهُ، فَقَتَلَهُ، كَانَتْ دَابَّتُهُ لَهُ مَعَ سَلَبِهِ، وَقَالَ: لَهُ تَاجٌ إِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: مَا كَانَ مَعَ الْعِلْجِ مِنْ دَنَانِيرَ، أَوْ ذَهَبٍ لَيْسَ مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ لِحَرْبِهِ، وَفِي مِنْطَقَتِهِ نَفَقَةٌ، أَوْ كُمِّهِ، أَوْ نُكْتَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، هُوَ مَغْنَمٌ بَيْنَ الْجَيْشِ. -[129]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَالسَّلَبُ الَّذِي يَكُونُ لِلْقَاتِلِ كُلُّ ثَوْبٍ عَلَيْهِ، وَكُلُّ سَلَاحٍ عَلَيْهِ، وَمِنْطَقَتُهُ، وَفَرَسُهُ، إِنْ كَانَ رَاكِبَهُ، أَوْ مُمْسِكَهُ، فَإِنْ كَانَ مُنْفَلِتًا مِنْهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنَّمَا سَلَبُهُ مَا أَخَذَ مِنْ يَدَيْهِ، أَوْ مَا عَلَى بَدَنِهِ، أَوْ تَحْتَ بَدَنِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي سَلَبِهِ أَسْوَارُ ذَهَبٍ، أَوْ خَاتَمٌ، أَوْ تَاجٌ، أَوْ مِنْطَقَةٌ فِيهَا نَفَقَةٌ، فَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ هَذَا مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ سَلَبِهِ كَانَ مَذْهَبًا، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ عِدَّةِ الْحَرْبِ وَإِنَّمَا لَهُ سَلَبُ الْمَقْتُولِ الَّذِي هُوَ سِلَاحٌ كَانَ وَجْهًا، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَا يُخَمِّسُ السَّلَبِ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي الْمِنْطَقَةِ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، هُوَ مِنَ السَّلَبِ، وَقَالَ: الْفَرَسُ لَيْسَ مِنْ سَلَبِهِ، وَسُئِلَ عَنِ السَّيْفِ مِنَ السَّلَبِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَقِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: أَيَسْلُبُوا قَتْلَاهُمْ، حَتَّى يُتْرَكُوا عُرَاةً؟ فَقَالَ: أَنْقَذَ اللهُ عَوْرَتَهُمْ، وَلَوْ تُرِكَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ كَانَ أَحْسَنَ، وَكَرِهَ الثَّوْرِيُّ أَنْ يُتْرَكُوا عُرَاةً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الَّذِي قَالَهُ الثَّوْرِيُّ أَحْسَنُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَاتِلِ يَكْتُمُ السَّلَبَ خَوْفًا أَنْ لَا يُعْطِيَهُ الْإِمَامُ، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَهُ وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، كَمَا يَأْخُذُ سَائِرَ حُقُوقِهِ الَّذِي لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهِ أَقُولُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْأَجِيرِ الَّذِي اسْتُؤْجِرَ لِلْخِدْمَةِ: إِنْ بَارَزَ فَقَتَلَ صَاحِبَهُ فَلَهُ -[130]- سَلَبُهُ، وَقَالَ فِي رَجُلٍ قَتَلَ قَبْلَ الْفَتْحِ، إِنَّ لَهُ السَّلَبَ مَا كَانَ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلْجِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَيَسْتَأْخِرُ لَهُ ثُمَّ يَقْتُلُهُ، فَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَهُ سَلَبُهُ إِذَا كَانَ قَدْ بَارَزَهُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ حَدَّدَ إِلَيْهِ بِسِلَاحٍ وَإِنْ أَسَرَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُ، قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: سَلَبُهُ لِلَّذِي اعْتَنَقَهُ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ أَسَرَ رَجُلًا عِلْجًا، ثَمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ قَالَ: لَا يَكُونُ السَّلَبُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ أَسَرَ رَجُلًا عِلْجًا، ثُمَّ أَتَى بِهِ إِلَى الْإِمَامِ، فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ، قِيلَ لَهُ: فَرَجُلٌ حَمَلَ عَلَى فَارِسٍ فَقَتَلَهُ، فَإِذَا هُوَ امْرَأَةٌ قَالَ: إِنْ كَانَتْ حَدَّدَتْ لَهُ بِسِلَاحٍ فَإِنَّ لَهُ سَلَبَهَا، وَالْغُلَامُ كَذَلِكَ إِذَا قَاتَلَ فَقُتِلَ كَانَ سَلَبُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَا يُبَارِزُ الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، فَإِنْ بَارَزَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، فَقَتَلَ صَاحِبَهُ لَمْ يُنَفَّلْ سَلَبَهُ، وَيُرْضَخُ لَهُ مِنْهُ

ذكر أخبار رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنفال مختصرة تدل على معانيها الأخبار التي أنا ذاكرها بعد إن شاء الله تعالى

ذِكْرُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْفَالِ مُخْتَصَرَةً تَدُلُّ عَلَى مَعَانِيهَا الْأَخْبَارُ الَّتِي أَنَا ذَاكِرُهَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

6517 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا قِبَلَ نَجْدٍ كُنْتُ فِيهِمْ، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، اثْنَيْ عَشَرَ -[131]- بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا

6518 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ مَكْحُولًا، حَدَّثَهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُ بِالثُّلُثِ

ذكر الأخبار المفسرة لهذه الأخبار الدالة على أن النفل الذي أجمل ذكره في خبر ابن عمر، وحبيب بن مسلمة، إنما هو نقل السرايا

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُفَسِّرَةِ لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ الَّذِي أُجْمِلَ ذِكْرُهُ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، إِنَّمَا هُوَ نَقَلُ السَّرَايَا

6519 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَرِجَالٌ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً، فَكَانَ سُمْهَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا

6520 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَبْنَا -[132]- نَعَمًا كَثِيرًا، فَنَفَّلَنَا بَعِيرًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهْمَانَنَا، فَأَصَابَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا، سِوَى الْبَعِيرِ الَّذِي نَفَّلَ، فَمَا عَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعْنَا، وَلَا عَلَى الَّذِي أَعْطَانَا

ذكر اختلاف أهل العلم في نفل هذه السرية التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين نفلوا كان الشافعي يقول: حديث ابن عمر يدل على أنهم أعطوا ما لهم مما أصابوا على أنهم نفلوا بعيرا بعيرا، والنفل هو شيء زيدوه غير الذي كان لهم، وقول ابن المسيب: كان

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي نَفَلِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ الَّتِي بَعَثَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيْنَ نُفِّلُوا كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أُعْطُوا مَا لَهُمْ مِمَّا أَصَابُوا عَلَى أَنَّهُمْ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا، وَالنَّفَلُ هُوَ شَيْءٌ زِيدُوهُ غَيْرَ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: كَانَ النَّاسُ يُعْطَوْنَ النَّفَلَ مِنَ الْخُمُسِ، كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ مِنْ خُمُسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُهُ حَيْثُ أَرَاهُ اللهُ كَمَا يَصْنَعُ بِسَائِرِ مَالِهِ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ، فَإِذَا كَثُرَ الْعَدُوُّ، وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ، وَقَلَّ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَفَّلَ مِنْهُ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يُنَفِّلْ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: وَهَذَا النَّفَلُ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَ السِّهَامِ، لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخُمُسِ، ثُمَّ جَاءَ مُفَسَّرًا مُسَمًّى بَيِّنًا، وَذَكَرَ حَدِيثَ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا نَفَلَ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ» . وَذَكَرَ أَخْبَارًا، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا تَكَلَّمَتِ الْعُلَمَاءُ فِي الْخُمُسِ، وَاسْتَجَازُوا صَرْفَهُ عَنِ الْأَصْنَافِ الْمُسَمَّاةِ فِي التَّنْزِيلِ إِلَى غَيْرِهِمْ، إِذَا كَانَ

هَذَا خَيْرًا لِلْإِسْلَامِ، وَأَهْلِهِ وَأَرَدَّ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتْ عَامَّتُهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَفْقَرُ، وَلَهُمْ أَصْلَحُ مِنْ أَنْ يُفَرَّقَ فِي الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَكُونُ الرُّخْصَةُ فِي النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ وَقَالَ: أَمَّا مُعْظَمُ الْآثَارِ وَالسُّنَنِ فَعَلَى أَنَّ الْخُمُسَ مُفَوَّضٌ إِلَى الْإِمَامِ يُنَفِّلُ مِنْهُ إِنْ شَاءَ، وَمَنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا احْتِجَاجَ أَبِي عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» ، وَقَالَ: لَا حُجَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ خُمُسِ الْخُمُسِ، فَقَوْلُهُ: «وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ» يُرِيدُ فَخُمُسُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ، فَكَانَ يُنَفِّلُ مِنْهُ، وَيَحْمِلُ مِنْهُ الرَّجُلُ، ثُمَّ الرَّجُلُ، يَعْنِي الْمُنْقَطِعَ بِهِ قَالَ: وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ: إِنَّ هَذَا النَّفَلُ لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ سِوَى هَذَا، أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّفَلُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ، وَذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ السَّرَايَا فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَالَ: وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النَّفَلُ كَانَ مِنْ جُلَّةِ الْقِسْمَةِ قَالَ: فَهَذَا يَعْنِي حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمِيرَهُمْ قَدْ كَانَ نَفَّلَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ

قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ غَنِيمَتَهُمْ، بَعْدَ أَنْ خَمَّسَهَا، وَأَمْضَى لَهُمْ مَا أَعْطَاهُمْ أَمِيرُهُمْ قَالَ: غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ جَاءَ بِهِ مَالِكٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَغَيْرُهُمَا، فَلَمْ يَجِيئُوا بِهِ كَمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ سَهْمِ الرَّسُولِ وَهُوَ خَمْسُ الْخُمُسِ، وَقَالَ: قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا كَانُوا يُنَفَّلُونَ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ خَطَأٌ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَفَّلَ السَّرَايَا الرُّبُعَ، إِذِ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ وَقَدْ نَفَّلَ السَّلَبَ الْقَاتِلَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ: كَانُوا لَا يُنَفِّلُونَ الْمَسَاكِينَ الَّذِينَ لَا يَحْضُرُونَ الْقِتَالَ، إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ فَيَكُونَ لَهُ وَجْهًا إِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ. قَالَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِنَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّفَلِ الَّذِي فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّمَا هُوَ نَفَلُ السَّرَايَا، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُهُمْ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ، أَيْ مِنَ الثُّلُثِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةَ، أَوِ الرُّبُعِ الَّذِي كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْقُفُولِ، وَاحْتَجَّ بِشَيْءٍ رَوَاهُ

6521 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةَ النَّفَلِ سِوَى قَسْمِ الْعَامَّةِ مِنَ الْجَيْشِ، وَالْخُمُسُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاجِبٌ قَالَ: فَخُبِّرَ بِأَنَّهُ كَانَ يُنَفِّلُ السَّرَايَا الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْجَيْشِ الَّذِي يُشْرِكْهُمُ الْجَيْشُ فِي بَعْضِ الْغَنِيمَةِ لَا السَّرِيَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْمُدُنِ وَيُقِيمُ الْإِمَامُ مَعَ الْجَيْشِ فِي الْمَدِينَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْإِمَامِ مَعَ الْجَيْشِ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ

ذكر قدر النفل للسرايا الذي لا تجوز الزيادة عليه في البدأة والقفول، وتفضيل بعض ذلك على بعض

ذِكْرُ قَدْرِ النَّفَلِ لِلسَّرَايَا الَّذِي لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فِي الْبَدْأَةِ وَالْقُفُولِ، وَتَفْضِيلِ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ

6522 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ مَبْدَأَهُ الرُّبُعَ، وَإِذَا قَفَلَ الثُّلُثَ

ذكر الخبر الدال على أن الذي كان ينفلهم في البدأة الربع بعد الخمس وفي القفول الثلث بعد الخمس

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ يُنَفِّلُهُمْ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَفِي الْقُفُولِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ

6523 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَ الرُّبُعَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْقَوْمُ فِي الْبَدْأَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ

6524 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ -[136]- حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فَرَّقَ الْبَدْأَةَ وَالْقُفُولَ، حَيْثُ فَضَّلَ إِحْدَى السَّرِيَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِقُوَّةِ الظَّهْرِ عِنْدَ دُخُولِهِمْ، وَضَعْفِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ أَنْشَطُ، وَأَشْهَى لِلسَّيْرِ وَالْإِمْعَانِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَأَنَّهُمْ وَهُمْ عِنْدَ الْقُفُولِ لِضَعْفِ دَوَابِّهِمْ، وَأَبْدَانِهِمْ فَهُمْ أَشْهَى لِلرُّجُوعِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ، وَأَهَالِيهِمْ لِطُولِ عَهْدِهِمْ بِأَهَالِيهِمْ، وَأَوْطَانِهِمْ، وَحُبِّهِمْ لِلرُّجُوعِ إِلَيْهَا، فَيُقَالُ: إِنَّهُ زَادَهُمْ فَجَعَلَ لَهُمُ الثُّلُثَ فِي الْقُفُولِ لِهَذِهِ الْعِلَلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر الاختلاف في هذا الباب واختلفوا في الإمام ينفل في البدأة الربع، وإذا قفل الثلث، فأباحت طائفة ذلك، وممن رأى أن ينفل الإمام في البدأة الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس حبيب بن مسلمة، والحسن البصري، وبه قال الأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وقال

ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ، وَإِذَا قَفَلَ الثُّلُثَ، فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُنَفِّلَ الْإِمَامُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانَ الْإِمَامُ يُنَفِّلُ السَّرِيَّةَ الثُّلُثَ، أَوِ الرُّبُعَ يَضْرِبُهُمْ، أَوْ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْقِتَالِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُنَفِّلُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَإِنْ نَفَّلَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ الرُّبُعِ فِي الْبَدْأَةِ، وَالثُّلُثِ فِي الرَّجْعَةِ فَعَمِلُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَلْيَفِ لَهُمْ بِهِ، وَلْيَجْعَلْ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنَ الْخُمُسِ

وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُ الشَّامِيِّينَ فِي النَّفَلِ فِي الْبَدْأَةِ وَالرَّجْعَةِ الثُّلُثَ فِي وَاحِدَةٍ، وَالرُّبُعَ فِي الْأُخْرَى، وَرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَفَّلَ نِصْفَ السُّدُسِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلنَّفَلِ حَدٌّ لَا يُجَاوِزُهُ الْإِمَامُ، وَأَكْثَرُ مَغَازِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَنْفَالٌ، فَإِذَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاجْتِهَادِ غَيْرَ مَحْدُودٍ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَقَدْ نَفَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فِي الْبَدْأَةِ، وَالرُّجُوعِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: نَفَّلَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا، بَعِيرًا، وَإِنَّمَا النَّفَلُ قَبْلَ الْخُمُسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَرَاهِيَةَ مَالِكٍ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ: مَنْ قَاتَلَ فِي مَوْضِعِ كَذَا، وَكَذَا، أَوْ مَنْ قَتَلَ مِنَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَ بِرَأْسِهِ، فَلَهُ كَذَا، أَوْ بَعْضَ سَرِيَّةٍ فِي وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَقَالَ: مَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَلَكُمْ نِصْفَهُ، كَرِهَ أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ لَهُ وَيَسْفِكَ دَمَ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي أَمِيرٍ أَغَارَ فَقَالَ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ مَالٌ هُوَ كَمَا قَالَ: وَقَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا، وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا يُغْرِيهِمْ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا نَفَّلَ الْإِمَامُ فَهُوَ جَائِزٌ

6525 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ، كَانُوا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَدِيجٍ فِي غَزْوَةٍ -[138]- بِالْمَغْرِبِ، فَنَفَّلَ النَّاسَ، وَمَعَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ حُبَابِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ

6526 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيَّ، قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قَوْمِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ الْكُوفَةَ، وَلَكَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَشَيْءٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ، فَلَوْلَا الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَعْطَى الْقَاتِلَ السَّلَبَ، وَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ كَافِرًا، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، مَا جَازَ أَنْ يُعْطَى الْقَاتِلُ السَّلَبَ، فَالسَّلَبُ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ الْآيَةِ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ مِنْ حَقِّهِ الْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْخُمُسِ، وَالطَّعَامُ مُبَاحٌ أَكْلُهُ مِنْ طَعَامِ الْعَدُوِّ لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَالْعَلَفُ فِي مَعْنَاهُ، ثُمَّ يُخْرِجُ الْإِمَامُ مَا لَا غِنًى بِالْجَيْشِ عَنْهُ لِحِمْلَانِ النَّبِيِّ، وَالْغَنَائِمِ وَأُجْرَةِ الرُّعَاةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كُلٌّ مُسْتَثْنًى بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَبْوَابِ فِيمَا مَضَى ذِكْرُهُ مِنَ الْحُجَجِ، ثُمَّ لِلْإِمَامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُنَفِّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، لَا يَزِيدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ زَادَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ مَرْدُودًا. وَلَوْلَا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى إِبَاحَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ، لَمْ يَجُزْ إِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يُبِيحَ مَا أَبَاحَتِ الْأَخْبَارُ، وَيَقِفُ عَنْ إِجَازَةِ مَا لَا تَدُلُّ الْأَخْبَارُ عَلَى إِجَازَتِهِ، لِأَنَّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ -[139]- رَدُّهُ إِلَى قَوْلِهِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ. وَلَوْ أَعْطَى إِمَامٌ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةَ أَحَدًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ كَانَ ذَلِكَ مَرْدُودًا، وَلَمْ يَطَبْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ أُعْطِيَهُ، بَلْ عَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى جُمْلَةِ الْغَنَائِمِ، إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتَهْلَكَهُ، فَإِنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ، فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ، أَوْ قِيمَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْطَى مِمَّنْ لَا يُوصَلُ إِلَى أَخْذِ الشَّيْءِ مِنْهُ، وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ غُرْمُهُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَدُّوا الْخِيَاطَ، وَالْمَخِيطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ذكر العطايا التي أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم هوزان

ذِكْرُ الْعَطَايَا الَّتِي أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ هَوَزَانَ

6527 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُيَيْنَةَ، وَالْأَقْرَعَ، وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فِي آخَرِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: سُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، وَهُمْ يَذْهَبُونَ بِالْمَغْنَمِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ لَهُ، حَتَّى فَاضَتْ قَالَ: «أَفِيكُمْ غَيْرُكُمْ؟» قَالُوا: لَا، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا قَالَ: «فَإِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» ، ثُمَّ قَالَ: «قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا» ، قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «أَنْتُمُ الشِّعَارُ، وَالنَّاسُ الدِّثَارُ، أَمَا تَرْضَوْنَ يَذْهَبُ النَّاسُ بِالشَّاءِ، وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى دِيَارَكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى -[140]- قَالَ: " الْأَنْصَارُ كَرِشِي، وَعَيْبَتِي، لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَهُمْ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ

6528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عَدْلٌ فِيهَا، وَلَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ الرَّجُلُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَانَ كَالصُّوفِ، ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللهُ وَرَسُولُهُ» ، ثُمَّ قَالَ: «يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِي أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» ، فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذَا حَدِيثًا أَبَدًا

6529 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَاسًا، مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ: أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ أَمْوَالَ هَوَزَانَ، وَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ يُعْطِي قُرَيْشًا، وَتَرَكْنَا -[141]- وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ آدَمَ، لَمْ يَدَعْ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ» ، قَالَتِ الْأَنْصَارُ: أَمَّا ذَوُو رَأْيِنَا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، فَقَالُوا كَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَالُوا قَالَ: «إِنَّمَا أُعْطِي رِجَالًا حُدَثَاءَ عَهْدٍ أُبَالِغُهُمْ» ، أَوْ قَالَ: «أَسْتَأْلِفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ، فَوَاللهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ» ، قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ رَضِينَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوَا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ يَصْبِرُوا

ذكر الأخبار المفسرة لهذه الأخبار الدالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أعطى تلك العطايا من نصيبه من الخمس، لا من جملة الغنيمة

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُفَسِّرَةِ لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَعْطَى تِلْكَ الْعَطَايَا مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْخُمُسِ، لَا مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ

6530 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي -[142]- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ، وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمُ الْمَقَالَةُ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ وَاللهِ رَسُولُ اللهِ قَوْمَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ قَسَّمْتَ فِي قَوْمِكَ، فَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ قَالَ: «فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي قَالَ: «فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ» قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ، فَجَمَعَ الْأَنْصَارَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ، فَجَاءَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ، فَدَخَلُوا وَجَاءَ آخَرُونَ، فَرَدَّهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَوَجْدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي، وَعَالَةً، فَأَغْنَاكُمُ اللهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» ؟ قَالُوا: بَلَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ قَالَ: «أَلَا تُجِيبُونِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟» قَالُوا: وَمَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ؟ قَالَ: «أَمَا وَاللهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، وَلَصَدَقْتُمْ، وَلَصُدِّقْتُمْ، أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ، أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، -[143]- وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، أَنْ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمًا وَحَظًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَفَرَّقُوا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ 6531 - أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا فَرَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَطَايَا الَّتِي أَعْطَى النَّاسَ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ مِنْ تِلْكَ الْخَوَّاصِ شَيْئًا، فَتَكَلَّمَتِ الْأَنْصَارُ، وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا مِمَّنْ قَالَ: بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَعْطَى مَنْ أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْخُمُسِ بِقَوْلِهِ: «لَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ»

6532 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَهُ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَوَقَفَ، فَقَالَ: «رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخْشَوْنَ عَليَّ الْبُخْلَ، -[144]- فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا جَبَانًا، وَلَا كَذَّابًا» وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: «مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ، إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ» وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَا دَلَّ عَلَى هَذَا حِينَ اسْتَوْهَبَهُ رَجُلٌ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، فَقَالَ: «أَمَّا نَصِيبِي، وَنُصِيبُ بَنِي هَاشِمٍ فَلَكَ» ، فَفِي هَذَا بَيَانٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعَطَايَا إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْخُمُسِ، وَدَلَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ

6533 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَتْهُ وُفُودُ هَوَزَانَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ نَزَلَ بِنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: «اخْتَارُوا مِنْ نِسَائِكُمْ، وَأَبْنَائِكُمْ، وَأَمْوَالِكُمْ» ، فَقَالُوا: خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحْسَابِنَا، وَأَمْوَالِنَا، بَلْ نَخْتَارُ نِسَاءَنَا، وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ» ، وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: أَمَّا مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: أَمَّا مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ، فَلَا فَقَالَ -[145]- الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا، وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا، فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ رُدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَإِنَّ لَهُ بِهِ عَلَيْنَا بِسِتَّةِ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ شَيْءٍ يُفِيئُهُ اللهُ عَلَيْنَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَطَايَا الَّتِي أَعْطَاهَا الْقَوْمَ مِنْ حِصَّتِهِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَطَابَ أَنْفَسَ الْقَوْمِ فِيمَا صَارَ لَهُمْ مِنَ السَّبْيِ، وَعَوَّضَ مَنْ تَمَسَّكَ مِنْهُ بِشَيْءٍ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَ مِمَّا هُوَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِ أَصْحَابِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي السَّبْيِ

كتاب قسم أربعة أخماس الغنيمة

كِتَابُ قَسْمِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ

ذكر قسم الغنائم بين أهل العسكر، وإن اختلفت أفعالهم، وحازها بعض دون بعض قال الله تبارك وتعالى: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآية

ذِكْرُ قَسْمِ الْغَنَائِمِ بَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَفْعَالُهُمْ، وَحَازَهَا بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ

6534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانَ الْمُقْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا» ، فَأَمَّا الْمَشْيَخَةُ، فَثَبَتُوا تَحْتَ الرَّيَاتِ، وَأَمَّا الشُّبَّانُ فَتَسَارَعُوا إِلَى الْقَتْلِ وَالْغَنَائِمِ قَالَ: قَالَتِ الْمَشْيَخَةُ لِلشُّبَّانِ: أَشْرِكُونَا مَعَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا لَكُمْ رِدْأً، وَلَوْ كَانَ مِنْكُمْ شَيْئًا لَجَأْتُمْ إِلَيْنَا، فَأَبَوْا وَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] الْآيَةَ، وَقَسَمَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ بِالتَّسْوِيَةِ

6535 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَقَالَ،: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ -[147]- مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ، فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللهُ اتَّبَعْتُهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَةٌ يَعْنِي بِالْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ، فَلَمَّا أَنْفَا اللهُ الْعَدُوَّ، وَرَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ، قَالُوا: لَنَا النَّفَلُ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ، وَبِنَا نَفَاهُمُ اللهُ وَهَرَّبَهُمْ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا، بَلْ هُوَ لَنَا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنَالُ الْعَدُوُّ مِنْ غِرَّةٍ، وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ: وَاللهِ مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا، نَحْنُ حَوَيْنَاهُ، وَاسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأَنْفَالِ: 1] ، قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ الْآيَةَ قَسَمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ عَنْ فُوَاقٍ قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُهُمْ إِذَا خَرَجُوا نَاوِينَ الرُّبُعَ، وَيُنَفِّلُهُمْ إِذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ قَالَ: وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ بَعِيرٍ ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فَأَدُّوا الْخِيَاطَ، وَالْمَخِيطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ذكر جيش يلحقهم ناس لم يشهدوا القتال

ذِكْرُ جَيْشٍ يَلْحَقُهُمْ نَاسٌ لَمْ يَشْهَدُوا الْقِتَالَ

6536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، وَأَنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا تَقْسِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ، تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَالٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْلِسْ يَا أَبَانُ، وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر اختلاف أهل العلم في الجيش يلحق جيشا قد غنموا اختلف أهل العلم فيمن لحق بجيش قد غنموا غنائم، فجاؤهم بعد الفراغ من الحرب، فقالت طائفة: لا سهم لهم، واحتجت بقول عمر بن الخطاب: إن الغنيمة لمن شهد الوقعة

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجَيْشِ يَلْحَقُ جَيْشًا قَدْ غَنِمُوا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ لَحِقَ بِجَيْشٍ قَدْ غَنِمُوا غَنَائِمَ، فَجَاؤُهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْحَرْبِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا سَهْمَ لَهُمْ، وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ

6537 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ، كَتَبَ إِلَى عَمَّارٍ أَنَّ الْغَنِيمَةِ، لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ، إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجَيْشِ يَدْخُلُ أَرْضَ الْحَرْبِ فَغَنِمُوا غَنِيمَةً، ثُمَّ يَلْحَقُهُمْ جَيْشٌ آخَرُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا بِهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مَدَدًا لَهُمْ وَلَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا حَتَّى خَرَجُوا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ: إِنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِيهَا، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِخَبَرٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ أَنِ اقْسِمْ لِمَنْ جَاءَ مَا لَمْ يَتَفَقَّأْ يَعْنِي مَا لَمْ تَتَفَطَّرْ بُطُونُ الْقَتْلَى، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ، لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ لَمْ يَلْقَهُ. وَاحْتَجَّ بِشَيْءٍ رَوَاهُ الْحَكَمُ مُنْقَطِعٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنَّمَا قَدِمُوا بَعْدَمَا فُتِحَتْ -[150]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يَحُوطُ هَذَا الْقَوْلَ، بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَسْهَمَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنْ غَنِيمَةِ بَدْرٍ، وَهُوَ غَائِبٌ، وَجَبَ أَنْ يُسْهِمَ لِلْجَيْشِ الَّذِينَ لَحِقُوا بِالْآخَرِينَ، وَأَمْرُ عُثْمَانَ لَا يُشْبِهُ جَيْشًا يَلْحَقُ جَيْشًا قَبْلَ أَنْ يَقْسِمُوا الْأَمْوَالَ بَعْدَمَا غَنِمُوا، وَحَازُوا الْغَنَائِمَ وَذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَدْ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَدِينَةِ يُمَرِّضُ ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تُوُفِّيَتْ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالْحُدَيْبِيَّةِ بَايَعَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُ عُثْمَانَ

6538 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقِ عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي تَخَلَّفْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَاتَتْ، وَضَرَبَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمِي، وَمَنْ ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمِهِ، فَقَدْ شَهِدَ

6539 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَبَايَعَ النَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ فِي حَاجَةِ اللهِ، وَحَاجَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ -[151]- عَلَى الْأُخْرَى، فَكَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ خَيْرًا مِنْ أَيْدِيهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمْرُ عُثْمَانَ لَيْسَ مِمَّا ذَكَرُوهُ بِسَبِيلٍ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقِيمًا بِالْمَدِينَةِ، وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ لِلْمُقِيمِ بِالْمُدُنِ نَصِيبًا فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَيْسَ الْجَيْشُ الَّذِينَ لَحِقُوا الْجَيْشَ مُقِيمُونَ، وَلَا يُشْبِهُ أَمْرُهُمْ أَمْرَ عُثْمَانَ، وَكَذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ لِحَاجَةِ اللهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ، وَغَابَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فِيمَا فِيهِ صَلَاحُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْقَوْمُ يَلْحَقُونَ الْجَيْشَ خَارِجُونَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَاللهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَوْ غَزَتْ جَمَاعَةٌ بَاغِيَةٌ مَعَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعَدْلِ شَرَكُوهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي سَرِيَّةٍ خَرَجَتْ فَأَخْطَأَ بَعْضٌ الطَّرِيقَ، وَلَقِيَ بَعْضُهُمُ الْعَدُوَّ، فَأَصَابُوا غَنِيمَةً قَالَ: تُقْسَمُ فِيهِمْ جَمِيعًا

ذكر رد السرايا ما تغنم على العسكر جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " وترد سراياهم على قاعدهم ".

ذِكْرُ رَدِّ السَّرَايَا مَا تَغْنَمُ عَلَى الْعَسْكَرِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «وَتُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ» .

6540 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قَامَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: «وَالْمُسْلِمُونَ يَدٌ -[152]- عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَتُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعْنَى رَدِّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدَتِهِمْ بَعْدَمَا تَقْبِضُ السَّرِيَّةُ، مَا جَعَلَ لَهَا، وَخَصَّ بِهَا مِنَ النَّفَلِ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، إِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لَهُمْ ذَلِكَ، اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا تُصِيبُ السَّرَايَا، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ أَوِ الْقَائِدُ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَأَقَامَ بِمَكَانٍ وَبَعَثَ سَرِيَّةً، أَوْ سَرَايَا فِي وُجُوهٍ شَتَّى، فَأَصَابَتِ السَّرَايَا مَغْنَمًا أَنَّ مَا أَصَابَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَسْكَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ الْعَسْكَرُ شَيْئًا، شَرَكَهُمْ مَنْ خَرَجَ فِي السَّرِيَّةِ لِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ رِدْءٌ لِصَاحِبِهِ، أَوْ لِأَصْحَابِهِ، فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ: تُرَدُّ السَّرَايَا عَلَى الْعَسْكَرِ، وَالْعَسْكَرُ عَلَى السَّرَايَا، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا أَصَابَتِ السَّرِيَّةُ الْغَنِيمَةَ، وَخَلَفَهُمُ الْجَيْشُ رَدُّوا عَلَى الْجَيْشِ، لِأَنَّهُمْ رِدْءٌ لَهُمْ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ -[153]- وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ: إِذَا خَرَجَتِ السَّرِيَّةُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ، فَمَا أَصَابُوا مِنْ شَيْءٍ خَمَّسَهُ الْإِمَامُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِتِلْكَ السَّرِيَّةِ، وَإِذَا خَرَجُوا بِغَيْرِ إِذْنِهِ خَمَّسَهُ الْإِمَامُ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْجَيْشِ كُلِّهِمْ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْإِمَامِ يَبْعَثُ السَّرِيَّةَ فَيُصِيبُوا الْمَغْنَمَ، إِنْ شَاءَ الْإِمَامُ خَمَّسَهُ، وَإِنْ شَاءَ نَفَّلَهُمْ كُلَّهُ

ذكر ما يستحقه الفارس والراجل من السهام قال الله جل ذكره: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول الآية. فأعلم الله جل وعز في كتابه من يستحق خمس الغنيمة، ولم يذكر في كتابه مستحقي أربعة أخماسها، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم ذلك وبيان

ذِكْرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ مِنَ السِّهَامِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ. فَأَعْلَمَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي كِتَابِهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ مُسْتَحِقِّي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا، فَتَوَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمَ ذَلِكَ وَبَيَانَ مِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ مِنْهُ، فَأَثْبَتَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ

6541 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ -[154]- رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهُمَ لِرَجُلٍ وَفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، لِلرَّجُلِ سَهْمٍ، وَلِلْفَرَسِ سَهْمَانِ

6542 - وَأَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ»

6543 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا

6544 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ كَثِيرٍ، مَوْلَى ابْنِ مَخْزُومٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ لِمِائَتَيْ فَرَسٍ يَوْمَ خَيْبَرَ سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ

6545 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ الْأَقْمَرِ الْوَادِعِيِّ، عَنْ مُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو الْوَادِعِيِّ، وَكَانَ، عُمَرُ بَعَثَهُ عَلَى خَيْلٍ بِالشَّامِ، ثُمَّ أَنَّ الْمُنْذِرَ قَسَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَر: قَدْ أَحْسَنْتَ

6546 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، أَنَّهُمَا كَانَ مَعَ عَلِيٍّ فِي مَغْزًى لَهُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَسَانِ وَعَبْدٌ، فَأَسْهَمَ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا، وَلَمْ يُسْهِمْ لِلْعَبِيدِ شَيْئًا

6547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ فَرَضَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَمَكْحُولٌ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَهَذَا قَوْلُ عَوَامِّ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ خَالَفَ -[156]- ذَلِكَ، وَلَا عَدَلَ عَنِ الْقَوْلِ بِمَا يُثَبِّتُ بِهِ الْأَخْبَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ جُمْلَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، إِلَّا النُّعْمَانَ فَإِنَّهُ خَالَفَ كُلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَالَ: لَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ إِلَّا سَهْمًا وَاحِدًا، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَبَقِيَ قَوْلُهُ مَهْجُورًا مُخَالِفًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ مَنْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا مَا حَكَى أَبُو يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُفَضِّلُ بَهِيمَةً عَلَى مُسْلِمٍ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ مَحْجُوجًا بِخِلَافِهِ، كَانَ قَوْلُهُ: لَا أُفَضِّلُ بَهِيمَةً عَلَى مُسْلِمٍ خَطَأً مِنْ جِهَتَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ إِنَّمَا أُعْطِيَ بِسَبَبِ الْفَرَسِ سَهْمَيْنِ كَانَ مُفَضِّلًا لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا يُعْطِي الْمُسْلِمَ سَهْمًا انْبَغَى لَهُ أَنْ لَا يُسَوِّيَ الْبَهِيمَةَ بِالْمُسْلِمِ، وَلَا يُقَرِّبَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا كَلَامًا عَرَبِيًّا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَ الْفَارِسَ سَهْمًا لَهُ، وَسَهْمَانِ بِسَبَبِ فَرَسِهِ، لِأَنَّ اللهَ نَدَبَ إِلَى اتِّخَاذِ الْخَيْلِ، فَقَالَ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] الْآيَةَ، وَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَصَفْنَا، فَإِنَّمَا سَهْمَا الْفَرَسِ لِرَاكِبِهِ لَا لِلْفَرَسِ، وَالْفَرَسُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، إِنَّمَا يَمْلِكُهُ فَارِسُهُ بِغِذَاءِ الْفَرَسِ، وَالْمُؤْتَةِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمَا مَلَّكَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر الفرسين يكونان مع الفارس الواحد أو أكثر من فرسين أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا حضر معه بأفراس في أرض العدو، وأن سهمه وسهم فرس واحد يجب واختلفوا في إعطاء الفارسين لأكثر من سهم فرس واحد، فقالت طائفة: لا يسهم لأكثر من فرس واحد،

ذِكْرُ الْفَرَسَيْنِ يَكُونَانِ مَعَ الْفَارِسِ الْوَاحِدِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَضَرَ مَعَهُ بِأَفْرَاسٍ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَأَنَّ سَهْمَهُ وَسَهْمَ فَرَسٍ وَاحِدٍ يَجِبُ وَاخْتَلَفُوا فِي إِعْطَاءِ الْفَارِسَيْنِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَهْمِ فَرَسٍ وَاحِدٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ وَاحِدٍ، لَا يُسْهَمُ إِلَّا لِفَرَسٍ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالنُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسْهَمُ لِلْفَرَسيْنِ لَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: أُسْهِمَ لِي وَلِهَانِئِ بْنِ هَانِئٍ فِي إِمَارَةِ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ لِفَرَسَيْنِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَلِهَانِئِ بْنِ هَانِئٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَقَالَ مَكْحُولٌ: لَا يُسْهَمُ إِلَّا لِفَرَسَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَهْمَ فَرَسٍ وَاحِدٍ يَجِبُ مَعَ ثُبُوتِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَ ذَلِكَ،

وَجَبَ اتِّبَاعُ ذَلِكَ، وَالْعَمَلُ بِهِ، إِذْ مَعَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَإِجْمَاعٌ وَيَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَى أَنْ يُسْهَمَ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقَاتِلًا أَبَدًا فِي حَالٍ إِلَّا عَلَى فَرَسٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُسْهَمَ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ، جَازَ أَنْ يُسْهَمَ لِثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ، وَصَارَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُسْهَمَ لِمَنْ مَعَهُ الْخَيْلُ الْكَثِيرَةُ عَلَى قَدْرِ خَيْلِهِ، وَمَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ. وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنْ يُسْهَمَ لِفَرَسَيْنِ وَلَا يُسْهَمَ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ تُكِلَّمَ فِي إِسْنَادِهِ

6548 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، حَضَرَ بِأَفْرَاسٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِفَرَسَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْخَبَرِ

6549 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، وَافَى، بِأَفْرَاسٍ فَلَمْ يُسْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْخَبَرُ مُعَارِضٌ لِلْخَبَرِ قَبْلَهُ، وَلَوْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا لَمْ يَقُمْ بِالْحَدِيثِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ تُكِلَّمَ فِي حِفْظِهِ 6550 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لَا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَحَكَى غَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّفُهُ -[159]- 6551 - وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الْعُمَرِيِّ، كَيْفَ حَدِيثُهُ؟ فَضَعَّفَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَجَبَ الْقَوْلُ بِمَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ: إِنْ أَدْرَبَ الرَّجُلُ بِأَفْرَاسٍ كَانَ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَانِ، قُلْتُ: وَإِنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَفْرَاسٌ: فُرْسَانِ، فَهُوَ كَقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ قَوْلٌ شَاذُّ، لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ

ذكر إباحة جمع الإمام للراجل سهم الفارس والراجل إذا وصل إلى فتح بفنائه وقوته

ذِكْرُ إِبَاحَةِ جَمْعِ الْإِمَامِ لِلرَّاجِلِ سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ إِذَا وَصَلَ إِلَى فَتْحٍ بِفَنَائِهِ وَقُوَّتِهِ

