الألغاز النحوية = الطراز في الألغاز

السيوطي

مقدمة الإمام السيوطى

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الإمام السيوطى الحمد لموليه، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وذويه. هذا كتاب في الألغاز والأحاجي والمطارحات والممتحنات والمعاياة، وهو منثور غير مرتب وسميته: الطراز في الألغاز * * * اللغز النحوي قسمان قسم يطلب به تفسير المعنى وقسم يطلب به تفسير الإعراب قال الشيخ جمال الدين بن هشام في كتابه (موقظ الوسنان وموقد الأذهان). اعلم أن اللغز النحوي قسمان، أحدهما ما يطلب به تفسير المعنى، والآخر ما يطلب به وجه الإعراب. * * * بعض ألغاز الحريري * ما يطلب به تفسير المعنى: فالأول كقول الحريري ما العامل الذي يتصل آخره بأوله - ويعمل معكوسه مثل عمله؟.

وتفسيره: (يا) في النداء فإنه عامل النصب في المنادى وهو حرفان فآخره متصل بأوله ومعكوسه وهو (أي) حرف نداء أيضًا. وكقوله أيضًا: وما منصوب أبدا على الظرف لا يخفضه سوى حرف. وجوابه: لفظة (عند)، تقول جلست عنده وأتيت من عنده لا يكون إلا منصوبًا على الظرفية أو مخفوضًا بمن خاصة، فأما قول العامة سرت إلى عنده فخطأ. فإن قيل: لدن وقبل وبعد بمنزلة عند في ذلك فما وجه تخصيصك إياها؟ قلت: لدن مبنية في أكثر اللغات فلا يظهر فيها نصب ولا خفض، وقبلُ وبعد يكونان مبنيين كثيرًا وذلك إذا قطعا عن الإضافة، وإنما تبين الألغاز والتمثيل بما يكون الحكم فيه ظاهرًا. وكقوله وأينَ تلبسُ الذكرانُ براقع النسوان، وتبرُز رباتُ الحِجال بعمائم الرجال. وجوابه: باب العدد من الثلاثة إلى العشرة تثبت التاء فيه في المذكر وتحذف في المؤنث. * * * * " ما يطلب به تفسير الإعراب: والثاني - وهو الذي يطلب فيه تفسير الإعراب وتوجيهه، لا بيان المعنى، كقول الشاعر: جَاءك سُليمانُ أبو هاشما ... فقد غدا سيدها الحارث

شرحه: جاء فعل ماض كسليمان جار ومجرور وعلامة الجر الفتح لأنه لا ينصرف، وإنما أفردت الكاف في الخط ليتأتى الإلغاز، أبوها فاعل جاء، والضمير لامرأة قد عرفت من السياق، شما فعل أمر من شام البرق يشيمه ونونه للتوكيد كتبت بالألف على القياس، سيدها نصب بشم كما تقول انظر سيدَها، والحارث فاعل غدا - انتهى كلام ابن هشام. * لغز لابن هشام: وقال ابن هشام في (المغني): مسألة يحاجي بها فيقال: ضمير مجرور لا يصح أن يعطف عليه اسم مجرور أعدت الجار أم لم تعده. وهو الضمير المجرور بلولا نحو لولاي وموسى لا يقال إن موسى فى محل الجر لأنه لا يعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار هنا، لأن لولا لا تجر الظاهر، فلو أعيدت لم تعمل الجر بل يحكم للمعطوف والحالة هذه بالرفع، لأن لولا محكوم لها بحكم الحروف الزائدة والزائدة لا تقدح في كون الاسم مجردًا من العوامل اللفظية، فكذا ما أشبه الزائدة. عود لألغاز الحريري: قال ما كلمة إن شئتم هي حرف محبوب، أو اسم لما فيه حرف حلوب؟ وأي اسم يتردد بين فرد حازم، وجمع ملازم؟ وأية هاء إذا التحقت أماطت الثقل، وأطلقت المعتقل؟ وأين تدخل السير فتعزل العامل من غير أن تجامل؟

وأي مضاف أخل من عرى الإضافة بعروة، واختلف حكمه بين مساء وغدوة؟ وأي عامل نائبه أرحب منه وكرا، وأعظم مكرا، وأكثر لله تعالى ذكرًا؟ وأين يجب حفظ المراتب على المضروب والضارب. وأي اسم لا يفهم إلا باستضافة كلمتين، والاقتصار منه على حرفين، وفي وضعه الأول التزام وفى الثاني إلزام؟ وأي وصف إذا أردف بالنون نقص من العيون وقوم بالدون وخرج من الزبون وتعرض للهون. أراد بالأول نعم. وبالثاني سراويل. وبالثالث هاء التأنيث الداخلة على الجمع المتناهى، نحو زنادقة وصياقلة وتبابعة. وبالرابع باب إنْ المخففة من الثقيلة. وبالخامس لدن. وبالسادس باء القسم ونائبه الواو. وبالسابع نحو كلم موسى عيسى.

أحاجي الزمخشري

وبالأخير نحو ضيف تدخل عليه النون فيقال ضيفن وهو الطفيلى (1). * * * أحاجي الزمخشري وللزمخشري (كتاب الأحاجي) منثور، وشرحه الشيخ علم الدين السخاوي بشرح سماه (تنوير الدياجي في تفسير الأحاجي) وأتبعه بأحاجي له منظومة، وأنا ألخص الجميع هنا: قال الزمخشري: أخبرني عن فاعل جمع على فعلة، وفعيل جمع على فعلة. الأول باب قاض وداع. والئانى نحو سرى وسراة. وقال: أخبرني عن تنوين يجامع لام التعريف، وليس إدخاله على الفعل من التحريف. هو تنوين الترنم والغالى. * وقال: أخبرني عن واحد من الأسماء ثني مجموعًا بالألف والتاء؟ * أخبرني عن موحد في معنى اثنين وعن حركة في حكم حركتين؟ * أخبرني عن حركة وحرف قد استويا، وعن ساكنين على غير حدهما قد التقيا.

_ (1) لم يذكر جواب اللغز الثامن وهو توله: وأي اسم لا يفهم إلا باستضافة كلمتين أو الاقتصار منه على حرفين وفى وضعه الأول التزام، وفى الثاني إلزام.

* أخبرني عن اسم على أربعة فيه سببان لم يمتنع صرفه بإجماع، وعن آخر ما فيه إلا سبب واحد وهو حقيق بالامتناع. أخبرني عن فاء ذات فنين وعن لام ذات لونين. الأولى - نحو البرى والسرى والبث والنث وقاتعه الله وكاتعه بمعنى قاتله، وبيد أني من قريش وميد أني، ونحو وزن وأزن. وهو قياس مطرد في المضموم وفى المكسور نحو وشاح وإشاح ووعاء وإعاء، والمفتوح نحو وسن وأسن ووبد وأبد إذا غضب، ووله وأله تحير، وما وبه له وما أبه سماع بإجماع. والثانية - نحو عضه وسنه هي هاء في عضه وعضاه وبعير عاضه وعضه أي راعى العضاه، وعضهه إذا شتمه، وفى نخلة سنهاء وسانهت الأجير، وواو في عضوات وسنوات. * أخبرني عن نسب بغير يائه - وعن تأنيث بتاء ليس بتائه. الأول: ما دل عليه بالصيغة نحو عواج وبتار ودراع ولابن، ونظير دلالتي العلامة والصيغة قولك لتضرب واضرب. والفرق بين البنائين أن فعالا لما هو صيغة وفاعلا لمباشرة الفعل. والثاني: بنت وأخت لأن تاءهما بدل من الواو والتي هي لام، إلا أن اختصاص المؤنث بالإبدال دون المذكر قام علمًا للتأنيث فكأن هذه التاء لاختصاصها كتاء التأنيث، ونحوها التاء في مسلمات هي

علامة لجمع المؤنث فلاختصاصها بجمع المؤنث كأنها للتأنيث ومن ثَمَّ لم يجمعوا بينها وبين تاء التأنيث فلم يقولوا مسلمتات. فإن قلت: ما أدراك أنها ليست تاء تأنيث؟ قلت: لو كانت كذلك لقلبها الواقف هاء في اللغة الشائعة. فإن قلت: فلم قلبها من قلبها هاء في الوقف فقال البنون والبناه؟ قلت: رآها تعطى ما تعطيه تاء التأنيث فتوهمها مثلها. * أخبرني: عن نعت مجرور ومنعوته مرفوع، وعن منعوت موحد ونعته مجموع. الأول نحو هذا جحر ضب خرب. والثاني قول القطامى: كأن قيودَ رجلى حين ضمتْ ... حَوالب غزرا وَمِعًا جياعا جعل المعا لفرط جوعه بمنزلة أمعاء جائعة فجمع النعت مع توحيد المنعوت. * أخبرني عن فصل ليس بين المعرفتين فاصلاً وعن ربَّ على المعرفة داخلاً. الأول: نحو كان زيد هو خيرًا منك، و {إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً} [الكهف: 39].

وإنما ساغ ذلك في أفعل من لامتناعه من دخول لام التعريف عليه امتناع ما فيه التعريف فشبه به وأجرى حكمه عليه. والثاني: نحو قولهم ربَّ رجل وأخيه، قال سيبويه ولا يجوز حتى تذكر قبله نكرة. * أخبرني عما ينصب ويجر وهو رفع وعما تدخله التثنية وهو جمع. الأول: المحكى. والثاني: قولهم "عندي لقان سوداوان"، وقوله: بين رِمَاحى مالكٍ ونهشلِ وقوله: لا صبَّح الحى أوبادا ولم يجدوا. . . عندَ التفوقِ في الهيْجَا جَمالين في أخبرني كيف يكون متحرك يلزمه السكون؟ هو عين حى وهى وضف، في قولهم ضَفَّ الحال، وزنها فعل لأنه من باب فرح وبطر وأشر. * أخبرني عن واحد وجمع لا يفرق بينهما ناطق، إلا أن الضمير بينهما فارق؟ هما فلك وفلك للواحد والجمع ومثله جمل هجان وإبل هجان ودرع دلاص ودروع دلاص. * أخبرني عن فاعل خفى فما بدا، وآخر لا يخفى أبدًا.

الأول فاعل أفعل وتفعل ونحوهما. والثاني: الواقع بعد إلا، نحو ما قام إلا زيدًا وإلا أنا. * أخبرني عن حرف يزاد ثم يزال، وأثره باق ماله انتقال. هو نون التثنية والجمع تزال وأثرها باق في نحو - هما الضاربا زيد والضاربو زيد. * أخبرني عن حرف يوحد ثم يكثر، ويؤنث ثم يذكر. الأول: باب تمرة وتمر. والثاني: باب العدد ثلاثة إلى عشرة. * أخبرني عن معرف في حكم التنكير، ومؤنث في معنى التذكير. الأول مررت بالرجل مثلك، أو برجل مثلك، لا يكاد في نحو هذا الموضع يتبين الفرق بين النكرة والمعرفة. ومثله: ولقد أمرُّ على اللئيم يَسبُّنى والثاني باب علَّامة ونسَّابة. * أخبرني عن واحد يوزن بأربعة، وعن عشرة عند بعضهم متسعة. الأول هو باب (ق) "فعل أمر من وقى" و (ع) و (ش) ونحوها توزن بأفعل ولا يقال في وزنه ع. والثاني حروف العطف عند النحويين عشرة وقد تسعها أبو على الفارسي حيث عزل عنها إما.

* أخبرني عن زائد يمنع الإضافة ويؤكدها، ويفك تركيبها ويؤيدها. هو اللام في قولهم لا أبا لك، هي مانعة للإضافة فاكة لتركيبها بفصلها بين ركنيها وهما المضاف والمضاف إليه. وهي مع ذلك مؤكدة لمعناها مؤيدة لفائدتها من حيث إنها موضوعة لإعطاء معنى الاختصاص. ونظيرتها تيم الثانية في (ياتيم تيم عدي) أقحمت بين المضاف والمضاف إليه وتوسطت بينهما، كما قيل بين العصا ولحائها وهي بما حصل بتوسطها من التكرير معطية معنى التوكيد والتشديد. وهذه اللام لها وجه اعتداد ووجه اطراح، فوجه اعتدادها استصلاحها الأب لدخول لا الطالبة للنكرات عليه. ووجه اطراحها أن لم تسقط لام الأب الواجبة الثبوت عند الإضافة. ونحوه قولهم "لا يدىْ لك" سقوط النون مع اللام دليل الاطراح، وتنكير المضاف وتهيؤه لدخول (لا) دليل على الاعتداد. فإن قلت: فكيف صح قولهم لا أباك؟ قلت: اللام مقدرة منوية وإن حذفت من اللفظ، والذي شجعهم على حذفها شهرة مكانها وأنه صار مَعْلَما لاستفاضة استعمالها فيه، وهو نوع من دلالة الحال التي لسانها انطلق من لسان المقال. ومنه حذف لا في: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ} [يوسف: 85].

وحذف الجار في قول رؤبة " خير" إذا صبح عندما قيل له كيف أصبحت؟ ومجمل قراءة حمزة {تَسَاءَلُونَ به وَالأَرْحَامِ} [النساء: 1] عليه سديد، لأن هذا المكان قد شهر بتكرير الجار فقامت الشهرة مقام الذكر. * أخبرني عن ميمات هن بدل وعوض وزيادة، وعن واحدة هي موصوفة بالجلادة. البدل نحو إبدال طيىء الميم من لام التعريف، والعوض في اللهم عوضت من حرف النداء، والزيادة في نحو مقتل ومضرب. والموصوفة بالجلادة هي ميم فم بدل من عين فوه. قال سيبويه: أبدلوا منها حرفًا أجلد منها وفى مقامة النحوي من النصائح "وتجلد في المضي على عزمك وتصميمه ولا تقصر عما في الفم من جلادة ميمه". * أخبرني عن اسم بلد فيه أربعة من الحروف الزوائد وكلها أصول غير واحد. هو يستعور من بلاد الحجاز فيه الياء والسين والتاء والواو من جملة

الزوائد العشرة وكلها أصول في هذا الاسم إلا الواو. * أخبرني عن مائة في معنى مئات وكلمة في معنى كلمات. المائة في ثلثمائة في معنى المئات لأن حق مميز الثلاثة إلى العشرة أن يكون جمعًا. والكلمة في معنى كلمات قولهم كلمة الشهادة وكلمة الحويدرة، وقوله تعالى: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: 64]. * أخبرني عن حرف من حروف الاستثناء، لم يستثن شيئًا قط من الأسماء. وهو (لما) بمعنى إلا لا يستثنى به الأسماء كما يستثنى بإلا وأخواتها وإنما يقال نشدتك الله لما فعلت وأقسمت عليك لما فعلت. * أخبرني عن مكبر يحسب مصغرًا، وعن مصغر يحسب مكبرًا. الأول: سكَّيت بالتشديد يحسبه من ليس بنحوي مصغرًا وهو خطأ ظاهر لأن ياء التصغير لا تقع إلا ثالثة، بل سكيت مكبر كسكيت، وسكيت بالتخفيف مصغرة تصغير الترخيم. والثاني: حبر ورهو في عداد المكبرات وفى قول الأعرابي الذي سئل عن تصغير الحبارى فقال حبرور.

