الأمالي السفرية الحلبية

ابن حجر العسقلاني

الحديث الأول

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْبَرَنِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الزَّمَانِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ الْحُسَيْنِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بنُ محَّمدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَرْوَزِي، أخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ السَّعْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: " أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ، أَصْبَحْتَ وَقَدْ أَصَبْتَ خَيْرًا: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ".

فَقَالَ الْبَرَاءُ: فَقُلْتُ: وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَطَعَنَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: «وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةٌ عَالِيَةٌ. وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ وَجْهٍ آخَر، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، أَعْلَى مِنْ هَذَا بِدَرَجَةٍ أُخْرَى. أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَهْدَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَكِّيٍّ سِبْطُ السِّلَفِيِّ، قِرَاءَةً عَلَيَّ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ بِالسَّمَاعِ، أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وهُوَ آخِرُ مَنْ حُدِّثَ عَنْهُ بِسَمَاعٍ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِيُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ:

الحديث الثاني

«اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ» ، فَذَكَرَهُ دُونَ مَا فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ: «وَبِنَبِيِّكَ أَوْ بِرَسُولِكَ» عَلَى الشَّكِ، وَلَا أَثَرَ لِهَذَا الشَّكِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ. وَهَكَذَّا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، فِي الْكُبْرَى، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ. وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدٍ، وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمٍ، كِلَاهُمَا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيِّ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْبَرَنِي الْمُسْنِدُ الْعِمَادُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعِزِّ الصَّالِحِيُّ بِهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعَالِي الزَّبَدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَطِيبُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الْخَيْرِ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، أَنَّ زَاهِرَ بْنَ طَاهِرٍ، أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَوَى الرَّجُلُ إِلَى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطَانٌ، فَيَقُولُ الْمَلَكُ: اخْتِمْ بِخَيْرٍ، وَيَقُولُ الشَّيْطَانُ: اخْتِمْ بِشَرٍّ، فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ، ثُمَّ نَامَ، بَاتَ الْمَلَكُ يَكْلَؤُهُ ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، فِي الْكُبْرَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ. فَوَقَعَ لنَا بَدَلًا عَالِيًا بِثَلَاثِ دَرَجَاتٍ مَعَ اتِّصَالِ السَّمَاعِ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، مَوْقُوفًا، وَسَنَدُ الْمَرْفُوعِ أَقْوَى

الحديث الثالث

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَبِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ذَكَرَ أَبِي يَعْنِي مُعَاذَ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيَّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ عَبْدُهُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا لَيْسَ فِيهِمَا شَيْءٌ» . الصِّفْرُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ: هُوَ الْخَالِي. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْمَتْنُ حَسَنٌ. أَخْرَجَهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، فِي الْكَامِلِ، فِي تَرْجَمَةِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ،

الحديث الرابع

وَطَرِيقُهُ أَشْهَرُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ أَخْبَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنِ الْكَامِلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنْجِي الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الظَّافِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ قُمَيْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ صَارَ كَالْفَرْخِ الْمَنْتُوفِ، فَقَالَ لَهُ: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أوْ تَسْأَلُهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتُ تُعَاقِبُنِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ، إِذًا لَا تُطِيُقُ ذَلِكَ وَلَنْ تَسْتَطِيعْهُ، هَلَا قُلْتُ: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ «. هَذَا حَدِيثٌ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ حُمَيْدٍ وَأَنَسٍ، فِيهِ ثَابِتٌ، قَرَأْتُهُ عَلَى أُمِّ الْحَسَنِ بِنْتِ الْمُنَجَّا، بِدِمَشْقَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّايِمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِرْبَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّقُورِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ،

الأثر الخامس

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحِرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ» ثُمَّ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى لَهُ فَشَفَاهُ ". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ. وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ. وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، ثَلَاثَتُهُمْ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْأَثَرُ الْخَامِسُ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ النَّشْوِ،

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ طَافِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الطُّيُورِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَالِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَهَلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الصُّبَاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: " كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، يَقُولُ عِنْدَ السَّكْتَةِ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَدِيثِ يَكُونُ هَجِيرًا: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ " آخر المجلس الرابع من الأمالي الحلبية