6552 - حَدَّثَنَا الصَّائِغٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَارُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ صَدْرًا مِنَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ: اتَّبَعْتُ -[160]- الْقَوْمَ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، حَتَّى أَحْرَزْتُ الظَّهْرَ الَّذِي أَخَذُوا، وَأَحْرَزْتُ مِنْ سَلَبِهِمْ سِوَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا، وَثَلَاثِينَ بُرْدَةً قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ جَمِيعًا

ذكر الهجن والبراذين والإسهام لها أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من قاتل أو حضر القتال على العراب من الخيل، أن سهم فارس يجب له واختلفوا فيمن يقاتل على الهجن والبراذين، فقالت طائفة: البراذين والمقاريف يسهم لها سهمان الخيل العربية، لأنها تغني

ذِكْرُ الْهُجْنِ وَالْبَرَاذِينِ وَالْإِسْهَامِ لَهَا أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَاتَلَ أَوْ حَضَرَ الْقِتَالَ عَلَى الْعِرَابِ مِنَ الْخَيْلِ، أَنَّ سَهْمَ فَارِسٍ يَجِبُ لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يُقَاتِلُ عَلَى الْهُجْنِ وَالْبَرَاذِينِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْبَرَاذِينُ وَالْمَقَارِيفُ يُسْهَمُ لَهَا سُهْمَانَ الْخَيْلِ الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّهَا تُغْنِي غِنَاءَهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ، وَاسْمُ الْخَيْلِ جَامِعٌ لَهَا، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} [النحل: 8] الْآيَةَ وَقَالَ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ، فَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الْخَيْلَ وَالْبَرَاذِينَ سَوَاءٌ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْبَرَاذِينَ أَنَّهَا مِنَ الْخَيْلِ، فَاسْهِمْ لَهَا، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} [النحل: 8] الْآيَةَ وَأَنَّهَا مِنَ الْخَيْلِ،

وَلَعَمْرِي مَا صَاحِبُ الْعَرَبِيِّ بِأَعْفَا مِنْ صَاحِبِ الْمُقْرِفِ، فِيمَا كَانَ مِنْ مُسَلَّحَةٍ، أَوْ حَرَسٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْبَرَاذِينَ وَالْهُجْنِ: مَا أَرَاهَا إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ، إِذَا أَجَازَهَا الْوَالِي، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْبَرَاذِينُ وَالْهُجْنُ سَوَاءٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَحَبُّ الْأَقَاوِيلِ إِلَيَّ: أَنَّ الْبَرَاذِينَ، وَالْمَقَارِيفَ يُسْهَمُ لَهَا سُهْمَانَ الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّهُ تُغْنِي غِنَاءَهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ، وَاسْمُ الْخَيْلِ جَامِعٌ لَهَا، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْهَجِينِ كَذَلِكَ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: سَهْمُ الْفَارِسِ وَالْبِرْذَوْنِ سَوَاءٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي الْهَجِينِ كَذَلِكَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَاهَدَ الْخَيْلَ، فَلَا يُدْخِلُ إِلَّا شَدِيدًا، وَلَا يُدْخِلُ حَطِمًا، وَلَا قَحْمًا ضَعِيفًا، وَلَا ضَرَعًا، وَلَا أَعْجَفَ رَازِحًا، فَإِنْ غَفَلَ فَشَهِدَ رَجُلًا عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ، فَقَدْ قِيلَ: لَا يُسْهِمُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي أَسْهَمَ لَهَا، وَلَمْ نَعْلَمْهُ أَسْهَمَ لِأَحَدٍ فِيمَا مَضَى عَلَى مِثْلِ هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ كَمَا أَسْهَمَ لِلرَّجُلِ وَلَمْ يُقَاتِلْ كَانَتْ شُبْهَةً، وَلَكِنْ فِي الْحَاضِرِ غَيْرُ الْمُقَاتِلِ الْعَوْنُ فِي الرَّأْيِ وَالدُّعَاءِ، وَأَنَّ الْجَيْشَ قَدْ يُنْصَرُونَ بِأَضْعَفِهِمْ، وَأَنَّهُ قَدْ لَا يُقَاتِلُ ثُمَّ يُقَاتِلُ وَفِيهِمْ مَرَضٌ، فَأَعْطَى سَهْمَهُ سُنَّةً، وَلَيْسَتْ فِي فَرَسٍ ضَرَعٌ، وَلَا قَحْمٌ وَاحِدٌ مَا وَصَفْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُسْهَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ، وَلِلْبِرْذَوْنِ سَهْمٌ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ سَهْمِ الْبِرْذَوْنِ؟ قَالَ: سَهْمٌ وَاحِدٌ، قِيلَ: مَعَهُ الْبِرْذَوْنُ؟ قَالَ: يُسْهَمُ لِلْاثْنَيْنِ

6553 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ قَالَ: عَنِ ابْنِ الْأَقْمَرِ، قَالَ: أَغَارَتِ الْخَيْلُ بِالشَّامِ، فَأَدْرَكَتِ الْعِرَابَ فِي يَوْمِهَا، وَأَدْرَكَتِ الْكَوَادِنَ مِنْ ضُحَى الْغَدِ، وَعَلَى الْخَيْلِ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ: الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي حِمْصَةَ، فَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمَا مِثْلَ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ، فَفَضَّلَ الْخَيْلَ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: هَبَلَتِ الْوَادِعِيَّ أُمُّهُ، لَقَدْ أَذْكَتْ بِهِ، أَمْضُوهَا عَلَى مَا قَالَ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يُسْهِمَ لِلْبَرَاذِينَ كَذَلِكَ، قَالَ مَكْحُولٌ قَالَ: لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ، وَلِلْمُقْرِفِ سَهْمٌ، وَلَيْسَ لِلْبِغَالِ وَالْبَرَاذِينَ شَيْءٌ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَضَتِ السُّنَّةُ بِإِسْهَامِ الْخَيْلِ سَهْمَانِ سِوَى سَهْمِ صَاحِبِهِ، وَيُسْهِمُ مَا شُبِّهَ بِالْعِرَابِ مِنَ الْهُجْنِ سَهْمَيْنِ، وَمَا شُبِّهَ بِالْهُجْنِ مِنَ الْمَقَارِيفِ سَهْمًا، وَيَتْرُكُ الْبَرَاذِينَ وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ غَزَا عَلَى بَغْلٍ، أَوْ حِمَارٍ، أَوْ بَعِيرٍ فَلَهُ سَهْمُ الرَّاجِلِ، وَمِمَّنْ نَحْفَظُ عَنْهُ ذَلِكَ -[163]- الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ ذَلِكَ

ذكر غزاة البحر يكون معهم الخيل واختلفوا في الإسهام للخيل في فتح الحصون التي لا تقاتل عليها إلا راجل وفي غزاة البحر يكون مع بعضهم الخيل، فقالت طائفة في غزاة البحر: إذا كان مع بعضهم الخيل أسهم للفارس سهم فارس، وللراجل سهم الراجل، كذلك قال مالك،

ذِكْرُ غُزَاةِ الْبَحْرِ يَكُونُ مَعَهُمُ الْخَيْلُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِسْهَامِ لِلْخَيْلِ فِي فَتْحِ الْحُصُونِ الَّتِي لَا تُقَاتِلُ عَلَيْهَا إِلَّا رَاجِلٌ وَفِي غُزَاةِ الْبَحْرِ يَكُونُ مَعَ بَعْضِهِمُ الْخَيْلُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي غُزَاةِ الْبَحْرِ: إِذَا كَانَ مَعَ بَعْضِهِمُ الْخَيْلُ أُسْهِمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَ فَارِسٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمَ الرَّاجِلِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو، عَنْ إِسهامِ الْخَيْلِ مِنْ غَنَائِمِ الْحُصُونِ؟ فَقَالَ: كَانَتِ الْوُلَاةُ قَبْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْوَلِيدُ، وَسُلَيْمَانُ لَا يُسْهِمُونَ الْخَيْلَ مِنَ الْحُصُونِ، وَيَجْعَلُونَ النَّاسَ كُلَّهُمْ رَجَّالَةً، حَتَّى وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِسْهَامِهَا مِنْ فَتْحِ الْحُصُونِ وَالْمَدَائِنِ

ذكر الدابة تموت بعد دخول الجيش أرض العدو قبل القسمة أجمع أهل العلم على أن من قاتل على دابته حتى يغنم الناس ويحوزوا الغنائم، ثم تموت الدابة، أن صاحبها مستحق لسهم الفارس واختلفوا فيمن ماتت دابته قبل ذلك بعد دخولهم أرض العدو، فقالت طائفة: إنما يسهم

ذِكْرُ الدَّابَّةِ تَمُوتُ بَعْدَ دُخُولِ الْجَيْشِ أَرْضَ الْعَدُوِّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَاتَلَ عَلَى دَابَّتِهِ حَتَّى يَغْنَمَ النَّاسُ وَيَحُوزُوا الْغَنَائِمَ، ثُمَّ تَمُوتُ الدَّابَّةُ، أَنَّ صَاحِبَهَا مُسْتَحِقٌّ لِسَهْمِ الْفَارِسِ

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَتْ دَابَّتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهِمْ أَرْضَ الْعَدُوِّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا يُسْهَمُ لِلرَّجُلِ سَهْمَ الْفَارِسِ إِذَا حَضَرَ الْقِتَالَ فَارِسًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَطِعَ الْحَرْبُ، فَأَمَّا إِذَا دَخَلَ بِلَادَ الْعَدُوِّ فَارِسًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ الْقِتَالِ، وَقَبْلَ الْغَنَائِمِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ سَهْمَ فَارِسٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فِيمَنْ جَاوَزَ الدَّرْبَ، ثُمَّ مَاتَ فَرَسهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ، الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، قَالَ إِسْحَاقُ: كُلَّمَا لَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ، فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُقَاتِلُ فِيهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي رَجُلٍ جَاوَزَ الدَّرْبَ، وَبَاعَ فَرَسهُ مِنْ رَاجِلٍ، ثُمَّ غَنِمَ الْقَوْمُ أَنَّ سَهْمَ الْفَارِسِ لِمَنِ اشْتَرَى الْفَرَسَ، وَقَالَ: هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، إِنَّمَا أَخْطَأَ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا: إِذَا جَاوَزَ الدَّرْبَ فَبَاعَ فَرَسهُ، أَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ يَكُونُ لَهُ، وَهُوَ جَهْلٌ بَيِّنٌ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو فِي رَجُلٍ دَخَلَ دَارِ الْحَرْبِ بِفَرَسٍ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، وَقَدْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ قَبْلَ شِرَائِهِ وَبَعْدَهُ قَالَ: سَهْمُ الْفَرَسِ مِمَّا غَنِمُوا قَبْلَ الشِّرَاءِ لِلْبَائِعِ، وَمِمَّا غَنِمُوا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَسَهْمُهُ لِلْمُشْتَرِي، قِيلَ لِأَبِي عَمْرٍو: فَإِنْ ذَلِكَ أُشْبِهَ عَلَى صَاحِبِ الْمُقْسِمِ؟ قَالَ: يُقْسِمُهُ بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْجَوَابُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَمَا أَجَابَ بِهِ أَبُو عَمْرٍو فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، إِلَّا قَوْلَهُ: إِذَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْمُقْسِمِ، فَإِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ، أَنْ يُوَقِّتَ مَا أَشْبَهَ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا، حَتَّى يَصْطَلِحَا وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الدِّيوَانِ رَاجِلًا، أَوْ دَخَلَ أَرْضَ الْعَدُوِّ غَازِيًا رَاجِلًا، ثُمَّ ابْتَاعَ فَرَسًا، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ وَأُحْرِزَتِ الْغَنِيمَةُ وَهُوَ فَارِسٌ أَنَّهُ

لَا يُضْرَبُ لَهُ إِلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِيمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِفَرَسٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ، وَقَدْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ قَبْلَ شِرَائِهِ وَبَعْدَهُ، كَمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ

ذكر موت الرجل قبل الوقعة أو بعدها واختلفوا فيمن مات بعد دخول بلاد العدو قبل أن تحاز القسمة أو بعد ذلك، فقالت طائفة: إذا حضر القتال ومات بعد أن تحاز الغنيمة ضرب له بسهمه، وأعطي ورثته من بعده، هذا قول الشافعي وأبي ثور، وفي قولهما: إن مات قبل القتال

ذِكْرُ مَوْتِ الرَّجُلِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِ بِلَادِ الْعَدُوِّ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ الْقِسْمَةُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا حَضَرَ الْقِتَالَ وَمَاتَ بَعْدَ أَنْ تُحَازَ الْغَنِيمَةُ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، وَأُعْطِيَ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَفِي قَوْلِهِمَا: إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقِتَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقِتَالِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُقَاتِلُ فِي الْغَزْوِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُمْ، أَتَرَى أَنْ يُعْطَى سَهْمَهُ مِمَّا غَنِمُوا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَمَا الَّذِي يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟ قِيلَ لَهُ: فَلَوْ لَمْ يَفْتَحُوا إِلَّا بَعْدَ يَوْمٍ، أَتَرَى أَنْ يُعْطَى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحَكَى الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ فِي الْغَزْوِ فَيَمُوتُ أَيُقْسَمُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ قَالَ: لَا أَرَى الْقَسْمَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ بَعْدَمَا يُدَرَّبُ فَاضِلًا فِي سَبِيلِ اللهِ أُسْهِمَ لَهُ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَى الْكُوفِيِّ قَوْلَهُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الدِّيوَانِ رَاجِلًا، أَوْ دَخَلَ أَرْضَ الْعَدُوِّ غَازِيًا رَاجِلًا ثُمَّ ابْتَاعَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمِ رَاجِلٍ، وَدَخَلَ فِي مِثْلِهِ، حَيْثُ جَعَلَ لِلْمَيِّتِ الَّذِي

مَاتَ، أَوْ قُتِلَ بَعْدَمَا يُدَرَّبُ فَاضِلًا فِي سَبِيلِ اللهِ سَهْمَهُ، لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَقْتِ الْقِتَالِ فَيَحْكُمَ بِالسَّهْمِ لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا، فَلَيْسَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقِتَالِ شَيْءٌ، أَوْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ مَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ بَعْدَمَا يُدَرَّبُ فَاضِلًا فِي سَبِيلِ اللهِ يُسْهَمُ لَهُ، فَلْيَقُلْ مِثْلَهُ فِيمَنْ أَدْرَبَ رَاجِلًا، وَاشْتَرَى فَرَسًا، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، أَنْ يُعْطَى سَهْمَ رَاجِلٍ، لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ مِنْ حَيْثُ أَوْجَبَ لِمَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ بَعْدَ أَنْ أُدْرِبَ سَهْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدِ الْقِتَالَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ غَزَا رَجُلٌ بِفَرَسٍ، فَمَاتَ بَعْدَمَا قُطِعَ الدَّرْبُ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ غَنِيمَةً قَالَ: سَهْمُ نَفْسِهِ لِوَرَثَتِهِ، وَلَا يُسْهَمُ فَرَسهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا لَا يَنْقَاسُ، لِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَحْكُمُ لَهُ بِحُكْمِ مَنْ حَضَرَ، فَيَجِبُ أَنْ يُعْطَى سَهْمَ فَارِسٍ، أَوْ يَكُونَ فِي مَعْنَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ، فَلَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ فَارِسٍ وَلَا رَاجِلٍ، وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هُوَ فِي مَعْنَى مَنْ حَضَرَ حَيْثُ يُعْطَى سَهْمَ رَاجِلٍ، وَفِي مَعْنَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِأَنَّهُ لَا يُعْطَى سَهْمَ فَارِسٍ فَهَذَا عِنْدِي الِاخْتِلَافُ مِنَ الْقَوْلِ، وَلَا أَعْلَمُ مَعَ قَائِلِهِ حُجَّةً. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ مَاتَ بَعْدَمَا أَصَابُوا الْغَنِيمَةَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَ الْمُسْلِمُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، لَمْ يُسْهَمْ لَهُ، وَلَا لِوَرَثَتِهِ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ، وَإِنْ أَحْرَزَ الْمُسْلِمُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لِوَرَثَتِهِ سَهْمُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَقُولُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ مَلَّكَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ غَنَائِمَ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، وَأَجَلَّهُ لَهُمْ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] ، الْآيَةَ، فَإِذَا غَنِمَ قَوْمٌ

غَنِيمَةً، فَقَدْ مَلَكُوا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا، وَالْخُمُسُ لِمَنْ ذَكَرَ اللهُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، وَلَيْسَ بِتَأْخِيرِهِمْ أَنْ يَقْسِمُوا مَا قَدْ مَلَكُوهُ عَلَى الْعَدُوِّ مِمَّا يَجِبُ إِنْ زَالَ بِهِ مِلْكُ مَالِكٍ عَمَّا مَلَكَهُ، وَلَمَّا قَالَ مُخَالِفُنَا: إِنَّ الْإِمَامَ إِذَا قَسَمَ بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْقَسْمَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَهُمْ، أَنْ يُؤَخَّرَ ذَلِكَ، حَتَّى يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ قَبَضَ سَهْمَهُ مِمَّا غَنِمَ، فَإِنَّمَا قَبَضَ مَا هُوَ مِلْكٌ لَهُ، لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَا هُوَ مِلْكٌ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، مَعَ أَنَّ أَحْكَامَ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ جَارِيَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَدَارِ الْإِسْلَامِ، دَارُ الْحَرْبِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمًا عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ، وَلَا يُزِيلُ أَمْلَاكَ النَّاسِ

مسألة قال مالك رحمه الله: إذا أدخل فرسا كسيرا، فلم يكن فيه ما يركب، أو ينتفع به حتى فرغ الناس من الغنائم، فلا يسهم لصاحبه سهم فارس وقال الشافعي: ينبغي للإمام أن يتعاهد الخيل، ولا يدخل إلا شديدا، ولا يدخل حطما، ولا قحما ضعيفا، وأعجفا رازحا، فإن

مَسْأَلَةٌ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: إِذَا أَدْخُلَ فَرَسًا كَسِيرًا، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُرْكَبُ، أَوْ يُنْتَفَعُ بِهِ حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ مِنَ الْغَنَائِمِ، فَلَا يُسْهَمُ لِصَاحِبِهِ سَهْمَ فَارِسٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَاهَدَ الْخَيْلَ، وَلَا يُدْخِلُ إِلَّا شَدِيدًا، وَلَا يُدْخِلُ حَطِمًا، وَلَا قَحْمًا ضَعِيفًا، وَأَعْجَفًا رَازِحًا، فَإِنْ غَفَلَ فَشَهِدَ رَجُلٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ، فَقَدْ قِيلَ لَا سَهْمَ لَهُ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ كَانَتْ شُبْهَةً

مسألة قال أبو بكر: فأما من حضر القتال مريضا، أو كان صحيحا ممن لا يقاتل، أو ممن يقاتل فلم يقاتل، فله سهم المقاتل، وهذا قول مالك، والليث بن سعد، والشافعي. وقال سفيان الثوري: كل من حضر القتال يسهم له

مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ مَرِيضًا، أَوْ كَانَ صَحِيحًا مِمَّنْ لَا يُقَاتِلُ، أَوْ مِمَّنْ يُقَاتِلُ فَلَمْ يُقَاتِلْ، فَلَهُ سَهْمُ الْمُقَاتِلِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: كُلُّ مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ يُسْهَمُ لَهُ

ذكر التجار يحضرون القتال قال أبو بكر: وإذا حضر التاجر القتال، قاتل، أو لم يقاتل وجب سهمه كسائر الجيش، وهذا قول الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وقال الأوزاعي كذلك إلا القديديين، قلت: وما القديديون؟ قال:

ذِكْرُ التُّجَّارِ يَحْضُرُونَ الْقِتَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا حَضَرَ التَّاجِرُ الْقِتَالَ، قَاتَلَ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ وَجَبَ سَهْمُهُ كَسَائِرِ الْجَيْشِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَذَلِكَ إِلَّا الْقَدِيدِيِّينَ، قُلْتُ: وَمَا الْقَدِيدِيُّونَ؟ قَالَ: السِّفَارُ، وَالْبَيْطَارُ، وَالْحَدَّادُ، وَنَحْوُهُمْ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُسْهَمُ لَهُ إِذَا قَاتَلَ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّاجِرِ يَكُونُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، أَوِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُسْلِمُ وَيَلْحَقَانِ جَمِيعًا بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَمَا يُصِيبُوا الْغَنِيمَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالنُّعْمَانِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُسْهَمُ لَهُمَا، الشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَنْ لَحِقَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ الْغَنَائِمُ أُسْهِمَ لَهُ

ذكر الأجير يحضر الوقعة واختلفوا في الأجير يحضر الحرب، فقالت طائفة: لا يسهم له كذلك قال الأوزاعي عن المستأجر على خدمة القوم لا يسهم له، وقال إسحاق: لا يسهم له، وفيه قول ثان: وهو أن يسهم له إن قاتل، ولا يسهم له إن اشتغل بالخدمة، وهذا قول الليث بن

ذِكْرُ الْأَجِيرِ يَحْضُرُ الْوَقْعَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَجِيرِ يَحْضُرُ الْحَرْبَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُ كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى خِدْمَةِ الْقَوْمِ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ إِنْ قَاتَلَ، وَلَا يُسْهَمَ لَهُ إِنِ اشْتَغَلَ بِالْخِدْمَةِ، وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُقْسَمُ لَهُ إِذَا غَزَا وَقَاتَلَ، وَيَدْفَعُ عَنْ مَنِ اسْتَأْجَرَ بِقَدْرِ مَا شُغِلَ عَنْهُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ إِذَا شَهِدَ، وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا قَاتَلَ الْأَجِيرُ فَسَهْمُهُ ثَابِتٌ، اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَبَرُ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ تَابِعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ

6554 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ البَّاوَرْدِي، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ حَدَثٌ، فَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَخْدُمُهُ، وَآكُلُ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا كَانَ الْغَلَسُ إِذَا نَحْنُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَاقَ السَّرْحَ، ثُمَّ نَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي يَا صَاحِبَاهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، حَتَّى أَحْرَزْتُ الظَّهْرَ الَّذِي أَحْرَزُوا كُلَّهُ، وَأَحْرَزْتُ مِنْ سَلَبِهِمْ سِوَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا، -[170]- وَثَلَاثِينَ بُرْدَةً يَطْرَحُونَهَا، لَا أَضُمُّ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا جَعَلْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابِهِ، وَجَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً عَلَامَةً لِيَعْرِفُوا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ الْفَارِسِ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ جَمِيعًا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ذكر اكتراء الدابة غزاة إلى أن رجع الناس واختلفوا في الرجل يكتري الدابة الغزاة بشيء معلوم، فكان مالك بن أنس يقول في الذي يكري دابته إلى الضائعة وهم لا يدرون متى ينصرفون، فقال: قد عرف وجه ذلك، وأرجو أن يكون خفيفا وكان الأوزاعي يقول: يسمي له حين يؤجره

ذِكْرُ اكْتِرَاءِ الدَّابَّةِ غَزَاةً إِلَى أَنْ رَجَعَ النَّاسُ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّابَّةَ الْغَزَاةَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، فَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ فِي الَّذِي يُكْرِي دَابَّتَهُ إِلَى الضَّائِعَةِ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَتَى يَنْصَرِفُونَ، فَقَالَ: قَدْ عُرِفَ وَجْهُ ذَلِكَ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: يُسَمِّي لَهُ حِينَ يُؤَجِّرُهُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، فَإِنْ زَادَتْ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا أَحْدَثَ النَّاسُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكْتَرِيَ شَهْرًا بِكَذَا، فَمَا زَادَ يَوْمٌ بِكَذَا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إِلَّا عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّتَهُ غَزَاةً بِكَذَا دِينَارٍ، فَأَدْرَكَ قَبْلَ الرُّكُوبِ فَسَخَ ذَلِكَ، وَإِنْ رَكِبَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، فِيمَا رَكِبَ

مسألة واختلفوا في الرجل يعطي الرجل فرسه على شطر ما يصيب عليه، فكرهت طائفة ذلك، وممن كره ذلك مالك بن أنس، وقال أحمد بن حنبل في الرجل يعطي فرسه على النصف قال: أرجو ألا يكون بذلك بأس وسئل الأوزاعي عن الرجل يدفع فرسه، أو بغله إلى الرجل يغزو، ويشترط

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ فَرَسهُ عَلَى شَطْرِ مَا يُصِيبُ عَلَيْهِ، -[171]- فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الرَّجُلِ يُعْطِي فَرَسهُ عَلَى النِّصْفِ قَالَ: أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الرَّجُلِ يَدْفَعُ فَرَسهُ، أَوْ بَغْلَهُ إِلَى الرَّجُلِ يَغْزُو، وَيَشْتَرِطُ النِّصْفَ مِمَّا يُصِيبُ فِي غَزَاتِهِ مِنْ بَغْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مَا دَامَتِ الدَّابَّةُ مَعَهُ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هَذَا حَدَثٌ وَأَرَاهُ جَائِزًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَفْعُ الْفَرَسِ عَلَى شَطْرِ مَا يُصِيبُ عَلَيْهِ فَاسِدٌ، فَإِنْ أَصَابَ الْفَارِسُ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ وَيُعْطِي صَاحِبَ الْفَرَسِ أَجْرَ مِثْلِهِ فِيمَا رَكِبَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَغْزُو لِيَأْخُذَ جُعْلًا، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُهَا أَفْضَلُ

6555 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ الْعَيْزَارِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْجَعَائِلِ،؟ فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأَرْتَشِيَ، إِلَّا مَا رَشَانِي اللهُ قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: تَرْكُهَا أَفْضَلُ، وَإِنْ أَخَذْتَهَا فَأَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ

6556 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْقَاعِدُ يَتْبَعُ الْغَازِيَ، فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ غَزْوَهُ، فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ -[172]- وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا أَخَذَهُ الرَّجُلُ بِنِيَّةٍ يَتَقَوَّى بِهِ فَلَا بَأْسَ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ يَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا خَرَجَ الْبَعْثَ، وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ يَجْعَلُ الْقَاعِدُ لِلْخَارِجِ، وَقَالَ مَرَّةً: أَهْلُ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا، فَيَخْرُجُ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَا بَأْسَ إِذَا أَحَسَّ الْمُوسِرُ مِنْ نَفْسِهِ جُبْنًا أَنْ يَجْعَلَ لِرَجُلٍ جُعْلًا فَيَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ

6557 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، وَهِشَامٌ، وَمُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ عَنِ الْجَعَائِلِ فِي الْعَطَاءِ، يَجْعَلُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ الْجُعْلَ لِيَغْزُوَ عَنْهُ، فَكَرِهَهُ قَالَ: أَرَى الْغَازِيَ يَبِيعُ غَزْوَةً، وَأَرَى هَذَا يَفِرُّ مِنْ غَزْوَةٍ وَرُوِّينَا مِنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ شُرَيْحًا عَنِ الْجُعَلِ؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ كَثِيرًا وَيُعْطِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، يَجْعَلُهُ لِرَجُلٍ قَالَ: أَفَيَرِيبُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْزُوَ بِجُعْلٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ، وَإِنْ غَزَا بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَيَرُدَّ الْجُعَلَ، وَإِنَّمَا أَجَزْتُ لَهُ هَذَا مِنَ السُّلْطَانِ، أَنَّهُ يَغْزُو بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ حَبْسُهُ فِي حَالٍ، قُلْتُ فِيهَا عِلَّةُ الرُّجُوعِ إِلَّا فِي حَالِ الِاسْتِجْعَالِ، أَوْ فِي حَالٍ ثَانِيَةٍ أَنْ يَكُونَ يَخَافُ بِرُجُوعِهِ وَرُجُوعِ مَنْ هُوَ فِي حَالِهِ أَنْ يَكْثُرُوا وَأَنْ يُصِيبَ الْمُسْلِمِينَ خَلَّةٌ لِخُرُوجِهِمْ يَعْظُمُ الْخَوْفُ فِيهَا عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ لَهُ حَبْسُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمُ الرُّجُوعُ -[173]- عَلَيْهَا، فَإِذَا زَالَتْ تِلْكَ الْحَالُ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا، وَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُخَلِّيَهُمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا

6558 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْأَعْجَمِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْنَا الْبَعْثُ فِي الْجَعَائِلِ، فَتَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ عَنْ وَاحِدِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي كُرَاعٍ، أَوْ سِلَاحٍ، فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ جَعَلَهَا فِي عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ غَنَمٍ، فَهُوَ غَيْرُ طَائِلٍ

6559 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنْ يَعْمَرَ بْنَ خَالِدٍ الْمُدْلِجِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَا مُتَجَاعِلٌ، فِي الْغَزْوِ، فَكَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: إِذَا أَحَدُكُمْ أَجْمَعَ عَلَى الْغَزْوِ، فَعَرَّضَهُ اللهُ رِزْقًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِنْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا غَزَا، وَإِنَّ مُنِعَ دِرْهَمًا مَكَثَ، فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: الْعَطَاءُ يُقَدَّمُ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَيَتَنَافَسُ الْقَوْمُ فِيهِ، وَيَتَجَاعَلُونَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْغَازِي عَلَى الْغَزْوِ، فَلَا أَرَى بَأْسًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَأْخُذُوا الْجَعَائِلَ، وَلَا يَرَوْنَ بِإِعْطَائِهِ بَأْسًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ حَدِيثٌ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لَا نَحْسَبُهُ ثَابِتًا

6560 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبَلَةُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَهُوَ لَا يَنْوِي فِي غَزَاتِهِ إِلَّا عِقَالًا، فَلَهُ مَا نَوَى» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَصَّحَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

6561 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أَتَجَهَّزُ بِهِ، فَقَالَ: " إِئْتِ فُلَانًا الْأَنْصَارِيَّ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يُجَهِّزُ فَمَرِضَ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: ادْفَعْ إِلَيَّ مَا تَجَهَّزْتَ بِهِ "، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: فُلَانَةُ ادْفَعِي إِلَيْهِ مَا جَهَّزْتِينِي بِهِ، وَلَا تَحْبَسِي مِنْهُ شَيْئًا، فَوَاللهِ لَا تَحْبَسِي مِنْهُ شَيْئًا، فَيُبَارَكُ لَكِ فِيهِ

6562 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ شَيْخًا، أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُجَاهِدُ لِيُذْكَرَ، وَيُجَاهِدَ لِيَغْنَمَ، وَيُجَاهِدَ لِكَذَا وَكَذَا؟، -[175]- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاهَدَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»

*

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ

6563 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ، أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يَذْكُرُ مِنْهُ جُرْأَةً وَنَجْدَةً، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ، وَأُصِيبَ مَعَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: لَا قَالَ: «ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَ: فَرَجَعَ، ثُمَّ مَضَى، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ، أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: «فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ، فَرَجَعَ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَانْطَلِقْ»

6564 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى إِذَا خَلَّفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، أَوْ كَمَا قَالَ: نَظَرَ وَرَاءَهُ، فَإِذَا كَتِيبَةٌ خَشْنَاءُ قَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَمَوَالِيهِ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَّامٍ، فَقَالَ: «أَوَ قَدْ أَسْلَمُوا؟» قَالَ: بَلْ هُمْ عَلَى دِينِهِمْ قَالَ: «قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا، فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ»

ذكر الاختلاف في المشرك يستعان به على العدو واختلفوا فيما يعطاه المشرك إذا استعين به على حرب العدو، فقالت طائفة: يعطون سهاما كسهام المسلمين، كذلك قال الزهري، وعبد الرحمن بن عمرو، والأوزاعي، قيل للأوزاعي: وإن كان معه فرسان، خمسة أسهم؟ ، قال: نعم

ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْرِكِ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُعْطَاهُ الْمُشْرِكُ إِذَا اسْتُعِينَ بِهِ عَلَى حَرْبِ الْعَدُوِّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعْطَوْنَ سِهَامًا كَسِهَامِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، وَالْأَوْزَاعِيُّ، قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَرَسَانِ، خَمْسَةَ أَسْهُمٍ؟، قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: لَا يُسْتَعَانُ مُشْرِكٌ، فَإِنْ غَزَوْا، أَوْ غُزِيَ بِهِمْ، أُسْهِمَ خَيْرٌ لَهُمْ سُهْمَانَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُسْهَمُونَ أَيْضًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الَّذِي رَوَى مَالِكٌ كَمَا رَوَى، اسْتَعَانَ

رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَهُودٍ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ كَانُوا أَشِدَّاءَ، وَقَالَ مَرَّةً: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُعْطَى مِنَ الْفَيْءِ شَيْئًا، وَيُسْتَأْجَرُ إِجَارَةً مِنْ مَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ أُنْفِلَ ذَلِكَ، أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْغَالِبُ عَلَى أَنْ يُسْتَعَانَ بِمُشْرِكٍ وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا غَزَوْا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ خَبَرِ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، فَلَيْسَ مِمَّا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُهُ ثَابِتًا، وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَخْبَارِ الْمَغَازِي، وَعَامَّةُ أَخْبَارِ الْمَغَازِي لَا تَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ، فَإِنِ اسْتَعَانَ بِهِمْ إِمَامٌ أُعْطُوا أَقَلَّ مَا قِيلَ، وَهُوَ أَنْ يَرْضَخَ لَهُمْ شَيْئًا، إِذَا لَا نَعْلَمُ حُجَّةً تُوجِبُ أَنْ يُسْهَمَ لَهُمْ

ذكر الخبر الدال على أن غير البالغ لا سهم له

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا سَهْمَ لَهُ

6565 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَرَدَّنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَنِي، قَالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ، وَالْمُقَاتِلَةِ

ذكر اختلاف أهل العلم فيما يجب لمن حضر ممن لم يبلغ واختلفوا فيما يعطى غير البالغ، إذا حضر القتال، فقالت طائفة: يرضخ لهم، وليس لهم سهم البالغ، كذلك قال الليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي، والنعمان، وأبو ثور، وقال أحمد: أرجو أن لا يكون له سهم

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ لِمَنْ حَضَرَ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُعْطَى غَيْرُ الْبَالِغِ، إِذَا حَضَرَ الْقِتَالَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُرْضَخُ لَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمُ الْبَالِغِ، كَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَهْمٌ، وَلَكِنْ يُحْذَى، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: كَانَ الصِّبْيَانُ، وَالْعَبِيدُ يُحْذَوْنَ مِنَ الْغَنَائِمِ، إِذَا حَضَرُوا الْغَزْوَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ، كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الصَّبِيِّ يُغْزَى بِهِ، وَالْجَارِيَةِ، وَالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ: لَا نَرَى لِهَؤُلَاءِ مِنْ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، قَالَ مَالِكٌ فِي الصِّبْيَانِ، وَالنِّسَاءِ، وَالْعَبِيدِ يَحْضُرُونَ، قَالَ: لَا أَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا، وَلَا يُحْذَوْنَ شَيْئًا، وَقَالَ فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَدْ بَلَغَ، وَأَطَاقَ الْقِتَالَ، وَلَمْ يَحْتَلِمْ: إِنْ قَاتَلَ، وَمِثْلُهُ قَدْ بَلَغَ الْقِتَالَ، فَأَرَى أَنْ يُسْهَمَ لَهُ

ذكر الخبر الدال على أن القسم إنما يجب للأحرار دون العبيد

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ إِنَّمَا يَجِبُ لِلْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ

6566 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، -[179]- قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ، وَالْعَبْدِ، يَحْضُرَانِ الْفَتْحَ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُمَا؟ فَقَالَ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يَحْضُرَانِ الْفَتْحَ هَلْ يُسْهَمُ لَهُمَا؟، وَإِنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُمَا، وَلَكِنْ يُحْذَيَانِ

ذكر الاختلاف في العبيد يحضرون الحرب، وما يعطون اختلف أهل العلم في العبيد يحضرون قسم الغنائم، وقد حضروا الوقعة، فقالت طائفة: يسهم لهم، روينا عن الأسود بن يزيد أنه قال: شهد القادسية عبيد، فضرب لهم سهمانهم، وهذا قول الحسن البصري، وإبراهيم النخعي،

ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَبِيدِ يَحْضُرُونَ الْحَرْبَ، وَمَا يُعْطَوْنَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعَبِيدِ يَحْضُرُونَ قَسْمَ الْغَنَائِمِ، وَقَدْ حَضَرُوا الْوَقْعَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسْهَمُ لَهُمْ، رُوِّينَا عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ عَبِيدٌ، فَضُرِبَ لَهُمْ سُهْمَانُهُمْ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ حُرْمَتَهُ، وَحُرْمَةَ الْحُرِّ بِمَنْزِلَةٍ مِنْ طَرِيقِ الدِّينِ، وَهُوَ يُقَاتِلُ كَمَا يُقَاتِلُ الْحُرُّ، وَأَكْثَرُ، وَفِيهِ مِنَ الْغَنَاءِ مَا فِي الْحُرِّ، -[180]- وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ

6567 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْءٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّهُ قُسِمَ لِلنِّسَاءِ، وَالْعَبْدِ

6568 - وَمِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ 6569 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَا: لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْءٌ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْعَبِيدِ، وَالصِّبْيَانِ، هَلْ يُحْذَوْنَ مِنَ الْمَغَانِمِ فِي الْغَزْوِ؟، فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْعَبْدُ، يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا سَهْمَ لَهُمْ، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُمْ

6570 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ، هَلْ لَهُمَا سَهْمٌ؟ فَقَالَ: لَا لَيْسَ لَهُمَا سِهَامٌ

6571 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَمْلُوكِ، يَحْضُرَانِ الْفَتْحَ أَلَهُمَا مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْءٍ؟ قَالَ: يُحْذَيَانِ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: لَا سَهْمَ لِعَبْدٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: لَا يُلْحَقُ عَبْدٌ فِي دِيوَانٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ يَحْضُرُونَ النَّاسَ فِي الْغَزْوِ: لَا سَهْمَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ مَعَ الرِّجَالِ إِلَّا أَنْ يُحْذَوْنَ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، وَقِيلَ: يُحْذَوْنَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ، وَلَا لِلْأَجِيرِ، وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ، إِلَّا أَنْ يُحْذَى بِغَنِيمَةٍ، أَوْ يَكُونَ لَهُمْ بَلَاءٌ، فَتُرْضَخَ لَهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي الْعَبْدِ: يُرْضَخُ لَهُ

ذكر قدر ما يحذى العبد من الغنيمة

ذِكْرُ قَدْرِ مَا يُحْذَى الْعَبْدُ مِنَ الْغَنِيمَةِ

6572 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدْ جَمَعْتُ إِلَيْهِ الْغَنَائِمَ، -[182]- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي، فَقَالَ: «تَقَلَّدْ هَذَا السَّيْفَ» ، فَتَقَلَّدْتُهُ، فَوَقَعَ فِي الْأَرْضِ، فَأَعْطَانِي مِنْ حَرْثِيِّ الْمَتَاعِ

6573 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ الْخَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا مَمْلُوكٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْهِمْ لِي، فَأَعْطَانِي سَيْفًا، فَقَالَ لِي: «تَقَلَّدْهُ» ، وَأَعْطَانِي مِنْ حَرْثِيِّ الْمَتَاعِ