* أخبرني عن مصغر ليس له تكبير، وعن مكبر ليس له تصغير. من الأسماء ما وضع على التصغير ليس له مكبر نحو كُمَيْت وكعيت. ومنها ما ورد مكبرًا ولم يصغر كأين وكيف ومتى والضمائر ونحوها. * أخبرني عن كلمة تكون اسمًا وحرفًا، وعن أخرى تكون غير ظرف وظرفا. الأول: على وعن وكاف التشبيه ومذ ومنذ. والثاني: نحو اليوم والليلة والساعة والحين والخلف والأمام. * أخبرني عن اسم متى أضيفت أخواته وافقها ومتى أفردت فارقها. هو ذو بمعنى صاحب وأخواته باقي الأسماء الستة. * أخبرني عن سبب متى آذن بالذهاب تبعه سائر الأسباب. هو التعريف في نحو آذربيجان ودرابجرد وخوارزم، إذا ذهب عنه بالتنكير لم يبق لسائر الأسباب أثر وهى التأنيث والعجمة والتركيب. * أخبرني عن شىء من العلامات يشفع لأخيه في السقوط دون الثبات.

التنوين هو المقصود وحده بالإسقاط في باب ما لا ينصرف، وإنما سقط الجر لأخوة ثبتت بينه وبين التنوين، وذلك أنهما جميعًا لا يكونان في الأفعال ويختصان بالأسماء، فلهذه الأخوة لما سقط التنوين تبعه الجر في السقوط، فالتنوين أصل فيه والجر تبع، كما يسقط الرجل عن منزلته فتسقط أتباعه، وهذا معنى قول النحويين سقط الجر بشفاعة التنوين، فإذا عاد الجر عند الإضافة واللام لم يتصور عود التنوين. * أخبرني عن حرف تلعب الحركات بما بعده ولا يعمل منها إلا الجر وحده. هو (حتى) يقع الاسم بعدها مرفوعًا ومنصوبًا ومجرورًا والجر وحده عملها. * أخبرني عن اسم صحيح أمكن هو فاعل وما هو مرفوع، وعن آخر دخل عليه حرف الجر وهو عن الجر ممنوع. الأول (غير) وفى قول الشماخ: لم يخرج الشرب منها غير أن نطقت (1) والثاني (حين) في قوله: على حين عاتبت المشيب على الصبا * أخبرني عن شىء وراء خمسة أشياء يجزم جوابه في الجزاء. هو الاسم أو الفعل الذي ينزل منزلة الأمر والنهي ويعطى حكمهما. لأن فيه معناهما ومرادهما فيجزم به كما يجزم بهما، وذلك

_ (1) رواية بيت الشماخ كما حفظنا لم يمنع الشرب. . . إلخ.

قولك، حسبك ينم الناس، واتَّقَى الله امرؤ فعل خيرًا يثبْ عليه، بمعنى ليتق الله وليفعل. * أخبرني عن ضمير ما اشتق من الفعل، أحق به من الفعل، وفى ذلك انحطاط الفرع عن الأصل. هو الضمير في قولك هند زيد ضاربته هي، وزيد الفرس راكبه هو، وفى كل موضع جرت فيه الصفة على غير من هي له، فالمشتق من الفعل وهو الصفة أحق به من الفعل، لابد له منه، وللفعل منه بد، إذا قلت هند زيد تضربه وزيد الفرس يركبه، حتى إن جئت به فقلت تضربه هي ويركبه هو كان تأكيدًا للمستكن والسبب قوة الفعل وأصالته في احتمال الضمير، والمشتق منه فرع في ذلك، ففضل الفرع على الأصل. * أخبرني عن زيادة أوثرت على الأصالة، وعن إمالة ولدت إمالة. الأول- حذفهم الألف والياء الأصليتين للتنوين في هذه عصا وهذا قاض، وليائي النسب إلى المصطفى، وحذف اللام لألف التكسير وياء التصغير في فرازد وفريزد، وحذف العين في شاك ولاث وإبقاء ألف فاعل وحذف الفاء في يعد لحروف المضارعة، ومن ذلك قول الأخفش فى مقول وحذفه عين مفعول لواوه. والثاني: قولهم رأيت عمادًا ولقيت عبادًا، أمالوا الألف الأولى لكسرة العين ثم أمالوا الثانية لإمالة الأولى، ونظير تسبب الإمالة

للإمالة تسبب الإلحاق للإلحاق في نحو قولهم الندد، هو ملحق بسفرجل والألف والنون معًا زائدتان للإلحاق، ولولا النون المزيدة للإلحاق لما كانت الهمزة حرف إلحاق، ألا ترى أنها في المد ليست كذلك. * أخبرني عن حلف ليس بحلف وعن إمالة في غير ألف. الأول: قولهم بالله إلا زرتني، وبالله لما لقيتني، وبحق ما بيني وبينك لتفعلن، صورته صورة الحلف وليس به، لأن المراد الطلب والسؤال. والثاني: إمالة للفتحة قبل راء مكسورة نحو الضرر. أخبرني عن فعل يقع بعد منذ ومذ، وعن جملة يضاف إليها المشبه بإذ. الأول: نحو ما رأيته مذ كان عندي ومذ جاءني. والثاني: نحو كان ذاك زمن زيد أمير، وزمن تأمر الحجاج، حق هذه الجملة أن تكون على صفة الجملة التي تضاف إليها (إذ) وهى صفة المضي وتكون فعلية تارة وابتدائية أخرى. * أخبرني عن لام تحسب للابتداء، والمحققة يأبون ذلك أشد الإباء. هي اللام الفارقة الداخلة على خبر إن المخففة. * أخبرني عن دخول أن الخفيفة على بعض الأخبار، غير معوضة واحدًا من جملة الإستار.

أن المخففة إذا دخلت على الفعل وهو المراد بعض الأخبار عوض مما سقط منه أحد الأحرف الأربعة وهى قد وسوف والسين وحرف النفي وشذ تركه فيما حكاه سيبويه "أما أنْ جزاك الله خيرًا". " أخبرني عن عينين ساكنة يفتحها الجامع ما لم يصف، ومكسور لا يفتحها المتكلم ما لم يضف. الأولى: باب تمرة يحرك بالفتح في الجمع نحو تَمَرات إلا في الصفة فتقر على سكونها كضخْمات. والثانية: باب نمر تفتح في النسب نحو نَمَري. * أخبرني عن حرف يدغم في أخيه ولا يدغم أخوه فيه. هو اللام تدغم في الراء ولا تدغم الراء فيها. * أخبرني عن اسم من أسماء العقلاء لا يجمع إلا بالألف والتاء. هو طلحة. * أخبرني عن مكبر ومصغر هما في اللفظ مؤتلفان ولكنهما في النية والتقدير مختلفان. مبيطر ومسيطر إن صغرتهما قلت مبيطر ومسيطر على لفظ التكبير سواء. * أخبرني عن النسبة إلى نمرات وإلى اسم رجل مسمى بتمرات. النسبة إلى نمرات جمع نمرة نَمْرى بسكون الميم، لأنك ترد الجمع فى النسبة إلى الواحد.

وإلى تمرات اسم رجل تمرى بفتح الميم لأنك تحذف الألف والتاء عند النسب. * أخبرني عن اسم ناقص له شتى أوصاف موصول ولازم للإضافة ومضاف إلى فعل وغير مضاف. هو (ذو) يكون موصولا بمعنى الذي، ولازما للإضافة في نحو ذو مال ومضافًا إلى الفعل في قولهم اذهب بذى تسلم، وغير مضاف فى قولهم الأذواء لذى يزن وذى جدن وذى رعين وغيرهم. * أخبرني عن اسم تكبيره يجعل ياءه هاء وتصغيره يقلب هاءه ياء. هو (ذى) في إشارة المؤنث تبدل ياؤه هاء في المكبر منه خاصة. نحو ذه أمة الله، فإذا صغرته رددته إلى أصلها ياء فتقول في امرأة سميتها بذه ذيبة لا ذهية. * أخبرني عن الفرق بين ضمتي العليا والعليا وبين ضمتي أولى وأوليا. الفرق بين الأولين أن الأولى ضمة بناء الفعل والثانية ضمة بناء المصغر. وأما الأخريان فمتفقتان ضمة المصغر هي ضمة المكبر، لأن اسم الإشارة إذا صغر لم يضم أوله. * أخبرني عن الفرق بين: لهي أمك، ولهي أبوك، وبين: له ابنك وله أخوك.

لما كان اسم الله سبحانه وتعالى لا شىء أدور منه على الألسنة خففوه ضروبًا من التخفيف، فقالوا لاه أبوك بحذف اللامين، وقلبوا فقالوا لهي أبوك، وحذفوا من المقلوب فقالوا له أبوك، وبنين لتضمين لام التعريف كأمس، وبني أحدهما على السكون لأنه الأصل ولا مانع. والثاني على الكسر لأنه الملجأ [البناء على السكون] عند التقاء الساكنين. والثالث على الفتح لاستثقال الكسرة على ما هو من جنسها. * أخبرني عن مذكر لا يجمع إلا بالألف والتاء - وعن مؤنث يجمع بالواو والنون من غير العقلاء. الأول: نحو سرادق وحمام. والثاني: باب سنين وأرضين. * أخبرني عن مجموع في معنى المثنى وعن واحد من واحد مستثنى. الأول: نحو قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]. والثاني: ما جاء في لغة بني تميم من قولهم ما أتاني زيد إلا عمرو بمعنى ما أتاني زيد لكن عمرو، ومنها قولهم ما أعانه إخوانكم إلا إخوانه. هذا آخر أحاجي الزمخشري ونعقبها بأحاجي السخاوي.

أحاجي السخاوي

أحاجي السخاوي * قال الشيخ علم الدين السخاوي: وما اسم جمعُه كالفعلِ منه ... وما اسمٌ فاعلٌ فيه كفعل له وزنانِ يفترقانِ جَمْعًا ... ويتحدانِ فِيه بغيرِ فصلِ وقال: ما اسمٌ ينونُ لكن ... قد أوجبوا مَنعَ صرفه وما الذي حَقُّه النو ... ن حين جاءوا بحذفِه الأول باب جوار وغواش. الثاني (وبيض). * وقال: ماذا تقولُ أكاذبٌ أم صادقٌ ... من قال وهو يجد فيما يُخبر رجلانِ أختى منهمَا وكَذاكَ في ... أخوى أَيضًا من تحيضُ وتطهرُ وكذا غلاما زوجتى تناكحَا ... حِلا وليسَ عليهما من يُنكِرُ * وقال: ما اسمٌ أنيب عن اسم ... وكان لاَ بُدَّ مِنْهُ وأينَ شرطٌ أتى لا ... جوابَ يلزمُ عَنْهُ وأينَ ناب سكونٌ ... عن السكونِ أَبِنهُ

* وقال: ما حروفٌ ذات وَجْهَين لها ... مَنعوا الصرفَ وطَوْرًا صَرَفُوا ثم ما اسم كيقوم احتمَل الصَّر ... فَ والمنعَ وَفيه اختلفوا * وقال: وما فاءٌ تداوُلها ... ثلاثةٌ أحرُفٍ عَدَدَا وما عينٌ لها حَرفا ... ن يَعتورانها أبدَا ولا مَات لها حرفا ... نِ أيضًا مِثلها وجدَا وماعينانِ مَع لامين ... لفظُهما قَدِ اتحدَا هُما في كلمتين هما ... لمعنى واحدٍ وَرَدَا وما ضدانِ إِن وضعَا ... ولَوْلاَ الفاءُ مَا انفردَا الأول: قولهم في دواء السم درياق وترياق وطرياق. والثاني: نعق الغراب ونغق ومعافير ومغافير. والثالث: جدث وجدف للقبر، ولازم ولازب. والرابع: الجداد والجذاذ بالدال المهملة أو المعجمة اتحد في كل منهما لفظ العين واللام، والكلمتان لمعنى واحد وهو صرام النخل. والخامس: الأرى والشرى فالأرى العسل والشرى الحنظل ولولا الفاء ما افترقا، إنما فرقت الفاء بين لفظيهما، يقال: له طعمان أرى وشرى. * وقال: وما اسمٌ غيرُ منسوبٍ إليه ... أتى لفظُ العلامةِ ليس يَخفَى

وآخر لم تكنْ فيه فكانتْ ... ولم يزدَدْ بها في اللفظِ حَرْفَا وآخرُ فيه كانتْ ثُم عادتْ ... إِليه فغيرتْ معناه وصفَا وأين مؤنثٌ لا تاءَ فيه ... يتقديرٍ ولا في اللفظِ تَلفَى الأول: بخاتى جمع بختى إذا سميت به رجلاً. والثاني: بخاتى المذكور إذا نسبت إليه أزلت الياء التي كانت فيه وجعلت مكانها ياء النسب ولم يزدد حرفًا، لأن التي أزلتها منه مثل التي ألحقتها به. والثالث: بختى اسم رجل إذا نسبت إليه قلت بَخْتِيٌّ فاللفظ واحد والحكم مختلف، فإنه كان أولاً اسمًا فلما نسبت إليه صار صفة. والرابع: المؤنث المسمى بمذكر نحو جعفر علم امرأة لا تاء فيه في لفظ ولا تقدير. وما خبرٌ أتى فَرْدا ... لمبتدإ أتى جَمْعا ْوجاء عن المثنَّى وهـ ... ـو فردٌ كَافيا قطعا ويا من يَطلب النحوَ ... وفى أبوابِه يَسْعَى أتجمعُ نعت أفراد ... أجِبْنا مُحْسنا صنعَا وهل للنعتِ دونَ الوصـ ... ـفِ معنى مفردٌ يرعى الأول قول حيان المحاربى: ألا إن جيراني العشية رائح

فقوله رائح مفرد أراد به الجمع. والثاني قوله: فإنى وقيار بها لغريب والثالث: قولك مررت بقرشي وطائي وفارسي صالحين. وأما النعت والصفة فلا فرق بينهما عند البصريين. وقال قوم منهم ثعلب: النعت ما كان خاصا كالأعور والأعرج لأنهما يخصان موضعا من الجسد، والصفة للعموم كالعظيم والكريم، وعند هؤلاء (الله) تعالى يوصف ولا ينعت. وقال: لم لذا قلتَ إن زيدا هُو القا ... ئم كان الضميرُ إن شئت فصلا فإذا اللامُ أدخَلوها عَلَيْه ... بطلَ الفصلُ عندَها واسْتقلاَّ وهل الفصلُ واقعًا أوْ لاَ أو ... قبل حَال هَلْ قِيل ذَلِك أمْ لا والَّذى بَعْدَ هؤلاءِ بناتي ... أتراهُ فَصْلا مَعَ النصبِ يُتلى ولم اختُصَّ رُبَّ بالصدر لم يُلـ ... ـفَ له بينَ أحْرُفِ الجر مِثْلاَ ثم هل يَحْسُنُ اجتماعُ ضَمِيرين ... وماذا رَأى الذي قَالَ كَلاَّ إنما لم يكن فصلاً في نحو إن زيدا لهو القائم، لأنها لام ابتداء،