المجلس السادس

الْمَجْلِسُ الْسادسُ ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة الحرام سنة ست وثلاثين وثمان مائة بجامع حلب فقال: الْحَدِيثُ السَّادِسُ أَخْبَرَنِي الْإِمَامُ شَيْخُ الْحُفَّاظِ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَبِي عَبْدُ اللَّهِ الْعِرَاقِيُّ رَحَمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَيِّمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَأَخْبَرَنَا عَالِيًا الصَّيْدَلَانِيُّ، الْمَذْكُورُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، فِي جُزْءِ مَنِ اسْمُهُ عَطَاءٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، قَالَ: كَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَصْلِحُ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ عِصْمَةَ أَمْرِي، وَأصْلِحُ لِي

دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي، وَأصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي جَعَلْتَ إِلَيْهَا مَعَادِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» . قَالَ كَعْبٌ: وَأَخْبَرَنِي صُهَيْبٌ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْصَرِفُ بِهَذَا الدُّعَاءِ مِنْ صَلَاتِه» . قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَا يُرْوَى عَنْ صُهَيْبٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَوَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةٍ، عَنْ مَوسَى بْنِ عُقْبَةِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا، مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، لَكِنْ زَادَ فِيهِ بَيْنَ أَبِي مَرْوَانَ، وَكَعْبٍ عَبْدُ الرَّحَمَنِ بْنُ مُغِيثٍ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ اسْمُ أَبِي مَرْوَانَ، قَالَ: كَانَ كَذَلِكَ.

الحديث السابع

فَعَنْ زَائِدَةٍ. وَقِيلَ: اسْمَهُ سَعِيدٌ، وَقِيلَ: مُغِيثٌ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ، وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الصَّحَابَةِ، وَابْنُهُ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ. وَفِي الْإِسْنَادِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينِ، فِي نَسَقٍ، أَوَّلُهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ يَكُونُ فِيهِ خَمْسَةٌ الْحَدِيثُ السَّابِعُ أَخْبَرَنِي الْمُسْنِدُ الْخَيِّرُ أَبُو مُحَمَّدٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ الْبَالِسِيُّ ثُمَّ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الرَّضِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْدَاوِيُّ الْخَطِيبِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْحَسْنَابَاذِيُّ، وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عُمَرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ الْمُقْرِئِ، فِي الْأَرْبَعِينَ لَهُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

الحديث الثامن

«مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَيَانٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةٌ عَالِيَةٌ بِاعْتِبَارِ اتِّصَالِ السَّمَاعِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانٍ، مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ طَرِيقٍ آخَر، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، بِلَفْظٍ آخَرَ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ أَخْبَرَنِي الشَّيخُ أَبُو إِسْحَاقَ التَّنُوخِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، إِجَازَةً مِنْهُ وَسَمَاعًا عَلَى الْأَوَّلِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنْجِي بْنُ الْلُقَيِّ، قَالَ عِيسَى: سَمَاعًا، وَأَحْمَدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا فَأَجَازَهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَيْتِي وَنَحْنُ نَسْمَعُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي شُرَيْحٍ أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ النَّضَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُم عَلَى مَنْ تُحَرَّمُ النَّارُ، عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنِ قَرِيبِ سَهْلِ» . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ مُصْعَبٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةٌ عَالِيَةٌ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْحَلَوَانِيِّ، عَنْ مُصْعَبٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُهُ.