ذكر خبر احتج به من زعم أن النساء لا سهم لهن كسهم الرجال فإنما يجب أن يعطين ما لا خمس فيه من الأطعمة المباحة للناس

ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا سَهْمَ لَهُنَّ كَسَهْمِ الرِّجَالِ فَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُعْطَيْنَ مَا لَا خُمْسَ فِيهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الْمُبَاحَةِ لِلنَّاسِ

6574 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنِ تَوْبَةَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ فَضْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَشْرَجِ بْنِ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ، قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَاةَ خَيْبَرَ، وَأَنَا سَادِسُ سِتَّةِ نِسْوَةٍ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَعَهُ نِسَاءٌ، فَدَعَانَا فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا، فَرَأَيْنَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَضَبَ، قَالَتْ: فَقَالَ لَنَا: «مَا أَخْرَجَكُنَّ؟، وَبِأَمْرِ مَنْ خَرَجْتُنَّ؟» ، قَالَتْ: قُلْنَا: خَرَجْنَا مَعَكَ نُنَاوِلُ السِّهَامَ، وَنَسْقِي السَّوِيقَ، وَنُدَاوِي -[183]- الْجَرْحَى، وَنَغْزِلُ الشَّعْرَ، وَنُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَتْ: فَقَالَ لَنَا: «قُمْنَ فَانْصَرِفْنَ» ، قَالَتْ: فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ لِرَسُولِهِ خَيْبَرَ، أَسْهَمَ لَنَا كَسِهَامِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا جَدَّةُ: مَا الَّذِي أَسْهَمَ لَكُنَّ؟ قَالَتِ: التَّمْرُ

ذكر الخبر الذي احتج به من قال: إن سهم النساء إنما زال؛ لأن فرض الجهاد ساقط عنهن

ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ سَهْمَ النِّسَاءِ إِنَّمَا زَالَ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ سَاقِطٌ عَنْهُنَّ

6575 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ» ، قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ؟، قَالَ: «الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، فَذَلِكَ جِهَادُهُنَّ»

ذكر إباحة خروج النساء في الغزو

ذِكْرُ إِبَاحَةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْغَزْوِ

6576 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا -[184]- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ، وَنِسْوَةٍ مَعَهَا مِنَ الْأَنْصَارِ يَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُدَاوِينَ الْجِرَاحَاتِ

6577 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَزْوَاجَ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ يُدْلِجْنَ بِالْقِرَبِ عَلَى ظُهُورِهِنَّ بَادِيَةً خِدَامُهُنَّ يَسْقِينَ النَّاسَ

6578 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَسْقِي الْمَاءَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى، وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ

6579 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، قَالَ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةُ، قَالَتْ: وَقَدْ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَوَاتٍ كُنَّا نَقُومُ عَلَى الْكَلْمِ، وَنُدَاوِي الْجَرْحَى

ذكر إباحة قتال نساء المسلمين المشركين، ودفعهن إياهم عن أنفسهن

ذِكْرُ إِبَاحَةِ قِتَالِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمُشْرِكِينَ، وَدَفْعِهِنَّ إِيَّاهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِنَّ

6580 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ هَوَازِنَ جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، وَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ، وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا مَعَكِ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ وَاللهِ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ، فَأَخْبَرَ أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَعْنِي أَقْتُلُ الطُّلَقَاءَ إِنْ هُزِمُوا بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ»

ذكر اختلاف أهل العلم في المرأة تحضر القتال مع الناس واختلفوا في المرأة تحضر القتال مع الرجال، فقالت طائفة: يرضخ لها، وليس لها سهم، روينا هذا القول عن ابن عباس

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ تَحْضُرُ الْقِتَالَ مَعَ النَّاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَحْضُرُ الْقِتَالَ مَعَ الرِّجَالِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُرْضَخُ لَهَا، وَلَيْسَ لَهَا سَهْمٌ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

6581 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يَحْضُرَانِ الْبَأْسَ، قَالَ: لَيْسَ لَهُمَا سَهْمٌ، وَقَدْ يُرْضَخُ لَهُمَا -[186]- وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: كَانَ الصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ يُحْذَوْنَ مِنَ الْغَنَائِمِ إِذَا حَضَرُوا الْغَزْوَ فِي سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ سُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ: لَا يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ، وَلَا لِلْمَمْلُوكِ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُحْذَوْنَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يُسْهَمَ لَهُمْ، وَلَا يُحْذَيْنَ شَيْئًا، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ

6582 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ مُراجِمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَيْحَانُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي مُوسَى بِتُسْتَرَ، وَفِي النَّاسِ خَمْسُ نِسْوَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، يُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَيَسْقِينَ الْمَاءَ، فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُنَّ أَبُو مُوسَى وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: أَسْهَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ بِخَيْبَرَ، وَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ

ذكر الجماعة يدخلون بلاد العدو، ويغنمون بغير إذن الإمام واختلفوا في الواحد، أو الجماعة يدخلون دار الحرب، ويغنم، فقالت طائفة: يخمس، ويكون الباقي لها، أو له، هكذا قول سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي ثور. وفيه قول ثان: وهو أن لا شيء لها

ذِكْرُ الْجَمَاعَةِ يَدْخُلُونَ بِلَادَ الْعَدُوِّ، وَيَغْنَمُونَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَاحِدِ، أَوِ الْجَمَاعَةِ يَدْخُلُونَ دَارَ الْحَرْبِ، وَيَغْنَمُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُخَمَّسُ، وَيَكُونُ الْبَاقِي لَهَا، أَوْ لَهُ، هَكَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، -[187]- وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا شَيْءَ لَهَا، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَيُّمَا سَرِيَّةٍ تَسَرَّتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَمَامِهَا، وَلَا مَصَالَحَتِهِ، فَغَنِمَتْ، فَلَا غَنِيمَةَ لَهَا، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يُخَمَّسَ مَا أَصَابَتْ، وَهُوَ لَهَا، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ

مسألة قال سفيان الثوري في المشركين يدخلون بغير إذن الإمام فيصيبون غنيمة، حالهم في ذلك كحال المسلمين، إذا فعلوا ذلك بغير إذن الإمام قال أبو بكر: وقد قال الثوري في الذي يغير وحده: يخمس ما أخذه، وبقيته له، وقال الأوزاعي: يؤخذ منهم الخمس، وسائره

مَسْأَلَةٌ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْمُشْرِكِينَ يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةً، حَالُهُمْ فِي ذَلِكَ كَحَالِ الْمُسْلِمِينَ، إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي الَّذِي يُغِيرُ وَحْدَهُ: يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ، وَبَقِيَّتُهُ لَهُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْخُمُسُ، وَسَائِرُهُ لِلْأَنْبَاطِ، كَتَبَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ فِي عَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ: أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِمَوَالِيهِمْ

ذكر المال يغلب عليه العدو، ويستنقذه المسلمون، ثم يدركه صاحبه قبل القسم وبعده اختلف أهل العلم في مال المسلمين يغلب عليه العدو، لم يأخذه المسلمون منهم، فيأتي صاحبه قبل القسم، أو بعده، فقالت طائفة: صاحبه أحق به ما لم يقسم، فإذا أدركه، وقد قسم فهو

ذِكْرُ الْمَالِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، وَيَسْتَنْقِذُهُ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ، فَيَأْتِي صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: صَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ، وَقَدْ قُسِمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ،

غَيْرَ أَنَّ النُّعْمَانَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَالِ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، وَبَيْنَ الْعَبْدِ يَأْبَقُ، فَيَدْخُلُ بِلَادَ الْعَدُوِّ، فَيَأْخُذُهُ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ فِي الْعَبْدِ يَأْسِرُهُ الْعَدُوُّ، كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ فِي الْمَالِ، وَقَالَ فِي الْعَبْدِ يَأْبَقُ إِلَى الْعَدُوِّ: إِذَا أَدْرَكَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَبَعْدَهُ يَأْخُذُهُ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ قِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُحَرِّزُوهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا قُسِمَ، فَلَا حَقَّ لَهُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

6583 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: فِيمَا أَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَعَرَفَهُ صَاحِبُهُ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، فَهُوَ لَهُ، وَإِذَا جَرَتْ فِيهِ السِّهَامُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، اقْتُسِمَ، أَوْ لَمْ يُقْتَسَمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمَقَاسِمُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَ، فَلَا يُرَدُّ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَائِمِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً فِي الْمَالِ يُصِيبُهُ الْعَدُوُّ مِنْ أَمْوَالِ الْإِسْلَامِ هَكَذَا، وَقَالَ فِي الْعَبْدِ: صَحَابُهُ -[189]- أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ، فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَكُونَ بِالثَّمَنِ أَرْشًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يُرَدَّ فِي صَاحِبِهِ هُوَ لِلْجَيْشِ، هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْنَا أَنَّ مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ يَقْتَسِمُونَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ قَتَادَةُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

6584 - حَدَّثُونَا عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: مَنِ اشْتَرَى مَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ فَهُوَ جَائِزٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْعَبْدِ يَأْبَقُ إِلَى الْعَدُوِّ، قَالَ: إِنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ حِصْنًا مِنْ حُصُونِهِمْ رُدَّ إِلَى مَوْلَاهُ، وَإِنْ دَخَلَ حِصْنًا، فَسُبِيَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْحِصْنِ يُجْعَلُ فِي الْفَيْءِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سَوَاءٌ أَبَقَ الْعَبْدُ إِلَى الْعَدُوِّ، أَوْ أَخَذَ الْعَدُوُّ الْعَبْدَ، فَأَحْرَزُوهُ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُمَا لِسَيِّدِهِمَا إِذَا ظَفِرَ بِهِمَا قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَا، وَبَعْدَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ يَأْخُذُهُمَا السَّيِّدُ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَبَعْدَهُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ، وَدَلَّتِ السُّنَّةُ، وَكَذَلِكَ يَدُلُّ الْعَقْلُ وَالْإِجْمَاعُ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ اللهَ أَوْرَثَ الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ، وَدِيَارَهُمْ، فَجَعَلَهَا غَنْمًا لَهُمْ، وَحَوْلًا بِإِعْزَازِ أَهْلِ دِينِهِ، وَإِذْلَالِ مَنْ خَالَفَ سِوَى أَهْلِ دِينِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَدَرُوا عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ تَخَوَّلُوهُمْ، وَتَمَوَّلُوا أَمْوَالَهُمْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الْحَرْبِ يَحُوزُونَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ شَيْئًا، فَيَكُونُ -[190]- لَهُمْ أَنْ يَتَخَوَّلُوهُ أَبَدًا، فَإِنْ قَالَ: فَأَيْنَ السُّنَّةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَا ذَكَرْتَ؟ قُلْتُ:

6585 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: سُبِيَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَانَتِ النَّاقَةِ قَدْ أُصِيبَتْ قَبْلَهَا - قَالَ الشَّافِعِيِّ -: كَأَنَّهُ يَعْنِي نَاقَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ آخِرَ حَدِيثِهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَكَانَتْ تَكُونُ فِيهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَائِقِ، فَأَتَتِ الْإِبِلَ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أَتَتْ بَعِيرًا، فَمَسَّتْهُ رَغَا، فَتَرَكَتْهُ، حَتَّى أَتَتْ تِلْكَ النَّاقَةَ فَمَسَّتْهَا، فَلَمْ تَرْغُ، وَهِيَ نَاقَةٌ هَدِرَةٌ، فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا، ثُمَّ صَاحَتْ بِهَا، فَانْطَلَقَتْ، فَطُلِبَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهَا، فَجَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا، إِنِ اللهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عَرَفُوا النَّاقَةَ، وَقَالُوا: نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ جَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَقَالُوا: وَاللهِ لَا تَنْحَرِيهَا، حَتَّى نُؤْذِنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ فُلَانَةَ الْأَنْصَارِيَّةَ قَدْ جَاءَتْ عَلَى نَاقَتِكَ، وَأَنَّهَا جَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللهِ، بِئْسَ مَا جَزَتْهَا، إِنْ أَنْجَاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ، أَوِ ابْنُ آدَمَ» -[191]- قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ أَحْرَزُوا نَاقَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ الْأَنْصَارِيَّةَ انْفَلَتَتْ مِنْ إِسَارِهِمْ عَلَيْهَا بَعْدَ إِحْرَازِهِمُوهَا، وَرَأَتْ أَنَّهَا لَهَا، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا نَذَرَتْ فِيمَا لَا تَمْلِكُ، وَلَا نَذْرَ لَهَا، وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَمْلِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، وَإِذَا لَمْ يَمْلِكِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَوْجَفُوا عَلَيْهِ بِخَيْلِهِمْ، فَأَحْرَزُوهُ فِي دِيَارِهِمْ أَشْبَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ، أَلَّا يَمْلِكَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ مَا لَمْ يَمْلِكُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَحْرَزُوا عَبْدًا لِرَجُلٍ، أَوْ مَالًا، فَأَدْرَكَهُ قَدْ أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِلَا قِيمَةٍ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَمَا تَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ، وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لِمَالِكِهِ بَعْدَ إِحْرَازِ الْعَدُوِّ لَهُ، وَإِحْرَازِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْعَدُوِّ لَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقَسْمِ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ

6586 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَزْعُمُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَهَبَ الْعَدُوُّ بِفَرَسهِ فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ وَجَدَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَرَسَهُ، فَرَدَّهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ

6587 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَبَقَ غُلَامٌ لِي يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدُّوهُ إِلَيَّ -[192]- وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ إِلَى الْعَبْدِ، ثُمَّ أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ قُسِمَ، أَوْ لَمْ يُقْسَمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ النُّعْمَانِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا أَصَابَ الْعَدُوُّ مَمْلُوكًا، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْتَقَهُ، فَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، هُوَ اسْتِهْلَاكٌ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ، فَلَيْسَ لِمَوْلَاهَا شَيْءٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتَجَّ بِخَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِرْقَتَانِ مِنَ النَّاسِ، احْتَجَّ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ: حَدِيثُ عِمْرَانَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَدْرَكَ مَالَهُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُقْسَمْ، لِأَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ جَرَى فِي النَّاقَةِ الَّتِي كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَذَلِكَ يَأْخُذُ مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَوْلُهُ خِلَافُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ بِخَبَرِ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ

6588 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، أَنَّ الْعَدُوَّ، أَصَابُوا نَاقَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَدُوِّ، فَعَرَفَهَا صَاحِبُهَا، وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ، فَاخْتَصَمْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ مِنَ الْعَدُوِّ، وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي -[193]- وَدَفَعَ هَذَا الْقَائِلُ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ لِمَنْ خَالَفَنَا حُجَّةٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ فَرَسَ ابْنِ عُمَرَ عَادَ، فَلَحِقَ بِالرُّومِ، وَبَيْنَ الْعَائِدِ، وَالْآبِقِ، وَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ فَرْقٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ يُلْزِمُ غَيْرَ قَوْلِهِ، بَيْنَ ذَلِكَ فَرْقٌ، وَذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا، قَدْ أَثْبَتُّهُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ، تَرَكْتُهُ؛ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي بِهِ أَقُولُ: إِنَّ مَا هُوَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْهُ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا نَعْلَمُ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ مِلْكَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ، وَنَقْلَ مِلْكِ الْمُسْلِمِ عَنْهُ حُجَّةً مِنْ كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إِجْمَاعٍ، إِلَّا دَعْوَاهُ الَّذِي لَا حُجَّةَ مَعَهُ، وَمَالُ الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، أَوْ بِحُكْمٍ يُلْزِمُهُ، فَمَنْ أَزَالَ مِلْكَ الْمُسْلِمِ عَمَّا كَانَ مِلْكَهُ لَهُ بِإِجْمَاعٍ بِغَيْرِ إِجْمَاعٍ، لَمْ يَجِبْ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ يَقِينٌ، وَالِاخْتِلَافَ شَكٌّ، وَلَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ عَنِ الْيَقِينِ إِلَى الشَّكِّ

6589 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَائِدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْغَزَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصَابَ الْمُشْرِكُونَ فَرَسًا لَهُمْ زَمَانَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، كَانُوا أَحْشَرُوهُ، فَأَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ أَزْمَانَ سَعْدٍ، قَالَ: فَكَلَّمْنَاهُ، فَرَدَّهُ عَلَيْنَا بَعْدَمَا قُسِمَ، وَصَارَ فِي خُمْسِ الْإِمَارَةِ

ذكر أم الولد تسبى واختلفوا في أم الولد تسبى، ثم يأخذها المسلمون، ويجري فيها القسم، فقالت طائفة: يأخذها سيدها بقيمة عدل، كذلك قال الزهري، وقال مالك: لا أرى أن تسترق، وأرى أن يفيدها الإمام لسيدها، فإن لم يفعل، فأرى على سيدها أن يفديها، ولا يدعها

ذِكْرُ أُمِّ الْوَلَدِ تُسْبَى وَاخْتَلَفُوا فِي أُمِّ الْوَلَدِ تُسْبَى، ثُمَّ يَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُونَ، وَيَجْرِي فِيهَا الْقَسْمُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَأْخُذُهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَةِ عَدْلٍ، كَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ تُسْتَرَقَّ، وَأَرَى أَنْ يُفِيدَهَا الْإِمَامُ لِسَيِّدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَأَرَى عَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يَفْدِيَهَا، وَلَا يَدَعَهَا، وَلَا أَرَى لِلَّذِي صَارَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِقَّهَا، وَلَا يَسْتَحِلَّ فَرْجَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يُكَلَّفُ أَنْ يَفْدِيَهَا إِذَا جُرِحَتْ، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ إِنْ تَسَلَّمَ أُمَّ وَلَدٍ، يَسْتَرِقُّ، وَيِسْتَحِلُّ فَرْجَهَا، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَفْدِيهَا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: تَكُونُ أُمُّ الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يُمَلَّكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَغْرَمُ السَّيِّدُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ شَيْئًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدْبَرَةُ لَيْسَ يَمْلِكُهَا الْعَدُوُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ، وَمُدْبَرَتَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ مُقَامٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَقُولُ

ذكر الجارية يشتريها الرجل من الغنم، فيجد معها مالا واختلفوا في الجارية تشترى من الغنم، فيجد معها المشتري مالا، فقالت طائفة: يجعل في بيت المال، كذلك قال الشعبي، وفيه قول ثان: وهو أنه يرد إلى مغانم الجيش التي غنموها، هذا قياس قول الشافعي، واستدلال

ذِكْرُ الْجَارِيَةِ يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ مِنَ الْغَنْمِ، فَيَجِدُ مَعَهَا مَالًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَارِيَةِ تُشْتَرَى مِنَ الْغَنْمِ، فَيَجِدُ مَعَهَا الْمُشْتَرِي مَالًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ،

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى مَغَانِمِ الْجَيْشِ الَّتِي غَنِمُوهَا، هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَاسْتِدْلَالٌ بِقَوْلِهِ: مَنْ بَاعِ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، فَلَمَّا كَانَ صَاحِبُ الْمَقْسَمِ هُوَ الْبَائِعَ، وَهُوَ الْقَائِمَ بِأَمْرِ الْجَيْشِ الَّذِينَ غَنِمُوا الْغَنَائِمَ، وَجَبَ رَدُّ السَّبْيِ إِلَيْهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الَّذِينَ يَبْعَثُ عَلَيْهِمُ الْجَارِيَةَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ الْغَنَائِمَ مِنْ أَهْلِ الْخُمُسِ، وَغَيْرِهِمْ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا يَجِبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ: وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مَكْحُولٌ، وَحِزَامُ بْنُ حَكِيمٍ، وَالْمُتَوَكِّلُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَرُدُّهُ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَكَانَ مَالِكٌ يُسَهِّلُ فِي الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَرَى ذَلِكَ فِي الْكَثِيرِ، وَالْيَسِيرِ عِنْدَهُ مِثْلَ الْقُرْطَيْنِ، وَأَشْبَاهِهِمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْكَثِيرِ، إِذَا افْتَرَقَ الْجَيْشُ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ كَمَا قَالَ فِيمَا يُغَلُّ، وَقَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَقُولُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْهُ، إِذَا لَمْ يَجِدِ السَّبِيلَ إِلَى رَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمَغْنَمِ؛ لِافْتِرَاقِ الْجَيْشِ، أَنْ يُعْطَى الْإِمَامُ خُمُسَهُ، وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ، وَفِي كِتَابِ تَعْظِيمِ أَمْرِ الْغُلُولِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ قَالَ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْمُشْتَرِي: هُوَ لَكَ

ذكر قسم الغنائم في دار الحرب واختلفوا في قسم الغنائم في دار الحرب، فكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يقسمها الإمام في دار الحرب إن شاء، وقال أصحاب الرأي: لا ينبغي لإمام المسلمين إذا أصابوا غنائم في دار الحرب، أن يقسموا شيئا من ذلك

ذِكْرُ قَسْمِ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَكَانَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَقُولُونَ: يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِنْ شَاءَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَنْبَغِي لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا أَصَابُوا غَنَائِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَنْ يَقْسِمُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يُحْرِزُوهُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ لَحِقَ بِهِمْ جَيْشٌ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ غَنِمُوا شَرَكَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْسِمُوهَا، حَتَّى يُحْرِزُوهَا، قَدْ أَسَاءُوا، وَجَازَ ذَلِكَ، وَإِنِ احْتَاجَ عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ مَعَ الْإِمَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَى مَا صَارَ فِي الْغَنِيمَةِ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْمَتَاعِ، وَالدَّوَابِّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْسِمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ شَيْئًا مِنْهُ حَتَّى يُحْرِزُوهُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ فَعَلَ وَقَسَمَ ذَلِكَ جَازَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِقَوْلِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ أَقُولَ؛ وَذَلِكَ لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَسَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ ذِكْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْفَارِسُ، وَالرَّاجِلُ مِنَ السِّهَامِ، وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ لِمِائَتَيْ فَرَسٍ يَوْمَ خَيْبَرَ سَهْمَيْنِ، سَهْمَيْنِ

6590 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَصَبْتُ شَارِفًا فِي مَغْنَمِ بَدْرٍ، وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِفًا، فَأَنَخْتُهَا عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا، وَمَعِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْبَيْتِ، وَقَيْنَةٌ تُغَنِّيهِ، فَقَالَتْ: [البحر الوافر] أَلَا يَا حَمْزُ، لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ فَثَارَ إِلَيْهِمَا بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ: فَمَا صَنَعَ بِالسَّنَامِ؟ قَالَ: ذَهَبَ بِهِ كُلِّهِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى امْرِئٍ أَفْظَعَنِي، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى قَامَ عَلَى حَمْزَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ، فَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عُبَيْدُ آبَائِي، قَالَ: فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُقَهْقِرُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِفًا يَوْمَ بَدْرٍ -[198]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَسَمَ غَنَائِمَ بَدْرٍ بِبَدْرٍ لِمَا كَانَ فِي خَبَرِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ شَارِفًا، وَفِي خَبَرِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا، قَالَ: فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَسَمَ غَنَائِمَ بَدْرٍ بِبَدْرٍ

6591 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَلَبَ قَوْمًا أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا

6592 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَالْوَلِيدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُدِّمُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ، وَكَانَ إِذْ ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أَقَامَ ثَلاثًا

ذكر إباحة تأخير الإمام قسم الغنائم إذا غنم من أموال المشركين إلى أن يمكنه قسمها بعد الخروج من دار الحرب

ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَأْخِيرِ الْإِمَامِ قَسْمَ الْغَنَائِمِ إِذَا غَنِمَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَنْ يُمْكِنَهُ قَسْمُهَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ

6593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ السُّمَيْطِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: افْتَتَحْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّا غَزَوْنَا فَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ بِأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ، قَالَ: فَصَفَّ الْخَيْلَ، ثُمَّ صَفَّ الْمُقَاتِلَةَ، ثُمَّ صَفَّ النِّسَاءَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، ثُمَّ صَفَّ الْغَنْمَ، ثُمَّ صَفَّ النَّعْمَ قَالَ: وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ، وَعَلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا، تَلُوذُ خَلْفَ ظُهُورِنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنِ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا وَفَرَّتِ الْأَعْرَابُ، وَمَنْ تَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ، فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، يَا لَلْمُهَاجِرِينَ» ، ثُمَّ قَالَ: «يَا لَلْأَنْصَارِ، يَا لَلْأَنْصَارِ» ، قَالَ: " فَايْمِ اللهِ، مَا أَتَيْنَاهُمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللهُ، قَالَ: فَقَبَضْنَا ذَلِكَ الْمَالَ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الطَّائِفِ، فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ رَجَعْنَا فَنَزَلْنَا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ، وَيُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ

6594 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَرَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعْرَانَةِ سَأَلَهُ النَّاسُ حَتَّى دَنَتْ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ، وَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ، حَتَّى نُزِعَتْ عَنْ ظَهْرِهِ فَقَالَ: «رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخَافُونَ أَنْ لَا أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ؟، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمُرِ تِهَامَةَ نَعْمًا، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا جَبَانًا، وَلَا كَذَّابًا» 6595 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ هَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يَوْمَ حُنَيْنٍ يَعْنِي عَامَ حُنَيْنٍ إِذْ كَانَ تَفْرِيقُهُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الطَّائِفِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ

6596 - ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ سَأَلَهُ النَّاسُ فَأَعْطَى مِنَ الْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ، وَالْإِبِلِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَسَمَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ عَلَى قَدْرِ فَرَاغِهِ وَشُغُلِهِ إِلَى وَقْتِ خُرُوجِهِ، وَعَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنَ الصَّلَاحِ فِيهِ

ذكر استئجار الإمام على الغنائم من يحملها ويقوم بحفظها أو سوق رقيق أو حيوان إن كان فيها غنم واختلفوا في استئجار من يحمل الغنائم ويقوم بحفظها، فكان الأوزاعي يقول في الإمام تجتمع عنده الغنائم، فيخاف أن تضيع الغنيمة: لا أعلم بأسا أن يقول: من حرس الليلة

ذِكْرُ اسْتِئْجَارِ الْإِمَامِ عَلَى الْغَنَائِمِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَيَقُومُ بِحِفْظِهَا أَوْ سَوْقِ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ إِنْ كَانَ فِيهَا غَنْمٌ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِئْجَارِ مَنْ يَحْمِلُ الْغَنَائِمَ وَيَقُومُ بِحِفْظِهَا، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي الْإِمَامِ تَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْغَنَائِمُ، فَيَخَافُ أَنْ تَضِيعَ الْغَنِيمَةُ: لَا أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ: مَنْ حَرَسَ اللَّيْلَةَ الْعَسْكَرَ فَلَهُ دَابَّةٌ مِنَ السَّبْيِ، أَوْ دَابَّةٌ مِنَ الْفَيْءِ، فَإِنَّ الرَّاعِيَ يُعْطَى أَجْرَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَقَالَ فِي الْأُسَارَى: يُوثَقُونَ بِالْحِبَالِ وَالْحَدِيدِ، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِمْ مِنْ جَمَاعَةِ الْفَيْءِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْعَلُ الْإِمَامُ لِلرَّاعِي وَالدَّلِيلِ مِنْ جَمَاعَةِ الْمَالِ، قِيلَ لِأَبِي عَمْرٍو: فِمِنْ أَيْنَ يُعْطِي الْجَاسُوسَ؟، قَالَ: مِنَ الْمَالِ الَّذِي تَجَهَّزُوا بِهِ إِلَى الصَّائِفَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ، أَعْطَاهُ مِنَ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: كَانَتِ الْوُلَاةُ يُجَهِّزُونَ أُمَرَاءَ الصَّوَائِفِ بِمَالٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَحْمِلُ مِنْهُ لِرِجَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَيُنْفِقُ عَلَى الْجَوَاسِيسِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ أُبْلِيَ بَلَاءً فِي مُنَاهَضَةِ الْحُصُونِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: فَإِنْ لَمْ يُجَهَّزُوا إِلَيَّ الصَّائِفَةِ بِمَالٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أُعْطِي الْجَوَاسِيسُ، وَالدَّلِيلُ، وَرَاعِي دَوَابِّ الْغَنِيمَةَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْسِمَ الْغَنِيمَةَ، وَيُنْفِقُ عَلَى جَمَاعَةِ السَّبْيِ مِنْ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ مَنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْإِمَامِ يَسْتَأْجِرُ الْقَوْمَ عَلَى سِبَاقِ الرَّمَلِ إِلَيَّ مَكَانٍ بِالشَّامِ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِدَنَانِيرَ مَعْلُومَةٍ: أَكْرَهُهُ عَلَى فَرَسٍ حُبِسَ، وَأَمَّا أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ عَلَى دَابَّتِهِ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا جَرَّاهُ الْإِمَامُ يَعْنِي مَا أَصَابَ مِنَ الْغَنِيمَةِ عَنْ مَوْضِعِهِ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ حَمُولَةٌ حَمَلَهَا عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْمِلُوهُ إِنْ كَانَتْ مَعَهُمْ، حَمَلُوهُ بِلَا كِرَاءٍ،

وَإِنِ امْتَنَعُوا فَوُجِدَ كِرَاءٌ مُكَارًى عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَخْرَجَ الْكِرَاءَ أَوِ الْإِجَارَةَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: وَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَلَيْسَ مَعَ الْإِمَامِ فَضْلٌ مِنَ الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ، وَيَحْمِلُهُمْ عَلَيْهَا فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، مَشَى الرِّجَالُ وَمَنْ أَطَاقَ مِنَ الصِّبْيَانِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ دَوَابُّ وَإِبِلٌ اسْتَاقُوهَا مَعَهُمْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُطِيقُوا أَنْ يَسْتَاقُوهَا ذَبَحُوا الْإِبِلَ، وَالْغَنَمَ، وَالدَّوَابَّ وَأَحْرَقُوهَا بِالنِّيرَانِ؛ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِهَا أَهْلُ الْحَرْبِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ يُعَقِّبُوهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ الَّتِي أَصَابُوا سِلَاحٌ، وَمَتَاعٌ، وَآنِيَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنَ الظَّهْرِ مَا يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَلْيَحْرِقُوا ذَلِكَ بِالنَّارِ وَلَا يَدْعُوهُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَهْلُ الْحَرْبِ

ذكر اختلاف أهل العلم في قسم أشياء مما يغنم مما يختلف في بيعها اختلفت أهل العلم في المصحف من مصاحف المسلمين ويوجد في المغانم، فكان الثوري، والأوزاعي يقولان: إن لم يوجد صاحبه جعل في المغانم فبيع، وفي قول الشافعي: إذا علم أنه مما أخذ من المسلمين يوقف

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَسْمِ أَشْيَاءَ مِمَّا يُغْنَمُ مِمَّا يُخْتَلَفُ فِي بَيْعِهَا اخْتَلَفَتْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ وَيُوجَدُ فِي الْمَغَانِمِ، فَكَانَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُهُ جُعِلَ فِي الْمَغَانِمِ فَبِيعَ، وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مِمَّا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُوقَفُ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْمَقَاسِمِ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ مَصَاحِفِ الرُّومِ يُصَابُ فِي بِلَادِهِمْ: يُدْفَنُ أَحَبُّ إِلَيَّ، قُلْتُ: وَلَا تَرَى أَنْ يُبَاعَ؟، قَالَ: كَيْفَ وَفِيهِ شِرْكُهُمْ؟، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَتَعْلَمُ مَا فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَكَيْفَ يُبَاعُ؟، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا وُجِدَ مِنْ كُتُبِهِمْ فَهُوَ مَغْنَمٌ كُلُّهُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ يُتَرْجِمُهُ، فَإِنْ كَانَ عِلْمًا مِنْ طِبٍّ أَوْ غَيْرِهِ لَا مَكْرُوهُ فِيهِ، بَاعَهُ كَمَا يَبِيعُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَغَانِمِ، وَإِنْ كَانَ كِتَابَ شِرْكٍ شَقُّوا الْكِتَابَ، وَانْتَفَعُوا بَأَوْعِيَتِهِ وَأَدَاتِهِ فَبَاعَهَا، وَلَا مَعْنَى لِتَحْرِيقِهِ أَوْ دَفْنِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ مَا هُوَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرَسِ يُوجَدُ مَوْسُومًا عَلَيْهِ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَحْمِلَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ رَجُلًا فَيَكُونُ عِنْدَهُ حَبِيسًا كَمَا كَانَ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُقْسَمُ مَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُهُ، فَإِنْ جَاءَ وَقَدْ قُسِمَ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ حَبِيسٌ يُرَدُّ كَمَا كَانَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنْ عُرِفَ صَاحِبُهُ، رُدَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا حُبِسَ كَمَا كَانَ، وَقِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: فَأَصَابُوا سَيْفًا حَبِيسًا؟، قَالَ: لَيْسَ السَّيْفُ مِثْلَ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّ السَّيْفَ رُبَّمَا تَبَايَعَهُ الْقَوْمُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّيْفِ وَالْفَرَسِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ حَبِيسٌ، يُرَدُّ كَمَا كَانَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلْبِ يُصَابُ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: لَا يُبَاعُ فِي مِقَاسِمِ الْمُسْلِمِينَ، الْكَلْبُ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: مَا أُصِيبَ مِنَ الْكِلَابِ فَهُوَ مَغْنَمٌ إِنْ أَرَادَهُ أَحَدٌ لِلصَّيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ زَرْعٍ وَإِنْ

لَمْ يَكُنْ مِنَ الْجَيْشِ أَحَدٌ يُرِيدُهُ لِذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهُ، وَمَنِ اقْتَنَاهُ لِغَيْرِ هَذَا كَانَ آثِمًا، وَرَأَيْتُ لِصَاحِبِ الْجَيْشِ أَنْ يُخْرِجَهُ فَيُعْطِيَهُ أَهْلَ الْأَخْمَاسِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ، إِنْ أَرَادَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِزَرْعٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ صَيْدٍ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ قَتَلَهُ، أَوْ خَلَّاهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ بَيْعُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ: لَا يُجْعَلُ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ ثَمَنُ الْكَلْبِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا مُوَافِقٌ قَوْلَ كُلِّ مَنْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَلْبِ، وَكَرِهَ ثَمَنَهُ

6597 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا نَكْرَهُ مَهْرَ الْبَغِيِّ، وَثَمَنَ الْكَلْبِ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ السُّحْتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَرِهَ ثَمَنَ الْكَلْبِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ رَخَّصَ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ أَنْ يُقْسَمَ مَا كَانَ مِنْ كِلَابِ الصَّيْدِ

6598 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ، إِلَّا كَلْبَ الصَّيْدِ وَرَخَّصَ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُثْمَانَ قَضَى بِثَمَنِهِ عَلَى قَاتِلِهِ، -[205]- وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَثْمَانَ الْكِلَابِ كُلِّهَا، وَيَرَى عَلَى مَنْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ قِيمَتَهُ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَرَى بَيْعَ الْكِلَابِ كُلِّهَا، وَيُوجِبُ عَلَى قَاتِلَهَا الْغُرْمَ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي كَلْبٍ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، وَذَكَرُوهُ بِالْغِنَاءِ، وَفِي السَّبُعِ، فَرَآهُ إِلَى صَاحِبِ الْمَقَاسِمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكِلَابِ وَلَا يُقْسَمُ إِنْ وَقَعَ فِي الْغَنَائِمِ، وَلَكِنَّ الْإِمَامَ يُعْطِي مَا كَانَ مِنْهُ مِمَّا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَقَاسِمِ، وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ قِيمَتِهِ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ فَذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ

6599 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْهِرِّ تُوجَدُ فِي الْمَغَانِمِ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّ ثَمَنَهُ مَكْرُوهٌ

6600 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُمَا كَرِهَا ثَمَنَ الْهِرِّ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ، وَطَاؤُسٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُمْ كَرِهُوا بَيْعَ السِّنَّوْرِ

6601 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي بَيْعِ السِّنَّوْرِ، وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ رَخَّصَ فِي بَيْعِهِ أَنْ يَبِيعَهُ صَاحِبُ الْمَقَاسِمِ، وَيَضُمَّ ثَمَنَهُ إِلَى أَثْمَانِ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ، وَيَقْسِمَ ذَلِكَ

6602 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بِثَمَنِ السِّنَّوْرِ بَأْسًا وَرَخَّصَ فِي ثَمَنِ الْهِرِّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا الصَّقْرُ، وَالْبَازِيُّ، فَبَيْعُهَا جَائِزٌ وَقَسْمُ أَثْمَانِهَا، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحُمُرِ، وَالْبِغَالِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهَا، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي الْخَنَازِيرِ: إِذَا كَانَتْ تَعْدُو، يَقْتُلُهَا، وَإِنْ أَصَابُوا فِي بِلَادِ الْحَرْبِ خَمْرًا فِي خَوَابٍى، أَوْ زِقَاقٍ، أَهْرَقُوا الْخَمْرَ، وَانْتَفَعُوا بِالزِّقَاقِ وَالْخَوَابِي، وَطَهَّرُوهَا، وَقَالَ: وَإِذَا ظَفِرُوا بِالْكُشُوثِ انْتَفَعُوا بِهِ، قَالَ: وَلَا يُوقِحُ الرَّجُلُ دَابَّتَهُ، وَلَا يُدْهِنُ أَشْعَارَهَا مِنْ أَدْهَانِ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ مِنَ الْأَكْلِ وَإِنْ فَعَلَ رَدَّ قِيمَتَهُ. -[207]- وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْقَوْمِ يَفِرُّونَ فَيُوَافِقُ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَضْحَى: قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُضَحُّونَ فِي بِلَادِ عَدُوِّهِمْ، فَإِذَا كَانَتْ نُسُكًا شَاةً شَاةً عَنْ كُلِّ رَجُلٍ، فَلَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ بَأْسًا

ذكر بيع الرقيق الذين لم يسلموا من أهل الشرك واختلفوا في بيع السبي الرجال والنساء من أهل الحرب منهم، فقالت طائفة: لا بأس ببيعهم، منهم هذا قول الشافعي في الرجال والنساء يباعون منهم، وكذلك الصبيان إذا كانوا مع آبائهم، وقال مالك: لا بأس ببيعهم من أهل

ذِكْرُ بَيْعِ الرَّقِيقِ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَاخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ السَّبْيِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْهُمْ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِمْ، مِنْهُمْ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يُبَاعُونَ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ إِذَا كَانُوا مَعَ آبَائِهِمْ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَكَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَرَوْنَ بِبَيْعِ السَّبْيِ مِنْهُمْ بَأْسًا، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ بَيْعَ الرِّجَالِ إِلَّا أَنْ يُفَادَى بِهِمْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي رَقِيقِ الْعَجَمِ: إِنْ شَاءَ الْمُسْلِمُ بَاعَهُمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، لَا يَبِيعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُبَاعُونَ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا كَانَ السَّبْيُ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً، فَأُخْرِجُوا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُبَايَعُوا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيَتَقَوَّى أَهْلُ الْحَرْبِ بِهِمْ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، وَلَا صَبِيُّ، وَلَا امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى دَارِ الْحَرْبِ،

وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: الَّذِي قَالَ أَبُو يُوسُفَ مِنْ هَذَا خِلَافُ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَارَى يَوْمِ بَدْرٍ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الْفِدْيَةَ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَمَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، ثُمَّ أُسِرَ بَعْدَهُمْ بِدَهْرٍ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ قَالَ: فَمَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ، وَمَنَّ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَوَهَبَ الزُّبَيْرَ بْنَ بَاطَا لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ؛ لِيَمُنَّ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فِيهِمُ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ فَبَعَثَ بِثُلُثٍ إِلَى نَجْدٍ، وَبِثُلُثٍ إِلَى تِهَامَةَ، وَبِثُلُثٍ قِبَلَ الشَّامِ، فَبِيعُوا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَفَدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ

6603 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أَمَّا الصِّبْيَانَةُ إِذَا صَارُوا إِلَيْنَا لَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مِنْ وَالِدَيْهِ، فَلَا نَبِيعُهُمْ مِنْهُمْ، وَلَا يُفَادَى بِهِمْ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ مَا كَانُوا مَعَهُمْ، فَإِذَا تَحَوَّلُوا إِلَيْنَا، وَلَا وَالِدَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَالِكِهِ -[209]- وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: رُدَّ إِلَيْهِمْ صَغِيرًا بِمُسْلِمٍ فَيَرُدَّهُ اللهُ عَلَيْنَا كَبِيرًا فَيُضْرَبَ عُنُقُهُ، قَالَ الرَّاوِي: ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، فَأُسِرَ الْغُلَامُ فِي وِلَايَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَضُرِبَ عُنُقُهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ السَّبْيُ إِذَا كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُبَاعُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ

جماع أبواب الحكم في رقاب أهل العنوة من الأسارى أو الفداء أو القتل

جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْحُكْمِ فِي رِقَابِ أَهْلِ الْعَنْوَةِ مِنَ الْأُسَارَى أَوِ الْفِدَاءِ أَوِ الْقَتْلِ

ذكر إثبات الخيار للإمام بين قتل البالغين من رجال العدو، وبين المن، أو الفداء بهم قال الله جل ذكره: حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها الآية.

ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْخِيَارِ لِلْإِمَامِ بَيْنَ قَتْلِ الْبَالِغِينَ مِنْ رِجَالِ الْعَدُوِّ، وَبَيْنَ الْمَنِّ، أَوِ الْفِدَاءِ بِهِمْ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] الْآيَةَ.

6604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ وَمَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ -[210]- يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ "، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبِهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبِّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] الْآيَةَ، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتُ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، إِذْ نَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاء الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقَالَ: «صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ» ، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، وَعَلِيُّ، وَعُمَرُ، مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ بَنُو الْعَمِّ، وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمُ الْإِسْلَامَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟» ، قُلْتُ: لَا وَاللهِ -[211]- يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَنْ تُمَكِّنَّا مِنْهُمْ، فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنُ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنُنِي مِنْ فُلَانٍ، نَسِيبٌ لِعُمَرَ فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهُمْ، فَهَوَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَانِ يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً لَتَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَبْدُ اللهِ لِي أَصْحَابَكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، شَجَرَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْزَلَ اللهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] الْآيَةَ، إِلَى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] الْآيَةَ، فَأَحَلَّ اللهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ "

6605 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: خَيِّرْ أَصْحَابَكَ فِي -[212]- الْأُسَارَى، إِنْ شَاءُوا الْقَتْلَ، وَإِنْ شَاءُوا الْفِدَاءَ، عَلَى أَنْ يُقْتَلَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ عِدَّتُهُمْ مِنْهُمْ، قَالُوا: الْفِدَاءُ وَيُقْتَلُ مِنَّا عِدَّتُهُمْ

ذكر خبر ثابت احتج به من استدل من أصحابنا على إثبات الرق على العرب إذا سبوا واختار الإمام استرقاقهم

ذِكْرُ خَبَرٍ ثَابِتٍ احْتَجَّ بِهِ مَنِ اسْتَدَّلَ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى إِثْبَاتِ الرِّقِّ عَلَى الْعَرَبِ إِذَا سُبُوا وَاخْتَارَ الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُمْ

6606 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ، قَالَ: «هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الرِّجَالِ» ، وَكَانَتْ مِنْهُمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» ، قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ: " هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا

6607 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ثَلَاثٌ سَمِعْتُهُنَّ لِبَنِي تَمِيمٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا أُبْغِضُ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَهُنَّ أَبَدًا، كَانَ عَلَى عَائِشَةَ نَذْرُ مُحْرَزٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، فَسُبِيَ سَبْيٌ -[213]- مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ إِنْ سَرَّكِ أَنْ تَفِي بِنَذْرِكِ، فَأَعْتِقِي مُحَرَّرًا مِنْ هَؤُلَاءِ» ، فَجَعَلَهُمْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ

ذكر الخبر الدال على إباحة إطلاق الأسارى والمن عليهم من غير أخذ مال قال الله: فإما منا بعد وإما فداء الآية.

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِ عَلَى إِبَاحَةِ إِطْلَاقِ الْأُسَارَى وَالْمَنِّ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ مَالٍ قَالَ اللهُ: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] الْآيَةَ.

6608 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا فَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ»

6609 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أُسَرَائِهِمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ -[214]- فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا، كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَافْعَلُوا» ، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَطْلَقُوهُ وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ، أَوْ وَعَدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَسَلَّمَ ذَلِكَ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، أَوْ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي إِطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَعْلَمْ مَا هُوَ إِلَّا إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ إِلَى مَكَّةَ، وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مَكَانَهُ، فَقَالَ: «كُونَا بِبَطْنِ يَأْجِجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَانِهَا حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهَا» ، فَخَرَجَا مَكَانَهُمَا، وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ، أَوْ شَيْعِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِيهَا، فَجَعَلَتْ تُجَهِّزُ

ذكر إباحة أخذ المال على إطلاق الأسارى

ذِكْرُ إِبَاحَةِ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى إِطْلَاقِ الْأُسَارَى

6610 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ قَالَ: نَاحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهُمْ -[215]- ثُمَّ قَالُوا: لَا تَفْعَلُوا فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، فَيَشْمَتُوا بِكُمْ وَلَا تَبْعَثُوا فِي أَسْرَاكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنُوا بِهِمْ، لَا يَأْرَبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ، وَأَصْحَابُهُ فِي الْفِدَاءِ، وَكَانَ فِي الْأُسَارَى أَبُو وَدَاعَةَ بْنُ صُبَيْرَةَ السَّهْمِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لَهُ بِمَكَّةَ ابْنَا كَيِّسًا تَاجِرًا ذَا مَالٍ، وَكَأَنَّكُمْ بِهِ قَدْ جَاءَكُمْ فِي فِدَاءِ أَبِيهِ» ، فَإِنَّمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ: لَا تَعْجَلُوا بِفِدَاءِ أَسْرَاكُمْ لَا يَأْرَبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ، وَأَصْحَابُهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَاهُ: صَدَقْتُمْ فَلَا تَجْعَلُوا، ثُمَّ انْسَلَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَخَذَ أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَانْطَلَقَ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ: 6611 - نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ قُرَيْشًا، نَاحَتْ قَتْلَاهُمْ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

6612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رِجَالًا، مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، قَالَ: «لَا وَاللهِ، لَا تَذَرُونَ لَهُ دِرْهَمًا»

6613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَيْشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلَيَّةِ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ

ذكر إباحة إطلاق الأسير على عمل معلوم يعمله، تجوز الإجارة عليه

ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِطْلَاقِ الْأَسِيرِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ يَعْمَلُهُ، تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ

6614 - وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ لَيْسَ لَهُمْ فِدَاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ، قَالَ: فَجَاءَ غُلَامٌ مَنْ أَوْلَادِ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهِ، قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟، قَالَ: ضَرَبَنِي مُعَلِّمِي، قَالَ: الْخَبِيثُ يَطْلُبُ بِذَحْلِ بَدْرٍ، وَاللهِ لَا تَأْتِيهِ أَبَدًا

ذكر خبر احتج به من قال: إن أسر من خرج من المشركين كرها إلى قتال المسلمين مباح

ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ أَسْرَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَرْهًا إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ

6615 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ يَوْمَ بَدْرٍ: أَنْظِرُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْسِرُوا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّمَا أُخْرِجُوا كَرْهًا "

ذكر الخبر الدال على أن حكم من خرج من المشركين كرها إلى القتال حكم من خرج طائعا فيما يؤخذ منه من الفداء

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَرْهًا إِلَى الْقِتَالِ حُكْمُ مَنْ خَرَجَ طَائِعًا فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنَ الْفِدَاءِ

6616 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو خَالِدٍ الْأُمَوِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، أَصَبْنَا مِنْ ثِمَارِهَا، وَاجْتَوَيْنَاهَا، وَأَصَابَنَا بِهَا وَعَكٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَيَّرُ عَنْ بَدْرٍ، قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَقْبَلُوا، سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ، وَبَدْرٌ بِئْرٌ، وَسَبَقْنَا الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهَا، فَوَجَدْنَا فِيهِ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ: رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَمَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فَانْفَلَتَ، وَأَمَّا مَوْلَى عُقْبَةَ فَأَخَذْنَاهُ، فَجَعَلْنَا نَقُولُ لَهُ، كَمِ الْقَوْمُ؟ قَالَ: هُمْ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ، فَجَعَلُوا إِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، -[218]- فَقَالَ: «كَمِ الْقَوْمُ؟» ، هُمْ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ، فَجَهَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَهُ كَمْ هُمْ؟ فَأَبَى، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ: «كَمْ يَنْحَرُونَ مِنَ الْجُزُرِ؟» قَالَ: عَشَرَةً كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْقَوْمُ أَلْفٌ» ، قَالَ: ثُمَّ أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنَ الْمَطَرِ، وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو، «اللهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ، نَادَى بِالصَّلَاةِ، فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ، فَصَلَّى بِهِمْ، وَحَضَّ عَلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ جَمْعَ قُرَيْشٍ عِنْدَ هَذَا الضِّلَعِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ» ، فَلَمَّا دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ، إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَادِ حَمْزَةُ» ، وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ يَكُ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ يَأْمُرُ بِخَيْرٍ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ» ، فَقَالُوا: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ، وَيَقُولُ: يَا قَوْمُ إِنِّي أَرَى قَوْمًا لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ، يَا قَوْمُ اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأْسِي وَقُولُوا: جَبُنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ، فَسَمِعَ ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟، وَاللهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا عَضَضْتُهُ، قَدْ مُلِئَتْ رِئَتَاكَ وَجَوْفُكَ رُعْبًا، -[219]- فَقَالَ عُتْبَةُ: إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ؟، سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنَا أَجْبَنُ؟، فَبَرَزَ عُتْبَةُ وَأَخُوهُ شَيْبَةُ وَابْنُهُ الْوَلِيدُ، فَقَالُوا: مَنْ يُبَارِزُ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ سِتَّةٌ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ، فَقَتَلَ اللهُ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنِي رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ، فَجَاءَ رَجُلٌ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسِيرًا فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَذَا وَاللهِ مَا أَسَرَنِي، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ «اسْكُتْ، فَقَدْ أَرَزَّكَ اللهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ» ، فَقَالَ عَلِيُّ: وَأَسَرْنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَبَّاسَ، وَعَقِيلًا، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ

ذكر إباحة إيثاق الأسارى إلى أن يرى الإمام فيهم رأيه

ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِيثَاقِ الْأُسَارَى إِلَى أَنْ يَرَى الْإِمَامُ فِيهِمْ رَأْيَهُ

6617 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّجَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ: عَلَيْكَ الْعِيرُ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ، قَالَ: فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي وَثَاقِهِ، -[220]- لَا يَصْلُحُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِمَ؟» قَالَ: لِأَنَّ اللهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ

6618 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: أَمَّنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَأَوْثَقُوهُ، وَطَرَحُوهُ فِي الْحَرَّةِ، فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مَعَهَ، أَوْ قَالَ: أَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ، وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ، فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: فِيمَا أُخِذْتُ؟، وَفِيمَا أُخِذَتْ سَابِقَةُ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفٍ» ، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ، يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ، فَرَحِمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» ، فَتَرَكَهُ وَمَضَى، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَإِنِّي عَطْشَانُ فَاسْقِنِي، قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ» ، قَالَ: فَنَادَاهُ، يَا رَسُولَ اللهِ، بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمَا ثَقِيفٌ، وَأَخَذَ نَاقَتَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِهِ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ نَفْسَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» ، قَالَ قَائِلٌ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ -[221]- قَوْلُهُ: إِنِّي مُسْلِمٌ لِلْخَوْفِ، يُرِيدُ مُسْتَسْلِمًا لَا مُسْلِمًا لِلَّهِ فَقَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا» لَا عَلَى الْخَوْفِ الَّذِي اضْطَرَّكَ إِلَى مَا قُلْتَ، «أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» ، فَهَذَا صِدْقٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ إِذَا ارْتَفَعَ عَنْهُ، كَانَ إِسْلَامُهُ اخْتِيَارَ اللهِ وَرَغْبَةً فِي تَوْحِيدِ اللهِ، فَأَعْلَمَهُ لَوْ سَبَقَ هَذَا الْقَوْلُ الْإِكْرَاهَ كَانَ إِيمَانًا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ سَابِقًا حَتَّى كَانَ الْإِكْرَاهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، بَلْ كَانَ عَلَى أَنْ يَتَنَاوَلَ بِذَلِكَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ الَّذِي طَلَبْتَ» ، فَأَبَانَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي ضَمِيرِهِ، لَمَّا أَعْلَمَهُ اللهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ اللهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ إِسْلَامَهُ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ، فَكَانَ عَلَى كُفْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ؛ وَلِذَلِكَ فَدَى بِهِ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ أَلَّا يُفْدِيَ مُسْلِمًا بِمُسْلِمٍ، وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ يُمَكِّنْ مِنْهُ الْكُفَّارَ. وَقَالَ آخَرُ: فِي قَوْلِهِ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ لَوْ قُلْتَ: إِنِّي مُسْلِمٌ قَبْلَ أَنْ تُؤْسَرَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ أَيْ دُنْيَا وَآخِرَةً، فَلَمْ تُؤْسَرْ فِي الدُّنْيَا فَتُوثَقْ، وَلَمْ تُعَذَّبْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا أَسْلَمْتَ طَوْعًا لَا كَرْهًا، وَأَمَّا إِذَا قُلْتَ: إِنِّي مُسْلِمٌ بَعْدَ الْأَمْرِ فَلَمْ تُفْلِحْ كُلَّ الْفَلَاحِ أَيْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُخْرِجُكَ مِنَ الرِّقِّ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ إِذْ أُسِرْتَ وَأَنْتَ كَافِرٌ لَا مُسْلِمٌ، إِذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَعْلَمُهُ أَنَّ الْأَسِيرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْإِسَارِ، لَا يَصِيرُ حُرًّا بِإِسْلَامِهِ، إِلَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِلْكٌ، فَأَمَّا فِدَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُقَيْلِيَّ بِالرَّجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانَا فِي يَدَيِ ثَقِيفٍ أَسِيرَيْنِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَطْلَقَهُ مِنَ الْأَسْرِ؛ لِتُطْلِقَ ثَقِيفٌ عَنِ الْأَسِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَهُ فِي أَيْدِيهِمْ، فَيَرْجِعَ الثَّقَفِيُّ إِلَيْهِمْ حُرًّا مُسْلِمًا مُطْلَقًا مِنَ الْأَسْرِ وَالْوَثَاقِ، خَارِجًا مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، لَا أَنَّ ثَقِيفًا يَمْلِكُونَهُ مِلْكَ رِقٍّ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَهُمْ مُشْرِكُونَ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ أَنْ -[222]- يُرَدَّ مُسْلِمٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَيُسْتَعْبَدُوا فِي دَارِ الشِّرْكِ، وَلَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْعُقَيْلِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ: إِنِّي مُسْلِمٌ حُكْمَ الْمُشْرِكِينَ، إِذْ كَانَ أَحْكَامُ الدُّنْيَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ حُكْمُ الظَّاهِرِ لَا حُكْمَ الْبَاطِنِ الْمُغَيَّبِ الَّذِي يَتَوَلَّى الله عِلْمَهُ، فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ عِبَادَهُ، أَلَا تَسْمَعُ خَبَرَ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِيِّ، وَاسْتِئْذَانِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ الرَّاجِلِ، بَعْدَ قَوْلِهِ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، وَتَعْلِيقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلَهُ: «لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَهُوَ بِمَنْزِلِتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ» ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: فِي قَوْلِهِ: «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ» إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُشْرِكٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ بِشِرْكِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ مُبَاحٌ، فَلَمَّا كَانَ هَكَذَا، لَمْ يُنْكِرْ أَنْ يَقُولَ: «أُخِذْتَ» أَيْ: حُبِسَتْ «بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ» ، وَلَمَّا كَانَ حَبْسُهُ هَذَا حَلَالًا بِغَيْرِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ، وَإِرْسَالُهُ مُبَاحًا، جَازَ أَنْ يُحْبَسَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ، لَاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ قَوْلَهُ «أُخِذْتَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ» كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مُوَادَعَةٌ أَوْ صُلْحٌ، فَنَقَضَتْ ثَقِيفٌ الْمُوَادَعَةَ أَوِ الصُّلْحَ بِأَسْرِهِمُ الرَّجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَ الْعُقَيْلِيّ بِنَقْضِ ثَقِيفٍ الْمُوَادَعَةَ أَوِ الصُّلْحَ، وَتَرَكَ بَنُو عَقِيلٍ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ وَمَنَعَهُمْ مِنْ فِعْلِهِمُ الَّذِي كَانَ نَقَضَ الصُّلْحَ أَوِ الْمُوَادَعَةَ

ذكر السنن في الأسارى من المشركين جاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سن في الأسارى سننا ثلاثا، المن، والفداء، والقتل، فمما يدل على المن من سنته وقوله في أسارى بدر: " لو كان المطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له "، ودل

ذِكْرُ السُّنَنِ فِي الْأُسَارَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ سَنَّ فِي الْأُسَارَى سُنَنًا ثَلَاثًا، الْمَنَّ، وَالْفِدَاءَ، وَالْقَتْلَ، فَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْمَنِّ مِنْ سُنَّتِهِ وَقَوْلِهِ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا وَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ» ، وَدَلَّ إِطْلَاقُهُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ بِأَهْلِ مَكَّةَ أَمَّنَهُمْ، فَقَالَ: «مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنً، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٍ، وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ» ، وَمَنَّ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، افْتَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَسَّمَ أَرَاضِيهَا، وَمَنَّ عَلَى رِجَالِهِمْ وَتَرَكَهُمْ عُمَّالًا فِي الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ مُعَامَلَةً عَلَى الشَّطْرِ؛ لِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَخْرَجَهُمْ عُمَرُ حِينَ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْدِيَ بِأُسَارَى الْمُشْرِكِينَ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ خَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ

6619 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا سُنَّتُهُ فِي قَتْلِ الْأُسَارَى فَقَتْلُهُ فَرِيضَةَ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَأَمْرُهُ بِقَتْلِ ابْنِ خَطَلٍ يَوْمَ دَخَلَ مَكَّةَ

6620 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»

6621 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَادَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ أُسَارَى بَدْرٍ، وَكَانَ فِدَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَقَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ قَبْلَ الْفِدَاءِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي كُلَابٍ، فَقَتَلَهُ صَبْرًا، فَقَالَ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ يَا مُحَمَّدُ؟، قَالَ رَسُولُ اللهِ: «النَّارُ»

ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب اختلف أهل العلم في الأسارى، فقالت طائفة: الإمام بالخيار إن شاء من عليهم، وإن شاء قتلهم، وإن شاء فادى بهم، وإن شاء من على بعضهم، وقتل بعضهم، وفادى بعضهم، ولا ينبغي له أن يقتلهم إلا على النظر للمسلمين من تقوية دين

ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأُسَارَى، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ فَادَى بِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَقَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَفَادَى بَعْضَهُمْ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إِلَّا عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ تَقْوِيَةِ دِينِ اللهِ وَتَوْهِينِ عَدُوِّهِ وَغَيْظِهِمْ، وَقَتْلِهِمْ بِكُلِّ حَالٍ مُبَاحٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ: ذَلِكَ إِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ وَإِنْ شَاءَ فَادَى بِهِمْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الْأَسِيرِ: يَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ فَادَى بِهِ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ يَقُولَانِ: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي أَسْرَى الْمُشْرِكِينَ إِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ فَادَى بِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ: إِنْ شَاءَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ فَلَا بَأْسَ، فَإِنْ شَاءَ ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ وَيُصَيِّرَهُمْ فَيْئًا يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ قَتْلُهُمْ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْكَى لِلْعَدُوِّ قَتَلَهُمْ، وَإِنْ رَأَى قَتْلَهُمْ فَلَا يَقْتُلْ شَيْخًا كَبِيرًا، وَلَا مُقْعَدًا وَلَا أَعْمَى وَلَا مُصَابًا وَلَا زَمِنًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَيَكُونُونَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَسْلَمُوا أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا أَوْ يَقْسَمُونَ مَعَ الْقِسْمَةِ

6622 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] الْآيَةَ، قَالَ: " ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانُهُمْ أَنْزَلَ اللهُ بَعْدَ هَذَا فِي الْأُسَارَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] الْآيَةَ، فَجَعَلَ اللهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ، -[226]- إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْا بِهِمْ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدٍ بَعْدُ فِي: اسْتَعْبَدُوهُمْ

ذكر قول من مال إلى القتل ورأى أنه أعلى من المن والفداء روينا عن أبي بكر الصديق، وليس بثابت عنه أنه قال في أسير: يعطى به كذا وكذا: اقتلوه، قتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا، وكان عمر بن عبد العزيز، وعياض بن عقبة بن نافع يقتلان الأسارى، وقال

ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ مَالَ إِلَى الْقَتْلِ وَرَأَى أَنَّهُ أَعْلَى مِنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي أَسِيرٍ: يُعْطَى بِهِ كَذَا وَكَذَا: اقْتُلُوهُ، قَتْلُ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِيَاضُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ يَقْتُلَانِ الْأُسَارَى، وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي أَسِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا يُقْتَلُ فِي الْأُسَارَى، وَالْآخَرُ يُفَادَى: يُفَادَى الَّذِي يُقْتَلُ أَفْضَلُ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأُسَارَى: أَمْثَلُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ مَنْ خِيفَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: الْإِثْخَانُ أَحَبُّ إِلَيَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا يَطْمَعُ بِهِ الْكَثِيرُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ مَنْ يَمِيلُ إِلَى الْقَتْلِ قَوْلُهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: 67] الْآيَةَ 6623 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاؤُدَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أُسَارَى بَدْرٍ، فَاسْتَشَارَ

رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَادِهِمْ، وَقَالَ عُمَرُ: اقْتُلْهُمْ، قَالَ قَائِلٌ: أَرَادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَدْمَ الْإِسْلَامِ، وَيَأْمُرُهُ أَبُو بَكْرٍ بِالْفِدَاءِ، وَقَالَ قَائِلٌ: لَوْ كَانَ فِيهِمْ أَبُو عُمَرَ، أَوْ أَخُوهُ مَا أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَفَادَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَادَ لَيُصِيبُنَا فِي خِلَافِ ابْنِ الْخَطَّابِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، وَلَوْ نَزَلَ الْعَذَابُ مَا أَفْلَتَ إِلَّا عُمَرُ»

6624 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيءَ بِالْأَسَارَى، وَمِنْهُمُ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَذَّبُوكَ، وَأَخْرَجُوكَ، وَقَاتَلُوكَ، قَدِّمْهُمْ، فَأَضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، انْظُرْ وَادِيًا كَثِيرَ الْحَطَبِ فَاضْرِبْهُ عَلَيْهِمْ نَارًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ وَهُوَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ: قَطَعَتْكَ رَحِمُكَ، قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَقَالَ نَاسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، -[228]- حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، مَثَلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] الْآيَةَ، وَمَثَلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ عِيسَى إِذْ قَالَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] الْآيَةَ، وَمَثَلُكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ إِذْ قَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] الْآيَةَ، وَمَثَلُكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ مُوسَى إِذْ قَالَ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوَا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] الْآيَةَ، أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلَا يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُنِي أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ» ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] الْآيَةَ، إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ -[229]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: " {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] الْآيَةَ، فَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: الْإِثْخَانُ الْقَتْلُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ صَاحِبُ الْمَغَازِي: حَتَّى يُثْخِنَ عَدُوَّهُمْ حَتَّى يَنْفِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمَجَازُهُ حَتَّى يَغْلِبَ وَيُبَالِغَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: " {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: 67] الْآيَةَ، أَيْ تَقْتُلُهُمْ لِظُهُورِ الدِّينِ الَّذِي يُرِيدُونَ إِطْفَاءَهُ الَّذِي بِهِ نُدْرِكُ الْآخِرَةَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَتْلُ الْأَسِيرِ خَيْرٌ مِنْ إِمْسَاكِهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] الْآيَةَ، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ بَعْدُ، إِنْ شِئْتَ فَمُنَّ، وَإِنْ شِئْتَ فَفَادِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَوَائِلِ: إِنَّ قَوْلَهُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] الْآيَةَ، نَزَلَ بَعْدَ قَوْلِهِ: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] الْآيَةَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَالسُّدِّيِّ

6625 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57] الْآيَةَ، يَعْنِي " نَكِّلْ بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ

وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: " {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] " قَدْ نَسَخَتْهَا قَوْلُهُ: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57] الْآيَةَ

6626 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ قِيلَ لَهُمُ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ، فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ» ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدٍ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْكُمْ فِيهِمْ» ، فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ»

6627 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ حَبِيبٍ أَبِي يَحْيَى، عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَتْ عَيْنُهُ أُصِيبَتْ بِالسُّوسِ، فَقَالَ: " حَاصَرْنَا مَدِينَتَهَا فَلَقِيَنَا جَهْدًا، وَأَمِيرُ الْجَيْشِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَصَالَحَهُ دِهْقَانٌ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْمَدِينَةَ، وَيُؤَمِّنَ مِائَةً مِنْ أَهْلِهِ، فَفَعَلَ، فَأَخَذَ عَهْدَ أَبِي مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: اعْزِلْهُمْ، فَجَعَلَ يَعْزِلُهُمْ، وَجَعَلَ أَبُو مُوسَى يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَخْدَعَهُ اللهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَعَزَلَ الْمِائَةَ، وَبَقِيَ عَدُوُّ اللهِ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو مُوسَى، قَالَ: فَنَادَى، وَبَذَلَ مَالًا كَثِيرًا، فَأَبَى عَلَيْهِ، وَضَرَبَ عُنُقَهُ

ذكر قول من رأى أن أخذ الفداء والمن على الأسير أعلى من القتل قال أبو بكر: من حجة من مال إلى أخذ الفداء والمن على الأسير أعلى من القتل، أن أكثر أسارى بدر أخذ منهم الفداء، وخبر عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى الرجل برجلين اللذين أسرا

ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنَّ أَخْذَ الْفِدَاءِ وَالْمَنِّ عَلَى الْأَسِيرِ أَعْلَى مِنَ الْقَتْلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِنْ حُجَّةِ مَنْ مَالَ إِلَى أَخْذِ الْفِدَاءِ وَالْمَنِّ عَلَى الْأَسِيرِ أَعْلَى مِنَ الْقَتْلِ، أَنَّ أَكْثَرَ أُسَارَى بَدْرٍ أُخِذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءُ، وَخَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادَى الرَّجُلَ بِرَجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أُسِرَا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى

رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ فَادَى، فَقَسَمَهُمْ، وَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءٌ يَكْرَهَانِ قَتْلَ الْأَسِيرِ، وَقَالَا: مِنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادِهِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُصْنَعُ بِهِ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِ أُسَارَى بَدْرٍ، مِنَّ عَلَيْهِ أَوْ يُفَادَى

6628 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ ثَمَانِينَ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ قِبَلِ جَبَلِ التَّنْعِيمِ لِيُقَاتِلُوهُمْ، فَأَخَذَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذًا وَأَعْتَقَهُمْ، وَأَنْزَلَ اللهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] الْآيَةَ

ذكر الأسير يقتله الرجل من العامة واختلفوا في الأسير يقتله الرجل من العامة، فقالت طائفة: لا شيء عليه، وقد أساء، وليس عليه غرم من قبل أنه لما كان للإمام أن يرسله، ويقتله، ويفادي، وكان حكمه عن حكم الأموال التي ليس للإمام إلا إعطاؤها من أوجف عليه،

ذِكْرُ الْأَسِيرِ يَقْتُلُهُ الرَّجُلُ مِنَ الْعَامَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَسِيرِ يَقْتُلُهُ الرَّجُلُ مِنَ الْعَامَّةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَسَاءَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرْسِلَهُ، وَيَقْتُلَهُ، وَيُفَادِيَ، وَكَانَ حُكْمُهُ عَنْ حُكْمِ الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَ لِلْإِمَامِ إِلَّا إِعْطَاؤُهَا مَنْ أَوْجَفَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَوْ قَتَلَ طِفْلًا أَوِ امْرَأَةً، عُوقِبَ وَغُرِّمَ أَثْمَانَهُمَا، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ إِنْ كَانَ قَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ بِهِ إِلَى الْإِمَامِ بَعْدَمَا أَسَرَهُ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَمَا يَبْلُغُ بِهِ إِلَى الْإِمَامَ أَغْرَمَهُ ثَمَنَهُ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ: وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: وَالْأَسِيرُ لَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يَرْفَعَهُ إِلَى الْإِمَامِ، إِلَّا أَنْ يَخَافَهُ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ أَسِيرَ غَيْرِهِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَالِي لِيَكُونَ لَهُ نِكَايَةً فِي الْعَدُوِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ

ذكر فداء المأسورات بالمال يؤخذ من أهل الحرب مكانهن

ذِكْرُ فِدَاءِ الْمَأْسُورَاتِ بِالْمَالِ يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَكَانَهُنَّ

6629 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُبَيْرُ بْنُ نَوْفٍ أَبُو الْوَدَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَكُنَّا نَعْزِلُ عَنْهُنَّ، نَلْتَمِسُ أَنْ يُفَادَى بِهِنَّ عَنْ أَهْلِهِنَّ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَتَفْعَلُونَ هَذَا؟ وَفِيكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ائْتُوهُ فَاسْأَلُوهُ، -[233]- فَأَتَيْنَاهُ فَسَأَلْنَاهُ، أَوْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ، وَإِذَا قَضَى اللهُ أَمْرًا كَانَ

ذكر إطلاق الأسير بغير مال من معان جامعة

ذِكْرُ إِطْلَاقِ الْأَسِيرِ بِغَيْرِ مَالٍ مِنْ مَعَانٍ جَامِعَةٍ

6630 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ. فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ. وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى -[234]- الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا، وَاللهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

6631 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ، وَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ قَالَ ثُمَامَةُ: وَاللهِ لَا يَأْتِي أَهْلَ مَكَّةَ حَبَّةٌ مِنْ طَعَامٍ حَتَّى يُسْلِمُوا، فَقَدِمَ الْيَمَامَةَ، فَحَبَسَ عَنْهُمُ الْحِمْلَ، حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَكَتَبُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ ثُمَامَةَ قَدْ حَبَسَ عَنَّا الْحِمْلَ، فَكَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ثُمَامَةَ: أَنْ خَلِّ إِلَيْهِمُ الْحِمْلَ، فَخَلَّاهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ إِبَاحَةُ رَبْطِ الْأَسِيرِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِبَاحَةُ دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ، وَإِبَاحَةُ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِلْمُسْلِمِ الْجُنُبِ الَّذِي خَبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجَسٍ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ تَعَاهُدِ الْأُسَارَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِئَلَّا يَضْرِبَهُمُ الْعَطَشُ وَالْجُوعُ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ مَنْ -[235]- رَأَى أَنَّ الْعَرَبَ تُجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقَّ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَهُ مِنْ حَدِيثِ:

6632 - مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: فَأَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُطْلِقَ، فَقَالَ: «قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ يَا ثُمَامَةُ، وَأَعْتَقْتُكَ»

ذكر النهي عن أخذ الدية لجيفة المشرك

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الدِّيَةِ لِجِيفَةِ الْمُشْرِكِ

6633 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ، أَصَابُوا رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلُوا أَنْ يَشْتَرُوا جِيفَتَهُ فَنهَاهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

6634 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُتِلَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْعَثْ إِلَيْنَا بِجَسَدِهِ وَنُعْطِيكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا خَيْرَ فِي جَسَدِهِ، وَلَا فِي ثَمَنِهِ»

اختلاف أهل العلم في بيع الدرهم بالدرهمين من أهل الحرب واختلفوا في بيع الدرهم بالدرهمين من أهل الحرب، فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، هذا قول الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق بن راهويه، ويعقوب، وقال يعقوب: وإنما أحل أبو حنيفة هذا؛ لأن بعض المشيخة حدثنا عن

اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَيَعْقُوبَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: وَإِنَّمَا أَحَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ حَدَّثَنَا عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا رِبَا بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ» وَكَرِهَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ أَقُولُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَهَى عَنِ الرِّبَا نَهْيًا عَامًّا

وجوب فكاك الأسارى من أيدي المشركين

وُجُوبُ فَكَاكِ الْأُسَارَى مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ

6635 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ» قَالَ سُفْيَانُ: وَالْعَانِي الْأَسِيرُ

6636 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، -[237]- عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ 6637 - وَعَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ، وَأَنْ يَفُكُّوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِصْلَاحٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ

6638 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادَى بِرَجُلٍ مِنَ الْعَدُوِّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

6639 - حَدَّثَنَا أَبُو غَانِمٍ الْبُوشَنْجِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ هَنَّادٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدُ، هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ، أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَشَنَنَّا الْغَارَةَ، وَقَتَلْنَا عَلَى الْمَاءِ مَنْ قَتَلْنَا، قَالَ أَبِي: ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ، فِيهِ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ، وَأَنَا أَعْدُو فِي آثَارِهِمْ، فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِيَ إِلَى الْجَبَلِ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ، فَقَامُوا فَجِئْتُ بِهِمْ أَسْوَاقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، حَتَّى أَتَيْتُهُ عَلَى الْمَاءِ، فَإِذَا فِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ، مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ -[238]- هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، وَهِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَبَعَثَ بِهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَفِي أَيْدِيهِمْ أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَفَدَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَفَكَّهُمْ بِهَا

ذكر الأخبار عن الأوائل في هذا الباب

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ عَنِ الْأَوَائِلِ فِي هَذَا الْبَابِ

6640 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ أَسِيرٍ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ فِكَاكَهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ

6641 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ شَرِيكٍ الْعَامِرِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ، قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى مَنْ فِكَاكُ الْأَسِيرِ؟ قَالَ: يَعْنِي عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي تُقَاتِلُ عَنْهَا -[239]- وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ أَعْطَى رَجُلًا مَالًا لِيَخْرُجَ بِهِ يَفْدِي الْأُسَارَى، فَقَالَ: الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّا سَنَجِدُ نَاسًا فَرُّوا إِلَى الْعَدُوِّ طَوْعًا، فَنَفْدِيهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَعَبِيدًا فَرُّوا طَوْعًا، وَإِمَاءً، قَالَ: افْدُوهُمْ، فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ صِنْفًا مِنَ النَّاسِ مِنْ خَيْرِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَمَرَ بِهِ فَفُدِيَ، وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا خَرَجَ الرُّومِيُّ بِالْأَسِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرُدُّوهُ إِلَى الْكُفْرِ، لِيُفَادُوهُ بِمَا اسْتَطَاعُوا. قَالَ اللهُ: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} [البقرة: 85] الْآيَةَ. وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ بَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ يَفْدِي أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْقُسْطَنْطِينَيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَبَوْا أَنْ يَفْدُوا الرَّجُلَ بِالرَّجُلِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: زِدْهُمْ، قَالَ: فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا أَرْبَعًا؟ قَالَ: فَأَعْطِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ مَا سَأَلُوكَ، وَاللهِ لَرَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ عِنْدِي، وَإِنَّكَ مَا فَدَيْتَ بِهِ الْمُسْلِمَ فَقَدْ ظَفِرْتَ، وَإِنَّكَ إِنَّمَا تَشْتَرِي الْإِسْلَامَ، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ رِجَالًا قَدْ تَنَصَّرُوا، فَأَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَفْدِيهِمْ بِمِثْلِ مَا تَفْدِي بِهِ غَيْرَهُمْ، وَقَالَ فِي النِّسَاءِ: وَفِيمَنْ تَنَصَّرَ مِنْهُنَّ مِثْلُ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْعَبِيدِ: إِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَصَالَحْتُ عَظِيمَ الرُّومِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلَيْنِ مِنَ الرُّومِ. -[240]- وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ: أَفْدِيهِمْ بِمِثْلِ مَا تَفْدِي بِهِ غَيْرَهُمْ، وَسُئِلَ مَالِكٌ، وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ افْتِدَاءُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَلَيْسَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يَسْتَنْفِذُوهُمْ، فَقِيلَ: بَلَى، فَقَالَ: فَكَيْفَ لَا يَفْدُوهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى: لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُفَادَى رَأْسٌ بِرُءُوسٍ، أَلَيْسَ قَدْ فادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ لَا يُفَادَى بِالْأَمْوَالِ لَا أَعْرِفُهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: الْفِدَاءُ بِالرُّءُوسِ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَلَوْ رَأْسٌ بِرُءُوسٍ، وَلَكِنْ إِنْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يُفَادُوا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لَا يَحِلُّ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يُفَادِيَهُمْ وَلَوْ بِمَالٍ عَظِيمٍ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا أَوْصَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ طُعِنَ

ذكر ما يجب من حياطة أهل الذمة ومنهم مما يجب منه منع المسلمين

ذِكْرُ مَا يَجِبُ مِنْ حِيَاطَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمِنْهُمْ مِمَّا يَجِبُ مِنْهُ مَنْعُ الْمُسْلِمِينَ

6642 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ فِي وَصِيَّتِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: " أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِكَذَا وَكَذَا، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ. وَذِمَّةِ رَسُولِهِ خَيْرًا، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ -[241]- وَقَالَ عَوَّامٌ: أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ: يُسْبَوْنَ، ثُمَّ يُصِيبُهُمُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ، إِنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ وَيُرَدُّونَ إِلَى ذِمَّتِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنْ يُفْدَى أَسْرَاهُمْ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ: هُمْ وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ إِنْ أَدْرَكُوا أَمْوَالَهُمْ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ كَانُوا أَوْلَى بِهَا، وَإِنْ أَدْرَكُوهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذُوهَا بِالثَّمَنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ غَيْرَ ذَلِكَ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، سَبَاهُمُ الْعَدُوُّ فَبَاعُوهُمْ مِنْ أَهْلِ قُبْرُسَ، ثُمَّ بَاعَهُمْ أَهْلُ قُبْرُسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا خَاصَمُوهُمْ، فَكَتَبَ هِشَامٌ: أَنَّ أَجْرَ بَيْعِهِمْ لِمَنِ اشْتَرَاهُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ أَصَابَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ شَيْئًا مِنَ الْعَدُوِّ، فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ رُدَّ إِلَى ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُنَّ بَيِّنَةٌ، كَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ سَائِرِ الرِّجَالِ الَّذِينَ الْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى

ذكر الحكم في الرجل من المسلمين يشتري أسيرا من أسرى المسلمين من العدو بإذن الأسير أو بغير إذنه أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل اشترى أسيرا من أسرى المسلمين من العدو بأمره بمال معلوم، ودفع عنه بأمره، أن له أن يرجع بذلك عليه. واختلفوا فيه

ذِكْرُ الْحُكْمِ فِي الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْتَرِي أَسِيرًا مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَدُوِّ بِإِذْنِ الْأَسِيرِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ اشْتَرَى أَسِيرًا

مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَدُوِّ بِأَمْرِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَدَفَعَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِنِ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، كَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ قَتَادَةَ، وَأَبُو هَاشِمٍ: يُؤَدِّي إِلَيْهِ الْقَسِيمَةَ الَّتِي اشْتَرَاهُ بِهَا. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا اخْتَلَفَ الْأَسِيرُ وَالْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي: وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ الْغَارِمِ مَعَ يَمِينِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ يَشْرِيهِ الْمُسْلِمُ مِنَ الْعَدُوِّ: إِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ دُفِعَا إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهُمَا بِهِ مَا اشْتَرَاهُمَا، وَيُرَدُّ الذِّمِّيُّ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، يُعْطَاهُ الَّذِي اشْتَرَاهُمَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ ذَلِكَ السُّلْطَانُ، رَأَيْتُ ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرِيَا بِهِ دَيْنًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّذِي اشْتَرَى بِهِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَجِبُ عَلَى الْأَسِيرِ شَيْءٌ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَسِيرِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْأَسِيرِ لَزِمَهُ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ لِلثَّوْرِيِّ: فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ إِذَا أَقَرَّ الْأَسِيرُ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَلَمْ يُؤَقِّتْ لَهُ الثَّمَنَ؟ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا قَالَ الْأَسِيرُ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَشْتَرِيَنِي بِكَذَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَمَرْتَنِي بِكَذَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لِيَلِيَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ الْآمِرُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ

الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْحُرِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ مِنَ الْعَدُوِّ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالُوا فِي التَّاجِرِ يَشْتَرِي مَمْلُوكًا لِمُسْلِمٍ: هُوَ أَسِيرٌ فِي يَدِي الْعَدُوِّ مِنْهُمْ، أَنَّهُ يَصِيرُ لِلَّذِي اشْتَرَاهُ، فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ إِنْ شَاءَ بِالثَّمَنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ أَقُولُ، لَا يَرْجِعُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ، وَإِذَا تَطَوَّعَ بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْزَمَ الْأَسِيرَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً تُوجِبُ لِمُشْتَرٍ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَسِيرِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَالْجَوَابُ فِي الْعَبْدِ يَشْتَرِيهِ التَّاجِرُ مِنَ الْعَدُوِّ، فِيمَا أَخَذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَالْجَوَابِ فِي الْحُرِّ يَأْخُذُهُ مَوْلَاهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي، كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً

ذكر الأسير يرسله العدو على أن يجيئهم بمال أو يبعث به إليهم واختلفوا في الأسير يشتري نفسه من العدو، على أن يبعث بالثمن إليهم. فقالت طائفة: يفي لهم كذلك، قال الحسن البصري، وقال عطاء بن أبي رباح في هذا: يفي لهم، وكذلك، قال أحمد بن حنبل، وقال

ذِكْرُ الْأَسِيرِ يُرْسِلُهُ الْعَدُوُّ عَلَى أَنْ يَجِيئَهُمْ بِمَالٍ أَوْ يَبْعَثَ بِهِ إِلَيْهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَسِيرِ يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنَ الْعَدُوِّ، عَلَى أَنْ يَبْعَثَ بِالثَّمَنِ إِلَيْهِمْ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَفِي لَهُمْ كَذَلِكَ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِي هَذَا: يَفِي لَهُمْ، وَكَذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَوْ يَبْعَثُ فِيمَا قَالَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا خَلَّوْهُ عَلَى فِدَاءٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ إِلَى وَقْتٍ، وَأَخَذُوا عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَدْفَعِ الْفِدَاءَ أَنْ يَرْجِعَ فِي إِسَارِهِمْ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعُودَ فِي إِسَارِهِمْ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنَّهُ يَدَعُهُ إِنْ أَرَادَ الْعَوْدَةَ، فَإِنْ كَانُوا امْتَنَعُوا مِنْ تَخْلِيَتِهِ إِلَّا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِمُوهُ، فَلَا يُعْطِهِمْ مِنْهُ شَيْئًا، لِأَنَّهُ مَالٌ أَكْرَهُوهُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ بِغَيْرِ

حَقٍّ، وَإِنْ صَالَحَهُمْ مُبْتَدِئًا عَلَى شَيْءٍ انْبَغَى لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهِمْ، إِنَّمَا اطَّرَحَ عَنْهُ مَا اسْتَكْرَهَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي نَاسٍ مِنَ الْعَدُوِّ اسْتَأْمَنُوا إِلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ بِ الْأُسَارَى فَيُفَادُوهُمْ، فَأَمَّنَهُمُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ، فَدَخَلُوا لَهُمْ، وَأَسْقَطُوا عَلَيْهِمْ فِي الْفِدَاءِ، وَقَالُوا: يُفَادَى كُلُّ رَجُلٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ تَرُدُّونَهُمْ مَعَنَا إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَكِنْ يُفَادُوهُمْ بِمَا يُفَادَى بِهِ مِثْلُهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا، مَنَعَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَقَالَ لَهُمْ: خُذُوا مِنَّا فِدَاءَ مِثْلِهِمْ، وَإِلَّا فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ، إِلَّا أَنْ يَعْقُوبَ قَالَ: إِذَا اسْتَطَاعُوا فِي الْفِدَاءِ فَادَى الْإِمَامُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِدِيَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا مُكَاتَبِينَ، أَوْ مُدَبَّرِينَ، أَوْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ، أَوْ عُبَيْدٍ مُسْلِمِينَ، فَادَاهُمْ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا، لَمْ يَزِدْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَدَعْهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِنْ أَرْسَلُوهُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ بِفِدَاءٍ، أَوْ رَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِنْ وَجَدَ فَدَاهُ، وَإِلَّا رَجَعَ إِلَيْهِمْ. وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ: يَفِي لَهُمْ بِالْعَهْدِ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْعَدُوِّ يُخَلُّونَ سَبِيلَ الْأَسِيرِ وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ عَلَى أَنَّهُ يَهْرَبُ، وَلَا يُقَاتِلُ، وَيَبْغِيهِمْ شَرًّا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ عَلَى هَذَا، هَلْ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ؟ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ كَانَ جَعَلَ لَهُمْ عَهْدًا فَلْيَفِ بِعَهْدِهِ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَيْهِ عَهْدًا، فَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَهْرُبَ فَلْيَفْعَلْ , وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِذَا خَلَّوْهُ عَلَى أَنْ لَا يَبْرَحَ مِنْ عِنْدِهِمْ، فَأَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ، لَا أَرَى أَنْ يُفَارِقَهُمْ، فَإِنْ هُوَ فَعَلَ كَانَ قَدْ خَتَرَ

بِالْعَهْدِ: وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: إِنْ قَدَرَ عَلَى فِدَاءٍ بَعَثَ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّ هُوَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفِدَاءِ فَلَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى كُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ، فَلَا يَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِمْ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بِقِيمَتِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِيمَا مَضَى

6643 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَخَذَنِي وَأَبِي الْمُشْرِكُونَ أَيَّامَ بَدْرٍ، فَأَخَذُوا عَلَيْنَا عَهْدًا أَنْ لَا نُعِينَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «فَوَلِّهِمْ، وَلَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ» وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمَنْ حُجَّتُهُمْ مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةُ أَبِي بَصِيرٍ فِي أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَهُمْ أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُمْ بَعْدَ الصُّلْحِ مُسْلِمًا، فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ، وَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَرَدَّهُ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يُؤْسَرُ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، يَأْسِرُهُ الرُّومُ يُوثِقُوهُ ثُمَّ يُحِلُّونَهُ بَعْدُ، فَيَهْرَبُ مِنْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا لَا أَرَاهُ أَعْطَاهُمْ عَهْدًا وَلَا مِيثَاقًا، وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ: إِذَا ائْتَمَنُوهُ عَلَى شَيْءٍ لَهُمْ فَلْيُؤَدِّ أَمَانَتَهُ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُمْ، وَيَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ، فَلْيَفْعَلْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِذَا أَمَّنُوهُ، فَأَمْنُهُمْ إِيَّاهُ أَمَانٌ لَهُمْ مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ وَلَا يَخُونَهُمْ، فَأَمَّا الْهَرَبُ بِنَفْسِهِ فَلَهُ الْهَرَبُ، وَإِنْ أُدْرِكَ لِيُؤْخَذَ، -[246]- فَلَهُ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ قَتَلَ الَّذِي أَدْرَكَهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِيُؤْخَذَ إِحْدَاثٌ مِنَ الطَّالِبِ غَيْرَ الْأَمَانِ، فَيَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ وَيَأْخُذُ مَالَهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْ طَلَبِهِ

ذكر رقيق أهل الحرب يخرجون إلى دار الإسلام

ذِكْرُ رَقِيقِ أَهْلِ الْحَرْبِ يَخْرُجُونَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ

6644 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَعْتَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الطَّائِفِ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ

6645 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ أَهْلَ الطَّائِفِ، بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ عَبْدًا، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

6646 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: خَرَجَ عِبْدَانٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ -[247]- مَوَالِيهِمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمْ، وَقَالَ: «هُمْ عُتَقَاءُ اللهِ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْعَبْدُ يَجِيءُ فَيُسْلِمُ، ثُمَّ يَجِيءُ سَيِّدَهُ بَعْدُ، فَيُسَلِّمُ، قَالَ: لَا يُرَدُّ إِلَيْهِ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ جَاءَ الْعَبْدُ فَأَسْلَمَ، رُدَّ إِلَى سَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي بِلَادِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا، قَالَ: هُوَ حُرٌّ وَهُوَ أَخُوهُمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الْعَبْدِ مِنْ عَبِيدِ الْعَدُوِّ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُسْلِمُ، قَالَ اللَّيْثُ هُوَ حُرٌّ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسْلِمَ وَرَضِيَ بِالْخَيْرِيَّةِ، فَذَلِكَ لَهُ، وَيُتْرَكُ مَا أَرَادَ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَقِيقَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، إِنْ أَسْلَمُوا أَنَّ بَيْعَهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ -[248]- وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، يَقُولَانِ: إِذَا أَسَرَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا، فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ، وَيُبَاعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْحَرْبِيِّ يَدْخُلُ إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَيَشْتَرِي عَبْدًا مُسْلِمًا ثُمَّ يُدْخِلُهُ مَعَهُ دَارَ الْحَرْبِ، قَالَ: يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَعْتِقُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا لَا يَعْتِقُ، وَلَكِنَّهُ إِذَا صَارَ إِلَيْنَا بِأَمَانِ أَوْ غَيْرِهِ بِيعَ عَلَيْهِ

ذكر التفرقة بين الجماعة من السبي يصيرون في ملك الرجل من المسلمين جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة "

ذِكْرُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ مِنَ السَّبْيِ يَصِيرُونَ فِي مِلْكِ الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

6647 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ:: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنِ الْوَلَدِ وَبَيْنَ أُمِّهِ، وَالْوَلَدُ طِفْلٌ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ، وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ أُمِّهِ، غَيْرُ جَائِزٍ. قَالَ بِجُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ: وَإِنِ اخْتَلَفَ أَلْفَاظٌ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَعِيُّ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

ذكر الأخبار التي روينا عن الأوائل في هذا الباب

ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِّينَا عَنِ الْأَوَائِلِ فِي هَذَا الْبَابِ

6648 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، كَتَبَ إِلَيْهِ يَقُولُ: «لَا تُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ» ، يَعْنِي فِي الْبَيْعِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ

6649 - حَدَّثَنِيهِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ حَمَّادٍ 6650 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ، أَنَّ عُمَرَ، كَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ مِائَةً مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهِمْ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ لَا تَشْتَرِيَ مِنْهُمْ أَحَدًا تُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدَتِهِ أَوْ وَالِدِهِ

6651 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، قَدِمَ بِسَبْيٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَصُفُّوا، فَقَامَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَقَالَتْ: بِيعَ ابْنِي فِي بَنِي عَبْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي أُسَيْدٍ: «لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ بِهِ كَمَا بِعْتَهُ بِالْيَمَنِ» فَرَكِبَ أَبُو أُسَيْدٍ فَجَاءَ بِهِ

6652 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مَنْ، سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: " لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، قَالَ سَالِمٌ: وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلِ الْقَسْمُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: «وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلِ الْقَسْمُ» وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: حَدُّ ذَلِكَ ثَغْرٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ حَدَّ ذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسَهُ، وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الصِّغَرِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَصِيرَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالرَّبِيعُ عَنْهُ. وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَلْبَسُ وَحْدَهُ وَيَتَوَضَّأُ وَحْدَهُ، وَيَأْكُلُ وَحْدَهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَهَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ. -[251]- وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا تُولَهُ امْرَأَةٌ عَنْ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: لَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ حَتَّى يُرْفَعَ عَنْهُ اسْمُ الْيَتِيمِ

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى فِي السَّبْيِ «أَنْ لَا يُولَهُ وَلَدٌ عَنْ وَالِدَتِهِ» 6653 - ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَخْبَرَنِي عَنِ ابْنِ وَهْبٍ " عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ وَحِكَايَةُ سَعِيدٍ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلٌ خَامِسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَوْلًا سَادِسًا، قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَنِ الَّذِي يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ مِنَ السَّبَايَا؟ قَالَ: السَّبْيُ خَاصَّةً لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: وَقَدْ تَرَخَّصَ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْوَلَدَيْنِ مِنْهُمْ، فَأَمَّا السَّبْيُ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ، قَالَ: فَالْمُحْتَلِمَيْنِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُمِّهَا وَالْأَخَوَيْنِ، قَالَ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ، قُلْتُ لَهُ: وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ سَوَاءٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لَهُ: وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ عُثْمَانُ حِينَ قَالَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ أَهْلِ الْبَيْتِ: بُدٌّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ كِبَارٌ، وَقَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا إِذَا كَانُوا صِغَارًا، وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً أَوْ غِلْمَانًا قَدِ احْتَلَمُوا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إِلَّا مَا رُوِّينَاهُ، عَنْ عُمَرَ هُوَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَالِدَتِهِ فِي الْبَيْعِ، وَأَحْسَبُ أَنَّ الْحَدِيثَ هُوَ عَنْ عُثْمَانَ، وَلَكِنَّ الَّذِي حَدَّثَنِي، قَالَ: عَنْ عُمَرَ فَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَالِدِهِ فَإِنَّ مَالِكًا قِيلَ لَهُ: أَفَرَأَيْتَ الْوَالِدَ وَوَلَدَهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ. -[252]- وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي الْبَيْعِ، وَبَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَتَّى يَبْلُغَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: أَمَّا الْأَبُ وَالْأَخُ وَالْوَلَدُ فَهُوَ أَبْيَنُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ، وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ فِي الْبَيْعِ، وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ كُلِّ مَنْ يَرَى أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ. وَيُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ سَبْعَ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانَ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ، وَلَمْ تُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ، قِيلَ: السُّنَّةُ فِي الْوَلَدِ وَأُمِّهِ، وَوَجَدْتُ حَالَ الْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ مُخَالِفًا حَالَ الْأَخِ مِنْ أَخِيهِ، وَوَجَدْتُنِي أَجْبُرُ الْوَلَدَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَالِدِ، وَالْوَالِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَذَكَرَ كَلَامًا تَرَكْتُ ذِكْرَهُ هَا هُنَا

ذكر التفرقة بين الإخوة وبين سائر القرابات اختلف أهل العلم في التفرقة بين الإخوة وكل ذي محرم من الرجال والنساء. فقالت طائفة: لا يفرق بين شيء من السبي، وكذلك قال أحمد بن حنبل، قيل له: والصغير والكبير، والذكر والأنثى سواء؟ قال: نعم

ذِكْرُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَكُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ شَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قِيلَ لَهُ: وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ

6654 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «أَنْ لَا، يُفَرِّقَ بَيْنَ أَخَوَيْنِ، يَعْنِي فِي الْبَيْعِ»

6655 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ، وَلَا بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فِي الْبَيْعِ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: كَتَبَ إِلَيَّ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ بِذَلِكَ

6656 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ قَالَتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى مَدِينَةِ مَقْنَا فَأَصَابَ مِنْهُمْ سَبَايَا فِيهِمْ ضُمَيْرَةُ مَوْلَى عَلِيٍّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعِهِمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ: «مَا لَهُمْ يَبْكُونَ؟» قَالَ: فَرَّقْنَا بَيْنَهُمْ وَهُمْ إِخْوَةٌ، فَقَالَ: «لَا تُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ بِيعُوهُمْ جَمِيعًا» وَقَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَرَابَةِ فِي الْبَيْعِ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، وَالْأَخِ وَأُخْتِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَنْبَغِي لِوَالِي الْجَيْشِ إِذَا أَصَابُوا غَنِيمَةً مِنَ الْعَدُوِّ وَفِيهِمْ رَقِيقٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ أَوْ يَبِيعَهُمْ وَفِيهِمْ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ، وَمَعَهُمَا وَلَدٌ -[254]- صَغِيرٌ: أَسْلَمُوا أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُمْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الرَّقِيقَ مَا يَصِيرُ هَذَا الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ لَهُمْ جَعَلَهُمْ لِعِدَّةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ ذَلِكَ بَاعَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ هُوَ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ جَازَ ذَلِكَ. وَقَدْ آسَى فِي قَوْلِ النُّعْمَانِ وَزُفَرَ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ: فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ أَوْ يَسْتَرِدَّهُمْ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا وَبَيْنَهُمْ، أَوْ يَجْعَلَهُمْ فِي سَهْمِ رَجُلٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا صَغِيرٌ وَلَمْ يُسْبَى أَبُوهُ مَعَهُمَا، أَوْ كَانَ رَجُلٌ وَوَلَدٌ لَهُ صَغِيرٌ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أُمُّ الصَّبِيِّ، أَوْ كَانَ غُلَامَانِ آخَرَانِ صَغِيرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أَبَوَيْهِمَا، كَذَلِكَ الْأُخْتَانِ، كَذَلِكَ الرَّجُلُ وَابْنُ أَخِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ أَوِ الصِّبْيَةُ إِذَا كَانَتْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَّةٌ، أَوْ خَالَةٌ، أَوْ جَدٌّ، أَوْ جَدَّتُهُ، أَوِ ابْنُ أَخِيهِ، أَوْ ذُو رَحِمٍ مُحَرَّمٍ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي قِسْمَةٍ وَلَا بَيْعٍ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ سَمَّيْنَا فَقَدْ أَسَاءَ فِي ذَلِكَ، وَجَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ، وَإِنْ فَرَّقَ اسْتَرَدَّهُمَا حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يُصَيِّرَهُمَا جَمِيعًا فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَبِيعَهُمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ، وَلَا بَأْسَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا إِذَا كَانُوا فِي السَّبْيِ فِي الْقَسْمِ وَالْبَيْعِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا مَا دَامُوا صِغَارًا، وَإِذَا كَانُوا كِبَارًا قَدْ أَدْرَكُوا وَلَيْسَ فِيهِمْ صَغِيرٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ مَنْ سِوَى الْوَالِدَيْنِ وَالْوَالِدِ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. -[255]- وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي الْبَيْعِ، وَبَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، وَلَا يُفَرَّقُوا بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، حَتَّى يَبْلُغَ وَحْدَهُ أَنْ يَبِيعَ نَفْسَهُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرَةَ: الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمُ الْوَالِدَةُ وَوَلَدِهَا، وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ؛ لِأَنَّ هَذَا حَالٌ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهُ حُكْمُ الْأَبِ كَحُكْمِ الْأُمِّ فِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ الطِّفْلِ كَمَا قُلْنَا فِي الْأُمِّ سَوَاءً، لَكَانَ مَذْهَبًا حَسَنًا، فَأَمَّا سَائِرُ الْقَرَابَاتِ فَالْمَنْعُ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ، إِذَا لَا أَعْلَمُ مَعَ مَنْ مَنَعَ مِنْهُ حُجَّةٌ تَلْزَمُ، وَاللهُ أَعْلَمُ

جماع أبواب الأمان

جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَمَانِ

ذكر الخبر الدال على أن دم الكافر يحرم بأن يعطيه الأمان رجل من العامة غير الإمام

ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ دَمَ الْكَافِرِ يَحْرُمُ بِأَنْ يُعْطِيَهُ الْأَمَانَ رَجُلٌ مِنَ الْعَامَّةِ غَيْرَ الْإِمَامِ

6657 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، وَأَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَجَارَ رَجُلًا وَهُوَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ عَمْرٌو -[256]- وَخَالِدٌ: لَا يُجِيرُ مَنْ أَجَارَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَلَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ»

6658 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ»

ذكر خبر يوافق ظاهر خبر أبي عبيدة بإجازة أمان كل مسلم كان أدناهم أو أفضلهم

ذِكْرُ خَبَرٍ يُوَافِقُ ظَاهِرَ خَبَرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بِإِجَازَةِ أَمَانِ كُلِّ مُسْلِمٍ كَانَ أَدْنَاهُمْ أَوْ أَفْضَلَهُمْ

6659 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَقْصَاهُمْ»

ذكر إجازة أمان العبد المسلم وإن لم يقاتل

ذِكْرُ إِجَازَةِ أَمَانِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ

6660 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى عَلِيٍّ أَنَا وَرَجُلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا بِمَ يَعْهَدُهُ إِلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي قِرَابِي هَذَا، قَالَ: فَأَخْرَجَ كِتَابًا، فَإِذَا فِي كِتَابِهِ ذَلِكَ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوِ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»

6661 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَا كَانَ حَلِيفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، تُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدِهِمْ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُؤْمِنِ، وَلَا جَنَبَ وَلَا جَلَبَ، وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا فِي دُورِهِمْ»

6662 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عِنْدَنَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابٍ شَيْءٌ إِلَّا كِتَابَ اللهِ، وَشَيْءٌ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَالْعَدْلُ: هِيَ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، وَالصَّرْفُ: صَلَاةُ التَّطَوُّعِ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَيُقَالُ: الْعَدْلُ: الْفِدْيَةُ، وَالصَّرْفُ: التَّوْبَةُ

ذكر أمان العبد أجمع أهل العلم أن أمان والي الجيش أو الرجل الحر الذي يقاتل جائز على جمعهم. واختلفوا في أمان العبد فأجازت طائفة، ممن أجاز ذلك عمر بن الخطاب:

ذِكْرُ أَمَانِ الْعَبْدِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ أَمَانَ وَالِي الْجَيْشِ أَوِ الرَّجُلِ الْحُرِّ الَّذِي يُقَاتِلُ جَائِزٌ عَلَى جَمْعِهِمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَمَانِ الْعَبْدِ فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ، مِمَّنْ أَجَازَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:

6663 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَالِ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُضَيْلٌ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: حَاصَرْنَا حِصْنًا يُقَالُ لَهُ: صَهْرَتَاجُ، فَحَاصَرْنَاهُمْ، فَقُلْنَا: نَرُوحُ إِلَيْهِمْ، فَكَتَبَ عَبْدٌ مِنِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَهْمٍ فِي أَمَانِهِمْ، فَرَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجْنَا إِلَيْهِمْ فِي مَوَانِهِ إِلَيْنَا فَكَفَفْنَا عَنْهُمْ، وَكَتَبْنَا فِي ذَلِكَ -[259]- إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَتَبَ: «أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ، أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ فَوفَّيْنَا لَهُمْ» وَمِمَّنْ أَجَازَ أَمَانَ الْعَبْدِ وَلَمْ يَشْرِطْ كَانَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ أَوْ لَمْ يَكُنْ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَرَى أَنْ يُجَازَ جِوَارُهُ، أَوْ رُدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَمَانُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ يُقَاتِلُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاتِلُ، وَإِنَّمَا يَخْدِمُ مَوْلَاهُ، فَأَمَّنَهُمْ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَمَانًا لَهُمْ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ، ثُمَّ قَالَا: وَأَمَّا الْأَجِيرُ، أَوِ الْوَكِيلُ، أَوِ الْمُسْتَوْفِي إِذَا كَانُوا أَحْرَارًا، فَأَمَانُهُمْ جَائِزٌ، قَاتِلُوا، أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّازِمُ إِذَا كَانَ يُجِيزُونَ أَمَانَ الْأَجِيرِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَكَانَ فِي خِدْمَةِ صَاحِبِهِ، أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ أَمَانُ الْعَبْدِ يَلْزَمُ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فِي الْعَبْدِ أَنْ يُقَاتِلَ، فَالْأَجِيرُ الَّذِي لَا يُقَاتِلُ، لَمْ يَجُزْ أَمَانُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: «يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» قَوْلُهُ: «يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ» وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ قَاتَلَ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَكَذَلِكَ لَمَّا أَجَازَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَانَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، لَمْ يَذْكُرْ قَاتَلَ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ -[260]- فَرْقٌ لَذَكَرَهُ، وَهُمْ قَدْ يُجِيزُونَ أَمَانَ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ لَمْ تُقَاتِلْ، وَأَمَانَ الرَّجُلِ الْمَرِيضِ، وَالْجَبَانِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا، وَقَوْلُهُمْ: خَارِجٌ عَنْ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، مُخَالِفٌ لَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ

ذكر أمان المرأة

ذِكْرُ أَمَانِ الْمَرْأَةِ

6664 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ ابْنَةَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلَى أَنَّهُ قَاتِلٌ مَنْ أَجَرْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ»

6665 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِذَلِكَ 6666 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي مُرَّة مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَجَرْتُ حَمْوَيْنِ لِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَفَلَّتَ عَلَيْهِمَا لِيَقْتُلَهُمَا، وَقَالَ: لَمْ تُجِيرِينَ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ، لَا تَقْتُلْهُمَا حَتَّى تَبْدَأَ بِي قَبْلَهُمَا، فَخَرَجْتُ، وَقُلْتُ: أَغْلِقُوا دُونَهُ الْبَابَ، -[261]- وَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «مَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَقَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتَ، وَأَجَرَنَا مَنْ أَجَرْتَ»

6667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، أُسِرَ بِطَرِيقِ الشَّامِ، فَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَارَتْ»

ذكر ما حفظناه عن أهل العلم في هذا الباب أجمع عامة من تحفظ عنه من أهل العلم على أن أمان المرأة الحرة جائز " وقالت عائشة: إن كانت المرأة لتجير على المسلمين " فيجوز

ذِكْرُ مَا حَفِظْنَاهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ أَجْمَعَ عَامَّةُ مَنْ تَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَمَانَ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ جَائِزٌ " وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ " فَيَجُوزُ

6668 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتَأْخُذُ عَلَى الْقَوْمِ تَقُولُ: «تُجِيرُ عَلَيْهِمْ» -[262]- وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ أَمَانَ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ: وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ إِجَارَةُ أُمِّ هَانِئٍ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمْضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا ذَلِكَ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، إِلَّا شَيْئًا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ صَاحِبُ مَالِكٍ، لَا أَحْفَظُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، سُئِلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنِ الْأَمَانِ إِلَى مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: ذَاكَ إِلَى الْأَئِمَّةِ، وَوَالِي الْجَيْشِ، وَوَالِي السَّرِيَّةِ، وَالْجَيْشِ، قِيلَ: فَمَا جَاءَ أَنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَمَا جَاءَ مِنْ أَمْرِ أُمِّ هَانِئٍ، وَمَنْ أَجَارَتْ، فَقَالَ: لَعَلَّ الَّذِي جَاءَ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّمَا كَانَ بَعْدَمَا بَاتَتْ وُجُوهُهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَوْلَى، وَهُوَ الْمُصْلِحُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَاصَّةً، فَأَمَّا أَمْرُ الْأَمَانِ، فَهُوَ إِلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ فِيمَا أَعْلَمُ مِنْ أَعْظَمِ مَا اسْتَعْمَلَ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتْرُكُ ظَاهِرَ الْأَخْبَارِ بِأَنْ يُكَرِّرَ «لَعَلَّ» فِي كَلَامِهِ، وَقَلَّ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ يَحْتَمِلُ «لَعَلَّ» وَتَرْكُ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْعِلَلِ، وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» ، دَلِيلٌ عَلَى إِغْفَالِ هَذَا الْقَائِلِ، ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ خَبَرِ أُمِّ هَانِئٍ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخِلَافُ قَوْلِ عَائِشَةَ، وَخِلَافُ مَا قَالَ أُسْتَاذُهُ مَالِكٌ، وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَأَهْلُ الرَّأْيِ، وَبِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، كَانَ يَجُوزُ

ذكر أمان الذمي أجمع أكثر من نحفظ من أهل العلم على أن أمان الذمي لا يجوز، كذلك قال الأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. قال أبو بكر: وكذلك نقول: ولو قال قائل: إن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ذِكْرُ أَمَانِ الذِّمِّيِّ أَجْمَعَ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَمَانَ الذِّمِّيِّ لَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ " كَالدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يُجِيرُ عَلَيْهِمْ، لَكَانَ مَذْهَبًا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ أَشْيَاخًا يَقُولُونَ: لَا جِوَارَ لِلصَّبِيِّ، وَالْمُعَاهِدِ، فَإِنْ أَجَارُوا، فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ، فَإِنْ أَحَبَّ أَمْضَى جِوَارَهُمْ، وَإِنْ أَحَبَّ رَدَّهُ، فَإِنْ أَمْضَاهُ، فَهُوَ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ تَعَيَّنَ رَدَّهُ إِلَى مَأْمَنِهِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ غَزَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ أَجْرَاهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ إِلَى مَأْمَنِهِ

ذكر أمان الصبي وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن أمان الصبي غير جائز، وممن حفظت عنه ذلك سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي

ذِكْرُ أَمَانِ الصَّبِيِّ وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَمَانَ الصَّبِيِّ غَيْرُ جَائِزٍ، وَمِمَّنْ حَفِظْتُ عَنْهُ ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ

ذكر الإشارة بالأمان

ذِكْرُ الْإِشَارَةِ بِالْأَمَانِ

6669 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «وَاللهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ، أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ إِلَى السَّمَاءِ إِلَى مُشْرِكٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَتَلَهُ لَقَتَلْتُهُ بِهِ» وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: الْإِشَارَةُ بِالْأَمَانِ أَمَانٌ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ لَمْ أُؤَمِّنْهُمْ بِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، فَلَيْسُوا بِآمِنِينَ، إِلَّا أَنْ يُجَدِّدَ لَهُمُ الْوَالِي أَمَانًا، وَعَلَى الْوَالِي إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ، أَوْ قَالَ: وَهُوَ حَيُّ لَمْ أُؤَمِّنْهُمْ أَنْ يَرُدَّهُمْ إِلَى مَأْمَنِهِمْ، وَيَنْبِذَ إِلَيْهِمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْإِشَارَةُ بِالْأَمَانِ إِذَا فُهِمَ عَنِ الْمُشِيرِ، يَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَشَارَ إِلَى الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُ فِي الصَّلَاةِ بِالْقُعُودِ، فَقَعَدُوا

ذكر إعطاء الأمان بأي لغة تفهم أعطوا بها الأمان

ذِكْرُ إِعْطَاءِ الْأَمَانِ بِأَيِّ لُغَةٍ تُفْهَمُ أَعْطُوا بِهَا الْأَمَانَ

6670 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، -[265]- حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَنَحْنُ مُحَاصِرُوا قَصْرٍ، فَقَالَ: " إِذَا حَاصَرْتُمْ قَصْرًا، فَلَا تَقُولُوا لَهُمُ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ اللهِ وَحُكْمِنَا، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللهِ، وَلَكِنِ انْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِمْ، ثُمَّ احكُمُوا فِيهِمْ مَا شِئْتُمْ، وَإِذَا لَقِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، فَقَالَ: مَتْرَسْ، فَقَدْ أَمَّنَهُ، وَإِذَا قَالَ: لَا تَخَفْ، فَقَدْ أَمَّنَهُ، وَإِذَا قَالَ: لَا تَدْهَلْ، فَقَدْ أَمَّنَهُ، إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ "

6671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ أَبُو مُوسَى تُسْتَرَ، وَأَتَى بِالْهُرْمُزَانِ أَسِيرًا، فَقَدِمْتُ بِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ تَكَلَّمْ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: بِلِسَانِ مَيِّتٍ أَتَكَلَّمُ أَمْ بِلِسَانِ حَيٍّ؟ فَقَالَ: تَكَلَّمْ، فَلَا بَأْسَ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: إِنَّا وَإِيَّاكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ كَفَانَا مَا خَلَّى اللهُ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لَكُمْ بِنَا يَدَانِ، فَلَمَّا كَانَ اللهُ مَعَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لَنَا لَكُمْ يَدَانِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ: كَانَ اللهُ مَعَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لَنَا بِكُمْ يَدَانِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ قَدْ أَمَّنْتُهُ، قَالَ: كَلَّا، وَلَكِنَّكَ ارْتَشَيْتَ مِنْهُ، وَفَعَلْتَ، وَفَعَلْتَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَيْسَ إِلَى قَتْلِهِ سَبِيلٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ أَسْتَحْيِيهِ بَعْدَ قَتْلِهِ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ، وَمَجْزَأَةَ بْنَ ثَوْرٍ، ثُمَّ قَالَ: هَاتِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا تَقُولُ، فَقَالَ -[266]- الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: قَدْ قُلْتُ لَهُ تَكَلَّمْ، فَلَا بَأْسَ، فَدَرَأَ عَنْهُ عُمَرُ الْقَتْلَ، وَأَسْلَمَ، فَفَرَضَ لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ أَلْفَيْنِ، شَكَّ هُشَيْمٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَكَرَ مَالِكٌ قِصَّةَ الْهُرْمُزَانِ مُخْتَصَرًا، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سُئِلَ أَظُنُّهُ الثَّوْرِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْعِلْجَ، فَيَقُولُ لَهُ: قُمْ، أَوْ أَلْقِ سِلَاحَكَ، فَفَعَلَ، قَالَ: رَفَعَ عَنْهُ الْقَتْلَ، أَوْ يُلْقَى فِي الْمُقْسِمِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ، كَأَنَّهُ قَدْ أَمَّنَهُ لِهَذَا الْقَوْلِ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كُلُّ شَيْءٍ يَرَى الْعِلْجُ أَنَّهُ أَمَانٌ، فَهُوَ أَمَانٌ. قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ: إِذَا قَالَ: قِفْ، أَوْ قُمْ، أَوْ أَلْقِ سِلَاحَكَ، وَنَحْوَ هَذَا بِلِسَانِهِ أَوْ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَوَقَفَ، فَلَا قَتْلَ عَلَيْهِ، وَيُبَاعُ إِلَّا أَنْ يِدَّعِيَ أَمَانًا، وَيَقُولُ: إِنَّمَا رَجَعْتُ، أَوْ وَقَفْتُ لِنِدَاكَ، فَهُوَ آمِنٌ، وَقَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِعِلْجٍ، وَهُوَ فِي حِصْنِهِ: اخْرُجْ، فَخَرَجَ، قَالَ: لَا تَعْرِضْ لَهُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْحَرْبِ: أَنْتَ آمِنٌ، أَوْ قَالَ: قَدْ أَمَّنْتُكَ، أَوْ قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، أَوْ قَالَ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: مَتْرَسْ، أَوَ قَدْ أَمِنْتَ، فَهُوَ آمِنٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ

ذكر أمان الأسير والتاجر كان سفيان الثوري يقول في أمان الأسير، والتاجر من المسلمين في أرض الحرب يؤمنان المشركين: لا يجوز أمانهما على المسلمين. وقال أحمد في أمان الأجير جائز، وقيل لأحمد: لو أن أسرى في عمورية نزل بهم المسلمون، فقال الأسرى: أنتم آمنون

ذِكْرُ أَمَانِ الْأَسِيرِ وَالتَّاجِرِ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي أَمَانِ الْأَسِيرِ، وَالتَّاجِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَرْضَ الْحَرْبَ يْؤَمِّنَانِ الْمُشْرِكِينَ: لَا يَجُوزُ أَمَانُهُمَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. -[267]- وَقَالَ أَحْمَدُ فِي أَمَانِ الْأَجِيرِ جَائِزٌ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: لَوْ أَنَّ أَسْرَى فِي عَمُّورِيَّةَ نَزَلَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونِ، فَقَالَ الْأَسْرَى: أَنْتُمْ آمِنُونَ يُرِيدُ مِنْ ذَلِكَ الْقُرْبَةَ إِلَيْهِمْ، قَالَ: يَرْحَلُونَ عَنْهُمْ

ذكر المشرك يطلب الأمان ليسمع كتاب الله، وشرائع الإسلام، أيرد هذا، ومن أشبهه إلى مأمنه قال الله جل ذكره: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه الآية. روينا عن قتادة، أنه قال في قوله: حتى يسمع كلام الله أي كتاب الله،

ذِكْرُ الْمُشْرِكِ يَطْلُبُ الْأَمَانَ لَيَسْمَعَ كِتَابَ اللهِ، وَشَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، أَيُرَدُّ هَذَا، وَمَنْ أَشْبَهَهُ إِلَى مَأْمَنِهِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] الْآيَةَ. رُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ} [التوبة: 6] أَيْ كِتَابَ اللهِ، فَإِنْ أَمِنَ، فَهُوَ الَّذِي دَنَا إِلَيْهِ، وَإِنْ أَبَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَهُ مَأْمَنَهُ، وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ: إِذَا قَالَ حَيْثُ أَسْمَعُ كَلَامَ اللهِ لَمْ يُؤْذَنْ بِحَرْبٍ، حَتَّى يُسْمَعَ مَا حَالُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى النَّاسِ. وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ مِثْلُهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: " {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] الْآيَةَ، وَإِبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَمَا كَانَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ،