فهو إذن مبتدأ مستقل. وأجاز بعض الكوفيين وقوع الفصل في أول الكلام نحو {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وبين المبتدأ والحال، وحملوا عليه قراءة {هَؤلاءِ بَنَاتِى هنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} بالنصب، وأبى ذلك البصريون، وإنما اختصت رُبَّ بالصدر من بين حروف الجر لأمرين: أحدهما: أنها بمنزلة كم في بابها. والثاني: أنها تشبه حرف النفي والنفي له صدر الكلام، وشبهها بالنفي أنها للتقليل، والتقليل عندهم نفي، ويؤكد الضمير بالضمير نحو "زيد قام هو" "ومررت به هو" "ومررتُ بك أنت". وقال: ما لهم استفهموا مخاطِبَهم ... في النكرِ بالحرفِ عِنْدما وَقفوا وأسقطوا الحرفَ في المعارِف والـ ... وصْلِ ومن بعدِ ذا قَدِ اختَلفُوا وواحدٌ خاطبوا بتثنيةٍ ... وواحدٌ اثنين عَنه قد صَدفوا إنما أتوا بالعلامة في النكرة ليفرقوا بينه وبين المعرفة، وذلك من أجل أن الاستفهام في المعرفة ليس معناه معنى الاستفهام في النكرة، لأن الاستفهام في المعرفة عن الصفة والاستفهام في النكرة عن العين، فلما اختلف المعنى خالفوا بينهما في اللفظ. وإنما لحقت العلامة في الوقف دون الوصل لأن وصل الكلام يفيد المراد، فلم يحتج إلى العلامة فيه، ولأن الوقف موضع التغيير فكانت العلامة فيه من جملة تغييراته، وإنما لم تلحق هذه العلامات المعرفة

لأنهم استغنوا عن ذلك بالحركات التي يقبلها الاسم. وأما الواحد المخاطب بلفظ التثنية فقولهم اضربا يريد اضرب ومنه: {أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ} [ق: 24]. * وواحد اثنين عنه قد صدفوا * هو قولهم المقصان والكلبتان والجلمان. وقال أبو حاتم: ومن قال المقص فقد أخطأ. * وقال: ما ساكنٌ قد أوجبوا تحريكَه ... ومحركٌ قدْ أوْجبوا تسكينَه ومسكَّن قد أسْقَطوه وَحَذْفه ... لو زالَ موجب حذفِه يبقونه الأول: نحو اضرب القوم لالتقاء الساكنين والثاني [ ... ] (1) * وقال: ما تاءُ مخبر إن تقلْ هي فاعلٌ ... وتكونُ مفعولاً فأنت مُصَدَّقُ واسمٌ لفاعل إن نطقْتَ بلفظِه ... وعنيْتَ مَفعولاً فأنتَ مُحقّقُ الأول: التاء في نحو بعتُ، تقول بعت الغلام فالتاء فاعل، ويقول الغلام بُعتَ فالتاء مفعول يريد باعني مولاي وبنى الفعل للمفعول وأصله بيِعت كضربت.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.

والثاني: نحو مختار، تقول اخترتُ فأنا مختار فيكون اسم فاعل وأصله مختير، واخترت المتاع فهو مختار فيكون اسم مفعول وأصله مختير. * وقال: وأشكل فاعلٌ في الجمع فيما ... أطارحُ فيه ذَا لُبٍّ وُنبلِ أهَلْ يأتى فواعيل وفعل ... وفعلةٌ جمعه فانظر بعقلِ وهل جَمعوا فعيلا أو فعولا ... على فعلٍ فقل فيه بنقْلِ الأول: نحو خاتم وخواتيم وصاحب وصحب وصحبة. والثاني: نحو أديم وأدم. والثالث نحو عمود وعمد. * وقال: وما جمعٌ على لفظ المثنَّى ... إذا ما الوقفُ نابهما جَميعا وعندَ الوَصل يختلفان لَفْظًا ... ويفرُق فيه بينَهما مُذيعا * وقال: ما فاعلٌ أوجَب مفعوله ... تَأخيره عن فِعله فانفصَلْ وأيُّ فعلٍ معربٍ عَامل النصـ ... ـب والجزْم به ما اتَّصَلْ * وقال: وأىُّ حرف زِيدَ للجمع قد ... شَبهه بالأصلِ بَعْضُ العَربِ وبعضُهم أجرَاهُ في وقفِه ... مجرَى الذي للفردِ ياذا الأدَبِ * وقال: وَما كلمٌ بآخر بعضهنَّ ... الخلفُ غيرَ خَفي

فبعضٌ ظَنها عينًا ... وقد نُقلت إلى الطرفِ وبعضٌ لا يَرى هَذا ... وخالفَ غَيْرَ منحرف هى نحو جَاءٍ وشَاءٍ اسم فاعل من جَاءَ وشَاءَ، الأصل جَائي وشائي، لأن لام الفعل همزة، والهمزة الأولى هي لام الفعل عند الخليل، قدمت إلى موضع العين كما قدمت في شاكى السلاح وهارٍ، والأصل شائك وهائر. وعند سيبويه هي عين الفعل في أصلها، استثقل اجتماع الهمزتين فقلبت الأخيرة ياء على حركة ما قبلها وهى لام الفعل عنده، ثم فعل به ما فعل بقاض، فوزنه على هذا فاعل، وعلى قول الخليل فالع لأنه مقلوب. وقال: ما اسمٌ على سِتَّةٍ كلِّها ... سوى واحدٍ من هويتُ السِّمانا وأربعةٌ من هويتُ السمانَ ... أتتْ فيه أصلٌ فزَدْه بيانا المراد سلسبيل وزنه فعلليل وحروفه كلها من حروف الزوائد إلا الياء. وقال: وما اسمٌ مفردٌ في حُكم جَمعٍ ... وما هو باسم جمع واسم جنسِ ومجموعٌ أتى صفةً لفرد ... فبينْه لَنا مِنْ غيرِ لبْسِ الأول: سراويل. الثاني: قولهم برمة أعشار وبرد أسمال ونحوه. وقال: وإلا هل تجيءُ مَكَانَ إِمَّا ... وما المعنى إِذا جَاءت كغيرِ

وهل عَطفت بمعْنَى الواوِ حينًا ... فإنْ بينتَ جِئْتَ بكلِّ خَيْرِ جاءت إلا بمعنى إما في قولهم "إما أن تكلمنى وإلا فاذهب" المعنى وإما أن تذهب، وإذا جاءت بمعنى غير فهي في معنى الصفة. والفرق بين موضعها في الاستثناء والصفة أنك إذا قلت هذا درهم إلا قيراطًا بالنصب كان استثناء، فالمعنى إن الدرهم ينقص قيراطًا، وإذا قلت هذا درهم إلا قيراطٌ بالرفع كان صفة، فالدرهم على هذا تام غير ناقص، والمعنى أن الدرهم غير قيراط، وتجيء إلا عاطفة بمعنى الواو في نحو قوله تعالى: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِين ظَلَمُوا} [البقرة: 150] قيل معناه والذين ظلموا. * وقال: يريدون بالتصغِير وَصْفًا وقِلَّةً ... فهل ورَد التصغيرُ عنهم مُعَظِّما وما اسمُ له إن صغروه ثلا ... ثة وُجوه فكنْ لِلسائلين مُفَهِّما ورد التصغير للتعظيم في قولهم جبيل ودويهية. والمراد بالثاني نحو بيت وشيخ مما عينه ياء، ففى تصغيره ثلاثة أوجه، شَيخ على الأصل وشيخ بكسر الشين على الاتباع، وشويخ بقلب الياء واوا لأجل الضمة. وقال: ما اسم تُصغره فيشـ ... ـبه لفظهُ لفظ المضارع فإذا أتى عَلَما فما ... في صَرْفه أحدٌ ينازع هو أُبَيْض تصغير أباض وافق لفظ المضارع من بيضت، فلو سميت

بهذا المضارع لم يصرف ولو سميت بذلك المصغر صُرف، لأن الهمزة فيه أصلية، وإنما يترتب الحكم في هذا من الصرف وامتناعه على الزائد والأصلي. وقال: ما لأنواعٍ معانى كَلمة ... قد أتَت منها على اثنىْ عشرا ثم زَادت واحدًا أخت لها ... ثُم أخرى مَاثلتها ما تَرى التي جاءت على اثنى عشر وجها (ما)، والذي على ثلاثة عشر، (لا)، (وأو) وقال: هل تعرفون مُؤنثًا ... يحكى بصيغته المذكَّرْ ومُعَرَّفا لا شَكّ فِيـ ... ـه ولفظُه لفظُ المنكَّر ومُصدَّرا باللاِم لا ... هِي عَرَّفَتْه ولا تُنكر * وقال: ألستم ترون الوزنَ بالأصلِ واجبا ... فما لكم خالفتُموا في الصَّواقع فقلتم جميعا وزنُ ذَاك فَوالع ... وفى كلِّ مقلوبٍ بغيرِ تَنَازعُ وأي حروف العطف يأتي مقدَّما ... وذو عطفِه من قبله غير واقع *وقال: أيُّ الحروفِ أتى أخاه مؤكدا ... فأزال عنه قُوةَ الإعمالِ مثل الذي يأتى ليسعد مَاشيًا ... فيفيدُه ضَربا من العقال * وقال: وما بدلٌ من ستة ثُم إنه ... أتى زائدا في خمسة في الزوائد وتلقاه أصلا في الثلاثة فَأتنا ... بتفسيره سَمْحا بنشرِ الفَوَائِدِ

* وقال: ما اسمٌ أضيف فردَّته إضافتهُ ... مُؤنثا وهو بالتذْكير معروفُ وما الذي هُو بالتنوين ذُو عمل ... وإن يُضاف وغير اللام مألوفُ الأول: نحو قولهم ذهبتْ بعضُ أصابعه. وأما الذي يعمل حال التنوين والإضافة ولا يعمل مع الألف واللام إلا مستقبحا غير مألوف فهو المصدر. وقال: وما سَببان قد مَنعا اتفاقا ... وَصارَا يمنعانِ على اختلاف وضم إليهما سَببٌ قويٌّ ... وكانا يحسبان من الضِّعافِ هما التأنيث والعلمية يمنعان من الصرف بلا خلاف. فإن كان الاسم لمونث على ثلاثة أحرف وهو ساكن الوسط صارا مانعين وغير مانعين، بعد أن كانا يمنعان اتفاقا. فإن انضم إلى التعريف والتأنيث سبب آخر لم ينصرف بإجماع نحو ماء وجور. * وقال: مَا الذي أعطته دولتهُ ... إن أزاَلْ الجار عَن سَكَنه ونخطى بعدَ ذاكَ إلى ... ثالثٍ أجلاهُ عن وَطَنهْ ومتَى لمْ يلقَ جَارتَه ... بقى اَلمذكرُ في رُكنه ثم حرفٌ إن أزيل غَدا ... جَارُه يقفُوه في سننه لم تحصنه أصالتُه ... وهى للأصلىِّ من جننه

الأول: ياء النسب إذا لحق فعيلة أو فعيلة أزال تاء التأنيث وتخطى إلى الياء التي قبل الحرف الذي قبل تاء التأنيث فأزالها، نحو حَنَفي في حَنيفة. فإن لم تلق ياء النسب تاء التأنيث بقى المذكور وهو الياء في موضعه لم يحذف، نحو تميمي في تميم. والثاني: نحو يَا منص في منصور لما أزيل الحرف الأخير في الترخيم تبعه الحرف الذي قبله. وقال: وما حرف يليه الفعـ ... لُ مَجزومًا وَمرْفوعَا وَينصب بعدَه أيضًا ... وَكُلٌّ جَاء مَسْموعا هو (لا تاكل السمَك وتشرب اللبن): وقال: ما فاعلٌ والحقُّ يَقضى به ... قَد جَاء في صُورة مفعول ومفردٌ لكنه جُملةٌ ... عِنْد ذوي الخبرِة وَالجول الأول: قولهم زهى علينا وعنيت بحاجتي. والثاني: صلة الألف واللام في نحو الضارب زيد، والمضروب عمرو. * وقال: وأيةُ كلمة في حُكم شرطٍ ... وجَاء جوابُها ينبيكَ عَنْها وقد جمعوا حروفَ الشرطِ عدّا ... وما عُدتْ لَعمرِ أَبيك مِنْها

هى (أمَّا) في قولهم (أمَّا زيد فمنطلق). وقال: ما زائدٌ زيدَ في اسمٍ فهو فيه على ... حَالِ الأصِيل وحَال الزائِد اجْتَمَعا ذَوى مَعْنيين فهذا آثروهُ وهَا ... ذَا آثروه وطوْرًا يصلحانَ مَعا وهلْ ظفرتَ بمفعولٍ فتذكره ... من الرباعىِّ أم هل فاعل سُمعا الأول: الألف اللاحقة لفُعلى وفِعلى وفَعلى فما لم ينون منها فهو للتأنيث، وما نون تارة ولم ينون أخَرى فهو للتأنيث والإلحاق، وما نون لا غير لم يكن إلا للإلحاق. والثاني: مودوع فقط في قوله (جرى وهو مودوع). والثالث: أيفع فهو يافع وأبقل فهو باقل. وقال: أيُّ حرفٍ أتى يعدُّونه اسما ... ثم أيّ الحروفِ يحسب فِعْلاَ وهُو اسمٌ ولستُ أعنى على أو ... عنْ فبينْه زادكَ اللهُ نُبلاَ الأول: اللام الموصولة. والثاني: قد بمعنى حسبك يحسب فعلاً حين قالوا قدنى نحو: قدنى من نصر الخبيبين قدى * وقال: أيُّ ظرف يضاف إن لم تضفْه ... سوَى ما أضفتَ من حرفِ عطفِ لم يجزْ والحروفُ قد جاء فيها ... مِثل هذا بينْ لنا أيَّ حَرْفِ الظرف الذي يضاف ولا بد من إضافته مرة ثانية إلى غير من أضفته

إليه أولاً: هو قولك "بينى وبينك الله". وقد جاء في الحروف مثل هذا وهو قولهم أخزى الله الكاذب مني ومنك. * وقال: ولام طُلقت كَلما ثلاثًا ... طلاقًا لَيْسَ يَعْقُبه اجْتماعُ وما اسمٌ فيه لامٌ عَرَّفته ... وليسَ عَنِ البناء له ارْتِجاعُ لام التعريف لا تجامع التنوين ولا الإضافة ولا النداء. والاسم الذي عرف باللام ولم ترده إلى الإعراب الآن (والخمسة عشر). وليس في العربية مبني يدخل عليه اللام إلا رجع إلى الإعراب إلا ما ذكر. * وقال: وإن وقعتْ بمعنى أي ولكنْ ... لهَا شرطٌ فبينه مُجيبَا وهل جاءتْ وَمعناها لِئَلاَّ ... وَإذْ لا زِلتَ في الفَتْوَى مُصِيبَا * وقال: ما اسمٌ يكونُ مؤنثًا ... فَإذا أُضيف إليه ذُكِّر واسمٌ تفوه بأصلِه ... أبدا إضافتهُ وتُخبر المراد بالإضافة هنا النسب، وإذا نسب إلى مؤنث حذف منه التاء فصار لفظه على لفظ المذكر.