الحديث التاسع

قُلْتُ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا الْإِسْنَادَ، وَإِلَّا فَقَدْ سُئِلَ أَبُو زُرْعَةِ الرَّازِيُّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: وَهِمَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ؛ فَقَد رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيِمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فَقَالَا: عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. قُلْتُ: رِوَايَةُ عَبْدَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلَعَلَّهُ عِنْدَ هِشَامٍ بِإِسْنَادَيْنِ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ قَرَأْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْهَادِي، عَنْ أَبِي نَصْرِ بْنِ الْعِمَادِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ بُنْيَمَانَ، فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، فِي الْأَوْسَطِ، حَدَّثَنَا مُطَّلِبٌ هَوَ ابْنُ شُعَيْبٍ،

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُمَا، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: «اعْبُدِ اللَّهَ لَا تشْرِكْ بِهِ شَيْئًا» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي، قَالَ: «إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي، قَالَ: «اسْتَقِمْ وَلْتُحْسِنْ خُلُقَكَ» . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ،

وَرُوَاتُهُ مِصْرِيُّونَ مُوَثَّقُونَ، لَكِنْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ مَقَالٌ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: «اتَّقِ اللَّهُ حَيْثُ كُنْتَ، وَأتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» . وَقَدْ تُعُقِّبَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي عَدِّهِ الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ بَلَاغَاتِ مَالِكٍ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي الْمُوَطَّإِ، فَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَقَالَ: «أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» . وكَانَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَصْلُ هَذَا الْبَلَاغِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَنْشَدَنِي الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ لِنَفْسِهِ: ارْضَ مِنَ اللَّهِ مَا يُقَدِّرُهُ ... أَرَادَ مِنْكَ الْمُقَامَ أَوْ نَقَلَكْ

وَحَيْثُ مَا كُنْتَ ذَا رَفَاهِيَةٍ ... فَاسْكُنْ فَخَيْرُ الْبِلَادِ مَا حَمَلَكْ قَالَ الْمُحَلَّى، أَبْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَزِدْتُ فِيهَا: وَحَسِّنِ الْخُلْقَ وَاسْتَقِمْ وَمَتَى ... أَسَأْتَ أَحْسِنْ وَلَا تُطِلْ أَمَلَكْ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُؤْتِهِ فَرَجًا ... وَمَنْ عَصَاهُ وَلَا يَتُوبَ هَلَكْ آخِرُ الْمَجْلِسُ الْخَامِسُ مِنَ الْأَمَالِي الْحَلِبِيَةِ

المجلس السابع

الْمَجْلِسُ السَّابع ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني ذي القعدة الحرام سنة ست وثلاثين وثمان مائة بجامع حلب فقال: الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَقِ الدِّمِشْقِيُّ، بِهَا، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَعْلِيُّ، بَالْقَاهِرَةِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي التَّائِبِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي نِزَارَ، حُضُورًا، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الجَوْزَدَانِيَّةُ، سَمَاعًا، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ رَيْذَةَ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، فِي الْمُنْتَقَى مِنْ مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ للذَّهَبِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ، وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا» .

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَا مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَفِي الْبَابِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَكَذَا قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: إِنَّ نُعَيْمًا تَفَرَّدَ بِهِ. وَقَالَ لَنَا شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ: قَالَ لَنَا الذَّهَبِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا نُعَيْمٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَلَا شَاهِدٌ، وَنُعَيْمٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ مَعَ إِمَامَتِهِ. قَلْتُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ بِنَفْيِ الْأَصْلِ يُفِيدُ كَوْنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَا نَفْيَهُ الشَّاهِدُ فَمُتَعَقِّبُ بِقَولِ التِّرْمِذِيِّ

وَقَدْ وَقَعَ لِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَزَّارُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى زَيْنَبَ الْمَقْدِسِيَّةِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الرَّصَافِيِّ، سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ هَوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هَوَ ابْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الْأَسْوَدُ، قَالَ مُؤَمَّلٌ: وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الصِّدِّيقِ، يُحَدِّثُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ خُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ، وَعُلَمَاؤُهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ تَرَكَ فِيهِ عُشْرَ مَا يَعْلَمُ هَوَى، أَوْ قَالَ: هَلَكَ، وَسَيَأْتِي زَمَانٌ كَثِيرٌ خُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ عُلَمَاؤُهُ، مَنْ عَمِلَ فِيهِ بِعُشْرِ مَا يَعْلَمُ نَجَا ". وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ لَا بَأْسَ بِهِمْ إِلَّا الرَّجُلَ الْمُبْهَمَ