أَوْ حَيْثُ مَا اتَّصَلَ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ قَرَبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ، قَالَ: ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ مِنْكَ، أَوْ مِمَّنْ يَقْتُلُهُ عَلَى دِينِكَ مِمَّنْ يُطِيعُكَ، لَا أَمَانَةَ مِنْ غَيْرِكَ مِنْ عَدُوِّكَ أَوْ عَدُوِّهِ الَّذِي لَا يَأْمَنُهُ وَلَا يُطِيعُكَ، فَإِذَا أَبْلَغَهُ الْإِمَامُ أَدْنَى بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ شَيْئًا فَقَدْ بَلَّغَهُ مَأْمَنَهُ الَّذِي كَلَّفَهُ، إِذَا أَخْرَجَهُ سَالِمًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ عَهْدِهِمْ، قَالَ: فَإِنْ قُطِعَ بِهِ بِلَادَنَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ كُلِّفَ الْمَشْيَ وَرَدَّهُ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، وَإِنْ عَرَضَ إِعْطَاءَ الْجِزْيَةِ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ كُلِّفَ الْمَشْيَ وَزُوِّدَ، أَوْ حُمِّلَ وَلَمْ يَقِرَّ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَأُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ عَشِيرَتُهُ الَّتِي يَأْمَنُ فِيهَا بَعِيدًا، فَأَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ أَبْعَدَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَأْمَنَانِ، فَعَلَى الْإِمَامِ إِلْحَاقُهُ بِحَيْثُ كَانَ يَسْكُنُ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِلَادَا شِرْكٍ يَسْكُنْهُمَا مَعًا، أَلْحَقَهُ الْإِمَامُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَمَتَى سَأَلَهُ أَنْ يُجِيرَهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ، ثُمَّ يُبْلِغَهُ مَأْمَنَهُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَى الْإِمَامِ، وَلَوْ لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ مَوْضِعَهُ الَّذِي اسْتَأْمَنَهُ مِنْهُ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ

ذكر الحربي يصاب في دار الإسلام ويقول: جئت مستأمنا اختلف أهل العلم في الحربي يوجد في دار الإسلام، ويقول: جئت مستأمنا، فقالت طائفة: الإمام في ذلك بالخيار يرى فيهم رأيه، كذلك قال مالك بن أنس، وقال الأوزاعي: إذا وجد ليس معه سلاح فأمره إلى الإمام، إن

ذِكْرُ الْحَرْبِيِّ يُصَابُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَيَقُولُ: جِئْتُ مُسْتَأْمَنًا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَرْبِيِّ يُوجَدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَيَقُولُ: جِئْتُ مُسْتَأْمَنًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا وُجِدَ لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ فَأَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَحْيَاهُ،

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا قَالَ: جِئْتُ رَسُولًا، أَوْ نُرِيدُ إِلَى إِمَامِكُمْ إِنْ وُجِدَ ظَاهِرًا، وَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَهُوَ آمِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ كِتَابٌ، وَقَالَ: جِئْتُ رَسُولًا، قَالَ: إِنْ وُجِدَ ظَاهِرًا أُمِّنَ أَوْ رُدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ رَجُلٌ وَقَدْ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَعَلَى الْقَاتِلِ دِيَتُهُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ، وَقَالَ: جِئْتُ رَسُولًا مُبَلِّغًا، قَبْلَ مِنْهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ، فَإِنِ ارْتَبْتَ بِهِ حُلِّفَ، فَإِذَا حَلَفَ تُرِكَ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ سِلَاحٌ، وَكَانَ مُنْفَرِدًا لَيْسَ فِي جَمَاعَةٍ يَمْتَنِعُ مِثْلُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. قَالَ: وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِغَيْرِ عَقْدٍ، عَقَدَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَأَرَادَ الْمُقَامَ مَعَهُمْ، فَهَذِهِ الدَّارُ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، أَوْ مُعْطِي الْجِزْيَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قِيلَ لَهُ: أَدِّ الْجِزْيَةَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ إِلَى مَأْمَنِكَ، فَإِنِ اسْتُنْظِرَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَلَّا يُنْظَرَ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَسِيحُوا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَكْثَرُ مَا يُجْعَلُ لَهُ أَنْ لَا يَبْلُغَ بِهِ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ فِي حَوْلٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَلَا يُنْظَرُ، إِلَّا دُونَ الْحَوْلِ، وَإِذَا دَخَلَ الْقَوْمُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِتِجَارَةٍ ظَاهِرِينَ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ حَالَ هَؤُلَاءِ حَالُ مَنْ لَمْ يَزَلْ يُؤَمَّنُ مِنَ التُّجَّارِ، وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ مُشْرِكًا، ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَالِهِ، وَلَوْ قَاتَلَ فَأُسِرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ الْإِسَارِ فَهُوَ فَيْءٌ وَمَالُهُ، وَلَا سَبِيلَ عَلَى دَمِهِ لِلْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَسْلَمَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ، أَحْرَزَ لَهُ إِسْلَامُهُ

دَمَهُ وَمَالَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ رِقٌّ، وَهَكَذَا إِنْ صَلَّى فَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ، أَمْسَكَ عَنْهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي الرَّجُلِ يُوجَدُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ عَهْدٍ: إِذَا جَاءَ عَلَى وَجْهِ فِدَاءِ أُسَارَى، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، رُدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي رَجُلٍ دَخَلَ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ تَاجِرًا: لَا يُقْتَلُ، وَلَا يُؤْخَذُ مَالُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا أُخِذَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ بِغَيْرِ عَهْدٍ: لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، إِذَا قَالَ: جِئْتُ أَسْتَأْمَنُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ وَيَعْقُوبُ: إِذَا قَالَ: أَنَا رَسُولُ الْمَلِكِ إِلَى وَالِي الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ دَخَلْتُ بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولٌ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَصَارَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُ هَدَايَا، فَذَكَرَ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ أَرْسَلَ بِهَا مَعَهُ هَدِيَّةً إِلَى وَالِي الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَصَارَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ فَهُوَ آمِنٌ كَانَ دَخَلَ بِأَمَانٍ أَوْ غَيْرِ أَمَانٍ، وَلَا يَعْرِضُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ مَتَاعًا، أَوْ سِلَاحًا، أَوْ رَقِيقًا، فَهُوَ كُلُّهُ حَلَالٌ لِوَالِي الْمُسْلِمِينَ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْعِلْجِ يُلْقَى فِي بِلَادِ الرُّومِ مُحْتَمِلًا إِلَيْنَا، فَإِذَا أُخِذَ قَالَ: جِئْتُ أَطْلُبُ الْأَمَانَ، أَتَرَى أَنْ تُصَدِّقَ؟ قَالَ مَالِكٌ: هَذِهِ أُمُورٌ مُشْكِلَةٌ وَأَرَى أَنْ يُرَدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَمَرَ اللهُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدِّيَ أَهْلُ الْكِتَابِ الْجِزْيَةَ، فَمَنْ وُجِدَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ إِنَّهُ دَخَلَ بِأَمَانٍ، سُئِلَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَقَامَهَا حَقَنَ دَمَهُ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، فَإِنْ لَمْ

يُقِمْهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ أَهْلِ الْحَرْبِ، يُظْفَرُ بِهِمْ، إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَرَقَّ، وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَادَى بِهِ، وَمِنْ حَيْثُ قَالَ مَنْ خَالَفَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي دِينِ أَهْلِ الشِّرْكِ، إِنَّ دَمَهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ، حَتَّى يُعْلَمَ انْتِقَالُهُ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، فَكَذَلِكَ هَذَا الْحَرْبِيُّ دَمُهُ مُبَاحٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ يُوجَدُ، حَتَّى يُعْلَمَ لَهُ حَالَةٌ يَجِبُ الْوُقُوفُ عَنْ قَتْلِهِ بِهَا

ذكر أمان الرجل الرجل ثم يخفى ويشتبه ذلك واختلفوا في العلج يشرف من حصن، فيؤمن، ثم لما فتح الباب، ادعى كل واحد منهم أنه الذي أمن. فقالت طائفة: لا يقتل أحد منهم، هذا قول أحمد بن حنبل، وكان الشافعي يقول: وإذا وادع الإمام قوما من أهل الحرب فنقض بعضهم

ذِكْرُ أَمَانِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ ثُمَّ يَخْفَى وَيَشْتَبِهُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلْجِ يُشْرِفُ مِنْ حِصْنٍ، فَيُؤَمَّنُ، ثُمَّ لَمَّا فُتِحَ الْبَابُ، ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ الَّذِي أُمِّنَ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَنَقَضَ بَعْضُهُمُ الصُّلْحَ، وَاخْتَلَطُوا فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ لَمْ يَغْدِرْ، وَقَدْ كَانَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ اعْتَزَلَتْ، أَمْسَكَ عَنْ كُلِّ مَنْ شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَلَمْ يَسُبَّ ذُرِّيَّتَهُ، وَلَمْ يَغْنَمْ مَالَهُ، وَقَتَلَ وَسَبَى ذُرِّيَّةَ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَدَرَ، وَغَنَمَ مَالَهُ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: " أَمْسَكَ عَنْ كُلِّ مَنْ شَكَّ فِيهِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ، مَا يَجِبُ الْوُقُوفُ عَنْ قَتْلِ جَمِيعِ أَهْلِ الْحِصْنِ إِذَا خَفِيَ الَّذِي أُمِّنَ بِعَيْنِهِ.

وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي حِصْنٍ نَزَلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ فَتَحُوا الْحِصْنَ، فَادَّعَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ الَّذِي أَسْلَمَ وَهُمْ عَشْرَةٌ، قَالَ: يَسْعَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي قِيمَتِهِ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ، وَيُتْرَكُ لَهُ عُشْرُ قِيمَتِهِ

ذكر الحربي يسلم في دار الحرب وله بها مال واختلفوا في الحربي يسلم في دار الحرب وله بها مال، ثم يظهر المسلمون على تلك الدار. فقالت طائفة: يترك له ما كان في يديه من ماله، ورقيقه، ومتاعه، وولد صغار، وما كان من أرض فهو فيء، وامرأته فيء إذا كانت كافرة

ذِكْرُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ بِهَا مَالٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ بِهَا مَالٌ، ثُمَّ يَظْهَرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتْرَكُ لَهُ مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَرَقِيقِهِ، وَمَتَاعِهِ، وَوَلَدٍ صِغَارٍ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ فَهُوَ فَيْءٌ، وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ إِذَا كَانَتْ كَافِرَةً، وَإِنْ كَانَتْ حُبْلَى فَمَا فِي بَطْنِهَا فَيْءٌ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ. وَخَالَفَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، فَقَالَ: كَانَتْ مَكَّةُ دَارَ حَرْبٍ ظَهَرَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يَقْبِضْ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارًا، وَلَا أَرْضًا، وَلَا امْرَأَةً، وَأَمَّنَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، وَعَفَا عَنْهُمْ، وَوَافَقَ الشَّافِعِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ فِي قَوْلِهِ، وَخَالَفَهُ فِي الْحُجَّةِ، فَقَالَ: قَوْلُ الْأَوْزَاعِيُّ، كَمَا قَالَ: غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ، سَيَأْتِي احْتِجَاجُهُ بِمَكَّةَ، قَالَ: وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ فِي هَذَا أَنَّ ابْنَيْ شُعْبَةَ الْقُرَظِيَّانِ خَرَجَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَسْلَمَا، فَأَحْرَزَ لَهُمَا إِسْلَامَهُمَا دِمَاءَهُمَا، وَجَمِيعَ أَمْوَالِهِمَا مِنَ النَّخْلِ وَالدُّورِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُسْلِمِ مَغْنُومًا بِحَالٍ، فَأَمَّا وَلَدُهُ الْكِبَارُ وَزَوْجَتُهُ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَنْفُسِهِمْ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ مَا يَجْرِي عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، وَإِنَّ سُبِيَتِ امْرَأَةٌ حَامِلًا مِنْهُ، فَلَيْسَ إِلَى إِرْقَاقِ ذِي بَطْنِهَا سَبِيلٌ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ فَهُوَ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَلَا يَجُوزُ السِّبَاءُ عَلَى مُسْلِمٍ

مسألة قال النعمان في المستأمن إذا مات في دار الإسلام وترك مالا، وورثة في دار الحرب: يوقف حتى يقدم ورثته، قيل له: فإن جاء الورثة مستأمنين بكتاب من ملك أرضهم أنهم من الورثة، هل يقبض ذلك؟ قال: لا، قيل له: فإن كان في الكتاب أنه قد ثبت الشهود عنده،

مَسْأَلَةٌ قَالَ النُّعْمَانُ فِي الْمُسْتَأْمَنِ إِذَا مَاتَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَتَرَكَ مَالًا، وَوَرَثَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ: يُوقَفُ حَتَّى يَقْدَمَ وَرَثَتُهُ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ جَاءَ الْوَرَثَةُ مُسْتَأْمَنِينَ بِكِتَابٍ مِنْ مَلِكِ أَرْضِهِمْ أَنَّهُمْ مِنَ الْوَرَثَةِ، هَلْ يَقْبِضُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الشُّهُودُ عِنْدَهُ، قَالَ: لَا يُقْبَلُ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا كَانُوا أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُعْطِيَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ بِكِتَابِ مَلِكِهِمْ أَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ، وَشَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِيرَاثًا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَادِلَةٍ، فَأَمَّا شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَغَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَيُوقَفُ الشَّيْءُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْوَرَثَةُ

ذكر الشهادة على الأمان واختلفوا في شهادة الشاهد الواحد على أمان الحربي. فقالت طائفة: إذا قال رجل من المسلمين: إني قد أمنتهم، جاز أمانة عليهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ويعقد عليهم أدناهم " ولم يقل إن جاءوا على ذلك ببينة، وإلا فلا

ذِكْرُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَمَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى أَمَانِ الْحَرْبِيِّ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنِّي قَدْ أَمَّنْتُهُمْ، جَازَ أَمَانَةً عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيَعْقِدُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ» وَلَمْ يَقُلْ إِنْ جَاءُوا عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا فَلَا أَمَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ، هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوِ اثْنَانِ: قَدْ كُنَّا أَمَّنَّاهُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا وَذَلِكَ بَعْدَمَا صَارُوا فِي الْقِسْمَةِ، لَمْ يُصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوِ امْرَأَةٌ: قَدْ أَمَّنْتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ آمِنُونَ، وَإِنْ صَارُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ: قَدْ أَمَّنْتُهُمْ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الرَّجُلِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ إِنْ قَامَ شَاهِدَانِ فَشَهِدَا أَنَّ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَمَّنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا أَسْرَى فَهُمْ آمِنُونَ أَحْرَارٌ، وَإِذَا أَبْطَلْنَا شَهَادَةَ الَّذِي أَمَّنَهُ، فَحَقُّهُ مِنْهُمْ بَاطِلٌ، لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهُ، وَقَدْ زَعَمَ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ

ذكر العلج يضمن له أن يعطى كذا على أن يفتح باب حصن أو يدل عليه، ووجوب الوفاء له به قال أبو بكر: إذا قال العلج للإمام: أفتح لكم باب هذا الحصن على أن لي كذا وكذا الشيء يذكره، فمما يجوز ملكه معلوما ففتحه على ذلك، فعلى الإمام أن يفي له بذلك، ولم أحفظ عن

ذِكْرُ الْعِلْجِ يُضْمَنُ لَهُ أَنْ يُعْطَى كَذَا عَلَى أَنْ يُفْتَحَ بَابُ حِصْنٍ أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهِ، وَوُجُوبُ الْوَفَاءِ لَهُ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا قَالَ الْعِلْجُ لِلْإِمَامِ: أَفْتَحُ لَكُمْ بَابَ هَذَا الْحِصْنِ

عَلَى أَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا الشَّيْءَ يَذْكُرُهُ، فَمِمَّا يَجُوزُ مِلْكُهُ مَعْلُومًا فَفَتَحَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفِيَ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ لَقِيتُهُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ صَالَحَ دِهْقَانًا عَلَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْمَدِينَةَ وَيُؤَمِّنَ مِائَةً مِنْ أَهْلِهِ، فَفَعَلَ، فَأَخَذَ عَهْدَ أَبِي مُوسَى، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: فِي عِلْجٍ دَلَّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَلْعَةٍ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُ جَارِيَةً سَمَّاهَا، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْقَلْعَةِ صَالَحُوا صَاحِبَ الْقَلْعَةِ عَلَى أَنْ يَفْتَحَهَا لَهُمْ، وَيُخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، فَفَعَلَ، فَإِذَا أَهْلُهُ تِلْكَ الْجَارِيَةُ، قَالَ: فَأَرَى أَنْ يُقَالَ لِلدَّلِيلِ: إِنْ رَضِيتَ الْعِوَضَ عَوَّضْنَاكَ قِيمَتَهَا، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْعِوَضَ فَقَدْ أَعْطَيْنَا مَا صَالَحْنَاكَ عَلَيْهِ غَيْرَكَ، فَإِنْ رَضِيَ الْعِوَضَ أُعْطِيَهُ، وَتَمَّ الصُّلْحُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْعِوَضَ، قِيلَ لِصَاحِبِ الْقَلْعَةِ: قَدْ صَالَحْنَا هَذَا عَلَى شَيْءٍ صَالَحْنَاكَ عَلَيْهِ بِجَهَالَةٍ مِنَّا بِهِ، فَإِنْ سَلَّمْتَهُ إِلَيْهِ عَوَّضْنَاكَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْهُ نَبَذْنَا إِلَيْكَ وَقَاتَلْنَاكَ، وَإِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ قَدْ أَسْلَمْتَ قَبْلَ أَنْ يَظْفَرَ بِهَا فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهَا، وَيُعْطَى قِيمَتَهَا، وَإِنْ مَاتَتْ عُوِّضَ مِنْهَا بِالْقِيمَةِ، وَلَا يُبَيَّنُ فِي الْمَوْتِ كَمَا يُبَيَّنُ إِذَا أَسْلَمَتْ

مسألة واختلفوا في المشرك يخرج إلينا بأمان، ثم يسلم فغزا المسلمون تلك الدار، فأصابوا أهله وماله. فقالت طائفة: أهله وماله فيء المسلمين، كذلك قال مالك بن أنس، وقال الليث بن سعد مثله في صبية صغار، وكبار تركه الرجل الذي أتى فأسلم ببلاد العدو، قال: ما

مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُشْرِكِ يَخْرُجُ إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، ثُمَّ يُسْلِمُ فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الدَّارَ، فَأَصَابُوا أَهْلَهُ وَمَالَهُ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَهْلُهُ وَمَالُهُ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَهُ فِي صِبْيَةٍ صِغَارٍ، وَكِبَارٍ تَرَكَهُ الرَّجُلُ الَّذِي أَتَى فَأَسْلَمَ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ، قَالَ: مَا أَرَاهُمْ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَالِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي جَمَاعَةٍ أَسْلَمُوا فِيهَا مِثْلُ الْإِسَارِ: حَقَنُوا دِمَاءَهُمْ، وَأَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ، إِلَّا مَا حَوَى قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، وَكَانُوا أَحْرَارًا، وَلَمْ يُسْبَى مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ أَحَدٌ صَغِيرٌ، فَأَمَّا نِسَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمُ الْبَالِغُونَ، فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَنْفُسِهِمْ فِي الْقَتْلِ وَالسِّبَاءِ لَا حُكْمُ الْأَبِ وَالزَّوْجِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، قَالَهُ النُّعْمَانُ، قَالَ: وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ، أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَرَقِيقِهِ، وَمَتَاعِهِ، وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ فَهُوَ فَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ حَامِلًا، وَهِيَ كَافِرَةٌ، كَانَتْ فَيْئًا، وَمَا فِي بَطْنِهَا فَيْءٌ بِمَنْزِلَتِهَا. وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: أَيُّمَا أَرْضٍ افْتُتِحَتْ عَنْوَةً، فَأَسْلَمَ أَهْلُهَا قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمُوا، فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَمَا لَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: وَهَكَذَا أَرْضُ السَّوَادِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ فِي بِلَادِ عَدُوِّهِمْ مُسْلِمًا مَعَهُ امْرَأَةٌ وَأَمَةٌ وَوَلَدٌ، فَقَالَ: امْرَأَتِي وَوَلَدِي وَمَالِي

وَأَمَتِي ابْتَعْتُهَا، إِنْ كَانُوا فِي يَدَيْهِ صَدَقَ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ لِلْعَدُوِّ

ذكر المستأمن يسرق أو يزني أو يصيب حدا واختلفوا في المستأمن يسرق، أو يقذف، أو يزني، أو يصيب بعض الحدود، فكان الشافعي يقول: ذلك وجهان ما كان منها لله لا حق للآدميين فيه، يكون لهم عفوها، وإكذاب شهود لو شهدوا لهم به، فهو معطل عنهم؛ لأنه لا حق فيه

ذِكْرُ الْمُسْتَأْمَنِ يَسْرِقُ أَوْ يَزْنِي أَوْ يُصِيبُ حَدًّا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْتَأْمَنِ يَسْرِقُ، أَوْ يَقْذِفُ، أَوْ يَزْنِي، أَوْ يُصِيبُ بَعْضَ الْحُدُودِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: ذَلِكَ وَجْهَانِ مَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ لَا حَقَّ لِلْآدَمَيِّينَ فِيهِ، يَكُونُ لَهُمْ عَفْوُهَا، وَإِكْذَابُ شُهُودٍ لَوْ شَهِدُوا لَهُمْ بِهِ، فَهُوَ مُعَطَّلٌ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ، إِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَمْ تُؤَمَّنُوا عَلَى هَذَا، فَإِنْ كَفَفْتُمْ وَإِلَّا رَدَدْنَا عَنْكُمُ الْأَمَانَ وَأَلْحَقْنَاكُمْ بِمَأْمَنِكُمْ، فَإِنْ فَعَلُوا أَلْحَقُوهُمْ بِمَأْمَنِهِمْ وَنَقَضُوا الْأَمَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ، وَمَا كَانَ مِنْ حَدِّ الْآدَمِيِّينَ أُقِيمَ عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ قَتَلُوا قَتَلْنَاهُمْ، فَإِذَا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَنْ يُقِيدَ مِنْهُمْ حَدُّ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ لِلْآدَمَيِّينَ كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمْ كُلَّ مَا دُونَهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِثْلَ الْقِصَاصِ فِي الشَّجَّةِ وَأَرْشِهَا، وَمَثَلَ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ. وَالْقَوْلُ فِي السَّرِقَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَطَّعُوا وَيُغَرَّمُوا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يُغَرَّمَ الْمَالَ، وَلَا يُقَطَّعُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِلْآدَمَيِّينَ وَالْحَدَّ لِلَّهِ ". وَاحْتُجَّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ حُدُودِ اللهِ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ بِآيَةِ الْمُحَارِبِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا زَنَى بَعْضُهُمْ، أَوْ سَرَقَ، أَوْ قَذَفَ مُسْتَعْلِنِينَ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِينَا، أَوْ فِي أَهْلِ ذِمَّتِنَا، أُخِذُوا بِالْحُدُودِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُؤَمَّنُوا عَلَى إِتْيَانِهَا فِينَا، وَإِظْهَارِ الْفَوَاحِشِ،

وَقَالَ النُّعْمَانُ، وَيَعْقُوبُ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ خَرَجُوا مُسْتَأْمَنِينَ لِتِجَارَةٍ، فَزَنَى بَعْضُهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ سَرَقَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ

ذكر إقامة الحدود في دار الحرب اختلف أهل العلم في إقامة الحدود في دار الحرب فمنعت طائفة من ذلك

ذِكْرُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي دَارِ الْحَرْبِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ ذَلِكَ

6672 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: " أَصَابَ أَمِيرُ الْجَيْشِ، وَهُوَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ شَرَابًا فَسَكِرَ، فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَوِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أَقِيمَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَا: لَا نَفْعَلُ، نَحْنُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَنَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ، فَتَكُونَ جُرْأَةٌ مِنْهُمْ عَلَيْنَا وَضَعْفٌ بِنَا وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ بِأَرْضِ الرُّومِ، قَالَ: تُؤَخَّرُ إِقَامَتُهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَقَالَ فِي الْأَسِيرِ يُصِيبُ حَدًّا، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِسْلَامِ: يُقَامُ عَلَيْهِ إِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ عَدْلٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ غَزَا عَلَى جَيْشٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ مِصْرَ، وَلَا شَامٍ، وَلَا عِرَاقَ، وَأَقَامَ الْحُدُودَ فِي الْقَذْفِ، وَالْخَمْرِ، وَيَكُفُّ عَنِ الْقَطْعِ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِالْعَدُوِّ، فَإِذَا فَصَلَ مِنَ الْحَرْبِ قَافِلًا قُطِعَ، -[279]- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْلِمَ يَسْبِيهِ الْعَدُوُّ، فَيَقْتُلُ هُنَاكَ مُسْلِمًا، أَوْ يَزْنِي، قَالَ: مَا أَعْلَمُ إِلَّا يُقَامُ عَلَيْهِ إِذَا خَرَجَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْجَيْشِ، قَالَ: لَا، حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ بِلَادِهِمْ. قَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى إِقَامَةَ ذَلِكَ أَحْسَنَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ كَمَا تُقَامُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ، وَحَدِّ الزَّانِي، وَالْقَاذِفِ، وَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ فِي كِتَابِهِ، فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَمَا يُقِيمُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءً، وَغَيْرُ جَائِزٍ الْمَنْعُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِإِقَامَتِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً خَصَّتْ بِذَلِكَ أَرْضًا دُونَ أَرْضٍ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُرَادٌ، لَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى رَسُولِهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَيْشِ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَسَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، أَوْ شَرِبُوا الْخُمُورَ، أَوْ زَنَوْا: يُقِيمُ عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ أَمِيرُ الْجَيْشِ كَمَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الْحَقِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا فَرَّطَ فِيهِ الْوَالِي وَأَخَّرَهُ حَتَّى يَقْدَمُوا أَرْضَ الْإِسْلَامِ، أَرَى أَنْ يُقَامَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ أَسْرَى فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ زَنَوْا بِغَيْرِ حَرْبِيَّةٍ، فَالْحُكْمُ عَلَيْهِمْ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا أُسْقِطَ عَنْهُمْ لَوْ زَنَى أَحَدُهُمْ بِحَرْبِيَّةٍ إِذَا ادَّعَى الشُّبْهَةَ، وَلَا يُسْقِطُ دَارُ الْحَرْبِ عَنْهُمْ فَرْضًا، كَمَا لَا يُسْقِطُ صَوْمًا، وَلَا صَلَاةً، وَلَا زَكَاةً، وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ حَدًّا هُوَ مُحَاصِرٌ لِلْعَدُوِّ، أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَلْحَقَ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ -[280]- بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدَّ بِالْمَدِينَةِ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَفِيهَا شِرْكٌ كَثِيرٌ مُوَادَعُونَ، وَضَرَبَ الشَّارِبَ بِحُنَيْنٍ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، وَلَا سَمِعْتُ أَنَّهُ يَرُدُّ حَدًّا أَنْ يُقِيمَهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا إِذَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ. وَقَالَ فِي الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ: يَجْعَلُونَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِيهِمْ إِذَا خُلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الدَّارُ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةُ، وَالْخَمْرُ، وَجَمِيعُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَدَارِ الْحَرْبِ، وَيُحْكَمُ عَلَى مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ اللهِ فِي كُلِّ دَارٍ وَمَكَانٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ، لَا يَبْطُلُ حُكْمُ اللهِ إِلَّا بِكِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَزَنَى هُنَاكَ وَخَرَجَ، فَأَقَرَّ بِهِ: لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ زَنَى حَيْثُ لَا تَجْرِي أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَخَلَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَزَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ هُنَاكَ، لَمْ أَحُدَّهُ، وَإِذَا كَانَ فِي عَسْكَرٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَلَا الْقِصَاصَ إِلَّا أَمِيرُ مِصْرَ، يُقِيمُ عَلَى أَهْلِهِ الْحُدُودَ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُقِيمُ حَدًّا وَلَا قِصَاصًا. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلِ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَيَدْخُلُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيَقْتُلُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ، فَإِنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ إِلَيْنَا، ثُمَّ قَتَلَهُ هَاهُنَا فَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ. -[281]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إِذَا عَلِمَهُ مُسْلِمًا فَقَتَلَهُ عَمْدًا، وَكَانَ لَهُ أَوْلِيَاءُ يَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ، فَلَهُمُ الْقِصَاصُ، وَهُمْ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا الْقِصَاصَ، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ يَدْخُلَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، قَالَ: عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: عَلَى الْقَاتِلِ الْقَوَدُ إِنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ، إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي أَسِيرَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ كَفَّارَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ كَفَّارَةٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ الدِّيَةُ أَيْضًا. فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ

ذكر إسلام رقيق أهل الذمة قال أبو بكر: أجمع عامة من أحفظ عنه من أهل العلم على أن رقيق أهل الذمة إذا أسلموا بيعوا عليهم. روينا هذا القول عن عمر بن عبد العزيز، والحسن، والنخعي، والشعبي، وبه قال مالك، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور،

ذِكْرُ إِسْلَامِ رَقِيقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ عَامَّةُ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَقِيقَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا أَسْلَمُوا بِيعُوا عَلَيْهِمْ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَمِيلُ إِلَى أَنْ لَا يَجِبَ بَيْعُهُمْ عَلَيْهِمْ

وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ 6673 - جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا الْمَجَازِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِي، قَالَ: " ابْتَاعَنِي رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْ وَادِي الْقُرَى فَابْتَاعَنِي، ثُمَّ خَرَجَ بِي، حَتَّى قَدِمَ بِي، وَتَحَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَأَكْبَبْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُقَبِّلُ الْخَاتَمَ مِنْ ظَهْرِهِ وَأَبْكِي، فَقَالَ: تَحَوَّلْ، قَالَ: فَحَوَّلَنِي فَأَجْلَسَنِي، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَدَّثْتُهُ مِنْ شَأْنِي، قَالَ: ثُمَّ أَنِّي أَسْلَمْتُ فَشَغَلَنِي مَا كُنْتُ فِيهِ، فَفَاتَنِي بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَاتِبْ» ، فَسَأَلْتُ صَاحِبِي الْكِتَابَةَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى كَاتَبَنِي عَلَى أَنْ أَجِيءَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ نَخْلَةٍ، وَعَلَى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ وَرِقٍ "

ذكر الرجل من المسلمين يطلع عليه أنه عين المشركين، قد كتب بأخبار المسلمين إليهم واختلفوا فيما يفعل بالرجل من المسلمين قد كاتب المشركين، وأخبرهم بأخبار المسلمين، فكان مالك بن أنس يقول: ما سمعت فيه بشيء، وأرى فيه اجتهاد الإمام، وقال الأوزاعي في جاسوس

ذِكْرُ الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَطْلُعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَيْنُ الْمُشْرِكِينَ، قَدْ كَتَبَ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ كَاتَبَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَأَرَى فِيهِ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي جَاسُوسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدُوِّ: يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ أَبَى عَاقَبَهُ الْإِمَامُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً، ثُمَّ غَرَّبَهُ إِلَى بَعْضِ الْآفَاقِ وَضُمِّنَ الْحَبْسَ.

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إِنْ كَانَ مُسْلِمًا عَاقَبَهُ الْإِمَامُ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً، وَغَرَّبَهُ إِلَى بَعْضِ الْآفَاقِ فِي وَثَاقٍ، وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا قُتِلَ، فَإِنَّهُ قَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ حَرْبٍ بَعَثُوا إِلَيْهِمْ بِأَمْوَالٍ عَلَى مُنَاصَحَتِهِمْ، قَبَضَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ، فَوَضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُوجَعُ عُقُوبَةً، وَيُطَالُ حَبْسُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ: أَمَّا مَنْ جَهِلَ الْجَهَالَةَ وَقَدْ عُرِفَ بِسُوءِ الْوَعْدِ وَفَسَادِ الطَّرِيقَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِغَفْلَتِهِ مِنْهُ تَأَبُّدٌ، وَلَا إِوَاءٌ يُخْشَى عَوْرَةٌ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ الْمَرَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الضَّغْنِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فُطِنَ بِهِ الْجَهْلُ، أَدَّبَهُ الْأَدَبَ الْغَلِيظَ، وَجَعَلَهُ نَكَالًا لِمَنْ سِوَاهُ، وَإِذَا وَجَدْتَ مَنْ قَدْ أَعَادَ ذَلِكَ، وَعُرِفَ مِنْهُ، وَتَوَاطَأَ بِهِ عَلَيْهِ اللِّسَانُ وَالذِّكْرُ، فَهُوَ الْجَاسُوسُ الْمُخْتَانُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ. وَسُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ دَمُ مَنْ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ، إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ يَزْنِيَ بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ يَكْفُرَ كُفْرًا بَيِّنًا بَعْدَ الْإِيمَانِ، ثُمَّ يَثْبُتُ عَلَى الْكُفْرِ، وَلَيْسَ الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ مُسْلِمٍ بِكُفْرٍ بَيِّنٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْحُجَّةُ فِيهِ السُّنَّةُ الْمَنْصُوصَةُ بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْكِتَابِ "

6674 - أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرُ، وَالْمِقْدَادُ، فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ» ، فَخَرَجْنَا تُعَادِي بِنَا خَيْلُنَا، -[284]- فَإِذَا نَحْنُ بِظَعِينَةٍ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُ بِبَعْضِ أَمَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟» ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، وَاللهِ مَا فَعَلْتُهُ شَكًّا فِي دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ» ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْنِي أَضْرِبُ هَذَا الْمُنَافِقَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] الْآيَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ مَا وَصَفْتُ لَكَ طَرْحُ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ الظُّنُونِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ حَاطِبٌ كَمَا قَالَ، وَاحْتَمَلَ الْمَعْنَى الْأَصَحَّ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا احْتَمَلَ فِعْلَهُ، وَحُكْمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ عَلَيْهِ الْأَغْلَبَ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا -[285]- أَتَى فِي مِثْلِ هَذَا أَعْظَمَ فِي الظَّاهِرِ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَايِنٌ فِي عَظَمَتِهِ لِجَمِيعِ الْآدَمِيِّينَ بَعْدَهُ، وَإِذَا كَانَ مَنْ خَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللهِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عُزْلَتَهُمْ فَصَدَّقَهُ عَلَى مَا عَابَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَيْهِ الْأَغْلَبَ مِمَّا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ، فَيَكُونُ لِذَلِكَ مَقْبُولًا، كَانَ مَنْ بَعْدَهُ فِي أَقَلِّ مِنْ حَالِهِ وَأَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ مَا قِيلَ فِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا كَانَ هَذَا مِنَ الرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ بِجَهَالَةٍ، كَمَا كَانَ هَذَا مِنْ حَاطِبٍ بِجَهَالَةٍ، وَكَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ، أَحْبَبْتُ أَنْ يُتَجَافَى عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ذِي الْهَيْئَةِ كَانَ لِلْإِمَامِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، تَعْزِيرُهُ

ذكر المستأمن يطلع عليه أنه عين للمشركين يكتب إليهم بأخبار المسلمين قد ذكرت قول الأوزاعي فيما مضى في هذه المسألة، أنه إن كان ذميا قتل، فإنه قد نقض عهده. قال الشافعي: في الذي يكتب بعورة المسلمين، أو يخبر عنهم، بأنهم أرادوا بالعدو شيئا، ليحذروه يعزر

ذِكْرُ الْمُسْتَأْمَنِ يَطْلُعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلْمُشْرِكِينَ يَكْتُبُ إِلَيْهِمْ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ ذَكَرْتُ قَوْلَ الْأَوْزَاعِيِّ فِيمَا مَضَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا قُتِلَ، فَإِنَّهُ قَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الَّذِي يَكْتُبُ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُخْبِرُ عَنْهُمْ، بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعَدُوِّ شَيْئًا، لِيَحْذَرُوهُ يُعَزَّرُ هَؤُلَاءِ، وَيُحْبَسُونَ عُقُوبَةً، وَلَيْسَ هَذَا يَنْقُضُ لِلْعَهْدِ، يُحِلُّ سَبْيَهُمْ، وَلَا أَمْوَالَهُمْ، وَلَا دِمَاءَهُمْ، وَإِذَا صَارَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِهَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَلَيْسَ

يَنْقُضُ لِلْعَهْدِ، وَيُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ، وَقَالَ فِي الرُّهْبَانِ: إِذَا دَلُّوا عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ يُعَاقَبُونَ وَلَا يُعْزَلُونَ مِنَ الصَّوَامِعِ، وَيَكُونُ مِنْ عُقُوبَتِهِمْ إِخْرَاجُهُمْ إِلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ، فَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ وَيُقِيمُونَ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُتْرَكُونَ يَرْجِعُونَ، فَإِنْ عَادُوا أَوْدَعَهُمُ السِّجْنَ، وَعَاقَبَهُمْ مَعَ السِّجْنِ، قِيلَ: فَإِنْ أَعَانُوهُمْ بِالْكُرَاعِ، وَالسِّلَاحِ وَالْمَالِ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّ قَاتَلَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْإِسْلَامِ رَاهِبٌ أَوْ ذَمِّيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ حَلَّ قَتْلُهُ وَسِبَاهُ وَسَبْيُ ذُرِّيَّتِهِ، فَأَمَّا مَا دُونَ الْقِتَالِ فَيُعَاقَبُونَ بِمَا وَصَفْتُ، وَلَا يُقْتَلُونَ وَلَا تُغْنَمْ أَمْوَالُهُمْ، وَلَا يُسْبَوْنَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَوْ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكَاتَبُ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُوجِعَهُ عُقُوبَةً، وَيُطِيلَ حَبْسَهُ، حَتَّى يُظْهِرَ تَوْبَةً، أَوْ إِقْلَاعًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَقْتُلَهُ

ذكر أم ولد الحربي تسلم وتخرج إلى دار الإسلام قال أبو بكر: قد ذكرنا فيما مضى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق يوم الطائف من خرج إليه من رقيق المشركين، وذكرنا أن كل من نحفظ عنه من أهل العلم قال به. واختلفوا في أم ولد الحربي تسلم في دار الحرب، ثم تخرج

ذِكْرُ أُمِّ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ تُسْلِمُ وَتَخْرُجُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ يَوْمَ الطَّائِفِ -[287]- مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ رَقِيقِ الْمُشْرِكِينَ، وَذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ بِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي أُمِّ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ تُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ تَخْرُجُ إِلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: إِنَّهُ تَزَوَّجَ إِنْ شَاءَتْ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَيُّ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ إِلَى اللهِ بِدِينِهَا , فَحَالُهَا كَحَالِ الْمُهَاجِرَاتِ، لَا تُزَوَّجُ، حَتَّى تَقْضِيَ عِدَّتَهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، لَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ

مسألة قال النعمان في امرأة أسلمت من أهل الحرب، وخرجت إلى دار الإسلام، وليست بحبلى: إنه لا عدة عليها، ولو أن زوجها طلقها، لم يقع عليها طلاقه. وقال الأوزاعي: بلغنا أن المهاجرات قدمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجهن بمكة مشركون، فمن أسلم

مَسْأَلَةٌ قَالَ النُّعْمَانُ فِي امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَخَرَجَتْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى: إِنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ الْمُهَاجِرَاتِ قَدِمْنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجُهُنَّ بِمَكَّةَ مُشْرِكُونَ، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، فَأَدْرَكَ امْرَأَتَهُ فِي عِدَّتِهَا، رَدَّهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ الْعِدَّةُ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْعِدَّةُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثُ حِيَضٍ، لَا يَتَزَوَجْنَ، حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ، وَلَا سَبِيلَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَلَا لِمَوَالِيهِنَّ إِلَيْهِنَّ آخِرَ الْأَبَدِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَرْأَةِ تَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمَةٌ، وَزَوْجُهَا كَافِرٌ يُقِيمُ بِدَارِ الْحَرْبِ: لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَعِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ قَدِمَ