والمراد بالثاني نحو شية إذا نسبت إليه حذفت تاءه وردت فاءه فيقال وشوي. * وقال: ومدغمتان بُدلتا ... بلفظٍ لم يكنْ لَهما ولولاَ ذَلك سويتا ... بحرف جاء قبلهما هما الدال والسين في سدس، بدلتا بالتاء في ست، ولو لم يفعلوا ذلك وأدغموا الدال في السين لصارت حروف الكلمة كلها سينا وتصير على (سسس)، فيساوى الحرفان المدغمان لفظ الحرف الذي قبلهما وهو السين، فأبدلوهما لفظًا لم يكن لهما وهو التاء. * وقال: ما اسمٌ إذا جاءَ عَلَى بَابِه ... لم تدخلْ النسبةُ فيه عَلَيهِ حَتَّى إِذا حُوِّلَ عَنْ بَابِه ... تجوزُ النسبةُ كل إِلَيْهِ هو خمسة عشر وبابه لا يجوز النسبة إليه وهو على بابه من العدد، فإذا نقل عن بابه إلى التسمية جازت النسبة إليه. * وقال: وما اسمٌ ناقصٌ لكنْ بَا ... بُ الإشارةِ بابهُ قَول اليقين وفى باب الكنايةِ جاء شيءٌ ... يشبههُ بِه بعضُ الظنون هو (ذا) في قولك ماذا فعلت، وفعلت كذا وكذا.

* وقال: وما اسمٌ مؤنثٌ من غيرِ تاءٍ ... وفى حال النداءِ تكونُ فيه وتدخلُ في مذكره المنادَى ... وَقْد أعيا على من لا يَعيه وقالوا: إنها بدلٌ أنيبتْ ... عَنِ الباءِ التي كانتْ تَليه وتلكَ التاء لها بدلٌ سواهُ ... ويجتمعان: هذا مع أخيه هى (أم) في قولك يا أمَّتِ ومذكره يا أبت. والتاء فيهما عوض من ياء الإضافة. وقد تبدل الياء ألفًا فلها إذًا بدلان التاء في يا أبت والألف في يا أبا. وقد يجمع بينهما نحو يا أبتا ويا أمَّتا ولم يعدوا ذلك جمعًا بين العوض والمعوض لأنه جمع بين العوضين. * وقال: وما نُونان يَتفقانِ لَفْظًا ... ويختلفانِ تَقْديرًا وحُكْمَا وما هِىَ ضمةٌ صَلُحتْ لأمرٍ ... حَدِيث أو لما قَدْ كَانَ قدمَا النونان في نحو قولك "الرجال يدعون ويعفون" و"النساء يدعون ويعفون" هي في الأول حرف إعراب وفى الثاني ضمير. والضمة في (صاد) منصُور ونحوه إذا قلت يا منصُ تصلح أن

تكون التي في الأصل قبل النداء وأن تكون ضمة النداء على لغة من لا ينتظر. * وقال: وما كَلمةٌ مبنيةٌ قَدْ تَلَعَّبَتْ ... بها حادثاتُ القلبِ والحذف والبدلْ وجاءَتْ على خمسٍ عرفنَ لُغاتها ... أجبْ باذلا فالعالم الحَبْر من بذل هى (كَأين). * وقال: وما ابنُ جمعه أبدا بنات ... وفى الحيوان جاء وفى النبات وهلْ من مضمرٍ بالميم وافى ... لغيرِ ذَوي العقول المدركات الأول: نحو (ابن عرس) و (ابن الماء) و (ابن آوى) و (ابن أوبر). والثاني: نحو قوله تعالى {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4]. استعمل ضمير من يعقل لمن لا يعقل. * وقال: وَأسْماء لغَير ذَوِى عقولٍ ... أجازوا جَمْعَها جَمع السلامهْ لأيةِ عِلّةٍ ولأيِّ مَعنى ... أفِدْنَا مُرْشِدًا فلك الإِمامهْ

* وقال: وَأسْماء إذا ما صَغَّرُوهَا ... تَزيد حُروفُها شططًا وتَغلو وَعَادتهم إِذا زَادوا حُروفًا ... يزيد لأجلها المعْنى ويعلو * وقال: وما فردٌ يراد به المثَّنى ... كتثنيةٍ ذكرناها لفرد أفدْنا وهى خاتمةُ الأحاجي ... فمن أفتيتَ مُنقلب برشدِ * وقال: المعرى ملغزا في كاد: أنحويّ هذا العصرِ ما هي لفظةٌ ... جرتْ في لسانىْ جُرهم وثمودِ إذا استعملتْ في صورة الجُحد أثبتت ... وإن أثبتت قامت مقام جُحود * وأجاب عنه الشيخ جمال الدين بن مالك بقوله: نعم هِى كادَ المرءُ أن يردَ الحمى ... فتأتِى لإثبات بِنفى وُرود وفى عكسها ما كاد أن يرد الحمى ... فخذ نظمَها فالعلم غير بعيدِ * وأجاب غيره: ويقال إنه الشيخ عمر بن الوردي رحمه الله: سألتُ رعاك اللهُ ما هي كلمةٌ ... أتت بلسانى جُرهم وثمود إذا ما أتتْ في صورةِ النفي أثبتتْ ... وَإن أثبتتْ قامتْ مقام جحود ألا إنَّ هذا اللغز في زَال واضحٌ ... وإلا فعندي (كاد) غير بعيد إذا قلت ما كادوا يرون فما رأوا ... ولكنه من بعد غير جهيد وإن قلت قد كادوا يرون فما رأوا ... فخذْه ولا تسمح به لعنيدِ

ألغاز لابن الشجري

* وقال أبو العلاء المعَري مُلغزًا في (ال) التي للتعريف: وَخِلَّيْن مقرونين لَمَّا تعاونا ... أزالا قُصَيا في المحلِّ بعيدَا وينفيهما إن أحدث الدهرُ دولةً ... كما جعلاه في الديارِ طَريدَا وقال الشيخ شمس الدين بن الصائغ ملغزًا في (إلا) التي للاستثناء: مَا لَفظ رَفع المجَاز وقَرره ... وَهو مُتضحٌ لمنْ تَدَبره قال في (شرحه): أما كون (إلا) ترفع المجاز فإن القائل قام القوم إلا زيدًا كان قبل إخراج زيد يحتمل إخراج جماعة، فإخراج زيد فيه أفاد إبقاء اللفظ على العموم الذي هو حقيقة اللفظ، مع أن إخراج زيد فيه استعمال مجاز في القوم لكونه إخراج بعضه، فهذه الأداة حصلت مجازًا ورفعت مجازًا - انتهى. قال بعضهم: سلمْ على شيخ النحاةِ وقل له ... هَذا سؤالٌ من يجبه يعظَّم أنا إن شككتَ وجدتمونى جازما ... وإذا جزمتُ فإننى لم أجزم جوابه: هذا سؤالٌ غامض في كلمتي ... شرطٍ وإن وإذا مُراد مكلمى (إن) إن نطقت بها فإنك جازم ... (وإذا) إذا تَأتى بِها لم تجزمِ وَإذا لما جَزم الفتى بوقوعِه ... بخلافِ إنْ فافهم أخي وفهم ألغاز لابن الشجري: قال أبو السعادات ابن الشجري في المجلس الخامس والستين من (أماليه).

هذه الأبيات ألغاز سُئلت عنها: اسمعْ أبا الأزهر ما أقولُ ... عليك فِيما نابنَا التَّعويلُ مسئلة أغفَلهَا الخليلُ ... يرفعُ فيها الفاعلَ المفعولُ ويضْمر الوافر والطويل فأجبت بأن الإضمار من الألقاب العروضية والنحوية، فهل في العروض لقب زحاف يقع في البحر المسمى الكامل، وهو أن يسكن الحرف الثاني من (متَفاعلن) فيصير (متْفاعلن) فينقل إلى (مستفعلن) والبحران الملقبان (الطويل) و (الوافر) ليس الإضمار من ألقاب زحافهما. والإضمار في النحو أن يعود ضمير إلى متكلم أو مخاطب أو غائب كقوله في إعادة الضمير إلى الغائب زيد قام وبشر لقيته وبكر مررت به. فهذا هو الإضمار الذي أراده بقوله ويضمر الوافر والطويل، لا الإضمار الذي هو زحاف. وقد وضعت في الجواب عن هذا السؤال كلامًا يجمع إضمار الطويل والوافر ورفع المفعول للفاعل، وهو قولك "ظننتُ زيدًا الطويلَ حاضر أبوه"، "وحسبت عَمرا الوافر العقل مقيما أخوه"، فقولك حاضرًا ومقيمًا مفعولا لظننت وحسبت، وقد ارتفع بهما أبوه وأخوه كما يرتفعان بالفعل، لو قلت "يحضر أبوه ويقيم أخوه"، والهاء في قولك أبوه ضمير الطويل، والهاء في قولك أخوه ضمير الوافر، فقد أضمرت هذين الاسمين بإعادتك إليهما هذين الضميرين.

لغز لعز الدين الموصلي في أمس

وقولك أبوه وأخوه فاعلان رفعهما هذان المفعولان مفعولا ظننت وحسبت، وبالله التوفيق والتسديد. لغز لعز الدين الموصلي في أمس لغز في أمس: كتب بها عز الدين بن البهاء الموصلي إلى الصلاح الصفدي: يا إمامًا شاع ذكره، وطاب نشره، فطيب الوجود وعطر، وفاضلا بين كل معمى ومترجم وأرخ وترجم وعمن عبر عبر، وكتب فكبت الأعادي، وكتب من دون خطر وحطة فرسان الأذهان والأيادي، فتخطى قوام قلمه وتخطر. إذا أخذَ القرطاسَ خِلت يمينَه ... تفتحُ نورًا أو تنظِّمُ جَوْهَرَا ما اسم ثلاثى الحروف وهو من بعض الظروف ماض، إن تصحفه عاد فعل أمر، وإن ضممت أوله صار مضارعًا فاعجب لهذا الأمر، إن أردت تعريفه بأل تنكر، أو تغيرت عليه العوامل فهو لا يتغير. كل يوم يزيد في بُعده ولا يقدر على رده، إن نزعت قلبه بعد قلبه فهو في لعبة النرد موجود، وقلبه سما فلا تناله الأحزاب والجنود، وكل ما في الوجود إلى حاله يعود، به يضرب المثل، ومنه انقطع الأمل، ثلثاه حرف استفهام، إن تعكس يطرد ذلك النظام، وثلثه الأول كذلك، وعكس ثلثيه يترك الحي هالكًا في الهوالك، لا يوصف إلا بالذهاب وليس له إلى هذا الوجود إياب، وهو ثلاثة وعدده فوق المائة، وكم رجل يُعد بفئة، وليس في الوجود، بنى وفيه أس ولكن لا في السماء ولا في الأرض ولا في هبوط ولا في صعود. طرفاه اسم لبعض الرياحين العطرة، وكله جزء من الياسمين لمن

لغز لابن هشام

اعتبره، مكسور لا يُجبر؛ وغائب لا يستحضر، أقرب من رجوعه منال معكوسه، يدركه العاقل بفكره وليس بمحسوسه، أبِنه لا زلت تزيل الإشكال وتزين الأضرب والأشكال. جواب اللغز للصلاح الصفدي: فكتب إليه الجواب - وقف المملوك على هذا اللغز الذي أبدعته، وفهم بسعدك السر الذي ودعته، فوجدته ظَرْفا ملأته منك ظُرفا واسما بنى لما أشبه حرفا، ثلاثي الحروف، ثلث ما انقسم إليه الزمان من الظروف إن قلبته سما وأراد حرف (تنفيس) وما بقي منه ما، ثلثاه مس وكله بالتحريك أمس، وهو بلا أول، تصحيفه مبين، وفى عكسه سم بيقين، التقى فيه ساكنان فبنى على الكسر ووقع بذلك في الأسر، لا ينصرف بالإعراب ولا يدخله تنوين فى لسان الأعراب، يبعد من كل إنسان، وينطق به وما يتحرك به لسان، لا يدرك باللمس، ولا يرى وفيه ثلثا شمس، تتغير صيغته حال النسبة إليه، ويدخله التنوين إذا طرأ التنكير عليه، متى بات فات ولم يعد له إليك التفات، أمين على ما كان من قربه، يعجز كل الناس عن رده، فماضيه ما يرد، وثانيه ما يصد، وطريق ثالثه ما يسد يقصد (أمس). ثلاثةُ أيامٍ هي الدهرُ كلُّه ... وما هِى غيرَ اليوم والأمسِ والغدِ لغز لابن هشام وقال ابن هشام في تذكرته (لغز): إذا وقف على آخر الفعل الماضي بالسكون فإنه يقدر فيه الفتحة حتى لو وصل بما بعده لوصل بها، فهل تذكر مسألة يوقف فيها على آخر الفعل الماضي ولا ينوى فيها الفتح، ولو وصل بها فإن قيل عض فهو خطأ، لأن هذا لا يصح أن تقول فيه لا يجوز الوقف بالفتح.