الحديث الحادي عشر

الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الصُّوفِيُّ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ الْكَمَالِ، أَنَّ يُوسُفَ بْنَ خَلِيلٍ الْحَافِظَ، أَخْبَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: أَخَبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّرْسُوسِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخَشَّابُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرُّقِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عُمَر، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهِ عَنْهِ، فَقَالَ: «بِإِذْنِي جِئْتُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَاذَا جِئْتُمْ فِيهِ؟» قَالُوا: جِئْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنْ ثَلَاثٍ. قَالَ: مَا هُنَّ؟ قَالُوا: جِئْنَا لِنَسْأَلَكَ: عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا، وَعَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا، وَعَنِ الْغُسْلِ مِنِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: «أَسَحَرَةٌ أَنْتُمْ؟» فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ مَا نَحْنُ بِسَحَرَةٍ. قَالَ: «أَفَكَهَنَةٌ أَنْتُمْ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «مَا سَأَلَنِي عَنْهُنَّ أَحَدٌ قَبْلَكُمْ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسَولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُنَّ» ، قَالَ: " أَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعًا: فَنَوِّرْ بَيْتَكَ مَا اسْتَطَعْتَ. وَأمَّا الْحَائِضُ: فَلَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ، وَلَيْسَ لَكَ مَا تَحْتَهُ، وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ: فَاغْسِلْ يَدَيْكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخِلْهَا الْإِنَاءَ، ثُمَّ اغْسِلْ

فَرْجَكَ وَمَا أَصَابَكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أَفْرِغْ عَلَى رَأْسِكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ اغْسِلْ سَائِرَ جَسَدِكَ ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، بِتَمَامِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ طَرَفًا مِنْهُ، الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّلَاةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ، كَلَاهُمَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه أَيْضًا، مِنْ طَرَيقِ طَارِقٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عُمَر، مُنْقَطِعًا. وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو هَوَ الْبَجْلِيُّ لَا بَأْسَ بَهَ وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ شِيُوخِ شُعْبَةِ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَةَ، فَخَالَفَ فِي شَيْخِهِ.

الحديث الثاني عشر

وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَأَلُوا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ بِطُولِهِ. وَيَبْعُدُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ عُمَيْرٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ الْحَدِيثُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، بِالْمَسْجِدَ الْحَرَامِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَطِيعِيُّ، إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَسْعَدُ بْنُ بُلْدَرْكٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بُشْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو قُلَابَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي اللَّمَمِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمًّا، وَأَيَّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا» . هَذَا حَدِيثٌ سَنَدُهُ صَحِيحُ، وَفِي رَفْعِهِ نَكَارَةٌ. أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، فِي المُسْتَدْرَكِ، عَنْ أَبِي الْعَبَاسِ الْأَصَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ.

وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ لِرِوَايَةِ شُعْبَةِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِد، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ اللَّمَمِ، قَالَ: هَوَ أَنْ يَذْنِبَ ثُمَّ لَا يَعُودُ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الشَّاعِرُ: إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمًّا ... وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي اللَّمَمِ، كَلَامًا آخَرَ، أَخْرَجَاهُ، مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي زِنَى الْجَوَارِحِ، وَفِي آخِرِهِ: «وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبَهُ» . وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّمَمَ هَوَ الصَّغِيرَةُ، وَاللُّهُ أَعْلَمُ

المجلس الثامن

الْمَجْلِسُ الثامن أملى علينا سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العلامة حافظ العصر، قاضى القضاة شيخ الإسلام شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلاني الشافعي أمتع الله بحياته يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي القعدة الحرام سنة ست وثمان مائة بجامع حلب فقال: الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ أَخْبَرَنَا الْمُسْنِدُ الْخَيِّرُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي شَرَفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَافِظِ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْهَادِي، الْقُدْسِيَّانِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ سَمَاعًا، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ التَّاجِرُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسم الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ الْعَبَّاسِ صَاحِبُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُود، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ أَعْطَى أَرْبَعًا أُعْطِيَ أَرْبَعًا، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنْ أَعْطَى الذِّكْرَ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] ، وَمَنْ أَعْطَى الدُّعَاءَ أُعْطِيَ