زَوْجُهَا حُرًّا مُسْلِمًا قِيلَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا، فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا

ذكر النهي عن السفر، بالقرآن إلى أرض المشرك

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ السَّفَرِ، بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْمُشْرِكِ

6675 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ , وَغَيْرُهُمَا، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ "

6676 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْمُشْرِكُونَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسُئِلَ مَالِكٌ: أَيُسَافَرُ الرَّجُلُ بِالْمُصْحَفِ؟ فَقَالَ: أَمَّا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَلَا، وَأَمَّا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ فَنَعْمَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْزُوَ الرَّجُلُ مَعَهُ مُصْحَفٌ. -[289]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَخَالَفَ النُّعْمَانُ الْخَبَرَ الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ

ذكر وطء الرجل جارية يشتريها في دار الحرب واختلفوا في وطء الرجل أمته التي يبتاعها في أرض الحرب، فأباحت طائفة وطأها على ظاهر قوله: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم الآية، ومن أباح ذلك مالك، والأوزاعي، والشافعي، وسئل مالك

ذِكْرُ وَطْءِ الرَّجُلِ جَارِيَةً يَشْتَرِيهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَطْءِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ الَّتِي يَبْتَاعُهَا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ وَطْأَهَا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ: " {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] الْآيَةِ، وَمَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ فِي أَرْضِ الرُّومِ مِنَ الْفَيْءِ يَطَؤُهَا بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَذَلِكَ، وَقَالَ: فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ وَطِئُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابُوا مِنَ السَّبَايَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَبْلَ أَنْ يَقْفِلُوا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ وَطِئَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَعَرَّسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ غَيْرُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَالسَّبْيُ قَدْ جَرَى عَلَيْهِمُ الرِّقُّ، وَانْقَضَتِ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ يَمْلِكُهُمْ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي أَمَةٍ يَشْتَرِيهَا الْمَرْءُ مِنْهُمْ: أَيَطَؤُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَطَؤُهَا، وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَمَتَهُ , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا. وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ النُّعْمَانُ: لَا يَطَؤُهَا، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ هَذَا أَشَدَّ النَّهْيِ، وَيَقُولُ: قَدْ أَحْرَزَهَا أَهْلُ الشِّرْكِ، وَلَوْ أَعْتَقُوهَا مَا جَازَ عِتْقُهُمْ، وَلِذَلِكَ لَا يَطَؤُهَا مَوْلَاهَا، وَلَيْسَ هَذِهِ كَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ الْأَمَةَ، وَلَا يَمْلِكُونَ أُمَّ الْوَلِيدِ وَلَا الْمُدَبَّرَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْجَوَّابُ فِيمَا أَجَابَ بِهِ يَعْقُوبُ حَيْثُ قَالَ مُحْتَجًّا لِقَوْلِهِمْ: وَلَوْ أَعْتَقُوهَا جَازَ عِتْقُهَا، لَيْسَ كَمَا ذَكَرْتُ، بَلِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ "، وَلِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ "، فَأَمَّا أَنْ يَجْعَلَ يَعْقُوبُ مَسْأَلَةً قَدْ خُولِفَ فِيهَا، فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ كَفِعْلِهِ، وَالْحُجَّةُ أَنْ يَفْزَعَ الْمُحْتَجُّ إِلَى كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ

ذكر وطء الرجل زوجته وأم ولده اللتين قد سباهما العدو واختلفوا في وطء الرجل زوجته أو أم ولده إذا أمكنه وطؤهما وهما بأيدي العدو، فقالت طائفة: لا بأس أن يطأهما إذا لقيهما، هذا قول النعمان. وكان الأوزاعي يقول: إذا أحرزهم عدو كانوا أقدر على فروجهن سرا

ذِكْرُ وَطْءِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وَأُمَّ وَلَدِهِ اللَّتَيْنِ قَدْ سَبَاهُمَا الْعَدُوُّ وَاخْتَلَفُوا فِي وَطْءِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَطْؤُهُمَا وَهُمَا بِأَيْدِي الْعَدُوِّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهُمَا إِذَا لَقِيَهُمَا، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا أَحْرَزَهُمْ عَدُوٌّ كَانُوا أَقْدَرَ عَلَى فُرُوجِهِنَّ سِرًّا وَجَهْرًا مِنْهُ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ أَنْ يَطَأَ فَرْجًا يَتَعَاوَرَهُ رَجُلَانِ، يَطَؤُهَا هُوَ فِي السِّرِّ، وَزَوْجُهَا الْكَافِرُ فِي الْعَلَانِيَةِ، وَلَوْ لَقِيَهَا وَلَيْسَتْ بِذَاتِ زَوْجٍ فِيهِمْ، مَا لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يُخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , فَيَخْرُجُ بِهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ

ذكر المسلم يدخل دار الحرب بأمان فيغدر واختلفوا في الأسير المسلم في الحرب، أو المسلم يدخل دار الحرب بأمان هل له أن يأخذ من أموالهم أم لا؟ فكان الشافعي يقول: معروف عندهم في أمانهم إياه، وهم قادرون عليه، أنه يلزمه لهم، أن يكونوا مثله آمنين، وهذا على

ذِكْرُ الْمُسْلِمِ يَدْخُلُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَيَغْدِرُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ فِي الْحَرْبِ، أَوِ الْمُسْلِمِ يَدْخُلُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَمْ لَا؟ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ فِي أَمَانِهِمْ إِيَّاهُ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهِ، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُمْ، أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ آمِنِينَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ؛ قَالَ: الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِخَتَّارٍ، وَلَا غَدَّارٍ، يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلْغَادِرِ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ» ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلًا غَدَرَ بِأَصْحَابِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي سَيْرِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَقْبَلَ بِأَسْلَابِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهَ أَخْذَهَا مِنْهُ، وَحَمَّلَهُ مِنْهُ مَا يُحَمَّلُ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ , فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ غَضِبَ مِنْهُمْ مَتَاعًا، وَرَقِيقًا، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ اسْتَأْمَنُوا وَصَارُوا ذِمَّةً، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرُدُّ عَلَيْهِمْ، قِيلَ: فَلَوْ غَدَرَ بِهِمْ فَأَخَذَ مَالًا، وَرَقِيقًا، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ , فَاشْتَرَى رَجُلٌ مُسْلِمٌ مِنْ أُولَئِكَ الرَّقِيقِ شَيْئًا، قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَهُوَ آمِنٌ بِأَمَانِهِمْ، وَهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِهِ , وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْدِرَ بِهِمْ، وَلَا يُخَوِّنَهُمْ، وَلَا يَغْتَالَهُمْ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ رَدَّ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ وَلَا يُتْلِفَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَهُ أَمَانٌ، وَقَدْ كَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا , فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْغَدْرُ لَا يَجُوزُ، وَالْأَمَانَاتُ مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَالْمُؤْمِنِ، وَالْمُشْرِكِ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ دَخَلَ إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ مَالِكٌ: تَدْفَعُ دِيَتَهُ إِلَى وَرَثَتِهِ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رَجُلٍ مِنَ الْعَدُوِّ اسْتَأْمَنَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلَهُ بَعْدَ أَمَانِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، قَالَ: إِنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، ثُمَّ يُوقَفُ عَقْلُهُ، فَإِنْ جَاءَ لَهُ وَلِيٌ يُثْبِتُ، دَفَعَ إِلَيْهِ عَقْلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا عَاقَبَهُ الْإِمَامُ، وَجَعَلَ عَقْلَهُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، فَإِنْ جَاءَ لَهُ وَلِيٌ دَفَعَ إِلَيْهِ

مسألة قال النعمان في رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان، فأدانه حربي دينا، ثم خرجا إلينا، خرج الحربي مستأمنا , فأراد الحربي أن يأخذه بماله. قال: لا يقضى له على المسلم بدينه، وكذلك لو كان المسلم هو أدان الحربي دينا، كان سواء، ولم يقض له على الحربي بدين

مَسْأَلَةٌ قَالَ النُّعْمَانُ فِي رَجُلٍ مُسْلِمٍ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَأَدَانَهُ حَرْبِيٌّ دَيْنًا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَيْنَا، خَرَجَ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمِنًا , فَأَرَادَ الْحَرْبِيُّ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمَالِهِ. قَالَ: لَا يُقْضَى لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِدَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ أَدَانَ الْحَرْبِيَّ دَيْنًا، كَانَ سَوَاءً، وَلَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ بِدَيْنٍ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يَقْضِي بِالْمَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ أَقُولُ

جماع أبواب الصلح والعهود الجائزة بين أهل الإسلام وأهل الشرك سوى أهل الكتاب

جِمَاعُ أَبْوَابِ الصُّلْحِ وَالْعُهُودِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ سِوَى أَهْلِ الْكِتَابِ

ذكر مصالحة الإمام أهل الشرك على أن يتركوا مالهم , ولا يتعرضوا لأموالهم وذراريهم من غير مال يؤخذ منهم ولا جزية

ذِكْرُ مُصَالَحَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الشِّرْكِ عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا مَالَهُمْ , وَلَا يَتَعَرَّضُوا لِأَمْوَالِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ مِنْ غَيْرِ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَلَا جِزْيَةٍ

6677 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ، وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ، فَقَالَ: إِنَّ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ -[294]- قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِشَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَحَابِيشَ , وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا كَثِيرَةً وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ، فَإِنْ قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْزُونِينَ، وَإِنْ نَجَوْا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللهُ، أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُمْ قَاتَلْنَاهُ؟ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، يَا نَبِيَّ اللهِ , إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَرُوحُوا إِذًا» قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ: فَرَاحُوا يَعْنِي حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ "، فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُوَ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ، فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلَأَتْ، -[295]- فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَلِكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ "، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا "، ثُمَّ زَجَرَهَا , فَوَثَبَتْ بِهِ , قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ، إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ، فَشَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشَ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانَ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ أَعْدَادَ مِيَاهَ الْحُدَيْبِيَةِ، مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا هَادَنْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرَ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ» ، فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُحَدِّثَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: ذَوُوا الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ. يَقُولُ: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، -[296]- فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ: أَيْ قَوْمِ , أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيْكُمْ، جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَإِنْ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، وَدَعُونِي آتِهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ. قَالَ: فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ , أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنِ الْأُخْرَى، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا وَأَرَى أَشْوَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ وَنَدَعُهُ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِ بِهِ لَأَجَبْتُكَ. قَالَ: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّيْفُ، وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ بِيَدِهِ بِنَصْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَقَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. قَالَ: أَيْ غُدَرُ، أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَغَدَرَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ , فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ صَحَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[297]- بِعَيْنِهِ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيُدَلِّكُ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، فَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ. قَالَ: فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ، وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ، وَكِسْرَى، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلَكًا يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيُدَلِّكُ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ , فَاقْبَلُوهَا مِنْهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا فُلَانٌ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ "، فَبُعِثَتْ لَهُ , وَاسْتَقْبَلَهُ الْقَوْمُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَصْدُرُوا عَنِ الْبَيْتِ قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ. قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ , فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ: دَعُونِي آتِهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ "، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو. قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ سَهَّلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» . -[298]- قَالَ مَعْ

6678 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو زُمَيْلٍ، سِمَاكُ الْحَنَفِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " كَاتِبُ الْكِتَابِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. -[302]- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعَانِي أَحْرُفٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: الْغَمِيمِ، قَالَ: هُوَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَضَجَنَانَ، وَقَوْلُهُ: قَتَرَةُ الْجَيْشِ، الْقَتَرَةُ هُوَ الْغُبَارُ، يُرِيدُ غَبَرَةَ الْجَيْشِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: " {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] ، الْآيَةَ، قَالَ: الْقَتَرُ الْغُبَارُ. وَقَوْلُهُ: فَأَلَحَّتْ، يُرِيدُ لَزِمَتْ مَكَانَهَا، أَوْ لَمْ تَبْرَحْ، يُقَالُ: أَلَحَّ الْجَمَلُ، وَخَلَدَتِ النَّاقَةُ، وَحَرَنَ الْفَرَسُ، وَالثَّمَدُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَجَمْعُهُ ثِمَادٌ، وَيُقَالُ: مَاءٌ مَثْمُودٌ، إِذَا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى يَفْنَى، وَرَجُلٌ مَثْمُودٌ، وَقَدْ ثَمِدَتْهُ النِّسَاءُ، إِذَا نَزَفَتْ مَاءَهُ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ. وَقَوْلُهُ: يَتَبَرَّضُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، أَيْ يَأْخُذُونَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، يُقَالُ: بَرَضْتُ لَهُ بَرْضًا إِذَا أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا يَسِيرًا. وَقَوْلُهُ: مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ أَيْ يَرْتَفِعُ مَاؤُهُ. وَقَوْلُهُ: إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانَ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ , قَوْلُهُ: عَيْبَةُ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ: يَعْنِي مَوْضِعَ سِرِّهِ، وَمَنْ يُسْتَنْصَحُ وَيُؤُتَمَنُ عَلَى أَمْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: الْأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي. وَقَوْلُهُ: مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، يُرِيدُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، وَالْعُوذُ جَمْعُ عَائِذٍ. وَقَوْلُهُ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، أَوْ يُنْفِذَنَّ اللهُ أَمَرَهُ، وَالسَّالِفَتَانِ نَاحِيَتَا مُقَدَّمِ الْعُنُقِ مِنْ بَدَنِ مُعَلَّقِ الْقُرْطِ إِلَى التَّرْقُوَةِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَزَالُ أُجَاهِدُ حَتَّى أَنْفُذَ لِأَمْرِ اللهِ وَأُبَلِّغَهُ، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ رَأْسِي وَجِسْمِي. -[303]- وَقَوْلُهُ: فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا، وَأَرَى أَشْوَابًا مِنَ النَّاسِ، خَلِقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، قَالَ: هُمُ الْأَخْلَاطُ مِنَ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ الْأَوْبَاشُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَضَمَّنَ خَبَرُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَدَدَ أَبْوَابٍ مِنْ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ، وَالْجِهَادِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَالْآدَابِ أَحْبَبْتُ إِثْبَاتَ مَا حَضَرَنِي مِنْ ذَلِكَ بِعَقِبِ حَدِيثِهِمَا، فَمِنْ ذَلِكَ. أَنَّ نَبِيَّ اللهِ سَنَّ ذَا الْحُلَيْفَةِ مِيقَاتًا لِمَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَسَنَّ الْمَوَاقِيتَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ: يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ. وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْأَفْضَلَ وَالْأَعْلَى الْإِحْرَامُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَأَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ أَفْضَلُ مِنْ إِحْرَامِ الرَّجُلِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَمِنْ قَبْلِ الْمَوَاقِيتِ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ مَحْظُورٌ , وَقَدْ فَعَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتِّبَاعُ السُّنَنِ أَفْضَلُ، وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196] الْآيَةُ، أَنْ يُحْرِمَ الْإِنْسَانُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ مَعْنَى الْآيَةِ لَكَانَ أَشَدُّ النَّاسِ لَهُ اسْتِعْمَالًا مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ , وَفُرِضَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ، فَفِي إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَتَرْكِهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَنْزِلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ لَيْسَ كَمَا تَأَوَّلَهُ أُولَئِكَ. -[304]- وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. الْحَدِيثُ، يَأْمُرُهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مَوَاقِيتِهِمْ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ مَنْ قَالَ: تَمَامُ الْعُمْرَةِ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ بَيْنِ الْمَوَاقِيتِ، وَبَيْنَ مَكَّةَ، اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَهُنَّ فَمَهِلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ فَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا أَحْسَبُهُ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ حَاضِرٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهُوَ كَانَ كَاتِبَ الْكِتَابِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُظَنَّ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ خَبَرُهُ الَّذِي:

6679 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو، نُعَيْمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: عَنْ عَلِيٍّ، وَقَالَ، يَعْلَى: قَالَ عَلِيٌّ: «إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى، وَالَّذِي هُوَ أَنْقَى، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى، فَإِذَا كَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَأْمُرُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ أَنْ يُظَنَّ بِأَخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ أَهْدَى، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ عَدَلَ عَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُنُّهُ لِأُمَّتِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَخَالَفَهُ» وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ سَنَّ إِشْعَارَ الْبُدْنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِأَعْوَامٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَقَدْ خَالَفَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِشْعَارَ مُثْلَةٌ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ، وَنَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُثْلَةِ إِنَّمَا كَانَ عَامَ خَيْبَرَ، وَإِشْعَارُ الْبُدْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزَاهُ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. -[305]- وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُشْعِرَ الْمَرْءُ بَدَنَتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، فَأَعْلَمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَغْفَلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَنْ قَلَّدَ فَقَدْ أَحْرَمَ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ كَانَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ، وَالْإِشْعَارِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَدْ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالتَّقْلِيدِ: أَحْرَمَ بَعْدَ ذِكْرِ التَّقْلِيدِ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَدْخُلُ عَلَى إِحْرَامٍ قَبْلَهُ إِلَّا حَيْثُ دَلَّتِ السُّنَّةُ مِنْ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ السُّنَّةُ فِي تَقْلِيدِ الْهَدْيِ، وَقَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فِي الْعَامِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، ذَكَرَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا فَتَلَتْ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ كَانَ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ، حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ بِالتَّقْلِيدِ مُحْرِمًا. وَمِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَئِمَّةِ الطَّلَائِعَ وَالْعُيُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْجُيُوشِ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ، أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ، مَعَ مَا يَجْمَعُ , فَاعِلٌ ذَلِكَ مِنَ الْحَزْمِ وَالِاحْتِيَاطِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ عُيُونِ الْعَدُوِّ وَبَغَتَاتِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي بَابِ الِاسْتِعْدَادِ وَالتَّأَهُّبِ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ , وَرُبَّمَا ظَفِرَتِ الطَّلِيعَةُ بِ الْعِلْجِ يَدُلُّ عَلَى غَفَلَاتِ الْعَدُوِّ وَعَوَرَاتِهِ، وَيُخْبِرُ عَنْ قُرْبِ الْعَدُوِّ وَبُعْدِهِ، وَمَوْضِعِ نُزُولِهِ، وَمَا يُدَبِّرُ مِنْ كَيَدِ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَحْتَرِزُ الْإِمَامُ مِنْ مَكَائِدِهِ وَيَغْتَنِمُ غَفَلَاتِهِ، فَرُبَّمَا ظَفِرَ بِالْحِيلَةِ، وَرُبَّمَا نَجَا بِالتَّيَقُّظِ. -[306]- وَمِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَأَنَّ خَبَرَهُ حُجَّةٌ يَلْزَمُ قَبُولُهَا، إِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ ثِقَةٍ، لِأَنَّ طَلِيعَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَكُنِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْعَثَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنِ الْعَدُوِّ بِخَبَرٍ، إِلَّا مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَاهُ، فَلَا مَعْنَى لِلْبَعْثَةِ، وَلَا فَائِدَةَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ. وَمِنْ ذَلِكَ الرُّخْصَةُ فِي مَسِيرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ طَلِيعَةً لِجَيشٍ، لِأَنَّ الْخُزَاعِيَّ قَدْ مَضَى وَحْدَهُ سَائِرًا، بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوِحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا فِي غَيْرِ بَابِ الضَّرُورَةِ، وَالْحَرْبِ، لَا لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ، فَإِذَا كَانَا اثْنَيْنِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُمَا السَّيْرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِصَاحِبٍ لَهُ: «إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا، وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» , فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَدْ عَارَضَهُ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ رُجِعَتِ الْأُمُورُ إِلَى أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ، حَتَّى نَعْلَمَ حَظْرًا، يَعْنِي خَبَرًا يُعَارِضُهُ. وَمِنْ ذَلِكَ الرُّخْصَةُ فِي هُجُومِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ الْعَدَدِ مِنَ الْعَدُوِّ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَيْنَهُ الْخُزَاعِيَّ، عَيْنًا وَحْدَهُ إِلَى عَدُوٍّ -[307]- كَثِيرٍ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَحْزَابِ: «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ» ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ؟ أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى. وَفِيهَا السُّنَّةُ فِي مُشَاوَرَةِ الْإِمَامِ أَصْحَابَهُ فِيمَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَمَرِ عَدُوِّهِمْ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَا قَالَ حِينَ جَاءَهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ، يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَجَمْعِهِمْ لَهُ، وَعَزْمِهِمْ عَلَى قِتَالِهِ، وَصَدِّهِ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ» ، وَقَدْ فَعَلَ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ بِبَدْرٍ، اسْتَشَارَ مَنِ اسْتَشَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَمَرِ الْأُسَارَى، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ مَا أَشَارَا بِهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِيمَا مَضَى، وَكُلُّ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ اللهِ، وَلْيَتَأَدَّبْ بِهِ الْأَئِمَّةُ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] الْآيَةُ. كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: قَدْ عَلِمَ اللهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِ بَعْدَهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا شَاوَرَ قَوْمٌ إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أَمْرِهِمْ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَا أَمَرَ اللهُ بِالْمَشُورَةِ إِلَّا لَمَّا عَلِمَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّهَا نِصْفُ الْعَقْلِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْأَخْبَارَ فِي -[308]- هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ مِمَّا يُدْرِكُ بِهِ مِنَ الصَّوَابِ، قَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ، فَمَنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمْ بِرَأْيٍ دُونَ أَصْحَابِهِ، لِأَنَّ الصَّوَابَ رُبَّمَا أَجْرَاهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ دُونَ الْإِمَامِ فِي الْعِلْمِ، وَالرَّأْيِ، يُقَالُ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُشَاوِرُ حَتَّى الْمَرْأَةِ. وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَشُورَةَ لَا تُؤَدِّي إِلَّا إِلَى خَيْرٍ، وَعَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ بَعْدَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ أَعْذَرُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْتَبِدِّ بِرَأْيِهِ دُونَهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ يَجِبُ قَبُولُهُ مِمَّنْ أَشَارَ بِهِ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ , أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ , اخْرُجْ , ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَقَامَ فَخَرَجَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَن

6680 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ، وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ بَعْدَ مَشُورَةٍ» -[309]- وَمِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ عَلَى إِبَاحَةِ سَبْيِ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ، قَبْلَ قَتْلِ الرِّجَالِ إِذَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَوْنًا لِقَوْمٍ آخَرِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ: " أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ عَلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ، لَمَّا كَانَ سَبْيُ ذَرَارِيِّ الْقَوْمِ وَتَرْكُ ذَلِكَ مُبَاحًا. وَمِنْ ذَلِكَ إِبَاحَةُ قِتَالِ الْمُحْرِمِ مَنْ صَدَّهُ عَنِ الْبَيْتِ، وَعَنْ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ، مَوْجُودٌ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: " أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. وَقَوْلُهُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا» ، تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَأَضْمَرَ ذَلِكَ وَاخْتَصَرَ الْكَلَامَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ فَاعِلٌ فِعْلًا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إِلَّا عَلَى مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، قَالَ اللهُ: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} [الكهف: 24] الْآيَةُ، أَوْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ اللهَ لَمَّا أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مُعْطِيهِمْ كُلَّ خُطَّةٍ دَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ يُعَظِّمُونَ بِهَا حُرُمَاتِ اللهِ، تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ فَاعِلٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، لَمَّا أَعْلَمُهُ اللهُ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَعَ أَنَّ رُجُوعَهُ بَعْدَمَا صَالَحَهُمْ وَتَرْكَهُ قِتَالَهُمْ فِي الْحَرَمِ مِنْ تَعْظِيمِ حُرُمَاتِ أَهْلِهِ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتْحَ اللهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ: «إِنَّ اللهَ حَبَسَ الْفِيلَ عَنْ مَكَّةَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَ اللهِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ» . -[310]- وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ أَيْ لَا تَبْدَؤا فِيهَا بِقِتَالٍ، لَا أَنَّ مُحَارَبَةَ مَنْ حَارَبَهُمْ لَا يَجُوزُ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ , فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191] الْآيَةُ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ: " أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ، فَيَكُونُوا مُقَاتِلِينَ إِذَا بُدِئُوا بِالْقِتَالِ، لَا مُبْتَدِئِينَ قِتَالًا فِي الْحَرَمِ. وَمِنْ ذَلِكَ انْتِزَاعُهُ السَّهْمَ مِنْ كِنَانَتِهِ، لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ الْعَطَشَ، وَأَمْرُهُ إِيَّاهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي الْمَاءِ، وَذَلِكَ أَحَدُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَعْطَاهُ اللهُ لِيَتَحَقَّقَ عِنْدَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ أَمَرُهُ، وَإِنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلِيَزْدَادُوا مِنْ أَمْرِهِ وَصِدْقِهِ بِذَلِكَ بَصِيرَةً. وَمِنْ ذَلِكَ الْإِبَاحَةُ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَةَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، عَلَى غَيْرِ مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانَ حَتَّى يُسْلِمُوا، وَقِتَالَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا، أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، وَإِنَّمَا فَرَضَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَطَاقَ قِتَالَهُمْ، دُونَ مَنْ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ مِمَّنْ يَعْجَزُ عَنْ قِتَالِهِمْ، إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَرْجُو أَنْ يَقْوَى إِلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ، إِذَا مِنْ يُخَلِّفُ عَنِ الْقِتَالِ لِلْعُذْرِ غَيْرُ آثَمٍ، وَلَا حَرَجَ، وَقَدْ وَادَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ نَاسًا عَلَى غَيْرِ مَالٍ أَخَذَهُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ أَحْوَطَ لِلْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَةُ عَدُوِّهِمْ إِلَى مُدَّةٍ يَقْوَوْنَ بِانْقِضَائِهَا عَلَيْهِمْ، فَهَادَنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ، يَأْمَنُ فِيهِنَّ النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَيُقَالُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]

6681 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُخَالِطُونَ الْحُزْنَ وَالْكَآبَةَ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنَاسِكِهِمْ، وَنَحَرُوا الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَّةِ، فَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا، قَالَ: فَلَمَّا تَلَاهَا نَبِيُّ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَنِيئًا مَرِيًّا لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ بَيَّنَ اللهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ بَعْدَهَا: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الفتح: 5] إِلَى قَوْلِهِ: " {وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح: 5] الْآيَةُ "

6682 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] الْآيَةُ، قَالَ: خَيْبَرُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَزَلَتْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَغَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَبَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَأُطْعِمُوا نَخِيلَ خَيْبَرَ، وَظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، وَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِتَصْدِيقِ كِتَابِ اللهِ , وَظُهُورِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَجُوسِ. -[312]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ مَكَّةَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى جِهَةِ النَّظَرِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى لِكَثْرَةِ عَدَدِ الْمُشْرِكِينَ، وَعَزْمِهِمْ عَلَى مَنْعِهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، وَطَلَبًا لِلتَّفَرُّغِ لِقِتَالِ غَيْرِهِمْ، وَأَمْنًا لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلِيَتَقَوَّى لِحَرْبِهِمْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ مُهَادَنَةُ الْعَدُوِّ عَلَى النَّظَرِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، لَا يَجُوزُ مُهَادَنَتُهُمْ إِلَى غَيْرِ مُدَّةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْكَفَّ عَنْهُمْ عَلَى الْأَبَدِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مَتَى قُدِرَ عَلَيْهِ يَجِبُ إِذَا كَانُوا أَهْلَ أَوْثَانٍ حَتَّى يُسْلِمُوا، وَقِتَالُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَجِبُ حَتَّى يُسْلِمُوا، أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَإِذَا هَادَنَهُمْ عَلَى غَيْرِ مُدَّةٍ، كَانَ ذَلِكَ عَقْدًا خِلَافَ ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ، وَذَلِكَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا خِلَافَ أَمَرِ اللهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَالَحَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ عَاجِزٍ عَنْ قِتَالِهِمْ، أَلَا تَرَاهُ أَخْبَرَ أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ هَذِهِ الْمُدَّةَ، لِأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنْهُ، وَأَكْثَرُ عَدَدًا وَعُدَّةً مِنْهُ، بَلْ طَمَعًا أَنْ يُسْلِمُوا أَوْ بَعْضُهُمْ. وَفِي مُهَادَنَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الشِّرْكِ مُدَّةً أَطْوَلَ مِنْ مُدَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُهَادِنَ قَوْمًا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْصَى مَا يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ هَادَنَ قَوْمًا، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ فَرَضَ قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا هَادَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ، كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ مَعَ الْعُذْرِ الْمَوْجُودِ أَقْصَى مُدَّةً، يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُهَادِنَ إِلَى مِثْلِهَا عَلَى الصَّلَاحِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَبِهِ أَقُولُ. -[313]- وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ , يُصَالِحُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فِيهِ الصَّلَاحُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَمَتَى أَبَحْنَا لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَالِحَ قَوْمًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهَا، وَاحْتَاجَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ يَمْدُدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا إِلَى مُدَّةٍ ثَانِيَةٍ، فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَنْ يَقْوَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لَهَا صَالَحَهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى قَائِمَةٌ حِينَ صَالَحَهُمُ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِحَاجَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى ذَلِكَ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ إِذَا رَأَى مُصَالَحَةَ عَدُوٍّ وَمُهَادَنَتَهُمْ أَنْ يَبْدَأَ هُوَ فَيَعْرِضُ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ فَقَالَ لِبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ: إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، فَإِنْ شَاؤُوا هَادَنْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرَ، فَإِنْ شَاؤُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمَعُوا، وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمَرَهُ " وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُعَاقَدَةَ بَعْضِ وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ الْإِمَامَ عَنْ أَصْحَابِهِ جَائِزٌ، لِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ، إِنَّمَا عَقَدَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَحْدَهُ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ أَصْحَابِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ إِبَاحَةُ الْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِ الْإِمَامِ فِي حَالِ الْحَرْبِ عِنْدَ مَجِيءِ رَسُولِ الْعَدُوِّ بِالسُّيُوفِ، تَرْهِيبًا لِلْعَدُوِّ، وَحِرَاسَةً لِلْإِمَامِ , أَنْ يُنَالَ بِمَكْرُوهٍ، وَهَذَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ، اسْتِدْلَالًا بِقِيَامِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ يَدَهُ، -[314]- فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَهِ الْحَالِ وَبَيْنَ الْحَالِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ "، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمْوَالَ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، مَغْنُومَةً إِذَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْهُمْ قَهْرًا، فَإِنَّهَا مَمْنُوعَةٌ بِالْأَمَانِ لَهُمْ عَلَيْهَا، مَرْدُودَةٌ إِلَى أَرْبَابِهَا، إِذَا أَخَذُوا ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمَانِ لَهُمْ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُغِيرَةِ: أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ " وَإِنَّمَا حُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُغِيرَةِ لِأَمْنِهِمْ لَمَّا صَحِبُوهُ، وَقَدْ أَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ، عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَكَانَ سَفْكُهُ دِمَاءَهُمْ وَأَخَذُهُ أَمْوَالَهُمْ فِي الْوَقْتِ غَدْرًا مِنْهُ بِهِمْ، وَالْغَدْرُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْأَمَانَاتُ مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، وَالْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ. وَمِنْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ عَلَى طَهَارَةِ النُّخَامَةِ، لِأَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ لِأَصْحَابِهِ، مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَوْلُهُ: فَوَاللهِ لَمَا يَتَنَخَّمُ رَسُولُ اللهِ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَهَذَا يُلْزِمُ النَّخَعِيَّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْبُزَاقَ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ أُهْرَاقَ الْمَاءُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الدَّالَّةَ عَلَى طَهَارَةِ الْبُزَاقِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِحْبَابُ الْفَأْلِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَ عِكْرِمَةُ: قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ "، لَمَّا أَقْبَلَ سُهَيْلٌ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْفَأْلَ

6683 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ» وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ فِيمَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ مَنْ رَأَى صُلْحَهُ صَلَاحًا بَعْضَ مَا فِيهِ الْغَيْمُ وَالضَّعْفُ، فِيمَا يَشْرُطُهُ الْعَدُوُّ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي صُلْحِهِمْ، إِذَا كَانَ يَرْجُو فِيمَا يُسْتَقْبَلُ عَاقِبَةَ نَفْعِ ذَلِكَ، بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا يُعْطِيهِمْ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ، فَمِمَّا أَعْطَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَرْكُهُ كِتَابَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَكَتَبَ بِاسْمِكَ اللهُمَّ، وَكِتَابَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ مَكَانَ رَسُولِ اللهِ، وَالِانْصِرَافَ عَنْهُمْ عَامَهُ عَلَى غَيْرِ تَمَامِ الْعُمْرَةِ، وَرَدَّهُ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا إِلَيْهِمْ، وَقَدْ ضَاقَ بِذَلِكَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاضْطَرَبُوا مِنْهُ، وَعَجِبُوا إِذْ لَمْ تَحْتَمِلْ عُقُولُهُمْ، وَأَنَّ لَهُمْ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا كَانَ مَحْمُودًا فِي الْعَاقِبَةِ غَيْرَ الصِّدِّيقِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ خُصَّ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْرِفَةِ صَوَابِ ذَلِكَ وَفَهْمِهِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ

6684 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا أَرُدُّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِي اجْتِهَادًا، وَاللهِ مَا آلُو عَنِ الْحَقِّ، وَذَلِكَ يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ وَأَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: اكْتُبْ بِسْمِ -[316]- اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، فَقَالُوا: إِذًا صَدَّقْنَاكَ بِمَا تَقُولُ، وَلَكِنْ نَكْتُبُ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، بِاسْمِكَ اللهُمَّ، فَرَضِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَيْتُ عَلَيْهِمْ حَتَّى قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتُرَانِي رَضِيتُ وَتَأْبَى أَنْتَ؟» ، قَالَ: فَرَضِيتُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُمْ بِاللهِ، وَأَشَدَّهُمْ لَهُ خَشْيَةً، وَلِأَمْرِهِ تَعْظِيمًا، وَلِدِينِهِ إِعْزَازًا، وَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ كَانَ عَنْ أَمَرِ رَبِّهِ، بَلْ لَا شَكَّ فِيهِ، لِقَوْلِهِ لِعُمَرَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِلَّهِ مَعْصِيَتُهُ "، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: " بِاسْمِكَ اللهُمَّ، كَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُخَاطَبَةٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، مَعَ ذِكْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى النُّبُوَّةِ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى أَبِيهِ صِدْقًا وَحَقًّا، وَلَيْسَ فِي رَدِّ مَنْ رَدَّ مِنْهُمِ فِيمَا شَرَطُوهُ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ تَخَوُّفِ الْفِتْنَةِ عَلَى مَنْ رَدَّ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ، وَقَدْ وَضَعَ اللهُ الْحَرَجَ عَنْ مَنْ فُتِنَ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، فَأَعْطَى بِلِسَانِهِ مُكْرَهًا خِلَافَ مَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، فَإِمَّا مُعْطِيًا بِلِسَانِهِ عَلَى الْإِكْرَاهِ مَا لَا يَضُرُّهُ، أَوْ صَابِرًا عَلَى الْمَكْرُوهِ حَتَّى يُقْتَلَ شَهِيدًا، عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَرُدُّونَ إِمَّا إِلَى أَبٍ أَوْ إِلَى أَخٍ، أَوْ ذَوِي رَحِمٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مَكْرُوهًا، لِأَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ أَهَالِيهِمْ أُشْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يُسْلِمُوهُ لِلْمَكْرُوهِ، وَقَدْ أَمْضَى اللهُ لِنَبِيِّهِ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَسَمَّاهُ فَتْحًا مُبِينًا

قَالَ الزُّهْرِيُّ: انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ، يَعْنِي غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَافِلًا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] الْآيَةُ. 6685 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَبَيَّنَ صَلَاحُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا جَنْدَلٍ صَارَ مِنْ أَمْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَ جِيءَ بِأَبِي بَصِيرٍ، وَاجْتَمَعَتِ الْعِصَابَةُ الَّتِي اجْتَمَعَتْ، وَصَارَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنَّ قُرَيْشًا أَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُونَهُ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ، وَوَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يُرِيدُوا إِلَّا عَزَّ الدِّينِ، وَكَرِهُوا دُخُولَ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ عَلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ أَنَّ الْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ وَالْأَفْضَلَ تَسْلِيمُ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ، لِمَا سَلَّمَ لَهُ رَسُولُ اللهِ مِنْ ذَلِكَ، وَرَضِيَ بِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ، قَالَ عُمَرُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى "، قَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى "، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِ الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي "، قُلْتُ: أَوَ لَسْتَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟، قَالَ: أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ "، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟، قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟، قَالَ: بَلَى، -[318]- قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِ الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟، قَالَ: أَيْهِ الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، لَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كَانَ عُدَّتُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ، قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيَهُ الْعَامَ؟ قَالَ: لَا، وَقَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَفَعَلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا. فَفِي جَوَّابِ أَبِي بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِأَحْكَامِ اللهِ، وَأَحْكَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينِهِ بَعْدَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي قَوْلِهِ: «إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَجَابَ إِلَى مَا أَجَابَ بِهِ بِأَمْرِ اللهِ. وَيَدُلُّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ، بَعْدَمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ، عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ فِعْلًا لَمْ يَجْعَلْ لِذَلِكَ وَقْتًا: أَنَّ وَقْتَ ذَلِكَ جَمِيعُ حَيَاتِهِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ إِذَا كَانَتِ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي إِجَابَةِ أَبِي بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَفْعَلَنَّ فِعْلًا، لَهُ أَجَلُ الْمَوْلَى، خِلَافَ ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَمِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ كِتَابِ الْكَاتِبِ، هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَعَلَى إِغْفَالِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَزَعَمَ أَنَّ «هَذَا مَا» نَفْيٌ، وَلَيْسَ بِإِثْبَاتٍ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ كَاتِبَ: هَذَا مَا -[319]- اشْتَرَى " يُنْفَى بِقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى شَيْئًا يَجْعَلُهُ فِي مَوْضِعِ جَحْدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِغْفَالِ هَذَا الْقَائِلِ بَيِّنٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 35] الْآيَةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ جَحْدٌ لِمَا أَعَادَ مِنْ ذِكْرِ الْكَنْزِ، وَأَوَّلُ الْكَلَامِ وَآخِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 35] ، هَذَا الَّذِي كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْجَحْدِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ} [ص: 53] الْآيَةُ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ إِذَا أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ يُحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّ وَنَحَرَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَّةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُحْصِرُوا فِيهِ فِي الْحِلِّ عَلَى سَاعَةٍ مِنَ الْحَرَمِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ. وَمِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ النِّسْوَةِ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٌ} [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] الْآيَةُ، فَطَلَّقَ عُمَرُ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، -[320]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الزَّوْجَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَكَرِهْتُ إِعَادَةَ ذَلِكَ هَهُنَا. وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ أَبِي بَصِيرٍ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ دَفَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمَا لِيَرُدَّاهُ إِلَى مَكَّةَ، فَفِي عِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَتَرَكَهُ إِنْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ عَنِ الْحُكْمِ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَشَبَهُهُ إِذَا لَمْ يَحْضُرْ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، اقْتِدَاءَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دُخُولِ النِّسَاءِ فِي الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَمْ يَنْعَقِدِ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ قَطُّ إِلَّا عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ، وَعَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، فَاحْتَجَّ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصُّلْحَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ، وَقَالَ غَيْرُهُمُ: انْعَقَدَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ فِي خَبَرِ عَقِيلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، قَالُوا: فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: " أَحَدٌ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، قَالُوا: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] الْآيَةُ، فَامْتَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنْ يَرُدَّهُنَّ إِلَيْهِمْ، -[321]- وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَعْطَاهُمْ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمُ الرِّجَالَ مِنْهُمْ وَالنِّسَاءَ، فَأَبْطَلَ اللهُ الشَّرْطَ فِي النِّسَاءِ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَعْطَى شَرْطًا خِلَافَ كِتَابِ اللهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ "، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَمِيلُونَ أَنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْعَقِدْ إِلَّا عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ وَحْدَهُمْ. وَفِي قَوْلِهِ: " وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِمَامِ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَنْ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ رَدُّهُ إِلَيْهِمُ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ أَبَا بَصِيرٍ خَرَجَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بَعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ، إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، و