ألغاز متفرقة

وإنما الجواب بقوله: لو أن قومى حين أدعوهم حمل ... على الجبال الصم لارفض الجبل ألغاز متفرقة * قال الشيخ بدر الدين الدماميني رحمه الله: أيا علماءَ الهِند إنى سائلٌ ... فمنُّوا بتحقيقٍ به يظهرُ السِّرُّ فما فاعلٌ قدَ جَرَّ بالخفضِ لفظُه ... صَريحا ولا حرف يكونُ به الجر وليس بذي جَرٍّ ولا بمجاورٍ ... لِذي الخفض والإنسانُ للبحثِ يُضطر فَمنُّوا بتحقيق به أستفيدُه ... فمِن بحِركم ما زالَ يُستخرجُ الدرُّ أراد قول طرفة: بجفانٍ تعتري نَادينا ... وسَديف حين هاجَ الصنبر * قال الخوارزمي: ما تابع لم ينبع متبوعه ... في لفظه ومحله يا ذا الثبتْ ماذا بعلمٍ غير علمٍ نافع ... بالغتَ في إِتقانه حتى ثَبَتْ قال: والعجب أن هذا اللغز في أبياته صورة المسألة وهو قوله (ماذا بعلم غير علم نافع) ولما عرضه على الزمخشري قال له، لقد جئت شيئًا إدًّا أي عجبًا. * وقال بعض أدباء المغرب: يا عالمَ النحوِ أيُّ فعل ... إن حَله الهمزةُ لَمْ يعده ثم هو بالعكس إن تَعَرَّى ... منه ابن يا نسيجَ وَحْدَهْ

لغز في حرف الكاف: قال الجمال يحيى بن يوسف الصرصري

أراد أنك إذا قلت ضره تعدى بنفسه وإذا قلت أضر لم يتعد إلا بحرف الجر فتقول أضر به ولهم من هذا النمط أفعال كثيرة. * في (تذكرة ابن هشام): هل يقال إن المبتدأ إذا كان موصولاً مضمنًا معنى الشرط كان خبره صلته. كما أن جملة الشرط هي الخبر وهى نظيرة الصلة، ويؤيد ذلك أنهم ربما جزموا جوابه كقوله: كذلك الذي يبغي على الناس ظالمًا ... تصبْه على رغم قوارعُ مَا صنع وهى مسألة يحاجي بها فيقال: أين تكون الصلة لها محل، وخبر المبتدأ إذا كان جملة لا محل له؟ لغز في حرف الكاف: قال الجمال يحيى بن يوسف الصرصري الشاعر المشهور ملغزًا في حرف الكاف. وحرفٌ من حروف الخط ليست ... علامتُه على العلماءِ تخفَى يكون اسمَا مع الأسماءِ طورًا ... وطورًا في الحروف يكونُ حَرْفَا تراه يقدمُ الأسماء طُرا ... ويمنعُ من مشابهة وَينفي يصيرُ أمامها ما دَام حَرْفا ... وإن سَمَّيته فيصيرُ خلفا وقد تلقاه بينَ اسمٍ وفعلٍ ... قد اكتنفاه كالإبريق لُطفَا لغز في لدن غدوة: وقالَ سعد الدين التفتازاني ملغزًا في لدن غدوة واختصاصها بنصبها. وما لفظةٌ بفعلٍ ولا حرفِ ... ولا هي مشتقٌّ وليستْ بمصدرِ وتنصب اسمًا واحدًا ليس غيره ... لَهُ حالةٌ مَعه تبينُ لمخبرِ

* لغز في مذ ومنذ:

فمعنى الذي ألغزته عِنْد من يرى ... يزيلُ لنا إشكاله غيرَ مُضمر ومنصوبها صَدر لما هو ضِدُّ ما ... أتانا لباسًا في الكتاب المطهر * لغز في مذ ومنذ: وقال أبو عبد الله محمد بن مصعب المقري في مذ ومنذ: أيها العالمُ الَّذى ليس في الأرْ ... ض له مُشبه يضاهيه عِلمَا أيُّ شىء من الكلام تراه ... عَاملا في الأسماءِ لَفظا وَحُكما خَافضًا ثم رَافعًا إن تفهمتَ ... يزدْ فهمك الفهم فَهمَا يُشبه الحرفَ تارةً فإذا ما ... ضارعَ الحرفَ نفسَه صارَ اسمَا هو مرفوعٌ رَافعٌ وهو أيضًا ... رَافع غيره وليسَ معمى وَهُو من بعدِ ذاك للجرِّ حرفٌ ... فأجبنا إن كنتَ في النحو شهمَا أورده الحافظ محب الدين بن النجار في تاريخ بغداد. * لغز شعري للسيوطي: ومن ألغازي قلت: ألاَ أيها النحوي إن كنتَ بَارعًا ... وأنت لأقوالِ النحَاة تُفَصلُ وأتقنتَ أبوابَ الأحاجي بأسرِها ... أبِنْ لي عن حرفٍ يولَّي ويعزل قال ابن هشام في (تذكرته) "ما" تولي وتعزل، فتولَّي حيث تجزم بعد إن لم تكن جازمة، وتعزل إن وأخواتها وتكفها عن العمل.

ألغاز نثرية للسيوطي

ألغاز نثرية للسيوطي ما كلمة إذا كثر عرضها قلَّ معناها، وإذا ذهب بعضها جل مغزها. وأي عامل يعمل فيه معموله ولا يقطع مأموله. وأي اسم مشترك بين أفعل التفضيل والصفة المشبهة، ونفى إذا ثبت لم تزل أعماله الموجهة. و"ما حرف قلبه اسم كريم. واسم إذا صغر اختص بالتكريم. وأي كلمة هي اسم وفعل وحرف لم ينبه عليها أحد من علماء النحو والصرف. وأي فعل ليس له فاعل، ومعمول لا ينسب لعامل. وأي لفظة تمد في الإفراد وهى في الجمع مقصورة، ولام لا تجامع النداء ولا في الضرورة. وما فاعل يجب حذفه عند سيبويه، وعامل إن لم يعمل لم يعتب عليه. وأي كلمة جاءت بأصلها، فلم يلتفت إليها بين أهلها. وأي كلمة هي حرف وتضاهي الاسم عند الوقف. وأي فاعل يجب جره، وآخر رفعه في السماء خطره. أردت بالأول الاسم الجنس الجمعي إذا زيد عليه التاء نقص معناه وصار واحدًا كتمر وتمرة ونبق ونبقة. وبالثاني: أدوات الشرط فإنها تعمل في الأفعال الجزم والأفعال تعمل فيها النصب.

وبالثالث: أكبر وأعظم ونحوهما في صفات الله فإنها في حقه لا تكون بمعنى التفضيل بل بمعنى كبير وعظيم. وبالرابع: لا النافية للجنس إذا دخلت عليها الهمزة وصارت للتمني فإن عملها باق. وبالخامس: نعم فإن قلبها "معن" وهو اسم لرجل مشهور بالكرم وهو معن بن زائدة. وبالسادس: فرس وتصغيره فُرَيْس. وبالسابع: بلى فإنها حرف جواب وفعل بمعنى اختبر واسم. وبالثامن: قلما وطالما. وبالتاسع: نحو مات زيد. وبالعاشر: صحراء وصحارى وعذراء وعذارى. وبالحادي عشر: اللام التي للعهد استثناها ابن النحاس في (التعليقة) من إطلاقهم أن اللام يجامع حرف النداء في الضرورة. وبالثاني عشر: فاعل فعل الجماعة المؤكد بالنون نحو والله لتضربن يا قوم، وفاعل المصدر، ذكره ابن النحاس في (التعليقة) وأبو حيان في (تذكرته) وتقدم في كتاب التدريب. وبالثالث عشر: ليت إذا وصلت بما. وبالرابع عشر: استحوذ ونحوه.

ألغاز للشيخ عز الدين بن عبد السلام:

وبالخامس عشر: إذن. وبالسادس عشر: نحو أكرمْ بزيد. وبالسابع عشر: ما ورد من قولهم كسر الزجاج الحجر. ألغاز للشيخ عز الدين بن عبد السلام: نقلت من خط العلامة شمس الدين بن الصائغ. قال هذه ألغاز نحوية عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام. * ما شيء يقع حرفًا للإعراب، واسمًا مذمومًا في الخطاب. هو الكاف في مساويك إن عنيت به جمعًا فهو حرف إعراب، وإن عنيت به مخاطبة فهو اسم في تقدير الإضافة، والأول جمع مسواك والثاني إضافة إلى المساويء. * أي شيء يبنى مفردًا فيعمل ويعرب مثنى فيهمل؟ هو (هذا) يعمل مفردًا في الحال والتثنية تمنعه من العمل، وإذا قلنا هذان الزيدان قائمان فالعامل (ها) لا (ذا). * وأي مختص إلغاؤه أكثر، وإن أعمل فعمله لا يظهر. هو لولا المختصة بالأسماء فإذا وقع بعدها المبتدأ فهى ملغاة وإنما تعمل في موضعين. أحدهما: الرفع في نحو "لولا إنك منطلق أكرمتك" فهي عند سيبويه مبنية على لولا بناء الفعل على المفعول، فبالحقيقة يكون موضعها رفعًا. والموضع الثاني: قولك لولاك، فهي عنده مجرورة وهي في

الموضعين لا يظهر عملها. وأما الحرف: الذي يرفع الوضيع، ويضع الرفيع هو (لام الابتداء) إذا دخلت على الفعل المستقل ارتفع لشبه الاسم وأعرب، وإذا دخلت على ظننت وأخواتها تمنعها العمل وتضعها عن منصبها. * ما الجملة المفيدة العارية من الرفع، وفيها معنى الدعاء، وطلب النفع. هو مثل قول الشاعر: (يا ليت أيام الصبا، رواجعا) جاز ذلك لما في ليت مع معنى الدعاء وكان في الجملة مرفوعًا من جهة المعنى لا في اللفظ. * وما الحرف الذي إن أعمل أشبه الفعل الكامل، أو أهمل أبطل العوامل. هو (ما) على لغة الحجاز يقولون ما زيد قائمًا فيشبه باب كان وإذا أهمل دخل على إن وغيرها فيبطل عملها وقد يبطل الفعل نحو قلما والاسم نحو بينما. * وأي شيء إن نفيته وجب وإن أوجبته سلب. هو كاد. * وما الاسم المحذوف لامه في التكبير، وعينه في التصغير. هو ذا لأنه مكبر افع ومصغر افيلا. * وما الزائد الذي يزيل الوصل، ويظهر الفضل، ويوجب الفصل.

لغز لبدر الدين بن الرضى:

هو الألف الداخل عوضًا عن التنوين في المقصور المتصرف في الوقف، مثل رأيت عصا، فإنها زائدة صرفت الأصل وأذهبت الوصل فى الكلام وأظهرت الفضل على غير المنصرف، لكونها عوضًا عن التنوين، وأوجبت الفصل بين الاسم المنصرف مثل عصا، وغير المنصرف مثل حبلى. * وما الحرف الذي شأنه ينقص الكامل، ويفصل بين المعمول والعامل. هو النون الخفيفة إذا عنيت بها نون التوكيد نقصت الفعل المضارع، وإن عنيت بها نون الوقاية فصلت بين المعمول والعامل. انتهى. لغز لبدر الدين بن الرضى: قال القاضي بدر الدين بن الرضى الحنفي ملغزًا وأرسل به إلى الشيخ شرف الدين الأنطاكي: سلْ لي أخا العِلم والتنقيب والسهر ... عن قائلٍ قال قولاً غيرَ مُشتَهَرِ هل معك فِعلٌ غدا بالحذف مُنجزمًا ... في غير أمثلةٍ خمسٍ بلا نُكرِ كذلكَ في غير مُعتل وذا عجب ... إذا لم يبين لَنا في كلِّ مختصر فأجاب الشرف المذكور: لقد تأملتُ ما قد قال سيدُنا ... أعيذُ طلعَته بالآىِ والسورِ ولم أجدْ فعل فرد صحَّ آخْرهُ ... في الجزم يحذفُ في بعضٍ من الصورِ سوى يكون فبالجرِّ بعدَ غدا ... مَعناه مع أو بقلب ذا الكلام حرى نَعم كيبدأ مما الهمز آخره ... إعرابه كالصحيح الآخر اعتبر فإن تخففه فاقلبْ همزه ألفا ... واحذفه في الجزم حذفًا واضح الأثر

ألغاز ذكرها الصلاح الصفدي:

ألغاز ذكرها الصلاح الصفدي: قال الصلاح الصفدي في (تذكرته) أنشدني من لفظه القاضي جمال الدين إبراهيم لوالده القاضي شهاب الدين محمود لغزًا كتبه إلى شيخه مجد الدين بن الظهير في (من): وما مفردُ اللفظِ مُستعمل ... لجمع الذكورِ وجمع الإناثْ يحرك بالحركات الثلاث ... فيغدُو من الكلماتِ الثلاثْ فكتب إليه الشيخ مجد الدين الجواب: قريضُك يا ملغزًا في اسم من ... يميل إلي صِلة كَالذي غدا حاملُ المسك يحذي الجليـ ... سَ منه ويحظى بعرف شَذى قال الصلاح الصفدي: وأنشدني من لفظه المولى ناصر الدين محمد بن النسائي الجواب عن ذلك: أيا من عَلا في الوَرَى قدرُه ... وأضحَى لِرَاجيه أولى غياثِ أتى مِنْك لغزٌ فألفيتُه ... من القولِ قد حَلَّ بعد اكتراثِ وَها هُو حرفان مِيمٌ ونونٌ ... ولم يبلغْ القول منه الثلاث هو اسمٌ وفعلٌ وحَرف إذا ... أردت حصول الأصولِ الثلاث فلا زلت للخيرِ مهما حييت ... تنبعثُ الدهرَ أيّ انبعاث لغز للعلامة جمال الدين بن الحاجب رحمه الله تعالى: أيها العالم بالتصريـ ... ـف لاَ زِلتَ تَحيا

قَال قومٌ إنَّ يَحْيَى ... إِن يُصَغَّر فيحيا وأبى قومٌ فقالوا ... ليس هذا الرأيُ حَيَّا إِنما كان صَواب ... لو أَجابوا بِيَحْيَا كيفَ قدْ رَدُّوا يَحْيا ... والذي اختاروا يَحْيَا أتراهم فِى ضِلال ... أم ترى وَجْها يَحْيَا قال الشيخ جمال الدين بن هشام يحتاج في توجيهها إلى تقديم ثلاثة أمور. * أحدهما: أنهم اختلفوا في وزن يحيى فقيل فعلى، وقيل يفعل، والأول أرجح لأن الثاني فيه دعوى الزيادة حيث لا حاجة. الثاني: أن الحرف التالي لياء التصغير حقه الكسر كتالي ألف التكسير حملاً لعلامة التقليل على علامة التكثير حملاً للنقيض على النقيض، واستثنى من ذلك: أن يكون ذلك الحرف متلوا بألف التأنيث كحُبْلَى - صونًا لها من الانقلاب. الثالث: أنه إذا اجتمع في آخر المصغر ثلاث ياءات فإن كانت الثانية زائدة وجب بالإجماع حذف الثالثة منسية لا منوية، كعطاء إذا صغرته تقول عُطَيِىِّ بثلاث ياءات ياء التصغير والياء المنقلبة عن ألف المد والياء المنقلبة عن ياء الكلمة ثم تحذف الثالثة وتوقع الإعراب على ما قبلها، وإن كانت غير زائدة، فقال أبو عمرو لا تحذف لأن الاستثقال إنما كان متأكدًا لكون اثنين منها زائدين ياء التصغير والياء الأخرى الزائدة.