الحديث الرابع عشر

الْإِجَابَةَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ، وَمَنْ أَعْطَى الشُّكْرَ أُعْطِيَ الزِّيَادَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] ، وَمَنْ أَعْطَى الاسْتِغْفَارَ أُعْطِيَ الْمَغْفِرَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] . هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَا هُشَيْمٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مَحْمُودُ بْنُ الْعَبَّاسِ. قُلْتُ: وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى تَرْجَمَةٍ، وَقَدِ اتَّهَمَهُ بِهِ الذَّهَبِيُّ، وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا، أَوْ دَخَلَ لَهُ إِسْنَادٌ فِي إِسْنَادٍ الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الْأَزْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَرْبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ

أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ هَوَ ابْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَيَثْنِي رِجْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ مَرَّةٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ حِرْزًا لَهُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَمْ يَحِلَّ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا الشِّرْكُ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ عَمَلًا ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَكَذَا، وَصَنِيعَهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الصُّحْبَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَأَثْبَتَهَا الْمِصْرِيُّونَ: أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونِسَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ. وَنَقَلَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ بَكْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، وَابْنُ لُهَيْعَةَ. وَنَفَى ذَلِكَ الشَّامِيُّونَ: دُحَيْمٌ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ،

وَغَيْرَهُمَا. وَبِهِ جَزْمُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِ، فَقَالَ: «أَسْلَمَ فِي زَمَنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ، وَصَحَبَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ» . قُلْتُ: أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، حَدِيثَهُ هَذَا مِنْ رِوَايَتِهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، بِهَذَا السَّنَدِ، لَكِنْ قَالَ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ، بَدَلَ مُعَاذٍ. وَمِنْ هَذَا الْوَجْهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِي، لَكِنْ سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِه ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، فَصَارَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ شَهْرٍ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحَيْحٌ،

الحديث الخامس عشر

وَهُوَ مَمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ لَأَنَهُ اشْتَمِلَ عَلَى ثَلَاثِ عِلَلٍ: الاخْتِلَافُ، وَالانْقِطَاعُ، وَالْكَلَامُ فِي شَهْرٍ، فَمَا أَدْرِي كَيْفَ صَحَّحَهُ، وَالِاعْتِمَادُ فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْغَزِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ قُرَيْشٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الصُّقَيْلِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنُ الْجَمَّالِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَعْضَاءُ السُّجُودُ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طُرِقٍ

الحديث السادس عشر

مِنْهَا: لِمُسْلِمٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةٌ عالِيَةٌ الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قِوَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ هِلَالٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ الْبُرْهَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ. ح وَقَرَأْتُ عَالِيًا عَلَى الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ التَّنُوخِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، إِجَازَةً مِنَ الْأَوْلِ، وَسَمَاعًا مِنَ الثَّانِي، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: الْأَوَّلُ سَمَاعًا، وَالثَّانِي إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَمُ الْفَضْلِ الْهَرْشِمِيَّةُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَحْمَدَ الْأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ البِغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ

عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَّهُمْ، وَعَتِقَ عَلِيهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عُتِقَ مِنْهُ مَا عُتِقَ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ. وَمُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى. وَأَبُو دَاوُدَ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، ثَلَاثَتُهُمْ، عَنْ مَالِكٍ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيًا. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ.

وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِيمَا نَطَقَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ: يَا رَبِّ أَعْضَاءَ السِّجُودَ عَتَقْتَهَا ... مِنْ فَضْلِكَ الْوَافِي وَأَنْتَ الْوَاقِي وَالْعِتْقُ يَسْرِي بِالْغِنَى يَا ذَا الْغِنَى ... فَامْنُنْ عَلَى الْفَانِي بِعِتْقِ الْبَاقِي

§1/1