ذكر إباحة موادعة عبدة الأوثان

ذِكْرُ إِبَاحَةِ مُوَادَعَةِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ

6686 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُدْلِجِيُّ، هُوَ ابْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ، يَقُولُ: جَاءَتْنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةً كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِمَنْ قَتَلَهُمَا -[322]- أَوْ أَسَرَهُمَا، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجَالِسِ قَوْمِي مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ آنِفًا أَسْوِدَةٌ بِالسَّاحِلِ، أَرَاهُمَا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ: أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا، وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بُغَاةً، قَالَ: ثُمَّ مَا لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ إِلَّا سَاعَةً، حَتَّى قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تُخْرِجَ لِي فَرَسِي مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ تَحْبِسُهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَخَطَطْتُ بِزَجِّي الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَةَ الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي، فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تَقَرَّبُ بِي، حَتَّى رَأَيْتُ أَسْوَدَتَهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، عَثُرَتْ فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي عَلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ أَلَا أَضُرُّهُمْ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ، فَرَفَعْتُهَا تَقَرَّبُ بِي مِنْهُمْ أَيْضًا، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي حَتَّى بَلَغَتِ الرِّكَابَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَزَجَرْتُهَا، فَمَا كَادَتْ تَخْرُجُ يَدَاهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا الْأَثَرُ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِنَ الدُّخَانِ. قَالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، مَا الْعُثَانُ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: هُوَ الدُّخَانُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ أَلَّا أَضُرَّهُمَا، فَنَادَيْتُهُمَا بِالْأَمَانِ، فَوَقَفَا، وَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ -[323]- مِنْهُمْ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ، أَنَّهُ سَيَظْهَرُ أَمَرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ دِيَةً، وَأَخْبَرْتُهُمْ مِنْ أَخْبَارِ سَفَرِهِمْ، وَمَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَؤُنِي شَيْئًا، وَلَمْ يَسْأَلُونِي إِلَّا أَنْ أَخْفِ عَنَّا، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ مُوَادَعَةٍ آمَنُ بِهِ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَهُ لِي فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ، ثُمَّ مَضَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَزَلَتْ سُورَةُ بَرَاءَةَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، خُزَاعَةَ، وَمُدْلِجٍ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ

6687 - وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بَنِي النَّضِيرِ إِلَى أَنْ يُعْطُونَهُ عَهْدًا يُعَاهِدُونَهُ عَلَيْهِ، فَأَبَوْا فَقَاتَلَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

ذكر أخبار رويت في الوفاء بالعهد

ذِكْرُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ

6688 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، -[324]- أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، أَقْبَلَ بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْقِيَ فِي قَلْبِيَ الْإِسْلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي وَاللهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ، وَلَا أَحْبِسُ الْبَرْدَ، وَلَكِنِ ارْجِعْ، فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِكَ الَّذِي فِي قَلْبِكَ الْآنَ فَارْجِعْ» ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنِّي أَقْبَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمْتُ، قَالَ بُكَيْرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ، مَا لَمْ يَنْقُضُ الْعَدُوُّ، فَإِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ جَازَ نَقْضُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلُهُ فِي ذَلِكَ مَذْمُومًا اسْتِدْلَالًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7] الْآيَةَ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاقَدَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَّةِ، فَلَمَّا نَقَضَتْ قُرَيْشٌ الْعَهْدَ سَارَ إِلَيْهِمْ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْوَفَاءُ بِكُلُّ عَهْدٍ لَا يُخَالِفُ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً، فَأَمَّا مَا خَالَفَ مِنْهُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةٍ، فَنَقْصُ ذَلِكَ يَجِبُ، وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ عُقِدَ خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

ذكر النهي عن التأهب لقتال من بين المسلمين وبينهم عهد مدة حتى تنقضي المدة

ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ التَّأَهُّبِ لِقِتَالِ مَنْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ مُدَّةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ

6689 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّايِغُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَيْضِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَغْزُوَهُمْ فَجَعَلَ يَتَهَيَّأُ، قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ بِأَرْضِ الرُّومِ عَلَى بِرْذَوْنٍ لَهُ يَقُولُ: وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، فَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ، قَالَ: فَدَعَاهُ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ عَقْدَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يُنْبَذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ»

6690 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ»

6691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْغَادِرُ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ "

ذكر تخوف الفتنة وظهور القتل إذا نقض العهد

ذِكْرُ تَخَوُّفِ الْفِتْنَةِ وَظُهُورِ الْقَتْلِ إِذَا نُقِضَ الْعَهْدُ

6692 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ، وَلَا ظَهَرَتْ فَاحِشَةٌ إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ»

ذكر إباحة دم المعاهد، وسبي ذراريه، وأخذ أمواله إذا نقض العهد

ذِكْرُ إِبَاحَةِ دَمِ الْمُعَاهَدِ، وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِ، وَأَخْذِ أَمْوَالِهِ إِذَا نَقَضَ الْعَهْدَ

6693 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنْ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ، -[327]- حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ فَأَمَّنَهُمْ، وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ، بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، يَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْدَأَ مَنْ خَافَ خِيَانَتَهُ بِالْحَرْبِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَجِدَ دَلَالَةً قَوِيَّةً تَدُلُّ عَلَى نَقْضِهِمُ الْعَهْدَ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قُرَيْظَةَ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبُذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] الْآيَةُ، كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] مُجَازُ فَأَمَّا فَإِنْ تَخَافَنَّ، وَمَعْنَاهَا فَإِمَّا تُوقِنَنَّ مِنْهُمْ خِيَانَةً، وَغَدْرًا، أَوْ خِلَافًا، وَغِشًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي غَيْرِهِ: السَّوَاءُ الْعَدْلُ، وَأَنْشَدَ لِبَعْضِهِمْ: [البحر الرجز] فَاضْرِبْ وُجُوهَ الْغَدْرِ الْأَعْدَاءِ ... حَتَّى يُجِيبُوكَ إِلَى السَّوَاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ {فَانْبُذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] أَعْلِمْهُمْ أَنَّكَ قَدْ حَارَبْتَهُمْ حَتَّى يَصِيرُوا مِثْلَكَ فِي الْعِلْمِ، فَذَلِكَ السَّوَاءُ

ذكر ما يكون نقضا للعهد وما لا يكون نقضا له قال أبو بكر: كانت قريظة قد عاهدت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزل أبو سفيان ومن معه من قريش وغطفان بقرب المدينة، أتى حيي بن أخطب النصري كعب بن أسد القرظي، صاحب عقد بني قريظة وعهدهم، فلم يزل به حتى أجابه

ذِكْرُ مَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَمَا لَا يَكُونُ نَقْضًا لَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَتْ قُرَيْظَةُ قَدْ عَاهَدَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، أَتَى حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّصْرِيُّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ الْقُرَظِيَّ، صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَهُ إِلَى نَقْضِ الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَخَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ لِيَنْظُرُوا صِحَّةَ ذَلِكَ، فَجَاؤُوا وَأَخْبَرُوا بِخَبَرِهِمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَطَفَانَ، عَنِ الْمَدِينَةِ، سَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَاصَرَهُمْ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيَّهُمْ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِنْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَخَبَّرَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَدَلَّ عَلَيْهَا، وَآوَى عُيُونَهُمْ، فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ، وَخَرَجَ مِنْ ذِمَّتِهِمْ، إِنْ شَاءَ الْوَالِيُّ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُ، وَإِنْ كَانَ مُصَالِحًا، لَمَّا يَدْخُلْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ نَبَذَ إِلَيْهِ عَلَى سَوَاءٍ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَمَرِ الْحَبَشَةِ: أَرَى أَنْ يَنْظُرَ وَيَتَبَيَّنَ، فَإِنْ كَانُوا أَسْوَأَ قُتِلُوا، وَلَا يَهْجُمْ عَلَيْهِمُ الْإِمَامُ، إِلَّا بِأَمْرَيْنِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَمَّا اسْتَحَلَّ رَسُولُ اللهِ دِمَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمُظَاهَرَتِهِمُ الْأَحْزَابَ عَلَيْهِ، وَكَانُوا فِي عَهْدٍ مِنْهُ، فَرَأَى ذَلِكَ نَكْثًا لِعَهْدِهِمْ،

وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَقْتُلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، وَنَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي فَفِي قَوْلِهِ: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26] الْآيَةُ

6694 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، قَالَ: فَأَتَى بِالرَّبِيعِ وَكِنَانَةَ ابْنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، وَأَحَدُهُمَا عَرُوسٌ بِصَفِيَّةَ، قَالَ: فَلَمَّا أُتِيَ بِهِمَا، قَالَ: «أَيْنَ آنِيَتُكُمَا الَّتِي كَانَ تُسْتَعَارُ فِي أَعْرَاسِ الْمَدِينَةِ» ، قَالَا: أَخْرَجْتَنَا، وَأَجْلَيْتَنَا، فَأَنْفَقْنَاهَا، قَالَ: انْظُرَا مَا تَقُولَانِ فَإِنَّمَا إِنْ كَتَمْتُمَانِي اسْتَحْلَلْتَ بِذَلِكَ دِمَاءَكُمَا وَذُرِّيَّتَكُمَا "، قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى مَكَانِ كَذَا، إِلَى نَخْلِ كَذَا، فَانْظُرْ نَخْلَةً فِي رَأْسِهَا رُقْعَةٌ، فَانْزِعِ الرُّقْعَةُ، فَاسْتَخْرِجْ تِلْكَ الْآنِيَةَ، فَائْتِ بِهَا، قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى جَاءَ بِهَا، قَالَ: فَقَدَّمَهُمَا رَسُولُ اللهِ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ إِلَى ذُرِّيَّتِهِمَا، وَأَتَى بِصَفِيَّةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

6695 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقْيَةَ، وَكَانَ، مِمَّنِ افْتَتَحَ مِصْرَ، قَالَ: افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: " مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ فَلْيَأْتِنَا بِهِ، قَالَ: فَأُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ، وَبَعَثَ إِلَى عَظِيمِ أَهْلِ الصَّعِيدِ، فَقَالَ: الْمَالُ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَالٌ، فَسَجَنَهُ، وَكَانَ عَمْرٌو يَسْأَلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ، هَلْ تَسْمَعُونَهُ يَذْكُرُ أَحَدًا؟، قَالُوا: نَعَمْ، رَاهِبًا بِالطُّورِ، فَبَعَثَ عَمْرٌو، فَأَتَى بِخَاتَمِهِ فَكَتَبَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِهِ بِالرُّومِيَّةِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ مَعَ رَسُولٍ مِنْ قِبَلِهِ إِلَى الرَّاهِبِ، قَالَ: فَأَتَى بِقُلَّةٍ مِنْ نُحَاسٍ مَخْتُومَةٍ بِرَصَاصٍ، فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ، وَإِذَا فِيهِ، يَا بَنِيَّ إِنْ أَرَدْتُمْ مَالَكُمْ فَاحْفُرُوا تَحْتَ الْفِسْقِينَةِ، قَالَ: فَبَعَثَ عَمْرٌو الْأُمَنَاءَ فَحَفَرُوا فِيهَا، فَاسْتَخْرَجُوا خَمْسِينَ إِرْدَبًّا دَنَانِيرَ، فَضَرَبَ عُنُقَ النَّبَطِيَّ وَصَلَبَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَمْرًو كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَكْتُمُونَ أَمْوَالَهُمْ، كَحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ ابْنِي أَبِي الْحُقَيْقِ. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: أَهْلُ الْعَهْدِ إِذَا نَقَضُوا، تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ أَمْ لَا؟، قَالَ: كُلُّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ النَّقْضِ يُسْبَوْنَ، وَمَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُسْبَوْنَ. -[331]- وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِذَا جَاءَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَمْ يُوَفِّ أَهْلُ الْهُدْنَةِ بِجَمِيعِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَنْبُذَ إِلَيْهِمْ، يُلْحِقُهُ بِمَأْمَنِهِ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يُحَارِبَهَ، فَإِنْ قَالَ إِمَامٌ: أَخَافُ خِيَانَةَ قَوْمٍ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى خِيَانَتِهِمْ مِنْ خَبَرٍ وَلَا عِيَانٍ فَلَيْسَ لَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، نَقْضُ مُدَّتِهِمْ إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةً. وَإِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا، فَأَغَارُوا عَلَى قَوْمٍ مُوَادِعِينَ، أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ، أَوْ مُسْلِمَيْنَ، فَقَتَلُوا، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرُوا نَقْضَ الصُّلْحِ، فَلِلْإِمَامِ غَزْوُهُمْ، وَقَتْلُهُمْ، وَسَبَاهُمْ، وَإِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، لَزِمَهُمْ مَنْ قَتَلُوا أَوْ جَرَحُوا أَوْ أَخَذُوا مَالَهُ الْحُكْمُ كَمَا يَلْزَمُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ قَوْدٍ وَعَقْلٍ وَضَمَانٍ قَالَ: وَإِذَا أُخِذَتِ الْجِزْيَةُ مِنْ قَوْمٍ فَقَطَعَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الطَّرِيقَ، أَوْ قَاتَلُوا رَجُلًا مُسْلِمًا فَضَرَبُوهُ، أَوْ ظَلَمُوا مُسْلِمًا، أَوْ مُعَاهِدًا، أَوْ زَنَا مِنْهُمْ زَانٍ، أَوْ أَظْهَرَ فَسَادًا فِي مُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهِدٍ، حَدَّ فِيهَا الْحَدَّ، وَعُوقِبَ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً فِيمَا فِيهِ الْعُقُوبَةُ، وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ يُحِلُّ دَمَهُ، لَا يَكُونُ نَقْضُ الْعَهْدِ إِلَّا مَنْعَ الْجِزْيَةِ، أَوِ الْحُكْمَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالِامْتِنَاعَ بِذَلِكَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي الَّذِي يَكْتُبُ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ بِخَبَرٍ عَنْهُمْ، بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعَدُوِّ شَيْئًا، لِتَحْذَرُوهُ الْمُسْتَأْمَنَ أَوِ الْمُوَادِعَ، أَنْ يَمْضِيَ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ مُخْبِرًا عَنْهُمْ، فَقَالَ: يُعَزَّرُ هَؤُلَاءِ، وَيُحْبَسُونَ -[332]- عُقُوبَةً، وَلَيْسَ هَذَا بِنَقْضٍ لِلْعَهْدِ يُحِلُّ سَبْيَهُمْ، وَلَا أَمْوَالَهُمْ، وَلَا دِمَاءَهُمْ، إِذَا صَارَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَقَالُوا: لَمْ نُرِدْ بِهَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَلَيْسَ بِنَقْضٍ لِلْعَهْدٍ، وَيُعَزَّرُ، وَيَحْبِسُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: فِي الْمَلِكِ مِنَ الْمُلُوكِ يُصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَصِيرُ لَهُمْ ذِمَّةٌ، ثُمَّ جَعَلَ يُخْبِرُ الْمُشْرِكِينَ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا، وَيُؤْوِي عَيْنَهُمْ إِلَيْهِ لَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِعَهْدِهِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعَاقِبُوهُ، وَيَحْبِسُوهُ، وَإِنْ قَتَلَ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ صَارَ ذِمَّةً رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَيْضًا نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَلَكِنْ يَنْظُرُونَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، قُتِلَ بِهِ

ذكر الصلح والهدنة بين المسلمين والمشركين إلى مدة من المدد اختلف أهل العلم في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة

ذِكْرُ الصُّلْحِ وَالْهُدْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَى مُدَّةٍ مِنَ الْمُدَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ

فَفِي خَبَرِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ قُرَيْشًا هَادَنَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَالَحَتْهُ عَلَى سِنِينَ أَرْبَعٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَكَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يُنْزِلَهَا اللهُ بِهِمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، يَكُونُ النَّظَرُ لَهُمْ فِيهِ مُهَادَنَةُ الْعَدُوِّ، وَأَلَّا يُهَادِنَهُ إِلَّا فِي مُدَّةٍ، وَلَا تَجَاوَزَ بِالْمُدَّةِ مُدَّةَ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، كَانَتِ النَّازِلَةُ مَا كَانَتْ، فَإِنْ هَادَنَهُمْ أَكْثَرَ

مِنْهَا فَالْهُدْنَةُ مُنْتَقِضَةٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فَرْضُ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أَهْلَ الْجِزْيَةِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ صَالَحَ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْجِزْيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ، لَمْ نَعْمَدْ مُصَالَحَتَهُمْ، قَدْ صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ خَرَاجٍ يُؤَدُّنَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، أَهْلُ حِصْنٍ، وَأَهْلُ مَدِينَةٍ، أَوْ أَهْلُ عَسْكَرٍ، أَوْ أَهْلُ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ سَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَادِعُوهُمْ سِنِينَ مَعْلُومَةً، عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ، وَعَلَى أَنْ لَا تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَخَشِيَ الْمُسْلِمُونَ إِنْ لَمْ يُوَادِعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَقْوَوْا عَلَيْهِمْ وَادَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ وَادَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ لَهُمْ قُوَّةً، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْبُذُوا إِلَيْهِمْ، ثُمَّ يُقَاتِلُوهُمْ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ نَقَضُوهُ الْعَامَ الرَّابِعَ لِلْحُدَيْبِيَةِ، حَكَى ابْنُ حِزَامٍ هَذَا الْقَوْلَ، قَالَ: قِيلَ لِي ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا سَأَلَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُهَادَنَةً، فَلِلْإِمَامِ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَتُهُمْ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، لَيْسَ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى النَّظَرِ عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 1] الْآيَةَ، فَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَسْتَأْنِفَ مُدَّةً بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَبِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِمَا وَصَفْتُ

مِنْ فَرْضِ اللهِ فِيهِمْ، وَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ أَنْ يُهَادِنَ إِلَّا عَلَى النَّظَرِ، وَيَجُوزُ لَهُ فِي النَّظَرِ لِمَنْ رَجَا إِسْلَامَهُ، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى بِلَادٍ، وَقَدْ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِصَفْوَانَ حِينَ خَرَجَ هَارِبًا إِلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ مُدَّتُهُ، وَمُدَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ جَعَلَ الْإِمَامُ لِهَذَا مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْبُذَ إِلَيْهِ، مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَيُوَفِّيَهُ الْمُدَّةَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَفِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ الْفَسَادَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا جَاوَزَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

ذكر مصالحة الإمام أهل الشرك على مال يقبضه منهم في كل عام أو على مال يعطيهم، وما يجوز من ذلك وما لا يجوز قال الشافعي: وإذا ضعف المسلمون عن قتال المشركين، أو طائفة منهم، جاز لهم الكف عنهم، ومهادنتهم على غير شيء يأخذونه من المشركين، ولا خير في أن

ذِكْرُ مُصَالَحَةِ الْإِمَامِ أَهْلَ الشِّرْكِ عَلَى مَالٍ يَقْبِضُهُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ عَامٍ أَوْ عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِمْ، وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يَجُوزُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، أَوْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، جَازَ لَهُمُ الْكَفُّ عَنْهُمْ، وَمُهَادَنَتُهُمْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُعْطِيَهُمُ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا بِحَالٍ، عَلَى أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ، لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْمُسْلِمِينَ شَهَادَةٌ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ مُشْرِكًا عَلَى أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ، إِلَّا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، وَأُخْرَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنْ يَلْتَحِمَ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُصْطَلَمُوا لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّتِهِمْ، أَوْ خِلَّةٍ فِيهِمْ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطُوا فِي تِلْكَ الْحَالِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، عَلَى أَنْ يَخْلُصُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهُ

مِنْ مَعَانِي الضَّرُورَاتِ يَجُوزُ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا، أَوْ يُوسِرُ مُسْلِمٌ فَلَا يُخَلَّى إِلَّا بِفِدْيَةٍ، فَلَا بَأْسَ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ بِرَجُلَيْنِ

6696 - أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مُوَادَعَةِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى فِدْيَةٍ أَوْ جِزْيَةٍ يُؤَدِّيهَا الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ، قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ، وَشُغْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ حَرْبِهِمْ عَنْ قِتَالِ عَدُوِّهِمْ، أَوْ فِتْنَةٍ شَمَلَتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى عِدَّةِ سَبْيٍ يُؤَدُّونَهُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الرُّوسُ وَالْفِدْيَةُ وَالسَّبْيُ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَحْرَارِهِمْ يَبْعَثُ بِهِ مَلِكُهُمْ إِلَيْهِ؟، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا يَضُرُّهُ مِنْ أَحْرَارِهِمْ كَانَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، إِذَا كَانَ الصُّلْحُ لَيْسَ بِصُلْحِ ذِمَّةٍ وَخَرَاجٍ يُقَاتِلُ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُصَالِحُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ عَلَى أَلْفِ رَأْسٍ كُلَّ سَنَةٍ، فَكَانَ يَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَوْ يُؤَدُّونَهُ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ يَجِيءُ بِهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنْ صَالَحُوهُمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إِلَيْهِمْ مِائَةَ رَأْسٍ كُلَّ سَنَةٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْمِائَةُ يُؤَدُّونَهَا مِنْ أَبْنَائِهِمْ، فَلَا خَيْرَ فِي الصُّلْحِ عَلَى هَذَا، وَلَا يَنْبَغِي -[336]- لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلُوا مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ أَحَدًا لِأَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى ذَرَارِيِّهِمْ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ حِصْنٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَزَلَ بِهِ الْعَدُوُّ، فَخَافَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ بِهِ طَاقَةٌ، أَلَهُمْ أَنْ يُصَالِحُوهُمْ، عَلَى أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ سِلَاحَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، وَكِرَاعَهُمْ، عَلَى أَنْ يَرْتَحِلُوا عَنْهُمْ؟، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمُوا أَنْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِمْ، وَسَأَلَهُمُ الْعَدُوُّ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِمْ، وَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُمْ إِلَّا ذَلِكَ، قَالَ: فَلَا يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِمْ، وَلْيُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَمُوتُوا. وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْقَوْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِنْ أَرَادُوا مُصَالَحَةَ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إِلَيْهِمْ أَهْلَ الْحَرْبِ كُلَّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، عَلَى أَنَّ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُهُمْ، أَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَالِحُوهُمْ عَلَى ذَاكَ؟، قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ

ذكر ما يجوز من الشروط بين الإمام وبين العدو، وما روي في هذا الباب من الأخبار

ذِكْرُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ، وَمَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْأَخْبَارِ

6697 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ مَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلُوهَا مِنْ قَابِلٍ، فَيُقِيمُونَ -[337]- بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، وَالْقَوْسِ، وَالسَّيْفِ، وَنَحْوِهِ، فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجِلُ فِي قُيُودِهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ

6698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْتِ صَالَحُوا أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمُ بِهَا ثَلَاثًا، وَلَا يَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يَمْكُثَ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: اكْتُبِ الشَّرْطَ بَيْنَنَا "، فَكَتَبَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا، فَقَالَ عَلِيُّ: وَاللهِ لَا أَمْحَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: أَرِنِي مَكَانَهَا «، فَأَرَاهُ، فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ» ابْنُ عَبْدِ اللهِ "، فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثِ، قَالُوا لِعَلِيٍّ: إِنَّ هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ، فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ

6699 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدْعُوهُ، وَذَكَرَ بَعْضَ -[338]- الْحَدِيثِ، قَالَ: فَكَتَبَ: " هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَهْلَ مَكَّةَ، أَنْ لَا يَدْخُلَ مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِهَا أَحَدٌ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَلَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ فَلْيَخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذكر نساء المهاجرين قال الله عز وجل: واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم الآية. قال أبو بكر: فاحتمل قوله: واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا من النفقات، واحتمل الصداق الذي أعطوه، فوجدنا قول جماعة من أهل

ذِكْرُ نِسَاءِ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: 10] الْآيَةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاحْتَمَلَ قَوْلُهُ: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] مِنَ النَّفَقَاتِ، وَاحْتَمَلَ الصَّدَاقَ الَّذِي أَعْطَوهُ، فَوَجَدْنَا قَوْلَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، أَنَّ ذَلِكَ الصَّدَاقُ، كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، قَالَ مُجَاهِدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: مَا ذَهَبَ مِنْ أَزْوَاجِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ إِلَى الْكُفَّارِ فَلْيُعْطِهِمُ الْكُفَّارُ صَدُقَاتِهِنَّ وَأَمْسَكُوهُنَّ، وَمَا ذَهَبَ مِنْ أَزْوَاجِ الْكُفَّارِ إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَمِثْلِ ذَلِكَ، هَذَا فِي صُلْحٍ كَانَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَقُرَيْشٍ

وَأَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِذَا جَاءَتْنَا الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ مِنْ أَهْلِ الْهُدْنَةِ مَسْلَمَةً مُهَاجِرَةً مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ، فَمَنْ طَلَبَهَا مِنْ وَلِيٍّ سِوَى زَوْجِهَا، مُنِعَ مِنْهَا بِلَا عِوَضٍ، وَإِذَا طَلَبَهَا زَوْجُهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ طَلَبَهَا غَيْرُهُ لِوِكَالَتِهِ مُنِعَهَا، وَفِيهَا قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا يُعْطَى الْعِوَضَ، وَالْعِوَضُ مَا قَالَ اللهُ: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] الْآيَةُ، قَالَ: قَالَ: وَمِثْلُ مَا أَنْفَقُوا يَحْتَمِلُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، مَا دَفَعُوا بِالصَّدَاقِ، لَا النَّفَقَةَ غَيْرَهُ، وَلَا الصَّدَاقَ كُلَّهُ، إِنَّ كَانُوا لَمْ يَدْفَعُوهُ، قَالَ: وَلَا يَسْتَوْجِبُ الْعِوَضَ بِحَالٍ، إِلَّا أَنْ يَطْلُبَهَا إِلَى الْإِمَامِ أَوْ إِلَى وَالٍ يُخَلِّفُهُ بِبَلَدِهِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إِلَى مَنْ دُونَ الْإِمَامِ مِنْ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ، أَوْ إِلَى مَنْ يُوَلِّيهِ الْإِمَامُ هَذَا، فَلَا يَكُونُ لَهُ بِهِ الْعِوَضُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُعْطَى الزَّوْجُ الْمُشْرِكَ الَّذِي جَاءَتْ زَوْجَتُهُ مَسْلَمَةً الْعِوَضَ، وَلَوْ شَرَطَ الْإِمَامُ بِرَدِّ النِّسَاءِ كَانَ الشَّرْطُ مُنْتَقِضًا، وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: إِنَّ شَرْطَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، إِذْ دَخَلَ فِيهِ أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ، وَكَانَ النِّسَاءُ مِنْهُمْ كَانَ شَرْطًا صَحِيحًا، فَنَسَخَهُ اللهُ، ثُمَّ رَسُولُهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ فِيمَا نُسِخَ مِنْهُ الْعِوَضَ، وَلَمَّا قَضَى اللهُ، ثُمَّ رَسُولُهُ، أَنْ لَا تُرَدَّ النِّسَاءُ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ رَدُّهُنُّ، وَلَا عَلَيْهِ عِوَضٌ فِيهِنَّ، لِأَنَّ شَرْطَ مَنْ شَرَطَ رَدَّ النِّسَاءِ بَعْدَ نَسْخِ اللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ لَهَا بَاطِلٌ، وَلَا يُعْطَى بِالشَّرْطِ الْبَاطِلِ شَيْءٌ، قَالَ: وَكَانَ أَشْبَهُهُمَا أَنْ يُعْطُوا عِوَضًا، وَالْآخَرُ كَمَا وَصَفْتُ، يُعْطَوْنَ فِيهِ الْعِوَضَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْقِدَ هَذَا الْعَقْدَ -[340]- إِلَّا الْخَلِيفَةُ، أَوْ رَجُلٌ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ، لِأَنَّهُ يَلِي الْأَمْوَالَ كُلَّهَا، فَمَنْ عَقَدَهُ غَيْرُ الْخَلِيفَةِ فَعَقْدُهُ مَرْدُودٌ

6700 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: إِنَّ الْمُهَاجِرَاتِ كُنَّ إِذَا قَدِمْنَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُنَّ: «أُبَايِعْكُنَّ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللهِ» ، وَيَتْلُو عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا، فَإِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ، قَالَ: قَدْ بَايَعْتُكُنَّ فَارْتَفَعْنَ "، وَلَا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ: مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ إِلَّا امْرَأَةً أَحَلَّهَا اللهُ لَهُ، أَوْ مِنْ قَرَابَتِهِ، قَالَ: وَكُنَّ إِذَا أَقْرَرْنَ بِهَذَا الْكَلَامِ فَهِيَ الْمِحْنَةُ، قَالَ وَكَتَبَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ: إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَإِذًا أَدُّوا إِلَيْنَا صَدَاقَ مَنْ نَكَحْتُمْ مِنْ نِسَائِنَا اللَّاتِي أَقَمْنَ عِنْدَكُمْ، وَاسْأَلُونَا الصَّدَاقَ مَنْ نَكَحْنَا مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي هَاجَرْنَ إِلَيْنَا، قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِمُ الْمُشْرِكُونَ: لَا وَاللهِ مَا نَعْلَمُ لَكُمْ عِنْدَنَا حَقًّا فَنُعْطِيَكُمْ، فَإِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّ لَنَا عِنْدَكُمْ حَقًّا فَأَعْطُونَا، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] الْآيَةُ، قَالَتْ: فَتَعَاطَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ حُقُوقِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ نِسَائِهِمُ الَّذِينَ نَكَحُوا بِمَكَّةَ، بِقَدْرِ مَا أَمْسَكُوا عَنْهُمْ، قَالَ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِلرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: قَدْ أَنْكَحْتُكَ امْرَأَتَهُ بِمَكَّةَ -[341]- لَمْ يَرُدَّ إِلَيْهِ صَدَاقَهَا، وَقَدْ نَكَحَ هَذَا امْرَأَتَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، هَلُمَّ إِلَى حَقِّكَ فَخُذْهُ، قَالَتْ: فَهَذَا الْعَقِبُ الَّذِي قَالَ اللهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 11] الْآيَةُ، قَالَ: بَعْدَ الصُّلْحِ وَالْعَهْدِ، {فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] ، قَالَ: اقْتَصَصْتُمْ أَصَبْتُمْ مَغْنَمًا مِنْ قُرَيْشٍ، أَوْ غَيْرِهِمْ، {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] الْآيَةُ، صَدُقَاتِهِنَّ عِوَضًا

ذكر من قال إن الآية منسوخة كان قتادة يقول في قوله: " وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار الآية، يقول: إلى كفار ليس بينهم وبين أصحاب محمد عهد يأخذون به، فعاقبتم، وهي الغنيمة إذا أغنموا أن يعطوا زوجها صداقه الذي كان ساق من الغنيمة، ثم يقسم الغنيمة

ذِكْرُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: " {وَإِنَّ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 11] الْآيَةُ، يَقُولُ: إِلَى كُفَّارٍ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عَهْدٌ يَأْخُذُونَ بِهِ، {فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] ، وَهِيَ الْغَنِيمَةُ إِذَا أَغْنَمُوا أَنْ يُعْطُوا زَوْجَهَا صَدَاقَهُ الَّذِي كَانَ سَاقَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، ثُمَّ يُقَسِّمُ الْغَنِيمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْحَكَمُ وَهَذَا الْعَهْدُ فِي «بَرَاءَةَ» ، فَنُبِذَ إِلَى كُلِّ ذِي عَهْدٍ عَهْدُهُ. قَالَ عَطَاءٌ: لَا يُعَاضُ زَوْجُهَا مِنْهَا شَيْءٌ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ عَهْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. -[342]- قَالَ الزُّهْرِيُّ: انْقَطَعَ ذَلِكَ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يُعَاضُ زَوْجُهَا مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا يُعْمَلُ بِهِ الْيَوْمَ

ذكر إباحة إعطاء الإمام العهد والأمان من قد غلب على أرضيهم، وهو مشرف على فتح حصونهم

ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِعْطَاءِ الْإِمَامِ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَ مَنْ قَدْ غَلَبَ عَلَى أَرْضِيهِمْ، وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى فَتْحِ حُصُونِهِمْ

6701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ وَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ أَنْ يُخَلُّوا عَلَيْهَا، وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، وَلِرَسُولِ اللهِ الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالْجُعْلَةُ، وَهِيَ السِّلَاحُ، كَذَا قَالَ، وَالصَّحِيحُ الْحَلْقَةُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوا، وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا شَيْئًا، فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عَهْدَ، فَغَيَّبُوا مِسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيُّ لَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْيَةَ عَمِّ حُيَيٍّ: مَا فَعَلَ مِسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِيرِ؟ "، فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ: الْعَهْدُ قَرِيبٌ، وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ "، فَقَدْ كَانَ حُيَيُّ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ، -[343]- فَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ سَعْيَةَ إِلَى الزُّبَيْرِ، أَشَمَّهُ بِعَذَابٍ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَهُنَا، يَنْظُرُ فِيهَا، فَذَهَبُوا فَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمِسْكَ فِي الْخَرِبَةِ، فَقَتَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَيْ أَبِي الْحُقَيْقِ، كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، وَسَبَا رَسُولُ اللهِ ذَرَارِيَّهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَقَبِلُوا أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا، وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ مِنْهَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا، وَنَقُومُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ، وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، وَكَانُوا لَا يَفْرُغُونَ أَنْ يَقُومُوا هُمْ، فَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ نَخْلٍ وَزَرْعٍ وَشَيْءٍ، مَا بَدَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ فَيَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يُرْشُوهُ، فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللهِ، أَتُطْعِمُونِي السُّحْتَ، وَاللهِ لَقَدْ جِئْتُ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خَضِرَةً، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذِهِ الْخَضِرَةُ؟ "، فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي، وَقَالَ: تَمَنِّينَ مُلْكَ يَثْرِبَ، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَيَّ، قَتَلَ زَوْجِي، وَأَخِي، وَأَبِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ: إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ. قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ سَلَبِهِ كُلَّ عَامٍ سِتِّينَ وَسْقًا مِنْ حِنْطَةٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ، هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي، وَلَا أَحْسِبُهُ -[344]- إِلَّا غَلَطًا، إِنَّمَا هُوَ تَمْرٌ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ، غَالَوْا فِي الْمُسْلِمِينَ وَغَشُّوهُمْ، وَأَلْقَوَا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ، فَفَرَغُوا يَدَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ خَبِيرَ فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نُقَسِّمَهَا بَيْنَهُمْ، فَقَسَّمَهَا عُمَرُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُرَاهُ سَقَطَ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ، كَيْفَ بِكَ إِذَا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا فَقَسَّمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ

ذكر ما يصالح عليه الإمام أهل الذمة قبل محاربتهم

ذِكْرُ مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ قَبْلَ مُحَارَبَتِهِمْ

6702 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: " إِنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ خَالِصًا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً -[345]- فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: يَحْبِسُ نَفَقَةَ سَنَةٍ

6703 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَا لَهُمْ بِرَضْخٍ، فَاقْسِمْ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْ بِذَلِكَ غَيْرِي، قَالَ: اقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَهُ مَوْلَاهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: هَذَا عُثْمَانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: وَلَا أَدْرِي ذَكَرَ طَلْحَةَ أَوْ لَا؟ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَذَا الْعَبَّاسُ، وَعَلِيُّ يَسْتَأْذِنَانِ عَلَيْكَ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَبَّاسُ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَتَخَاصَمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَرِحْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَدْ طَالَتْ خُصُومَتُهُمَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» ، قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَا: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّى سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ هَذَا الْفَيْءِ، إِنَّ اللهَ خَصَّ نَبِيَّهُ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ، -[346]- فَقَالَ: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] الْآيَةُ، فَكَانَتْ هَذِهِ لِرَسُولِ اللهِ خَاصَّةً، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا اخْتَارَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ قَسَّمَهَا اللهُ بَيْنَكُمْ، وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، وَرُبَّمَا قَالَ: يَحْبِسُ قُوتَ أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ بِجَعْلِ مَالِ اللهِ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ بَعْدَهُ، وَأَعْمَلُ فِيهَا مَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ، فَقَالَ: وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا ظَالِمًا فَاجِرًا، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ، تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ وُلِّيتُهَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، فَعَمِلْتُ فِيهَا مَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنِّي فِيهَا ظَالِمٌ فَاجِرٌ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا صَادِقٌ، تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي، جَاءَنِي هَذَا، يَعْنِي الْعَبَّاسَ، يَسْأَلُنِي مِيرَاثَهُ مِنَ ابْنِ أَخِيهِ، وَجَاءَنِي هَذَا، يَعْنِي عَلِيًّا، يَسْأَلُنِي مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ "، ثُمَّ بَدَا بِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا، فَأَخَذْتُ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَنَا مَا وُلِّيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا عَلَى ذَلِكَ، -[347]- أَتُرِيدَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ هَذَا، وَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، لَا أَقْضِي فِيهَا بَيْنَكُمَا بِقَضَاءٍ غَيْرِ هَذَا، إِنْ كُنْتُمَا عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، قَالَ: فَغَلَبَهُ عَلِيُّ عَلَيْهَا، فَكَانَتْ بِيَدِ عَلِيٍّ: ثُمَّ بِيَدِ حَسَنٍ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: ثُمَّ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسَنٍ، ثُمَّ أَخَذَهَا هَؤُلَاءِ، يَعْنِي بَنِي الْعَبَّاسِ

§1/1