وقال الجمهور: تحذف نسبًا ومثال ذلك أحوى إذا صُغِّر على قولهم في تصغير أسود أسَيْد فقال أبوعمرو: أقول أحيى ثم أعله إعلال قاض رفعا وجرِّا وأثبت الياء مفتوحة نصبًا. وقال غيره: تحذف الثالثة في الأحوال كلها نسيا، ثم اختلفوا فقال عيسى بن عمر: أصرفه لزوال وزن الفعل كما صرفت خيرًا وشرا لذلك. وقال سيبويه: أمنع صرفه، وفرق بين خير وشر وبين هذا، فإن حرف المضارعة محذوف منها دونه، وحرف المضارعة يحرز وزن الفعل، ولهذا إذا سميت بييضع منعت صرفه. فإذا تقرر هذا فنقول: من قال إن يحيى فعلى قال في تصغيره يحيى كما قال في تصغير حُبلى حُبَيْلى صونًا لعلامة التأنيث عن الانقلاب وهو الذي قال الناظم رحمه الله مشيرًا إليه: قال قوم - البيت. ومن قال إنه يفعل قال فيه على قول سيبويه -رحمه الله تعالى- يحيى بالحذف ومنع الصرف، وهو الذي أشار إليه قوله "إنما كان صوابًا لو أجابوا بيحيى"، وذلك لأنه استعمله مجرورًا بفتحة ثم أشبع الفتحة للقافية وتكمل له بذلك ما أراده من الإلغاز. حيث صار في اللفظ على صورة ما أجاب به الأولون، والفرق بينهما ما ذكرنا من أن هذه الألف ألف إشباع وهى من كلام الناظم لا من الجواب، والألف في جواب الأولين للتأنيث وهى من تمام الاسم. فإن قيل: فإذا لم تكن على الجواب التاء للتأنيث فما بال الحرف

لغز أجاب عنه الشيخ تاج الدين بن مكتوم:

الدال على التصغير لم يكسر بعده؟ فالجواب: أنه لما صار متعقب الإعراب تعذر ذلك فيه كما في زبيد؛ لأن ذلك يقتضي الإخلال بالإعراب، وأيضًا فإن ياء التصغير لا يكمل شبهها بألف التكسير إلا إذا كان بعدها حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن - والله أعلم. لغز أجاب عنه الشيخ تاج الدين بن مكتوم: نقلت من خط الشيخ تاج الدين بن مكتوم قال نظم بعض أصحابنا لغزًا وكتب به إليَّ وهو: ما قولُ شيخ النحوِ في مُشكلٍ ... يخفى على المفضولِ والأفضلِ فى اسم غدا حرفا وفى اسم غدا ... فِعلاً وكم في النحو من معضلِ آخره لامٌ، وسينا، غدا ... وهذه أدهى من الأول فكتبت إليه في الجواب: يا أيها السائلُ عما غدا ... وراء بابِ عندَه مُقْفل فى النحو ما يعْضُل تخريجُه ... لكن هذا ليس بالمعضِل فجيءْ بصعبٍ غير هذا تجد ... عندي جوابًا عنه إن تَسألِ فمثلُ هذا منك مُستصغرٌ ... ومن سِواكِ الأكبر المعتلى وعندما أسفر لي ليلُه ... وانحط لِي كوكبه مِن علِ أرسلتُ طرسا ضَامنا شَرْحَه ... فهاكه فهو بِه متجلي قوله: وشرح ما سأل عنه في قول أرسلت طرسًا، ففاعل أرسل تاء الضمير وهو اسم غدا حرفًا أي على حرف واحد فهذا حل قوله في

لغز للشيخ محمد الأندلسي:

اسم غدَا حرفًا، وهو مورى به عن الحرف الذي هو قسيم الاسم والفعل، وطرس اسم غدا فعلاً أي غدا إذا وزنته فعلا وهو مورى به عن الفعل المقابل للاسم، وآخره لام لأن آخر الكلمة الموزونة تسمى لاما في علم التصريف كائنًا ما كان في الحروف، هو مورى به عن اللام الذي هو أحد حروف - أب ت ث، وهو سين لأن آخر طرس سين كما ترى. لغز للشيخ محمد الأندلسي: قال الشيخ برهان الدين البقاعي في ثبته: أنشدنا شيخنا الإمام محمد الأندلسي الراعي لنفسه لغزًا في كلمة (إ) بمعنى إذا أتيت قبلها بكلمة قل ونقلت حركة الهمزة إلى اللام الساكنة وحذفتها: حاجيتُكم نُحاتنا المصريهْ ... أولى الذَّكا والعلم والطعميهْ ما كلماتٌ أربعٌ نحويهْ ... جُمعن في حرفين للاحجيهْ قال وأنشدنا لنفسه في ذلك متخصرًا: في أي قولِ يا نحاةَ الملهْ ... حركةٌ قامتْ مقام الجملهْ * ألغاز لابن لب النحوي: ثم رأيت كراسة فيها ألغاز منظومة مشروحة ولم أعرف لمن هي وها هي ذه:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أحمدُ ربي حمدَ ذى إذعانِ ... معترفٍ بالقلب واللسانِ مصليًا على الرسولِ المهتدي ... بهديه في السرِّ والأعلانِ ثم الرضا عن آله وصحبه ... وتابعهيم بعدُ بالأحسانِ وبعدُ: إنى ملغز مسائلا ... في النحوِ تعتاصُ على الأذهان يخرجها فكرُ لبيب فطن ... يوردها بواضح الأذهانِ فيا أولي العلم الألى حازوا العُلا ... عين الزمانِ وجلة الأعيانِ حاجيتُكم لتخبروا ما اسمان ... وأول إعرابه في الثاني وذاك مبني بكلِّ حالٍ ... ها هُوَ للناظِر كالعيانِ يعني الألف واللام الموصولة في مثل جاء الضاربُ ومررت بالضارب على القول بأنها اسم كالذي يكون الإعراب الذي يستحقه الموصول، إنما استقر في الاسم الواقع صلة إجراء لهذا الاسم مجرى الأداة المعرفة في مثل "الرجل" ولا يوجد بعده إلا هذا، وقد أشار في البيت الثاني إلى التصريح به بقوله للناظر. وتخيروا باسم مضاف ثابت التنـ ... وين فيه اجتمعَ الضدان يعني كأين إذا استعملت دون من بعدها كقول القائل: كأين قائل للحق يقضي ... ويرمي بالقبيح من الكلام فإن ابن كيسان ذهب إلى أن جر ذلك بإضافة كأين إليه حملا لها على كم الخبرية لأنها بمعناها، وتنوينها إنما هو تنوين أي، وقد ثبت

مع الإضافة، والتنوين مؤذن بالانفصال، والإضافة مؤذنة بالاتصال، فقد اجتمع الضدان، وذهب غير ابن كيسان إلى أن الجر بعدها بمن محذوفة لأن تنوينها هو الغالب في الاستعمال. واسم بتنوين لدى الوقف يُرى ... كالوصِل حَالاه هُما سِيَّانِ يعني أيضًا أيا المتصلة بالكاف المشار إليه في البيت قبله نحو {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} [آل عمران: 146]. فإن القراء سوى أبى عمرو بن العلاء وقفوا على تنوينها، ووقف أبو عمرو على الياء بحذف التنوين على مقتضى القياس. وتابعٌ وليس يلفى تابعا ... ما قيل في شأنٍ وذا في شأنِ يعني مثل قولك "ما زيد شيء إلا شيء لا يُعبأ به"، على اللغة الحجازية في ما النافية، فلفظ الخبر جر بالباء الزائدة وموضعه نصب (بما) لأنها في تلك اللغة تعمل عمل ليس، "وإلا شىء" بدل من الخبر ولم يتبعه في لفظ ولا موضع، فما قبل هذا التابع على شأن من جر اللفظ ونصب الموضع، ومن توجه النفي عليه، وشأن التابع بخلاف ذلك لأنه مرفوع أبدا مثبتًا بإلا. وقد كنت نظمته في هذه المسألة قديمًا بيتًا وهو قولي: أحاجِيكم ما تابعٌ غير تابع ... لمتبوعه في موضع (لا) ولا لفظ وقد تنتظم هذه الألغاز هكذا: مسألة العطف على التوهم كقوله تعالى {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} [المنافقون: 10] على قراءة الجزم، لأن هذا المجزوم لم يتبع الفعل قبله في موضع ولا لفظ، وإنما جاز على مراعاة سقوط الفاء حملاً على المعنى المرادف.

وكقول القائل: بدا لي أني لستُ (مدرك) ما مضى ... ولا سَابقٍ شيئًا إذا كان جَائيا إنما جاز جر سابق على توهم جر مدرك بباء زائدة بجواز ذلك فيه. يا هؤلاء أخبروا سائلكم ... ما اسمٌ له لفظٌ ومعنيان ولا يراعى لفظُه في تابعٍ ... والموضعان قدْ يُراعيان واللفظُ مبنيٌّ كذاك موضع ... من موضعيه عَادَ من بيان يعني قولك (يا هؤلاء) في ياء النداء فإن لفظه الكسر للبناء وله موضعان الضم الذي في مثل أزيدُ، والنصب الذي هو الأصلُ في المنادى لظهوره في مثل يا عبدَ الله. وتقول في التابع يا هؤلاء الكرامُ بالرفع أو الكرامَ بالنصب فيراعى الموضعين ولا يراعى اللفظ بوجه. والشأن في البناء لا يراعى في التابع لكنه هنا روعي منه ما لم يظهر ولم يراعَ ما ظهر. مع أن الظاهر قوي بظهوره، والمقدر ضعيف بتقديره لكن لما كان هذا البناء المقدر شبيهًا بالإعراب صار كأنه موضع إعرابين فجازت مراعاته وصار يعتد به موضعًا بخلاف البناء الأصلي. ما زائدٌ لفظًا ومعنى لازمٌ ... ينوي إذا لم يلفَ في المكان يعني في مثل قولك (قيامى كما أنك تقوم)، أي كقيامك، فالكاف جارة لموضع (أن) وصلتها (وما) فارقة بين هذه الكاف وبينها مركبة مع أن ولا جر لها وذلك في قولك (كأن زيدا قائم)، والكلام مع كأن

جملة بخلاف الكاف الجارة فإنها مع ما بعدها جزء كلام، فإذا أرادوا التركيب لم يفصلوا بشىء، وإن أرادوا الجارة فصلوا بها فهي زائدة في اللفظ، لأن ما بعدها مجرور المحل بالكاف التي قبلها، وفي المعنى أيضًا إذ لا تفيد شيئًا سوى الفرق اللفظي، وقد تخفف أن بعد الكاف الجارة فتقول (قمت كما أنْ ستقوم)، وقد تحذف (ما) في الشعر وتكون منوية فهى زائدة لفظًا ومعنى، لازمة، بحيث تنوى إذا لم توجد - وعليه جاء بيت سيبويه. قرومٌ تَسامى عندَ بابِ رفاعةٍ ... كأنْ يؤخذُ المرءُ الكريمُ فيقتلا على رواية رفع يؤخذ، أراد كما أنه يؤخذ، ولم يفصل بين أنْ المخففة من أنَّ وبين العمل ضرورة أيضًا، وعطف (فيقتل) على المصدر المقدر من أن وما بعدها من باب قوله (للبس عباءة وتقر عيني) جرت أن وصلتها في ذلك مجرى المصدر الملفوظ به. ومَا الذي إعرابُه مختلفٌ ... من غيرِ أن تختلف المعاني يعني مثل قولك (زيد حسن الوجه)، برفع الوجه أو بنصب أو بجر، والمعنى فيه واحد، والشأن في الإعراب اختلاف المعاني باختلاف الإعراب. وما الذي الوصف به من أصله ... وذلك منه ليس في الإمكانِ يعني في مثل قولك (أقائم أخوك وأمسافر غلامك أو إخوانك أو غلمانك) فهذا الوصف رافع لما بعده بالفاعلية، ولا يمكن في هذا الموضع جريه على موصوف وإن كان ذلك هو الأصل فيه. لأنك إذا ثنيت الموصوف أو جمعته فالوصف مفرد، وإن أفردته

فالمراد اثنان أو جماعة لا واحد، وإنما هذا الوصف هنا كالفعل في حكم اللفظ وفى المعنى. وما الذي فيه لدَى إعرابهِ ... وقبل ذاك يَستوى اللفظانِ يعني أن من المعربات ما يستوي لفظه بعد التركيب وجريان الإعراب فيه وقبل ذلك، والشأن في لفظ الإعراب أبدًا اختصاصه بحالة التركيب لأنه أثر العوامل، وذلك مثل (الفتى والعصا ويخشى)، فالنحاة يقولون في هذا الباب كله تحركت الواو بحركة الإعراب وانفتح ما قبلها فسكنت وانقلبت ألفًا. ويقال كذلك اللفظ قبل التركيب مع أن حركة الإعراب مفقودة إذ ذاك بفقد عاملها، فقد كان قياس الصناعة يقتضي أن يقال قبل التركيب الفتى والعصو ويخشى ويرضى بياء أو واو ساكنة في الآخر. كما تقول قبل التركيب رجل وزيد، لكن خرج هذا عندهم مخرج الاستعارة بحالة التركيب وبمراعاة المآل في اللفظ، ولأن من العرب من يقول في يوجل وييأس ياجل ويايس فالتزموا ذلك هنا لما ذكر. وما اللذانِ يعملان دولةً ... والعاملان فيه مَعْمولان يعني أسماء الشرط في مثل قوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110] فـ (أَيًّا) منصوب بـ (تَدْعُوا) و (تَدْعُوا) مجزوم بـ (أَيًّا) وهكذا نحو (من تضرب أضرب)، فالمفعولية في اسم الشرط بحق الاسمية والجزم يتضمن أن الشرطية، والرتبة في ظاهر اللفظ متضادة لوجود سبق العامل معموله فيهما.

ومفردٌ لفظا ومعنى فيهما ... معنى كلام فيه لفظٌ ثان يعني ضمير الشأن والقصة إذ هو مفرد في اللفظ والمعنى، لكن معناه الذي هو الخبر يفهم معنى كلام يفسره اللفظ الثاني بعده كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فهو عبارة عن الخبر أو الأمر أو الشأن وتفسيره الله أحد، وهذا إضمار مذكر، وإن شئت أنثت الضمير على معنى القصة كقوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَة أَبْصَارُ الَّذِينَ كفَرُوا} [الأنبياء: 97]. وليس لهذا الضمير في كلتا حاليه من الأحكام الإعرابية إلا حكمان الرفع بالابتداء نحو ما تقدم، أو بكان وأخواتها، والنصب بإنَّ أو ظننت وأخواتها نحو {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ} [الحج: 46]. ... ماذا الذي في كبر مُؤنث ... وقبل ذاك كان في الذُّكرَانِ يعني الذباب المسمى في كبر بنحلة وفى صغره بقراد وفيه أنشد صاحب الإيضاح: وما ذكر فإن يكبر فأُنثَى ... شديد الأزم ليسَ بذي ضروس * * * ما اسم لدى التذكير باد عسره ... يرمى لأجل العدم بالهجْرانِ وهو لدى التأنيث ذُو ميسرةٍ ... من أجِل ذا قرت به العينان يعني الخوان فإذا كان عليه طعام سمي مائدة فيقصى إذا كان خوانا ويدنى إذا كان مائدة وهذا والذي قبله ألغاز فيما هو من مسائل اللغة. ما معربٌ مفعول أو مبتدأ ... ولفظه جَرٌّ مَدَى الأزمانِ

يعني كأين وأيش يستعملان مفعولين أو مبتدأين نحو (كأين من رجل رأيت)، (وأيش قلتَ) ونحو (كأين من رجل جاءني)، و (أيش هذا)، واللفظ فيهما جر أبدًا، لأن كأين أصله كاف التشبيه دخلت على أي فجرتها، ثم أجرى اللفظ مجرى كم الخبرية في الاستعمال والمعنى (وأيش) أصله أي شيء ثم حذفت العرب الياء المتحركة من أي كما حذفوها من مَيْت وبابه، وحذفوا من شيء عينه ولامه معًا وأبقوا الفاء وجعلوها محل الإعراب الذي كان في اللام، فهذا باب من التركيب بقى الاسم الثاني فيه على إعرابه الأصلي. ما اسمٌ له تغير بعامِل ... محله مِنْ آخر حَرْفان يعني امرءًا وابنما وأخاك وبابه لأنه يتغير فيه بالعوامل حرفان الآخر وما قبله بسبب الاتباع. ما اثنانِ في أواخر مِنْ كلمةٍ ... ضدانِ حَقا وهما مِثْلان يعني كل لقبين متقابلين من ألقاب الإعراب والبناء الرفع مع الضم، والنصب مع الفتح، والجر مع الكسر، والجزم مع السكون، هما مثلان فى الصورة، ضدان في الإعراب والبناء بحسب الانتقال واللزوم. ما فاعلٌ بالفِعل لكنْ جرُّه ... مع السكون فيه ثابتان يعني الصنبر في قوله طرفة: بجفانٍ تعتري نَادينا ... وسَديف حين هاجَ الصنبر والصنبر البرد بسكون الباء: قال ابن جني في خصائصه في وجه ذلك: كان حق هذا إذا نقل

الحركة أن تكون الباء مضمومة لأن الراء مرفوعة، ولكنه قدر الإضافة إلى الفعل يعني المصدر كأنه قال حين هيج الصنبر، يعنى أنه نقل الحركة في الوقف إلى الباء الساكنة وسكنت الراء، لكنه لم ينقل إلا حركة توجد في الأصل وهى الجر الذي يوجبه إضافة مصدرها إلى الضمير، لأن الظرف قد أضيف إلى الفعل، وأصله أن يضاف إلى المصدر، فقد ثبت في هذا الاسم الجر المنقول مع سكون محله وهو الراء، والاسم مع ذلك فاعل بالفعل وهو هاج. ما فاعلٌ ونائبٌ عن فاعل ... بأوجه الإعراب يجريان يعني مثل قولك (زيد قائم الأب وقائم الأب وقائم الأب) ونحو زيد مضروب الأب ومضروب الأب ومضروب الأب. بالحركات الثلاث ما كلمةٌ قد أُبدلت عين لها ... إبدالها يصحبه. قلبان فأول لآخر وآخر ... لأول حالاهما هَذان يعني مسألة أنْيُق في جمع ناقة على أفعل أصله أنوق كما قالوا نوق، فأبدلوا العين في أنيق ياء، لكن هذا الإبدال صحبه قلبان أحدهما أنهم قلبوا العين سالمة إلى موضع اللام فصار اللفظ انقو، ثم فعلوا فيه ما فعلوا في أدل وأجر وبابهما فصار انقيا ثم لما صارت الواو المتطرفة ياء لوجوب ذلك قلبوها على حالها إلى موضع الفاء وهذا هو القلب الثاني، فصار اللفظ أنيقًا وعادت بنية الجمع إلى أصلها لخروج حرف العلة عن التطرف بنقله إلى موضع الفاء، فقد صار هذا الإبدال مرتبطًا بالقلب الأول الذي هو لآخر الكلمة، وبالقلب الثاني الذي هو لأولها فهذان حالان للقلبين المذكورين.

قال أبو القاسم الزجاجي في (نوادره): هذا المذهب في هذه الكلمة قول المازني وحذاق أهل التصريف. ما كلمةٌ مفردُها وجمعُها ... بواوه قَد يتماثلانِ يعني في قولك (جاءني أخوك الكريم)، وجاءني (أخواك الكرام)، وهكذا أبوك تقول (هذا أبوك) (وهؤلاء أبوك)، يكون واحدًا من الأسماء الخمسة وجمعها بالواو والنون، ولكن حذفت النون للإضافة، وعليه أنشدوا. فقلنا اسْلموا إنا أخوكم ... فقد بَرأتْ من الإحنِ الصدورُ وقال الآخر: فلما تبين أصواتنا ... بكَيْن وفدينَنَا بالأبينا ... وأي جمع نصبه كالجر في ... مفردِه إذ يتساويان يعني قولك (رأيت أبيك الكرماء وأخيك الفضلاء) جمعا على حذف النون للإضافة، وتقول في المفرد (مررت بأبيك الفاضل) فيتساويان في اللفظ. ما كلمةٌ متى أتى اسمٌ بعَدَها ... فرفعُه والجرُّ جاريانِ والفعُل بالرفع وبالجزم أتى ... وهِي لهَا في كلِّ ذا معانِ يعني كلمة (متى) يقع بعدها الاسم مرفوعًا تارة ومجرورًا أخرى ويقع بعدها الفعل مرفوعًا أو مجزومًا ومعناها مختلف باختلاف أحوالها، تقول (متى القيام) في الاستفهام ويرتفع الاسم وتقول العرب

(أخرجها متى كمه) بمعنى وسط فجروا بعدها وجروا أيضًا بها بمعنى من كقوله: إذًا أقولُ صَحا قلبي أتيح له ... سُكر متى قهوة سارتْ إلى الرأسِ أي من قهوة، وقال أبو ذؤيب: شَرِبن بماءِ البحر ثم ترفَّعت ... متى لُجج خضر لهنَّ نتيج (متى) فيه بمعنى وسط عند الكسائي: وقال يعقوب: هي بمعنى من وتقول (متى تقومُ) في الاستفهام فترفع الفعل ومتى تقمْ أقمْ في الشرح فتجزم. ما حرف إن سبقه ذُو عمل ... كَر عَلى العملِ بالبطلان صدر ولكن ليس صَدْرا فله ... تقدم تأخر وصفان يعني لام الابتداء إذا وقعت بعد (أن) تقول (علمت أن زيدا قائم) فتعمل علمت في أن تؤثر فيها الفتح، فإن جرت باللام في الخبر بطل العمل فقلت (علمت أن زيدا لقائم) وهذه اللام أداة مصدر في محلها الأصيل لها وهو الدخول على أن، ولذلك منعت من فتحها ولا صدرية لها في موقعها، بعد أن فقد عمل ما قبلها فيما بعدها لأن (أن) رافعة للخبر الداخلة هي عليه، وعمل أيضًا ما بعدها فيما قبلها كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رحِيمٌ} [البقرة: 143]. فبالناس متعلق برءوف وتقول (إني زيدا لأضرب) فلهذه اللام هنا وصفان تأخر في اللفظ تقدم في الأصل. بأيِّ حرفٍ إثر لعامل ... إعراب معربٍ وذا شبهان

يعني (إن) فإنها تفتح بالعامل وتكسر دونه تقول إنك قائم وعجبت من أنك قائم، سمى سيبويه وقدماء النحاة هذا عملا، فهذا في الحروف وإعراب المعربات شبيهان فكأنه إعراب في الحروف. مجرورُ حرفٍ قد يريك مبتدا ... مؤكَّدا وإن له وجهان يعني مثل قولك (الزيدان لهما غلامان) (والهندان لهما بنتان) (والزيدون لهم غلمان) (والهندات لهن بنات)، إن أخذت هذا الكلام على أن الثاني للأول ملك أو سبب كانت اللام جارة، وإن أخذته على أن الأول هو الثاني فاللام ابتدائية مؤكدة والاسم بعدها مبتدأ مؤكد بها، والكلام صالح للوجهين، يرجع في تعيين أحدهما إلى ما يقتضيه منصرف القصد من المعنى كقوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 172، 173] فالمعنى المقصود عين أن الأول هو الثاني: وأي مبنى به تلاعَبت ... عَوامِلُ إرادة البيان يعني الضمائر المختلفة الصور بالرفع والنصب والجر نحو أكرمتك وإياك أكرمتك على حد (زيد ضربته) أو (زيدًا ضربته)، في باب الاشتغال، و (بك مررت) في الجر، فاختلاف صور الضمائر بالعوامل مع أنها مبنيات كاختلاف أوجه الإعراب في المعربات. ما كلمةٌ في لفظها وَاحدة ... وجمعُها قَدْ يتعاقبان (يعني مثل (تخشين) الله يا هند أو يا هندات)، و (ترمين يا دعد أو يا دعدات)، فهذا الفعل صالح للفظة الواحدة ولجمعها والتقدير

مختلف؛ لأن تخشين للواحدة أصله تخشيين كتذهبين ولجمعها أصله على لفظ تفعلن كتذهبن، وترتمين للواحدة أصله ترتميين كما تقول تكتسبين. فأعل تخشين بما يجب لكل واحد منها في التصريف، وترتمين يا هندات تفتعلن على مقتضى لفظه. كذلك للجمِع لفظٌ واحدٌ ... ذكِّر أو أنث لا لفظان يعني مثل (الزيدون يدعون والهندات يدعون)، قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم} [الكهف: 28]، وقال: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ} [يوسف: 33]. فهذا يفعلن للإناث والأول يفعلون للذكور واللفظ فيهما واحد. ما موضع يغلب الأنثى به ... ولفظُه في الأصلِ للذكرانِ يعني مثل سرنا خمسا من الدهر وخمس عشرة بين يوم وليلة، لأن الزمان يغلب فيه الليالى لسبقها، وليس ذلك في غيرها، ونزع التاء من أسماء العدد علامة تأنيث المعدود وذلك خاص بباب العدد، والأصل في اللفظ الخالي من علامة التأنيث أن يكون للمذكر كما في سائر الأبواب نحو (قائم) وسائر الصفات، ومن ههنا استقام ألغاز الحريري في العدد بقوله: ما موضع تبرز فيه ربات الحجال بعمائم الرجال يعني نزع التاء من أسماء العدد. حَرفان قَدْ تنازَعا في عملٍ ... واسمانِ للحرفيْن مطلوبانِ يعني (ليت أن زيدا قائم)، فالاسمان بعد أن مطلوبان لها ولليت من جهة المعنى لكن العمل فيهما لأن، وأغنى ذكرهما بعدها عن ذكرهما لليت فهو إعمال مع تنازع بين حرفين، والشأن في التنازع

اختصاصه بالأفعال وما يجرى مجراها وإنما خصه النحاة بذلك إذ قصدوا فيه ما يتصور فيه إعمال العاملين. فيهما أيضًا فصيحا قد يُرى ... فعل وحرفٌ يتنازعان يعني مثل (علمت أن زيدا قائم)، فالاسمان قد يتنازع فيهما الفعل والحرف معا لكن الواجب أن يعمل الحرف وهذه كالمسألة قبلها. وقد يُرى مبتدأٌ خبره ... في الرفع والنصب له حالان يعني المسئلة الزنبورية وبابها (كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي). قاله سيبويه، أو (فإذا هو إياها) قاله الكسائي وحكاه أبو زيد الأنصاري عن العرب، والضمير في الأول مبتدأ ولا خبر له من جهة المعنى غير الضمير الذي بعده لأنه المستفاد من الكلام، والخبر هو الجزء المستفاد من الجملة؛ فرفعه ظاهر جلي. والنصب في القول الصحيح على إضمار فعل قام معموله مقامه وناب عنه بنفسه دون فعل يحصل معناه دون فعل، والتقدير فإذا هو يساويها، لأن باب (زيد زهير) إنما معناه يساويه. ومما يدخل تحت هذا البيت ما أجازه بعض نحاة المتأخرين في مثل قول ابن قتيبة في الأدب، (إن اللطع بياض في الشفتين، وأكثر ما يعتري ذلك السودان)، والنصب، على أنه مفعول يعتري وما مصدرية أي أكثر اعتراء ذلك السودان، وهذا المفعول هو الذي أغنى عن الخبر لأنه الجزء المستفاد من الكلام. فموضع الإلغاز من هذه المسائل دخول النصب فيما هو خبر لمبتدأ

جوازا في اللفظ ولزوما في المعنى، ومثل كلام ابن قتيبة قولك (أكثر ما أضرب زيد). ما علةٌ تمنعُ الاسم صَرفه ... وهي وأخرى ليس تَمنَعانِ يعني أن مثل (صياقل وصيارف وملائك) يمتنع صرفه بعلة تناهي الجمع، فإذا قلت صياقلة وصيارفة أنصرف مع بقاء الجمعية وانضمام التأنيث إليها، والتأنيث من علل منع الصرف، ولكنه بالتاء شاكل الآحاد، فلذلك انصرف كطواعية وعلانية وكراهية. ما اسمٌ في الاستثناءِ منصوبٌ به ... وهو أداته له الحكمان يعني مسألة الاستثناء بغير وسوى نحو (قام القوم غيرَ زيد) فغير منصوب على الاستئناء فنصبه نصب الاستثناء وليس بمستثنى وإنما هو أداة استثناء، ومجروره هو المستثنى فهو غريب في بابه لأنه سرى إليه حكم مجروره فله حكم الأداة في المعنى وحكم المستثنى. وهذا أشبه ما يقوله بعضهم في المفعول معه نحو جئت وزيدًا، أن الأصل جئت مع زيد فلما جاء الحرف وهو الواو وقع إعراب مع على زيد فاجتمع المسألتان في محكى الاسم بإعراب ملابسه. ما اسمٌ يريك النصب في اسم بعده ... وشأنُه الجرُّ لدى اقتران يعني مسألة (لدن غدوة) فإن لدن مع غدوة لها شأن ليس لها مع غيرها قاله سيبويه، لأنها تنصب غدوة ولا عمل لها في غيرها إلا الجر كقوله تعالى: {مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6]. ما اللذانِ جرّدا من صِلة ... لكن هُما في الأصلِ موصولان

يعني الموصولان في مثل قول العرب (فعلته بعد اللتيا والتي)، يعنون بعد صغر الأمر وكبره، أي بعد مشقة، فهما موصولان في الأصل، جردا من الصلة في الاستعمال، وقدر بعضهم بعد اللتيا دقت والتي جلت، وقيل اللتيا والتي يراد بهما الداهية. وقد حكى بعض النحاة جاءني الذين واللاتي يعني الرجال والنساء ولا يريد إحالة على فعل شيء ولا على تركه. ما معربٌ إعرابُه وحرُفه ... كلاهما في الوصلِ محذوفان يعني مثل قوله تعالى: {أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا} [آل عمران: 156] فعلامة نصب غزى الفتحة المقدرة في الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين بالتنوين، فحذف من الكلمة نفسها الإعراب وحرفه الذي هو محله، وذلك مما ينافي حال الإعراب، لأنه وضع للبيان وهكذا الاسم المقصور إذا نون. ما أثر في كلِمةٍ موجبة ... وجودُه وفقْده سِيان ويعني مثل (عيد)، أصله الواو من العود، وموجب انقلاب هذه الواو الساكنة ياء وجود الكسرة قبلها، ثم إن هذه الكسرة زالت وبقيت الياء في أعياد، فقد استوى وجود هذه الكسرة وفقدها مع أنها الموجبة، ومن هذه مسألة (أينق) المتقدمة (انظر صفحة 70) لأن موجب الياء قد زال وهى باقية منبهة على قصد العلتين، إذ لو رجعت الواو لم تحمل إلا على قلب واحد. ما عارضٌ رُوعي في كَلمةٍ ... ولم يراعَ سمع الأمْران يعني مثل الأحمر إذا نقلت حركة الهمزة إلى لام التعريف؛ فإن شئت أبقيت ألف الوصل غير معتد بالحركة المنقولة لأنها عارضة، وإن

شئت حذفت الألف معتدّا بلفظ الحركة بعدها، وعلى هذا أجاز الفراء فى مذهب ورش أن يقرأ {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ} [الأنفال: 66] ونحوه بثبوت الألف وحذفها، وعلى هذا قريء: {لَّمِنَ الآثِمِينَ} [المائدة: 106] بفتح نون (من) اعتبارًا بسكون اللام لأنه الأصل، كما تقول (مَن الرجل) وقريء في الشاذ "لملآثمين" بإدغام نون (من) في اللام اعتداد نون بحركتها كما تقول (من لدن)، وهذا وإن كان البيت يسترسل عليه فليس هو المعتمد وجود الأمرين معًا في الكلمة الواحدة والاستعمال الواحد سماعا من العرب. وذلك نحو ما حكى أبو عثمان المازني من قول بعض العرب في رضوا رضْيوا بسكون الضاد مع بقاء الياء فاعتدوا بالسكون العارض فردوا اللام التي كان حذفها لأجل الحركة، فقالوا رضيوا كما تقول في الأسماء ظبي، ولم يعتدوا بالسكون حين ردوا اللام ياء وأصلها الواو من الرضوان وإنما أوجب انقلابها ياء لكسرة في رضى كسقى ودعى وبابهما، فراعوا الكسرة الذاهبة في الياء الباقية فتدخل على هذه الكلمة العلة في البيت قبل هذا، مع ما ذكر فيه من أعياد ونحوه. ما اسمٌ كحرفٍ من الاسم قبله ... هما كواحدٍ والأصلُ اثنان يعني (اثني عشر) في باب العدد، حذفت العرب نون اثنين منه لتنزيلها عشر منزلتهما إذ الإضافة فيه ولهذا يقولون أحد عشرك وخمسة عشرك إلى سائرها، ولم يقولوا اثني، كما لا يصح في اثنين أن يضاف وفيه النون، (فاثنا عشر) كاسم واحد في دلالته على مجموع ذلك العدد كدلالة عشرين، وأصله اسمان اثنا وعشرة، لكن في قوله في البيت: (الأصل اثنان) دون ضميمة، ففى البيت

شيء مما تقدم في قوله ها هو للناظر كالعيان، وفى قوله (يا هؤلاء أخبروا سائلكم) وفى قوله (ما كلمة عن اسم بعدها)، وسيأتي التنبيه على نحو ذلك. واسمٌ له الرفع وما مِن رافعٍ ... يوجدُ من قاصٍ ولا منْ دانِ يعني الضمير الواقع فصلا المسمى عند الكوفيين عمادا لأنه اسم مرفوع دون رافع منه ولا قريب، وهو بدع من الأسماء في اللسان، ولهذا وقع في كتاب سيبويه وعظيم والله جعلهم فصلا. وما مِنَ الحروفِ يلغى زائدا ... في لفظٍ أو معنى هما قسمان أو فيهما واسمٌ وفعلٌ لهما ... هنا دخولٌ أين يدخلان يعني أن من الحروف ما يلغى زائدًا في اللفظ خاصة نحو (جئت بلا زاد)، ونحو {إِلَّا تَنْصُرُوهُ} [التوبة: 40] و {لا يَضُرُكُمْ كَيْدُهُمْ} [آل عمران: 120] أو في المعنى خاصة نحو {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: 171] و {إِنَّمَا يَأتِيكم بِهِ اللَّهُ} [هود: 33] و {كَاَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرونَ} [الأنفال: 6]. (فما) في المعنى زائدة وهي فى اللفظ معتمدة كافة أو مهيئة، أو تكون الزيادة في اللفظ والمعنى معا كقوله تعالى: {فَبمَا رَحْمَةِ منَ اللَّهِ} [آل عمران: 159]، و {فَبِمَا نَقْضهم} [النساء: 155] و {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} [نوح: 25]، فهذه أقسام ثلاثة في زيادة الحروف مع أنها حروف معانٍ، فزيادتها على خلاف الأصل، ويعنى بدخول الاسم في باب الزيادة نحو قول عنترة: يا شاة من قنص لمن حَلَّت له ... حرمت عليَّ وليتَها لم تحرمِ روى ما قنص ومن قنص على الزيادة وإضافة شاة إلى قنص؛ هذا

هو الظاهر، وقد تؤولت (من) على الزيادة بتكلف. وقد استجاز أهل الكوفة زيادة حين في مثل (زيد حين بقل وجهه) وكقولهم (وجهه حين وسم)، وقد رأى بعضهم زيادة أسماء الزمان (كيوم وحين) عند إضافتها إلى (إذا) كقولك (يومئذ وحينئذ) لأن ذلك اليوم والحين هو مدلول إذ، وقد اكتفى بها وحدها كقول الشاعر: نهيتُك عن طِلابِك أمَّ عمرٍو ... بعافيةٍ وأنتَ إذ صحيح وقد تأول قوم ذلك على أن الحين هو المعتمد وسيقت (إذ) لتدل على مضيه بنفسها وعلى ما حذف مما هو مراد بتنوينها. قال: وذلك لأنهم أرادوا قطع يوم أو حين عن الإضافة مع التعويض ولم يصح لتعويض التنوين فيه من الجملة المحذوفة إذ هو مشغول بتنوين التمكين الذي هو من أصله فلا يحتمل تنوينه على غيره، فجاءوا بإذ تعيينا للمضي الذي يحرزه وتحصيلا للدلالة على المحذوف بالتنوين الذي يقبله، فقالوا حينئذ (أى حين كان ذلك)، ولهذا قلما يوجد في كلام العرب إذ هذه المتصلة بالزمان مضافة غير منونة، لكن هذه لا تخلص من دعوى زيادة الحين؛ لأن إذ تغني عنه، لأنها تخلص الزمان ومضيه، كما اكتفى بها في البيت المتقدم. ونعني بدخول الفعل في باب الزيادة مثل قوله: سُرَاةُ بَنِي أبي بَكْرٍ تَسَامَوا ... عَلَى -كَانَ- المُسَوَّمَةِ العرابِ فزاد كان بين الحرف ومجروره، وكقولهم (ما أصبح أبردها وما

أمسى أدفأ العشية) وكذلك (ما كان أحسن زيدَا)، فكان زائدة في اللفظ ومحرزة لمعنى المضي. ما شكلُ أفعالٍ يرى جمعا ولم ... يصرفْ ولم يشركه في ذا ثاني يعني أشياء جمع شيء من جهة المعنى، وهو في ظاهر أمره على شكل أفعال جمع فعل كفيء وأفياء وحي وأحياء، فكان القياس صرفه كنظائره لكنه لم يصرف، قال الله تعالى: {لا تَسْاَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] ولم يشركه في هذا شيء مما هو من بابه. ثم اختلف النحاة في وجهه فهو فعلاء مقلوبًا عند أهل البصرة أصله شيآء فقدمت الهمزة، وأفعلاء محذوفا عند الفارسي من الكوفيين والأخفش من البصريين أصله أشيئاء جمع شيء فخففا معا بحذف الياء المكسورة والتزم التخفيف، وهو عند الكسائي وأكثر الكوفيين أفعال مشبه بفعلاء فمنع ومن ههنا جمعوه على أشياوات. ما فعل أمر وخطاب صالح ... بعينِه وَمْنقضى الزمانِ يعني مثل (خافوا وناموا وتذكروا وتعالوا) يصلح هذا ونحوه للأمر على جهة الخطاب، وللفعل الماضي على جهة الغيبة. وَصيغة الماضي ترى مضارعًا ... من لفظِها فيه يُرى الفِعْلان يعني مثل (تحامى وتعاطى وتسمى وتزكى) كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى} [الأعلى: 14] فهذا ماض وكقوله سبحانه: {هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى} [النازعات: 18]؛ على قراءة التخفيف فهذا مضارع على حذف التائين، ويحتمل الوجهين بيت امرئ القيس:

تحاماه أطراف الرماح تحاميا ... وَجاد عَليه كل أسحم هَطَّال ويتعين المضارع في قول الآخر (قروم تسامى عند باب رفاعة). وأيّ كلمتين في كلمةٍ ... وأي فِعلين هما خصمان يعني بكلمتين في كلمة مثل (عبشمي) في عبد شمس (وعبقسي) فى عبد قيس (وعبدري) في عبد الدار. ويعنى بالفعلين الخصمين فعلا التنازع نحو ضربت وضربني زيد؛ لأنهما قد تنازعا المعمول كما يتنازع الرجلان الشىء عدوا، والمتنازعان خصمان لأن كل واحد يخاصم صاحبه ويدفعه. وأي مضمرٍ مضاف ... وأيّ أشياء هُما شيئان يعني بالمضاف من المضمرات قول العرب (إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشباب) بناء على أن إيا هو الضمير. ويعنى بالأشياء عبارة عن شيئين في مثل قوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، والمراد قلبان خاصة. ما واحدٌ ليسَ بذي تَعددٍ ... لكنه يقال فيه اثنان يعني اليوم الذي بعد الأحد من الأيام يطلق عليه اثنان وهو واحد، تقول ليلة الاثنين، والاثنان اسم عدد كثلاثة وأربعة وليس بعلم فجاء للواحد على خلاف وضعه، وإنما كان القياس أن يقال ثان. أو اسم مشتبه اللفظ بالاثنين كالثلاثاء والأربعاء والخميس. ما اسمٌ يجيء فاصلا حتى به ... الخافِض والمخفُوض مفصولانِ

يعني الألف واللام الموصولة على القول باسميتها تفصل من العوامل كلها على اطراد بخلاف (الذي والتي) مع أنهما بمعناها، ولا يطرد الفصل بين الخافض والمخفوض بغيرها من الأسماء، والصحيح اسميتها لوضوح ذلك فيها حيث تقع على غير ما تقع عليه صلتها، نحو (مررت بهند المكرمها أنا)، فالألف واللام واقعة على هند ومكرم للمتكلم فوضعها هنا وضع التي. وما الذي وهو حرفٌ خافضٌ ... يفصلُ ما أضيف باستحسان يعني مثل (لا أبا لزيد)، و (لا أخا لعمرو) و (يا بؤس للحرب) و (لا غلامى لك)، و (لا يدى لك بكذا)، فاللام حرف جر في الأصل مقحمة بين المضافين، هذا في بابها وهو خلاف القياس. وكيفَ للموصول يلفى صِلة ... فهكَذا ألفى مَوْصولانِ يعني مثل (جاءني الذين الذي أبوه منطلق منهم) أي جاءني الذي منهم الذي أبوه منطلق، وقد أنشدوا: من النفرِ اللاءِ الذين إذَا هم ... يهابُ اللئام حَلقة الباب قَعقَعوا قيل: الذين توكيد للاء وقيل هم هو من صلة، أي اللاء هم الذين، ويصح في الكلام أن يقال (التي الذي يأتيها تلزمه هند)، على معنى التي تلزم الذي يأتيها هند، وهكذا ما كان مثله. وما الذي بُني وفى آخره ... دليلُ إعراب لذى تبيانِ وذلك الإعرابُ في اسمٍ سابقٍ ... وذلك الدليلُ في اسمٍ ثان يلفَى لديه عِوضا من خبرٍ ... أم ليسَ لذاكَ يجتمعانِ حرف لإعرابٍ بمبني وقد ... نابَ عن اسمٍ حَلَّ في المكان

يعني هذه الأبيات الأربعة حكاية النكرات بمن نحو (منو)، في حكاية المرفوع (ومنا) في حكاية المنصوب (ومنى) في حكاية المجرور، فمن مبنية وهذه العلامة اللاحقة دليل الإعراب الذي في الاسم السابق، ومن مبتدأ أغنت تلك العلامة عن خبره وقامت مقامه، ولذلك لا يجمع بينها وبين الخبر فلا يقال (منو ومنا الرجل)، والبيت الرابع محصل لما تقدم في الأبيات الثلاثة، فالاقتصار عليه وحده مغن عما قبله. فيقال: ما حرف إعراب بمبني وقد ... ناب عن اسم حل في المكان ... ما فعلُ أمر جائز الحذفِ سوى ... حركة تَبقى عَلى اللسانِ يعني فعل الأمر من (وأي يئي) بمعنى الوعد تقول فيه (إيا زيد)، إن وقع قبله ساكن من كلمة ونقلت حركة الهمزة إليه على قياس الهمزة قلت (قل بالخير يا زيد) أي عدنا بخير، (وهند قالت بخير يا عمرو)، فلم يبق من الفعل غير الكسرة في لام قل، وتقول على هذا (يا زيد قلي يا هند) فبقيت الحركة، والياء بعدها إنما هي ضمير الفاعل الذي كان متصلاً بفعل الأمر المحذوف. ما اسم له حركةٌ بعامل ... ينسخُها حركةُ اقتران يعني مثل (الحمدِ لله) فيمن كسر الدال ونحو {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا} [البقرة: 34]، فيمن ضم تاء الملائكة فحركة الإعراب ذهبت بحركة الاتباع وهى حركة الاقتران.

ما معربٌ في لفظِه حركة الإعـ ... راب والسكون حَاصلان يعني مثل البكر إذا وقفت عليه بنقل حركة آخره إلى الساكن قبله فى لغة من يقف بالنقل، تقول هذا البكر ومررت بالبكر ففي اللفظ حينئذ حركة الإعراب والسكون معا كلاهما حاصل فيه. ونحو دُنيا مع صِنو مظهر ... في كلمةٍ فأين يدغمان يعني النون الساكنة وبعدها ياء أو واو في كلمة يجب إظهارها فرارًا من اللبس بالمضاعف لو أدغمت وبابها الإدغام، فإذا لم يكن لبس روجع الأصل فوجب الإدغام نحو انفعل، إذا بنيته من وجل أو من يئس، تقول أوجل وأيأس؛ فتدغم إذ لا لبس هنا لعدم أفعل في كلامهم ووجود انفعل. ما عاملٌ وعمل قد أُهملا ... وفى انعدامٍ قد يقدران يعني مسألة (ليس زيد بقائم ولا قاعدًا)، لك أن تهمل الباء وعملها فى تابعها فتنصبه على الموضع كما قال: مُعاوِيَ إننا بشرٌ فأسجع ... فلسنا بالجبالِ ولا الحديدا فقد أهملت في التابع الباء وعملها مع وجودها، ثم ثبت من كلام العرب مراعاتها مع عدمها كقول زهير: بَدا لي أني لستُ مدركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئا إذا كان جَائيا يروى بجر سابق على توهم ألست بمدرك، وبيت سيبويه. مشائمُ ليسوا مصلحين عشيرةً ... ولا ناعبٍ إلا بين غرابها جر ناعب على تقدير ليسوا بمصلحين، ففي هذا بدع من الاعتبار أن يطرح الشيء مع وجوده ثم يعتبر مع عدمه.

ما ذُو بناءٍ مع تصدر أتى ... حالاه في ذَين مخالفان يعني حكاية يونس من قول بعض العرب (ضرب مَن منا)، قال ضرب رجل رجلاً، فهو سأل عن الضارب وعن المضروب منهما فأخرج (مَن) الاستفهامية عن بنائها، وعن صدريتها الواجبة لها وهو نادر في بابه. فهذه سبعون بيتا أكملتْ ... قصيدةً ملغوزة المعاني عقيلةٌ قد سَدلت ستورَها ... تكشفها ثواقبُ الأذهان بِكر عليها حُجب كثيفةٌ ... تقول للخطاب لن تراني حتى تُعاني في طلابي شدةً ... وينحلُ القلب المعنى العاني والحمدُ لله الذي عَرَّفنا ... من فضله عوارفَ الإحسان وصلِّ يا ربِّ على من أحكمت ... آياته في مُحكمِ القرآنِ فهذا تمام الشرح في طرز على القصيدة اللغزية في المسائل النحوية مما قيده ناظمها إبانة لغرضه منها والله الموفق للصواب. انتهى. تَمَّ كتاب الألغاز بعون الله.

§1/1